fbpx
تقارير

مؤتمرات هرتسليا والاستراتيجية الأمنية الصهيونية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

تحت شعار «أمل إسرائيلي رؤيا أم حلم؟»، عقد مؤتمر «هرتسليا للمناعة القومية» السادس عشر، في الفترة بين 14 و16 يونيو (حزيران) الماضي، وما ميز النسخة الأخيرة من المؤتمر، أن شخصيات عربية شاركت في «العقل الجماعي الاستراتيجي المدبّر»، لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كما يطلق عليه . ويعد مؤتمر هرتسليا «العقل الجماعي الاستراتيجي المفكر في مستقبل إسرائيل» و«مرجع أساسي للحكومات الإسرائيلية في اتخاذ قراراتها العدوانية، وتحديد حروبها القادمة».

أولاً: هرتسليا: النشأة والأهمية:

تأسس المؤتمر عام 2000 بمبادرة من مؤسس معهد السياسة والاستراتيجية «IPS »،1 والضابط السابق في جهاز الموساد الصهيوني لعقدين من الزمن “عوزي أراد”، وتتم خلاله مناقشة مستقبل كيان إسرائيل ووضعها اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا، ورصد الأخطار المحيطة بها من الداخل والخارج.

ويعود الاسم تيمنا باسم الصهيوني «ثيودور هرتسل»، صاحب الرؤية الصهيونية الحديثة، والذي عمل من أجل أن تأخذ «دولته وشعبها» زمام مصيرهما، في تشكيل الأحداث والعمليات الحاسمة لمستقبليهما.

ويعتبر مؤتمر “هرتسليا” أحد أهم المؤتمرات الأمنية الإستراتيجية لإسرائيل، ويسعى لمساعدتها في تحديد المخاطر الأمنية التي تحيط بها، وكيفية مواجهتها: محلياً وإقليمياً ودوليا، وفي جميع المجالات: سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً واستراتيجيا .

ويعقد المؤتمر في منطقة هرتسليا، وهي مدينة تم تشييدها على أنقاض قرية فلسطينية دمرها الجيش الإسرائيلي. ويعد مؤتمر هرتسليا من أهم المؤتمرات في إسرائيل، سواء لطبيعة الشؤون الإستراتيجية التي يناقشها، أو لجهة مشاركة أركان الدولة فيه، بدءًا بالرئيس ورئيس الوزراء وقائد الجيش، وصناع القرار رفيعي المستوى.

ومن المهم الإشارة إلى أن مؤتمر هرتسليا يأتي في إطار سلسلة مؤتمرات سنوية بدأت قبل 16 عاما، إذ انعقد المؤتمر الأول نهاية العام 2000، تحت عنوان “ميزان المناعة والأمن القومي”، بمبادرة من البروفيسور “عوزي آراد”، ضابط سابق في جهاز الموساد، والذي شغل منصب المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، مما يدفع كثيراً من المشاركين الدائمين فيه لأن يطلق على المؤتمر “العقل الجماعي الإستراتيجي المفكر للدولة “!

ويهتم المؤتمر بالدرجة الأولى بالمسألة الديمغرافية، وما يتعلق بقضايا الهوية، والتعليم، والإستراتيجية العسكرية، والأمن، والبحث العلمي، والاقتصاد، حيث تنبثق أهدافه من التركيز على يهودية الدولة. ويمكن القول بأن شعورها بما يوصف بـ “أزمتها الوجودية المتفاقمة” تمخضت عنه ولادة فكرة المؤتمر، الذي استطاع أن يظهر بشكل سريع إلى الضوء، ويبرز أثره على الساحة الداخلية لإسرائيل .

ثانيا: أهداف المؤتمر:

يعد مؤتمر هرتسليا من أهم المؤتمرات التي تعقدها دولة الكيان الصهيوني بشكل سنوي، من أجل تحديد سياساتها الأمنية للعام الذي يلي المؤتمر ويمكن تحديد الأهداف العامة لمؤتمر هرتسليا السنوي فيما يلي:

1-بحث السياسات الأمنية والدفاعية لدولة الكيان الصهيوني، من خلال تقديم تقويمات سنوية لنظرية الأمن الإسرائيلي، ورسم التصورات حول ما ينبغي للكيان أن يقوم به، لمواجهة التحديات التي تنتظره، مع التركيز على مفاصل السياسة الإسرائيلية، في الوقت الحالي . ويخرج المؤتمر بتوصيات بالغة الأهمية، خاصة في ظل رصده للتطورات المتلاحقة في العالم العربي، واستشراف تداعياتها على الاحتلال الإسرائيلي، وتُقدم في هذا المؤتمر العديد من الدراسات والأبحاث؛ الهادفة لإحباط «التهديدات الأمنية» الآتية من العالم العربي .

2- مراجعة السياسات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية للعام السابق، وتحديد معالم السياسات للعام المقبل، ومراحل أخرى قادمة، وهو يُعنى بتطوير وتعزيز الأمن القومي الإسرائيلي، وبحث السياسات الأمنية والدفاعية والعلاقات الخارجية لإسرائيل، وذلك بجهد التيارات الفكرية التي أضحت تتمثل في مؤتمرات وأبحاث أكاديمية، تدعو إلى إعمال العقل، واستلهام تفكير النخب الاستراتيجية والأمنية لدولة الاحتلال وخارجها، من أجل تحديد الطرق والوسائل الأكثر نجاحًا؛ لمواجهة لائحة من التحديات الخطيرة والمصيرية التي تحدق بمستقبل ومصير الدولة العبرية .

3-يرسم مؤتمر هرتسليا جدول الأعمال الاستراتيجي للدولة العبرية، ويشكل خلفية للبحث بالمقتضيات السياسية العملية؛ لغرض تحديد سلم الأولويات الوطنية الصهيونية. من خلال الرصد الجامع للنخب الإسرائيلية في الحكومة والجيش والمخابـــرات والجامعـــات من داخل دولة الاحتلال، ومن دول الحلفاء والدول العربية، لاهم الأخطار المحيطـــة بدولة الاحتلال من الداخل والخـــارج .

4-متابعة صعود حركات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا منذ فوز حركة حماس في فلسطين في الانتخابات التشريعية عام 2006، وفوز الإخوان المسلمين في البرلمان المصري عام 2011، ومن ثم فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئاسة المصرية عام 2012م .

5-احتواء طموحات إيران الاستراتيجية، وتحديد أولويات التنمية الإقليمية لدولة الصهيونية.

6-الاهتمام بالدور الاستراتيجي للولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي في المنطقة الإقليمية.

7-الرغبة الصهيونية في زيادة إنتاج الغاز من البحر، بهدف الوصول إلى درجة من استقلالية إسرائيل في مجال الطاقة .  من أجل تنشيط أسواقها العالمية في مجال الغاز.

8-متابعة أدق التفاصيل في مشكلات المجتمع الإسرائيلي من خلال طرح سؤال ثابت في كافة المؤتمرات مفاده؛ أين يتجه المجتمع الإسرائيلي؟

ثالثاً: قرارات مؤتمرات هرتسليا (2000-2015):

لكي نستطيع أن نتوقع نتائج مؤتمر هرتسليا السادس عشر، يجب رصد أهم قرارات المؤتمر في السنوات السابقة. ومن خلال الرصد، تبين ان المنطقة العربية قد حظيت باهتمام بالغ، وعلى راسها جمهورية مصر وتحديد منطقة (سيناء) وكذلك فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب خطط استراتيجية لعرقلة اقتصاد الدول العربية القائم على النفط ومن اهم قرارات المؤتمر السابقة:

1ـ مؤتمر هرتسليا عام 2000:

اعتبر عملية التسوية التي انطلقت مطلع التسعينيات من مؤتمر مدريد استنفدت نفسها والمطلوب هندسة تصميم جديد لتنسيق عمليات التفاوض المستقبلية، عبر التنسيق مع الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتوجه نحو إطار متعدد الأطراف للمفاوضات، أو عبر مسارات ثنائية الأطراف، على أن تكون عملية التسوية مدروسة وقابلة للتطبيق وتدريجية .

وقد ركز المؤتمر على موضوع التهديد الديموغرافي من خلال التوصيات الأتية: “سياسة الاحتواء” بغية الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة، بما في ذلك الحث على الولادة اليهودية وإلغاء محفزات إنشاء عائلات كبيرة للمواطنين الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة عام 1948م، وإعادة تنشيط مشروع تهويد الجليل في قلب المناطق العربية في الجليل والنقب، ونقل السكان العرب والتي تعرف باسم منطقة المثلث، القريبة من الخط الأخضر، إلى الدولة الفلسطينية المتوقعة.

2ـ مؤتمر هرتسليا عام 2001:

عقد في مناخات الحرب الأميركية ضد الإرهاب «بعد أحداث 11 سبتمبر»، وتم توظيف هذا الحدث في خدمة السياسة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. وخطر الإرهاب في الشرق الأوسط. ورأى المؤتمر أن أهداف الحرب ضد الإرهاب وقيمها تزيد في قوة إسرائيل على المستوى الاستراتيجي، وتغير لمصلحتها ميزان القوى الإقليمي، كما تساعدها على مواجهة التهديدات الإستراتيجية التي تتعرض لها في مواجهتها للفلسطينيين أو في مواجهة تهديدات دول الجوار أو الدول البعيدة «العراق وإيران» كما أنها تعزز الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة . وقد تبني المؤتمر اقتراح يقضي بتبادل السكان والأرض في حال تجدد المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وذلك من خلال تسليم البلدات والقرى العربية المتاخمة للخط الأخضر مثل أم الفحم للدولة الفلسطينية .

3ـ مؤتمر هرتسليا عام 2002:

دعا وزير البنى التحتية آنذاك، إيفي إيتام، لإقامة «دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء»، معتبرًا ذلك الحل الأمثل، لأن سيناء “غنية وكبيرة وفارغة من السكان”.

4ـ مؤتمر هرتسليا عام 2003:

طرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال غيورا أيلاند، مشروعًا ينص على مقايضة ما تقدر مساحته بـ 600 كيلومتر مربع، من الأراضي الزراعية في منطقة الأغوار الأردنية، ومن شمال سيناء المصرية، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وذلك مقابل نقل أجزاء من النقب الغربي، إلى قطاع غزة، و100 كيلومتر مربع، من جنوب البحر الميت إلى الأردن .

5-مؤتمر هرتسليا عام 2004:

وعُرضت فيه خطط تبادل الأراضي، ضمن الحل النهائي، ومن ضمنها خطة تسوية، يقضي أحد بنودها بتخصص قطعة جغرافية من سيناء، تُضم إلى قطاع غزة، مساحتها 600 كيلومتر مربع، بطول 30 كيلومترًا وبعرض 20 كيلومترًا .

6-مؤتمر هرتسليا عام 2005:

وكان أهم ما جاء في هذا المؤتمر هي مبادرة شارون والمتمثلة في مشروع خطة الانفصال الإسرائيلية، وترك غزة، والتي بالفعل نفذت بعد المؤتمر بأربع شهور فقط. موضحا أن من أهم أسباب خطة الانفصال جاءت نتيجة للواقع الديمغرافي على ارض غزة وكخطوة تمهيدية لربطها مستقبلاً مع سيناء . وأيضا تركيز النشاط الصهيوني الاستيطاني في الكتل الكبيرة مثل القدس والمناطق الأمنية بهدف الحفاظ على طابع إسرائيل كدولة يهودية.

7-مؤتمر هرتسليا عام 2006:

وشدد على استحالة التوصل إلى تسوية، وأنه لا يمكن الافتراض أن الفلسطينيين سوف ينفذون متطلبات “خريطة الطريق” في المجال الأمني وينبغي انتهاج توجه أحادي الجانب لضمان أمنها. وذلك لعدم امتلاك الفلسطينيين زعامة يمكن أن تُشكل شريكاً، وتكون قادرة على اجتياز اختبار النوايا وتنفيذ الاتفاقيات حل الدولتين إلى جانب يهودية الدولة العبرية؛ من خلال تبني فكرة إقامة الدولة القومية الفلسطينية والتي ستزيل عن كاهل إسرائيل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

أما في موضوع القدس لم يستبعد المؤتمر تخلي “إسرائيل” عن معظم الأحياء ذات الكثافة العربية في القدس الشرقية وأن تتسع القدس في حدودها الموسعة وفي حدود “المصالح الحيوية” لـ “إسرائيل” بالطبع لقيام “القدس كعاصمة لفلسطين” وذلك في نطاق التسوية الدائمة التي رأى خبراء المعهد أن الطريق الموصل إليها لا يزال موصداً وبعيداً حسب معطيات واتجاهات الوضع الراهن .

8ـ مؤتمر هرتسليا عام 2007:

وفيه حدّد نتنياهو، مهمات رئيسية طالب الحكومة الإسرائيلية بمنحها الأولوية وتتمثل في العمل على فرملة المشروع النووي الإيراني من خلال قيادة حملة دولية لنزع الشرعية عن النظام في طهران ولمحاكمة الرئيس أحمدي نجاد، ثم إسقاط حكومة حماس قبل الشروع في اتصالات مع الجهات الفلسطينية المعتدلة، وترميم الردع الإسرائيلي من خلال بناء القوة الضاربة ودعا الشركات الاقتصادية العالمية الرائدة، وعلى رأسها صناديق التقاعد الرائدة في الولايات المتحدة التي تهيمن على جزء كبير من الاقتصاد العالمي وتستثمر في 70 شركة لها علاقات تجارية مع إيران، إلى سحب استثمارها في هذه الشركات، مما سيشكل رافعة ضغط هائل على النظام الإيراني.

وأضاف انه ينبغي على إسرائيل إحداث زخم في هذه المسألة في الولايات المتحدة، وتحديدا من خلال دعم المرشحين للرئاسة الأميركية، وطرحها على الرأي العام اليهودي وغير اليهودي هناك وفي الإعلام ومجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض وكل المؤسسات الاقتصادية الكبرى وعموم الشعب في أميركا. وتطرق نتنياهو إلى الموقف الإسرائيلي الرسمي القاضي بألا تظهر إسرائيل رأس حربة في مناهضة المشروع الإيراني، وقال إن هذا الموقف ينسحب في بعض الأمور المتعلقة بوسائل الدفاع الذاتي، وأضاف أن ذلك لا ينفي قيام الحكومة بقيادة حملة دبلوماسية دولية على إيران توجهها إلى الجهات المؤثرة في الولايات المتحدة .

9ـ مؤتمر هرتسليا عام 2008:

تناولت إحدى الأوراق البحثية التي شهدها المؤتمر مقترحًا حول تصور لتبادل الأراضي، ينص على أن تقوم مصر بنقل أراضٍ من سيناء إلى الفلسطينيين، وناقش المؤتمر خطــة الجنــرال “غيورا أيلاند”، الذي قدم اقتراحًا بتبــادل الأراضي، فــي إطــار تســويات سياســية. التبادل يشمل إبقــاء جــزء مــن الضفة الغربية، تحت السيادة الإسرائيلية، بينما تنقل دولة الاحتلال أراضيَ فـي منطقـة وادي فيـران، بصحراء النقـب إلـى مصـر، ومنطقة أخرى تسمح بالعبور الحر بين مصر والأردن، على أن ينقـل المصـريون للفلسـطينيين أراضيَ في محور «رفح– العريش»، إلى قطاع غزة، حسب الخطة .

10ـ مؤتمر هرتسليا عام 2009:

وخلص إلى توصيات محددة كان أهمها ما يختص بتفعيل العلاقات الإسرائيلية مع الصين، التي وصفوها بأنها يجب أن تكون (الصين) الحليف الإستراتيجي الجديد، وأكدوا أن على إسرائيل أن تدفع قدما في هذا الطريق بناءً على قراءة التغيرات المقبلة على الساحة العالمية. وذلك لان الصين هي ” القطب العالمي القادم.

وفي سياق الحرب على غزة، ووجود حماس فيها؛ ركز مؤتمر هرتسليا التاسع على تقيم هذه الحرب، وتفنيد بعدها وأهميتها ونتائجها . وحذر بيريز من نتائج القضاء على حكم حماس. وقال إنه “إذا تسببنا بانهيار حماس فإننا سنجد أنفسنا مسؤولين عن غزة وإعمارها وإدارة شؤونها وتطويرها والاهتمام برفاهيتها”. وقال “بأنه من الجائز أن تواصل حماس تجربة حظها فيما لا تتنازل فتح عن طريقها . وأوصى المؤتمر بالقيام بنشاط سياسي وديبلوماسي إسرائيلي محموم لتحسين صورة إسرائيل وتجميلها، بعد انكشاف عنصريتها إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في بداية العام 2009.

كما ركزت وثائق مؤتمر هرتسليا التاسع على إيران باعتبارها الخطر الأكبر على إسرائيل . واعتبر ان السوريين “يعملون على زيادة قوتهم العسكرية ويشترون أسلحة طويلة المدى”، في اتهام مبطن لدمشق بتحريض “حزب الله” على إشعال الوضع في الجنوب . وأبرزت احدى وثائق المؤتمر على‏ المساعي الصهيونية الجديدة القديمة لتفتيت العالم العربي والإسلامي إلى دويلات متناحرة على كل المستويات‏، ‏ وهي بمثابة رد موضوعي واضح على المساعي الأمريكية للعب علي وتر الفتنة السنية الشيعية في المنطقة‏، ‏ بهدف تفتيتها وتقسيمها‏، ‏ تمهيدا لاستعادة الهيمنة الصهيونية الغربية عليها‏. ‏

11ـ مؤتمر هرتسليا عام 2010م:

عُقد بين 31 يناير و3 فبراير 2010م، وقد ناقش المؤتمر التهديدات الداخلية، والتهديدات الخارجية، وتحليل الوضع المستقبلي، وتقييم الحالة الإسرائيلية للسنوات الخمس القادمة، والبحث في بعض الملفات للعشرين عاماً القادمة، وقد ركزت النقاشات والمداولات على الهواجس الأمنية الإسرائيلية إضافة إلى قضايا أخرى تنموية وسياسية وديبلوماسية.

وتطرق بعض المؤتمرين في هذا المؤتمر إلى ما يسمى تهديدات الداخل وهي “أن دولة إسرائيل في القرن الـ 21 لم تحسم بعد جوهرها (اليهودي) أو طبيعتها وقيمها، وما زالت تعيش في حالة قلق مستمرة على وجودها، كما أنها تواجه قلقا داخليا بسبب ضغوط الحكومة الائتلافية والضرائب ومشكلة التهرب من الخدمة العسكرية”.

وطرح المؤتمر شعارا له بعنوان “إسرائيل تحت الحصار” واختير هذا الشعار كمحاولة لمواجهة حملات تقوم بها منظمات دولية نجحت في نقل وإيصال جزء من معاناة سكان قطاع غزة إلى الرأي العام الدولي، وركز المؤتمر على إبراز ما تعتبره إسرائيل مخاطر تهدد أمنها ووجودها، وبخاصة من قبل جيرانها، مطالبة العالم بمزيد من الدعم، معتبرة نفسها “ضحية” وسط محيط عربي وإسلامي يعد العدة للقضاء عليها على حد قول رئيس المؤتمر الجنرال “داني روتشيلد”.

واعتبر “روتشيلد”، أن التهديدات التي تحيط بإسرائيل تأتي من الشمال ممثلة بحزب الله اللبناني، ومن الجنوب ممثلة بحركة حماس، ومن الشرق ممثلة بإيران، أما بالنسبة للتهديدات الداخلية، فإن إسرائيل وفي القرن الواحد والعشرين لم تحسم بعد جوهرها “اليهودي”، وهي ما زالت تعيش في حالة قلق متشعب .

وهدد وزير الخارجية الإسرائيلي العنصري افيغدور ليبرمان في المؤتمر بشن حرب على الدول العربية وبخاصة لبنان وسوريا وقطاع غزة.

وفي الجانب السياسي، حمّل الجنرال عوزي أراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الدول العربية مسؤولية تعثر المفاوضات على كافة المسارات، نافياً بذلك تحمّل إسرائيل المسؤولية عن المخاطر المحدقة بالمنطقة، وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتمال انطلاق عملية التفاوض مع الفلسطينيين، واعتبر الجنرال السلطة هي المسئولة عن ذلك فقال: “أن سياسة الرفض التي تنتهجها السلطة الفلسطينية هي السبب وراء تعثر مفاوضات السلام، حيث يواصل الفلسطينيون رفض التفاوض” حس. وحذر من ان هذا الرفض “سيكون مشكلة للفلسطينيين أنفسهم” (خضر عباس).

12ـ مؤتمر هرتسليا عام 2011:

جاء في وثيقة الملخص التنفيذي لمؤتمر هرتسليا الـ 12 وضع خطط لتحجيم اعتماد العالم على النفط العربي. بعد أن أبدت دولة الاحتلال الإسرائيلي خوفها مما أسمته «المخاطر الاستراتيجية»، المترتبة على اعتماد جميع الدول في العالم على النفط العربي.

لذا رأت دولة الاحتلال ضرورة تقليص ارتباط العالم بالنفط العربي بمثابة «هدف قومي استراتيجي لها»؛ فإدمان العالم على النفط يؤدي إلى تعلق العالم الغربي بدول النفط العربية، مما يمس مكانة «تل أبيب» وأمنها. وتتخوف دولة الاحتلال من أن تعزيز رأس المال «السياسي-الاستراتيجي»، للدول المنتجة للنفط، مع تزامن الأحداث المتتابعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

لذلك تسعى دولة الاحتلال إلى تحرير العالم مما تعتبره «عبودية العالم للنفط العربي»، وتقوم الرؤية الإسرائيلية على أن زيادة النفط، خارج نطاق العرض، يزيد من مخاطر النقص العالمي، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وهو ما يعني إضافة مخاطر استراتيجية واقتصادية، على دولة الاحتلال. وأكدت أوراق هذا المؤتمر أنه يتعين، على دولة الاحتلال وحلفائها، أن يتصدروا «حملة عالمية»، تهدف إلى تقليص الاعتماد الدولي على النفط، وتحجيم مكانة ونفوذ الدول المنتجة له، وفي الأساس الدول العربية. وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «عاموس يادلين» «لإسرائيل مصلحة قومية أمنية في خلق بدائل للنفط؛ والسبب أنه إذا كان هناك انخفاض في أسعار برميل النفط، إلى ما دون 50 أو 60 دولار، فإن إيران ستتضرر جراء ذلك، وتضطر إلى إغلاق صنبور نقل الأموال إلى الإرهاب العالمي، وبارتفاع سعر برميل النفط إلى ما فوق 65 دولار، فان حجم التحويلات المالية الإيرانية، إلى المنظمات المؤيدة لها، يزداد بشكل كبير».

كما تطرقت أوراق المؤتمر، في عام 2011، للثورات العربية، ورأت أن قطع الطريق على القوى «الإسلامية الراديكالية»، في الشرق الأوسط، وفي أوساط الجاليات المسلمة في الغرب، يمثّل الهمّ الاستراتيجي المشترك، لدى كل من الغرب، وما تبقّى من الأنظمة العربية «المعتدلة»، وإسرائيل. لذلك حسب المحلل الإسرائيلي، «أنطون شلحت»، يجب الاسترشاد بهذا الأمر في صياغة استراتيجية دولية مشتركة، تقوم على «احتواء القوى الرجعية والراديكالية في المنطقة، من الناحية السياسية، ومن الناحية العسكرية إن استدعى الأمر، وإعداد إطار إقليمي تتولى إدارته القوى الغربية، بالاشتراك مع القوى المعتدلة، وغير الراديكالية في المنطقة، من أجل دفع عملية السلام بين العرب وإسرائيل»، وأضاف أنطون «رعاية عملية الانتقال التدريجية التامة، وفق مراحل محددة، في الدول العربية في الشرق الأوسط، والقاضية بالارتقاء بالأوضاع المعيشية الاجتماعية والاقتصادية، وتكفل قيام أنظمة الحكم المستجيبة لرغبات رعاياها ومطالبهم، وتخضع للمساءلة عن أعمالها وتصرفاتها أمامهم .

13ـ مؤتمر هرتسليا عام 2012:

جاء تحت عنوان “في عين العاصفة: إسرائيل والشرق الأوسط”، وفيه تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، «إيهود باراك» عن ثورات الربيع العربي في سياقها الآني والمستقبلي، وبالرغم من إقرار باراك بأن الربيع العربي “يحمل متغيرات قد تكون ملهمة على المدى الطويل”، على حد قوله، إلا أنه أشار إلى الكثير من «المخاطر» المنعكسة على دولة الاحتلال، على المدى القصير والمتوسط؛ بسبب تصدر «الحركات الإسلامية» للمشهد السياسي في الدول العربية.

وأبدى «باراك تخوف» حكومته، من تداعيات فوز «الإسلاميين»، في انتخابات مجلس الشعب بمصر، وأخذ يتحدث بدقة عن الإجراءات المتلاحقة المؤدية إلى إعادة قولبة المنظومة الهيكلية للحكومة المصرية، لاسيما في شقيها الأمني والعسكري، فالتحولات في مصر «في عرف الإسرائيليين» ستؤثر من الناحيتين الأمنية والاستخبارية على الاحتلال، وتهدد وجود كيانه، وإحداث اختلال أمني من جانب مصر، سيضر بدولة الاحتلال الخاسرة مع اندلاع الثورة المصرية، وخلع حليفها الأقرب «الرئيس المتنحي حسني مبارك»، لذلك أخذ باراك يؤكد على أهمية الحفاظ على التزامات مصر الدولية، وخاصة «معاهدة السلام»، الرابطة بين مصر ودولة الاحتلال، وألمح إلى أهمية أن يعمل الرئيس القادم، والجيش المصري، ” ككتل توزن المعادلة” .

14ـ مؤتمر هرتسليا عام 2013:

وفيه توقع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء «أفيف كوخافي»، حدوث «هزة ثانية» في مصر؛ بسبب سياسة حكم «الإخوان المسلمين»، وقال كوخافي هناك مؤشرات في مصر وتونس أيضًا؛ إذ لم يتحسن شعور المواطن هناك.

وحفل مؤتمر هرتسليا 2013 بالعديد من المداولات الخاصة والعامة، وحذرت أوراقه من خطورة تراجع قوة الولايات المتحدة في المنطقة، مقابل صعود قوى إقليمية معادية لإسرائيل، التي تجد نفسها معزولة إستراتيجياً، ولا تجد من تعتمد عليه في مواجهة الأخطار التي تطوقها. كما باتت إسرائيل عبئاً إستراتيجياً على الولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد الانتقادات ضدها في العالم، ما يعني أنها منيت بفشل دبلوماسي. وطالب المشاركون إسرائيل بألا تتعامى عن المخاطر والفرص، لأن الخيار الوحيد أمامها يكمن في تسوية الصراع مع الفلسطينيين، خاصة مع ما تقوم به قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية من تعاون مع نظيرتها الإسرائيلية لفرض الأمن، وملاحقة المسلحين .

ولخصت العديد من الأوراق المشاركة رؤية النخبة الإسرائيلية لتأثير الثورات العربية في شكل المنطقة، وما أعقبها من صعود للإسلاميين إلى سدة الحكم في بعض البلدان، بالقول: “لم نعد نرى شرق أوسط جديدا، بل شرق أوسط مختلفاً”! وإن كان تعبير “الشرق الأوسط الجديد” يحمل دلالات تتعلق بديمقرطة العالم العربي، واقترابه من قبول تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، فإن “الشرق الأوسط المختلف” -وفقاً للمشاركين في المؤتمر-تعبير حذر ينم عن شعور بعدم اليقين الذي بات يميز تنبؤات السياسيين والخبراء، خاصة بعد الفشل في توقع ثورات الربيع العربي، وهو ما يلاحظ في انقسام النخبة الإسرائيلية حول تبعات صعود الإسلاميين لسدة الحكم في أكثر من بلد عربي.

ووفقاً لهذا المشهد، رأت أغلبية المشاركين في المؤتمر -إسرائيليين وغربيين-أن هيمنة الإسلاميين على المشهد السياسي في العديد من الدول العربية، وبالأخص في مصر، قد تقود لتداعيات خطيرة، وتقوية مشروع الجبهة الإسلامية الموحدة ضد إسرائيل، أو على الأقل انتشار الفوضى في الجوار الإقليمي لها، وتحول بعض دوله إلى دول فاشلة تستغلها الجماعات المعادية لتهديد الأمن اليومي للمواطن الإسرائيلي .

ورغم أن غالبية الأبحاث المقدمة في المؤتمر تقلل من قدرة التيارات الإسلامية التي صعدت لسدة الحكم على القيام بمغامرات عسكرية تهدد الأمن الإسرائيلي، فإن القادة الأمنيين والسياسيين الذين حضروا كثيراً من مداولاته ركزوا على احتمال أن يتحول وصول الإسلاميين إلى الحكم في الوطن العربي إلى جبهة موحدة تعمل على تهديد وجود الدولة.

وهو ما عبر عنه رئيس الأركان الإسرائيلي “بني غانتس”، بقوله: “الحرب القادمة ستكون قصيرة الأمد، وسيسعى العدو القادم من أكثر من جبهة لغزو إسرائيل، واختراق المدن المزدحمة بالسكان لإحداث الفزع والرعب بين مواطنيها”.

15ـ مؤتمر هرتسليا عام 2014:

أوصى المؤتمر بضرورة الضغط على الإدارة الأمريكية قبيل توقيع الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن وطرح المؤتمر سؤال جوهري، هو: ماذا سنفعل بعد يوم واحد من ذلك؟»، طرح هذا التساؤل من قبل الباحث الإسرائيلي، «تومي شتاينر»، ليخلص الأمر إلى إدراك دولة الاحتلال لأدق تفاصيل المفاوضات، ومستقبلها بين إيران والغرب، فقد رسم الإسرائيليون في هذا المؤتمر سير الاتفاقية المرحلية، كما كان مخطط لها ومتوقع منها.

واتفق الباحثين الإسرائيليين أن إيران هي التحدي الأكبر؛ بسعيها للقضاء على الكيان بامتلاك الســـلاح النووي، ووظف الإسرائيليون، الذين تجسسوا على تفاصيل الاتفاق، المؤتمر كمنصة لممارسة ضغط كبير على الإدارة الأميركية وقادة الغرب؛ لأخذ مخاوف دولة الاحتلال في اعتبارهم، عند توقيع هذا الاتفاق؛ وقد اتفق المتحدثون في المؤتمر أنه لن يتم الاتفاق في عام، 2014، وهو ما حدث فعلًا.

وفي هذا المؤتمر قال وزير شؤون المخابرات الإسرائيلي، «يوفال شتاينيتس» «إذا أبرمت مجموعة دول 5+1، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وألمانيا، اتفاقًا غير مُرْضٍ مع إيران، لا ينص على ضرورة إلغائها برنامجها النووي، فإن طهران قد تكون قادرة على امتلاك ما بين 50 إلى 100 رأس حربي نووي، بحلول عام 2024»، وأضاف “إسرائيل لا تعارض حلًا دبلوماسيًا للأزمة مع إيران، بل أننا نحبذ مثل هذا الحل؛ إذا كانت صفقة كاملة ومرضية، بينما لن نؤيد اتفاقًا قصير النظر”.

16ـ مؤتمر هرتسليا عام 2015:

اهتمت النقاشات والأوراق البحثية التي قدمت للمؤتمر بشكل خاص، برصد التطورات المتلاحقة في العالم العربي واستشراف تداعياتها على إسرائيل، لا سيما التطورات في كل من العراق وسوريا، وزيادة تأثير الحركات الجهادية على المشهد الإقليمي، والثورات المضادة، والبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تداعيات تعاظم دائرة فعل حركة المقاطعة الدولية (بي.دي.أس) .

رابعاً: مؤتمر هرتسليا 2016: القرارات والتوقعات

تميز مؤتمر هرتسليا في نسخته الأخيرة (2016)، بمشاركة كبيرة من سياسيين وأكاديميين عرب، أبرزهم السفير الأردني في الكيان المحتل، «وليد عبيدات»، والسفير المصري، «حازم خيرت»، إضافة إلى الاقتصادي والأكاديمي الأردني، «رياض الخوري»، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، وممثل ما يعرف بـ ” الجيش السوري الحرّ” عصام زيتون، وسلمان الشيخ مدير سابق لمركز بروكينغز في الدوحة.

ورغم أن الدورات السابقة للمؤتمر شهدت مشاركة عربية، تمثلت في رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، «سلام فياض»، وولى العهد الأردني الأسبق، الأمير «حسن بن طلال»، إلا أنها المرة الأولى التي يشهد فيها مؤتمر هرتسليا الأمني الإسرائيلي مشاركة عربية واسعة، وهو ما يعني تراجع الخطوط الحمراء التي كانت تضعها الأحزاب العربية، للمشاركة في مؤتمرات تناقش الأمن القومي الإسرائيلي .

ومن بين القرارات والتوصيات ونتائج المناقشات التي تضمنها المؤتمر:

  • أبدى وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية الأسبق هنري كيسنجر، قلقه إزاء مستقبل إسرائيل واليهود، حيث ستواجه إسرائيل تحديات كبيرة على المدى البعيد في ظل تنامي الحركات الإسلامية المسلحة في البيئة المحيطة بدولة الكيان سواء في فلسطين أو لبنان أو سوريا ومصر.
  • ما قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، من تحديدات امنيه تواجه إسرائيل، أبرزها ان إسرائيل لا تواجه جيوشا نظامية بل منظمات إرهابية، الأمر الذي يجعل إحراز انتصار أمامها أمرا أكثر تعقيدا.
  • ما جاء في كلمة “رئيس الدولة” رؤوفين ريفلين، وذلك بإعادة طرح التساؤل الاستراتيجي حول هوية إسرائيل، مطالبا بصياغة “هوية إسرائيلية مشتركة . ويقول “أن إسرائيل القوية مازالت تعيش أزمتين، الأولى وجودية “أزمة هوية”، والثانية وطنية “أزمة مجتمع”، فهي دولة قوية إلى الآن بحكم العلاقة مع أميركا ولكنها مقبلة على أزمات داخلية كبرى .
  • أكد المؤتمر أن الحرب القادمة مع حزب الله لن تكون سهلة، لكن إسرائيل نجحت في تحسين قدراتها في مواجهة الحزب، وانه في حال قامت حرب جديدة يجب تحويل لبنان إلى دولة لاجئين .
  • حول الصراع في سوريا، توقع المؤتمر ألا تنعم سوريا بوحدة أراضيها تحت سلطة قائد واحد في السنوات القريبة، إلا انه يجب الحذر من “أسوأ نهاية ممكنة للصراع في سوريا بالنسبة لإسرائيل هي اندحار تنظيم الدولة الإسلامية وانحسار رقعة نفوذه وتأثيره وترك الدول العظمى للمنطقة وبقاء المحور الراديكالي المتمثل بإيران وحزب الله “.
  • أما عن استراتيجية إسرائيل في التعامل مع حركة حماس، فذكر المؤتمرون تستند إلى ثلاثة أسس: إبقاء حماس في حالة ردع، وتقليص قدرتها على تطوير قدراتها القتالية، والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية المزرية في قطاع غزة؛ حتى يكون للفلسطينيين ما يخسرونه في أي مواجهة مقبلة، على الرغم بإن حماس لا ترغب فيها في الوقت الراهن .
  • تناول المؤتمر العلاقة بين الأمم المتحدة و(إسرائيل) “صداقة أم عداء”، والتدخل الروسي في الشرق الأوسط، كما توقع حدوث عدد من التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط، إضافة لبحث طرق تمكين العلاقات الإسرائيلية مع مصر، والأردن، وتركيا .
  •  خلص المؤتمرون في هرتسليا خلصوا إلى أن الجماعات الإسلامية المنظمة والتي تعمل ضمن مؤسسات كـ “حماس” و”حزب الله” تُشكل خطرًا على وجود الكيان “الإسرائيلي “.

وفي إطار هذه المخرجات يمكن توقع عدد من التوجهات المستقبلية للسياسة الأمنية للكيان الصهيوني في العام القادم بناء على قرارات المؤتمر، ومن ذلك:

(أ) من المتوقع ان تزداد الحملة الصهيونية في المحافل الخارجية للمطالبة بيهودية الدولة، وذلك بهدف منح سكان الدولة الصهيونية هوية وطنية موحدة، وذلك من خلال المبادرات السلمية، وأن تشترط إسرائيل اعتراف الفلسطينيين والعرب بيهودية الدولة كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين؛ وعلى الرغم بانه ليس بجديد إلا أنه قد أصبح هدفا استراتيجيا في ظل المتغيرات الإقليمية التي أصبحت تصب في صالح دولة الكيان، ومن المتوقع ان تتفهم الدول العربية هذا الطلب وأن تشكل ضغطا على السلطة الفلسطينية لقبوله.

(ب) أن تسعي دولة الكيان الصهيوني إلى تحجيم الحركات الإسلامية المسلحة وذلك من خلال ما يلي:

  • زيادة التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الصهيونية والأجهزة الأمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية بهدف منع وصول السلاح لأبناء التنظيمات الإسلامية.
  • تحسين الأوضاع الاقتصادية المعيشية جزئيا لسكان قطاع غزة لتجنب الانفجار، مع استمرار الحصار المفروض على حركة حماس مالياً وسياسياً بحيث يمنع زيادة قوة الحركة وذلك بمساعدة مصرية من خلال إحكام السيطرة على معبر رفح، وعدم السماح بتنقل قيادات وعناصر حركة حماس من وإلى غزة.
  • إمكانية توجيه ضربات عسكرية محددة لقطاع غزة بهدف تحجيم قدرات حماس العسكرية.

(ج) نتيجة للنقد المتواصل للسياسة الخارجية لنتنياهو؛ من المتوقع ان تشهد الأيام القادمة نشاطا ملحوظا للسياسة الخارجية الصهيونية وقد تفهم زيارات نتنياهو لأفريقيا، وتحسن العلاقات التركية الإسرائيلية، ووصول العلاقات الإسرائيلية الروسية إلى علاقة استراتيجية ضمن هذا النطاق.

(د) لن تدخل إسرائيل حرباً في الشمال مع حزب الله اللبناني في الفترة القادمة، مستفيدة من حالة النزيف التي يعاني منها في الحرب الدائرة في لبنان.

(هـ) ستحافظ دولة الكيان الصهيوني على علاقاتها مع نظام السيسي، مع زيادة التعاون الأمني بين الجانبيين بهدف إحكام السيطرة على التنظيمات الإسلامية في سيناء.

(و) من المتوقع ان يزداد التقارب الصهيوني السعودي ليصل إلى درجة تحالف غير معلن، وسيكون موجهاً بالدرجة الأولي ضد إيران، وذلك من خلال تعاون أمنى استخباراتي سعودي صهيوني في الملفات الإقليمية كالملف اللبناني والسوري واليمني.

التوصيات:

– يجب تتبع قرارات مؤتمرات هرتسليا باعتبارها قد أصبحت المكان الذي توضع فيه الاستراتيجيات المتعلقة بمصير الدول العربية والإسلامية.

– تدارس هذه المؤتمرات باعتبارها مكانا يتم فيه ومن خلاله الإجابة على الأسئلة حول الخطر المفترض للعرب وكيفية مواجهته.

– تتبع كل ما يصدر عن مؤتمرات هرتسليا باعتبارها جزء لا يتجزأ من رؤية إسرائيل لنفسها ولمن يحيط بها ولمخططاتها المستقبلية فإذا أردت أن تعرف حقيقة السياسات التي سوف تنتهجها إسرائيل على مدى السنوات القريبة القادمة ( 3).

———————–

الهامش

( 1 ) تأسّس معهد السياسات الإستراتيجيّة (IPS) في العام 2000 بغية تدعيم السياسة القوميّة لإسرائيل وترقية عمليّة صنع القرارات الاستراتيجية. يعالج المعهد أكثر القضايا أهمّيّةً لإسرائيل، كالأمن القوميّ، والإستراتيجيّة، والسياسات الخارجيّة، والاستخبارات، والشعب اليهوديّ، والاقتصاد، والعلوم، والتكنولوجيا، والرفاه الاجتماعيّ، والسياسة الاجتماعيّة والتربية والتعليم . ويعقد المعهد سنويًّا مؤتمر هرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القوميّ لإسرائيل. يرتكز المؤتمر -فيما يرتكز-على استطلاعات الرأي. الموقع الرسمي لمعهد السياسيات الاستراتيجية، تاريخ الزيارة 10-7-2016م، الرابط

( 2 ) تأسست الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل -التي تعرف اختصارا بـ “بي دي أس”-سنة 2005، على يد قوى مدنية فلسطينية، وهي تنسق أعمالها مع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة وفضح ومعاقبة إسرائيل. وتعد الأن بمثابة حركة عالمية تسعى إلى كشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وفضح عنصريته، وإلى وقف كافة أشكال التطبيع معه، وتدعو إلى مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، معتمدة على ثلاث ركائز أساسية، هي المقاطعة، وسحب الاستثمارات، والعقوبات. أنظر: الجزيرة نت، “بي دي أس”. حركة عالمية بثلاث ركائز لمقاطعة إسرائيل، تاريخ الزيارة 12-7-2016م، الرابط

( 3 ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close