fbpx
تقديراتعسكريأسيا وافريقيا

مصر وروسيا وحماة الصداقة .. لماذا الآن؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

شهدت العلاقات المصرية – الروسية في فترة ما بعد الانقلاب العسكري في مصر في 03 يوليو 2013م، تقارباً ملحوظاً علي كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والإقتصادية، وتحديداً في الجانب العسكري وذلك نظرا لحجب بعض القطع العسكرية من الجانب الأمريكي عن القاهرة بسبب فض ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، من قبل النظام المصري بشكل وحشي، ولذلك أصبحت دولة روسيا الإتحادية هي مصدر تسليح الجيش المصري بشكل كبير.

وعقدت الدولتان أكثر من 14 صفقة عسكرية لتسليح الجيش المصري تنوعت بين طائرات ياك.130، الطائرات “ميل مي 17 “، طائرات سو 30 كا، طائرات “ميج29″، طائرات “مي-35″، طائرات”ka-52 ” “التمساح”، النظام الصاروخي “تور إم2”، منظومة صواريخ “إس – 300 بي أم”،صواريخ “كورنيت”،الدبابة “تي 90 “،قاذفات” آر بى جي 32،قطع بحرية من طراز “مولينا” P 32 ،منظومات “بريزيدنت-إس”،زوارق من طراز (آر -32)( 1) .

ثم تنامى التوسع في العمليات المشتركة وجاء أبرزها تدريبات حماة الصداقة، وبالرغم من أنها تدريبات غير موضوعة علي أجندة تدريبات الجيش المصري السنوية، إلا أنها يتم تنفيذها بين الجيش المصري والجيش الروسي للعام الثاني علي التوالي، فما هي أهداف تلك التدريبات ولماذا الآن؟

 

أولاً: تدريبات حماة الصداقة:

تدريبات حماة الصداقة هي تدريبات تمت لأول مرة بين الجيش المصري والجيش الروسي في الفترة من 15 الي 26 أكتوبر 2016م، علي الأراضي المصرية بنطاق المنطقة الشمالية العسكرية بمحافظة الأسكندرية، وشارك في تلك التدريبات وحدات من المظلات المصرية وقوات الإنزال الجوى الروسية وكان عدد الجنود المشتركين في التدريبات أكثر من سبعمائة جندي من البلدين.

وهذه التدريبات لم تكن ضمن الأجندة التدريبة السنوية للجيش المصري لعام 2016م، بل جاءت “نظرا لأن الخبراء الروس يرون أن التدريب الذي سيجرى في بيئة صحراوية هو استعداد لمكافحة الإرهاب لكلا البلدين ونظرا للظروف التي تمر بها المنطقة، وبحسب وزارة الدفاع الروسية فإن تدريبات حماة الصداقة 2016، قد ركزت علي الخطوات التي يتوجب على المظلي تنفيذها خلال اقتحام المدن والإفراج عن الرهائن، وأن القوات المشاركة في التدريبات نفذوا إجراءات عسكرية مشتركة لتحديد وتدمير التشكيلات المسلحة غير الشرعية في الصحراء.

وبعد انتهاء فعاليات التدريب في العام الماضي لم يًعلن عن إنها ستكون تدريبات دورية تقام كل عام بين الجيش المصري والجيش الروسي، إلا أنه في 28 أغسطس 2017م، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها أن تدريبات حماة الصداقة 2017 ستجري خلال الشهر الجاري ، وأضافت وزارة الدفاع الروسية بأن حماة الصداقة – 2017 ستجري في إقليم كراسنودار الروسي في منطقة جبلية ذات مناخ شبه استوائي جاف، وهو المناخ الذي يشبه الطقس في شمال سيناء حيث يتواجد المسلحين في مصر، وتابعت أنه سيتعين على المظليين الروس والمصريين القيام بتدريبات قتالية قاسية تتمثل في الاستيلاء على ممر الجبال في كوبان، والهدف من هذه المناورات هو وضع نهج مشترك في مهام الهبوط ( 2) .

وفي 10 سبنمبر 2017م، أعلن الجيش المصري عن انطلاق فعاليات التدريب المصرى الروسي المشترك “حماة الصداقة 2” في مدينة نوفورسيسك، جنوب غربي روسيا، ووفق بيان للجيش المصري، “يستمر التدريب حتى 22 سبتمبر الجاري، بين عناصر من وحدات المظلات المصرية وقوات الإنزال الروسية”، وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت قبل البيان المصري بيوم “أن المظليين الروس استقبلوا في مدينة “أنابا” (جنوب غرب) زملاءهم من قوات المظلات المصرية، استعدادا لتدريب “حماة الصداقة 2” (3 )

 

ثانياً: الدلالات والتفسيرات:

تتعدد التفسيرات حول تنظيم تدريبات حماة الصداقة بين مصر ورسيا للعام الثاني علي التوالي ومن أهمها:

الأول: مناورات سياسية:

تدريبات حماة الصداقة فعاليات جديدة علي أجندة الجيش المصري التدريبية، ولم تكن من ضمن خطة التدريبات الخارجية التي يقوم بها الجيش المصري سنويا، وعند الانتهاء من فعاليات التدريب في 2016م، لم يعلن عن أن التدريبات ستكون فعاليات ستقام دورية مثل مناورات النجم الساطع التي تقام بين الجيش المصري والجيش الأمريكي، كما أن قرار الأفصاح عن تنفيذ مناورات حماة الصداقة 2017، بين مصر وروسيا جاء يوم 28 أغسطس 2017م،  أي بعد ما يقارب ستة أيام من القرار الأمريكي بحجب جزء من المنح الإقتصادية وتأجيل جزء من المنح العسكرية عن مصر والذي كان يوم 22 أغسطس 2017م، لذلك رأي البعض أن ما تم من قبل الجيش المصري ما هو إلا مناورة سياسية نظرا للقرار الأمريكي.

أى كنوع من أنواع الرد الدبلوماسي، الذي يتضمن في داخلة رساله للإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، وهي أنه إذا أصبح التعامل الأمريكي مع نظام السيسي  كنفس تعامل إدارة الرئيس السابق أوباما واستخدم ورقة الملف الحقوقي في مصر، لوقف المساعدات العسكرية والإقتصادية، فإن الجيش المصري سيحول وجهتة قبل دولة روسيا الإتحادية ، كما فعل طيلة الأربع سنوات الماضية.

وربط البعض بين ما أعلنت عنه الولايات المتحدة علي لسان مسئولين من البنتاجون أن مناورات النجم الساطع 2017م، “تهدف بالدرجة الأولي لمساعدة مصر في القضاء علي الأرهاب في سيناء، التي يسيطر المسلحون علي أجزاء منها”. وبين ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية في تناولها لتدريبات حماة الصداقة – 2017 حيث قالت “إن التدريبات ستجري في إقليم كراسنودار الروسي في منطقة جبلية ذات مناخ شبه استوائي جاف، وهو المناخ الذي يشبه الطقس في شمال سيناء حيث يتواجد المسلحين في مصر”.

ومن خلال هذا الربط أراد نظام السيسي أن يرسل رسالة الي الإدارة الأمريكية مفادها بأن الجيش المصري ليس مشروطاً عليه أن يعتمد علي الجيش الأمريكي فقط في التدريبات، وتعلم الطرق الحديثة فى مواجة الإرهاب من قبل الجيش الأمريكي، بل إن تدريبات الجيش المصري من الممكن أن تكون مع الجيش الروسي، وبعد أن أصبحت روسيا في مقدمة الدول التي اتجه إليها نظام السيسي لتعزيز قدراته التسليحية في السنوات الماضية، ستكون أيضا في مقدمة الدول التي سيعتمد عليها الجيش المصري في تدريباته.

