fbpx
المشهد الاقتصادي

مصر: تطورات المشهد الاقتصادي 27 مايو 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

(1)يتناول هذا التقرير أهم التطورات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال الفترة من 20 إلى 26 مايو 2016، والتي جاءت على النحو التالي:

1ـ الجيش والثروات الطبيعية:

تعددت التقارير حول تراجع حصيلة المناجم والمحاجر بالموازنة العامة 2016/2017 إلى 5.2 مليار جنيه في مقابل 10.1 مليار جنيه في العام السابق، وذلك بنسبة انخفاض قدرها 50%، وفي السياق نفسه أعلن محافظ كفر الشيخ اللواء السيد نصر عن إشهار الشركة الوطنية للرمال السوداء برأسمال قدره ملياري جنيه، تسهم فيه القوات المسلحة بنسبة 61% ومحافظة كفر الشيخ بنسبة 10% وهيئة الطاقة النووية بنسبة 15% واحد البنوك بنسبة 14% .

وتعليقاً على ذلك يمكن القول أن القوات المسلحة كانت ولا زالت تسيطر على أعمال المناجم والمحاجر بصورة تامة، وربط الخبرين ببعضهما يعطي انطباعاً بتدشين مرحلة التقنين لتلك الأعمال عن طريق خلق كيانات اقتصادية جديدة تسيطر القوات المسلحة فيها علي حصة الأغلبية، مع المشاركة مع بعض الجهات الحكومية الأخرى التي توفر الغطاء الملائم لتسويق عدم سيطرة الجيش علي الحصيلة والتي تعتبر ريعية إلى حد كبير.

كما أن مشاركة أحد البنوك غرضها توفير التمويل اللازم، وبذلك تصبح نسب مشاركة بقية الأطراف أشبه باتفاقات المصالح، فالجيش يقنن أوضاعه ويضع القناع المدني، والمحافظة وهيئة الطاقة الذرية بالأرض والخبرة.

ولعل الانخفاض الحاد في الإيرادات المتوقعة من المناجم والمحاجر يشير إلى أن هذه الشركة لن تكون الأخيرة، وان هناك اتجاهاً جديدا يتكون في توزيع إيرادات تلك المناجم والمحاجر خارج إطار الإيرادات العامة.

2ـ القرض الروسي:

نشرت الجريدة الرسمية المصرية الخميس 19مايو/أيار 2016، قرار رئيس الجمهورية رقم 484 لسنة 2015 بالموافقة على الاتفاقية الموقعة بين موسكو والقاهرة بشأن تقديم قرض حكومي روسي لبناء محطة نووية بتكنولوجيا روسية تتكون من أربعة مفاعلات طاقة كل منها 1200 ميغاواط.

وستقدم روسيا قرضا تصديرياً حكوميا لصالح مصر بقيمة 25 مليار دولار، من أجل تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لوحدات الطاقة رقمي 1و4 والخاصة بمحطة الطاقة النووية المصرية، ويستخدم القرض لتمويل 85% من قيمة عقد تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات بالمعدات الخاصة بالمشروع، على أن يسدد الجانب المصري القيمة المتبقية من التمويل البالغة 15% في أقساط، إما بالدولار أو بالجنيه المصري، لصالح المؤسسات الروسية المفوضة، بما يتوافق مع العقود في صورة دفعة سداد مقدمة أو أية مدفوعات، بعد تنفيذ الأعمال والخدمات وتسليم التوريدات. ويبلغ أجل القرض 13 عاما خلال المدة الزمنية من 2016 وحتى 2028، بفائدة 3% سنويا.

لا شك أن إنشاء محطة طاقة نووية من وجهة نظر السلطة الحالية كان ملحاً من ناحيتين، أولهما التسويق الجماهيري للحدث باعتباره نجاح للسلطة، وثانيهما توليد طاقة كهربائية تحتاجها عملية التنمية الاقتصادية في مصر في الأجل المتوسط.

ولكن يبقي التساؤل حول الأولويات الاقتصادية للإنفاق العام من ناحية، والأسعار المقررة للإنشاء خاصة في ظل مقارنات مع دول أخري حصلت على مفاعلات بنفس قدرات التوليد بأسعار أقل كثيرا، وكذلك في ظل ما ذكره الخبراء عن أن تكلفة الميجا وات الواحد بأربعة آلاف دولار، بما يعني أن تكلفة الصفقة المصرية يجب ألا تزيد عن 20 مليار دولار. وهي نفس الأسعار التي تعاقدت بها كل من الإمارات والسعودية مع كوريا، وكذلك تركيا مع روسيا.

ولذلك يبقي التساؤل عن ضخامة فروق الأسعار في الحالة المصرية (والمبالغة في فوائد التأخير)، ومدي أولوية المشروع داخل الأجندة التنموية، بالإضافة إلي زيادة التحميل بأعباء خدمة الدين علي الموازنة العامة التي تئن تحت وطأة العجز المتزايد.

3ـ الديون وفوائدها:

أشارت التقارير الاقتصادية الصادرة خلال الفترة التي يتناولها التقرير إلى أن فوائد الديون تلتهم ثلث النفقات العامة في موازنة 2016/2017 حيث ارتفعت من 244 في موازنة 2015/2016 إلى 292 مليار جنيه في الموازنة الحالية لتلتهم نسبة 31,1% من النفقات العامة المقدرة بحوالي 936 مليار جنيه.

ويلاحظ أن هذا الرقم المقدر لفوائد الديون حتى فبراير الماضي فقط، ولم يأخذ في الاعتبار الكثير من الاتفاقيات الموقعة بعد هذا التاريخ. وكذلك فان جمع رقم الفوائد المتوقع بالإضافة إلى أقساط القروض الداخلية والخارجية (والمقدرة في موازنة العام السابق بحوالي 257 مليار جنية) سنجد المجموع 549 مليار جنيه بما يمثل 59% تقريبا من النفقات العامة وذلك يعكس بما لا يدع مجالاً للشك حجم المأزق الذي يعيشه الاقتصاد المصري والذي يتفاقم في ظل سياسة الاعتماد المتزايد على القروض، وعدم استخدامها في مشروعات مربحة تسدد الأصل والتكلفة، وغياب الرؤية للأولويات الاقتصادية، وتقديم الأولويات السياسية عليها.

4ـ انخفاض فيضان النيل:

أعلن رئيس مصلحة الري عماد ميخائيل عن انخفاض فيضان النيل العام الحالي بنحو أكثر من 30 مليار متر مكعب، حيث انخفض من 107 مليار متر مكعب عام 2015 إلى 70 فقط في 2016، وهو ما ينذر بوضع كارثي، وفي نفس السياق أعلن وزير الزراعة عن نية الوزارة عن التباحث مع عدد من الدول الإفريقية الغنية بموارد المياه لزراعة الأرز والقصب السكر في أراضيها لصالح مصر.

وتعليقا على ذلك يمكن القول أن مصر تعتمد في الأساس على النيل كمصدر رئيسي للمياه بمختلف استخداماتها، ونقص المياه بهذه الصورة سيؤثر حتماً على قطاعي الزراعة والصناعة بشدة، وإذ لم تتواجد الشفافية والمصارحة ليس فقط مع الشعب وإنما كذلك في استخدام الخبرات الوطنية في وضع البرامج لمواجهة ذلك سيغدو الأمر أكثر كارثية. فغياب المصارحة سيؤخر برامج الترشيد، بدءاً من الاستخدام المنزلي وحتى إعادة النظر في هيكل التركيب المحصولي أو حتى تأجير الأراضي من الخارج، بما يتناسب مع الأوضاع الراهنة.

5ـ العشوائيات وإعادة الإعمار:

أشارت تقارير إعلامية إلى اتجاه الحكومة بإخلاء منطقة تل العقارب العشوائية، وسط القاهرة، وإعادة إعمارها، والتي تعتبر من المناطق العشوائية الخطرة من الدرجة الثانية، حيث تقع على تل من الحجر الجيري بارتفاع من 4-8 أمتار.

وحول هذه التقارير تبرز عدة ملاحظات أساسية:

  • الإخلاء كان قسرياً وتحت تهديد السلاح، مع الإعلان عن توفير مساكن بديلة بالسادس من أكتوبر.
  • تبين استخدام بعض من أهالي المنطقة في مظاهرات مناهضة للصحفيين استغلالا لأوضاعهم الاقتصادية ووعدهم بعم التهجير.
  • مساحة المنطقة سبعة أفدنة 90% منها أملاك للدولة، تضم 4000 مواطن (530 أسرة) بمعدل 7,6 فرد في المتوسط للأسرة الواحدة.
  • تكلفة المشروع 80 مليون جنيه لبناء 650 وحدة سكنية، وللمرة الأولي تعلن الدولة عن تخصيص الدور الأرضي كمحلات تجارية.
  • عوائد بيع المحلات التجارية تغطي تكاليف المشروع بالكامل، مع بعض الأرباح وهو ما قد يفسر سرعة الاستجابة لتوجيهات السيسي والتي لم تتعد أياماً معدودة.
  • رغم الأهمية المكانية للمشروع إلا أنه يعتبر تمهيدا للمشروع الكبر وهو مثلث ماسبيرو والذي شكل حلما للدولة ولرجال العمال لعقود طويلة.

6ـ ضرائب عشوائية:

أشارت تقارير إعلامية صادرة خلال الفترة التي يتناولها التقرير إلى مناقشة البرلمان لمشروع قانون بفرض ضريبة 100 جنيه على كل سيارة بها راديو.

ويتوقع ان تبلغ إيرادات المشروع 650 مليون جنيه سنوياً توجه لتمويل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والذي يئن تحت وطأة قروض تجاوزت 4,5 مليار جنيه لصالح بنك الاستثمار القومي. إلا أن هذا القانون يشكل مزيداً من نقل العبء إلى المواطنين، كما أن حالة المساواة الضريبية بين جميع السيارات فيه ظلم للسيارات القديمة والرخيصة.

توصيات:

في إطار هذه التطورات تبرز أهمية بحث سيناريوهات نقص المياه المتوقع وأثره على الإنتاج الزراعي للسلع كثيفة استخدام المياه، خاصة المرتبطة بالقطاع الصناعي، وكذلك دراسة توجه الدولة نحو التمويل الذاتي لمشروعات تنمية وتطوير العشوائيات والأرباح المتوقعة ولمن تعود.

——————————–

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close