تقارير

الأحزاب السياسية في المكسيك الانتشار والتأثير

تقع الولايات المتحدة المكسيكية في أقصى جنوب القارة الأمريكية الشمالية؛ يحدها من الشمال الولايات المتحدة الأميركية، ومن الغرب والجنوب الغربي المحيط الهادئ، كما يحدها شرقا خليج المكسيك. يقع البحر الكاريبي ودولتا غواتيمالا وبِيليز جنوب شرقي البلاد. وتشغل الحدود الساحلية ما يزيد عن سبعين بالمائة من إجمالي طول الحدود1 .
تبلغ مساحة الأراضي المكسيكية حوالي مليوني متر مربع، ما يجعلها خامس أكبر دولة من حيث المساحة في الأمريكتين والثالثة عشر على مستوى العالم. زاد عدد السكان عام 4 201 عن 125 مليون نَسمة، ما يجعل المكسيك الدولة الحادية عشرة على مستوى العالم من حيث عدد السكان، والأولى ضمن الدول المتحدثة بالإسبانية، والثانية بين دول أمريكا اللاتينية. تعد اللغة الإسبانية اللغة الرسمية للبلاد، لكن تُستخدم عشرات اللغات الأصلية الأخرى من قِبل نسب كبيرة من السكان2 .
في عام 2010، أنفقت المكسيك ما يزيد عن 5% من إجمالي الناتج المحلي على التعليم، وانخفضت نسبة الأمية من 12,4% عام 1990 إلى 6,9 عام 20103 . كما ارتفع الإنفاق على العلوم والتكنولوجيا في ذات الفترة من 0,28 إلى 0,42 من إجمالي الناتج المحلي. ويعيش حوالي 79% من السكان في الحضر4 . تمتاز المكسيك بفجوة كبيرة في مستويات الدخل والتحضر بين الشمال والجنوب، ويغلب على جنوبها الطابع الريفي الزراعي ويتركز فيه النسبة الأكبر من السكان الأصليين5 .

الاقتصاد والموارد

الاقتصاد المكسيكي هو اقتصاد رأسمالي نيوليبرالي تعود جذوره إلى حقبة الرئيس ’بورفيريو دياز‘ والتي شهدت فيها البلاد معدلات نمو كبيرة ارتبطت بتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المكسيك. تعزز هذا التوجه الاقتصادي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وتُوج بتوقيع المكسيك على اتفاقية ’نافتا‘ ودخولها حيز النفاذ عام 1994.
عملة المكسيك هي البيزو، ويقدر سعر صرفه أمام الدولار الأمريكي بنحو 18,8 هي أقل قيمة له منذ فترة كبيرة؛ حيث شهد البيزو تراجعا عام 2015 قدر بـ17% واستمرت قيمته في التدهور في مستهل العام الجديد6 .
بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي عام 2014 1.295 تريليون دولار7 ، ما يجعل المكسيك تحتل المركز الخامس عشر عالميا من حيث قوة الاقتصاد.8 ارتفع معدل النمو عام 2015 إلى 2.4% بعد أن كان أقل من 2% عام 2013.
يقوم الاقتصاد المكسيكي على قطاعات أساسية توفر النصيب الأكبر من موارد الدولة والناتج المحلي الإجمالي. القطاع الرائد هو قطاع الخدمات الذي حافظ في السنوات 2004-2014 على نسبة متوسطة 61% من إجمالي الناتج المحلي9 . على رأس قطاع الخدمات يأتي القطاع المالي والمصرفي والذي يجذب ما يقارب ربع الاستثمارات الأجنبية المباشرة: عام 2006 بلغت قيمة الأصول البنكية المملوكة للأجانب حوالي 80%10 .
يأتي بعد ذلك قطاع التصنيع وهو الأنشط في مجال الصادرات ويشكل حوالي 35% من الناتج المحلي11 ؛ كما أنه المصدر الأعلى للإيرادات في الدولة: وفر عام 2007 حوالي 81% من الإيرادات.12 تتراوح الصناعات المكسيكية المصدرة بين الطائرات والسيارات، والآلات والمعدات والإلكترونيات، والأقمشة والبلاستيكات والكيماويات13 . تغلب الملكية الخاصة على قطاع التصنيع ويجذب ما يقارب ثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة. تعد مدن مكسيكو سيتي ومونتيري وغوادالاهارا المراكز الصناعية الأكبر في المكسيك 14 .
تتمتع المكسيك بعاشر أكبر احتياطي للبترول عالميا وهي رابع أكبر منتج للبترول في الأمريكتين: تقدر عوائد الشركة الوطنية للبترل ’بيميكس‘ بنحو مائة وثلاثين مليار دولار15 . يعد قطاع البترول ثاني أكبر مصدر للإيرادات بعد التصنيع، حيث بلغت إيرادات تصدير البترول عام 2014 11% من إجمالي الإيرادات16 . وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أهم مستوردي النفط الخام المكسيكي، حيث شغل النفط المكسيكي حوالي 11% من إجمالي واردات النفط الأمريكية.
تأتي بعد ذلك تحويلات المهاجرين والاستثمار الأجنبي والسياحة كمصادر للإيرادات17 . يأتي أغلب السياح إلى المكسيك من الولايات المتحدة وكندا.
أخيرا يجب إلقاء الضوء على أن الاقتصاد المكسيكي هو اقتصاد تصدير؛ بلغت قيمة الصادرات عام 2011 قرابة 349.6 مليار دولار18 . تتجه الصادرات المكسيكية بالأساس نحو الولايات المتحدة – حوالي 80% عام 2011 – وكندا والصين وإسبانيا والبرازيل19 .
تستورد المكسيك الغاز الطبيعي في ظل تزايد اعتمادها عليه في الاستهلاك المحلي20 . كما تتضمن أهم وارداتها الماكينات والمعدات والأجهزة الإلكترونية، وقطع السيارات والطائرات للتركيب وقطع غيار السيارات. وتأتي معظم وارداتها من الولايات المتحدة، والصين، واليابان وكوريا الجنوبية، وألمانيا21 .
قدر حجم القوة العاملة المكسيكية عام 2011 بحوالي 84 مليون، النسبة الأكبر منهم (61,8%) في قطاع الخدمات، ثم القطاع الصناعي، ثم القطاع الزراعي.22
أشارت قائمة ’فوربز جلوبال 2000‘ عام 2013 – وهي قائمة سنوية بأكبر الشركات العالمية – إلى تسعة عشر شركة مكسيكية عالمية تقدر قيمتها السوقية مجتمعة بـ 369.9 مليار دولار وتولد أرباحا بقيمة 16.8 مليار دولار.23 تتراوح مجالات هذه الشركات بين مجال الأغذية ومجال الاتصالات ومجالات البناء والأجهزة الإلكترونية والمنزلية. 24

الاتفاقيات التجارية

اعتمدت المكسيك منذ مطلع التسعينات على اتفاقيات التجارة الحرة كوسيلة للتعافي الاقتصادي ودمج الاقتصاد المكسيكي في الاقتصاد العالمي، حتى وضعت منظمة التجارة العالمية المكسيك عام 2005 كثامن دولة تجارية على مستوى العالم. 25 توسعت المكسيك منذ مطلع القرن الجديد في الدخول في المزيد من تلك الاتفاقيات إلى أن بلغ عددها اثني عشرة اتفاقية تربط 44 دولة بالاقتصاد المكسيكي بدرجات متفاوتة. وقد دعى
أهم تلك الاتفاقيات هي بالطبع اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا ’نافتا،‘ والتي دخلت حيز النفاذ بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك في يناير 1994. صارت المكسيك بموجب تلك الاتفاقية أحد أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة تصديرا واستيرادا – تستورد المكسيك من الولايات المتحدة حوالي 50% من إجمالي وارداتها26 وهي ثاني أكبر سوق للصادرات الأمريكية بعد كندا.27 “تتمتع المكسيك بفائض في ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك صارت من أكبر حاملي أذون الخزانة الأمريكية.”28
أما اتفاقيات التجارة الحرة الأخرى فتربط المكسيك بالاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، واليابان، ودول غرب أمريكا اللاتينية والأوروغواي، وأخيرا أميركا الوسطى. تغطي كل تلك الاتفاقيات السلع والخدمات، فيما عدى الاتفاقية مع إسرائيل، والتي تغطي السلع فقط.
29
دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما المكسيك عام 2012 لتشارك في المحادثات الخاصة باتفاقية الشراكة عبر الباسيفيك TPP ، وشاركت المكسيك بالمحادثات وكانت أحد الأعضاء الموقعين على الاتفاقية في أكتوبر 201530 .

النظام السياسي31

جمهورية الولايات المتحدة المكسيكية هي دولة فدرالية مكونة من إحدى وثلاثين ولاية وإقليم فدرالي هو العاصمة مكسيكو سيتي وضواحيها. النظام السياسي على المستوى الفدرالي هو نظام رئاسي دستوري ينتخب فيه الرئيس انتخابا مباشرا مرة واحدة مدى الحياة لمدة ست سنوات ويعتبر رئيس الدولة ورئيس الحكومة. يتمتع منصب الرئيس تاريخيا ودستوريا بقدرة كبيرة على التأثير على الحياة السياسية ليس فقط على المستوى الفدرالي بل كذلك على مستوى الولايات.32 يشغل منصب الرئيس منذ 2012 ’إنريكيه بينيا نييتو‘ عضو الحزب الثوري المؤسسي، وهو أول رئيس يفوز عن الحزب منذ عام 2000، حين أنهى فوز مرشح حزب الفعل الوطني ’فيسنتي فوكس‘ عقودا من السيطرة غير المشروعة للحزب الثوري المؤسسي على السلطة.
يعطي الدستور للرئيس صلاحيات واسعة أهمها اقتراح التشريعات وتحديد أولويات التشريع. وضع وإدارة ملف السياسة الخارجية. يعطى الرئيس حق الفيتو ضد التشريعات التي يعارضها وحق العفو عن المدانين وهو الحق الذي استخدمه الرؤساء تاريخيا لاحتواء المعارضين. وتبقى السلطة الأهم للرئيس هي إصدار إعلانات القوانين في شتى المجالات العامة من إنشاء الوزارات والشركات القابضة والمشاريع العامة، مرورا بتعديلات واسعة على الموازنة وتمرير قانون الضريبة على الدخل، إلى سياسات عامة تمس تنظيم الأسرة والطاقة النووية33 .
تتكون السلطة التشريعية أو الكونجرس المكسيكي من غرفتين هما مجلس الشيوخ ومجلس النواب. يشكل مجلس الشيوخ من 128 عضوا ينتخبون لستة سنوات متزامنة مع الفترة الرئاسية للرئيس. يرأس المجلس حاليا السيناتور ’إميليو جامبوا باترون‘ عضو الحزب الثوري المؤسسي. الغرفة الثانية هي مجلس النواب ويتكون من 500 عضوا منتخبون لثلاثة سنوات، ويرأسه حاليا ’هيسوس زَمبرانو‘ عن الحزب الثوري الديمقراطي. يحظر على أعضاء المجلسين عضوية ذات المجلس لفترتين متتاليتين.
يعقد كلى مجلسي الكونجرس دورتين برلمانيتين سنويا أولاهما تبدأ من الأول من سبتمبر حتى 15 ديسمبر؛ والثانية من 15 مارس حتى 30 أبريل. أما خارج الدورة البرلمانية تتولى لجنة دائمة – مكونة من ثمانية عشرة عضوا من مجلس الشيوخ وتسعة عشر عضوا من مجلس النواب – مسؤولية دعوة الكونجرس للانعقاد والموافقة على قرارات التعيين الصادرة عن الرئيس؛ ولا يحق لها إصدار التشريعات.
يعد وزير الشؤون الداخلية الشخصية الأهم داخل مجلس الوزراء، ويليه وزير العلاقات الخارجية المسؤول عن ذلك الملف مع الرئيس، وفي العقد الأخير اكتسبت المجموعة الاقتصادية أهمية متزايدة من أهمية القضايا الاقتصادية المتزايدة.34 من أهم الملفات التي يتولاها وزير الشؤون الداخلية العلاقات بين السلطة الفدرالية والولايات والبلديات، والتواصل مع الكونجرس، والشرطة والسجون الفدرالية، والهجرة، وتنظيم الانتخابات وتسجيل الناخبين والأحزاب.
يمنح الدستور الحكومة الفدرالية درجة كبيرة من النفوذ في معظم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية. ورغم نظامها الفدرالي إلا أن المكسيك تعد دولة مركزية بنسبة كبيرة، حيث تعتمد الولايات والبلديات على الحكومة الفدرالية في تمويل أنشطتها .
يرأس كل ولاية محافظ ينتخب انتخابا مباشرا لفترة هي ست سنوات ولا يعاد انتخاب ذات المحافظ لفترة أخرى. لا تتزامن انتخابات المحافظين مع الانتخابات الرئاسية إلا في ستة ولايات. لكل ولاية كذلك كونجرس منتخب لمدة ثلاث سنوات. يتكون الكونجرس من غرفة واحدة وتتراوح أعداد النواب فيه بين تسعة وخمسة وعشرين نائبا. تحفظ دساتير الولايات للمحافظين النصيب الأكبر من السلطة وغالبا يقتصر عمل المجالس التشريعية على إضفاء الصبغة الرسمية على مشاريع المحافظين. أخيرا، يحقّ للرئيس أن يطالب مجلس الشيوخ بعزل أحد المحافظين من منصبه حال فشله في الحفاظ على الأمن والنظام العام في ولايته، ثم بعد عزله يعين الرئيس بديلا له لحين انتهاء المدة المتبقية من فترة ولايته. تاريخيا ومنذ القرن الماضي، لجأ الرؤساء كثيرا لهذا الامتياز لعزل المحافظين، وفي أحيان أخرى كانوا يضغطون على المحافظين للاستقالة طواعية، وذلك لاحتواء الأزمات السياسية.
الوحدة الأصغر في نظام الإدارة في المكسيك هي البلدية، وهي الهيئة المسؤولة أمام المواطنين عن تقديم الخدمات والمرافق العامة لمواطنيها. ينتخب إلى المجالس البلدية من خمسة إلى أحد عشر عضوا، يرأسهم عمدة البلدية. ولاية هذا الأخير هي ثلاث سنوات، ولا يشغل العمدة منصبه لفترتين متتاليتين، وهو الشخصية المهيمنة على المجلس البلدي بموجب الدستور.

النظام الحزبي المكسيكي35

حتى الثمانينات من القرن الماضي كان حزب واحد هو الحزب المؤسسي الثوري هو المهيمن على النظام الحزبي وعلى سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية في ظل تعددية صورية حرص عليها الحزب الحاكم مراعاة للشعارات الديمقراطية التي رفعت أثناء الثورة المكسيكية وللتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولم يشهد النظام الحزبي تنافسا حقيقيا على السلطة إلا في نهاية الثمانينات حين زاد سخط المواطنين على ممارسات الحزب الحاكم وتشبثه بالسلطة وارتفعت أسهم أحزاب أخرى بدرجة جعلت منها نِدا للحزب الحاكم. ولم يخسر الحزب رئاسة الدولة منذ نشأته إلا في انتخابات عام 2000.
تهيمن على النظام الحزبي والمؤسسات التمثيلية بالمكسيك ثلاثة أحزاب رئيسية، في ظل تمثيل ضئيل لأحزاب أخرى صغيرة. تتمتع الأحزاب الكبرى الثلاث بدرجة من المركزية تمكّنها من الهيمنة كذلك على المنافسة السياسية والتمثيل السياسي داخل الولايات، وليس على المستوى الفدرالي فحسب. ولكن، توجد بعض الأحزاب المحلية التي يقتصر نشاطها داخل ولايات معينة.
صبغت الثورة المكسيكية الطيف السياسي كاملا بصبغة يسارية، على الأقل على صعيد التوجهات الاقتصادية. أما عمليا، فتصنف الأحزاب كأحزاب يمين أو وسط أو يسار بناء على مزيج توجهاتها السياسية والاجتماعية ودرجة تطرفها أو اعتدالها.

1- الحزب الثوري المؤسسي

تأسس الحزب في مارس 1929 تحت مسمى ’الحزب الثوري الوطني،‘ في محاولة من الرئيس المكسيكي آنذاك ’بلوتاركو كايِّس‘ لمأسسة انتقال السلطة إلى الثورة بخلق كيان حزبي يضم بين دفتيه كافة الفصائل الثورية وينهي الصراع بينها 36. غيرت الجمعية الوطنية للحزب اسمه عام 1946 إلى ’الحزب الثوري المؤسسي.‘
مر الحزب أثناء الفترة الرئاسية لـ’لازارو كارديناس‘ بأهم تحولاته التاريخية التي أثرت على مساره السياسي إلى اليوم. ففي الفترة من 1934 حتى 1940، قام ’كارديناس‘ بعدد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الموسعة – من توزيع للأراضي الزراعية على المزارعين، وتأميم لقطاعي البترول والسكة الحديد، وتنظيم أكبر للطبقة العاملة – التي أحالت الحزب حزبا جماهيريا تمتع بدرجة عالية من الاستقرار لعقود.
يعتمد الحزب في اتخاذ أهم القرارات، كاختيار المرشحين الرئاسيين، على دائرة صغيرة مغلقة من قياداته – هم رئيس وأمين عام الحزب، وأمناء لجان الزراعة والعمل والحراك الشعبي والحراك السياسي. تهيمن هذه المجموعة على قمة الهرم التنظيمي للحزب وهي اللجنة التنفيذية الوطنية. هذه الأخيرة بدورها تمثَل في مجلس وطني للحزب مشكل من ممثلين عن القطاعات والولايات المختلفة بالدولة، ويشرف المجلس على مجالس الحزب بالولايات والبلديات ويرفع التقارير عنهم إلى اللجنة التنفيذية. أخيرا، تجتمع كل ثلاث أو أربع سنوات جمعية وطنية بها قرابة ألفي ممثل عن قواعد وأعضاء الحزب، يتم اختيارهم فروع الحزب بالقطاعات والمناطق المختلفة، ويقتصر دور هذه الجمعية على التصديق على سياسات اللجنة التنفيذية واختيارها للمرشحين الرئاسيين. يرأس الحزب حاليا ’أوكتافير سيزار كماتشو كويروز37 .

التوجه

يقدم الحزب نفسه على أنه امتداد للثورة المكسيكية، ويستحوذ على القواعد الشعبية المنظمة للعمال والفلاحين. يدعم الحزب الحق في الإضراب، وكانت سياساته محركا لعدد من الإصلاحات الاجتماعية كالحد الأدنى للأجور والتأمينات الاجتماعية المختلفة والمشاركة في الربح للعاملين بالقطاع الخاص. ولكن في ذات الوقت يحظى القطاع الخاص بأهمية لديه، كما يتضح من اتجاه الحزب لتحفيز الاستثمار وتهيئة المناخ المناسب له.
خارجيا، يميل الحزب نحو تعزيز التعاون مع دول أمريكا اللاتينية ويدعم أنظمتها اليسارية والثورية في الوقت الذي كان يؤكد على استقلال المكسيك عن الاتحاد السوفيتي سابقا من جهة، والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى. يصنف الحزب كحزب وسط.

مصادر القوة والتمثيل السياسي

مبكرا ارتبط الحزب ارتباطا بنائيا بمنظمات اجتماعية ولدت أثناء الثورة وبعدها. أهم تلك المنظمات هو ’الاتحاد الوطني للمنظمات الشعبية‘ الذي أنشأه الرئيس ’أفيلا كامَتشو‘ عام 1943 كمظلة لقطاعات البيروقراطيين والنساء غير العاملات والتجار وغيرهم من الطبقة الوسطى، ولكن تبقى فئة العاملين بالدولة هي الأقوى ضمن تلك الفئات. وقبل ’اتحاد المنظمات الشعبية‘ كان هناك اتحاد العمال المكسيكيين، والاتحاد الوطني للمزارعين الذي تطور عن اتحادات المزارعين التي أشرفت الدولة على تنظيمها. صارت هذه المنظمات بما تمثلها من فئات –الطبقة الوسطى والعمال والفلاحين – بمثابة العماد المؤسسي للحزب؛ في ظل دور أكبر لاتحاد المنظمات الشعبية على عملية صنع القرار.
كذلك ومع مرور الوقت، ارتبطت بالحزب شبكات مصالح أخرى أهمها اتحاد المعلمين، والشركة الوطنية للبترول ’بيمِكس،‘ والمحتكرون بقطاعي الاتصالات اللاسلكية والتلفزيون. واعتمد الحزب في شغل المناصب الحكومية – وكذلك المناصب داخل الحزب – على المحسوبية بعيدا عن اعتبارات الكفاءة والجدارة المعلن عنها رسميا.
أنشأ الحزب عام 1963 ’معهد الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‘ ليكون بمثابة المنسق لعملية صنع السياسات الحكومية وليختص بالبحث في احتياجات المكسيك الوطنية وأولويات السياسة العامة.
يعتمد الحزب في تمويله على اشتراكات الأعضاء وتمويل الساسة للمناسبات المختلفة. ولكن لطالما اتهم الحزب باستغلاله للمال العام في تمويل أنشطته.
عام 2015، فاز الحزب المؤسسي الثوري برئاسة تسعة عشر ولاية، و214 مقعد في مجلس النواب بنسبة 43%، كما يشغل 42% من المقاعد في مجلس الشيوخ38 .

2- حزب الفعل الوطني

تأسس ’حزب الفعل الوطني’ في سبتمبر عام 1939، كرد فعل للموجة المعارضة للكنيسة في أعقاب الثورة ولِما اعتبره مؤسسو الحزب راديكالية من نظام ’لازارو كارديناس.‘ مثل دفع الحزب بمرشح رئاسي عام 1940 أول عودة لحزب محافظ إلى الساحة السياسية المكسيكية منذ 1914. لم يفز مرشح الحزب، ولكن ومنذ انتخابات 1946 ونسبة أصوات الحزب في تزايد إلى أن فاز مرشحه ’فيسينتي فوكس‘ بالرئاسة عام 2000 فيما يعد أكبر نجاح في تاريخ الحزب. يرأس الحزب حاليا ’غوستافو ماديرو مونيوز.
جاءت الإصلاحات السياسية في أواخر الثمانينات بشكل كبير نتيجة لتزايد قوة حزب الفعل الوطني وغيره من الأحزاب، ولإدراك الحزب الحاكم لخطورة إنسحابه من اللعبة السياسية. فجاء تشكيل المعهد الانتخابي الفدرالي والمحكمة الانتخابية الفدرالية بمثابة إصلاحات جزئية لتشجيع الأحزاب على المشاركة في الانتخابات.
يدير رئيس الحزب وأمينه العام لجنة تنفيذية وطنية تشرف على قادة الحزب في الولايات والبلديات. وتُعقد مؤتمرات مفتوحة يتم فيها اختيار مرشحي الحزب للرئاسة.

التوجه

يستهدف الحزب أن يعيد إلى الكنيسة القوة التي امتلكتها ما قبل الثورة المكسيكية، وخاصة فيما يتعلق بالتعليم الديني والمشاركة السياسية.
يدعم الحزب الملكية الخاصة ولكن في إطار وسيط بين الرأسمالية والاشتراكية يسميه الحزب “الإنسانية السياسية،” وهو الإطار الذي تشارك فيه الملكيات الخاصة في تحسين رفاهية المجتمع. يصنف ضمن أحزاب يمين الوسط.

مصادر القوة والتمثيل السياسي

تتشكل الحاضنة الشعبية للحزب من الطبقات الوسطى والعليا في شمال البلاد حيث المزاج العام أكثر محافظة.
يمول الحزب نشاطه من مصادر عدة، أهمهما الاشتراكات التي يدفعها غالبية الأعضاء ومن يشغلون مناصب سياسية، وتمويل الجماعات الكاثوليكية ورجال الأعمال الأغنياء. يرفض الحزب أي تمويل حكومي للحفاظ على استقلاليته.
فاز الحزب لأول مرة عام 1946 بأربعة مقاعد في مجلس النواب، ولأول مرة عام 1989 في انتخابات رئاسة الولايات. يرأس الحزب حاليا أربع ولايات، ويحظى بنسبة 32% من مقاعد مجلس الشيوخ و23% في مجلس النواب.

3- الحزب الثوري الديمقراطي

نشأ الحزب الثوري الديمقراطي عن انفصال مجموعة – سميت بالتيار الديمقراطي – عن الحزب المؤسسي الثوري.
مع تبعات الأزمة الاقتصادية وتباطؤ الحزب الحاكم في الإصلاحات السياسية في منتصف الثمانينات، أطلق عدد من القادة في الحزب المؤسسي الثوري دعوات للتغيير، وخاصة داخل الحزب وفي آلية اختيار المرشحين. أبرز رموز هذا التيار كانا ’كواوتيموك كارديناس‘ و’مونيوز ليدو.‘
انشق التيار الديمقراطي عن الحزب الحاكم عام 1987، ليرشح ’كارديناس‘ نفسه في العام التالي في انتخابات الرئاسة تحت راية حزب صغير. تشكل ائتلاف من أحزاب يسارية سمّي ’الجبهة الديمقراطية الوطنية‘ ليدعم ’كارديناس‘ في الانتخابات، وحصل كارديناس بالفعل على 32% من الأصوات إلا أنه خسر أمام مرشح الحزب الحاكم ’كارلوس ساليناس.‘ عام 1989، حلت الجبهة الديمقراطية نفسها، وحل محلها الحزب الثوري الديمقراطي كاتحاد بين ثلاثة حركات: أولا، التيار الديمقراطي المنشق عن الحزب الحاكم؛ ثانيا، اليسار الاشتراكي والذي ضم عددا من الأحزاب وائتلافات يسارية وشيوعية؛ وثالثا مجموعات يسارية مستقلة من العمال والفلاحين والنشطاء المدنيين. يدار الحزب عن طريق المؤتمرات الوطنية.
كان أكبر نجاحات الحزب عام 1994، عندما فاز كارديناس بعمدية الإقليم الفدرالي مكسيكو سيتي؛ إلا أن فترة ولايته شهدت انفلاتا أمنيا ومشاكل اقتصادية نالت من شعبيته في الانتخابات الرئاسية التالية عام 2000.
يواجه الحزب صعوبات حالية بسبب فضائح تعرض لها بعض القيادات وبسبب انشقاق أحد أهم قياداته ’لوبيز أوبرادور‘ وتأسيسه لحزب جديد؛ ويرأس الحزب حاليا ’كارلوس نافاريت رويز.‘39

التوجه

اقتصاديا، يطالب الحزب بإصلاحات معتدلة كتخفيض قيمة بعض الضرائب. ويتضامن صراحة مع الحركات الثورية كحركة ’الزاباتِستا.‘ ويصنف كحزب يساري.

مصادر القوة والتمثيل

شغل أعضاء الحزب منصب عمدة الإقليم الفدرالي منذ منتصف التسعينات، ويتمتعون بشعبية في وسط وجنوب ولاية مكسيكو.40 في الانتخابات الرئاسية عامي 2006 و2012، كاد مرشح الحزب ’لوبيز أوبرادور‘ يفوز بمنصب الرئاسة بفروق ضئيلة عن المرشحين الفائزين.
يرأس أعضاء الحزب ولايتين إلى جانب عمدية الإقليم الفدرالي؛ ويحظى بـ17% من مقاعد مجلس الشيوخ و20% من مقاعد مجلس النواب.

4- حزب الخُضر

أسس أحد المنشقين عن الحزب الحاكم – هورهي غونزالز توريس – حزب الخُضر عام 1986. ووجهت إلى الحزب اتهامات بأنه قد أنشئ لإضفاء صبغة تعددية على النظام الحزبي، خاصة أن معارضته داخل المجالس التشريعية لم تكن معارضة حقيقية. يرأس الحزب الآن ’دييغو غويريرو روبيو.‘ تأثرت مصداقية الحزب كذلك بفضائح فساد ورشوة تورط رئيس الحزب الحالي في بعضها. كما فرض المعهد الانتخابي عام 2003 غرامة مالية بأكثر من مليون دولار لخرق قانون تمويل الحملات الانتخابية.
وسع الحزب من قاعدته الشعبية اعتمادا على التحالفات الانتخابية مع أحزاب مختلفة – مع حزب الفعل الوطني في انتخابات 2000 و2006 ومع الحزب الثوري المؤسسي منذ 2009.41 اعتمد الحزب في زيادة نفوذه كذلك على احتياج الأحزاب الكبيرة داخل البرلمان إلى كتلته التصويتية. للحزب 5% من المقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب، ويرأس أحد أعضاؤه ولاية تشياباز في جنوب شرقي المكسيك.

5- حزب العمل

تأسس الحزب عام 1990، وعرف كحزب حليف للحزب الثوري الديمقراطي. يتركز تأييد الحزب في مكسيكو سيتي وولاية نويفو ليون، ولا يتمتع بقواعد تأييد مستقرة أخرى. أثناء حكم الحزب الثوري المؤسسي، ثارت الشكوك حول كون حزب العمل قد تأسس لتفريق الكتلة المؤيدة للحزب الثوري الديمقراطي في انتخابات عام 1994، وعزز من تلك الشكوك معارضة حزب العمل الضعيفة داخل الكونجرس.
يشغل الحزب خمسة مقاعد (4%) في مجلس الشيوخ وأحد عشر مقعدا (5%) في مجلس النواب.

6- حزب التحالف الجديد

أسسته عام 2005 ’إلبا إستر غورديلو‘ رئيسة اتحاد المعلمين آنذلك. شارك الحزب في تحالفات انتخابية وفي عام 2012 شارك بمرشح رئاسي. يحظى بمقعد واحد في مجلس الشيوخ تشغله ابنة غورديلو، وعشرة مقاعد في مجلس النواب (2%).

7- حزب حركة المواطن

هو حزب تأسس الحزب عام 1999؛ يرفع شعارات الديمقراطية الاشتراكية ويدخل عموما في تحالفات مع أحزاب اليسار كالثوري الديمقراطي وحزب العمل. يشغل الحزب مقعدا واحدا في مجلس الشيوخ واثني عشر مقعدا في مجلس النواب.

8- حزب حركة الإحياء الوطني ’مورينا‘

أنشأ هذا الحزب ’لوبيز أوبرادور‘ عام 2014 بعد انفصاله عن الحزب الثوري الديمقراطي عقب الانتخابات الرئاسية التي خسر بها عام 2012. يتركز تأييد الحزب في العاصمة مكسيكو سيتي ووسط ولاية مكسيكو وجنوبها. استقال عدد من ممثلي الأحزاب الأخرى داخل مجلس النواب ليشكلوا كتلة برلمانية مع ’مورينا.‘ يشغل الحزب اثني عشر مقعدا داخل مجلس النواب.

9- الحزب الإنساني

تأسس الحزب عام 2014، ولا يحظى بأي تمثيل داخل الكونجرس. ينقسم قادته بين متبنين للفكر الماركسي ومتبنين للديمقراطية المسيحية، وينصب نشاطه على طرح الزراعة كقضية مركزية على الساحة السياسية.

10- حزب اللقاء الاشتراكي

حزب اللقاء الاشتراكي هو حزب مسيحي محافظ، تسجل عام 2006 بولاية باها كاليفورنيا، وأدرج في السجل الوطني عام 2014. ترتكز سياساته حول الأسرة وقضايا الإجهاض وغيرها. يتهم الحزب بوضع القساوسة بمناصب قيادية بالحزب، وهو الأمر الممنوع بحسب القانون المكسيكي.

11- أحزاب محلية

تنشأ بعض الأحزاب ويقتصر نشاطها داخل ولايات بعينها وتنجح أحيانا في دخول المجالس التشريعية المحلية وفي الدخول في تحالفات مع الأحزاب الكبيرة. من تلك الأحزاب حزب ’الاتحاد من أجل يوكاتان‘ بولاية يوكاتان الذي يمتاز بنزعة إقليمية،42 وحزب ’رابطة كوليما الديمقراطية‘ بولاية كوليما. (43 ).


الهامش

1 INEGI, “Mexico at a Glance” (2011), p 13: link

2 INEGI, ibid, p17.

3 Ibid, p 20.

4 “Urban Population (% of Total),” The World Bank, January 21, 2016: link.

5 Neil Schlager and Jayne Weisblatt (ed.), World Encyclopedia of Political Systems and Parties, Fourth Edition, (New York: Facts on File, Inc, 2006), p. 892.

6 “Peso Hits New Low of 18.8 Against Dollar,”Mexico News Daily, accessed January 24, 2016:link.

7 “Mexico,” The World Bank, accessed January 25, 2016:link .

8 Peter Vanham, “The Ten Things to Know About the Mexican Economy,” World Economic Forum, May 5, 2015:link .

9 “Mexico: Distribution of the Gross Domestic Product (GDP) Across Economic Sectors from 2004 to 2014,” Statista, accessed January 25, 2016:link .

10 “Sectors of the Economy,” GlobalSecurity.org, accessed January 24, 2016 link .

11 “Mexico: Distribution of the Gross Domestic Product (GDP) Across Economic Sectors from 2004 to 2014,” ibid.

12 “Sectors of the Economy,” ibid.

13 “Mexico’s Manufacturing Sector Continues to Grow,” Forbes, April 8, 2015: link .

14 “Sectors of the Economy,” ibid.

15 “The Ten Things to Know About the Mexican Economy,” ibid.

16 “Mexico International Data and Analysis,” U.S. Energy Information Administration, September 21, 2015: link .

17 Jose Enrique Arrioja, “Tourism Seen Jumping to No.3 Mexico Cash Source by 201,” Bloomberg Business, June 25, 2013: link .

18 M. Angeles Villarreal, “Mexico’s Free Trade Agreements,” Congressional Research Service, July 3, 2012, p 3: link .

19 “Mexico,” The Observatory of Economic Complexity, accessed January 25, 2016: link .

20 “Mexico International Data and Analysis,” ibid.

21 “Mexico Export, Import & Trade,” Economy Watch, March 24, 2010: link .

22 INEGI, ibid, p 26.

23 “Forbes Global 2000: Mexico’s Largest Companies,” Economy Watch, July 3, 2013: link .

24 “Several Major Mexican Companies Among the ‘Global Challengers’,” Geo-Mexico.com, April 19, 2013; link .

25 “Economic and Business Information: Mexico’s FTAs Network,” Mexican Embassy in Singapore, November 8, 2013: link .

26 Op. cit.

27 “Mexico Export, Import & Trade,” ibid.

28 “The Ten Things to Know About the Mexican Economy,” ibid.

29 Villarreal, ibid, p 4.

30 “Mexico Joins U.S. in Signing Pacific Rim Trade Deal,” El Daily Post, October 5, 2015, link.

31 Schlager and Weisblatt, ibid, pp 881- 886 .

32 Op. cit., p 881.

33 Op. cit., p 883.

34 Op. cit.

35 Op. cit., pp 886-891.

36 “The Parties,” The Mexico Institute’s 2015 Election Guide, accessed January 26, 2016: link .­­

37 “United Mexican States: Election for Camara de Deputados,” Election Guide, June 7, 2015: link.

38 “The Parties,” ibid.

39 “United Mexican States: Election for Camara de Deputados,” ibid.

40 Op. cit.

41 Op. cit.

42 “Alliance for Yucatan Party,” Project Gutenberg, accessed January 28, 2016: link.

43 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى