fbpx
تقديرات

الثروة المعدنية المصرية وسداد القروض الأجنبية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

توالت القروض المصرية الخارجية بعد الانقلاب العسكري 2013، بصورة أثارت الكثير من الجدل، ليس فقط بسبب مبالغ القروض الضخمة ولكن أيضاً بسبب التنوع الكبير في أنواع تلك القروض والتي امتدت مؤخرا لتشمل عودة الأجانب مرة أخري لشراء أذون الخزانة المحلية بأموال ساخنة، وكذلك الاقبال على الاكتتاب في السندات الدولارية، علاوة على القروض المشروطة من المؤسسات الدولية، والتي تسببت في تحميل الفقراء فاتورة فوق طاقاتهم المحدودة من الأساس.

واحتدم الجدل بين المتابعين حول إمكانيات الدولة في سداد هذه القروض، خاصة في ظل عدم استخدامها في مشروعات إنتاجية قد تستخدم عوائدها في المستقبل لخدمة هذه الديون، ولكن استخدمت هذه الأموال في تدعيم الاحتياطي النقدي ودونما استخدام في ظل اتباع سياسة التعويم الكامل للعملة من قبل البنك المركزي، وإلغاء الطرح الأسبوعي من قبل البنك المركزي بعيد تعويم الجنيه في سبتمبر 2016.

واتفقت التحليلات على اختلاف توجهاتها على عظم مبالغ القروض، وسوء استخدامها، وثقل التبعات على المواطن المصري، بينما اختلفت حول طريقة تفكير السلطة المصرية في الاقتراض والسداد خاصة مع الفوائد المرتفعة جدا للسندات الدولية وأذون الخزانة التي أعلن عنها مؤخراً.

وقد اتجه تحليل البعض الي سيناريو التوريط المتعمد، استنادا الي استحالة سداد كل ما يعلن عنه من قروض في ظل الموارد المحدودة من النقد الأجنبي حتى لو عادت الي سابق عهدها، وأن النظام اضطر للاقتراض تحت وطأة تراجع مصادر النقد الأجنبي وفشل مشروعاته الكبرى، وفي نفس الوقت تنفيذًاً لأجندات دولية تدبر لمصر سوءاً.

واعتبر آخرون أن القروض تأتي ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية -من بينها إصلاحات ضريبية وجمركية-من شأنها تشجيع الصادرات المصرية، وجذب الاستثمار الأجنبي، وعودة تدفق السائحين، تحت اغراء انخفاض قيمة العملة الوطنية، بما يعني أن نتائج البرنامج الإصلاحي في ذاتها كفيلة بالإنعاش الاقتصادي الذي ستتكفل عوائده بسداد أقساط وفوائد هذه القروض.

وعول آخرون على مساهمة الاكتشافات الجديدة من حقول الغاز والبترول، واستغلال مناجم الذهب، كإيراد قد يكون من بين حلول السلطة لسداد القروض حين يحل أجلها.

 

وتحاول هذه الورقة مناقشة مدي إمكانية مساهمة اكتشافات الغاز والبترول واستغلال مناجم الذهب في سداد أصول وفوائد القروض التي اقترضتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة. وذلك كما يلي:

أولاً: أهم الاكتشافات وتعاقدات الطاقة في مصر

اكتشافات الغاز والبترول في مصر:

أعلن نيكولا مونتي الرئيس التنفيذي لشركة اديسون العالمية، إن مصر ستصبح لاعباً رئيسياً في قطاع البترول والغاز، حيث تحتل مصر المركز السادس عشر من حيث إجمالي الاحتياطيات العالمية للغاز والمركز الخامس عشر من حيث مستوى الإنتاج وثاني أكبر منتج للغاز على مستوى أفريقيا وأول دولة منتجة للبترول من خارج أوبك على مستوى أفريقيا،

موضحا أن هناك طبقات جيولوجية جديدة تشتمل على احتياطيات هائلة في مناطق خليج السويس والصحراء الغربية ودلتا النيل وشرق المتوسط، وأن هناك مناطق بها إمكانيات لم يتم استكشافها بعد مثل منطقة غرب المتوسط حيث لا يزال هناك أكثر من تريليون برميل، ودلتا النيل (حوالي 232 تريليون قدم مكعب من الغاز) والصحراء الغربية (تضم مصادر غير تقليدية تقدر بحوالي 100 تريليون قدم مكعب) وخليج السويس (حوالي 112 تريليون قدم مكعب) وصعيد مصر (ما تزال هناك تريليون برميل يومياً).

ووفقا لتقرير وزارة البترول فإن طبقات مصر الجيولوجية الجديدة تحتوي على احتياطيات هائلة في مناطق خليج السويس والصحراء الغربية ودلتا النيل وشرق المتوسط، وهناك مناطق بها إمكانيات لم يتم استكشافها بعد مثل منطقة غرب المتوسط حيث لاتزال هناك أكثر من تريليون برميل يومياً، ودلتا النيل (حوالي 232 تريليون قدم مكعب من الغاز) والصحراء الغربية (تضم مصادر غير تقليدية تقدر بحوالي 100 تريليون قدم مكعب) وخليج السويس (حوالي 112 تريليون قدم مكعب) وصعيد مصر (ما تزال هناك تريليون برميل يومياً.

ووفقا لتقرير وزارة البترول فإن طبقات مصر الجيولوجية الجديدة تحتوي على احتياطيات هائلة في مناطق خليج السويس والصحراء الغربية ودلتا النيل وشرق المتوسط، وهناك مناطق بها إمكانيات لم يتم استكشافها بعد مثل منطقة غرب المتوسط حيث لا يزال هناك أكثر من تريليون برميل يومياً، ودلتا النيل (حوالي 232 تريليون قدم مكعب من الغاز) والصحراء الغربية (تضم مصادر غير تقليدية تقدر بحوالي 100 تريليون قدم مكعب) وخليج السويس (حوالي 112 تريليون قدم مكعب) وصعيد مصر (ما تزال هناك تريليون برميل يومياً.

وتمتلك مصر المقومات لتصبح مركزاً إقليمياً في البحر المتوسط من خلال موقعها الاستراتيجي والبنية الأساسية والموانئ المؤهلة التي تمتلكها مصر لتصدير واستيراد البترول والغاز، خاصة أن هناك اكتشافات تحققت أهمها حقل ظهر وشمال الإسكندرية وآتول ونورس.

هذه النظرة شديدة التفاؤل نقلت عن أكثر من مسئول عن شركات عالمية، وترجمت الي زيادة في الأرقام الاستثمارية المقررة لمصر وعلى سبيل المثال:

أعلنت شركة BP “بي بي” البريطانية، كبرى الشركات الأجنبية العاملة بقطاع البترول المصري، عزمها على استثمار 13 مليار دولار على مدار الخمس سنوات المقبلة، ليصل حجم استثماراتها بالسوق المحلية إلى 43 مليار دولار (1). ووصف بوب دادلي الرئيس التنفيذي للشركة مصر بأنها قبلة الاستثمار في العالم، وأن شركته وقعت اتفاقا مع شركة إينى الايطالية وبموجب الاتفاق تدخل شركة بريتيش بتروليوم البريطانية في مشروع تنمية حقل ظهر للغاز بمنطقة شروق البحرية، من خلال شراء 10% من حصة شركة إيني الإيطالية في هذا الامتياز (2).

في فبراير 2016 أعلنت شركة ايني الإيطالية أنها تخطط لضخ 10 مليارات دولار استثمارات في مصر خلال السنوات الخمس المقبلة، وفقا لبلومبيرج (3).

بالإضافة الي توقيع وزارة البترول لحوالي 66 اتفاقية بترولية مع شركات عالمية باستثمارات حدها الأدنى 14٫3 مليار دولار، كما شهد السوق المصري دخول شركة “أبيكس” الأمريكية لأول مرة، والتي فازت مؤخرًا في المناقصة التي تم طرحها للبحث والاستكشاف عن البترول بعدد من مناطق الامتياز، علمًا بأنه يوجد شركات أجنبية في السوق المصري مثل “بي بي” الإنجليزية، و”إيني” الإيطالية، و”أباتشي” الأمريكية، و”شل” الهولندية، “لوك أويل” الروسية، مع التأكيد أن تنوع الشركات وجنسياتها يعطينا دفعة وثقة كبيرة (4).

 

وترجع العودة القوية من شركات البترول العالمية الي السوق المصري لأسباب منها:

  • سداد قيمة شراء حصص الشركاء من الزيت الخام والغاز الطبيعي في العام المالي 2016/2015 والبالغة 5.4 مليار دولار، إضافة إلى سداد 100 مليون دولار من المستحقات المتراكمة (5).
  • في بداية فبراير 2016 تعهدت الحكومة المصرية بسداد 3.5 مليار دولار إجمالي مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد، وأن مصر تعمل على عدم زيادة تلك المستحقات مستقبلاً، ويأتي ذلك تنفيذا لأحد اشتراطات صندوق النقد الدولي في الحصول على القرض، وكانت السفارة البريطانية في القاهرة، كشفت في نوفمبر 2016، أن من بين شروط صندوق النقد الدولي قبل الموافقة على إقراض مصر 12 مليار دولار، التزام الحكومة بسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية (6).
  • رفع سعر شراء الغاز الطبيعي من شركتي إيني وإديسون الإيطاليتين أكثر من 100 بالمئة ليصل إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وستسري الزيادة على الانتاج من الاستكشافات الجديدة للشركتين في مصر (7).

أهم الاستكشافات المصرية من الغاز:

  • حقل ظهر: يعد حقل ظهر من أهم مشروعات تنمية حقول الغاز الطبيعي الجاري تنفيذها، وفيما يلي أهم المعلومات حول عن الحقل:
  • تم توقيع الاتفاقية البترولية الخاصة بالكشف في يناير 2014 بعد فوز إينى بالمنطقة في المزايدة العالمية التي طرحتها إيجاس، وأعلنت شركة إينى الشريك الأجنبي لـ “بترول” عن تحقيق الكشف في 30 أغسطس 2015.
  • تبلغ استثمارات تنمية الحقل 12 مليار دولار ترتفع لـ 16 مليارا طوال فترة المشروع، ويقدر حجم الغاز المتوقع في الاكتشاف بـ 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، (في حين تبلغ نسبة الاحتياطيات القابلة للاستخراج حوالي 22 تريليون قدم مكعبة) وكان الاحتياطي المعلن قبل الاكتشاف حوالي 67 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أي زاد الاكتشاف بما يقارب 50% من نسبة الاحتياطي.
  • يبدأ الإنتاج المبكر في ديسمبر 2017 بمتوسط إنتاج مليار قدم مكعب يتزايد تدريجياً ليصل إلى 2.7 مليار قدم مكعب يومياً في عام 2019 يتم توجيه كل الكميات المنتجة للسوق المحلى.
  • الغاز المستخرج من الكشف سيتم تقسيمه بنسبة 40 بالمئة لإيني لاسترداد التكاليف، بينما سيتم تقسيم نسبة الستين بالمئة الباقية بين إيني بنسبة 35 بالمئة و65 بالمئة لإيجاس، وبعد انتهاء عملية استرداد إيني لتكاليف الاستثمار فان فائض الاسترداد سيقسم بنسبة 80 في المئة للجانب المصري و20 في المئة للجانب الإيطالي.
  • يتوقع الخبراء البتروليين أن تحصد مصر ما بين 15 إلى 20 مليار دولار، من وراء حقل ظهر
  •  إنتاج مصر الحالي من الغاز الطبيعي يبلغ حوالي 4.4 مليار قدم مكعب يوميًا، ومن المخطط إضافة أكثر من مليار قدم مكعب يوميًا قبل نهاية 2017 من المرحلة الأولى من إنتاج حقل ظهر.
  • أعلنت وزارة البترول التوقف عن عدم تصدير الغاز في صورة منتج خام، ولكن سيتم إعادة تدويره واستخدامه في صناعات أساسية، وبالتالي فأنه في غضون السنوات الثلاث القادمة ،وبفضل حقل الغاز الجديد وأيضا الحقول التي تم التعاقد مع شركة بريتش جاز في غرب البحر المتوسط أوائل العام الحالي، والتي ستوفر 1.5 مليار قدم مكعبة من الغاز في عام 2017، ستتوقف مصر عن استيراد الغاز وتشغيل محطات توليد الكهرباء بكامل طاقتها، وكذلك المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة كالأسمنت والسيراميك والمصانع التي تعتمد على الغاز الطبيعي وتحقق القيمة المضافة للاقتصاد.

2ـ حقل “سلامات 1” شمال دمياط:

يحتل حقل “سلامات١” المرتبة الثانية بعد اكتشاف ظهر وهو من اكتشاف شركة بي بي البريطانية وتقدر احتياطاته الأولية ٢.١ تريليون قدم مكعب غاز.

3ـ حقل “آتول” بمنطقة شمال دمياط البحري:

يتراوح إنتاجه بين 300 مليون قدم مكعب و400 مليون قدم مكعب غاز، علما بأن مع بدء عمليات الإنتاج ستكون الكميات في حدود 200 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، والحقل سيساهم في سد جزء كبير من احتياجات السوق المحلية ومحطات توليد الكهرباء.

ويحتل الحقل المركز الثالث في الاحتياطات البالغ ١.٥ تريليون قدم مكعب غاز و٣١ مليون برميل متكثفات حيث اكتشفته شركة بي بي البريطانية في منطقة شمال دمياط البحري شرق دلتا النيل.

4ـ كشف “نورس” الغازي:

يقع هذا الكشف في منطقة امتياز أبو ماضي الغربية في البحر المتوسط، قبالة دلتا النيل (120كم شما شرقي الإسكندرية)، وتبلغ احتياطاته نصف تريليون قدم مكعبة، وقد تزيد لاحقا من خلال عمليات التنمية وحفر آبار جديدة، ومن المتوقع أن ينتج “نورس” نحو 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا.

وأكدت الدراسات أن الاحتياطيات المكتشفة تصل إلى 15 مليارات متر مكعب من الغاز والمتكثفات في منطقة الدلتا في مصر، مشيرة إلى أنه من المقرر وضع الكشف الجديد على خريطة الإنتاج خلال شهري.

5ـ حقل نيدكو في دلتا النيل:

يبلغ إنتاجه 300 مليون قدم مكعب غاز يومياً، و3000 برميل متكثفات يومياً، ويقع بمنطقة خليج السويس التي يوجد بها مخزون غير مكتشف يصل إلى 5 بلايين قدم مكعب زيت خام.

6-حقل شمال الإسكندرية:

تبلغ طاقة إنتاج الحقل نحو 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا وهو يمثل 25% من إنتاج مصر الحالي من الغاز الطبيعي وسيسهم في سد الفجوة الحالية بين الاستهلاك والإنتاج المحليين من الغاز الطبيعي، وسيتم الاستفادة من فائض تسهيلات إنتاج الغاز بشركتي البرلس ورشيد للبترول بما يحقق قيمة مضافة لأصول قطاع البترول، ومن المتوقع أن يبدأ المشروع في الإنتاج عام 2017.

وتأتى أهمية هذه الاكتشافات في تشجيع وحفز الشركات العالمية لسرعة البحث عن البترول والغاز في مناطق الامتياز المجاورة للاكتشافات التي تحققت، ونتيجة لهذه الاكتشافات من المتوقع أن تشهد مصر نهاية عام 2018 وبداية عام 2019 اكتفاءً ذاتيًا من الغاز الطبيعي لكافة قطاعات الدولة والتي تشمل الكهرباء والصناعة والمنازل والسيارات والصناعات ذات القيمة المضافة كصناعة البتروكيماويات وغيرها التي تسهم في تحقيق نهضة في الاقتصاد القومي. وستوفر مصر وارادات بحوالي 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي المسال بتكلفة حوالي 250 مليون دولار شهريًا، إضافة الي خدمة أهدافها في التوسع الصناعي، إذا استمرت الأسعار الحالية بنفس المعدل.

 

أهم الاكتشافات البترولية في مصر:

1ـ حقل “أبو سنان”

في 3 أبريل 2015، حفرت الشركة العامة للبترول بئرًا بترولية جديدة بمنطقة أبو سنان بالصحراء الغربية، حيث أظهرت التسجيلات الكهربية للبئر وجود طبقات حاملة للهيدروكربون، واختبار البئر، وأعطت 1358 برميل زيت يوميًا على فتحة إنتاج 1 بوصة وبدرجة جودة 40.2 درجة. ويبلغ الاحتياطي القابل للاسترجاع من هذا الكشف يقدر بنحو 2ر2 مليون برميل زيت من رمال طبقة البحرية العلوية، ونحو 11 بليون قدم مكعب غاز من رمال طبقة أبو رواش “G”.

2ـ حقل «ملك»

أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية، في 27 فبراير 2015، عن اكتشاف حقل نفطي جديد جنوب البلاد، باسم «ملك» من خلال شركة جنوب الوادي القابضة للبترول، باحتياطيات تقدر بنحو 9.6 مليون برميل من النفط الخام الخفيف. وقالت الوزارة إن الحقل ينتج في الوقت الحالي 430 برميلًا يوميًا من النفط الخام الخفيف عالي الجودة، وإنها تخطط لزيادة معدلات الإنتاج من خلال حفر 7 آبار جديدة.

3-بئر غرب مليحة

في يناير 2015، أعلنت شركة إينى الإيطالية عن كشف بترولي في منطقة غرب مليحة العميق في منطقة تنمية مليحة بالصحراء الغربية على بعد نحو 300 كم غرب مدينة الإسكندرية. وجرى حفر بئر غرب مليحة العميق على عمق 4 آلاف و175 متراً، حيث اكتشف البترول بدرجة جودة مرتفعة 40 API في طبقة حاملة للزيت سُمكها 20 مترًا في تكوين علم البويب السفلي، كما أظهر الحفر عن تداخلات سميكة من الغاز والمتكثفات في تكوينات الصفا العميق، بحسب بيان للشركة الإيطالية.

 

ثانيا: أهم الاتفاقيات امدادات مصر بالنفط في الفترة الأخيرة:

العراق يمد مصر بمليون برميل نفط شهريا “بشروط ميسرة”

أعلن رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي في لقاء أجرته معه وكالة “رويترز” (2014)، عن شراء العراق سلاحا من الجانب المصري عبارة عن مدرعات وأسلحة أخرى تستخدم الآن في معالجة بعض الأهداف. ومع تولي رئيس الوزراء حيدر العبادي الحكومة العراقية قام بإرسال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي على رأس وفد رفيع المستوى، في زيارة رسمية للقاهرة في (20 يناير 2016) واجتمع “العبيدي مع السيسي الذي أكد موقف مصر الثابت في دعم العراق في المجالات كافة، واستعدادها لتفعيل أوجه التعاون العسكري بين البلدين، وقد صرح العبيدي بأن أحد أهداف الزيارة هو تجهيز مصر للقوات العسكرية العراقية بالسلاح، ومحاولة شراء السلاح عبر الدفع بالآجل وذلك لما يعانيه العراق من تدهور في اقتصاده المعتمد على النفط في غالبيته (8).

وفي (30 أكتوبر 2016) التقي وزير البترول المصري برئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، أي بعد أشهر من وقف شركة أرامكو السعودية إمداد مصر بشحنات النفط المتفق عليها بين الجانبين المصري والسعودي في أبريل 2016.

وفي مطلع يناير 2017 قال السفير العراقي في القاهرة، حبيب الصدر، إن الحكومتين العراقية والمصرية وقعتا اتفاقية لإمداد مصر بمليون برميل نفط شهريا، وستدخل حيز التنفيذ خلال أيامٍ قليلةٍ، وأضاف الصدر أن الشحنات، وهي من نفط البصرة الخفيف، قابلة للزيادة فيما بعد وبشروط دفع ميسرة (9).

وبحسب الوزير المصري، تعمل شركات مصرية حاليا في البصرة جنوب العراق في مجالات النفط والغاز. كما أن هيئة البترول المصرية شريك في الحقل النفطي “بلوك 9” جنوبي العراق بنسبة عشرة في المئة ووقعت اتفاقاً بشأن حقل غاز سيبا جنوب شرق البصرة (جنوب) بنسبة مشاركة 15 في المئة (10). وأضاف أن «الشركات المصرية متواجدة بالفعل في المناطق الجنوبية بالعراق وتعمل بعدة مشاريع نفطية». كما أن «إنشاء شركات مشتركة بين البلدين من شأنه تطوير الصناعة النفطية بشكل أفضل».

وفي 1/11 /2016 أعلن وزير البترول عن اتفاق مع العراق لاستيراد نفط البصرة الخام لتكريره في مصر، وقال ان اتفاق تكرير خام البصرة ضمن بنود مذكرة تفاهم جرى توقعيها سابقا، دون أن يكشف أية تفاصيل أخرى بشأن بنود المذكرة

وفي مطلع 2017 طالبت مصر من العراق سرعة تفعيل اتفاق توريد مليون برميل من خام البصرة لتكريرها في مصافي القاهرة. حيث كان من المفترض أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ مطلع العام الجاري (11). ولم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ حتى كتابة هذه السطور.

ونقلت بعض الوكالات أن الاتفاق المصري العراقي يقضي بقيام دولة العراق بتصدير شحنات النفط على أن تسدد مصر مستحقات النفط من خلال طريقين

الأول: عبر نظام الدفع الآجل بسعر مخفض تقدمه بغداد إلى القاهرة وهو أقل من السوق العالمية بنحو 3 دولارات عن كل برميل.

الثاني: عبر توريد مصر للعراق مشتقات نفطية مختلفة يعاني من نقصها السوق المحلية العراقية، بسبب خروج أغلب المصافي عن الخدمة بفعل العمليات العسكرية، على أن تبدأ أولى دفعات النفط العراقي خلال شهر ديسمبر الجاري 2016. وقد طرحت الحكومة العراقية على الجانب المصري إدخال صفقات السلاح المصرية العراقية ضمن طرق السداد (12).  كما تم الإعلان عن استعداد الكويت المساعدة في نقل مليوني برميل نفط عراقي شهريا لمصر عبر ميناء البصرة المطل على الخليج العربي.

مصر توقع عقود مع الكويت لاستيراد 2 مليون برميل نفط شهريًا15/ 02/ 2017

كشف المهندس طارق الحديدي، الرئيس التنفيذي لهيئة البترول عن توقيع الهيئة عقود طويلة الأجل مع الكويت لإمداد السوق المصرية بنحو 2 مليون برميل شهريا لمدة 3 سنوات. وأضاف الحديدي، أن تلك العقود الموقعة تأتي في إطار خطط الهيئة لتحقيق الامن القومي للطاقة وتأمين الاحتياجات من المنتجات البترولية. ويأتي هذا الأمر تراجعا عن موقف الكويت السابق والتي اشترطت فيه الكويت الحصول على قيم مبيعات المواد البترولية الي مصر نقداً معللة إن التعاقدات مع مصر “لا تشمل أي تسهيلات استثنائية عن المعمول بها عالميا، علاوة على عدم شمولها أي خصومات أو منح (13).

 

ثالثا: التنقيب عن الذهب في مصر

في أوائل 2014 ركز الاعلام المصري بصورة كبيرة على ثروات مصر المعدنية والتي لاتزال بكرا وشدد على التغير السريع في الثروات التي يمكن ان تبني على استغلال هذه الثروات، ومن بينها الذهب. وبعيدا عن التسويق الإعلامي وأهدافه فقد أكد العديد من الجيولوجيين أن هناك العديد من الشواهد العلمية والمعلومات الدقيقة التي تدل على أن مصر تحتوي على معدن الذهب، وأن من بين المناطق الواعدة ”مثلث حلايب وشلاتين، ووادي العلاقي ومنطقة البرامية وحنجلية أم الروس بمرسى علم وعتود بسفاجا.

ولفت الجيولوجيون كذلك الي أن التنقيب عن الذهب به مخاطرة بشكل كبير، حيث أن العائد لا يتم تحصيله إلا بعد فترة طويلة، وعلى سبيل المثال فان منجم السكري قد استغرق التنقيب فيه نحو 11 سنة حتى تم تحديد أنه به احتياطيات ذهب تقدر بنحو 13.5 طن ذهب وتم تصنيفه رقم 8 على مستوى العالم.

ومنذ الربع الأول من عام 2016 والحكومة المصرية تعلن أنها بصدد طرح أول مناقصة للتنقيب عن الذهب في مصر منذ عام 2009، الا أن العديد من الشركات استبقت المناقصة والتي أجلت لأكثر من مرة بالإعلان عن عدم المشاركة – حتى شركة سنتامين العاملة في منجم السكري-وذلك رفضا لمبدأ المشاركة في الناتج.

ونقلت وكالة” بلومبيرج” عن المسئول التنفيذي الأول لجزر فرجن والمتحدث باسم المكتب التنفيذي لشركة “ثاني ستراتيكس للتنمية الموارد” التي تتخذ من جزر العذراء في البحر الكاريبي مقرًا لها، ديفيد هول قولهما إن شركتيهما لا ترغب في الدخول في المناقصة لأن شروطها تدعو إلى أن تكون الحكومة لها حصة من الإنتاج، في الوقت الذي تتحمل فيه الشركة كافة نفقات عمليات التنقيب (14).

وبعد المبادرة بمقاطعة المناقصة قبل انعقادها صرح رئيس الوزراء المصري أن المناقصة لاتزال قائمة، وان نظام المزايدات والمناقصات المتعلقة بالبحث عن الذهب في مصر قائم على اقتسام الإنتاج، والقانون الخاص بالثروة المعدنية لم يحدد نظام في المزايدة سواء كان باقتسام الإنتاج أم نظام الإتاوة (15) مما اعتبره مراقبون بداية تنازل عن الشروط السابقة.

كما أشارت وزارة البترول إلى أن من بين الانتقادات غير المنطقية للمناقصة هي أن المناطق المطروحة كبيرة تصل إلى ١٠٠٠ كيلو متر مربع بالمقارنة بـ١٠ -١٥ كيلو، قائلا إن المساحات الكبيرة تعطى فرص نجاح أفضل وتقلل المخاطرة للمستثمر، قائلا إن المناطق المطروحة واعدة، وأشارت كذلك إلى أن فترة الاتفاقية ٣٨ سنة مقسمة إلى ٨ سنوات استكشاف و١٥ سنة تنمية و١٥ سنة إنتاج، وهو ما يميزها عن المزايدات في الدول الأخرى والتي لن تزيد عن ١٥ سنة. وأضاف أن الرد على الهجوم على المزايدة سيكون يوم ٢٠ أبريل مع إعلان نتائج المزايدة.

عموماً يمكن القول إن المناقصة التي قيل إن نتائجها ستظهر في ابريل القادم، يحتاج تدفق عوائدها على الإيرادات المصرية في المتوسط ثمان سنوات كما تشير الحكومة نفسها وحتى ذلك الحين لا يوجد لدي مصر أي مصدر للإيرادات من الذهب سوي منجم السكري.

 

عوائد منجم السكري علي الإيرادات المصرية:

طبقا لبيانات الشركة فقد تم سداد 81 مليون دولار لهيئة الثروة المعدنية و35 مليون و420 ألف دولار من تحت حساب الأرباح، كما سددت الشركة 330 مليون جنيه ضرائب وتأمينات للدولة بمتوسط 4.5 مليون جنيه شهريا وذلك منذ عام 2010 وحتى نهاية أغسطس 2015. وبدأت عمليات اقتسام الأرباح (بعد استرداد التكاليف) اعتبارا من أول يوليو 2016، ورغم أنه من الصعب تحديد حصة مصر من الأرباح سنويا، لأن هناك عوامل تتحكم في ذلك، وهي كمية الإنتاج وسعر الذهب، لكنها ستكون في حدود 200 مليون دولار سنويًا حسب سعر الذهب عالميًا، علما بأن اقتسام الأرباح سيكون بعد مصاريف التشغيل ومعرفة الكميات المنتجة وقيمة المبيعات (16).

 

رابعاً: السيناريوهات المتوقعة:

الأول: تنفيذ الاتفاق مع العراق والكويت، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول، وسيترتب على ذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير قرابة السبعة مليارات دولار سنويا والمساهمة في خفض عجز الموازنة، وزيادة حصة مصر من النقد الأجنبي عبر الاستثمار في قطاع الطاقة أو في قطاعات كثيفة الطاقة ولا شك أن هذا سيمثل انفراجه للاقتصاد المصري، ولكن يتبقى القدرة على استثمار الأوضاع.

وخلق البيئة الداعمة للصناعة وجذب التكنولوجيا المتقدمة، وتحييد منافسة القطاع الخاص مع الجيش وتحديد الأولويات بدقة وعلى رأسها تشغيل العمال. عموماً حتى مع تحقق هذه الشروط فلا يعني ذلك تحسناً في مستويات معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة ولكن ستتحسن نسب النمو ولن تتحقق التنمية، وستبقي مشكلة سداد القروض لتمتص أقساطها كل الفوائض المتاحة بما ينعكس سلبا على الاستثمار العام والانفاق على التعليم والصحة والمرافق الأساسية، ولكن من المؤكد حال تنفيذ هذا السيناريو هو ابتعاد شبح الإفلاس عن الاقتصاد المصري.

الثاني: عدم تنفيذ الاتفاق العراقي مع بدء الإنتاج من الغاز والحصول على البترول من الكويت أو من أي مصدر آخر سيعني توفير قرابة 3 مليار دولار للموازنة العامة وهي خطوة جيدة ولكن لا تقدم الكثير للاقتصاد المصري، وبذلك سيكون وقع سداد القروض قاسيا على الاقتصاد المصري الذي سيلجأ لبيع مؤسسات أكثر استراتيجية من المطروحة حالياً، وقد يبرز سيناريو التعثر وعدم القدرة على السداد وقد تذهب مصر نحو الإفلاس.

الثالث: عدم تنفيذ الاتفاق مع العراق وكذلك الكويت، وفي هذه الحالة ستذهب حصيلة الغاز الي شراء منتجات بترولية بالدفع الفوري خاصة مع استمرار مديونية مصر لشركات البترول الأجنبية، وما يتبقى من الحصيلة سيسدد به مستحقات هذه الشركات، وسيتأزم وضع الاقتصاد المصري المأزوم أساساً مع بداية سداد القروض الأجنبية لتعجل بسناريو الإفلاس.

 

الخلاصة والنتائج:

1ـ المبالغ التي تم رصدها للبحث والاستكشاف والتنقيب عن الثروة المعدنية في مصر تمثل ضخاً للعملات الأجنبية الي السوق المصري، ولكن يجب التنويه أن جزءاً كبيرا من هذه المصروفات تتطلب شراء آلات من الخارج واستقدام فنيين وخبراء أجانب مما يعني تسرب جزء من الأموال المستثمرة الي الخارج رغم احتسابه كاستثمار وارد الي مصر. وستستفيد مصر ولا شك من تشغيل العمالة في هذا القطاع خاصة حال وجود عمالة مدربة.

2ـ المعلومات المؤكدة حول استغلال الثروة المعدنية في مصر تدور بالأساس حول اكتشافات الغاز والتي بالفعل ستصل بمصر الي الاكتفاء الذاتي بنهاية عام 2017.

3ـ واردات مصر البترولية تقدر بحوالي من 6-7 مليار دولار من بينها 3-3.5 مليار دولار واردات غاز، وذلك يعني أن مصر ستوفر هذه المليارات بنهاية هذا العام، وقد تحقق بعض الصادرات.

4ـ أهمية الغاز لا تتوقف على عوائده فقط وانما تتخطاه الي تلبية الاحتياجات الصناعية الوطنية، وهو ما سيشكل عامل جذب هام للاستثمار الأجنبي خاصة للصناعات كثيفة الطاقة.

5ـ نتذكر جميعا أن مصر منذ ثلاث سنوات فقط كانت تصدر الغاز، ولم ينعكس ذلك إيجابا على الإيرادات العامة بشكل كبير نتيجة سياسات التسعير الفاسدة المتبعة آنذاك، وذلك يعني مشروطية العائد بسياسات السلطة الحاكمة وتغليب النفع السياسي المؤقت على النفع الاقتصادي الدائم.

6ـ عادة يحتاج الاكتشاف الجديد الي ما يقارب الثلاث أعوام لكي يبدأ استخراج الغاز والحصول على العوائد، بمعني أنه لو اكتشف حقل جديد بنهاية 2017 سينتج بداية من 2021 كحد أدني وهو ما ينفي فكرة أن ما اكتشف بداية وأن اللواحق ستسدد الديون.

7ـ بالطبع لم يتسن لأحد أن يراجع شروط المناقصات والطرح للشركات الأجنبية سواء في التنقيب عن البترول أو الغاز أو حتى الذهب، ولعل رفع سعر الغاز لصالح الشركات المنتجة قبل الإعلان عن كشف بضخامة حقل ظهر يكشف أوجه فساد كبير، قد لا تتوقف عند حدود التسعير بل قد تتخطاه الي الشروط في ترسية المناقصة أو في الحقوق والواجبات وأساليب التقاضي والتحكيم وغيرها، خاصة في ظل الغاء إمكانية الطعن وتحصين قرارات الحكومة منه.

8ـ يستنتج مما سبق أن اكتشافات الغاز التي سبق التنويع اليها ستساهم في خفض الواردات المصرية وتخفيض العجز في الميزان التجاري وبالتالي الحد من الطلب على العملة الأجنبية، وحفز الصناعة المحلية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، بما يعني أنه لا يمكن الاعتماد عليها منفردة في المساندة عند سداد القروض.

9ـ التنقيب عن الذهب في مصر استثمار طويل الأجل عوائده قد تتطلب مرور ما يقارب العقد حتى يمكنه أن يضيف الي الناتج القومي، وبالتالي يمكن القول إنه لن يشكل خلال الخمس سنوات القادمة عائدا للاقتصاد المصري

10ـ الاكتشافات البترولية لا تشكل إضافة كبيرة الي الاحتياطي المصري، ولا ينفي هذا إمكانية اكتشاف آبار أو احتياطيات ضخمة في مصر، ولكن المؤكد أنه حتى كتابة هذه السطور أن مصر لا تملك احتياطيات تضعها بين الدول البترولية الكبرى وتساعدها في سداد قروضها الضخمة.

11ـ الاتفاق مع العراق جيد بكل المقاييس حين يتم تفعيله – لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول تأخر التفعيل- ففيه تشغيل للمصافي المصرية، وتدوير للسلاح المخزون، والحصول المجاني علي احتياجات البترول، وفيه كذلك الاكتفاء الذاتي من المواد البترولية تماما، بمعني توفير ما يقارب من سبعة مليارات دولار سنويا، وهو رقم ضخم للموازنة المصرية مزمنة العجز، ولكن الخطورة أن أي استقرار للعراق  وإعادة تشغيل المصافي يعني الوقف الفوري للاتفاق، والسؤال كذلك عن كميات الأسلحة المتوافرة لدي مصر لاستبدالها مع العراق، خاصة أن مصر غير منتجة للأسلحة، وقد يبرر ذلك تأخر التنفيذ حتي الآن، مع الأخذ في الاعتبار تزايد النفوذ الإيراني في السلطة العراقية وما قد يمثله من دعم أحيانا وخصم أحيانا أخري للمصالح المصرية.

12ـ الاتفاق مع الكويت لإمداد مصر باحتياجاتها من الوقود جيد، ولكن العوامل السياسية تلعب دورا رئيساً في كل دول الخليج، ولعل مثال توقف أرامكو السعودية خير شاهد، وبالتالي قد يتطلب الأمر البحث عن بدائل لحين تنفيذ الاتفاق مع العراق، ومن وجهة نظر الكاتب يجب تنويع بدائل حتى لو بدأ تنفيذ الاتفاق العراقي (17).

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close