نحن والعالم

نحن والعالم عدد 20 نوفمبر 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 14 نوفمبر 2025 إلى 20 نوفمبر 2025.

في واشنطن، يتوسع نفوذ اليمين التقني وسط سجالات سياسية حادة، فيما تعيد إدارة ترامب صياغة تحالفاتها مع الشرق الأوسط، وعلى رأسها السعودية وسورية، في مسار يعيد ترتيب موازين الأمن الإقليمي، وفيما بدا أنه اعتماد أمريكي رسمي للقيادات المستقبلية في هذين البلدين، في الوقت الذي تصنف فيه إحدى الولايات الأمريكية جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تبدو لاستكشاف إمكانية توسيع نطاق ذلك التصنيف.

وفي آسيا وأميركا اللاتينية، من بنغلاديش إلى المكسيك، تتصاعد أزمات سياسية واحتجاجات تكشف هشاشة الأنظمة. أما أوروبا، فتعاني تباطؤاً يضع حكوماتها أمام اختبارات قاسية.

 عالم مضطرب، تتقاطع فيه الأزمات والفرص، وتتشكل ملامح مرحلة دولية أكثر تعقيداً.

أمريكا

في تكساس، فجّر قرار الحاكم غريغ أبوت بتصنيف الإخوان وCAIR  كمنظمات إرهابية صداماً جديداً حول الإسلام السياسي وحقوق المسلمين، وهو توجه، إذا أمكنه تجاوز العقبات التي كانت تواجهه على مدى سنوات، مرشح للتوسع إلى عموم الولايات المتحدة.

 وفي واشنطن، تعود قضية إبستين لتطارد الرئيس الأميركي وسط تسريبات تعمّق الاستقطاب الداخلي. وعلى جبهة العلاقات الدولية، عزّز ترامب تحالفه مع السعودية عبر اتفاقيات ضخمة تعيد رسم التوازنات الإقليمية، رغم أنها لا تستجيب بالكامل للطموحات السعودية، وأبدى دعمه الواضح للقيادة المستقبلية الشابة للمملكة، فيما بدا وكأنه اعتمادًا للقيادة المستقبلية فيها، بل وأبدى استعدادًا للدخول في الملف السوداني بما يلائم التصور السعودي، والذي يشكل إحدى حلقات التنافس الإقليمي السعودي الإماراتي.

 تزامناً، تتوسع مخاوف أميركية من صعود “الفاشية التكنولوجية” وتأثير منظّري اليمين التقني على أسلوب الحكم. وفي الخلفية، أثار عفو ترامب عن رجل أعمال مرتبط بشبكات مالية دولية جدلاً يعكس حجم تشابك المال والسياسة على المستوى العالمي.

قرار جريج أبوت بتصنيف الإخوان وCAIR  كمنظمات إرهابية يفجّر جدلاً سياسياً واسعاً في تكساس

في خطوة أثارت ضجة واسعة داخل الولايات المتحدة، أعلن حاكم ولاية تكساس جريج أبوت تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) كمنظمات إرهابية أجنبية و”جماعات إجرامية عابرة للحدود”، مانحاً المدعي العام في الولاية صلاحيات واسعة لإغلاق مقراتهما ومنع نشاطهما. القرار، الذي صدر وسط تصاعد الحملة الانتخابية لأبوت في سعيه لولاية رابعة، بدا جزءاً من تصعيد سياسي متزايد تجاه المنظمات الإسلامية في تكساس.

وبموجب القرار، تُمنع المنظمتان من شراء الأراضي أو امتلاكها داخل الولاية، كما يمكن للمدعي العام كين باكستون رفع دعاوى لإيقاف أي نشاط لهما. ورغم أن الحكومة الفيدرالية لم تُقدم على خطوة مماثلة—حيث صنّفت فقط بعض فروع الإخوان مثل حركة حماس – كمنظمات إرهابية، فإن أبوت ذهب بعيداً بالاستناد إلى تصريحات تاريخية قديمة نُسبت إلى مؤسسي الجماعة، إضافة إلى الإشارة إلى دول مثل مصر والأردن التي تعاملت مع الإخوان كتهديد أمني.

ولم يقتصر قرار أبوت على الإخوان، إذ شمل أيضاً مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، مستشهداً بقضية تعود إلى عام 2007 عندما اتُهمت مؤسسة “الأرض المقدسة” في تكساس بتمويل حركة حماس، وذُكر اسم CAIR ضمن مجموعات مرتبطة بالقضية. ورغم أن المنظمة لم تُدان أبداً ونفت تلك الاتهامات، أصرّ أبوت على أن وجود أي “ظل من الشبهات” يبرر إدراجها ضمن القائمة.

القرار جاء في لحظة سياسية حساسة، إذ صعّد أبوت في الأسابيع الأخيرة من خطابه ضد مشروعات ومجتمعات مسلمة في الولاية، خصوصاً بعد حملة إعلامية يمينية ضد مشروع مجتمع سكني إسلامي في شمال تكساس. ويقول ناشطون إن هذا التصعيد جزء من محاولة الحاكم لتعزيز صورته أمام اليمين المحافظ الذي يميل إلى مواقف أكثر حدة تجاه الإسلام السياسي.

على الجانب الآخر، تلقى القرار رفضاً قاطعاً من CAIR، التي وصفت الخطوة بأنها “استعراض انتخابي قائم على معلومات مضللة ونظريات مؤامرة مفندة”. وقالت المنظمة إنها تدرس مقاضاة الحاكم، مؤكدة أنها منظمة حقوق مدنية تعمل وفق القانون الأميركي وتدين التطرف والعنف. واتهمت CAIR أبوت بتأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين وتعريض الجالية المسلمة للخطر، خصوصاً مع ارتفاع جرائم الكراهية في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة.

على المستوى الفيدرالي، يظل تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية قضية معقدة. فقد أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقاً عن رغبته في اتخاذ هذا الإجراء، إلا أن خبراء الأمن القومي أشاروا إلى أن التنظيم شديد التفاوت ويعمل بشكل سياسي في بعض البلدان وبشكل عسكري في أخرى، مما يجعل التصنيف الشامل قانونياً ودبلوماسياً أمراً بالغ التعقيد.

وفي تكساس، تثير خطوة أبوت مخاوف متزايدة داخل المجتمع المسلم، الذي يرى أن القرار قد يفتح الباب لمزيد من التقييد على مؤسساتهم، وربما يبرر مراقبة غير مبررة أو ضغوطاً أمنية أكبر. كما يحذر مراقبون من أن القرار قد يشجع جماعات اليمين المتطرف على استهداف المسلمين، خاصة بعد أن صار مناخاً سياسياً مشحوناً منذ سنوات.

ووسط هذا الجدل، يبقى القرار في نهاية المطاف خطوة رمزية أكثر منه إجراء عملي، إذ يظل التصنيف الفيدرالي وحده القادر على فرض قيود قانونية واسعة. ومع ذلك، فإن رمزية الخطوة كافية لإثارة موجة من الانقسام السياسي والاجتماعي في واحدة من أكبر ولايات أميركا وأكثرها حساسية تجاه قضايا الأقليات والهجرة.

تسريب رسائل لإبستين يعيد الجدل حول علاقة ترامب بالممول الراحل… والبيت الأبيض يصفها بـ”الرواية الزائفة”

أعاد الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي فتح ملف جيفري إبستين بعد نشرهم عشرات الرسائل الإلكترونية والمراسلات التي قالوا إنها تكشف عن علم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بجرائم إبستين الجنسية، وارتباطه بشخصيات أخرى وردت أسماؤها في الوثائق التي تجاوزت 20 ألف صفحة.

وتتضمن الرسائل المسربة مراسلات بين إبستين والمقربين منه جيلين ماكسويل ومايكل وولف، يزعم فيها إبستين أن ترامب “كان يعلم بشأن الفتيات” وأنه “أمضى ساعات” مع إحدى الضحايا في منزله، فيما وُصفت هذه الضحية بأنها الراحلة فرجينيا جيوفري. كما تظهر رسائل من عام 2011 يصف فيها إبستين ترامب بأنه “الكلب الذي لم ينبح”، في إشارة إلى صمته حول نشاطاته.

البيت الأبيض ردّ بقوة، واعتبرت المتحدثة كارولاين ليفيت أن الديمقراطيين “يتلاعبون بالوثائق بشكل انتقائي لخلق سردية زائفة وتشويه صورة الرئيس”، مؤكدة أن جيوفري نفسها “نفت مراراً أي تورط لترامب”.

ترامب من جهته قال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية إنه “لا يعرف شيئاً” عن هذه الرسائل، واتهم الديمقراطيين باستخدام القضية لصرف الانتباه عن أزمات داخلية مثل الإغلاق الحكومي. وطالب في منشور على منصة “تروث سوشيال” بفتح تحقيق موسع في علاقات إبستين مع شخصيات ديمقراطية بارزة، منهم بيل كلينتون، ولاري سامرز، والملياردير  ريد هوفمان، إضافة إلى بنوك كبرى كان إبستين على صلة بها.

الوثائق المنشورة تضم كذلك مراسلات واسعة بين إبستين وعدد من الأسماء البارزة في الإعلام والسياسة ورجال الأعمال، من بينهم:

  • مايكل وولف الذي ناقش مع إبستين كيفية الرد على أسئلة الإعلام حول علاقته بترامب.
  • لاري سامرز الذي طلب من إبستين عام 2016 “عدم بذل أي جهد في أي علاقة تجمعه بترامب”.
  • كاثرين روملر، المستشارة القانونية السابقة للبيت الأبيض، والتي ناقشت مع إبستين قضايا قانونية تخص ترامب.
  • بيتر ثيل، المستثمر وأحد أهم أباطرة التكنولوجيا المقرب من ترامب، الذي دعاه إبستين إلى جزيرته عام 2018.
  • نعوم تشومسكي، الذي أظهرت رسائله تبادل نقاشات أكاديمية وشخصية مع إبستين.
  • بيغي سيغال التي طلب منها إبستين التواصل مع أريانا هافينغتون لتقويض اتهامات جيوفري.

القضية، التي تعود جذورها إلى انتحار إبستين عام 2019 داخل زنزانته، لا تزال تثير نظريات مؤامرة وضغطاً سياسياً مستمراً، خصوصاً بعدما كان ترامب قد تعهّد خلال حملته بكشف “تفاصيل صادمة” عنها، قبل أن يهاجم اليوم الديمقراطيين لفتحها من جديد.

ترامب يوقع على نشر الوثائق.. هل تكون مراوغة جديدة؟

على صعيد متصل، وقّع ترامب على مشروع قانون يُلزم وزارة العدل بنشر جميع الوثائق غير السرية المتعلقة بقضية جيفري إبستين وشريكته غيلاين ماكسويل خلال 30 يوماً. وجاء توقيع ترامب بعدما أقرّ الكونغرس القانون بأغلبية كبيرة، رغم محاولات هادئة من البيت الأبيض لتأجيل التصويت وإدخال تعديلات تحدّ من تداعياته السياسية.

تعليق المعهد المصري:

رغم أن توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القانون بدا وكأنه انتصارًا  للشفافية، إلا أن النصّ نفسه يتضمن بنوداً تحفظ لوزارة العدل القدرة على تأجيل أو منع نشر أي وثائق إذا اعتُبر ذلك مُضرّاً بتحقيقات فدرالية قائمة، ما يفتح الباب عملياً أمام مساحة واسعة للمناورة. ويتقاطع ذلك مع خطوة ترامب الاستباقية حين أمر، قبل تصديق الكونجرس، ببدء تحقيق يستهدف شخصيات ديمقراطية مرتبطة باسم إبستين، في محاولة واضحة لإعادة توجيه الاتهامات سياسياً. ووفق هذا المشهد، يبدو أن الشهر المقبل قد يشهد مواجهة سياسية محتدمة حول حدود ما سيظهر إلى العلن وما سيظل محجوباً، في انتظار ما ستفرزه التحقيقات الجارية من مفاجآت محتملة.

ترامب يمنح السعودية صفة “حليف رئيسي من خارج الناتو” ويكشف خريطة اتفاقيات واسعة مع الرياض

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، قراراً برفع مستوى العلاقات العسكرية مع المملكة عبر منحها صفة “حليف رئيسي من خارج الناتو”، وهو تصنيف تحظى به فقط 19 دولة حول العالم، ويمنح شريك واشنطن أولوية في التعاون الدفاعي والتسليحي.

وقال ترامب في مأدبة العشاء الرسمية التي حضرها كبار الشخصيات: “يسعدني أن نرتقي بتعاوننا العسكري إلى مستوى جديد، عبر منح السعودية رسمياً صفة الحليف الرئيسي من خارج الناتو”، مؤكداً أهمية هذه الخطوة للطرفين.

حزمة اتفاقيات استراتيجية

وعقب مباحثات ثنائية موسعة، شهدت الزيارة توقيع مجموعة كبيرة من الاتفاقيات والمذكرات، شملت بحسب وكالة الأنباء السعودية:

  • اتفاقية الشراكة الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي
  • بيان استكمال المفاوضات في مجال الطاقة النووية المدنية
  • إطار شراكة لتأمين سلاسل إمداد اليورانيوم والمعادن الحيوية
  • اتفاقات لتسهيل الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة
  • ترتيبات للتعاون المالي والاقتصادي
  • مذكرة تعاون في قطاع هيئات الأسواق المالية
  • مذكرة للتعليم والتدريب
  • تبادل رسائل خاصة بمعايير سلامة المركبات.

ارتفاع الاستثمارات السعودية إلى تريليون دولار

أعلن الأمير محمد بن سلمان أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة سترتفع من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار، مشيداً بقدرة الاقتصاد الأمريكي على جذب رؤوس الأموال. وعند سؤاله عن تضارب المصالح، نفى ترامب أي علاقة له بأعمال عائلته التجارية، رغم تقارير عن مشاريع عائلية في السعودية مثل “ترامب بلازا” في جدة.

صفقات دفاعية تشمل مقاتلات F-35

كشفت تقارير أن ترامب وافق على صفقة لبيع مقاتلات F-35 المتطورة للمملكة، إضافة إلى نحو 300 دبابة أمريكية الصنع، في خطوة قد تعيد رسم موازين القوة الجوية في الشرق الأوسط. كما وقع الطرفان اتفاقات في مجالات مكافحة تمويل الإرهاب والمعادن الحيوية.

التطبيع مع إسرائيل… رسائل “إيجابية”

قال ترامب إنه ناقش مع بن سلمان مسار التطبيع مع إسرائيل، وحصل منه على “رد إيجابي جداً”. وأكد ولي العهد استعداد المملكة للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم بشرط وجود مسار واضح نحو حل الدولتين.
ويرى ترامب أن الحرب على غزة كانت السبب في تجميد المسار سابقاً، وأن وقف إطلاق النار يمهّد لاستئنافه.

استقبال رسمي غير مسبوق

حظي بن سلمان بترحيب رسمي رفيع شمل طلقات مدفعية وفرقة المارينز وعرضاً جوياً لمقاتلات F-35 وF-15 . كما رافقه ترامب في جولة داخل الجناح الغربي، قبل مأدبة عشاء حضرها كبار رجال الأعمال حول العالم، من بينهم إيلون ماسك، وجنسن هوانغ، وكريستيانو رونالدو.

تحليل المعهد المصري – زيارة محمد بن سلمان لأمريكا: هل حققت أهداف بن سلمان كاملة؟

كان هناك احتفال واضح بولي العهد السعودي، وبالحديث عن العلاقة الإستراتيجية مع المملكة، أثناء زيارته للولايات المتحدة. إلا أنه يجب الإشارة إلى أن محمد بن سلمان لم يحصل بشكل كامل على ما كان يطمح في الحصول عليه في عدد من الملفات الهامة (راجع المنشور على قناة التليجرام للمعهد المصري)، رغم مكاسبه الواضحة من الزيارة:

  • العلاقة الأمنية الإستراتيجية المشار إليها بين البلدين، ستكون بموجب اتفاقات مع ترامب، أو بموجب أمر رئاسي منه على أفضل تقدير، وليس اتفاقية يتم تمريرها في الكونجرس. هذا يعني سهولة عدم الالتزام بها، أو الرجوع عنها تحت أي رئيس أمريكي قادم، أو حتى ترامب نفسه إذا تبدلت الظروف. 
  • إذا تم بيع طائرات ال F35 للمملكة كما أعلن ترامب، لن يكون ذلك بالتأكيد مع حرية كاملة لاستخدام كافة إمكانياتها، حيث ستكون أقل تطورًا مقارنة بطائرات إسرائيل بسبب قانون أمريكي صادر في العام يضمن “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل. والأهم أن استخدامها سيكون مقيدًا في المنطقة الغربية للمملكة (الحدود مع إيران)، وليس شمالًا أو شرقًا بما قد يشكل تهديدًا لإسرائيل.
  • في حالة مساعدة أمريكا للمملكة في تطوير برنامج نووي مدني سلمي متقدم، فإنه لن يتيح للمملكة قابلية تخصيب اليورانيوم على أراضيها كما كانت ترغب.
  • التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي لن يشمل رفع القيود عن التكنولوجيا الأمريكية فائقة التطور، مثل الشرائح الذكية المتقدمة، ولكنه سيستفيد بالإمكانيات الهائلة المتوافرة من الطاقة في المملكة في إنشاء مراكز البيانات الضخمة، والتي تعتبر جزءا رئيسًا من مستلزمات استخدام الذكاء الاصطناعي.
  • الحديث عن إقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين لن يخرج عن مسار مبهم في إطار السعي المحتمل (كما جاء في خطة ترامب وقرار مجلس الأمن الأخير).

إلا أن الإنجاز الأهم بالنسبة لبن سلمان من خلال الزيارة، من وجهة نظرنا، تمثل في الحفاوة الفائقة التي وجدها من ترامب في كل مراحل الزيارة، والتي يمكن اعتبارها “اعتماداً أمريكياً” لمحمد بن سلمان كملك مقبل بعد وفاة والده الملك سلمان، وهو اعتبار جوهري لاكتساب بن سلمان الشرعية الكاملة للحكم.

هناك أيضاً، إضافة للمكاسب غير المكتملة التي تم الإشارة إليها، وإلى الاتفاقات التي تم توقيعها، التصريحات التي أدلى بها ترامب فيما يتعلق بالسودان، والتي يمكن اعتبارها دعمًا للمملكة في إطار تنافسها الإقليمي مع دولة الإمارات، نظرً ا للدور الفج الذي تقوم به الأخيرة في دعم “قوات الدعم السريع” بما يطيل أمد الصراع الدامي الجاري في السودان.

محمد بن سلمان يطلب من ترامب التدخل لوقف حرب السودان.. والأخير يعلن استجابته

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استعداده للانخراط المباشر في الجهود الرامية لوقف الحرب الدامية في السودان، وذلك عقب طلب قدمه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال منتدى الأعمال الأمريكي – السعودي في واشنطن. وأوضح ترامب أن السودان لم يكن ضمن الملفات التي خطط للتدخل فيها، لكنه غيّر موقفه بعد اطلاعه على “الفظائع الهائلة” وانهيار الوضع الإنساني، مشيراً إلى أن البلاد أصبحت واحدة من أكثر مناطق العالم عنفاً وأكبر الأزمات الإنسانية المنفردة.

وأكد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أنه سيستخدم نفوذ الرئاسة الأمريكية لوقف الحرب “على الفور”، واصفاً السودان بأنه صاحب حضارة عظيمة انزلقت إلى كارثة يمكن إصلاحها فقط عبر تعاون دولي واسع. كما أعلن أنه سيعمل بشكل مشترك مع السعودية والإمارات ومصر ودول إقليمية أخرى لإعادة الاستقرار، مشدداً على أن المنطقة تمتلك الإمكانيات السياسية والاقتصادية التي تجعل إنهاء الحرب أمراً ممكناً.

من جانبها، رحّبت الأطراف السودانية – بما فيها مجلس السيادة والجيش وقوات الدعم السريع – بالدور الأمريكي – السعودي المشترك، وأعلنت استعدادها للانخراط في أي جهد يهدف إلى تحقيق “سلام عادل ومنصف”. ووجّه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان رسالة شكر لكل من الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترامب، مؤكداً انفتاحه على التعاون بهدف “إيقاف نزيف الدم السوداني”.

وفي المقابل، أكدت قوات الدعم السريع عبر مستشاريها رغبتها في مسار سلام يعالج جذور الأزمة وليس مجرد وقف مؤقت للعمليات. كما عبّرت أحزاب وفصائل سياسية، بينها حزب الأمة القومي وتحالف “صمود” بقيادة عبد الله حمدوك، عن تأييدها للمبادرة السعودية – الأمريكية، معتبرة أنها قد تفتح الباب أمام حل شامل طال انتظاره.

وتأتي هذه التطورات بينما تحذّر الأمم المتحدة من فظائع مروعة ارتُكبت في إقليم دارفور، خاصة في منطقة الفاشر، حيث تحدث ناجون عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي واسع النطاق وتعذيب واعتداءات على المدنيين الفارين. وأكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر أن هذه الانتهاكات نُفذت “في ظل إحساس كامل بالإفلات من العقاب”، مشيراً إلى أن الاحتياجات الإنسانية في السودان وتشاد باتت ضخمة وتشمل الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والتعليم.

تعليق المعهد المصري

على الرغم من الأثار الإيجابية المحتملة لهذه التوجهات، بتوقف المذابح والجرائم المرتكبة، إلا أنه يُخشى أن تؤدي هذه “الجهود” لشرعنة الوضع القائم، بتقسيم رسمي أو “واقعي” للسودان بين شرقه وغربه، أو حتى مجرد خلق وضع مشابه للوضع الليبي، يتعامل معه العالم “بواقعية”.

صعود “الفاشية التكنولوجية”: كيف ينعكس مشروع كيرتس يارفن في أسلوب حكم ترامب؟

يتزايد الجدل في الولايات المتحدة حول تأثير أفكار المهندس والكاتب الأميركي اليميني كيرتس يارفن على شكل الحكم في عهد الرئيس دونالد ترامب، بعد أن تحوّل ما كان يُنظر إليه قبل سنوات كأفكار هامشية إلى رؤية سياسية تتبناها شخصيات نافذة في وادي السيليكون ودوائر القرار في واشنطن.

وكشف مقال تحليلي جديد أن أسلوب حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الحالية ينسجم بشكل لافت مع الأفكار التي يطرحها المفكر اليميني المتطرف كيرتس يارفن، صاحب مشروع “إعادة تشغيل الدولة” وتحويلها إلى نظام ملكي تقوده نخبة تكنولوجية.

ويشير المقال إلى أن الإجراءات التي نفذتها إدارة ترامب خلال الأشهر الأولى—من تفكيك الوكالات الفيدرالية، وتجاهل الأحكام القضائية، وقطع التمويل عن الجامعات والمؤسسات العلمية—تتطابق مع الخطة التي وضعها يارفن عام 2012، والتي دعا فيها إلى إخراج آلاف الموظفين من الخدمة، وتركيز السلطة الأمنية والعسكرية، وإعادة تعريف الدولة ككيان يُدار بمنطق الشركات.

ويروج يارفن منذ 2007 إلى نموذج بديل للديمقراطية يقوم على إدارة الدولة كـ “شركة ضخمة يقودها مدير تنفيذي مطلق الصلاحيات”، مع إنهاء دور البيروقراطية، تقليص الكونجرس، وتجاوز القضاء والإعلام والجامعات باعتبارها “عقبات” أمام الحُكم الفعّال. هذا المشروع الذي أطلق عليه لاحقًا اسم “الاستنارة المظلمة” أصبح اليوم جزءًا من خطاب شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك و بيتر ثيل و ألكس كارب، كما أشاد به نائب الرئيس جي دي فانس علنًا.

ويعتبر يارفن أن الديمقراطية فشلت وأن “الشعب ليس مؤهّلًا للحُكم”، داعيًا إلى “إعادة تشغيل النظام السياسي بالكامل”، وتحويل الحكومة إلى “شركة” تُدار وفق منطق تعظيم قيمة “الأسهم”، بينما يصبح الرئيس “ملكًا تنفيذيًا” والمواطن مجرد “مستخدم”.

هذه الأفكار وجدت صداها — وفق محللين — في ممارسات ترامب خلال ولايته الثانية، التي اتسمت بـ حكم فردي قائم على الأوامر التنفيذية، تهميش المؤسسات، الهجوم على الإعلام، والتعامل مع الدولة ككيان يمكن إعادة هيكلته بسرعة على طريقة شركات التكنولوجيا.

ويرى باحثون أن هذا التوجه يولّد ما يمكن وصفه بـ “الفاشية التكنولوجية”: مزيج بين النزعة السلطوية التقليدية والهيمنة التقنية الحديثة، حيث تندمج الرؤية المحافظة المتشددة مع قوة الشركات التكنولوجية وأدوات الذكاء الاصطناعي.

ويحذر خبراء من أن الولايات المتحدة تشهد تسارعًا نحو نموذج حكم سلطوي، بعدما أظهرت دراسة شملت 500 عالم سياسة أن “الغالبية العظمى” تعتقد أن البلاد تتحول بسرعة بعيدًا عن الديمقراطية الليبرالية.

وبينما يواصل يارفن وأنصاره الدفع نحو “ملكية تقنية حديثة”، يتصاعد القلق داخل المؤسسات الأكاديمية والسياسية من أن دمج النزعة التكنولوجية المتطرفة مع نفوذ السلطة التنفيذية قد يخلق نظامًا سياسيًا جديدًا يجمع بين الذكاء الاصطناعي والسلطوية في آن واحد.

ويساند الحركة الفكرية المحيطة به—المعروفة بـ “الاستنارة المظلمة” (Dark Enlightenment)—فيلسوف مثل نيك لاند، الذي يدعو إلى التخلي عن “الوهم الديمقراطي” لمصلحة حكم نخبوي مدعوم بالتقنيات والذكاء الاصطناعي.

ترامب يحكم بمنطق CEO

يرى المقال أن سلوك ترامب في ولايته الجديدة—وخاصة كثافة الأوامر التنفيذية، وتجاوز المؤسسات التقليدية—يعكس بالفعل منطق “الملكية التنفيذية” التي يدعو إليها يارفن.

وفي ظل التوسع المفاجئ للنفوذ التكنولوجي، ومقترحات “حذف الوكالات” و”إعادة هندسة الدولة”، يحذّر أكاديميون من صعود ما يسميه الباحث لوك مون “الفاشية التكنولوجية” –
تركيبة هجينة تجمع بين الرأسمالية المتطرفة، والسلطوية الصارمة، وحكم النخب الرقمية.

المقال يختم بالتحذير من أن تقاطع منطق الشركات مع النزعات السلطوية قد يدفع الولايات المتحدة نحو مرحلة سياسية جديدة تتراجع فيها الديمقراطية بسرعة لصالح نموذج حَوكمة يحتكر فيه الخبراء التقنيون والقيادات السياسية السلطة بشكل غير مسبوق.

من هو كورتيس يارفين؟

كورتيس جاي يارفين (مواليد 1973) هو مدوّن سياسي ومطوّر برمجيات أميركي يُعدّ من أبرز الوجوه الفكرية في اليمين المتطرف المعاصر. عُرف أيضًا باسمه المستعار “مينسيوس مولدباغ”، الذي نشر تحته معظم كتاباته السياسية المبكرة.

يُعتبر يارفين، إلى جانب الفيلسوف البريطاني نيك لاند، أحد المؤسسين الأساسيين لحركة “التنوير المظلم” أو الحركة الرجعية الجديدة (NRx) — وهي تيار فكري مناهض للمساواة والديمقراطية، ظهر في أواخر العقد الأول من الألفية، ويدعو إلى استبدال النظام الديمقراطي بنموذج سلطوي يقوم على حكم “المدير التنفيذي” للدولة، وفق رؤية تقنية–نخبوية.

درس يارفين في جامعة براون حيث حصل على البكالوريوس، ثم تابع دراساته في جامعة كاليفورنيا – بيركلي. وهو أيضًا صاحب مشروع Urbit، وهو نظام حوسبة بديل يسعى لإعادة تشكيل العلاقة بين الأفراد والإنترنت.

وبحلول أوائل العشرينيات من القرن الحالي، توسّع تأثير يارفين بشكل ملحوظ داخل اليمين الأميركي، لا سيما بين شخصيات بارزة مثل نائب الرئيس جي دي فانس ورجل الأعمال والمموّل الجمهوري الضخم بيتر ثيل، إذ تبنّى هؤلاء بعضًا من أفكاره حول الدولة، التقنية، والسلطة.

جدل واسع بعد عفو ترامب عن رجل أعمال مرتبط بشبكة نفوذ مالي عالمية

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعفو عن رجل الأعمال البريطاني جو لويس موجة جدل، إذ سبق أن أدانه القضاء الأميركي في جريمة مالية اعترف بها. ويُوصف لويس بأنه من المقربين من المستثمر جورج سوروس، وشريك سابق له في عمليات مالية ضخمة شملت ما عُرف بـ “كسر بنك إنجلترا” في التسعينيات، إلى جانب سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأميركي الحالي.

ووفق تقارير تاريخية نشرتها نيويورك تايمز، كان لويس جزءًا من “كابال”، أو منظمة سرية، من كبار المتعاملين في العملات، ضمت أيضًا الملياردير جيمي غولدسميث، الذي يُعتقد أنه من أوائل الأسماء التي أدخلت جيفري إبستين إلى عالم النخبة المالية في السبعينيات.

“دولة خاصة” في الأرجنتين

بدأ اسم لويس يتكرر عالميًا عام 2019 بعد تقارير عن سيطرته على منطقة إل بولسون في جنوب الأرجنتين، حيث يمتلك عقارًا وقاعدة نفوذ واسعة يقال إنها تخضع لإدارته المباشرة أكثر مما تخضع للسلطات المحلية. وبحسب شهادات محلية، يُمنع السكان من الوصول إلى بحيرة عامة تقع بمحاذاة منزله، فيما سمح — وفق المصدر ذاته — لجنود من الجيش الإسرائيلي خلال إجازاتهم في أميركا اللاتينية باستخدام مرافق المنطقة والدخول إليها دون قيود.

ويمتلك لويس كذلك مدرج طيران خاصٍ تقول السلطات الأرجنتينية إنه خارج رقابتها المباشرة، بينما تحدث سكان محليون عن “رحلات مريبة” من وإلى جزر فوكلاند. وقد تعرّض بعض من أثاروا هذه المزاعم لتهديدات، بينها حادثة إطلاق نار على أحد المنازل.

شبكة مصالح تمتد إلى قلب الاقتصاد الأرجنتيني

يرتبط لويس بعلاقات وثيقة مع رجال الأعمال الأرجنتينيين مارسيلو ميندلين وإدواردو إلسزتاين، اللذين كانا — بدعم من سوروس — يديران مصالحه داخل البلاد خلال العقدين الماضيين. ويُعد ميندلين ولويس من أكبر المتحكمين بشبكة الطاقة الكهربائية في الأرجنتين، بينما يسيطر إلسزتاين على قطاعات واسعة من العقار والمصارف، وهو المنظم لمنتدى Llao Llao الذي يجمع نخبة رجال الأعمال في اجتماعات مغلقة تشبه آلية المنتدى الاقتصادي العالمي.

ويلفت مراقبون إلى أن ميندلين وإلسزتاين من أبرز داعمي الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، بينما يتزامن ذلك مع رغبة وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت — أحد شركاء لويس السابقين — في تخصيص مليارات من الأموال الأميركية لإنقاذ اقتصاد الأرجنتين.

انتقادات: “عفو يرسّخ نفوذ نادٍ مالي دولي”

اعتبر منتقدو القرار أن العفو عن لويس يعكس ميلًا لمنح امتيازات لشبكة مالية دولية نافذة، لا لمبدأ “أميركا أولاً”. ويرى هؤلاء أن ارتباط لويس بشخصيات مالية كبرى — بعضها من الدائرة الضيقة لسوروس — يثير تساؤلات حول طبيعة النفوذ المتبادل بين المال والسياسة في واشنطن وبوينس آيرس.

سوريا

في الوقت الذي يطرح فيه الرئيس أحمد الشرع رؤية جريئة لدمج “قسد” تحت إشراف أميركي، تنفتح أبواب الاقتصاد على أوسعها مع رفع العقوبات وتدفق الاستثمارات الخليجية والأوروبية.

 وعلى الأرض، يبقى نهر الفرات خطَّ تماس هش يكشف أن الحرب لم تغادر بعد، فيما تتواصل المحاكمات العلنية لمتورطين في «أحداث الساحل» ضمن مسار عدالة ما بعد الصراع. وفي موازاة ذلك، تتوسع الشراكات الدولية من الرياض إلى بكين، بينما يكشف تقرير لمركز عُمران عن تفاقم الاضطرابات الأمنية والجريمة المنظمة. 

الشرع يدعو لإشراف أميركي مباشر على دمج “قسد” في الجيش السوري

طرح الرئيس السوري أحمد الشرع رؤية جديدة للتعامل مع ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، داعياً إلى منح الولايات المتحدة دوراً رسمياً في الإشراف على عملية دمج قوات قسد داخل الجيش السوري، باعتبار أن وجود واشنطن يشكّل “ضمانة” ضرورية لنجاح العملية وتطمين جميع الأطراف.

وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، قال الشرع إن القوات الأميركية الموجودة في سوريا يمكن أن توفر إطاراً رقابياً وفنياً موثوقاً لعملية الدمج، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدولة السورية تبقى الجهة الوحيدة المخوّلة حماية أراضيها وسيادتها.

تحوّل لافت في الموقف السوري

يرى مراقبون أن دعوة الشرع تُمثل تحولاً مهماً في موقف دمشق؛ إذ تنقل واشنطن من موقع “القوة المتدخلة” إلى موقع “الضامن”، ما قد يفتح الباب أمام شراكة أمنية مؤقتة لإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس مشتركة، ويخفف مخاوف قسد من التهميش أو الانتقام.

نتائج زيارة الشرع إلى واشنطن

جاءت تصريحات الشرع عقب زيارة رسمية لواشنطن التقى خلالها بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتركزت المباحثات على وضع آلية تنفيذية لدمج قسد، تتولى فيها القوات الأميركية الإشراف على الخطوات الأولى من العملية، وفق مصادر مطلعة.

وتعتبر واشنطن أن إدماج قسد ضمن الجيش النظامي خطوة ضرورية لنجاح أي تسوية سياسية شاملة، ولمنع عودة التنظيمات المتطرفة في شمال وشرق البلاد.

مواقف قسد وردود الفعل

رحّب قائد قسد مظلوم عبدي بالمقترح، مؤكداً استعداد القوات لتسريع الدمج “ضمن إطار وطني شامل”. وأشاد بالدور الأميركي في دعم الاستقرار، مشيراً إلى تنسيق مباشر مع المبعوث الأميركي توم باراك لمتابعة نتائج لقاء الشرع–ترامب.

كما اعتبر عبدي انضمام سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي ضد داعش تحولاً استراتيجياً يعزز التعاون الأمني.

تعقيدات ميدانية مستمرة

رغم الأجواء الإيجابية، لا تزال المفاوضات بين دمشق وقسد تواجه تعقيدات عديدة. وأكد القيادي سيبان حمو أن الاندماج “مطروح بجدية” لكنه يسير ببطء بسبب حساسيات سياسية وميدانية.

وتستمر اشتباكات متفرقة في بعض مناطق حلب ودير الزور، رغم اتفاق 10 مارس الماضي الذي نص على دمج المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة لقسد داخل أجهزة الدولة، بما في ذلك إدارة المعابر والموارد النفطية.

أهمية الاتفاق

يرى دبلوماسيون أن الاتفاق يمثل أهم وثيقة سلام سورية منذ سنوات، ويمهّد لإنهاء حالة الانفصال الإداري والعسكري في شمال وشرق سوريا، وعودة هذه المناطق تدريجياً إلى سلطة دمشق الكاملة.

هل تدخل سوريا عقداً اقتصادياً جديداً بعد سقوط الأسد؟

تلوح في الأفق ملامح تحوّل اقتصادي غير مسبوق في سوريا، بعد رفع العقوبات الدولية وعودة الانفتاح العالمي على الدولة التي أنهكتها 13 سنة من الحرب والدمار.

ورغم أن الدمار الهائل في البنية التحتية لا يزال حاضراً، يرى محللون أن المرحلة المقبلة قد تحمل بداية تعافٍ حقيقي، مدفوعاً بثلاث قوى رئيسية: تحسن الحوكمة، انفتاح الأسواق، وتدفق الاستثمارات الأجنبية.

عامان حاسمان

يقول الباحث في المجلس الأطلسي، عمر أوزكيزيلجيك:
“سوريا لن تصبح مزدهرة خلال عام أو عامين، لكن اقتصادها سيتحول من حالة كارثية إلى وضع مقبول.”

ويستند توقعه إلى:

  • رفع سريع وغير متوقّع للعقوبات
  • اهتمام دولي متجدد
  • رغبة شعبية في إعادة البناء
  • دخول دول خليجية وتركيا وأوروبا كشركاء اقتصاديين.

من دولة منهارة إلى اقتصاد منفتح

منذ سقوط نظام الأسد وصعود الرئيس أحمد الشرع، تبنّت الحكومة الانتقالية نهجاً اقتصادياً ليبرالياً، متخلّية عن إرث حزب البعث القائم على الاحتكار والاقتصاد المغلق.

وعلى عكس سياسات ما قبل الحرب، بدأت الحكومة الجديدة في:

  • إصلاح القطاع المصرفي
  • تشجيع الاستثمار الخاص
  • فتح أبواب التعاون مع الدول الإقليمية والأوروبية.

أرقام صادمة… لكنها قابلة للعكس

انخفض الناتج المحلي السوري إلى 29 مليار دولار في 2024، مقارنة بـ 60 ملياراً قبل الثورة.
كما انهار الإنتاج الصناعي والزراعي، وارتفعت البطالة والهجرة إلى مستويات تاريخية.

لكن الاقتصاديين يرون فرصة ذهبية لإعادة الإعمار ، بتكلفة أقل مما قدّرته الأمم المتحدة سابقاً بـ 400 مليار دولار.

الشتات السوري… كنز غير مستغل

يرى متخصصون أن عودة جزء من الكفاءات السورية التي اكتسبت خبرة في أوروبا وتركيا ستشكل إحدى ركائز النهضة الاقتصادية، عبر تأسيس شركات عابرة للحدود، واجتذاب المستثمرين.

طفرة استثمارية تقودها الخليج وتركيا

وفق الخبراء، تقود خمس دول موجة الاستثمارات الجديدة:

  • السعودية: صندوق لإعادة الإعمار
  • الإمارات: تطوير مرافئ ومشاريع طيران
  • قطر: استثمارات صناعية ودعم للطاقة
  • تركيا: ربط الغاز، والمشاريع الصناعية المشتركة
  • فرنسا وألمانيا: عقود مرافئ وطاقة واتصالات.

كما أن الصين تستعد لاقتحام السوق السورية بقوة.

عودة سوريا إلى النظام المالي العالمي

للمرة الأولى منذ سنوات، أصبح:

  • تحويل الأموال إلى سوريا ممكناً بشكل قانوني
  • الاستثمار المصرفي مستعداً
  • البنك الدولي وصندوق النقد مستعدين لتمويل مشاريع في البلاد.

وسددت قطر والسعودية مؤخراً ديون سوريا للبنك الدولي، وهي خطوة تمهّد لعودة التمويل الدولي.

تحديات لا يمكن تجاهلها

رغم التفاؤل، تبقى معوّقات كبرى:

  • الشرخ الاجتماعي بعد سنوات من الانقسام
  • الهشاشة الأمنية أمام تهديدات إسرائيل والميليشيات العابرة للحدود
  • نقص الكفاءات بسبب الهجرة
  • اقتصاد الظل الذي نما خلال الحرب.

يشير معظم الخبراء إلى أن سوريا أمام فرصة قد لا تتكرر، وأن السنوات الخمس المقبلة ستكون مفصلية.
لكن النجاح لن يتحقق دون:

  • استقرار سياسي
  • إصلاحات اقتصادية حقيقية
  • استثمارات ضخمة
  • مسار مصالحة مجتمعية شامل.

الفرات يتحول إلى خط النار الأخير بين دمشق وقسد وسط هشاشة “سلام ما بعد الحرب”

بينما تغلي مياه الفرات تحت حرارة الخريف، يقف هذا النهر العريق اليوم كخط تماسّ أخير يفصل بين مشروعين سياسيين متصارعين في سوريا: حكومة دمشق الجديدة من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من الجهة الأخرى.

ورغم الحديث الرسمي عن نهاية الحرب، تُظهر الوقائع على الأرض صورة أكثر تعقيداً، حيث يستمر التوتر والاشتباكات المتقطعة، فيما يحبس المدنيون أنفاسهم بين ضفّتين لا تزالان على حافة الانفجار.

تدريب عسكري على ضفاف النهر… وجدران مثقوبة بالرصاص

في أحد أيام أكتوبر، نفّذ عناصر من الأمن السوري تدريبات ميدانية داخل مياه الفرات عند دير الزور، فيما كان مدنيون يشاهدون المشهد وكأنه جزء من يوم عادي في مدينة أنهكتها سنوات الحرب.

لكن هذا الهدوء سرعان ما يتبدد كلما دوّى إطلاق نار من مواقع قسد في الضفة المقابلة، أو رد الجيش السوري على “محاولات التسلل” كما يصفها مسؤولوه.

قسد تسيطر على الشرق… ودمشق على الغرب

ورغم النجاحات العسكرية التي أعادت معظم الجغرافيا السورية إلى سيطرة الحكومة، ما تزال قسد تهيمن على الشمال الشرقي، بما فيه الحقول النفطية والممرات الاستراتيجية.

وتطالب الإدارة الذاتية الكردية بضمانات للحكم الذاتي ضمن دولة سورية جديدة، ما يجعل الفرات حدّاً فاصلاً بين مشروعين متناقضين.

ضحايا مدنيون… وجرح لا يندمل

في أغسطس، قُتلت خديجة أمام منزلها برصاصة طائشة. زوجها محمد عبد الرزاق يشير إلى آثار الرصاص على الجدران بحسرة:

“الحرب لم تنته… الثورة الحقيقية بدأت الآن.”

ولم يكن هذا الحادث الوحيد، إذ يسقط المدنيون بين الحين والآخر في الاشتباكات والقنص، فيما تعجز العائلات عن الانتقال أو ترك منازلها.

القبائل على خط النار

تلعب القبائل العربية دوراً مركزياً في المعادلة، إذ تنتشر امتداداتها الاجتماعية عبر جانبي النهر.

وبعد الاشتباكات الأخيرة، دعت بعض القبائل إلى “النفير العام”، لكن الدولة تدخلت لوقفها، خشية انزلاق المنطقة إلى صراع واسع تقوده المجموعات العشائرية.

وساطة أميركية وضغط تركي وتهديدات باجتياح

منذ مارس، تستضيف أطراف دولية مفاوضات بين دمشق وقسد لتحديد مستقبل المنطقة.

تركيا من جانبها منحت قسد مهلة حتى نهاية العام لدمج قواتها ضمن وزارة الدفاع السورية أو مواجهة عملية عسكرية “واسعة”.

اشتباكات حلب رسخت هشاشة وقف النار

اندلاع مواجهة عنيفة بين الأمن الحكومي وقسد في حلب خلال أكتوبر أكد أن وقف إطلاق النار قد ينهار بسهولة، لولا تدخل الوسطاء.

دير الزور… مدينة بقاياها تتكلم

دمار هائل يلفّ المدينة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 75٪ من بنيتها التحتية مهدّم أو متصدع.

وفي أحيائها المحطمة، يسكن الأهالي وسط أطلال البيوت، معتمدين على مبادرات محلية وبقايا دعم دولي قديم.

يقول كرم أشغول، مقاتل سابق عاد حديثاً من تركيا:

“الثورة المسلحة انتهت… الآن نحتاج ثورة بناء.”

سلام هش… ومستقبل معلّق

يمثل نهر الفرات اليوم حدود سلام هشّ لم يكتمل بعد، وحدّاً فاصلاً بين حرب انتهت نظرياً لكنها مستمرة فعلياً.

وإذا لم تنجح المساعي السياسية في دمج القوى العسكرية المتنافسة، يخشى السكان أن يتحول النهر من خط تماسّ إلى شرارة حرب جديدة.

اتفاق غازي جديد يعيد فتح بوابة الاستثمار الأميركي في قطاع الطاقة السوري

في تطوّر لافت داخل ملف الطاقة السوري، أعلنت وزارة الطاقة في دمشق توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية مع شركتي ConocoPhillips  الأميركية و Novaterra، إضافة إلى الشركة السورية للنفط، بهدف تطوير قطاع الغاز وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة بشدّة منذ اندلاع الحرب عام 2011.

قطاع أنهكته الحرب… واتفاق يفتح آفاقاً جديدة

وتأتي الاتفاقية في وقت تنتج فيه سوريا أقل من ثلث احتياجاتها من الكهرباء، نتيجة الدمار الواسع الذي ضرب الحقول وخطوط الإنتاج ومحطات التجميع خلال سنوات القتال.
ومع ذلك، شهدت البلاد في الشهور الماضية تحسناً نسبياً في التغذية الكهربائية بفضل واردات الغاز من أذربيجان وقطر، الأمر الذي شجّع الحكومة على البحث عن شراكات أوسع مع شركات عالمية.

زيادة في الإنتاج خلال عام واحد

وبحسب يوسف قبلاوي، الرئيس التنفيذي للشركة السورية للنفط، فإن الاتفاق الجديد قد يرفع إنتاج الغاز اليومي بما يتراوح بين 4 و5 ملايين متر مكعب خلال السنة المقبلة، وهو ما يُعد زيادة كبيرة قياساً بالإنتاج الحالي.

تفاصيل الاتفاق

تشمل مذكرة التفاهم:

  • تطوير الحقول الغازية العاملة حالياً
  • استكشاف مواقع جديدة باستخدام تقنيات حديثة
  • إدخال معايير إنتاجية وتكنولوجية متطورة
  • تعزيز أمن الطاقة وتقليص الاعتماد على الاستيراد.

من 8.7 إلى 3 مليارات متر مكعب… انهيار الإنتاج بعد الحرب

وتُشير الأرقام الرسمية إلى أن إنتاج سوريا من الغاز الطبيعي انخفض من 8.7 مليارات متر مكعب عام 2011 إلى نحو 3 مليارات متر مكعب في 2023، أي أقل من 40% من مستويات ما قبل الحرب.

رسالة حكومية: “نعمل على إعادة تشغيل قطاع الكهرباء”

ويأتي الاتفاق ضمن خطة حكومية أوسع لرفع ساعات التغذية الكهربائية وتقليل العجز الذي يضغط على الصناعة والخدمات، في ظل حاجة البلاد الملحّة لإعادة بناء قطاع الطاقة الذي يُعدّ ركيزة أساسية لمرحلة التعافي الاقتصادي.

سوريا تبدأ أولى المحاكمات العلنية لمتهمين بانتهاكات «أحداث الساحل»

انطلقت الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 في مدينة حلب، شمالي سوريا، أولى جلسات المحاكمة العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات خلال «أحداث الساحل» التي اندلعت مطلع مارس/آذار الماضي، في خطوة وصفها مسؤولون بأنها تعكس استقلالية القضاء في المرحلة الجديدة.

تجري الجلسات داخل قصر العدل في حلب، وتشمل موقوفين يواجهون تهمًا تتعلق بإثارة الفتنة الطائفية، والسرقة، والاعتداء على قوى الأمن الداخلي والجيش. كما حوكم عدد من الأشخاص بتهمة الانتماء للنظام السابق والتواصل مع ضباط تابعين له، من بينهم أحمد صالح، أحد ضباط الحرس الجمهوري.

وبحسب ما عُرض في الجلسة، تضم القضايا المعروضة 14 متهماً؛ سبعة منهم من عناصر النظام السابق «تورّطوا في جرائم ضد عناصر الأمن والجيش»، فيما ارتكب السبعة الآخرون انتهاكات بحق مدنيين، استنادًا إلى ملفات وأدلة رقمية جرى استخراجها من هواتفهم.

حضور واسع وتشديدات أمنية

شهدت المحكمة حضورًا لافتًا لأهالي الضحايا، فيما كثّفت قوات الأمن العام انتشارها حول مبنى القصر العدلي، في ظل حساسية الملفات المعروضة.

وقالت مصادر في وزارة العدل إن هذه الجلسات ستكون الأولى ضمن سلسلة محاكمات علنية ستشمل أكثر من 560 متهماً على خلفية أحداث الساحل، إضافة إلى محاكمات أخرى تطال متورطين في انتهاكات ارتُكبت بحق السوريين خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.

وأكد مصدر حقوقي في دمشق أن هذه المحاكمة هي ثمرة عمل استقصائي وتحقيقي امتد لأكثر من ستة أشهر، مشيرًا إلى أن الاعترافات التي أدلى بها المتهمون اليوم ستقود إلى توجيه لوائح اتهام جديدة بحق داعمين وشركاء في الجرائم التي شهدتها المنطقة.

القضاء في «العهد الجديد»

وقال ياسر فرحان، المتحدث باسم لجنة التحقيق في أحداث الساحل، للجزيرة، إن «القضاء في العهد السابق لم يكن مستقلاً ولا عادلاً»، مؤكدًا أن الوضع تغيّر اليوم. وشدد على وجود تطابق كبير بين نتائج التحقيق السورية ونتائج لجان التحقيق الدولية.