الثاني: تنفيذ عمليات في الداخل الليبي:

حيث يرى البعض أن مصر وروسيا تعملان في الوقت الحالي علي أن يحسم الشرق الليبي بالكامل ليكون في صالح قوات خليفة حفتر، وذلك بعد أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في 09 أغسطس 2017م (4 ) ، عن إطلاق عملية برية موسعة لتحرير مدينة درنة الساحلية شمال شرق ليبيا، من قبضة الجماعات المسلحة، وان قوات المظلات المصرية وقوات الإنزال الروسية التي ستشارك في تدريبات حماة الصداقة 2017م، من المحتمل أنها ستنفذ عمليات مستقبلا في الداخل الليبي وتحديدا في مدينة درنة، ضد الفصائل المسلحة التي تقف أمام مليشيات حفتر ومنعها من السيطرة علي المدينة.

الثالث: تدهور الأوضاع في سيناء:

لفت البعض إلى أن مصر حريصة على إجراء مناورات مشتركة مع الدول الكبرى، لدعم جهود وتدريبات الجيش المصري وإكسابه خبرات جديدة في مواجهة الحركات المسلحة غير النظامية، وأن تدريبات حماة الصداقة 2017م، جاءت في ذلك التوقيت لتأهيل وتدريب الجيش المصري علي وسائل وأساليب حديثة كي يواجة المسلحين في سيناء، التي بالفعل يعاني الجيش المصري عند مواجهته لتلك الجماعات المسلحة، وأن بيان وزارة الدفاع الروسية بأن التدريب سيكون في منطقة جبلية ذات مناخ شبه استوائي جاف، وهو المناخ الذي يشبه الطقس في شمال سيناء حيث يتواجد المسلحين في مصر، جاء مفصلاً ليوضح أن الهدف الأساسي من التدريبات هي الأوضاع في سيناء.

 

خاتمة:

لن تستغني الولايات المتحدة الأمريكية عن الجيش المصري، ولن يستغني أيضا الجيش المصري عن الولايات المتحدة، لأن العلاقة بينهما علاقة إستراتيجية، وبالتالي يمكن القول أن ورقة التقارب المصري – الروسي الذي يستخدمها نظام السيسي، ما هى إلا إجراء تكتيكي، لمساومة الإدارة الأمريكية الجديدة، كما يريد نظام السيسي أيضا من هذا التقارب التكتيكي تحقيق مكاسب أخري، وتحديدا في ليبيا، نظرا لأن روسيا مهتمة بشكل كبير فيما يحدث علي الأرض في الداخل الليبي، ومصر تري أن ما يحدث في ليبيا هو إمتداد لما حدث في مصر في 03 يوليو 2013م، وتلاقت مصالح نظام السيسي وروسيا في دعم خليفة حفتر وتمكينه، لذلك تبقي إحتمالية أن التدريبات جاءت لتنفيذ عمليات عسكرية في الداخل الليبي قائمة وبقوة( ( 5) ).

————

الهامش

(1 ) مصر: الأبعاد الخفية لصفقات السلاح الروسية، المعهد المصري للدراات السياسية والإستراتيجية، تقدر موقف، الرابط

( 2) “قدرات خارقة”. ماذا يقدم المظليون الروس للجنود المصريين في روسيا؟، روسيا اليوم، تاريخ النشر 05 سبتمبر 2017، تاريخ الدخول 07 سبتمبر 2017، الرابط

(3 ) «حماة الصداقة 2». تفاصيل التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر وروسيا، مصر العربية، تاريخ النشر 10 سبتمبر 2017، تاريخ الدخول 11 سبتمبر 2017، الرابط

(4 ) الجيش الوطني الليبي يعلن إطلاق معركة درنة، روسيا اليوم، تاريخ النشر 10 أغسطس 2017، تاريخ الدخول 08 سبتمبر 2017، الرابط

( 5 ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close