fbpx
ترجماتمجتمع

واشنطن بوست: مصر في مواجهة كورونا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مصر في مواجهة كورونا

نشرت صحيفة واشنطون بوست الأمريكية بتاريخ 9 مارس 2020، تقريراً بعنوان: “مع ازدياد حالات الإصابة بـ “كورونا” في مصر، تثور تساؤلات حول الإجراءات الحكومية” من إعداد: سودارسان راغافان، مدير مكتب واشنطن بوست في القاهرة، مشاركة مع هبة فاروق محفوظ، والذي جاء فيه:

منذ عدة أيام، ذكرت الحكومة المصرية أن سيدة مزدوجة الجنسية، تحمل الجنسيتين الأمريكية والتايوانية، كانت مصدر عدوى فيروس كورونا لـ 45 راكباً وأفراد طاقم باخرة سياحية في النيل، مما يُعطي إيحاءً بأن مصر كانت ضحية لانتشار الوباء على مستوى العالم.

يوم الأحد، اعترضت تايوان على هذا التأكيد. وقالت مراكز السيطرة على المرض في جزيرة تايوان في بيان لها أنه بعد عزل سلالة الفيروس عن السيدة، المعروفة بـ “الحالة 39” توصل الباحثون التايوانيون إلى أن الفيروس الذي أُصيبت به كان مختلفاً عن الفيروسات التي هاجمت مصابين تايوانيين آخرين في الداخل. وبمعنى آخر، أن هذه السيدة لم تكن أصل العدوى التي حدثت على تلك الباخرة.

وجاء في البيان “إنه من المؤكد أن “الحالة 39″ أُصيبت بفيروس كورونا الجديد في مصر، ثم ظهرت عليها الأعراض بعد عودتها إلى تايوان، وأن المؤكد أن هذه حالة قادمة من خارج تايوان”.

وقال المسؤولون المصريون إنهم استندوا في استنتاجهم حول السيدة إلى مناقشات مع مسؤولي منظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، فإن الخلاف يُبرز تساؤلات حول انتشار الفيروس في مصر – أكبر دول العالم العربي من حيث عدد السكان، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون شخص – والطريقة التي تتعاطى بها الحكومة مع هذا التهديد.

ومع انتقال الفيروس في جميع أنحاء العالم، أعرب المصريون عن قلقهم إزاء عدم وجود شفافية من جانب الحكومة ويتساءلون عما إذا كان النظام يخفي الحجم الحقيقي لانتشار الفيروس في البلاد. وعلى عكس العديد من الدول الأخرى في المنطقة، وكذلك في جميع أنحاء العالم، لم تغلق مصر المدارس، أو توقف صلاة الجمعة، أو تعلق الأحداث الرياضية من أجل الحد من انتقال الفيروس. وفي ليلة الاثنين فقط، قررت الحكومة حظر التجمعات العامة الكبيرة.

وتصاعدت المخاوف منذ يوم الجمعة، عندما قفز عدد الإصابات بفيروس كورونا من 3 إلى 55 حالة، بما في ذلك حالات باخرة النيل. وما زال عشرات الأجانب، بمن فيهم أكثر من عشرين أمريكياً، في الحجر الصحي على متن الباخرة في مدينة الأقصر، أقصى جنوب مصر. وتُوفي سائح ألماني سافر من الأقصر إلى مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر يوم الأحد متأثراً بمضاعفات تسبب بها الفيروس، ليصبح بذلك أول حالة وفاة لفيروس كورونا في مصر.

وأُصيب كذلك ما يصل إلى 28 شخصاً من كندا وفرنسا واليونان والولايات المتحدة بالفيروس بعد زيارة مصر في الأسابيع الأخيرة.

ويقول المسؤولون المصريون إنهم كانوا يتسمون بالشفافية، وأشاروا إلى أن الحكومة أنشأت موقعاً على الإنترنت لإعلام الجمهور بجهودها وفحصت أكثر من 2,000 شخص قاموا بالاتصال بالأشخاص المصابين. لكن لم تكثف الحكومة من جهودها إلا خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط – وذلك بعد ظهور الإصابات على متن باخرة نهر النيل.

وفي يوم الاثنين، تم اتخاذ أولى الإجراءات في مدينة واحدة: حيث أعلن مسؤولو السياحة أن جميع رحلات منطاد الهواء الساخن في الأقصر ستتوقف، في مسعى واضح لمنع الناس من التكدس مع بعضهم البعض.

وقالوا أيضاً إنهم سيقومون بإجراء تحسينات على الصرف الصحي في جميع الفنادق في الأقصر وعلى سفن الرحلات البحرية، بالإضافة إلى فحص المسافرين وأفراد الطاقم قبل مغادرتهم سفنهم. وألغت السلطات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية.

ومع ذلك، تظل جميع المواقع الأثرية الشهيرة في المدينة – بما في ذلك وادي الملوك، وكذلك معابد الأقصر والكرنك – مفتوحة، على الرغم من أنها عادة ما تكون مزدحمة بالآلاف من السياح، وفقاً لشهادات أدلى بها بعض الزائرين هناك.

وقال محمد أشرف، 33 عاماً، وهو أخصائي جراحة عظام: “إن التعليقات التي أحصل عليها من مرضاي تبين أن هناك حالة من الخوف والشك لدى الجمهور عندما يتعلق الأمر بالثقة في البيانات الرسمية المتعلقة بفيروس كورونا في مصر”. وأضاف: “حيث يشتبه بعض المرضى الذين رأيتهم في أن عدد الحالات المصابة أكبر بكثير من العدد الذي أعلنته الحكومة”.

ويمكن للحكومة أن تلوم نفسها إلى حد كبير على تشكك الجمهور بالأرقام التي تُعلنها. ففي عهد عبد الفتاح السيسي، يُحكم النظام سيطرته على المعلومات بشكل كبير ويقوم بالتلاعب بالحقيقة، أو حتى التضحية بها، إذا كان ذلك “يضر بصورة البلاد أو يؤثر على ماكينة الاقتصاد شديدة الأهمية”.

وعندما تسببت قنبلة في إسقاط طائرة ركاب روسية كانت تغادر مدينة شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر في عام 2015، وأسفرت عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصاً، أنكرت الحكومة في البداية أن الإرهابيين كانوا وراء الحادث، حتى عندما أكدت وكالات الاستخبارات الغربية إعلان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عنه مسؤوليته عن الهجوم.

وفي العام التالي، زعمت مصر أن وجود قنبلة كان السبب وراء تحطم طائرة تابعة لشركة مصر للطيران كانت متجهة من باريس إلى البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى مقتل 66 شخصاً كانوا على متنها، وقامت السلطات المصرية بعرقلة التحقيق الرسمي. لكن المحققين الفرنسيين قرروا أن أعطالاً فنية كانت وراء سقوط الطائرة.

وفي خضم أزمة فيروس كورونا، تشعر دول أخرى في المنطقة بالقلق إزاء الوضع في مصر بسبب اعتمادها على السياحة. ويعمل ملايين المصريين في الدول المجاورة وخاصة في منطقة الخليج العربي، ويسافرون إليها ذهاباً وإياباً. وفي الأيام الأخيرة، فرضت الكويت وقطر وعمان والسعودية قيوداً على الزوار القادمين من مصر. وتشترط المملكة العربية السعودية أن يحصل العمال المصريون الذين يدخلون المملكة على شهادة من مصر تُظهر أنهم تم فحصهم وأن نتائج فحص فيروس كورونا الذي خضعوا له كانت سلبية.

وتحت الضغط، أعلنت الحكومة المصرية مساء الاثنين إلغاء جميع التجمعات العامة الكبرى، بما في ذلك عروض الأوبرا، وفرضت كذلك قيوداً على حركة مجموعات كبيرة من الناس بين المحافظات.

ورغم الترحيب بهذه التدابير، فإن الكثير من المصريين العاديين يرون أنها جاءت متأخرة.

وتقول أماني موسى، 28 سنة، وهي رسامة، “لم أر أي حملات توعية على شاشة التلفزيون حول كيفية تعامل الناس مع الفيروس،” وأضافت: “كنت أشتري شيئاً من السوق أمس، وكان البائع يستخدم أسنانه للإمساك جيداً بالكيس الذي وضع فيه الخضروات الخاصة بي. لذلك، فالناس هنا لا يعتنون ولا يتوخون الحذر.”

أما أشرف، أخصائي جراحة العظام، فقال: “إن معظم الناس مستاؤون حقاً من عدم تعليق المدارس حتى الآن، في الوقت الذي يرون فيه دولاً أخرى قد قامت بذلك”.

ولكن أكثر ما يشغل أشرف هو المنشآت الحكومية المتهالكة. حيث قال إن الغالبية العظمى منها “تفتقر إلى أنظمة تهوية جيدة، وقد تتحول هذه الأماكن إلى قنبلة موقوتة إذا انتشر الفيروس.”

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close