دراسات

أسلمة الدولة الحديثة ـ الإخوان نموذجاً

 

تمهيد

بالرغم من أن الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، يعتقد أنه لا يوجد نظام سياسي إسلامي محدد، إلا أنه يؤكد أن الدولة هي ضرورة أساسية في أي نظام إسلامي، لأنه لا يوجد في الإسلام فصل بين الدين والدولة، وقد حدد البنا لهذه للدولة الإسلامية أربع صفات عامة: أن القرآن يجب أن يعد دستورها الأساسي، الذي تستقى منه كل التشريعات، والمصادر الثانية للتشريع تشمل السنة النبوية وممارسات الخلفاء الراشدين، وأن الحكومة لا يجوز أن تكون أتوقراطية (استبدادية)، لأنها يجب أن تعمل وفق مبدأ الشورى، كما ورد في القرآن الكريم “وأمرهم شورى بينهم” (سورة الشورى: آية 38)، وأن الحكام لا يتمتعون بسلطة مطلقة، بل هي مقيدة بأحكام الشريعة وبإرادة الأمة كما يعبر عنها قادتهم والعلماء منهم (أهل الحل والعقد)، وأنه لا يوجد نمط محدد وثابت للدولة الإسلامية، بل من الممكن أن تتواجد أنماط مختلفة ما دام لها نفس الجوهر.1

وهكذا يظهر نموذج البنا للدولة الإسلامية ميلا ديمقراطيا، فكما ذكر في رسالة “نظام الحكم” أن أحد دعائم الحكم الإسلامي هو مسؤولية الحاكم وحق الأمة في مراقبته بدقة، وأنه على الحاكم أن يستشير الأمة ويحترم إرادتها، بل وقد رأى البنا أن النظام البرلماني هو النظام الأكثر ملاءمة لتطبيق مبدأ الشورى الإسلامي،2 ولكن، على جانب آخر، يرى بعض الباحثين أن البنا لم يكن بحق من أنصار الديمقراطية كما يظهر، فبالرغم من موقفه الإيجابي من المبادئ الدستورية والنظام البرلماني، إلا أن موقفه كان سلبيا من التعددية الحزبية،3 والتي تعد صفة لازمة للنظم البرلمانية، بل واعتبرها معادية لروح الوحدة التي حض عليها القرآن الكريم،4 وأيضا فإن مفهوم البنا للتمثيل النيابي يختلف عن المفهوم الديمقراطي الغربي التقليدي، بل هو يعود إلى المصطلح التقليدي لأهل الحل والعقد، والذين – كما وصفهم – يشتملون على أنماط ثلاثة: العلماء، والتكنوقراط، وكل من كان له دورا قياديا في المجتمع من رؤوس العائلات وشيوخ القبائل.5

وعلى الرغم من ذلك، فإن المزاج الديمقراطي في فكر الإخوان المسلمين قد نضج لاحقا على يد مجموعة تالية من مفكري الحركة والمنظرين لها مثل الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ راشد الغنوشي، والذين انتقدوا بعنف النظرية السلطوية للدولة الإسلامية، فالغنوشي – على سبيل المثال – يقول: “يشعر المرء بنوع من القرف من استمرار هذا العفن قائما في تراثنا الديني، وفكرنا السياسي، إذ يضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوضت حضارة الإسلام، وأسلمتنا إلى الانحطاط” في إشارة إلى الأفكار التي تنص على أن “المسلمين أجمعوا على صحة الاستخلاف أو التوريث أو الإمام الوصي”، وأن الشورى للاستئناس، “وبحسب فهمه السقيم معلمة وليست ملزمة”، أو أن رئيس الدولة في النظام الإسلامي هو الدولة.6

أولاً: الأسس العامة للنظرية الديمقراطية للدولة الإسلامية:

تتمثل الأسس العامة للنظرية الديمقراطية للدولة الإسلامية في المبادئ الآتية:

1ـ أن الأمة هي “الخليفة الحقيقي لله”، والتي لها السلطة العليا والمنوط بها تعريف وتطبيق الشريعة،7 لأنه في اجتهاد “الأمة المهتدية بهدي الله، تقتبس من نوره … عصمة من الضلال الجماعي”8، وأن صيغة الحكم الإسلامي هي “الله-الأمة-الحاكم” وليست “الله-الحاكم-الأمة”.9

