
رسائل كلينتون: خطط الإخوان لمواجهة ذرائع المجلس العسكري
تتناول هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي قامت هيلاري رودهام كلينتون بإرسالها إلى شخصية أمنية معاونة لها بتاريخ 22 ديسمبر 2011، تحت عنوان: “السياسة والأمن المصري”، خططاً طارئة قام بإعدادها الإخوان للتعامل مع أي سعي من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم آنذاك لاستخدام أحداث العنف التي وقعت في هذه الفترة كذريعة لتأخير نقل السلطة إلى إدارة مدنية وبرلمان منتخب خلال عام 2012.
وقد اعتمدت الوثيقة في استقاء المعلومات التي وردت بها على مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- في صباح يوم 21 ديسمبر 2011، ذكرت مصادر مطلعة متصلة بأعلى مستويات جماعة الإخوان المسلمين في مصر بشكل سري أن المرشد العام للجماعة د. محمد بديع ومستشاريه، بمن فيهم محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، يضعون خطط طوارئ للتعامل مع أي سعي من طرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم لاستخدام العنف المستمر الذي يمارَس (من قبل البعض) في سياق مناصرة الديمقراطية، استخدامه كذريعة لتأخير نقل السلطة إلى إدارة مدنية وبرلمان خلال عام 2012.
ويحافظ بديع على اتصال سري مع قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي في مسعى منه لحماية وضع الإخوان المسلمين. ووفقاً لهذه المصادر المطلعة، فإن مسؤولي المجلس العسكري يبلغون الإخوان المسلمين في هذه الجلسات الخاصة أن الأحزاب الليبرالية / العلمانية تضغط باحتجاجاتهم لتصل إلى مستوى خطير وغير مقبول.
وتتسم العلاقة بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين دائماً بالتوتر الحذر؛ وأن العنف الشديد في الأيام الأخيرة أدى بدوره إلى زيادة هذا التوتر. ومع ذلك، يتفق الطرفان على أنه من مصلحتهما المشتركة الحفاظ على الاتصالات بينهما والعمل على تقليل مستوى العنف.
2- ومن جانبهم، فإن بديع ومستشاريه على اتصال مع القادة الليبراليين / العلمانيين، لكنهم يُقِرّون بأن تأثيرهم على هذه القوى محدود، وذلك في أحسن الأحوال. ومن أجل الحفاظ على علاقة العمل بين هؤلاء الأفراد، فإن قيادة الإخوان المسلمين تحافظ على مستوى من الاتصال بالحزب الاشتراكي الثوري المصري، لكنها تشعر بالإحباط حالياً بسبب عدم قدرتها على إقناع قيادة هذا الحزب، والجماعات العلمانية الأخرى، بالحد من مستوى العنف في ميدان التحرير وفي عموم البلاد.
ويشعر بديع بالاستياء بشكل خاص من إسلام لطفي وحزب التيار المصري، الذي يستمر في اتهام الإخوان المسلمين بالعمل لحساب الجيش. لطفي، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، يكن العداء الشديد لجماعة الإخوان المسلمين، وحثّ أتباعه على رفض أي نقاش مع الإخوان المسلمين بشأن الوضع الحالي.
وطالما حذر مسؤولو جماعة الإخوان المسلمين مراراً وتكراراً القيادات المناصرة للديمقراطية من أن المجلس العسكري سوف يستخدم بشكل متزايد تكتيكات عنيفة، بما في ذلك استخدام القوة المميتة، لقمع العنف في ميدان التحرير، وفي المواقع الأخرى التي يحاصرها المتظاهرون.
3- وبالنظر إلى الوضع السياسي الحالي في مصر، فإن قيادة الإخوان المسلمين تتوقع أن يزداد هذا المستوى من العنف حتى تكتمل الانتخابات البرلمانية في منتصف عام 2012، ويبدأ النقاش حول الدستور الجديد.
ويرى بديع أن الصراع بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين سيؤدي إلى زيادة عدد القتلى، وهي حقيقة يعتقد أن أثرها في النهاية سيكون في صالح الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية الأخرى. حيث تتوقع هذه المجموعات أن تستحوذ على ما يصل إلى خمسة وسبعين بالمائة من مقاعد البرلمان الجديد. ومع اشتداد القتال بين المتظاهرين المناصرين للديمقراطية والجيش، سيبدو البرلمان الذي يقوده الإخوان المسلمون بديلاً مستقراً ومعقولاً لكل من الجيش والمتظاهرين.
4- ووفقاً لمصادر شديدة الحساسية، فإن بديع ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي يعتقدان أن اندلاع أعمال العنف الأخيرة جاء كنتيجة للإحباط الذي شعر به أعضاء الأحزاب الليبرالية / العلمانية بسبب ضعف أدائهم في الجولتين الأوليين من الانتخابات البرلمانية.
