مصر: تطورات المشهد السياسي 1 أبريل 2016
تمهيد
يتناول هذا التقرير الفترة من 25 إلى 31 مارس 2016، ويقوم على مستويين أساسيين، الأول: عرض عناوين أهم القضايا التي تناولتها وسائل الإعلام المصري خلال هذه الفترة، والثاني: عرض لأهم مضامين هذا التناول وذلك على النحو التالي:
أولاً: تطورات السياسة الخارجية:
1ـ اختطاف الطائرة المصرية: قبرص تجدد أمر اعتقال خاطف الطائرة المصرية 8 أيام لاستكمال التحقيق (اليوم السابع). السيسي يجري اتصالا هاتفيا بالرئيس القبرصي. ويشيد بتعامل بلاده مع واقعة اختطاف طائرة مصر للطيران (بوابة الأهرام). رئيس الوزراء يستقبل ركاب الطائرة المختطفة العائدين من قبرص (بوابة الأهرام). القاهرة توضح لموسكو حقائق اختطاف الطائرة المصرية (بوابة الأخبار)
2ـ قضية التمويل الأجنبي: الاتحاد الأوروبي: “الضغوط ” على المنظمات الحقوقية فى مصر لا تتماشى مع التزاماتها تجاه احترام حقوق الإنسان (بوابة الأخبار). الخارجية المصرية تصدر بيان بشأن منظمات المجتمع المدني فى مصر (موقع وزارة الخارجية المصرية). «الخارجية»: لا شك أن مصر تتعرض لحملة ممنهجه فيما يتعلق بـ «حقوق الإنسان» (الشروق). شخصيات عامة تناشد السيسي بالتدخل العاجل لمعالجة ملف المجتمع المدني وفقا للدستور (بوابة الأهرام)
3ـ العلاقات المصرية ـ الإيطالية: روما: إصرارنا أجبر القاهرة على التراجع في قضية ريجيني (مصر العربية)، ووزير الخارجية: تحقيقات مقتل «ريجيني» لن تنتهي إلا بتقديم الجناة للمحاكمة (بوابة الأخبار). صحيفة إيطالية: عائلة «ريجيني» طلبت تعليق جميع الاتفاقيات التجارية مع مصر (الشروق)
4ـ العلاقات المصرية ـ الأمريكية: كيري وشكري يعقدان مؤتمر صحفي مشترك فى واشنطن (بوابة الأهرام). وزير الخارجية يستهل زيارته لواشنطن بلقاء مع اللجنة اليهودية الأمريكية ووزير الدفاع الأمريكي الأسبق(موقع وزارة الخارجية المصرية)
5ـ العلاقات المصرية ـ السودانية: وزارة الخارجية تتابع واقعة إلقاء القبض على طلاب مصريين في السودان (موقع وزارة الخارجية المصرية). وزيرة الهجرة تلتقي نظيرتها السودانية لبحث أزمة الطلاب المصريين المحتجزين (اليوم السابع)
ثانياً: تطورات السياسة الداخلية:
1ـ السيسي والحكومة: قرار جمهوري بإعفاء هشام جنينة من منصبه (الأهرام). قرار جمهوري بالموافقة على قرض من صندوق النقد العربي بـ 333 مليون دولار (اليوم السابع). السيسى يكلف إسماعيل برئاسة الحكومة ويدعو المجلس لمنحها الثقة (الأهرام). إسماعيل يعقد اجتماعًا لمناقشة المشروعات المقترحة على الجانب الفرنسي خلال زيارة هولاند لمصر (الأهرام). السيسي يجتمع بأعضاء المجلس القومي للمرأة (الأهرام). «ساويرس»: أمتلك دليلا على تدخل «طارق عامر» في صفقة «سي أي كابيتال» وسأقاضيه (الشروق). وزير التخطيط: 80% من موازنة الدولة تذهب للأجور والدعم (بوابة الأخبار). وزير الصحة: 840 دواء ناقصا بالأسواق. و34 صنفا ليس لهم بدائل (اليوم السابع).