2ـ أن الشورى ملزمة للحاكم، وليست معلمة، فهذه المدرسة ترى “أن أول ما أصاب الأمة الإسلامية في تاريخها هو التفريط في قاعدة الشورى، وتحول الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض سماه بعض الصحابة كسروية أو قيصرية، أي أن عدوى الاستبداد الإمبراطوري انتقلت إلى المسلمين من الممالك التي أورثهم الله إياها”، وكما أشار الشيخ القرضاوي “أن الشورى لا معنى لها إذا كان الحاكم يستشير ثم يفعل ما يحلو له، وما تزينه له بطانته، ضاربا برأي أهل الشورى عرض الحائط، وكيف يسمى هؤلاء أهل الحل والعقد كما عرفوا في تراثنا، وهم في الواقع لا يحلون ولا يعقدون؟!”. وبالرغم من إقراره بوجود خلاف فقهي حول إلزامية الشورى، فإنه يرى “إن ما أصاب أمتنا – ولا يزال يصيبها إلى اليوم – من جراء الاستبداد، يؤيد الرأي القائل بإلزامية الشورى”10.

3ـ في توافق مع الأفكار السياسية لحسن البنا، يرى الإسلامويون الديمقراطيون أن الديمقراطية آداة مناسبة لتطبيق مبدأ الشورى الإسلامي، فعلى سبيل المثال، يعتقد الغنوشي في ملاءمة الإسلام والديمقراطية، ويتبنى نموذجا ديمقراطيا إسلاميا، يتآلف من قيم النظام الإسلامي وميثاقه الأخلاقي من جهة، والآليات الديمقراطية الغربية من جهة أخرى، إيمانا بأن الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية، بل يشاركها بعض الخصائص، بما يتيح تبادل التعايش المشترك وتبادل المزايا بينهما.11 وهذا النموذج وفقا للغنوشي، لا يحل فقط مشكلة الاستبداد في العالم الإسلامي، بل ويحل أيضا المشكلة الأساسية للديمقراطية الليبرالية، وهي فلسفتها المادية، فغياب القيم المتجاوزة والدور الذي يلعبه المال والإعلام حوّل الديمقراطية من حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب إلى حكم الشعب بالأثرياء وذوي السلطة لصالح الأثرياء وذوي السلطة.12

ويفرق الإسلامويون الديمقراطيون بين الديمقراطية كمنظومة فلسفية والديمقراطية كمجموعة من الممارسات والإجراءات (الانتخابات، الاستفتاءات، التعددية الحزبية، …) والتي تمكن الشعوب عمليا من ممارسة حقهم في اختيار من يحكمهم، وألا يفرض عليهم حاكما أو نظاما يكرهونه، وأن يكون لهم حق محاسبة الحاكم إذا أخطأ، وعزله إذا انحرف، وألا يساق الناس رغم أنوفهم إلى اتجاهات ومناهج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وإذا عارضوها تم التنكيل بهم.13

لذلك فهم يرفضون بشدة الآراء والفتاوى الدينية التي تدين الديمقراطية وتتهمها بأنها بدعة وتقليد للغرب، فحكم الشعب ليس مضادا لحكم الله، بل لحكم الفرد،14 ويرد الغنوشي بالإشارة إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها”، وإلى قول الفقهاء “أينما وجد العدل والمصلحة، فثم شرع الله”.15 وبالتالي يؤمن الغنوشي أن النظام الديمقراطي كما عمل في إطار القيم المسيحية وأنتج الديمقراطية المسيحية، وكما عمل في إطار الفلسفة الاشتراكية فأنتج الاشتراكية الديمقراطية، يمكنه أن يعمل بذات المنطق في إطار القيم الإسلامية فينتج ديمقراطية إسلامية.16

وبالمحصلة، فإن النظرية الديمقراطية للدولة الإسلامية تعبر عن نسخة إسلامية من نمط الهيمنة القانونية الذي نص عليه ماكس فيبر، فهي تقبل فقط الأساس القانوني للشرعية السياسية، المرتكزة على البيعة الحرة للأمة، وترفض النمطين “المنحرفين” الآخرين: الاستخلاف الوراثي، والتغلب بالقوة، وطبقا لهذه النظرة، فإن العلاقة بين الحاكم والأمة تعاقدية، وبموجب هذا التعاقد، يكون الحاكم نائبا عن الأمة ويلتزم بتطبيق الشرع، وفي المقابل تلتزم الأمة له بالطاعة.17 إضافة إلى ذلك، فإن الأمة لديها الحق في محاسبة الحاكم وعزله إذا أخل ببنود هذا التعاقد،18 بعبارة أخرى، فإن طاعة الأمة للحاكم ترتكز على قناعتها بقانونية القواعد المُشرّعة وبحق أولئك الذين في السلطة في إصدار هذه القواعد، وهو ما وصف به ماكس فيبر الهيمنة القانونية.19

ثانياً: الإسلامويون الديمقراطيون والمواطنة

يتبنى الإسلامويون الديمقراطيون المفهوم الحديث للمواطنة، فهم يعتقدون أن الأمة في الدولة الإسلامية هي مصدر السلطات وهي المالكة للسيادة العليا بخصوص أمور الحكم، ويضيف الغنوشي أن هناك حزمة من الحريات السياسية التي يجب ضمانها لمواطني الدولة الإسلامية، مثل الحق في المشاركة في الحكم، الحق في الاجتماع وتكوين الروابط، والحق في تداول المعلومات .. إلى غير ذلك.20

حتى بالنسبة لغير المسلمين يشير الغنوشي إلى الآية القرآنية “لا إكراه في الدين” (سورة البقرة: 256)، وإلى الحديث النبوي “الناس ساسية كأسنان المشط” كقواعد ذهبية تُستقى منها حقوق الأقليات الغير مسلمة في الدولة الإسلامية،21 إلا أنه وصف مواطنة غير المسلمين في الدولة الإسلامية بأنها نمط خاص من المواطنة، لا يجوز فيها لغير المسلمين أن يتولوا بعض المناصب الحساسة مثل الولاية العامة، لكنه يذكر أن هذه الاستثناءات محدودة جدا بحيث لا تخرق القاعدة العامة للمساواة في الدولة الإسلامية.22

ثالثاً: الإسلامويون الديمقراطيون وتوزيع السلطة:

بخصوص هيكل وتوزيع السلطة في النظرية الديمقراطية للدولة الإسلامية، فإن الإسلاميين الديمقراطيين يتبنون مبدأ الفصل بين السلطات، وذلك كنتيجة لتعقد المجتمعات الحديثة من جهة، وكأحد العلاجات الناجعة للاستبداد السياسي من جهة أخرى.23 وبالرغم من أن بعض الأكاديميين مثل محمد أسد وعبد الرزاق السنهوري قد أكدوا على الطبيعة المركزية للسلطة السياسية في الدولة الإسلامية كما كانت في عهد الخلفاء الراشدين وعهد النبي صلى الله عليه وسلم،24 وبالرغم من أن العديد من الأحاديث النبوية ترسم للإمامة صورة لسلطة مشخصنة وشديدة المركزية،25 إلا أن داعمي مبدأ الفصل بين السلطات في نموذج الدولة الإسلامية يرون أن هذه السوابق التاريخية غير ملزمة، وأن مصلحة الأمة تقتضي مثل هذا الفصل لمنع تركز السلطة الذي يفضي إلى الاستبداد.26

ومن جهة أخرى، فإن هناك من الأكاديميين يؤمنون أن الدولة الإسلامية التقليدية كانت النموذج الأول لتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات، وذلك بإعطاء العلماء المسلمين حصريا حق التشريع بدون أي تدخل من الإمام.27 ويشير توفيق الشاوي أن هناك فصلا عضويا في الدولة الإسلامية بين التمثيل السياسي للأمة عن طريق أهل الحل والعقد، والذين يخولون مهام اختيار الحاكم ومراقبته، وبين التمثيل الديني للأمة عن طريق العلماء والفقهاء، والذين يتولون مسؤولية التشريع، وهذا الفصل العضوي هو ضمانة أساسية لمنع الاستبداد وإساءة استخدام السلطة التشريعية من قبل التنفيذيين.28

رابعاً: سيد قطب والدولة الإسلامية

بخصوص النسخة القطبية من أيديولوجيا الإخوان المسلمين، فلديها منظور مختلف تماما للدولة الإسلامية، فعبد الإله بلقزيز يشير إلى أنه في مقاربة الاتجاه القطبي لموضوع الدولة الإسلامية لن نقرأ أي حديث عن الدعوة للحكم الدستوري أو أن الأمة مصدر السلطة السياسية أو العلاقة بين الشريعة والديمقراطية أو فكرة التمثيل النيابي أو نحو ذلك، بل في المقابل، سنجد الحديث عن الكفر والإيمان، الحاكمية والجاهلية، مفاصلة المجتمع والثورة، وما إلى ذلك.29

وتبدو رؤية سيد قطب للدولة الإسلامية محيرة وغامضة، فهو يعترف أنه غير مشغول بتفاصيل ما هو النظام الإسلامي، بل ويعتبر السؤال عن تفاصيل النظام الإسلامي الذي يدعو إليه، من قبيل الإحراج الذي تضغط به الجاهلية على أعصاب الدعاة المخلصين، ومن قبيل محاولاتها دفعهم لتعجل الخطوات، والتي يجب أن تركز الآن على خطوة دعوة هؤلاء إلى التسليم لحاكمية الله، مشيرا إلى أنه ليس ما ينقصنا الآن هو الاجتهاد والبحوث الفقهية على الأصول الحديثة، وأن النظرية تتبلور أثناء الحركة، وأن ملامح النظام تتحدد أثناء الممارسة، داعيا أصحاب الدعوة ألا يستجيبوا لهذه المناورة، وألا يستخفنهم الذين لا يوقنون30.

وبشكل عام، فإن مفهوم الدولة الإسلامية عند سيد قطب يعتريه بعض التناقضات، فعلى سبيل المثال، نرى سيد قطب يدعم الرؤية التعاقدية للحكم في الإسلام، فهو يرى أن الحكم الإسلامي يعتمد على التزام الحاكم بالعدل، والتزام الأمة له بالطاعة في المقابل، والشورى بين كلا الطرفين، ويؤكد على حقيقة أن الحاكم في الإسلام ليس له أي مزية أوامتياز خاص يفضله عن باقي الأمة، وأنه يجب أن ينصب من قبل الأمة وأن يطاع فقط مادام ملتزما بتطبيق الشريعة. 31 لكنه، على جانب آخر، يهاجم بعنف النظام الديمقراطي، ويرفض بشدة الزعم بأن الشورى في الإسلام مرادفة للحكم البرلماني أو لأي نمط آخر من أنماط الديمقراطية، لأنه يرى أن الشورى هو نظام مستمد من الوحي الإلهي، وتستند إلى مرجعية الحاكمية، والتي تعني أن السيادة المطلقة لله وحده، أما الديمقراطية العلمانية، فترتكز على أن السيادة المطلقة للشعب، وهو ما يعد افتئاتا على حق من حقوق الله عز وجل.32

وعلى الرغم من ذلك، فإن سيد قطب لا يدعو إلى دولة دينية خالصة تستمد شرعيتها من الله وحده كما يزعم عبدالإله بلقزيز،33 فسيد قطب ينص على أن رأس الدولة الإسلامية لا يستمد شرعيته من سلطة دينية مستمدة من السماء بشكل مباشر، ولا يمكنه تسويغ حقه لممارسة السلطة إلا بناء على البيعة الحرة من الأمة،34 لذا، فإنه يبدو أن سيد قطب يتبنى مفهوما مختلطا للسيادة، فهو يؤمن بالأساس الدستوري والشوري للحكم الإسلامي، ولكن تحت سيادة إلهية دينية، وهو المصطلح الذي أسماه المودودي بـ”الديمقراطية الثيوقراطية”.35

وطبقا لسيد خطاب، فإن قطب يميز بين مفهومين: مصدر السلطة وممارسة السلطة، فمصدر السلطة كما يراه سيد قطب لا يعود إلى الأمة المسلمة أو ينتج عن الانتخاب أو البيعة، بل مصدر السلطة ينبع من الالتزام بتطبيق الشرع، أما ممارسة السلطة فهي التي يجب أن ترتكز على الشورى،36 وبالتالي فإن نظام الحكم الإسلامي عند سيد قطب ليس ثيوقراطيا أو أوتوقراطيا، بل هو في موقع ما بين الديمقراطية والثيوقراطية.

لكن هذا التصور يثير سؤالا آخر حول العلاقة بين الإلهي والبشري في الدولة الإسلامية، وهو ما يعد مثالا آخر للتناقض في نظرية سيد قطب، فمن جهة يؤكد سيد قطب – كمنظّر راديكالي – على الطبيعة الفريدة والمقدسة والغير قابلة للتغيير للنظام الإسلامي، فالشريعة الإسلامية لم تنشأ وتتطور تدريجيا بتطور المجتمع المسلم، بل لقد نشأت من البداية بشكلها الكامل والمستقر لأنها تمثل الوحي الإلهي، ولهذا فهي لم تُؤسس من قبل المجتمع المسلم، بل حقيقة هي المؤسسة له، ففي ظلال الشريعة الإسلامية تطور المجتمع المسلم في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها من الخصائص التي تميز أنماط وهوية المجتمعات، وهذا هو السبب في أن نظام الحكم الإسلامي لا يمكن أن يتواجد مع أي نظام حكم آخر من مصدر بشري.37

لكن في مواضع أخرى، نرى سيد قطب يقر بأن الشريعة تتمثل في مبادئ كلية وأحكام عامة، وأنها تعبر عن إطار عام يسمح باستيعاب التغيرات والتطورات المستمرة في حياة البشر، وبالتالي يصير واجبا على المسلمين في كل حقبة أن يعيدوا تعريف وفهم وتطبيق الشريعة الإسلامية وفق حاجاتهم الخاصة38.

خلاصة

وفق هذه الرؤية، فإن الشريعة الإسلامية ليست ذلك النظام الثابت، المفصّل، المعد للتطبيق المباشر، والذي يعد إلهيا بكليته، بحيث لا يتجاوز دور البشر فيه مجرد التطبيق الفوري والمباشر، وهو ما كان يُفهم من الرؤية الجذرية السابقة. وبالتالي تتمثل إشكالية هذه الرؤية الراديكالية الأولى في أنها تعزو مهمة تحويل المبادئ الكلية والأحكام العامة للشريعة إلى قواعد وسياسات تفصيلية إلى الله دون إشارة إلى أي دور بشري في ذلك، وهو ما ينتج عنه تلقائيا إضفاء القداسة على الاجتهاد البشري في تفسير الشريعة، وترك فراغ يمكن أن يستغله أحد الأطراف للحديث باسم الله (39).

————————-

الهامش

(1) Salem, Bitter legacy, 121.

(2) البنا، مجموع الرسائل، ص: 233-239.

(3) Belkeziz, The state in contemporary Islamic thought, 128.

(4) Soage, “Hasan al-Banna And Sayyid Qutb: Continuity or Rupture?”, 301.

(5) Ibid.,301-302.

(6) راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية ج1، دار الشروق، القاهرة،2012، ص: 246-247.

(7) Azzam Tamimi, Rachid Ghannoushi: A Democrat within Islamism (London: Oxford University Press, 2001),100.

(8) الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية ج1، ص: 183

(9) المصدر السابق، ص: 256.

(10) يوسف القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، دار دار الشروق، القاهرة،2001، ط3، ص: 144-146.

(11) Azzam Tamimi, “Islam and Democracy from Tahtawi to Ghannouchi”, Theory, Culture & Society 24, 2 (2007): 54.

(12) المصدر السابق.

(13) يوسف القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، ص:132.

(14) المصدر السابق.

(15) الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية ج1، 133

(16) Tamimi, Rachid Ghannoushi: A Democrat within Islamism, 104.

(17) Ibid.,217.

(18) القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، 136.

(19) Pierson, The modern state, 18.

(20) Tamimi, Rachid Ghannoushi: A Democrat within Islamism, 79-80.

(21) Ibid., 76.

(22) راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية ج2، دار الشروق، القاهرة،2012، ص:145.

(23) المرجع السابق، 57.

(24) Asad, The principles of the state and government in Islam,52-58.

السنهوري، فقه الخلافة وتطورها لتصبح عصبة أمم شرقية، ص: 159، 175-189.

(25) الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية ج2، ص: 59.

(26) المصدر السابق، ص:56-57.

(27) القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، 39.

(28) الشاوي، فقه الشورى والاستشارة، 433-433

(29) Belkeziz, The state in contemporary Islamic thought, 199-200.

(30) قطب، معالم في الطريق، 44-45.

(31) Soage, “Hasan al-Banna And Sayyid Qutb: Continuity or Rupture?”, 302.

(32) Khatab, “Hakimiyyah and Jahiliyyah in the Thought of Sayyid Qutb”, 159-160.

(33) Belkeziz, The state in contemporary Islamic thought, 210.

(34) Khatab, “Hakimiyyah and Jahiliyyah in the Thought of Sayyid Qutb”, 161.

(35)زكريا، الدولة والشريعة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر،263.

(36) Khatab, “Hakimiyyah and Jahiliyyah in the Thought of Sayyid Qutb”, 161, 165.

(37) Ibid., 160.

(38) قطب، نحو مجتمع إسلامي، 39-41

(39) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

د. محمد عفان

باحث دكتوراة في العلوم السياسية، معهد الدراسات العربية والإسلامية، جامعة إكستر، المملكة المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى