fbpx
تقاريرأسيا وافريقيا

اغتيال السفير الروسي في تركيا: رؤى غربية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

في 19 ديسمبر 2016، تم اغتيال السفير الروسي في العاصمة التركية، أنقرة “اندريه كارلوف” أثناء القائه خطاب افتتاح معرض فني في أنقرة على يد شاب استخدم هويته الشخصية كضابط شرطة للدخول إلى موقع الحدث. الشاب الذي قام بعملية الاغتيال هو “مولود ميرت” 22 عاماً، وهو عنصر في قوات مكافحة الشغب بأنقرة ولم تثبت أي صلة له بأية جهات معروفة.

السفير الروسي كارلوف بدأ عمله كسفير في أنقرة منذ عام 2013، بحسب موقع السفارة الروسية في تركيا، بدأ عمله الدبلوماسي في العشرينيات من عمره بعد تخرجه من معهد موسكو للعلاقات الدولية، وكان أيضا سفيراً لروسيا في كوريا الشمالية. وفي تعليقه على حادثة سقوط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015 اتهم كارلوف تركيا بقيادة حملة ضد روسيا.

أما مولود ميرت فهو من مواليد عام 1994 وهو عنصر في قوات مكافحة الشغب في أنقرة حسب تصريح وزارة الداخلية التركية، وتمت تصفيته في موقع الحدث مباشرة، كما تم اعتقال والدته واخته من محل اقامتهم للتحقيق معهم.

 

ردود الفعل الرسمية

اعتبر كلا الرئيسين التركي أردوغان، والروسي بوتين هذا العمل استفزازياً، وتعهدوا بزيادة التعاون بين الطرفين لمكافحة الإرهاب كما صرحت وزارة الخارجية التركية بأنها لن تسمح لمثل هذه الاحداث بان تؤثر على العلاقات بين البلدين. كما تم الترتيب لإرسال وفد تحقيقات روسي للمساعدة في التحقيقات المتعلقة بالحادثة. أعلن بوتين تكثيف الحماية حول المنشئات الدبلوماسية التركية في روسيا كما طلب من الجانب التركي أيضا رفع حالة التأهب والامن حول المنشئات الدبلوماسية الروسية في تركيا.

 

التحليلات في الصحافة الغربية

جاءت حادثة الاغتيال قبل يوم واحد من اللقاء المنتظر بين وزير الخارجية التركي ونظريه الروسي والإيراني، المقرر انعقاده في موسكو لمناقشة تطور الاحداث في سوريا. حسب صحيفة الواشنطن بوست فان بعض المحللين من الطرف الروسي يتهمون الغرب بالتواطؤ في الهجوم بسبب خوفهم من التحالف المتوقع بين الثلاثي الروسي التركي الإيراني الذي يعد مضاهي لتحالف الناتو. وتضيف أن العلاقات بين البلدين ستعود كما كانت ولن تؤثر الحادثة بشكل كبير، حسب تعليق “ارون ستين” الباحث في معهد اتلانتيك.

بينما تذكر صحيفة الاندبندنت نقلا عن مسؤول بالأمن التركي أن الشاب مولود ينتمي لحركة فتح الله جولن الامر الذي نفاه المتحدث باسم الحركة. لكن الصحيفة تستبعد ان تؤثر عملية الاغتيال على العلاقات بين البلدين.

صحيفة الجارديان في مقالها “لماذا ستتسبب عملية الاغتيال في تقوية العلاقات بين روسيا وتركيا” تقول إن ردود فعل الطرفين على الحادث لا ينذر بتوتر في العلاقات بينهم، منها مسارعة أردوغان بالاتصال بالرئيس الروسي وارسال التعازي، واتخاذ الإجراءات في التحقيق، إضافة إلى اعلان انقرة وموسكو استمرار اللقاء المزمع عقده بين وزراء دفاع إيران وروسيا وتركيا سيعمل على احتواء الازمة وتجاوزها.

ويرى بعض المحللين الأتراك أن كلا الطرفين يؤمنون بنظرية المؤامرة الغربية التي تسعي لإفساد العلاقة بين البلدين، بينما يرى آخرون أن الطرفين لا يوجد لديهم الحافز لفقد ما توصلوا إليه من اتفاق خاص بالشأن السوري. بمعنى آخر أن الحافز بين البلدين لاحتواء الازمة أكبر من التأثير السلبي للحادثة. لكن الحادثة ستكون سبباً في استمرار العلاقة بين البلدين بمستوى غير متماثل بمعنى أن روسيا بعد هذه الحادثة ستكون لديها اليد العليا.

ويستبعد الدبلوماسي التركي السابق سينان اولجن من معهد “كارنيجي” أن تكون تداعيات حادثة الاغتيال مماثلة لحادثة اسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015، حيث يقول إن كلا الطرفين غير مستعدين لتصعيد الموقف الآن لكن على العكس فإن التصريحات الرسمية الأولية أشارت إلى أن الحادثة عمل إرهابي يجب مقاومته. أيضا يرى “ماكسيم سوخلوف” الخبير في الدراسات الشرق أوسطية في المعهد الروسي للدراسات الدولية أنه لا يوجد حافز سياسي لدى الطرفين لتصعيد الموقف الراهن فكلا الطرفين لديهم قد طوروا العلاقات العسكرية والسياسية بينهم في الفترة الأخيرة.

السي ان ان تحدثت عن فكرة اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد اغتيال ولي عهد النمسا على يد القاتل الصربي في عام 1914 الذي ولًد سلسه من الاحداث التي قادت لاندلاع الحرب العالمية الاولي. بشكل مشابه فإن العالم الآن يعاني من حالة شديدة من التوتر التي يمكن أن تسفر عن تفاعلات مشابهه لحادثة ولي العهد.

وتحاول الصحف التركية الاستمرار في ربط “مولود” الذي قام بعملية الاغتيال بجماعه فتح الله كولن حيث أوردت صحيفة الديلي صباح التركية أن مولود قد أخذ عطلة لمدة يومين (16 إلى 18 يوليو بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، المنسوب تدبيره إلى جماعة جولن، وأن الأوراق التي تمت حيازتها بعد محاولة الانقلاب كانت تشير إلى أن يوم 16 يوليو هو اليوم الأساسي الذي كان مخططا له للقيام بالانقلاب قبل اكتشاف المخابرات التركية لتحركات الانقلابين.

 

خلاصة

يبدو أن السمة العامة في الصحافة الغربية أنها تنظر إلى الأمر على أنه لن يؤثر سلبيا كثيراً على طبيعة العلاقات بين البلدين مع عدم توجيه أصابع اتهام لأي طرف من المنظمات الإرهابية، وفقا للتصريحات الرسمية الصادرة من كلا الطرفين ومساحة الانسجام الحاصلة الآن بين البلدين والمصالح المشتركة الموجودة.

لكن يبدو أن روسيا حتى وإن كانت على المستوى الرسمي أصدرت تصريحات تدل على أن الحادثة لن تؤثر على طبيعة العلاقات إلا أن الروس لازالوا يتذكرون حادثة اغتيال الدبلوماسي الروسي في القرن التاسع عشر في طهران اليكسندر جريبيدوف الذي راح ضحية تفجير في السفارة الروسية، مثل هذه الاحداث نادرة الحدوث في التاريخ الروسي. وستستفيد روسيا من هذه الحادثة ليس على مستوى التصريحات ولكن على مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، باعتبار روسيا في مستوى أعلي من تركيا، بمعنى آخر سيكون لروسيا اليد العليا في العلاقات بين البلدين وستعمل على ممارسة نوع من الابتزاز السياسي في إدارة علاقاتها مع الدولة التركية، كما مارسته في مواجهة النظام العسكري الحاكم في مصر بعد سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في 31 أكتوبر 2015، وأسفرت عن مقتل 224 راكبا (1 ).

———————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close