اتحاد الكرة المصري: ثنائية الفشل والفساد
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
مقدمة
أدت النتائج السلبية لمنتخب مصر الوطني في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، التي نظمتها مصر والخروج المبكر من الدور الثاني إلى فتح ملف إدارة الكرة في مصر، وتطايرت الاتهامات في الصحف والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي تجاه أعضاء الاتحاد، حتى أن هناك مطالبات برلمانية بمحاكمة أعضاء الاتحاد، وانتشرت أخبارا كثيرة عن فتح جهات سيادية التحقيق في ملف فساد اتحاد الكرة- مثل هذا الطرح في حد ذاته يعد مؤشرا على فساد الحياة العامة في مصر وسيطرة الأجهزة التنفيذية المسماة سيادية وعلى رأسها المخابرات العامة والرقابة الإدارية بملفات هي في الأصل من اختصاص السلطات القضائية.
ولا يقتصر الأمر على التعدي على اختصاصات السلطة القضائية فقط، لكن هناك علامات استفهام كبيرة على أداء تلك الجهات نظرا للنشاط الاقتصادي الذي تمارسه تلك الجهات، وبالتحديد هيمنة المخابرات العامة على ملف الإعلام وبالتالي أموال الإعلانات، واحتكار إنتاج المواد الدرامية، وأعضاء اتحاد الكرة معظمهم من الوجوه الإعلامية البارزة التي تعمل في قنوات المخابرات العامة، ومن ناحية أخرى فإن الهدف من تصدير واجهة الجهات السيادية في الإعلام هو توصيل رسالة إعلامية تهدف إلى امتصاص غضب الجماهير من خلال الإشارة إلى جدية الدولة، وليس إجراء تحقيقات فعلية.
ذلك بالإضافة إلى أن تلك المؤسسات تمارس تحقيقاتها بشكل سري غير معلن، وفي أماكن غير معلومة، وبالتالي فإنه في ظل غياب الشفافية وعدم وضوح مسار التحقيقات والاتهامات تكون النتائج قائمة على أساس تصفية الحسابات وتقديم كبش فداء إن اقتضت الضرورة، وفي ظل افتقار الدولة لاستراتيجية تشريعية وإجرائية واضحة لمكافحة الفساد يظل عمل تلك المؤسسات في الخفاء وأنشطتها الاقتصادية المتنامية مؤشرا كبيرا على الفساد.
ونحن في هذه الدراسة سنقوم بتقييم سياسات اتحاد الكرة المصري، مع العرض للإخفاقات والنجاحات التي واجهها المنتخب الوطني المصري بعد كأس العالم عام 1990 والتي تعد البداية الحقيقية لظهور الكرة المصرية على ساحة العالمية- كان من المتوقع أن يتم استثمار هذا النجاح في تطوير الكرة المصرية- وصولا إلى إخفاق العام الماضي في نهائيات كأس العالم بروسيا والخروج المهين من بطولة الأمم الأفريقية الحالية، والهدف من ذلك هو رسم صورة عامة لأداء كرة القدم في مصر في الثلاثين عاما الماضية للحصول على أحكام علمية بعيدا عن سخونة الأخبار المرتبطة بكرة القدم وكثرة الادعاءات.
وسنقوم خلال الدراسة بالإشارة إلى موقف اتحاد الكرة من الأحداث المهمة التي حدثت بعد ثورة يناير وأهمها مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 مشجعا من النادي الأهلي، كذلك أحداث إستاد الدفاع الجوي التي أسفرت عن وفاة 22 مشجعا من نادي الزمالك.
ومن الجدير بالذكر أن اتحادات الكرة من الكيانات غير الحكومية التي يتم تصنيفها على أنها ضمن مؤسسات المجتمع المدني، وهي مؤسسات منتخبة ولا يمكن للدولة أن تقوم بحلها، وإلا قام الاتحاد الدولي الفيفا بإيقاف النشاط الرياضي بالدولة التي تقوم بحل اتحاد الكرة.
رد سمير زاهر على فوز جمال علام برئاسة اتحاد الكرة…هو كان فيه انتخابات؟
وبداية دراسة ملف اتحاد الكرة يتطلب تحليل عملية الانتخابات والتي يشوبها الكثير من الاتهامات وتراجع مؤشرات النزاهة، وهو مدخل مهم لتقدير حجم الفساد في إدارة كرة القدم في مصر.
وتقوم الدراسة أيضا بتحليل سياسات الاتحاد الحالي بقيادة هاني أبو ريدة والذي قدم استقالته عقب الخروج من أمم أفريقيا، من خلال فتح ملف اختيار المدير الفني للمنتخب، كذلك دور وكلاء اللاعبين في اختيارات المنتخب، والتعرض إلى إدارة ملف أزمة اللاعب عمرو وردة الذي أتهم بالتحرش وقام اتحاد الكرة بطرده من معسكر المنتخب ثم أعاده مرة أخرى مما أثار العديد من علامات الاستفهام حول آلية صنع القرار داخل اتحاد الكرة.
كذلك هناك ملاحظات على عدد من أعضاء الاتحاد الحالي من خلال ازدواجية المهام والمصالح، فهناك بعض أعضاء الاتحاد مثل أحمد شوبير ومجدي عبد الغني وسيف زاهر وحازم إمام، وخالد لطيف وعصام عبد الفتاح رئيس لجنة الحكام- يسيطرون على خريطة البرامج الرياضية في مصر من خلال تقديمهم لعدد من البرامج الرياضية، كما أن بعضا منهم يقوم بعمل إعلانات لشركات سواء كانت رياضية أو شركات أخرى وهم بالتحديد مجدي عبد الغني وسيف زاهر وحازم إمام.
ستتطرق الدراسة أيضا إلى ملف الدوري الممتاز وانتظام مواعيد المسابقة ولماذا قام اتحاد الكرة بزيادة عدد الفرق إلى 18 فرقة، وأزمة القيد الأفريقي ومشاكل الحكام، وعلاقة أعضاء الاتحاد بتركي آل شيخ صاحب نادي بيراميدز السابق، والذي سافر مجدي عبد الغني عضو اتحاد الكرة على طيارته الخاصة إلى روسيا لحضور مباريات كأس العالم بعد أن تم منعه من رئاسة البعثة المصرية من قبل هاني أبو ريدة على خلفية واقعة الملابس الشهيرة.
تسعى الدراسة أيضا إلى معرفة مدى تدخل النظام الحاكم في قرارات مجلس اتحاد كرة القدم وكيف قام النظام بإجبار أعضاء اتحاد الكرة على الاستقالة نظرا لعدم قدرته على إقالة الاتحاد المنتخب ؟، وإلى أي مدى استطاع النظام السيطرة على اتحاد الكرة من خلال اختيار الشخصيات التي تدير الاتحاد، حتى تحول اتحاد الكرة إلى أحد المؤسسات غير الرسمية للدولة العميقة في مصر من خلال الدور الذي لعبه في الاستفتاءات والانتخابات المختلفة بهدف دعم النظام وحشد الأندية في مؤتمرات تأييد للنظام.
وسيتم تقسيم الدراسة كالتالي:
- الفرصة الضائعة: سوء إدارة ملف الكرة المصرية بعد كأس العالم 1990.
- الخلل البنيوي في آليات عمل اتحاد الكرة.
- تحليل سياسات اتحاد الكرة الحالي.
- نتائج الدراسة.
أولا: الفرصة الضائعة: سوء إدارة ملف الكرة المصرية بعد كأس العالم 1990
يعتبر صعود مصر لكأس العالم عام 1990 هو البداية الفعلية لظهور مصر على الساحة الدولية في مجال كرة القدم، والتاريخ يذكر لمصر مشاركة سابقة في عام 1934، لكنها غابت عن المشاركات لمدة 56 عاما، وتعد هذه النقطة المفصلية – الصعود لكأس العالم 90- هي المحدد المحوري الذي من الممكن أن نبدأ من عنده تقييم أداء كرة القدم في مصر، وتحديد مراحل وطبيعة الصعود والهبوط في مسيرة المنتخب المصري، وتقييم أداء اتحادات الكرة المتعاقبة، ويوضح الجدول التالي حالة المنتخب المصري في آخر ستة عشر بطولة أفريقية ابتداء من عام 1990 وحتى عام 2019.
(جدول رقم 1)
السنة | الحالة | السنة | الرحلة |
1990 | خروج من الدور الأول | 2006 | البطل |
1992 | الدور الأول | 2008 | البطل |
1994 | ربع النهائي | 2010 | البطل |
1996 | ربع النهائي | 2011 | لم يتأهل |
1998 | البطل | 2013 | لم يتأهل |
2000 | ربع النهائي | 2015 | لم يتأهل |
2002 | ربع النهائي | 2017 | الوصيف |
2004 | الدور الأول | 2019 | دور الستة عشر |
ومن خلال العرض البسيط للجدول السابق يتضح أن:
- اتحاد الكرة المصري بعد الصعود مباشرة لكأس العالم اتخذ قرارا غير مدروس بإيقاف النشاط المحلي لكرة القدم بتوصية من المدير الفني الراحل محمود الجوهري والذي حدد مجموعة من العناصر المتميزة للانضمام إلى الفريق المسافر إلى إيطاليا لخوض مباريات كأس العالم وأغلق الباب أمام جميع اللاعبين الآخرين وقضى على التنافسية، وقد كانت النتائج كارثية على فريق الكرة الذي خرج من بطولة أمم أفريقيا بالجزائر من الدور الأول في عام 1990.
- وامتد التأثير إلى البطولة التالية بالسنغال في عام 1992 والخروج من الدور الأول أيضا بعد الهزيمة في مباراتين أمام زامبيا وغانا، واستمر التراجع في المستوى وخرج المنتخب من تصفيات كأس العالم في عام 1993 أمام زيمبابوي.
- ثم خرج من كأس أمم أفريقيا عام 1994 من الدور الثاني أمام مالي، وفي عام 1996 خرج من الدور الثاني، في عام 1998 فاز باللقب في ظل إيقاف منتخب نيجيريا القوي في ذلك الوقت صاحب التتويج في عام 1994 والذي صعد إلى دور الـ 16 في كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، في عام 2000 و2002 خرج من الدور الثاني، في عام 2004 خرج من الدور الأول، 2006- 2008- 2010 البطل لثلاث مرات متتالية، أعقبها عدم البلوغ للنهائيات ولأول مرة في تاريخ المنتخب المصري لمدة ثلاث مرات أعوام (2012- 2013- 2015) ثم الوصيف أمام الكاميرون في عام 2017، وطوال ذلك التاريخ أخفق المنتخب المصري في بلوغ نهائيات كأس العالم حتى عام 2018
- هناك تذبذبا كبيرا في أداء المنتخب المصري وعدم ثبات المستوى الفني، فالفريق الفائز بالبطولة لمدة ثلاث مرات متتالية وصاحب الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بالبطولة يخرج مباشرة من التصفيات المؤهلة للبطولة لمدة ثلاث مرات متتالية، والفريق الذي صعد للنهائي في البطولة الماضية يخرج من دور الستة عشر على أرضه في البطولة الحالية 2019.
فمصر التي صعدت للنهائي خمس مرات فازت منها بأربع بطولات تعثرت أحد عشر مرة ولم تتجاوز الدور الثاني، وخرجت مبكرا ولم تقدم كرة جيدة في معظم تلك البطولات وكان حضورها بطعم الغياب، وهذا التذبذب في المستوى وعدم البناء على النجاحات يرجع إلى فشل اتحاد الكرة المصري في التخطيط المرحلي والاستراتيجي، وعدم قدرته على إدارة ملف الكرة بما يجعله يحافظ على المستوى الذي وصلت إليه الكرة ويبني عليه.
من المعلوم بالضرورة أنه ليس هناك فريقا فائزا في كل المباريات ومتوج بكل البطولات، لكن الملاحظة هنا هو عدم الاستقرار والتذبذب الكبير في أداء الفريق المصري والذي إما تجده في نهائي البطولة أو خارج الحسابات تماما.
- بالنسبة للعلامة الفارقة في تاريخ الكرة المصرية وهي فوز مصر بثلاث بطولات متتالية فهي ترجع في التحليل الأخير إلى قوة فريق النادي الأهلي وقوة إدارته وقوة مدربه مانول جوزيه الذي استطاع أن يسيطر على البطولات الأفريقية ويصعد إلى كأس العالم للأندية ثلاث مرات، كذلك وجود مدرب وطني متميز وهو حسن شحاتة ومجموعة من اللاعبين المميزين، والدور الكبير الذي قام به فريق الإسماعيلي من خلال اكتشاف المواهب وتقديمها للاحتراف الداخلي والخارجي.
أحمد شوبير يكشف رشاوى انتخابات اتحاد الكرة
ثانيا: الخلل البنيوي في آليات عمل اتحاد الكرة
هناك مشاكل عديدة تواجه عمل اتحاد الكرة المصري، مرتبطة بآليات اختيار الاتحاد نفسه بالرغم من أن الآلية المعتمدة من قبل الفيفا هي الانتخابات، كذلك تدخل الدولة في عمل الاتحاد والإطاحة به على خلفية أي أزمة أو إجباره على الاستقالة وذلك لتهدئه الرأي العام، كما أن هناك اتهامات بالرشوة والفساد وتضارب المصالح، بالإضافة إلى دور الدولة في تسييس الاتحاد، وفيما يلي عرض لهذا الخلل البنيوي في آليات عمل اتحاد كرة القدم المصري:
أولا: آلية اختيار اتحاد كرة القدم.
على غرار مقولة: “يعمل إيه التعليم في وطن ضائع”..” تعمل إيه الانتخابات مع نظام مستبد”.
من المعضلات المهمة المرتبطة باختيار أعضاء تحاد الكرة أنه يأتي بالانتخاب المباشر من قبل أعضاء الجمعية العمومية الممثلين للأندية المصرية والبالغ عددهم 222 ناديا بمختلف أنحاء الجمهورية، حيث يشترط حضور 112 عضوا لاكتمال النصاب القانوني وهم يمثلون (50% +1)[1]، وذلك وفقا لآخر انتخابات تمت باتحاد الكرة عام 2018 على مقعدين بعد استقالة سحر الهواري وحازم الهواري.
هناك عدة إشكاليات بخصوص العملية الانتخابية:
1- غياب المنافسة.
في تعليق سمير زاهر رئيس الاتحاد الأسبق على انتخابات 2012 التي فاز بها جمال علام، أكد أنه لم يكن هناك انتخابات، بل كان هناك قائمة واحدة يصوت عليها الجميع، وعلى ذكر نفس الانتخابات والتي استبعد منها هاني أبو ريدة لتطبيق شرط الالتزام بفترتين رئاسيتين فقط، استطاع أبو ريدة أن يضع على رأس قائمته شخصية مجهولة وهو الكابتن جمال علام رئيس منطقة الأقصر ويدعمه ويجعله يفوز بالانتخابات[2]، وإذا نظرنا إلى قائمة جمال علام سنجدها هي نفسها قائمة هاني أبو ريدة في انتخابات 2016 مع بعض التغييرات البسيطة.
فوز هاني أبو ريدة بانتخابات 2016 وحصوله على 198 صوتا من أصوات الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، حيث حصل محمد أبو طويلة على 9 أصوات و3 أصوات لماجدة الهلباوي[3]، فوز سمير زاهر بانتخابات 2008 بعد أن حصل على 87% من الأصوات[4].
2- احتكار منصب رئيس الاتحاد.
منذ أن كلف عبد المنعم عمارة وزير الشباب والرياضة السابق- اللواء شرطة يوسف الدهشوري حرب بتولي رئاسة اتحاد الكرة عام 1992 واتحاد الكرة يسيطر عليه ثلاثة رجال فقط وهم (اللواء يوسف الدهشوري حرب- سمير زاهر: عقيد سابق بالقوات المسلحة – المهندس هاني أبو ريدة).
و ذلك بالرغم من تولي آخرين لقيادة اتحاد الكرة منهم المنتخب مثل جمال علام وهو شخصية مغمورة وكان رئيسا لمنطقة الأقصر، أتى به هاني أبو ريدة على رأس قائمته عندما تم استبعاده من الترشيحات، واختفى في الانتخابات التالية ولم يشارك بها، ومنهم المعين مثل محمد السياجي عام 1996، عصام عبد المنعم عام 2004، إلا أن هؤلاء الثلاثة ( حرب – أبو ريدة- زاهر) كان لهم النفوذ والسيطرة على معظم الفترات خلال الثلاثين عاما الأخيرة وتم إعادة انتخابهم لأكثر من مرة، ويضاف إليهم شخص رابع وهو أحمد شوبير الذي سيطر لفترات هو الآخر على منصب نائب رئيس الاتحاد.
ويعد الظهور الأول لهاني أبو ريدة من خلال تعيينه بواسطة عبد المنعم عمارة في مجلس اتحاد الدهشوري حرب عام [5]1992، فيما جمع سمير زاهر بين عضوية مجلس الشعب في الفترة من 1995-2000 ورئاسة الاتحاد (1996- 1999).
وبناء على ذلك فإن رئيس الاتحاد يأتي دوما بالتنسيق والدعم المباشر من الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة، كما أن عضوية البرلمان ساهمت في صعود شخصيات كبرى داخل اتحاد الكرة وعلى رأسهم سمير زاهر وأحمد شوبير.
3- الرشاوى الانتخابية.
تعد ظاهرة الرشاوى الانتخابية من الظواهر الفجة والمعلومة في الساحة الرياضية المصرية والتي تحدث عنها الكثير من الشخصيات الرياضية المشهورة، وبفضل تلك الرشاوى تم توسيع قاعدة الجمعية العمومية لتشمل 222 ناديا معظمها أندية صغيرة وبحاجة إلى الدعم المالي.
وفيما يلي أهم الشهادات على موضوع الرشاوى الانتخابية:
- أكد الدكتور كمال درويش رئيس نادي الزمالك السابق والمرشح السابق على منصب رئيس اتحاد الكرة أنه آثر البعد عن المجال الرياضي والتفرغ للعمل الأكاديمي بسبب انتشار ظاهرة الرشاوى الانتخابية في انتخابات اتحاد الكرة[6].
- أحمد شوبير نائب رئيس الاتحاد السابق يتحدث عن وجود رشاوي بانتخابات عام 2012 وتقاضي مبالغ وصلت لـ 15 ألف جنيه وأن ذلك تم بشكل علني[7].
- في شهادة لاعب كرة القدم السابق عن تجربته مع الترشح لانتخابات اتحاد الكرة أكد نصار أنه ذهب وأعضاء قائمته لإحدى المحافظات واجتمعوا برؤساء الأندية في أحد مقار العمد بالمحافظة وكان أول سؤال تلقيناه من رؤساء الأندية (هتدفعوا كم؟)، وأشار نصار إلى أن هذا السلوك نابع من حالة الضعف الشديدة التي تعاني منها تلك الأندية وعدم استجابة اتحاد الكرة لمطالبهم وعدم التخطيط الجيد ووضع اللوائح التي تضمن حقوقهم وبالتالي يكون هذا التصرف نتيجة منطقية لفشل اتحاد الكرة[8].كما أشار إلى أن هناك أندية وهمية لا تملك مقارا وأخرى رصيدها لا يتجاوز الـ 20 ألف جنيه تكون ممثلة في الجمعية العمومية ولها صوت انتخابي مثل الأهلي والزمالك، وأن تلك الأندية تحصل على(شيك مقابل الصوت)[9].
- أكد مدحت شلبي أنه على علم بما يحدث فى انتخابات اتحاد الكرة وكيف يتم تضبيط رؤساء الأندية وأعضاء مجلس الإدارة المفوضين من قبل مجلس إدارة النادي للتصويت فى الانتخابات بعد الاتفاق على اسم بعينه، وأشار إلى أنه كان شاهد عيان على قيام أنصار إحدى الجبهات بالالتفاف حول مندوب أحد الأندية وأنهم “ضبطوه” بما تحمل الكلمة من معنى لكي يصوت على خلاف ما تم الاتفاق عليه داخل مجلس إدارة ناديه[10].
وفي التحليل الأخير فإن قواعد النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص ليست موجودة في انتخابات اتحاد الكرة، وهناك سيطرة على الانتخابات من قبل مجموعة مصالح أشبه بالعصابة القابضة على مجريات الأمور، تستطيع من خلال علاقاتها بالسلطة ووجودها بالبرلمان، وشراء الأصوات بالمال أن تهيمن على اتحاد الكرة.
وقد أدى ذلك إلى زيادة ضغوط الأندية الصغيرة على الاتحاد، مما أدى إلى زيادة الفرق المشاركة بالدوري الممتاز إلى 18 فريقا، وهو عدد كبير جدا يصعب معه انتظام بطولة الدوري الممتاز، يترتب على ذلك مشكلات تنظيمية تجعل أحيانا الدوري ينتهي قبل الموسم الجديد بأسبوع واحد.
كما قام اتحاد الكرة عام 2011 بإلغاء الهبوط مجاملة لفريق الاتحاد السكندري وشمل القرار أيضا فرق المقاولون العرب وسموحة، وأصبح عدد أندية الدوري في موسم 2012 عشرين ناديا[11].
وفي الموسم الحالي كانت هناك تحركات من عدة فرق بالدوري معرضة للهبوط للضغط على اتحاد الكرة لإلغاء الهبوط، وهو ما نفاه الاتحاد في بيان رسمي وأكد أن المسابقة ستنتهي على ما بدأت عليه وذلك احتراما للوائح ومصداقية المسابقة[12].
ثانيا: الفساد المالي والأخلاقي.
هناك قضايا فساد مالي وأخلاقي لاحقت أعضاء اتحاد الكرة الحالي والاتحادات السابقة التي أشرنا إليها برئاسة سمير زاهر وجمال علام، ومن تلك الحالات:
1- حبس حازم الهواري وسحر الهواري.
أكدت المحكمة الاقتصادية برئاسة المستشار أمير عدلي، حكماً بتأييد معاقبة كل من سحر الهوارى وشقيقها حازم الهواري عضوي الاتحاد المصرى لكرة القدم بالسجن حضوريا لمدة 5 سنوات. ووجهت النيابة العامة للمتهمين التسبب في التوقف عن سداد مديونيات شركة الإسكندرية للصلب، وقيامهما بإخفاء أموال بعد حصولهما على ثلاثة قروض من بنك القاهرة بمبلغ 218 مليون جنيه بالتواطؤ مع مسئولي البنك واختلسوها لأنفسهم[13].يذكر أن الأخوين هواري كانا على قائمة هاني أبو ريدة في الانتخابات الماضية، كما أن سحر الهواري نائبة بالبرلمان الحالي وتم إسقاط عضويتها على خلفية تنفيذ عقوبة السجن لمدة خمس سنوات.
2- تقديم رشوة لرئيس اتحاد ترينداد وتوباجو.
أقر أحمد شوبير نائب رئيس اتحاد الكرة السابق أن مصر دفعت رشوة لجاك وارنر رئيس اتحاد رنداد وتوباجو متمثلة في مبلغ 180 ألف دولار، وأن هذا المبلغ كان أقل بكثير مما حل عليه جاكوارد من جنوب أفريقيا والمغرب، وأنه حذر كثيرا من مثل تلك التصرفات[14].
مجدي عبد الغني رئيس الاتحاد السابق اتهم أحد أعضاء مجلس جمال علام بالحصول على رشوة 10 آلاف دولار عام 2015 من أحد الشركات الهولندية لتنظيم مباراتين وديتين للمنتخب المصري، وناشد الدولة بالتدخل وأكد أن لديه مراسلات بهذه الواقعة[15].
3- الاعتداء على حافلة فريق الجزائر عام 2009.
توالت الشهادات عن أحداث حافلة الجزائر، وقد أكد محمد عبد المنصف حارس مرمى المنتخب الوطني السابق أن الكابتن سمير زاهر رئيس الاتحاد آن ذاك قام باستئجار مجموعة من البلطجية وتحريضهم على القيام بإلقاء الحجارة على حافلة الفريق الجزائري عقب خروجها من المطار صوب فندق إقامتها، وأن الاعتداء أسفر عن إصابة ثلاثة لاعبين.
فيما أشار حمادة شادي- مسؤول العلاقات الخارجية السابق باتحاد الكرة- إلى أن الواقعة كانت مدبرة وأن الحجارة كانت تنهمر على الحافلة مثل المطر، وأن رئيس الاتحاد الجزائري كان من الممكن أن يطلب تأجيل المباراة وكل ما كان يطلبه من الطرف المصري هو الاعتذار عن الواقعة[16].
كما أكد هاني أبو ريدة أن ما حدث كان سيناريو مدبرا وأن الاعتداء على الحافلة كان بالتنسيق بين اتحاد الكرة وعناصر أخرى، وأن ما حدث كان كارثة أخلاقية كبيرة[17].
وفي شهادته على الواقعة أقر أحمد شوبير نائب رئس الاتحاد السابق، أن بعض أعضاء رابطة أولتراس السابقين اجتمعوا مع بعض أعضاء اتحاد الكرة بحضور قيادات أمنية وتم الاتفاق على إيذاء الفريق الجزائري، وأشار إلى أنه حدثت مضايقات وإزعاج للفريق الجزائري في الفندق بعد أن تم عمل عيد ميلاد وهمي وتم حجز عشر غرف لأعضاء أولتراس بجوار الدور الأعلى للدور الذي يسكن فيه لاعبو الجزائر[18].
كشف حقيقة أحداث مصر ضد الجزائر
4- أحداث أم درمان.
أكد أحمد شوبير أنه لم يحدث اعتداء على الفنانين المصريين في مباراة أم درمان، وأن كل ما قاله الفنانون كان كذبا وتمثيلا، وأن مصر أرسلت أربعة آلاف مشجع لم يعد أحد منهم مصابا[19]، كما أكد شوبير أنه أجبر بضغوط أمنيه على تغيير شهادته على الأحداث.
كما أكد الأمن السوداني أن ما قام به المطرب محمد فؤاد من ادعاء بالحصار وإصابة 130 مشجعا مصريا لم يحدث على الإطلاق، وأن ما قام به مخالفة تستوجب المعاقبة لتبنيه ادعاءات كاذبة وأن السودان لم تتخذ ضده أي إجراء حرصا على العلاقة مع مصر[20].
ثالثا: تداخل المصالح
1- توريث مناصب اتحاد الكرة.
هناك خط من العائلات موجود بصفة دائمة باتحاد الكرة، فمثلا كابتن حمادة إمام نائب رئيس الاتحاد في الفترة من 2000 إلى 2004، وزوجته الدكتورة ماجي الحلواني تم تعيينها في اتحاد 2008، وحازم إمام عضو بالاتحاد الحالي والذي قدم استقالته عقب خروج مصر من أمم أفريقيا.
كما أن سيف زاهر وهو لم يكن لاعبا كرة أو موجودا على الساحة الإعلامية الكروية وهو أيضا عضو الاتحاد المستقيل، ابن أخ الكابتن سمير زاهر رئيس الاتحاد السابق، وسحر الهواري وحازم الهواري عضوان متكرران في معظم الاتحادات منذ عام 1995 بداية دخول حازم الهواري، 2005 بداية دخول سحر الهواري، واستمر تواجدهما وحتى سجنهما في عام 2017، وخالد لطيف عضو الاتحاد المستقيل هو حفيد كابتن محمد لطيف المعلق الشهير[21].
2- ازدواجية المهام والمصالح.
من الأمور اللافتة للنظر على أعضاء اتحاد الكرة المصري أنهم غير متفرغين ولهم مهام أخرى سواء كانت بالعمل في الإعلام أو عضوية البرلمان، ويمكن أن نقول إن اتحاد الكرة هو المجال العملي الذي يظهر فيه تزاوج المال بالإعلام بالسلطة.
فهناك خط واضح لرجال هاني أبو ريدة بالعمل الإعلامي والسيطرة على البرامج الرياضية وهم (أحمد شوبير- حازم إمام- سيف زاهر- خالد لطيف- مجدي عبد الغني) كما أن رجال الاتحاد الأقوياء على مدار العشرين سنة الأخيرة (سمير زاهر- أحمد شوبير- هاني أبو ريدة) أعضاء سابقون بالحزب الوطني المنحل، وأعضاء سابقون بمجلس الشعب، وكان لهم دور بارز في تلميع جمال مبارك سياسيا وقت الجيل الذهبي للمنتخب الوطني الفائز بثلاث بطولات متتالية في الفترة من 2006 وحتى 2010.
هناك أيضا سحر الهواري مسؤولة الكرة النسائية باتحاد أبو ريدة حيث كانت عضوة بمجلس النواب الحالي، تم إسقاط عضويتها بعد أن تم الحكم عليها بخمس سنوات سجن على خلفية قضايا مالية.
العمل بالإعلانات من أهم القضايا المثارة بشأن ازدواجية المصالح داخل اتحاد الكرة المصري، فهناك مجدي عبد الغني الذي لم يتوقف عن عمل الإعلانات طوال مدة عمله بالاتحاد، كذلك حازم إمام الذي قدم مجموعة من الاعلانات للعديد من الشركات، فيما قدم سيف زاهر إعلانا في رمضان قبل الماضي لأحد البنوك.
رابعا: تسييس الاتحادات.
لم يكن نشاط اتحاد الكرة بعيدا عن الترويج السياسي لنظامي حكم مبارك والسيسي، ولقد عرضنا سابقا كيف استغل نظام مبارك نجاحات المنتخب الوطني للترويج لسياسات التوريث وتلميع جمال مبارك، كما أن أعضاء اتحاد الكرة مارسوا دورا سياسيا للترويج لسياسات النظام الحالي، وهو ما يعتبر خروجا على الطبيعة الأهلية والاجتماعية لاتحاد الكرة، وتحويل الاتحاد إلى ظهير سياسي للنظام والقيام بدور الحزب السياسي المروج لسياسات النظام.
وعلى سبيل المثال أكد ثروت سويلم، المدير التنفيذي لاتحاد الكرة، أن أحمد شوبير نائب رئيس الجبلاية وحازم إمام وسيف زاهر عضوي اتحاد الكرة سوف يشاركوا فى مؤتمر رياضي بالشرقية للحديث عن التعديلات الدستورية، وأن المؤتمر سيقام فى الخامسة مساء بالزقازيق بحضور كوكبة من الرياضيين على رأسهم فاروق جعفر وجمال عبد الحميد وخالد الغندور، ويحيي الحفل محمد حماقي[22].
وإذا كان يمكن للبعض أن يجادل أنه من حق أعضاء اتحاد الكرة التعبير عن مواقفهم وآرائهم السياسية، إلا أن تسيس الاتحاد يتضح بصورة أكبر عندما نعلم أنه في يناير 2018 إبان انتخابات العهدة الثانية للسيسي، قام اتحاد الكرة بتنظيم مؤتمر حاشد لدعم السيسي وقام بدعوة جميع رموز الكرة للحضور، وجاء بالإعلان: “وذلك لإعلان بيعة الرياضيين للرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل الاستمرار فى مهامه كرئيس للجمهورية لفترة رئاسية جديدة”[23].
شهد المؤتمر حضور عدد كبير من رؤساء أندية الدوري الممتاز والقسم الثاني، وكان على رأسهم محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، ومرتضى منصور رئيس نادي الزمالك[24]. ومن هنا يتضح أن تسييس الاتحاد لخدمة النظام لا يقتصر فقط على سلوكيات أعضائه وإنما يشمل أيضا الاتحاد كمؤسسة والتي لا تتردد في إظهار الدعم السياسي للنظام والترويج له.
الإطاحة بالاتحادات.
الظاهرة الأخرى التي تستحق الدراسة ومرتبطة بتسييس اتحاد الكرة هي ظاهرة الإطاحة بالاتحاد. بالرغم من أن اتحاد الكرة يعمل وفق لوائح الفيفا ولا ينبغي أن تتدخل الدولة في عمل الاتحاد أو تقيله نظرا لكونه كيانا منتخبا وغير حكومي، وبالرغم من الوظيفة السياسية التي تقوم بها الاتحادات المتعاقبة لدعم نظام الحكم من مبارك إلى السيسي، إلا أن مصر شهدت إطاحات كثيرة وتعيينات متكررة لاتحادات الكرة، وكان السبب دوما هو الإخفاق الرياضي وتهدئة الرأي العام، وتكون الإطاحة باتحاد الكرة إما بشكل مباشر أو إجبار على تقديم الاستقالة، والأصل ألا يستقيل أو يقال اتحاد الكرة المنتخب، بل يكمل مدته ويكون تقييم الإخفاق والنجاح من خلال الأدوات الديمقراطية من خلال إعادة الانتخاب أو انتخاب اتحاد آخر وفق برنامج عمل جديد، ويوضح الجدول التالي أهم الإطاحات باتحادات الكرة المصرية:
(جدول رقم 2): تواريخ الإطاحة باتحاد الكرة
التاريخ | رئيس الاتحاد المقال |
1978 | محمد أحمد |
1981 | محمد حسن حلمي |
1988 | حسن عبدون |
1991 | محمد أحمد محمد |
1996 | يوسف الدهشوري حرب |
2000 | سمير زاهر |
2004 | الدهشوري حرب-أجبر على الاستقالة |
2012 | سمير زاهر- أجبر على الاستقالة |
2016 | جمال علام- |
2019 | هاني أبو ريدة- أجبر على الاستقالة |
وفيما بلي تحليل لأسباب تلك الوقائع:
- كانت البداية عام 1978، حيث أعلن عبد العزيز الشافعي رئيس جهاز الرياضة وقتها، حل مجلس إدارة اتحاد الكرة المنتخب برئاسة محمد أحمد، وتعيين لجنة مؤقتة بقيادة المهندس محمد حسن حلمي، بعد الخروج المخزي للمنتخب المصري أمام تونس، بالهزيمة 1/ 4 في تصفيات كأس العالم 1978، واعتذار مجلس الاتحاد بعدها عن المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية الثالثة بالجزائر، وهو ما خلق أزمة سياسية، دفعت رئيس جهاز الرياضة لحل الاتحاد.
- عام 1981، أعلن رئيس جهاز الرياضة، حل مجلس إدارة اتحاد الكرة عقب الهزيمة أمام المنتخب المغربي، في التصفيات المؤهلة إلى مونديال 1982.
- عام 1988، أصدر الدكتور عبد الأحد جمال الدين، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، قرارا بحل مجلس الجبلاية المنتخب بسبب أزمة مباراة الأهلي والمحلة الشهيرة، والتي شهدت تغيير حكم المباراة إبراهيم النادي قراره، باحتساب ركلة جزاء للأهلي؛ ليحتسبها تسللا في النهاية على حسام حسن مهاجم الأهلي؛ لينسحب الأهلي من المباراة، وتشتعل أزمة كبيرة أدت إلى حل مجلس اتحاد الكرة.
- عام 1991، أصدر الدكتور عبد المنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، قرارا بحل مجلس إدارة اتحاد الكرة المنتخب عقب فشل المنتخب الأوليمبي في دورة الألعاب الأفريقية التي أقيمت بمصر.
- في عام 1996، أصدر «عمارة» قرارا بحل مجلس إدارة اتحاد الكرة المنتخب، برئاسة حرب الدهشوري، عقب أزمة انسحاب نادي الزمالك من مباراته أمام الأهلي.
- عام 2000، كانت حل مجلس إدارة اتحاد الكرة المنتخب، برئاسة سمير زاهر، بقرار من الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء، عقب خسارة المنتخب المصري أمام نظيره السعودي بخماسية في كأس القارات.
- عام 2004، وجهت انتقادات لاتحاد الكرة برئاسة اللواء الدهشوري حرب، بعد خروج المنتخب المصري من الدور الأول في نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2004؛ ليضغط علي الدين هلال على مجلس الجبلاية؛ لتقديم استقالة جماعية، إلا أن “حرب” رفض الاستقالة الجماعية، رغم تقدم بعض الأعضاء بها؛ ليضطر في النهاية رئيس الاتحاد لتقديم استقالة جماعية.
- عام 2012، تسببت مجزرة بورسعيد في الإطاحة بمجلس إدارة اتحاد الكرة، برئاسة سمير زاهر، في ظل سقوط 72 مشجعًا من جمهور النادي الأهلي؛ ليعلن كمال الجنزوري رئيس الوزراء وقتها، إقالة مجلس الجبلاية.
- عام 2016، كانت آخر أزمات حل مجلس اتحاد الكرة، عقب قرار محكمة القضاء الإداري بحل مجلس جمال علام؛ لبطلان بعض إجراءات الانتخابات، التي أسفرت عن فوز مجلس الاتحاد في موقف مشابه للوضع الحالي، وبات الأمر صعبا في ظل اضطرار خالد عبد العزيز وزير الرياضة لتنفيذ أحكام القضاء، ومخاوف من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”؛ بسبب اللجوء للمحاكم المدنية؛ ليقرر «علام» ومجلسه تقديم استقالة جماعية، ويتم تعيين العميد ثروت سويلم رئيسا للجنة معينة لإدارة شئون الاتحاد.
- وأخيرا إجبار هاني أبو ريدة وأعضاء اتحاده على الاستقالة عقب الخروج المهين من جنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية، بالرغم من إشادة الدولة بنجاح الاتحاد في تنظيم البطولة.
خامسا: حادثي بور سعيد والدفاع الجوي.
حاول اتحاد الكرة التنصل من المسؤولية في الحادثتين على اعتبار أنه منظم فقط وليس له علاقة بالأمور الأمنية، متجاهلا انه صاحب القرار الخاص بحضور الجماهير وأن تقديراته لم تستطيع أن تتفاعل مع الواقع وتستوعب الخلل الأمني والشحن الجماهيري وتستفيد من تجارب الاقتحامات السابقة.
1- مجزرة بور سعيد.
يتحمل اتحاد الكرة مسؤولية كبيرة عما حدث في بور سعيد، فظاهرة اقتحام الجماهير للملاعب تكررت قبل لقاء الأهلي والمصري في أكثر من مباراة منها (الزمالك والأفريقي التونسي في البطولة الأفريقية، والمحلة والأهلي، والإسماعيلي والمصري، وكذلك الاتحاد السكندري ووادي دجلة بالدوري، وبالتالي كان يجب على اتحاد الكرة بصفته الجهة الإدارية المسؤولة عن تنظيم بطولة الدوري باتخاذ الخطوات اللازمة نحو إلغاء الدوري هذا العام أو اللعب بدون جمهور.
كما أن المؤشرات في ذلك الوقت كانت تشير إلى حالة احتقان كبيرة بين الجماهير سواء كانت جماهير الأهلي والمصري أو الأهلي والزمالك، أو المصري والإسماعيلي، أو الأهلي والإسماعيلي.
وقد حمل تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص مجزرة بور سعيد الصادر في ديسمبر 2012 المسؤولية لوزارة الداخلية والنادي المصري واتحاد الكرة، وفيما يخص اتحاد الكرة ذكرت اللجنة فى تقريرها أن ما ذكر من مسؤولية الأمن لا يعفى مسؤولية الاتحاد المصرى لكرة القدم فى أحداث استاد بورسعيد لمخالفته لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم التي تم إقرارها من اللجنة التنفيذية لـ «فيفا» والمعمول بها اعتباراً من 1/1/2009 بخصوص تأمين المباريات الملزمة للاتحادات الأهلية.
ووفقاً للوائح «فيفا»، تتقرر المسؤولية التضامنية على الاتحاد المصرى لكرة القدم على النادي المصرى فى الفقرة الرابعة من المادة الثالثة والتي تنص على أنه: «يجب الالتزام بالسعة التي تحقق متطلبات السلامة». وممنوع منعاً باتاً دخول المتفرجين الذين بحوزتهم أجسام صلبة أو أسلحة وكذلك كشافات الليزر واللافتات ذات المحتوى العنصري[25].
2- مجزرة إستاد الدفاع الجوي.
يعد القرار الخاطئ لاتحاد الكرة باستئناف عودة الجماهير مرة أخرى إلى الملاعب دون التأكد من السلامة والجاهزية الأمنية لملاعب الكرة من أهم الأسباب التي أدت إلى واقعة إستاد الدفاع الجوي والتي راح ضحيتها 22 من جماهير الزمالك نتيجة الاختناقات التي حدثت بسبب التدافع داخل الممر الحديدي لإستاد الدفاع الجوي.
وعلى خلفية الواقعة تقدم حازم الغريب، مدير إدارة أمن الملاعب باتحاد الكرة باستقالة اعتراضًا على تجاهل وظيفته في تأمين المباريات ببطولة الدوري، وقال: ” تقدمت أكثر من مرة باقتراح لتأمين المباريات قبل الأحداث الدموية التي شهدتها مباراة الزمالك وإنبي في استاد الدفاع الجوي لتفادي تكرار أحداث بورسعيد التي راح ضحيتها 72 شهيدًا من ألتراس أهلاوي، لكن مسؤولي الجبلاية تجاهلوا اقتراحاتي ولم يهتموا بها ولم يلتفتوا لتوصياتي، إدارة أمن المباريات حبر على ورق داخل اتحاد الكرة”[26].
ثالثا: تقييم أداء اتحاد هاني أبو ريدة.
لم يتعرض اتحاد كرة من قبل لهذا الكم الهائل من الاتهامات كما حدث مع الاتحاد الحالي، وبالرغم من نجاح منتخب الكرة في الوصول إلى نهائيات كأس العالم إلا أن الإخفاق في كأس العالم والهزيمة في ثلاث مباريات، والخروج المبكر من كأس أفريقيا أشعلا الموقف، وأصبح الاتحاد يواجه اتهامات بالفشل الإداري والفساد واستغلال النفوذ. ساهم فشل إدارة ملف الدوري العام وعلاقة الاتحاد بتركي آل شيخ في زيادة الضغط على الاتحاد، وفيما يلي تحليل لأهم التحديات التي واجهت اتحاد هاني أبو ريدة:
انفعال مجدي عبد الغني في المؤتمر الصحفي لاتحاد الكرة.. وأبو ريدة يرد
أولا: أزمة ملف كأس العالم.
أثار تواجد الفريق المصري بروسيا لخوض مبارياته في كأس العالم عدة أزمات وهي:
- إعلان الطائرة ومحمد صلاح: استخدم اتحاد كرة القدم صورة محمد صلاح على طائرة المنتخب المتجهة إلى روسيا والتي تحمل دعايات لشركة (we)، في حين أن الشركة الراعية لمحمد صلاح هي شركة فودافون، وقد أدى هذا الخلط للأوراق وعدم التمييز بين وجود شركة لها حق الرعاية الشخصية لمحمد صلاح بوصفه نجما عالميا، ورعاية شركة وي للمنتخب الذي يعد محمد صلاح أحد أعضائه إلى حدوث أزمة كبيرة قبل السفر لروسيا، ولم تنتهِ الأزمة إلا بعد أن كتب محمد صلاح تويتة ينتقد فيها تصرفات اتحاد الكرة ويعتبرها إهانة كبيرة له، وقد أدت ضغوط السوشيال ميديا إلى تدخل خالد عبد العزيز وزير الشباب وقام بإنهاء الأزمة[27].
- أزمة فندق الإقامة بجروزني: إقامة معسكر المنتخب بمدينة (جروزني) التي تبعد عن مكان إقامة المباريات، الأمر الذي تسبب في إرهاق اللاعبين خلال أدائهم للمباريات نظرا لبعد المسافة في حين أقامت بقية المنتخبات العربية معسكراتها بالقرب من أماكن مبارياتها. أيضا، السماح باختراق معسكر المنتخب- قبل خوص مباراة روسيا- من قبل مجموعة من الفنانين ورجال الأعمال وسط غياب تام من مسؤولي بعثة المنتخب الأمر الذي أفقد اللاعبين تركيزهم خلال المباراة[28]. أخيرا، نشر موقع يورو سبورت العربية أن أحد المسئولين داخل الاتحاد المصري لكرة القدم، والذي كان متواجدًا مع بعثة المنتخب في روسيا قال ليورو سبورت عربية: “إن معسكر المنتخب في جروزني قد شهد تواجد22 فردا من عائلة الأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني السابق للفراعنة، بنفس فندق إقامة معسكر المنتخب، وبعلم مسئولي الجبلاية، كما طلب كوبر من مسئولي الجبلاية تسهيل وجود عائلته في جروزني، وهو ما فعلته الشركة الراعية لاتحاد الكرة، حيث تحملت 50% من قيمة إقامتهم داخل الفندق[29].
- منع مجدي عبد الغني من رئاسة البعثة: بغض النظر عما كتب بخصوص واقعة التيشيرتات، والتي نفاها هاني أبو ريدة في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد العودة من المونديال، إلا أن اللافت في الموضوع هو أن هناك صراعات داخل اتحاد الكرة تصل إلى تصفية الحسابات والتصفية المعنوية في الإعلام، فهاني أبو ريدة قرر منع مجدي عبد الغني من رئاسة البعثة وأرسل بدلا منه عصام عبد الفتاح، وبذلك فهو يؤكد ما نشر في الإعلام من أن مجدي عبد الغني سرق ملابس اللاعبين واعتدى على أحد الموظفين، ثم عاد في مؤتمر صحفي بعد المونديال لينفي تلك التهم عن مجدي عبد الغني، مع ذلك أكد عبد الغني خلال نفس المؤتمر أن قرار الاستبعاد كان خاطئ وأنه لم يوجه أي تهم بالفساد لأعضاء اتحاد الكرة[30] .
- واقعة تذاكر المونديال: ترجع أزمة تذاكر مونديال روسيا إلى قيام شخص يدعى حسن الصباغ، والذي وجه اتهاما لابن أحد أعضاء اتحاد الكرة دون ذكر اسمه، مؤكدا أنه باع له تذكرة في السوق السوداء بـ 300 دولار في حين أن ثمنها الحقيقي 105 دولارات فقط. وجاء رد الاتحاد على لسان أحمد مجاهد، والذي قال ما ذنب الاتحاد في حال قيام شخص بشراء التذكرة بشكل شرعي بـ 105 دولارات ثم عادة بيعها بـ 200 دولار؟ وعن موضوع كون التذاكر بأسماء الاتحاد أو أسر اللاعبين أو أسر اتحاد الكرة وهكذا، رد مجاهد لمراسل يلا كورة في روسيا قائلاً: “بالفعل يوجد تذاكر بهذه المسميات ولكن هذه تعليمات فيفا، فقالوا لنا قسموا العدد لجروبات فقمنا بتدشين تذاكر بأسماء الموظفين، أسر اللاعبين، النواب، المناطق التابعة الاتحاد وهكذا[31]، ويعتقد الباحث أن كلام أحمد مجاهد يحمل إدانة لاتحاد الكرة، فما يقصده الفيفا هو التسهيل والتنسيق، وما تم تنفيذه هو الاحتكار داخل دائرة محددة، وعدم القدرة على إدارة هذا الاحتكار فتم السماح بشراء أكثر من تذكرة، وهو ما ترتب عليه ظهور السوق السوداء. فيما أكد أحمد شوبير نائب رئيس اتحاد الكرة السابق أن هناك نية مبيتة لاحتكار التذاكر، ولو أن هناك شفافية لتم وضع التذاكر على النت وبيعها بشكل شفاف وعادل، وأن من اشتروا التذاكر باعوها بأرقام كبيرة داخل مصر وأرقام أكبر في روسيا، فيما أشار شوبير إلى أن هذا الأسلوب الاحتكاري ساهم في عدم بيع جميع التذاكر وحققت مصر خسائر بما يعادل 200 ألف دولار في مباراتي أوروجواي والسعودية، وأضاف أن هذه الوقائع من الصعب إثباتها لكنها كانت معلومة وتدار أمام أعين أعضاء الاتحاد[32].
- مجدي عبد الغني وطائرة تركي آل شيخ: من المواقف المهينة لاتحاد الكرة المصري هو سفر مجدي عبد الغني على متن الطائرة الخاصة بتركي آل شيخ، دون النظر إلى أنه وزير سعودي وله صفة رسمية وأن دولته تقع مع مصر في مجموعة واحدة، وأن مجدي عبد الغني شخصية رسمية تمثل كرة القدم المصرية ومن غير المقبول القيام بتلك التصرفات، كما أن الصورة التي تم التقاطها لعبد الغني وهو على متن الطائرة يتناول الطعام على مائدة آل شيخ تحمل كثيرا من التقليل للشعب المصري.
ثانيا: إدارة ملف الدوري العام.
امتدت بطولة الدوري هذا الموسم لعام كامل تقريبا، فقد بدأ الأسبوع الأول يوم 31 يوليو عام 2018، بينما تم لعب الأسبوع الأخير يوم الأحد الموافق 28 يوليو 2019، فيما يتم استئناف مباريات الكأس في يوم 28 أغسطس القادم، وستنتهي البطولة في موعد لاحق في ديسمبر القادم لم يحدد بعد، وهناك اتجاه لتأجيل بداية الدوري العام للموسم القادم والمزمع بدايته في يوم 19 سبتمبر إلى يوم 25 سبتمبر بسبب مباريات كأس مصر وارتباطات منتخب مصر الودية تمهيدا لتصفيات كأس العالم 2022 بقطر[33].
كما أن اتحاد الكرة لم يستطيع التعامل مع أزمة المؤجلات نتيجة لارتباطات الأهلي والزمالك الأفريقية، وهو ما جعله يدخل في مشاحنات مع الناديين بالإضافة إلى نادي الأهرام، وهددت الفرق الثلاث بالانسحاب من الدوري وعدم استكمال المسابقة، وكان الدوري عرضة للإلغاء نتيجة لتلك التوترات.
وقد تقدم النادي الأهلي بشكوى ضد اتحاد الكرة للجنة الأوليمبية المصرية والمحكمة الرياضية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” يتهم فيها اتحاد الكرة المصري بإهدار حقوق النادي الأهلي وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص بينه وبين المنافسين فيما يخص موضوع المؤجلات.
وقد كان هناك ضغط كبير من النادي الأهلي لإنهاء بطولة الدوري قبل البطولة الأفريقية من أجل حل مشكلة القيد الأفريقي للأندية المصرية نظرا لارتباط الكاف بمواعيد أخرها 30 يوليو الجاري.
فيما يواجه اتحاد الكرة نفسه معضلات قانونية في إرسال أسماء الفرق الأربع الأولى بالدوري والذي سينتهي يوم 29 يوليو 2019، وهو ما يؤثر على احتمالية مشاركة الفرق المصرية في المسابقتين، فيما أن الاتحاد المصري كان من المفترض أن يخطر الاتحاد الأفريقي يوم 30 يونيو الماضي.
علما بأن هناك ثلاث دول فقط على مستوى القارة لم ترسل أسماء الفرق المشاركة في البطولتين وهم مصر ومالي وليبيا فقط[34].
ثالثا: ملف التحكيم:
لم يتفرغ عصام عبد الفتاح الحكم الدولي السابق لملف التحكيم بالاتحاد المصري لكرة القدم، بل كان يعمل هو أيضا محلل تحكيمي بالقنوات الفضائية المصرية، ليزيد من علامات الاستفهام في العلاقة بين أعضاء اتحاد الكرة والعمل الإعلامي، وقد فشل عصام عبد الفتاح في مواجهة عدة ملفات وهي:
1- حماية الحكام:
فشل اتحاد الكرة المصري في حماية الحكام خصوصا من ضغوط الأندية الكبرى، وبالتحديد رئيس نادي الزمالك الذي دوما ما يتهم الحكام بالرشوة والفساد دون أن تتخذ ضده لجنة الحكام باتحاد الكرة أي إجراء أو موقف قانوني.
2- عمل الحكام بالأندية.
فشل عصام عبد الفتاح في حسم مسألة عمل الحكام بالأندية، لعدم تطبيقه نظام الاحتراف في التحكيم لتوفير المزيد من التركيز، إلا أنه تسبب في تورط حكم مثل حسن السندبيسي في أزمة كبرى نتيجة إلغاء هدف حرس الحدود أمام الأهلي في الجولة الـ 21 بالدوري، وتبين بعد ذلك أنه يعمل في أكاديمية غير مرتبطة بالنادي الأهلي لكنها تحمل اسم “الأهلاوية”، بجانب انتشار صور له وهو يرتدي قميص النادي الأحمر، وكان يجدر برئيس لجنة الحكام حسم هذه المسألة الشائكة منذ فترة طويلة.
3- مستحقات الحكام.
لم يحصل الحكام حتى نهاية النصف الأول من مباريات هذا الموسم على كامل مستحقاتهم عن المباريات التي حكموها بالموسم الحالي للدوري في الأقسام الثلاثة للدوري، وصرفت اللجنة مؤخرًا مبلغ 2 مليون جنيه، بواقع مليون و400 ألف جنيه لحكام الدوري الممتاز و600 ألف جنيه لحكام القسمين الثاني والثالث، إلا أن الحكام مازال لديهم مستحقات متأخرة[35].
4- تقنية الحكم الإلكتروني.
تحدث عصام عبد الفتاح عن تطبيق تقنية الحكم الإلكتروني بداية من الموسم القادم والذي سيبدأ يوم 19 سبتمبر 2019، وحتى الآن لم يعلن تحاد الكرة عن اتخاذ إجراءات عملية لتطبيق تقنية الحكم الإلكتروني بداية من الموسم القادم[36].
رابعا: الفشل الرياضي في أمم أفريقيا.
بعد أن تم غلق ملف فساد كأس العالم مؤقتا، وتشتتت الكرة المصرية في أزمات مسابقة الدوري العام، حتى أن المسابقة كانت مهددة بالإلغاء أو انسحاب أكبر الأندية المصرية منها، وفي ظل تلك الأجواء كان هناك هجوم شديد على اتحاد الكرة قبل بداية البطولة، وكان هناك الكثير ممن توقع خروج مصر بتلك الصورة، وقبل أن يتم عرض أهم الأزمات التي واجهها اتحاد الكرة قبل وبعد البطولة، علينا الإجابة على السؤال التالي:
هل مصر كانت مؤهلة لاستضافة أمم أفريقيا؟
1- عدم جاهزية مصر فنيا لاستقبال البطولة.
في ظل المعطيات السابقة من تعثر وعدم قدرة اتحاد الكرة على إدارة مسابقة الدوري العام، والأزمات التي تمر بها الكرة المصرية خصوصا أزمة القيد الأفريقي للأندية واللاعبين، وتحقيق النيابة العامة في أزمة تذاكر المونديال التي حققت مصر فيها خسائر تقدر بـ 200 ألف دولار نتيجة لعدم القدرة على التسويق الفعال، كذلك نشوء سوق سوداء نتيجة احتكار أعضاء الاتحاد لتسويق التذاكر.
كل تلك الأمور تقول إن مصر غير جاهزة لاستقبال حدث مهم مثل كأس أفريقيا، وهناك أمور أخرى مرتبطة بالحالة الأمنية للدولة المصرية، فمصر تعيش في ظل قانون الطوارئ، ويدعي نظامها أنه في حالة حرب بمعناها الاصطلاحي مع الإرهاب، وبالتالي قام النظام بمنع الجماهير المصرية من حضور مباريات المسابقات المحلية، حتى أن مباراة الأهلي والزمالك القادمة في الدوري والتي ستجرى يوم 28 يوليو 2019 ستكون بدون جمهور[37].
فيما أكد عمرو مصطفى فهمي سكرتير الاتحاد الأفريقي السابق أن شركة «لاجاردير» الفرنسية الحاصلة على حقوق أمم أفريقيا التي يديرها «ادريس عكى» كان من المفترض أن ترفع قيمة تعاقدها مع «الكاف» إلى أكثر من 100 مليون دولار بعدما زاد عدد مباريات البطولة (لزيادة ناتجة عن أن هذه البطولة كان مقرر لها أن تلعب بـ 16 فريقا فقط، وتم زيادة عدد الفرق إلى 24 فرقة).
وأضاف أنه أرسل خطابا رسميا إلى الشركة الفرنسية عندما كان سكرتيرا عاما للكاف ودخل في مفاوضات معها، وأكد فهمي أنه فى حالة زيادة نسبة التعاقد مع الكاف كان سيحق لمصر الحصول على نسبة من قيمة التعاقد تصل إلى 20% باعتبارها الدولة المنظمة أي ما يعادل 20 مليون دولار، وقد تزيد في حالة استمرار التفاوض، ويقول فهمي: “لكنني فوجئت بأعضاء من المكتب التنفيذي بينهم هاني أبو ريدة يطالبونني بالصبر على الشركة الفرنسية وعدم مطالبتها بتعديل العقد على اعتبار أن البطولة لم يتم تسويقها بشكل جيد بعد تغيير الدولة المنظمة[38] “.
2- تغليب العوامل السياسية على العوامل الفنية.
وفي ظل تلك المعطيات يتبين أنه كان هناك رغبة سياسية لتنظيم البطولة من أجل توصيل رسالة للعالم بأن النظام في مصر له شرعية وقادر على التنظيم واستضافة الوفود، وهذا في حد ذاته أمر جيد أن تسعى الدول إلى تقديم نفسها للعالم وتسويق قدراتها وإمكاناتها، لكن ذلك يجب أن يتماشى مع مساحة الحريات الممنوحة للشعب، وتوفير إجراءات عادلة للتقاضي، لكن ما فعله النظام لم يغير من الحقيقة شيئا، بل ربما أتى بنتائج عكسية، وهذا ما ظهر من خلال الطريقة الأمنية في التعامل مع المشجعين والتحكم في نوعية المشجعين، ونشر عناصر أمنية داخل المدرجات لمنع هتاف الجماهير للاعب كرة شهير يرون أنه قد وقع عليه ظلم فقرروا أن يطلقوا صرخة لعل هناك من يسمعها، لكن النظام في النهاية اعتبرها تحديا له وآثر التعامل الأمني مع الجمهور، وجاءت كلمة الحق في المباراة النهائية بعد أن خاف رأس الانقلاب من مواجهة جماهير الجزائر وخشي من الهتاف لأبو تريكة أو لفلسطين أو الهتاف السائد في دول شمال أفريقيا حاليا “لا إلى إلا الله.. محمد رسول الله.. والسيسي عدو الله”.
وبالتالي فإن غلبة الملف السياسي على الملف الفني في رغبة جهاز الكرة في مصر في تنظيم أمم أفريقيا، مع علمهم جيدا بقدرات المنتخب المصري في الفترة الحالية، وأن سمعة الكرة المصرية لا يجب أن يتم التضحية بها. لأنه من شروط التقدم إلى تنظيم البطولات هو قدرة الفريق المنظم على الأداء بشكل جيد، لأن استمرار الفريق المنظم في التواجد بالبطولة يمنح البطولة جماهيرية وشعبية ويجعل المدرجات منتعشة وبالتالي تسويق أفضل للبطولة.
من الأمور التي تدعم وجهة النظر الخاصة بغلبة الملف التنظيمي على الملف الفني، تعليق حازم إمام عضو الاتحاد السابق بأنه تم التعاقد مع أجيري بهدف بناء فريق جديد يمثل مصر في 2022 ولم يكن هناك تفكير في الفوز ببطولة أفريقيا الحالية بل كان الهدف هو بناء فريق جديد، وبالتالي كانت الخيارات في البداية تعتمد على لاعبين صغار السن مع استبعاد اللاعبين الكبار مثل عبد الله السعيد ووليد سليمان، لكن حين نظمت مصر البطولة تغير الهدف وأصبح الحصول على البطولة الحالية له أولوية، وبالتالي عاد للاعبين القدامى قبل البطولة مباشرة[39].
3- اختيار المدير الفني.
عندما أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم في أغسطس 2018 تعيين المكسيكي خافيير أجيري مديرا فنيا للمنتخب، انتشرت في وسائل الإعلام أخبار عن خضوع المدرب الجديد للتحقيق في إسبانيا في قضية أخلاقية مرتبطة بالتلاعب في نتائج المباريات، وترجع قصة القضية إلى مباراة في الدوري الإسباني بين ليفانتي وسرقسطة عام 2011، ومتهم بها 40 شخصا منهم خافيير أجيري بالحصول على رشاوي لتفويت المباريات، وسيخضع أجيري في نوفمبر المقبل إلى التحقيقات بإسبانيا[40].
القاعدة الأصلية تقول: أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن المشكلة هنا تكمن في خيارات اتحاد الكرة المصري الذي يجب أن يبتعد عن أي شبهات في تعاقداته، خصوصا أن المجال مفتوح أمامه وأن الخيارات متعددة.
الملاحظة الثانية تكون في آليه الاختيار، وصنع القرار داخل اتحاد الكرة، فهاني أبو ريدة كلف حازم إمام عقب الخروج من روسيا بالبحث عن مدير فني جديد للمنتخب، وبالفعل تقابل حازم إمام مع عدة مدربين بالخارج على رأسهم تيري هنري لاعب فرنسا الدولي السابق، وبعد الاتصال بأبو ريدة قال له الأسعار مرتفعة، وأعطاه السي في الخاص بأجيري[41]، وأشار إلى أنه لم يصوت على اختيار أجيري.
في حين أكد مجدي عبد الغني أن هاني أبو ريدة فقط هو من تعاقد مع أجيري، وأن أبو ريدة اتفق مع أجيري أثناء وجودهما في الكونجرس الخاص بالفيفا في كأس العالم في روسيا عقب إقصاء مصر، وأضاف: “عند ذلك كلفني أبو ريدة رفقة حازم إمام وعصام عبد الفتاح بتشكيل لجنة لفحص السير الذاتية للمدربين وفي النهاية مجلس إدارة اتحاد الكرة هو من وافق على إتمام التفاوض مع أجيري[42]“.
4- أزمة اختيار اللاعبين ودور وكلاء اللاعبين
من الأزمات الكبرى التي لاحقت المنتخب المصري قبل بدء بطولة أمم أفريقيا هي أزمة اختيار اللاعبين، نظرا لإقصاء لاعبين لهم خبرة دولية كبيرة مثل كهربا ورمضان صبحي، ولاعبين آخرين يؤدون بشكل جيد مثل عبد الله جمعة وصالح جمعة وعمرو السولية ومحمد هاني.
وبغض النظر عن رأي المدير الفني الذي يعد هو صاحب القرار، إلا أن الموضوع وضع علامة استفهام كبيرة حول دور وكلاء اللاعبين في هذا الشأن.
في العام 2015 أوكل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» مهمة اعتماد وسطاء اللاعبين للوائح الداخلية للاتحادات المحلية وهو الأمر الذي فرض مزيدًا من الغموض على علاقة الاتحادات المحلية بوسطاء اللاعبين في كل دولة[43].
في فبراير الماضي قال نادر شوقي وكيل اللاعب رمضان صبحي: “إنه كان على علم بعدم ضم رمضان صبحي لقائمة المنتخب المصري في الفترة الأخيرة ولكنه لن يفصح عن هذه الأسباب لوسائل الإعلام[44]” في إشارة واضحة إلى تدخل ممدوح عيد وكيل المدير الفني للمنتخب في اختيارات اللاعبين.
هناك تساؤلات كثيرة في الوسط الرياضي حول دور ممدوح عيد في اختيارات لاعبي المنتخب، لكن في التحليل الأخير ممدوح عيد كان وكيلا لـ 14 لاعبا بالمنتخب بالإضافة إلى كونه وكيلا للمدير الفني ذاته[45].
ومن المحتمل أن يكون ممدوح عيد هو السبب في عودة وردة مرة أخرى للمعسكر، فقد أكد حازم إمام عضو الاتحاد السابق أن ممدوح عيد تناقش معه في القرار على اعتبار أنه وكيل اللاعب وقال له حازم إن القرار تربوي[46]، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن ممدوح عيد كان يسعى لعودة وردة مرة أخرى إلى معسكر المنتخب.
وبطبيعة الحال من الممكن أن نطرح سؤالا مرتبطا بدور ممدوح عيد في التعاقد مع أجيري ذاته، خصوصا وأن الطريقة التي تعاقد بها الاتحاد مع أجيري كانت غامضة ولم يمثل الاتحاد سوى هاني أبو ريدة فقط، كما أكد حازم إمام الذي تم تكليفه بالبحث عن مدير فني جديد للمنتخب، كذلك الأقوال السابقة الذكر لمجدي عبد الغني حول هذا الملف.
5- أزمة عمرو وردة.
يفتقر اتحاد الكرة المصري للقدرة على إدارة الأزمات، والتعامل مع المواقف الصعبة، وأزمة عمرو وردة لم تكن الأولى في سجل اللاعب، كما أن واقعة التحرش المذكورة حدثت قبل البطولة، وكان رأي الجهاز الفني استمرار اللاعب على اعتبار أنه يحاسب فقط على ما يصدر منه أثناء معسكر المنتخب، لكن اتحاد الكرة أصدر قرارا باستبعاد اللاعب من معسكر المنتخب لسوء سلوكه الأخلاقي، وفي أقل من 24 ساعة عاد اللاعب مرة أخرى، مما أحدث صدمة في الأوساط الإعلامية ولدى الرأي العام، وأثار العديد من التساؤلات حول صناعة القرار داخل اتحاد الكرة، ودور اللاعبين في الضغط على الاتحاد لعودة اللاعب.
جميع الشهادات التي جاءت في هذا الصدد على لسان أعضاء أكدت أن قرار الاستبعاد انفرد به المهندس هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد وكذلك قرار العودة.
أكد حازم إمام أن أعضاء الاتحاد لم يؤخذ رأيهم في قرار إبعاد وردة من المنتخب ولم يؤخذ رأيهم في عودته[47]، لكن موقفه الشخصي أنه كان مع عدم عودة اللاعب مرة أخرى.
أكد أحمد شوبير نائب رئيس الاتحاد أنه تم إبلاغ جميع أعضاء الاتحاد بما فيهم هو شخصيا من خلال المهندس هاني أبو ريدة عبر جروب الواتس آب الخاص بأعضاء الاتحاد، وأنهم جميعا التزموا بالقرار، وأضاف شوبير أن قرار العودة اتُخذ بنفس الطريقة وأنه كان رافضا للقرار وكان يرى أن القرار ناتج عن ضغوط اللاعبين، وأن تأثيره السلبي على صورة وشخصية الاتحاد كبيره أمام اللاعبين والرأي العام[48].
فيما أكد مجدي عبد الغني أن قرار الاستبعاد لم يؤخذ رأي أعضاء الاتحاد فيه، لكن قرار العودة كان بالأغلبية استجابة لمطالب اللاعبين الذين أكدوا أن تلك الوقائع قديمة ولا يجب أن يعاقب عليها اللاعب[49].
نتائج الدراسة:
تتبعت الدراسة واقع الكرة المصرية خلال الثلاثة عقود الأخيرة، غير أنها تناولت بالتحليل الأزمات التي مرت بها الكرة المصرية في السنوات العشر الأخيرة بداية من أزمة مباراة الجزائر مرورا بأحداث بورسعيد والدفاع الجوي نهاية بملفي كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية، وقد حاولت الدراسة التركيز على دور اتحاد الكرة في إدارة تلك الملفات، وبالتالي ركزت الدراسة على آليات اختيار أعضاء مجلس اتحاد الكرة ودوائر المصالح التي تجمعهم وعلاقة الاتحاد بالسلطة، وتسييس أهداف الاتحاد لخدمة التوجهات السياسية، وقمنا بفتح ملفات الفساد التي تم إثارتها في وسائل الإعلام، كما قمنا بتوثيق الوقائع الحقيقية على لسان المسؤولين الرسميين عن الكرة في مصر، وألقينا الضوء على الأزمات الداخلية التي يواجهها ملف الدوري المصري والحكام والقيد الأفريقي بغرض تقييم أداء اتحاد الكرة، وفيما يلي عرضا لأهم نتائج الدراسة:
1- التوظيف السياسي لسياسات اتحاد الكرة.
من الممكن أن نعتبر أن اتحاد الكرة هو أحد الأذرع السياسية التي تمتلكها الدولة والتي تسعى من خلالها بالتعاون مع وزارة الشباب إلى حشد المواطنين في مؤتمرات شعبية داخل الأندية ومراكز الشباب التي يجمع أعضاءها شبكة من العلاقات والمصالح بأعضاء الاتحاد، ويقومون بتوظيفهم في المناسبات التي تحتاج حشدا جماهيريا مثل الاستفتاءات أو الانتخابات الرئاسية.
2- شبكة مصالح متداخلة.
رجال الاتحاد هم رجال الحزب الوطني المنحل، وهم أعضاء مجلس الشعب السابق إبان حكم حسني مبارك، وهم كذلك رجال الإعلام، وتربطهم صلات وثيقة بالفنانين ورجال الأعمال، وهو ما يظهر جليا في المناسبات الكبرى التي يحتشد فيها الفنانون ورجال الأعمال خلف رجال الاتحاد للترويج للمنتخب كما كان الحال في روسيا، وتداخل تلك العلاقة أثر على أداء المنتخب في روسيا بعد أن تم الحجز للفنانين ورجال الأعمال في نفس فندق المنتخب.
3- عشوائية القرارات واستبدادها.
كل الشهادات تؤكد أن كل القرارات المصيرية التي اتخذها اتحاد الكرة في الأزمات الأخيرة التي عرضنا لها خصوصا في ملف كأس الأمم الأفريقية والتعاقد مع أجيري انفرد بها رئيس الاتحاد، كما أن هناك الكثير من القرارات صاحبها غموض وعشوائية وأدت إلى نتائج عكسية وعلى رأسها موضوع عمرو وردة.
4- فساد بلا محاكمات.
ملفات تزوير الانتخابات باتحاد الكرة معروفة ويتحدث عنها أعضاء الاتحاد نفسهم، وتدار أمام أعين الجهات الرقابية، والقضاء عليه متاح ويكون من خلال تعديل اللوائح، بأن من يشترك في الجمعية العمومية الفرق التي تلعب في الممتاز والدرجة الأولى فقط، لكن شبكة المصالح التي يديرها النظام والتي يرنو من خلالها أن تكون له قواعد في جميع المدن والقرى الصغيرة من خلال مراكز الشباب التي يديرها رؤساء أندية خاضعون لاتحاد الكرة ومديريات الشباب والرياضة، يجعل الدولة تغض الطرف عن هذا الفساد.
كما أن ملف أزمة الجزائر معروف والشهادات كثيرة وموثقة، والتحقق من فساد تذاكر مونديال روسيا وإهدار المال العام متاح أيضا، لكن الدولة لن تحرك ساكنا.
5- عودة أبو ريدة محتملة.
الاستقالات ما هي إلا محاولة لتهدئة الرأي العام وحفظ ماء الوجه، وعودة اتحاد أبو ريدة محتملة، وهذا ما حدث سابقا مع يوسف الدهشوري حرب وسمير زاهر، وما تؤكده علاقة اتحاد الكرة بالنظام، وشبكة المصالح والتحالفات التي يديرها اتحاد الكرة والخبرات التي تلقاها هاني أبو ريدة على مدار 30 سنة بالعمل في الاتحاد ومجلس الشعب والحزب الوطني، ودعمه للسيسي في الانتخابات، وتعديل الدستور، والفراغ الذي تركه رحيل سمير زاهر وتقدم يوسف الدهشوري حرب في السن وابتعاده عن الاتحاد منذ عام 2004.
كما أنه يخطئ من يظن أن اتحاد الكرة بالانتخاب، خصوصا رئيس الاتحاد، اتحاد الكرة يتم اختياره من خلال وزير الشباب، والانتخابات تكون مجرد أمور شكلية، وهذا ما أكده مصطفى فهمي السكرتير العام السابق للاتحاد الأفريقي دون أن يقصد في حواره الأخير الذي أشار فيه إلى أنه التقى وزير الشباب أشرف صبحي لكن الوزير لم يعرض عليه الترشح لمنصب رئيس الاتحاد ولم يفاتحه في الأمر[50].
أخيرا، ما تحقق من إنجاز تاريخي في الفترة من 2006-2010، على مدار أربع سنوات يرجع لعدة عوامل أهمها وجود فريق قوي ولاعبين متميزين تحت إدارة مدرب متميز بالنادي الأهلي وهو مانويل جوزيه، كذلك وجود النادي الإسماعيلي الذي ساهم كشافوه في الكشف عن مواهب كثيرة احترف أغلبها بالنادي الأهلي صاحب الإدارة القوية التي استطاعت أن تضيف لمواهبهم القدرات الاحترافية، بالإضافة إلى كفاءة المدرب المصري حسن شحاتة. أما اتحاد الكرة المصرية فهو تاريخ من الفساد والتربيطات والمصالح ومزج الكرة بالسياسة، وهو في التحليل الأخير عبء على الكرة المصرية اختصم كثيرا من أرصدتها.
خاتمة:
سعت الدراسة إلى محاولة فك الاشتباك الدائر حول اتحاد كرة القدم المصري من حيث ميكانيزمات الأداء وقدرته على صنع سياسات رياضية تنهض بنشاط الكرة المصرية وتجعله في المكانة المناسبة، كما اهتمت بتحري اتهامات الفساد الموجهة لاتحاد الكرة والتي أحيانا تصدر عن أعضاء الاتحاد أنفسهم خصوصا في ملف الانتخابات لأنه الأساس الذي من خلاله يتم تحديد أعضاء الاتحاد.
كما تطرقت الدراسة إلى العلاقة بين السلطة والكرة، وكيف أثرت الحسابات السياسية على مسار الرياضة المصرية في مناسبات كثيرة أهمها أحداث مباراتي الجزائر في عام 2009، وكيف كانت الرياضة هي البوابة التي قدم منها حسني مبارك نجله جمال كوريث للحكم في مصر، بعد أن تكرر ظهوره في الدورات الرمضانية رفقة أخيه علاء.
وتوصلنا إلى أن الرياضة لها أهمية خاصة وحسابات تجعلها في سلم أولويات النظام، ففي عام 2006 بعد أن وقعت حادثة عبارة السلام 98 في يوم 2 فبراير 2006، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن مصري، وفي ظل أجواء الحزن والحداد الشعبي على أرواح الضحايا، أصر حسني مبارك على حضور المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية بين مصر وكوت ديفوار في يوم 10 فبراير دون مراعاة لأجواء الحداد.
كما تعاملت السلطة كثيرا بمنطق الثواب والعقاب مع الرياضيين، وهو خروج على طبيعة كرة القدم التي هي في النهاية رياضة تدعم الروح الرياضية وتعمق التواصل بين الشعوب، ففي حالات الفوز يقوم رئيس الدولة بتكريم اللاعبين ويتم تكثيف الحملات الإعلامية والإشادة بمجهودات الرئيس ونسب الفوز إليه والإشادة بالدعم الذي قدمه للمنتخب، وفي حالة الهزيمة يتم التنكيل باللاعبين واتهامهم بعدم الوطنية وفقدان الروح والعزيمة، ويتم إقالة اتحاد الكرة كما حدث في أكثر من مناسبة.
وفي التحليل الأخير تظل كرة القدم في مصر ضحية للتسييس، وهي الظاهرة التي لن تنتهي قريبا طالما ظل النظام السياسي يسعى إلى تعمد إلهاء الشعب بكرة القدم والتركيز على قضاياها مع افتعال قضايا وهمية وإثارة الشحناء بين جماهير الأندية المختلفة، واعتقاده بأن الكرة ملهاة الشعوب ولذلك يجب أن يكون حاضرا في جميع المناسبات الرياضية.
وما يؤكد استمرار هذا التوجه هو التصريحات الأخيرة لعبد الفتاح السيسي بأن المدير الفني للمنتخب الوطني سيكون مصريا، وهو ما يعتبر تدخلا صريحا في الشأن الرياضي وتعديا على اختصاصات اتحاد الكرة، الذي من المفترض أن يدير منظومة الكرة بعيدا عن تدخل الدولة.
وفيما يخص إدارة ملف الكرة فإن آليات الإصلاح تبدأ من خلال تقليص عدد أعضاء الجمعية العمومية وقصرها على أندية الدوري الممتاز والدرجة الأولى فقط، وبالتالي تخفيض الجمعية العمومية الحالية من 210 نادي إلى ما لا يزيد عن 70 نادي فقط، وهو ما يترتب عليه القضاء على ظاهرة الرشاوى الانتخابية.
كذلك اشتراط تفرغ أعضاء الاتحاد وعدم العمل بالمجال الرياضي سواء كان العمل مرتبط بالإعلام الرياضي أو الإعلانات أو شركات خاصة تكون على علاقة عمل بالمنظومة الرياضية كشركات التسويق الرياضي والعلاقات العامة.
كما يجب أن يحظر على أعضاء الاتحاد أن يكونوا جزءا من السلطة السياسية سواء من خلال مواقع تنفيذية أو من خلال التواجد كأعضاء تشريعيين بالبرلمان.
إلى جانب الاستقلال عن المجال السياسي، فإنه من الواجب على اتحاد الكرة أن يدير المنظومة الكروية باحترافية ولا يخضع لضغوط وتهديدات الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك وأن يكون صارما في تطبيق اللوائح، وألا يسعى إلى استرضاء الجمهور بمخالفة اللوائح [51].
الهامش
[1]– محمد مراد وحاتم رضا، 30 أكتوبر 2018، ننشر مطالب أندية الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط
[3]– أيمن جلبيرتو، 30 أغسطس 2016، بالأصوات.. الفائزون بعضوية اتحاد الكرة المصري، تاريخ الاسترداد 2019، من يالا كورة، الرابط
[4]– عمر الأيوبي، 28 نوفمبر 2008، زاهر رئيسا لاتحاد كرة القدم، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط
[6]– مصر س، كمال درويش: مهاترات الزمالك ورشاوى اتحاد الكرة وراء رفضي دخول أي انتخابات، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[10]– أخبار الزمالك و 13 يونيو 2012، شاهد بالفيديو.. شلبي كشف رشاوي اتحاد الكرة في الانتخابات المقبلة!!، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[11]– محمود ماهر، 3 أغسطس 2019، رسمياً | الاتحاد المصري َلغي الهبوط، والدوري 20 نادياً، تاريخ الاسترداد 2019، من موقع جول دوت كوم، الرابط
[12]– سكاي نيوز العربية، 16 مايو 2019، اتحاد الكرة المصري يوضح موقفهم ن “إلغاء الهبوط” بالدوري، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[13]– ناصر الشرقاوي، 24 يوليو 2017، ترحيل سحر وحازم الهواري إلى سجني دمنهور وبرج العرب، تاريخ الاسترداد 2019 ومن المصري اليوم، الرابط
[21]– ندى مجاهد، 30 أغسطس 2016، تعرف على تاريخ الجبلاية منذ 95 عاما، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط
[22]– محمد مراد، 16 أبريل 2019، شوبير وإمام وسويلم فى مؤتمر رياضي بالشرقية بسبب التعديلات الدستورية، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط
[23]– محمد مراد – حاتم رضا – أحمد جودة، 20 يناير 2018، اتحاد الكرة يدعو رموز الرياضة والحكام لدعم السيسي غدا، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط
[24]– محمد السيسي، 22 يناير 2018، كرة القدم المصرية تبايع «السيسي» لولاية رئاسية ثانية، تاريخ الاسترداد 2019، من الوطن، الرابط
[25]– المصري اليوم، 2 ديسمبر 2012، المصري اليوم تنشر النص الكامل لتقرير تقصي الحقائق حول مجزرة بورسعيد، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[26]– إسلام صادق، كريم أبو حسين، 3 مارس 2015، مدير إدارة أمن الملاعب بالجبلاية يستقيل.. ويبدي استعداده للشهادة في أحداث مباراة الزمالك وإنبي، تاريخ الاسترداد 2019، من المصري اليوم، الرابط
[27]– فرانس 24، 1 مايو 2018، كيف تسببت صورة محمد صلاح على طائرة “الفراعنة” في أزمة مع الاتحاد المصري؟، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[28]– المصري اليوم، 20 يونيو 2016، من المسؤول عن استباحة «فندق المنتخب» ؟، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[29]– يورو سبورت العربية، 27 يونيو 2018، فضيحة مدوية لكوبر في فندق الفراعنة بجروزني، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[31]– مصطفى الجريتلي وريهام حمدي، 24 يونيو 2018، تحقيق مصراوي.. اتحاد الكرة بريء من أزمة تذاكر السوق السوداء.. وبعض المشجعين تسببوا في الأزمة، تاريخ الاسترداد 2019، من مصراوي، الرابط
[33]– محمد مراد، حاتم رضا، 20 يوليو 2019، اتجاه لتأجيل الدوري الجديد أسبوعا بسبب أزمة مواعيد كأس مصر، من اليوم السابع، الرابط
[35]– كريم عبد المحسن، 15 فبراير 2019، 4 ملفات فشل عصام عبد الفتاح في حلها داخل منظومة التحكيم، تاريخ الاسترداد 2019، من الوفد، الرابط
[36]– فرانس 24، 30 يناير 2019، تحديد موعد تطبيق نظام “الفار” في الدوري المصري، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط
[37]– محمد مراد، 19 يوليو 2019، اتحاد الكرة: قمة الأهلي والزمالك بدون جمهور لتكافؤ الفرص، من اليوم السابع، الرابط
[38]– إسلام صادق، 1 يوليو 2017، عمرو مصطفى فهمي: خروج المنتخب من أمم أفريقيا فرصة لتطهير الكرة المصرية (حوار)، من المصري اليوم، الرابط
[40]– هاني عبد النبي، 24 فبراير 2019، محاكمة مدرب مصر فى قضية فساد شهيرة بالدوري الإسباني سبتمبر المقبل، تاريخ الاسترداد 2019، من سوبر كورة، الرابط
[42]– حوار في الجول، 9 يوليو 2019، حوارفي الجول – عبد الغني يرد على حصوله على عمولة التعاقد مع أجيري.. والربح من تذاكر أمم إفريقيا، الرابط
[43]– عمر البانوبي، 8 أكتوبر 2018، بوابة أخبار اليوم تفتح ملف «وكلاء الفساد» في الكرة المصرية، تاريخ الاسترداد 2019، من بوابة أخبار اليوم، الرابط
[44]– رضا غانم، 28 فبراير2019، نادر شوقي: كنت أعلم بعدم انضمام رمضان صبحي للمنتخب ولن أفصح عن الأسباب، تاريخ الاسترداد 2019، من الأهلي الجديد، الرابط
[50]– معتز السيد، 17 يوليو 2019، حوار في الجول – مصطفى فهمي يكشف موقفه من انتخابات اتحاد الكرة.. “كوارث لات ُصدق وأزمات مرعبة، من في الجول الرابط
[51] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.