نحن والعالم عدد 19 يونيو 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 13 يونيو 2025 إلى 19 يونيو 2025.
يهتم التقرير بشكل خاص بالتطورات المتعلقة بالساحتين الإيرانية والتركية، وكذلك على الساحة الإفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى بعض التطورات الدولية الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقتنا.
تغطي النشرة هذا الأسبوع بشكل شامل الحرب بين إيران وإسرائيل، وتحليلا لخلفياتها وتفاصيلها وتداعياتها، كما تغطي التفاعلات الأمريكية المختلفة مع الحرب في إيران، والانقسامات في معسكر ترامب الداخلي بسبب التوترات بين طهران وتل أبيب، بالإضافة لملفات أخرى إفريقية وعربية.
ملف النشرة: إيران وإسرائيل
الهجوم الإسرائيلي على إيران – تقرير شامل (يونيو 2025)
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل إلى أقصى درجاته في منتصف يونيو 2025، على خلفية الخلاف المتجذر حول برنامج إيران النووي. فبعد عقود من حرب الظل، وسنوات من التوترات السياسية والأمنية، أطلقت إسرائيل هجوماً عسكرياً مباشراً وغير مسبوق على أهداف داخل العمق الإيراني. هذا التقرير يرصد خلفيات التصعيد، تفاصيل العملية، ردود الفعل، والانعكاسات الإقليمية والدولية.
أولاً: خلفية وأسباب التصعيد
يعود العداء بين إيران وإسرائيل إلى عقود، خاصة بعد الثورة الإسلامية عام 1979 التي أنهت التحالف القديم بين البلدين. تبنّت طهران منذ ذلك الحين سياسة عدائية تجاه إسرائيل، داعمةً فصائل مسلحة مناهضة لها كحزب الله في لبنان وحماس في غزة. من جهتها، تعتبر إسرائيل أن طموحات إيران النووية تمثل تهديداً وجودياً لها.
في مطلع عام 2025، تسارعت وتيرة تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60%، واستخدمت أجهزة طرد مركزي متطورة. بالتوازي، تعثّرت مفاوضات الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن، رغم استئنافها في أبريل. وفي 11 يونيو، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لم تلتزم بتعهداتها لأول مرة منذ 20 عاماً، ما أثار قلقاً دولياً واسعاً.
كشفت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عما وصفته بـ”المعلومة الذهبية”، وهي أن طهران باتت على بُعد أسابيع فقط من امتلاك القدرة على إنتاج قنبلة نووية إذا قررت ذلك.
دفعت هذه التقديرات القيادة الإسرائيلية إلى اعتبار الخطر وشيكاً ويستدعي ضربة استباقية. (سكاي نيوز)
صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهدف من الهجوم هو منع إيران من الوصول إلى السلاح النووي خلال “عام أو عدة أشهر”، واصفاً الضربة بأنها دفاع وقائي عن أمن إسرائيل. أما طهران، فاعتبرت أي ضربة عسكرية على أراضيها بمثابة إعلان حرب وانتهاك صارخ للسيادة. (الجزيرة نت)
ثانياً: تفاصيل الهجوم الإسرائيلي في الأيام الأولى(منذ 12 يونيو)
في فجر الجمعة 13 يونيو 2025، شنّت إسرائيل عملية عسكرية جوية واسعة داخل العمق الإيراني، أُطلق عليها اسم “عم كلافي” (أي: شعب اللبؤة). شاركت قرابة 200 طائرة مقاتلة إسرائيلية في تنفيذ ضربات متزامنة على أكثر من 100 هدف في إيران، شملت منشآت نووية رئيسية كموقع نطنز وفوردو وأصفهان، إضافة إلى بنى تحتية للصواريخ الباليستية وقواعد للحرس الثوري ومراكز قيادة (AA).
استهدفت الضربات كذلك قيادات بارزة، فأسفرت عن مقتل اللواء حسين سلامي (قائد الحرس الثوري) واللواء محمد باقري (رئيس الأركان) وعدد من مسؤولي الاستخبارات والعلماء النوويين، بينهم الدكتور فريدون عباسي دواني ومحمد مهدي طهرانجي. (الجزيرة نت)
كشفت مصادر إسرائيلية عن تنفيذ عملية سرية للموساد داخل إيران قبل الهجوم، تمثلت في تهريب طائرات مسيّرة وصواريخ موجهة، وإنشاء قاعدة مسيّرات قرب طهران بهدف إعماء الدفاعات الجوية الإيرانية.
استهدفت الهجمات مجمع نطنز النووي (حيث دُمّرت محطة تجريبية لإنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 60%)، ومركز أصفهان للأبحاث النووية ، بالإضافة إلى مواقع لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى.
بحسب وزارة الصحة الإيرانية، بلغ عدد القتلى في الضربة الافتتاحية 224 شخصاً، مع إصابة نحو 1277 آخرين. ورغم أن معظم الضحايا من العسكريين والعاملين في المنشآت المستهدفة، أفادت تقارير بسقوط مدنيين بينهم نساء وأطفال نتيجة تطاير الشظايا والانفجارات قرب الأحياء السكنية.
في الأيام التالية، استُهدفت مواقع جديدة في طهران وتبريز، من بينها مقر استخبارات الحرس الثوري، حيث قُتل محمد كاظمي وعدد من مساعديه. سعت إسرائيل عبر موجات متتالية من الضربات إلى شل قدرات الرد الإيرانية والإبقاء على الضغط العسكري المتواصل.
ثالثاً: الرد الإيراني العسكري والدبلوماسي
ردّت إيران في فجر 14 يونيو عبر إطلاق عملية “الوعد الصادق 3″، تمثلت في قصف صاروخي ومسيّرات هجومية استهدفت العمق الإسرائيلي.
أعلن الحرس الثوري إطلاق أكثر من 400 صاروخ باليستي ومئات المسيّرات الانتحارية في أربع موجات خلال أقل من 24 ساعة.
ورغم تصدي أنظمة الدفاع الإسرائيلية (القبة الحديدية ومقلاع داود) لمعظم الهجمات، إلا أن بعضها اخترق الدفاعات وأصاب مناطق في تل أبيب، حيفا، ورامات جان.
تسببت الضربات الإيرانية في مقتل 24 شخصاً على الأقل وإصابة 647 آخرين في إسرائيل، بحسب وزارة الصحة الإسرائيلية .ومن بين الأهداف التي أصابها القصف: مجمع مصفاة “بازان” في حيفا (الذي يوفر 60% من وقود الديزل في إسرائيل)، محطة كهرباء، وخزانات وقود قرب تل أبيب، إضافة إلى مبانٍ في محيط وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي وقت سابق أعلن الحرس الثوري أنه قصف مقر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في هرتسيليا شمال تل أبيب، وموقعا في تل أبيب قال إنه يُستخدَم للتخطيط لعمليات الاغتيال.
وتداولت منصات إخبارية إسرائيلية على تطبيق “تليغرام” مقاطع فيديو وصورا تظهر اندلاع حرائق في مبانٍ بمدينة هرتسيليا عقب الضربات الإيرانية صباح اليوم الثلاثاء، دون الكشف عن هوية المواقع المستهدفة.
وتظهر لافتة في الموقع المدمر شعار شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، وتشير إلى أن الموقع مبنى لوجيستي تابع للجهاز، لكن المجموعات الإخبارية التي نشرت الصورة حذفتها، مشيرة إلى وجود تعليمات من الرقابة العسكرية.
كما أظهرت صور متداولة سقوط أحد الصواريخ في منطقة تضم مقر المخابرات (موساد) في منطقة رامات هاشارون شمال تل أبيب.
كما أعلن الحرس الثوري استهداف قواعد جوية إسرائيلية في هجمات جديدة، وفقا لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية العميد رضا طلائي إن القوات الإيرانية استخدمت في هجومها اليوم أحد الصواريخ للمرة الأولى، ولم يتمكّن الجيش الإسرائيلي من رصده أو اعتراضه. وتوعد بمزيد من مثل هذه المفاجآت، حسب تعبيره.
وذكرت تقارير رسمية أن السلطات تلقت أكثر من 18,000 بلاغ عن أضرار مادية، منها 15,000 بلاغ عن تدمير منازل، و1,200 عن مركبات متضررة.
ورداً على ذلك، فرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيماً على تفاصيل الأضرار للحفاظ على المعنويات.
رابعاً: التبعات الإنسانية والاقتصادية
في إيران، خلّفت الهجمات أضراراً في منشآت البرنامج النووي، أبرزها دمار في نطنز، وأضرار بالغة في مفاعل أصفهان (حيث يجري إعداد الوقود النووي اللازم للتخصيب) ومنشأة بارتشين. وبلغ عدد المصابين نحو 1277، مع تقديرات غير رسمية تتحدث عن قرابة 300 قتيل وجريح كما شهدت العاصمة طهران حركة نزوح واسعة إلى مناطق الأرياف.
أما في إسرائيل، تضررت عشرات المباني، وانهارت طوابق كاملة جراء القصف. في رامات جان وحدها احترقت 9 مبانٍ كلياً، وشُرّدت مئات العائلات. توقفت مصفاة حيفا، كما توقفت خطوط إنتاج صناعية وكيماوية جزئياً (yemenvibe.com).
اقتصادياً، ارتفعت أسعار النفط عالمياً بأكثر من 10% خلال يومين، وتجاوز سعر البرميل 70 دولاراً (AA). كما ارتفع سعر الذهب 5%، وانخفض مؤشر Dow Jones بنسبة 1.8%، وسط مخاوف من توسع الحرب. من جانبها، قدرت إسرائيل كلفة الضربة الأولى بـ1.5 مليار دولار، في حين تتكبد إيران خسائر مادية هائلة نتيجة استهداف بنيتها النووية.
خامساً: المخاوف الإقليمية والدولية
عبّرت الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقهما البالغ من استهداف منشآت نووية خلال النزاع. وحذرت الوكالة من احتمال وقوع كارثة إشعاعية إذا استمر التصعيد..
عقد مجلس الأمن جلسة طارئة دعت إليها روسيا والصين، لكنها انتهت دون بيان مشترك. فيما دعت الولايات المتحدة وأوروبا إلى وقف التصعيد، وعبّرت السعودية وتركيا ومصر عن رفضها للهجوم الإسرائيلي، محذّرة من اندلاع حرب إقليمية أوسع.
خاتمة:
يُعد هذا التصعيد بين إيران وإسرائيل الأخطر منذ عقود، ويمثل تحولاً نوعياً من حرب الظل إلى مواجهة مباشرة. وبينما تتوالى النداءات لاحتواء النزاع، تبقى المنطقة على شفا حرب شاملة، قد تكون لها تداعيات جيوسياسية واقتصادية يصعب التنبؤ بها.
ترامب يلوّح باغتيال خامنئي ويطالب إيران بالاستسلام: “نعلم أين يختبئ”
في تصعيد خطير للتوتر بين واشنطن وطهران، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن بلاده تعرف مكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، واصفاً إياه بـ”الهدف السهل”، لكنه أكد أن قرار اغتياله “ليس مطروحاً في الوقت الراهن”. جاء ذلك في منشور على منصة “تروث سوشيال”، دعا فيه إيران إلى الاستسلام غير المشروط، محذراً من أن “صبر الولايات المتحدة ينفد”.
وخلال رحلة العودة من قمة مجموعة السبع في كندا، قال ترامب للصحفيين إنه يسعى إلى “نهاية حقيقية” للصراع بين إسرائيل وإيران، رافضاً أي مفاوضات سلام مع طهران بعد اندلاع المواجهات. وأضاف: “ما نريده هو الرضوخ الكامل”، دون تحديد ما إذا كان يقصد التخلي عن البرنامج النووي الإيراني.
كما جدد تحذيراته لطهران من أي استهداف للقوات أو المصالح الأميركية، ملوّحاً برد “قاسٍ للغاية”. وكشف عن أنه سيتواجد في غرفة العمليات بالبيت الأبيض صباح الثلاثاء لبحث الخيارات مع مجلس الأمن القومي، في ظل مؤشرات على اقتراب مشاركة أميركية مباشرة في الحرب.
وفي هذا السياق، نقلت شبكة “فوكس نيوز” عن مصادر في البيت الأبيض أن الخيار العسكري، بما فيه قصف منشآت نووية إيرانية، لا يزال مطروحاً على الطاولة. كما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن ترامب يناقش خيارات عسكرية من بينها استهداف منشأة “فوردو” النووية.
من جانبه، أشار نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إلى أن الرئيس قد يتخذ قرارات إضافية لوقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، معتبراً أن طهران تجاوزت حدود الاستخدام المدني للطاقة النووية.
في غضون ذلك، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن بطاريات “ثاد” الأميركية شاركت في اعتراض صواريخ إيرانية، رغم سعي واشنطن لإظهار عدم انخراطها المباشر في القتال، الذي دخل يومه الخامس.
أما على الأرض، فقد أفادت وكالة “رويترز” بأن واشنطن بدأت بتحريك مقاتلات F-16 وF-22 وF-35 إلى الشرق الأوسط، مؤكدة على الطابع الدفاعي لهذه التحركات. كما كشفت مصادر لقناة الجزيرة عن تمركز قاذفات B-52 في جزيرة دييجو غارسيا، تحضيراً لاحتمال فشل المسار الدبلوماسي.
ويأتي هذا التصعيد في أعقاب هجوم إسرائيلي موسّع الجمعة الماضية استهدف مواقع إيرانية حساسة، وأسفر عن مقتل 224 شخصاً وجرح أكثر من 1200 آخرين، وفق التلفزيون الإيراني. وردّت طهران مساء اليوم ذاته بإطلاق عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة، ما تسبب بمقتل 24 شخصاً في إسرائيل ومئات الجرحى، بحسب وزارة الصحة الإسرائيلية. (الجزيرة نت)
ترامب يبحث الانخراط في الحرب ضد إيران: قصف “فوردو” قيد الدراسة
كشف ثلاثة مسؤولين أميركيين لموقع “أكسيوس” أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقد، صباح الثلاثاء 17 يونيو، اجتماعاً حاسماً مع فريق الأمن القومي في “غرفة العمليات” بالبيت الأبيض، لمناقشة الخيارات الأميركية تجاه الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، وعلى رأسها احتمال تنفيذ ضربة مباشرة على منشآت نووية إيرانية، خاصة منشأة فوردو المحصنة.
وأكد مسؤول في البيت الأبيض لشبكة “سي إن إن” انعقاد الاجتماع، مشيراً إلى أن ترامب يدرس “بجدية” إمكانية الانضمام للحرب الجارية إلى جانب إسرائيل.
وكان ترامب قد عاد مبكراً من قمة مجموعة السبع، وصرّح للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أن ما يسعى إليه هو “نهاية حقيقية” للحرب وللبرنامج النووي الإيراني، وليس مجرد وقف لإطلاق النار.
في منشورات متتالية على منصة “تروث سوشيال”، أكد ترامب أن بلاده تسيطر على الأجواء فوق إيران، قائلاً: “نعلم تماماً أين يختبئ من يُسمى بالمرشد الأعلى. إنه هدف سهل، لكنه آمن الآن… صبرنا بدأ ينفد”. واختتم بتغريدة صريحة قال فيها: “استسلام غير مشروط”.
من جهة أخرى، أفاد موقع “أكسيوس” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقيادة الجيش يعتقدون أن ترامب سيشارك عسكرياً خلال أيام، وأن منشأة فوردو ستكون الهدف الأول.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث عن تعزيز القدرات الدفاعية في الشرق الأوسط، تزامناً مع ارتفاع وتيرة الصراع. وكشفت صحيفة “غارديان” عن تحركات عسكرية مكثفة، منها تحليق أكثر من 31 طائرة أميركية للتزود بالوقود جواً، مما يعزز فرضية تنفيذ غارة طويلة المدى.
وتُعد منشأة فوردو واحدة من أكثر المواقع تحصيناً في إيران، تقع على عمق يصل إلى 90 متراً داخل جبل، ولا يمكن تدميرها إلا باستخدام قنبلة GBU-57/B الخارقة للتحصينات، التي تزن 13.6 طناً، والمتوافرة فقط لدى الولايات المتحدة، ولا يمكن إطلاقها إلا من قاذفة B-2 الشبحية الأميركية.
تتمركز قاذفات B-2 حالياً في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وهي أقرب نقطة انطلاق محتملة نحو فوردو، في مهمة قد تتطلب التزود بالوقود جواً نظراً لطول المسافة (نحو 5 آلاف كيلومتر ذهاباً وإياباً).
