fbpx
المشهد الاقتصادي

مصر: تطورات المشهد الاقتصادي 3 نوفمبر 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

يتناول التقرير أهم تطورات المشهد الاقتصادي المصري ودلالات هذا التطور خلال الفترة ما بين 27/10-2 /11 /2016، وذلك على النحو التالي:

 

أولاً: التطورات المالية

البورصة تربح 400 مليون جنيه في ختام التعاملات

البورصة تربح 4.6 مليار جنيه في ختام تعاملات الأسبوع

البورصة تربح 2.4 مليار جنيه في أسبوع.. وارتفاع جماعي لمؤشراتها

البورصة تقلص مكاسبها في نهاية التعاملات إلى 652 مليون جنيه

البورصة تربح 1.7 مليار جنيه في ختام التعاملات

مشتريات الأجانب والعرب تدفع البورصة لمكاسب 8.6 مليار جنيه خلال أكتوبر

البورصة تربح 1.5 مليار جنيه في ختام التعاملات

 

دلالات التطورات المالية:

تباينت مؤشرات البورصة المصرية خلال تعاملات شهر أكتوبر، وحقق رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بالبورصة المصرية مكاسب قدرها 8.6 مليار جنيه، ليغلق على 413.4 مليار جنيه مقابل 404.845 مليار جنيه بنهاية شهر سبتمبر الماضي.

ارتفع المؤشر الرئيسي EGX30 بنسبة6.41% خلال تعاملات الشهر، ليغلق عند مستوى 8386 نقطة، وارتفعت إجمالي قيمة التداول خلال أكتوبر مسجلة نحو 24.2 مليار جنيه، في حين بلغت كمية التداول نحو 4،113 مليون ورقة، منفذة على 389 ألف عملية وذلك مقابلا بإجمالي قيمة تداول قدرها 9.7 مليار جنيه وكمية تداول بلغت 2,036 مليون ورقة منفذة على 248 ألف عملية خلال شهر سبتمبر.

لعل هذه الزيادة سواء على مستوي المكاسب أو في كمية التداول أو حتى الأوراق المنفذ عليها يؤكد التحليل الوارد في تقارير السابقة والذي توقع انتعاشاً مؤقتاً علي وقع انتظار طرح البنوك وشركات القطاع العام في البورصة، وعلى الرغم من التراجع في الأسبوع الماضي إلا أن إجمالي الأداء خلال شهر أكتوبر مال إلى الزيادة ولعل لذلك بفضل تعاملات العرب والأجانب ولكن الغريب تراجع دور الصناديق في هذه الزيادة وقد يعكس ذلك حالة الاضطراب التي يمر بها القطاع المصرفي بصفة عامة.

 

ثانياً: القطاع النقدي:

المركزي”: ارتفاع الدين الخارجي إلى 55.8 مليار دولار بزيادة 16%

البنك المركزي: ارتفاع إجمالي الودائع بالبنوك إلى 2.138 تريليون جنيه بنهاية يوليو الماضي

شركات الصرافة السعودية توقف التعامل بالجنيه.

مسؤول: مصر ستحصل على أول شريحة من قرض “النقد” قبل نهاية العام

مصر تتوصل لاتفاق مبادلة عملة مع الصين…خطوة أقرب نحو قرض الصندوق

 

دلالات المشهد النقدي:

  • اتفاق مبادلة العملة مع الصين بقيمة 2.7 مليار دولار فقط، وعلي عكس ما روج له وتأكيدا للتحليل الوارد بشأن نفس الموضوع في تقرير الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر جاءت قيمة الاتفاق هزيلة، وباقتباس الفقرة التالية من التقرير المشار إليه، وجاء الاتفاق بعد إضافة “اليوان الصيني” إلى سلة العملات المتداولة في تحصيل رسوم عبور السفن بقناة السويس، مراجعة حجم التجارة بين البلدين، فواردات مصر من الصين تبلغ ما يقرب من 11.5 مليار دولار(وتوجد رواية رسمية صينية أثناء زيارة السيسي بأنها 21 مليار دولار)، وصادرات مصر إلى الصين تبلغ مليار دولار فقط وبالطبع من غير المنطقي أن تقبل الصين الجنيه المصري في المبادلات مثل الريال السعودي نتيجة حجم الصادرات المصرية المنخفض جدا إلى الصين (9% من حجم التجارة بين البلدين) كما أن ما تدفعه السفن الصينية كرسوم لعبور القناة في حدود 0.5%-0.7 مليار دولار وهو رقم هزيل حتي لو أضفناه للصادرات المصرية وبالتالي فمن المتوقع ألا يكون الاتفاق بين البلدين كما يروج له البعض، إلا في أحوال استفادة الصين بصور أخري كما أعلن عن استثمار شركة صينية فيما يسمي العاصمة الجديدة بقيمة تزيد عن العشرين مليار دولار وبالتأكيد سينحص علي مزايا غير معلنة قد تتعدي حدود المزايا الاقتصادية إلى النواحي الاستراتيجية”.

