fbpx
ترجمات

كارنيجي: النظام المصري وحسابات الاستبداد

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت مؤسسة كارنيجي الأربعاء 24 ابريل تقريراً مهماً من إعداد ميشيل دان وكاسيا باردوس تحت عنوان: “حسابات الاستبداد” تعليقاً على الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر وملابساتها والنتائج المترتبة عليها، وجاء فيه:

نتائج الاستفتاء الأخيرة في مصر تكشف من الحقائق بقدر ما تخفي

أقرت مصر للتو تعديلات دستورية في استفتاء جرى ترتيبه على عجل وانتهى في 22 أبريل. وتعتبر هذه الخطوة في الأغلب في غاية الأهمية للنظام حيث أنها ستدعم مشروع الجنرال عبد الفتاح السيسي لحكم الرجل الواحد، وتمديد فترة ولايته الحالية، وتكريس هيمنة العسكر على السياسة، وتآكل استقلال القضاء.

لم تكن التعديلات في جوهرها فجة ومثيرة للغضب فحسب، ولكن النتائج التي تم إعلانها زادت الطين بلة. فلم تعد الانتخابات في مصر في ظل حكم السيسي حرة أو نزيهة، لكن اللجنة المشرفة على الانتخابات ما زالت تقدم ما يشبه الاستعراض من خلال إعلان نتائج مفصلة حتى تعطي انطباعاً بجدية العملية.

فقد أعلنت السلطات أن 27،193،593 ناخباً مصرياً صوتوا في الاستفتاء، من بين 61،344،503 ناخباً يحق لهم التصويت، مما يشير إلى نسبة إقبال بلغت 44 في االمائة. كما أعلنوا أن 89 بالمائة من الأصوات الصحيحة كانت لصالح التعديلات، بينما عارضها 11 بالمائة. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك أكثر من مليون صوت باطل.

لم تكن الأرقام المعلنة، بصرف النظر عن مدى دقتها، ذات مصداقية. فإذا خرج أكثر من 27 مليون ناخب في مراكز الاقتراع البالغ عددها 10878 مركزاً، فسيكون على كل مركز انتخابي 69 تمكين ناخباً في المتوسط ​​من القيام بالتصويت في كل ساعة من مجموع 36 ساعة هي جملة ساعات التصويت – أي أكثر من ناخب واحد في كل دقيقة. وبعبارة أخرى، كان من المنتظر أن يكون هناك العديد من مراكز الاقتراع في حالة ازدحام شديد، مع تواجد  كثيف لطوابير طويلة من الناخبين في ساعات الذروة انتظاراً للتصويت.

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام التي تهيمن عليها الحكومة في مصر ظلت تردد مراراً وتكراراً ان هناك “إقبالاً كبيراً” على مدار الأيام الثلاثة، فإنه لا يوجد ما يؤيد هذه الادعاءات من الصور الفوتوغرافية أو التقارير سواء من الصحفيين أو الناخبين الأفراد — على عكس وفرة الأدلة على المشاركة الكثيفة خلال الانتخابات التي جرت في عامي 2011 و 2012، حيث كانت تجرى في جو أكثر حرية.

 فلماذا أعلنت السلطات المصرية أن 44% صوتوا؟

ربما هي محاولة لإثبات شرعية الاستفتاء الأخير مقارنة بالاستفتاءات السابقة. فخلال الاستفتاءات الدستورية السابقة، تم تسجيل إقبال يتراوح بين 27 في المائة (في عام 2007) و 42 في المائة (في عام 2011). وبلغت نسبة المشاركة في الموافقة على دستور 2014 39 في المائة. وبعبارة أخرى، كان من المفترض أن تُظهر السلطات أن نسبة المشاركة بلغت 44 في المائة في التعديلات الجديدة حتى تعطي إيحاءً بأنها الأكثر شرعية على الإطلاق.

وربما كان العدد الأكثر إثارة للاهتمام هو أن 11 في المائة من الأصوات كانت ضد التعديلات. ففي الاستفتاءات التي تمت قبل السيسي، تم تسجيل أصوات أعلى بكثير كانت ضد التعديلات: حيث صوت 24 بالمائة بـ “لا” في عام 2007، و23 بالمائة في عام 2011، و36 بالمائة في عام 2012.

أما بعد الانقلاب العسكري، فقد تم تسجيل 2 بالمائة فقط للمصوتين ضد دستور 2014. وفي الاستفتاء الأخير، بدا أن التصويت بـ “لا” كان ذا أهمية كافية لدرجة أن السلطات قررت الاعتراف بأنه كان أعلى بكثير مما كان عليه في عام 2014 – أعلى بخمس مرات – رغم أنه يُعتبر منخفضاً مقارنة بالاستفتاءات السابقة.

إن حقيقة أن الأصوات المعارضة كانت كثيرة بما فيه الكفاية بحيث لا يمكن تجاهلها أو رفضها بالكامل، سلطت الضوء على نتيجة غير مقصودة لمناورة السيسي الدستورية: وهي أن المعارضة قد بدأت في الظهور على الرغم من القمع والسحق الذي تعرضت له على مدى ما يقرب من ستة أعوام.

ففي يناير 2019، عندما كان االحديث عن التعديلات مجرد شائعات، وقّع أكثر من ألف مصري، بمن فيهم شخصيات عامة بارزة، بياناً يرفضون فيه أي تعديلات دستورية من شأنها أن تسمح للسيسي بتمديد ولايته.

بعد ذلك بفترة وجيزة تشكلت الحركة الديمقراطية المدنية، وهي ائتلاف يضم شخصيات بارزة مثل المرشحين الرئاسيين السابقين حمدين صباحي ومحمد أنور السادات، للوقوف ضد التعديلات. وبعد أن رفضت السلطات السماح لهم بالتظاهر ضد التعديلات، عقد أعضاء الحركة مؤتمراً صحفياً وصفوا فيه التعديلات بأنها “اعتداء على الديمقراطية”.

وخلال الأسابيع القليلة التي سبقت تمرير التعديلات في البرلمان وعرضها للاستفتاء – الذي تم الإعلان عن تاريخه الفعلي قبل أقل من أسبوع من عقده – دعا النشطاء والشخصيات العامة المواطنين بشكل مكثف إلى التصويت بـ “لا” بدلاً من المقاطعة االتامة للاستفتاء. ونُشر الكثير من الفيديوهات على صفحة “الموقف المصري” المعارضة للنظام على الفيسبوك. وقام آخرون بالتغريد لى تويتر من أجل التصويت بـ “لا”، وذلك من خلال استخدام هاشتاج (لا لتعديل الدستور).

أما الحملة الإلكترونية الأكثر نجاحاً في رفض التعديلات على الإنترنت، فهي حملة “باطل” التي تعني أن عملية التعديلات والاستفتاء عليها (لاغية وباطلة) برمتها. فقد حصدت الحملة 250,000 توقيع حتى 16 أبريل، عندما تم حظرها من قبل الحكومة مع الآلاف من المواقع الإلكترونية الأخرى.

وكانت هناك أيضا أنشطة معارضة صغيرة في الشوارع. فقد تشكلت حركة “الحرية من أجل مصر”، ومعظمها من الشباب، في مارس ونشطت في تعليق اللافتات، والكتابة على الجدران، وتوزيع منشورات تعارض التعديلات.

وهناك العديد من الحالات الفردية لبعض المواطنين المصريين الذين دخلوا إلى الساحات العامة وهم يحملون لافتات مكتوبة بخط اليد تنتقد السيسي، مما عرضهم للاعتقال الذي يعرفون جيداً أنه سيكون مصيرهم، في إشارة إلى مسعاهم للتضحية بالنفس من أجل مصر.

أما الممثل عمرو واكد، الذي تحول إلى رمز معارض، فقد أكد في أحد المقابلات، أنه بعد أن ثبت فشل الطرق السلبية لمواجهة النظام مثل تبني المقاطعة “نحن في حاجة ماسة إلى اتخاذ مسار مختلف وإلى التفكير في أساليب جديدة” (حيث دعا بعد ذلك إلى الحشد في الاستفتاء من أجل التصويت بـ “لا”).

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close