المشهد الحالي يوحي بأن الولايات المتحدة تقترب خطوة إضافية من المشاركة المباشرة في الحرب، مع ترقب قرار رئاسي قد يغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة. (سكاي نيوز)
إسرائيل وإيران في مواجهة مباشرة.. والسيناريوهات الأسوأ تلوح في الأفق
تتواصل المواجهات العسكرية غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، حيث تواصل تل أبيب شنّ غارات استهدفت في معظمها مواقع عسكرية داخل الأراضي الإيرانية، بينما ترد طهران بهجمات صاروخية تقول إنها أصابت “مواقع حيوية”.
بعد سنوات من الحرب بالوكالة والاشتباكات المحدودة، انتقلت إسرائيل وإيران إلى صراع مباشر، بدأته إسرائيل الجمعة الماضية بهجوم مباغت أسفر، وفق الجانب الإيراني، عن مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين، بالإضافة إلى مدنيين بينهم نساء وأطفال.
وردت طهران في الليلة نفسها بإطلاق موجات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، ما أدى إلى سقوط قتلى، غالبيتهم من المدنيين بحسب تل أبيب. وقد وثّقت صور دمار واسع في كلا البلدين نتيجة الضربات المتبادلة.
حتى الآن، يقتصر الصراع عسكرياً على إيران وإسرائيل، في وقت تتوالى فيه الدعوات الدولية، وعلى رأسها من الأمم المتحدة، لضبط النفس وتجنّب التصعيد.
لكن ماذا لو لم تجد هذه الدعوات صدى؟ وماذا لو تطورت المواجهة إلى مستويات أكثر خطورة؟ فيما يلي استعراض لأسوأ السيناريوهات المحتملة:
1. انخراط أميركي مباشر في الحرب
رغم النفي الأميركي المتكرر، ترى إيران بوضوح أن واشنطن تدعم الهجمات الإسرائيلية، حتى وإن كان ذلك ضمنياً. وقد يدفعها ذلك إلى استهداف قواعد أميركية في الشرق الأوسط، سواء في العراق أو الخليج، أو حتى بعثات دبلوماسية.
في هذا السياق، بدأت الولايات المتحدة سحب بعض أفرادها تحسباً لأي هجوم، موجهةً رسائل تحذيرية لطهران من أي استهداف لمصالحها.
لكن ماذا لو قُتل مواطن أميركي في تل أبيب أو في إحدى القواعد بالمنطقة؟ قد يجد الرئيس دونالد ترامب نفسه مضطراً للتحرك، في ظل اتهامات متكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يسعى إلى جرّ واشنطن إلى حربه مع إيران.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على استخدام القاذفات والأسلحة اللازمة لاختراق منشآت إيران النووية شديدة التحصين، خاصة موقع فوردو.
ورغم أن ترامب وعد ناخبيه بعدم الانخراط في “حروب جديدة”، إلا أن بعض الجمهوريين يدعمون الرؤية الإسرائيلية الساعية إلى تغيير النظام في طهران.
إذا قررت واشنطن التدخل عسكرياً، فسيُعد ذلك تصعيداً كبيراً ستكون له تداعيات طويلة الأمد، وربما كارثية.
2. ضربات إيرانية على دول الخليج
في حال فشلت إيران في ضرب أهداف عسكرية داخل إسرائيل، قد تختار تحويل صواريخها نحو أهداف أسهل في دول الخليج، خاصة تلك التي تعتبرها شريكة في دعم أعدائها.
المنطقة مليئة بالأهداف الحساسة مثل المنشآت النفطية والبنية التحتية للطاقة. وقد سبق أن اتُهمت طهران باستهداف حقول نفط سعودية في 2019، بينما شنّ الحوثيون هجمات على الإمارات عام 2022.
ورغم حدوث تقارب دبلوماسي بين إيران وبعض دول الخليج في السنوات الأخيرة، فإن بعض هذه الدول تستضيف قواعد جوية أميركية، وقد تكون ساعدت -بشكل غير معلن- في الدفاع عن إسرائيل.
هجوم من هذا النوع قد يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل عسكرياً دفاعاً عن حلفائها.
3. فشل إسرائيل في تدمير البرنامج النووي الإيراني
السيناريو الأخطر ربما يتمثل في عدم نجاح الضربات الإسرائيلية في تدمير منشآت إيران النووية، أو فشلها في القضاء على مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي النسبة التي تفصلها خطوة واحدة فقط عن الوقود المستخدم في صنع القنابل النووية.
ويعتقد أن هذا اليورانيوم قد يكون مخبّأ في مواقع سرية عميقة تحت الأرض. وحتى لو قُتل بعض العلماء، فإن المعرفة النووية لا يمكن اغتيالها.
بل إن الفشل في ضرب هذه المنشآت قد يدفع القيادة الإيرانية إلى تسريع جهودها لامتلاك سلاح نووي، بدافع الردع، خاصة إذا تولّى مسؤولون أكثر تشدداً زمام القرار بعد مقتل القادة السابقين.
هذا الوضع قد يُجبر إسرائيل على شن ضربات إضافية، ما يؤدي إلى دخول المنطقة في دوامة لا نهائية من التصعيد.
4. أزمة اقتصادية عالمية
ارتفعت أسعار النفط بالفعل منذ اندلاع الحرب، لكن ماذا لو قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، وهو شريان حيوي لنقل النفط العالمي؟
وماذا لو كثّف الحوثيون، آخر وكلاء إيران النشطين، هجماتهم في البحر الأحمر؟ فهم مستعدون لتحمّل مخاطر عالية، كما أن لهم سجلاً في تنفيذ عمليات غير متوقعة؟
أي اضطراب جديد في سوق النفط قد يُفاقم أزمة تكاليف المعيشة حول العالم، ويزيد من التضخم العالمي، خاصة في ظل اقتصادات مثقلة أصلاً بصدمات مثل الحروب التجارية.
والرابح الأكبر من ارتفاع أسعار النفط؟ إنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قد يستفيد من تدفق المليارات لدعم حربه في أوكرانيا.
5. سقوط النظام الإيراني وظهور فراغ خطير
إذا نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن بإسقاط النظام الحاكم في طهران، فإن ذلك سيفتح الباب على مجهول إقليمي خطير.
رغم أن نتنياهو صرّح بأن هدفه هو تدمير القدرات النووية الإيرانية، إلا أنه وجّه في بيانه الجمعة الماضي نداءً إلى “الشعب الإيراني” قال فيه إن الهجوم “يمهد الطريق أمامكم للتحرر من نظام ظالم”.
إلا أن إسقاط حكم مركزي قوي – كما حدث في العراق وليبيا – قد يؤدي إلى فراغ سياسي وأمني فوضوي. من سيملأ هذا الفراغ؟ وأي قوى ستتنازع السلطة؟ وكيف سيكون شكل إيران ما بعد النظام الحالي؟
كل هذه الأسئلة المفتوحة تجعل مصير الحرب الحالية مرتبطاً بما سيجري في الأيام القادمة:
كيف سترد إيران؟ وهل ستضبط الولايات المتحدة تصرفات إسرائيل؟
الإجابات على هذين السؤالين ستحدد مستقبل المنطقة لسنوات قادمة. (BBC)
من 3.67% إلى 60%.. تخصيب اليورانيوم في إيران وتداعياته النووية
في 13 يونيو/حزيران 2025، أعلنت إسرائيل شنّ ضربات جوية استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، معلنة أن هدفها هو شلّ البرنامج النووي الإيراني. جاء هذا التصعيد بعد صدور قرار من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يُدين إيران لعدم التزامها بقيود الاتفاق النووي، وعلى رأسها الحد المسموح لتخصيب اليورانيوم والذي حُدد عند 3.67%.
وبينما يتمحور الخلاف بين إيران والغرب حول ملف التخصيب منذ عقود، فإن تجاوز إيران لنسبة 60% في تخصيب اليورانيوم أعاد إشعال المخاوف من اقترابها من العتبة النووية.
ما هو اليورانيوم ولماذا يُخصّب؟
اليورانيوم عنصر ثقيل يوجد طبيعياً في القشرة الأرضية، وتنتجه دول مثل كازاخستان، كندا، أستراليا، وإيران. لكن اليورانيوم الطبيعي غير صالح مباشرة لتوليد الطاقة أو تصنيع الأسلحة، إذ يتكون معظمه من النظير غير الانشطاري يورانيوم-238، بينما لا تتجاوز نسبة يورانيوم-235 القابل للانشطار 0.7%.
ولجعل هذا العنصر قابلاً للاستخدام في الطاقة أو الأسلحة، يُعالج عبر عملية التخصيب التي تهدف إلى زيادة نسبة النظير 235 من خلال أجهزة طرد مركزي تفصل بين النظائر الثقيلة والخفيفة.
مستويات التخصيب وما تعنيه تقنياً
- يورانيوم طبيعي (0.7%): غير صالح للاستخدام مباشرة.
- منخفض التخصيب (حتى 5%): يُستخدم في محطات الطاقة النووية.
- متوسط التخصيب (~20%): يستخدم في مفاعلات الأبحاث الطبية والصناعية.
- مرتفع التخصيب (60%): يقترب من مستويات السلاح، ويثير القلق الدولي.
- تخصيب 90% فأكثر: هو ما يُستخدم فعلياً في تصنيع القنابل النووية.
كلما ارتفعت النسبة، كلما أصبحت الخطوة التالية نحو السلاح النووي أقصر زمناً وأسهل تقنياً.
3.67%: الرقم السياسي والتقني في اتفاق 2015
في الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، حُدّد سقف التخصيب الإيراني عند 3.67%، نسبة تُعد كافية لتشغيل مفاعلات الطاقة النووية، لكنها لا تكفي لصناعة الأسلحة.
وقد صُمم هذا السقف لإطالة ما يُعرف بـ”زمن الاختراق النووي” (أي الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج ما يكفي من المادة الانشطارية لصنع قنبلة)، بحيث يُبقي أمام العالم فرصة دبلوماسية للتحرك.
لماذا تعتبر نسبة 60% مؤشراً مقلقاً؟
التخصيب بنسبة 60% لا يخدم أهدافاً مدنية معروفة، ولا يوجد مفاعل طاقة في العالم يتطلب يورانيوم بهذا التركيز. وبالتالي، فإن امتلاك إيران لمخزون بهذا المستوى يُعد خطوة واضحة نحو امتلاك القدرة التقنية لصنع سلاح نووي.
تؤكد إيران أن برنامجها سلمي، لكن طبيعة التخصيب وغياب الاستخدام المدني المقنع يثيران تساؤلات دولية مشروعة.
زمن الاختراق: أيام وليس شهوراً
“زمن الاختراق” هو المدة التي تحتاجها دولة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى سلاح نووي. في 2015، قُدّر هذا الزمن بالنسبة لإيران بعام تقريباً. أما اليوم، فتشير تقارير إلى أنه قد انخفض إلى أيام فقط.
وفقاً لمعهد العلوم والأمن الدولي (يونيو 2025)، فإن إيران قادرة على إنتاج 25 كيلوغراماً من يورانيوم عالي التخصيب خلال يومين أو ثلاثة في منشأة فوردو، وهي كمية كافية لصنع قنبلة نووية واحدة.
وفي حال تشغيل كل من منشأتي فوردو ونطنز، يُمكن لإيران نظرياً إنتاج ما يكفي لصنع:
- 11 سلاحاً نووياً في أول شهر.
- 15 سلاحاً بنهاية الشهر الثاني.
- أكثر من 20 قنبلة خلال خمسة أشهر.
تقرير الوكالة الدولية: مستويات مقلقة لمخزون إيران
في آخر تقاريرها (مايو 2025)، رصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مخزوناً قياسياً من اليورانيوم في إيران بلغ 9247.6 كغم.
لكن التركيز الأكبر في التقرير انصبّ على المخزون المخصب بنسبة 60%، الذي بلغ 408.6 كغم، وهو ما يقترب تقنياً من عتبة التسليح.
كما لفت التقرير إلى أن إيران تُسرّع عملية تحويل مخزونها من 20% إلى 60%، مما يُظهر جاهزية فنية وتقنية لتجاوز العتبة النووية متى اتُخذ القرار السياسي.
الخلاصة: بين التحذير والتصعيد
تخصيب اليورانيوم ليس مجرد عملية فنية، بل مؤشر استراتيجي لنية الدول النووية. والانتقال من نسبة 3.67% إلى 60% يعني فعلياً تقليص المسافة الزمنية والتقنية لصناعة قنبلة نووية من عام كامل إلى بضعة أسابيع.
في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، والانخراط الأميركي المحتمل، تبقى مستويات التخصيب مؤشراً خطيراً على اقتراب لحظة القرار الحاسم، التي قد تُغيّر موازين القوى في المنطقة لعقود قادمة. (BBC)
فريدمان لترامب: فرصة نادرة لإنهاء حرب إيران وإسرائيل واستعادة الاستقرار
في مقال تحليلي نشرته صحيفة نيويورك تايمز، دعا الكاتب الأميركي المعروف توماس فريدمان الرئيس دونالد ترامب إلى اغتنام ما وصفها بـ “الفرصة الاستراتيجية” لإنهاء الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل، وتهيئة ظروف استقرار غير مسبوقة في الشرق الأوسط.
وأشار فريدمان إلى أن طهران وتل أبيب تخوضان هذا الصراع اعتماداً على عقيدتين إستراتيجيتين خاطئتين، موضحاً أن بإمكان ترامب – إذا ما تصرف بحكمة ومسؤولية – تعديل المسار السياسي والأمني في المنطقة برمتها.
“تفوق بالجنون”: عقيدة إيران وحلفائها
تناول فريدمان العقيدة الإيرانية قائلاً إنها تقوم على مبدأ “التفوق في التطرف”، حيث تسعى إيران وحزب الله اللبناني، وفق رأيه، إلى إرهاب خصومهم عبر استعدادهم للمضي إلى أقصى مدى مهما كانت النتائج.
ورأى الكاتب أن طهران، ومعها حزب الله، تتبنى نهجاً مفاده: “إذا تحدّانا أحد، سنجعله يدفع الثمن الأكبر”، مستشهداً بعدة أحداث منها اغتيال رفيق الحريري وتفجير السفارة الأميركية في بيروت، إضافة إلى دعم نظام الأسد ضد شعبه.
ورغم اعترافه بأن هذا النهج ساعد حزب الله على طرد إسرائيل من جنوب لبنان، فإنه يرى أن الوهم الأكبر يكمن في اعتقاد إيران وحلفائها بإمكانية “طرد الإسرائيليين من وطنهم التوراتي”، حسب وصفه.
عقيدة إسرائيل: القوة لا تنهي كل شيء
في المقابل، انتقد فريدمان الإستراتيجية الإسرائيلية الحالية، واصفاً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و”جماعته المتطرفة” بأنهم أسرى لفكرة أنه يمكن “حسم النزاع نهائياً بالقوة العسكرية”.
وحسب الكاتب، تقوم هذه العقيدة على وهم مفاده أن الاحتلال الكامل – سواء للضفة الغربية أو غزة أو حتى إيران – يمكن أن يُنهي الصراع. لكنه يؤكد أن التجربة التاريخية تُكذّب هذا الافتراض، مشيراً إلى أن إسرائيل فشلت في كسر إرادة الفلسطينيين رغم احتلالها للضفة الغربية منذ أكثر من نصف قرن.
ويقول فريدمان: “الفلسطينيون ليسوا غرباء، بل هم سكان أصليون …، ولا يمكن محو تطلعاتهم الوطنية بالقوة”.
خطة فريدمان: جزرة وعصا في آنٍ واحد
وضع الكاتب تصوراً من شقين يعتقد أنه قد يشكّل مخرجاً واقعياً للصراع:
- للإسرائيليين: دعم عسكري نوعي من واشنطن يشمل تزويد سلاح الجو الإسرائيلي بقاذفات “B-2” وقنابل خارقة للتحصينات، إلى جانب فرق تدريب أميركية، مما يمنح إسرائيل القدرة على ضرب منشآت إيران النووية تحت الأرض، إذا لم تستجب طهران سريعاً لتفكيكها والسماح بتفتيش شامل من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- للفلسطينيين: إعلان أميركي يعترف بحقهم في تقرير المصير، شرط أن يثبتوا قدرتهم على تشكيل قيادة نظيفة وفعالة تحظى بالمصداقية، قادرة على خدمة شعبها في الضفة وغزة، ومستعدة للتعايش مع إسرائيل في إطار حل الدولتين.
