اقتصادتقارير

أزمة قطاع الإسمنت في مصر

تحتل مصر الترتيب رقم 14 من بين الدول المنتجة للإسمنت بحجم إنتاج يقترب من 60 مليون طن سنوياً، وطرحت الحكومة مطلع عام 2016 عدد 14 رخصة إسمنت فازت بها 3 شركات في المزايدة التي أقامتها الهيئة العامة للتنمية الصناعية، وهي شركة إسمنت المصريين في سوهاج وشركة السويدي للإسمنت في العين السخنة، وشركة جنوب الوادي للإسمنت في بني سويف.

تواجه شركات الإسمنت العاملة في مصر، صعوبات كبيرة مع تراجع الطلب والزيادة الهائلة في المعروض، الأمر الذي أثر على نتائج أعمالها، وتحول بعضها إلى الخسائر، بما يهدد استمرار نشاطها.

ووفقًا لبيانات 5 شركات إسمنت مدرجة في البورصة، فإن مبيعاتها تراجعت خلال الربع الأول من العام الجاري، بسبب زيادة المعروض وانخفاض الطلب المحلي.

وذكر تقرير حديث لوحدة الأبحاث في بنك استثمار فاروس، صدر يوم الخميس 17-5-2019، أن شركات الإسمنت تواجه ضغوطا كبيرة في ظل زيادة المعروض وانخفاض الطلب المحلي والصادرات، حيث تراجع الطلب بنسبة 9% ليسجل 12.3 مليون طن في الربع الأول من 2019، ما تسبب في تراجع أسعار المبيعات في الربع الأول بنسبة 5.3%.

وأضاف التقرير أن إجمالي إيرادات شركات الإسمنت انخفضت خلال الربع الأول من العام الجاري للشركات التي تعمل في السوق المحلي، بينما تمكنت الشركات التي تعتمد على التصدير من تحقيق استقرار لإيراداتها مقارنة بنفس الربع من العام الماضي.

وتشكو شعبة الإسمنت في اتحاد الصناعات المصرية، بصفة مستمرة، من التحديات التي تواجه الشركات بسبب ارتفاع الفائض في الإنتاج عن الطلب بنحو 33 مليون طن بنهاية العام الماضي، حيث وصل إجمالي الطاقة الإنتاجية لمصانع الإسمنت في مصر والبالغة 19 شركة بينها 18 شركة قطاع خاص، نحو 83 مليون طن العام الماضي، بحسب بيانات سابقة من الشعبة.

وتحاول هذه الورقة إلقاء الضوء علي معاناة شركات الإسمنت خلال الفترة الحالية، مع محاولة لاستقصاء آراء الخبراء حول مستقبل هذا الوضع، مع تقديم بعض الإرشادات للخروج من تلك الأزمة، وذلك من خلال النقاط التالية:

أولا: نبذة عن قطاع الإسمنت في مصر:

بدأت صناعة الإسمنت بمصر عام 1911، ودخل القطاع الخاص فيها في تسعينيات القرن الماضي، وهي واحدة من الصناعات الاستراتيجية وتعتمد عليها صناعات أخرى مثل صناعة السيراميك وغيرها من الصناعات.

يتكون قطاع الإسمنت في مصر من 19 شركة منتجة منها 18 شركة خاصة بالإضافة إلى شركة تابعة للدولة متمثلة في جهاز الخدمة الوطنية، وتملك هذه الشركات 42 خط إنتاج، وتبلغ الاستثمارات الأجنبية في صناعة الإسمنت نحو 52%.

تختلف إنتاجية كل خط إنتاج بحسب الطاقة الإنتاجية والتكنولوجيا التي يعمل بها، فهناك بعض الخطوط تصل إنتاجيتها إلى 2 مليون طن سنويا.

ولمزيد من الضوء على هذا القطاع الهام يمكن استعراض ما يلي:

أ-حجم الطاقة الإنتاجية لمصانع الإسمنت في مصر:

  • يصل إجمالي الطاقة الإنتاجية في المصانع بمصر إلى 83 مليون طن سنويا، فيما لا يزيد الاستهلاك المحلي عن 53 مليون طن سنويا، ما يعني وجود فائض في الإنتاج يبلغ 30 مليون طن تقريبا.
  • ارتفع الفائض في الإنتاج بشكل ملحوظ، مع بدء مجمع الإسمنت ببني سويف، في العمل خلال عام 2018، ففي 2016 كان فائض الإنتاج 15 مليون طن، وزاد إلى 20 مليون طن في عام 2017.

ب -حجم استثمارات صناعة الإسمنت في مصر:

  • تبلغ إجمالي استثمارات مصانع الإسمنت في مصر نحو 4.5 مليار دولار تقريبا، حيث تتراوح تكلفة خط الإنتاج الواحد ما بين 110 و150 مليون دولار.
  • بلغ متوسط استهلاك الفرد للإسمنت في مصر خلال السنوات الخمس الماضية ما بين 580 و620 كيلو جرام، ويبلغ متوسط استهلاك البلدان الفقيرة نحو 400 كيلو جرام للفرد.
  • بلغت صادرات مصر من الإسمنت عام 2016 حوالي279 ألف طن، وزادت الى 1.02 مليون طن في عام 2017، فيما بلغ 386 ألف طن بنهاية النصف الأول من العام الماضي، وحتى الآن لم يتم حصر صادرات النصف الثاني، ولكن وفي أفضل التوقعات لن يزيد حجم الصادرات خلال العام الماضي عن 800 ألف طن.
  • الإسمنت صناعة كثيفة العمالة، حيث هناك عمالة مباشرة تتراوح بين 800 عامل وألف عامل لكل 2 مليون طن أسمنت.

ثانياً: نماذج من الصعوبات التي تتعرض لها شركات الإسمنت في مصر:

يمكن استعراض بعض نماذج من الصعوبات التي تتعرض لها شركات الإسمنت في مصر وذلك كما يلي:

  1. شركة السويس للإسمنت:

كان النموذج الأبرز لمعاناة شركات الإسمنت هو شركة السويس للإسمنت، والتي أعلنت يوم الأحد 19-5-2019 عن إيقاف مصنع إسمنت بورتلاند طرة، التابع لها، مؤقتًا، نتيجة الخسائر التي يحققها، والتي بلغت في الربع الأول من العام الجاري 72 مليون جنيه.

وأعلنت الشركة في بيان للبورصة يوم الاثنين 20-5-2019، إن الطلب المحلي على الإسمنت انخفض في الربع الأول من 2019 بنسبة 8.8% مقابل نفس الفترة من العام الماضي، ليواصل الانخفاض للعام الثالث على التوالي، كما أشارت إلى أن سوق الإسمنت يشهد حاليا زيادة هائلة في العرض تتجاوز 30 مليون طن سنويا، في مقابل انخفاض الطلب، “ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات لا تغطي تكلفة الإنتاج”.

وأوضحت الشركة، أن قرار إغلاق المصنع جاء بناء على تدهور النتائج المالية لشركة إسمنت بورتلاند طره المصرية، المملوكة بنسبة 66.12% لصالح شركة السويس للإسمنت، حيث تجاوزت خسائرها قيمة حقوق المساهمين، حيث سجلت قيمة سلبية لحقوق المساهمين في 2018 بلغت 196 مليون جنيه، فيما حقق نشاط الإسمنت منفصلا خسائر بقيمة 37 مليون جنيه في 2018، و72 مليون جنيه خلال الربع الأول من العام الجاري.

وقالت الشركة إنه برغم كل الجهود التي بذلتها لخفض تكلفة الإنتاج والتشغيل، “فإن الوضع المتفاقم في السوق يجعل من نشاط الإسمنت بالشركة نشاطا محققا لخسائر نقدية بصفة مستمرة، ولا يُتوقع له أن يشهد انفراجه في المستقبل القريب”. وإنه لم يكن أمام الشركة لوقف الخسائر سوى خيارين إما التصفية أو وقف نشاط الإسمنت مؤقتا. وتصوت الجمعية العامة غير العادية لشركة إسمنت بورتلاند طره على قرار مجلس الإدارة في 10 يونيو المقبل.

ومن الجدير بالذكر أن شركة إسمنت السويس تحولت للخسارة خلال الربع الأول من العام الجاري، بقيمة 26.4 مليون جنيه، مقابل أرباح بقيمة 243.3 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي.

  • نماذج لخسائر بعض شركات الإسمنت خلال الفترة الماضية:

أظهرت نتائج أعمال معظم شركات الإسمنت العاملة في مصر خسائر أو تراجعاً في الأرباح خلال الربع الأول من العام الحالي ويمكن استعراض ذلك كما يلي:

  • شركة جنوب الوادي للإسمنت أعلنت في تقرير أرسلته للبورصة أن أرباحها في 2018 انخفضت بنسبة 54%، نتيجة انخفاض الأسعار مع زيادة المعروض، حيث

سجلت الشركة ربح بقيمة 10.18 مليون جنيه في 2018 مقابل 22.14 مليون جنيه أرباح خلال 2017، بحسب البيان.

  • بررت الشركة التراجع بأنها عانت من انخفاض شديد في هامش ربح التشغيل بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي لم يوازه ارتفاع في سعر الأسمنت، مشيرة إلى أن الأسعار انخفضت نتيجة أن المعروض أكثر من الطلب بحوالي 40%.
  • وأضافت أن رسم تنمية الموارد الخاصة بالطفلة وأسعار المواد الخام والطاقة ارتفعت بنسبة 30 إلى 40% بسبب إلغاء الدعم دون انعكاس هذه الزيادة على سعر الإسمنت وانخفاض السيولة اللازمة لمواجهة التزامات الشركة.
  • شركة مصر للإسمنت – قنا، حققت تراجعًا في أرباح الربع الأول من العام الجاري بنسبة 80.9%، حيث سجلت صافي ربح 12.05 مليون جنيه مقابل 63.1 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي.
  • شركة العربية للإسمنت، تراجع ربحها خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 96.3%، وسجلت صافي ربح بقيمة 5.97 مليون جنيه مقابل 162.01 مليون جنيه أرباح خلال نفس الفترة من العام الماضي.
  • شركة مصر بني سويف للإسمنت تراجعت أرباحها، بنسبة 76.5% خلال الربع الأول من العام، فسجلت صافي ربح بقيمة 29.53 مليون جنيه مقابل 125.9 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي.
  • شركة الإسكندرية لإسمنت بورتلاند ارتفعت خسائرها، بنسبة 123% لتسجل خسائر بقيمة 77.6 مليون جنيه مقابل خسائر بقيمة 34.8 مليون جنيه، وهو ما عزته الشركة، في بيان للبورصة، إلى انخفاض الاستهلاك وزيادة المعروض ما أثر على أحجام.
  • إسمنت سيناء عمقت خسائرها على أساس ربعي لترتفع إلى 83.1 مليون جنيه خلال الربع الثالث مقابل 71.5 مليون جنيه خسائر الربع السابق له،

ثالثا:ً توقعات الخبراء والمحللين حول مستقبل قطاع الإسمنت في مصر:

1-توقعات محللي بنك فاروس:

  • توقع محللو بنك الاستثمار فاروس في تقريرهم الربع السنوي، استمرار موجة انخفاض الأسعار في الربع الثاني من عام 2019، نتيجة ضعف الطلب في شهر رمضان، واستمرار زيادة المعروض.
  • وأضاف التقرير إنه “فيما عدا البنود الاستثنائية، وأرباح فرق العملة، والأرباح الرأسمالية، نتوقع أن القطاع سيواصل تقديم مستويات أداء سلبية، كما أن الضغط على هوامش الربح سيستمر هو الآخر”.
  • وترى فاروس، أن هناك عدة سيناريوهات يمكنها تحسين أوضاع شركات الإسمنت، وتتضمن إجراءات إصلاح القطاع، أو استعادة الطلب، أو تخارج مزيد من المنتجين من السوق.
  • –  أشار التقرير إلى أن “أي شيء آخر بخلاف ذلك سيدعو إلى استمرار حالة الضعف في السوق”.
  • –  من جانبه قال مارك أديب محلل القطاع الصناعي في فاروس للأبحاث، إن هوامش منتجي الإسمنت انخفضت خلال الربع الثالث من 2018 منتجة زيادة التكلفة بين 50-70 جنيهاً للطن بعد رفع الدعم الأخير.
  • أضاف مارك أن انخفاض متوسط أسعار البيع بنحو 2.8% عمق أيضاً من انخفاض الأرباح على أساس ربعي على الرغم من ارتفاعها على أساس سنوي.
  • وتوقع محلل فاروس أن يشهد أداء الربع الرابع تحسناً طفيفاً بفعل زيادة متوسط أسعار البيع بنسبة 9.2%، علماً بأنها حالياً تقترب من 938 جنيهاً للطن.
  • وعن ضعف الأداء، توقع أن يستمر للفترات الربعية الثلاث أو الأربع القادمة نتيجة زيادة الفجوة بين العرض والطلب.

2-توقعات محللي بلتون:

  • في تقرير القطاع الصناعي الصادر عن شركة بلتون أكد أن شركات قطاع الإسمنت تعاني من نظرة سلبية خلال الفترة الحالية، متوقعاً استمرار تراجع أرباح الشركات خلال الربع الرابع من 2018.
  • أرجع التقرير تراجع أرباح شركات القطاع إلى ارتفاع التكاليف بسبب زيادة أسعار الكهرباء بنحو 40%، والوقود بما يتراوح بين 40-50% في منتصف العام الجاري، كما أن زيادة أسعار الكهرباء والديزل زادت التكاليف بما يتراوح بين 50 -60 جنيهاً للطن الواحد.
  • كما أشار إلى أن الشركات لم تتمكن من تمرير تلك الزيادة على الأسعار بسبب الفجوة بين العرض والطلب والتي تصل 15 مليون طن، وذلك قبل دخول مصنع العريش بنحو 12 ألف طن.
  • ولفت كذلك إلى أن طرح صغار المنتجين الإنتاج بأسعار قليلة يزيد من أزمة القطاع، فضلاً عن دخول مصنع العريش والذي أدى إلى زيادة الإنتاج وزيادة الفجوة بين المعروض والمطلوب، بالإضافة إلى الركود الذي يعانيه القطاع العقاري.
  • وتوقع التقرير إلى أن تأثير الأزمة قد يمتد إلى الربع الأول من عام 2019.

رابعاً: أسباب الأزمة:

1-الأسباب الداخلية:

أرجع محللو القطاع الصناعي ومواد البناء في شركات الأبحاث، الأزمة إلى ثلاثة أسباب تتعلق بالسوق الداخلي والأوضاع الاقتصادية المصرية؛ وتتمثل هذه الأسباب في زيادة الفجوة بين العرض والطلب على الإسمنت، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف بعد زيادة أسعار الكهرباء والديزل، وأخيراً الضغط الذي تمارسه الشركات الصغيرة بخفض الأسعار للحصول على حصة سوقية.

2-الأسباب الخارجية:

بالإضافة إلى الأسباب الداخلية السابق ذكرها، فإنه يوجد العديد من الأسباب الخارجية التي تؤثر سلباً على قطاع الإسمنت في مصر، وفيما يلي محاولة لذكر بعض تلك الأسباب:

  • فوائض الدول المنافسة بالمنطقة: توجد عدة دول بالمنطقة لديها هي الأخرى فائض في الإنتاج تعمل على تصديره مثل السعودية التي لديها فائض سنوي يبلغ 26.6 مليون طن، واليونان وإسبانيا وتركيا، ولكن أسعار الإسمنت المصري غير تنافسية مقارنة بأسعار هذه الدول، ولذلك يصعب تصديره.
  • صعوبة التصدير لأفريقيا: وذلك بسبب عدم وجود منظومة نقل نهري يمكن استغلالها في التصدير لهذه الأسواق، وكذلك توقف الدولة عن دفع حوافز للمصدرين إلى أفريقيا.
  • كان من المفترض أن تحصل أي شركة تصدر لأفريقيا على دعم في صورة 50% من تكلفة الشحن للدولة الأفريقية، مما يساعد على تخفيض أسعار الإسمنت المُصدر ويجعله أكثر تنافسية، ولكن الدولة توقفت منذ 3 سنوات عن صرف هذا الحافز.
  • ارتفاع سعر الإسمنت: يعد سعر الإسمنت المصري أغلى من نظيره في الدول المنافسة، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج في مصر، ويرجع ذلك لعدة أسباب:
  • ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 40% تقريبا في يونيو الماضي، وهو ما ساهم في رفع تكلفة إنتاج الإسمنت وخاصة أن الطاقة تمثل ما بين 50 و65% من تكلفة إنتاج شيكارة الإسمنت.
  • فرض ضريبة على الطفلة المستخدمة في تصنيع الإسمنت تسببت في رفع أسعارها بنسبة 35%، وكذلك تم فرض ضريبة عقارية على المصانع.
  • ارتفاع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 14% خلال السنوات الأخيرة، وزيادة رسوم الطرق، وكذلك ارتفعت أسعار الفحم بنسبة 200% بسبب تحرير سعر الجنيه أمام الدولار وبسبب ارتفاع سعره بالسوق العالمي.
  • كبدت عملية تحول كل مصانع الإسمنت في مصر للاعتماد على الفحم الشركات المزيد من التكلفة، حيث بلغت تكلفة تحويل كل خط إنتاج للعمل بالفحم ما بين 10 و15 مليون دولار.
  • وكنتيجة للأسباب السابقة، ارتفعت تكاليف إنتاج الإسمنت بشكل كبير، وفي ظل ارتفاع مرونة الطلب لم يتمكن المصنعون من تمرير هذه الزيادة للسوق المحلي، بالإضافة إلى صعوبة تخزين الإسمنت، كل تلك الزيادات أسهمت في عدم وجود فرص تصديرية للإسمنت المصري.

خامساً: أبرز الحلول المقترحة للخروج من الأزمة:

نوهت شعبة الإسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، على ضرورة تعاون الحكومة لوضع حلول للخروج من أزمة الخسائر التي تلاحق مُصنعي الإسمنت، والتي قد تؤدي إلى إعلان بعض الشركات إفلاسها إذا لم تتدخل الدولة بشكل جاد لإنقاذ الصناعة، كما قد تتحول الأزمة إلى فزاعة لطرد الاستثمار الأجنبي الذي وصلت نسبته إلى 52% من حجم استثمارات صناعة الإسمنت في مصر.

كما نوهت إلى أن الشركات قامت بكل ما تستطيع للخروج من هذه الأزمة، فالبعض منهم لجأ لبيع بعض الأراضي التابعة لهم، بسبب صعوبة الاقتراض، نظرا لكون الصناعة تمر بمشاكل يترتب عليها رفض قطاعات الائتمان في البنوك تمويل هذه المصانع، فضلا عن ارتفاع فوائد الاقتراض.

وقامت مصانع أخري باستخدام النفايات كوقود لأفران المصنع لتقليل تكاليف التشغيل، وهناك أبحاث تجريها هذه المصانع لزيادة الاعتماد على الطاقة البديلة، وهناك بعض المصانع التي قامت بوقف خطوط إنتاج لتقليل التكلفة وتسريح بعض العمالة.

واقترح الخبراء العديد من النقاط التي تدعم خروج القطاع من أزمته الحالية ومنها:

  • أشارت بعض بنوك الاستثمار إلى حتمية استحواذ كبريات الشركات على الشركات التي تعاني من الخسائر، وخروج الشركات الصغيرة من القطاع، مما يقلل الفجوة وحتى تتمكن كبرى الشركات من التحكم في الأسعار وترجمتها وفقاً للتكلفة.
  • دعم المصانع التي تعتمد على الطاقة البديلة لتحفيزها على التوسع في الاعتماد عليها، حتى تقوم بعض مصانع الإسمنت بالاعتماد على النفايات في تشغيل الأفران في مرحلة معينة من الإنتاج ما يساعد الدولة في التخلص من المخلفات ويسهم في تخفيض تكاليف تشغيل المصنع.
  • -إعادة النظر في ضريبة الطفلة التي تدخل في الإنتاج.
  • –  صرف حافز التصدير لأفريقيا المحدد بـ 50% من تكاليف النقل، بصورة نقدية أو على هيئة مقاصة مستحقات الدولة لدى المُصنعين سواء أكانت مستحقات ضريبية أو تكاليف استخدام كهرباء.
  • –  محاولة فتح أسواق جديدة للتصدير، وغيرها.
  • بناء شبكة نقل نهري لتسهيل التصدير لأفريقيا، وهذا سيكون له نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والسياسي.

وأخيراً يمكن القول إن قطاع الإسمنت في مصر يعاني من العديد من المشاكل على رأسها تخمة العرض بعد دخول مصنع الجيش الجديد إلى الإنتاج، وكذلك فرض المزيد من الضرائب، ورفع أسعار الطاقة، وعدم القدرة على اقتحام أسواق تصديرية جديدة، لا سيما الأسواق الأفريقية.

وبذلك يمكن استنتاج أن معظم مشاكل القطاع ذات صلة وثيقة إما بالتصرفات غير المدروسة للدولة والتي أضافت إلى تخمة العرض زيادات جديدة، أو بتقاعس الدولة عن القيام بمسئولياتها في القيام بالدراسات الكافية قبل فرض أي نوع جديد من الضرائب، أو بتقاعسها كذلك في البحث عن أسواق جديدة.

وبذلك يمكن القول إنه إذا لم يحدث تحرك جاد من الدولة في التعاون مع المُصنعين للخروج من هذه الأزمة، قد نرى شركات تعلن إفلاسها خلال العام الجاري، وإنه إذا لم يتم العمل على الخروج من الأزمة الراهنة ستتحول التجربة لفزاعة للمستثمرين خوفا من أن يحدث لهم ما حدث لمُصنعي الإسمنت *


* الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى