التعددية العرقية والأمن القومي الإسرائيلي
يمكن في إطار تناول ملامح التعددية العرقية وتأثيراتها على الأمن القومي في إسرائيل التمييز بين المجموعات التالية:
أولاً: اليهود الغربيون “الأشكناز” والأمن القومي الإسرائيلي
ويقصد بهم اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من قارتي أوربا وأمريكا والذين ترتد أصول غالبيتهم إلى اليهود “الأشكنازيم”، ومن هؤلاء من هاجر من أوربا إلى فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ومنهم من هاجر من ألمانيا والنمسا في ثلاثينيات القرن العشرين بعد ظهور النازية ومنهم من قدم من بلدان شرق أوروبا “الشيوعية سابقاً” في بداية الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك إلى جانب عدد صغير منهم جاء من أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتعد هذه الفئة المسيطرة سياسياً واقتصادياً واجتماعيًا على المجتمع الإسرائيلي.
**وبشكل عام فإن هذه العرقية تمثل أعلى طبقات المجتمع الإسرائيلي، حيث تسيطر على المناصب القيادية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل، وتحصل على جل حقوقها في المجتمع، وهم المدافعون بشكل أساسي عن الأمن القومي الإسرائيلي.
ثانياً: اليهود الشرقيون “السفارديم ” والأمن القومي الإسرائيلي
بعد تأسيس الأشكناز للدولة الجديدة، كانت هناك العديد من الأعمال التي استنكفوا العمل بها مثل الأعمال الحرفية والزراعية، في ذلك الوقت، مثل اليهود الشرقين أو السفارديم بشكل عام، واليهود العرب أو السفارد بشكل خاص، حلاً لتلك المعضلة، خاصة وأن الكثير منهم قد بات قلقاً من العيش في موطنه الأصلي بعد موجة العداء لليهود واليهودية إثر قيام الدولة الجديدة التي تدعي الحديث باسم اليهود جميعهم. ويتشكل هؤلاء اليهود من يهود فلسطين من جهة، ومن اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من آسيا وأفريقيا من جهة أخرى، فقد كان تعداد يهود فلسطين قبل موجات هجرة الجماعات اليهودية في نهاية القرن التاسع عشر حوالي 10000 نسمة.[1]
وكان اليهود الشرقيون يشكلون في أواسط القرن التاسع عشر الأغلبية الساحقة من يهود فلسطين، لكن بعد تدفُّق الهجرة اليهودية الصهيونية من دول أوروبا تقلصت نسبتهم فأصبحوا أقلية “أقل من 10%” من بين مجموع السكان اليهود قبل سنة 1948.
ولكن التحول في الاتجاه الآخر تم بعد قيام إسرائيل حيث هاجر عدد كبير من اليهود الشرقيين في موجات شعبية واسعة، فازداد عددهم بصورة سريعة، وشكلوا في أوائل السبعينيات نحو نصف سكان إسرائيل اليهود. وأكبر الطوائف الشرقية في إسرائيل هم اليهود المغاربة يليهم بالترتيب: العراقيون واليمنيون والإيرانيون، وبالرغم من ارتفاع معدلات النمو ضمن نطاق هذه الجماعة العرقية عن سابقها إلا أنها تحصل على حقوق أقل من الفئة السابقة من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. [2]
لقد كانت مساهمة اليهود الشرقيين في المشروع الصهيوني قبل وبعد بناء الدولة بشكل عام ضئيلة جداً. فالصهيونية بشكل عام ظهرت في أوروبا كرد فعل على الأوضاع التي شهدها اليهود هناك، حيث شهد اليهود في غرب أوروبا ظهور اتجاه عام بالمعاداة تجاههم، في حين أن اليهود في شرق أوروبا لم يحصلوا على حقوقهم المدنية، بل وكانت تتم ملاحقتهم.
ومن هنا ظهرت الصهيونية على أنها حركة تحرير قومي للحفاظ على اليهود في أوربا من خلال بناء وطن لهم في إسرائيل، وعلى النقيض من ذلك لم يكن اليهود في الدول العربية يعانون من تلك المشاكل، ولم يتسبب تصاعد دورهم في الأنشطة الاقتصادية والسياسية في بعض الأحيان في خلق أي نوع من العداء المجتمعي تجاههم، بل إن الاستعمار الأوروبي لدول الشرق الأوسط كان سبباً رئيسياً في تحسين أحوال اليهود الاجتماعية والاقتصادية في تلك الدول، ولم تكن الحركة الصهيونية جزءاً من حياتهم في ذلك الحين على الإطلاق.[3]
ومن ناحية أخرى، فإن الحركة الصهيونية العالمية لم تعط بالاً ليهود الشرق الأوسط على الاطلاق، ولم تنشئ لها فروعا في الدول العربية أو تحاول جمع التبرعات منهم، ولم تكن لدى الحركة الصهيونية أي توقعات تخص اليهود الشرقيين، فهم لا يشكلون أكثر من عشر اليهود في العالم ولا يمتلكون ثروات طائلة أو خبرات عالية. ومن هنا يمكن فهم المشاركة الضئيلة لليهود غير الغربيين في “اليشوف”، أو مجتمع الصهاينة في فلسطين، حيث شكل اليهود غير الغربيين حوالي 12% من هجرات ما قبل الدولة، وكانت لهم أقل النسب في تأسيس أركان الدولة أو الدفاع عنها في حروبها، ويمكن القول بأن الدولة الإسرائيلية قد تأسست على قيم ومبادئ وأفكار ومطالب اليهود الأشكناز، وأصبحت الهوية الإسرائيلية في غالبيتها نابعة من الشخصية الأشكنازية.
ومع إعلان قيامها، كانت الدولة الإسرائيلية تدار من قبل من يطلق عليهم “القدامى” وهم اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين قبل قيام إسرائيل، وهم الذين توقعوا أن تكون لهم اليد العليا في الدولة الجديدة لقاء ما شهدوه من معاناة، وبعد قيام الدولة الجديدة، وعلى الرغم من شعاراتها بأنها وطن قومي لليهود، لم يكن لدى “القدامى” أي رغبة أو توقع في قدوم السفارد إلى الدولة الجديدة، ولكن حرب 1948 قد هددت أوضاع اليهود داخل العالم العربي وجعلت المجتمعات التي يعيشون بها تنظر إليهم بشكل عدائي من ناحية، وكانت الدولة الجديدة في حاجة للمزيد من السكان لتعويض خسائرها في الحرب ودفع عجلة التنمية وتسكين المناطق التي تم الحصول عليها في الحرب من ناحية أخرى.
ولكن اليهود السفارد قدموا إلى الدولة الجديدة في أعداد غفيرة تسببت في نقص فرص العمل والأطعمة والمساكن بشكل هدد كيان الدولة، وهو ما دفع قادة إسرائيل إلى تدشين سياسة لتحديد هجرة اليهود الشرقيين في إسرائيل، بحيث تم انتقاء من تجاوزت أعمارهم الـ 35 عاماً ولهم قدرة عالية على العمل في الزراعة وإعالة أسرتهم.
وتم تمديد تلك السياسة لعامين فقط من 1952-1954 تم خلالهما تقليل الهجرات القادمة من إيران والمغرب. ولهذا فاليهود السفارد تم القبول بهم في الدولة الجديدة بشكل توظيفي وانتقائي، وليس القبول بهم باعتبار أن إيواءهم هو الهدف الرئيسي من وراء تأسيس الدولة نفسها، وهو ما عبر عنه بن جوريون قائلاً “نحن نحتاج للأفراد الذين ولدوا كعاملين (اليهود الشرقيين) مستوى معيشتهم ومتطلباتهم أقل بكثير من نظرائهم العاملين الأوروبيين”.[4]
**وعامة فإن زاوية تأثير هذه القومية على الأمن القومي الإسرائيلي، يلاحظ أنها تتركز في الفترة الممتدة منذ تأسيس إسرائيل وحتى التسعينيات من القرن الماضي حيث شهدت العديد من الاعتصامات والمظاهرات المتكررة في إسرائيل والتي قام بها أبناء السفارد للاعتراض على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية السيئة بالمقارنة بنظرائهم من الأشكناز، وعلى الرغم من أن الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الطرفين لم تتلاشى بشكل كلي، إلا ان حدة الصراع ما بين الطرفين قد تقلصت بشكل كبير وتخلت عن طابعها العنيف المتمثل في المظاهرات المتكررة والتي أدت إلى اضطرابات وتوترات أمنية في الداخل الإسرائيلي.
ثالثاً: يهود الصابرا والأمن القومي الإسرائيلي
يعرف يهود الصابرا على أنهم كل اليهود الذين ولدوا على أرض فلسطين، حيث يعرفهم الدكتور “قدري حفني” بأنهم “ليسوا مواليد فلسطين بشكل عام، وإنما هم بالتحديد الشباب الإسرائيلي أصحاب الحضارة الأرقى والمكانة الأرفع والبشرة البيضاء وإنهم أبناء الصفوة الإسرائيلية، وهم بالتالي صفوة أبناء إسرائيل إن الصابرا في النهاية ليسوا سوى أبناء الأشكنازيين”.[5]
وقد تَردد المصطلح بمعناه الاجتماعي، لأول مرة في أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة، حيث أطلق في مدرسة هرتزاليا الثانوية في تل أبيب على التلاميذ اليهود من مواليد فلسطين والذين كانوا يشعرون بالنقص حيال أقرانهم الأوروبيين الأكثر تفوقًا في الدراسة مما كان يجعلهم يلجؤون إلى تعويض هذا الشعور بتحدي هؤلاء الأوروبيين بنوع من النشاط الخشن يرد لهم اعتبارهم، وقد تمثل ذلك النشاط في الإمساك بثمرات التين الشوكي وتقشيرها بالأيدي العارية، وهي مهارة يدوية تأتي بالمران والممارسة وليس من خلال الدراسة الفكرية.
ولاحقًا أطلق المصطلح على كل اليهود من مواليد فلسطين، ومصطلح الصابرا والمصطلحات المرتبطة به، تؤكد صفات محددة في شـخصية صاحبها، أي أبناء المسـتوطنين الصهاينة الذين ولدوا ونشـأوا في فلسطين، ومن أهمها معاداة الفكر والمقدرة على التعامل مع الواقع بشكل مباشر، وهذه الصورة موضوع أساسي كامن في الفكر الصهيوني الذي يصدر عن نقد ما يسمى “شخصية يهود المنفى”، باعتبارهم شخصيات مريضة ضعيفة هزيلة حزينة شاحبة منغلقة هامشية قلقة يغمرها الإحساس بالذنب ولا تسيطر بأية حال على مستقبلها أو مصيرها مما يسمى في الأدبيات الصهيونية “العجز وانعدام السيادة وممارسة السلطة”.
وعلى الرغم من الإيمان بأن جيل الصابرا سيكون هو الجيل القوي الذي تمتد على يديه الدولة اليهودية وتختفي بين أبنائه الاختلافات القيمية والعرقية والثقافية، لتتجسد شخصية المواطن الإسرائيلي ذي الديانة اليهودية والثقافة ذات الطابع الغربي الحضاري المتقدم، حيث يشكلون من الناحية النظرية جيل متحرر من العقد التي تعاني منها الأقلية الخاضعة لحكم وتسلط الأغلبية، فهو جيل جديد نشأ على أرض إسرائيل، لغته الأم العبرية، جيل لا يعرف وطنًا غير إسرائيل، إن الصابرا يمثلون كتلة منسجمة لها مواقفها وآراؤها وخصائصها تحل محل الكتل المتنافرة[6].
إلا أن ما حدث ويحدث يشهد بعض الاختلاف، فجيل الشباب الإسرائيلي الحالي يلامس تغير جوهري على الخصائص الأساسية للطابع الثقافي لنموذج الإسرائيلي الصابرا الكلاسيكي، فلقد نشأ جيل الصابرا وهو لا يعرف عن معاداة السامية، إلا ما قيل له عنها، حيث إن أفرادها لم يشهدوا ما شهده أباءهم من حروب متتالية ومصاعب اقتصادية جمة، علاوة على أن متطلباتهم في الحياة اختلفت عن متطلبات آبائهم، ولقد نجمت عن هذه الظاهرة مصاعب وتشوهات وظيفية في جميع أنظمة الحياة، ابتداءً من المدرسة، مرورًا بالخدمة العسكرية ونظم التعليم العالي، وانتهاءً بنظم العمل والاقتصاد، ويمكن فهم ذلك في إطار أن جيل الشباب الحالي يعد الجيل الأكثر عولمة في تاريخ دولة إسرائيل، ولذا فهو يغير أبعادًا كثيرة في طبيعة الثقافة الإسرائيلية السائدة، مثلاً في مجال العلاقات بين الأفراد، والعلاقات داخل العائلة، وطموحات الحياة وأهدافها، وثقافة الفراغ، وثقافة العمل والتوفير وغيرها.[7]
وبات “عمود النار”،· الذي قاد الدولة طيلة سنوات كثيرة، يعتريه الخفوت ويخلي المكان لصالح نماذج قيمية جديدة مرتبطة أكثر بعالم الفرد وبقضايا عولميه فحواها حماية البيئة، وحقوق الإنسان، والمبادرة الاقتصادية والتكنولوجية … إلخ.
أحد أهم النماذج على الاختلافات بين الأجيال هنا هو مسألة الخدمة في الجيش الإسرائيلي، حيث أظهر العديد من جيل الشباب في أعمار العشرينيات عدم رغبتهم في الخدمة في الجيش الإسرائيلي، في حين أبدى البعض الآخر عدم الممانعة في الاشتراك في الجيش؛ شريطة عدم العمل في المناطق المحتلة[8].
وحقيقة الأمر، فإن تلك الظاهرة ليست وليدة اليوم، فعلى الرغم من الهالة الكبيرة من السرية والتكتم التي تحيط بما يحدث داخل الجيش الإسرائيلي من إشكاليات وعيوب، إلا أن بعض التسريبات التي تصدر بين الحين والآخر، تعطي بعضًا من أوجه الصورة الضبابية حول ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، فقد كشف مدير قسم القوى العاملة في الجيش أن 40% من الشباب الإسرائيلي لا ينهون الخدمة العسكرية، وهذه النسبة موزعة تحت أسباب مختلفة:
– 10% من طلاب المدارس الدينية لا يخدمون بقرار من الحكومة، مما يشجع الشاب على التطرف والذهاب للمدارس الدينية تهرباً من الخدمة.
– 10% لا يخدمون لأسباب نفسية، وهي نسبة مرتفعة جداً، ولا يعقل أن تكون في أي مجتمع، وإن كانت حقيقية فهي تعكس الأمراض التي يعاني منها الإسرائيليون، مما يجعل تصديقها أو تكذيبها يعطي مؤشرات خطيرة على الصحة النفسية.
– 20% لا يخدمون لأسباب مرضية أو عائلية، أو لأنهم متواجدون خارج الدولة، وهذه النسبة لها مدلولاتها التي ترتبط بطبيعة “إسرائيل”، وتوضح المؤشرات الحياتية التي يعيشها ذلك المجتمع.
ولقد كانت بداية الظاهرة في 28 إبريل 1970، حيث قام بعض طلاب المدراس الثانوية، والذين كانوا على وشك الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، بإرسال خطاب إلى رئيسة الوزراء جولدا مائير يعبرون فيه عن تحفظهم لتدخل إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة وعجز الحكومة عن تفادي الصدام، وفي 1987، تأسست مجموعة أخرى من طلاب الثانوية العامة الرافضين للخدمة في المناطق المحتلة، وأطلقوا على أنفسهم لقب “شمينيتسيم”.
وفي عام 2001 تطورت أعداد هؤلاء الطلاب لتصل إلى قرابة الثلاثة ألف طالب. في حين أن أعداد الجنود الرافضين للعمل في الأراضي المحتلة في عام 2004 وصل إلى 1387 جندي ممن أطلقوا على أنفسهم “الشجاعة للرفض”.[9]
بعض من أولئك الطلاب قد وقع على بيان يقر فيه رفضه للعمل في الجيش الإسرائيلي، وهو ما ردت عليه الحكومة الإسرائيلية بالسجن لكل طالب لعدة أسابيع، وكانت أهم تلك القضايا هي قضية “عمير جولدمان”، ابنة أحد المسئولين في الموساد الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، فإن الارتقاء في أعداد الرافضين للخدمة العسكرية بشكل عام، أو في الأراضي المحتلة بشكل خاص، لم يقتصر فقط على العدد، بل امتد ليشمل الرتب في نفس الوقت، حيث تطورت رتب من يرفضون الخدمة في الأراضي المحتلة من صفوف الجنود إلى صفوف الضباط والقادة، وكان أشهر دليل على ذلك وجود جماعة “سايرات ماتكا”، وهي وحدة الفرق الخاصة، والتي بعث قادتها برسالة إلى شارون ليعلموه أنهم لن يخدموا في الأراضي المحتلة.[10]
وطالما أن التهرب من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي ليس ظاهرة جديدة على الإطلاق، فقد ارتفعت نسبة الذين لا يخدمون في الأعوام العشرين الفائتة باطراد، فقد بلغت نسبتهم 12.1% سنة 1980، ثم ارتفعت إلى 16.6% سنة 1990، ووصلت إلى 23.9% سنة 2002، لتبلغ 25% سنة 2007، بمعنى أن واحداً من كل أربعة إسرائيليين يتهربون من الخدمة العسكرية، وتثير تلك الأرقام المخاوف لدى الجيش، خاصة وأن النسبة الحالية تشكل أعلى نسبة تهرب، علاوة على أن التوقعات تشير إلى تواصل ارتفاعها في السنوات القادمة.[11] كما أوضحت معطيات شعبة القوى البشرية إلى أن من بين 25% ممن لم يتجندوا كان هناك 11% ممن صرحوا أنهم طلاب مدارس دينية، في حين أن 7% لم يتجندوا لأسباب صحية، بينهم 5% لأسباب نفسية، 4% لم يتجندوا لمكوثهم خارج البلاد، و3% لم يتجندوا بسبب ماضيهم الجنائي.
إحصائيا فإن حالات الفرار من الخدمة بلغت عام 2004، 1288 حالة، ارتفعت عام 2005 إلى 1438، وهبط العدد عام 2006 إلى 1386، في حين سجلت الشرطة العسكرية عام 2007، 1006 حالة فرار، أما مجموع الجنود المسجلين “هاربين من الخدمة”، فبلغ 1873 هارباً، منهم 799 يتواجدون خارج البلاد، حيث وجدوا لهم ملجأ.
وفي هذا السياق فهناك تخوف من زيادة تلك الأعداد في المستقبل مما قد يمثل تهديدًا في المستقبل للأمن القومي[12]، لاسيما وأن قضية الخدمة في الجيش قضية مركزية متزايدة داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يحاول بعض الإسرائيليين تحاشي الخدمة بالادعاء بمشاكل وأمراض عقلية،[13] وهو ما يعطي الفرصة لحوالي 10% بتجنب الخدمة وهو الأمر المحتمل حاليًا والذي لا يدخل في إطار التهديد، ويعتقد الجيش أنه بحاجة لمائتي شخص ليحصلوا على مائة جندي، وستجد خمسين منهم غير مؤهلين بسبب الصحة، وخمسين آخرين لوجود أعراض ومشاكل نفسية، ولكن في نهاية الأمر سيحصلون على العدد المطلوب[14].
وتتعدد الطرق التي يتم التهرب بواسطتها من أداء الخدمة العسكرية لتشمل:
- طمس القدرات الذهنية والمادية الحقيقية.
- الهجرة خارج البلاد.
- الرفض العلني للخدمة العسكرية.
- الزواج أو الولادة، وهي للإناث فقط.
- الإعفاء لأسباب دينية (الحريديم).
وفي هذا الصدد، فقد أوردت بعض التقارير أن الجندي الإسرائيلي بالرغم من معداته القتالية الفائقة، والتدريب المكثف الذي يتلقاه، إلا أن هناك ازديادا لحركة الرفض[15]، ولقد جاءت الحرب الأخيرة على قطاع غزة لتوضح الضغوط النفسية والرغبة في التهرب من الجيش في إسرائيل، وهو الأمر الذي شمل ضباط الجيش والمخابرات على حد سواء، ففي 12 سبتمبر على خلفية الحرب، وفيما وصفته صحيفة “نيويورك تايمز” بأنه أول رفض جماعي عام من قبل ضباط المخابرات بدلاً من قوات قتالية للعمل، قام 43 من ضباط وجنود جيش الاحتياط ذوي الرتب المتوسطة (33 جنديًا و10 ضابطًا، بينهم رائد واثنين من النقباء، ومعظمه في أواخر العشرينيات والثلاثينيات) في سلك المراقبة الالكترونية للجيش الإسرائيلي، وحدة رقم 8200، بنشر خطاب إلكتروني في الصحيفة الإسرائيلية الأكثر قراءة “يديعوت أحرونوت”، موجهة إلى رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي “بيني جانتز”، “موشيه يعلون” و “تل كوخافي” ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، [16]سجلوا خلالها رفضهم للمشاركة، على أساس الضمير، في أي عمل يهدف إلى “الحاق الضرر بالسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية “[17]، استغرق الأمر ما يقرب من العام لجمع كافة التواقيع، وقد أظهرت التحقيقات أن هناك المزيد من المؤيدين للخطاب والذين لم يوقعوا عليه خوفًا من ردود الفعل والثمن الشخصي، خاصة وأن 10 من بين الضباط البالغ عددهم 43 ينتمون إلى دوائر السيطرة في الوحدة.[18]
** وإجمالاً فإن جيل الصابرا هم أبناء اليهود الذين نشأوا على الأراضي التي احتلتها إسرائيل أو ولدوا بها فإن كانوا أبناء يهود شرقيين فسيرثون تركتهم من التمييز ضدهم في كافة مناحي الحياة وإن كانوا أبناء يهود غربيين فسيرثون التمييز لصالحهم، ويستثنى من ذلك الأبناء نتاج الزواج المختلط بين الأشكيناز والسفارد، وبالرغم من ارتباط هذا الجيل بالأرض بحكم المولد والنشأة، إلا أن هناك تخوفا من الإسرائيليين اليهود كما ذكرنا سلفًا من تأثر جيل الصابرا الحالي بدعة العيش وما تنادي به جمعيات حقوق الإنسان والسلام وغيرها من أفكار العولمة التي لم تعرفها الأجيال السابقة الأولى من اليهود خاصة من الأشكيناز والتي أعلت من قيمة بناء دولة إسرائيل على حساب كل قيم الإنسانية والديمقراطية، وما يترتب عليه من الامتناع عن أداء الخدمة العسكرية، وبالتالي فبالرغم من أن نسبة المتهربين من الجيش من الصبارا- الأجيال الجديدة من اليهود – غير كبيرة في الواقع الراهن ودليل ذلك العمليات العسكرية المستمرة والتي لا تتعلق البتة بمفهوم الدفاع، فإن هناك هاجسا مستمرا لدى المجتمع الإسرائيلي يكمن في الخوف المستقبلي على أمنه القومي من احتمالات تصاعد عدم إقبال الشباب على الجيش في المستقبل، وتحول المجتمع الإسرائيلي إلى “مجتمع ألفي” أي الفيديو والفولفو والفيلا، وظهور المستوطن المتوجه نحو اللذة، ذو الرأس الصغير والمعدة الكبيرة، الذي يجيد الاستهلاك ولا يؤمن بأي مثاليات أو أيديولوجيات، بما في ذلك الأيديولوجية الصهيونية.[19]
رابعاً: عرب 1948 (فلسطينيو الداخل) والأمن القومي الإسرائيلي
هم الجماعة العربية التي ظلت في فلسطين بعد إقامة الدولة اليهودية عام 1948، ومن سكان البلاد الأصليين ويمكن التمييز بين العرب في المناطق التي تم احتلالها من قبل إسرائيل إثر حرب 1967، وقد بلغ عدد السكان العرب في إسرائيل ربع مليون نسمة قبل حرب 1967، بينما يبلغ عددهم مليون نسمة إذا أضفنا سكان جميع المناطق المحتلة بعد عام 1967، ومحور التركيز هنا على السكان العرب الذين بقوا في إسرائيل عقب قيام الدولة، ويشكل العرب حوالي 1.2 مليون نسمة من المجتمع الإسرائيلي، ويضم السكان العرب ثلاثة طوائف دينية هي :المسلمون، والمسيحيون، والدروز.
لقد مرت تلك العلاقة بالعديد من محطات الشد والجذب كان أهمها أحداث أكتوبر 2000 التي راح ضحيتها 13 مواطنا عربيا على يد قوات الشرطة الإسرائيلية، في دلالة هامة على هشاشة تلك العلاقة ما بين الدولة والعرقية العربية.
ومن الجدير بالملاحظة أنه على الرغم من أن كل التحقيقات أشارت إلى أن قوات الشرطة الإسرائيلية عاملت المواطنين العرب على أنهم أعداء، إلا أن النائب العام لم ير ضرورة لوضع أي من قوات الشرطة في السجن نظراً “لقلة الأدلة”، من بعد ذلك الحادث أصدر الكنيست الإسرائيلي العديد من القوانين التي كان من شأنها التأثير بشكل سلبي على الحقوق السياسية والمدنية للأقلية العربية في إسرائيل.
وكانت القرارات والقوانين الصادرة تؤكد على أن إسرائيل دولة ذات هوية يهودية بالأساس، وهو ما كان من شأنه فتح نوافذ لعودة سياسات مكتب الأمن العام الإسرائيلي التي نصت على أن أي تحدي للهوية وشخصية الدولة الإسرائيلية، حتى لو كان من خلال وسائل ديمقراطية، يعتبر تهديدا استراتيجيا وغير شرعي بالمرة.[20]
كان الإطار الرئيسي لسياسات التكامل في إسرائيل هو اجتذاب اليهود من كافة أصقاع الأرض حتى لو كان هناك شك في يهوديتهم كالفلاشا، ودمج العرب، وصبغهم بالصبغة الإسرائيلية، وخلال الثلاثة عقود الأولى من تاريخ الدولة الإسرائيلية تم اتباع فلسفة إدماجية جمهورية في المجتمع اليهودي مصحوبة بسياسة إدماجية ليبرالية للجماعات العربية، وتم اعتبار التعليم، اللغة المشتركة، الدين والخدمة العسكرية كمكونات أساسية ورئيسية للدولة اليهودية وليس للعرب حق الحصول عليها.
ولقد أعطيت السياسات الإدماجية الليبرالية دفعة قوية بدءاً من الثمانينات من القرن الماضي مع سياسات التحرير الاقتصادي التي اتبعتها الدولة، وكان النظر للسياسات الإدماجية الليبرالية التي فتحت الباب أمام المشاركة العربية في النظام الانتخابي الإسرائيلي، على أنها وسيلة لإخفاء السياسات التمييزية التي تم إقرارها في مجال الحقوق الفردية المدنية والتمييز في الحصول على الموارد العامة، وتم استخدام وجود النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي على أنه أفضل دليل وبرهان على الوضع الجيد للعرب في المجتمع الإسرائيلي من ناحية، وتم تحميلهم المسئولية عن التمييز ضد الأقلية العربية وعدم توحيد الجماعات العربية من ناحية أخرى.[21]
وتم النظر للمشاركة في العملية السياسية من خلال تكوين الأحزاب وحق التصويت على أنه ترجمة للحقوق الفردية والوضع الدستوري الذي يتمتع به العرب داخل إسرائيل، وأنهم لا يعانون من الاضطهاد، وعلى الرغم من أن فترة الحكم العسكري 1948-1966 كانت المشاركة السياسية للعرب خالية من أي معنى ومفرغة من مضمونها، إلا أن النظام الإسرائيلي ظل ينظر للمشاركة العربية في الكنيست الإسرائيلي على أنها “فضيلة” تعكس الطبيعة الديمقراطية للنظام الإسرائيلي.
ولهذا لم يكن من الغريب فهم حالة الاحتقان التي سادت الأوساط القانونية والسياسية والدستورية في إسرائيل تجاه محاولات حرمان الأحزاب العربية وأعضاء الكنيست العرب من حقوقهم السياسية والتي نظر إليها الجميع على أنها قد تضر بالمطالب والقيم الديمقراطية في إسرائيل.
وكنتيجة لذلك، وباستثناء حالة واحدة في 1965، قوبلت محاولات الأحزاب الوطنية الإسرائيلية بتجريد الأحزاب العربية أو الشخصيات السياسية العربية من حقوقها السياسية بالرفض من قبل المحكمة العليا، ويمكن بذلك القول إن الأقلية العربية في إسرائيل تتمتع بهوية مدنية وليست وطنية تنبع من أسرلتهم.
ويرى البعض، وعلى رأسهم “إليا زريق” و”غازي فلاح”، على اعتبار إسرائيل مجتمعاً تعددياً، فالتعددية لديهم تعني التلاقي الطوعي بين الفئات السكانية، كما تعني غياب الإكراه ومنع هيمنة فئة من المجتمع عليه، ونظراً لأن الفلسطينيين قد أكرهوا على وجود إسرائيل، وعلى قبول نظمها ومنهج حياتها، فيخلص زريق بأن الواقع في إسرائيل هو “كولونيالية داخلية”[22] أي أنها دولة استعمارية بالدرجة الأولى.
ويمكن تقسيم مراحل العلاقة بين الدولة والعرقية العربية إلى ثلاث مراحل أساسية وهي التكييف، ثم التأكيد على الهوية الفلسطينية، ثم إضفاء الطابع الإسرائيلي على هويتهم كالتالي:
أ- مرحلة التكيف (1948-1967)
خلقت حرب 1948 حالة فريدة من نوعها بوجود أقلية عربية داخل الدولة الإسرائيلية، وعلى الرغم من النشأة اليهودية للدولة الإسرائيلية، إلا أنها لم تكن يهودية بشكل حصري، ففي 1948 كانت الأقلية العربية داخل إسرائيل تصل إلى 150.000 نسمة، وبحلول 2006 كانت نسبة العرب في إسرائيل حوالي 1.4 مليون نسمة، مكونة حوالي 20% من إجمالي عدد السكان في إسرائيل، كان العرب الذين فضلوا البقاء في إسرائيل مع حصولهم على الجنسية الإسرائيلية والمقدر عددهم بحوالي 150.000 يحاولون الحفاظ على الروابط الثقافية والوطنية والدينية مع بقية العالم العربي، وهو ما أدى بتلك الأقلية العربية للمعاناة من تنازع الولاءات بين إسرائيل والوطن العربي.
ومن ناحيتها، واجهت إسرائيل هي الأخرى معضلة كبيرة في التعامل مع تلك الأقلية وكيفية تكييف متطلبات تهويد الدولة الجديدة وإكسابها الهوية الصهيونية، وفي نفس الوقت الالتزام بمبادئ الديمقراطية الليبرالية التي تتطلب مساواة وعدالة بين كل المواطنين؛ العرب واليهود.[23]
كان أول ذكر لعرب 48 كجالية عربية في إسرائيل من خلال “بيان استقلال إسرائيل” في 14 مايو 1948 والذي نادى بأنه “على أفراد الجالية العربية، والقاطنين في دولة إسرائيل، الحفاظ على طرق السلام”، وأقرت الدولة أنها ملتزمة بحقوق المواطنة والمساواة كاملة لعرب 48 وتضمن لهم التواجد الكامل في كامل أجهزتها ومؤسساتها، وفي الوقت نفسه أقرت الدولة التزامها الكامل بتوفير الحقوق الوطنية السياسية والاجتماعية لكل المواطنين بغض النظر عن العرق أو الأصل أو الجنس واحتوى الإعلان على التأكيد على “حرية التفكير، العبادة، التعليم والثقافة… ويحمي ويؤمن دور العبادة والأماكن المقدسة لكل الديانات”.
ويلاحظ أن إعلان الاستقلال لم يتحدث عن عرب 48 أصحاب الأرض الأصليين هنا باعتبارها أقلية، ولم يأت على ذكر حقوق جماعية وحقوق أقلية إطلاقاً، ويلاحظ أيضاً أن حديث الإعلان عن حقوق السكان الأصليين عرب 48 تناولها باعتبارها “حقوق وطنية”، وهو ما يعكس الطبيعة الفريدة للدولة في إسرائيل باعتبارها الوطن القومي لليهود ودولة تستمد وطنيتها من الهوية اليهودية، وهو ما تناقض لاحقًا مع الممارسة الفعلية في السلطة بين العرب كمواطنين واليهود كمواطنين.[24]
وقد أحدث هذا الإعلان حالة انفصال بين العرب الذين يتمتعون بالحالة المدنية ويفتقدون للهوية الوطنية، وبين اليهود الذين يتمتعون بالهوية الوطنية والتي قامت على يهوديتهم، وظل لذلك الأمر تداعيات طويلة الأجل نظراً لعدم وجود دستور يحل محل مكونات إعلان الاستقلال.
وعلى الرغم من رفض إعطائهم الصبغة الوطنية، إلا أن العرب في إسرائيل قد أقرت لهم العديد من الحقوق الجماعية مثل استخدام اللغة العربية كلغة رسمية، وحق العرب في الحصول على تعليمهم الخاص وبلغتهم العربية، والاعتراف بقوانين الأحوال الشخصية للمسلمين ووجود المحاكم الإسلامية، والحق في الحصول على العطلات، والحق في الحصول على التمثيل النسبي في الخدمة المدنية في إسرائيل، وعلى الرغم من أن تلك الحقوق كانت تتسم بطابعها الديمقراطي، إلا أن إسرائيل اتبعت العديد من السياسات الأخرى التي كانت تهدف لحماية “يهودية” الدولة من المخاطر الأمنية المختلفة، والتي كانت تنظر بها للعرب على أنهم “أقلية مرتبطة بالعدو” و”طابور خامس” محتمل، وأظهر ذلك التوجه الأمني نفسه في مصادرة الأراضي العربية والتواجد المكثف لقوات الجيش على الأراضي العربية لمدة ثمانية عشرة عاماً امتدت من 1948 وحتى 1966.[25]
خلال تلك الفترة كان العرب منقسمون بين مجموعتين سياسيتين رئيسيتين:
المجموعة الأولى: ذات توجه وطني ويمثلها الحزب الاشتراكي اليهودي، والمجموعة الثانية: كانت ذات توجه مدني وأصبحت تعرف بالمعسكر المعتدل، وقد تكون المعسكر المعتدل من النشطاء السياسيين من الماباي، الحزب الحاكم، وجناح اليسار من حزب المابام.
تبنى المعتدلون سياسة برجماتية ركزت على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للجالية العربية مثل التعليم والصحة والخدمات العامة، واتخذوا مسلكاً وسطاً بين الجيش والعرب وابتعدوا عن القضايا والحقوق السياسية.[26]
كان المعسكر الوطني يعتمد بالأساس على الحزب الشيوعي الإسرائيلي، والذي انقسم في 1965 إلى الفصيل اليهودي والقائمة الشيوعية الجديدة لاحقاً، وأصبحت القائمة الجديدة هي الطرف المهيمن والذي حظي بدعم أعضاء الحزب الشيوعي العربي وأصوات ناخبيه، ويمكن فهم الدعم العربي الشديد للحزب في إطار محاولاته لخلق هوية وطنية للعرب في إسرائيل ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية:
- كونها أقلية قومية.
- الإحساس بالانتماء للأمة الفلسطينية العربية.
- المواطنة الإسرائيلية.
ولقد شجعت حركة القومية العربية التي قادها جمال عبد الناصر عرب إسرائيل لتأسيس حزب جديد يدعى “حزب الأرض”، والذي نادى بحق تقرير المصير للأقلية العربية، لكن الحزب تم حله قانونياً في 1964.
ب- مرحلة الفلسطنة (1967-1993)
عرفت الفترة من عام 1967 وحتى 1993 بفترة الفلسطنة، والتي تأثرت بشكل كبير بنكسة 67 المعروفة لدى الإسرائيليين بحرب الأيام الستة، والتي أصبحت فيما بعد ركناً أساسياً في ترسيخ الهوية الذاتية لعرب إسرائيل كأقلية فلسطينية، وخلال تلك الفترة ساهم إعادة التواصل مع فلسطيني عزة والضفة الغربية في تحفيز الرغبة في العودة للأصول الفلسطينية، فقد مثل إزالة الخط الأخضر· إيذانًا بانتهاء تسعة عشرة عاماً من العزلة للأقلية العربية في إسرائيل من خلال توحيد السماح لعرب إسرائيل بالسفر من وإلى إسرائيل، وبدأت الأقلية العربية في إسرائيل في استعادة هويتها مرة أخرى فيما وصف بعد ذلك بـ “الفلسطنة”.[27]
وفي السبعينيات، بدأت حركة المعارضة والمظاهرات والاعتصامات وحملات الدعاية المناهضة للحكومة في الانتشار بشكل واسع في أوساط الأقلية العربية اعتراضاً على الأوضاع الغير عادلة مقارنة بأوضاع الإسرائيليين التي بدأت أوضاعهم في التحسن بشكل كبير في النواحي الاجتماعية والاقتصادية.
وبمرور الوقت، بدأ الخط الفاصل بين النضال من أجل المساواة والنضال من أجل الحقوق الوطنية في التلاشي كما حدث في مارس 1976، عندما تصادمت قوات الأمن الإسرائيلي مع آلاف المتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا للاعتراض على قرار الحكومة الإسرائيلية بمصادرة أراضي منطقة الجليل، حيث قتل ستة أفراد من الأقلية العربية في ذلك اليوم الذي عرف فيما بعد باسم “يوم الأرض”،[28] وعززت فترة الانتفاضة الفلسطينية هنا من مشاعر الفخر للفلسطينيين وإحساسهم بضرورة السعي لتحسين أوضاعهم والحفاظ على هويتهم، ولكن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ومن ورائها مباحثات السلام المتعلقة بالقضية الفلسطينية أظهرت للفلسطينيين حاجتهم الماسة لخلق هوية فلسطينية داخل المجتمع الإسرائيلي، وهو ما كان إيذاناً ببدء مرحلة التوطين من 1993 وحتى 2006.
ج- مرحلة التوطين (1993-2006)
انعكس الدور المتصاعد للأقلية العربية في النظام السياسي والاجتماعي الإسرائيلي بشكل خاص في أكتوبر 2000، إثر الصدام الشديد بين قوات الأمن الإسرائيلي والأقلية العربية في الجليل ومنطقة المثلث نتيجة لإعلان “آرييل شارون” عضو الكنيست عقده النية لزيارة جبل المعبد عشية رأس السنة اليهودية، وهي الأحداث التي راح ضحيتها عشرون من العرب وإسرائيلي، وعلى الرغم من أن تلك الأحداث تأتي في إطار التضامن مع باقي الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، إلا أن بعض المحللين رأى أنها انعكاس للغضب العام في أوساط الأقلية العربية نتيجة للظروف القاسية التي يعايشونها اقتصادياً واجتماعياً على عكس نظرائهم الإسرائيليين من جانب، وتعكس عدم الرضا عن سياسات رئيس الوزراء “إيهود باراك”، الذي انتخبه 95% من عرب إسرائيل تحت مزاعم تحسين أوضاعهم، وهو ما لم يحدث بعد ذلك، بل إنه أنكر حصوله على أصوات الأقلية العربية على الإطلاق في انتخابات رئيس الوزراء 1999، وبدأت الأقلية العربية تغير من سلوكها التصويتي بدلاً من الاتجاه للأحزاب الصهيونية بتياراتها المختلفة إلى التصويت إلى أحزاب عربية النشأة والعضوية، وهي الأحزاب التي عكست فيما بعد الهوية الوطنية لعرب إسرائيل وخاصة في انتخابات 2006.[29]
وشهدت العلاقات بين العرب واليهود المزيد من التوتر على خلفية حرب لبنان في صيف 2006، فعلى الرغم من أن صواريخ الكاتيوشا طالت منطقة الجليل التي يقطنها العرب، وأنزلت بها 18 حالة وفاة من إجمالي 39 وفاة أحدثتها الحرب، إلا أن الفجوة بين الطرفين ازدادت اتساعاً، على خلاف المتوقع بأن تلك الأحداث ستجعل الطرفين يدركون أن مصيرهم واحد.
وبدأت العديد من المنظمات العربية في إسرائيل في طرح رؤاها الخاصة بكيفية تطوير أوضاع العرب في إسرائيل، وكان أهم تلك التقارير يحمل عنوان “رؤية مستقبلية” التي وضعها حوالي 40 من المفكرين العرب في إسرائيل في 2006، وفي 2007 تم إجراء استطلاع رأي وافق فيه 73% من اليهود و94% من العرب على أن إسرائيل لابد وأن توفر مناخ من المساواة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين العرب واليهود، ولقد أدركت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الأهمية الفعلية لأصوات الأقلية العربية وعملت من ثم على خطب ودها، وهو ما حدث في عهد حكومة أولمرت (2005-2009) حيث ضمت الحكومة وزيراً عربياً واحداً.[30]
ويشكل العرب في إسرائيل أكبر خطر داخلي على الأمن القومي الإسرائيلي لسببين رئيسيين، يتعلق أولهما: بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتدنية، بينما يتعلق الثاني بمسألة الهوية، وبالنسبة للنقطة الأولى، فإن العرب في إسرائيل تتميز أوضاعهم الاقتصادية بالتدني مقارنة بأوضاع اليهود بشكل عام، وهو ما أدى إلى انتشار معدلات الجريمة بينهم بشكل أكبر من غيرهم، وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، فإن العرب في إسرائيل تواجههم أزمة هوية كبيرة؛ فهم ينظرون لإسرائيل على أنها دولة فرض عليهم التعايش في كنفها، في حين تنظر الدولة نفسها إليهم على أنهم مواطنون فُرض عليها إيواؤهم.
** ومن ثم، فإن وضع العرب في إسرائيل أشبه بقنبلة موقوتة، يسرع بإشعال فتيلها الإهمال الذي تتعرض له تلك الأقلية سياسًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وهذا هو الخطر الحقيقي المحدق بالأمن القومي الإسرائيلي.
خامساً: اليهود الروس والأمن القومي الإسرائيلي
اليهود الروس هم اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل بعد فترة طويلة من الحياة القاسية التي عانوها في الاتحاد السوفيتي، وعلى الرغم من وجود مجموعة مهاجرة بين فترة وأخرى منهم من الاتحاد السوفيتي إلى إسرائيل، إلا أن الهجرات الكبيرة لهم كانت في بداية التسعينيات مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وكان الدافع الأساسي لهجرتهم هو الفرار من الأزمات السياسية والاقتصادية التي ترتبت على انهيار الاتحاد السوفيتي.
فبعد حرب عام 1967 بين إسرائيل وبعض الدول العربية، قطع الاتحاد السوفيتي علاقته بإسرائيل، وبدت الحياة لليهود في الاتحاد السوفيتي شبه مستحيلة نظراً لعدم قدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية أو التمتع بكافة الحريات التي شهدها غيرهم من المواطنين، ولكنهم لم يكونوا قادرين على السفر خارج الاتحاد السوفيتي في أعداد كبيرة.
وفي السبعينيات، تغير هذا الوضع وأصبح اليهود قادرين على السفر إلى الخارج، وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي، كان اليهود لهم الحرية في الاختيار بين الهجرة للولايات المتحدة أو لإسرائيل، فكانت الولايات المتحدة تقبل اليهود وتعطيهم صفة اللاجئين، في حين أن إسرائيل كانت تقبل باليهود وتعطيهم الجنسية الإسرائيلية هم وعائلاتهم طبقاً لـ “قانون العودة”·.
وخلال الفترة من 1970 وحتى 1988، خرج حوالي 291.000 يهودي وأقاربهم من الاتحاد السوفيتي، واتجه منهم 165.000 إلى إسرائيل، والباقي إلى ألمانيا والولايات المتحدة، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي منعت الولايات المتحدة إعطاء اليهود في الاتحاد السوفيتي سابقاً صفة اللاجئين، وكان منح الهجرة يقتصر فقط على من لهم عائلات في الولايات المتحدة.
من هنا بدأت الهجرات تركز على إسرائيل وألمانيا كمقصد للعيش، وخلال الفترة من 1959 وحتى 2006، هاجر حوالي 1.6 مليون يهودي، استقبلت منهم إسرائيل 979.000 مهاجر، في حين اتجه الباقي إلى ألمانيا والولايات المتحدة.
جدول رقم (1) أعداد المهاجرين من اليهود الروس حسب جهة الهجرة 1970-2006
العام |
الإجمالي |
الوجهة |
نسبة المهاجرين إلى إسرائيل إلى العدد الكلي |
||
إسرائيل |
الولايات المتحدة |
ألمانيا |
|||
1970-1988 |
291 |
165 |
126 |
– |
57 |
1989 |
72 |
12.9 |
56 |
0.6 |
18 |
1990 |
205 |
185.2 |
6.5 |
8.5 |
90 |
1991 |
195 |
147.8 |
35.2 |
8 |
76 |
1992 |
123 |
65.1 |
45.9 |
4 |
53 |
1993 |
127 |
66.1 |
35.9 |
16.6 |
52 |
1994 |
116 |
68.1 |
32.9 |
8.8 |
59 |
1995 |
114 |
64.8 |
21.7 |
15.2 |
57 |
1996 |
106 |
59 |
19.5 |
16 |
56 |
1997 |
99 |
54.6 |
14.5 |
19.4 |
55 |
1998 |
83 |
46 |
7.4 |
17.8 |
55 |
1999 |
99 |
66.8 |
6.3 |
18.2 |
67 |
2000 |
79 |
50.8 |
5.9 |
16.5 |
64 |
2001 |
60 |
33.6 |
4.1 |
16.7 |
56 |
2002 |
44 |
18.5 |
2.5 |
19.3 |
42 |
2003 |
32 |
12.4 |
1.6 |
15.4 |
39 |
2004 |
25 |
10.1 |
1.1 |
11.2 |
40 |
2005 |
18 |
9.4 |
0.9 |
6 |
52 |
2006 |
10 |
7.5 |
0.6 |
1.1 |
75 |
1989-2006 |
1.607 |
979 |
325 |
219 |
61 |
1970-2006 |
1.898 |
1.144 |
– |
– |
60 |
Source: Tolts, M., “Post-Soviet Jewish Demography, 1989-2004,” in Z. Gitelman and Y. Ro’i (eds.), Revolution, Repression and Revival: The Soviet Jewish Experience (Lanham, MD: Rowman & Littlefield 2007), pp. 283-311.
فور وصولهم إلى إسرائيل، لم يقطن غالبية اليهود الروس إلا في المناطق الطرفية، والتي عادة ما كان يقطنها العرب والسفارد، وهو ما كان له أبعد الأثر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لهم.
فبالمقارنة بغيرهم من اليهود الأشكناز، كان اليهود السفارد يكنون العداء الشديد لليهود الروس، ولم يكن ذلك العداء ليتأتى من فراغ؛ ففي الوقت الذي عانى فيه اليهود السفارد من الأوضاع الاقتصادية السيئة، كانت الحكومة تقف بجانب اليهود الروس لتوفر لهم المسكن والعمل، وفي بعض الأحيان كانت تهجر اليهود السفارد من منازلهم قصراً لتوفيرها للوافدين الجدد من اليهود الروس، وفي نفس النطاق، كان اليهود الروس يكنون مشاعر البغضاء للعرب، وهي المشاعر التي أثبت العرب أنها مشتركة بين الجانبين بمرور الوقت.[31]
ومن ناحية أخرى، نجد أن تركيز اليهود الروس في المدن الطرفية مع السفارد والعرب لم يعد عليهم إلا بمهن متدنية لم تكن تتماشى مع تعليمهم أو خبرتهم العملية، وهكذا بدأ الوافدون الجدد في التعامل مع الواقع من خلال التمسك بثقافتهم الأصلية بما فيها اللغة والعادات، وحتى الممارسات الدينية، دون الرغبة في الانخراط الشديد في المجتمع، وفي استطلاع تم إجراؤه على عينة من اليهود الروس أفاد 25% من العينة أنهم سوف يظلون روسيي الهوية بغض النظر عن السنوات التي عاشوها في إسرائيل، في حين 50% من العينة رأى بأنه لا مانع من حمل الهويتين معاً، فضلاً عن أن 8% فقط من أفراد العينة رأوا أنه بمرور الوقت سيصبحون إسرائيليين كلياً.[32]
وفيما يتعلق بالأمن القومي لإسرائيل، فقد كان يتم النظر لليهود الروس على أنهم أحد مدعمي الأمن القومي الإسرائيلي من خلال خلقهم توازن بين اليهود الأشكناز والسفارديم في إسرائيل، ففي بداية التسعينيات كانت أعداد السفارديم قد بدأت في التزايد في الوقت الذي قلت فيه أعداد اليهود الأشكناز، ومن ثم ارتأت الدولة الإسرائيلية أن وجود اليهود الروس سوف يدعم مكانة الأشكناز مرة أخرى ويخلق توازن بين الطرفين لصالح الأشكناز.
ومن الملاحظ أن اليهود الروس لا يؤثرون على الأمن القومي الإسرائيلي سلبًا بشكل كبير، فبالرغم من عزلتهم الاجتماعية وعدم انصهارهم بقوة في المجتمع الإسرائيلي والتزام الكثير منهم بالهوية الروسية بما فيها من قيم وعادات ولغة، ما خلق بينهم وبين الكثير من الإسرائيليين مسافة من التباعد اتضحت بشكل كبير في أن اليهود الروس يقطنون في أماكن خاصة بهم جعلتهم أشبه بالجيتو في الدولة اليهودية، ومن ناحية أخرى، فإن معدلات الهجرة خارج إسرائيل أعلى منها بين اليهود الروس من أي جماعة عرقية أخرى، وهو ما قد يتسبب على المدى البعيد في الإضرار بالوضع الديمغرافي في إسرائيل.
**وباختصار يمكن القول بأن مشكلة اليهود الروس في إسرائيل تكمن في عزلتهم وانكفائهم على لغتهم وهويتهم الروسية مما يعزز من الموجات الهجرة العكسية في هذه الفئة مستقبلاً، كما أن هناك روس مهاجرين لإسرائيل لأسباب اقتصادية وأملاً في تحسين مستواهم المعيشي ليسوا يهودًا وبالتالي فإن هناك احتمالات كبيرة بعودتهم لبلادهم أو لدول أخرى حال لتحسين أوضاعهم المادية لاسيما مع الإعلاء من شأن يهودية الدولة والعنصرية ضد غير اليهود.
وقد أفادت صحيفة “هآرتس” العبرية، مايو 2017 بزيادة نسبة “الهجرة المعاكسة” ليهود دول الاتحاد السوفيتي سابقًا من إسرائيل، وذكرت أنه من بين كل ستة مهاجرين من الذين حضروا إلى إسرائيل خلال سنوات الـ 90، ترك واحد منهم الدولة العبرية وعاد إلى موطنه الأصلي.
وبحسب معطيات صادرة عن “هيئة الإحصاء الإسرائيلية المركزية”، فإن نسبة 17% من إجمالي يهود دول الاتحاد السوفيتي، تركوا “إسرائيل” لأسباب اقتصادية ولعدم مقدرتهم على التكيف مع غلاء الأسعار فيها، وأنه بين العامين 1990 و1996 هاجر إلى إسرائيل حوالي 650 ألف شخص من دول الاتحاد السوفيتي السابق، بينهم 185 ألفًا أقل من 20 عامًا.
و32 ألفًا منهم (17%) لا يعيشون في إسرائيل، وقرابة 300 ألف شخص غادروا إسرائيل من دون العودة إليها بين العامين 1990 و2014، و38 % منهم من الهاجرين الروس.
وكشفت أن الكثير من اليهود الروس لم يتخلوا عن عقاراتهم في موسكو أو سانت بطرسبورغ ومدن أخرى، وظلوا يديرون أعمالهم هناك عن بعد ولم يعرفوا ذواتهم يومًا كـ “إسرائيليين”.[33]
سادساً: الفلاشا والأمن القومي الإسرائيلي
هي كلمة في اللغة الأمهرية تعني الهائم على وجهه أو المهاجر، وقد عرف بها اليهود من الحبشة، وهم فئة من اليهود لا ينتمون لليهود الغربين ولا الشرقيين، وقد وفد مما يزيد عن عقدين من وفود المهاجرين الإثيوبيين إلى إسرائيل وتحديدًا في عام 1984، وقد شكك الكثير من الحاخامات في يهوديتهم قبل 1973، وبعد هذا العام أعلنت الحاخامية اليهودية أنهم يهود من سبط “دان”.[34]
ولقد جاءت الهجرات الإثيوبية إلى إسرائيل في البداية في شكل أعداد بسيطة لا تتجاوز المائتين والسبعين في الستينات، ثم مائة وعشرين في 1977 ولكن في 1978 أغلقت إثيوبيا أبوابها أمام الهجرات اليهودية إلى إسرائيل.
في 1984 جاءت العملية “موسى” والتي تم من خلالها نقل ستة آلاف وخمسمائة يهودي إثيوبي من مخيمات كانت تتواجد في السودان إلى إسرائيل، وعلى الرغم من تواجد المئات من اليهود الإثيوبيين في السودان، إلا أن تلك الأعداد تم ترحيلها هي الأخرى إلى إسرائيل في عمليات خاصة للمخابرات المركزية الأمريكية في الشهور التالية على ذلك، فيما عرف باسم عملية “جوشوا”[35]، انقطعت كل الهجرات الإثيوبية إلى إسرائيل حتى أواخر الثمانينات، ولكن الهجرات بدأت في العودة من جديد بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وإثيوبيا في أواخر 1989، وفي 1990-1991 تم نقل ما يقدر بحوالي 14.500 ألف يهودي إثيوبي إلى إسرائيل في حوالي 36 ساعة.[36]
الشكل رقم (1) الهجرات الإثيوبية إلى إسرائيل
وخلال الفترة من 1991 وحتى 1997 تم نقل حوالي 11.511 إثيوبي إلى إسرائيل. وفي خلال الفترة من 1998 وحتى 2007 استقبلت إسرائيل 31.028 مهاجر إثيوبي مرة أخرى في إطار العملية فلاش مورا.
ويعيش في إسرائيل طبقاً لتقديرات عام 2010 حوالي 119.700 مهاجر إثيوبي، وحوالي 40% منهم يقل عمرهم عن 18 عاماً. كانت أخر الهجرات الإثيوبية إلى إسرائيل في عام 2011 في الفترة من يناير وحتى أكتوبر، حيث ضمت تلك الفترة 2400 مهاجرًا، في حين أنه في الفترة من 2000 وحتى 2010 شهدت إسرائيل قدوم 3000 مهاجر إثيوبي كل عام كما يوضح الشكل رقم (1).
قد لا يمكن القول بوجود مخاطر يشكلها الفلاشا على الأمن القومي الإسرائيلي، تتأتى من توليهم مناصب عليا في الدولة، فيهود الفلاشا يعمل أغلبهم في إسرائيل في الأعمال الدنيا والتي لا يقبل باقي اليهود العمل بها، وعلى الرغم من النظرة الدونية للثقافة الأفريقية بشكل خاص، وما دون الأوروبية بشكل عام، إلا أن تلك النقطة قد تم تجاوزها في ظل حاجة الدولة للمزيد من اليهود.
** وبشكل عام فإن جل ما يشكله يهود الفلاشا من مخاطر، ينحصر بالأساس في الهجرات غير الشرعية التي تتوالى على البلاد من إثيوبيا بين الحين والآخر، إلى جانب شعورهم بالاغتراب الذي ولدته النظرة الدونية لهم وعدم المساواة من قبل الدولة والمجتمع في إسرائيل، مما قد يسبب اضطرابات وجرائم وقلاقل في المستقبل تؤثر على أمن الدولة.
سابعاً: البدو والأمن القومي الإسرائيلي
قبيل إعلان نشأة إسرائيل كان هناك حوالي 70.000 نسمة من البدو يقطنون منطقة النقب، وبعد قيام دولة إسرائيل وخوض حرب 1948 لم يتبق في إسرائيل سوى 120.000 فقط، في حين نزح الباقون إلى مصر والأردن، وبأمر من أول رئيس وزراء إسرائيل “ديفيد بن جوريون” تم اقتلاع معظم البدو المتبقين من أراضيهم وترحيلهم إلى منطقة في شمال شرق النقب وتدعى “السياج”، والتي تشكل حوالي 10% فقط من إجمالي منطقة النقب، وعبر عملية الترحيل القصري تلك، تم إعطاء الأراضي التي تم ترحيل البدو منها إلى يهود الكيبوتس والموشاف، وهم المجتمعات اليهودية الماهرة في عملية الزراعة، وتعد النسب متغيرة بالنسبة لأعداد البدو في إسرائيل.
ويمكن القول إنه حتى عام 1966 خضع البدو للحكم العسكري الذي منعهم من ممارسة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبسبب تدني أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والتي أضحت سببًا رئيسًا في ارتفاع معدلات الجريمة بينهم من ناحية، وتمهيدًا لانتشار الفكر الجهادي من ناحية أخرى، وإذا لم يتم معالجة أوضاع تلك الأقلية سريعًا، فإنها سوف تكون موطنًا للجريمة بكل أشكالها في إسرائيل وهذا ما تمثله من خطورة على المجتمع الإسرائيلي لاسيما مع تنقلهم وترحالهم وعدم استقرارهم في مكان معين، إلا أنه من زاوية أخرى استطاعت السلطات الإسرائيلية أن تستقطب عدد منهم لخدمة الجيش الإسرائيلي في أمان والموساد من خلال عمليات تقصي الأثر خاصة قبيلة العزازمة على غرار سياستها مع بدو سيناء وقت احتلالها.
**وبالتالي فإن البدو كعرقية يمثلون خطورة في كونهم من أكبر معدلات النمو السكاني في إسرائيل بل وفي العالم ككل حيث يبلغ معدل النمو الطبيعي لهم 5.5% سنويًا[37]، وذلك وفقًا لبيانات الكنيست الإسرائيلي، كما أنهم الأكثر عرضة للتجنيد ضمن الجماعات الراديكالية المتشددة، إضافة إلى انتشار الجرائم في وسطهم.
ثامناً: العبرانيون الجدد والأمن القومي الإسرائيلي
هاجروا بداية من سنة 1964 عندما استقبل مطار بن جوريون 3000 شخص من زنوج كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهم من ديانات مختلفة، لذا لم يلاقوا اعترافًا من قبل الحاخامية الكبرى وبالتالي لم يتم استيعابهم حتى الآن[38].
**وبالتالي فإنهم لا يمثلون تهديدًا رئيسيًا للأمن القومي بإسرائيل.
تاسعاً: الشركس والأمن القومي الإسرائيلي
الشركس هم من شعوب القفقاس القدماء الذين سكنوا في شمال غرب القفقاس منذ عصور قديمة جدًا تقريبًا عام 1870، وبالأخص في دولتهم التي سميت (اديغايا) على ضفاف نهر الكوبان على شاطئ البحر الأسود في جنوب روسيا، والشركس هم شعب ذو طابع إثني وثقافي خاص، يتحدثون لغتهم الشركسية الأديغية، وأطلق عليهم اسم (الشركس) من قبل الشعوب المجاورة: الروس، الترك والتتار.
عاش الشركس جميع الأحداث التي جرت في فلسطين منذ استقرارهم فيها، وبالنظر لقلة عددهم كان شأنهم في أحداث البلاد صغيرًا جدًا، لم يتجاوز نطاق العلاقات القائمة بين قراهم والقرى العربية المجاورة، وهم بالأساس مسلمون سنة.
عانى الشركس ما عاناه الفلسطينيون جراء قيام إسرائيل سنة 1948، وغادر فلسطين آنذاك نحو 20 عائلة شركسية استقرت في قرية مرد السلطان شرق مدينة دمشق كلاجئين فلسطينيين، أما القسم الأكبر من الشركس فقد بقي في فلسطين المحتلة، وخضع مثل بقية العرب لظروف الاحتلال، وقاسوا عمليات الطرد ومصادرة الأراضي، ففي تشرين الأول 1953 طردت سلطات الاحتلال الصهيونية سبع عائلات شركسية من قرية الريحانية، وفي سنة 1957 غادر عدد منهم إلى تركيا هرباً من بطش الاحتلال، وتقلصت مساحة قرية كفركما الشركسية من نحو 8500 دونم إلى نحو 6500 دونم، وأراضي قرية الريحانية من 6000 دونم إلى 1600 دونم بالمصادرة. [39].
في سنة 1959 ظهرت محاولة قام بها بعض مثقفي الشركس في فلسطين لنشر القراءة والكتابة باللغة الشركسية الأم التي تكتب بالأبجدية الروسية، واتخذت سلطات الاحتلال من ذلك ذريعة، حيث أدخلت إلى نظام التعليم تدريس الشركسية بدلاً من العربية، فصار الشركس يتلقون تعليمهم بالعبرية والشركسية.
وفي خمسينيات القرن العشرين بعد نشوء ما يسمى بدولة إسرائيل بقوة السلاح وقع مخاتير الشركس عريضة تبيح لأبناء الشركس الخدمة في جيش الاحتلال فأصبح التجنيد بين صفوف الشركس إجباريًا، دون الفتيات منذ ذلك الحين ـ وبالتالي فكل شاب بلغ من العمر18 عامًا عليه أن يخدم في جيش الاحتلال لمدة ثلاث سنوات، الكثير من الشراكسة رفضوا هذا الأمر ولكن قوات الاحتلال تعاملت معهم بقسوة فكانت الشرطة العسكرية تلاحق رافضي الخدمة في الجيش سواءً لأسباب دينية أو غيرها ومن ثم تودعهم في السجون لفترات متفاوتة.
ومع إصرارهم عدم الخدمة في جيش الاحتلال وبخاصة المتدينين منهم خضع جيش الاحتلال لإرادتهم وأصدر قرارا بإعفاء شاب واحد من كل قرية شركسية سنويًا من الخدمة الإجبارية وشكلت لهذا الغرض لجنة باسم “اللجنة الدينية” بعدها ارتفع العدد إلى اثنين وفي السنوات الأخيرة إلى أربعة وكل من يرغب فوق هذا العدد في عدم الخدمة يمكنه تقديم طلب خاص بإعفائه منها وغالبًا ما تتم الموافقة على هذه الطلبات.
ولا بد من الإشارة إلى يهود القفقاس أو اليهود الجبليين الذين يطلق عليهم اسم “التات”، ويعيش معظم هؤلاء اليهود في داغستان وجورجيا وأذربيجان، ويقوم أكبر تجمع لهم في مدينة “دربند” أي “باب الواد” على بحر الخزر، وقد هاجرت أفواج منهم إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين واستوطن أفرادها مستعمرة بير يعقوب، وأقام بعضهم في القدس.
ويعيش القسم الأكبر منهم في الحي القفقاسي في تل أبيب، وهؤلاء اليهود الذين عاشوا في القفقاس اقتبسوا من الشركس زيهم القومي ورقصهم وموسيقاهم والكثير من عاداتهم وتقاليدهم، وتكلموا اللغة الشركسية إلى جانب الروسية، واستغلت قوات الاحتلال مهاجري “التات” فراحت توجههم إلى توطيد علاقاتهم مع شراكسة كفركما – التي تقع إلى الشمال من مدينة الناصرة على بُعد 8 أمتار وإلى الغرب من بحيرة طبريا – وقرية الريحانية -على مسافة 8 كيلومترات من مدينة صفد- باعتبارهم ينتمون إلى قومية واحدة، وراح أفراد من “التات” يترددون على قرى الشركس وهم يرتدون الزي الشركسي، ويتكلمون اللغة الشركسية، ويشاركون في العروض العسكرية الإسرائيلية بالزي التقليدي، ما أوهم الكثيرين أن الشركس هم الذين يشتركون في المناسبات الإسرائيلية المختلفة، وفي ذلك محاولة للإساءة إلى الشركس في الدول العربية الأخرى[40].
**وبشكل عام فإن الشركس لا يشكلون خطرًا على المجتمع الإسرائيلي بالرغم من عزلتهم الاجتماعية التي يعتقدون أنها تضمن الحفاظ على العرق الشركسي وتقاليده، إلا أنهم من الناحية الأمنية لا يشكلون تهديدًا مباشرًا لإسرائيل باستثناء المطالبات التي تتجدد بين الحين والآخر بتحسين الأحوال المعيشية في المناطق التي يقطنها الشركس وتأخذ شكل المظاهرات أو الاعتصامات.
عاشراً: اليهود الكرد
تأثر اليهود بالثقافة الكردية ولكنهم مع هذا لم يتبنوا اللغة الكردية، إذ أن هم يتحدثون الآرامية ويتحدث يهود الموصل العربية وهم بذلك لا يصنفون أكرادًا، ويقال إن وجود اليهود في هذه المنطقة يعود إلى أيام التهجير الآشوري ومملكة أديابني، وقد وضع أغوات الأكراد (أي كبار ملاك الأراضي) جماعة اليهود تحت حمايتهم، فكان اليهود يعدون ملكية خاصة لهم يجمعون منهم المحاصيل ويخضعونهم للسخرة، بل وكان في مقدور الأغا أن يبيع ما يملك من يهود (وهذا أمر نادر في الحضارة الإسلامية وإن كان يشبه ما حدث في أوروبا)، وفى منتصف القرن العشرين كان 80 % من يهود كردستان يعيشون في المدن ويعملون تجارًا صغارًا وبقالين، وكان الحرفيون يعملون صباغين وخياطين ونجارين ودباغين وينقلون الأخشاب في قوارب أنهار الموصل، وكان العشرون في المائة الباقية يعيشون في المناطق الريفية، ولا تختلف عادات الأكراد اليهود عن عادات الأكراد بصفة عامة.
كان تعداد الأكراد اليهود حوالي 14.835 عام 1920، زاد إلى 19.767 عام 1947، وهم يعيشون في 146 قرية يهودية في العراق و19 في إيران و 11 في تركيا، كما توجد أيضًا مجموعة في سوريا، وبعد إعلان دولة إسرائيل في فلسطين المحتلة، هاجر الأكراد اليهود إلى إسرائيل (19 ألفًا من العراق و 8 آلاف من إيران و3 آلاف من تركيا).
ويطلق على اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل أكراد ولا يطلق عليهم كردستانيين، لأن تسمية كردستاني مرتبطة بالوجود في أرض كردستان، لأن هذه الكلمة تعني أرض الكرد.
وقد بدأت الهجرة الجماعية ليهود كردستان إلى إسرائيل منذ أن كانت الصهيونية لا تزال في بدايتها، قبل الحرب العالمية وقبل وعد بلفور، شق الأكراد من منطقة أورمية، تبريز، وديار بكر طريقهم إلى إسرائيل، وفي الثلاثينات من القرن العشرين تم الحديث عن قرى كاملة في كردستان غادرها جميع اليهود الذين كانوا بها من أجل الاستقرار في إسرائيل.
بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، ومع عملية الهجرة “عزرا ونحميا” عام 1952، والتي هاجر فيها 125000 يهودي من العراق إلى إسرائيل، هاجر جميع يهود كردستان العراقية إلى إسرائيل. وقد هاجر في أعقابهم أيضًا الكثير من يهود كردستان الإيرانيين بل والكثير من الأكراد الذين في تركيا[41].
**ورغم أنّ اليهود الأكراد قد استوعِبوا جيّدًا في دولة إسرائيل واندمجوا في جميع مجالات الحياة، فإنّ الطائفة الكردية متمسّكة جدّا بثقافتها، ومن الجدير بالذكر أنّ الكثير من الأكراد في إسرائيل يحافظون على ولائهم لكردستان، إلا أنهم لا يشكلون خطورة على الأمن القومي الإسرائيلي بشكل عام.
** ومما سبق يمكن القول هنا بأنه ثمة تهديدات تشكلها بعض العرقيات على الأمن القومي للمجتمع الإسرائيلي لعدم قدراتها أو رغبتها في الاندماج بشكل كامل في المجتمع الإسرائيلي سواءً لدوافع تتعلق بها أو بالمجتمع ذاته أو النظام الذي يحكم هذا المجتمع كعرب 48 واليهود الروس والفلاشمورا، ولكن تعد العرقية العربية في مقدمة العرقيات التي ينظر لها أنها من بواعث تهديد الأمن القومي الإسرائيلي، حيث يوجه لها بشكل دائم اتهامات بالعمالة والانتماء للمجتمع العربي الفلسطيني.
جدول رقم (2) يوضح العرقيات المختلفة في إسرائيل:
العرقية |
الموطن الأصلي |
بيانات تاريخية عن هجرة العرقية إلى إسرائيل |
اليهود الغربيون “الأشكناز” |
قارتي أوربا وأمريكا
|
القرن التاسع عشر والقرن العشرين، في ثلاثينيات والخمسينيات من القرن العشرين |
اليهود الشرقيون “السفارديم” |
فلسطين وآسيا وأفريقيا |
منهم يهود فلسطين ومهاجرو الدول العربية الذين تضاعفت أعدادهم بعد 1948، وفي السبعينيات بلغ عدد اليهود الشرقين نحو نصف سكان إسرائيل اليهود. |
اليهود الصابرا |
الأراضي الفلسطينية المحتلة |
نشأ مصطلح الصابرا أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة. |
عرب 1948 (فلسطينيو الداخل) |
المناطق التي تم احتلالها من قبل إسرائيل إثر حرب 1967، والجماعة العربية التي ظلت في فلسطين بعد إقامة الدولة اليهودية عام 1948. |
عرب فلسطينيون أصحاب الأرض الأصليين |
اليهود الروس |
روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي |
الهجرات الكبيرة لهم كانت في بداية التسعينيات مع انهيار الاتحاد السوفيتي |
الفلاشا |
إثيوبيا |
بدأت بأعداد بسيطة في الستينات، ووصلوا إلى آلاف في الثمانينيات. |
البدو |
منطقة النقب |
هم بدو عرب تعرضوا للترحيل القسري إلى منطقة السياج شمال شرق النقب والتي تشكل حوالي 10% فقط من إجمالي النقب 1948 وهجرة معظمهم إلى مصر والأردن. |
العبرانيون الجدد |
كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية |
هاجروا إلى إسرائيل عام 1964. |
الشركس |
شمال القوقاز |
وجدوا في فلسطين منذ عام 1870. |
التات “يهود القفقاس الجبليين” |
في داغستان وجورجيا وأذربيجان |
هاجروا في مطلع القرن العشرين. |
الكرد |
كردستان العراق وبعض المناطق الكردية في سوريا وتركيا وإيران |
منذ أن كانت الصهيونية لا تزال في بدايتها وقبل الحرب العالمية ووعد بلفور |
الهامش
[1] روجيه جاروري، ذوقان قوقوط (مترجم)، المأزق: إسرائيل الصهيونية السياسية (بيروت: دار عسيرة ،1984)، ص166.
[2] أودى أديب، “اليهود الشرقيون في إسرائيل”، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003، ص53-62.
[3] Sammy Smooha, “The mass immigrations to Israel: A comparison of the failure of the Mizrahi immigrants of the 1950s with the success of the Russian immigrants of the 1990s”, The Journal of Israeli History, Vol. 27, No. 1, March 2008, p. 4
[4] Aziza Khazzoom, “The Great Chain of Orientalism: Jewish Identity, Stigma Management, and Ethnic Exclusion in Israel”, American Sociological Review, Vol. 68, No. 4, Aug. 2003, p. 488
[5] قدري حنفي، الإسرائيليون: من هم، دراسة نفسية (القاهرة: مكتبة مدبولي، ط 1، 1989)، ص 334-335.
[6] إكرام بدر الدين، أزمة التكامل في الدول حديثة الاستقلال.. دراسة الكيان الإسرائيلي، م س ذ، ص128.
[7] عوز ألموغ وتمار ألموغ، رجاء زغبي (مترجم)، “جيل الـ Y: جيل الألفية الثالثة في إسرائيل، بحث حول خصائص الجيل الإسرائيلي الشاب واحتياجاته”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلي، سلسلة أوراق إسرائيلية، العدد 60، 2013، ص 5
- عمود النار: هي أحد الروايات التي أخذت من الديانة اليهودية والتي تنص على أنه في تجوال بني إسرائيل في البرية، فإن الرب كان يرشدهم في الطريق نهارا من خلال عمود سحاب، وليلا من خلال عمود نار.
[8] Alona Nitzan-Shiftan, “Seizing Locality in Jerusalem”, In Nezar Alsayyad (ed.), The End of Tradition (New York: Routledge, 2004), p. 283
[9] Adel Safty, Might Over Right: How the Zionists Took Over Palestine (Reading: Gamet Publishing Ltd., 2009), p. 154
[10] Adel Safty, Op. Cit., p. 154
[11] Eyal Ben Ari, Zeev Rosenhek and Dāniyyêl Mamān (eds.), Military, State, and Society in Israel: Theoretical and Comparative Perspectives (New Jersey: Transaction Publishers, 2001), p. 152-153
[12] Efraim inbar, Israel’s National Security: Issues and Challenge, Routledge, New York, 2008), p. 50-101.
[13] Stuart A. Cohen, Israel and its Army: From Cohesion to Confusion (London: Routledge, 2008), p. 89-102
[14] Eyal Ben Ari, Op. Cit.), p. 152-153
[15] Eyal Ben Ari, Zeev Rosenhek and Dāniyyêl Mamān (eds.), Op. Cit., p. 153
[16] Hayden Cooper, Israeli soldiers from elite wire-tapping unit refuse to use ‘extortion’, ‘blackmail’ on Palestinians“, published on:
[17] Spencer Ho, IDF condemns objectors, promises ‘sharp’ punishment, published on:
[18] Peter Beaumont, Israel’s Unit 8200 refuseniks: ‘you can’t run from responsibility’, published on: lınk
[19] Lee E. Dutter and Ofira Seliktar, “Attitudes of Israeli Youth toward the Middle East Conflict”, Journal of Peace Research, Vol. 16, No. 2 (1979), pp. 137-153
[20] Amal Jamal, “The Contradictions of State-Minority Relations in Israel: The Search for Clarifications”, Constellations, Vol. 16, No. 3, 2009, p. 493
[21] Ibid., p. 497
[22] منذر الشرع (محرر)، القضية الفلسطينية: تحديات الوجود والهوية (الأردن: مؤسسة عبد الحميد شومان، 2005)، ص 30-31
[23] Elie Rekhess, The Arab Minority in Israel: An Analysis of the “Future Vision” Documents, Dorothy and Julius Koppelman Institue on American Jewish-Israeli Relations, American Jewish Committee, 2008, p. 2
[24] Itamar Rabinovich and Jehuda Reinharz (eds.), Israel in the Middle East (Oxford: Oxford University Press, 1984), pp. 14–15.
[25] Oded Haklai, (ed.), Palestinian Ethnonationalism in Israel (Pennsylvania: University of Pennsylvania Press, 2011), p. 112-145
[26] صلاح سالم زرنوقه، العرب في إسرائيل: الواقع والمستقبل (جامعة القاهرة: مركز دراسات الدول النامية، 2001)، ص 152-183
[27] Elie Rekhess, Op. Cit., p. 5
[29] إليا ريخيس، “الأقلية العربية في إسرائيل وانتخابات الكنسيت السابعة عشر: بداية عصر جديد”، في: آشر أريان ومايكل شامير (محرران)، الانتخابات في إسرائيل (القدس: المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 2008)، ص 201-234 (عبري)
- هو قانون أقره الكنيست عام 1950 يعطي كل يهودي وعائلته الحق في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية.
[31] راسم خمايسي، “أثر الهجرة اليهودية على العرب في إسرائيل”، في: جونان (محرر)، جغرافية استيعاب المهاجرين: دروس الماضي وتوجهات المستقبل (القدس: جامعة القدس، 1990)، ص 40 (عبري)
[32] Larisa Fialkova and Maria N. Yelenevskaya, Ex-Soviets in Israel: From Personal Narratives to a Group Portrait (Michigan: State University Press, 2007), p. 131
[33] صحيفة هآرتس، 5مايو2017.
[34] عبد الوهاب المسيري، “يهود الفلاشا: الوعود ضائعة في أرض الموعد”، الاتحاد الإماراتية، 18/8/2007.
[35] Tanya Schwarz, Ethiopian Jewish Immigrants in Israel: The Homeland Postponed (New York: Routeledge, 2001), p. 31
[37] محمد بسيوني، محاضرات دبلومة الدراسات الإسرائيلية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2010.
[38] البدو في إسرائيل، موقع الكنيست الإسرائيلي.
[39] حنان عمارنة، “تاريخ الشركس في فلسطين”، http://sawaleif.com.
[40] حنان عمارنة، “تاريخ الشركس في فلسطين”، http://sawaleif.com.
[41] يؤاف شاحام، “الأكراد اليهود: طائفة صغيرة تحافظ على كنز ثقافي كبير”، http:// www.al-masdar.net.