أبعاد ودلالات التوتر الأمني المصري الإسرائيلي
مقدمة
في زيارة عاجلة، وغير معدّة مسبقا، توجه “رونين بار” رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام- الشاباك، إلى القاهرة، لتهدئة التوترات الناجمة معها بسبب الضغط الإسرائيلي على حركة الجهاد الإسلامي الذي تزايد منذ انتهاء العدوان على غزة، من خلال زيادة الاعتقالات لعناصره بالضفة الغربية، خلافًا لتوقعات المصريين، حيث التقى “بار” مع نظيره المصري عباس كامل، الذي ألغى زيارة مخططة لإسرائيل في أيام ما بعد الحرب الأخيرة.
تأتي زيارة “بار” الى القاهرة، بحسب التسريبات الإسرائيلية، عقب نكوص تل أبيب عن اتفاقها الموقع مع المصريين لوقف إطلاق النار في غزة، وبموجبه ستخفف إسرائيل من النشاط العسكري ضد الجهاد الإسلامي، خشية أن يتسبب بتجدد المواجهة العسكرية في غزة، حسب تهديدات الجهاد.
كما ناقش “بار” مع نظرائه المصريين الوضع في غزة، ومطالباتهم بالإفراج عن معتقلي الجهاد الإسلامي، كجزء من اتفاق وقف الحرب، مع أنه فور وقف إطلاق النار في غزة، تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشكره على جهوده في وقف التوتر في غزة.
يأتي التوتر الإسرائيلي المصري رغم تعزز تنسيقهما الأمني في العقد الأخير، لكن الأخيرة معنية بأن تبقى الأوضاع في غزة هادئة مستقرة، وطالما أن الحرب الأخيرة تسببت بانشغال المخابرات المصرية فيها، لكن نشوبها دفعها بالتواصل الحثيث مع نظيرتها الإسرائيلية لكبح جماح هذا التوتر، وكذلك فعلت مع الجهاد الإسلامي، لكن ما حصل بعد أيام من انتهاء الحرب التي كان سببها اعتقال قائد الحركة في الضفة الغربية بسام السعدي، المتمثل في اغتيال إبراهيم النابلسي في نابلس فسرته بعض الأوساط الإسرائيلية بأنه “مثل غرس أصبع في عين السيسي”، رغم أن قيادات عسكرية إسرائيلية كبيرة لم تكن في صورة ما جرى بين السيسي ولابيد.
خلفيات التوتر
تحدثت أوساط إسرائيلية أن الأزمة مع القاهرة بدأت قبل شهرين، بعد إسقاط الجيش الإسرائيلي مسيّرة مصرية تسللت لإسرائيل عبر الحدود، مما تسبب بغضب المصريين من نشر الخبر، ثم جرت محادثات بين كبار المسؤولين الاسرائيليين والمصريين لتصحيح الأوضاع.
فقد أعلن الجيش الإسرائيلي في الأول من يونيو أنه اعترض طائرة مُسيّرة مصرية عبرت المناطق الحدودية جنوبي فلسطين المحتلة، في سماء النقب بالقرب من جبل ساغي، وقد تم كشف ومتابعة المُسيّرة بشكل متواصل، حتى اعتراضها بعد أن اجتازت إلى داخل الحدود، ويتم التحقيق في ملابسات الحادث، دون أن يوضح المكان الذي انطلقت منه المُسيّرة، لكنّ التحقيقات الأولية تشير أنها طائرة مصرية غير مسلحة، فقدت السيطرة بسبب عطل، فيما أفادت مصادر عسكرية أنه تم اعتراضها بعد التنسيق مع المصريين.
مع العلم أن الطائرة من دون طيار التي تديرها القوات المسلحة المصرية، كانت تنفذ عملية ضد مقاتلي تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء على الحدود مع الأراضي المحتلة، وإنها تجاوزت الحدود بسبب “خطأ بشري”، كما أن المصريين أبلغوا عن الاعتراض مسبقًا.
يذكر أن مصر وقعت مع إسرائيل اتفاقية سلام عام 1979، وعلى مدى السنوات الماضية عدل الطرفان أجزاء من اتفاقياتهما الأمنية الثنائية للسماح للجيش المصري بتشغيل طائرات من دون طيار فوق سيناء ومنطقة رفح المحاذية لقطاع غزة، كجزء من قتالها ضد التنظيمات المسلحة.
لكن تقريرا إسرائيليا جديدا أغضب القاهرة مجددا، بنشر خبر عن قبر لجنود مصريين قتلوا حرقا خلال حرب 1967، في منطقة قرب مستوطنة نحشون بالقرب من اللطرون غربي مدينة القدس، والغريب أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعت نشر نتائج تحقيق صحفي استقصائي في السابق قبل أن توافق هي نفسها على النشر أخيرا، مما تسبب بغضب مصري رسمي كبير لأنه أحرج الدولة مع الرأي العام المصري.
في التفاصيل، تحدث التقرير الإسرائيلي عن وجود مقبرة جماعية لنحو ثمانين جنديا مصريا تعود إلى حرب عام 1967، وأكثر من عشرين منهم أُحرقوا أحياء، ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة واحدة، لم يتم وضع علامات عليها، في مخالفة لقوانين الحرب.
وقد كلفت مصر سفارتها في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية للمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية المعلومات، وإفادة السلطات المصرية بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة، مع العلم أن الاهتمام في مصر بالكشف الإسرائيلي لم يقتصر على الجانب الرسمي فقط، حيث طالبت مؤسسة “مجموعة 73 مؤرخين” الجهات المعنية في مصر بالعمل على استعادة رفات الجنود الذين تقول الوثائق الإسرائيلية أنهم دفنوا في المقبرة الجماعية، وطالبت باعتذار رسمي إسرائيلي للشعب المصري عما وصفتها بعمليات القتل الممنهج للأسرى المصريين في حروب 56 و67و73.
وقد أثار السيسي قضية المقبرة الجماعية في اتصال هاتفي مع لابيد، الذي أوعز إلى سكرتيره العسكري بفحص هذه القضية بشكل جذري، وإطلاع الجهات المصرية على المستجدات، متعهدا بأن مكتبه سيفحص تقارير عن تلك المقبرة الجماعية التي تقع وسط إسرائيل.
في الوقت ذاته، نقلت رسالة الاحتجاج المصرية إلى إسرائيل عبر أعلى المستويات، وبعد أكثر من شهرين من الأزمة تبحث إسرائيل عن سبيل لحلها، وتعتقد أن العثور على المقبرة، واستعادة جثث الجنود، سيساعد في حلها، وفي الأسابيع الأخيرة تكثفت الجهود لتحديد مكان القبر، على أمل أن يكون مفتاح الحلّ.
المصلحة المشتركة
بالتزامن مع هذا التوتر، أكد وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، وجود أزمة في العلاقات مع مصر على خلفية التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، والعدوان الأخير على قطاع غزة، لكنه استدرك زاعما أن مصلحة إسرائيل ومصر تتطلب تجاوز الأزمة الحالية بينهما، مما دفع أوساطا عسكرية وأمنية إسرائيلية للتأكيد في كل مناسبة على أن الأزمة الناشئة في العلاقات بين مصر وإسرائيل، لن تمس بالتعاون الأمني والعسكري “الوثيق” بينهما.
هناك بضع حقائق ينبغي أخذها بالحسبان عند البحث في العلاقات بين إسرائيل ومصر؛ فالتعاون العسكري بينهما لم يسبق أن كان وثيقا مثلما هو اليوم؛ كما أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تكنّ تقديرا لوزير المخابرات المصرية عباس كامل، الذي يعمل تحت الرعاية الكاملة للسيسي.
يستدرك الإسرائيليون بالقول أنه رغم هذا “التعاون الوثيق”، لكن من المهم الإيضاح أن مصر وإسرائيل ليستا صديقتين، بل شريكتين، لكل منهما مصالحها، لكن هناك مصالح مشتركة مثل محاربة التنظيمات المسلحة العاملة في سيناء، وهناك آلاف السياح الإسرائيليين هذه الأيام في سيناء دون قيود أمنية، وهناك ضخ الغاز الإسرائيلي باتجاه مصر، وفي الجهة الأخرى، وفق القراءة الإسرائيلية، يكاد لا يسمح للسياح المصريين بالوصول لإسرائيل، كما أن كل محاولات دمج التكنولوجيا العليا الإسرائيلية في الدولة المجاورة لم تجد طريقها الى الأسواق المصرية.
في الوقت ذاته، فإذا أخذنا بالحسبان عموم هذه الحقائق، فإن من الصعب أن نسمي ما يحصل الآن في علاقات السيسي مع لابيد بأنها أزمة حقيقية؛ حيث عملت مصر على خطة مرتبة لوقف إطلاق النار في غزة، لكن إسرائيل واصلت العمل ضد حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، مما اعتبرته مصر نكوصا عن التزاماتها الواردة في اتفاق وقف الحرب على غزة.
بكثير من الموضوعية، لا توجد قطيعة بين مصر وتل أبيب، وفي أقصى الأحوال توتر على مستوى متوسط، سيمر على ما يبدو بعد الإيضاح من جانب محافل إسرائيلية رفيعة المستوى للقاهرة، سواء بالنسبة لموقف تل أبيب من الجهاد الإسلامي في غزة والضفة، أو حتى في موضوع حماس.
ومن المعقول الافتراض أن المصريين سيفهمون فورا، وفق التقدير الإسرائيلي، مع العلم أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يعرفون كيفية الحفاظ على الثقة، وعدم الخروج في تصريحات متهورة، و”الامتناع عن الدوس على المحاصيل”، وفق المفردة المتداولة في السياق الإسرائيلي.
لقد حملت زيارة رئيس جهاز الشاباك الى القاهرة لترميم العلاقة معها العديد من الدلالات السياسية والأمنية، وأثبتت أنها ليست لاعبا ثانويا في السياسة الإقليمية، أولها أن زيارته علنية ومفتوحة، وثانيها مرتبطة بتوقيتها، حيث وصل رونين بار إلى القاهرة وسط توتر أمني لن يلقي بظلاله السلبية بالضرورة على العلاقات المصرية الإسرائيلية بصورة عامة.
دلالة زمنية ثالثة متعلقة بالتوقيت، فقد تزامنت زيارة بار مع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات الإسرائيلية، مما سيجعل لابيد معنياً بأن يبحث عن صورة فوتوغرافية مع السيسي تنفعه لحملته الانتخابية، بجانب دلالة رابعة مرتبطة بالتطبيع الجاري في المنطقة، وكأن مصر بعثت برسالة خفية وهي أنها تعمل مع إسرائيل لمد المزيد من جسور التطبيع مع باقي الدول العربية، شرط أن تساعدها إسرائيل أمام الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته لا تتجاوزها لحساب دول الخليج المطبّعة الجديدة.
القراءة المقابلة
اللافت إسرائيليا أن الإعلام الرسمي المصري عاد للتعاطي مع إسرائيل كـ”عدو صهيوني”، ولكن دون الحديث عن مصطلح عدم الثقة بين القاهرة وتل أبيب، وكأن الحديث يدور عن أزمة صغيرة عابرة أنتجها مصدر إسرائيلي، والقاهرة مشغولة بقضايا أخرى، لذلك فإن التنسيق الأمني توثق جدا بين القاهرة وتل أبيب، ولا يبدو أنهما بصدد التخلي عن ذلك، وأزمات صغيرة مشابهة لابد أنها ستأتي.
مع العلم أن إسرائيل لا تترك فرصة إلا وترحب بتعزيز العلاقات مع القاهرة، ولذلك سارعت في الاستجابة للعديد من المطالب، بما فيها زيادة الوجود العسكري المصري في سيناء، والحاجة الإسرائيلية بالإصرار على تطوير العلاقات الأمنية مع مصر من أجل ترسيخ الاتصال بينهما، مع العلم أن مثل هذه العلاقات الثنائية الإسرائيلية مع مصر يعتمد، من بين أمور أخرى، على التقدم في الساحة الفلسطينية، مع رؤية خاضعة للإشراف فيما يتعلق بالتسلح السريع لمصر، والتداعيات المستقبلية على أمن إسرائيل.
في الوقت ذاته، هناك الكثير من المتوقع من العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، رغم هذه الأزمة، رغم أن التعاون بينهما وصل إلى آفاق جديدة، وتقارب غير مسبوق، فيما رحبت مصر، التي وجدت صعوبة بالقضاء على أنشطة التنظيمات المسلحة في سيناء، بالتعاون مع إسرائيل، ولم تحاول إنكاره، أو إخفاءه.
يصعب في قراءة هذه الأزمة تجاوز زيارة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت إلى مصر، وهي الزيارة الأولى له إلى دولة عربية، وجاءت الدعوة منها، مع أن آخر مرة زار فيها رئيس وزراء إسرائيلي مصر تمت قبل 12 عامًا، وخلال هذه الفترة شهدت مصر ثورتين، وحكما قصير الأمد للإخوان المسلمين، ودخلت عدة دول عربية دوامة لا نهاية لها من الحروب الأهلية، مع العلم أن إسرائيل بين زيارتي نتنياهو وبينيت إلى مصر تمكنت من توقيع معاهدات تطبيع مع أربع دول في الشرق الأوسط، ورغم ما شهدته العلاقات الإسرائيلية المصرية من أزمات، لكنها ظلت صامدة رغم العواصف الإقليمية.
يعود الأمر الى ما قبل هذه الأزمة حين اندلعت ثورة يناير2011، وظهور جملة من المخاوف الإسرائيلية من تراجع العلاقة الأمنية مع القاهرة، رغم أن هذه التخوفات استقرت عند قناعة سائدة في تل أبيب مفادها أن رجال الأمن والجيش هم من سيديرون العلاقات الحساسة مع إسرائيل، ممن أدركوا أن الاتفاقيات القائمة بينهما تخدم مصالحهما الاقتصادية والجيوسياسية، مما دفعهم لإعطاء “ضوء أخضر” لتعزيز هذه الشراكة، رغم أن التعاون الأمني الوثيق مع إسرائيل عادة ما يكون مخفيا عن الأنظار، إلا في حالات فردية، كما حدث أثناء القتال المكثف ضد التنظيمات الجهادية عندما لم يكن من الممكن إخفاء العمل المشترك، ومساعدة الجيش الإسرائيلي.
ورغم أن جزءً صغيرا من المصريين يعلم بوجود تعاون أمني مع إسرائيل، فلا يزال الموقف المصري الشعبي تجاهها عدوانيا، والمسلسلات التلفزيونية تحتوي على رسائل معادية نحوها، رغم انخفاض مستوى العداء في وسائلها الإعلامية بشكل طفيف، صحيح أن إسرائيل تفضل بقاء مصر تحت المظلة الأمريكية، مما يسهل التعاون الوثيق معها، ولا تتوقع صراعا معها إطلاقا، ولا تخاف منه، ولكن على المدى الطويل لا يمكن لها تجاهل تآكل ميزتها العسكرية، لأن مصر اليوم مهمة لإسرائيل، وإسرائيل مهمة لمصر اليوم، ولو استمر السلام بينهما باردا، فمؤكد أنه من الناحية الاستراتيجية لا يقل أهمية، وربما حتى أكثر أهمية من السلام الدافئ مع الدول التي لا تقع على حدود إسرائيل، خاصة بعد اتفاقيات التطبيع مع عدد من دول الخليج.
معضلة غزة
شكلت الاعتداءات الإسرائيلية على غزة نقطة توتر دائمة في العلاقات المصرية الإسرائيلية، رغم اعتماد الأخيرة على القاهرة في تهدئة التوترات الأمنية في الجبهة الجنوبية، مع العلم أن اللقاءات التي جمعت مسئولي الجانبين كانت غزة في صدارة اهتماماتهما، لأنه بات من الواضح لهما أن الوضع في غزة متفجر، وعلى وشك تفشي جولة مواجهة جديدة، ورغم أن مصر استثمرت الكثير في جهود الوساطة بين الأطراف، وتمكنت في بعض الأحيان من تهدئة الأمور الأمنية، لكن بدا مؤخرا أن التحدي الذي تواجهه أكبر من ذي قبل، وهذا يرجع إلى تراكم الأحداث.
دأب المسئولون المصريون على العمل حتى لا يتأجج الوضع أكثر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولذلك واصلت القاهرة الترويج لصيغة جديدة لتسوية طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس، رغم أن المفاوضات مليئة بالألغام، وليس من الواضح من يستطيع، وكيف يمكن تفكيكها.
في الوقت الحالي، فإن الإنجاز الوحيد الذي يمكنه تسجيله للمصريين أن يحافظوا على وقف إطلاق النار بين غزة والاحتلال، لكن هذا أيضا يخضع بالطبع لأحداث المرحلة القادمة، مع العلم أن هذه المبادرة المصرية تعتبر فرصة لإسرائيل، لكن الثمن المطلوب هو إجراء تغيير في سياسة الأخيرة، والمحاولة المصرية للوساطة بين الطرفين تحظى بتأييد واسع من الإدارة الأمريكية، وعدم التعاون معها قد يضر جدا بإسرائيل.
رغم ذلك، فإن العدوان الأخير على غزة أكد الدور الرئيسي لمصر مؤخرا عبر وساطة بين الاحتلال والمقاومة، وأكدت أهمية العلاقات الجيدة بين تل أبيب والقاهرة، وقد عرض الكثيرون أنفسهم لشغل منصب الوسيط أثناء حرب غزة، لكن مصر فقط التي تلقت دعما أمريكيا كاملا أوفت بالمهمة، وتمكنت من إغلاق الدائرة، على الأقل في الوقت الحالي، مما قد يستدعي ويجب على الدولتين اللتين حكمتا غزة منذ 1948، وهما مصر وإسرائيل، أن تتشاركا برؤية مشتركة فيما يتعلق بحل تحدياتها المعقدة، لأن السياسة الحالية للحكومة الإسرائيلية تجاه غزة فشلت فشلا ذريعا، وتخشى مصر أنه دون حل متعمق، سيستأنف القتال قريبا، وستشعر بأصوات الانفجارات في غزة في سيناء.
في الوقت ذاته، فإن استعداد مصر للعمل الجاد لتعزيز موقعها كوسيط له أهمية في واشنطن، وهي تعلم ذلك، من أجل تأمين مصالحها، كما أن ذلك يمثل فرصة عظيمة لإسرائيل لتقوية العلاقات مع القاهرة، لأنه في السنوات الأخيرة ازدهرت العلاقات الأمنية بينهما، في حين أن حل الأزمات في غزة يتطلب تعاونا أوثق وأكثر كثافة بين إسرائيل ومصر، فضلا عن المضي قدما في القضايا الأخرى من التنسيق في أزمات أخرى، دون التورط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
صحيح ان الغضب المصري “المؤقت” للأسباب الواردة أعلاه نجم عنه توتر في العلاقات مع تل أبيب، لكن تنسيقهما الأمني الجاري لن يؤثر على مصالحهما الاستراتيجية، لأنها أكبر من أن يكون بالإمكان تجاهلها، في ظل مصالحهما المتشابكة.
أقرأ أيضا: دعم إسرائيل لحيازة مصر لطائرات إف ـ 15: دلالات وأبعاد