fbpx
تقديرات

ما بعد الانقلاب: العلاقات التركية الصهيونية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

مقدمة:

مع الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشل في تركيا، بدأت وسائل الإعلام الصهيونية تتابع الأحداث باهتمام كبير، ظهر ذلك من خلال التغطية عبر وسائلهم الإعلامية المختلفة: المسموعة والمرئية والمكتوبة.

اهتمام الإعلام الصهيوني بما حدث في تركيا ليس صدفة، إذ إن تركيا دولة لها مركزها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ودخول تركيا في أزمة في هذا الوقت بالذات، له انعكاسات كبيرة على الشرق الأوسط ككل، ومن بينها دولة الكيان الصهيوني.

أولا: رد الفعل الرسمي الصهيوني “السياسي”:

على الرغم من التصريحات التي صدرت من قبل الحكومة الصهيونية والتي تؤكد بأن لا علاقة لها بالشؤون الداخلية لتركيا. إلا أن مختص الشئون السياسية في قناة التلفزة الصهيونية الثانية (أودي سيغل) أشار إلى أن جميع أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن كانوا يتلقون تقارير متواصلة، حول تطورات الأوضاع في تركيا طوال ليلة السبت، التي يتوقف فيها العمل لأسباب دينية، والتي شهدت أحداث الانقلاب الفاشل.

وأضاف سيغل أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أصدر تعليماته للوزراء بعدم الإدلاء بأي تصريح قبل اتضاح الأمور، مستدركا بأنه يعلم شخصيا أن كل الوزراء “لم يناموا لحظة واحدة طوال الليل على أمل أن تسفر المحاولة الانقلابية عن التخلص من عهد أردوغان”. ونقل سيغل عن أحد الوزراء قوله: “نحن لا نوهم أنفسنا، ونعي أن اتفاق المصالحة الأخير يخدم مصالح تركيا ومصالحنا بشكل مؤقت، ونحن متيقنون من أن أردوغان سيعود لمهاجمتنا من جديد عندما تتغير الظروف. أما وزارة الخارجيّة الصهيونية وأثناء محاولة الانقلاب فقد اكتفت بالطلب من مواطنيها البقاء في الفنادق وعدم النزول للشوارع، ولم تعلق رسميًا على الأحداث التي شهدتها تركيا.

في حين صدر التصريح الرسمي للكيان الصهيوني صباح يوم الأحد بعد 48 ساعة من محاولة الانقلاب الفاشل على لسان نتنياهو “إنه يعتقد أن محاولة الانقلاب في تركيا لا تضر المصالحة بينهما”. وأضاف نتوقع أن عملية المصالحة بيننا سوف تستمر بغض النظر عن الأحداث المأساوية في تركيا في مطلع الأسبوع الماضي.

ويقرأ من التصريح الرسمي الصهيوني على لسان نتنياهو: حرص دولة الكيان الصهيوني على انتظار نتائج محاولة الانقلاب الفاشل تماما في تركيا؛ حتى تصدر تعليق رسمي وهذا يفسر سبب تأخره، وأن دولة الكيان الصهيوني كان لديها الاستعداد المطلق في التعامل مع نتيجة الانقلاب سواء في حال نجاحه أو فشله، كما أن جملة نتنياهو “إن محاولة الانقلاب في تركيا لن تضر المصالحة بينهما”، تشير إلى رغبة حقيقية أن دولة الكيان كانت تمني نفسها في الخلاص من أردوغان.

ثانياً: رد الفعل الصهيوني على المستوي الإعلامي:

قبل البدء في رصد كيف تناولت وسائل الإعلام الصهيونية محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، يجب التنبه إلى أن الرقابة العسكرية الأمنية تعد حلقة مهمة في سلسلة حلقات ضبط العلاقة بين الأمن والإعلام في “دولة الكيان الصهيوني”، ومهمتها إملاء المواقف المحددة في الموضوعات الأمنية، وبالرغم من التطور الكبير الذي شهده الإعلام الصهيوني في النقاشات اليومية والشؤون السياسية، إلا أن الجانب الأمني ما زال متحكمًا في انطلاقته. وهذا يعني أنه من الصعوبة الفصل بين الإعلام الصهيوني وموقف الحكومة الرسمية وذلك من خلال رقابة أمنية مشددة.

وفي هذا السياق، علق “بن كاسبيت” في صحيفة “معاريف” وموقع “يسرائيل بالس”: “إن إسرائيل كلها حبست أنفاسها وتمنت نجاح المحاولة الانقلابية، فالكل كان يتمنى أن يصحو يوما وقد وجد أردوغان حبيس أحد الزنازين. وأضاف لقد عمت الصلوات كل أرجاء إسرائيل داعين الله أن ينجح الانقلاب، فلا أحد يوهم نفسه بشأن مستقبل العلاقة مع تركيا طالما ظل أردوغان”. وكشف بن كاسبيت، الوثيق الصلة بالدوائر الأمنية والسياسية، أن” إسرائيل عاشت خيبة أمل قاسية عقب فشل الانقلاب”، وأن إسرائيل “شهدت العديد من الصلوات التي كانت تدعو لنجاح الجيش التركي في مسعاه ضد الرئيس أردوغان لكن ذلك لم ينجح وبقي الرئيس في مكانه ولم يتحرك بعيدا”، أي فشلت الصلوات اليهودية.

وأضاف أن “أجهزة المخابرات العالمية بذلت قصارى جهدها لمحاولة توفير الإجابات عن الأسئلة التي طلبها زعماؤها عما يحصل في تركيا، ومن أبرزهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والمصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين.

أما “دان مرغليت” كبير المعلقين في صحيفة “يسرائيل هيوم” المقربة من ديوان نتنياهو، فقال إنه ظل يترقب طول الليل انتهاء المحاولة الانقلابية بالتخلص من أردوغان، مشيرا إلى أنه “لا يحمل إلا ذكريات مؤلمة عن أردوغان منذ أحداث سفينة مرمرة مطلع يونيو 2010″.

وصرح المراسل السياسي لصحيفة “هآرتس” باراك رابيد: “لم يكن أحد في إسرائيل ليذرف دمعة لو استيقظنا صباح السبت على نبأ اعتقال أردوغان”.

أما ألون بن ديفيد مختص الشؤون العسكرية في قناة التلفزة العاشرة، فقال إن الجميع في أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل “لا يطيقون أردوغان، لأنه يصر على أن يتم التعامل مع تركيا كند مكافئ، ويحرص على احترام بلاده واستقلال قرارها ولو بثمن الدخول في مواجهات مع القوى العظمى”. وأضاف “أن قادة الغرب وإسرائيل معنيون بأن تكون علاقتهم بتركيا أفضل مما هي عليه الآن، لكن حرص أردوغان المفرط على احترام تركيا يعرقل بناء علاقات ثابتة مع أنقرة”.

وهنا نرصد أهم العناوين التي ركزت عليها الصحف الصهيونية الكبرى وحاولت تسليط الضوء عليها؛ بعيداً عن أخبار الأحداث اليومية والتي تناولتها كافة وسائل الإعلام الدولية.

1ـ صحيفة هآرتس:

خصصت جزءاً من صفحتها اليومية لملف بعنوان ” تطورات تركيا” وأهم ما جاء في عناوينها: تركيا أردوغان تتقدم مستغلة محاولة الانقلاب وتعتبرها هدية من السماء. الجنود الأتراك الذين فروا إلى اليونان بعد انقلاب، خوفا من الموت في حال العودة.  تركيا تطمئن العامة بأنه لا عودة إلى القمع كما في الماضي أثناء حالة الطوارئ؛ وأردوغان يضيق الخناق على آلاف الأشخاص بعد محاولة انقلاب فاشلة؛ ومنتقدين في تركيا وحول العالم تعبر عن قلقها بشأن انتهاكات في حقوق الإنسان. والنمسا تستدعي المبعوثة التركية “راليات” أكثر من مرة. اعتقال القضاة والمدعين يثير جزع الأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، يطالب بزيارة أماكن احتجاز المعتقلين للاطمئنان على أوضاعهم.