 

وبناءً على التحليل السابق يمكن ملاحظة ما يلي:

  • رغم انخفاض قيمة الاتفاق مقارنة بحجم الواردات المصرية للصين (وانه لعام واحد فقط) إلا انه استغرق وقتاً ليس بالقليل، وقد يدلل ذلك على صعوبة الشروط الصينية بدليل تعمد إخفائها حتى الآن.
  • اتفاق مبادلة العملة ليس قرضاً ولن يضاف إلى الاحتياطي النقدي (وبالتالي لا يستكمل شرط الستة مليارات دولار) وهذا لا يعني انعدام فائدته بل سيحد من الضغط على الطلب الدولاري.
  • قد يبدو هذا الاتفاق لوهلة ضمن السياسات المتعاكسة للدولة، فبينما تسعي لترشيد الواردات تبرم هذا الاتفاق الذي يعبر عن عقد استيراد، ولكن الأمر من زاوية أخري يبدو ضماناً وتيسيرا لتوريد سلع ضرورية في ظل شح الدولار، وبقليل من مراجعة قوائم السلع المستوردة يمكن الترشيد الفعلي.
  • الاتفاق مع الصين لن يتوقف عند حدود مبادلة العملة وقد يتعدى إلى اتفاقات على غرار الاتفاق مع روسيا على القاعدة الصناعية وقد يتخطى إلى أمور وترتيبات عسكرية واستراتيجية.
  • الأزمة دفعت الإدارة لنوع جديد من التفكير واستخدام أوراقها وان كانت ضعيفة وبغض النظر عن نتائجها على المصلحة القومية إلا أنها تكشف عمق أزمة النظام الذي يحرق كل ما لديه من أوراق تتعلق بالحاضر والمستقبل (مثل الدفع المقدم لقناة السويس).
  • ارتفاع حجم الودائع بالجنيه في البنوك ورغم كونه أقل من المعدلات الماضية إلا أنه يدحض فكرة الدولرة ورفع أسعار الفائدة، ويوضح قلة حيلة المدخر المصري في مواجهة أزمة تآكل قيم مدخراته، ومن ناحية أخري هي مفتاح الاستثمار والتنمية المحلية بشرط الرشد في الاستخدام.
  • تضارب الأخبار حول موعد الحصول على قرض الصندوق والتأجيل المرجح حتى بداية العام القادم يوضح بعض الأمور مثل:
  • الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي والموازي للعملة تخطت 100% وقد يرجح ذلك ترتيبات جديدة في طريقة خفض الجنيه ونسبته للحصول على القرض خاصة مع استمرار انهيار قيمة الجنيه في السوق الموازية.
  • اقتراح البنك المركزي بتعويم الجنيه غير مبرر ووضع الجميع في مأزق، واعتقد انه كان من إدارة هاوية حاولت إغواء وفد الصندوق بصورة عشوائية.
  • قد يعكس تأخر القرض تردد إدارة الصندوق انتظاراً لما ستسفر عنه أحداث 11/11، وإحداث البلبلة الداخلية بمقتل قادة عسكريين، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للأحداث الدامية في سيناء.
  • القرض سيأتي في النهاية ولكن كل تأخير يعقد الأوضاع الداخلية، وطريقة تنفيذ ما تسميه السلطة خطة الإصلاح، وقد يستحدث شروطاً جديدة.

 

ثالثاً: قطاع المالية العامة:

«المالية» تطرح أذون خزانة بـ12 مليار جنيه

نائب وزير المالية: اعتماد الحساب الختامي لموازنة 2015/ 2016.. والعجز بلغ 12.2%

 

دلالات الأخبار حول المالية العامة:

  • بيانات متضاربة من الحكومة حول نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2015-2016. قال رئيس الوزراء إن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغت 4.3% في السنة المالية 2015-2016، مقارنة مع 4.2% في 2014-2015. وفي الوقت ذاته، قال مسئولون بوزارة المالية إن نسبة النمو بلغت 3.8%، مقارنة مع نمو مستهدف لا يقل عن 5% في السنة المالية 2015-2016.
  • بينما قال محمد معيط نائب وزير المالية لشؤون الخزانة، إن وزارته اعتمدت الحساب الختامي لموازنة 2015-2016 بعجز بلغ 12.2% مقارنة مع 11.5% في السنة المالية السابقة، في حين قال رئيس الوزراء إن عجز الموازنة بلغ نحو 12.1%.
  • عند تحليل هذه الأخبار يجب التوقف عند خبر سابق يتحدث عن نقص الإيرادات المتوقعة (622 مليار جنيه) في الموازنة بمائة مليار جنيه تقريبا عن الفعلية (512 مليار) أي بقيمة 20% تقريبا مما يجعل كل التصريحات السابقة مجرد تجميل ولا تعكس شيئاً من الواقع.
  • وفي سياق منفصل، قال البنك المركزي المصري أمس الإثنين أن السيولة المحلية M2 في مصر ارتفعت بنسبة 18% بنهاية سبتمبر، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفي ذات السياق أعلن البنك المركزي عن طبع نقود بقيمة 48,7 بمتوسط شهري يتجاوز الأربعة مليارات شهريا، ولا شك أن هذا الطبع المبالغ فيه للنقود يفسر جزءا من التضخم الواقع على كاهل المصريين ويظهر عجز الحكومة عن مواجهة المشكلة الاقتصادية وأيا كانت الذريعة فالمسئول الوحيد هو البنك المركزي المستقل بحكم القانون عن السلطة التنفيذية.

 

رابعاً: القطاع الخارجي:

«التجارة»: 13% ارتفاعًا بصادرات مصر لبولندا خلال 8 أشهر

«الإحصاء»: انخفاض عدد السائحين الوافدين بنسبة 41% خلال شهر سبتمبر

الحكومة تبدأ اقتسام الأرباح من «ذهب السكرى»

 

دلالات حول القطاع الخارجي:

موضوع ذهب منجم السكري سار حوله الكثير من الشبهات ولعل النقاط التالية تفسر الوضع:

  • التعاقد بصفة عامة على التنقيب عن المعادن والبترول يشترط مناصفة الحصيلة مع الشركة المنفذة، إلا أن هذا العقد يعطي الشركة 60%، ويشترط العقد عدم حصول الجانب المصري علي أية إيرادات قبل استيفاء كامل المصروفات وللأسف لم يوضح أية آلية أو معايير عادلة لحساب تلك المصروفات.
  • الجانب المصري حصل على 117 مليون دولار كإتاوة من الشركة للسماح بالتنقيب مع اشتراط خصمها من المستحقات المصرية، والشرط الغريب فعلا في التعاقد هو النص على أن تحصل مصر على 80-90 مليون دولار، إذا بلغ سعر الأوقية 2400 دولار وعلى 115 مليون دولار عند بلوغه 3000 دولار، وفي الحقيقة من غير المفهوم الربط بين حصول مصر على نصيبها والسعر العالمي للأوقية.
  • اشتراط إرسال الكمية المستخرجة بالكامل إلى كندا لفحص العيار شرط عجيب حجته متطلب دولي بوجود ستة مناجم تعمل بالفعل لكي تفحص الشحنة في الداخل وفي الحقيقة كان يمكن إرسال عينة فقط خاصة أن الكمية التي لتخرج لا تعود مرة أخرى.
  • يردد البعض أم الذهب المستخرج عيار 32 وهو عالي النقاء للغاية.
  • للإعلان عن زيادة إنتاج المنجم من الذهب من 1جم في كل طن صخري إلى 9 جم يثير ليس موضوع هذا المنجم فقط بل يثير مجمل أوضاع المناجم والمحاجر في مصر.

 

خامساً: القطاع الحقيقي:

مصر للطيران: فرض ضريبة على التذاكر التي تبدأ من الخارج لزيادة إيراد العملة الأجنبية

زيادة فى أسعار تذاكر رحلات “مصر للطيران” من الخارج بنسبة 10٪ إلى 25٪

18.7 مليون خسائر “ناروبين” خلال عام 2015-2016

«تحيا مصر»: جمعنا 7.5 مليار جنيه حتى الآن.. و«السيسي» يستهدف 100 مليار

أزمة العملة الصعبة تهدد بتوقف الشرقية للدخان عن العمل

إيديتا تعلن رفع التحفظ عن السكر والمصنع يستأنف العمل

 148 مليون جنيه خسائر “النصر للأسمدة” خلال 2015/2016

«درويش»: ندرس 3 بدائل لتمويل البنية التحتية لمحور قناة السويس

السيسي: النشاط الاقتصادي للجيش يمثل من 1 إلى 1.5 بالمئة من اقتصاد مصر

«الدقيق» على درب «السكر».. 1000 جنيه زيادة فى سعر الطن والدولار «أول المتهمين»

«زيت الطعام» بعد الزيادة.. والزجاجة «اللتر» تقفز لـ22 جنيها

رئيس شعبة المصوغات: «شلل تام» في حركة بيع وشراء الذهب.. و «لا حلول بأيدينا»

وزير التموين:” مخزون الأرز لدينا صفر”

 

دلالات اقتصادية حول القطاع الحقيقي

  • وصول مخزون مصر من الأرز إلى صفر بعد نهاية موسم الحصاد يعكس حجم فساد القرار الحكومي الذي وصف مطالبة المزارعين برفع سعر التوريد للطن إلى 2800ج بانه ابتزاز وفي نفس الوقت استيراد الطن بحوالي 3600ج بأسعار الدولار في البنك المركزي. عموما لو لم تصل الشحنات المستوردة في موعدها لن تحدث أزمة في العرض وإنما فقط سترتفع الأسعار، ووفقاً للتحليل العنكبوتي الذي يخضع له الإنتاج الزراعي فسينخفض إنتاج الأرز في العام القادم وقد يكون هذا هو هدف الحكومة من الاستيراد منها عقاب المزارعين ومنها خفض الإنتاج في ظل شح المياه ومخالفة المزارعين.
  • السعر الجديد لزيت الطعام يعطي صورة للشكل العام للأسعار في مصر والتي تخطت اللا معقول بالفعل.
  • أزمة الدولار وراء رفع مصر للطيران أسعار التذاكر ورفع أسعار الدقيق وتهديد الشرقية للدخان بتوقف الإنتاج (وهي الممول الضريبي الأكبر) واختفاء السكر وشلل الحركة في سوق الذهب. والخلاصة مصر تستورد كل شيء.
  • صندوق تحيا مصر جمع 7.5 مليار جنيه وبغض النظر عما يستهدفه وكيفية الرقابة على إيراداته ونفقاته، فهذا المبلغ قد انخفضت قيمته إلى أكثر من النصف.

 

سادساً: أخري

في محاضرة في الموسم العلمي لمركز صالح كامل بجامعة اﻷزهر بعنوان الاصلاح الاقتصادي في ضوء الاتفاق مع الصندوق، أكدت على مجموعة من النتائج

  • خلاصة دروس تجارب الاتفاق مع الصندوق (قلاقل اجتماعية – التفريط في اﻷصول الاقتصادية العامة) أخيراً بعد مرور فترة زمنية العودة مرة أخرى لتناول نفس الدواء أي اتفاق جديد مع الصندوق- مثال عقدنا اتفاقا مع الصندوق في بداية التسعينات وها نحن نستعد لاتفاق جديد
  • نحو تصحيح تشخيص اﻷزمة الاقتصادية لمصر: ليست الأزمة نقص موارد مالية، فقد تدفق علينا منها الكثير.. وهناك إنفاق كبير على العقارات والسيارات.. كما أنها ليست نقصا في الاستثمار فقد نفذنا منه الكثير.. وليست ندرة المشروعات.. فقد أقمنا 2000 مصنع في الخمسينات والستينات، وفي السبعينات أقمنا الصالحية ومدن العبور ومايو والسادات والعشر من رمضان ومترو الأنفاق في الثمانينات وفي التسعينات أنشانا الطريق الدائري ومنتجع شرم الشيخ والمطار الجديد وتوشكي والقاهرة الجديدة والمنيا وبتي سويف الجديدتين والطريقين الشرقي والغربي للصعيد…الخ. ولم تحدث التنمية المنتظرة…لماذا؟ ولا يزال الفقر يزداد والعملة تتدهور والبطالة مستمرة والديون الحكومية تتفاقم…الخ.

إذا المشكلة في التشخيص الخاطئ للمشكلة والتشخيص الصحيح هو أن مشكلتنا الحقيقية تكمن في تدهور قدراتنا الإنتاجية، فليس لدينا القدرة على إنتاج احتياجاتنا من السلع والخدمات، ولا لدينا القرة على إنتاج الآلات والمعدات، أي أدوات الإنتاج لتلك السلع التي نستهلكها. نحن متخلفون تماما في ميدان حيازة الفن الإنتاجي الذي نبدعه ونبتكره ونطوره بعقولنا وسواعدنا.

وللأسف، فقد أدى التطور العلمي والتكنولوجي السريع والانفجاري في العقود الخمسة اﻷخيرة الماضية منذ منتصف الستينات وحتى الآن إلى تضخم الفجوة العلمية والتكنولوجية بيننا وبين البلاد المتقدمة، واتساعها وتزايدها المستمر بمعدلات متضاعفة، مع تجمد فنوننا الإنتاجية وتدهور قدراتنا الإنتاجية.

وفي تلك العقود الستة الماضية كنا نعيش على موارد ريعية نصدر عمالة ومواد خام ورسوم مرور وسياحة ومعونات وقروض، بما يوفر لنا الحياة على المستوي اﻷدني، مع تفاوت كبير في الدخول والثروات التي تحققت لبعض الأفراد والمشروعات كنتيجة للاحتكار والمحسوبية والفساد…الخ. بالإضافة إلى عشوائية شاملة (حيث استبعدنا العلم والتفكير العلمي من تنظيم حياتنا كلها).. اللخ من مظاهر تدهور الكفاءة الإنتاجية لوطننا.

 

وبصورة أكثر وضوحاً موضوع اﻷزمة هو: تدهور قدراتنا (ومواردنا) الإنتاجية وليست نقص الأموال أو نقص الموارد المالية، وأن العمود الفقري لتنمية قدراتنا الإنتاجية هو الإنسان ذو القدرات الإنتاجية العالية، علما ومهارة وسلوكا، فهو الذي يحول اﻷموال إلى قدرات إنتاجية…ولا اقصد بالتعليم والمهارات ما نخرجه من حملة الشهادات أو برامج التدريب الشكلية وإنما المقصود هو التدريب في حقول الإنتاج مع صبر في صقل المهارات، أي أن الهدف هو حيازة وإنتاج وتوليد معرفة إنتاجية خاصة بنا نمتلكها ونطورها.

 

نحتاج صياغة تصور محدد للمستقبل، فيه تحديد خيارات في قواعد النظام الاقتصادي الذي نختاره وفقا ﻷولوياتنا في الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الدخل والتعامل مع الخارج ومع ثرواتنا ومواردنا الطبيعية…الخ كل تلك العناصر تقتضي اختيارات وتضحيات.

وذلك ﻷن حقائق علم الاقتصاد تقرر الفكر الاقتصادي غير محايد وبالتالي النظام الاقتصادي الذي يختاره المجتمع غير محايد.. وإنما يعكس مصالح وأولويات وتضحيات…الخ. كما أن الفن الإنتاجي أي تكنولوجيا الإنتاج غير محصورة، هذه سنة كونية رحيمة، فالوسائل الإنتاجية غير محصورة.

كما أن السلع والخدمات التي تشبع حاجات حياة الناس غير محصورة…فاختر منها ما يناسبك، والتكنولوجيا لا تنقل. بل تزرع وهي بنت بيئتها لكن يمكن تطويعها. ولن يقدم لك أحدا أسراره العلمية مجانا، وإنما يجعلك سوقا مستمرا لها وﻷشكالها المتغيرة دوما. فنحن نشتري السلع والمعدات والمستلزمات.. فلابد حتما من أن تتجدد الحاجة للاقتراض للاقتراض…فيقرضك لتستمر في الشراء لسلعه.. مع استمرارك مدينا له.. وهكذا

 

لا توجد طريقة واحدة لفن الإدارة، فاصنع لنفسك فن إدارتك، كل تلك الحقائق أكدتها تجارب نمو في الصين والهند وألمانيا واليابان، وكل واحدة منها تتميز عن اﻷخرى في منهج تنظيم النشاط الاقتصادي للمجتمع.. لكن يجمعهم شيء واحد هو: التمكن من إنتاج وحيازة فنون إنتاجية خاصة لكل منهم وهذه الفنون مكنتهم بالتالي من إنتاج سلع وخدمات متميزة نافسوا بها في الأسواق الدولية.

وتتطلب تلك الاستراتيجية وقتا للصبر عليها والمرونة والمناورة في العلاقات الدولية مع تمسكنا بإنجاز أهدافها والاستمرار في البناء والتراكم…والحذر من الانقطاع كما حصل في أكثر من مناسبة مثيلة في تاريخنا.

كما تتطلب الاستراتيجية توفر بني ثقافية وسياسية واجتماعية حاضنة ودافعة ومساندة، والإيمان بأن تحقيق أهداف الاستراتيجية هي الهدف النهائي والغاية (حيازة فنون إنتاجية خاصة وتطويرها بصبر ووعي.. وتغطي هذه الفنون مختلف أنشطة المجتمع؛ إنتاج علم ومعرفة’ وفنون زراعية وصناعية وخدماتية….الخ. ومن دون ردم وتقليص الفجوة التكنولوجية بيننا وبين العصر سيستمر تخلفنا وحاجتنا إلى الاقتراض للوفاء باحتياجاتنا (1).

————————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close