التحالفات الإقليمية والدولية والأمن الإقليمي في القرن الأفريقي
شهدت منطقة القرن الأفريقي تغيرات إستراتيجية متلاحقة تهدف لإعادة ترتيب منطق التحالفات الإقليمية، ما جعل خارطة التحالفات وموازين القوة بالمنطقة في حالة ديمومة وتغير مستمر، في ملمح يشير إلى تشكيل المنطقة وفق أسس إستراتيجية.[1]
سيتناول البحث بعض المحددات العامة التي تحكم شبكة التفاعلات بين بعض دول القرن الأفريقي، وسيتناول البحث بعض المحددات الخاصة التي تحكم سلوك بعض الدول في علاقاتها بإريتريا، لأن هذه الدول تعتبر إريتريا مصدرا للمشاكل في القرن الأفريقي.
إريتريا والعلاقات مع دول الجوار:
تجاور إريتريا دولتين عربيتين (السودان في الشمال وجيبوتي في الجنوب)، وتواجه في ذات الوقت دولتين على ساحل البحر الأحمر (السعودية واليمن)، وهي بهذا لا تجاور إلا دوله واحدة غير عربية (إثيوبيا)، وقد كان لهذا العامل الجغرافي موقعا وموضعا، تأثيرات متنوعة على المجتمع الإريتري الذي ارتبط تاريخيا بروابط بشرية واقتصادية وثقافية مع الجوار العربي، بشكل جعل الهوية الثقافية العربية الإسلامية جزءا لا يتجزأ من نسيج الشخصية الإريترية، يصعب تجاوزها أو طمسها، وبنفس القدر فإنه يصعب طمس الهوية الثقافية الأمهرية التجرينية (الإثيوبية) المسيحية التي سيطرت على إريتريا فترة طويلة من الزمن.
وهكذا فرضت الجغرافية والتاريخ والثقافة على نظام سياسي إريتري أن يتعامل بجدية مع هذه المعطيات، وأن لا يخل بأركانها في تعاملاته الداخلية وفي علاقته الإقليمية.[2]
وفي نفس الوقت فإن المعطيات السابقة تفرض على إريتريا فرضا أن تكون معظم شبكة علاقاتها مع دول الجوار المذكورة، خصوصا مع اختلافها اثنيا وثقافيا ولغويا عن دول أفريقيا السوداء الأخرى.
إريتريا-إثيوبيا:
رغم الحرب المريرة التي استمرت زهاء ثلاثين عاما لتحرير التراب الإريتري عن الاستعمار الإثيوبي، فإن استقلال إريتريا (في عام1993م)، أتي ليغلق ملف العداء والكراهية بين الشعبين، خصوصا مع تغير النظام الحاكم في إثيوبيا وتولي زعامة إثيوبية للحكم(الجبهة الشعبية لتحرير تغراي بزعامة مليس زيناوي)، متعاطفة مع أماني الشعب الإريتري، وسرعان ما أبرمت الدولتان العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وشكلت العديد من اللجان التي ترعي مختلف أوجه التعاون بينهما بشكل غير مسبوق.[3]
ورغم أن مسيرة العلاقات بين الدولتين قد شهدت تنسيقا متناميا على المستويين الداخلي والخارجي، إلا أنه يلاحظ وجود بعض المشكلات تحت السطح يمكن أن تؤثر سلبا على علاقتهما في المستقبل، منها:
- مازالت هناك بعض قطاعات من جماعة الأمهرا ترفض استقلال إريتريا، وتري في التسليم بهذه المسالة خيانة وطنية وتفريطا في جزء من الأراضي الإثيوبية.
- إن سيطرة الجبهة الشعبية على الحكم في إريتريا، ورفضها السماح لحركات التحرير الإريترية الأخرى المشاركة في السلطة، جعل الأخيرة تنظر لهذه السيطرة باعتبارها هيمنة تجرينية متحالفة مع نظيرتها التجرينية، الممسكة بزمام السلطة في إثيوبيا.
- تحاول كل من الدولتين في حالة توتر العلاقات بينها تحيد السودان من الوقوف مع دولة ضد الأخرى أو الدخول معه في تحالف ضد الدولة الأخرى أما إذا تحسنت العلاقة بين إريتريا وإثيوبيا تقوم الدولتان بفتح اراضيهما للمعارضة السودانية ويؤثر ذلك على الأمن القومي السوداني.
وليس من شك أن وضعا كهذا يمكن أن يعرقل التعاون بين الدولتين على المستوى الحزبي، وعلى مستوى تنظيمات المجتمع المدني.
إريتريا والسودان:
في الفترة الانتقالية التي سبقت الاستقلال الرسمي لإريتريا والفترة اللاحقة عليها مباشرة شهدت العلاقات بين الدولتين تحسنا ملحوظا، وتعاوناً في مختلف الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
غير أنه سرعان ما تأزمت العلاقات بين الدولتين لأسباب عديدة نذكر منها:
- اتهام إريتريا للسودان بإقامة قاعدة في أراضيها لحركة الجهاد الإسلامي الإريتري وتزويدها بالسلاح، ودفعها للتسلل عبر الحدود للقيام بعمليات داخل الأراضي الإريترية لزعزعة استقلال إريتريا، فضلا عن قيام السودان بإنشاء اتحاد طلابي إريتريا من العناصر الأصولية.
- اتهام إريتريا للسودان غير مرة بقيام الطيران السوداني باختراق الأجواء الإريترية وقصف العديد من المواقع داخل الأراضي الإريترية، ففي يوليو1997م أعلنت إريتريا عن اكتشافها لمؤامرة اغتيال الرئيس افورقي دبرها النظام الحاكم في الخرطوم، وقد قامت الحكومة الإريترية اثر ذلك التقدم بشكوي رسمية ضد الحكومة السودانية إلى مجلس الأمن، ذكرت فيها أن هذه المحاولة تمثل “إرهابا دوليا” وطالبت الشكوى من مجلس الأمن اتخاذ إجراء مناسب ضد نظام الجبهة القومية الإسلامية في السودان دون تباطؤ، وذلك لمصلحة السلام والأمن في المنطقة.
- في المقابل اتهم السودان إريتريا بأنها تساند قوات التجمع الوطني الديموقراطي السوداني، حين أعطت للتجمع مقر السفارة السودانية في إريتريا.
يبدو واضحا مما تقدم أن التأزم في العلاقات بين البلدين قد وصل مداه، ولا تبدو بارقة في الأفق لاحتواء هذا التأزم، إلا إذا رأى أي من النظامين من تطويع إرادة توجهات النظام الأخر، وتلك مسالة صعبة المنال فالنظام الإريتري ينحو منحي علمانيا بفصل الدين عن الدولة (مراعيا التوازنات الداخلية)، ويعتقد أن ذلك المنحى يشكل احد الأسس لتسوية مشكلة الحرب الأهلية في السودان (مبادرة ايغاد1994م)، والنظام السوداني يرفع راية الإسلام السياسي، ويسعي لتصدير هذا التطور إلى دول الجوار.[4]
تناول العلاقات الثنائية السودانية الإريترية بشيء من التفصيل يؤكد على أن تلك العلاقات مرت بفترات صعود وهبوط متواترة. حيث أشارت بعض الدراسات على أن تلك العلاقات مرت بأربع مراحل، كل منها لها سماتها الخاصة ومعطياتها المحلية والإقليمية التي حكمتها المحلية والإقليمية التي حكمتها، تشير هذه المراحل إلى الاتي:
المرحلة الأولى: تمتد من 1991-1993م، وقد اتسمت بتطور ملحوظ وشهدت اقصي درجات التواصل بين البلدين. كما تميزت باهتمام كبير من قبل السودان بإعادة ترتيب أوضاع القرن الأفريقي خدمة للمشروع الحضاري الذي تبنته حكومة الإنقاذ منذ مجيئها 1989م يقابله احتياج إريتريا للمساعدة السودانية في ارساء دعائم دولتها الوليدة.
المرحلة الثانية: تمتد من 1994-1998م والتي شهدت تدهورا مريعا في علاقات البلدين، خصوصا وقد ارتبط النظام الإريتري بمحور صهيوني-غربي جعل منه واجهة في تنفيذ سياساته في المنطقة. مثلت فيه اسمرا وكمبالا راس الرمح في سياسة هذا المحور التي استهدفت إطباق الحصار على السودان.
المرحلة الثالثة: وتمتد من 1999-2002م حاولت خلالها إريتريا ترميم علاقاتها مع العالم العربي بعد هزيمتها من إثيوبيا التي وجدت دعما واسنادا غربيا مما هيا الاجواء لمصالحة بين السودان وإريتريا.
المرحلة الرابعة: تمتد من 2003م وحتي الآن والتي شهدت توقيع اتفاقية سلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية وكذلك تفاقم ازمة دارفور، مما جعل الظروف مواتية لإريتريا في أن تستغل علاقاتها مع حلفائها المعارضين للحكومة السودانية من أجل أن يكون لها دور في السودان.
بالمقابل لا يخفي أن هناك عوامل أخرى عززت من فرص التواصل بين السودان وارتريا منها: التاريخ السياسي المشترك، التداخل القبلي، التداخل الثقافي، اللجوء ومن بعده التحرير.
يرى البحث أن العالم العربي يولي عناية خاصة للواقع الإريتري وللدولة الإريترية، ويرجح ذلك من احتمالات لعب السودان دورا هاما في هذا الجانب، نظرا لما يتمتع به من انتماء عربي وقرب جغرافي من إريتريا. خصوصا أنه كان من اكبر المساهمين في نجاح الثورة الإريترية أيام نضالاتها الأولى من أجل الاستقلال. يؤكد ذلك على تشابك المصالح بين منظومتي القرن الأفريقي والعالم العربي، وبالتالي تتعاظم قيمة الدعم العربي واهميته في خلق التقارب العربي مع منطقة القرن الأفريقي، وتعزيز فرص نجاح العلاقات الإقليمية لدول القرن الأفريقي وتحقيق مصالحها المنفتحة على الخارج.
إريتريا-جيبوتي:
واضح من الممارسات الإريترية تجاه جيبوتي أن هناك رغبة في استقرار الأوضاع في جيبوتي، أو على الأقل الحفاظ على الصيغة السياسية الداخلية حيث يسيطر “العيسي” على زمام السلطة السياسية في مواجهة العفر وذلك عن تصور أن سيطرة العفر على السلطة في جيبوتي من شأنه نمو قومية عفرية مناضلة قد تدفع بالعفر إلى السعي لإقامة دولة مستقلة لهم تضم جيبوتي وإقليم العفر في إريتريا بالإضافة إلى وادي اواسن (مثلث العفر)، في إثيوبيا.
في السنوات الأخيرة مثل النزاع الحدودي على راس دميرا بين جيبوتي وإريتريا من العقبات التي أدت إلى تدهور العلاقات بين البلدين.[5]
ويبدو أن إريتريا تراودها مخاوف منذ استقلالها من أن هناك قوي خارجية تسعي لتنفيذ هذا المخطط، يتبين ذلك ما اعلنه اسياس افورقي في سبتمبر 1991م، حين اعلن: “لن نسمح للتدخلات الأجنبية بالقيام بجولة أخرى لزعزعة استقرار مجتمعاتنا، وتركنا ضحية للفقر لأجيال قادمة… ونامل أن تثوب القوي التي لم تقيم تطورات المنطقة كما ينبغي إلى رشدها، وتميز أن لا رجعة في التطورات التي ظهرت في كل من إريتريا وإثيوبيا والمنطقة بشكل عام، والقوي المشاركة في هذه المؤامرات تحديدا هي (فرنسا، مصر، السعودية”.
وإذا كان التصور السابق يبدو مقبولا لفرنسا فلا يبدو أن هناك مصلحة واضحة لأي من مصر او السعودية من ورائه ، ذلك أن فرنسا قد تمكنت من تأمين ظهور جيبوتي كدولة مستقلة، بعون سعودي في مواجهة مطالب بضمها من جانب كل من دولة الصومال وإثيوبيا، وقد استطاعت أن تأمن الاستقرار لجيبوتي منذ الاستقلال أن رغبتها في توسيع نفوذها في المنطقة يمكن أن تدفعها إلى سلوك هذا النهج في إطار تنافسها مع الهيمنة الأنجلوفونية في المنطقة، ولعل الإشارات التي تلمح من آن إلى آخر لمساعدة فرنسا للمعارضة العفرية في جيبوتي تكون مؤشرا على ذلك.
غير أن ما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن أي زعزعة للاستقرار في جيبوتي قد يكون من شأنه نشوب صراع إريتري–إثيوبي في سعي كل منها لضم جيبوتي إليها، او قد يتفق الطرفان على تقسيمهما بحيث تأمن إثيوبيا لنفسها منفذا على البحر (خط سكة حديد إثيوبيا جيبوتي)، كتعويض عن فقدها للسواحل الإريترية.
إريتريا-الصومال:
يصعب الحديث عن علاقات إريترية- صومالية، لأن الدولة الإريترية قد قامت والدولة الصومالية منهارة ولا تزال، وإن كان يمكن القول بأن هناك مساعي إريترية إثيوبية للوساطة بين الفرقاء الصوماليين وأن هناك حرصا على أبعاد الجانب العربي الإسلامي عن الانفراد بتسوية الأزمة الصومالية وتحديد شكل التسوية.
ويبدو أن ذلك امر تحكمه الرغبة في قيام كيان صومالي غير مكافح يتخلى عن القومية الصومالية والصومال الكبير باعتبار أن ذلك يشكل أساساً لتحقيق الاستقرار في المنطقة.[6]
مما سبق ذكره يرى البحث أن النظام الإقليمي لمنطقة القرن الأفريقي شهد بصورة عامة عدم استقرار سياسي وأمني كبيرين ولم يلعب النظام العالمي دور إيجابي لتدعيم الاستقرار في المنطقة واستمر تجاهل المصلحة الإقليمية وضرورتها لصالح النظام العالمي، والمصلحة القومية الذاتية للدول، وعلى الرغم من اتضاح الأفكار العالمية حول أهمية التكوينات الإقليمية، وظهور التكتلات الإقليمية الجديدة، إلا أن هذا لم يتم تطويره في القرن الأفريقي وزادت دوله من الانكفاء القومي وأعلاء المصلحة الخارجية على الإقليمية، مما زاد من عدم الاستقرار السياسي والأمني، قد شكلت هذه العوامل مجتمعة مع بعض الدوافع الذاتية إلى تحالف بعض دول القرن الأفريقي فمثل انفصال إريتريا اهم الأحداث السياسية الداخلية التي شهدتها منطقة القرن الأفريقي وأثرت بصورة واضحة على بنية النظام الإقليمي وعلى طبيعة التفاعلات السياسية في المنطقة ومن ثم على استقرار النظام والأمن الإقليميين.
وبذلك يمكن القول إن إريتريا كدولة جديدة في الساحة الإقليمية لم تعمل على تدعيم الاستقرار في المنطقة بل جاء دورها الإقليمي في ميزان النظام الإقليمي سالبا، وهو ما يمكن تسميته سياسة الجزء (إريتريا) تجاه الكل (دول منطقة القرن الأفريقي).
تجمع صنعاء للتعاون:
توسطت إثيوبيا في الخلاف اليمني الإريتري حول الجزر، وبعد اندلاع الحرب الإثيوبية الإريترية، توطدت العلاقة أكثر مع اليمن، كما تدهورت العلاقة بين إريتريا والسودان ودعمت إريتريا المعارضة السودانية. تم إنشاء تجمع صنعاء بعد التوقيع على ميثاقه في أديس أبابا.
عقدت اليمن وإثيوبيا والسودان قمة ثلاثية خلال الفترة ما بين 13-15 أكتوبر 2002م في العاصمة اليمنية صنعاء، واتفقت الدول الثلاث على إنشاء تجمع صنعاء في ديسمبر 2003م عقدت الدول الثلاث
قمة في أديس أبابا جري خلالها التوقيع على الاتفاق المنشئ للتجمع.
وتنحصر الأهداف المعلنة التي يسعي تجمع صنعاء لتحقيقها في التعاون بين الدول الثلاث في المجالات السياسية والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والثقافية وتعزيز السلم والاستقرار في منطقتي القرن الأفريقي والبحر الأحمر، فقد تم فيه الربط بين تحقيق الاستقرار الداخلي من خلال التنمية وتحقيق الاستقرار الإقليمي من خلال منع النزاعات وحلها بالطرق السلمية، كما دعي إلى تعزيز علاقات التعاون والقيام بدور إقليمي للحفاظ على السلام والاستقرار في القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر.[7]
من جهة أخرى كانت العلاقات بين إريتريا وكل من السودان واليمن قد شهدت فترة من التوتر في أعقاب التوقيع على تجمع صنعاء في ديسمبر 2003م. ظل الخط الرسمي للحكومة الإريترية يرى في التجمع استهدافا لإريتريا وقد اطلق الرئيس أفورقي على التجمع المذكور اسم “محور الشر” وإن ظل يرمي باللائمة على إثيوبيا ويقول إنها غررت بالسودان واليمن وحاولت الاستعانة بهما في مواجهتها مع إريتريا. لا اظننا في حاجة لان نقول إن حديث الرئيس أفورقي لا يطابق واقع الحال فقد كان لكل من السودان واليمن من المآخذ على الحكومة الإريترية في ذلك الوقت ما يجعلهما يسعيان للتنسيق مع إثيوبيا لمواجهة ما يتعرضان له من اسمرا.
لم تتوان الحكومة الإريترية في بذل الجهود على مستوى الإقليم لمحاربة التجمع فقامت بتكثيف اتصالاتها بدول أخرى في المنطقة من بينها مصر وجيبوتي في محاولة لحصار التجمع وتفادي انضمام دول أخرى له.2
واتخذت إريتريا موقفا مناهضا للتجمع، وشنت هجوما إعلامياً عنيفا ضد الدول الأعضاء فيه، حيث عقد الرئيس الإريتري مؤتمرا صحفيا تزأمن مع انعقاد القمة الأولى لرؤساء دول وحكومات التجمع ووصفه بأنه يدعم الإرهاب، وحاول أفورقي خلال المؤتمر الصحفي نقل رسالة للشعب الإريتري للوقوف ضد التجمع باعتباره موجها من إثيوبيا ضد الشعب الإريتري.
شكل هذا التجمع أهمية لأمن البحر الأحمر وأمن القرن الأفريقي والتعاون، ويشكل أساس تعاون بين الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، لارتباط قضاياها وتأثيرها المتبادل وكان يمكن أن يتم تطويره كجسر للتعاون بين القرن الأفريقي والجزيرة العربية. وكان يمكن أن يكون خطوة إستراتيجية مهمة إذا تم توسيعه وضم جيبوتي وإريتريا إليه، وإذا ما افلح في حلحلة بعض قضايا النزاعات في السودان والصومال وبعض المعوقات الأخرى لكنه لم يكن فاعلا.
وواقع الأمر أن تجمع صنعاء هو تجمع مفتوح تستطيع أي دولة تنتمي إلى منطقتي القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر الانضمام إلى عضويته، وقد انضمت الصومال بالفعل إلى عضوية التجمع في عام 2004م. ولعل انضمام المزيد من دول المنطقة إلى عضوية التجمع يزيد من أهميته وثقله السياسي.
عقدت القمة الرابعة لتجمع صنعاء في مدينة عدن اليمنية في يومي 28-29 ديسمبر 2005م وحضرها رؤساء اليمن والسودان والصومال ورئيس وزراء إثيوبيا، وأكد القادة الأربعة حرصهم على استكمال مسيرة التجمع والدفع به نحو مزيد من التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بما يعزز أمن واستقرار الدول الأعضاء وباقي دول الإقليم.
لم تقتصر ميادين التعاون بين الدول الأعضاء في تجمع صنعاء على الميدان السياسي والأمني فقط. بل شملت أيضاً الميادين الاقتصادية والثقافية، حيث وقعت الدول الأعضاء عدد من الاتفاقيات والبروتكولات في مجالات متعددة، من أهمها اتفاقية التعاون الزراعي، واتفاقية التعاون الثقافي والرياضي، واتفاقية التجارة الحرة في دول التجمع، والبرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم حول تنمية الصادرات، ومشروع مركز الثروة الحيوانية، ومشروع التعاون الجمركي.
إن تجمع صنعاء لم يعمر كثيرا اذ تجاوزته التطورات التي شهدها الإقليم والساحة الدولية ككل فاختفي من المسرح بهدوء بعد عدد من القمم التي جمعت رؤساء الدول المعنية دون تحقيق اي من الاهداف التي قام من أجلها.
إن الديناميكيات الداخلية والخارجية للصراعات في القرن الأفريقي تبدو كمشكلات متداخلة عابرة للحدود القومية، هذه النزاعات الإقليمية تستمر كصراعات مناطقية عابرة للحدود وكشبكات غير رسمية تربط التعقيدات الأمنية المتشابكة في القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية.[8]
يرى البحث أن ما يحدث في منطقة القرن الأفريقي من تفاعلات وتجاذبات سيفضي لا محالة إلى إعادة تشكيله وصياغته من الناحية الجيوستراتيجية حيث يعكس طبيعة التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة.[9]
وإنه من القصور التركيز فقط على النزاعات المسلحة والكوارث الإنسانية والفقر عندما يتم التطرق إلى دراسة مناطق مثل القرن الأفريقي وشرق أفريقيا المتداخلتين إلى حد كبير متجاهلين الأهمية الإستراتيجية لهذه المناطق في مجال الأمن الإقليمي والدولي.
وفي حقيقة الأمر فإن هذه المناطق ما هي إلا نطاقا جغرافيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا للتنافس على كافة المستويات وتتأثر بديناميات الصراع والتعاون الدولي والإقليمي ومتغيراته الخارجية.
ومنذ الاكتشافات الكبرى لمصادر الطاقة الاساسية في منطقة الشرق الأوسط وتزايد أهمية الممرات البحرية تضاعفت أهمية المنطقة في مجال الإستراتيجيات الدولية والإقليمية.
وانطلاقا من أهمية منطقة الشرق الأوسط في إطار إستراتيجيات القوى الدولية والإقليمية فقد أصبحت تقع في صلب الاهداف السياسية الخارجية لهذه القوى التي لم تكتفِ بتعزيز نفوذها في مركز منطقة الشرق الأوسط بل امتدت خططها إلى المناطق المجاورة بهدف ضمان بقائها في إطار عملية التنافس في الشرق الأوسط بطريقة أو بأخرى وحماية مصالحها الحيوية.
ومن بين أكثر المناطق المتداخلة مع منطقة القرن الأفريقي – شرق أفريقيا هي منطقة الشرق الأوسط والدول العربية القريبة منها بشكل خاص ومنها مصر والسعودية واليمن.
حيث بات مما لا شك فيه أن لأهداف القوى الإقليمية والدولية المتنافسة في هذه المنطقة تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي العربي وكذلك الأمن القومي السوداني لا سيما في البحر الاحمر والممرات المتصلة به ومن هذا التسابق والتدافع الدولي والإقليمي للحصول على مرتكز حقيقي لممارسة ادوار في هذه المنطقة ومدى انعكاسه على مجمل الأمن في منطقة الشرق الأوسط.[10]
عادة لدى الدول ذات النفوذ الإقليمي والدولي مسارات تخطيطية متكاملة ومعقدة إلى حد ما تبدأ في الأدنى من تخطيط المتابعات الحكومية، ثم وضع خطط قطاعات العمل الحكومي والسياسات العامة للدولة، وصولا إلى الإستراتيجية العامة للدولة التي تنتظم في إطارها أعمال الدولة الداخلية والخارجية. لكن توجد في الدول العظمي وبعض القوي المهيمنة إقليميا مدونة إستراتيجية تعلو إستراتيجية الدولة العامة، بحيث تكون الأخيرة تبعا لها في أحيان كثيرة، وهي ما تسمي بالإستراتيجية العظمي، وهي بلا شك أعلى وثيقة إستراتيجية وسيادية للدول الكبرى في الوقت الحالي. وعادة تكون تلك الإستراتيجيات العظمي إستراتيجية عسكرية، أو إستراتيجية أمن قومي، بسبب طبيعة النظام الدولي الحالي التي تميل في قدر كبير منها إلى الأمننة Securitization.
تعتبر الإستراتيجية العسكرية ذات أهمية محورية لدي الدول العظمي وبعض الدول ذات النفوذ الإقليمي، لا سيما الولايات المتحدة والصين وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرسا والهند، التي تؤدي أدوارا شديدة المحورية في تشكيل نظام العالم القادم.
لا تتمتع أي دولة من دول العالم بالتخطيط التداخلي الإدماجي عالي التعقيد على القدر الذي تتمتع به الولايات المتحدة. فالتباينات بين الخطط والإستراتيجيات الحكومية قد تكون في اقل مستوياتها، على الرغم من اتساع مهام الحكومة وإداراتها. ويكمن الهدف الرئيسي من وجود إستراتيجيات عظمي للدول في تعزيز قدرات تلك الدول على وضع تفسيرات وقراءات محكمة للتهديدات الوجودية والبيئات الكبرى التي تعيش وتتعايش في إطارها تلك الدول، وتشكل الوجدان القومي في مسائل العداء والولاء واليقظة الإستراتيجية، وتعني هذه الإستراتيجيات التي تنبع من محددات وعوامل بشكل كبير بدفع نماذج التنمية والاستقرار والحوكمة.[11]
يقصد بالمحددات العوامل التي تفرض نفسها على صانعي ومتخذي القرار داخل الدولة بحيث لا يمكن تجاهلها، وينبع بعض هذه المحددات من البيئة الداخلية للدولة بينما ينبع بعضها الأخر من البيئة الخارجية (الإقليمية والدولية). وتتفاوت المحددات الداخلية والخارجية من حيث مدى تأثيرها على صانعي القرار، ومن ثم يصعب الفصل في إشكالية أيهما أكثر تأثيرا على صانعي القرار، لأن ذلك يختلف من حالة إلى أخرى.
يتأثر الدور الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي بعدة محددات داخلية وإقليمية ودولية. وتتمثل المحددات الداخلية في المصالح الأمنية التي تنامي دورها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، والمصالح الاقتصادية الأمريكية في المنطقة، بالإضافة إلى الضغوط التي تمارسها جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة، أما المحددات الإقليمية فتتمثل في نشأة شبكة من المنظمات والتجمعات في ممارسة أدوار سياسية جعلتها تحظي باهتمام دولي كبير. أما المحددات الدولية فتتمثل في تغير النظام الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتعدد المنافسين للولايات المتحدة داخل منطقة القرن الأفريقي.
محددات الإستراتيجية الأمريكية:
يتأثر الدور الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي بعدة عوامل نابعة من البيئة الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية، وتشمل هذه العوامل المصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة، والدور الذي تمارسه جماعات الضغط الداخلية، وبخاصة اللوبي الصهيوني والأمريكيون ذوي الأصول الأفريقية، بالإضافة إلى المجتمع المدني وحقوق الإنسان[12].
ويرى البحث أن الولايات المتحدة من شأنها أن تتباطأ في تحقيق الاستقرار في المنطقة وتحتفظ بها من ضمن قوس الأزمات لأن ذلك نابع من الضغوط التي يمارسها لوبي السلاح كذلك داخل الولايات المتحدة لأن مبيعات الأسلحة لدول الخليج تمثل أرقاماً ضخمة.
المصالح الأمنية ومحاربة الإرهاب:
تحتل الاعتبارات الأمنية المرتبة الأولى بين المحددات الداخلية المؤثرة في سياسة الولايات المتحدة تجاه منطقة القرن الأفريقي ولا سيما بعد بدء الحملة الأمريكية ضد الإرهاب وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م
فبعد انتهاء الحرب الباردة اختفي التهديد السوفيتي للمصالح الأمريكية في أفريقيا وظهرت عوامل أخرى جديدة باتت- من المنظور الأمريكي- تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية داخل القارة، ويؤكد ذلك ديفيد أولبرايت إذ يرى أن ظهور الجماعات الإسلامية الأصولية (المتطرفة) المعادية للغرب أصبح يمثل التهديد الحقيقي الوحيد لمصالح الولايات المتحدة في أفريقيا في فترة ما بعد الحرب الباردة. وفي السياق نفسه، يرى بيتر شريدر أن انهيار الاتحاد السوفيتي خلق نوعا من الفراغ في السلطة داخل القارة الأفريقية، وحاولت الحركات الأصولية الإسلامية ملء هذا الفراغ بعدة أشكال وصور راديكالية، وساندتها في ذلك دول مثل إيران والسودان وليبيا، وشكلت على حد قوله- تهديدا مباشرا للمصالح الأمريكية في أفريقيا.
لقد حظيت منطقة القرن الأفريقي باهتمام كبير من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لعدة اعتبارات، وفي مقدمتها الاعتبارات الأمنية، حيث تعاني المنطقة أوضاع عدم الاستقرار السياسي على نحو قد يجعلها ملاذا للجماعات “الإرهابية”، وخاصة أنها تضم بعض التنظيمات التي وصفتها الولايات المتحدة بالإرهابية مثل (الاتحاد الإسلامي الصومالي، حركة الجهاد الإسلامي الإريتري، الجبهة القومية الإسلامية السودانية)، كما شهدت المنطقة وقوع عدة عمليات إرهابية مثل محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق مبارك في أديس أبابا يونيو1995م، وتفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام اغسطس1998م، وقد حملت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة المسؤولية عن تلك التفجيرات، علما أن زعيم التنظيم أسامة بن لادن كان قد غادر السودان إلى أفغانستان 1996م.[13]
ولمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها المصالح الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، اتجهت إلى تعزيز تعاونها الأمني مع دول المنطقة، فأنشأت مكتبين لتقديم المساعدات الأمنية في جيبوتي وكينيا، وقدمت مساعدات ومنحا عسكرية لجيوش معظم دول القرن الأفريقي (مثل منحة الدراسة العسكرية في الولايات المتحدة التي قدمتها في عام 1995م لجيوش سبع من دول القرن الأفريقي، هي: بوروندي، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، كينيا، أوغندا)، كما أرسلت خبراء عسكريين أمريكيين لتلك الدول لتحسين المهارات العسكرية لجيوشها، واتخذت الولايات المتحدة من اسمرا مقرا لممثل القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM).
وبعد وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حاولت الولايات المتحدة على الفور بناء تحالف دولي يتجاوز التحالفات العسكرية التقليدية ويغلب عليه الطابع السياسي، ويركز على التعاون الدولي والتنسيق الإجباري(الناتج عن ضغوط دبلوماسية وسياسية واقتصادية) بين الولايات المتحدة وباقي الدول في المجالات الأمنية والاستخباراتية والمالية، من أجل تعقب الجماعات التي تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية لتفكيك شبكتها العالمية ووقف مواردها المالية. فبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر بثلاثة أيام فقط اجتمع والتر كاستنير مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية في ذلك الوقت بمبعوثي معظم السفارات الأفريقية في واشنطن، بما فيها سفارات دول القرن الأفريقي، وطالبهم بتأييد الحرب الأمريكية على الرهاب من خلال التعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وتزويدها بكافة المعلومات المطلوبة، فضلا عن تسهيل مهام البعثات الاستخباراتية الموفدة إليها، وكذلك فرض مزيد من الرقابة على المنافذ والحدود والقبض على المشتبه فيهم وتسليمهم إلى الولايات المتحدة.
وفي ندوة انعقدت في واشنطن عام 2002م تحت رعاية معهد أمريكا-أفريقيا، ووصف كاستنير استجابة الدول الأفريقية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر بأنها كانت رائعة، حيث أعلنت كل الدول الأفريقية تعاطفها ودعمها للولايات المتحدة، كما تعاونت الدول الأفريقية بشكل كامل مع الولايات المتحدة في ثلاثة ميادين مهمة، هي تبادل المعلومات الاستخباراتية، مراقبة تدفقات الأموال، وتحركات الأفراد.
وبمقتضي إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي قدمها جورج دبليو بوش في سبتمبر2002م، تخلت الولايات المتحدة عن سياستي الردع والاحتواء لصالح فكرة الضربات الوقائية ضد مصادر التهديد للأمن القومي الأمريكي، وأصبح يعرف ذلك بمبدأ او (نظرية) بوش.
وكانت الحرب الأمريكية على أفغانستان التي بدأت في نوفمبر 2001م تطبيقا أوليا لنظرية بوش، وادت هذه الحرب إلى تفكيك تنظيم القاعدة الذي ارتكز لسنوات عديدة في أفغانستان، وبدأت مجموعات منه في البحث عن بيئة جديدة تشبه أفغانستان، ومن ثم اتجهت إلى منطقة باب المندب والقرن الأفريقي حيث جبال اليمن الشديدة الارتفاع والتضاريس الحادة، وكذلك المساحة الصحراوية الهائلة في الصومال التي تطل على العديد من الموانئ، ومن ثم يمكن الدخول والخروج إلى هذه المنطقة بسهولة[14]
اعلن مسؤولون أمريكيون بشكل متكرر أن الصومال والسودان واليمن تقع على قمة المرحلة الثانية للحرب الأمريكية على الإرهاب، لأن هذه الدول لها علاقات مع تنظيم القاعدة وقياداته، فالولايات المتحدة لديها مؤشرات على وجود علاقة بين الصومال والقاعدة.
وكاستجابة لهذا التحدي عملت الولايات المتحدة، على زيادة وجودها العسكري في المنطقة فشرعت في إقامة قواعد عسكرية جديدة في دول المنطقة، منها إريتريا وجيبوتي وأوغندا بالإضافة إلى تعزيز القواعد الموجودة بالفعل في كينيا، ففي عام 2003م ابرم وزير الدفاع الأمريكي عن اتفاق مع اسياس افورقي لإقامة قاعدة جوية ضخمة بالقرب من العاصمة الإريترية اسمرا، على أن تكون هذه القاعدة مجهزة بأحدث المعدات ومنظومات القيادة والسيطرة والاستطلاع لمراقبة الأنشطة والتحركات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، كما نص الاتفاق على تطوير مينائي مصوع وعصب الإريتريين مقابل تقديم تسهيلات للأسطولين الخامس والسابع الأمريكيين.
وتحولت جيبوتي إلى قاعدة ارتكاز سواء للقوات الأمريكية او للقوات الغربية المساندة لها، وفي مايو2003م أصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانا يوضح انتقال مقر القيادة العسكرية من البحر إلى القاعدة الأمريكية الجديدة في جيبوتي حيث اتخذت قوات المهام القتالية المشتركة في القرن الأفريقي Combined Joint Task Force-Horn Of Africa من قاعدة كامب لمونيه مقرا لها بعد مغادرة السفن الحربية سواحل شرق أفريقيا، أعلنت الولايات المتحدة أن الهدف من وجود تلك القوات هو تدريب جيوش دول منطقة القرن الأفريقي على إجراءات وطرق مكافحة الإرهاب. وتشكل تلك القاعدة أيضاً قلب العمليات السرية الأمريكية التي تستهدف نشطاء تنظيم القاعدة في الصومال واليمن والقرن الأفريقي.
بالإضافة إلى القواعد العسكرية الجديدة التي إقامتها الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي، فإن لديها قاعدة عسكرية قديمة في مومبسا بكينيا، هكذا وقد حصلت كينيا على مساعدات من الولايات المتحدة نتيجة التعاون في مكافحة الإرهاب خاصة بعد قيامها بإنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب، وقد هددت الولايات المتحدة بوقف هذه المساعدات إذا قامت كينيا بالتصديق على معاهدة روما للمحكمة الجنائية الدولية من دون استثناء الجنود الأمريكيين[15]
وهكذا فإن الولايات المتحدة قد استخدمت منهجا متعدد الأوجه لمواجهة التهديدات الإرهابية، واعتمد أركان هذا المنهج على عدة أمور، منها توسيع النفوذ الأمني/ العسكري الأمريكي داخل القارة، وتدريب الجيوش والشرطة الأفريقية، وممارسة الضغوط على السلطات الرسمية (وخاصة التشريعية) داخل الدول الأفريقية لاتخاذ تدابير وإصدار تشريعات مناهضة للإرهاب.
يمكن القول أن المدى الزمني لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي غير معروف وأن القوات الأمريكية ستظل في المنطقة لسنوات عديدة قادمة، ولعل القرار الأمريكي بإنشاء قيادة أمريكية موحدة لأفريقيا يوضح أن الأمر لا يرتبط بمحاربة الإرهاب فحسب، بل بأمور عديدة، من بينها حماية المصالح الأمريكية في القارة بصفة عامة، وفي منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص[16]
الصين والتنافس الإستراتيجي في القرن الأفريقي:
ترفض الصين الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، وتتخذ في بعض الأحيان مواقف متعارضة مع السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة على المستوى الدولي، والمثال الواضح في هذا الإطار هو رفض الصين الطرح الذي قدمته الولايات المتحدة (وبعض الدول الغربية الأخرى) في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999م، والخاص بمفهوم السيادة التقليدي والسماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول لاعتبارات إنسانية، وإعطاء هذا الحق لمن يمتلك القدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وخلال حملته الانتخابية الأولى تحدث جورج دبليو بوش عن الصين كمنافس إستراتيجي وليس كشريك إستراتيجي كما كان يصفها سلفه كلينتون، ومع تنامي قوة الصين الاقتصادية زاد بحثها عن المواد الخام ومصادر الطاقة وبخاصة النفط، وأصبحت الصين في عام 203م ثاني اكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة، وفي ظل زيادة الطلب الصيني على النفط أشارت بعض المصادر(من بينها وثائق رسمية أمريكية) إلى إمكانية نشوب صراعات بين الولايات المتحدة والصين حول مصادر الطاقة وعلى راسها النفط[17]
تتجه كل من الصين والهند ، بسبب النمو الاقتصادي المتسارع، إلى أفريقيا بحثا عن الموارد والأسواق وتقوية الروابط التجارية. ويعكس تقريران صدرا في الفترة الماضية- الأول عن البنك الدولي بعنوان:” طريق حرير أفريقيا: تخوم الصين والهند الاقتصادية الجديدة” صدر عام 2007م. والثاني عن مركز دراسات التنمية التابع لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بعنوان:” نهضة الصين والهند ماذا تحمل لأفريقيا” الصادر عام 2006م عن اهتمام كل من الصين والهند بأفريقيا. ووضح هذا الاهتمام في القمم التي عقدها كل من البلدين حول آفاق التعاون بينهما وبلدان القارة. ففي قمة منتدي التعاون الصيني الأفريقي التي انعقدت في بكين نوفمبر 2006م اعلن في ختامها عن قيام شراكة إستراتيجية بين الصين وأفريقيا. وشملت أولويات الشراكة الإستراتيجية التعاون في مجالات الزراعة والبنيات الأساسية والصناعة وتقنية الاتصالات والصحة العامة وتدريب الموارد البشرية.
لعل اهم تطور يحدث في العلاقات الصينية الأفريقية هو تنامي الوجود العسكري والأمني الصيني في أفريقيا. بدأ الوجود العسكري الصيني على سواحل القرن الأفريقي حينما أرسلت الصين في عام 2008م سفينتين حربيتين لتكونا جزءا من قوة دولية لمحاربة القرصنة في منطقة خليج عدن والقرن الأفريقي. وتعد هذه المشاركة العسكرية الأولى في تاريخ الصين الحديث التي تشارك فيها البحرية الصينية بسفن حربية خارج مياهها الإقليمية. كما عدت مؤشرا على رغبة الصين وقدرتها في الاضطلاع بمسئوليات عسكرية عالمية. وعلى الرغم من وجود قوات دولية مشتركة لمجابهة القرصنة، إلا أن الصين لم تنضم لأي قوات مشتركة. وأعلنت الصين أن مهمة سفنها العسكرية هي توفير الحماية والأمن للسفن الصينية وللصينين المبحرين عبر المنطقة. وأعربت وزارة الدفاع الوطني الصينية عن رغبتها في تطوير تبادل المعلومات الاستخبارية والمشاركة في أعمال الإغاثة الإنسانية مع كل الدول بما في ذلك الولايات المتحدة[18]
أعلنت الصين في فبرأىر2016م عن بناء مرفق للدعم اللوجستي في جيبوتي. ولم ترد الصين أن تطلق كلمة قاعدة على المرفق. وسيقوم المرفق بتقديم الدعم للبحرية الصينية الموجودة في خليج عدن لمحاربة القرصنة بالإضافة إلى القيام بأعمال الإخلاء للمدنيين، وتقديم الدعم لأعمال حفظ السلام، كما يقوم بجمع المعلومات. وقد عبر نائب رئيس اللجنة العسكرية الصينية لدي لقائه مع رئيس الأركان الجيبوتي رغبة الصين في تقوية علاقات التعاون مع الجيش الجيبوتي.
وما دفع الصين لبناء المرفق العسكري في جيبوتي أن نسبة كبيرة من تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي والتي تقدر بنحو بليون دولار يوميا تمر عبر خليج عدن. كما أن نحو 40% من واردات الصين من النفط تمر عبر المحيط الهندي. يضاف إلى ذلك أن طريق الحرير البحري المقترح من الصين يقوم على تقوية الارتباط الإقليمي بين الصين والمحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأبيض المتوسط ويتطلب استقرار هذا التشبيك وجود بنيات أمنية تحمي المفاصل الرئيسية في طريق الحرير البحري. وستنفق الصين مبلغ 3,5بليون دولار لإنشاء منطقة تجارة حرة في جيبوتي ومنها تتواصل مع أجزاء أخرى من القارة.
وزادت الصين من مشاركتها بقوات وفنيين في قوات حفظ السلام الأممية العاملة في أفريقيا حيث تعد الصين الدولة غير الأفريقية الوحيدة المشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
هذا التفاعل الصيني مع أفريقيا أدي إلى زيادة القلق الأمريكي فقد ورد في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي ما يلي:
” يجب أن يدرك القادة الصينيون أنه لا يمكنهم أن يمضوا في هذا الطريق الآمن وهم مستمسكون بطرق التفكير القديمة وبالأعمال التي تثير القلق في المنطقة وبقية أنحاء العالم. وتشمل الطرق القديمة استمرار الصين في التوسع العسكري بطريقة غير شفافة، وفي التوسع في التجارة ولكن مع السعي للاستحواذ على مصادر الطاقة في العالم، وفي توجيه الأسواق بدلا من العمل على فتحها، وهم يتبعون أسلوباً تجاريا استعاروه من عصر عفا عليه الزمن، ومن مساندتهم لبلدان غنية بالموارد رغم سوء حكمهم محليا ورداءة سلوكهم خارجيا”[19]
على الرغم من أن الاتحاد السوفيتي كانت له مصالح أيديولوجية وجيوسياسية واقتصادية في منطقة القرن الأفريقي، إلا أن روسيا لم تبد اهتماما بالمنطقة بعد نهاية الحرب الباردة. وجاءت أفريقيا في المرتبة التاسعة ضمن اهم عشرة مناطق للمصالح الروسية في العالم. ويرى اوغلوترك أن روسيا أنعشت اهتمامها بمنطقة القرن الأفريقي مؤخرا، لكنها فشلت في إقناع جيبوتي بإقامة قاعدة عسكرية روسية هناك. وقد عرضت الصين على روسيا استضافة حاملة الطائرات الروسية الادميرال كوزينتسوف في القاعدة الصينية في جيبوتي[20]
الاتحاد الأوروبي وصراع النفوذ على القرن الأفريقي:
بسبب التاريخ الاستعماري الأوروبي في القارة الأفريقية، أبقت أوروبا على نفوذ سياسي واقتصادي بارز في مستعمراتها الأفريقية السابقة، وكانت الولايات المتحدة لدواعي الحرب الباردة تؤيد ذاك النفوذ، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة حصل تغير في الموقف الأمريكي، حيث صدرت عدة تصريحات لمسؤولين في الإدارة الأمريكية في عهد كلينتون ترفض سياسة واشنطن القديمة الداعمة للدور الأوروبي في أفريقيا وتطالب بتنمية العلاقات الأمريكية بدول القارة، وتعزيز التجارة والاستثمار الأمريكي وفتح الأسواق الأفريقية أمام الجميع، ففي عام 1995م صرح هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية وقتذاك في أثناء زيارته للجابون بضرورة قبول المنافسة الحرة والعادلة بين كل الفاعلين الدوليين في الأسواق الأفريقية.
ونتيجة لحرص الجماعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي فيما بعد) على تدعيم علاقاتها بالقارة الأفريقية، أصبح هناك اطر وميادين مختلفة للعلاقات الأوروبية الأفريقية. وإذا كانت العلاقات تميزت في فترات سابقة بغلبة الطابع الاقتصادي عليها، فإن الاتحاد الأوروبي اخذ في السنوات الأخيرة يهتم بالميدان السياسي والأمني في علاقاته بالقارة الأفريقية، لا سيما في ظل التدخل المتنامي للولايات المتحدة في شؤون القارة[21]
وقد حظيت منطقة القرن الأفريقي باهتمام كبير من جانب الاتحاد الأوروبي لعدة اعتبارات، منها موقعها الجغرافي المهم ووقوع معظم دولها على ساحل البحر الأحمر، وهو الممر المائي ذو الأهمية الإستراتيجية بالنسبة للتجارة الأوروبية والنفط المتجه من دول الخليج العربي وعلى راسها المملكة العربية إلى أوروبا. وبالإضافة إلى الموقع الجغرافي المهم تشهد منطقة القرن الأفريقي عمليات مختلفة عبر الحدود، مثل الهجرة غير الشرعية، تدفق اللاجئين، وتهريب الأسلحة الصغيرة والخفيفة والمخدرات، والقرصنة البحرية، إلى جانب انتشار بعض الجماعات الأصولية داخل المنطقة، ومن ثم أصبحت المنطقة مصدرا لتهديدات قد تصل إلى الاتحاد الأوروبي ذاته. كما أثرت أوضاع عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة سلبيا على العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي من جانب ودول القرن الأفريقي من جانب أخر، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا تجاريا رئيسيا لكثير من دول المنطقة[22]
وطرحت المفوضية الأوروبية في قمة رؤساء دول وحكومات الإيغاد التي انعقدت في مارس 2006م “إستراتيجية للسلم والأمن والتنمية في القرن الأفريقي”، وكانت هذه الإستراتيجية مبنية بالأساس على إستراتيجيتين تم بالفعل البدء في تنفيذها من جانب الاتحاد الأوروبي، وهما الإستراتيجية الأوروبية الأفريقية، التي وافق عليها في ديسمبر2005م، وتهدف إلى تدعيم سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه أفريقيا من خلال التركيز على قضايا السلم والأمن وحقوق الإنسان والهجرة وإدارة الكوارث وغيرها. والإستراتيجية الأخرى هي “الإجماع الأوروبي من أجل التنمية”، والتي تبناها البرلمان والمجلس الأوروبي وممثلو الحكومات في ديسمبر من العام ذاته. وتهدف هذه الإستراتيجية إلى الحد من الفقر وتحقيق تنمية مستدامة باتباع اقتراب شامل يقوم على فكرة منع وحل الصراع وبناء السلم. وركزت الإستراتيجية الأوروبية للسلم والأمن والتنمية في القرن الأفريقي على عدة محاور، أهمها ما يلي:
- دعم وتشجيع التعاون السياسي والاقتصادي الإقليمي، والتعاون مع منظمة الإيجاد عبر رؤية مشتركة وخطة تنفيذية تركز على ثلاثة ميادين هي: السلم والأمن، والأمن الغذائي، والتطوير المؤسسي.
- التدخل الفعال من جانب الاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي لدعم وبناء القدرات الأفريقية في مجال منع الصراع، والوساطة، ونشر قوات حفظ السلام، وعمليات مراقبة وقف اطلاق النار، وإنشاء الفرقة العسكرية للتدخل السريع في شرق أفريقيا كجزء من قوات الانتشار السريع الأفريقية. وفي هذا الإطار يقوم الاتحاد الأوروبي ببناء قدرات مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي .
- تسريع التكامل الإقليمي التابع للقرن الأفريقي من خلال دعم أدوار المنظمات الإقليمية الفرعية مثل الكوميسا وجماعة شرق أفريقيا.
- قيام الاتحاد الأوروبي بدعم الجهود الأفريقية لإدخال إصلاحات سياسية داخلية، حيث وافق المجلس الأوروبي في ديسمبر2005م على دعم وتشجيع الجهود الوطنية لمراقبة وتحسين الحكم في عدة دول منها إثيوبيا، السودان، كينيا، وأوغندا.
وأكدت الإستراتيجية على بذل المزيد من الجهود وطرح المبادرات لحل الصراعات التي تعانيها معظم دول القرن الأفريقي.[23]
لم تكن إستراتيجية السلم والأمن والتنمية الخطوة الوحيدة من جانب الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي، حيث قام الاتحاد بأدوار مختلفة في هذا الإطار، ففي أثناء الحرب الحدودية الإريترية الإثيوبية ارسل الاتحاد الأوروبي وفدا إلى أديس أبابا وكانت مهمته محاولة القيام بجهود وساطة لوضع حد للحرب الدائرة بين البلدين. وساند الاتحاد الأوروبي مبادرة الايغاد لإحلال السلام في السودان بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، كما قدم الاتحاد الأوروبي مبلغ 92 مليون يورو لبعثة الاتحاد الأفريقي في دارفور. وقامت المفوضية الأوروبية بتمويل مباحثات السلام التي جرت في الصومال، وأسفرت تلك المفاوضات عن تنصيب برلمان صومالي جديد، قام بدوره باختيار رئيس الوزراء الصومالي، وإلى جانب المساعدات المتعلقة بالسلم والأمن، قدم الاتحاد الأوروبي معونات تنموية لدول القرن الأفريقي.
وعلى مستوى العلاقات الثنائية بين دول الاتحاد الأوروبي والقارة الأفريقية، تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية اهتماما بالقارة الأفريقية. وتعتبر منطقة القرن الأفريقي احدي المناطق الأفريقية التي حظيت- ومازالت تحظي-باهتمام كبير من جانب فرنسا، وتوجد في جيبوتي اكبر واهم قاعدة فرنسية في أفريقيا.
كذلك تعد اليابان التي ترغب في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن احدي القوي الدولية التي تبحث عن دور لها في منطقة القرن الأفريقي، ومن ثم انخرطت في جهود تسوية الصراعات في المنطقة، وساندت جهود الكوميسا والايغاد لتسوية الصراعات في السودان والصومال والصراع الإثيوبي الإريتري، كما ساهمت بقوات في عمليات حفظ السلام في المنطقة في رواندا 1994م.
تركيا:
أظهرت تركيا مؤخرا اهتماما كبيرا بأفريقيا، فقد أعلنت تركيا عام 2005م عام أفريقيا، وفي العام نفسه أعطيت صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، ثم أصبحت شريكا إستراتيجيا في يناير2008م، والتحقت ببنك التنمية الأفريقي اغسطس2008م وأنشأ مجلس العلاقات الاقتصادية التركي ثمانية مجالس اقتصادية في أفريقيا من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية مع القارة. وفي سبيل تطوير العلاقات مع أفريقيا، افتتحت تركيا 15سفارة جديدة في عام 2008مإضافة إلى السفارات الاثني عشر الموجودة أصلا. وفي عام 2009م أنشئت ثمانية سفارات جديدة. هذا الوجود الدبلوماسي وتنامي التجارة مع أفريقيا، سيجعل من تركيا فاعلا مهما في القارة.
انعقدت أول قمة للتعاون التركي الأفريقي في استانبول 2008م تحت شعار “التضامن والشراكة من أجل مستقبل واحد”. وفي زيارته لشرق أفريقيا في يونيو2016م، قال أردوغان منتقدا السياسات الغربية تجاه أفريقيا: “إن تركيا تولي اهتماما كبيرا بالقارة الأفريقية” وسياساتها تجاهها لا تشبه أي سياسات أخرى. وهي على ثقة من أن النصف الثاني من القرن الحالي سيكون عصر أفريقيا الحقيقي. وقد قام أردوغان بثلاثة زيارات للصومال في غضون ثلاثة سنوات.[24]
وفي القرن الأفريقي أبدت تركيا اهتماما كبيرا بالصومال فقد استضافت مؤتمرين لدعم الصومال بالتنسيق مع الأمم المتحدة انعقد الأول في عام 2010م وخرج بإعلان استانبول الذي حدد خارطة طريق لتسوية الصراع الصومالي، ونجم عن ذلك صياغة دستور للبلاد، الذي انتخب بموجبه البرلمان، وجري انتخاب حسن شيخ محمود ليكون أول رئيس غير انتقالي للصومال منذ 1991م. وانعقد المؤتمر الثاني عام 2012م، لمناقشة قضايا المصالحة الوطنية وإعادة الأعمار في الصومال. لتركيا اكبر سفارة أجنبية في مقديشو كما تعد اكبر الداعمين للحكومة الصومالية فهي الدولة الأولى في مجال إعادة الأعمار، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة.
قامت تركيا ببناء قاعدة تدريب عسكري بالقرب من مقديشو وميناء مقديشو. وكانت تركيا قد أعربت من قبل عن نيتها في إعادة بناء الجيش الصومالي، وقد افتتحت القاعدة في أبريل 2017م، تقوم تركيا بعمل مشترك وهو تقديم العون مع القيام بأعمال تنموية. وقد قام الرئيس اردوغان بزيارة كل من كينيا أوغندا الصومال عام 2016م.