وأردوغان يواجه عدم الاستقرار في تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة والتي قد هزت البلاد وتسبب في الأضرار التي لحقت بالجيش والذي ينظر إليه باعتباره حجر الأساس للاستقرار في بلد يعمل على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية والتمرد الكردي. تركيا تحجب موقع ويكيليكس بعد نشر 300000 رسالة بريد الإلكتروني لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم. وفي عنوان أخر تساءلت صحيفة هآرتس “لماذا شن المتمردون انقلاب في حين كان معظم الناس لا يزال مستيقظا وقادرا على الخروج إلى الشوارع؟

2ـ صحيفة معاريف:

إلى جانب تغطية الأحداث اليومية التي تعرضت لها تركيا أثناء محاولة الانقلاب؛ حاولت صحيفة معاريف التركيز على بعض المواقف الإقليمية والدولية من محاولة الانقلاب ورد أردوغان عليها، ومن ذلك: الأسد يتهم أردوغان في استغلال الانقلاب لتنفيذ أجندته الخاصة المتطرفة. وقال “نحن لا نتدخل في الشأن التركي، ونحن لا نقع في خطأ القول بانه يجب على أردوغان بالذهاب أو البقاء. وقال ان هذه مسألة تركية وتخص الشعب التركي فقط وهو من يقرر. ودعا إلى التنبه من الإجراءات والخطوات التي يتخذها أردوغان وزمرته وعلى راسها إقالة القضاة والمعلمين. وهي خطوات قريبة فكريا من فكر الإخوان المسلمين وهو ما يشكل خطرا على تركيا والدول والمجاورة. وأضافت الصحيفة ان الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة النظام وعند تسريب خبر محاولة الانقلاب في 15 تموز، قامت بإطلاق النار ابتهاجا.

وفي موضوع أخر ركزت صحيفة معاريف على تصريحات خاصة بأردوغان من خلال تأييده لعقوبة الإعدام بقوله ” أن عقوبة الإعدام موجودة في بلدان مثل الولايات المتحدة، وروسيا، والصين.” في موقف أخر جاء رده على موقف الخارجية الفرنسية الذي أدان بشدة سياسة التطهير التي تتبعها تركيا، بقوله ان على فرنسا ان تتعامل مع مشاكلها الخاصة والبقاء بعيدا عن أعمالنا. كما وقد علق أردوغان على السيسي بقوله “كيف يمكن أن نحترم سلوك شخص جاء إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري؟” ثم قال أردوغان، أن “السيسي ليس له أي علاقة مع الديمقراطية في شيء.”

وقد نشرت الصحيفة صورا لعدد المعتقلين وقالت انهم قد تعرضوا للضرب وتجريد من ملابسهم، وأجبروا على الركوع على الأرض في حالات غير مريحة ومهينة.

ما تقدم من موقف صهيوني سواء كان على المستوى الرسمي أو المستوي غير الرسمي، يفهم في ضوء العلاقات الدولية واستراتيجيات ونظريات توازنات القوي والمصالح بانه رد منطقي لأن الهدف من هذه النظرية هو توزان القوي بين الدول سواء توازناً للقوى أو توازناً للمصالح القومية وهو ما راعته دولة الكيان الصهيوني أثناء أحداث محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها الأراضي التركية. إلا أن ما يقلق الساسة الصهاينة هو ما يلي:

(أ) تصريحات بعض المسؤولين الأتراك والذين تحدثوا عن احتمالية وجود علاقة تربط بين رأس الانقلاب قائد القوات الجوية السابق الجنرال أكين أوزتورك بدولة الكيان الصهيوني، علما بأنه عمل في دولة الكيان الصهيوني في الفترة 1998-2000 بصفة الملحق العسكري لتركيا.

(ب) طريقة تناول بعض المواقع الإخبارية الصهيونية لمحاولة الانقلاب، كموقع “واينت” والذي كان يقوم بتحديث أخباره منذ الساعة الأولى للانقلاب، إلا أن الأخبار ونبرتها تبدلت وتغيرت مع مرور كل ساعة، فالخط العام للأخبار والآراء التي نشرت، تنتقد سياسة رجب طيب أردوغان، وتتهمه بأسلمة تركيا وإبعاد تركيا عن العلمنة.

(ج) انتشار صور لقائد الانقلاب أكين أوزتورك مع عمرام متسناع، وقد تم التقاط الصورة أثناء تدريب عسكري مشترك أجرته كل من إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط. وتحاول دولة الكيان الصهيوني ان تثبت ان الصورة قديمة علما ان التدريب العسكري كان قبل أشهر فقط.