ومن نفس المنطلق، يعارض بديع وجماعة الإخوان بشدة (وبأقوى العبارات) الدعوات الموجهة من هذه الأحزاب العلمانية إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى موعد أقصاه يناير 2012. حيث تعتقد جماعة الإخوان المسلمين أن مثل هذه الخطوة ستمنح الرئاسة المزيد من السلطة، في حين أنهم يتوقعون أن يعزز النظام الحالي من وضع البرلمان باعتباره القوة المهيمنة في البلاد.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها الإخوان المسلمون أنهم وحلفاءهم سيستحوذون على 40 إلى 50 بالمائة من مقاعد البرلمان الجديد، مع استحواذ حزب النور السلفي على ما يصل إلى 30 بالمائة من المقاعد.
وتعمل هاتان المجموعتان (الإخوان وسلفيو حزب النور)على حل الخلافات التقليدية بينهما. وعلى أي حال، فإنهم يتوقعون أن تشغَل الأحزاب الإسلامية ما لا يقل عن 75 بالمائة من مقاعد البرلمان، مما سيسمح لهم بالتحكم في صياغة الدستور الجديد والحكومة المترتبة عليه. وبموجب هذه الخطة، فإنه حتى لو تم انتخاب شخصية معروفة مثل د. محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، رئيساً للجمهورية، فسوف يكون بمثابة رئيس شرفي في المقام الأول.
5- وترى هذه المصادر المطلعة أن كبار مستشاري بديع يعتقدون أن المجلس العسكري والجيش يخدمون غرض الإخوان من خلال اتخاذ خطوات من شأنها إضعاف دعاة العلمانية / الليبرالية المناصرين للديمقراطية والذين لا يهدأون، وتمهيد الطريق لجماعة الإخوان المسلمين، من خلال حزب الحرية والعدالة، لتبدو كقوة سياسية بديلة ومعقولة.
وهم يعتقدون أن مثل هذه الخطوات ستعزز قدرة الإخوان المسلمين على إقامة حكومة منظمة، وستجعل الانتقال إلى دولة إسلامية أكثر قبولًا بين صغار الضباط وضباط الصف والجنود بالجيش من جهة، ولدى الحكومات الأجنبية والشركات الدولية، من جهة أخرى.
وتنوي جماعة الإخوان المسلمين بذل جهود كبيرة للعمل مع هؤلاء المسؤولين ورجال الأعمال الأجانب، وطمأنتهم بأنهم قادرون على العمل في الدولة الإسلامية المصرية الجديدة، إذا استطاعوا التكيف مع القوانين والمبادئ المحدَّدة التي ستحكم الأنشطة السياسية والاقتصادية في النظام الجديد.
6- ووفقاً لمصدر حساس للغاية، فإن بديع وقيادة جماعة الإخوان المسلمين يركزون بشكل تام على إقامة ما يصفونه بدولة إسلامية معتدلة يمكنها العمل مع الغرب، وكذلك مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط. وهم يعتقدون أن مصر ستكون بمثابة المركز التجاري والثقافي والتعليمي للعالم الإسلامي. ويرون أن البنوك والمصالح التجارية الغربية ستدرك أهمية العمل مع الحكومة المصرية الجديدة، وسوف تتكيف وفقاً لذلك.
وفي الوقت نفسه، ستستمر السياسة المصرية تجاه إسرائيل بشكل مضطرد، بينما ستنأى الدولة الإسلامية الجديدة بنفسها عن الحكومة الإسرائيلية، في الوقت الذي سيزداد فيه الدعم للسلطة الفلسطينية.
وفي هذا الخصوص، أشار هذا المصدر المطلع إلى أن قوات الأمن المصرية قد تبنت بالفعل موقفاً أكثر تسامحاً تجاه حماس، لا سيما على طول الحدود مع غزة.
7- ويرى المصدر أن قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي وكبار مستشاريه سيبدؤون في إبعاد أنفسهم عن المشهد السياسي خلال أواخر عام 2012 و2013 ليحل محلهم صغار الضباط الحاليين برتبة رائد وما هو أدنى من ذلك، والذين، إلى جانب ضباط الصف والجنود، يؤيدون بقوة فكرة الدولة الإسلامية، مع تبني مستوى أدنى من الاتصال والتعاون مع قوات الأمن الإسرائيلية.
ويضيف هذا المصدر أن التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية سيعتمد على مدى تكيف تلك الدول مع مفهوم الهيمنة الإسلامية المتزايدة في شمال شرق إفريقيا.
ويظهر استطلاع رأي أجرته جماعة الإخوان المسلمين أن صغار ضباط الجيش يعتقدون أن حليفهم الأكثر قيمة في المستقبل سيكون تركيا.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.




رسائل هيلاري كلينتون قراءة أولية في وثائق كانت سرية