fbpx
دراساتمجتمع

آثار النوبة.. الواقع والمأمول

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

النوبة هي المنطقة الممتدة ما بين جنوب مصر بعد أسوان وشمال السودان؛ أي بين الشلال الأول جنوبي أسوان والشلال السادس شمال السودان[1]، وتنقسم النوبة إلى قسمين رئيسيين، هما: النوبة السفلى المسماة (واوات) وتقع جميعها داخل الحدود المصرية بين الشلال الأول والثاني، والقسم الثاني؛ هو النوبة العليا المسماة (كوش) جنوب الشلال الثاني وحتى حدود منطقة (الدبة) داخل الحدود السودانية[2].

وأطلق على أرض النوبة خلال العصور القديمة عدد كبير من الأسماء، منها: كنست، وتا نحسيو، وواوات، وكوش، وأيونت، ولكن الاسم الأقدم هو تاستي أي: (أرض الأقواس)[3].

وقد اهتم المصريون في مختلف عصورهم اهتماماً كبيراً بالنوبة، فقد كانت بلاد النوبة منذ أقدم العصور الممر الرئيسي للتيارات القافية بين البحر الأبيض المتوسط وقلب أفريقيا، كما كانت طريق التجارة الرئيسي بين مصر والسودان وكان الطلب شديدًا على منتجات الجنوبث[4]، كما أن الاهتمام بالنيل وإنشاء المقاييس الخاصة بقياس ارتفاعه على طول مجراه جنوباً قد صاحبه نشاط معماري كبير وبخاصة في بناء المعابد[5].

وكانت الحدود المصرية تمتد تدريجياً تجاه النوبة إبان حكم الملوك الأقوياء، بينما تنحسر في عصر الأسرات الضعيفة، فامتدت في عصر الأسر الحادية عشرة والثانية عشرة والثامنة عشرة، وكذلك خلال العصر البطلمي حيث امتد حكم البطالمة في بلاد النوبة؛ ولم تكن هناك مشكلات تُذكر بين مصر وبلاد النوبة، وقد سميت بلاد النوبة في ذلك العصر بأربع مسميات هي: بلاد النوبة ومملكة كوش ومملكة نباتا ومملكة مروي، أما في العصر الروماني؛ فقد عانت النوبة كما عانت مصر[6].

أولًا: النوبة.. تاريخ قديم ممتد:

كانت منطقة النوبة ذات بعد استراتيجي هام جدًا بالنسبة لمصر، ولذلك اهتم ملوك مصر بها منذ القدم، وعملوا على استكشافها بكل الوسائل سلمية كانت أم عسكرية[7].

  • ففي عصر الدولة القديمة؛ كان للملك “جر” نشاط عسكري ملحوظ في بلاد النوبة؛ فقد عُثر على اسمه منقوشًا هناك في جبل الشيخ سليمان بوادي حلفا، كما قام الملك “سنفرو” بحملة تأديبية ببلاد النوبة وأسر خلالها أكثر من 7000 أسير، في حين قام الملك “ساحو رع” برحلات إلى الجنوب ومنها رحلته إلى بلاد بونت؛ وفي عهد الملك “بيبي الثاني” توجهت إلى هناك رحلات استكشافية عديدة[8].
  • واستمر الاهتمام بالنوبة خلال عصر الدولة الوسطى، فقد قام الملك “سنوسرت الثالث” بـ 37 حملة تأديبية على الزنوج بالنوبة الذين زحفوا نحول مصر شمالًا؛ وقام هناك ببناء القلاع والحصون، ومنع الزنوج من عبور الشلال الثاني. وخلال عصر الأسرة الثانية عشر قامت مصر بأول محاولة فعلية لاحتلال أجزاء من أرض السودان؛ حتى وصلوا إلى منطقة (سمنة) التي حصنها السكان الأصليين بقلاع منيعة.
  • وقام “أمنمحات الثالث” بعمل ترميمات في (سور أمنمحات) الموجودة في منطقة (كرمة) بالنوبة، وقد عُثر في الكرمة أيضًا على مجموعة من المقابر على هيئة أكوام من التراب مستديرة الشكل تحيط بها قطع من الحجر، وبداخلها مبنى يتوسطه دهليز، وتتميز كرمة بـ (خزف كرمة) وهو من أجود أنواع الفخار الموجود في حضارة وادي النيل على الإطلاق[9].
  • ولكن ومع انتهاء فترة الحكام الأقوياء ودخول الهكسوس مصر حاول ملوك النوبة التوجه نحو مصر والعمل على زعزعة استقرارها بل وحاولوا التحالف مع الهكسوس ضد مصر[10].
  • ومع قدوم الدولة الحديثة، وطرد الهكسوس من مصر؛ حاول ملوكها السيطرة على النوبة، حتى أن “تحتمس الأول” قام بتوسيع نفوذه نحو السودان وأكمل “تحتمس الثالث” هذه السياسة فاحتل السودان حتى وصل إلى الشلال الرابع جنوبًا، واستمر هذا الاحتلال لمدة ستة قرون، وفي عصر أخناتون هرب بعض كهنة آمون نحو بلاد النوبة تاركين مصر واستقروا هناك في مدينة (نباتا)، واستطاعوا أن يعودوا إلى مصر ويقيموا الأسرة الـ 25 الكوشية في مصر[11]، الذين كان من أشهر ملوكها بل وأشهر ملوك النوبة بشكل عام؛ الملك “طهرقا”، وسماه الإغريق “تاركوس”، وجعلوا منه فاتحًا عظيمًا، وقد حكم مصر والنوبة لمدة 26 سنة، واصلاحاته ومبانيه في مصر والنوبة تشهد له بأنه من أعظم الملوك الذين خلدوا ذكراهم في وادي النيل، والكوة قرية صغيرة تقع على الشاطئ الشرقي للنيل على مسافة ما يقرب من ثلاثة أميال جنوب دنقلة الجديدة، وهي بقايا مدينة عظيمة كانت تقوم على الشاطئ الشرقي للنيل في الأزمان القديمة، وكانت أحد أهم المواقع التاريخية للحضارة النوبية القديمة وقد شهدت بناء معابد آمون في عهد أمنحتب الثالث ثم توت عنخ آمون ثم الملوك الكوشيين ابتداءً من الملك طهرقا والملوك البطالمة الذين تبعوه[12].
  • وفي عصر الاحتلال الفارسي لمصر قام قمبيز بإرسال رسل للتجسس على مملكة (نباتا)، ولكن كُشف أمرهم، فقام قمبيز بإرسال حملة نحو النوبة ولكن كان مصيرها الهلاك، وخلال هذه الفترة اعتنق السودانيون الديانة المصرية وتثقفوا بثقافة المصريين، وبذلك أصبحت السودان جزء لا يتجزأ من مصر، حتى أن حاكمها في كوش أصبح يُعين من قِبل ملك مصر بل وأصبح يلقب بـ “نائب الملك في كوش”، وخلال تلك الفترة ازدهر السودان وتم استغلال موارده وثرواته المتعددة من الذهب والأخشاب والعطور والماشية وغيرها وازداد الرخاء[13].
  • وقد نجح بعد ذلك أحد ملوك السودان المدعو “كشتا” في استراد حرية بلاده واستقلالها عن مصر وأقام عاصمة لمملكته الجديدة في (نبتة) أسفل الشلال الرابع، بل وتمكن بعد ذلك “ابن كشتا” وخلفه الملك “بعانخي” من احتلال مصر عام 725 ق.م، وأسس دولة امتدت من البحر المتوسط شمالًا وحتى الحبشة جنوبًا وحكموا مصر لمدة 80 عاماً، ولما غزا الأشوريون مصر أجبروا حكام النوبة إلى الرجوع إلى الخلف والخروج من مصر.
  • وفي القرن السادس قبل الميلاد تحولت عاصمة النوبة من (نبتة) إلى (مروي) التي عُثر بها على أهرام ومعابد ملكية؛ ومنها معبد الشمس الذي حاز شهرة كبيرة. واستمرت (مروي) عاصمة لبلاد النوبة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي، وتميزت بطابعها الأفريقي الفريد كما تأثرت بالحضارات الأخرى المحيطة بها، ولكن وفي عام 350م تم غزو النوبة والقضاء نهائيًا على عاصمتها (مروي) على أيدي المسيحيين الذين أتو من جنوب الجزيرة العربية وكونوا دولة في الحبشة بقيادة زعيمهم “عيزانا” أول ملك مسيحي، وقامت على أنقاض مروي ثلاث ممالك نوبية؛ فكانت في الشمال مملكة (النوباطيين) التي امتدت من الشلال الأول وحتى الشلال الثالث وعاصمتها (فرس)، ويليها جنوبًا مملكة (المغرة) وعاصمتها (دنقلا العجوز) وهي تنتهي عند (الأبواب) جنوب مروي القديمة، والمملكة الثالثة تليها جنوبًا وهي مملكة (علوة) وعاصمتها (سوبا) التي تقع بالقرب من الخرطوم[14].
  • وفي عام 543 م قامت القسطنطينية بإرسال أول بعثة إلى بلاد النوبة بقيادة القس “جوليان” الذي استطاع نشر المسيحية هناك.
  • بعد ذلك وخلال الفترة ما بين 650 – 710 م، اتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة، ومكن اتحادهما من قيام قوة واجهت دخول العرب إليها، وفي القرن العاشر الميلادي وصلت النوبة إلى أوج قوتها، وفي عام 1272 م قام النوبيون بالهجوم على المدينة العربية (عيذاب) الواقعة على ساحل البحر الأحمر وفي عام 1323م انهزم “كودنيس” آخر ملوك (دنقلا) فانتهت المسيحية وصارت البلاد مفتوحة أمام العرب ودخل الإسلام بلاد النوبة[15].
  • من أهم المباني المسيحية في النوبة هي الكنائس وكانت على طراز الباسلكا الذي كان شائعًا في العالم البيزنطي، وكانت الكنيسة النوبية مستطيلة الشكل؛ فيها ممران من الجهة الشمالية والجنوبية تفصلهما من صحن الكنيسة سلسلة من الأعمدة، وعند طرف الكنيسة الشرقي توجد قبة من الداخل وأمامها المذبح ويعرف هذا الجزء بالهيكل، أما المنبر فيوجد بالقرب من آخر عمود من الناحية الشرقية من الممر الشمالي، أما المداخل فهي في الجدران الشمالية والجنوبية، والزخرفة عبارة عن رسوم ونقوش[16].