(د) وصف وسائل الإعلام الصهيونية “فتح الله غولن” بلقب “القائد الروحي للانقلاب ومعارض سفينة مرمرة. إلى جانب بعض التصريحات الإعلامية كمراسلة موقع “واينيت” في إسطنبول يوئاف زيتون بأن الأصوات المعارضة لأردوغان في تركيا تقول: “فشل الانقلاب هو الطريق للديكتاتورية وذلك يظهر من رد الشعب العنيف تجاه أفراد الجيش”، كما وصف موقع واينيت معارضي الانقلاب بأنهم من داعمي أردوغان عامة، ووصفت دعوة المساجد للناس الخروج للشوارع بأنها “دعوة للجهاد”.

المسارات المحتملة للعلاقات:

بعد استعراض الموقف الصهيوني الرسمي وغير الرسمي لأحداث محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، والقلق الصهيوني من مستقبل العلاقات التركية الصهيونية بعد فشل الانقلاب، تبرز عدة مسارات محتملة لمستقبل العلاقات التركية الصهيونية:

السيناريو الأول: بقاء الوضع القائم

ويقوم على بقاء العلاقات التركية الصهيونية على حالها دون تغير وذلك لعده اعتبارات أهمها:

1ـ انشغال تركيا في ترتيب بيتها الداخلي وهذا ربما يستغرق وقتاً ليس بقليل وقد يستمر لنهاية العام 2016م، على أقل تقدير، لذا فإن العلاقات التركية الصهيونية من المتوقع أن تبقى على حالها لنهاية هذا العام على الأقل ودون أي تغيير في مستقبل العلاقات.

2ـ أن التصريحات التي خرجت من الكيان الصهيوني والتي ساندت الانقلاب الفاشل في تركيا جاءت من جهات إعلامية، ويمكن القول لاحقاً بأنها تعبر عن آراء شخصية دون الإشارة عن أي دور حقيقي لدولة الكيان في التخطيط أو المساهمة في تنفيذ للانقلاب.

3ـ رغبة تركيا في الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الكيان الصهيوني. انطلاقا من سياستها التي اتخذتها مؤخرا مع قدوم رئيس الوزراء بنعلي يلدرم والقائمة على تصفير المشكلات مع الدول الإقليمية مرة أخري. وهي السياسة التي كان قد رسمها رئيس الوزراء السابق احمد داوود أوغلوا والتي – تراجعت -بعد حادث مرمرة عام 2010، وثورات الربيع العربي.

4ـ رغبة تركيا في الاحتفاظ بمصالحها الاقتصادية مع دولة الكيان الصهيوني، من خلال الاحتفاظ بالاتفاقيات التي وقعتها تركيا مؤخرا والتي أدت إلى إعلان التفاهم مع دولة الكيان الصهيوني. خصوصا في ظل الحديث عن بوادر أزمة اقتصادية تركية بعد أن تجاوز الدولار حدود الثلاث ليرات تركي.

5ـ حاجة تركيا إلى من يدعم مواقفها خاصة فيما يتعلق بطلبها المقدم للولايات المتحدة الأمريكية والمتمثل في تسليم رئيس الكيان الموازي “فتح الله جولن” إليها؛ وتُعد دولة الكيان الصهيوني من أكثر دول الشرق الأوسط التي تربطها علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

السيناريو الثاني: تحسن العلاقات التركية الصهيونية

هذا التحسن ربما يأتي كنتيجة للموقف الصهيوني الرسمي المساند لبقاء حكم أردوغان وهذا ما سنكشفه في الأيام المقبلة بعد الانتهاء من التحقيقات لمعرفة إذا كانت للدول الإقليمية دورا في محاولة الانقلاب الفاشل، والتحسن التركي الصهيوني ربما يؤدي إلى زيادة فعالية الدور التركي في القضية الفلسطينية.

ومن أسباب قبول دولة الكيان الصهيوني تنامي الدور التركي: عمق العلاقات التركية الصهيونية، والتي تعود للخمسينيات من القرن الماضي وتطورت تدريجياً على الصعيد العسكري والتبادل التجاري والأمني، وإمكانية ان تلعب تركيا دور الوسيط في صفقة تبادل أسرى مع حماس، وهذ يرجع لقوة علاقة حماس بتركيا.

السيناريو الثالث: توتر العلاقات التركية الصهيونية

قد تتوتر العلاقات التركية الصهيونية، لسببين الأول في حال أثبتت التحقيقات أن لدولة الكيان الصهيوني دوراً محدوداً في محاولة الانقلاب الفاشل. أما السبب الثاني ربما يأتي نتيجة لتراشق التصريحات التركية الصهيونية خاصة من طرف المسؤولين الأتراك كرد فعل على بعض التصريحات الاستفزازية التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الصهيونية أثناء أحداث الانقلاب. وفي حال توترت العلاقات بينهما من المتوقع ان تبقي القيادات لدى الطرفين هذا التوتر إعلاميا والا يتجاوز هذه الحدود لرغبتها في الاحتفاظ بمصالحهما المشتركة.

السيناريو الرابع: قطع العلاقات التركية الصهيونية

في حال توصلت التحقيقات التركية إلى وجود دور صهيوني مباشر في الانقلاب الفاشل، وأن هناك خطط لإسقاط تركيا في أزمات تبدأ بإسقاط حكم حزب العدالة والتنمية. واحتمالية هذا السيناريو تأتي في ظل الحديث عن العلاقة بين إسرائيل وفتح الله غولن، والقول أن حركة “الخدمة” أقامت علاقات وثيقة بمؤسسات أكاديمية في تل أبيب ووزارة الخارجية الصهيونية، إلى جانب أن قيادات في الحركة يزورن دولة الكيان، ومنهم من توجه للدراسة في تل أبيب. وقد تبين أن أحد أهم النخب المحسوبة على جماعة غولن، الذي تلقى تعليمه في دولة الكيان الصهيوني هو كريم بالتيش، محرر مجلة “Turkish Review”، التي تعتبر المجلة البحثية الأهم في مجال الدراسات الاجتماعية في تركيا.

خاتمة:

في ظل المعطيات الراهنة يبقي السيناريو الأول والثاني هما الأقرب للمنطق، ويبقي السيناريو الثالث واقعيا، في حين أن السيناريو الرابع هو الأضعف. وذلك يرجع لعدم وضوح نتائج التحقيقات كاملة فيما يتعلق بمحاولة الانقلاب الفاشل. وأن الملفات السياسية تحتاج إلى وقت لكي تتضح الأمور خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والتي تدخل في حسابات معقدة. لهذا لا يمكن ملاحظة تغيرات جذرية في سياسة تركيا الخارجية في المنظور القريب، ولكنها قد تحتاج عدة أشهر على الأقل (3).

——————————-

الهامش

(1) حصل عام 1963 على دبلوم من المدرسة العسكرية بحيفا، وحصل عام 1979 على الإجازة في الجغرافيا، وعام 1990 على دبلوم من جامعة هارفارد في تسيير المجموعات. شغل عدة مناصب في هيئة الأركان الإسرائيلية، من بينها أنه كان المسؤول الثاني في الاستخبارات، وقائد قسم العمليات، وقائد المنطقة الوسطى العسكرية التي تشمل الضفة الغربية. تولى قيادة القوات التي واجهت الجيش السوري خلال اجتياح لبنان عام 1982.الرابط

(2) ولد في تركيا عام 1941، انتقل عام 1999 للعيش في الولايات المتحدة، في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، كان غولن حليفا مقربا من رجب طيب أردوغان في السابق، لكن الرجلين اختلفا منذ بدأ أردوغان يستشعر الخطر من حركة غولن التي اتهمها بأنها تسعى لتأسيس كيان مواز للدولة التركية داخل البلاد وظهرت الخلافات علنا بين غولن وأردوغان منذ أواخر 2013، بعد أن كشف قضاة قيل أنهم من أنصار غولن فضيحة فساد داخل أجهزة الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان؛ أسس غولن حركة “خدمة” التي انتشرت من خلال دعم وسائل الإعلام والصحافة وبناء المدارس في دول إفريقية وآسيوية، كما عززت من وجودها داخل المجتمع التركي، خاصة في الإدارة؛ ولا تصرح حركة “خدمة” بأي هيكل إداري يحكمها ولا تسمي أي تسلسل هرمي لمسؤوليها، لكنها تقول إنها ملتزمة بالإصلاح الديمقراطي والحوار بين الأديان الرابط .

(3) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close