بعد اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017م وجدت الدول الأفريقية نفسها مخيرة بين عدة محاور باتت تتجاذبها واختلفت المواقف بين دول القرن الأفريقي فهناك من وقف على الحياد مثل (الصومال، إثيوبيا) ومنها من خفض التمثيل الدبلوماسي (جيبوتي) ومنها من انحاز لطرف (إريتريا)، وبالرغم من الموقف الحيادي لمقديشو وأديس أبابا إلا أن الصومال استقبلت ويلات اتخاذ ذلك الحياد باعتبارها الحلقة الأضعف او هكذا نظر إليها، وهنا تدخلت أنقرة لدعم الموقف الصومالي فضاعفت نشاطها وعززت رؤيتها الإستراتيجية المستقبلية في القرن الأفريقي يؤهلها في ذلك طاقم دبلوماسي مؤهل ساهم في نجاحها بافتتاح اكبر سفارة تركية في العالم في العاصمة الصومالية مقديشو تلته افتتاح اكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم في الصومال كما ذكر سابقا، فتركيا في الصومال ترتكز على قاعدة صومالية شعبية واسعة تدعم توجهات أنقرة في الصومال، أما في السودان فتبدو أنقرة اقرب لتحدي اطراف إقليمية تحاول منعها من إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر خاصة أن الخرطوم ينظر إليها كشريك أساسي في التحالف العربي بقيادة الرياض، ومن ناحية أخرى فتور العلاقات المصرية السودانية بسبب الملفات العالقة بين الطرفين كمثلث حلايب الذي في نظر الخرطوم لم يجد الدعم الخليجي الكافي ، فجاءت زيارة أردوغان للسودان قبل سقوط نظام البشير بقليل إرساءً لعودة التواجد التركي على البحر الأحمر من البوابة السودانية، فما يهم أنقرة هو تعزيز تواجدها في البحر الأحمر(السودان)، والمحيط الهندي وخليج عدن (الصومال)[25]
إيران:
هناك دول أخرى تسعي لتدعيم علاقاتها بدول القرن الأفريقي، مثل إيران التي تحاول الدخول في تكتل أفريقي أسيوي لإفشال مخطط الحصار الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة، وفي هذا الإطار قام الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني بجولة في منطقة القرن الأفريقي في سبتمبر1996م زار خلالها كل من كينيا، وأوغندا، وتنزانيا، والسودان، وزيمبابوي، وكانت هذه الزيارة بمنزلة نقل للمواجهة الإيرانية الأمريكية إلى منطقة القرن الأفريقي. وفي مارس 2003م شاركت ست دول تنتمي إلى منطقة القرن الأفريقي في منتدي التعاون الإيراني الأفريقي الذي انعقد في طهران، وحضرته ثمانية عشر دولة أفريقية، وفي يناير 2005م قام الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي بزيارة إلى سبع دول أفريقية لزيادة فرص التجارة والاستثمار الإيراني في هذه الدول، وكانت أوغندا واحدة من تلك الدول. وتؤكد الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى السودان في مارس 2007م حرص إيران على تدعيم علاقاتها بدول القرن الأفريقي بصفة عامة، وبالسودان على وجه الخصوص[26]
دول الخليج:
شهدت دول القرن الأفريقي تسابقا خليجيا لم يكن معهودا قبل خمس سنوات سابقة لعمليات عاصفة الحزم، وتحول احدي دول القرن الأفريقي لمعسكر تدريب لما يسمي “بالحرس الثوري الأفريقي” التابع للحرس الثوري الإيراني، كما اكد تقرير منظمة “أبحاث التسلح في النزاعات” ان هناك عمليات سرية تشرف عليها طهران مهمتها نقل الأسلحة إلى الحوثيين عن طريق الصومال[27]
تبدو الحسابات الخليجية (الثابت منها والمتحول) في القرن الأفريقي مختلفة من دولة لأخرى، فتتفق دول مجلس التعاون الخليجي على محاصرة النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي بعد أن نجحت طهران في إظهار نفسها كقوة منافسة، ومحاولتها السيطرة على ممرات بحرية لكسب أوراق ضغط في جنوب الجزيرة العربية تعزيزا لإستراتيجيتها الهادفة في نقل معاركها خارج حدودها، فوجدت في الساحة الأفريقية (دول القرن الأفريقي) ما يمكن أن ترتكز عليه لتحقيق ذلك، فطهران في القرن الأفريقي تمتلك رؤية محددة تسير وفقها، إلا أن دول الخليج تختلف في رؤيتها السياسية لدول القرن الأفريقي، فالصومال مثلا دولة يمزقها الإرهاب والانقسام ولم تشفع لها نسبة التجانس التي تصل إلى 99% بين أبنائها، إلا أن الاستثمارات الخليجية وإن وجدت في العاصمة مقديشو ولكنها لا تقارن بالاستثمارات التي شهدتها الأقاليم شبه المستقلة (صومالاند بونتلاند) بسبب الاستقرار السياسي الذي تحياه تلك الأقاليم بعيدا عن العاصمة المركزية. فتضاعف الاستثمار الخليجي في الأقاليم شبه المستقلة سيضاعف مطالبها بالاستقلال عن الدولة المركزية، وسيكرس ثقافة الانفصال للأقاليم الأخرى، وسيظهر للرأي العام وكأن دول الخليج تدعم تقسيم الصومال سرا رغم إعلانها بالعمل على وحدته، أما إثيوبيا فمن وجهة النظر الخليجية أنها دولة حققت خطوات مهمة وإيجابية تتفوق بها على دول القرن الأفريقي، خاصة بعد دعم وتايد دول الخليج لتوجهها التنموي ورؤيتها السياسية، ومعترفة بها كقوة فاعلة ومؤثرة في القرن الأفريقي، ويأتي ذلك متزامنا مع اقتراب افتتاح سد النهضة والتي تعلق عليه شعوب القرن الأفريقي الكثير من أمال التنمية، إلا أن مصالح دول الخليج العربي في بعض دول القرن الأفريقي مختلفة عن مصالحها في إثيوبيا، ولكن لابد من تأكيد أن الأمن العسكري الاستخباراتي الخليجي المرتبط بأمن عمليات عاصفة الحزم في اليمن أصبح جزءً لا يتجزأ من الأمن “الاستخباراتي العسكري” في الصومال، وجيبوتي، وإريتريا بسبب موقعها الإستراتيجي، هذا بالإضافة إلى تعدد الموانئ الإستراتيجية، أما إثيوبيا فأهميتها لدول الخليج العربي تتمثل في كونها قائدة مستقبلية لدول شرق أفريقيا، واحتضانها لمصالح خليجية وصفت بأنها مشاريع خاصة ب”الأمن الغذائي الخليجي”، إلا أن ما يؤخذ على إثيوبيا هو دعمها لإستراتيجية “عدم الاستقرار” في الصومال المعمول بها منذ عام 1991م، فمن المرجح أن تبقي أديس أبابا على سياسة عدم الاستقرار في الصومال أو على جزء منها وإن كان متواضعا حتي لا يتحقق كامل الاستقرار في الصومال[28].
ظلت العلاقات الخليجية مع دول القرن الأفريقي خارج إطار التفاعل السياسي الحقيقي، فوجدت دول القرن الأفريقي في الاستثمارات الخليجية وتوجه عمالتها نحو العواصم الخليجية متنفسا حقيقيا لحل أزمة البطالة الحادة التي تعاني منها ومساهما كبيرا في دفع عجلة الاقتصاد الأفريقي بسبب التحويلات المالية المتدفقة على المصارف والبنوك الأفريقية، فقد باتت دول الخليج تري أن دول القرن الأفريقي تشكل الركيزة الأولى للتوجه الإستراتيجي الخليجي المستقبلي نحو القارة الأفريقية والامتداد الفعلي للأمن القومي الخليجي.
اختلف الحضور الخليجي في القرن الأفريقي من دولة إلى أخرى، وتبدو السعودية والإمارات وقطر الأكثر حضورا في الساحة الأفريقية في الفترة الحالية، وهذا لا يعني انحسار حضور باقي دول الخليج، فحضور دولة الكويت، سلطنة عمان، مملكة البحرين فيه نوع من الحذر المرتقب والعمل بما تقتضيه المصلحة، خاصة أن صناع القرار في القرن الأفريقي يدركون تماما أن الحضور الخليجي مهما كان ظاهرا ستبقي القوي الدولية هي المتحكمة فيه والواضعة للسيناريوهات القادمة للمنطقة، وبناءً على ذلك تعمل دول الخليج على استغلال تلك الفرصة التي قد لا تتكرر لها بعد أن خلقت القوي الدولية من منطقة القرن الأفريقي حالة محمومة لمدة تزيد عن العشرين عاما[29]
تأتي هذه الأوضاع التي تعيشها البلدان في ظل تطورات مقلقة تشهدها المنطقة المحيطة بهما سواء كان في القرن الأفريقي أو الشرق الأوسط، فبالإضافة للأوضاع المضطربة في الصومال فإن ما يجري في اليمن لا بد أن ينعكس بصورة أو أخرى على البلدين وعلى المنطقة ككل. ولعل ما اشرنا له اعلاه من تقارب بين إريتريا والتحالف العربي في اليمن ضد الحوثيين يثير قلق إثيوبيا، وإذا أضفنا لذلك ما يجري في الصومال فإن أقل ما يمكن أن يقال هو أن البلدين يسيران فوق حقل من الألغام سينعكس حتما على العلاقات بينهما في المستقبل.
ويأتي كل هذا في ظل ظروف إستراتيجية على الأرض تتمثل في سيطرة إريتريا على ساحل البحر الأحمر بينما تظل إثيوبيا دولة مغلقة بالرغم من مساحتها الشاسعة. تحاول إثيوبيا كما هو معلوم تجاوز هذه المشكلة عن طريق ايجاد موقع قدم لها في الصومال وجيبوتي، بل إنها تسعي للحصول على ميناءين في كل من السودان وكينيا حتي تحتفظ بكل خياراتها مفتوحة في محاولة لتجاوز ما قد تتعرض له من ضغوط من جانب جارتها الشمالية او غيرها من دول المنطقة.
لا شك أن الأسلوب الأمثل للتعامل مع الوضع الذي اشرنا له يكمن في محاولة تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا على امل أن يساهم ذلك في استقرار منطقة القرن الأفريقي ككل، غير أن هذا يظل املأ بعيد المنال في ظل الظروف السائدة. ومما لا شك فيه أيضا أن تطورات الأحداث في منطقة القرن الأفريقي تنعكس بصورة أو بأخرى على دول الخليج العربي، وإذا ما أخذنا في الاعتبار التطورات التي يشهدها العالم العربي نفسه وبصفة خاصة في اليمن وسوريا والعراق، يرى البحث إن الأوضاع في القرن الأفريقي لا بد وأن تنعكس على منطقة الشرق الأوسط وكذلك على الأمن القومي السوداني. أما إذا ما أخذنا في الاعتبار التراجع للدور الأمريكي في الشرق الأوسط مؤخراً وانعكاس ذلك على التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة، فإن أهمية ما يجري في منطقة القرن الأفريقي تتضاعف بالنسبة لكل الدول في المنطقة.
بالنظر لاعتماد الدول الأوروبية على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن فإن المنطقة تبدو مرشحة لجذب انتباه الكثير من هذه القوي إن لم يكن كلها، عليه فإن التحرك في الوقت المناسب لتفادي السيناريوهات المرعبة يبدو ضرورة ملحة ليس بالنسبة لإثيوبيا وإريتريا فحسب بل لكل دول المنطقة.
خلاصة ما سبق ذكره يمكن القول إن الدول التي تنافس الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي لا تقتصر على الدول السالفة الذكر، يرى البحث أن هناك دولا أخرى عديدة لها علاقات وارتباطات مختلفة مع دول المنطقة، وكذلك لا يمكن وضع الدول السالفة الذكر في جانب واحد مقابل الولايات المتحدة، لأنه لا يوجد تنسيق كامل بين هذه الدول والسياسات التي تتبعها في منطقة القرن الأفريقي فكل طرف يسعي بمفرده لتعظيم مكاسبه وحماية مصالحه في المنطقة.
قد انعكس تاثير التنافس على الأمن في منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط، فبعد انتهاء الحرب الباردة بتفكك الاتحاد السوفيتي وتفرد الولايات المتحدة بقيادة العالم بالتزامن مع انكماش وتفكك النظام الإقليمي العربي، بدأت الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل بالدفع نحو إستراتيجيات بديلة للنظام الإقليمي العربي قوامها التفكيك واعادة الفرز والضم واعادة التحالفات عبر مفهوم الشرق الأوسط كمفهوم أمني واقتصادي وسياسي وتشكيل مجموعة من التحالفات الأمنية العسكرية التي انعكست سلبا على واقع ومستقبل الأمن القومي العربي.
وقد شملت هذه التحولات التحالف الأمريكي الإسرائيلي مع بعض دول القرن الأفريقي-شرق أفريقيا التي تعتبر من المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية للأمن القومي العربي فهي من الناحية الجغرافية متاخمة لعدد من الدول في المنطقة العربية وعليه فإن الوجود الإسرائيلي بالمنطقة يؤثر بشكل مباشر في مصالح الدول العربية داخل المنطقة (الصومال-السودان-جيبوتي) أو بالقرب منها مثل (اليمن والسعودية ومصر والأردن) ودول عربية أخرى تتأثر بما يدور في المنطقة.
وينعكس التواجد الإسرائيلي سلبا في هذه المنطقة على مجمل معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي عبر التأثير في المجالات التالية:
1-الضغط على مصر والسودان بملفات مؤثرة على أمن البلدين ومن أهمها ملف مياه النيل بعد نجاح إسرائيل بإقامة علاقات مع دول حوض النيل بما يؤهلها بأن تكون لاعب إقليمي في المنطقة[30].
2-تهديد الجبهة الجنوبية لمصر والسودان عبر اختراق دول شرق أفريقيا في مجالات عدة، واستغلال حالة للعمليات الأمنية الإسرائيلية إلا مثالا على خطورة التواجد الإسرائيلي.
3-النجاحات النسبية لإسرائيل في التواجد العسكري في البحر الاحمر من خلال الاتفاقيات الأمنية مع إريتريا التي تتيح لها استخدام اراضيها وموانئها في حالات معينة بشكل يمثل تهديدا على الدول العربية المطلة على البحر الأحمر ومنها مصر والسعودية ويحرم الدول العربية من بسط نفوذها الطبيعي على سواحل البحر الأحمر الذي يعد اقرب ما يكون إلى ممرا مائيا عربيا.
4-استغلال إسرائيل لعمليات القرصنة والانفلات الأمني في البحر الأحمر للتمهيد لتدويل عمليات ضبط الأمن في البحر الأحمر بشكل يضمن مشاركتها في أعمال المكافحة ضمن القوات متعددة الجنسيات.
5-يؤدى الوجود العسكري الإسرائيلي في البحر الأحمر إلى مزيد من التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية المطلة عليه فضلا عن المساهمة في أي حصار بحري ضد الدول العربية والقضاء على فرصة حصول بعض الدول العربية على أسلحة من الخارج وخضوع سفنها للمراقبة أو مشاركة إسرائيل في أعمال مكافحة الإرهاب والقرصنة والتهريب ضمن القوات متعددة الجنسيات والتي قد تستخدم لابتزاز الدول العربية واضعاف موقفها التفاوضي وقدرتها على المساومة.
6-اضعاف فرص استخدام السعودية لجزيرتي تيران وصنافير مستقبلا بشكل فعال من خلال التواجد العسكري الإسرائيلي البحري ومراقبة أي نشاطات عربية في هذا الممر البحري الحيوي.
ظل القرن الأفريقي منذ تكالب الدول الأوروبية على أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر محل اهتمام وتنافس بين الدول الكبرى فقد اثر هذا التنافس وقيام بعض دول المنطقة بأدوار الوكالة جل ذلك اثر على الأوضاع الأمنية في منطقة القرن الأفريقي وبالتالي انعكس ذلك التأثير على الأمن القومي السوداني، وأن الخلفية المحركة لسياسات القوي الكبرى تجاه القرن الأفريقي كانت وما تزال هشاشة المنطقة وضعف حكوماتها وتأثير ذلك على الموارد وحركة الملاحة وانتقال البشر. هذه الهشاشة كانت تتفاعل بطرق مختلفة مع تغير البيئتين الإقليمية والدولية. فقد جلبت تنافسا ايدلوجيا في فترة الحرب الباردة وما تلاها، ومع التغير في طبيعة الفاعلين وتعقد شبكاتهم وطرق عملهم، تغيرت أنواع المخاطر والتحديات، إذ لم تعد المخاطر الأمنية ناجمة عن صراع دول كبري في الإقليم بل من شبكات صغيرة من المغامرين والإرهابيين، ونجم عن هذا الوضع تكالب عسكري على المنطقة لم تشهده بهذه الكثافة من قبل، وشمل قوي جديدة ناهضة ودول من الجوار العربي، ويعكس هذا الواقع أن مستقبل القرن الأفريقي على المستوى القريب سيستمر ليكون محلا للتكالب العسكري والأمني وذلك لأن مسبباته ما تزال فاعلة وحاضرة[31].
الهامش
[1] -/ http://www.hafryat.com صهيب عبدالرحمن، إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية في القرن الإفريقي، 10سبتمبر2018م .
[2] – إبراهيم احمد نصر الدين، مرجع سبق ذكره ، ص149
[3] – سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الإفريقي، مرجع سبق ذكره، ص 160.
[4] – إبراهيم احمد نصرالدين، مرجع سبق ذكره، ص150.
[5] – ابراهيم احمد نصرالدين، مرجع سبق ذكره، ص151-152.
[6] – ابراهيم احمد نصرالدين، مرجع سبق ذكره، ص153-154.
[7] – سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الإفريقي، مرجع سبق ذكره، 163.
2- محجوب الباشا واخرون، القرن الافريقي: التاريخ والحاضر ورؤى المستقبل ، مركز التنوير المعرفي/ السودان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات/قطر، ص230
[8] – حمد عمر حاوي، نظم الحكم وقضايا التحول الاجتماعي والسياسي في القرن الإفريقي، دراسة منشورة، إصدارات مركز التنوير المعرفي،2019م، ص242.
[9] –http://www.aleqt.com/ حمدي عبدالرحمن، القرن الإفريقي إعادة تشكيل وصياغة جيوستراتيجية وتحالفات إقليمية ودولية جديدة، 21يناير2011م
[10]– http://tjfps.tu.edu.iq/index.php/poltic مصطفي عبد الكريم، 20اغسطس2019م
[11] – انس القصاص، امن القرن الأفريقي في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية 2015م، مجلة رؤية تركية، العدد 4، ديسمبر2015م، ص72-73
[12] – سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي، مرجع سبق ذكره، ص127
[13] – خالد حنفي علي، موقع أفريقيا في الإستراتيجية الأمريكية الجديدة، مجلة السياسة الدولية، العدد154، اكتوبر2003م، ص209
[14] – خالد عبد العظيم، الترتيبات الأمريكية في منطقة باب المندب، مجلة السياسة الدولية، العدد152، أبريل 2003م، ص206
[15] – طلال محي الدين الزغبي، التحرك الأمريكي في شرق وغرب أفريقيا: الأبعد والأهداف الإستراتيجية والاقتصادية، مجلة تقديرات إستراتيجية، العدد190، مايو2003م‘ ص45-46
[16] – خالد عبد العظيم، مرجع سبق ذكره، ص221
[17] – محمد كمال، التيار المسيطر داخل إدارة بوش، ملف الأهرام الإستراتيجي، العدد90، يونيو2002م، ص61
[18] – حسن الحاج علي وأخرون، القرن الأفريقي: التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل، ص17-18
[19] – حسن الحاج علي وأخرون، القرن الأفريقي: التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل، مرجع سبق ذكره، ص19
[20] – حسن الحاج علي احمد وأخرون، القرن الأفريقي: التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل، مرجع سبق ذكره، ص19
[21] – نيفين حليم، التنافس الدولي لكسب النفوذ في أفريقيا، مجلة قضايا التنمية، العدد18، 2000م، ص79
[22] – سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي، مرجع سبق ذكره، ص174
[23] – محمد نبيل فؤاد، آفاق التدخلات الأجنبية في أفريقيا والقرن الأفريقي، ورقة غير منشورة ، مؤتمر العرب وأفريقيا: فضاء إستراتيجي مشترك، مركز دراسات المستقبل- اسيوط،2007م، ص29
[24] – حسن الحاج علي وأخرون، القرن الأفريقي: التاريخ والحضر ورؤي المستقبل، مرجع سبق ذكره، ص18
[25] – سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي، مرجع سبق ذكره، ص178
[26] – محمود أبو العينين، التقرير الإستراتيجي الأفريقي، معهد البحوث والدراسات الأفريقية-جامعة القاهرة، 2004-2005م، ص 388
[27] – امينة العريمي، الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي، دار المصورات للنشر، الخرطوم،2020م، ص25
[28] – أمينة العريمي، مرجع سبق ذكره، ص25-26
[29] – أمينة العريمي، مرجع سبق ذكره، ص27-28
[30]– http://tjfps.tu.edu.iq/index.php/poltic مصطفي عبد الكريم، 20اغسطس2019م
[31] – حسن الحاج علي واخرون، القرن الأفريقي: التاريخ والحاضر ورؤي المستقبل، مرجع سبق ذكره ، ص 25