ثانيًا: المواقع الأثرية بالنوبة:

وتوجد بمنطقة النوبة سواءً العليا منها أو السفلي، العديد من المواقع الأثرية؛ من معابد ومقابر وحصون وغيرها؛ نذكر هنا أهمها، ونبدأ بجزيرة فيلة ومعابدها، ثم نتحدث عن المواقع الأثرية الأخرى كالتالي:

(أ) معابد جزيرة فيلة:

وفيلة جزيرة صغيرة بنهر النيل، تقع جنوبي أسوان بالقرب من الشلال الأول بين خزان أسوان القديم والسد العالي، ويبلغ طولها 460 متر وعرضها 150 متر، وهي عبارة عن كتل من الجرانيت غطتها رواسب طمي النيل على مر العصور[17].

تسمى في النصوص المصرية القديمة “بر إي لق”، أي الحد، أو الخط الفاصل حيث كانت تفصل بين شمال وجنوب وادي النيل، وتحول اسمها في القبطية إلى “بيلاك” وتحولت في اليونانية إلى “فيلة” وعرفت في الأدب العربي باسم جزيرة أنس الوجود[18].

وبعد إنشاء خزان أسوان عام تعرضت آثار جزير فيلة للمخاطر نتيجة ارتفاع منسوب المياه، وبعد بناء السد العالي أصبحت معابد النوبة كلها معرضة للغرق، ولذا فقد دعت مصر منظمة اليونسكو وكل دول العالم لإعداد حملة لإنقاذ آثار النوبة، وبالفعل تم نقل المعابد إلى أماكن أكثر ارتفاعاً، ومنها معبد ايزيس الذي تم نقله إلى جزيرة أجيليكا المجاورة[19].

وتعتبر جزيرة فيلة من أروع وأعظم جزر مصر العليا وذلك لطبيعتها الساحرة ولأنها كانت أكبر المراكز الدينية في مصر القديمة التي حلت محل أبيدوس، وقد تميزت جزيرة فيلة بأنها تحمل طابع الحضارات الثلاثة المصرية واليونانية والرومانية؛ فمعابدها تتراوح ما بين عهد الملك نكتانبو من ملوك الأسرة الثلاثين (378 ق.م – 341 ق.م) وعصر الإمبراطور هادريان (117م -138 م)، وتعتبر هذه الأبنية وما تحتويه من أعمدة وتيجان تزدان بأجمل النقوش والمناظر الجميلة مصدرًا من أهم المصادر للدراسات اللغوية والدينية والتاريخية والفنية للعصرين البطلمي والروماني[20].

وكانت المعبودة الرئيسية لهذه الجزيرة هي إيزيس؛ حيث سادت عبادتها هناك واستمرت إلى فترة متأخرة من عصر الرومان، كما وجدت بجانب المعبودة إيزيس بعض المعبودات الأخرى مثل أوزوريس وحربوقراط وحورس ونفتيس وحتحور بالإضافة للمعبود خنوم، ولكن كان لإيزيس نفوذ كبير في هذه المنطقة خلال العصرين البطلمي والروماني[21]، والمواقع الأثرية بجزيرة فيلة هي كالتالي:

1- معبد إيزيس:

إيزيس هي زوجة أوزوريس وأم حورس، وهي من أشهر المعبودات التي استمرت عبادتها طويلًا، وكانت محبوبة من قبل الشعب المصري[22].

ومعبد إيزيس هو المعبد الرئيسي بجزيرة فيلة، وقد تم البدء في بناء هذا المعبد في عهد الملك بطلميوس الثاني (فيلادلفوس) (285– 246 ق.م)، واكتملت جميع تفاصيله المعمارية في عهد الملك بطلميوس الثالث (يورجتيس) (246 – 222 ق.م)[23].

ويتكون معبد إيزيس من الصرح الأول، ويلي الصرح الأول الفناء الأمامي الكبير، ثم يوجد في الغرب منه بيت الولادة الذى بناه بطلميوس الثامن (يورجتيس الثاني) (145ق.م-116 ق.م)، وفي الجانب المقابل لبيت الولادة من الفناء الأمامي رواق الأعمدة الشرقي والذي ينتمي إلى الفترة البطلمية المتأخرة، وهذا الفناء يقود إلى الصرح الثاني الذي بناه بطلميوس الثاني عشر(نيوس ديونيسوس) (80ق.م-58 ق.م)، وخلف البوابة توجد صالة عرضية بها عشرة أعمدة، ويلي هذه الصالة قاعة، وإلى الغرب من هذه القاعة غرفة صغيرة ومنها إلى سلم يقود إلى السطح حيث المقصورة الأوزيرية، يليها ثلاث غرف أخرى داخلية صغيرة تقع خلفها غرفات مظلمة تؤدى إلى المحراب الذى يصل إليه الضوء من خلال نافذتين صغيرتين[24].

2- معبد إيموحتب[25]:

يقع معبد إيموحتب في الطرف الشمالي من الرواق الشرقي، ويتم الدخول للمعبد من خلال أحد أبواب الرواق كما يوجد مدخل آخر من الجنوب على نفس محور المعبد وكِلا البابين يؤديان إلى الفناء الأمامي[26]، ويُعتقد أن الملك بطلميوس الثاني (فيلادلفوس)(285– 246 ق.م) هو من قام بإنشاء هذا المعبد، وإن كان يظهر على جانبي المدخل نقوش تخص الملك بطليموس الخامس (إبيفانس) (204ق.م -180ق.م) أمام معبودات مختلفة، كما توجد بعض الكتابات باليونانية تذكر تمجيدات للمعبود (إيموتيوس) اسكليبيوس المصري وهو الاسم الذى كان يطلقه اليونانيون على إيموحتب[27].

ويتكون معبد إيموحتب من الفناء الأمامي، يليه حجرتان ثم المقصورة، والحجرتان صغيرتان ولا توجد بهما أية زخرفة، والمقصورة غير كاملة[28].

3- مقصورة نكتانبو الأول:

وتقع هذه المقصورة في الجنوب الغربي من الجزيرة، وهي عبارة عن بهو يتخلله أربعة عشر عمودًا تحمل تيجانًا ناقوسية بشكل زهرة اللوتس ورؤوس حتحورية يعلوها بيت حورس ومن فوقها العتب، وقد كُرست هذه المقصورة لعبادة المعبودة حتحور والمعبودة إيزيس[29].

4- بوابة فيلادلفوس:

تقع بوابة فيلادلفوس بين معبد إيموحتب وبين الصرح العظيم وهي من عمل الملك بطلميوس الثاني  (فيلادلفوس) (285 ق.م – 246 ق.م)[30].

(ب) مواقع أثرية أخرى بالنوبة:

ونتحدث هنا عن المواقع الأثرية بالنوبة، وسنتبع التسلسل المكاني؛ ابتداءً من المواقع الشمالية بالقرب من أسوان، وانتهاءً بالمواقع الجنوبية ناحية السودان، وهي كالتالي:

1- معبد دندور:

كان معبد دندور يقع جنوب مدينة أسوان بحوالى 15 كم، وذلك قبل أن يتم إهداؤه إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، طبقا لقرار جمال عبدالناصر؛ رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 4647 لسنة 1966، والمعبد موجود حاليًا في متحف المتروبوليتان في أمريكا، ويرجع هذا المعبد إلى عهد الإمبراطور الروماني أغسطس (34 ق.م – 14 م)؛ الذى استطاع كسب ولاء سكان منطقة دندور فقاموا بالاشتراك معه في أعمال البناء والأنشطة المختلفة، ويشغل هذا المعبد مساحة يقدر طولها بحوالي 13.5م، وعرضها 7 أمتار، ويتكون المعبد من ثلاثة أجزاء، الحجرة الأمامية، الحجرة الخلفية، وقدس الأقداس[31].

2- معبد إيزيس بدابود:

دابود منطقة صغيرة تقع على مسافة 15 كم جنوب مدينة أسوان، وقد أقام فيها معبداً لإيزيس ملك نوبى يُدعى “أزخر آمون” في زمن متأخر، ويوجد على بوابة هذا المعبد نقش يونانى من عهد بطلميوس السادس؛ يُذكر فيه أن “بطلميوس السادس” وزوجته “كليوبترا” قد قاما بإهداء هذه البوابة لإيزيس ومعبودات أخرى، وقد شارك في محاولة استكمال هذا المعبد الذى لم يُستكمل قط كل من الملك بطلميوس السابع، وأغسطس وتيبريوس[32].

وفي عام 1960م وأثناء بناء السد العالي بأسوان، قامت منظمة اليونيسكو بحماية هذا المعبد ومعابد أخرى من الضياع والتدمير، وقامت الحكومة المصرية بإهداء معبد دابود إلى دولة أسبانيا عام 1968م لمجهوداتها في إنقاذ معبد أبوسمبل[33] .

3- وادي الهواري:

ويقع وادي الهواري على بعد 25 كم جنوب شرق أسوان، ويضم أيضا مجموعة من المحاجر، وخصوصًا حجر (الأمتست) هذا فضلا عن مناجم الذهب، وقد عُثر بالوادي على العديد من اللوحات التي توثق لبعثات المحاجر والتعدين بالمنطقة[34].

4- معبد قرطاسي:

وتقع قرطاسي على بعد 45 كم جنوب خزان أسوان، وكانت تضم معبدًا صغيرًا وحصنًا رومانيًا ومحجرًا استخدمت أحجاره في بناء معبد إيزيس بفيلة، وكان بهذا المحجر معبد صغير مخصص لأحد المعبودات بالمنطقة، ومن أهم آثار قرطاسي مقصورة من العصر الروماني بها أعمدة ذات تيجان حتحورية، كما تضم المقصورة بعض العناصر الزخرفية[35].

5- معبد تافا:

تقع قرية تافا (تافيس باليونانية) على بعد حوالي 48 كم جنوب أسوان، وكانت تضم معبدين أزيلت أحجار أحدهما منذ عشرات السنين، وبقي المعبد الآخر مغمورًا بالمياه، وهو معبد صغير يتكون من صرح يؤدي إلى صالة للأعمدة ثم قدس الأقداس، ويؤرخ هذا المعبد للعصرين البطلمي والروماني، وقد تم اهداءه لهولندا تقديرا لمجهوداتها في إنقاذ آثار النوبة وهو يُعرض حاليًا في متحف الآثار بمدينة ليدن بهولندا[36].

6- معبد كلابشة:

تقع مدينة كلابشة الحديثة على خط مدار السرطان في موقع المدينة التي كانت معروفة في مصر القديمة باسم (ثلميس)، والتي عرفت في أيام الرومان باسم تالميس، وقد حكم هذه المدينة كهنة جزيرة فيلة[37].

الموقع الحالي لمعبد كلابشة على ضفاف بحيرة ناصر ليس هو الموقع الأصلي للمعبد؛ فقد تم نقله عام ١٩٧٠ للمكان الجديد والذي أطلق عليه كلابشة الجديدة، والذى يقع على بُعد 50 كم جنوب أسوان[38]، ومعبد كلابشة من أكبر المعابد الصخرية الجميلة المشيدة في بلاد النوبة السفلى، فهو أكبر معابد النوبة بعد معبد رمسيس في (أبو سمبل) حيث يبلغ طوله 71.6 متر ويبلغ عرضه 35.5 متر، وتم بناءه في عصر الدولة الحديثة في عهد الملك أمنحتب الثاني ابن تحتمس الثالث، وكان هذا المعبد ملحقا بأحد الحصون المنيعة التي بنيت في ذلك العصر، والمعبد بشكله الحالي يرجع الى أواخر العصر البطلمي ثم أضاف زاد عليه بعض أباطرة الرومان مثل الإمبراطور أغسطس (34 ق.م – 14 م)  والإمبراطور كاليجولا (37م -41 م)  والإمبراطور تراجان ( 98 م – 117 م).[39]

ويتكون معبد كلابشة من صرح أمامي، وفناء أمامي، ثم صالة الأعمدة، ثم فناء خارجي، ثم فناء داخلي، ثم أخيراً قدس الأقداس[40]، وكُرس معبد كلابشة للمعبود النوبي مند وليس[41]؛ فهو من أهم معبود من معبودات معبد كلابشة وهو رب الإخصاب عند اليونانيين، وهو شريك لرب الشمس في العبادة[42].

ومن المحتمل وبقوة أن يكون المعبود مندوليس أفريقي الأصل إذ لم يرد ذكر له بين المعبودات المصرية، ويظهر في المناظر والرسوم المنتشرة على جدران المعبد في هيئتين؛ مرة في هيئة رجل ومرة أخرى في هيئة طفل، ومع ذلك فأمه في الحالتين إيزيس أما أبوه ففي الحالة الأولى أوزوريس وفي الحالة الثانية حورس[43]، ولم يكن مندوليس هو المعبود الوحيد الذى كرس له هذا المعبد، فقد جرت العادة في المعابد المصرية القديمة على اشتراك معبودات مختلفة إلى جانب المعبود الرئيسي، فقد انتشرت بمعبد كلابشة صور العديد من المعبودات الأخرى غير مندوليس، من أهمها؛ المعبود خنوم والمعبودة إيزيس بالإضافة الى الآلهة أوزوريس وآمون وموت ومين وشو وحورس وبتاح.[44]

7- معبد بيت الوالي[45]:

يقع على بعد 55 كيلو متر جنوب مدينة أسوان، وهو أقدم معابد رمسيس الثاني في النوبة، وقد كُرس من أجل كل من خنوم وآمون وعنقت، ويتكون من صالة وقدس أقداس فقط، وقد استخدم ككنيسة بعد دخول المسيحية[46].

8- معبد جرف حسين:

ويقع على بعد 90 كم جنوب خزان أسوان على الضفة الغربية للنيل، وقد أقامه الملك رمسيس الثاني من أجل ثالوث منف (بتاح وسخمت ونفرتوم).

وهو معبد منحوت في الصخر وبعتبر من أكبر معابد النوبة، وهو مماثل في تخطيطه لمعبد (أبو سمبل)، وتضم جدرانه عدد كبير من المعبودات المصرية، وقد ظل المعبد مغمورًا بالمياه لفترات طويلة مما أثر على جدرانه[47].

9- معبد الدكة:

يقع هذا المعبد فى إقليم الدكة[48]، الذى يبعد حوالى 107 كم جنوب مدينة أسوان على الضفة الغربية للنيل، وقد بني على أنقاض معبد قديم كان قد أقيم في عهد الدولة الحديثة، أما المعبد الحالي فيرجع إلى عهد الملك بطلميوس الرابع، وتمت إضافات إليه في عهد الملك بطلميوس التاسع، كما تمت اليه إضافات أخرى في عهد الأباطرة الرومان كما يتضح ذلك من خلال النقوش الموجودة على الصرح وقدس الأقداس؛ والتي تبين أن كلًا من الإمبراطور الروماني أغسطس والإمبراطور الروماني تيبريوس قد اشتركا أيضا في بناء هذا المعبد وزخرفته، وقد أُهدى معبد الدكة إلى المعبود تحوت[49].

ويتكون معبد الدكة من صرح به فجوات كانت توضع فيها صاريات الأعلام، ويبدو أن مناظر الصرح لم تكتمل، ويوجد بوسط الصرح مدخل المعبد ويعلوه قرص الشمس المجنح والكورنيش المصري، وبداخل الصرح توجد بوابتان بهما سلالم توصل لحجرات الحراس، ويلي الصرح فناء مفتوح ولكن جدرانه اختفت، ويلي الفناء واجهة بها عمودين يعلوهما تيجان زهرية، وبين العمودين ستائر حجرية، ويلي ذلك حجرة مربعة مزينة بمناظر تصور الملك يقدم قرابين للمعبودات، ويوجد بهذه الغرفة بقايا رسوم ومناظر صورها المسيحيون أثناء فترة الإضطهاد، ويلي ذلك صالة مستعرضة لايزال بها مناظر قبطية بسبب استخدام المعبد ككنيسة، وبهذه الصالة سلم يؤدي لسطح المعبد، وينتهي المعبد بمحرابين، وخلال بناء السد العالى، تم تفكيك المعبد ونقله إلى موقع وادي السبوع، وأعيد بنائه هناك في الجهة الغربية فوق منسوب مياه التخزين[50].

10- وادي العلاقي:

وهو وادي من وديان الصحراء الشرقية، يتصل بوادي النيل عند الجنوب من منطقة الدكة (على بعد حوالي 110كم) جنوب أسوان، ويشتهر هذا الوادي بمناجم الذهب التي استثمرها المصريون خلال عصر الدولة الوسطى بصورة ملحوظة واستمر استثمارها أيضا في العصور اللاحقة، وقد أقام ملوك الدولتين الوسطى والحديثة حصونا منيعة بهذا الوادي لتامين تلك المناجم، كما حفروا آبار المياه هناك[51].

11- قلعة كوبان:

وتقع جنوب معبد الدكة، على بعد 112كم جنوب مدينة أسوان، وشيدت القلعة خلال عصر الأسرة الثانية عشر من أجل تأمين الطريق الذي يصل إلى مناجم الذهب في وادي العلاقي، ولا يتبق من القلعة سوى أطلال بسيطة لأنها كانت مغمورة بالمياه لفترات طويلة[52].

12- معبد عمدا:

ويقع على بعد حوالي 115 كم جنوب أسوان، وقد تم تشييده في خلال عهد الملكين تحتمس الثالث وأمنحتب الثاني، وكرس لعبادة “آمون رع” و “رع حور اختي”، وأضاف اليه الملك تحتمس الرابع بعض الإضافات، وفي عهد الملك سيتي الأول تم ترميمه، وتتضمن جدرانه نقوشا هامة [53].

13- معبد المحرقة:

وهو معبد صغير يبعد حوالى 120 كم عن أسوان في إتجاه الجنوب، ويتكون من قاعة واحدة محاطة بأعمدة ذات تيجان نباتية مركبة من ثلاثة جوانب، ويرجع تاريخه إلى نهاية العصر البطلمي[54].

14- معبد السبوع:

وتقع السبوع على بعد 150 كم جنوب أسوان، وتضم معبد رمسيس الثاني المعروف باسم معبد السبوع، وهو من أضخم المعابد بعد معبد أبو سمبل، وقد سمي بهذا الاسم نظرًا إلى أنه توجد على جانبي مدخله مجموعة من التماثيل على هيئة (أبو الهول)، وكرس المعبد لعبادة آمون، ورع حور آختي، ورمسيس الثاني، وهو مشيد بالحجر عدا قدس الأقداس والصالة التي تسبقه فقد نُقرا في الصخر، ويتكون من مدخل على شكل صرح ثم فناء مكشوف ثم صالة الأعمدة وقدس الأقداس.

وتزخر جدران معبد السبوع بالعديد من المناظر والنصوص الهامة، وقد تحولت أجزاء منه بعد ذلك إلى كنيسة، وأعيد بناء المعبد على بعد حوالي 4 كم من موقع القديم بجوار معبدي الدكة والمحرقة[55].

15- مقبرة بنوت بعنيبة:

تقع مقبرة بنوت تقع على بعد 205 كم جنوب السد العالي وكانت هذه المقبرة بنوت الذي كان من كبار الموظفين في عهد الملك رمسيس الثاني في عنيبة وأوصي بأن يدفن في بلاد النوبة، وهي مقبرة صخرية تتكون من غرفة مستطيلة تنتهي بنيش تتضمن ثلاث تماثيل مهمشة سجلت على جدران المقبرة أوضاع تعبدية وجنائزية، وصور أخرى لجتازته ومحاكمته أمام أوزير[56].

16- معبد الدر:

وتقع منطقة الدر على بعد حوالي 208 كم جنوب أسوان، ومعبدها محفور في الصخر من عصر الملك رمسيس الثاني الذي كرسه لعبادة آمون وبتاح، بالإضافة لعبادة رمسيس نفسه، وتوجد بالمعبد نقوش مهمة، تعرض معضمها للتدمير وفقد جزء كبير منها[57].

17- معبد الليسية:

ويقع شمال قرية ابريم، على بعد 230كم جنوب أسوان، ومعبد الليسية يتكون من صالة واحدة بها مقصورة صغيرة وتتضمن جدرانه مناظر تجمع بين الملك تحتمس الثالث وعدد من المعبودات المصرية، وقد أُهدي هذا المعبد أيضا إلى ايطاليا تقديرًا لدورها في عملية إنقاذ آثار النوبة، وهو لا يزال قائمًا بجوار متحف “تورينو” بإيطاليا[58].

18- قلعة ابريم:

تقع قرية ابريم على بعد حوالي 235 كيلو متر جنوب مدينة أسوان، وتضم آثارًا من مختلف العصور، لعل أقدمها مجموعة المقاصير الخمسة التي تخص بعض حكام النوبة خلال عصر الدولة الحديثة، وعرفت ابريم في النصوص المصرية القديمة باسم “برمت” ثم أصبحت “بريمس” في اليونانية، وتحولت إلى اسمها الحالي “ابريم” في العربية.

ولعبت قلعة ابريم دوراً حيوياً خلال العصور الفرعونية والعصرين البطلمي والروماني، وقد ترك حكام كوش بها آثارًا عديدة، وأقيمت بها في العصر المسيحي كنيسة للسيدة العذراء، كما كان للقلعة دورًا بارزًا خلال العصر الإسلامي[59].

19- معبدا أبو سمبل:

ومنطقة أبو سمبل وتبعد عن أسوان 280 كم جنوب غرب، وتضم أكبر معبد محفور في الصخر، وهو معبد أبو سمبل الكبير الذي أنشأه الملك رمسيس الثاني للمعبودات (آمون، وبتاح، ورع حور آختي) بالإضافة له هو شخصيًا، وتضم واجهة المعبد أربعة تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني، وتوجد على جدران المعبد نقوش ومناظر عديدة؛ أهمهما مناظر معركة قادش التي خاضها رمسيس الثاني ضد الحيثيين.

ويتميز معبد رمسيس بدخول الشمس مرتين في العام (فبراير واكتوبر) إلى قدس الأقداس به، حيث تُلقي أشعتها على وجوه المعبودات الثلاثة الموجودة بقدس الأقداس كما تُلقي بأشعتها أيضًا على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، كما يوجد في (أبو سمبل) معبد آخر أصغر من هذا المعبد يسمى معبد أبو سمبل الصغير، وقد أقامه الملك رمسيس الثاني أيضاً، وخصصه لزوجته الملكة “نفرتاري” وكرس من أجل المعبودة حتحور، ويضم على جدرانه العديد من النقوش والمناظر الهامة[60]، وقد قطعت أحجار هذين المعبدين وأعيد تشييدهما من جديد في مكانهما الحالي ضمن حملة انقاذ آثار النوبة التي ارتبطت ببناء السد العالي

20- معبد أبو عودة:

وتقع منطقة أبو عودة على الضفة الشرقية للنيل أمام معبدي أبو سمبل على بعد 280 كم جنوب أسوان، ومعبدها معبد صغير منحوت في الصخر، أقامه الملك “حور محب”، ويتكون المعبد من مدخل وصالة يقوم سقفها على أربعة أعمدة، وتتضمن جدران المعبد مجموعة من المناظر التي تمثل تحتمس الثالث وهو يتعبد لمجموعة من الأرباب، وقد استخدم هذا المعبد ككنيسة خلال العصر المسيحي، وغطيت بعض مناظرة بطبقة الجص ونقش عليها مناظر تتعلق بالديانة المسيحية[61]

21- منطقة عمارة الغربية:

وهي منطقة نوبية تقع جنوب مدينة أسوان بأكثر من 400 كم، وكان الملك سيتي الأول هو أول من قام باختيارها لإنشاء مدينة جديدة، وتبلغ مساحتها حوالي 800 متـر طـولاً و300 متر عرضًا، وتطوق الضفة اليسـرى من نهر النيل، وقـد أطلق عليها المصريـون، بيت (من ماعـت رع) أي بيت سيـتي الأول[62].

22- القلاع والحصون المصرية بالنوبة:

قام المصريون القدماء – وخاصة ملوك الدولة الوسطى – بإقامة العديد من الحصون والقلاع بالنوبة، وخاصة في تلك المناطق التي كانت خشو من أن تشهد ثورات داخلية أو هجمات خارجية، تكون سببا في توقف المصالح المصرية المتمثلة في التعدين والتجارة، وقد أقيمت تلك الحصون في أماكن مكشوفة أو على ضفتي النيل، وقد تم التعرف على تلك القلاع والحصون بعد الكشف عن بردية جغرافية هامة، سجل عليها سبعة عشر حصنا؛ منها أربعة عشر في النوبي السفلى، وثلاثة منها في صعيد مصر، والبردية مهشمة جدًا، وعليها مفردات مرتبة في مجامع فنية، ولم يبق من تلك المفردات غير 323 كلمة مختلفة، وحاشية تضم أسماء 20 نوعًا من الحيوانات المختلفة كتبت أسمائها باختصار، وفي وسط هذه المجاميع جاءت قائمة جغرافية تشمل أسماء القلاع المصرية في النوبة وسلسلة من مدن مصر العليا مرتبة من الجنوب إلى الشمال، وقد ثبت بالأدلة الأثرية موقع ثمان مناطق، منها[63]:

  • سمنة: وسمنة منطقة تقع جنوب الشلال الثاني، وقد أقيم بها قلعتان هما القلعة الكبيرة بسمنة غرب وهي تقع على جرف صخري يطل على النيل، أما قلعة سمنة شرق فهي تقع على الضفة المقابلة على النيل، وقد أقام كل تحتمس الثالث وحتشبسوت معبد بسمنة وكرساه للمعبود لخنوم[64].
  • معبد بوهن: وبوهن؛ منطقه تقع في النوبة في جنوب مصر، على البر الغربي للنيل، ناحية وادي حلفا، وتوجد فيها بقايا معبد من عصر تحتمس الثالث وحتشبسوت كرس من أجل حورس وآمون[65].

ثالثًا: آثار النوبة.. الواقع، والمشكلات:

تعرضت آثار النوبة للغرق ثلاث مرات قبل بناء السد العالي، المرة الأولى عند بناء خزان أسوان سنة 1902م وتبع ذلك ارتفاع منسوب المياه بشكل هدد الآثار والمرة الثانية سنة 1912م، والثالثة في سنة 1932، وفي كل مرة كان يتم عمل مسح للمواقع الأثرية، ويتم تسجيلها وعمل الخرائط اللازمة لها، وعندما تقرر إنشاء السد العالي أصبح واضحًا أن جنوب الوادي سيتعرض لارتفاع منسوب المياه بشكل دائم ومن ثم أصبح من الضروري العمل لتلافي مخاطر ارتفاع منسوب المياه على المواقع الأثرية.

لذا فقد كان بناء السد العالي فاتحة خير للتعريف بآثار النوبة، التي ظلت شأنها شأن كل آثار الشرق القديم، غارقة في ظلام دامس استمر لقرون طويلة، وكنا لا نعرف شيئا عن تلك الآثار غير القليل النادر الذي وصل الينا من خلال كتابة الرحالة الإغريق والرومان الذين كانوا يتجولون في بلاد الشرق منذ القرن السادس قبل الميلاد.

وبعد ثورة يوليو 1952 وبعد أن بدأت الحكومة في التفكير الجدي لبناء السد العالي، أوفدت بعثة أثرية إلى بلاد النوبة السفلى سنة 1954 ضمت عددا كبيرًا من علماء الآثار المصريين ورجال الهندسة لوضع تقرير عن كيفية انقاذ تلك الآثار من الغرق المتوقع لها بعد بناء السد العالي، وطافت هذه البعثة بلاد النوبة متفقدة معابدها ومقاصرها ومقابرها، ووضعت تقريرًا نشرته مصلحة الآثار عام 1955م أوصت فيه بتسجيل آثار النوبة من معابد ومقابر ونقوش، كما أوصت بنقل بعض التماثيل من معبد وادي السبوع ومعبدي أبو سمبل، والاكتفاء بنقل بعض المعابد المشيدة مثل معبدي قرطاسي وعمدا.

وتطور الأمر شيئاً فشيئاً، حيث استطاعت الحكومة المصرية حينها أن تجعل منظمة اليونسكو تتبنى العملية وتدعو الى مؤتمر عالمي لإنقاذ النوبة في اكتوبر عام 1959 وبالفعل نجح المؤتمر الذي أقيم في القاهرة، وكانت هناك منح مصرية قدمتها الحكومة المصرية حينها للدول الأجنبية المشاركة في عملية الانقاذ، تمثلت في الآتي:

1- منح كل بعثة تقوم بالتنقيب في بلاد النوبة 50% على الأقل من الآثار المنقولة التي تعثر عليها.

2- فتح مجال البحث والتنقيب للبعثات الأثرية في المناطق الموجودة بشمال الوادي.

3- منح بعض القطع الأثرية للدول التي تساهم بعروض كبيرة في مشروع الإنقاذ.

4- منح بعض معابد بلاد النوبة للدول التي تساهم بمبالغ كبيرة في مشروع الإنقاذ، وهذه المعابد هي: طافا، ودابود، دندور، الليسية، الدر[66].

المشكلات التي تتعرض لها آثار النوبة حالياً:

وبعد إقامة السد العالي، والحفاظ على الآثار التي تم نقلها من أماكنها أو التي ظلت في موقعها الأصلي ولم تصل اليها المياه أو تتعرض للغرق، وقد ذكرنا في هذه الدراسة معظم تلك المناطق، والملاحظ أن معظم مناطق آثار النوبة تتعرض حالياً للإهمال الملحوظ من قبل المسئولين ووزارة الآثار، ويتمثل هذا الإهمال في الآتي:

1- تعاني آثار النوبة من نقص الميزانية المخصصة لها، مما يعمل على ضعف الاهتمام بها،  مما ترتب عليه اختفاء بعض الآثار التي يتم العناية بها.

2-هناك بعض المناطق تعاني من الطرق غير الممهدة، ولذا فهي تشكل صعوبة في الوصول إليها بالنسبة للسائحين، أو حتى بالنسبة للعاملين في الآثار لأنها تحتاج إلى سيارات مخصصة، وبالرغم من أن هناك مشروعا قُدم للحكومة بخصوص تمهيد تلك الطرق منذ عدة سنوات ولكن لم يتحقق شيء.

3- كما أن الرمال تتراكم على تلك معظم آثار النوبة؛ وذلك بسبب الرياح ولا يوجد أي اهتمام من المسئولين لتعيين عمال لتنظيف تلك الآثار، وعمل الصيانة المطلوبة بشكل دوري.

4- ويترتب على ذلك أيضًا ضعف السياحة المتجهة لتلك المناطق، فالسائح الأجنبي لا يستطيع زيارة هذه المناطق إلا عن طريق الفنادق العائمة التي تمر من أبو سمبل إلى أسوان والعكس.

5- كما أن بعض المعابد كـ (عمدا والسبوع) تقع خارج البرنامج السياحي؛ وذلك بسبب صعوبة الوصول إليها.

6- كما أن سبل الإعاشة لا تتوفر بمعظم مناطق آثار النوبة، مما يمنع من عملية جذب السياحة اليها، أو حتى جذب العاملين إلى تلك المواقع.

7- ضعف الحالة الأمنية حول آثار النوبة، سواءً من الشرطة التي لا توجد لها نقط أمنية مناسبة للمناطق الأثرية، أو من الأمن الخاص بوزارة الآثار الذي يعاني أفراده من نقص التدريب والسلاح.

8- وترتب على عدم وجود تأمين لتلك المناطق أن تكون عرضة للسرقة وقد حدث ذلك عدة مرات، بل وتم التعرض بالسلاح للعاملين بمعظم هذه المناطق من قبل مافيا الآثار وذلك بسبب عدم التأمين من قبل الشرطة[67].

رابعًا: كيف نحافظ على آثار النوبة:

وبعد أن تعرفنا على المشكلات التي تعاني منها آثار النوبة، يجدر بنا أن نقترح بعض الحلول التي يجب -من وجهة نظرنا -تحقيقها من أجل الحفاظ على آثار النوبة باعتبارها تراثا حضاريا، ليس للنوبيين فحسب، وإنما للبشرية كلها، ومن الوسائل التي يجب القيام بها:

1- القيام بعمل بدراسات وبحوث علمية عن آثار النوبة ومواقعها، وخاصة تلك الآثار المهددة بالانقراض، وهي عديدة.

2- يجب عمل حصر دقيق، وتصنيف جاد لآثار النوبة من حيث الأهمية والقدم وغيرها من الاعتبارات؛ حيث تزخر بلاد النوبة بأنواع مختلفة من الآثار بكونها شهدت الكثير من الأحداث الهامة التي يجب توثيقها.

3- يجب تحفيز العاملين بالآثار نحو العمل بتلك المناطق البعيدة النائية، وذلك من خلال تحفيزهم ودعمهم المادي والمعنوي، وإعداد أماكن ملائمة لإقامتهم وإقامة أسرهم.

4- القيام بتدريب العاملين بالآثار في هذه المنطقة، سواءً كان تدريبا على الحفر والتنقيب أو تدريبا على الصيانة والترميم.

5- البحث والتنقيب باستمرار عن آثار جديدة في باطن الأرض، وذلك من خلال بعثات مصرية أو بعثات أجنبية بإشراف مصري.

6- العمل على ترميم الآثار المعرضة للانهيار، والعمل باستمرار من أجل الحفاظ عليها.

7- الاهتمام بآثار النوبة وتقديرها من خلال وضعها في المناهج الدراسية، فآثار النوبة ليست معبد أبو سمبل أو جزيرة فيلة فقط، بل هي آثار عديدة وقد ذكرنا الكثير منها.

8- تطوير المواقع الأثرية في النوبة وإعدادها لاستقبال الزوار، والاستغلال الأمثل لهذا التراث، وهذا سيساعد كثيراً في القضاء على نسبة البطالة لدى السكان وتوفير فرص عمل لهم ايضاً.

9- يجب أن نحافظ على وجود السكان مجاوري المواقع الأثرية، مع تشجيعهم على الحفاظ عليها والعمل على حمايتها، وعدم المساس بها، ويجب علينا أن نحفزهم نحو تحقيق ذلك.

10- ولذا فمن الضروري تكاتف مؤسسات الدولة في الحفاظ على تلك المناطق، فليس الأمر من مسئولية وزارة الآثار فقط، بل لا بد من وجود نشاط حكومي متكامل يسعى للاهتمام بآثار النوبة كما اهتم بها أثناء إنشاء السد العالي.

11- ولذا فمن الضروري جداً قيام أجهزة الحكم المحلي في وقف أي عمل أو اعتداء على المواقع الأثرية أو الجور عليها.

12- ومن الضروري تعديل المناهج الدراسية سواء لكليات الآثار والآداب بمختلف شعبها الأثرية بما يكفل تدريس آثار النوبة بصورة أعمق.

13- كما يجب القيام بعمل زيارات مكثفة للآثار الموجودة بالنوبة بجميع حقبها، من خلال الزيارات المدرسية والشبابية.

14- لابد من الاهتمام بالوجود الأمني بتلك المنطقة، فالملاحظ أن وجود الشرطة حول المواقع الأثرية بالنوبة ضعيف، وخاصة تلك المواقع المتغلغلة جنوبًا نحو السودان، فيجب تعيين نقط أمنية على الطريق لتأمينه وتأمين الرحلات السياحية المفترض أن تصل إليه.

15- كما يجب تعديل المنظومة الأمنية للحراس وأفرد الأمن بوزارة الآثار والعمل على تدريبهم تدريباً مناسبًا؛ من أجل القدرة على التعامل مع المعتدين على الآثار بتلك المناطق، والعمل على تزويدهم بأحدث الأسلحة.

16- وأخيرًا لا بد وأن يقوم صندوق انقاذ آثار النوبة بدوره، فالصندوق الرئيسي لإنقاذ آثار النوبة الذي أنشأ خصيصاً من أجلها، لا يوجد مقره بالنوبة أو أسوان، ولكن يقبع بالقاهرة، وهو صندوق له ميزانية خاصة ناتجة عن فرض دولارين على كل تأشيرة أجنبية تدخل مصر[68]، بالإضافة  إلى تبرعات الأجانب، والمصريين، وبالرغم من ذلك فهو لا يتدخل بالشكل الأمثل لمواجهة الإهمال الذي تتعرض له آثار النوبة، ولذا فيجب نقل الصندوق إلى أسوان وأن يقوم بدوره الذي أنشأ من أجله، وأن تكون له كافة الصلاحيات في مواجهة الأوضاع السيئة بآثار النوبة[69].


الهامش

[1] – وولتر امرى، مصر وبلاد النوبة، ترجمة: تحفة حندوس، القاهرة 2008.

[2] – علاء الدين محمد قابيل، تاريخ بلاد النوبة القديم وآثارها، دار الفكر العربي، القاهرة 2006.

[3] – جيمس بيكي، الاثار المصرية في وادي النيل، الجزء الخامس، ترجمة نور الدين الرازي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1994.

[4] – A.E.Weigall., A Guide to the Antiquities of Lower Nubia, Oxford, 1907, p.105

[5] – جيمس بيكي، الآثار المصرية في وادي النيل، الجزء الرابع، ترجمة نور الدين الرازي، القاهرة 1998

[6] – J.Lesquier., L’armée romaine d’Egypte d’Auguste à Dioclétien. Le Caire 1918, p.45

[7] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مكتبة الإسكندرية، الموسم الثقافي الثالث 2009

[8] – خالد شوقي البسيوني، مدن وعواصم مصرية في كوش، في أعمال مؤتمر الفيوم الرابع: العواصم والمدن الكبرى في مصر، كلية الآثار، جامعة القاهرة، فرع الفيوم، 2004، مجلد 1، ص ص 394-400

[9] – علاء الدين محمد قابيل، المصريون في النوبة؛ منذ بداية الدولة الوسطى وحتى نهاية الدولة الحديثة، رسالة دكتوراه، جامعة طنطا 1993

[10] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[11] – علاء الدين محمد قابيل، المصريون في النوبة؛ مرجع سابق.

[12] – R.H.Wilkinson, The Complete Temples of Ancient Egypt.op.cit., p. 232

[13] – محمد ابراهيم بكر، تاريخ السودان القديم، دار المعارف، الطبعة الثانية، القاهرة 1987.

