
مصر: تطورات المشهد الاقتصادي 29 سبتمبر 2016
تمهيد:
يتناول هذا التقرير أهم تطورات المشهد الاقتصادي المصري ودلالات هذا التطور خلال الفترة من 21 إلى 27 سبتمبر/ أيلول 2016، وذلك على النحو التالي:
أولاً: التطورات المالية:
البورصة تخسر 5.5 مليار جنيه في أسبوع
البورصة تخسر 500 مليون جنيه في ختام التعاملات.. والمؤشر الرئيسي يهبط 0.3%
البورصة تخسر 5 .1 مليار جنيه في مستهل تعاملات الأسبوع
البورصة تربح 1.4 مليار جنيه.. وارتفاع جماعي لمؤشراتها
دلالات التطورات المالية:
تعاني البورصة نقصا كبيرا في السيولة بالسوق، نتيجة خروج جانب كثير من الاستثمارات من البورصة، إما بسبب إجراءات منح خروج أموال الأجانب إلى خارج البلاد التي كان اتخذها البنك المركزي فى 2013، ثم قام مجلس إدارة البنك الجديد بتسديد كل مستحقاتهم. وإما بسبب طرح عدد من البنوك المصرية شهادات استثمار بفائدة كبيرة وصلت إلى أكثر من 13% وهو ما حفز عددا كبيرا من المستثمرين بالبورصة إلى بيع أسهمهم والخروج من السوق لشراء شهادات الاستثمار بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الشهادات الدولارية لأكثر من ذلك.
وتترقب البورصة المصرية، حزمة من الأطروحات الحكومية الأكثر جاذبية بعد توقف دام أكثر من 10 سنوات، منذ آخر طرح حكومي للشركة المصرية للاتصالات عام 2005. ويتوقع محمد عمران، رئيس البورصة إدراج ما بين12 – 14 شركة جديدة خلال العام 2016، تعمل في قطاعات اقتصادية عدة منها الأغذية والبناء والتشييد والبترول وهو ما سيوفر سيولة كبيرة ستؤدي إلى انتعاش السوق وتوفية كمية من الدولار تساهم في السيطرة على السعر.
ثانياً: القطاع النقدي:
ارتفاع السيولة المحلية إلى 2.09 تريليون جنيه يونيو الماضي
المركزي: ارتفاع الائتمان الممنوح من البنوك بـ 225 مليار جنيه
البنوك تتجه للتوسع فى إنشاء شركات صرافة.. و«المركزى» ينظم ويراقب
البنك المركزي يوضح أسباب تثبيت أسعار الفائدة
المركزي: 382 مليار جنيه زيادة بودائع البنوك خلال عام
الأهلي يستعد لطرح سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار فى الأسواق الدولية
دلالات المشهد النقدي:
1ـ البنك الأهلي يقترض في صورة طرح سندات دولية، وسيكون الطرح في حدود إصدار سابق طرحه البنك في أغسطس 2010 بقيمة 600 مليون دولار وبلغت فائدة ذلك الإصدار 5.25%، والهدف المعلن من الإصدار هو “تنويع مصادر العملة الصعبة للبنك” ولكن أزمة الدولار تقف خلف هذا الطرح، فمعظم البنوك تعاني بشدة من ندرة الدولار، خاصة بعد تراجع تحويلات العاملين في الخارج، في ظل احتياجات متزايدة لعملائها. عموماً هذا القرض يضاف إلى إجمالي القروض الخارجية، وفوائده مرتفعة ستصل إلى حدود 7% بعد إضافة مصروفات الطرح ولكنه سيعزز قدرات البنك مرحلياً وستتوقف جدواه علي رشد الاستخدام واستقلال القرار الإداري.
2ـ إن إنشاء شركات صرافة تابعة للبنوك بدأ في التسعينيات من القرن العشرين؛ حيث امتلك كل من بنك مصر والمصرف المتحد شركات صرافة كان يتم التعامل معها، إلا أن الإعلان عن توسع البنوك في إنشاء شركات الصرافة غير مفهوم في ظل قيام البنوك ببعض هذا العمل بالفعل كجزء من وظائفها وقد يكون المقصود الترويج لهذه الوظيفة بعد تعزيزات الدولار بفعل القروض أو افتتاح فروع في الداخل والخارج خصيصا لهذا العمل.
3ـ أبقت لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير الخميس 22 سبتمبر 2016، مشيرة إلى أن ارتفاع التضخم الذي شهده الاقتصاد المصري خلال شهر أغسطس يرجع بالأساس إلى “عوامل مؤقتة من جانب العرض”، وليس الطلب، بما يعني أن رفع أسعار الفائدة لن يسيطر على التضخم. وبالتالي سعر الفائدة الآن ليس أداة فعالة للسيطرة على التضخم، إذ يتحكم فيه بشكل كبير سعر الصرف الذي يؤثر على فاتورة الواردات. هذا الكلام يتناقض مع تصريحات السيسي الذي يحمل الطلب مسئولية التضخم عموما. فالعرض يخلق الطلب عليه.
ويمكن القول إن تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة مؤقت وأن التصريح السابق لإحداث الاستقرار خاصة في ظل اقتراب دخول القروض إلى خزانة البنك المركزي، وسيضطر المركزي في النهاية لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم والحفاظ على الودائع وتجنب الدولرة.
ثالثاً: القطاع الخارجي:
- صحيفة كويتية: منع دخول الفراولة المصرية الكويت إلا بشهادة صحية حكومية
- تعويضات بمئات آلاف الدولارات بسبب الفراولة المصرية المسممة
- الحكومة السودانية تقرر وقف استيراد الخضروات والفواكه المصرية
- شراء 240 ألف طن قمح روسي في مناقصة (بوابة الأخبار)
- “دانة غاز” الإماراتية “منزعجة” من عدم سداد مصر لمستحقات الشركة
- البنك المركزي: تراجع الإيرادات السياحية لـ 3.8 مليار دولار
- «المركزي»: تراجع إيرادات القناة وانخفاض «تحويلات الخارج»
- قال البنك المركزي إن إيرادات المرور بقناة السويس تراجعت بنسبة 4.5% خلال العام
- البنك المركزي: 37.6 مليار دولار عجزًا بالميزان التجاري
- التعاون الدولي تبحث تمويل مشروع تصنيع 700 عربة للسكة الحديد
- البنك المركزي: 2.8 مليار دولار عجز كلي بميزان المدفوعات
- الصين: مباحثات مع مصر بشأن مبادلة العملة
- الإحصاء: 16.5% انخفاض صادرات القطن المصري في الربع الثالث من 2015/2016
- وزير التجارة والصناعة: العجز التجاري انخفض 7 مليارات دولار بفضل ضوابط الاستيراد
- المركزي: للمرة الأولى على الإطلاق يحقق ميزان السفر في مصر تدفقا للخارج
- مصادر مصرفية: مصر تتفاوض على قرض بـ10 مليارات دولار في ألمانيا
- «الإحصاء»: 51.2% انخفاضًا بأعداد السائحين الوافدين لمصر في النصف الأول من 2016
- 300 مليون دولار منحة لمصر من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي
- روسيا ترفع الحظر عن صادرات مصر الزراعية بعد التراجع عن “زيرو إرجوت”
دلالات حول القطاع الخارجي:
1ـ الربط بين الإعلان عن عودة الطيران الروسي في بداية شهر أكتوبر، بعد تعنت كبير من الجانب الروسي وزيارات أمنية دون جدوى لأكثر من مرة، ثم تراجع الحكومة عن شرط نسبة الأرجوت، وبعدها بسويعات الإعلان عن صفقة قمح مع روسيا، قد يوضح ضغطاً مصرياً نجح في إعادة السياحة الروسية بعد فترة وجيزة، ولكن سمعة الخضراوات والفاكهة المصرية في الأسواق الدولية تحتاج لفترة طويلة لاسترجاع الأسواق المتشككة. عموما النقطة الأهم هي قدرة النظام على المناورة وأن هناك دائما أوراق يمكن استخدامها مهما يكن ضعف الدولة. أما إعلان وزارة التموين عن التعاقد مع شركة أجنبية لفحص شحنات القمح وعدم إرسال وفود مصرية للخارج للفحص فغريب ليس فقط لأنه سيكلف الدولة وبالعملة الأجنبية ولكن أيضاً من يمنع تواطؤ هذه الشركات مع المورد؟
2ـ تقرير البنك المركزي الأخير يوضح تراجع تسعة مصادر من جملة 13 مصدر للنقد الأجنبي في مصر وفي لمحات سريعة يمكن تلخيص ذلك كما يلي:
ـ بلغت إجمالي موارد النقد الأجنبي 82 مليار دولار، مقابل موارد بلغت 93.3 مليار دولار بالعام المالي السابق، بنقص 11.3 مليار دولار خلال عام واحد بنسبة تراجع 12%.
2ـ استحوذت القروض والودائع الأجنبية وتسهيلات الموردين على النصيب الأكبر من موارد النقد الأجنبي بنسبة 28 %، بقيمة بلغت حوالي 23 مليار دولار، أي أننا اقترضنا خلال عام ضعف قيمة القروض التي نسعى لاقتراضها من صندوق النقد الدولي.
