الجماعات المسلحة في القانون الدولي
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
إن مسائل النزاعات المسلحة غير الدولية، ومنها ما يتعلق بالجماعات المسلحة تخضع لأحكام الاتفاقيات الدولية التي نظمت النزاعات المسلحة غير الدولية، وهي المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949، وكذلك البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977 في الحالات التي تتوفر فيها شروطه، ويتم تطبيق احكام القانون الدولي الانساني العرفي في الحالات التي لا يتوفر فيها قواعد اتفاقية، وقد يتم اللجوء لمبدأ مارتنز في حال عدم توافر احكام عرفية او اتفاقية لمسألة معينة في النزاعات المسلحة غير الدولية.إن أفراد الجماعات المسلحة مسؤولون جزائيا عن الانتهاكات سواء في القانون الوطني أم الدولي، ففي القانون الوطني تكون المسؤولية أمام المحاكم الجزائية العادية أو الخاصة و الاستثنائية، وفي القانون الدولي تكون المسؤولية أمام المحاكم الجنائية الدولية الخاصة أو المحكمة الجنائية الدولية في روما.
وتكمن مشكلة البحث في قلة النصوص الاتفاقية الدولية التي تعالج مسألة الجماعات المسلحة، فقد نظمتْ وبشكل موجز النزاعات المسلحة غير الدولية بالمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949، وكذلك البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977، مع ملاحظة ان دولا قليلة صادقت على البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977 حيث تذرعت معظم الدول بحجة اصطدام اكثر نصوصه مع السيادة الوطنية ، ولذلك فإن هذه النصوص من الاتفاقيات لا تتناسب مع أهمية الموضوع، لاسيما إذا علمنا ان الجماعات المسلحة في الوقت الحاضر في تزايد كبير جدا، لاسيما في عالمنا العربي.
يهدف البحث إلى كشف النظام القانوني للجماعات المسلحة وتحديد مسؤوليتها من أجل الزامها بأحترام القانون الدولي الانساني وعدم ترك المسألة لأهواء بعض الدول بحجة عدم تنظيم القانون الدولي الانساني للجماعات المسلحة. كما يهدف البحث الى المساهمة في زيادة المعرفة القانونية من خلال رفد المكتبة القانونية ببحث يختص بالتنظيم القانوني للجماعات المسلحة في القانون الدولي الانساني.
موقف الفقه الدولي من تعريف الجماعات المسلحة
لقد تناول الفقه تعريف الجماعات المسلحة من زوايا مختلفة , وهذا ما سنحاول توضيحه، وذلك بتناول تعريف الفقه التقليدي للجماعات المسلحة أولاً وتعريف الجماعات المسلحة في الفقه الحديث ثانياً.
تعريف الجماعات المسلحة في الفقه التقليدي
يذهب الدكتور صلاح الدين عامر إن أول من نادى بتنظيم النزاعات المسلحة غير الدولية هو الفقيه فاتيل (vattel) حيث طالب بوجوب تطبيق المبادئ الإنسانية على الجماعات المتمردة في النزاعات المسلحة الداخلية في القرن الثامن عشر فمنذ ذلك الوقت , وهناك جهداً فقهيا لتنظيم النزاعات التي تدخل فيها الجماعات المسلحة[1].
وعلى هذا الأساس ان فاتيل يرى ان الجماعات المسلحة هي قوات متمردة تدخل في نزاعات مسلحة داخلية ضد قوات الحاكم ويجب تطبيق المبادئ الانسانية في أثناء النزاعات بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة ، بذلك لم يشمل الجماعات المسلحة التي تتقاتل في ما بينها دون وجود للقوات الحكومية، ولعل ذلك بسبب قلة الأحوال التي لا تدخل فيها القوات الحكومية كطرف في النزاعات المسلحة التي تحدث بين الجماعات المسلحة في ذلك الوقت.
إن تعريف وتنظيم الجماعات المسلحة أمر لا بد منه بما يحمي أطراف النزاع ويضمن تطبيق القانون ويحد من الإنتهاكات، وهذا ما دفع فاتيل بأن ينادي منذ ذلك الزمن بأن تكون الحرب بين الحاكم والمتمردين كما لو كانت حرباً بين أمتين مختلفتين بذلك يجب أن تخضع تلك النزاعات لأحكام القانون الدولي لأنه أدرك العنف والقسوة التي كانت تمر على عصره[2].
لقد اصدر فرانسيس ليبير في عام 1863 تعليمات إدارة الجيوش الامريكية في الميدان، وقد ميز فيها بين الحرب الاهلية والعصيان والثورة، فإذا كان نطاق العمليات ضيقاً كان بصدد عصيان، واذا كان الهدف انشاء دولة جديدة كان بصدد ثورة، واذا كان الغرض تبديل الحكومة عدت حرباً أهلية[3].
وفي عام 1900 وضع مجمع القانون الدولي أثناء اجتماعه في مدينة نيوشاتل في سويسرا في المادة (8) من حقوق وواجبات الدول الإجنبية ( ليس للدول الأغيار ان تعترف للجماعات الثائرة بصفة المحاربين:
1-إذا لم يكن لها كيان إقليمي متميز بأن تمتلك جزء محدد من الإقليم الوطني.
2-إذا لم تتوافر لديها عناصر الحكومة النظامية التي تمارس بالفعل على هذا الجزء من الإقليم مظاهر السيادة.
3-إذا لم يكن الكفاح مقاداً بإسمها بواسطة قوات منظمة تخضع لنظام عسكري وتتبع قوانين وأعراف الحرب)[4]
ومن خلال هذه الشروط يمكن ان تعرف الجماعات المسلحة بأنها المجموعة المسلحة الثائرة المنظمة التي تسيطر على جزء من الاقليم من خلال حكومة تمارس السيادة باسمها على هذا الجزء من الاقليم , وتخضع لنظام عسكري وتتبع قوانين واعراف الحرب.
وحدد الفقيه بلنتشلي (Bluntschli) شروطا يجب ان تتحقق بالجماعة المسلحة المتمردة وهي ان تكون منظمة كقوة عسكرية , وتطبق قوانين الحرب , وتوافر الإقناع بإنها تحارب الدولة للدفاع عن حقها العام[5].
وعلى ذلك يكون تعريف الجماعة المسلحة حسب بلنشتلي هي تلك الجماعة المسلحة المنظمة كقوة عسكرية التي تدخل في الحرب ضد الدولة من أجل حقها العام و تطبق قوانين الحرب.
وتعد مطالبة فاتيل بتنظيم النزاع المسلح غير الدولي الاساس لظهور نظام الاعتراف بالمحاربين الذي ابتدعه الفقه التقليدي لينظم المسائل المتعلقة بنزاع الجماعات المسلحة التي هي طرفا في المسلح غير الدولي، ويعد هذا النظام قانونيا عرفيا بسبب عدم وجود نص تشريعي ينص عليه فالفقه حدد مفهومه وبين طبيعته، وقد بقي هذا النظام سائدا حتى عام 1949[6].
و حسب نظام الاعتراف بالمحاربين ان الجماعات المسلحة هي مجموعة من الثوار يقومون بتشكيل حكومة لقيادتهم وتسيطر هذه القيادة على جزء من الأقليم ولها جيش منظم يطبق قواعد الحرب بالعمليات العسكرية، فإن اعترفت الدولة التي يسيطر المحاربون على جزء من أقليمها، فعلى الطرفين تطبيق قواعد الحرب[7].
ثانياً : تعريف الجماعات المسلحة في الفقه الحديث.
لقد تناول الفقه الحديث الجماعات المسلحة في النزاعات المسلحة التي تحدث داخل إقليم الدولة من جهة، والجماعات المسلحة التي يمتد نشاطها إلى خارج الإقليم، التي يطلق عليها تسمية الجماعات المسلحة عبر الوطنية[8].
من ابرز محاولات تعريف الجماعات المسلحة يرى جان كلينفر ان الجماعات المسلحة هي ( الجماعات النظامية المسلحة بشكلٍ كافٍ لجعلها طرفاً في نزاع مسلح أمراُ مقبولاً بشكل عام في الوقت الحالي)[9]، والجماعات المسلحة في النزاعات المسلحة غير الدولية هي الجماعات التي تدخل في نزاع مسلح ضد القوات الحكومية أو جماعة مسلحة أخرى، وبذلك تكون طرفاً له ممارسة الأعمال العدائية التي تدور بين تلك الأطراف، ومما يميز هذا النزاعات إن أطرافها من الأفراد المقاتلين في الجماعات المسلحة يعرفون الخلفية السياسية والاجتماعية والدينية والعادات الخاصة ببعضهم بعضاً[10]. ولعل هذا الأمر يجعل المقاتلين أكثر عداء لبعضهم بعضاً مما يدفع لارتكاب أفعالاً وحشية ومجازر تشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني, وهذه الصفة برزت أكثر في النزاعات المسلحة التي تقاتل فيها جماعات مسلحة ضد بعضها أو ضد القوات الحكومية.
وهناك من يرى الجماعة المسلحة بأنها جماعة منظمة وتكون لها قيادة وتدخل طرفا في النزاع المسلح، وينتقد هذا التعريف لانه واسع يشمل فئات لا ينطبق عليها وصف الجماعة المسلحة كما في الخارجة عن القانون منها المجموعات الارهابية و كذلك يشمل الجماعات غير القادرة على القيام بعمليات منسقة ومستمرة[11].