خاتمة المقال: لحظة فاصلة
يختتم فريدمان مقاله بالإشارة إلى أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة حساسة، تتطلب شجاعة سياسية وقرارات موزونة، محذراً من أن استمرار الحرب على أسس العقائد المتطرفة الحالية لن يجلب سوى المزيد من الدمار، بينما لا تزال هناك نافذة للتهدئة إذا ما توفرت القيادة المسؤولة. (الجزيرة نت)
تحليلات أولية حول التداعيات الاقتصادية للحرب بين إيران وإسرائيل
في افتتاحيتها تحت عنوان “ارتفاع أسعار النفط الذي لم يحدث”، تناولت صحيفة وول ستريت جورنال المفارقة بين تصاعد التوترات في الشرق الأوسط واستقرار سوق النفط بشكل عام.
ورغم بعض الارتفاعات الطفيفة في الأسعار، أشارت الصحيفة إلى أن الأسواق لم تشهد حالة ذعر تقليدية، مرجعة ذلك إلى وفرة المعروض العالمي، خاصة من دول مثل السعودية والبرازيل وكندا وغيانا، بالإضافة إلى مستوى قياسي لإنتاج الولايات المتحدة بلغ 13.5 مليون برميل يومياً في مارس/آذار الماضي.
وانتقدت الصحيفة إدارة الرئيس السابق جو بايدن لخفضها العقوبات على إيران وتراخيها تجاه روسيا، معتبرة أن هذه السياسات سمحت لطهران وموسكو بجني عائدات نفطية ضخمة مولت بها أنشطتها العسكرية والنووية.
ودعت واشنطن إلى تبنّي سياسة عقوبات ثانوية صارمة تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني والروسي، مثل الصين والهند، من خلال فرض رسوم جمركية تصل إلى 500%، في إطار مشروع “قانون معاقبة روسيا لعام 2025”.
وفي الختام، حثت الصحيفة الرئيس دونالد ترامب على عدم تكرار أخطاء بايدن، مؤكدة أن القرارات الإستراتيجية لا يجب أن تُرتهن بأسعار البنزين، خاصة في ما يتعلق بدعم إسرائيل وأوكرانيا.
“بلومبيرج”: الأسواق تتصرف وكأن الحرب انتهت
في مقال بعنوان “بالنسبة للأسواق، انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران بالفعل”، تناول الكاتب جون أوثرز ردّ فعل الأسواق المالية على التصعيد العسكري، معتبراً أن المستثمرين يرون أن الصراع يمكن احتواؤه كغيره من أزمات الشرق الأوسط السابقة.
وأشار إلى انخفاض أسعار النفط والذهب، وارتفاع عوائد السندات، واستقرار سوق الأسهم، حتى في ذروة الضربات المتبادلة. ولفت إلى أن الأسواق تأثرت إيجابياً بعدم وجود مؤشرات على إغلاق مضيق هرمز أو تضرر خطير في البنية التحتية النفطية.
ورغم هذا التفاؤل، حذّر أوثرز من “ثقة مفرطة”، خصوصاً مع وجود احتمالات لجوء إيران إلى خيارات غير تقليدية، مثل استهداف منشآت النفط أو سلاسل الإمداد في المنطقة، أو حتى السعي نحو التسلح النووي كرد فعل على الهجمات.
“فايننشال تايمز”: سيناريوهات التصعيد المقبلة
وفي مقال للكاتب جدعون رحمان بعنوان “كيف قد تتطور الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟”، تستعرض صحيفة فايننشال تايمز المسارات المحتملة لتطور الصراع، في ظل غموض كبير يحيط بنوايا الطرفين.
يرى الكاتب أن الحرب قد تسلك طرقاً شبيهة بحروب سابقة، مثل الحرب الخاطفة في 1967، أو تتحول إلى مستنقع شبيه بالغزو الأميركي للعراق عام 2003. لكنه يركز بشكل خاص على سيناريو تصعيد غير تقليدي من إيران، في حال شعرت طهران بأنها تخسر المعركة.
وطرح رحمان احتمالات مثيرة للقلق، مثل لجوء إيران إلى عرض قدرات نووية أولية أو تفجير “قنبلة قذرة”، في محاولة لردع إسرائيل وفرض شروط إنهاء الحرب.
ونقل رحمان عن تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، مشيراً إلى أن الوصول إلى نسبة 90%، اللازمة لصنع سلاح نووي، قد لا يستغرق سوى أيام، رغم أن إنتاج القنبلة نفسها قد يستغرق شهوراً.
كما أشار إلى الصعوبة التقنية التي تواجه إسرائيل في تدمير منشآت مثل فوردو الموجودة تحت الأرض، مرجحاً أن تحتاج تل أبيب إلى دعم أميركي مباشر لإنجاز تلك المهمة.
وفي ختام المقال، حذّر رحمان من تناقض سياسي محتمل في حال تدخلت إدارة ترامب عسكرياً رغم وعوده السابقة بالسلام، معتبراً أن التورط الأميركي المباشر قد يكون باهظ التكلفة على الصعيدين الاستراتيجي والدبلوماسي.
خلاصة الجولة: بين تجاهل السوق وقلق السياسة
بينما تبدو الأسواق المالية في حالة لا مبالاة نسبية إزاء التصعيد بين إيران وإسرائيل، فإن التحليلات السياسية والاستراتيجية تحذر من انزلاق وشيك نحو مواجهة أوسع قد تعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية والدولية.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تصمد هذه اللامبالاة الاقتصادية أمام أول صدمة كبيرة؟ أم أن العالم يقف بالفعل على حافة مرحلة جديدة من الفوضى الجيوسياسية؟
هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز؟ وماذا سيحدث لو فعلت؟
في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين إيران وإسرائيل، عاد شبح إغلاق مضيق هرمز ليخيم على الأسواق العالمية، وسط تساؤلات عن قدرة طهران على تنفيذ هذا التهديد، وتداعياته على الاقتصاد العالمي.
ويُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم، حيث يمر عبره نحو 20 مليون برميل نفط يومياً، أي ما يعادل ثلث تجارة النفط البحرية العالمية، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
سيناريو الإغلاق: تهديد استراتيجي بأثر عالمي
ألمح قائد البحرية الإيرانية إلى إمكانية إغلاق المضيق كرد على التصعيد، فيما وصف رئيس الاستخبارات البريطانية السابق، السير أليكس يانجر، هذا الاحتمال بأنه “أسوأ سيناريو ممكن”، محذراً من تأثيره المباشر على أسعار النفط العالمية واستقرار الاقتصاد العالمي.
وبالنظر إلى أن المضيق لا يتجاوز عرضه 40 كيلومتراً في أضيق نقطة، مع ممر ملاحي فعّال لا يتعدى 10 كيلومترات، فإن أي تعطيل عسكري— عبر زوارق سريعة، ألغام بحرية، أو صواريخ مضادة للسفن — قد يؤدي إلى شلل مؤقت في تدفق النفط.
هل تستطيع إيران فعلاً تنفيذ التهديد؟
التاريخ يشير إلى أن إيران حاولت خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي تعطيل الملاحة، لكنها لم تتمكن من إغلاق المضيق بالكامل. ومع ذلك، نجحت في رفع أقساط التأمين على الشحن البحري وتسببت في فوضى بحرية باهظة الكلفة.
ويقدّر خبراء عسكريون أن إيران قد تتّبع تكتيكاً تدريجياً يتضمن:
- إعلان حظر الملاحة
- تفتيش السفن أو احتجازها
- زرع ألغام بحرية
- استهداف محدود لناقلات نفط
لكنهم يشيرون أيضاً إلى أن مثل هذه التحركات ستُواجه على الأرجح برد أميركي سريع، قد يعيد الملاحة خلال أيام، وإن بتكلفة عسكرية عالية.
الدول الأكثر تضرراً من الإغلاق
أظهرت تقارير أن السعودية وحدها تصدّر نحو 6 ملايين برميل يومياً عبر المضيق، تليها دول الخليج الأخرى. أما المستوردون الأساسيون فهم:
- الصين
- الهند
- اليابان
- كوريا الجنوبية
وتُعد آسيا الأكثر اعتماداً على النفط المار عبر المضيق، حيث تتجه إليها نحو 82% من إجمالي الشحنات. بينما لا تمثل واردات الولايات المتحدة من المضيق أكثر من 11% من وارداتها النفطية.
وفي حالة الإغلاق، فإن الدول الآسيوية — وليس الدول الغربية — ستكون الأكثر تضرراً، وهو ما قد يحدّ من شهية طهران على التصعيد.
الصين: المستورد الأكبر وصاحبة النفوذ المؤثر
تُعد الصين المستفيد الأكبر من النفط الإيراني الرخيص، وهي ليست في موقع يسمح لها بتحمل اضطرابات كبرى في الإمدادات. ويتوقع مراقبون أن تمارس بكين ضغطاً دبلوماسياً واسعاً لثني إيران عن أي خطوة قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط.
هل هناك بدائل للمضيق؟
سعت دول الخليج إلى تطوير خطوط تصدير بديلة تحسّباً لإغلاق المضيق، أبرزها:
- السعودية: خط “شرق–غرب” إلى البحر الأحمر (5 ملايين برميل يومياً)
- الإمارات: خط أنابيب إلى ميناء الفجيرة على خليج عُمان (1.5 مليون برميل)
- إيران: خط “غوره–جاسك” إلى خليج عُمان (يعمل جزئياً)
لكن هذه الخطوط مجتمعة لا تستطيع تعويض سوى 15% من إجمالي النفط الذي يمر عبر المضيق، ما يجعل الإغلاق — حتى المؤقت — حدثاً هائلاً من حيث التأثير.
خلاصة: التهديد قائم لكن مكلف لإيران
قد يكون مضيق هرمز ورقة ضغط إستراتيجية بيد إيران، لكنه أيضاً سيف ذو حدين، إذ أن أي تحرك نحو إغلاقه سيؤثر أولاً على الدول الصديقة لطهران قبل خصومها، ويمنح واشنطن ذريعة لتصعيد المواجهة عسكرياً.
ومع ذلك، تبقى زرع الألغام، وتحرشات الزوارق السريعة، واحتجاز السفن أدوات محتملة للضغط دون الانزلاق نحو حرب شاملة — إلا إذا تجاوز التصعيد حدود الردع المتبادل. ((BBC
ضربة إسرائيل الجوية تكشف شبكة تجسس خفية في الخليج بقيادة “الاستخبارات الهندي الخارجي (RAW)–الموساد (Mossad):”
لم تكن الغارة الجوية الإسرائيلية على إيران مجرد هجوم عسكري تقليدي؛ بل كشفت النقاب عن شبكة تجسس سرية ممتدة منذ 25 عاماً، تضم تعاوناً وثيقاً بين جهاز الاستخبارات الهندي الخارجي (RAW) والموساد الإسرائيلي، وتستند إلى البنية البشرية للعمالة الهندية المنتشرة بكثافة في دول الخليج.
بحسب Thomas Keith بدأ هذا التحالف غير المعلن في أعقاب حرب “كارغيل” عام 1999، حين نُصبت معدات ELTA ورؤوس صواريخ Python على مقاتلات سلاح الجو الهندي خلال 48 ساعة فقط. ثم تطورت العلاقة إلى شراكة استخباراتية كاملة بعد هجمات مومباي 2008، حيث بات الموساد مسؤولاً عن كتابة “برمجيات الاختراق”، بينما توفّر RAW “الوصول البشري” عبر أكثر من 4.3 مليون هندي يقيمون في الإمارات، وأعداد مماثلة في السعودية والكويت وقطر والبحرين وعُمان.
تحت غطاء الشركات التقنية الكبرى، حافظت هذه الشبكة على عملها بسلاسة. فشركة TCS تسيطر على البنية التحتية لشبكة “دو” الإماراتية، بينما تدير Wipro نظام التحويل البنكي لبنك “الإمارات دبي الوطني”، وتتولى L&T تركيب رادارات EL/M-2084 على أبراج دفاع خليجية، وتقوم Tech Mahindra بزرع صناديق اعتراض قانونية في البحرين. حتى خوادم “بيغاسوس” التي رصدها مختبر Citizen Lab تمر عبر هذه الشبكات نفسها، حيث توجد وحدة تحكم في إدارة الأجهزة المحمولة (MDM) في أحد فنادق دبي، يشرف عليها طاقم هندي، توصف بأنها “اليد الأخيرة على الزناد”.
لكن هذه الواجهة بدأت بالانهيار.
فوزارة الاستخبارات الإيرانية (MOIS) أعلنت عن اعتقال عدد من الأشخاص من جنوب آسيا، بينما فجّرت قضية “دهرا” في قطر فضيحة تتهم الكفاءات الهندية بزرع برمجيات تجسس في المؤسسات العسكرية. أما وكالة الاستخبارات التركية (MIT)، فأعلنت تفكيك شبكة مكونة من 34 عميلاً يستخدمون تطبيقات VoIP مبرمجة من قبل جهات هندية للتواصل المشفّر.
وفي المقابل، بدأت وزارات خليجية بإعادة تقييم علاقاتها الأمنية والتقنية، حيث جُمّدت تصاريح الوصول، وأُعيدت برمجة خزائن البيانات البيومترية، وتحوّلت العقود الحساسة إلى شركات مصرية وصربية، بينما تبادلت طهران وإسلام آباد محتوى البيانات الملتقطة (packet captures).
وتجد نيودلهي نفسها في مأزق: لا تستطيع الدفاع عن “البراءة” دون أن تعترف ضمنياً بالبنية التجسسية فوق تلك “الإمبراطورية الصامتة” التي شكّلتها جاليتها. وكل احتجاج قنصلي رسمي لا يؤدي إلا إلى تسليط مزيد من الضوء على الترابط القائم.
لقد أصبحت تلك “الإمبراطورية البيروقراطية غير المرئية”، التي مثّلت لعقود عنصر قوة ناعم للهند، عبئاً دبلوماسياً وأمنياً. فالأصول البشرية المنتشرة تحوّلت من أدوات نفوذ إلى “سطح هجوم”، ومن عمالة بنّاءة إلى خطر سيبراني مكشوف. وها هو القناع يسقط.
لماذا لا تزال إيران بلا منظومة دفاع جوي فعالة؟
رغم ما يُقال عن أن العقوبات الأميركية والغربية هي السبب الرئيسي وراء ضعف منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، فإن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. فالمشكلة لا تكمن فقط في الحصار التكنولوجي، بل في تردد استراتيجي مزمن، ومواقف مفعمة بالشك، خاصة تجاه الصين، وسلسلة طويلة من الفرص الضائعة.
في أكتوبر 2020، عندما انتهى الحظر الأممي على بيع السلاح لإيران، فُتحت أمام طهران نافذة قانونية لتحديث ترسانتها العسكرية، بما يشمل شراء أنظمة دفاع جوي متقدمة ومقاتلات حديثة من روسيا والصين. وبالفعل بدأت إيران في خطوات استكشافية، زارت المصانع، ودرست العروض… لكنها في النهاية لم تُقدِم على أي خطوة حاسمة.
في عامي 2021 و2022، زار وفد عسكري إيراني الصين لمعاينة المقاتلة J-10CE، وهي طائرة من الجيل 4.5 كانت باكستان قد أدخلتها حديثاً إلى قواتها الجوية. المثير في هذا النظام أنه لا يقتصر على الطائرة فقط، بل يتضمن منظومة قتالية متكاملة تشمل رادارات حديثة، أنظمة حرب إلكترونية، بنية اتصالات مشفّرة، وتدريب كامل للطيارين. باختصار: حزمة جاهزة للقتال.
باكستان رأت الإمكانيات وقررت الثقة الكاملة في التكنولوجيا الصينية – وربحت الرهان. ففي المواجهة الجوية بين الهند وباكستان عام 2025، استخدمت إسلام آباد هذه المنظومة، وخاصة مقاتلات J-10CE المزودة بصواريخ PL-15 بعيدة المدى، لتحقق نتائج مذهلة. وأعلنت أنها أسقطت ست طائرات هندية، بينها أربع رافال، وأمسكت بالرادار مواقع 15 طائرة أخرى لكنها قررت عدم التصعيد.
لكن إيران، رغم عرض المنظومة عليها، رفضت الصفقة. ليس ذلك فحسب، بل أعرضت أيضاً عن مقاتلة JF-17 Thunder المشتركة بين الصين وباكستان.
في المقابل، اختارت طهران التوجّه نحو روسيا في عام 2023، في وقت كانت موسكو غارقة في مستنقع أوكرانيا منذ فبراير 2022. سعت إيران للحصول على طائرات Su-35، بل وطالبت بشراء خط الإنتاج بأكمله لنقل التصنيع محلياً. ومع ذلك، وبعد عامين من التفاوض، لم تصل أي طائرة، ولم يُنقل أي خط إنتاج، ولم تُفعّل أي منظومة تدريب أو جاهزية قتالية.
في تلك اللحظة، كان من المنطقي أن تعيد إيران النظر وتتوجّه مجدداً نحو الصين… لكنها لم تفعل. والسبب؟ عدم ثقة عميق الجذور في جودة السلاح الصيني.
وتكشف واقعة صواريخ C-802 الصينية المضادة للسفن، التي اقتنتها إيران في أوائل الألفينات، جانباً من هذا التوتر. فقد قرر مهندسون إيرانيون تعديل نظام التوجيه دون الرجوع إلى المصنع الصيني. وبعد فشل جميع التجارب، استُدعي خبراء صينيون، وتبين أن المشكلة لم تكن في النظام، بل في التعديلات الإيرانية. وبعد إعادة الضبط إلى الإعدادات الأصلية، نجحت الصواريخ في إصابة أهدافها بدقة.
هذا هو الموقف الإيراني من السلاح الصيني: شكّ، وتلاعب، ورفض في نهاية المطاف.
واللافت أن طهران ليست فقيرة. بل إن ميزانياتها العسكرية الخارجية تشير إلى قدرتها على بناء نظام دفاع جوي قوي. إذ تشير تقديرات أميركية إلى أن إيران أنفقت ما بين 15 إلى 20 مليار دولار على دعم النظام السوري منذ عام 2011، بمتوسط 2 مليار دولار سنوياً تشمل الوقود، التدريب، واللوجستيات. كما يُقدَّر أن “حزب الله” اللبناني يتلقى حوالي 700 مليون دولار سنوياً من إيران، في بعض السنوات تجاوز الرقم ذلك.
فلماذا لا تستثمر إيران تلك المليارات في حماية سمائها؟
إنها معادلة محيّرة: أموال متوفرة، فرص تاريخية متاحة، وحلفاء مستعدون للبيع… لكن غياب الإرادة، وانعدام الثقة، ومخاوف الهوية والسيادة، تركت إيران دولة بلا درع جوي حقيقي، رغم أنها تقف في أحد أكثر الأقاليم عرضة للحرب.
نجل شاه إيران يدعو قوات الأمن للانشقاق عن النظام
ناشد رضا بهلوي نجل شاه إيران الراحل، الجمعة، قوات الأمن في البلاد الانشقاق عن الدولة التي يحكمها رجال الدين، معربا عن أمله في الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية بعد الضربات العسكرية التي شنتها إسرائيل.
وحمل رضا بهلوي المرشد علي خامنئي مسؤولية “جر إيران إلى حرب” مع إسرائيل، واصفا الحكومة في طهران بأنها “ضعيفة ومنقسمة”.
وقال في بيان: “قد تسقط. وكما قلت لأبناء وطني: إيران لكم، وعليكم استعادتها. أنا معكم. ابقوا أقوياء وسننتصر”.
وأضاف: “لقد قلت للجيش والشرطة وقوات الأمن: انشقوا عن النظام. احترموا قسم أي جندي شريف. انضموا إلى الشعب”.
وتوجه إلى المجتمع الدولي بالقول: “لا تمدوا يد العون لهذا النظام الإرهابي المحتضر”.
وكان بهلوي وليا للعهد في النظام الملكي الإيراني الموالي للغرب، الذي أسقطته ثورة عام 1979، التي حملت إلى السلطة رجال الدين.
ويقول بهلوي الذي يعيش في المنفى بالقرب من واشنطن إنه لا يسعى إلى استعادة النظام الملكي، بل يريد استخدام اسمه لدعم حراك من أجل ديمقراطية علمانية.
وترى إسرائيل الجمهورية الإسلامية تهديدا وجوديا، لكنها كانت متحالفة مع إيران في عهد الشاه الراحل محمد رضا بهلوي.
كما تمتع رضا بهلوي بعلاقات ودية مع إسرائيل التي زارها قبل عامين.
وشارك الإيرانيون المؤيدون للملكية في الشتات بشكل بارز في الاحتجاجات الداعمة لإسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر، الذي شنته حماس، حيث رفعوا العلم الإمبراطوري القديم.
ولطالما وصف بهلوي الجمهورية الإسلامية بأنها هشة، بما في ذلك بعد اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية عام 2022 إثر وفاة مهسا أميني خلال وجودها قيد الاحتجاز لدى شرطة الأخلاق التي تفرض على النساء ارتداء ملابس محتشمة. (سكاي نيوز)
بروفيسور بأهم مراكز الاحتلال العلمية يكشف عن دمار كبير بعد استهدافه بصاروخ
نقلت صحيفة هآرتس عن بروفيسور، في معهد وايزمان للعلوم، أحد أهم المراكز البحثية لدى الاحتلال، كشفه عن دمار كبير تعرض له المكان نتيجة استهداف صاروخي قبل يومين من قبل إيران ردا على عدوان الاحتلال.
وأوضح أن المختبر دمر بالكامل، والصاروخ الإيراني، الذي أصاب المعهد، أدى إلى انهيار 3 طوابق في المعهد.
ويقع المعهد ضمن ما يعرف بتل أبيب الكبرى، ونشرت حسابات عبرية، لحظة سقوط الصاروخ عليه بصورة مباشرة، وانفجار ألحق ضررا بأحد مبانيه.
ويعد ركيزة هامة، لأبحاث الاحتلال، في مجالات الفيزياء والبيولوجيا الجزيئية، والطاقة النووية، والأسلحة الدقيقة، والرياضيات والتقنيات الفائقة.
وتأسس المعهد عام 1934، قبل قيام دولة الاحتلال إثر النكبة، على يد حاييم وايزمان، وهو أحد علماء الحركة الصهيونية، والذي بات لاحقا أول رئيس لدولة الاحتلال، وسمي باسمه، ليكون القوة الناعمة للاحتلال، في المجال الأكاديمي والعلمي.
ويصنف على أنه مؤسسة مستقلة غير ربحية، لكنه يتلقى الدعم المالي من حكومة الاحتلال، فضلا عن حجم تبرعات هائل من المؤسسات اليهودية حول العالم، ومؤسسات علمية واقتصادية دولية، ويحتوي على عشرات المختبرات والمراكز البحثية المتطورة، إضافة إلى مدرسة للدراسات العليا، حملت اسم فاينبرغ قديما، ولاحقا كلية وايزمان للدراسات العليا.
على الرغم من اعتباره مؤسسة أكاديمية، إلا أنه لا يمنح درجات البكالوريوس، لكنه يركز على درجتي الماجستير والدكتوراه، في العلوم والرياضيات، ويفتح المجال لباحثي الاحتلال، والعلماء من الإسرائيليين والدوليين، للانتساب إليه والمشاركة في أبحاثه.
ويركز المعهد على الأبحاث النظرية، وفي حال تميزها، تنقل إلى التطبيق الصناعي والتقني والطبي، وله مسار تسويقي لبراءات الاختراع والتقنيات التي تخرج من داخله، عبر مؤسسة ييدا، والتي تدر عليه مداخيل بمئات ملايين الدولارات سنويا.
ومن أبرز الأبحاث التي تجرى في المعهد، تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، التقنيات العسكرية، وهو قطاع سري لا يكشف النقاب عن تفاصيله، إضافة إلى أبحاث الدواء والأمراض مثل السرطان. (عربي21)
نتنياهو: دمرنا مفاعل أصفهان وبدونه لا يمكن الوصول إلى سلاح نووي
زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه دمر مفاعل أصفهان وبدونه لا يمكن الوصول إلى سلاح نووي (هذا المفاعل هو الذي ينتج الوقود النووي اللازم لعمليات التخصيب في المفاعلات الأخرى، وبالتالي فإن خروج هذا المفاعل عن الخدمة يعني بالفعل عدم إمكانية زيادة المخزون من اليورانيوم المخصب عن الكمية الموجودة والمخزونة حاليا، والتي تقدر بنحو 450 كيلوجرام. هذا المخزون يمكن استخدامه في إنتاج رءوس نووية قد يصل عددها إلى 10 رءوس).
وذكر ، أنّ تغيير النظام في إيران قد يكون نتيجة للعملية الإسرائيلية، لافتاً، إلى أن طيارين أمريكيين يسقطون مسيرات تتجه نحو إسرائيل.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة تصعيداً عسكرياً بين إسرائيل وإيران، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.
وفي وقت سابق، أفادت تقارير إعلامية بأن إسرائيل نفذت هجوماً على منشأة في أصفهان، وهو أول هجوم إسرائيلي واضح داخل إيران منذ إعادة تولي نتنياهو منصب رئيس الوزراء، وكانت المنشأة المستهدفة في وسط مدينة أصفهان، وتُستخدم لتطوير صواريخ فوق صوتية بمساعدة روسية، وفقاً لتقارير صحفية.
في المقابل، أكّدت وزارة الدفاع الأمريكية أن البنتاغون لم يشارك أي قوة عسكرية أمريكية في الضربات على إيران، ومع ذلك، أشار مسؤولون إسرائيليون إلى وجود تعاون استخباراتي مع الولايات المتحدة في هذا السياق.
يُذكر أن نتنياهو قد شدّد في تصريحات سابقة على أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، مؤكداً أن العمليات العسكرية والإجراءات السرية التي اتخذتها إسرائيل أخّرت البرنامج النووي الإيراني نحو عقد من الزمن.
وذكر، أن إسرائيل ستتخذ القرارات بشأن إيران بناءً على مصالحها الوطنية، حتى وإن تطلب الأمر التحرك منفردة.
باكستان بين الحرب والصمت: موقف متزن في وجه العاصفة الإقليمية
في منطقة يسودها التوتر وتتعامل فيها الطائرات المسيّرة كأنها رسل نذير بنهاية العالم، اتخذت باكستان موقفاً مدروساً وسط تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل.
عقب الغارة الإسرائيلية المباغتة على منشآت إيرانية قرب نطنز وأصفهان، سارع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى التعبير عن موقف بلاده. خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، قدّم شريف التعازي بضحايا القصف، وأكّد وقوف إسلام آباد إلى جانب طهران، مندّداً بـ “العدوان الإسرائيلي غير المشروع”. كما ذكّر بموقف باكستان داخل مجلس الأمن الدولي، حيث أعربت عن دعمها لإيران وأدانت ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية المستمرة بحق الفلسطينيين”، داعياً المجتمع الدولي إلى كسر صمته.
ردّ الفعل الشعبي لم يتأخر، فقد شهدت مدن باكستانية كبرى، منها كراتشي ولاهور وبيشاور، موجة احتجاجات ضخمة، رُفعت خلالها أعلام إيران وفلسطين وأُحرقت رموز إسرائيلية. في مشهد نادر، التقت الأحزاب المتناحرة على موقف موحد يعبّر عن الغضب الشعبي.
لكن خلف هذه العاطفة العامة، تتعامل القيادة الباكستانية مع واقع أكثر تعقيداً. فباكستان تشترك مع إيران بحدود طويلة وعرة، تمتد لمسافة 900 كيلومتر، وتضم مناطق غير مستقرة. رغم تاريخ العلاقة المتذبذب، تدرك إسلام آباد أن استقرار إيران يرتبط مباشرة بأمنها الداخلي، خاصة في إقليم بلوشستان المضطرب.
في مطلع هذا العام، تبادل الطرفان ضربات محدودة إثر هجمات حدودية، لكن الأزمة سُرعان ما خُففت عبر حوار دبلوماسي أدى إلى تنسيق أمني مشترك وتبادل معلومات استخباراتية. وقد شكّلت هذه الخطوات تحوّلاً مهماً في مسار العلاقات بين البلدين، وتحديداً في ما يتعلّق بإدارة التهديدات المشتركة.
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، عقدت لجنة الأمن القومي الباكستانية اجتماعاً عاجلاً، وتم تعزيز المراقبة على الحدود الإيرانية، ورفعت حالة التأهب لدى وحدات مكافحة الإرهاب. كما كثّفت الطائرات المسيّرة من نشاطها، وعُزّزت آليات الدفاع الإلكتروني، بينما أُعيد تفعيل قنوات التنسيق الاستخباراتي مع طهران.
مصدر حكومي باكستاني صرّح بأن بلاده تسعى لتجنّب التصعيد، لكنها ستكون تحت ضغط داخلي ودولي متزايد إذا استمر الهجوم على إيران وارتفع عدد الضحايا المدنيين.
في خلفية هذا المشهد، يقف مشروع الغاز الإيراني-الباكستاني المتوقف منذ سنوات، كأحد ضحايا الصراع المحتمل. هذا المشروع الاستراتيجي الذي قُدرت تكلفته بـ7.5 مليار دولار، صُمم لتزويد باكستان بالطاقة من جارها الغني بالموارد، لكنه ظلّ معلّقاً بفعل العقوبات الأميركية. ومع بداية محادثات لإحيائه، جاءت الضربات الإسرائيلية لتضيف مزيداً من الغموض حول مستقبله.
لكن باكستان لا تبدو مستعدة للتخلي عن مصالحها الاقتصادية. مسؤول في وزارة الطاقة أكد أن بلاده تدرس حلولاً بديلة لتجاوز العقوبات، كالمقايضة أو الاستيراد عبر أطراف ثالثة، مشدداً على أن “الحاجة إلى الطاقة باتت ملحّة، وإيران تظل أقرب مورد ممكن”.
التجارة الثنائية بين البلدين شهدت بدورها انتعاشاً محدوداً في النصف الأول من عام 2025، رغم أنها تجري خارج النظام المصرفي الرسمي، بالاعتماد على آليات المقايضة عبر معبر ميرجاوة–تفتان الحدودي.
لكن هذا الانفتاح الاقتصادي لا يخفي الحذر السياسي. فإسلام آباد، التي تخضع لضغوط دولية وتواجه تحديات داخلية، تحاول الحفاظ على توازنها الدقيق. فهي تدرك حساسية موقفها بين تحالفات متناقضة: من جهة، علاقاتها مع الولايات المتحدة التي تدعوها للحياد، ومن جهة أخرى، ارتباطها الوثيق بالصين التي تسعى لبيئة مستقرة في المنطقة.
عندما ردّت إيران على الهجوم الإسرائيلي بصواريخ بالستية، دعت باكستان إلى التهدئة دون إدانة الرد الإيراني. كما امتنعت عن التوقيع على بيانات غربية تُحمّل إيران مسؤولية التصعيد، في مؤشر على موقف متوازن يرفض الانخراط في محور سياسي واضح، لكنه يُبقي على دعم مبدئي لطهران في وجه إسرائيل.
وفي تصريح لافت، قال مسؤول عسكري باكستاني: “نحن نعلم أن استقرار إيران يرتبط مباشرة باستقرار بلوشستان، لكننا لسنا مغفّلين… لسنا مستعدين للانجرار إلى حرب لا تخصنا”.
ومع ذلك، فإن ثقل باكستان – بصفتها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي – يجعل من مواقفها ذات صدى يتجاوز حدودها. في الرياض وأنقرة وكوالالمبور، تُراقب قراراتها بعناية، وتُحسب خطواتها بدقة.
ففي عالم تتشابك فيه المصالح وتتداخل فيه الجبهات، تسير باكستان على حبل مشدود. لا تريد أن تصمت، ولا تستطيع أن تصرخ. وبين الدبلوماسية والحذر، تسعى لصياغة موقف يحفظ كرامتها، ويقيها نيران حرب لا ترغب بها، لكنها لا تستطيع تجاهلها. (المجلة) وفي هذا السياق كتب أستاذ العلاقات الدولية د. عصام عبدالشافي:
لم أقتنع ـ ولو بنسبة 1% ـ بأن باكستان يمكن أن تصطف إلى جانب إيران في مواجهة الكيان الصهيوني، على الرغم من الضجيج الإعلامي والتصريحات الرنانة التي اجتاحت الفضاء خلال الأيام القليلة الماضية.
هذه القناعة ليست وليدة موقف آني، بل تستند إلى جملة من المعطيات والحقائق البنيوية والاستراتيجية:
أولاً : الجيش الباكستاني ليس مستقل الإرادة، بل هو مخترق حتى النخاع من جانب المؤسسة العسكرية الأمريكية، التي تتولى تدريبه وتسليحه وإعادة هيكلته منذ عقود. هذا الارتباط البنيوي يمنع اتخاذ أي قرار استراتيجي خارج المظلة الأمريكية.
ثانياً: النظام السياسي في باكستان يعاني من ضعف بنيوي وهشاشة هيكلية، تسمح لواشنطن بالتدخل المباشر في مفاصل الحكم واتخاذ القرار. لا ننسى أن الانقلابات العسكرية ظلت الأداة الأكثر فاعلية لإعادة إنتاج النخب الحاكمة منذ السبعينيات، وأن ما جرى مع عمران خان ليس عنا ببعيد.
ثالثاً : الفساد الممنهج في مؤسسات الدولة الباكستانية، وخاصة في النخبة السياسية والعسكرية، يجعلها عرضة للابتزاز والمساومة في أي لحظة. وهذا يفتح المجال للتلاعب بمواقف الدولة تجاه أي قضية إقليمية أو دولية.
رابعاً : العلاقات بين باكستان وإيران، رغم محاولات التجميل، لم تكن يوماً علاقات تحالف أو حتى تنسيق استراتيجي، بل تشوبها ملفات معقدة مثل النزاع في بلوشستان، والتوترات الحدودية، والاختلافات العقائدية، والتي بلغت في بعض المحطات حد الاشتباك المسلح.
خامساً : باكستان تعيش حالة استنزاف مزمنة في صراعها مع الهند، عدوها الاستراتيجي التاريخي، ولا يمكن لعاقل أن يتوقع منها فتح جبهة جديدة ضد تحالف صهيو-غربي قوي، خاصة وأن الهند نفسها حليف وثيق للكيان الصهيوني، كما أن الإمارات الداعمة للعدوان على إيران تحتفظ بعلاقات وثيقة مع إسلام آباد.
سادساً : أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لباكستان هو المملكة العربية السعودية، التي تُعد من أبرز ممولي وداعمي العدوان على إيران، ولا يمكن لباكستان ـ سياسياً أو عسكرياً ـ أن تنقلب على توجهات الرياض، لما في ذلك من تهديد مباشر لمصالحها المالية والاقتصادية.
الفرق كبير بين التفكير بالتمني والتفكير بالأوهام والتفكير بالوقائع.
في لحظات التحولات الكبرى والمواجهات المصيرية، لا تُبنى التحالفات على الشاشات أو في أروقة الإعلام، بل تُبنى على أساس المصالح المشتركة، والقناعات المتبادلة، والقدرة على دفع أثمان المواجهة.
تركيا
ملخص لردود الأفعال التركية على الحرب بين إسرائيل وإيران:
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده قوية وآمنة ولن تسمح بأي تهديد يستهدف استقرارها، محذراً من اختبار صبرها في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران. وفي موقف حازم، اعتبر أن العدوان الإسرائيلي يمثل “إرهاب دولة” وأن الرد الإيراني “مشروع”، مهاجماً نتنياهو بشدة.
تقود أنقرة تحركات دبلوماسية واسعة لاحتواء الصراع، أبرزها اقتراح قمة ثلاثية بين ترامب وبزشكيان في إسطنبول، واتصالات مع قادة الخليج وروسيا ومصر، بينما وضعت قواتها في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي امتداد للصراع.
وفي الداخل، تعهد أردوغان بمواصلة تعزيز الصناعات الدفاعية ورفع مخزون الصواريخ إلى مستوى الردع، متهماً المعارضة بالفشل في تمثيل الشعب. كما أكد أن تركيا مستعدة للعب دور الوسيط لإنهاء النزاع، داعياً إلى العودة للمفاوضات النووية.
وفي الأمم المتحدة، شددت أنقرة على ضرورة منع امتداد العنف إلى سوريا، منتقدة الغارات الإسرائيلية، وداعية إلى تفكيك الجماعات الإرهابية ونزع سلاحها دعماً لوحدة الأراضي السورية.
أردوغان: تركيا قوية وآمنة.. ولا أحد يستطيع اختبار صبرها
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الدولة التركية لن تسمح بأي محاولة لزعزعة استقرارها من الداخل أو الخارج، مشدّداً على أن حكومته ستواجه بحزم كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن البلاد ووحدتها.
وفي ختام كلمته أمام كتلة حزب العدالة والتنمية في البرلمان، قال أردوغان:
“اطمئنوا.. لن نسمح لأحد بزعزعة استقرار تركيا. كل من يحاول ذلك سيجد أمامه هذا الشعب الموحد وإرادة حكومتنا الفولاذية.”
ردّ حازم على التهديدات الإقليمية
في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، عبّر أردوغان عن قلقه إزاء سرعة انتشار النيران في المنطقة، مؤكداً أن تركيا تتابع عن كثب التطورات الأمنية، لا سيما الهجمات التي تتعرض لها إيران، وقال:
“النيران تشتعل بسرعة في المنطقة. نحن في حالة تأهب كامل، وقد أعددنا أنفسنا لمواجهة كل السيناريوهات. الشعب التركي يجب أن يكون مطمئناً، فالدولة متيقظة لمصالحها وأمنها.”
ورأى الرئيس التركي أن رد إيران على الهجمات الإسرائيلية حق مشروع وقانوني، معتبراً أن إسرائيل تتصرف وكأنها دولة فوق القانون:
“ما تقوم به إسرائيل هو إرهاب دولة حقيقي. الرد الإيراني دفاعٌ مشروع ضد عدوان غير مبرر.”
“نتنياهو تجاوز هتلر”… إدانة شديدة للعدوان الإسرائيلي
صعّد أردوغان لهجته تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متّهماً إياه بتجاوز وحشية النازية، وقال:
“ما يحدث في غزة إبادة جماعية صامتة. أكثر من 55 ألف مدني استُشهدوا خلال 620 يوماً. غزة محاصرة، مدمّرة، جائعة، عطشى… لم تصل الوحشية حتى في أوروبا خلال الهولوكوست إلى هذا الحد. نتنياهو تجاوز هتلر في طغيانه.”
وأضاف أن “من يدعم إسرائيل أو يصمت عن جرائمها، يتحمل المسؤولية الأخلاقية عن الدماء التي تسفك يومياً في فلسطين”.
تركيا في حالة تأهب… وردع عسكري متصاعد
وحذّر أردوغان من مغبة اختبار صبر تركيا أو التقليل من قدراتها الدفاعية، مؤكداً أن الجمهورية التركية ليست دولة يمكن مقارنتها بغيرها:
“تركيا ليست مجرد دولة. لا أحد يجرؤ على اختبارنا، ولا نسمح بأن تُضغط أعصابنا أو يُستنزف صبرنا. من يعتدي علينا سيجد الرد الذي يستحقه.”
كما استعرض أردوغان ما وصفه بـ”النهضة الدفاعية” التي تقودها حكومته، مشيراً إلى أن نسبة الإنتاج الدفاعي المحلي ارتفعت من 20% إلى أكثر من 80%، قائلاً:
“حققنا قفزات كبيرة في الصناعات الدفاعية. نمتلك اليوم طائرات مسيّرة، منظومات دفاع جوي، ومشاريع وطنية تغطي جميع الاحتياجات. لن نتوقف حتى نحقق الاستقلال الكامل في الدفاع.”
انتقادات للمعارضة… ووعود اقتصادية رغم الأزمة
على الصعيد الداخلي، وجّه أردوغان انتقادات لاذعة إلى المعارضة التركية، خصوصاً حزب الشعب الجمهوري، متهماً إياه بالخضوع لـ”حكم قوى فاسدة تتحكم ببلدية إسطنبول”، وقال:
“من المحزن أن تنأى المعارضة بنفسها عن الشعب في أيام العيد، بدل أن تحتضنه. ما نراه هو ضعف في الدور الديمقراطي وتراجع في الثقة العامة.”
كما أشار إلى استمرار جهود حكومته في مواجهة التضخم وغلاء المعيشة، معلناً رفع حجم برنامج الدعم الاقتصادي من 300 إلى 500 مليار ليرة، ومؤكداً على تحسّن القوة الشرائية للأجور مقارنة بالسنوات السابقة.
رسالة إلى الإقليم والعالم: نريد السلام لكننا مستعدون للقتال
وفي ختام خطابه، أكد أردوغان أن تركيا تسعى إلى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لكنها في المقابل لن تتردد في الرد الحاسم على أي تهديد:
“نحن نريد التعاون والأمن، لا الهيمنة. ولكن إذا فُرض علينا القتال، فسنقاتل بما ورثناه من عزيمة الأجداد، وسنُسقط كل من يتطاول علينا.”
إردوغان يقترح قمة ثلاثية في إسطنبول ويعلن رفع حالة التأهب: أنقرة تتحرك لتفادي انفجار إقليمي
في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، كشفت مصادر دبلوماسية تركية أن الرئيس رجب طيب إردوغان اقترح عقد قمة ثلاثية في إسطنبول تضم نظيره الأميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بهدف إحياء مفاوضات الملف النووي ووضع حد للصراع المتصاعد. وأوضحت المصادر أن ترامب أبدى استعداده للحضور “في أسرع وقت ممكن”، بينما أُبلغ الجانب الإيراني بالعرض التركي خلال اتصال هاتفي مباشر أجراه إردوغان بالرئيس بزشكيان مساء الاثنين.
تحركات دبلوماسية واسعة مع الخليج وتحذيرات من “فقدان السيطرة”
في موازاة المبادرة، تكثّف تركيا اتصالاتها مع قادة دول الخليج، في ظل القلق المشترك من تحول الحرب إلى نزاع إقليمي شامل، خاصة إذا أقدمت إيران على خطوات مثل إغلاق مضيق هرمز أو استهداف منشآت نفطية في الخليج.
وأشارت صحيفة حرييت المقربة من الحكومة إلى أن أنقرة تسعى لحشد دعم خليجي للضغط على الولايات المتحدة من أجل وقف التصعيد، معتبرة أن دول الخليج القلقة من امتلاك طهران لسلاح نووي تمثّل عاملاً مؤثراً في موازنة النفوذ الأميركي والإسرائيلي.
في السياق ذاته، أجرى الرئيس التركي اتصالاً هاتفياً مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، شدد خلاله على أن “الهجمات الإسرائيلية على إيران وضعت المنطقة بأكملها في دائرة الخطر”، مؤكداً أن أي حرب جديدة ستكون مدمّرة ولا تحتملها المنطقة.
إردوغان: لا حل إلا بالعودة إلى طاولة المفاوضات
في خطاب متلفز عقب ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، جدّد إردوغان موقف بلاده الرافض للعمل العسكري، قائلاً إن “إسرائيل، بذريعة ضرب منشآت نووية، تسعى لتحقيق أهداف خبيثة تتجاوز بكثير الادعاءات الأمنية”.
وأضاف أن أنقرة ماضية في توسيع قدراتها الدفاعية، بما في ذلك مشاريع تطوير الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، مشيراً إلى أن بلاده باتت تقترب من امتلاك “قوة ردع حقيقية” تمنع أي جهة من التفكير في انتهاك سيادتها.
الجيش التركي في حالة تأهب شامل
بصفتها عضواً في حلف الناتو، كانت تركيا على علم مسبق بالضربات الإسرائيلية على إيران، إذ رصدت أنظمتها الرادارية في قاعدة كورجيك شرق البلاد تحركات الطائرات لحظة بلحظة. وأكدت مصادر أن القوات الجوية التركية ردّت على انتهاك طائرات إسرائيلية لمجالها الجوي خلال الليلة الأولى للهجوم، حيث أقلعت مقاتلات “إف-16” وتم إرسال تحذيرات عاجلة عبر الاتصال اللاسلكي، ما أجبر الطائرات الإسرائيلية على مغادرة الأجواء التركية.
وفي ظل التطورات، وُضعت جميع القواعد الجوية التركية وطائرات الإنذار المبكر في حالة تأهب، مع توجيه أوامر بالتحرك الفوري لأي انتهاك جديد. كما تم تعزيز الاستعدادات على مستوى القوات التركية المنتشرة في عدد من الدول المجاورة.
الطاقة تحت المجهر: لا أزمة في الإمدادات… لكن القلق قائم
من جهته، طمأن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، المواطنين بأن إمدادات النفط والغاز لا تزال مؤمّنة لتلبية احتياجات السوق المحلية، رغم ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً بسبب النزاع. لكنه أقرّ بوجود احتمال لتأثر واردات تركيا من نفط الخليج، الذي يشكّل نحو 20% من استهلاكها، في حال تعطلت الملاحة في مضيق هرمز.
خلاصة: تركيا تتحرك لتكون الوسيط الإقليمي… وتتهيأ للأسوأ
بينما تتأرجح المنطقة على شفا مواجهة إقليمية مفتوحة، تتحرك أنقرة بخطين متوازيين: الأول دبلوماسي يقوده إردوغان عبر محاولات لخلق “قناة تفاوض ثلاثية”، والثاني عسكري وأمني يتمثل في رفع الجاهزية واليقظة الدفاعية.
وفي ظل انخراط واشنطن وإسرائيل ميدانياً، وتنامي المخاوف الخليجية، تبرز تركيا كطرف “متماسك” يحاول لجم الانفجار الإقليمي… لكنّ الساعات القادمة قد تكون الأكثر حساسية في حسابات الجميع. (الشرق الأوسط)
أردوغان: نخطط لرفع مخزون الصواريخ إلى مستوى الردع
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده تضع خطط إنتاج لرفع مخزونها من الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى إلى مستوى الردع.
جاء ذلك في خطاب متلفز، الاثنين، عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي في العاصمة أنقرة.
وأشار أردوغان إلى استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي أنهكت الجانبين، وتواصل خطر التوتر بين الهند وباكستان، لافتا في الوقت نفسه إلى الآلام الناجمة عن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وممارساتها الطائشة في سوريا ولبنان.
وأضاف: “ها هي إسرائيل نفسها تشن الآن هجوما على جارتنا إيران. يتضح يوما بعد يوم أن الهجوم الذي شنته بحجة استهداف المنشآت النووية الإيرانية له أهداف خبيثة وشاملة للغاية”.
– تأكيد على الدبلوماسية
وتابع: “أكدنا منذ البداية أن المناقشات بشأن البرنامج النووي الإيراني ينبغي أن تجري على طاولة المفاوضات وما زلنا على موقفنا”.
ولفت الرئيس التركي إلى أنه ووزير الخارجية هاكان فيدان بذلا منذ يوم الجمعة جهودا دبلوماسية مكثفة لوقف الصراع بين إسرائيل وإيران.
وبيّن أنه أجرى اتصالات مع رؤساء الولايات المتحدة دونالد ترامب، وإيران مسعود بزشكيان، وروسيا فلاديمير بوتين، ومصر عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف، والرئيس السوري أحمد الشرع، وسلطان عمان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
– استعداد للوساطة
وأوضح انه لفت خلال اتصالاته إلى التهديدات والمخاطر التي يشكلها العدوان الإسرائيلي على المنطقة بأكملها.
وأردف: “قلنا إن حل المشكلة ممكن من خلال الدبلوماسية والحوار، ونقلنا بكل وضوح لجميع محاورينا استعداد تركيا للقيام بما يقع على عاتقها بما في ذلك دور الوسيط”.
أردوغان أكد أن اللجوء إلى حل القضايا، التي يمكن حلها على طاولة الحوار، عبر استخدام السلاح والدمار والدماء والفوضى وقصف كل شيء دون التمييز بين المدنيين والجنود، لا يمكن التنبؤ بعواقبه.
وذكر أن إسرائيل التي دمرت غزة وتعربد على دول المنطقة قد تدرك خطأها في المستقبل ولكن حينها سيكون الأوان قد فات.
وأشار أردوغان إلى أن كل حادثة في المنطقة تُقلق جميع المجتمعات وتؤثر عليها، بسبب العلاقات المتجذرة الممتدة لآلاف السنين.
وتابع: ” إن الاعتداء على الشعب الفلسطيني وأرضه ليست حادثة تقتصر على بضعة ملايين هناك، كما أن الاعتداء على الشعب الإيراني وأرضه ليست حادثة تخص الدولة الإيرانية فحسب”.
ومضى قائلا: “إن كل خطوة تُتخذ في منطقتنا دون مراعاة هذه الحقائق تُنذر بوقوع كوارث أخرى في المستقبل، وعادة ما تُفضي هذه الكوارث إلى زوال الظالمين”.
وأوضح أن إسرائيل تخاطر شيئا فشيئا بوجودها ومستقبل مجتمعها مع كل ظلم وسفك للدماء وجريمة ضد الإنسانية ترتكبها.
وفجر الجمعة، أطلقت إسرائيل بدعم أمريكي هجوما واسعا على إيران بقصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا.
ومساء اليوم ذاته، بدأت إيران الرد بهجمات صاروخية بالستية وطائرات مسيّرة، خلفت أيضا أضرار مادية كبيرة و24 قتيلا و592 مصابا، وفق مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي.
وتعتبر تل أبيب وطهران بعضهما البعض العدو الألد، ويعد عدوان إسرائيل الراهن على إيران الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا من “حرب الظل”، عبر تفجيرات واغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح.
– تعزيز القدرات الدفاعية
وفي السياق، أكد الرئيس أردوغان أن تركيا ستصل خلال مدة ليست بالطويلة إلى مستوى من القدرات الدفاعية بحيث لن يجرؤ أحد على التطاول عليها.
ونوه أن تركيا باتت واحدة من الدول الرائدة عالميا في مجال الطائرات المسيرة وأصبحت علامة تجارية عالمية في مجال المركبات البرية المدرعة.
ولفت إلى أن تركيا اليوم تطور وتنتج طائراتها المأهولة والمسيرة، إلى جانب صواريخها وراداراتها ومركباتها البحرية وأنظمة اتصالاتها.
وأشار إلى أن تركيا وصلت إلى مرحلة تصنيع منتجاتها الدفاعية بشكل وكم يدعمان قدرتها على الردع.
وأردف: “في ضوء التطورات الأخيرة نضع خطط إنتاج لرفع مخزوننا من الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى إلى مستوى الردع”.
واستطرد: “سنبقي البلاد إن شاء الله بعيدة عن الآثار السلبية للأزمات في المنطقة”.
ولفت إلى أن هدف تركيا يتمثل في أن يسود السلام وتتعزز بيئة من الاستقرار والثقة في المنطقة. (يني شفق)
أردوغان: مستعدون لدور لإنهاء الصراع بين إسرائيل وإيران
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده مستعدة للقيام بدور تسهيلي لإنهاء الاشتباك الدائر بين إسرائيل وإيران فورا والعودة إلى المفاوضات النووية.
جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، الاثنين، بحسب بيان صادر عن رئاسة دائرة الاتصال بالرئاسة التركية.
وأوضح البيان أن أردوغان وبزشكيان بحثا خلال الاتصال الصراع الإسرائيلي الإيراني وملفات إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك بين البلدين.
وشدد الرئيس أردوغان على الأهمية التي توليها تركيا للحفاظ على السلام والاستقرار في منطقتها.
وصرح بأنه أجرى سلسلة اتصالات مع قادة عدد من الدول لبحث سبل إنهاء الاشتباك الدائر بين إسرائيل وإيران منذ 4 أيام.
تركيا : يجب منع امتداد العنف في المنطقة إلى سوريا
قال مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة أحمد يلدز إن دوامة العنف التي بدأتها إسرائيل بالهجمات “غير القانونية” على إيران لا ينبغي أن تمتد إلى سوريا.
جاء ذلك في كلمة له خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي انعقد لمناقشة الوضع في سوريا.
وأشار يلدز إلى أن التطورات في سوريا تشكل مصدر تفاؤل للمنطقة والعالم أجمع.
وقال: “يجب أن نكون يقظين، ويجب ألا ينحرف التقدم في سوريا بسبب التطورات السلبية في المنطقة الأوسع”.
وأضاف يلدز: “من الضروري بشكل خاص ضمان عدم امتداد دائرة العنف المستمرة في أعقاب الهجمات الإسرائيلية غير القانونية على إيران إلى سوريا. ويجب كبح جماح سياسات إسرائيل المزعزعة للاستقرار وعدوانها المستمر”.
وسلط يلدز الضوء على الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل على سوريا واستيلائها على أراضيها، مؤكدا أن هذه الضربات لا تقوض الاستقرار الداخلي للبلاد فحسب، بل تؤدي أيضا إلى تآكل قدرتها على محاربة داعش.
وأشار المسؤول التركي إلى أن هجمات إسرائيل تشكل تهديدا للأمن الجماعي الإقليمي والدولي، ودعا تل أبيب إلى وقف أفعالها التي تنتهك سيادة سوريا وتهدد السلام والاستقرار الإقليميين فورا.
وأكد يلدز على أهمية منع الجماعات الإرهابية من استغلال البيئة الأمنية الهشة في سوريا، وقال: “إن تركيا مستعدة للتعاون مع الحكومة السورية لمنع إحياء جميع أشكال الإرهاب، بما في ذلك تنظيم داعش”.
وأردف يلدز: “لا ينبغي أن يكون مستقبل سوريا رهينة للتنظيمات الإرهابية. ليس لمجاميع مثل داعش، وبي كي كي/ واي بي جي مكان في مستقبل سوريا”.
وأعرب يلديز عن قلقه العميق إزاء عدم التزام عناصر منظمة PKK/YPG الإرهابية التي تستخدم اسم “قوات سوريا الديمقراطية” بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع دمشق في 10 مارس/آذار، ولفت إلى أن الإجراءات المستمرة التي تقوم بها هذه العناصر تزيد من تعقيد المشهد الأمني في سوريا.
وتابع يلدز: “من الضروري تفكيك جميع الكيانات الإرهابية (في سوريا). يجب نزع سلاح جميع العناصر المسلحة، وتسليم قدراتها للدولة السورية، ويجب إبعاد جميع الجهات الإرهابية من الأراضي السورية”. (يني شفق)
أمريكا
ملخص للتداعيات عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران:
تشهد السياسة الأميركية لحظة حرجة مع تصاعد التوتر والعمليات العسكرية بين بين إسرائيل وإيران، وسط مؤشرات متزايدة لاحتمال تدخل عسكري أميركي مباشر، يقوده خطاب تصعيدي من الرئيس دونالد ترامب، مقابل انقسام واسع داخل الحزب الجمهوري وقاعدة “أمريكا أولاً” الرافضة لأي تدخلات عسكرية أمريكية في الخارج. فرغم تأكيدات رسمية بعدم التورط، تكشف تصريحات ترامب وقراراته العسكرية—مثل نقل حاملات طائرات وطائرات دعم إلى الشرق الأوسط—عن تحول محتمل في استراتيجية “ضبط النفس”. في المقابل، أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الجمهوريين يعارضون التدخل، ويدعمون خيار التفاوض النووي، ما يعكس تصاعد التباين داخل معسكر ترامب بين الجناحين الانعزالي والمؤيد للتصعيد. وزاد من تعقيد المشهد الدعم الواسع من التيار الإنجيلي الصهيوني لسياسات ترامب الداعمة لإسرائيل، على أسس دينية وعقائدية، ما جعل من الحرب أداة لتحقيق نبوءات نهاية الزمان ونزول المسيح في نظر البعض. في ظل هذه التحولات، يجد ترامب نفسه أمام اختبار حاسم: إما اتخاذ قرار صريح يعيد توحيد قاعدته، أو مواجهة تفكك داخلي متزايد قد يهدد تماسك كتلته الداعمة، وكذلك السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. بشكل عام.
هل تمهّد تصريحات ترامب لتدخل عسكري أميركي وشيك ضد إيران؟
تتزايد المؤشرات على احتمال تصعيد أميركي مباشر في الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، بعد سلسلة تصريحات مثيرة أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الساعات الماضية، عكست تغيراً واضحاً في نبرة الخطاب السياسي، وطرحت تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة بصدد التخلي عن الحذر الدبلوماسي والانخراط العسكري الفعلي.
وفي حديثه للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من قمة مجموعة السبع في كندا، قال ترامب بصراحة إن ما تريده واشنطن من طهران هو “إذعان تام”، وهو تعبير أثار موجة من التحليلات حول النوايا الأميركية الحقيقية في هذه الحرب.
تباين بين التصريحات والسياسات المعلنة
منذ بدء الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية فجر 13 يونيو/حزيران، حرصت الإدارة الأميركية على تأكيد عدم مشاركتها المباشرة في الهجوم، رغم إقرارها بمساعدة إسرائيل في اعتراض الصواريخ. وأوضحت واشنطن أن حكومة بنيامين نتنياهو اتخذت قرار الضربة بشكل منفرد، مع إبلاغ الأميركيين مسبقاً بتوقيتها دون تدخل في التخطيط أو التنفيذ.
ونقل موقع “أكسيوس” عن مصادر في الشرق الأوسط أن الإدارة الأميركية أبلغت حلفاءها بأنها لا تنوي التدخل في الحرب، ما لم تُستهدف المصالح أو القواعد الأميركية في الخليج.
لكن ذلك لم يمنع ترامب من إطلاق سلسلة من التغريدات الحادة على منصة “تروث سوشيال”، برر فيها الضربات الإسرائيلية، وهدد إيران بلغة تصعيدية غير مسبوقة، قائلاً:
“صبرنا بدأ ينفد… نطالب إيران بالاستسلام غير المشروط. نعرف تماماً أين يختبئ المرشد الأعلى… إنه هدف سهل، لكننا لن نقضي عليه في الوقت الراهن.”
تحركات عسكرية موازية… وتراجع في لغة الدبلوماسية
يرى مراقبون أن الخطاب المتشدد للرئيس ترامب، مصحوباً بتحركات عسكرية سريعة، يشير إلى أن واشنطن تقترب من التخلي عن سياسة “ضبط النفس”.
فقد عقد ترامب فور عودته من كندا اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي، بالتزامن مع إعلان البنتاغون عن نقل 28 طائرة تزود بالوقود وعشرات المقاتلات إلى المنطقة، فيما تحركت حاملة الطائرات “نيميتز” من بحر الصين الجنوبي باتجاه الشرق الأوسط.
كما عززت بريطانيا وبعض الدول الغربية انتشارها الجوي في قاعدة أكروتيري في قبرص، تحسباً لاحتمال اندلاع مواجهة أوسع تتطلب دعماً عسكرياً مباشراً لإسرائيل.
وفي مواقف أكثر وضوحاً، صرّح ترامب لقناة CNN أن إيران أهدرت مهلة الستين يوماً التي منحها لها للتفاوض، وأنها الآن أمام خيار وحيد:
“إيران لا تكسب هذه الحرب، ويجب عليها التفاوض فوراً قبل فوات الأوان.”
وفي تطور لافت، دعا ترامب سكان العاصمة طهران لإخلائها فوراً، في تكرار لصيغة التهديد التي استخدمها الجيش الإسرائيلي قبل قصفه لمواقع حيوية في الأيام الماضية.
قراءة في السياق: لحظة التحوّل الأميركي؟
يرى محللون أن التصعيد في لهجة ترامب لا يعكس مجرد غضب أو مناورة سياسية، بل يعبّر عن توجّه استباقي داخل الإدارة الأميركية يستعد لاحتمال تصعيد خطير تفرضه التطورات المتسارعة على الأرض.
وبحسب خبراء، فإن الولايات المتحدة قد لا تنتظر استهدافاً مباشراً لمصالحها حتى تتدخل، بل قد تبرر مشاركتها استناداً إلى ما تسميه “منع انهيار إقليمي شامل”، خاصة إذا اتضح أن إسرائيل غير قادرة وحدها على تدمير المنشآت النووية المحصنة، مثل فوردو.
في هذا السياق، يذهب بعض المراقبين إلى أن الساعات أو الأيام المقبلة قد تكون مفصلية، وربما تشكّل نقطة تحوّل نحو تدخل أميركي واسع النطاق، رغم التصريحات الرسمية التي تحاول حتى اللحظة التمسك بالحياد النسبي.
إشارات الحرب تتكثف… والمنطقة على صفيح ساخن
بين الخطاب التصعيدي والتحركات الميدانية، وبين النفي العلني والاستعدادات العسكرية، تقف الإدارة الأميركية أمام منعطف حرج. فهل يتجه ترامب لحسم الصراع بجبهة موحدة مع إسرائيل؟ أم أن الضغط والتهديد سيبقى ورقة تفاوض لا أكثر؟
المنطقة، بكل الأحوال، تقترب من مشهد جديد قد يعيد رسم التوازنات الإقليمية لعقود قادمة.
تحالف نبوءات النهاية: كيف يدفع نتنياهو والصهيونية المسيحية الشرق الأوسط نحو الهاوية
يشهد الشرق الأوسط اليوم تحوّلاً خطيراً في دوافع الصراع، ليس فقط مدفوعاً بالمصالح الجيوسياسية، بل مدفوعاً كذلك بتصورات دينية مروّعة لدى قادة سياسيين ومتطرفين دينيين، يرون في اشتعال المنطقة تمهيداً لـ”نهاية الزمان”. هذا التحول يظهر جلياً في التحالف الوثيق بين الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، وبين التيار المسيحي الصهيوني الإنجيلي في الولايات المتحدة، والذي يرى في الحروب الإقليمية الحالية بوابة لعودة المسيح المنتظر.
سياسة تُقاد بالنبوءة لا بالمنطق
يعتمد هذا التحالف على تفسير توراتي للصراعات، حيث يُصور القتال في غزة، ولبنان، وسوريا، والآن ضد إيران، على أنه جزء من معركة “مقدسة” كُتب لها أن تحدث. وتلقى هذه الرؤية دعماً واسعاً في أوساط الإنجيليين الأميركيين، الذين ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها مركز الأحداث الأخيرة في العالم. الهدف؟ تسريع تحقيق نبوءات “نهاية الأيام”، مهما كلف الأمر من أرواح أو استقرار.
رئيس الوزراء نتنياهو، من جانبه، يُكرّس هذا التصور عبر خطاباته، مستعيناً بمراجع توراتية مثل “املق” (أعداء بني إسرائيل التاريخيين)، وواصفاً حماس بـ”أبناء الظلام”، في مقابل إسرائيل التي تمثل “أبناء النور”، مؤكداً أن هذا صراع وجودي لا مجال فيه للرحمة أو التسوية. هذه اللغة الدينية، التي كانت تُستخدم في الكتب المقدسة لوصف حروب إبادة، باتت اليوم تُستخدم لتبرير قصف غزة، واستهداف مدنييها.
الكنائس الكبرى تدعم الحرب… من أجل “العودة الثانية”
النفوذ المسيحي الصهيوني في الولايات المتحدة ليس هامشياً، بل يبلغ ملايين الأتباع، وينخرط في أعلى مستويات صنع القرار السياسي. قادة مثل القس جون هاجي، رئيس أكبر لوبي مؤيد لإسرائيل في أمريكا، لا يخفون أن دعمهم لإسرائيل لا ينبع من حب دائم للشعب اليهودي، بل من قناعة بأن قيام حرب كبرى في الشرق الأوسط شرط أساسي لعودة المسيح، وبعدها – حسب معتقدهم – إما أن يعتنق اليهود المسيحية أو يهلكوا.
وقد ضخّت هذه الجماعات عشرات الملايين من الدولارات لدعم الاستيطان الإسرائيلي، ومعارضة أي اتفاقيات سلام، وعرقلة الاتفاق النووي مع إيران، ودفع الإدارة الأميركية لاتخاذ خطوات أحادية مثل نقل السفارة إلى القدس.
الهيكل الثالث: خطوات عملية على الأرض
في هذا السياق، لا تقتصر التحركات على الخطابات، بل تشمل خطوات فعلية على الأرض، مثل إدخال “عجول حمراء” إلى الضفة الغربية، وهي رمز طقسي يعتقد أنه يُمهّد لبناء الهيكل الثالث في القدس على أنقاض المسجد الأقصى. مثل هذه التحركات تُشعل الغضب الإسلامي، وتدفع باتجاه تفجير ديني لا سياسي فحسب.
حرب مقدسة… ونتائج كارثية
النتائج حتى الآن مروعة: آلاف القتلى في غزة، مجازر في إسرائيل، وتصعيد مع إيران بلغ حد القصف المتبادل للمواقع النووية، وسط تهليل من بعض القادة المسيحيين في أميركا بأن “المعركة الأخيرة” قد بدأت. التحالف العقائدي بين نتنياهو وهذه الجماعات جعل من السلام خيانة، ومن أي دعوة لوقف إطلاق النار، ضعفاً في الإيمان.
وبينما يدفع هذا التحالف الديني-السياسي باتجاه حروب مستمرة، يتم تجاهل أصوات العقل والدبلوماسية. في هذا المشهد، لا مكان للمفاوضات، لأن قادة الطرفين لا يرون الحرب كأزمة قابلة للحل، بل كقدر مقدّس يجب تحقيقه.
النتيجة: نبوءة تحقق ذاتها
إن أخطر ما في هذا التحالف هو أنه يصنع واقعاً سياسياً يستجيب لنبوءات دينية متطرفة، فيُبرر كل تصعيد بوصفه خطوة نحو النهاية المحتومة. وفي ظل هذا الجنون، تصبح حياة المدنيين وأمن المنطقة رهينة لتفسير لاهوتي يُحاكي نهاية العالم.
الشرق الأوسط، الذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى عقلانية واحتواء، بات أسيراً لتحالف بين المتعصبين الدينيين والسياسيين الذين يرون في الدمار خلاصاً، وفي الحرب بركة.
قادة الإنجيليين في أميركا يثنون على دعم ترامب الثابت لإسرائيل في حربها مع إيران
عبّر عدد من أبرز القادة الإنجيليين في الولايات المتحدة عن دعمهم الكامل للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكدين أن موقفه “الراسخ وغير المتزعزع” تجاه إسرائيل في ظل الحرب مع إيران يعكس التزاماً دينياً وتاريخياً لا يقبل المساومة، وليس مجرد حساب سياسي.
وفي تصريحات لشبكة “فوكس نيوز ديجيتال”، قال الدكتور مايك إيفانز، مؤسس منظمة “أصدقاء صهيون”، إن الإنجيليين الذين يبلغ عددهم 52 مليوناً في أميركا “كانوا العامل الحاسم في وصول ترامب إلى البيت الأبيض”، مضيفاً: “نحن نؤمن بكلام الكتاب المقدس بأن الأرض من حق إسرائيل، من القدس إلى يهودا والسامرة”.
دعم ديني قبل أن يكون سياسياً
بدوره، قال القس جون هاجي، مؤسس ورئيس منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” (CUFI)، التي تضم أكثر من 10 ملايين عضو، إن تأييد الإنجيليين لإسرائيل متجذّر في العقيدة المسيحية، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر، وتفاقم في أعقاب مجزرة حماس في 7 أكتوبر.
وأكد هاجي أن “التفاوض مع إيران أو محاورة الإرهابيين لا يُعد فقط سياسة فاشلة، بل هو شر أخلاقي بحد ذاته”، مشيراً إلى ثقته بأن ترامب “لن يقع في فخ عزلة داخلية أو خداع تفاوضي من الإيرانيين”.
وبعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، دعا هاجي أنصاره للتواصل مع الرئيس ترامب وتوجيه الشكر له على دعمه لإسرائيل، مؤكداً أن “مستقبل إيران كقوة شر في الشرق الأوسط أصبح على المحك، وعلى أميركا أن تقف إلى جانب حليفتها الوحيدة في المنطقة التي تقاتل من أجل حماية العالم الحر”.
ترامب بين العقيدة والحسابات العسكرية
الدكتور إيفانز أثنى على “استراتيجية ترامب في التعامل مع إيران”، مشيراً إلى أنه “يمنح الإيرانيين فرصة للخروج، لكنه في الوقت نفسه لا يستبعد توجيه ضربة عسكرية قاسية إذا هددت طهران المصالح الأميركية أو قواعدها في الشرق الأوسط”.
القس الإنجيلي البارز فرانكلين غراهام، رئيس منظمة “ساماريتان بيرس” ورابطة “بيلي غراهام”، شارك أيضاً في هذا الحراك المؤيد، قائلاً عبر منصة “إكس”: “إيران أعلنت أنها تريد محو إسرائيل من الوجود، وهي ترغب كذلك في تدمير أميركا. علينا أن نصلي من أجل السلام في القدس، كما أوصانا المزمور 122:6”.
وأكد غراهام أن “أرض إسرائيل هي وعد إلهي لإبراهيم وإسحاق ويعقوب، وكل إنش منها حق لليهود”، مشيراً إلى أن إسرائيل تمثل الديمقراطية الوحيدة الحقيقية في الشرق الأوسط، ولا بد من استمرار الدعم الأميركي لها.
تحذير من الاعتراف بدولة فلسطينية
في سياق متصل، أعرب إيفانز عن رفضه لمحاولات بعض القوى الدولية، وعلى رأسها فرنسا والسعودية، للدفع نحو اعتراف أممي بدولة فلسطينية عبر مؤتمر دولي مزمع. وقال: “نعلم أن الرئيس ترامب سيعارض هذا المسعى في مجلس الأمن، ففكرة (الأرض مقابل السلام) لم تُجدِ نفعاً، بل أدت إلى مزيد من العنف وخسارة الأرواح”.
وأضاف: “الفلسطينيون يمكن أن يحظوا بحياة أفضل، كما هو حال العرب داخل إسرائيل، لكن ذلك مرهون بتخليهم عن الإرهاب. ولا شك لدينا أن الرئيس يقف مع هذا الموقف الأخلاقي، كما يفعل جميع الإنجيليين”.
قلق من تصاعد معاداة السامية
كما عبّر القس هاجي عن قلقه من تصاعد الهجمات المعادية للسامية داخل الولايات المتحدة، مشيراً إلى حوادث مؤلمة مثل الهجوم الإرهابي في بولدر – كولورادو، وإطلاق النار أمام متحف التراث اليهودي في واشنطن، مؤكداً أن “الكونغرس مطالب بتمرير قوانين صارمة لمكافحة هذا الوباء”.
وانتقد التأخير في إقرار “قانون التوعية بمعاداة السامية” و”قانون مكافحة الكراهية ضد إسرائيل في العقود الفدرالية”، معتبراً أن “مماطلة الكونغرس في هذا الشأن أمر مشين”. (فوكس نيوز)
استطلاع: غالبية الجمهوريين يعارضون التدخل العسكري الأميركي في صراع إيران وإسرائيل
كشف استطلاع جديد أجرته مؤسسة “YouGov” أن غالبية الناخبين الجمهوريين في الولايات المتحدة يعارضون انخراط بلادهم عسكرياً في النزاع المتصاعد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يعكس تحولاً واضحاً في المزاج الشعبي داخل القاعدة المحافظة بشأن السياسة الخارجية، ولا سيما في ظل تزايد القلق من احتمال انزلاق واشنطن إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وبحسب الاستطلاع، فإن 51% من الجمهوريين قالوا إن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في هذا الصراع، مقابل 23% فقط يؤيدون التدخل. وفي أوساط الأميركيين عموماً، ارتفعت نسبة المعارضين للتدخل إلى 60%، بينما لم يؤيد الانخراط سوى 16% فقط.
انقسام داخل الحزب الجمهوري… والعين على ترامب
هذه الأرقام تُسلّط الضوء على الانقسام داخل الحزب الجمهوري بين تيارين رئيسيين: الأول يدعو إلى انعزال أميركي والتركيز على الشؤون الداخلية، والثاني يتبنى موقفاً أكثر تشدداً في السياسة الخارجية، ويرى في المواجهة مع إيران فرصة لإضعاف قدراتها النووية وتعزيز أمن إسرائيل.
في هذا السياق، صرحت النائبة الجمهورية البارزة مارجوري تايلور جرين، أحد الداعمين الرئيسيين لترامب وتياره الشعبوي، أن نتائج الاستطلاع ليست مفاجئة، مشيرة إلى أن الأميركيين “سئموا الحروب التي لا نهاية لها”، وأضافت: “الناخبون صوتوا في نوفمبر لإنهاء الحروب الخارجية، وليس لبدء صراع جديد”.
الكونغرس يتحرك… والتشكيك في صلاحيات الرئيس
في تطور لافت، تقدم عضوا الكونغرس توماس ماسي (جمهوري) ورو خانا (ديمقراطي) بمشروع قرار جديد يستند إلى “صلاحيات الحرب” المنصوص عليها في الدستور الأميركي، وينص على أن الكونغرس هو الجهة الوحيدة المخولة بإعلان الحرب، مؤكدين أن الولايات المتحدة لم تعلن الحرب على إيران، وبالتالي لا يحق للرئيس الزج بالبلاد في صراع جديد دون موافقة تشريعية.
وقال ماسي في منشور على منصة “إكس”: “هذا ليس صراعنا، ولكن إذا كان كذلك، فيجب أن يقرره الكونغرس وفقاً للدستور”.
كما كان من اللافت فرد المذيع الشهير تاكر كارلسون بثاً للحديث عن هذا الموضوع سواء مع ستيف بانون، المنظر الاستراتيجي لترامب في فترته الرئاسية الأولى، أو السناتور تيد كروز أحمد داعمي تغيير النظام في إيران، لتوضيح الرفض العميق داخل القوى الصلبة في معسكر ترامب “ماجا” (انظر)
ترامب بين الضغوط وتوازن الحسابات
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي واجه ضغوطاً متزايدة منذ الضربة الإسرائيلية لإيران، بدا حذراً في موقفه، إذ دعا طهران إلى “الإخلاء الفوري” دون أن يعلن صراحة دعماً لتدخل أميركي مباشر، مكتفياً بالتأكيد على ضرورة “نهاية حقيقية” للنزاع.
ووفق مستشاره الإستراتيجي، فإن ترامب “لا يميل إلى نهج انعزالي بحت، ولا إلى التدخلات العسكرية المفتوحة”، بل يفضل “البراجماتية”، معتبراً أن الضربات الإسرائيلية قد تكون كافية لإضعاف إيران دون الحاجة لتورط عسكري أميركي مباشر.
مزاج الناخبين… بين العزلة والردع
الاستطلاع أظهر أيضاً أن 61% من الجمهوريين يؤيدون العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، بينما يعارض ذلك 18% فقط، مما يشير إلى رغبة حقيقية داخل القاعدة المحافظة في اتباع نهج دبلوماسي بدلاً من التصعيد العسكري.
لكن في المقابل، ما زال 60% من الجمهوريين ينظرون إلى إيران على أنها “عدو مباشر” للولايات المتحدة، و22% يعتبرونها “دولة غير صديقة”، مما يعكس استمرار التصور العدائي التقليدي تجاه طهران، وإن كان لا يترجم مباشرة إلى دعم للحرب.
المشهد القادم: قرارات صعبة ومخاطر مفتوحة
مع استمرار الغارات الإسرائيلية وتصاعد التوتر في مضيق هرمز، يواجه البيت الأبيض تحدياً حاسماً بين تهدئة الشارع الأميركي الرافض للحرب، واحتواء الضغوط من اللوبيات الداعمة لإسرائيل والتي تدفع باتجاه تحرك عسكري.
وفي ظل تمسك ترامب حتى الآن بعدم التدخل، وتعاظم الأصوات في الكونغرس المطالبة بتقييد صلاحياته، يبدو أن مستقبل الصراع لا يتوقف فقط على ما تفعله إسرائيل أو إيران، بل أيضاً على ما إذا كان صانع القرار في واشنطن سيستمع إلى صوت القاعدة الشعبية… أم يُذعن لصقور الحرب.
رسائل متضاربة في صفوف “أمريكا أولاً”: انقسام داخل معسكر ترامب حول الموقف من الحرب بين إسرائيل وإيران
نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسالة نصية تلقاها من السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكبي، دعاه فيها إلى “الاستماع لصوت الله ولحدسه الداخلي” في ما يتعلق بالموقف من إيران.
وقال هاكبي في رسالته: “سيدي الرئيس، لقد حفظك الله في باتلر، بنسلفانيا، (في إشارة إلى محاولة الاغتيال الفاشلة) لتكون الرئيس الأكثر تأثيراً منذ قرن، وربما في تاريخ الولايات المتحدة.”
وأضاف: “هناك العديد من الأصوات من حولك، لكن هناك صوت واحد فقط يهم – صوته هو.”
هاكبي، وهو من أركان الطائفة الإنجيلية المسيحية الصهيونية قال أيضاً: “لم أُحاول التأثير عليك كثيراً، لأنني أثق بحدسك. لم يكن هناك رئيس، منذ ترومان عام 1945، في موقعك هذا… أنت لم تختر هذه اللحظة، بل هي التي اختارتك.”
رسالة هاكبي جاءت وسط تصاعد الخلافات داخل التيار اليميني المؤيد لترامب (MAGA) حول مدى تأييد التدخل الأمريكي في المواجهة بين إسرائيل وإيران.
من جهتها، كتبت مارجوري تايلور غرين، النائبة الجمهورية اليمينية الشعبوية المتشددة، أن “كل من يتلهف لتورط أمريكي كامل في حرب إسرائيل/إيران لا يمثل شعار ‘أمريكا أولاً'”، مضيفة: “لا أريد رؤية إسرائيل أو إيران أو غزة أو أوكرانيا أو روسيا تحت القصف. ولا نريد أن نُجبر على المشاركة أو الدفع مقابل ذلك!”
وأنهت منشورها بكتابة شعار: “أمريكا أولاً! أمريكا أولاً! أمريكا أولاً!!! هكذا نعيد لأمريكا عظمتها!”
أمّا الإعلامي المحافظ المؤثر تاكر كارلسون، المعروف بقربه من ترامب، أعرب عن رفضه للتدخل الأمريكي في الحرب، قائلاً إن على الولايات المتحدة أن “تدع إسرائيل تقاتل حروبها بنفسها”، معتبراً أن إسرائيل دولة مستقلة يمكنها اتخاذ قراراتها وحدها، لكن ليس بدعم أمريكي تلقائي.
ترامب لم يتأخر في الرد، وكتب على منصته تروث سوشيال: “ليشرح أحد من فضلكم لتاكر كارلسون المجنون أن إيران يجب ألا تمتلك سلاحاً نووياً أبداً.”
وفي لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، أضاف ترامب: “لا أعرف ما الذي يقوله تاكر، فليذهب إلى التلفاز ويقله إن كان يريد أن يسمعه الناس.”
وفي منشور لاحق كتب: “لـ ‘أمريكا أولاً‘ معانٍ عظيمة، منها أن إيران لا يجب أن تحصل على سلاح نووي. أعيدوا لأمريكا عظمتها!”
لورا لوومر، ناشطة يمينية مقربة من ترامب، هاجمت المترددين في دعم ترامب، قائلة إن “أمريكا أولاً” تعني ما يقرره ترامب فقط، لأنه هو من أنشأ الحركة. وانتقدت من قالت إنهم “باعوا أنفسهم للمال العربي”، كما سخرت من تاكر كارلسون بلقب “تاكر قطرلسون”، في إشارة إلى مزاعم تمويل قطري لحملات مؤيدة لفلسطين في أمريكا.
وهاجم نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، مزاعم ديفيد ريابوي، أحد مؤيدي ترامب، والتي ادعى فيها أن فريق فانس قام بتسريب معلومات بهدف التأثير على ترامب لثنيه عن مهاجمة إيران.
وقال فانس: “هذا الفاشل (الذي دعم رون ديسانتيس في الانتخابات التمهيدية عام 2024) يهاجم الآن فريقي الذي يعمل بلا توقف لتنفيذ أجندة الرئيس. لا يملك أي دليل على هذا الافتراء التافه، لأنه ببساطة لا يوجد.”
ويُعرف فانس بتوجهه الانعزالي في السياسة الخارجية، ويُعتقد أنه يحاول التأثير خلف الكواليس على موقف الإدارة من الملف الإيراني. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أنه في حال قرر ترامب الموافقة على تدخل أمريكي ضد إيران، فإن فانس سيدعم هذا القرار علناً. (AP) (واشنطن بوست)
تحليلنا:
في مواجهة الحرب بين إسرائيل وإيران، تواجه استراتيجية “إنهاء الحروب” التي روّج لها دونالد ترامب اختباراً قاسياً يهدد بتقويض أحد أهم أسس خطابه السياسي. فالرئيس الذي صعد بشعار “لا حروب جديدة” يجد نفسه اليوم محاصراً بين تحذيراته المتكررة لإيران ومطالب قاعدته بعدم التورط في صراعات جديدة. بعد مغادرته المفاجئة لقمة مجموعة السبع، واستدعائه فريق الأمن القومي، أطلق دعوات صريحة لإيران بالاستسلام، ملمّحاً إلى إمكانية اتخاذ إجراء عسكري، دون أن يذهب حد الإعلان عن تدخل مباشر. هذا الغموض أثار قلقاً متزايداً في أوساط مؤيديه، خاصة في التيار اليميني الشعبوي، الذين باتوا يرون أن التردد في الحسم يفتح الباب لانقسام داخلي خطير يهدد وحدة خطاب “أمريكا أولاً”.
الاستطلاعات تشير إلى انقسام حاد داخل صفوف الجمهوريين وقاعدة “MAGA”، حيث يرفض غالبية الناخبين أي تدخل عسكري مباشر، فيما تدعو أقلية لدعم إسرائيل من منطلقات دينية أو استراتيجية. في المقابل، تنقسم النخبة الجمهورية بين جناح انعزالي رافض للتورط الخارجي، وآخر يميني داعم لتوسيع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، ما يعكس أزمة ثقة في توجهات ترامب الخارجية.
في المحصلة، يبدو أن شعار “أمريكا أولاً” يفقد تماسكه مع احتدام النقاش حول الحرب. ترامب في لحظة مفصلية، إما أن يختار طريق الدعم العسكري الكامل لإسرائيل، أو يلتزم بمسار الانعزال الذي طالما تغنّى به، أو يبحث عن مخرج دبلوماسي من خلال التفاوض النووي مع طهران. أي قرار سيتخذه قد يعيد توحيد معسكره أو يعمّق الانشقاق داخله، في لحظة سياسية لا تحتمل التردد.
تجدر الإشارة إلى أننا في دراستنا التي نشرها المعهد المصري للدراسات بعنوان: ترامب 2.0 – بين العواصف الداخلية والمواجهات الخارجية – رئيس منفلت أم نظام عالمي جديد؟ قد توقعنا بالضبط مثل هذه الاختلافات والتنازعات داخل معسكر ترامب نفسه، بما يساهم، إضافة للتنازعات مع معسكر “الدولة العميقة” المناهض لترامب، في التقويض التدريجي لتماسك المجتمع الأمريكي، ويؤدي بالتالي إلى إضعاف الموقف الأمريكي، مما سيزيد من التراجع في النفوذ الإمبراطوري للولايات المتحدة حول العالم.
ترامب يستقبل قائد الجيش الباكستاني في لقاء نادر بالبيت الأبيض
في خطوة غير مسبوقة، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، على مأدبة غداء داخل البيت الأبيض، في لقاء هو الأول من نوعه يُعقد دون مشاركة أي من كبار المسؤولين المدنيين الباكستانيين.
ويُنظر إلى هذا الاجتماع على أنه إشارة قوية إلى رغبة واشنطن في إعادة تنشيط العلاقات مع إسلام آباد، بعد فترة من الفتور سادت خلال عهد ترامب وسلفه جو بايدن، وسط تحوّل استراتيجي نحو تعزيز الشراكة مع الهند في إطار التنافس الجيوسياسي مع الصين.
وبحسب مصادر دبلوماسية باكستانية، يُتوقع أن يكون منير قد ناقش مع ترامب سبل نزع فتيل التوتر في الشرق الأوسط، حيث يُعتقد أنه حث الإدارة الأميركية على تجنب الانخراط العسكري إلى جانب إسرائيل ضد إيران، والدفع باتجاه التهدئة. ويُذكر أن السفارة الباكستانية في واشنطن تتولى تمثيل المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة منذ قطع العلاقات بين البلدين.
وفي سياق متصل، كان ترامب قد صرّح في وقت سابق من الشهر الماضي بأن الهند وباكستان اتفقتا على وقف لإطلاق النار بعد تصعيد عسكري استمر أربعة أيام في مايو/أيار الماضي، مشيراً إلى أن الاتفاق جاء نتيجة وساطة أميركية.
غير أن الرواية الهندية جاءت مختلفة، إذ قال وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري إن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أبلغ ترامب بأن التهدئة تمت عبر قنوات اتصال مباشرة بين الجيشين، دون تدخل طرف ثالث. وعلى الرغم من امتنان باكستان المعلن لجهود واشنطن، نفت نيودلهي أي وساطة أميركية.
ويعود سبب التصعيد الأخير بين الجارتين النوويتين إلى هجوم دموي وقع في 22 أبريل/نيسان في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير، أسفر عن مقتل 26 شخصاً، معظمهم من السياح. واتهمت نيودلهي جماعات “إرهابية” تدعمها باكستان بالوقوف خلف الهجوم، وهي اتهامات نفتها إسلام آباد بشدة. (الجزيرة نت)
متابعات عربية
تصعيد إقليمي واحتراز عربي: دول المنطقة تتأهب بعد الضربة الإسرائيلية على إيران
عقب الهجوم الجوي الواسع الذي شنّته إسرائيل على إيران فجر الجمعة، والذي أُطلق عليه اسم “الأسد الصاعد”، سارعت العديد من الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات احترازية غير مسبوقة، شملت إغلاق الأجواء، وتعليق الرحلات، وإطلاق تحذيرات للمواطنين، واعتراض مسيرات، وتقديم شكاوى دولية، في مشهد يعكس حالة الترقب والخوف من انزلاق المنطقة إلى حرب مفتوحة.
تحذيرات من السفر ومغادرة مناطق التوتر
وزارة الخارجية العُمانية كانت من أولى الجهات التي حثت مواطنيها على مغادرة مناطق التوتر فور توفر الظروف، داعية من يخططون للسفر إلى تأجيله حتى إشعار آخر.
الخارجية الكويتية بدورها دعت مواطنيها لاتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر ومغادرة المناطق الساخنة فوراً.
خطة طوارئ للطاقة في مصر
مع توقف إمدادات الغاز من الشرق (في إشارة إلى الغاز الإسرائيلي)، فعّلت وزارة البترول المصرية خطة الطوارئ الوطنية، التي تضمنت خفض الغاز عن بعض الأنشطة الصناعية، وتعويضه برفع استهلاك المازوت والسولار في محطات الكهرباء، لتفادي أي انقطاع أو تخفيف للأحمال.
إغلاق الأجواء وتعليق الرحلات
عدة دول أعلنت إغلاق مجالها الجوي مؤقتاً:
العراق: إغلاق تام للأجواء وجميع المطارات.
الأردن: إغلاق المجال الجوي تحسباً لتصعيد متوقع.
سوريا: الهيئة العامة للطيران المدني أعلنت إغلاق الأجواء وتوقّف جميع الرحلات من وإلى الإمارات والسعودية.
الخطوط الجوية السورية قررت تعليق جميع الرحلات الجوية مؤقتاً وتحويل بعضها إلى مطار حلب بدلاً من دمشق، حرصاً على سلامة الركاب والطاقم.
إغلاق حدودي ومعابر برّية
أغلق الأردن معبر جسر الملك حسين الحدودي مع الضفة الغربية، وهو إجراء مماثل لما قامت به إسرائيل من جانبها، ما يعكس حجم القلق من امتداد التصعيد إلى الأراضي الفلسطينية.
اعتراض مسيرات داخل المجال الجوي الأردني
أعلن الجيش الأردني اعتراض صواريخ ومسيرات دخلت مجاله الجوي، مؤكداً أنه لن يسمح باستخدام أراضيه كساحة للصراع. كما نفّذ سلاح الجو طلعات مكثفة على الحدود لمراقبة الأجواء تحسباً لأي اختراقات جديدة.
تحرّك دبلوماسي عراقي في مجلس الأمن
أعلن العراق أنه تقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل بسبب “اختراق الأجواء العراقية لتنفيذ اعتداءات عسكرية في المنطقة”، مطالباً المجتمع الدولي بوقف الانتهاكات المتكررة وضمان احترام السيادة العراقية. (الأناضول)
تشتيت المساجين السياسيين في تونس: سياسة “العقاب البعيد” أم وسيلة لكسر المعارضة؟
في خضم الأزمة السياسية التي تشهدها تونس، تتهم قوى المعارضة السلطات بممارسة ضغوط متزايدة على المعتقلين السياسيين، ليس فقط عبر أحكام ثقيلة في ما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”، بل أيضاً من خلال إجراءات انتقامية مستمرة، أحدثها ما يُعرف بـ”تشتيت المعتقلين” في سجون بعيدة عن العاصمة.
عقوبة صامتة تمتد إلى العائلات
في الأسابيع الأخيرة، أُعلن عن نقل عدد من قيادات المعارضة المحكومين من سجن المرناقية إلى سجون داخلية نائية في محافظات مثل بنزرت، نابل، سليانة، وجندوبة. هذه التنقلات جرت دون إخطار رسمي للمحامين أو العائلات، ما وصفته المعارضة بـ “العقاب النفسي والجسدي المزدوج”.
وتشير شهادات من محامين وعائلات إلى أن هذه التنقلات جعلت زيارة المعتقلين أكثر صعوبة وتعقيداً، في ظل تدهور البنية اللوجستية للمواصلات وتكاليف السفر المرتفعة، ما يزيد الضغط على الأهالي ويحد من تواصلهم مع ذويهم.
قصة تعكس وجع وطن
من أبرز من تضرروا من هذه السياسة، عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، والمحكوم عليه بالسجن 18 عاماً. وقد نُقل مؤخراً إلى سجن برج الرومي في بنزرت. أخوه، أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص، وصف الزيارة إلى هذا السجن بأنها “عودة إلى الذاكرة المؤلمة”، قائلاً:
“في 1967 كنت أنا السجين، وزارني شقيقي عصام وكان عمره 11 عاماً. اليوم، أعيد الكرة وأنا في الـ81، أزوره في السجن وهو قد بلغ السبعين”.
ورأى الشابي أن هذه السياسة تمثل تراجيديا وطنية متواصلة تنهش النخبة الفكرية والسياسية للبلاد، مشيراً إلى أن ما يحدث هو “أسلوب ممنهج لكسر الإرادة السياسية لعائلات المعتقلين” ضمن منظومة عقاب تهدف للعزل والإرهاق.
توظيف القضاء لعزل المعارضين؟
واعتبر الشابي أن نقل المعتقلين ليس إجراءً إدارياً روتينياً، بل خطوة مدروسة لتحطيم المعنويات، في وقت لا تزال فيه جلسات النقض معلّقة، ما يزيد الشكوك حول استقلالية القضاء. وقال إن السلطة التنفيذية هي من تتحكم في مسار العدالة، محذراً من أن الاستئناف سيؤدي على الأرجح إلى تثبيت الأحكام بهدف “ترهيب المجتمع وتصفية الخصوم”.
النهضة: استمرار سياسة التنكيل
بدوره، أكد عماد الخميري، القيادي في حركة النهضة، أن ما يجري امتداد لنهج سلطوي قديم يعود إلى زمن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، حين كانت السجون تُستخدم وسيلةً لمعاقبة الأسر عبر تشتيت أبنائها.
وقال الخميري إن نقل المعتقلين السياسيين إلى سجون نائية يُضاعف العبء النفسي والمادي على العائلات، مشيراً إلى أن الأمر ليس إلا حلقة جديدة في سلسلة انتهاكات ممنهجة تستهدف المعارضة بكل مكوناتها.
وأضاف أن الهدف من هذه الإجراءات هو منع أي أفق لحوار وطني، مؤكداً أن جبهة الخلاص الوطني ستواصل تحركاتها الميدانية والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين.
صمت رسمي رغم الاحتجاجات
يوم السبت الماضي، خرجت وقفة احتجاجية وسط العاصمة نظمتها جبهة الخلاص وحركة النهضة، رفعت فيها شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، متهمة النظام القائم بتكريس حكم فردي وإقصاء ممنهج للمعارضين.
وفي بيان سابق لها بتاريخ 29 مايو، وصفت المعارضة ما يجري بأنه “تصفية للخصوم السياسيين عبر القضاء والسجون”، داعية إلى إنهاء هذه السياسات “الانتقامية”.
ورغم تعدد المطالبات والتنديدات، لم تصدر وزارة العدل أو إدارة السجون أي توضيحات رسمية بشأن أسباب نقل المعتقلين أو المعايير المعتمدة في توزيعهم، ما يثير شكوكاً حول غياب الشفافية وتسييس المنظومة العقابية.
خاتمة: أزمة تتعدى القضبان
تشير المؤشرات إلى أن قضية “تشتيت المعتقلين السياسيين” ليست فقط ملفاً حقوقياً، بل تمثل مؤشّراً على انسداد سياسي خطير، حيث تستخدم الدولة السجون والعقوبات كأدوات صراع سياسي، وسط تجاهل للتحذيرات الحقوقية والدعوات للحوار.
ويظل مصير المعتقلين ومصير المشهد السياسي التونسي برمّته، معلقاً بين قضبان الصمت الرسمي، وصوت احتجاجات لا تزال تُطالب بما تبقّى من مساحة للحريات. (الجزيرة نت)
متابعات إفريقية
ملخص لأهم التطورات على الساحة الإفريقية:
سيطرت حركة الشباب على قرية الحريري الاستراتيجية وسط الصومال، رغم هجمات مضادة من القوات الحكومية، ما يعكس تصاعد نفوذها وتهديدها للاستقرار.
في بوروندي، اكتسح الحزب الحاكم الانتخابات البرلمانية بحصوله على جميع المقاعد، وسط تشكيك واسع من المعارضة ومنظمات حقوقية في نزاهة العملية.
أعلنت الجهات المشرفة على خط أنابيب نفط شرق أفريقيا عن اكتمال 60% من المشروع، الذي يربط أوغندا بتنزانيا ويُعد استثماراً ضخماً للبنية التحتية.
ورغم ذلك، يواجه المشروع احتجاجات دولية متزايدة بسبب مخاوف بيئية وحقوقية، أبرزها التهجير القسري والانتهاكات ضد النشطاء المحليين.
الصومال: حركة الشباب تسيطر على قرية استراتيجية وسط فشل محاولات الاستعادة
أعلنت حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة، عن سيطرتها الكاملة على قرية الحريري الاستراتيجية في منطقة هيران وسط البلاد، وذلك للأسبوع الثاني على التوالي، رغم الاشتباكات العنيفة ومحاولات القوات الحكومية والميليشيات العشائرية المتحالفة معها لاستعادة السيطرة.
ونشرت الحركة صوراً على منصاتها تُظهر مسلحيها وهم ينتشرون في البلدة، دون وجود أي مؤشرات على تمركز لقوات حكومية في المنطقة. وأفادت مصادر محلية بأن المسلحين وسّعوا نطاق عملياتهم، ويحشدون تعزيزات يومية في محاولة للتقدم نحو بلدتي موكوري وماهاس، وهما منطقتان محوريتان في معركة النفوذ بوسط البلاد.
وبحسب تقارير أمنية، فإن العمليات الحكومية المضادة فشلت حتى الآن في استرجاع المناطق التي استولت عليها الحركة، على الرغم من الدعم الجوي المقدم من شركاء دوليين.
وقد تصاعدت وتيرة الهجمات في منطقتي هيران وغلغادود خلال الأسابيع الأخيرة، وسط مخاوف متزايدة من تمدد نفوذ الحركة في العمق الصومالي، واستمرارها في تهديد الاستقرار الهش في البلاد. (أفروبوليسي)
بوروندي: الحزب الحاكم يكتسح الانتخابات وسط انتقادات حقوقية وتشكيك بالشفافية
حقق الحزب الحاكم في بوروندي، “المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية – قوات الدفاع عن الديمقراطية (CNDD-FDD)”، فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية بحصوله على جميع المقاعد المئة، وحقق أكثر من 96% من الأصوات، وفق ما أعلنته اللجنة الوطنية للانتخابات.
ورغم إشارة اللجنة إلى أن العملية جرت بهدوء مع “مخالفات طفيفة”، إلا أن أحزاب المعارضة ومنظمات حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش، اعتبرت الانتخابات فاقدة للمصداقية، مشيرة إلى انتشار الترهيب، وتضييق الحريات، ومنع المراقبين من أداء مهامهم.
وحل حزب أوبرونا المعارض ثانياً بنسبة ضئيلة تجاوزت 1%، فيما جاء حزب المؤتمر الوطني من أجل الحرية (CNL)، الذي يُعد أبرز أحزاب المعارضة، في المرتبة الثالثة بحصوله على 0.6% فقط.
وأعربت منظمات محلية ودولية عن قلقها من تدهور المناخ الديمقراطي في البلاد، فيما تعرض الاتحاد الأفريقي لانتقادات لاعتباره الانتخابات “سلمية وشفافة”، رغم التقارير الميدانية التي تشير إلى عكس ذلك.
ومن المقرر أن تُرفع النتائج النهائية إلى المحكمة الدستورية لاعتمادها رسمياً في موعد أقصاه 20 يونيو/حزيران. (أفروبوليسي)
شرق أفريقيا: 60% من خط أنابيب النفط يكتمل رغم احتجاجات بيئية وحقوقية
أعلنت الجهات المشرفة على مشروع خط أنابيب النفط الخام في شرق أفريقيا (EACOP) عن اكتمال 60% من أعمال البناء في خط التصدير العملاق، الذي يمتد على مسافة 1,443 كيلومتراً، وينقل النفط الخام الأوغندي من منطقة كابالي-هويما في أوغندا إلى شبه جزيرة تشونغولاني قرب ميناء تانجا في تنزانيا.
ويُتوقع أن تبلغ الطاقة التشغيلية القصوى للأنبوب 246,000 برميل يومياً، مما يُمثل دفعة كبيرة لاقتصادي أوغندا وتنزانيا، وفق المسؤولين. ويصف الجانبان المشروع بأنه أحد أكبر استثمارات البنية التحتية في المنطقة، والذي سيسهم في خلق آلاف فرص العمل وتعزيز مكانة البلدين كمصدرين للنفط.
لكن على الجانب الآخر، يواجه المشروع انتقادات دولية متصاعدة من قبل منظمات بيئية وحقوقية، تتقدمها حملة #StopEACOP، بسبب ما يوصف بأنه “تهديد مباشر” للتوازن البيئي في شرق أفريقيا.
ويشير منتقدو المشروع إلى مخاطره على النظم البيئية الهشة، بما في ذلك الأراضي الرطبة والمتنزهات الوطنية، فضلاً عن حوض بحيرة فيكتوريا، الذي يُعد مصدراً مائياً حيوياً لأكثر من 40 مليون شخص.
كما رُصدت انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان مرتبطة بالمشروع، أبرزها النزوح القسري لأكثر من 100 ألف شخص، إضافة إلى حالات من الترهيب والمضايقة والاعتقال بحق نشطاء ومواطنين يعارضون المشروع.