fbpx
اقتصادترجمات

إيه بي سي: الاقتصاد المصري يندفع نحو حافة الهاوية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت شبكة إيه بي سي نيوز الأسترالية في 25 سبتمبر تقريراً بعنوان: “الاقتصاد المصري يندفع نحو حافة الهاوية، حيث يعيش ثلث السكان في الفقر”، حيث يشير التقرير إلى أن احتياطي مصر من العملات الأجنبية اللازمة لشراء الضروريات مثل الحبوب والوقود على وشك النفاد، مما دفع الحكومة إلى التشديد على الواردات؛ كما ألقى ذلك بظلاله أيضاً على القدرة على التصدير، لنقص المستلزمات التي تأتي في الأساس من الخارج. وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي المتردي، يعيش ما يقرب من ثلث المصريين تحت خط الفقر، بينما يكابد ملايين آخرون ظروفا معيشية سيئة، حيث جعلت المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد الحياة بالنسبة لهم أصعب بكثير عما كان من قبل. حيث جاء التقرير على النحو التالي:

يتناقص باضطراد رصيد العملات الأجنبية اللازمة لشراء الضروريات مثل الحبوب والوقود في مصر، ذلك البلد الذي يربو عدد سكانه عن 103 مليون نسمة.

وبهدف الحفاظ على ما تبقى في البلاد من الدولار الأمريكي، اتجهت الحكومة إلى تشديد الإجراءات المرتبطة بالاستيراد، مما يعني تقليل الواردات من السيارات الجديدة وفساتين الصيف.

وبالنسبة لما يقرب من ثلث المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وملايين آخرين يكابدون ظروفاً معيشية سيئة، فإن المشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد تعني لهم أن الحياة قد أصبحت أصعب بكثير من مجرد التسوق في غير الموسم (سلع الشتاء في الصيف، وسلع الصيف في الشتاء) – فهم الآن يعانون من تناقص كميات الطعام على موائدهم.

فبعد عِقد من الاحتجاجات الدامية والاضطرابات السياسية التي هزت كيان أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان، لا يزال الاقتصاد يترنح، خاصة بعد تلقيه ضربات جديدة.

تقول فاطمة، وهي عاملة نظافة في القاهرة وتبلغ من العمر 32 عاماً، إن عائلتها توقفت عن شراء اللحوم الحمراء منذ خمسة أشهر. حيث أصبح الدجاج أيضاً ضرباً من الرفاهية. فهم يقترضون من الأقارب من أجل تغطية نفقاتهم.

وقالت فاطمة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها إلا بالاسم الأول فقط، خوفا من تعرضها للانتقام من السلطات: “إذا استمرت الأسعار في الارتفاع على هذا النحو، فسوف تسقط البلاد ولن تكون آمنة بعد الآن”.

فهي قلقة من عواقب ذلك من زيادة نسبة الجريمة والسرقة “لأن الناس لن يكون لديهم ما يكفي من المال لإطعام أنفسهم”.

فعلى مدى عقود، اعتمد معظم المصريين على تدخل الحكومة للحفاظ على أسعار السلع الأساسية لتكون في متناول الجميع، لكن هذا العقد الاجتماعي مهدد الآن لأن تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا يجعل البلاد تكابد من أجل دفع ثمن واردات الحبوب لتوفير الخبز المدعوم من الدولة.

كما أنها تتصارع أيضاُ مع ارتفاع أسعار المستهلكين في ظل انخفاض قيمة العملة. ولذلك، فقد أثار التهديد بفقدان الأمن الغذائي في أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم، والتي يأتي 80% من وارداتها منه من منطقة البحر الأسود التي مزقتها الحرب الروسية-الأوكرانية، مخاوف من وقوعها في براثن عدم الاستقرار.

قال تيموثي كالداس، الخبير الاقتصادي في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، “فيما يتعلق بالعقد غير المكتوب (بين النظام والشعب) والذي مفاده “الخبز مقابل الحرية”، فقد تم انتهاك هذا العقد منذ فترة طويلة”.

وقفز معدل التضخم السنوي إلى 15.3% في شهر أغسطس، مقارنة بما يزيد قليلاً عن 6% في الشهر نفسه من العام الماضي. وقد سجل الجنيه المصري مؤخراً مستوى قياسياً من الانخفاض مقابل ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، حيث تم بيعه عند 19.5 جنيهاً مقابل دولار أمريكي واحد.

وأدى ذلك إلى اتساع العجز التجاري وزيادة عجز الميزانية، مع انخفاض الاحتياطيات الأجنبية اللازمة لشراء الحبوب والوقود بنحو 10% في شهر مارس، بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ودفع المستثمرين إلى سحب مليارات الدولارات من مصر.

ومع الأخذ في الاعتبار أنه لا يتوفر لمصر إلا النذر القليل من الخيارات للتعامل مع تلك الفجوة في مواردها المالية، فكما كان الحال في الأزمات السابقة التي تعرضت لها، فقد تحولت الحكومة إلى حلفائها من دول الخليج العربي وإلى صندوق النقد الدولي من أجل إنقاذها من هذا الوضع.

فمن شأن قرض جديد قد تحصل عليه من صندوق النقد الدولي أن يدعم الاحتياطيات الأجنبية الآخذة في التضاؤل في مصر، والتي هبطت إلى 33 مليار دولار فقط من 41 مليار دولار كانت عليه في شهر فبراير.

ومع ذلك، فإن مثل هذا القرض الجديد سيفاقم من الدين الخارجي المتضخم أصلاً لمصر، والذي قفز من 37 مليار دولار في عام 2010 – قبل ثورات الربيع العربي – إلى 158 مليار دولار اعتباراً من مارس الماضي، وفقاً لأرقام البنك المركزي المصري نفسه.

ويلقي قادة البلاد باللائمة في هذه التحديات على جائحة كورونا، الذي أضر بصناعة السياحة الحيوية في البلاد، من جانب؛ وصدمات الأسعار التي أحدثتها الحرب المشتعلة في أوكرانيا، من جانب آخر. وليس هذا فقط، فقط ألقوا باللائمة أيضاً على الثوار في الوضع الاقتصادي الذي وصلت له البلاد.

حيث قال عبد الفتاح السيسي في تصريحات متلفزة الشهر الجاري: “لماذا لا تريد أن تدفع تكلفة ما فعلته في عامي 2011 و 2013؟” ” ألم يؤثر ما فعلته ذلك سلباً على الاقتصاد؟”

حيث كان السيسي يشير إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة، وأدت إلى فترة رئاسية قصيرة (عام واحد) للإخوان المسلمين، انقسمت حولها الآراء، سرعان ما أدت إلى استيلاء الجيش على السلطة بدعم “شعبوي”، وصعود السيسي إلى قمة السلطة.

وقال الجنرال العسكري السابق إن تداعيات تلك السنوات كلّفت مصر 450 مليار دولار – وهو ثمن يجب على الجميع تحمله، على حد قوله.

وقال “دعونا نحل المسألة معا .. أقول هذا لكل المصريين .. سننتهي من هذا الأمر معا وندفع ثمنه معا.”

ومع ذلك، يجادل النقاد بأن الحكومة أهدرت فرصاً كبيرة لإجراء إصلاحات حقيقية، كما أنها تُفرط في الإنفاق على المشاريع الضخمة الزائدة عن الحاجة، بينما تقوم ببناء عاصمة إدارية جديدة. وروجت الحكومة لازدهار البناء باعتباره منتجاً للوظائف ومحركاً اقتصادياً مهماً.

الدولة المصرية لديها مشكلة مالية

قال حسنين مالك، الذي يرأس أبحاث الأسهم في شركة تيليمر، وهي شركة لتحليل الاستثمار في الأسواق الناشئة، إن سيطرة الدولة على الاقتصاد و “الدور الضخم للمؤسسات المرتبطة بالجيش” أدى إلى مزاحمة المستثمرين الأجانب والقطاع الخاص.

وقال إن خطط الحكومة لبيع حصص قليلة في بعض الشركات المملوكة للدولة “لا تحل بالضرورة هذه المشكلة”.

ويمكن للنخبة المصرية أن تتحمل ارتفاع التكاليف المعيشية، حيث تعيش بشكل مريح في شقق مطلة على النيل ومجمعات سكنية حول القاهرة.

تقول مها، وهي موظفة في شركة تكنولوجيا تبلغ من العمر 38 عاماً وأم لطفلين، لكنها طلبت عدم تعريفها إلا باسمها الأول، إن حياة المصريين من الطبقة المتوسطة آخذة في التدهور.

وأضافت “أعتقد أننا في نهاية المطاف سنهبط إلى درجات أدنى على السلم الاجتماعي وينتهي بنا الأمر بأن نصبح تحت خط الفقر”.

وكانت الحكومة قد حصلت على قرض قيمته 500 مليون دولار من البنك الدولي هذا الصيف (أواخر يونيو 2022) و 221 مليون دولار من بنك التنمية الأفريقي، للمساعدة في شراء القمح اللازم للبلاد. وهذا يغطي الحاجة إلى توفير القمح اللازم لبرنامج دعم الخبز لدعم 70 مليون مصري من ذوي الدخل المنخفض، لحوالي ستة أسابيع فقط.

وساعدت الصين أيضاً في مقايضة عملة بقيمة 2.8 مليار دولار. كما تدخلت السعودية والإمارات وقطر بتقديم تعهدات بقيمة 22 مليار دولار في شكل ودائع واستثمارات قصيرة الأجل في البلاد.

وقال ديفيد باتر، وهو زميل مشارك في مركز أبحاث تشاتام هاوس للشؤون الدولية: “إن تحقيق ما يسمونه ‘الاستقرار في مصر’ هو في مصلحتهم الاستراتيجية. إنهم في الحقيقة لا يريدون تكرار ما حدث عام 2011 وما بعده”.

وأعلنت الحكومة عن برنامج حماية اجتماعية “استثنائي” سيتم إطلاقه هذا الشهر، وسيستهدف 9 ملايين أسرة بتحويلات نقدية ممتدة وكوبونات غذائية.

ويأتي هذا على رأس برامج المساعدة الأخرى، بما في ذلك الأكشاك التي تُقام لبيع المواد الغذائية الأساسية المدعومة. ويشير المسؤولون إلى كيفية إدارتهم لأزمة الإمدادات الناجمة عن جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، بالقول إن هناك ما يكفي من القمح والمواد الغذائية الأساسية الأخرى لمدة ستة أشهر.

ولكن بالنسبة للبعض، لا تقدم البلاد أي أمل بهذا الخصوص. فقد جاء المصريون مباشرة بعد الأفغان كأكبر جنسية “للوافدين غير النظاميين” إلى أوروبا حتى الآن خلال هذا العام، بحسب مخطط تدفق المهاجرين (غير الشرعيين) الذي تعده المنظمة الدولية للهجرة، حيث يصل معظمهم عن طريق البحر.

ومع تصاعد الضغوط على الجنيه المصري، قد تخفض الحكومة قيمة العملة مرة أخرى.

يقول كالداس، الخبير الاقتصادي بمعهد التحرير: “سوف يؤدي إلى مزيد من الضرر. وستزيد نسبة التضخم،” مضيفاً: “دعم الخبز ليس سوى بند واحد في ميزانية الأسرة. لذلك، فبالنسبة للعديد من العائلات، لا يزال هذا الأمر يمثل الكثير من الألم بالنسبة لهم.”

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close