ويعرّف الدكتور أحمد عبيس الفتلاوي ان الجماعة المسلحة هي ( مجموعة من الافراد لها قيادة وشارة ومقرات معروفة، تخطط وتنفذ عمليات قتالية Combat Operations”” ضد قوات مسلحة نظامية أو مجموعة مماثلة لها[12]
ويرى (Teresa Whitfield ) ان الجماعة المسلحة هي : جماعة منظمة لديها أهداف استراتيجية، ولها موارد من داخل الحدود وتتكون على اساس عرقي أو ديني، وتقوم بعمليات قتالية داخل حدود الأقليم، ولها قيادة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك عندما تكون القيادة في المنفى[13].
وهناك من يرى ان الجماعات المسلحة هي جماعات لديها الحد الادنى من التنظيم والقدرة على الدخول في نزاع مسلح فتدخل في نزاع مسلح غير دولي مع القوات الحكومية أو مع جماعات مسلحة أخرى، وتخضع للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع[14]
إن الفقه الحديث قد عرف الجماعات المسلحة على أساس الشروط التي وضعها البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977 من أجل انسجام التعريف مع شروط خضوع الجماعات المسلحة للقانون الدولي الانساني.
موقف الاتفاقيات من تعريف الجماعات المسلحة
إن المعاهدات والإتفاقيات تصنف إلى إتفاقيات خاصة تنصرف آثارها إلى عدد قليل من الدول، وهي التي تعد أطرافاً فيها، وإتفاقيات عامة، وهي الإتفاقيات أو المعاهدات الشارعة التي تتضمن قواعد تلزم عدد كبير من الدول[15]. وقد كانت الجماعات المسلحة قبل عام 1949 تخضع لنظام الأعتراف بالمحاربين، وبعد عام 1949 أصبحت تخضع للمادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف الإربع بوصفها طرفا من إطراف النزاع المسلح غير الدولي[16]
فبذلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر جهوداً كبيرة من أجل إدراج النزاعات المسلحة غير الدولية ضمن الإتفاقيات الدولية من أجل صيانة واحترام الشخصية الإنسانية، وهذا ما تسعى إليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كونها تهتم بحماية ضحايا النزاعات المسلحة فهذه الحماية، هي الأساس الذي تقوم عليه رسالة اللجنة الدولية[17].
وسنتناول موقف الاتفاقيات الدولية من تعريف الجماعات المسلحة في موضعين، الاول هو موقف المادة الثالثة المشركة من تعريف الجماعات المسلحة والثاني، هو موقف البروتوكول الاضافي الثاني من تعريف الجماعات المسلحة وكما يأتي :
اولا: موقف المادة الثالثة المشتركة من تعريف الجماعات المسلحة.
ان المادة الثالثة المشتركة[18] هي المادة الوحيدة التي تم وضعها خصيصاً للنزاعات المسلحة غير الدولية من بين اتفاقيات جنيف الاربع، التي تكون الجماعات المسلحة طرفاً فيها مما يجعلها توصف بأنها أتفاقية مصغرة[19]، أو هي أتفاقية داخل الإتفاقيات وتأتي أهميتها من إن أغلب النزاعات المسلحة هي نزاعات مسلحة غير دولية[20]، وكذلك لان النزاعات المسلحة غير الدولية من أهم أسباب عدم الاستقرار في الكثير من الدول التي أندلعت فيها فضلاً عن تهديدها للسلم والأمن الدولي والإقليمي، كما حصل في جمهورية جنوب السودان عام 2013[21].
ومن خلال المادة الثالثة المشتركة يخاطب القانون الدولي الإنساني في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية أفراد القوات المسلحة المشاركة في النزاع المسلح سواء كانت نظامية أم غير نظامية، ويحمي جميع الأشخاص والفئات الذين لا يشاركون أم يكفون عن المشاركة في الأعمال العدائية ويشمل:
أ-المقاتلون الجرحى أو المرضى.
ب-الاشخاص المحرومون من حريتهم بسبب النزاع.
ج-السكان المدنيين.
د-أفراد الخدمات الطبية والدينية.[22]
ولابد من القول ان المادة الثالثة المشتركة لم تأتِ بتعريف للجماعات المسلحة بل لم تذكر بصراحة الجماعات المسلحة انما هي نصت على ( نزاع مسلح ليس له طابع دولي ) ومن هنا تأتي الجماعات المسلحة كونها قد تكون أحد أطراف النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي.
والجماعات المسلحة بوصفها طرفاً في النزاعات المسلحة غير الدولية قد تكون طرفا النزاع المسلح غير الدولي من دون الدولة وهي حالة ان تتقاتل الجماعات المسلحة في ما بينها في أقليم الدولة ومثاله ان جماعتين مسلحتين تتقاتلان من أجل السيطرة على أقليم الدولة، ففي هذه الحالة يغيب دور القوات الحكومية في النزاع الدائر.
ومع تزايد الجماعات المسلحة، فإن هناك عوائق جدية تواجه تطبيق المادة الثالثة المشتركة ومن أهم هذه العوائق إن ألفاظها عامة مما يجعل البعض وكذلك أطراف النزاع مختلفين في تفسيرها، والعائق الآخر هو اعتقاد الدول إن تطبيق المادة يعني الاعتراف بالمتمردين من قبل أطراف أجنبية خاصة، إذا كانت تلك الإطراف تتعاطف معهم، وقد يتطور النزاع المسلح غير الدولي إلى نزاع مسلح مختلط أو نزاع مسلح دولي وهذه أسباب جدية قد تدفع الحكومات إلى إنكار وجود النزاع المسلح غير الدولي بين القوات القوات الحكومية والجماعات المسلحة[23].
وعلى الرغم من أهمية المادة الثالثة المشتركة للجماعات المسلحة، لأنها جعلت النزاعات المسلحة غير الدولية خاضعة للقانون الدولي الإنساني إلا إن عليها من المآخذ التي تعيبها وتظهر عليها النقص والقصور فهي لم تضع تعريفاً محدداً ودقيقاً للنزاع المسلح غير الدولي[24]، وقد جاءت خالية من أي ضمانات قانونية تكفل تطبيق أحكامها[25].
ثانيا: موقف البروتوكل الاضافي الثاني لعام 1977 من تعريف الجماعات المسلحة.
إن عمومية المادة الثالثة المشتركة دفعت للعمل على إكمالها من خلال صك دولي آخر يؤكد عليها، وتبين بصورة أوضح تنظيم النزاعات المسلحة غير الدولية، وقد إنتهى العمل بصدور البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977[26].
وتنص المادة الأولى من الباب الأول من البروتوكول الإضافي الثاني[27] على ما يأتي:
(1-يسري هذا اللحق “البروتوكول” الذي يطور ويكمل المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف المبرمة في 12 آب / أغسطس 1949 دون ان يعدل الشروط الراهنة لتطبيقها على جميع النزاعات المسلحة التي لا تشملها المادة الأولى من اللحق”البروتوكول” الإضافي إلى إتفاقيات جنيف المعقودة في 12آب أغسطس 1949 المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة اللحق “البروتوكول” الاول التي تدور على إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى، وتمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من أقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعميات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذ هذا ” البروتوكول “.
2-لا يسري هذا اللحق “البروتوكول” على حالات الإضطرابات والتوتر الداخلية مثل الشغب وأعمال العنف العرضية الندرة وغيرها من الاعمال ذات الطبيعة المماثلة التي لا تعد منازعات مسلحة)
وعلى هذا الأساس يسري البروتوكول على الجماعات المسلحة (…جماعات نظامية مسلحة…)، وقد وضع شروطا لخضوعها للبروتوكول منها ان تكون القوات الحكومية أحد أطراف النزاع المسلح، وهذا يميز البروتوكول عن المادة الثالثة المشتركة التي لم تشترط القوات الحكومية طرفا في النزاع المسلح غيرالدولي.
ولابد من توافر متطلبات رئيسية لدى الجماعة المسلحة حسب البروتوكول الاضافي الثاني، وهي ان تكون منظمة وكذلك لديها سيطرة على جزء من أقليم الدولة وان تكون مستعدة لتنفيذ القانون الدولي الإنساني[28]. ومن الملاحظ ان البروتوكول الإضافي الثاني، قد أستخدم تعبير ( الأفراد الذين قيدت حريتهم)[29]، ولم يستخدم مصطلح ( الأسرى).
إن إستخدام تعبير ” الأفراد الذين قيدت حريتهم ” يشير إلى تمييز بين الأشخاص مقيدي الحرية في النزاع المسلح غير الدولي من جهة، والأسرى[30] والمعتقلين في النزاع المسلح الدولي من جهة أخرى، وهذا الإستخدام مقصود من أجل التمييز بين المركز القانوني للمحارب الذي يقع بقبضة العدو في النزاع المسلح غير الدولي عن المقاتل الذي يقع بيد العدو في النزاع المسلح الدولي، فالثاني أسير يعامل على وفق أتفاقية دولية خاصة بالأسرى والأول شخص قيدت حريته وحددت ضماناته في المادة الخامسة من البروتوكول الإضافي الثاني فهو بوضع يشبه الأسير لكنه ليس أسيرا.
ولعل هذا التفريق من أجل دفع الدول للإنضمام للبروتوكول وعدم الإمتناع عن تطبيقه بحجة المركز القانوني للمحاربين في الجماعات المسلحة[31].
والحق إن معاملة الأشخاص الذين قيدت حريتهم هي مسألة متبادلة بين أطرف النزاع المسلح في الواقع، فالجماعة المسلحة التي تفتك بالمقاتل الذي يقع تحت رحمتها أو حتى المدنيين المعارضين لها، لا يمكن ان تتوقع معاملة إنسانية إذا وقعت بيد قوات مسلحة معادية لها، ورغم ذلك ان القانون الدولي الإنساني لا يجوز مخالفة أحكامه بحجة المعاملة بالمثل.
والتجارب تشير إلى ان تجاهل أغلب الجماعات المسلحة للقانون الدولي الإنساني من أجل تحقيق أهدافها من خلال شن هجمات عشوائية على المدنيين العُزّل، وهذا الأمر يدفع بعض الفقه إلى الدعوة في ان تشارك الجماعات المسلحة في حوار يهدف إلى توفير الحماية وتسهيل المساعدة الإنسانية[32].
وقد طلب مجلس الأمن من جميع الأطراف في النزاعات المسلحة ان تكفل وصول موظفي الشؤون الإنسانية وتقديم المساعدة بشكل تام[33]، والجماعات المسلحة بوصفها طرفا في النزاعات المسلحة، فيعد قرار مجلس الأمن مخاطبة مباشرة لها الأمر الذي يرجى منه تعزيز الجماعات المسلحة للقانون الدولي الإنساني واحترامه.
وكما هي الحال في المادة الثالثة المشتركة فإن البروتوكول الإضافي الثاني جاء خاليا من الضمانات التي تكفل تنفيذه[34]، وهذه من السلبيات التي تسجل عليه.
و إنه (البروتوكول الاضافي الثاني) قد إستثنى الاضطرابات الداخلية والتوترات الداخلية من أحكامه[35].
ومن أجل تقليل المعاناة، فإنه من الضروري نشر احكام القانون الدولي الإنساني بين الأفراد المقاتلين، وتسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إقامة حوار سري منظم مع الدولة ومع الجماعات المسلحة على حد سواء من أجل تقديم الملاحظات بشأن إحترام القانون الدولي الإنساني من أجل تنفيذها للقانون الدولي الإنساني[36].
ومما تقدم، يمكن تعريف الجماعات المسلحة من خلال شروط خضوعها للقانون الدولي الانساني في البروتوكول الاضافي الثاني، بأنها تلك الجماعات المسلحة المنظمة الخاضعة لقيادة، وتسيطر على جزء من أقليم الدولة لمدة ليست بالقليلة مما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتكون خاضعة لأحكام القانون الدولي الإنساني.
مقومات الجماعات المسلحة
تقوم الجماعات المسلحة على عناصر معينة وشروط محددة لا بد من توافرها حتى تخضع للقانون الدولي الانساني، فلا بد من توافر مقومات في الجماعات المسلحة من خلالها تخضع هذه الجماعات للقانون الدولي الإنساني وهذه المقومات ضرورية كي يتحقق تنفيذ القانون و تدابير العقوبات من أجل منع ارتكاب الإنتهاكات أو تكرارها[37].
عناصر الجماعات المسلحة
إن الجماعات المسلحة تقوم على اربعة عناصر وهي العنصر الشخصي الذي يتمثل في الافراد المقاتلين في صفوف الجماعة المسلحة، والعنصر الموضوعي الذي يتمثل في النزاع المسلح الذي تكون الجماعة المسلحة طرفاً فيه، والعنصر المكاني المتمثل في الجزء من الاقليم الذي تسيطر عليه الجماعة المسلحة، والعنصر الزماني الذي يتمثل في المدة الزمنية التي تسيطر فيها الجماعة المسلحة، لذلك سنتاول هذه العناصر تباعاً
أولاً: العنصر الشخصي.
تتألف الجماعة المسلحة من أفراد مسلحة ولا بد من ان يكون عدد المقاتلين مقبولاً، إلى الحد الذي تتمكن فيه الجماعة المسلحة من احكام قبضتها على المناطق التي تحت سيطرتها.
إن المقاتلين في الجماعة المسلحة بحاجة إلى الاسلحة من أجل القيام بالاعمال العدائية، وقد تصل الحال إلى امتلاك بعض الجماعات المسلحة، لأسلحة قد تضاهي تلك التي تمتلكها القوات الحكومية في بعض الدول[38].
ومن ابرز المسائل التي قد تثار بالعنصر الشخصي هي مسألة جنسية عناصر المقاتلين في الجماعة المسلحة، فهل يجب ان تكون جنسية المقاتلين في الجماعة المسلحة واحدة بين كل عناصره ؟
فقد يجتمع مقاتلون من جنسيات مختلفة في جماعة مسلحة وتكون لنزاعات هذه الجماعة سمة خاصة، حيث ان جماعة من الافراد المسلحين يرتبط بعضهم ببعض بمستويات مختلفة، وتجمعهم بشكل غير واضح افكار متشابهة يواجهون تنظيمات عسكرية، وفي هذا النوع من النزاعات يتجاوز حدود الدول، على الرغم من النزاع ليس بين الدول[39].
ويرى بعض الفقه ان القانون الدولي الانساني لا يقيم وزناً للجنسية التي يحملها المقاتلين من اجل تطبيق الدولي الانساني عليهم[40].
وإذا كانت قواعد القانون الدولي الانساني لا تشترط جنسية الاقليم في مقاتلي الجماعة المسلحة، فإن الجنسية عنصر مؤثر في المواقف الدولية تجاه الجماعة المسلحة، وكذلك تفقد الجماعة المسلحة الدعم الشعبي فليس من المعقول ان يثور لحقوق ابناء الاقليم ضد الحكومة مقاتل أجنبي.
ثانياً: العنصر الموضوعي.
ان العنصر الموضوعي يتمثل في النزاع المسلح غير الدولي الذي تكون الجماعة المسلحة طرفا فيه.
ان البروتوكول الاضافي الثاني في الفقرة الثانية من المادة الاولى استبعد حالات التوترات والاضطرابات الداخلية من احكامه بذلك ان اعمال الشغب واعمال العنف العرضية لا تخضع القانون الدولي الانساني[41]، وهذا يعني ان الجماعة المسلحة إذا قامت بإعمال عنف عرضية ضد الدولة فانها لا تخضع للقانون الدولي الانساني وذلك لان اعمال العنف العرضية لا تصل لمستوى مقبول من السيطرة على الاقليم.
ان عدم خضوع التوترات والاضطرابات الدخلية للقانون الدولي الانساني يجعلها تخضع للقوانين الداخلية وهنا تكون الحماية الفردية والجماعية بما تنص عليه مواثيق حقوق الانسان وما جاءت به الدساتير من حقوق الانسان[42].
وعلى هذا الاساس ان الجماعات المسلحة التي لا تستطيع القيام بعمليات متواصلة ومنسقة، لا تتوافر فيها السيطرة اللازمة على جزء من الاقليم لا يطبق عليها القانون الدولي الانساني[43].
ثالثاً: العنصر المكاني.
تدخل الجماعة المسلحة في نزاع مسلح ضد القوات الحكومية في الدولة أو ضد جماعة مسلحة أخرى، وهذا ما يجعلها بحاجة إلى جزء من الاقليم كي تخطط وتنفذ عملياتها العسكرية، لذلك ان العنصر المكاني هو الاقليم الذي تسيطر عليه الجماعة المسلحة.
وتحتاج الجماعات المسلحة إلى الاموال التي تنفق على شراء الاسلحة والمعدات وكذلك اعطاء مرتب للمقاتلين في صفوفها، وهذا الامر يجعل الجماعات المسلحة تعتمد على موارد المكان، الذي تسيطر عليه من داخل حدود الاقليم، لغرض الوصول إلى تمويل هذه النفقات[44].
وقد يتبادر سؤال حول العنصر المكاني، وهو : هل يجب ان يكون العنصر المكاني داخل حدود الدولة ؟ أو من الممكن ان يتكون من مناطق تابعة لأكثر من دولة ؟
لا يشترط ان يكون النزاع المسلح على اقليم دولة واحدة فقد تدخل القوات الحكومية في الدولة في نزاع مسلح ضد جماعة مسلحة على اقليم دولة اخرى، ومثاله ذلك النزاع المسلح على اراضي الدول المجاورة بين القوات الرواندية والجماعات المسلحة، وهذا النزاع انطبقت عليه احكام البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977[45].
رابعاً: العنصر الزماني.
ان الجماعات المسلحة يجب ان تتوافر لديها القدرة على القيام بعمليات متواصلة ومنسقة[46]، تتطلب توافر الزمان الكافي، الذي من خلاله تتمكن الجماعة المسلحة من القيام بالعمليات المسلحة.
لقد نظم النزاع المسلح غير الدولي في اتفاقيات دولية ( المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 والبروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977)، وحسب ذلك لا بد من تحديد وقت محدد لنهاية سريانها من اجل التوقف عن تطبيق احكامها وذلك بانتهاء الوضع الذي وضعت من اجل تنظيمه، عند ذلك تظل المعاهدة قائمة، ولكن يعلق تطبيقها حسب المدة[47].
وينتقد بعض الفقه البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977، لأنه لم يحدد الوقت الذي ينتهي فيه تطبيق البروتوكول المذكور من اجل متابعة الضمانات الاساسية الممنوحة للاشخاص الذين قيدت حريتهم بعد انتهاء النزاع المسلح، وذلك أما بصدور حكم قضائي عليهم او الافراج عنهم بصدور عفو عام، بذلك يجب ان يستمر تطبيق البروتوكول الاضافي الثاني على ما بعد نهاية الاعمال العدائية، وتبقى الضمانات سارية دون قيد زمني[48].
والحق في ان العنصر الزماني يتمثل في مدة سيطرة الجماعة المسلحة على جزء من الاقليم والتي يجب ان تصل الى الحد الادنى من السيطرة، لذلك ان اعمال العنف العرضية لا يسري عليها البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977 حسب الفقرة الثانية من المادة الاولى من البروتوكول المذكور.
شروط الجماعات المسلحة
إن تحقق الشروط في الجماعة المسلحة يعني خضوعها للقانون، ومن ثم تتمتع بحماية القانون الدولي الإنساني وحصولها على المزايا التي نصت عليها الإتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالنزعات المسلحة غير الدولية، أما في حالة تخلف أحد الشروط فلا تخضع الجماعة المسلحة للبروتوكول الاضافي الثاني.
لقد نص البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 في المادة الأولى منه على انه يسري على ( جماعات نظامية مسلحة (…)تمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من الاقليم من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذ هذا البروتوكول ).
إن هناك من يرى ان الشروط التي حددها البروتوكول الإضافي الثاني هي ثمانية شروط[49]، وهي :
أ-نزاع الجماعة المسلح مع طرف حكومي.
ب-وجود قيادة مسؤلة عن الجماعة.
ج-السيطرة على جزء من الاقليم.
د- تقوم بعمليات متواصلة ومنسقة
هـ- قدرة الجماعة على تنفيذ البروتوكول
و-نطاق التطبيق المكاني.
ز-نطاق التطبيق الزماني.
ص-نطاق التطبيق الى ما بعد الاعمال العدائية.
ولكن، يمكن القول ان الشروط هي أربعة أو (ثلاثة)، أما ما تفرع منها فهو من متطلباتها، كما هي الحال في قدرة الجماعة على القيام بعمليات متواصلة ومنسقة، وهو من متطلبات شرط السيطرة على جزء من الاقليم.
وقلنا ان الجماعات المسلحة إذا توافرت فيها شروط معينة، فإن أفرادها يتمتعون بحماية القانون الدولي الإنساني، ولكن تساؤلاً يطرح عندما يخالف أحد المقاتلين في الجماعة المسلحة أحد الشروط فهل تسقط الحماية عن بقية المقاتلين من الجماعة المسلحة؟
للإجابة على التساؤل، ان إخلال اي فرد من أفراد الجماعة المسلحة بالشروط لا يسقط الحماية عن بقية أفراد الجماعة المسلحة، وبذلك يتحمل المقاتل المخلف بمفرده المسؤولية عن مخالفته الإلتزام[50].
بذلك ان شروط الجماعات المسلحة قد حددها البروتوكول ليكمل ما تنطبق عليه المادة الثالثة المشتركة[51] وكما يأتي :
أولاً: التنظيم:
من اجل ان يمتثل المقاتلون في الجماعات المسلحة للقانون الدولي الانساني في اثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، لا بد ان يتوافر الحد الإنى من التنظيم، فالجماعة غير المنظمة لم تتمكن من تعليم أفرادها على مبادئ القانون الدولي الإنساني وبالتالي صعوبة الإمتثال للقانون بحجة عدم معرفته هذا من ناحية، ويمكن أن يسفر لمزيد من الفوضى واراقة الدماء من ناحية أخرى، كما ان التنظيم يفترض تسلسل هرمي من خلاله يستطيع القادة إعطاء الإوامر والتعليمات الواضحة واتخاذ التدابير الواضحة عند وقوع إنتهاكات[52].
ومن متطلبات القيادة ان يكون هناك تسلسل هرمي في الجماعة المسلحة يخضع من خلاله المرؤوس للرئيس وفق نظام هيكلي واضح يمكن ان تدار الجماعة المسلحة من خلاله[53].
ومن غير المتصور وجود قيادة يمكن ان تكون مسؤولة من غير التنظيم، ان على كل قائد ان يتقن من ان مرؤسيه على معرفة من التزامات قانون النزاعات المسلحة، وان يتخذ التدابير من اجل منع وقوع الانتهاكات، وفي حالة وقوعها يجب ان يوقف الانتهاك ويتخذ التدابير التأديبية أو الجنائية[54].
ان وجود رئيس مسؤول عن مرؤوسيه في الجماعة المسلحة المنظمة هو من مقتضيات احترام القانون الدولي الانساني، والجماعة التي لم تستوفِ مقتضيات احترام القانون الدولي الانساني لابد من استبعادها من تطبيق البروتوكول [55].
والجماعات المسلحة ليس على مستوى واحد من التنظيم، فهناك جماعات مسلحة ذات مركزية عالية وتتمتع بهرمية صارمة، وتسلسل قيادي فعال، وقدرات عالية على الاتصال، وبالمقابل هناك جماعات مسلحة غير مركزية وفصائل شبه مستقلة، أو فصائل منشقة تعمل بهيكلية غير واضحة للقيادة[56].
ولعل تنظيم الجماعات المسلحة عندما يكون على مستوٍ عالٍ يكون أكثر ضمانه، لتعزيز احترام القانون الدولي الانساني.
وقد حددت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة عدة عوامل توضيحية لإعتبار الجماعة المسلحة ( منظمة ) وتشمل وجود هيكل قيادي وقواعد وآليات للانضباط داخل الجماعة، ووجود مقر رئيسي ، وسيطرة الجماعة على ارض محددة، وقدرة الجماعة على الحصول على السلاح والمعدات العسكرية الاخرى والمجندين والتدريب العسكري، والقدرة على التخطيط للعمليات العسكرية وتنسيقها وتنفيذها بما في ذلك تحريك الجنود، والعمليات اللوجستية، وقدرة الجماعة على وضع استراتيجية عسكرية موحدة واستخدام الخطط العسكرية , وقدرتها على التحدث بلسان واحد والتفاوض وعقد الاتفاقات[57].
إن التنظيم يجعل الجماعات المسلحة تستغل التقنيات الحديثة من أجل الوصول إلى أهدافها، من بين ذلك اعتماد بعض الجماعات المسلحة على شبكة الانترنت من أجل كسب التبرعات، وايصال افكار الجماعات المسلحة للعديد من الاشخاص في مختلف دول العالم[58].
ثانيا : النزاع مع طرف حكومي.
إن دخول الجماعة المسلحة في نزاع مسلح ضد الدولة لم يكن شرطا لخضوعها للقانون الدولي الانساني بأكمله وإنما هو فقط من أجل خضوعها للبروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977، أي : إن الجماعة المسلحة إذا دخلت في نزاع مسلح ضد جماعة مسلحة أخرى ينطبق على النزاع أحكام المادة الثالثة المشتركة، وليس البروتوكول الاضافي الثاني لإنه اشترط ان تكون القوات الحكومية أحد أطراف النزاع[59]، وان تكون الدولة قد صادقت على البروتوكول الاضافي الثاني[60].
ولكن مع ذلك يمكن ان تنطبق أحكام البروتوكول الاضافي الثاني على نزاع مسلح بين جماعتين مسلحتين أو أكثر وذلك من خلال اتفاق خاص بين الجماعات المسلحة يقضي بإحترام البروتوكول الاضافي الثاني في أثناء النزاع المسلح بين تلك الجماعات[61].
ويذهب البعض ان اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان البروتوكول الاضافي الثاني ينطبق على النزاعات المسلحة بين احزاب مختلفة دون ان تكون قوات الحكومة طرفا فيها، لعدم وجود الحكومة أصلاً أو لعدم تدخلها في النزاع المسلح[62].
ثالثا: السيطرة على الإقليم.
إن وجود عنصر التنظيم في جماعة مسلحة تدار من قبل قيادة مسؤولة غير كافٍ لتطبيق القانون الدولي الانساني، بل يجب توافر شرط سيطرة الجماعة المسلحة على جزء من الاقليم ومن خلال هذا السيطرة تتمكن الجماعة المسلحة من إنشاء مؤسسات تضاهي تلك التي تلتزم الدول بإنشائها، وهذه المؤسسات ضرورية لاحترام القانون الدولي الانساني، لان الجماعة المسلحة عندما تحكم السيطرة على اقليم ما فهذا يمنع مؤسسات الدولة من القيام بواجباتها، وقد تكون هذه المؤسسات غير موجودة في تلك المنطقة ومع عجز الدولة، فلا بد من قيام الجماعات المسلحة من اتخاذ التدابير لمنع الانتهاكات وفرض العقوبات على افراد الجماعة في حالة مخالفتهم القانون[63].
إن مستوى السيطرة يرتبط بعنصر التنظيم فكلما كانت الجماعة المسلحة أكثر سيطرة واستقرارا كان بوسعها ان تكون اكثر تنظيما مما يساعدها في قدرتها على احترام القانون الدولي الانساني، وفرض القوانين ومنع حدوث الانتهاكات[64].
وسيطرة الجماعة المسلحة على جزء من الاقليم ضروريا لاحترام القانون الدولي الانساني ايضا فمن خلالها تستطيع تدريب المقاتلين في صفوفها على القانون وكذلك اتخاذ الاجراءات التأديبية والعقابية بحق منتهكي القانون الانساني[65].
إن البروتوكول الاضافي الثاني وضع التزامات يجب ان تلتزم بها الجماعات المسلحة في اثناء النزاع المسلح منها العناية بالمرضى الجرحى ومعاملة العسكري بإحترام اثناء الاعتقال كما في المادة (4) من البروتوكول، وكذلك الضمانات الخاصة بالاشخاص الذين قيدت حريتهم، وهذه الالتزامات لابد من سيطرة الجماعة المسلحة على جزء من الاقليم لكي تقوم بها[66].
والجماعة المسلحة يجب ان تكون لديها سيطرة على الاقليم من اجل ان تكون لها القدرة على القيام بعمليات عسكرية متماسكة ذات تأثير قوي وواضح[67], وتكون السيطرة فعالة عندما تتسم بالاستقرار والاستقلال[68].
وهناك معادلة مفادها إن الجماعات المسلحة تزداد سيطرةً وقوةً وتوسعاً مع ضعف المؤسسات العسكرية والأمنية في الدولة وبالعكس تضعف مع تزايد قوة الدولة، ولعل هذا ما يفسر تزايد أعداد الجماعات المسلحة والمنخرطين فيها بالنسبة للدول التي لديها قصور في عمل الجهات الأمنية، وفي الغالب يكون الإنتماء لهذه الجماعات على أساس ديني أو عرقي أو قبلي وهذا الأمر يرجح نشوء نزاعات مسلحة لأسباب قد تتعلق بالإختلاف العقائدي أو التعارض في المصالح، والأهداف بين الجماعات المسلحة[69].
رابعا : استعداد الجماعة المسلحة لاحترام القانون الدولي الانساني
إن شرط استعداد الجماعة المسلحة لاحترام القانون الدولي الانساني، هو الأكثر أهمية من بين الشروط لان الواقع اثبت من خلال ممارسات الجماعات المسلحة بإن اغلب تلك الجماعات تعمل عمدا خارج الاطار القانوني والاخلاقي المعترف به تحقيقا لاهدافها[70]، وهذا الشرط يميز الجماعات المسلحة الخاضعة للقانون عن الجماعات الارهابية التي تعمل خارج اطار القانون الدولي الانساني ، إذ إن قانوني جنيف و لاهاي قد منعا اطراف النزاع المسلح من اللجوء للارهاب كوسيلة من وسائل القتال[71].
إن الجماعات المسلحة التي تسلك الطرق الارهابية تتعرض لاقسى مواقف الشجب وهو ما يؤثر عليها، وقد يصل الامر الى التدخل بالقوة وفرض عقوبات اقتصادية ولعل هذا السبيل يمثل رادعا لها من اجل احترام القانون الانساني [72].
ومن الملاحظ ان شروط الجماعات المسلحة التي سبق ذكرها جاءت من أجل تحقيق هذا الشرط وهو أحترام الجماعات المسلحة للقانون الدولي الانساني وعلى هذا الاساس يكون هذا الشرط هو الأكثر أهمية.
ان التساؤل هنا، كيف يكون احترام الجماعات المسلحة للقانون الدولي الانساني ولاسيما، ان البروتوكول الاضافي الثاني لم يضع آلية لاحترام القانون الدولي الانساني حيث جاء خاليا من اي ضمانات تكفل تطبيقه[73].
إن الجماعة تعلن عن استعدادها لاحترام القانون الدولي الانساني بعد طرق، اهمها اصدار اعلان من جانب واحد تتبنى من خلاله الالتزام بالقانون الدولي الانساني، فالجماعات المسلحة يمكن ان تكون طرفا في احترام اتفاقيات القانون الدولي الانساني، وبذلك تتحمل مسؤولية احترام القانون الدولي الانساني، وقد نشرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر العديد من اعلانات الجماعات المسلحة التي عبرت من خلالها الالتزام بالقانون الدولي الانساني.[74]
وقد يكون هناك اتفاق خاص بين اطراف النزاع المسلح، وهما الدولة والجماعات المسلحة ويكون الاتفاق الخاص برضا متبادل على احترام القانون الدولي الانساني ونصت المادة الثالثة المشتركة عن ان ابرام اتفاق خاص لا يؤثر بشيء في الوضع القانوني لاطراف النزاع[75].
ومن اجل احترام القانون الدولي الانساني لابد من نشره بين مقاتلي الجماعات للقانون كي تكفل احترامه، وقد سمحت جماعات مسلحة للجنة الدولية للصليب الاحمر بنشر القانون الدولي الانساني بين افرادها، وقد تعهدت اطراف النزاع في يوغسلافيا السابقة بنشر المعرفة بالقانون الدولي الانساني لاسيما بين المقاتلين[76].
وفي ظل غياب سلطة الدولة وظهور الجماعة المسلحة لابد من وضع عقوبات جزائية وتأديبية على افراد الجماعة المسلحة الذين انتهكوا قواعد القانون الدولي الانساني، وعلى الرغم من عدم كفاية العقوبات التأديبية لمنع الانتهاكات، ولكنها ضرورية ومفيدة لانها تمكن قادة الجماعة من الرد على الانتهاكات بالوقت المناسب، وعلى مستوى العقوبات الجزائية تكون المحاكم الدولية، أو المحاكم المختلطة أكثر كفالة لتطبيق القانون واحترامة لانها مستقلة ونزيهه وهذه الصفة من المحتمل ان تكون مفقودة على الصعيد الوطني[77].
ويمكن القول أخيراً: إن فقدان الجماعة المسلحة لأي من الشروط المقدمة والموضوعة لضمان احترام القانون الدولي الانساني ، يجعل الجماعة المسلحة خارج تطبيق البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977، ولكن من الممكن ان تطبق عليها المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949.
المسؤولية الجزائية الدولية للجماعات المسلحة
لقد جاءت المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وكذلك البروتوكول الأضافي الثاني لعام 1977 المتعلق بضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، خالية من أي ضمانات تكفل التنفيذ[78]، وهذه من المآخذ التي تسجل على المواد التي نظمت النزاعات المسلحة غير الدولية، وكان لا بد من تدراك هذا الأمر من خلال وضع آليات لتنفيذ المواد من أجل حماية الضحايا، وذلك من خلال القضاء الجنائي الدولي.
ففي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة، تم تجريم مخالفة قوانين وأعراف الحرب المنصوص عليها بالبروتوكول الأضافي الثاني لعام 1977 [79]، وعلى هذه الأساس ان القانون الجنائي الدولي هو الذي يضفي الحماية الجنائية الدولية على حقوق الإنسان المنصوص عليها بالاتفاقيات الدولية، فالقانون الجنائي الدولي يعاقب على الجرائم الدولية، لأنها تنتهك حقوق الإنسان[80].
ان مصادر التجريم في القانون الجنائي الدولي هي الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي، ويرى البعض ان المبادئ العامة للقانون والقضاء الدولي والفقه الدولي ومبادئ العدل والأنصاف هي أيضا مصادر للتجريم في القانون الجنائي الدولي[81].
وينقسم الفقه بين مؤيد ومعارض للمحاكم الجنائية الدولية، وهذا الأمر يعود للمزايا والعيوب في المحاكم الجنائية الدولية، فالاتجاه المؤيد للمحاكم الجنائية الدولية يرى أفضلية المحاكم الجنائية الدولية على القضاء الوطني بسبب عدم وجود حصانة للجناة، وهذا الأمر يفتح المجال أمام امكانية مسائلة داعمي الجماعات المسلحة من الأشخاص الذين لا يستطيع القضاء الوطني الوصول لهم كأن يكونوا قادة دول داعمة للجماعات المسلحة، ويساعد هذا الامر على تجفيف التمويل للجماعات المسلحة، وكذلك ان القضاء الجنائي الدولي يتمتع باستقلالية أكثر منها في القضاء الجنائي الوطني وهذا يجعل منه أكثر حيادية مما يجعله يكسب احتراما أكثر على المستوى الدولي، أما الاتجاه المعارض للمحاكم الجنائية الدولية فيرى ان العقوبة في المحاكم الجنائية الدولية غير كافية لردع افراد الجماعات المسلحة كون العقوبة لا تتضمن الاعدام، وكذلك ان الاجراءات في المحاكم الجنائية الدولية تسير ببطئ، كما ان تقديم القضاء الجنائي الدولي على القضاء الوطني صاحب الاختصاص بالاصل يعده بعضهم مساساً بسيادة الدولة[82].
وينقسم هذا المطلب على فرعين : الفرع الأول نتناول فيه مسؤولية الجماعات المسلحة أمام المحاكم الجنائية الدولية الخاصة، أما الفرع الثاني، فنتناول مسؤولية الجماعات المسلحة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
مسؤولية الجماعات المسلحة أمام المحكمة الجنائية الدولية
أقر المجتمعون في مؤتمر روما، مشروع الاتفاقية الدولية لنظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الروما باغلبية (120) صوتا، ورفض (7)، وامتناع (21)، وبعد تصديق مجموعة من الدول على الاتفاقية تم انشاء المحكمة الجنائية الدولية[83]، وسنتناول تشكيل المحكمة الجنائية الدولية و اختصاصها في اولا , ومساءلة افراد الجماعات المسلحة أمام المحكمة في ثانياً.
أولا : تشكيل المحكمة و اختصاصها.
1)تشكيل المحكمة.
تتكون المحكمة الجنائية الدولية من الاجهزة الاربعة الرئيسية، وهي هيئة الرئاسة، وشعبة الاستئناف والشعبة الابتدائية والشعبة التمهيدية، مكتب المدعي العام، وقلم كتاب المحكمة[84].
وتعد هيئة الرئاسة اعلى هيئة قضائية في المحكمة، وتتكون هيئة الرئاسة من الرئيس ونائبيه ويتم انتخابهم من قبل قضاة المحكمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويقوم نائب الرئيس بمهام الرئيس في حال غياب الرئيس او عدم صلاحيته، ويقوم النائب الثاني بمهام الرئيس في حال غياب الرئيس والنائب الاول. وان الحكمة من تحديد مدة الولاية بثلاث سنوات، هو أن انتخاب ثُلث قضاة المحكمة سيجري كل ثلاث سنوات، وخلال تلك المدة ستنتهي عضوية ستة من القضاة وسيحل محلهم عدد مماثل، لذلك لابد أن يـجري إعادة توزيع الأعمال بين قضـاة المحكمة بعد كل ثلاث سنوات، وتشمل مسؤوليات الهيئة الرئاسية ثلاثة مجالات هي المهام الإدارية والمهام القضائية والعلاقات الخارجية، وهذه المهام موزعة بين أعضاء هيئة الرئاسة فيقوم الرئيس بالإضافة إلى إضطلاعه بالمسؤولية العامة عن المحكمة بمهمة تنسيق العلاقات الخارجية، ويتولى النائب الأول للرئيس مهمة تنسيق الإدارة، ويتولى النائب الثاني للرئيس مهمة تنسيق الشؤون القضائية، وتتخذ قرارات الهيئة الرئاسية جماعياً، من جانب جميع أعضائها الثلاثة [85].
وتتألف شعبة الاستئناف من الرئيس واربعة قضاة، والشعبة الابتدائية من عدد لا يقل عن ستة قضاة، وشعبة ما قبل المحاكمة من عدد لا يقل عن ستة قضاة[86]، وتجري المحاكمة أمام احدى الدوائر الابتدائية، التي تتشكل من قضاة لا يجوز ان يكون من بينهم قاض ٍ يحمل جنسية الدولة المشتكية[87]، بذلك راعت المحكمة ضمانات المتهم من خلال مرور القرار بالاستئناف، وكذلك اخذت بنظام تنحي القضاة.
ويتكون مكتب المدعي العام من الرئيس، وهو المدعي العام الذي يتم انتخابه ونوابه من من قبل جمعية الدول الاطراف بالاقتراع السري المباشر لمدة تسع سنوات مالم يتقرر في وقت اختيارهم مدة اقصر، ومن نواب المدعي العام، وعدد من الموظفين المؤهلين للعمل في هيئة الادعاء، يعينهم المدعي العام بعد موافقة جمعية الدول الاطراف ويشمل الموظفين ايضا تعيين المحققين حسب حاجة العمل بالحكمة، ويشترط في من يتولى منصب المدعي العام ونائب المدعي العام، ان يكون ذا الاخلاق الرفيعة والكفاءة العالية والخبرة العملية الواسعة في مجال الادعاء العام او المحاكمة في القضايا الجنائية وان يكون ذا معرفة ممتازة، وطلاقة في لغة واحدة على الاقل من لغات العمل في المحكمة، ويشترط ان يكون المدعي العام ونوابه من جنسيات مختلفة، وكونه رئيساً لمكتب الادعاء العام، يتمتع المدعي العام بالسلطة الكاملة ادارة شؤون الادعاء العام، وتعد مباشرة التحقيقات من أهم الاعمال التي يضطلع بها[88].
أما قلم المحكمة فيكون مسؤولا عن الجوانب غير القضائية من ادارة المحكمة، وينتخب قضاة المحكمة المسجل بطريق الاقتراع السري لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بالطريقة نفسها ينتخب نائب المسجل بناء على طلب المسجل عند الحاجة، ويشترط بالمسجل ونائبة ان يكون من ذوي الاخلاق الرفيعة والكفاءة العالية، وان يكون على معرفة ممتازة وطلاقة في لغة واحدة على الاقل من لغات العمل في المحكمة[89].
2) اختصاص المحكمة:
من حيث الزمان والمكان، أخذ النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية بقاعدة عدم جواز تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي، ولا تختص المحكمة بالجرائم الا بعد دخول النظام حيز النفاذ في الدولة[90]، أما من حيث الاشخاص فيطبق هذا النظام على الاشخاص بصورة متساوية دون اي تمييز بسبب الصفة الرسمية، ولا تحول الحصانات او القواعد الاجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة للشخص سواء كان في اطار القانون الوطني ام الدولي دون ممارسة المحكمة لاختصاصها[91]، ومن الناحية الموضوعية تختص المحكمة بالجرائم الدولية التي تقع على اقليم احدى الدول الاطراف، وتوصف المحكمة الجنائية الدولية بالدائمة[92] والعامة، وهذا يجعلها على عكس المحاكم الجنائية الخاصة المؤقتة، فالمحكمة الجنائية الدولية لا تختص بدولة محددة ولا بوقت محدد ينتهي عملها بعد انتهائه، بذلك تسمى بالدائمة لتمييزها عن المحاكم الدولية المؤقتة .
إن الاصل يكون الاختصاص للمحاكم الوطنية في مساءلة الجماعات المسلحة، ويأتي دور المحكمة الجنائية الدولية في حالتي عدم الرغبة وعدم القدرة حسب المادة (17) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية [93]، وتكون الدولة غير قادرة إذا كانت لا تستطيع الوصول للجناة، كأن يكون بسبب النزاع المسلح غير الدولي أو بسبب انهيار النظام القضائي في الدولة[94]، أما وضع عدم الرغبة فتكون الدولة قادرة على مساءلة الجناة ولكنها غير راغبة بذلك، من أجل حماية المسؤولين عن الانتهاكات[95].
ومن الممكن ان يكون التعويض من خلال المحكمة الجنائية الدولية، فقد خول نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية اصدار أمر بالتعويضات بحق المدان بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار[96].
وقد نص نظام روما الاساسي على انشاء ( الصندوق الاستئماني ) بقرار من جمعية الدول الاطراف لصالح المجنى عليهم في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، ولصالح اسر المجنى عليهم[97].
ثانيا: مساءلة أفراد الجماعات المسلحة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
تتحرك مسؤولية الجماعات المسلحة أمام المحكمة الجنائية الدولية وفي حال ارتكاب أفراد الجماعات المسلحة لاحد الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام الاساسي وهي (جرائم الابادة، الجرائم ضد الانسانية، جرائم الحرب، جرائم العدوان) وخاصة في ظل عدم قدرة القضاء الوطني على مساءلة الجماعات المسلحة بناء على طلب أحد الاطراف الذين يحق لهم تقديم الدعوى أمام المحكمة.
وفي النزاعات المسلحة غير الدولية، تعد انتهاكات المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949، والبروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977، من جرائم الحرب التي يمثل الجناة فيها امام المحكمة الجنائية الدولية[98].
لقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارات بالقاء القبض على تسعة أشخاص ينتمون لجماعات مسلحة في اوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى[99]، ولعل هذا الأمر يعد من ابرز تطبيقات مسؤولية الجماعات المسلحة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
لقد فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في الكونغو الديمقراطية بناءً على حق الدولة الطرف في رفع الدعوى مباشرة أمام المحكمة، وفتح التحقيق على خلفية انتهاكات الجماعات المسلحة بحق المدنيين في الكونغو الديمقراطية أثر طلب قدمه رئيس الكونغو الديمقراطية الى المدعي العام في المحكمة يقضي باحالة الوضع السائد في الكونغو الديمقراطية الى المحكمة الجنائية الدولية، وعلى هذا الأساس أعلن المدعي العام في المحكمة بدء التحقيق في الجرائم المرتكبة في الكونغوالديمقراطية وذلك في عام 2002، وبعد ذلك تم توقيع اتفاق ثنائي بين المحكمة وجمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2004 [100].
لقد مثل توماس لوبانكا، وهو زعيم أحدى الجماعات المسلحة في الكونغو أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث إنه قد اُتهم بارتكاب جرائم حرب، وتمت محاكمته، وقد ادين بارتكابه جرائم حرب، ويعد حكم ادانة توماس لوبانكا أول حكم ادانة من المحكمة الجنائية الدولية بخصوص الكونغو الديمقراطية، وذلك في اذار 2012 [101].
ويمكن القول أخيرا ان المحكمة تفرض على المدان بارتكاب احدى الجرائم الدولية المنصوص عليها بالمادة (5) من نظام روما الاساسي، أحدى العقوبات الآتية: أ-السجن لعدد محدد من السنوات لمدة اقصاها 30 سنة. ب- السجن المؤبد حيثما تكون هذه العقوبة مسوغة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة بالشخص المدان [102]. وبالاضافة الى السجن للمحكمة ان تأمر بفرض غرامة، ومصادرة العائدات والأصول المتأتية بصورة مباشرة وغير مباشرة من الجريمة دون المساس بحقوق الاطراف الثالثة حسنة النية[103].
وقد تخلى واضعو النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية عن عقوبة الأعدام بسبب معارضة عدد من مندوبي الدول للعقوبة، وهذا الأمر مثير للجدل بين مؤيد ومعارض، خصوصاً وان المحكمة قد اختصت بالجرائم الأشد خطورة وتهدد سلامة وأمن البشرية ( الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجريمة الحرب )، لذلك يرى جانب من الفقه ضرورة تطبيق عقوبة الاعدام على هذه الجرائم، كونها العقوبة المناسبة والأكثر ردعاً لمثل هذا النوع من الجرائم[104].
إن مؤيدي ومعارضي عقوبة الاعدام سواء كان على المستوى الدولي ام الوطني، كل منهم يقدم حجج تسوغ له، فالاتجاه المعارض يبرر ذلك بحجج أهمها، عدم قابلية اصلاح الخطأ في عقوبة الاعدام بعد تنفيذها وتفتقد العقوبة الى امكانية اصلاح المجرم، كما ان للعقوبة آثار سلبية على عائلة المعدوم، لذلك تدعو منظمات حقوق الانسان لالغائها، أما الاتجاه المؤيد فيسوغ ذلك بحجج اهمها، ان العقوبة تحمل في تطبيقها العدالة، وهي رادع حقيقي لمنع الآخرين من الاقدام على الجريمة، ومن خلال العقوبة يتم انقاذ المجتمع من خطر المجرم[105] .
إن الابقاء على عقوبة الاعدام ضرورة من أجل الردع، والتخلص من محترفي الاجرام، وفي العقوبة قصاص من الجاني[106]، ان وجود عقوبة الاعدام ضرورة من اجل القصاص من المجرم وردع الآخرين الذين يفكرون بالقيام بالجرائم الخطرة، ولكن ولا بد من وجود الضمانات الكافية للمتهم قبل واثناء وبعد اجراء المحاكمة، ويكون فرض هذه العقوبة في الحالات القص
الهامش
[1] ينظر: د. صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة قانون النزاعات المسلحة، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة، 1967، ص81.[2] خالد سلمان جواد، حماية المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، 2005، ص70.
[3] محمد سعيد، الاطار القانوني لمعتقلي جوانتانامو، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران، الجزائر، 2012 -2013، ص21.
[4] جبابلة عمار، مجال تطبيق الحماية الدولية لضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الحاج لخضر، بانته، 2008-2009، ص21.
[5] ينظر: خالد سلمان جواد، مصدر سابق،ص40.
[6] مالك عباس جيثوم، التنظيم القانون للنزاعات المسلحة غير الدولية (دراسة في ضوء القانون الدولي الإنساني )، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بابل، 2012، ص63-64.
[7] د. سهيل حسين الفتلاوي , د. عماد محمد ربيع، القانون الدولي الإنساني، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الإردن، 2009، ص88-89.
[8] لقد شاع مصطلح الجماعات المسلحة عبر الوطنية واستخدم بشكل متزايد بعد أحدات 11 سبتمبر عام 2001 في اطار ما يسمى بالحرب على الارهاب، ينظر :
MARCO SASSÒLI,TRANSNATIONAL ARMED GROUPS AND INTERNATIONAL HUMANITARIAN LAW Cambridge, Massachusetts,2006.,
[9] جان كيه كلينفر، إنطباق القانون الدولي الإنساني على الجماعات النظامية المسلحة ، مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر، المجلد 93، العدد 882، تصدر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القاهرة، يونيو- حزيران، 2011، ص2.
[10] د. جاكوب كلينبرغر، تعزيز إحترام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة غير الدولية، الطبعة الأولى، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، برنت رايت، مصر، 2008، ص3.
[11] (Vincent Bernard, Understanding armed groups and the applicable law, intrnotional review of the red cross, Vol 93 No 882 2011, p262.
[12] لقاء مع الدكتور أحمد عبيس الفتلاوي، كلية القانون، جامعة الكوفة، كلية القانون بتأريخ29/1/2015.
[13] ( Teresa Whitfield , Pratique de la médiation Entrer en contact avec les groupes armés Défis & options pour les médiateurs Pratique de la médiation , Genève, 2010 , p20.
[14] (How is the Term “Armed Conflict” Defined in International Humanitarian Law International ( Committee of the Red Cross (ICRC) Opinion Paper, March 2008 , p5,
[15] د. فاضل محمد زكي، الدبلوماسية في عالم متغير، دار الحكمة للطبع والنشر، بغداد، 1992، ص101-102.
[16] مالك عباس جيثوم، مصدر سابق، ص167.
[17] خالد سلمان جواد، مصدر سابق، ص92.
[18] تنص المادة الثالثة المشتركة على ما يأتي:
((في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:
(1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أية معايير مماثلة أخرى.
ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
(أ ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب؛
(ب ) أخذ الرهائن؛
(ج ) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة؛
(د ) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
(2) يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم، ويجوز لهيئة إنسانية عير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع، وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك عن طريق اتفاقات خاصة، على تنفيذ كل الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقية أو بعضها
وليس في تطبيق الأحكام المتقدمة ما يؤثر على الوضع القانوني لأطراف النزاع))
[19] القانون الدولي الانساني، اجابات عن أسئلتك، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الطبعة التاسعة عشر، القاهرة، يونيو – تموز2012، ص19.
[20] فريتس كالسهوفن وليزلبيث تسغفلد، ضوابط تحكم خوض الحرب، مدخل للقانون الدولي الإنساني، ترجمة : أحمد عبد العليم، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دون ذكر المكان،2004، ص80.
[21] د. أحمد عبيس الفتلاوي، القانون الدولي الإنساني، كتاب غير منشور، جامعة الكوفة، 2014، ص103.
[22] ينظر: القانون الدولي الإنساني إجابات عن إسئلتك، مصدر سابق، ص16.
[23] هناك من يرى ضرورة مراجعة المادة الثالثة المشتركة للأسباب التي تم ذكرها, ينظر: د. محمد حمد العسبلي، المركز القانوني لأسرى الحرب في القانون الدولي الإنساني، الطبعة الإولى، دار الكتب القانونية، بنغازي، ليبيا، 2005، ص101-102.
[24]) د. حيدر كاظم عبد علي و مالك عباس جيثوم، القواعد المتعلقة بوسائل واٍساليب القتال أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، المجلد الرابع، العدد الثاني، 2012، ص154.
[25] مالك عباس جيثوم، مصدر سابق، ص91-92.
[26] كانت جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر بين عامي 1971 و1972 تتمثل في مشاورات مع الحكومات والحركة في حين واضبت على موافاة الإمم المتحدة حول التقدم في إعمالها، وبعد ذلك دعت الحكومية السويسرية بوصفها الوديع لإتفاقيات جنيف لمؤتمر دبلوماسي لتطوير القانون الدولي الإنساني المنطبق على النزاعات المسلحة وقد أنجز المؤتمر أعماله بعد أربع دورات في عام1977 في جنيف، للمزيد ينضر: القانون الدولي الإنساني، أجابات عن أسئلتك، مصدر سابق، ص21.
[27] كانت تسمية البروتوكول الإضافي الثاني ( البروتوكول الثاني المكمل للمادة الثالثة المشتركة) ولكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر غيرت التسمية في الدورة الثانية للمؤتمر الدبلوماسي عام 1972 وأصبحت ( البروتوكول الملحق الثاني الخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية , خالد سلمان جواد، مصدر سابق، ص113.
[28] للمزيد من التفصيل: د. آن ماري لاروزا وكارولين فوزنر،الجماعات المسلحة والعقوبات وإنفاذ القانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر، المجلد 90، العدد، 780، القاهرة، 2008، ص 73 وما بعدها.
[29] ينظر : المادة (5) من البروتوكول الاضافي الثاني لسنة 1977. و دليل التطبيق الوطني للقانون الدولي الإنساني، الطبعة الأولى، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المركز الأقليمي للأعلام، القاهرة، 2010، ص46. و د. عمر سعد الله، القانون الدولي الإنساني، وثائق وآراء، دائرة الكتب الوطنية، عمان، 2002، ص337.
[30] إتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 نظمت معاملة الأسرى، وأهم ما ورد فيها توسيع دائرة الأشخاص الذين يحق لهم التمتع بالوضع القانوني لأسرى الحرب في حالة وقوعهم في الأسر وبهذا تكون حماية المقاتلين في أوسع نطاق شخصي، أما ما يتعلق بالزمن فيتمتع الأسير بحقوقه منذ لحظة وقوعه بالاسر وحتى الإفراج عنه وعودته إلى وطنه، ينظر: د. أحمد سي علي، حماية الأشخاص والأموال في القانون الدولي الإنساني، الطبعة الأولى، دار الأكاديمية، الجزائر، 2010-2011، ص120.
[31] د.محمد حمد العسبلي، مصدر سابق، ص110-111.
[32] ماركو ساسولي وانطوان بوفيه، كيف يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية في الحرب؟، مختارات من القضايا الخاصة بممارسات معاصرة في القانون الدولي الانساني، الطبعة العربية الأولى، المركز الاقليمي للاعلام، القاهرة، 2011، ص46-47.
[33] ينظر : قرار مجاس الأمن رقم 1261 لسنة 1999.
[34] د, حازم محمد عتلم، قانون النزاعات المسلحة غير الدولية : تقديم، أحمد فتحي سرور، القانون الدولي الإنساني، دليل للتطبيق على الصعيد الوطني، الطبعة الثالثة، بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القاهرة، 2006، ص227.
[35] د. أحمد عبيس الفتلاوي،، مصدر سابق، ص114.
[36] د. جاكوب كلينبرغر، مصدر سابق، ص 6.
[37] د. آن ماري لاروزا وكارولين فورزنر، مصدر سابق، ص70.
[38] أحمد فهمي، حزب الله.. وسقط القناع، الطبعة الأولى، دون مكان طبع، 2007، ص301 وما بعدها.
[39] توني بفانير، الحروب غير المتكافئة من منظور القانون الانساني والعمل الانساني، مختارات المجلة الدولية للصليب الاحمر، العدد 857، 2011، ص70.
[40] علي قلعة جي، القواعد العسكرية الاجنبية والحقوق الانسانية بعد احداث 11 سبتمبر / ايلول 2001 مع اشارة خاصة إلى قاعدة غوانتنامو، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، مجلد 28، العدد الاول، 2012، ص11.
[41] مالك عباس جيثوم،مصدر سابق، ص101.
[42] د. أحمد عبيس الفتلاوي، مصدر سابق، ص117.
[43] ينظر: المادة الاولى الفقرة الثانية من البروتوكول الاضافي الثاني لعام1977
[44] ينظر : Teresa Whitfield Op.Cit., P. 20,
[45] ينظر : Marcos sassoli , Op.Cit., P. 13
[46] المادة الاولى من الفقرة الاولى من البروتوكول الاضافي الثاني لعام 1977.
[47] دليل الاحكام الختامية للمعاهدات المتعددة الاطراف، منشورات الامم المتحدة، طبع في قسم الاستنساخ في الامم المتحدة، 2005، ص67.
[48] د. محمد حمد العسبلي، مصدر سابق، ص108-109.
[49] ينظر: محمد حمد العسبلي، مصدر سابق، ص103 وما بعدها.
[50]) د. منتصر سعيد حموده، القانون الدولي الإنساني، مع الإشارة لأهم مبادئه في الفقه الإسلامي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2009، ص168.
[51] د. نزار العنبكي، القانون الدولي العام، دار وائل للنشر، عمان، الإردن، 2010، ص201.
[52]) Gerard Mc Hugh and Manuel Bessler, Humanitarian Negotiations with Armed Groups , A manual for Parctitioners, United Nitions,New York, January , 2006, p18.
و: د. آن ماري لاروزاوكارولين فوزنر، مصدر سابق، 71
[53] Beter Margulies, Networks in International armed Conflicts: Crossing Borders and Defining “Organized Armed Group”, 2013, p64.
[54] فردليك مولينين، دليل قانون الحرب للقوات المسلحة، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، المطبعة الذهبية، القاهرة،2000، ص71.
[55] د. حازم محمد عتلم، مصدر سابق،ص224.
[56] د. جاكوب كلينبرغر، مصدر سابق، ص11.
[57] د. جان كيه كلينفر، مصدر سابق، ص2.
[58] ينظر: وائل ادهمي، الاهمية الاستراتيجية لشبكة الانترنت بالنسبة الى الجماعات المسلحة المتمردة في الحروب الحديثة، المجلة الدولية للصليب الاحمر، مجلد 89، العدد 868، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، 2007، ص175.
[59] د. نزار العنبكي، مصدر سابق، ص202.
[60] د. زهير الحسني، القانون الدولي الانساني وتطبيقه في العراق، المجلة الدولية للصليب الاحمر، المجلد 89، العدد 868، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، 2007، ص204.
[61] د. محمد حمد العسبلي، مصدر سابق، ص104.
[62] جبابلة عمار، مصدر سابق، ص58.
[63] د. آن ماري لاروزا وكارولين فزونر، مصدر سابق، ص72.
[64] ماركو ساسولي ويوفال شاني، مناظرة، هل يجب ان تكون التزامات الدول والجماعات المسلحة متساوية في الواقع؟ المجلة الدولية للصليب الاحمر، مختارات من المجلة الدولية للصليب الاحمر، المجلد93، العدد882، 2011، ص6.
[65] جاكوب كلينفر، مصدر سابق، ص11.
[66] محمد حمد العسبلي، مصدر سابق، ص105.
[67] منتصر سعيد حمودة، مصدر سابق، ص174.
[68] يقصد بالسيطرة الفعالة على الاقليم مع استمرار الاستقرار الى الحد الذي لا يوجد فيه احتمال بان تستعيد السيادة السابقة سيطرتها، د. عبد الرحمن محمد حمود الوجيه، مصدر سابق، ص116.
[69] ينظر: توافر الأسلحة ووضع المدنيين اثناء النزاعات المسلحة، دراسة أعدتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 1999، ص15.
[70] ماركو ساسولي وانطوان بوفيه، مصدر سابق، ص46.
[71] د. صلاح جبير البصيصي، محاولة التعريف بالارهاب وبيان وسائل مكافحته، دراسة قانونية، مجلة جامعة كربلاء العلمية، المجلد الرابع، العدد الثاني، حزيران،2006، ص124.
[72] وَصَفَ مجلسُ الامن العمليات التي يرتكبها ما يعرف بـ( تنظيم الدولة الاسلامية) داعش والجماعات التي ترتبط بتنظيم القاعدة بالعمليات الحقيرة والشنيعة على خلفية قتل عدد من المواطنين المصريين في سرت وقتل مواطنين في ليبيا.
ينظر : قرار مجلس الامن رقم 2214 في 17 اذار لعام 2015.
[73] مالك عباس جيثوم ، مصدرسابق، ص109.
[74] د.آن ماري لاروزا وكارولين فوزنر، مصدر سابق، ص73- 74.
[75] د.جاكوب كلينفر، مصدر سابق، 16.
[76] جون ماري هنكرتس ولويزدوزوالد بك، القانون الدولي الانساني العرفي، المجلد الاول، القواعد، برنت رايت للدعاية والاعلان، القاهرة، مصر، 2007، ص441.
[77] د. آن ماري لاروزا وكارولين فوزنر، مصدر سابق، ص73-74.
[78] د. حازم محمد عتلم، مصدر سابق، ص227.
[79] جامشيد ممتاز، القانون الدولي الإنساني المنطبق على النزاعات المسلحة الدولية، تقديم شريف عتلم، القانون الدولي الإنساني دليل للأوساط الأكاديمية، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، القاهرة، 2006، ص97.
[80] د. عبد الله علي عبو سلطان، مصدر سابق، ص78.
[81] حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الدولية الجنائية الدائمة، مطابع شتات، مصر، 2008، ص55 وما بعدها.
[82] د عمر محمود المخزومي، مصدر سابق، ص190 وما بعدها.
[83] الدول السبع التي اعترضت هي العراق والولايات المتحدة و ( اسرائيل ) والصين وقطر وليبيا واليمن. دحماني عبد السلام، التحديات الراهنة للمحكمة الجنائية الدولية في ظل هيمنة مجلس الأمن، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2012، ص45.
[84] المادة (34) من النظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[85] براء منذر كمال عبد اللطيف، النظام القضائي للمحكمة الجنائية الدولية، اطروحة دكتوراه، كلية القانون جامعة بغداد، 2005، ص 54-55.
[86] المادة (39) من النظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[87] براهيمي صفيان، دور المحكمة الجنائية الدولية في مكافحة الجرائم الدولية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2011، ص24.
[88] د. عمر محمود المخزومي، مصدر سابق، ص204-205.
[89] المادة (43) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[90] المادة (11) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[91] د. محمد فهاد الشلالدة، القانون الدولي الانساني، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2005، ص378 وما بعدها.
[92] ميس فايز أحمد صبيح، سلطات المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية ( دراسة مقارنة مع سلطات المدعي العام في القانون الجنائي الوطني ) رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الاوسط، عمان، 2009،ص11.
[93] ينظر : د. أشرف محمد شاهين، النظرية العامة للجريمة الدولية , دراسة تحليلية تأصيلية، مكتبة زين الحقوقية والادبية، بيروت، 2012، ص732.
[94] الأزهر لعبيدي، حدود سلطات مجلس الأمن في عمل المحكمة الجنائية الدولية، دار النهظة العربية، القاهرة، 2010، ص124.
[95] انطونيو كاسيزي، القانون الجنائي الدولي، الطبعة الاولى،الترجمة : مكتبة صادر ناشرون، المنشورات الحقوقية، بيروت، لبنان، 2015، ص536.
[96] تنص المادة (75) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ما يأتي:
(1-تضع المحكمة مبادئ فيما يتعلق بجبر الاضرار التي تلحق بالمجنى عليهم أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار، وعلى هذا الاساس، يجوز للمحكمة ان تحدد حكمها عند الطلب أو بمبادرة منها في الظروف الاستثنائية، نطاق ومدى اي ضرر او خسارة او اذى يلحق بالمجنى عليهم او فيما يخصهم، وان تبين المبادئ التي تصرفت على اساسها.
2-للمحكمة ان تصدر أمرا مباشراً ضد شخص مُدان تحدد فيه اشكالا ملائمة من اشكال اضرار المجنى عليهم، أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار، وللمحكمة ان تأمر حيثما كان مناسبا، بتنفيذ قرار الجبر عن طريق الصندوق الاستئماني المنصوص عليه في المادة 79.
3-قبل اصدار امر بموجب هذه المادة، يجوز للمحكمة ان تدعو الى تقديم بيانات حالة من الشخص المدان او من المجنى عليهم او من سواهم من الاشخاص المعنيين او الدول المعنية او ممن ينوب عنهم، وتضع المحكمة هذه البيانات في اعتبارها.
4-للمحكمة ان تقرر لدى ممارستها سلطتها بموجب هذه المادة وبعد ادانة شخص في جريمة بمقتضى هذا النظام الاساسي، ما اذا كان من اللازم لتنفيذ امر تصدره بموجب هذا المادة طلب اتخاذ تدابير بموجب الفقرة 1 من المادة 93.
5-تنفذ الدولة الطرف القرار الصادر بموجب هذه المادة كما لو كانت احكام المادة 109 تطبق على هذه المادة.
6-ليس في هذه المادة ما يفسر على انه ينطوي على مساس بحقوق المجنى عليهم بمقتضى القانون الدولي او الوطني.)
[97] المادة (79) من النظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[98] د. مريم ناصري، فعالية العقاب على الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الانساني، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2011، ص108.
[99] آن ماري لاروزا وكارولين فورزنر، مصدر سابق، ص79.
[100] براهيمي صفيان، مصدر سابق، ص43.
[101] حكمت المحكمة الجنائية الدولية على توماس لوبانكا بالسجن لمدة 30 عاما ومن ثم قامت بتخفيف الحكم ليصل 14 عاما، محكمة الجنايات الدولية تثبت حكم 14 عاما سجنا في حق الكونغولي توماس لوبانكا
[102] الفقرة الاولى من المادة (77) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[103] الفقرة الثانية من المادة (77) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[104] ينظر: أمين شباك العنوان، العقوبة في القانون الدولي الجنائي، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2013-2014، ص26.
[105] خالد علي دبيس، عقوبة الاعدام في القانون الدولي (دراسة في وثائق ومستندات منظمات حقوق الانسان الدولية)، مجلة جامعة اهل البيت، مجلد 1، العدد 13، 2012، ص217 وما بعدها.
[106] د. عمار عباس كاظم، الجدل الفكري والقانوني حول عقوبة الاعدام، مجلة رسالة الحقوق، عدد خاص ببحوث المؤتمر الوطني الاول، السنة الرابعة، 2012، ص60.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.