أبعاد زيارة البشير للقاهرة وتداعياتها
قام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة إلى القاهرة يومي 18 و19 أكتوبر 2014، في حدث يلقي الضوء على التحولات التي تشهدها سياسة السودان الإقليمية؛ فلا يقتصر الأمر على التحول في موقف السودان تجاه مصر بعد أحداث 30 يونيو، بالرغم من العلاقة المميزة التي جمعت الخرطوم والقاهرة خلال فترة حكم الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وكان أيضاً من مظاهر هذا التحول قرار السلطات السودانية قبل نحو شهر اغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، في خطوة تؤشر إلى تقارب محتمل مع دول الخليج، وفي المقدمة منها المملكة السعودية، وأيضاً قرار الحزب الحاكم في السودان عدم دعوة الاخوان المسلمين لحضور مؤتمره العام.
وفي ضوء ذلك أثارت زيارة البشير للقاهرة عدد من التساؤلات المرتبطة بأهم نتائج وأهداف الزيارة، وفي سياق التحول الذي تشهده سياسة السودان الإقليمية، وما هي الأسباب الرئيسية لهذا التحول وخصوصاً تجاه تيارات الإسلام السياسي في الإقليم؟
أولاً: أهم نتائج زيارة البشير للقاهرة:
على رأس وفد مكون من خمسة وزراء، قام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة القاهرة في 18 أكتوبر 2014 على مدار يومين، في زيارة هي الأولى إلى مصر منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في يونيو الماضي، وحيث عقد البشير مع السيسي قمة ثنائية شددا خلالها على علاقات الأخوة والمودة التي تجمع بين مصر والسودان وأهمية استثمارها والبناء عليها لتسود كافة جوانب علاقات التعاون الثنائي بينهما.
وفي حين أن زيارة البشير لم تسفر عن توقيع اتفاقات لتعزيز التعاون الثنائي بين الطرفين، أو وضع الاتفاقات التي سبق التوصل إليها خلال زيارة الرئيس السابق محمد مرسي إلى السودان في ابريل 2013 موضع التنفيذ، ولكن كان هناك تأكيد من الرئيسين حول أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بوجه عام والارتقاء بها نحو آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً، بما يحقق آمال الشعبين المصري والسوداني، مع العمل على طرح الموضوعات الخلافية جانباً، وتذليل أي عقبة تحول دون تطوير التعاون والعمل المشترك.
وكان ما تحقق في هذا الصدد هو تأكيد الاتفاق الذي تعثر تنفيذه منذ 30 يونيو، بـرفع مستوى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لتصبح على مستوى الرئيسين بدلاً من مستوى رئيس الحكومة المصرية ونائب الرئيس السوداني لتحقيق مزيد من الدعم وتفعيل التعاون المشترك بين البلدين فى مختلف المجالات بما يحقق ويعود بالنفع على شعبي وداي النيل[2].
وقد شهد اللقاء أيضاً استعراضاً لعدد من جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية، وزيادة التبادل التجاري، خاصةً في ضوء افتتاح ميناء “قسطل- أشكيت” البري بين البلدين، والذي يتيح تدفق المنتجات على جانبي الحدود، وبحث إمكانية إنشاء منطقة للتجارة الحرة بينهما، مع تأكيد البشير على أهمية تفعيل اتفاقية الحريات اﻷربع، موضحاً أن الاتفاقية تعطي امتيازات للمواطنين فى كلا البلدين، حيث تتيح للمواطن المصري الحق فى التنقل والإقامة والعمل والتملك فى السودان بكل حرية وكذلك المواطن السودانى.
وحتى مع أهمية قضية “سد النهضة” بالنسبة إلى الجانب المصري، فإن هذه القضية لم تأخذ حيزاً واسعاً من المباحثات، بل شهد اللقاء إشادة بمستوى التعاون الذي يتم على مستوى الحوض الشرقي للنيل، وذلك في ضوء ما خلص إليه اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة في 17 أكتوبر 2014، فضلاً عن التأكيد على أن نهر النيل يتعين أن يكون وسيلة لتحقيق التنمية المشتركة لكافة شعوب دول الحوض، دون الإضرار بمصالح أي طرف[3].
وكان لافتاً أن بياني الرئيسين الذين ألقيا في ختام زيارة البشير، خلا من أي إشارة إلى أزمة مثلث حلايب وشلاتين، واقتصر الأمر على احتواء القاعة التي استقبل فيها السيسي البشير بقصر الاتحادية، خريطة واضحة للحدود المصرية تبرز عليها تبعية المنطقة للجمهورية المصرية، وهي الصورة التي استخدمتها وسائل الإعلام المصرية للرد على تصريحات البشير، بينما تجنب المسؤولون المصريون التطرق إلى أي مناقشات خاصة بتلك القضية[4].
بل وكانت هناك إشارة إلى “الدور السلبي” الذي تلعبه وسائل الإعلام، حيث قال السيسي أن: “هناك مسئولية على الجميع فى مصر والسودان، ليس فقط على مستوى مؤسسات الدولة أو الإرادة السياسية فى البلدين، ولكن على الإعلام أيضاً.. وذلك إذا كنا حريصين على أن العلاقات بين البلدين أو بين مصر وأى دولة أخرى تستمر وتزدهر”. وذلك مع إشادة البشير بحديث السيسى عن اﻹعلام، وقال: “الناس فى السابق كانوا على دين ملوكهم، أما الآن فأصبحوا على دين إعلامهم”، واستطرد بأن الإعلام له دور خطير يمكن أن يكون بناء أو هدما فى علاقات الدول.
في إشارة واضحة إلى حرص الجانبين المصري والسوداني تجاوز نزر الأزمة بصدد قضية حلايب وشلاتين، سواء على المستوى الرسمي، أو حتى في وسائل الإعلام.
وذلك فيما حاز الملف الليبي على اهتمام خاص بالنظر إلى عضوية مصر والسودان في الآلية التشاورية لدول جوار ليبيا، وحيث عبر الرئيسان عن أملهما في قيام دول الجوار بدور مهم في إعادة الاستقرار إلى ليبيا، مع التأكيد على ضرورة انطلاق عملية سياسية وحوار بين الأطياف الليبية كافة، والاتفاق كذلك على أهمية تنسيق الجهود لتحقيق الاستقرار ودعم خيارات الشعب الليبى والحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، ومع التشديد أيضاً على أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، وفي مقدمتها الجيش الوطني الليبي[5].
ثانياً: أبعاد التحول في الموقف الإقليمي للسودان:
على الرغم من محدودية النتائج التي خرجت بها زيارة البشير إلى القاهرة، وتركيزها أساساً على تطورات الوضع الليبي، فإن الزيارة كان لها دلالة أكبر لجهة التحول الذي تشهده المواقف الإقليمية للسودان، منذ 30 يونيو 2013 وإلى الآن، حيث توترت علاقة القاهرة بالخرطوم في أعقاب الانقلاب على نظام الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وذلك على الرغم من التأكيد الرسمي السوداني آنذاك بـ”اعتبار الإطاحة بحكومة مرسي شأناً مصرياً داخلياً”، ولكن القاهرة ظلت تنظر بريب إلى الخرطوم، وخصوصاً مع الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في السودان ونظمها موالون لحركة الإخوان المسلمين، وبينهم قادة في الحزب الحاكم في السودان، للتنديد بالإطاحة بمرسي، ورفعت شعارات الإخوان المسلمين المصريين، وعدت ما وقع في مصر “انقلاباً ضد الشرعية”[6].
وذلك دون إغفال أن السودان كان أول بلد عربي يُحكم من جانب واحدة من حركات الإسلام السياسي منذ وصول “الجبهة القومية الإسلامية” إلى الحكم في عام 1989، فكان السودان منذ ذلك الحين ملاذاً لقيادات حركات إسلامية تعرضت للتضييق، ونُظمت على أرض السودان مؤتمرات ولقاءات شاركت فيها حركات الإسلام السياسي من مختلف الدول العربية والإسلامية تحت مظلة ما عُرف وقتها بـ”المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي”، الذي تشكل بعد حرب الخليج الأولى وتولى رئاسته الدكتور حسن الترابي.
وعلى الرغم من أن ذلك المؤتمر تم حله من دون إعلان رسمي، إلا أن النظام السوداني واصل دوره المشار إليه، إلى أن حل الربيع العربي، وتغيرت الأدوار بعض الشيء، خصوصاً مع تنامي الدور السياسي للإخوان المسلمين في مصر خلال فترة ما بعد 25 يناير 2011. ومع ذلك فقد توافدت قيادات الحركات الإسلامية إلى الخرطوم في نوفمبر 2012، لحضور المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية الحاكمة في السودان.
ويعتقد جانب كبير من المراقبين استمرار العلاقة بين السودان وجماعة الإخوان المسلمين خلال فترة ما بعد 30 يونيو، في ضوء ما أثير عن طلب قطر من السودان استقبال القيادات الإخوانية المصرية التي كان إبعادها من قطر أحد شروط المصالحة مع باقي دول الخليج، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية والإمارات[7].
ولكن على الرغم من علاقة النظام الحاكم في السودان بجماعة الإخوان المسلمين، فإن تحوله ناحية النظام الجديد في القاهرة ارتبط بتحول أكبر في مواقف السودان الإقليمية. يمكن الاستدلال عليها بالإشارة إلى الملاحظات التالية.
الملاحظة الأولى:
أن زيارة البشير إلى مصر سبقها زيارة خاطفة للسيسي إلى السودان (27 يونيو 2014)، وفور توليه الحكم، وكان ذلك في طريق عودته من مالابو عاصمة غينيا الاستوائية بعد مشاركته في القمة الأفريقية، وحيث أكد خلال تلك الزيارة من مطار الخرطوم، أنه يرى السودان جزءً من بلاده، وأن زيارته للخرطوم تعبر عن حجم تلك العلاقة، مشيراً إلى الحاجة إلى التنسيق مع السودان بصدد القضايا الإقليمية، وموجهاً دعوته إلى البشير لزيارة القاهرة[8].
وعلى الجانب الآخر فقد قام زيارة وزير الدفاع السوداني، الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين بزيارة للقاهرة في فبراير 2014، اجتمع خلالها بالسيسي إبان أن كان وزيراً للدفاع، وحيث تم التباحث في فكرة إنشاء قوة مشتركة سودانية مصرية لمراقبة الحدود، وعقد دورات تدريبية مشتركة، بجانب التعاون في مجالات التسليح، وذلك بهدف طمأنة القيادة السياسية التي جاءت بعد 30 يونيو في مصر بشأن سياسة الخرطوم تجاه النظام الجديد، وأعقب ذلك زيارة لوزير الخارجية علي كرتي إلى القاهرة في يوليو 2014، وكذلك زيارة وزير الري والشؤون المائية السوداني للقاهرة في الشهر نفسه[9].
الملاحظة الثانية:
أن التحول في الموقف السوداني لا يقتصر على التحول في الموقف تجاه مصر بعد 30 يونيو، ولكن كان أيضاً من مظاهر هذا التحول قرار السلطات السودانية قبل نحو شهر اغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، في خطوة تؤشر إلى رغبة في استعادة الثقة في علاقة الخرطوم بدول الخليج، وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية.
حيث أن العلاقات المميزة التي جمعت السودان بإيران، وكان من دلائلها الزيارت المتبادلة لرئيسي البلدين، تسببت في توتر علاقات الرياض بالخرطوم، وخصوصاً عقب رسو سفن إيرانية حربية في الساحل السوداني على البحر الأحمر في أكتوبر 2012 ومرة أخرى في ديسمبر من ذات العام، وكان من مؤشرات هذا التوتر رفض الرياض السماح لطائرة الرئيس البشير الذي كان يعتزم زيارة طهران للمشاركة في احتفالات تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني في أغسطس 2013 بعبور الأجواء السعودية، وأيضاً كان قد رفض وزير الخارجية السعودي مقابلة الرئيس السوداني خلال مؤتمر القمة العربية الإفريقية الذي عقد في نوفمبر 2013 في الكويت، وأخيراً طلبت وزارة الخارجية السعودية من السفارة السودانية في الرياض وقف جميع أنشطة الجمعيات والروابط السودانية في مختلف مدن المملكة[10].
وحتى مع مسعى الخرطوم موازنة علاقتها بين طهران والرياض باستضافتها سفناً حربية سعودية في فبراير 2013، إلا أن العلاقات لم تتحسن بعد أن استقبلت البحرية السودانية مجدداً سفناً إيرانية في سبتمبر 2013 وأخرى في مايو 2014، حتى أن وزير الخارجية السوداني علي كرتي، أقر آنذاك بتوتر العلاقة بين بلاده والسعودية، وكشف عن رفض الخرطوم لعرض إيراني بإنشاء منصة دفاع جوي على ساحل البحر الأحمر للحد من عمليات القصف الإسرائيلي المتكررة للأراضي السودانية حتى لا ترى السعودية أنها موجهة ضدها[11].
ويبدو أن الخرطوم نجحت جزئياً في معالجة علاقتها بالرياض من خلال إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في سبتمبر 2014، وكان من دلائل ذلك استقبال البشير في الشهر نفسه، خلال زيارته المملكة لأداء فريضة الحج، من جانب أمير منطقة مكة المكرمة مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز، بمطار الملك عبد العزيز الدولي، واستقبله كذلك ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز، في قصره بجدة، حيث تم تبادل الأحاديث الودية، بالإضافة إلى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتعزيزها في المجالات المختلفة[12].
الملاحظة الثالثة:
ترتبط بقرار الحزب الحاكم في السودان عدم دعوة الإخوان المسلمين لحضور مؤتمره العام الذي يعقد في الخرطوم خلال الفترة من 23 إلى 25 اكتوبر 2014، حيث أعلن حزب “المؤتمر الوطني” في 14 أكتوبر، أنه لم يوجه دعوة إلى جماعة الإخوان المسلمين المصرية لحضور مؤتمره العام. وقال نائب رئيس الحزب إبراهيم غندور في تصريح صحفي: “لم نوجه الدعوة إلى الجماعة في مصر”، وأضاف: “نحن نوجه الدعوة للأحزاب وكان من المفترض أن ندعو حزب “الحرية والعدالة”، إلا أن ذلك متعذر نتيجة ظروف الحزب”، في إشارة إلى قرار حظره في مصر وسجن عدد كبير من قياداته[13].
وذلك في حين أن حزب “المؤتمر الوطني” كان قد وقع مع حزب “الحرية والعدالة” في مارس 2013 على اتفاقية تعاون في الخرطوم، لم تقتصر مجالاتها على العلاقات الحزبية وتبادل الخبرات والتجارب، بل تجاوزتها إلى الحديث عن التعاون الدولي والإقليمي وعن العلاقات الاقتصادية والسياسية والخارجية بين مصر والسودان، وقد انطلق هذا التعاون “كما أوضح رئيس “الحرية والعدالة” سعد الكتاتني- من أن الحزبين “يتطابقان في الرؤى والأفكار والتوجهات والمنطلقات والأهداف الكلية”[14].
ثالثاً: أسباب التحول في الموقف الإقليمي للسودان:
ترتبط أسباب التحول في موقف السودان الإقليمي بالضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها الدولة، وحاجتها إلى الانفتاح على القوى الإقليمية، وبهدف تخفيف حدة العقوبات المفروضة عليها دولياً، والمساعدة في حل المشكلات التي لاتزال تواجه الدولة داخلياً، في مقابل عقبات تواجه السودان باستمرار تعاونه مع جماعات الإسلام السياسي.
1. تعثر تنفيذ الاتفاقات السابقة الموقعة مع مصر:
مع مواجهة السودان لأزمة اقتصادية داخلية لاتزال تأثيراتها مستمرة منذ انفصال الجنوب، وبسبب العقوبات الدولية المفروضة على الدولة، لذلك كان اهتمام القيادة السياسية بمحاولة تنفيذ الاتفاقات المتعثرة مع مصر، والتي سبق التوصل إليها خلال زيارة الرئيس السابق محمد مرسي إلى السودان في ابريل 2013.
حيث تم خلال هذه الزيارة الاتفاق على إقامة مشروعات مشتركة في مجال الزراعة وكذلك الثروة الحيوانية بما يضمن توفير الأمن الغذائي للبلدين، والاتفاق على الإسراع بالخطوات التنفيذية الخاصة بإقامة منطقة صناعية مشتركة بالخرطوم، والإعلان عن قرب افتتاح الطريق الشرقي والغربي والساحلي بما يمثله هذا المشروع من تدفق التجارة بين البلدين، بالإضافة إلى رفع مستوى اللجنة العليا المشتركة على مستوى الرئيسين ووضع خطة عمل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
كما كان تم الاتفاق أيضاً (خلال زيارة الدكتور مرسي) على تخصيص مساحة 2 مليون متر مربع شمال الخرطوم ليقام عليها حوالى 400 إلى 500 مصنع متوسط الحجم، تعزز التعاون بين البلدين في مجالات الحاصلات الزراعية ودباغة الجلود والصناعات التعدينية وإنتاج الوقود الحيوى[15].
ومن هنا كان اهتمام الرئيس السودانى خلال زيارته القاهرة بالتأكيد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بوجه عام والارتقاء بها نحو آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً، ووضع الخطوات اللازمة لإنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين، بما يحقق آمال الشعبين المصرى والسودانى، وخصوصاً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لايزال ضعيفاً، وسجل خلال عام 2013 ما قيمتة 839 مليون دولار، ومتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 2 مليار بعد انتظام التجارة من خلال معبر قسطل[16].
2. التعاون مع دول الخليج لمواجهة الأزمة الاقتصادية:
فمن المعروف أن النظام في السودان، وبعد إنفصال الجنوب وخسارته لثلثي إنتاج النفط، يواجه أزمة اقتصادية خانقة، تتمثل في تدهور الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وضعف أرصدة الدولة من العملات الأجنبية، وبلوغ التضخم مستويات قياسية (46.5%) في يونيو 2014. وقد أوضح الرئيس لبشير نفسه أن السودان فقد 80% من عائداته من النقد الأجنبي، و40% من عائدات الموازنة العامة بسبب انفصال جنوب السودان وخروج عائدات النفط[17].
وذلك مع توضيح البشير أن من الدول التي وقفت إلى جانب السودان في محنته الاقتصادية كانت المملكة السعودية، فيما لم يستفد السودان من علاقته بإيران على الصعيد الاقتصادي، وقال البشير في حوار صحفي: “بعد انفصال جنوب السودان مررنا بأزمة اقتصادية، وكثير من الدول وقفت إلى جانبنا، وساعدتنا، وفي مقدمتها المملكة”، موضحاً: “دون أن نتلقى من إيران أي مساعدات، ولا فلساً واحداً، إذ كانت كلها وعوداً لم تنفذ منها واحداً، ولذلك لا يوجد أي مظهر لعلاقة استراتيجية لنا مع إيران”[18].
وتحتل السعودية المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات العربية بالسودان بواقع 4.3 مليارات دولار تليها الإمارات بينما تحل قطر في المرتبة الثالثة، وذلك فضلاً عن أن دول الخليج تستضيف حوالي 65% من العمالة السودانية حول العالم، ويعمل بها نحو 3 مليون سوداني[19]، وفي ضوء ذلك تأثر السودان اقتصادياً بقرار الرياض في مارس 2014 وقف تعاملاتها المصرفية مع البنوك السودانية، كما قلصت إيراداتها من المواشي السودانية التي تقدر بنحو 50% من حاجتها ضمن إجراءات وصفها خبراء وقتها بأنها “عقابية”، على خلفية علاقات السودان العسكرية بإيران[20].
ولكن في محاولة لتجاوز تلك المرحلة، توقعت غرفة مصدري الماشية السودانية أن تسهم مبادرتا الملك عبدالله والرئيس السوداني لدعم الغذاء العربي في زيادة نمو الاستثمار في قطاع الإنتاج الحيواني بنسبة 20% خلال عام 2015، وسط توقعات بأن تتجه نحو ثلاثة مليون رأس من الماشية المصدرة من السودان إلى السوق السعودية[21].
3. توثيق التعاون الإقليمي لتخفيف حدة الأزمة السياسية الداخلية:
يواجه نظام البشير في السودان عدداً من الأزمات الداخلية التي لم تنته بانفصال الجنوب، وترتبط بتعثر جهود الحوار، وسط اعتقاد بدور لأطراف إقليمية في تغذية الصراع الداخلي للضغط على الخرطوم، التي تستهدف على الجانب الآخر الحصول على دعم إقليمي يدفع الأطراف المتنازعة إلى التوافق والحوار، وعدم تغذية المعارضة لتولي البشير ولاية رئاسية جديدة.