[14] – المرجع السابق.

[15] – سليم حسن، مصر القديمة، الجزء الحادي عشر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،1994.

[16] – عبد الحليم نور الدين، مواقع الآثار المصرية، الجزء الثاني، القاهرة 2008

[17] – محبات الشرابي، جغرافية مصر السياحية، القاهرة 1986

[18] – عبد الحليم نور الدين، مواقع الآثار المصرية، مرجع سابق

[19] – فرانسو ديماس، آلهة مصر، ترجمة زكى سوس، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،1998.

[20] – عزت قادوس، مواقع ومتاحف الآثار المصرية، القاهرة 1998.

[21] – عنايات محمد أحمد، الآثار اليونانية والرومانية، الحضري للطباعة، الإسكندرية 1998

[22] – Tinh, V., Isis Lactans , Corpus des Monuments Greco – Romainx d!Isis, allaitant Harpocrate,  LeideN, 1973 , pp.72 f

[23] – Sauneron – St/Mierlin, op. cit., p.144

[24] – عزت قادوس، مرجع سابق.

[25] – إيموحتب هو المهندس الذي بنى مجموعة الملك زوسر بسقارة في الأسرة الثالثة، وقد قُدس في العصر المتأخر والعصرين البطلمي والروماني فأصبح إلها للطب والهندسة، واشتُهر بعلاج المرضى عند المصريين القدماء، ويعادله عند الإغريق المعبود اسكليبيوس إله الطب والشفاء، للمزيد انظر: ج. هاري، إيموحتب إله الطب والهندسة، ترجمة: محمد العزب مرسى، القاهرة 1988.

[26] — Murray, M.A., Egyptian Temples, London, 1931, p. 188

[27] – عنايات محمد، مرجع سابق.

[28] – عزت قادوس، مرجع سابق.

[29] – Benedite , G ., Egypt , I , Paris , 1900 , p . 574: Williams, op. cit. p. 14

[30] – جيمس بيكي، مرجع السابق.

[31] – A.M.Blackman., the Temple of Dendur, Cairo,1911., p.11

[32] -Sabine Gardiner, The Encyclopaedia of Ancient Egyptian Architecture, I.B.Tauris Publishers, 2003, p.64

[33] – Dieter Arnold., Temples of the Last Pharaohs, Oxford University Press, 1999,p.193

[34] – خالد شوقي البسيوني، مدن وعواصم مصرية في كوش، في: أعمال مؤتمر الفيوم الرابع، العواصم والمدن الكبرى في مصر، الفيوم، جامعة القاهرة 2004.

[35] – المرجع السابق.

[36] – عنايات محمد أحمد، مرجع سابق.

[37] – Murray, op. cit., p. 197

[38] – Lorna Oakes., Pyramids, Temples and Tombs of Ancient Egypt: An Illustrated Atlas of the Land of the Pharaohs, Hermes House: Anness Publishing, London 2010. p. 208

[39] – عزت قادوس، مرجع سابق.

[40] – عنايات محمد، مرجع سابق.

[41] – ويظهر مندوليس كمعبود في نقوش المعابد البطلمية ومعابد النوبة حيث بدأت عبادته في القرن الثاني قبل الميلاد كما هو مدون في نقش عُثر عليه في أسوان، ويمثل جزء من قدس الأقداس بمعبده في فيله، ويتخذ شكل انسان ويحمل تاج بقرني كبش ويتوسطه أقراص الشمس والحيات المقدسة، ولمندوليس معبد آخر بفيلة؛ وهو معبد صغير يضم حجرة واحدة، وحوائطه الجانبية ما زالت قائمة، أما الحائط الخلفي فقد شُيد من الطوب اللبن، ومدخله الرئيسي يقع جهة الشرق ناحية الرواق الشرقي، انظر: F.L.Griffith., Mandulis Talmis and the Blemmyes , JEA  15 , 1929, pp.72-74

[42] – جيمس بيكي، المرجع السابق

[43] – Bonnet, H., Reallexikon der agyptischen Religionsgeschichte, Berlin, 1952, s.v. Mandulis

[44] -Lange.K & Hirmer. M., Agypten Architektur Plastik Malerei in drei Jahrtausenden, Munchen 1978

[45] – H.Ricke, G.R.Hughes & E.F.Wente., the Beit el Wali Temple of Ramesses, II, Chicago 1967, p.25, pl.30

[46] – عبد الحليم نور الدين، مواقع الآثار المصرية، مرجع سابق.

[47] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[48] – الدكة هو اسم قرية نوبية حديثة، ولكنها كانت تسمي باليونانية “بسلكيس” والتي تعني “العقرب” ربما لأن المعبودة العقربة سلكت كانت تعبد في هذه القرية، ولهذه القرية أهمية في التاريخ القديم للنوبة حيث أنه حدث على أرض هذه القرية ان الملكة النوبية العظيمة أماني ريناس هزمت القائد الروماني بترونيوس عام 23 ق م.، نقلاً عن: Sabine Gardiner، op .cit, p.65

[49] – László Török., the Image of the Ordered World in Ancient Nubian Art, Boston, 2002. p.260

[50] – عنايات محمد أحمد، مرجع سابق.

[51] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[52] – خالد شوقي البسيوني، مدن وعواصم مصرية في كوش، مرجع سابق.

[53] – حسن السعدى، حكام الأقاليم في مصر الفرعونية، الإسكندرية، 1991.

[54] – G.Heany, A Short Architectural History of Philae, BIFAO 85, 1985., p.231

[55] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[56] – منيب إبراهيم فقير، صفحات من تاريخ وادي حلفا، الطبعة الثانية، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 2001

[57] – خالد شوقي البسيوني، مدن وعواصم مصرية في كوش، في: أعمال مؤتمر الفيوم الرابع، العواصم والمدن الكبرى في مصر، الفيوم، جامعة القاهرة 2004، ص 394-400

[58] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[59] – محمد ابراهيم بكر، تاريخ السودان القديم، مرجع سابق.

[60] – عبد الحليم نورالدين، تاريخ وآثار النوبة، مرجع سابق.

[61] – منيب إبراهيم فقير، صفحات من تاريخ وادي حلفا، الطبعة الثانية، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 2001

[62] – J, Woodward, M. Macklin., & N, Spencer. Re-assessing the abandonment of Amara West: The impact of a changing Nile? Sudan & Nubia, 2012, p.37–47

[63] – J. H. Breasted, Ancient Records of Egypt, Part One, Chicago 1906, p. 640-673

[64] – جيمس بيكي، الاثار المصرية في وأدي النيل، مرجع سابق.

[65] – منيب إبراهيم فقير، صفحات من تاريخ وادي حلفا، مرجع سابق.

[66] – عبد المنعم أبوبكر، بلاد النوبة، القاهرة 2009

[67]  – بوابة فيتو، بالصور. الإهمال يهدد آثار النوبة في أسوان، 16 مارس 2017

[68] – الوفد، آثار النوبة تستغيث و”صندوق إنقاذها” يقبع في القاهرة، 16 مارس 2017

[69] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close