3ـ بلغ إجمالي انخفاضات الموارد التسعة 14.3 مليار دولار، وشملت السياحة بنقص 3.6 مليار دولار، والصادرات البترولية بانخفاض 3.2 مليار والمعونات الأجنبية بنقص 2.6 مليار، وتحويلات المصريين بالخارج بتراجع 2.4 مليار دولار، ومتحصلات الخدمات الحكومية بالقنصليات بنقص 1 مليار دولار، ومتحصلات الخدمات بخلاف السياحة والنقل بنقص 810 مليون دولار، والصادرات السلعية بانخفاض 323 مليون دولار، وعائدات قناة السويس بنقص 240 مليون دولار، وخدمات النقل بنقص 75 مليون دولار.
4ـ الموارد التي زادت: القروض بزيادة 2.2 مليار دولار لتصل إلى 23 مليار دولار وهو رقم غير مسبوق بالمرة في أي عهد، ثم الاستثمار الأجنبي المباشر بزيادة 458 مليون دولار، ودخل الاستثمار بزيادة 184 مليون دولار، واستثمارات الأوراق المالية بالخارج بارتفاع 145 مليون دولار، ليصل إجمالي زيادات الموارد الأربعة أقل من 3 مليار دولار.
5ـ بلغ العجز بالميزان التجاري كفرق بين الصادرات السلعية والواردات السلعية 37.6 مليار دولار، ويمكن توضيح أهم صور العجز في الجدول التالي:
6ـ أما عن فائض الميزان الحساب الرأسمالي والمالي فقد بلغ حوالي 20 مليار دولار، ولم يذكر البنك المركزي أنه جاء بسبب اقتراض 23 مليار دولار، أى أنه بدون الاقتراض لحقق ذلك الميزان عجزا بحوالي 3 مليار دولار، كما أن الفائض بميزان الخدمات انكمش إلى 2.1 مليار دولار فقط، وهو أقل رقم منذ 28 عاما أي منذ عام 87/1988.
7ـ السعي نحو الحصول على قرض يزيد على 10 مليارات دولار من ألمانيا، لإنشاء شبكات كهرباء جديدة وهو نفس القرض الذي اتفق عليه خلال المؤتمر الاقتصادي مع شركة سيمنس، وزيارة طارق عامر للاتفاق على تفاصيل القرض، أي سعر الفائدة ومدة السداد والأجل الزمني، ومن غير المعلوم هل كان وصول بعض المحولات لمحطات تقيمها شركة سيمنس تابعة لهذا القرض أم لا؟ خاصة أن تفاصيله لم يتفق عليها بعد.
8ـ هناك بعض الأمور التي لم يتم الإفصاح عنها في اتفاقية مبادلة العملة مع الصين، أبرزها السعر الذي سيتم التعامل به بين العملتين والسلع الممكن إدراجها فى الاتفاقية والمدى الزمنى لتلك الاتفاقية، ومتي سيتم التطبيق، وهل تم التوصل إلى اتفاق نهائي أم لا. عموماً الشركات التي ستتمكن من الاستفادة من الاتفاقية ستحصل على المواد الخام بسعرها العالمي الطبيعي دون تحمل خسائر فروق عملة، والتي تنتج عن شراء الدولار بأعلى من سعره الرسمي، ومن ثم يؤثر في عملة تسعير منتجات الشركات التي تحدد أسعار منتجاتها عبر التكلفة مما يخفف الضغط على طلب الدولار في السوق الموازية، وكذلك لابد من ترقب إتمام الاتفاقية لمعرفة تفاصيلها التنفيذية وكميات الاستيراد التي ستكون متاحة أمام الشركات فضلاً عن معدل التسوية.
رابعاً: القطاع الحقيقي:
التجار يطالبون بفصل وزارة الصناعة عن التجارة لتوفير مليار دولا ر
إعادة تشغيل “النصر للسيارات” بعد توقفها لمدة 8 سنوات
تفاقم أزمة سعر السكر بأسواق الإسكندرية بعد زيادتها لـ9 جنيهات
السعيد: تسوية 8 مليارات جنيه من مديونية “السكك الحديدية”
«المقاولون العرب» تتجاوز الحد الائتماني المسموح به في بعض البنوك
205 مليون جنيه خسائر “الدلتا للأسمدة” خلال العام المالي الجاري
84.7 مليون جنيه خسائر «سيجوارت» للعام 2015- 2016
دلالات اقتصادية حول القطاع الحقيقي
الإعلان عن خسائر شركات القطاع العام متواصل ولكن الغريب تجاوز «المقاولون العرب» الحد الائتماني المسموح به في بعض البنوك بما يعني تضخم مديونيتها للبنوك، إذا أضفنا إلى ذلك لجوء البنك الأهلي إلى طرح سندات دولارية بالإضافة إلى خسائر شركات القطاع العام التي فصلها التقرير السابق لأعطيت صورة تفصيلية عن حجم المأزق الذي يمر به الاقتصاد.
سادساً: أخري
السيسي للمصريين: خفض أسعار السلع خلال شهرين بغض النظر عن سعر الدولار
الرئيس التنفيذي لـ«تحيا مصر»: حصيلة «تبرعات الفكة» لتطوير العشوائيات
دلالات خطاب السيسي:
1ـ تجاهل طبع النقود وركز فقط علي زيادة الأجور والمعاشات، فطبع النقد المسئول الأكبر عن الأزمة، وطبقا لتصريح أشرف سالمان وزير الاستثمار السابق في بداية 2016 فقد ارتفعت حدة إصدار النقود من قبل البنك المركزي المصري عقب ثورة 25 يناير2011، واستمر حتى الآن؛ حيث سجلت أقل معدلات للطباعة عند حاجز 25 مليار جنيه، بينما بلغت أقصاه في عام 2013 عندما طبع البنك المركزي نحو 57 مليارًا. وبلغت حصيلة النقود المطبوعة منذ الإطاحة بمبارك وخلال حكم المجلس العسكري بنحو 110 مليارات جنيه، فيما بلغت نحو 80 مليار جنيه في ظل حكم الرئيس مرسي، ثم دفع المركزي بنحو 40 مليار جنيه مؤخرًا إلى السوق، لتصل إجمالي القيمة إلى 230 مليار جنيه في نهاية 2015، ولا تتوافر بيانات دقيقة عن الوضع الحالي، ولكن بحساب متوسط السنوات ما بعد الثورة سيصل إجمالي النقود المطبوعة إلى 300 مليار جنيه وهو تقريبا نفس حجم العجز في الموازنة العامة لعام كامل.
وما يجب التنويه إليه في مسألة طبع النقود أنه مسئولية البنك المركزي أياً كان نظام الحكم القائم حيث يتمتع البنك المركزي باستقلالية كبيرة وفق قانون البنك المركزي والجهاز المركزي والنقد رقم 88 لسنة 2003.
2ـ المعروض النقدي لم يزداد فقط لزيادة المرتبات بل نتيجة لتثبيت العاملين المؤقتين في الجهاز الإداري للدولة وهي مشكلة قديمة حيث أن بعضهم قضي في العمل عشر سنوات كاملة دون تثبيت، كما يجب ألا ننسي أن معاشات العسكريين زادت سبع مرات مقارنة بالمعاشات المدنية، وكذلك أنه حتى بعد زيادة مرتبات بعض الموظفين لا تزال تعيش أغلبيتهم في حالة فقر، مع تضخم الأجور في أيدي عدد قليل من موظفي الدولة خاصة في دواوين عموم الوزرات وبعض الوظائف والتي حاربت الدولة العميقة للحفاظ على مكتسباتهم وتجاهل نداء الحد الأقصى للأجور بل وتفريغه من محتواه علي يد النظام الحالي.
3ـ مسئولية زيادة الإنتاج أو حتى الحفاظ على مستوياته مسئولية الحكومة سواء باستخدام السياسيات الاقتصادية المالية أو النقدية أو باستخدام السلطة التشريعية ومن فرط في الاستقرار السياسي بل ويشيع ويغالي في دعاوي الإرهاب هو النظام بأبواقه، وبالتالي لا يمكن إلا أن يتحمل المسئولية الكاملة عن تردي الوضع الإنتاجي والمناخ الاستثماري، ولا ننسي أن رجال النظام أنفسهم هم من فرغّوا مبادرة المشروعات الصغيرة، واستولوا علي الأموال المخصصة لها بفوائد منخفضة، وقبلها ألغي رئيسهم وزارة التعليم المهني والتدريب ليمحي أي أمل في تطور مستقبلي.
4ـ بغض النظر عن المعوقات الإدارية والقانونية لمبادرة “الفكة”، ورغم أنها تبدو “تافهة” في نظر البعض، إلا أنها ستُحمل كل أسرة فقيرة مبلغاً يضاف إلى إنفاقها الشهري (فكة فاتورة الكهرباء، فكة الغاز، فكة المياه، فكة التليفون، فكة كل مرتب عند القبض، فكة كل معاملة مع جهة حكومية وغير ذلك) وبالتالي ستشكل عبئاً، هذا بالإضافة إلى إضافة هذا المال إلى صندوق أشبه بالحساب الشخصي لا رقابة عليه، وهو ما يمكن معه القول إنه قد نضبت مصادر الجباية والسلطة تلجأ للإتاوة (1).
———————————
الهامش
(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.