2ـ البرلمان والأحزاب: وفد النواب يزور البرلمان الأوروبي للرد على الاتهامات الموجهة ضد مصر (بوابة الأهرام). لجنة الرد على بيان الحكومة تبدأ غدًا دراسة البرنامج من خلال ٧ لجان نوعية (بوابة الأهرام). صدام بين «عبدالعال ورسلان» يصل إلى التلويح بـ «تعديل الدستور» (الشروق). “التحالف الشعبي”: بيان شريف إسماعيل مخيب للأمال ومملوء بالشعارات. ونطالب بـ “حكومة إنقاذ وطني” (بوابة الأهرام)
3ـ الحراك المجتمعي: أهالي قرية “السوطاني” بدمياط يقطعون الطريق أمام نقطة الشرطة (بوابة الأخبار). حاملو الماجستير والدكتوراه يعلنون الاعتصام أمام البرلمان (اليوم السابع). عامل بـ”النيل للأقطان”: تهديدات أمنية لإلغاء وقفتنا أمام الاتحادية (مصر العربية)
ثالثاً: دلالات أهم التطورات:
1ـ حادث اختطاف الطائرة المصرية
كان الحدث الأبرز هو الإعلان عن اختطاف طائرة مصرية من مطار برج العرب بالإسكندرية وهي في طريقها إلى مطار القاهرة وتغيير اتجاهها إلى قبرص، في عملية استمرت أكثر من 6 ساعات، انتهت دون ووقوع خسائر في الأرواح أو الممتلكات. وقد بدأ الحادث بقيام الخاطف (الذي ذٌكر أنه شخص مدان في أكثر من 16 قضية على أثرها تم الحكم عليه بالسجن بعدة سنوات) بتهديد طاقم الطائرة بأنه يحمل حزاماً ناسفاً مما أجبر طاقم الطائرة بالانصياع له والتوجه إلى قبرص.
وكان اللافت في القضية هي الطريقة التي اخترق بها هذا الشخص المطار وهو يحمل هذا الحزام الذي ادعي انه حزاماً طبياً وبعد القبض عليه اتضح ان الحزام مزيف ولا يحمل أي متفجرات، مما دفع في اتجاه ان القصة برمتها مفبركة من قبل جهات معينة للتغطية على حدث ما مهم يتم الإعداد له في مصر مثل إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة الذي أدت إقالته إلى غضب كبير في الأوساط المصرية، لكن هذا الغضب لا زال مكتوماً ويتم التعبير عنه عبر الشبكات الاجتماعية فقط ولم يتحول إلى غضب فعلى في الشارع.
وكان لهذا الحادث العديد من التأثيرات الإيجابية والسلبية للنظام السياسي القائم في مصر، فمن الناحية الإيجابية:
ـ الظهور بأن السلطات المصرية حققت نجاحاً كبيراً في حماية أرواح الركاب وأنهت قضية خطف الطائرة دون خسائر.
ـ محاولة إلصاق تهمة خطف الطائرة للمعارضين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين وهو ما ظهر فيما قيل إنه طلبات للخاطف بأن يتم الإفراج عن معتقلين سياسيين في مصر، وهذه الخطوة تعد الأخطر وخاصة وأن الهدف منها إرسال رسالة لكل الأطراف الإقليمية والدولية بأن الإخوان المسلمين فصيل إرهابي وأن هناك تطور في تعامل الإخوان مع الجهات الأمنية والذي تحول من متظاهرين في الشوارع إلى القدرة على اختطاف الطائرات.
ـ التغطية على إقالة هشام جنينة ولفت أنظار الشعب إلى أمر أخر.
أما من الناحية السلبية
- أثر هذا الحدث بشكل سلبي على الوضع الأمني للمطارات مما يزيد بشكل كبير في تأزم وضع السياحة واتخاذ عدة دول لإجراءات احترازية قبل الذهاب إلى مصر وهو ما قامت به بالفعل روسيا والتي أعلنت عن العدول عن استئناف الرحلات السياحية إلى مصر بعد هذه الواقعة.
- تأثر قطاع السياحة المتدهور بطبيعية الحال بشكل أساسي خاصة مع زيادة تخوف السياح من تكرار تجربة الطائرة المصرية.
2ـ قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية
كان ابرز ما تم الاتفاق عليه في اجتماع مجلس التنسيق السعودي – المصري يوم الأحد الماضي 27 مارس 2016، إعادة ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين المصري والسعودي، بجانب توقيع اتفاق تمويل توريد مشتقات بترولية إلى مصر، الحديث عن إعادة ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، أثار لغطا وتوترا ملحوظا في الدوائر السياسية والإعلامية السودانية، حيث من المتوقع ان الترسيم سيشمل المنطقة البحرية لمثلث شلاتين المتنازع عليها بين الجانبين المصري والسوداني، وهو ما يعني أيضا، اعتراف عملي من السعودية بسيادة مصر على شلاتين وفي نفس الوقت تجاهل لمطالبات السودان حول المنطقة.
تزامن واقعة إلقاء القبض على طلاب مصريين في السودان بعد الإعلان عن إعادة الترسيم بين الجانبين المصري والسعودي، ربما يشير إلى رد فعل من الجانب السوداني إزاء الخطوة التي اتخذتها القاهرة والرياض بمنأى عن الخرطوم، الأمر الذي دفع الجانب المصري إلى إرسال وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج لبحث أزمة الطلاب المصريين المحتجزين فى السودان بتهمة تسريب الامتحانات، ربما تشهد الأيام القليلة القادمة تصاعد التوتر بين الجانبين المصري والسوداني، بهدف الضغط على الجانب المصري وإعاقة مسار الترسيم بين مصر والسعودية وهو ما بدا واضحا في ظل تعنت الجانب السوداني حيال قضية الطلبة وإصراره على إرسال لجنة إلى مصر بالمستندات التي تثبت تورط الطلاب المصريين في القضية.
3ـ تطورات مقتل الطالب الإيطالي:
مع الإعلان عن رواية وزارة الداخلية المصرية حول مقتل العصابة التي قامت بخطف ريجيني والعثور على متعلقاته معهم، رفضت السلطات الإيطالية هذه الرواية، وطالبت مصر بالإسراع في حل القضية والكشف عن المتهمين الحقيقيين والقيام بمزيد من الشفافية في الأمر.
رواية وزارة الداخلية وتعامل وسائل الإعلام معها أظهر أن هناك صراع أجنحة داخل نظام السيسي فاغلب وسائل الإعلام التي سخرت من الرواية المصرية وبشكل واضح هي محسوبة بالأساس على رجال الأعمال وخاصة نجيب ساويرس والذي تمكن في الفترة الأخيرة بممارسة بعض الضغوط على نظام السيسي من تحقيق مكاسب سياسية كبيرة أبرزها تعيين “داليا خورشيد” المدير التنفيذي لشركة أوراسكوم تيلكم التابعة لمجموعة نجيب ساويرس.
4ـ إقالة هشام جنينه:
في سابقة تعد الأولى من نوعها، تمت إقالة رئيس اكبر جهاز رقابي في مصر من منصبه دون عرض الأمر على البرلمان أو نشر قرار الإقالة في الجريدة الرسمية للدولة، حيث اصدر السيسي قرارا جمهوريا بإعفاء المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه اعتبارا من 28 مارس 2016، بالرغم انه من الناحية الدستورية لا يجوز عزل رئيس المركزي للمحاسبات، أو أي من رؤساء الجهات الرقابية بحسب المادة رقم 216 في دستور 2014، إلا أن القانون رقم 89 لسنة 2015، الذي أصدره السيسي في 11 يوليو 2015، منحته تلك السلطة، ربما كان الدافع الرئيسي وراء إقالة “جنينة” يرجع إلى العلاقة المتوترة بينه وبين النظام المصري الحالي والتي شهدت اكثر من موقف كان ابرزها تصريحات “جنينة” عن حجم فساد داخل مؤسسات الدولة يصل إلى 600 مليار جنيه في 2015، وهو ما تسبب في هجوم شرس على “جنينة” من أجهزة الإعلام المحسوبة على النظام.
5ـ تطورات الوضع في سيناء
قام الطيران الحربي المصري والمدفعية الثقيلة بضرب بعض الأهداف التي زعم المتحدث الرسمي للقوات المسلحة بأنها تابعة لولاية سيناء، وخلفت أكثر من 45 قتيلاً، وعشرات الجرحى، اللافت في هذا التطور هو عدد القتلى التي أعلن عنهم الجيش المصري وأيضا طبيعة الآليات والعسكرية المستخدمة في هذه العملية مما يدل على أن ما تعرضت له قوات الجيش خلال الفترة الماضية في سيناء كان قاسياً لذلك جاء الرد قاسياً أيضا.
هذه العملية صبت بشكل مباشر في تعزيز صورة الجيش عند قطاع كبير من مؤيدي العسكر فيما يتعلق بهيبة المؤسسة العسكرية، وضرورة الحزم والردع للعناصر الإرهابية من وجهة نظرهم، لكن على الوجه الأخر هذه العملية والخسائر التي وقعت بشكل كبير في صفوف المدنيين في سيناء سينعكس أثرها بشكل سلبي على سمعة الجيش عند شريحة كبيرة من أهل سيناء مما يمثل حاضنة شعبية لتنظيم ولاية سيناء.
تطورات الملف الإعلامي
استمرت حالة الانقسام بين وسائل الإعلام بين دعم السيسي وانتقاده، وزادت حدة الانتقادات بشكل كبير خاصة حول ما يتعلق بقضية ريجيني ففي الوقت الذي دافع إعلاميون داعمون للسيسي مثل مصطفي بكري وأحمد موسي عن رواية الداخلية وان القضية حسمت وتم التخلص من المجرمين الذين قاموا بقتل ريجيني، تهكم إعلاميون أخرون على القصة واعتبروها ان غير مقبولة وان ما حدث دليل على تورط أجهزة أمنية في مصر وراء مقتل الطالب الإيطالي فخلال برنامج القاهرة اليوم اعتبر عمرو أديب أن وزارة الداخلية المصرية هي من قامت بتأليف هذه الرواية وان الأمر مكشوف وواضح للعيان، وهو ما قاله سيد على ويوسف الحسيني ولميس الحديدي وغيرهم من الإعلاميين الذين يعتبرون من الداعمون للسيسي.
خلاصات واستنتاجات:
- تطور الأحداث في مصر خلال الإسبوع المنصرم يتجه نحو تراجع شعبية النظام وأركانه بين شريحة كانت تدعمه بشكل كبير وهناك مؤشرات كثرة على ذلك، منها برامج التوك شو التي زادت من حدة انتقادها للسيسي بسبب واضح كبير في عدد من القضايا وأبرزها قضية ريجيني.
- عودة أحمد الزند من الإمارات تُعطي مؤشرا على زيادة الصراع بين الأجنحة في نظام السيسي ففي الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن سفر الزند إلى الإمارات سفراً بلا عودة وهو انتصار لفريق رافض للزند في النظام عاد الزند مرة أخرى ليثبت أن المعركة لازالت قائمة.
- شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات كبيرة للسيسي تحت هاشتاج #ماذا_تقول_للسيسي، شارك فيه مؤيدون ومعارضون للنظام المصري وكل منهم عبر بطريقته، مؤيدوه كانت أغلب تعليقاتهم محاسبة للنظام على ما قدَّم والوعود التي نفذَّها، أما معارضوه فكان الوسم بالنسبة لهم ساحة لصب جام الغضب على نظام السيسي.
- تعددت التقارير السلبية في وسائل الإعلام الغربية وخاصة الإيطالية حول ضلوع النظام المصري في مقتل الطالب الإيطالي، وهو ما دفع أحد نواب البرلمان الإيطالي إلى القول إن الحكومة الإيطالية تتغاضي عن جرائم النظام المصري مقابل المصالح الاقتصادية، مما أجبر الحكومة الإيطالية على تشديد اللهجة تجاه النظام المصري.
- كان لحادث خطف الطائرة المصرية وتحويل مسارها إلى قبرص تأثيرات سلبية على سمعة النظام خارجياً، حيث كشف الحادث عن أن النظام غير قادر على الحفاظ الأمن داخلياً وخارجياً.