وكان البشير قد دعا في يناير 2014 إلى حوار يشارك فيه كل المعارضين بمن فيهم الحركات المسلحة، غير أن تلك الدعوة للحوار أدت إلى انقسام في تحالف “قوى الإجماع الوطني” المعارض، وحيث اشترطت معظم أحزاب التحالف -وأبرزها “المؤتمر السوداني” و”الشيوعي” و”البعث”- اتخاذ إجراءات لبناء الثقة، تتضمن إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتكوين حكومة انتقالية لمدة عامين تشرف على صياغة دستور دائم، وقبل إجراء الانتخابات، قبل أن يعلن في وقت لاحق حزب “الأمة” القومي بقيادة الصادق المهدي، انسلاخه من الآلية المشتركة للحوار[22].
وكل هذه تحديات يحتاج النظام السوداني إلى دعم إقليمي لمواجهتها وبما يضمن استمرار النظام في الحكم، وحيث جاء الإعلان سريعاً عقب زيارة البشير للقاهرة، عن أن حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم في السودان أعاد انتخاب البشير رئيساً للحزب، واختياره بالتالي مرشحاً لولاية رئاسية جديدة مع 4 مرشحين آخرين من الحزب سيجري التوافق على واحد منهم لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في ابريل 2015[23].
4. إثبات حسن النوايا بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا:
إن الانفتاح الاقتصادي والسياسي الذي يبغيه السودان لابد أن يرتبط بإثبات حسن النية تجاه القضايا الإقليمية، الأمر الذي تزداد أهميته مع الاتهامات التي وجهت إلى الخرطوم من جانب أطراف ليبية مقربة من دول خليجية بدعم حركات إسلامية ليبية مناوئة للحكومة، وقد جاء في بيان صادر عن الحكومة الليبية بهذا الصدد في سبتمبر 2014، أن طائرة نقل عسكرية سودانية دخلت المجال الجوي الليبي من دون إذن أو طلب رسمي من مصلحة الطيران المدني الليبي، كانت متجهة إلى “مطار معيتيقة” قرب العاصمة الليبية طرابلس، والذي تسيطر عليه ميليشيات إسلامية متشددة، تابعة لقوات “فجر ليبيا”. وعد البيان الأمر “خرقاً للسيادة الليبية”، وعليه طلبت الحكومة الليبية من الملحق العسكري السوداني مغادرة البلاد باعتباره “شخصاً غير مرغوب فيه”.
وجاء هذا الموقف على الرغم من توضيح السودان أن حمولة الطائرة التي زعمت الحكومة الليبية أنها اخترقت السيادة، تخص القوات المشتركة على الحدود بين البلدين، ولا تحمل أي مساعدات عسكرية لجماعات مسلحة ليبية، والإشارة في هذا الصدد إلى أن قائد القوات المشتركة السودانية الليبية العقيد سليمان حامد “ليبي الجنسية- صحح المعلومة حينها بليبيا، وأكد أن حمولة الطائرة تخص القوات المشتركة، موضحاً أن “الشحنة كانت عبارة عن إمدادات عسكرية ولوجستية للقوة المشتركة من الجيش الوطني، التي يترأسها والمكلفة بالتمركز في نقطتي السارة والعوينات”[24].
وفي المقابل فإن السلطات الليبية لم تتخذ أي إجراء بصدد ما أكده مسؤولون بالولايات المتحدة الأمريكية، عن قيام الإمارات بقصف مواقع تسيطر عليها المعارضة المسلحة في ليبيا قبل أيام من سيطرة تلك القوات على العاصمة في أغسطس 2014، وقد صرحوا لوكالة “فرانس برس” بأن طائرات الإمارات شنت هجومين خلال سبعة أيام على مواقع إسلاميين في طرابلس انطلاقاً من قواعد عسكرية مصرية، وقد التزمت الإمارات الصمت رسمياً حيال تلك المعلومات[25].
فيما يشارك السودان بانتظام في الاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا، وحيث يؤكد أن: “هناك ضرورة للعمل على تأمين الحدود مع هذه الدول، بموافقة ممثلي ليبيا في هذه الاجتماعات، والتوافق على نزع السلاح تدريجيا والتزام الدعوة للأطراف الخارجية، للامتناع عن تمويل وتسليح الأطراف وتعزيز المراقبة على منافذ البحرية والبرية والجوية، لتحقيق هذا الهدف. والتوافق في هذا الصدد على أهمية التواصل مع المجلس النيابي الليبي كنواة سياسية يمكن البناء عليها، والعمل مع الأطراف الأخرى للدخول في حوار مع المجلس ومع بعضها البعض لتحقيق توافق وإيقاف الحرب ووقف المواجهات العسكرية”[26].
هذا، ويبدو أن السودان نجح في تجاوز الأزمة التي أثيرت بصدد علاقاته بالأطراف الليبية المختلفة، وحيث تم الإعلان في أعقاب زيارة البشير للقاهرة، عن بحث الخارجية السودانية والسفارة الليبية في الخرطوم ترتيبات زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني للخرطوم قبل نهاية أكتوبر 2014، بعد الإعلان في ليبيا عن تلقيه دعوة رسمية من الرئيس البشير لزيارة الخرطوم، واعتبرتها خطوة في الاتجاه الصحيح وتأكيداً لدعم السودان للمسار الديمقراطي في ليبيا[27].
رؤية مستقبلية:
إن الانفتاح الذي تستهدفه القيادة السودانية إقليمياً من محطاته الرئيسية تحقيق التوافق في السياسات مع القاهرة، وخصوصاً بشأن تطورات الوضع الأمني في الإقليم، وتحديداً على الساحة الليبية، وإن اضطر السودان في إطار ذلك إلى فك الارتباط مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي يستدل عليه بعدم دعوة الجماعة للمشاركة في مؤتمر الحزب الحاكم والذي بدأ أعماله في 23 أكتوبر[28].
ولكن لاتزال هناك عدد من القضايا الحيوية المعلقة مع مصر، والتي يعتبر حسمها محدداً رئيسياً لمستقبل العلاقة بين البلدين، ولاسيما ما يرتبط بموقف السودان من قضية سد النهضة، وأزمة مثلث حلايب وشلاتين.
والتذكير في هذا الصدد بأن القمة المصرية- السودانية الأخيرة لم تخرج بقرارات حاسمة بصدد القضيتين، بل إن الرئيس السوداني سبق وأوضح في لقاء صحفي أجري معه قبيل زيارته الأخيرة، بأن أهمية السد بالنسبة للسودانيين بمستوى أهمية السد العالي بالنسبة للمصريين، وحيث يزيد حصة السودان من مياه النيل والكهرباء، موضحاً أن السد لا يستطيع حجز المياه، ولكنه يخزن كل المياه في فترة الفيضان، ويمررها عبر الخزان طوال أيام العام.
وأيضاً جاءت تأكيدات البشير قبيل الزيارة بتمسك الخرطوم ما أسماه “سودانية” منطقة حلايب، مدعياً أنها تقع ضمن حدود السودان، ولكنهم لن يخطوا هذه الخطوة نحو “الحرب” مع مصر، وسيحاولون حل تلك القضية بالحوار والتفاوض مع المصريين، مشيراً إلى أنه في حال الفشل، فلن يكون الحل سوى باللجوء إلى التحكيم والأمم المتحدة، وهو الموقف الذي ترفضه القاهرة[29].
وذلك فيما لاتزال هناك شكوك واسعة في حقيقة التحول الذي تشهده السياسة الإقليمية للسودان، ومدى ابتعادها في واقع الأمر عن جماعات الإسلام السياسي والدول الداعمة لها، أم أن الأمر يقتصر على محاولة تقليل خسائر السودانية، وهو الأمر الذي اكتسب بعداً أكثر أهمية في ضوء:
– تداول وثيقة نشرها الباحث الأمريكي المتخصص بالشأن السوداني إيريك ريفز في 24 سبتمبر، حول اجتماع لقيادات عسكرية وسياسية وأمنية سودانية بكلية الدفاع الوطني بالخرطوم نهاية أغسطس الماضي، وذهبت إلى أن الحكومة تعزز استراتيجيتها مع إيران وتموه الخليجيين بالعلاقات الاقتصادية والاستثمارية. وإن رد السودان على تلك الوثيقة بالتأكيد أنها تمثل تلفيقاً من بعض الجهات ذات الأجندة لتعكير صفو العلاقة مع الخليج والإضرار بالسودان سياسياً واقتصادياً، ولكن جاء فيها أن غرض الخرطوم من الضجة التي أثارتها بشأن إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، هو تضليل الدول التي عبرت عن قلقها من التحالف السوداني” الإيراني، مع تأكيد المشاركين في الاجتماع على أهمية علاقاتهم العسكرية والأمنية مع إيران، وفيما تؤكد الوثيقة كذلك أن النظام السوداني لايزال يقدم الدعم لعدد من الإخوان المسلمين المصريين المتواجدين في الخرطوم، وذلك فضلاً عن العلاقة الوطيدة التي تجمع النظام بحركة حماس في غزة([30]).
– تقدم دولة قطر دعماً اقتصادياً وسياسياً واسعاً للسودان وفي المنابر الإقليمية والدولية، خاصة في مجلس الأمن، حينما كانت عضواً في المجلس قبل عامين، والدوحة تدعم مشروعات كبيرة في السودان، وتقيم مشروعات استثمارية في الزراعة، والتعدين، وتمديد خطوط الكهرباء في السودان. وقد قام وزير خارجية قطر بزيارة الخرطوم في يوليو 2014، في إطار متابعة هذه المشروعات والتباحث حولها[31]، وفي أعقاب زيارة قام بها الرئيس البشير إلى الدوحة في الشهر نفسه، تلبية لدعوة من أمير قطر، وتم خلال اللقاء البحث في تنسيق مواقف الدولتين حيال عدد من الملفات الإقليمية، والنظر في سبل تفعيل المشروعات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، وحيث أكدت الحكومة القطرية التزامها إزاء قضية دارفور خاصة فيما يتعلق بمشروعات استقرار النازحين واللاجئين، والبحث في سبل حل الأزمة السياسية الداخلية في السودان، وخصوصاً فيما يتعلق بتعثر جهود الحوار الوطني[32].
– لا تُخفي تيارات إسلامية سودانية، وعلى رأسها حزب “المؤتمر الشعبي” بقيادة حسن الترابي، رفضها لتطورات الأوضاع في مصر منذ 30 يونيو، والتي تراها انقلاباً ضد شرعية الرئيس السابق محمد مرسي، وقال الترابي في هذا الصدد أن “مرسي وقع ضحية لائتلاف بين الجيش والمسيحيين والليبراليين الذي يؤمنون بالديمقراطية لانفسهم ولكن ليس للآخرين”، بحسب قوله، مضيفاً أن “مرسي كان أول زعيم منتخب ديمقراطياً. وأصدر دستوراً أراده الشعب”.
– هناك مواقف شعبية متحفظة في السودان على دعم العلاقات مع النظام الجديد في مصر، سواء للتتضييق الذي تتعرض له جماعة الإخوان المسلمين هناك بعد وصولها إلى الحكم من خلال انتخابات ديمقراطية، أو لضبابية الموقف مع مصر فيما يتعلق بقضايا العلاقات الثنائية الرئيسية، وعلى رأسها قضية حلايب وشلاتين([33]).
وجهة نظر المعهد المصري
أولاً: تعليقاً على ما ورد في التقدير، تبرز ملاحظتان أساسيتان:
الأولي: فيما يتعلق بالدعم السوداني لما يسمي بالمسار الديمقراطي في ليبيا، نجد أنه بعد عودة البشير من القاهرة، أعلن أنه لن يتخلى عن دعمه للثورة الليبية، ودعم مختلف الأطراف في ليبيا لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، وأن إعلان السودان الترتيب لاستقبال ما يسمي برئيس الوزراء الليبي (عبد الله الثني) يصب في هذا الاتجاه في محاولة سودانية للالتفاف على الضغوط السعودية الإماراتية.
الثانية: فيما يتعلق بموقف السودان من جماعة الإخوان المسلمين، من خلال الرصد والمتابعة يمكن القول بأنه على المدى المنظور لن يغير السودان توجهاته نحو الجماعة، أو نحو قياداتها والمنتمين إليها في السودان([34])،
ثانياً: أن زيارة البشير للقاهرة جاءت في أعقاب الضغوط التي تعرض لها، حيث تبنت دول الخليج وسلطة الانقلاب في مصر سياسة شد الأطراف في مواجهة السودان، والتي تمت ممارستها عبر عدة مستويات أساسية:
الأول: شد الأطراف من الشرق:
· قيام السعودية والإمارات بتعليق المساعدات والاستثمارات والتحويلات
· إثارة وسائل الإعلام المدعومة من الدولتين قضية العلاقات السودانية ـ الإيرانية، وتصوير السودان على أنه القاعدة الجديدة لنشر التشيع في القارة الأفريقية، وذلك كورقة ضغط في مواجهة السودان أجبرته في النهاية على إصدار قرار بإغلاق عدد من المراكز الثقافية الإيرانية في السودان.
الثاني: شد الأطراف من الغرب:
· قيام سلطة الانقلاب العسكرى في مصر بتقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري للواء الليبي المتقاعد في خليفة حفتر، قائد ما يسمي بعملية الكرامة في الشرق الليبي، والذي يسعي لاستنساخ نموذج السيسي في ليبيا ومعروف بعدائه للسودان، والعمل على أن يكون حجر عثرة في مواجهة نجاحات عملية ثوار بنغازي وفجر ليبيا التي تشير بعض التقارير إلى وجود علاقات سودانية معها
· كانت أول زيارة خارجية لرئيس حكومة الانقلاب في مصر (إبراهيم محلب) بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية في مصر إلى دولة تشاد، والتي تملك سجلاً حافلاً من العداء للسودان وتقديمها كل صور الدعم لدولة جنوب السودان قبل الاستقلال وبعد الاستقلال بل إنها تمثل أحد الدوات الدعم المباشر للحركات والقوى المعارضة في دارفور السودانية، وتسعى سلطة الانقلاب في مصر لاستخدام تشاد كذلك في ممارسة سياسة خنق التيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية سواء في ليبيا أو السودان، ووقف كل اشكال الدعم التي يمكن أن تصل إلى ثوار ليبيا في مواجهتم مع حفتر.
الثالث: شد الأطرف من الشمال:
· ترتبط السودان بحدود ممتدة مع مصر من الشمال (1273 كم)، ولكن دائما ما تثير هذه الحدود قضية حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين الدولتين، والتي ظلت مثاراً لتوترات متجددة، مع وجود خلافات سياسية بين النظامين السياسيين في الدولتين، وفي كل مرة تتم إثارتها من جانب مصر يكون الهدف الضغط على النظام السوداني في ملف آخر
· تمثل مصر منذ تسعينيات القرن العشرين المقر الدائم لحركات المعارضة السودانية والحاضنة للعديد من فصائلها وتياراتها وفعالياتها، ويتم استخدامها كذلك كورقة ضغط ضد النظام السوداني
· الحملة الإعلامية الممنهجة التي مارستها وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب العسكري في مصر، سواء المصرية أو الخليجية ضد نظام البشير بدعوى أنه حاضن وداعم لجماعة الإخوان المسلمين وأن السودان كانت معبراً للعديد من المنتمين للجماعة للخروج من مصر في أعقاب مجزرتي رابعة والنهضة التي قامت بها قوات الجيش في مصر في 14 أغسطس 2013.
الرابع: شد الأطراف من الجنوب:
· يما تناقلته العديد من التقارير الإعلامية حول تعاون سلطة الانقلاب في مصر مع حكومة دولة جنوب السودان لتشديد الضغط على الحكومة السودانية
· تحميل السودان مسؤولية فشل سلطة الانقلاب المصريى في إدارة قضية سد النهضة وخاصة مع المواقف الصريحة والواضحة من الحكومة السودانية من أهمية السد بالنسبة للسودان وأنه يعادل في أهميته أهمية السد العالي بالنسبة لمصر.
وأمام هذه الاعتبارات جاءت زيارة البشير، لا لتعبر عن تراجع في توجهاتها في مصر وليبيا أو مع إيران، ولكن دليل استجابة تكتيكية للضغوط السعودية ـ الإماراتية ـ المصرية، ولكن مع التأكيد على أن استمرار الضغوط وتصاعدها يمكن أن يجبره على تغيير مواقفه ولو بشكل محدود، وهو ما يجب الاستعداد له، ولو على المدي القريب.
([1]) الأراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، ولكن تعبر عن وجهة نظر كاتبها
[2]صحيفة الشرق الأوسط، 20/10/2014 [3] صحيفة الحياة اللندنية، 19/10/2014 [4] صحيفة الأخبار اللبنانية، 20/10/2014 [5]بوابة الشروق الالكترونية، 19/10/2014 [6] صحيفة الشرق الأوسط، 11/10/2014 [7] عثمان ميرغني، أزمات السودان وبهلوانيات الإخوان، صحيفة الشرق الوسط، 11/9/2014 [8] صحيفة الشرق الأوسط، 11/10/2014 [9]زين العابدين صالح عبد الرحمن، إصلاح علاقات السودان مع الخليج عبر القاهرة، http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/965-2011-01-05-11-23-17/64140-2014-02-08-16-34-56، 8/2/2014 [10]المرجع السابق [11] صحيفة رأي اليوم السودانية، 4/9/2014 [12]صحيفة الشرق الأوسط، 1/10/2014 [13] موقع ايلاف الالكتروني، 14/10/2014 [14] عثمان ميرغني، مرجع سابق [15] صحيفة الأهرام المسائي، 7/4/2013 [16]موقع صحيفة الدستور الالكتروني، 13/10/2014 [17]صحيفة الشرق الأوسط، 28/9/2014 [18] صحيفة الشرق الأوسط، 11/10/2014 [19] صحيفة العربي الجديد، لندن، 26/5/2014 . الرابط [20] صحيفة رأي اليوم السودانية، 4/9/2014 [21]صحيفة الحياة اللندنية، 18/6/2014 [22] صحيفة الشرق الأوسط، 10/10/2014- 5/8/2014 [23] موقع العربية. نت، 21/10/2014 [24] موقع الجزيرة. نت، 8/9/2014 [25] http://www.almustaqbal.com/v4/article.aspx?Type=NP&ArticleID=629800، 27/8/2014 [26] فتح الرحمن يوسف، مساراً سياسيا وأمنيا لمحاصرة الميليشيات المسلحة، صحيفة الشرق الأوسط، 26/8/2014 [27] صحيفة الشرق الأوسط، 23/10/2014 [28] زين العابدين صالح عبد الرحمن، مرجع سابق [29] صحيفة الشرق الأوسط، 11/10/2014 [30]صحيفة اليوم التالي السودانية، 9/10/2014 [31] صحيفة الشرق الأوسط، 5/8/2014 [32] http://www.sudantribune.net/البشير-يبدأ-زيارة,8618، 8/7/2014 [33] صحيفة الراكوبة السودانية، 5/7/2013([34]) يؤكد ذلك التصريحات الصادرة عن أحد قادة السودان ونشرتها صحيفة الراكوبة السودانية بتاريخ 22/10/2014، فقد طمأن مسئول بارز في حزب البشير جماعة الأخوان المسلمين المقيمين في السودان، بعدم نيته تسليم أي منهم لمصر، في أعقاب زيارته الأخيرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأكد المسئول السوداني تعهد البشير بعدم تسليم أو طرد أي من قيادات الجماعة الموجودين في السودان. وقال: إن زيارة البشير للقاهرة لم تكن مثمرة على صعيد النتائج، لاسيما أن موقف الخرطوم في قضية سد النهضة منحاز إلى أثيوبيا من حيث المصالح والفوائد التي ستعود على الشعب السوداني؛ إذ سيحصل السودان على الكهرباء بأسعار زهيدة، كما أن حصته من مياه النهر لن تتأثر”.
وعلى صعيد الأزمة الليبية، أكد القيادي السوداني أن موقف بلاده منحاز للقوى التي تمثل الثورة هناك، وليس لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات”، مشيراً إلى أن البشير دعا رئيس الوزراء الليبي المحسوب على قوى الثورة، عمر الحاسي، إلى زيارة الخرطوم الأسبوع المقبل، كما أوضح المصدر أن “البشير استبق زيارته إلى مصر بتخفيف الضغوط الخليجية عليه، عبر طرد الملحق الثقافي الإيراني، وتوجيه حملات إعلامية ضد إيران في السودان، وأشار المسؤول السوداني، إلى أن “دوائر صنع القرار السودانية تدرك جيداً أنه لو تم القضاء على الثورة الليبية، سيأتي الدور على النظام في الخرطوم، لتأجيج المعارضين والإطاحة به وإشاعة الفوضى هناك”. الرابط: http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-168272.htm