fbpx
كتب إليكترونية

كتاب الثورة 5: في حتمية الثورة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد

“كتاب الثورة”، أحدث الإسهامات الفكرية للكاتب والمفكر المصري الأستاذ محمد القدوسي، قام المعهد المصري للدراسات، بالاتفاق معه على نشره على أجزاء أسبوعية، على أن يتم نشره وطبعه كاملاً، وإتاحته إلكترونياً وورقياً، بعد الانتهاء من نشر كل الأجزاء.

الفصل الخامس: في حتمية الثورة

أحسب الآن أن الصورة اتضحت بشأن ما تسعى الثورة لهدمه، وهو “حكم العسكر” في صيغة دولة “الجنرال في القلب والأقليات المتساندة من حوله والركن الثالث استبعاد الأغلبية” والتي مررنا بالأساسي من تفاصيلها، من حيث النشأة التاريخية والبنية السياسية والمجتمعية.

هذه الدولة التي شاع خطأ تسميتها “الدولة العميقة” تبريرا للعجز عن إدراك وجودها، والتعامل مع أدواتها، وفي المحصلة الفشل في مواجهتها، باعتبارها “عميقة” ومن يطلقون عليها هذا الاسم ليسوا “عِمَاقا”، في إصرار على “التبرير” يتضمن إصرارا على “التضليل”. بينما المؤكد، أو ما ينبغي أن يكون مؤكدا الآن، أنه ليس في عمق هذه الدولة ما يختلف عن سطحها، وأنها دولة واحدة مهما بدا من اختلاف بين جنرالها وأقلياتها، أو بين الأقليات بعضها البعض.

وتتجلى “حتمية الثورة” على هذه الدولة في سؤالين، الأول: لماذا يجب تغيير بنية هذه الدولة؟ والآخر: إن كان ولا بد من التغيير، فلماذا لا يكون التغيير إصلاحيا؟ ونبدأ بالسؤال الثاني، الأبسط والأقصر إجابة، بتأكيد أن دولة الجنرال غير قابلة ـ بنيويا ـ للإصلاح من زاويتين:

  • أن استبعاد الأغلبية (وهو ركن هذه الدولة الثالث الذي لا تنهض من دونه) يعني غياب الرقابة الشعبية، التي هي الأداة الأولى والأصيلة للإصلاح.
  • كما أن عدم التناسب المطلق بين قوة الجنرال وبين محصلة ضعف أقلياته من ناحية، وبين الجنرال وأقلياته (معا) وبين الأغلبية المستبعدة من جهة أخرى، يجعل أية محاولة للإصلاح محكومة بالفشل قبل أن تبدأ، والأسوأ أن دعاة الإصلاح ـ كما أشرنا من قبل ـ سيصبحون هدفا للملاحقة بتهم باطلة بقدر ما هي مشينة.

وتتضح الزاويتان معا عندما نتذكر كم الحركات الاحتجاجية التي شهدتها مصر منذ جلوس “محمد علي” على أريكة الحكم إلى اليوم، وهي حركات حرص التاريخ الرسمي لدولة الجنرال على تجاهلها، برغم عددها الكبير الذي يفوق نظيره في فرنسا أو الولايات المتحدة مثلا، ونتذكر أيضا المحصلة الضعيفة لهذه الاحتجاجات. إذ يشير عدد الاحتجاجات الكبير إلى طبيعة دولة الجنرال القابلة للفساد، ما يجعلها في حاجة إلى “دخول الورشة” للإصلاح على فترات متقاربة. ويشير ضعف المحصول إلى بنية الدولة التي تستعصي على محاولات الإصلاح.

لهذا فإن “الثورة” هي السبيل الوحيدة لتغيير هذه الدولة، وهو ما يعيدنا للحديث عن السؤال الأول، حيث التغيير حتمي لا لأن هذه الدولة ما عادت تطاق، ولكن لأنها ما عادت قادرة على الحياة، التي لم تكن مؤهلة منذ مولدها على مواصلتها، والتي تتراجع قدرتها على المضي فيها يوما بعد يوم، حتى أصبحت جسدا يتعفن بينما هو يلفظ أنفاسه، وأصبح معلنا أنها غير موجودة، حتى على لسان قائد سلطة الانقلاب “عبد الفتاح السيسي” الذي قال بلسانه المهتز وعربيته الركيكة إنها “أشباه دولة”، ما يؤكد أن الثورة لا تسقط دولة قائمة، لكنها تزيح أنقاض دولة سقطت بالفعل. رياح الثورة لا تسقط شجرة حية، لكنها تقتلع جذعا أجوف نخره السوس وحشته جحافل النمل الأبيض بالغبار بعد أن أتت على خشبه (1).

وفي ضوء هذا يكون من العبث المحض ادعاء أن كيانا رثا كهذا يمكنه الوفاء ولو بـ “الحد الأدنى” من مطالب المواطن، التي تتلخص عبر التاريخ والجغرافيا في:

  • ضمان الحقوق والحريات الأساسية (الحياة ـ السلامة ـ الاعتقاد ـ الرأي ـ التعبير ـ التنقل ـ التعليم ـ العمل).
  • استقرار قيمة العملة حتى تحتفظ مدخراته بقيمتها من عقد إلى عقد ومن جيل إلى جيل.

ولا يكفي وصف دولة الجنرال المتهالكة، خاصة وقد وصلت إلى نهايتها المحتومة، بأنها تعجز عن تحقيق المطلبين معا، ولا بأنها لا تبالي بهما، إذ الحقيقة أن بنيتها الأساسية صممت على إهدارهما معا.

بالنسبة للهدر الاقتصادي، هناك احتكار مصادر الثروة، الذي يمارسه الجنرال بحكم قوته، حيث يمتلك العسكر أكثر من نصف أرض مصر(2)، وعمليا فهم يملكونها كلها، بحكم قدرتهم، من دون ضوابط تقريبا، على نزع ملكيتها، كما يهيمنون على التجارة عبر التحكم في قواعد ومنافذ التصدير والاستيراد، وقوانين تنظيم النشاط التجاري، وعلى الصناعة بامتلاكهم جيشا من العاملين بالسخرة، ما يجعل التفكير في منافستهم منافسة حرة ضربا من الجنون. والحال بالنسبة للمدخرات أسوأ، ولنتذكر أن أول عملة ورقية مصرية من فئة الجنيه صدرت في العام 1899م ، كانت قيمة الجنيه الواحد منها 7.43 من الجرامات الذهبية، بينما قيمة جرام الذهب الواحد الآن 705 جنيهات، أي إن قيمة العملة انهارت أكثر من 5238 مرة، وما كانت قدرته الشرائية مليون جنيه في مطلع القرن العشرين لا تزيد قدرته الشرائية الآن على 190 جنيها من جنيهات ذلك الزمان، فلا معنى للادخار في دولة الجنرال ولا طائل من ورائه، أو أن الادخار ـ في حقيقة الأمر ـ هو “إهدار ملكية الأغلبية المستبعدة لصالح تمويل القدرات القمعية للجنرال”. كما حدث في “مأساة” شهادات استثمار البنك الأهلي المصري، التي اشتراها البسطاء المستبعدون في ستينيات القرن العشرين، مقابل زيادة مدخراتهم 65% بعد عشر سنوات، وحين ذهبوا لصرف المدخرات كانت قيمتها الشرائية قد انخفضت إلى الثلث، أي أنهم خسروا نحو نصف قيمة هذه المدخرات (مقابل الفرصة البديلة التي كانت متاحة لو أنهم اشتروا بها ذهبا أو عملة أجنبية كالدولار والاسترليني) ناهيك عن تعطيلها طوال عشر سنوات لم تكن لها خلالها فائدة إلا توفير السيولة التي استغلها حكم العسكر في الإنفاق على أجهزة القمع والتضليل.

وقد تكرر الأمر نفسه، وبتفاصيل أكثر انكشافا وأشد سوءا، مع ما عرف بـ”شهادات قناة السويس” التي صدرت في أغسطس/آب 2014 بفائدة 12.5% أعلن بعد ذلك عن رفعها إلى 15.5% أي أن من اشترى شهادات بقيمة 1000 جنيه سيكون بوسعه استردادها، إن صدق العسكر، في 2019 بقيمة 1460 جنيها، سعر صرفها الآن (أبريل /نيسان 2017) بالدولار نحو 77 دولارا، وهو سعر مرشح لمزيد من الانخفاض عندما يحين موعد الاسترداد بعد عامين. بينما كانت هذه الألف جنيه في أغسطس/آب 2014 تساوي نحو 135 دولارا، أي أن “المدخر” المصري، من أبناء الأغلبية المستبعدة “أهدر” في واقع الأمر، نصف القدرة الشرائية لنقوده، فقط كي يوفر لحكم العسكر السيولة اللازمة لمصادرة حقوقه وحرياته وقمعه، من أول أدوات القتل إلى بناء 11 سجنا منذ الانقلاب العسكري الأخير، استهلكت ميزانيتها نحو 15% من حصيلة بيع شهادات القناة! وأقر بأن المحاولات “المستميتة” التي بذلتها لأشرح للناس هذه الكارثة قبل أن تقع ذهبت كلها أدراج الرياح، فلم يكن أعجب من تكرار العسكر للخدعة نفسها إلا اندفاع الناس لتكرار السقوط فيها، وعلى نحو أسوأ، وهو موقف لا يكفي لشرحه قاعدة أن المحتال يعتمد على طمع الضحية، بل الأولى ـ في هذا السياق ـ التفكير في أن غياب التصور الصحيح يحول دون التعلم من الأخطاء ويمنع تراكم الخبرات، بحيث يتكرر السقوط في الفخ نفسه مرات ومرات، في تنكر لنعمة “الذاكرة” التي كانت القدرة على نقلها من جيل لآخر فاتحة الحضارة الإنسانية.

هذا عن الهدر الاقتصادي، أما إهدار الحقوق والحريات، فلا يحتاج سجل حكم العسكر لقول المزيد عنه، ووقوعه هو مقتضى عدم التناسب المطلق في القوة (لصالح الجنرال) الذي تتأسس عليه الدولة، ولمزيد من التأكيد أرجو ملاحظة حرص “نخبة” دولة الجنرال عبر عصورها وطبعاتها على وضع نفسها تحت حماية قوة أجنبية كبرى، من أول الحصول على “رعوية” دولة أوربية ـ مهما كانت صغيرة ـ في حكم “محمد علي” وذريته، لحماية النشاط التجاري، والاحتماء بها من شر الاضطهاد السياسي، إلى حمل الجنسية الأمريكية، أو جنسية أوربية ذات شأن من قبل من يسمون بـ”رجال الأعمال” ومعظمهم مجرد واجهات تجارية لقوى أساسية في حكم العسكر، ومع ذلك، أو قل ولذلك، فإنهم يحرصون على مظلة الجنسية الأجنبية، حتى لا يلقوا مصير “العشب” مع أول صراع ينشب بين “الفيلة” ناهيك عن الصراع معها. وهؤلاء أنفسهم من يحملون ـ فضلا عن صفتهم المالية ـ صفات وزراء ونواب برلمانيين، وتبلغ المهزلة مداها حين يجلس وزير العسكر ذو الجنسية الأمريكية للتفاوض مع نظيره الوزير الأمريكي، أو يستقبل نائب في برلمان العسكر وفدا من الدولة الأوربية التي كدح طويلا ليحمل جنسيتها، ثم يخرج هذا وذاك مدعين أنهم تفاوضوا باسم مصر ولصالحها، فأي “صالح” هذا؟ وكيف يكون “الفاسد” إذا؟

ومن التبجح ـ وحكم أساسه القوة لا يستغرب منه التبجح ـ أن تسرف هذه السلطة، ملتبسة الولاء، في الحديث عن “الوطنية” واتهام كل من هو ضدها بـ “الخيانة” في تدليس متكرر وشائع، يعتمد على خلط ثلاثة مفاهيم هي: الوطن، والدولة، والحكومة، حيث:

  • الوطن: هو مجموعة القيم المعنوية والمقومات المادية التي تعتقد الجماعة البشرية أن حياتها تعتمد عليها. وهذه القيم ـ في مصر ـ هي: الدين، رابطة المواطنة التي تقوم على احترام الدم والعرض والملكية، التقاليد المستقرة. والمقومات هي: الأرض، النيل، الثروات الطبيعية، المعارف والفنون والصنائع. ويسمى احترام هذه القيم والمقومات “وطنية” وعكسها “الخيانة”. وهكذا فإنه من الخيانة التي مارسها العسكر عبر قرنين من الحكم، ورأيناها في انقلابهم الأخير: انتهاك رابطة المواطنة بالاعتداء على الدم والعرض والمال، وانتهاك قدسية الدين، والتفريط في الأرض (بيع تيران وصنافير، ومشروعات التنازل عن مساحات من سيناء لاقتطاع جزء آخر من لحم مصر الذي أكله العسكر منذ محمد علي بحيث لم يتبق لها إلا سدس مساحتها) والتفريط في النيل، والتفريط في الثروات الطبيعية كحقول الغاز.
  • الدولة: وهي منظومة المؤسسات القائمة على إدارة وحماية قيم ومقومات الوطن. والثورة هي هدم الدولة الشائخة، أي هدم المؤسسات غير القادرة على أداء ما هو منوط بها، وإقامة دولة أخرى. وتاريخيا فإن مصر (الوطن) هدمت دولا أكثر مما أقامت، بحسبان ما هدمت أو ساهمت في هدمه من دول قامت خارجها قبل أن تحكمها، ولم يسم أيا من هذا الهدم خيانة أبدا. في مصر القديمة، هدمت الدولة القديمة في أول ثورة معروفة تاريخيا، لتدخل مصر ما عرف بـ”عصر الاضمحلال الأول” ثم تبنى الدولة الوسطى، وتهدم ليتلوها “عصر الاضمحلال الثاني” ثم الدولة الحديثة، ثم الإسكندر ودولة البطالمة، ثم الوقوع تحت حكم الرومان، والبيزنطيين (الرومان الذين اعتنقوا المسيحية) ثم دولة الخلافة الراشدة من عهد (ولاية أو حكومة) عمر بن الخطاب، ثم الدولة الأموية، فالعباسية ودويلاتها، فالفاطمية أو العبيدية، فالأيوبية، ثم دولة المماليك بعصريها، ثم الدولة العثمانية (وفيها الاحتلال الفرنسي). ثم دولة العسكر (وفيها الاحتلال البريطاني والصهيوني) وهي ما تسعى الثورة إلى هدمه.
  • الحكومة: هي الهيئات والأفراد المخولين بإدارة المؤسسات، في إطار منظومة التشريع. ويسمى الاختلاف مع الحكومة “معارضة”.

ويعمد الطغاة ـ ومنهم العسكر ـ إلى الخلط بين معنيي الوطن والدولة، وصولا إلى اتهام الثوار (الرافضين لدولتهم) بالخيانة (كأنهم ضد الوطن). كما درجت نخبة العسكر على التهويل من أمر “معارضتها” للحكومة في كل ممارساتها أو بعض منها ووصفها بـ “الثورة” كلما كانت في حاجة لشراء ولاء “الأغلبية المستبعدة”. والحقيقة أنها مجرد “معارضة” مهما بلغت حدة الاحتجاج فيها، وحتى في الأحوال التي تعتبر فيها تمهيدا للثورة بطريقة أو بأخرى، فإنها تظل معارضة، ما دامت تكتفي بالاختلاف مع الحكومة في حدود منظومة الدولة (كالمواجهات القضائية والتظاهرات المطلبية). والمعارضة جزء من نظام الدولة بينما الثورة هدم لها، وهو تناقض جوهري في البنية.

هذا هو “الإطار العام” الذي نقترحه حاكما لقراءة المشهد كما تبدى منذ 25 من يناير 2011، واستشراف مآلاته، على ما سيأتي تفصيله(3 ).


الهامش

(1) في سياق هذه الفكرة يقول “يزيد صايغ” في مقال عنوانه “أزمة الدولة القُطرية العربية” ـ جريدة “الحياة” ـ الطبعة الدولية ـ  18 من نوفمبر/تشرين الثاني 2015م: “تبيّن هذه الشواهد بوضوح أن الحكام الحاليين يتعاملون مع الأطر الدستورية باعتبارها طيّعة تماماً وقابلة للقولبة وإعادة التشكيل إلى ما لا نهاية لتلبية الهدف الواضح المتمثّل بالحفاظ على سلطتهم السياسية وإضفاء الشرعية الشكلية عليها. ولكن ما تبيّنه الشواهد أيضاً، وهو الأهم، هو أن هذا النهج لم يعد مجدياً. في هذا السياق، أصبح التنافس على الوصول إلى الموارد الاجتماعية والفرص الاقتصادية مريراً أكثر فأكثر في عدد متزايد من الدول العربية، الأمر الذي يجد صداه في استفحال صراع العصبيات المجتمعية بكل تجلّياتها الطائفية والعرقية والإقليمية والقبلية. ولذا فقد أصبح من المستحيل استعادة حتى هذا النوع من “السلم الاجتماعي” الكاذب المفروض الذي حافظ على تماسك الدول العربية ومجتمعاتها في السابق، حتى عندما تكون أعداد كبيرة من الناس على استعداد لقبول المزيج القديم من الإكراه الأمني والاحتواء السياسي مرة أخرى بغرض استعادة مظهر الحياة الطبيعية والاستقرار”.

(2) يشير الباحث “أحمد مرسي” في مقاله “الجيش يزاحم المؤسّسات الاقتصادية المدنية في مصر” المنشور على موقع “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” في 24 من يونيو/حزيران 2014 إلى أن الجيش يدير جميع الأراضي غير الزراعية وغير المستثمرة، والتي تشير التقديرات إلى أنها تصل إلى 87 في المئة من مساحة مصر، ويعرض الباحث بعض ركائز احتكار العسكر لثروة مصر، وهي:

1 ـ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية: يعرض موقع الجهاز على الإنترنت حالياً قائمة بعشر شركات يمتلكها، تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية.

2 ـ الهيئة العربية للتصنيع: تدير الهيئة أحد عشر مصنعاً في أنحاء مصر ينتج المعدات العسكرية والمدنية، ولها العديد من المشاريع الدولية المشتركة مع تكتّلات أوربية وأمريكية وآسيوية.

2 ـ الهيئة القومية للإنتاج الحربي: تتولّى وزارة الإنتاج الحربي إدارة الهيئة القومية للإنتاج الحربي. تدير الهيئة أكثر من خمسة عشر مصنعاً ينتج الأسلحة والذخيرة العسكرية بصورة رئيسة، إضافة إلى بعض السلع مثل التلفزيونات والأجهزة الإلكترونية والرياضية.

في أيار/مايو 2014، قال مدير الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إن الجيش نفّذ 473 مشروعاً استراتيجياً وخدمياً في العام ونصف الماضيين. وتلقي قائمة المشاريع القومية التي ينفّذها الجيش الضوء على مجموعة واسعة من الصناعات التي تغطيها. وتشمل هذه المشاريع بناء الطرق والجسور والموانئ، وترميم المستشفيات والمدارس ومراكز الشباب، ومدّ أنابيب المياه، وبناء محطات تحلية المياه. ولا تقتصر الصفقات التجارية التي يعقدها الجيش على المستوى القومية فحسب، بل توسّعت لتشمل أيضاً إقامة شراكات مع بعض الشركات العالمية مثل” جنرال إلكتريك“و”لوكهيد مارتن“ و”ميتسوبيشي“ وغيرها. وفي ماعدا المعدات العسكرية، تشمل هذه المشاريع منتجات غير العسكرية مثل أجهزة التلفزيون وسيارات الجيب وأجهزة الكمبيوتر اللوحي.

ويضيف الباحث: إحدى القضايا التي يثيرها الدور الكبير الذي يضطلع به الجيش المصري في الشؤون الاقتصادية المحلية، تتعلّق بالنزاهة في مواجهة فعاليات القطاع الخاص المصري. ذلك أن الأصول الصناعية والاقتصادية التابعة للجيش لا مثيل لها في أي كيان مصري آخر. كما أن الجيش هو أكبر قيّم على الأراضي الحكومية في البلاد، حيث منح قرار رئاسي صدر في عام 1997 الجيش الحق في إدارة جميع الأراضي غير الزراعية وغير المستثمرة، والتي تشير التقديرات إلى أنها تصل إلى 87 في المئة من مساحة البلاد.

ويمتلك الجيش المصري القدرة على استخدام المجنّدين كأيدي عاملة رخيصة. كما أن أرباحه معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري وفقاً للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005. فضلاً عن ذلك، تنصّ المادة الأولى من قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986على إعفاء واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي من أي ضريبة، وتتراوح تقديرات الباحثين المستقلين حول الحصة التي يسيطر عليها الجيش من الاقتصاد الوطني بين 5 و40 في المئة.

أدّى صدور تعديلين تشريعيين وقانون جديد عن طريق السلطة التنفيذية، في غياب برلمان منتخب، إلى زيادة القلق بشأن نزاهة وشفافية الحكومة المصرية والجيش بصورة خاصة، ففي أيار/مايو 2011، عدّل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يتولّى حكم البلاد آنذاك، قانون القضاء العسكري. أضاف المجلس العسكري مادّة تعطي النيابة والقضاة العسكريين وحدهم الحق في التحقيق في الكسب غير المشروع لضباط الجيش، حتى لو بدأ التحقيق بعد تقاعد الضابط. وبالتالي تجعل هذه المادة الضباط المتقاعدين بمنأى عن أية محاكمة أمام القضاء المدني.

(3) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. من أعمق ما كتب عن دولة الإنقلاب التى تسمى أحيانا بالدوله العميقه وعن خيارات التعامل مع هذا الكيان الذى يحتكر القوه الباطشه الغاشمه- كما يحاول الكاتب بعمق وإقتدر إعادة تعريف بعض المصطلحات التى تم تدليسها عن عمد بحيث حصل خلط متعمد بين مصطلحات الوطن والدوله والحكومه على ما إستقر فى العلوم السياسيه وهذا التدليس المتعمد والذى وراءه نيات حبيثه إقتصى من الباحث تحرير المصطلحات وهو أمر إستقر عليه العلم فى أى فرع من الفروع وهو البدأ بتحرير المصطلحات

    1. هذا العجز عن تحقيق أى جدوى من حركات الإصلاح على بنية الدوله أوصل الكاتب إلى نتيجه يقينيه أنه لا حل لإزالة دولة الجنرال واستبدالها بالدوله الديمقراطيه التى تعيد السياده للدوله لا طريق لها سوى الثوره— ومن خلال الحكومه التى تنوب عن الشعب تتحقق وظائف الدوله الأساسيه وهى توزيع ثمار التنميه على الشعب صاحب السياده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close