وفي السياق ذاته، أعلن رئيس اللجنة القاضي جمعة العنزي عبر منصة «إكس» أن المحاكمات ستكون مفتوحة أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، معتبرًا أن بدء الجلسات يمثل «محطة مهمة لذوي الضحايا وجميع المعنيين بمسار العدالة».

أحداث دامية واستعادة السيطرة

وكانت مناطق الساحل السوري قد شهدت في مارس/آذار الماضي مواجهات عنيفة بعدما شنّت مجموعات موالية للنظام السابق هجمات على قوى الأمن، ما أسفر عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين وعناصر الأمن والجيش، إضافة إلى إحراق منازل وممتلكات.

وعقب ذلك، استعادت القوات الحكومية السيطرة على المنطقة بعد عملية واسعة شهدت أيضاً انتهاكات وعمليات قتل وسلب نفذتها مجموعات «غير تابعة للحكومة».

وتواصل الإدارة السورية الجديدة العمل على ضبط الوضع الأمني وملاحقة بقايا عناصر النظام السابق المتهمين بإثارة الفوضى.

سوريا تستقبل 650 ألف برميل نفط ضمن منحة سعودية

وصلت ناقلة نفط سعودية إلى ميناء بانياس في سوريا محملة بنحو 90 ألف طن من النفط الخام، في إطار المنحة السعودية التي تهدف إلى دعم الاحتياجات المحلية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن أحمد قبه جي نائب الرئيس التنفيذي للشركة السورية للبترول قوله إن ميناء بانياس استقبل الاثنين الدفعة الأولى من المنحة السعودية والتي تقدر بـ650 ألف برميل، في حين سوف تصل الدفعة الثانية والتي تقدر بمليون برميل في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مشيرا إلى أنه سيتم تكريرها بمصفاة بانياس النفطية.

بدوره، أشار مدير مصب بانياس النفطي عبد الهادي جوباسي إلى أنه تجري حاليا عملية تفريغ الناقلة وتحتاج إلى 72 ساعة للانتهاء.

وأوضح مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش أنه في إطار تلبية الاحتياجات المستمرة لمواد الطاقة ودعم تشغيل المصافي الوطنية، استقبل ميناء بانياس الباخرة “بيتالدي” (PETALIDI) قادمة من السعودية، محمّلة بكمية تقدَّر بـ90 ألف طن من النفط الخام.

وأشار علوش إلى أن الفرق الفنية باشرت عمليات تفريغ الحمولة وفق أعلى معايير السلامة الفنية والبيئية، تمهيدا لضخ الكميات إلى مصفاة بانياس، بهدف تعزيز تزويد السوق المحلية بالمشتقات النفطية وضمان استقرارها.

يذكر أن سوريا وقعت مع السعودية مذكرة تفاهم تمنح بموجبها الرياض دمشق 1.65 مليون برميل من النفط الخام، وتعتبر وصول الباخرة أولى ثمرات الاتفاقية بين وزارة الطاقة السورية والصندوق السعودي للتنمية.

محادثات صينية–سورية تبحث تعزيز الشراكة ودور بكين في إعادة الإعمار

أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، مباحثات رسمية مع نظيره الصيني وانغ يي في العاصمة بكين، ركزت على تطوير العلاقات الثنائية ودور الصين في دعم جهود إعادة إعمار سوريا.

وقال الشيباني في منشور على منصة “إكس” إن زيارته إلى بكين تمثّل “خطوة مهمة” نحو توسيع الشراكة بين البلدين، مشيرًا إلى أن المباحثات فتحت آفاقًا جديدة للتعاون في مرحلة إعادة الإعمار. وأضاف أن الصين جددت خلال اللقاء موقفها الداعم لوحدة الأراضي السورية وسيادتها.

بيان مشترك وتأكيد على عمق العلاقات

ونشرت وزارة الخارجية السورية بيانًا مشتركًا صدر عقب المحادثات التي جرت في قصر الضيافة ببكين، ضمن أول زيارة رسمية لوزير الخارجية السوري إلى الصين.

وأكد الجانبان، وفق البيان، على “عمق علاقات الصداقة التاريخية” بين البلدين، وشددا على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع التزام مواصلة التنسيق في المنظمات والمحافل الدولية.

كما بحث الطرفان تطوير التعاون الاقتصادي والتنموي، ودعم برامج إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية في سوريا، إضافة إلى تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله وزيادة التنسيق الأمني.

دعم صيني للعملية السياسية

وأشار البيان إلى أن الصين أكدت احترامها لسيادة سوريا واستقلالها، واعتبرت الحكومة السورية “الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري”. كما أعلنت دعمها للعملية السياسية بقيادة دمشق، وأثنت على جهود الحكومة في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وتعزيز سيادة القانون.

وأكدت بكين كذلك أن هضبة الجولان تُعد أرضًا سورية محتلة وفق قرارات المجتمع الدولي.

من جانبه، تعهّد الشيباني بأن سوريا “لن تكون مصدر تهديد للصين”، وأنها لن تسمح باستخدام أراضيها بما يمس أمن بكين أو مصالحها.

وفي بيان منفصل، قالت وزارة الخارجية الصينية إن تطوير العلاقات بين البلدين يتطلب معالجة التحديات الأمنية، مؤكدة استعداد بكين للمساهمة في استقرار سوريا. وشدد الوزير وانغ يي على ضرورة استئناف التبادلات بين البلدين تدريجيًا في مختلف المجالات.

دمشق تنفي نيتها تسليم مقاتلين من الإيغور

وفي سياق متصل، نفت وزارة الخارجية السورية صحة تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية حول نية دمشق تسليم مقاتلين من الإيغور إلى الصين.

وكانت الوكالة نقلت عن مصدر حكومي سوري أن دمشق تبحث تسليم نحو 400 مقاتل من الإيغور، وأن الملف مطروح ضمن زيارة الوزير الشيباني إلى بكين. وأشارت الوكالة إلى أن عدد مقاتلي الإيغور في سوريا يتراوح بين 3200 و4000، معظمهم في إدلب، وينتمي أغلبهم إلى الحزب الإسلامي التركستاني الذي قاتل إلى جانب فصائل المعارضة ضد نظام بشار الأسد.

إلا أن مصدرًا في الخارجية السورية نفى هذه الأنباء، مؤكدًا أن التقارير المتداولة “غير صحيحة”.

إحاطة لمركز عمران: تصاعد الاضطرابات الأمنية في سوريا خلال أكتوبر/تشرين الأول 2025

شهد المشهد الأمني في سوريا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025 تصاعدًا ملحوظًا في التوترات والاشتباكات المسلحة، وتفاقمًا في أنشطة الجريمة المنظمة، وسط استمرار هشاشة الوضع الأمني وتداخل مراكز النفوذ على الأرض. وبحسب إحاطة “المشهد الأمني السوري” الصادرة عن مركز عمران، فإن الشهر اتسم بعودة الاشتباكات بين “قسد” والنظام السوري، وتوسع عمليات الاغتيال، وتحرك الأجهزة الأمنية لتفكيك شبكات الجريمة والتهريب.
اشتباكات متصاعدة بين “قسد” والجيش السوري

اندلعت مواجهات واسعة في عدة مناطق خاضعة لسيطرة “قسد”، أبرزها في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، حيث أغلقت القوات الأمنية المداخل بشكل كامل قبل التوصل إلى اتفاق تهدئة. كما سُجلت هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مواقع لـ”قسد” في ريف حلب ودير الزور، تزامنًا مع عمليات أمنية وعسكرية في محاور صبيخان، الكشكية، وأبو حمام.

وفي ريف دير الزور الغربي، أدت الأزمة العشائرية المتصاعدة إلى حصار مناطق كاملة وإغلاق الطرق النهرية والترابية، ما تسبب بأزمة إنسانية وتعطّل حركة المدنيين والبضائع بين مناطق سيطرة “قسد” ومناطق سيطرة الدولة السورية.

ضغوط داخلية على “قسد” وتراجع في التماسك التنظيمي

كثفت “قسد” حملاتها المتعلقة بالتجنيد الإجباري، وشهدت الحسكة والقامشلي والرقة سلسلة اقتحامات ونقاط تفتيش أثارت استياءً شعبيًا واسعًا. وفي الوقت نفسه، تعرضت “قسد” لخسائر بشرية كبيرة، بينها مقتل قياديين مثل “نوروز جعفار” و“سرحد عكيد”. كما وقعت حوادث انهيار أنفاق ومقتل عناصر في ظروف غامضة، ما يعكس استمرار الانشقاقات والاضطرابات داخل صفوفها.

عمليات أمنية شاملة وتفكيك شبكات تهريب وإجرام

شهدت عدة محافظات سورية حملات أمنية مكثفة استهدفت شبكات الجريمة المنظمة، وعمليات سطو، وعصابات مرتبطة بجهات إرهابية.

  • في طرطوس واللاذقية تم تفكيك خلايا اغتيالات وسرقة.
  • في دمشق أُلقي القبض على مطلوبين بتهم فساد وابتزاز إلكتروني، إضافة إلى مداهمات طالت شخصيات ارتبطت بانتهاكات خلال حقبة النظام السابق.
  • في ريف درعا وريف حمص والرقة تمت عمليات اعتقال واستهداف عصابات مسلحة وخلايا تهريب.

كما تم توقيف ضباط ومسؤولين سابقين متورطين بانتهاكات، بينهم شخصيات مرتبطة بالأجهزة الأمنية للنظام القديم.

ارتفاع وتيرة الاغتيالات لأسباب سياسية وثأرية

شهد الشهر تصاعدًا في الاغتيالات التي استهدفت عناصر من النظام السابق، وشخصيات أمنية حالية، ومقاتلين سابقين في فصائل مختلفة، إضافة إلى مدنيين.

وتشير هذه الحوادث إلى استمرار حالة “تصفية الحسابات” داخل مناطق النفوذ، وغياب مسار عدالة انتقالية يحد من النزاعات الفردية.

الملف الأخطر: المخدرات والتهريب

سجلت الأجهزة السورية والجهات الأمنية في مناطق مختلفة عمليات ضبط ضخمة لشبكات تهريب المخدرات، شملت:

  • ضبط أكثر من 11 ألف حبة كبتاغون و46  كيلوغرامًا من الحشيش في دير الزور.
  • اعتراض شحنات كبيرة في حمص قادمة من لبنان.
  • كشف مزارع للحشيش ومخابئ تصنيع الكبتاغون في ريف دمشق وحلب.
  • ضبط معدات تصنيع قرب الحدود اللبنانية.

كما أحبطت السلطات محاولات تهريب كميات ضخمة عبر معبري نصيب وجديدة يابوس، تجاوزت قيمتها ملايين الدولارات.

ويعكس شهر أكتوبر/تشرين الأول استمرار تعدد القوى الفاعلة داخل سوريا، وتنامي حالات الصدام بين “قسد” والجيش السوري، إضافة إلى تفشي الجريمة المنظمة والمخدرات وعمليات الاغتيال، ما يجعل البلاد أمام مشهد أمني شديد التعقيد يتطلب خطوات ملموسة باتجاه مسار سياسي وأمني مستقر.

إيران

كيف غيّر الهجوم الأميركي ـ الإسرائيلي مسار علاقة إيران بالوكالة الدولية؟

منذ الضربة الأميركية ـ الإسرائيلية التي استهدفت منشآت إيران النووية قبل أشهر، دخلت علاقة طهران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية مرحلة توتر غير مسبوق، انعكست في التصريحات، والخطوات المتبادلة، وطبيعة التعاون التقني بين الطرفين.

مسودة غربية لزيادة الضغط

قدمت الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية مسودة قرار داخل الوكالة الدولية تطالب إيران بـ تعاون فوري وشامل، يشمل تقديم معلومات دقيقة عن المواد والمنشآت النووية، والسماح بوصول المفتشين من دون تأخير.

لكن طهران ردّت بأن مثل هذه القرارات تتجاهل اتفاق القاهرة، مؤكدة استعدادها لقبول وساطة روسية وصينية لإعادة مسار التعاون.

الموقف الإيراني: لا قطيعة… لكن قواعد جديدة

بحسب مراسل الجزيرة في طهران، تنفي إيران وجود قطيعة مع الوكالة، وتؤكد استمرار عضويتها والتزامها بمعاهدة عدم الانتشار، لكنها تشدد على أن التعاون بعد الهجوم الأخير لن يكون كما كان.

وترى إيران أن الوكالة تريد مفاتيح التحكم الكاملة، بينما تقول طهران إن الظروف تغيّرت بعد استهداف منشآتها، وإنها لن تسمح بوصول “غير آمن” قد يفتح الباب لاستهدافات جديدة.

ما الذي تغيّر؟

الهجوم الأميركي ـ الإسرائيلي قلب المعادلة، وفق المسؤولين الإيرانيين:

  • إيران لم تعد ملتزمة بالبروتوكول الإضافي.
  • تعتبر أن “مفاتيح اللعبة” صارت بيدها، لا بيد الوكالة.
  • تطالب ببروتوكول جديد يضمن لها أمن منشآتها قبل أي وصول دولي.
  • وتربط أي تعاون جديد بإطار قانوني يحدده البرلمان الإيراني.

خلفية النزاع

إيران كانت قد علّقت تعاونها مع الوكالة في يوليو الماضي بعد حرب استمرت 12 يوماً، اندلعت إثر ضربات أميركية ـ إسرائيلية لمواقع نووية، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل.

انهيار اتفاق القاهرة

وقد أعلنت طهران أن اتفاق القاهرة الذي أبرمته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد قيمته ولم يعد سارياً، وذلك عقب تبنّي مجلس محافظي الوكالة قراراً يطالب طهران بالتعاون الفوري بشأن منشآتها النووية ومستويات تخصيب اليورانيوم لديها. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي للجزيرة إن الاتفاق وُقّع في الأصل بهدف خفض التصعيد عقب حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، لكنه “لم يعد ذا معنى” بعد التطورات الأخيرة.

وأوضح بقائي أن إيران كانت قد وافقت على استئناف التعاون بوساطة مصرية في سبتمبر الماضي، غير أن الوكالة –وفق تعبيره– “خرقت التزاماتها” عندما قدمت معلومات عن مواقع نووية تخضع للتفتيش، مما سمح للولايات المتحدة وإسرائيل بشن هجمات “غير قانونية” على منشآت حساسة مثل نطنز وفوردو. وأكد أن هذه الهجمات غيّرت الأساس الذي بُني عليه اتفاق القاهرة، الأمر الذي دفع طهران إلى مراجعة موقفها.

وأشار المتحدث الإيراني إلى أن العودة للتعاون مع الوكالة تعتمد على مدى التزام المجتمع الدولي بالقوانين الدولية ومحاسبة الأطراف التي تستهدف المنشآت النووية، لافتاً إلى أن قرار الوكالة الأخير لم يتضمن أي إجراءات عقابية مباشرة ضد إيران.

إيران تفرج عن ناقلة Talara بعد خمسة أيام من احتجازها في الخليج

أفرجت إيران، عن ناقلة الوقود Talara التي ترفع علم جزر مارشال، بعد خمسة أيام من احتجازها في خليج عمان، في أول حادثة من هذا النوع منذ أن خفّضت طهران نشاطها العسكري الإقليمي عقب الغارات الإسرائيلية–الأميركية هذا العام.

وأكدت شركة Columbia Shipmanagement المشغّلة للسفينة أن جميع أفراد الطاقم الـ21 بخير، وأن الناقلة عادت لاستئناف عملياتها، دون توجيه أي اتهامات لها أو لطاقمها أو لمالكيها.

كيف بدأت الحادثة؟

  • الناقلة كانت متجهة من الإمارات إلى سنغافورة محمّلة بوقود “الغازويل عالي الكبريت”.
  • قُطعت الاتصالات معها على بعد 20 ميلاً بحرياً من خورفكان في الإمارات.
  • يوم الجمعة 14 نوفمبر، اعترضتها قوات الحرس الثوري الإيراني وساقتْها إلى المياه الإقليمية الإيرانية.

في اليوم التالي، أكدت طهران رسمياً احتجاز الناقلة، متهمةً إياها بحمل “شحنة غير مصرح بها”، من دون كشف تفاصيل إضافية. كانت هذه أول عملية احتجاز لسفينة منذ أبريل 2024، ومنذ أن خفّضت إيران نشاطها في الخليج بعد الضربات الإسرائيلية في يونيو.

خلفيات وسياق أوسع

الولايات المتحدة، التي قالت إنها تراقب الحادثة، أوضحت أن احتجاز ناقلة في هذا التوقيت كان “مفاجئاً” نظراً لأن إيران توقفت لأشهر عن هذه العمليات.
يُشار إلى أن الحرس الثوري سبق أن احتجز سفناً تجارية في المنطقة بذريعة مخالفات فنية أو تهريب أو نزاعات قانونية.

نهاية الأزمة

صباح 19 نوفمبر، أُطلقت الناقلة دون توجيه أي اتهامات، وأُبلغت عائلات الطاقم بسلامتهم. وتعود ملكية السفينة لشركة Pasha Finance القبرصية.

متابعات عربية

ائتلاف السوداني يتصدر الانتخابات العراقية بـ46 مقعداً

أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق أنّ الائتلاف السياسي بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تصدّر النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، بحصوله على 46 مقعداً من أصل 329 مقعداً.

ورغم هذا التقدّم، فإن تشكيل الحكومة الجديدة قد يستغرق عدة أشهر بسبب المفاوضات المعقدة لبناء تحالف برلماني يضمن الأغلبية.

نتائج أبرز القوائم

  • ائتلاف السوداني: 46 مقعداً
  • ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي: 29 مقعداً
  • حزب تقدم (السني) بزعامة الحلبوس 27: مقعداً
  • الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP): 26 مقعدًا
  • نسبة المشاركة النهائية:   56.11%

تحركات الكتلة الشيعية

قالت أحزاب “الإطار التنسيقي” المكوّنة للتحالف الحاكم إنها تعتبر نفسها الكتلة الأكبر داخل البرلمان، مؤكدة بعد اجتماع حضره السوداني أنها ستباشر تسمية رئيس الوزراء للمرحلة المقبلة.

تحديات المرحلة القادمة

الحكومة المقبلة ستواجه ملفات حساسة، أبرزها:

  • موازنة النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران داخل العراق.
  • التعامل مع عشرات الفصائل المسلحة المرتبطة بطهران والتي لا تخضع بالكامل لسلطة الدولة.
  • الضغوط الأميركية المتزايدة لحل أو ضبط هذه المجموعات المسلحة.

السوداني، الساعي لولاية ثانية، حاول خلال الحملة إظهار نفسه كزعيم قادر على إخراج العراق من دوامة عدم الاستقرار، لكنه يواجه تشكيكاً من قطاع واسع من الشباب الذي يرى الانتخابات مجرد وسيلة لإعادة تقاسم النفوذ والثروة النفطية بين القوى التقليدية.

الضغوط الأميركية على لبنان لتسريع نزع سلاح حزب الله

تزايدت الضغوط الأميركية على لبنان لدفعه إلى تحقيق تقدّم ملموس في ملف نزع سلاح حزب الله، وسط تبرّم داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من بطء التنفيذ وعدم وضوح النتائج، وفق ما نقلته مصادر أميركية ولبنانية.

وأُلغيت هذا الأسبوع زيارة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل إلى واشنطن، بعد إدانة الجيش اللبناني الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان، في خطوة فسّرتها مصادر أمنية بأنها رسالة غضب أميركية واضحة من تعثّر خطة نزع السلاح.

الولايات المتحدة، التي ضخّت أكثر من 3 مليارات دولار لدعم الجيش خلال العقدين الماضيين، ترى أن بيروت لا تتحرّك بالسرعة المطلوبة رغم الخطة التي أقرّتها الحكومة في سبتمبر لنزع السلاح جنوب نهر الليطاني. بينما تتهم إسرائيل لبنان وحزب الله بـ”بطء التنفيذ” و”إعادة التسلّح سراً”.

من جانبها، تؤكد قيادة الجيش أنّها تنفّذ التزاماتها جنوب الليطاني وتوسع انتشارها تدريجياً، فيما يصرّ حزب الله على أنه لن ينزع سلاحه طالما بقيت القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية.

وتعترف مصادر أميركية ولبنانية بأن نزع السلاح عملية شديدة التعقيد بسبب الحساسية السياسية وقدرات الجيش المحدودة، إضافة إلى مخاوف حقيقية من أن تؤدي مواجهة مباشرة مع الحزب إلى تفجير حرب أهلية.

وفي الوقت نفسه، تشير مصادر مطلعة إلى انقسام داخل الإدارة الأميركية:

  • البنتاغون و”سنتكوم” يعتبران أن أداء الجيش اللبناني جيد.
  • بينما أطراف أخرى في واشنطن تدفع نحو زيادة الضغط وربما إجراءات عقابية ضد بيروت.

خيارات بديلة… ودور الخليج

أحد المقترحات الأميركية المطروحة هو تعزيز النفوذ العربي–الخليجي في لبنان كوزن مقابل لإيران، عبر دعم قطاعات الخدمات والاقتصاد، لكن هذا الخيار يصطدم بواقع أن علاقة حزب الله بإيران ليست مالية فقط بل عقائدية.

كما تربط دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، أي دعم جديد للبنان بـ إصلاحات جذرية وتقدم ملموس في ملف نزع السلاح. ويزور المبعوث السعودي بيروت لمتابعة هذا الملف، وسط سياسة سعودية حذرة تعتمد “الانتظار والترقب”.

العامل الإسرائيلي

يرى مسؤولون لبنانيون أن تعاون إسرائيل أساسي لإنجاح مسار نزع السلاح، مشيرين إلى استمرار تل أبيب في ضربات يومية داخل لبنان واحتلال مواقع جنوبية وبناء جدار إسمنتي يتجاوز الخط الأزرق، وهو ما دعت الأمم المتحدة إلى إزالته.

ويقول مصدر لبناني إن واشنطن تطالب بيروت بفعل المزيد، لكنها تفشل في الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات مقابل نزع سلاح حزب الله، مما يعقّد المفاوضات ويُضعف موقع لبنان التفاوضي.

الجيش السوداني يعلن تقدماً واسعاً في كردفان وسط تجدد المعارك مع قوات الدعم السريع

أعلن الجيش السوداني، تحقيق مكاسب ميدانية كبيرة في إقليم كردفان، مع توسّع المعارك مجدداً ضد قوات الدعم السريع. وقال في بيان إن وحداته نفذت عمليات “بكفاءة عالية”، موقعةً خسائر فادحة في الأرواح والمعدات لدى الدعم السريع، ومسيطراً على “مواقع حيوية” أعاد نشر قواته فيها وفق خطة عسكرية جديدة.

وأكد الجيش أنه سيواصل حملته “حتى تطهير البلاد من التمرد والأجندات الخارجية”.

تطورات ميدانية متسارعة

  • قوات الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش أعلنت استعادة منطقتي أبو سنون وأبو قعود في شمال كردفان.
  • حاكم دارفور مني أركو مناوي قال إن الجيش وحلفاءه ألحقوا هزيمة بالدعم السريع في جبل أبو سنون والمناطق المحيطة.
  • في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع أنها صدّت هجوماً للجيش في جبل أبو سنون وجبل عيسى ومنطقة العيارة غرب الأبيض.
  • الإثنين، قال الجيش إنه استعاد منطقة أم سيالة في شمال كردفان.

اتساع رقعة القتال

بعد سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور الشهر الماضي، امتدت المواجهات إلى جبهات جديدة، خصوصاً في إقليم كردفان وسط وجنوب السودان.

وتسيطر قوات الدعم السريع حالياً على الولايات الخمس في دارفور، بينما يحتفظ الجيش بمعظم الولايات الـ13 الأخرى بما فيها العاصمة الخرطوم.

تحوّل هادئ في الدبلوماسية الصومالية عبر زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى الجزائر

شهدت السياسة الخارجية الصومالية تحولاً لافتاً مع زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى الجزائر، وهي زيارة تحمل دلالات استراتيجية مهمة، كونها الأولى منذ عقود، وتأتي بعد إعادة فتح السفارة الصومالية في الجزائر. الزيارة تعكس رغبة مقديشو في إعادة تموضعها عربيًا وإفريقيًا، والابتعاد عن العزلة التي فرضتها الأزمات الداخلية في السنوات الماضية.

1. سياق الزيارة وأهميتها

تأتي الزيارة في لحظة إقليمية معقدة، تشهد إعادة ترتيب التحالفات في إفريقيا والعالم العربي. وتحمل رمزية واضحة باتجاه تنويع الشراكات السياسية والاقتصادية، وتأكيد انفتاح الصومال على الدول ذات الثقل الاستراتيجي مثل الجزائر، بما يعزز استقلالية القرار الصومالي ويعيده إلى فضائه الإفريقي والعربي.

2. خلفيات تاريخية ودور جزائري ثابت

ترتكز العلاقات بين البلدين على تاريخ طويل من التضامن والدعم، حيث تبنّت الجزائر مواقف متوازنة في دعم الدولة الصومالية منذ عقود، وساندت مؤسساتها الأمنية والسياسية، خصوصاً عبر دعم الجهود الإفريقية المشتركة لاستقرار الصومال. هذا الإرث جعل الجزائر شريكاً موثوقاً لمقديشو في مسار إعادة بناء الدولة.

3. تعاون تعليمي وتنموي واسع

أحد أبرز نتائج الزيارة كان توقيع اتفاق جديد للتعليم العالي والبحث العلمي، يشمل المنح الدراسية، دعم الجامعات الصومالية، وتبادل الخبرات العلمية. ويعد هذا الاتفاق محوراً أساسياً في رؤية الصومال لاعتماد “دبلوماسية تنموية” تربط السياسة الخارجية باحتياجات التنمية وبناء القدرات.

4. إعادة فتح السفارة: عودة الدبلوماسية إلى الجزائر

إعادة افتتاح السفارة الصومالية في الجزائر تمثل خطوة مركزية لإحياء العلاقات، وتعكس إرادة سياسية لإطلاق تعاون فعّال في مجالات الأمن، والتعليم، والاستثمار. كما تمنح الصومال منصة دبلوماسية فاعلة لخدمة جاليته وتعزيز حضوره في شمال إفريقيا.

5. دور السفير الصومالي الجديد

لعب السفير يوسف أحمد حسن دوراً محورياً في إعادة تنشيط العلاقات الثنائية، وبناء الثقة مع الجانب الجزائري، مما مهّد للزيارة ووسّع نطاق التعاون السياسي والأكاديمي. وقد نجح في إعادة الحضور الصومالي إلى المشهد الرسمي والإعلامي الجزائري بعد سنوات من الغياب.

تمثل زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى الجزائر محطة مفصلية في تحديث الدبلوماسية الصومالية، وتؤشر إلى توجه واضح نحو شراكات متوازنة تقوم على المصالح المشتركة لا المحاور الضيقة. وتمنح هذه الزيارة الصومال فرصة لتعزيز حضوره العربي والإفريقي، ودعم مسار التنمية الداخلية، في إطار مشروع وطني لإعادة صياغة دور مقديشو على الساحتين الإقليمية والدولية.

متابعات إفريقية

جنوب أفريقيا تعيد إحياء مشاريعها النووية وتوسّع برنامجها البحثي

أعلنت دولة جنوب أفريقيا عن خطة واسعة لإحياء مشاريعها النووية المتوقفة وإعادة تشغيل مرافق بحثية أساسية، في خطوة تهدف إلى إعادة بناء الخبرات المحلية وتعزيز موقعها في سوق الوقود النووي العالمي، وفق ما أكده وزير الطاقة كغوسينتشو راموكغوبا.

إعادة تشغيل المختبرات وبرامج الطاقة

قال الوزير في مؤتمر صحفي في بريتوريا إن بلاده “لن تتخلف عن الركب”، مشيراً إلى:

  • إعادة فتح مختبرات تطوير الوقود النووي
  • إحياء برنامج مفاعل الوحدات الصغيرة المبنية على الكرات (PBMR)
  • بناء جيل جديد من العلماء النوويين بالشراكة مع الجامعات.

وأشار إلى أن مؤسسة الطاقة النووية الجنوب أفريقية (NECSA) تقود الجهود لإعادة بناء البرنامج النووي وأجندته البحثية، بما يشمل إعادة تشغيل مرافق مثل مختبر قياس الوقود النووي ومواقع اختبار الهيليوم.

منافسة عالمية في سوق المفاعلات الصغيرة

قال راموكغوبا إن الصين هي المورد العالمي الوحيد حالياً لوقود المفاعلات ذات الحرارة العالية، ومع توسع مشاريعها الداخلية ستتجه للسيطرة على سوق المفاعلات الصغيرة (SMR).
وأضاف: “مع عملنا الجديد، سنكون لاعباً أساسياً في هذا المجال”، مؤكداً أن جنوب أفريقيا “تعود إلى موقعها الطبيعي” كقوة رئيسية في تكنولوجيا الوقود النووي.

خسائر الماضي… واستعادة الزخم

أوضح الوزير أن البلاد خسرت نحو 16 عاماً من تطوير برنامج PBMR خلال فترة التجميد، وأن استعادة التقدم ستتطلب شراكات دولية، بينما تواصل NECSA تطوير مفاعلها البحثي متعدد الأغراض.

وتعمل الحكومة – بناءً على قرار صادر عام 2021 – على توسيع قدرات البحث والتطبيقات الطبية، خصوصاً في علاج السرطان، مع ضخ 1.2 مليار راند (70 مليون دولار) في NECSA والتخطيط لتوسيع القدرات النووية لتوليد 5.2  غيغاواط من الكهرباء محلياً.

موقع استراتيجي

جنوب أفريقيا تضم محطة كوبيرغ، وهي المنشأة النووية الوحيدة في أفريقيا، ما يمنحها قاعدة فريدة لإعادة بناء نفوذها العلمي والطاقة النووية في القارة والعالم.

تعليق المعهد المصري:

تسعى جنوب أفريقيا من خلال إحياء مشاريعها النووية لإعادة تموضعها كقوة علمية واستراتيجية بعد سنوات من الجمود، مستفيدة من التحولات العالمية في سوق الطاقة والطلب المتزايد على المفاعلات الصغيرة والوقود النووي عالي الحرارة الذي تهيمن عليه الصين حالياً. هذا التوجه يعكس رغبة الدولة في استعادة دورها السابق في الابتكار النووي وبناء جيل جديد من العلماء، مع استثمار موقعها الفريد كالدولة الأفريقية الوحيدة التي تمتلك مفاعلاً عاملاً. 

ورغم التحديات المرتبطة بنقص الكوادر وكلفة التطوير، ترى بريتوريا أن اللحظة الحالية تمثل فرصة لدخول سوق نووي عالمي جديد، وتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، وبناء اقتصاد تكنولوجي عالي القيمة يعيد لها مكانتها بين الدول الصاعدة.

أفريقيا تسجّل أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ ربع قرن

أعلن المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أن القارة الأفريقية تشهد أسوأ موجة تفشٍ للكوليرا منذ 25 عامًا، مع تسجيل أكثر من 300 ألف إصابة و نحو 7 آلاف وفاة منذ مطلع العام الجاري. وتمثل هذه الأرقام زيادة بنسبة 30% مقارنة بالعام 2024.

ووفقًا للمركز، يعود تصاعد الإصابات إلى تدهور البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في عدة دول، إضافة إلى الظروف الإنسانية الهشة في المخيمات المكتظة التي انتشر فيها المرض بسرعة.

وتُعد أنجولا وبوروندي الأكثر تضررًا من التفشي الحالي، بينما تشير البيانات إلى تحسن تدريجي في كل من جنوب السودان والصومال، وكذلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث تراجع المعدل العام للحالات.

وحذّر المركز من أن النزاعات المسلحة المستمرة في عدد من الدول قد تؤدي إلى موجات تفشٍ جديدة، خصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها وتفتقر إلى الخدمات الصحية الأساسية.

سفير أوكرانيا: جنوب أفريقيون خُدعوا للقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا

حذّر سفير أوكرانيا في جنوب أفريقيا، مواطني البلاد من الانخراط في الحرب الروسية على أوكرانيا، مؤكداً في تصريحات لوكالة فرانس برس أن 17 رجلاً جنوب أفريقيًا خُدعوا للانضمام إلى قوات مرتزقة في منطقة دونباس.

وقالت حكومة جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي إنها تلقت نداءات استغاثة من هؤلاء الرجال – الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاماً – يطلبون إعادتهم إلى بلادهم بعد أن وجدوا أنفسهم عالقين في خطوط القتال. وأوضحت الرئاسة أن المجموعة جرى استدراجها عبر وعود بعقود عمل مجزية، من دون تحديد الجهة التي تقاتل لصالحها.

لكن تقارير إعلامية محلية في موقعي “نيوز24″ و”كييف” أكدت أن الرجال يقاتلون ضمن صفوف القوات الروسية.

وكان وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا قد أعلن الأسبوع الماضي تحديد هويات 1436 مقاتلاً من 36 دولة أفريقية داخل القوات الروسية.

وردّاً على التطورات، أمر الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا بفتح تحقيق رسمي في تجنيد مواطني بلاده كمرتزقة، بعد تقارير ذكرت أن حزب الحركة الشعبية (MK) التابع للرئيس السابق جاكوب زوما قد أرسل بعض هؤلاء الرجال إلى روسيا لـ تلقي تدريبات أمنية. ويُعرف زوما بعلاقاته الوثيقة مع موسكو.

متابعات دولية

صعود إدواردو إلسستاين… وكيف أصبحت ديمقراطية الأرجنتين في مهبّ النفوذ المالي

يقدم التحقيق الاستقصائي (MintPress) صورة مركّبة ومعقّدة حول رجل الأعمال الأرجنتيني إدواردو إلسستاين، “أكبر مالك للأراضي في الأرجنتين” وأحد أكثر رجال المال نفوذًا في أميركا اللاتينية وإسرائيل، والذي تحوّل خلال العقود الثلاثة الماضية إلى العصب السري لمنظومة اقتصادية–سياسية تلامس حدود السيطرة على الدولة.

1- البداية: دعم جورج سوروس… ثم التمدد بلا سقف

انطلق إلسستاين من شركة عائلية صغيرة قبل أن يتغيّر كل شيء في اللحظة التي حصل فيها على استثمار فوري بقيمة 10 ملايين دولار من جورج سوروس في أوائل التسعينيات.
التمويل فتح الباب أمام بناء إمبراطورية عقارية–زراعية عبر شركتي:

  • : IRSA أكبر شركة عقارات في الأرجنتين
  • : Cresud أكبر شركة زراعية تملك 2.5 مليون فدان من الأراضي.

وخلال سنوات قليلة أصبح إلسستاين:

  • أكبر مالك أراضي في البلاد
  • لاعبًا مهيمنًا في قطاع الطاقة، التعدين، المصارف، الزراعة، والمراكز التجارية.
  • واجهة محلية لشبكة مصالح دولية (سوروس، برونفمان، روكفلر، روتشيلد).

2-  “رجل العولمة” داخل الدولة الأرجنتينية

يوضح التحقيق أنّ النفوذ الهائل لإلسستاين لم يكن ماليًا فقط، بل سياسيًا وهيكليًا:

  • استفاد من موجة الخصخصة في عهد كارلوس منعم
  • حصل على أصول استراتيجية (مصارف، عقار، طاقة) بأسعار “دنيا وغير عادلة”
  • عُيّن حلفاؤه في مجالس إدارات وبنوك مركزية
  • أصبح جزءًا من غرف القرار العالمية ( مجلس الأميركيتين، دافوس، WJC).

وهكذا تحوّل إلى الممر الرئيسي الذي تعبر من خلاله الشركات متعددة الجنسية والنخب المالية الغربية نحو قلب الاقتصاد الأرجنتيني.

3-شبكة نفوذ إسرائيلية عميقة

منذ 2012، وسّع إلسستاين نشاطه إلى إسرائيل عبر السيطرة على:

  • IDB أحد أكبر التكتلات الاقتصادية
  • حصص في شركات التكنولوجيا العسكرية (Elron)، الغذاء، الاتصالات، النفط (Paz Oil)
  • شركات برمجية مرتبطة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

وجوده لم يكن اقتصاديًا فقط بل سياسياً–أيديولوجياً عبر ارتباطات عميقة بحركة شباد – Chabad ومؤسسات يهودية عالمية.

4-التحكم بالقطاع الأهم: نظام التصويت في الأرجنتين

أخطر ما يكشفه التحقيق هو محاولة استحواذ شبكة إلسستاين على منظومة الانتخابات عبر شركة:

Magic Software Argentina – MSA

وهي الشركة المسؤولة عن أجهزة التصويت الإلكترونية المستخدمة في:

  • بوينس آيرس
  • كوردوبا
  • توكومان
  • سانتا فيه
  • تشاكو
  • سالتا
  • نيوكوين

مما يعني أن 25%  من أصوات الأرجنتينيين تمرّ عبر منظومة تكنولوجية يملكها فعليًا إلسستاين.

الشركة نفسها مملوكة عبر:

  • IDB  التي يسيطر عليها إلسستاين
  •  Clal Insuranceإحدى أذرعه
  • Edmond de Rothschild Group حليف مالي دولي قوي.

منظومة الانتخاب في الأرجنتين أصبحت مرتبطة بشكل مباشر بشبكة مالية–تجارية خارجية، بما يفتح الباب نظريًا لإعادة هندسة نتائج الانتخابات على نطاق واسع.

5-الهدف الأكبر: السيطرة على مستقبل الدولة

يذهب التحقيق إلى أنّ هذه الشبكة (إلسستاين – ميندلين – لويس) تعمل على:

  • تكريس احتكار الأرض والطاقة والمصارف
  • تعزيز النفوذ داخل مؤسسات الدولة
  • تشكيل واجهة محلية لمصالح النخب المالية الغربية والصهيونية
  • الدفع نحو “رقمنة الانتخابات” بطريقة تناسب تلك المصالح
  • تحويل باتاغونيا إلى منطقة نفوذ اقتصادي–سياسي منفصلة  بالأمر الواقع.

وهو ما يصفه التحقيق بـ:

“انقلاب ناعم – بلا رصاصة واحدة – يلتهم الدولة من الداخل.”

تحذيرات روسية: أوروبا تستعد لحرب شاملة مع موسكو

حذّر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من أن أوروبا تستعد لحرب شاملة مع روسيا، مشيراً إلى أن جهود الوصول إلى تسوية سلمية في أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود. واتهم بيسكوف الدول الأوروبية بدفع كييف نحو التصعيد العسكري، قائلاً إن “الوضع متوقف وليس بذنبنا”.

تزامنت هذه التصريحات مع استمرار الهجمات الروسية العنيفة على المدن الأوكرانية، واستخدام موسكو أساليب “حرب هجينة” في الغرب، من عمليات قطع كابلات تحت البحر إلى تحليقات مسيّرات واختبارات ردود فعل الناتو. وردّت أوروبا بتقوية دفاعاتها وزيادة الإنفاق العسكري.

كما كانت هناك توقعات بمفاوضات سلام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين الشهر الماضي، لكنها أُلغيت.

على الأرض، حققت أوكرانيا بعض الضربات النوعية، أبرزها استهداف ميناء تواپسه الروسي بصواريخ “فلامينغو” محلية الصنع، القادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية لمسافات تتجاوز 1800 كم. هذا الميناء يُعدّ أساسياً لصادرات النفط التي تعتمد عليها موسكو في تمويل الحرب.

لكن في المقابل، تواجه كييف تطورات ميدانية صعبة، إذ أعلنت أنها تفقد السيطرة على مدينة بوكروفسك شرق البلاد، وهي نقطة استراتيجية تُوصف بأنها “بوابة دونيتسك”. وتشير التقارير إلى دخول مئات الجنود الروس للمدينة مستغلّين الضباب الكثيف، وسط معارك شوارع شرسة وخسائر بشرية كبيرة للطرفين.

سياسياً، تعيش موسكو حالة من الارتباك بعد تضارب الأنباء حول إقصاء وزير الخارجية سيرغي لافروف، قبل أن يعود فجأة ويهاجم بريطانيا، ساخراً من “ضعف جيشها وقدراتها النووية”.

الاقتصاد البريطاني يدخل مرحلة حرجة ويرفع الضغوط على ريتشل ريفز

يواجه الاقتصاد البريطاني تراجعًا جديدًا يزيد من تعقيد مهمة وزيرة الخزانة ريتشل ريفز وحكومة حزب العمال، بعد 14 شهرًا من توليها السلطة دون نجاح واضح في وقف التباطؤ الاقتصادي.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو تراجع غير متوقع ساهم في انخفاض نمو الربع الثالث إلى 0.1% مقارنة بـ0.3% في الربع الثاني و0.7% في الربع الأول. ويعود جزء من هذا الانكماش لتوقف مصانع “جاغوار لاند روفر” إثر هجوم إلكتروني عطّل الإنتاج لأكثر من شهر.

كما ارتفع معدل البطالة إلى 5%، في مؤشر يعمّق مخاوف البريطانيين الذين كانوا يتوقعون تعافيًا سريعًا بعد وعود حكومة العمال بجعل النمو الاقتصادي أولوية قصوى.

ريفز أقرت بأن الاقتصاد يواجه «تحديات كبيرة»، مؤكدة أنها ستتخذ قرارات “عادلة” في الموازنة الجديدة المقرر إعلانها نهاية الشهر. إلا أن النقاش السياسي يتصاعد حول احتمال لجوئها إلى ضرائب جديدة وتقليص الإنفاق لسد عجز يقدَّر بـ30 مليار جنيه إسترليني.

مراكز الأبحاث، مثل “ريزوليوشن فاوندايشن”، ترى أن الحكومة أمام اختبار صعب لاستعادة النمو من دون خنق الاقتصاد بقرارات مالية قاسية، خاصة أن بعض الأسر باتت تؤجل الإنفاق بانتظار ما ستتضمنه الموازنة.

ومع استمرار تباطؤ الاقتصاد وتراجع ثقة الشارع، تتزايد التكهنات داخل الإعلام والسياسة البريطانية حول مستقبل ريفز وربما مستقبل رئيس الوزراء كير ستارمر نفسه، ما لم تنجح الحكومة في تغيير المسار الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.

تقارير محلية تدحض شائعات “الحرب الأهلية” في المكسيك بعد اغتيال رئيس بلدية

روّجت حسابات في الإعلام البديل لروايات تتحدث عن “ثورة ملوّنة” في المكسيك، وانزلاق البلاد نحو “حرب أهلية”، إثر احتجاجات غاضبة في ولاية ميتشواكان. لكن صحفيين محليين أكدوا أن هذه الادعاءات مبالغ فيها ولا تعكس الواقع على الأرض.

الاحتجاجات اندلعت عقب اغتيال رئيس بلدية أوروبان، كارلوس مانزو، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني. مانزو، الذي فاز بالمنصب كمستقل وبأغلبية واسعة، عُرف بمواقفه الصارمة ضد كارتلات المخدرات، ودعوته لتسليح المواطنين وتعزيز الأمن المحلي. وقد قُتل أثناء مرافقته قوة من الشرطة، رغم التحذيرات المتكررة التي أطلقها حول تهديدات تستهدفه.

وبحسب الصحفي المستقل ديريك بروكس، المقيم في موريليا، فإن اغتيال مانزو فجّر موجة احتجاجات محدودة شارك فيها مئات الأشخاص للتنديد بالعنف والفساد، تخلل بعضها أعمال تخريب محدودة. لكن بروكس يؤكد أن “الحياة اليومية في المدن الكبرى—بما فيها العاصمة مكسيكو سيتي—تسير بشكل طبيعي”، مضيفًا أن ما يجري “ليس ثورة ولا حربًا أهلية، بل غضب شعبي من استمرار نفوذ الكارتلات”.

وأشار بروكس إلى أن الجيل الجديد في المكسيك، المتأثر بثقافة الإنترنت، أصبح أكثر جرأة في التعبير عن رفضه للعنف، ما يفسر انتشار رموز مثل علم “ون بيس” الذي بات يظهر في احتجاجات عدة حول العالم. لكنه شدّد في الوقت نفسه على عدم وجود أي دليل على تدخل خارجي أو “عملية تغيير نظام”، رغم اتهامات سياسية متبادلة بين الحكومة والمعارضة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب زاد من حدة النقاش بعد أن قال إنه “منفتح على قصف المكسيك” لوقف تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، ما أثار ردود فعل غاضبة في الإعلام المكسيكي.

سياسيًا، تتعرض الرئيسة كلوديا شينباوم، التي تراشقت إعلامياً مع الرئيس ترامب في بداية ولايته الثانية، لانتقادات متجددة بسبب استمرار سياسة “عناق لا رصاص”، التي ورثتها عن الرئيس السابق لوبيز أوبرادور، والتي تركز على الحلول الاجتماعية بدل المواجهة المسلحة مع الكارتلات. ويدّعي منتقدو حزب مورينا الحاكم أن هذه السياسة تمنح الكارتلات مساحة أكبر للتحرك.

ورغم الضجة الإعلامية، يكرر بروكس أن “المكسيك لم تنزلق إلى فوضى”، وأن الاحتجاجات، رغم أهميتها، لا تمتلك القدرة على تغيير سياسي واسع في ظل سيطرة الحكومة على المؤسسات العسكرية والقضائية.

قضاء بنغلاديش يصدر حكماً بإعدام الشيخة حسينة بتهم جرائم ضد الإنسانية

أصدرت محكمة في بنغلاديش الاثنين حكماً بالإعدام بحق رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، بعد إدانتها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال قمع الانتفاضة الطلابية عام 2024. ويأتي الحكم في ختام محاكمة استمرت أشهراً وشهدت جدلاً واسعاً، بينما وصفته حسينة – المقيمة حالياً في المنفى بالهند – بأنه “سياسي وغير شرعي”.

كما قضت المحكمة بإعدام وزير الداخلية السابق أسد الزمان في القضية نفسها، بينما حُكم على قائد شرطة سابق بالسجن خمس سنوات بعد تحوّله إلى شاهد ملك.

وجاء النطق بالحكم عبر بث مباشر من محكمة داكا، حيث رأت هيئة القضاة أن حسينة أصدرت أوامر مباشرة باستخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات الطلابية، التي قُتل خلالها نحو 1400 شخص وفق تقرير أممي، معظمهم برصاص قوات الأمن.

وفي بيان عقب الحكم، قالت حسينة (78 عاماً) إن “المحكمة التي أصدرت القرار غير قانونية، وتشرف عليها حكومة غير منتخبة بلا أي تفويض”، مؤكدة أن “الاتهامات لها دوافع سياسية”. حزبها، “رابطة عوامي”، دعا بدوره إلى إضراب شامل احتجاجاً على القرار.

تهديدات بتصعيد سياسي قبل الانتخابات

ساجيب واجد، نجل حسينة، حذّر قبل صدور الحكم من أن والدته ستواجه “على الأرجح” الإعدام، ملوّحاً بأن أنصار الحزب سيمنعون إجراء الانتخابات المقررة في فبراير/شباط المقبل إذا استمر حظر الحزب. وقال من واشنطن: “أمي آمنة في الهند، وهم يعرفون ذلك… لن نسمح بإجراء انتخابات في ظل هذا الوضع”.

وتعيش حسينة في نيودلهي منذ أغسطس/آب 2024 بعدما أُطيح بحكومتها إثر انتفاضة طلابية أنهت 15 عاماً من حكمها، أعقبها توتر سياسي وأمني شهد محاولات اغتيال متعددة.

تصعيد أمني واسع في البلاد

الحكومة المؤقتة بقيادة الحائز على نوبل محمد يونس نشرت قوات إضافية من الجيش والشرطة وحرس الحدود في العاصمة وأجزاء أخرى من البلاد، مع إغلاق طرق، وحظر للتجمعات، وتحويل المدارس إلى التعليم عن بُعد، إثر موجة انفجارات وحرائق طالت حافلات في داكا خلال الأيام الماضية.

الحكومة كانت قد ألغت تسجيل حزب رابطة عوامي في مايو/أيار الماضي ومنعت نشاطه السياسي، في خطوة بررتها بدواعٍ أمنية وتحقيقات في “جرائم حرب” بحق قياداته.

حكومة مؤقتة تحت الضغط

رغم تعهدها بإنهاء الانتهاكات التي اتُهمت بها حكومة حسينة سابقاً، تواجه حكومة يونس انتقادات متزايدة، إذ وثقت منظمات حقوقية 40 حالة قتل خارج القانون منذ توليها السلطة.

ومع ذلك، يؤكد يونس التزامه بإجراء الانتخابات في فبراير/شباط 2026 بالتزامن مع استفتاء على تعديلات دستورية.

مشهد سياسي مفتوح على التصعيد

يرى محللون أن حسينة ما تزال “شخصية تفجّر الانقسام السياسي في بنغلاديش”، وأن تهديدات نجلها بعرقلة الانتخابات قد تدفع البلاد إلى موجة جديدة من العنف. في المقابل، يتهم منتقدون حكومة يونس بإدارة مرحلة انتقالية قاسية تُبقي الأجهزة الأمنية المتهمة سابقاً بالانتهاكات في مواقعها، ما يفاقم الأزمة.

وبين حكم إعدام مثير للجدل، وحزب مُستبعَد انتخابياً، وانتشار قوات الأمن، تقف بنغلاديش أمام مرحلة شديدة الحساسية قد تحدد شكل نظامها السياسي في السنوات المقبلة.

صوفيا خوجاباشي

صحفية وباحثة في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى