fbpx
دراساتمجتمع

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

المقدمة:

بالرغم من أن حدود مصر الطبيعية، وانبساط أرضها وجريان نيلها وجمال مناخها؛ عملت على استتباب الأمن، وهيأت للمواطنين الشعور بالسلام والاطمئنان والابتعاد عن العنف؛ إلا أن هذا لم يمنع المصريين القدماء من العمل على تكوين جيش قوي، وخاصة مع ظهور محاولات تسلل أجنبي نحو مصر عن طريق حدودها الجنوبية والغربية والشرقية.

والجيوش هي سند الأمم والشعوب، وسياج أمنها الذي يحميها في سلمها وحربها. وقد عرفت مصر الجيش مبكراً؛ لدرجة أن يكاد المصريون القدماء يكونوا هم أول من عرف الجيش النظامي في العالم القديم، وإن لم تعرفه مصر القديمة نظامياً منذ البداية؛ حيث اكتفى حكام الأقاليم الحدودية في البداية بتكوين فرق خاصة بهم للدفاع عن أقاليمهم؛ وبالرغم من ظهور لقب “قائد الجيش” مبكراً؛ إلا أنه لا يؤكد على وجود جيش شامل لمصر كلها منذ ذلك الحين.

غير أن بوادر وجود الجيش المصري قد ظهرت منذ عصر الملك مينا؛ أي قبل أكثر من خمسة آلاف عام؛ حين وحد قطري مصر في الجنوب والشمال (الصعيد والدلتا)؛ لكن المؤكد أنه ومنذ بداية عصر الأسرة الخامسة ظهرت بواكير الجيش النظامي، واتضح ذلك جلياً خلال عصر الأسرة السادسة عندما قام الملك بيبي الأول بحملة عسكرية تأديبية لقبائل البدو بحدود مصر الشرقية.

 ونحن هنا في دراستنا هذه سنحاول التعرف على أهمية الجيش في مصر القديمة، ودوره في السلم والحرب، وذلك من خلال مقدمة ومبحثين وخاتمة، كالتالي:

المبحث الأول: الجيش في مصر القديمة وأهميته،

المبحث الثاني: دور الجيش المصري في الحرب والسلم،

ثم الخاتمة: وتتناول أهم ما توصلنا إليه من نتائج.

المبحث الأول: الجيش في مصر القديمة وأهميته

كان للجيش في مصر القديمة، أهمية كبرى تمثلت في الدفاع عن الوطن ضد هجمات الغزاة والمعتدين، كما لعب دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار الداخلي، ومعاونة المدنيين في تنمية قدرات الوطن. وكان له دور واضح في دعم العلاقات بين مصر وجيرانها. وبالإمكان مناقشة هذا المبحث من خلال أربعة مطالب كالتالي:

المطلب الأول: بدايات الجيش وتشكيلاته وإدارته

لم تعرف مصر الجيش النظامي الموحد في البدايات الأولى من تاريخها، بل اكتفى حكام الأقاليم بتكوين فرق خاصة لهم مدربة ومجهزة بالأسلحة والعتاد، ليدافعوا بها عن أقاليمهم، وكانت هذا الفرق تستخدم أيضاً خلال فترات الصراع الداخلي بين حكام الأقاليم، حين كان يسعى كل منهم لفرض سيطرته على مزيد من الأراضي والسلطات.

وبدأ تشكيل الجيش المصري بوحدات وكتائب وفرق منذ نشأته؛ وبدأ الأمر يتطور شيئاً فشيئاً؛ ففي عهد الأسرة الخامسة كان الجيش مؤلفاً من مجندين كان يطلق على الواحد منهم في هذا العهد “الشاب الجميل”، وكانت تتألف منهم وحدات تسمى “عبر”، وكل وحدة منها كانت تحت قيادة ضابط يحمل لقب رئيس الوحدة أو الفرقة “خرب عبر”، ومن هذه الفرق مجتمعة كانت تتألف كتائب الجيش “عبر مشع”، وعلى رأسها قائد يحمل لقب قائد كتائب الجيش[1].

وقد اتضح لنا هذا التقسيم للوحدات العسكرية والفرق؛ من خلال ما تركه المصريون القدماء من آثار تعود لعصر الدولة الحديثة؛ وتبين لنا أن الجيش قد تكون من فرق قتالية مدربة منظمة، بل وتُظهر لنا أن التدريب بالوحدات العسكرية كان جاداً وصارماً. وكانت الفرقة تنقسم إلى أربعة أقسام بكل قسم 50 رجلاً، وكانت تنقسم إلى صفوف كل منها عشرة رجال، وتسير في طوابير منتظمة[2].

الإدارة الحربية:

وكان لابد، من أجل الوصول إلى هذا الجيش بشكله ودوره وقوته، أن يكون ذا إدارة قوية تعمل على تصريف أموره، فكان الملك هو القائد الأعلى للجيش، وكان يكلف ولي عهده أحيانا للنيابة عنه. أما إدارته المباشرة؛ فكانت تُسند إلى أمير ملكي أو لزوج أميرة ملكية وكان يأخذ درجة وزير.

وكانت إدارة الجيش هذه، أو المؤسسة العسكرية؛ تسمى “بيت الأسلحة”؛ وقد عُرف لنا هذا الاسم منذ عصر الأسرة الثالثة؛ إلا أنه وخلال عصر الأسرة الخامسة قد أصبح هناك اثنان من الإدارة؛ فوجدنا “بيت الأسلحة” في الشمال، و”بيت السلاح” في الجنوب، وربما حدث هذا مع ازدياد عدد الجيش وتمدده، وربما لأسباب أخرى، ولكن المؤكد في خلال تلك الفترة أن الإدارة العسكرية شمالاً وجنوباً كانت تحت إشراف الملك[3].

وكان بيت الأسلحة يشتمل على عدة مصالح، من أهمها مصلحة الأشغال، التي كانت تقوم ببناء الوحدات والخنادق والقلاع، كما كانت تقوم بصنع سفن الأسطول. وكان من اختصاص هذه المصلحة أيضاً؛ إدارة شؤون الغلال التي كانت معدة لتموين مصلحة الأعمال الحربية، والقيام بتخزين كل ما يلزم من المؤن في القلاع والحصون. كما كان من مهام بيت الأسلحة تجهيز الجيش بالسلاح والملابس.

وكان قادة “بيت الأسلحة” يُنتخبون ويُختارون من بين الشخصيات العظيمة جداً، ومن بين أمراء البيت المالك، وفي عهد الأسرة الخامسة دلتنا الآثار على أنهم كانوا من حملة الألقاب الملكية العظيمة جداً، فكانوا يحملون أيضاً لقب “حامل الخاتم الملكي” و”المقرب من المعبود العظيم”، كما كان هؤلاء القادة يتحلون بأعظم الألقاب الفخرية مثل: “الذي في قلب الملك”. وهناك على سبيل المثال أحد قادة الجيش في نهاية عصر الأسرة الثالثة كان يدعى “متن”، وكان في نفس الوقت يحمل لقب “مدير البعثات في المديريات القريبة من الدلتا”.

وكانت هناك أيضاً وظيفة «كاتب الجيش» وقت الحرب، وهو من يقوم بأعمال التجنيد والإمداد، وحفظ سجلات المعارك الحربية، وكان عدد هؤلاء الكتاب كبير، وكان يرأس مجموعة الكتبة «رئيس كتاب الجيش»، و«الكاتب الملكي»، وكان حامل هذا اللقب على دراية بمجريات الأمور في القصر والجيش.

ولذا فإن إدارة الجيش كانت قد بلغت من الكمال حداً عظيماً من الدقة. يدل على ذلك ما وصلنا من خطاب كان قد كتبه قائد الجنود الذين كانوا في محاجر طرة بالقرب من منف، وهو خطاب يفيد بأنه قد وصل إلى هذا القائد أمرٌ من الوزير بإرسال كتيبة إلى منف لتأخذ أهبتها هناك، ولكن هذه الكتيبة كانت قد أمضت ستة أيام في منف وكان الزاد قليلاً، فاحتج القائد على ذلك قائلاً: إنه كان يجب تموين الجيش مدة إقامته في العاصمة، لأن ذلك يعطل سير العمل ويؤخره[4].

المطلب الثاني: الخدمة العسكرية ونظامها

كانت الخدمة العسكرية، في مصر القديمة إجبارية من خلال التجنيد، فكان كل الشباب بالمقاطعات والأقاليم يُجنَدون إجبارياً؛ بل حتى العاملين بالمعابد لم يُستثنوا من ذلك، ولم يكن تجنيدهم من أجل المشاركة في المعارك فقط، بل كانوا أيضاً يشاركون في أعمال المحاجر التي يقوم بها الجيش، وكانوا يشاركون أيضاً في العمل على القضاء على الثورات أو العصيان الذي يحدث داخل حدود البلاد. ولم يكن هناك استثناء حتى لأكابر القوم، وقد عُثر على لوحة من عهد الأسرة الثانية عشرة، تخبرنا أن الابن الأكبر لأحد الملوك كان كاتباً للجنود عند تجنيده بإحدى فرق إقليم طينة. ولم تكن الخدمة العسكرية وراثية، في حين أن معظم الذين أدوها كانوا يُخرطون أولادهم في سلكها.

ويمكننا أن نعرف كيفية التجنيد من خلال متون ترجع إلى عصر الأسرة السادسة، إذ نجد في المرسوم الثالث الذي يرجع لعهد الملك بيبي الثاني (2278 -2184 ق.م) والموجه إلى مدير الجنوب، ما يشير إلى كيفية ذلك. كما يظهر لنا أيضاً من خلال ما ذكره القائد “وني” عند وصفه كيفية تكوين الجيش الملكي؛ بأن حكام المقاطعات والمراكز كانوا يأتون بالعساكر المجندين من الحصون والمدن التي كانوا يحكمونها. وكان حكام المقاطعات مكلفين بفحص المجندين وتسجيل أسمائهم.

وقد كانت العناية بتدريب المجندين على الأعمال العسكرية كبيرة جداً، فكان الجنود يتلقون دروساً حربية؛ وقد خُصصت لها مصلحة قائمة بذاتها كان يشرف على إدارتها العليا القائد الأعظم للجيش.

وكان يؤخذ المجند وهو صغير السن إلى الثكنات حيث كان يتعلم كيفية الرماية بالقوس والنشاب، واستعمال بلطة الحرب، والدبوس، والحربة والدرقة، وكذلك كانوا يتمرنون على الألعاب الرياضية، ويتم تدريبهم أيضاً على فنون الحرب والسير العسكري، والكر والفر والقفز، والمصارعة. وخلال التدريبات كان الجندي يسير تلو زميله في دوريات محددة، ويعاون نافخ البوق أو ضارب الطبل في تنظيم تقدم الجنود. وعند الفراغ من تعلمهم كانوا يدمجون في الفرق المحلية ويمنحون امتيازاتهم، وكانت الأسلحة التي في بيت السلاح توزع عليهم[5].

وكان الاعتناء بالجنود عظيم؛ فها هو أحد الحكماء ينصح الملك أن يضع نصب عينيه سلامة جيشه، فيقول: “وافق على العلاوات التي تمنح لرجال حرسك حتى يجدوا الكفاية من المأكل وأعطهم الأرض ليستغلوها، ويجب أن تكون فيها ماشية”.

يقظة الجندي المصري:

استمد الجيش في مصر القديمة قوته من قوة جنوده الذين وُصفوا بالانتماء الشديد واليقظة العالية، ولذا فقد كانوا سببا في استقرار مصر وهيبتها؛ وهناك نماذج عديدة تدل على ذلك، منها:

1ـ ما رواه لنا “سنوهي[6]” خلال عصر الأسرة الثانية عشر؛ عندما فر من معسكر الجيش موليا الأدبار، إذ يقول: “ثم أسلمت الطريق إلى قدمي متجها نحو الشمال ووصلت إلى «جدار الأمير» الذي أقيم لصد الآسيويين. وقد خبأت نفسي في شجيرات خوفا من أن يراني حارس النهار فوق الجدار، وعند الغروب مررت، ولما طلع فجر النهار كنت قد وصلت إلى «بتن» ووقفت عند جزيرة «قمور»[7]. كما أن سنوهي وعند عودة إلى مصر وجد نفس اليقظة إذ قال: “ثم سرت نحو الجنوب ووقفت عند ممرات حور[8]؛ وأرسل القائد الذي كان مكلفا بالحراسة هناك رسالة إلى مقر الملك تحمل الأخبار، فأرسل جلالته أحد ملاحظي الفلاحين ممن يثق بهم، ومعه سفن محملة بالهدايا من الفيض الملكي للبدو الذين تبعوني وأرشدوني إلى ممرات حور”[9].

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم-1
(الجنود في التدريبات العسكرية – مقابر بني حسن)

2ـ لدينا كذلك لوحة بمقابر أمراء بني حسن بالمنيا[10]؛ تمثل جماعة الساميين الرُحّل وقد أتوا إلى مصر بهدايا؛ خولت لهم اجتياز الحدود، وهذه اللوحة تضع أمامنا صورة واضحة لدقة الحراسة، وحسن النظام؛ فنشاهد فيها أن الذي يتقدم الجماعة هو الموظف الذي نراه دائما في كل مناسبة، وهو كاتب ملفات الملك. وهنا يقدم بيانا عن سبعة وثلاثين آسيويّاً، ثم نرى بعد ذلك رئيس الحامية، وهو الموظف المسؤول ويحمل لقب رئيس الصيادين.

3ـ كما عُثر كذلك على لوحة من عصر الدولة الوسطى، وهي الآن في متحف برلين، لموظف آخر يحمل لقب رئيس الصيادين، وفي الوقت نفسه يلقب بمدير الصحراء الغربية، وفي هذه اللوحة وصف مختصر لنشاطه ويقظته بوصفه رئيساً للمرور والشرطة في هذه الجهات فيقول: “لقد وصلت إلى الواحات الغربية، وفحصت كل أطرافها، وأحضرت الهاربين الذين وجدتهم هناك، ولقد ظل كل جنودي سالمين، ولم تحدث أية خسائر في الأنفس بينهم”.

المطلب الثالث: أسلحة الجيش وتسليحه

كان الجيش في مصر القديمة يتألف من قوات برية وأخرى بحرية؛ أما البرية فكان أهمها “المشاة”، و”راكبو العربات”، في حين تمثلت القوات البحرية في ذلك الأسطول الحربي الذي ظهر في مراحل متقدمة.

والأسلحة التي اعتمد عليها الجيش في مصر القديمة، بدأت بدائية الصنع إلا أنها تطورت فيما بعد تطوراً كبيراً. فالمصري القديم في عصر الدولة الوسطى استخدم إلى حد كبير نفس الأسلحة التي استخدمها أجدادهم خلال عصر الدولة القديمة، وإن أضيف إليها بعض الأنواع الأخرى كالخنجر والسيف الذي اتخذ شكل المنجل.

وكان الجنود بشكل عام يُسلحون بالمقلاع، أو بالقوس والنشاب، أو الحراب، أو السيوف المصنوعة من الخشب، أو العصي، أو الحجارة، أو البلط المصنوعة من المعدن. أما لباس الرأس فكان قبعة محشوة بالقش، ويحمي الجسم درع صغيرة للمشاة الخفاف، وعظيمة العرض لجنود الصف[11].

وجنود المشاة؛ كانوا يسلحون بحربة وخنجر ودرع، ويبلغ طول الحربة قامة الرجل المتوسط الطول أي نحو 170 سنتيمترا، وتنتهي كل حربة بسلاح مدبب على شكل ورقة الصفصاف، وكان الجندي يحمل الحربة مرفوعة إلى نصفها وقت المسير. في حين أن الرماة لم يكن لديهم من آلات الحرب إلا القوس وبضعة سهام لا تتجاوز الأربعة. وقد ذكرت لنا قوائم القرابين المأتمية في الدولة الوسطى أنواعاً عدة من الأقواس بأجهزتها.

أما الأسطول البحري؛ فقد كان مجهزا ببحارة يطلق عليهم اسم (عبر)، وكانت سفينة «دبت» تحت إمرة ضابط تقريبا، وكان لقب «الضابط المدير العظيم» يطلق على «رئيس أسطول». والظاهر أن الأسطول كان مؤلفا من سفن كان يبلغ طولها نحو ٥٠ مترا، وقد جاء ذكرها في حجر باليرمو[12] في عهد الملك سنفرو (توفي سنة 2589ق.م).

كما كان الملوك في مصر القديمة يقومون بعمل فرقة خاصة تقوم على تأمين الملك وأسرته؛ وكان ولي العهد يتدخل ليختار تلك الفرقة. 

ولا شك أن الجيش في مصر القديمة اهتم بجنوده معنوياً ومادياً؛ وقد يكون قد أنشأ ما يمكن أن نسميه سلاح “الشؤون المعنوية”، وهناك العديد من الشواهد على ذلك؛ فالجيش المصري كان يعتمد في عدته وعتاده وطعامه على الإدارة الحربية المختصة بذلك؛ إلا أن قيادة الجيش كانت تحرص على نفسية الجنود فكانت تتأكد بنفسها من وصول الدعم لهم؛ وقد قص علينا «وني» أثناء الحملات التي كان يقودها في نهاية الأسرة السادسة؛ أن تموين الجيش كان على أحسن ما يرام حتى إنه لم يوجد جندي قد أخذ خبزاً أو نعلاً ممن كانوا في طريقه اغتصاباً، ولم يكن من بينهم من أخذ عمداً ملابس من أي بلدة كانت، ولا من اغتصب معزاً من أي شخص كان[13].

كما أنه كان للجيش؛ أناشيد كان يتغنى بها، وكانت كلماتها ترفع من معنويات الجنود، ومنها تلك الأنشودة التي كانوا يتغنون بها وهم عائدون منتصرون في جيش “وني” خلال عصر الملك بيبي الأول في الدولة القديمة، والتي منها، قوله:

عاد هذا الجيش في سلام. وقد مزق ساكني الرمال

عاد هذا الجيش في سلام. وقد دمى حصون الأعداء

عاد هذا الجيش في سلام. وقد أشعل النار في أرض عدوه

عاد هذا الجيش في سلام. وقد قتل عشرات الآلاف من جنود الأعداء

عاد هذا الجيش في سلام. وقد أسر آلاف الجنود[14]

المطلب الرابع: الجنود المرتزقة بالجيش المصري

بالرغم من أن الجنود المصريين كانت تؤلَّف منهم وحدات تحت إمرة قائد يسمى “مدير رؤساء المجندين”؛ وهو لقب لا يطلق إلا على قائد الجيش النظامي؛ إلا أنه ومنذ عهد الملك “بيبي الثاني” بالأسرة السادسة، كان الجيش يشمل جنودا غير مصريين؛ وهم العساكر المرتزقة، من النوبيين والليبيين.

وقد حصل الجنود المرتزقة على مناصب عليا بالدولة؛ وكان رؤساء المرتزقة أكبر سند لسلطة الملك، ولذا فقد نصّب بعضَهم أمراء نائبين عنه في «نخن»، بل وأصبح البعض منهم حكام أقاليم وأسياداً لإقليم الفنتين على الحدود مع بلاد النوبة.

بل ووصل الحال في بعض الأوقات أن إدارة الجيش الملكي أصبحت في أيدي رؤساء المرتزقة، والأغرب أن إماراتهم للأقاليم أصبحت وراثية مما قلص من سلطان الملك، واستطاعوا بذلك أن ينتزعوا من الملك سلطانه الفعلي عليهم؛ فتلاشى نفوذه عليهم.

وازداد تواجد الجنود المرتزقة بالجيش خلال عصر الدولة الحديثة، وخاصة في فترة حكم الأسرة التاسعة عشر؛ وكان ذلك لعدة أسباب من أهمها:

  • زيادة ثروة الضباط المصريين نتيجة الفتوحات والمكافآت التي حصلوا عليها.
  • اهتمام القادة بأرضهم وإقطاعاتهم والتفرغ للحياة المدنية. 
  • انصراف المصريين في آخر الدولة الحديثة عن النواحي العسكرية بعد استقرار الإمبراطورية.
  • انشغال القادة بالتدخل في أمور الحكم والطمع في العرش مما أفقد الجيش مكانته وسمعته
  • الزيادة المهولة في أعداد الأسرى نتيجة الفتوحات منذ الأسرة الثامنة عشرة، فبدأ تجنيدهم في الجيش.
  • توافر المال؛ مما أدى إلى استئجار جند أجانب بأعداد كبيرة. 

وفي عهد رمسيس الثاني (1304-1214ق.م) لجأ إلى الاستعانة إلى جانب الليبيين والنوبيين بمجموعة أطلق عليهم ” شعوب البحر”؛ وبلغ عددهم 3100، وقد صورت فرق هؤلاء الأجانب المحاربين على جدران معبد هابو بالأقصر. كما أنه وبعد عهد رمسيس الثالث؛ جاء ملوك ضعاف تطاحنوا على العرش، وتعرضت البلاد لأزمة اقتصادية طاحنة، فلم يستطيعوا دفع رواتب المرتزقة فأعطوا لهم المزيد من الأراضي الزراعية بديلا عن الأجور؛ وبدأت هذه القوات الأجنبية بعد فترة تجد نفسها بلا حرب تشغلها وبلا أجر فبدأت في نهب مصر نفسها[15].

وفى عصر الأسرة السادسة والعشرين، عمل مؤسسها بسماتيك الأول (حكم: 663 -609 ق.م) على تشجيع الأجانب خاصة اليونانيين للانضمام للجيش، وأقام لهم حاميات على الحدود ليكونوا بعيدا عن التعامل المباشر مع المصريين. وفى عهد الملك أبريس (توفي: 567 ق. م)، قام بتقريب الإغريق والكاريين منه بل وفضلهم على المصريين، وعلى إثر ذلك بدأ الصراع المباشر بين الأجانب والمصريين. وخلال عهد أحمس الثاني (570 -526 ق.م)؛ قام باستدعاء اليونانيين من حاميات الحدود واستبدلهم بالمصريين، وسمح لهم بالسكن في أحد أحياء منف العاصمة القديمة للبلاد حتى يصبحوا قلة في مجموع سكانها ويظلوا تحت رقابة البلاط الملكي[16].

ولكن وبالرغم من ذلك؛ فقد ظل الجيش المصري محافظا على قوامه طيلة التاريخ القديم وتعد كبوة الاستعانة بالأجانب في الجيش طامة أدت إلى وقوع مصر-نتيجة خيانة القادة الأجانب- تحت طائلة الاستعمار المتتالي[17].

المبحث الثاني: دور الجيش خلال الحرب والسلم

لم يتوقف دور الجيش في مصر القديمة عند الدفاع عن حدود الوطن، وتأمينه؛ بل كان يقوم بأعمال أخرى في فترة السلم؛ تمثلت في العديد من الأنشطة والأعمال التي تساعد في حماية وأمن البلاد وتحسين معيشة المواطنين، وسنتعرف على كلا المهمتين اللتين قام بهما الجيش في مصر القديمة، كالتالي:

المطلب الأول: الأعمال العسكرية التي قام بها الجيش

قام الجيش في مصر القديمة بالعديد من الأعمال العسكرية؛ التي كانت إما دفاعاً عن أرض مصر وحدودها أو تحصينها، أو من أجل السيطرة على أراض خارجية امتداداً للإمبراطورية المصرية التي اتسعت رقعتها حينا من الزمن شرقاً وغرباً وجنوباً. وخاصة في عصر الدولة الحديثة؛ حينما تغيرت العقيدة القتالية من الدفاع إلى الهجوم، وذلك لإنشاء عمق استراتيجي لمصر، والعمل على تامين حدودها، من خلال مهاجمة أي دولة كانت تطمح في احتلال مصر. ومن أهم تلك الأعمال العسكرية:

1- الملك زوسر وإنشاء جيش قوي:

عندما أسس الملك زوسر (2686-2600ق.م) الأسرة الثالثة، وحكم البلاد، ووطد السلطة الإدارية في يده، كان لا بد له من جيش قائم في البلاد ليمكنه من القبض على ناصية الحال في داخل البلاد وخارجها، وقد عُثر على نقوش من عصره تثبت وجود مصلحة خاصة لإدارة شؤون الجيش. وكان أهم ما عني زوسر هو حماية البلاد من الغارات الأجنبية، التي كانت تجتاح البلاد من أطرافها، وبخاصة من قبل البدو، ولذلك قسم حدود البلاد إلى مناطق أطلق عليها اسم (أبواب المملكة) وجعل في كل منها حامية[18].

2- الملك سنفرو ومحاربة الزنوج:

وفي عهد الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة، تدلنا الآثار على أنه بعد عودته من حملة عظيمة ضد الزنوج أتم نظام حماية بلاده من غارات الأجانب ببناء قلاع في الوجه القبلي والدلتا وأطلق على كل منها اسم «حصن سنفرو» 

3- بيبي الأول ومحاربة البدو:

وبيبي الأول (حكم: 2402ـ 2377ق.م.) هو ملك من ملوك الأسرة السادسة عاشت مصر في عهدة فترة ازدهار واستقرار. وقد حدث أن قام البدو القاطنون على حدود مصر الشرقية بإحدى غاراتهم على الدلتا، وكانوا أكثر من أن تستطيع فرق المقاطعات الواقعة على الحدود مواجهتهم، ولكن الملك بيبي الأول قرر استدعاء جميع الفرق العسكرية لتعمل تحت إمرة أحد كبار رجال عهده هو “وني”؛ وقد روي لنا هذا القائد أخبار تلك الحملة من خلال سيرته الذاتية على جدران مقبرته بأبيدوس مركز البلينا ــ محافظة سوهاج[19].

4- ملوك أهناسيا ومعاركهم لحماية حدود مصر: 

في أواخر عهد الأسرة السادسة؛ انهار الجيش وتفككت أقاليم مصر، وكادت أن تُقيم كل منها دولة مستقلة، هذا فضلا عن الاعتداءات الخارجية التي تعرضت لها مصر في ذلك الوقت بسبب ضعف الجيش؛ وخاصة أن هناك فرقا من الجنود المرتزقة قد انسلخوا عنه. وفي تلك الفترة ظهر ملوك (أهناسيا)[20] الذين أقاموا الأسرتين التاسعة والعاشرة بمصر الوسطى؛ فأنقذوا البلاد وحفظوها، وكان أول عمل قاموا به، أنهم طردوا الغزاة، وقاموا بتحصين الحدود، وبخاصة في الدلتا واتخذوا تدابير فعالة في الشمال الشرقي، بتأسيس مدن صغيرة محصنة.

5- أمنمحات الأول، وتقوية الحصون العسكرية:

وأمنمحات الأول (حكم: 1991 -1962ق.م) وهو أول ملوك الأسرة الثانية عشر، عمل على بناء وتقوية الحصون داخل مصر؛ وتدلنا الآثار على أنه بنى حصنا أطلق عليه «جدار الملك» في وادي طميلات[21]. كما دلت النقوش على أن الجنود الذين كانوا يحرسون هناك كانوا في كامل يقظتهم وانتباههم حذرا من أي عدوان.

ومما يدل على مقدار الهمة التي بذلها ملوك الأسرة الثانية عشرة، ووسائلهم الناجعة في تحصين مصر، ما قاموا به من تحصين حدودهم الجديدة في الجنوب، إلى ما بعد الشلال الثاني بإقامة القلاع في كل بلاد النوبة، بما فيها بيجه والفنتين.

6- معركة سنوسرت الثالث بالنوبة:

وسنوسرت الثالث (حكم:1878 – 1839ق.م) لم يكن أهم ملوك مصر خلال عصر الدولة الوسطى وفقط، بل يُعتبر بحق من أهم ملوك مصر القديمة الذي استطاع أن يتمدد بحدود مصر جنوبا وشرقا، وكانت من أهم معاركه؛ تلك المعركة التي توجّه فيها بنفسه على رأس جيش، ناحية الجنوب، وقد سجل ذكراها وخلدها على لوحة عند قلعة “سمنة”[22] ببلاد النوبة، وحذر فيها من التفريط في أي شبر من أرض الوطن أو الأرض التي تم فتحها، وكان من ضمن ما قال: “إنه برئ من أن يأتي من بعده أي ابن لا يحافظ على حدود مصر عند الشلال الثاني”. وذُكر باللوحة أيضا ما يدل على قوة الجيش، فقد جاء على لسان الملك: “لقد سبيت نساءهم، وأسرت رجالهم، وحرقت حقولهم، وصرعت ماشيتهم”[23].

7- أحمس طارد الهكسوس:

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم-2
(العربات الحربية – ظهرت منذ اختلال الهكسوس لمصر)

والملك أحمس (1560 -1525 ق.م) هو مؤسس الأسرة الثامنة عشر، وطارد الهكسوس[24]، بعد أن استقروا في مصر لأكثر من 100 عام، حيث استطاع المصريون تحت إمرته القضاء عليهم وإجلاءهم عن مصر. كما استفاد المصريون أيضا خلال معاركهم مع الهكسوس من طريقة تسليحهم وخاصة أنهم كانوا متميزين في ذلك؛ فعرفوا الدروع التي لم تكن معروفة من قبل وهي لحماية الجسم والرأس، كما أدخلوا القلنسوة فوق الجمجمة والخوذات المعدنية فوق الرأس، وأدخلوا أيضا القوس المرّكب الذي كان مداه أبعد من القوس المصري، وأدخلوا الحصان والعربة الحربية[25].

8- الملك سيتي الأول والسيطرة على بلاد كنعان:

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم-3
(منظر بجدران معبد الكرنك يوضح بطولات الجيش المصري في عصر الدولة الحديثة)

والملك سيتي الأول (1294 -1279ق.م) قائد عسكري باسل وملك محارب نشأ منذ طفولته في رحاب العسكرية المصرية، وأصبح قائدا في شبابه على قلعة ثارو[26] بوابة مصر الحدودية في الشرق. وقد تمثلت عبقرتيه الحربية التي في تحقيق السيطرة أولاً على بلاد كنعان[27] ثم الاتجاه للسيطرة على المدن الساحلية الفينيقية، وفي فرض هيبة مصر في كل من كنعان “فلسطين” وسوريا الجنوبية، وأن يسيطر على إقليم “أمورو” الموالي للحيثيين، وأن يعيد إلى الأذهان مجد مصر الحربي[28].

9- رمسيس الثالث قاهر شعوب البحر:

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم-4
(جندي مصري يهزم الحيثيين)

والملك رمسيس الثالث (1183 -1152 ق.م) عُرف بقاهر شعوب البحر في العام الثامن من عهده، بعد أن خاض معارك عديدة هدفت نحو إحكام سيطرة مصر على تلك المناطق التي سادتها الفوضى والاضطراب بعد غزوات شعوب البحر المدمرة والكاسحة في المنطقة، والتي أدت إلى سقوط الكثير من الممالك والإمبراطوريات الكبرى كالإمبراطورية الحيثية في آسيا الصغرى. كما خاض معارك ضد الليبيين في العامين الخامس والحادي عشر من عهده، واستطاع بفضل انتصاراته حماية مصر من خطر الغزو الليبي الذي كان يهدد مصر بضراوة، هذا فضلا عن المعارك الطاحنة التي خاضها للسيطرة على سوريا، والتي سجلها معبد مدينة هابو. [29]

10- الملك شيشنق الأول ودخول القدس:

والملك شيشنق الأول[30] (950 ـ 929 ق.م) هو مؤسس الأسرة الثانية والعشرين، والذي استولى على المدن واحدة بعد الأخرى، ويحرز انتصارا مؤزرا بدخول القدس، وعاد شيشنق الأول إلى مصر وقد أعاد لها بعضاً من مجدها في آسيا حيث أخذت الولايات تتسابق في تقديم الولاء والطاعة للملك المصري وسُجلت أخبار هذا الانتصار على الجدران.

المطلب الثاني: أخلاق الجيش في مصر القديمة

والجيش في مصر القديمة؛ كان ذا خلق راقِ قلما كانت تصل إليه الجيوش قديما؛ فمعظم الجيوش قديماً وحديثاً؛ لم تهتم كثيراً بالأخلاق؛ وخاصة تلك التي تظهر عند الانتصار والتعامل مع الأسرى والمدنيين. أما الجيش في مصر القديمة؛ فإنه، كما كان يقاتل بضراوة دفاعا عن الأرض والوطن، فقد كان في نفس الوقت يتعامل بكل تحضر فيما يخص المدنيين والمنشآت المدنية، والتعامل مع الأسرى؛ وهناك دلائل عديدة على ذلك، منها:

أنه وخلال الأسرة السادسة أرسل الملك “بيبي الأول” حملة عسكرية إلى فلسطين بقيادة “وني” الذي قام بتسجيل حملته تلك على مقبرته بأبيدوس في سوهاج، وكان من ضمن ما نقش على جدرانها، قوله: “حارب جلالته (أي الملك) سكان الرمال الآسيويين، وقد حشد جيشا مؤلفا من عشرات الآلاف من الجنود”. ويذكر تعامله مع المقاتلين أثناء المعركة، فيقول: “قُتل عشرات الآلاف من الجند، وعاد الجيش بالكثير من الأسري”. ثم يذكر السلوك المتحضر لأفراد لجيش المصري مع المدنيين هناك، فيقول: “لم يشاجر أحد منهم غيره، ولم ينهب أحد منهم عجينة الخبز من متجول، ولم يأخذ أحد منهم خبز أية مدينة، ولم يستولِ أحد منهم من أي شخص على عنزة واحدة”. تخيل معي إلى هذا الحد وصل تعامل الجيش المصري المنتصر مع أعدائه المنهزمين [31]  

الجيش في مصر القديمة ودوره خلال الحرب والسلم-5
(من مناظر التعامل مع الأسرى – وهو منظر مكرر بعدد من المعابد)

كما أنه وخلال عصر الملك تحتمس الثالث بالدولة الحديثة، وهو الملك صاحب النصيب الأكبر في الفتوحات الخارجية، وهو الذي وصل بالإمبراطورية المصرية إلى حدود لم تصلها قبله ولا بعده، وبالرغم من ذلك لم يغتر بانتصاراته ولم يُذكر عنه أنه قد آذى أحدا دون ذنب، بل إنه نقل عن تلك البلاد ما يمكن أن تستفيد به مصر من علوم ومعارف، حتى أنه أحضر مجموعة من النباتات والأزهار لتُغرَس في مصر، وقد غُرِست بالفعل في طيبة (الأقصر حالياً) وأزهرت إزهارا يانعا، وقد سُجل على جدران معبد الكرنك غرائب الموجودات التي رأوها في بلاد سوريا وجيرانها؛ من طيور وحيوانات ونباتات وخضروات وفواكه لم تكن معروفة بمصر، حتى أن هذه القاعة المنقوش عليها تلك العجائب تسمى الآن قاعة النباتات قاعة. ويقول نص موجود بتلك القاعة: “إن كل النباتات التي كانت تنمو، وكل الأزهار التي كشفها جلالته هناك، قد أحضرها عندما ذهب ليُخضِع كل الممالك على حسب أوامر والده آمون، وهو الذي ألقاهم تحت موطئ نعلَيْه”[32]

هذا فضلاً عن أنه استقدم عدداً من أبناء الحكام الأجانب ليتعلموا في القصر الملكي ويشبوا وسط المصريين ثم يعودوا إلى بلادهم حكاماً وبذلك يضمن ولاءهم لمصر.   

أما تعامله مع الأسرى، فقد كان حسناً، جاء امتداداً للطبيعة السمحة للإنسان المصري. وبالرغم من أننا نجد على جدران المعابد بعض الأسرى وهم مقيدون، إلا أن هذا كان بقصد التعبير عن كونهم أسرى. كما أنه وخلال فترة حكم الأسرات جميعها؛ لم تُسجل على جدران المعابد المصرية إلا حادثتين فقط أسيء فيهما إلى الأسرى، وهما الحادثتان اللتان وقعتا في عهد كل من الملك تحتمس الأول (حكم: 1526 -1513ق.م) وأمنحتب الثاني (حكم: 1427 -1401ق.م). وإنّ ذكر هاتين الحادثتين ليدل على أن المصري القديم كان أمينا في تسجيل ما يجري في حياته المدنية والعسكرية، كما أنه يدل على أنه كان رافضاً لتلك المعاملة ولذا فقد ذكرهما لكونهما ضد التقاليد العسكرية المصرية واستثناءً[33]

المطلب الثالث: معاهدات السلام التي أبرمها الجيش المصري

كما كانت هناك حروب ومعارك من أجل الدفاع عن الوطن، كانت هناك أيضاً معاهدات سلام واتفاقات بين مصر وجيرانها، بل كانت أيضا الزيجات السياسية التي كان لها دور كبير في توثيق الروابط بين تلك الدول. ومن معاهدات السلام التي أبرمها الجيش في مصر القديمة، ما يأتي:

  • في عهد تحتمس الثالث: توسع الجيش المصري في فتوحاته في عهد تحتمس الثالث (1481 -1425ق.م) وهو سادس ملوك الأسرة الثامنة عشر، حيث حاول أن يؤمن الفتوحات. وكان من وسائل هذا التأمين أيضاً؛ إبرام اتفاقات سلام مع بعض الدول، منها ما حدث بعد حملته الثامنة إلى أعالي الفرات في العام الثالث والثلاثين من حكمه، والتي سجل على جدران معبد آمون بالقرب من الشلال الرابع، انتصاراته فيها على دولة “متياني”[34]، مما دعا جيرانهم من الآشوريين والبابليين والخيتيين للسعي نحو إقامة اتفاقات سلام مع الملك المنتصر، هو ما حدث بالفعل[35].
  • تحتمس الرابع: هناك نصوص تدل على أن معاهدة سلام تمت بين ثامن ملوك الأسرة الثامنة عشر الملك تحتمس الرابع (حكم: 1401 -1391 ق.م) والملك الميتاني، واتفقا فيها على الوقوف صفا واحدا تجاه دولة خاتي، وقد تم تدعيم هذه الاتفاقية بزواج تحتمس الرابع من ابنة “أرتاتاما الأول” ملك ميتان عام 1430 ق.م [36]
  • أمنحتب الثالث: وأمنحتب الثالث (حكم: 1391 -1353ق.م.) هو تاسع فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ومن أعظم حكام مصر على مر التاريخ؛ لُقب الملك بــ “قاهر الأسيويين” وذلك بالرغم من أنه لم يحارب، ولكن كانت السياسة المصرية الخارجية في عهده مزدهرة وكان دعامها الزيجات السياسية، فقد تزوج أميرات من كل من بابل[37] وميتاني، لدرجة أن الملك الميتاني “توشراتا” أرسل إليه بعض الغنائم. كما أن الملك البابلي “كدشمان إنليل” لم يتردد في مراسلته طلبا لوده وسعيا للتحالف معه[38].
  • معاهدة قادش للسلام: ومعاهدة “قادش”[39] هي أقدم اتفاقية سلام عرفها التاريخ، وقد أبرمت بين مصر والحيثيين[40]، وتضمنت بنودا قانونية وعسكرية ودبلوماسية نظمت العلاقات بينهما. وقد وقّعها كل من الملك رمسيس الثاني، وملك الحيثيين “مواتللي الثاني” في عام 1258 ق.م، وذلك بعد معركة طاحنة جرت في مدينة قادش وتكبد فيها الطرفان خسائر فادحة.

وبينما يرى بعض المؤرخين أن المعركة انتهت بانتصار الجيش المصري، الذي حارب فيه الملك رمسيس الثاني بنفسه ليرفع من معنويات جنوده، يقول آخرون أن رمسيس خسرها.

وأكدت بنود المعاهدة على؛ أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين، والسعي إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضي الدولتين، والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية، واللجوء إلى لعنة المعبودات كضمانة لهذه المعاهدة ومعاقبة للناكث بها.

وقد نُقشت المعاهدة على لوح من الفضة باللغة الحيثية، إلى جانب أنها سجلت باللغة الهيروغليفية على جدران معبدي الكرنك والرامسيوم بالأقصر. ويوجد نسخة طبق الأصل من معاهدة قادش في مقر الأمم المتحدة باعتبارها أول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ، كما يوجد نسخة منها معروضة في متحف الآثار بمدينة إسطنبول[41].

المطلب الرابع: دور الجيش داخل حدود الوطن

كان المصري منذ القدم –ولا يزال– يميل نحو الهدوء والسلام، فقد استقر منذ القدم على ضفاف النيل، وانشغل بالزراعة، فشعر بالأمان وكره الحروب، حتى أنه لم يُقبل نحوها إلا مكرهاً، فقد كان مدافعاً عن وطنه أكثر من كونه مهاجماً. ولم يكن ذلك ضعفاً منه ولا هواناً، فقد كان المصري القديم قوياً في سلمه، قوياً في حربه، والنصوص المصرية القديمة تدل على ذلك[42].

وتدل النقوش على أن الجيش كان منفصلاً تماماً عن السلطة المدنية، وقد كان قائد الجيش في معظم عصر الأسرات عضواً في مجلس العشرة العظيم[43]، لكن لا شك في أنه كان ضمن أعضاء هذا المجلس من الوجهة الحربية فقط، إذ لا نجد أنه كان يقوم بأداء أي عمل إداري أو قضائي مثل الأعضاء الآخرين لهذا المجلس، والواقع أن وجوده بين أعضاء مجلس العشرة العظيم كان بمثابة رابطة بين الجيش والإدارة.

وفي عهد الأسرة الخامسة؛ تم فصل الإدارة المدنية عن الإدارة الحربية فصلا تامّا، وذلك بعد الإصلاح الذي حدث حينها؛ والذي بمقتضاه قُسمت الإدارة والجيش إلى قسمين واضحين: لمصر العليا ومصر السفلى. ومن أجل ذلك لم نعد نرى أن قادة الجيش كانوا يجلسون ضمن أعضاء مجلس العشرة العظيم. ولكن في مقابل ذلك أصبح قائد الجيش يوازي الوزير الذي يتولى الإدارة المدنية، فأصبح يلقب «مدير كل أوامر الملك». أي أنه كان هو الممثل للفرعون على رأس الجيش كما كان الوزير المدني هو الممثل للملك على رأس الحكومة[44].

وبالرغم من ذلك فقد شارك الجيش بمصر القديمة؛ في بعض الأعمال المدنية خلال فترة السلم؛ كالمساعدة في عمليات استصلاح الأراضي وشق الترع وإقامة السدود، بل وشارك في إقامة القرى والمدن فضلاً عن دوره في إنشاء المعابد والمقابر وغير ذلك في المنشآت الدينية والمدنية. بل وتشير النصوص أيضاً إلى دوره في تعليم التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة، ودوره الكبير في الزراعة والصناعات الحرفية. هذا غير مشاركته الواضحة في التجارة سواء كانت داخل البلاد أو خارجها.

كما كان للجيش في مصر القديمة دور في استتباب الأمن الداخلي، جنباً إلى جنب مع الشرطة المصرية، فكانوا يؤّمنون بعثات المحاجر بسيناء والصحراء الشرقية والصحراء الغربية، هذا فضلا عن مشاركتهم في تأمين الاحتفالات والأعياد، وحماية مرافق الدولة والمنشآت الدينية والدنيوية، وتأمين الملاحة النهرية[45].   

كما قام الجيش أيضاً في مصر القديمة عند عدم وجود حروب؛ على تأمين العلاقات والحملات التجارية بين مصر وجيرانها، وهناك أمثلة على ذلك، منها:

  • الحملات التجارية البرية والبحرية التي قام بها ملوك مصر القديمة إلى البلاد المجاورة، والتي كانت ترافقها قوات عسكرية من الجيش، ومنها ما قام به الملك “سنفرو” أول ملوك الأسرة الرابعة (2613-2589 ق.م) الذي أرسل أسطولا بحريا عبارة عن أربعين سفينة إلى فينيقيا (لبنان حاليا) لجلب خشب الأرز لاستخدمه في أبواب قصر الملك وغيرها، وكانت حماية وتأمين الحملة من مهام فرقة عسكرية من الجيش[46].
  • وخلال فترة الملك ساحورع (حكم: 2487 -2475 ق.م) بالأسرة الخامسة أرسل حملة إلى بلاد بونت لجلب البخور الذي كان يستخدم في المعابد بكثرة، وقامت قوة عسكرية بتأمين الحملة حتى رجعت إلى مصر.
  • كما أنه وخلال عهد الأسرة السادسة خرج حاكم أسوان واتجه جنوباً نحو وادي حلفا من أجل توثيق الروابط مع جيرانه في الجنوب وكان ذلك برفقة جنود من الجيش.
  • هذا فضلاً عن أن الجيش كان مكلفا بحراسة البعوث التي كانت ترسل إلى مناجم سيناء ووادي الحمامات، وكانت الكتائب البرية والسفن الحربية ترافق حملات التعدين التي يرسلها الملوك إلى شبه جزيرة سيناء.

ورغم ذلك أيضا وجدت حملات تعدين لم يرافقها جنود حربيون، مثل تلك البعثات التي أرسلت إلى محاجر وادي الحمامات[47] حيث كان يقودها إما مدير الأشغال الملكية عامة، أو رئيس مصلحة الأشغال العمومية. [48]

خاتمة:

وهكذا يتضح لنا؛ أن المصريين القدماء استطاعوا تكوين جيش مبكراً؛ وإن لم يكن نظامياً منذ نشأته؛ ولذا فإنهم يُعتبروا من أوائل الدول التي أقامت جيشاً؛ وعرفت تشكيلاته وإدارته. ونحن هنا في ختامنا لهذه الورقة؛ نستطيع أن نضع بين أيديكم بعض النتائج التي أكدت عليها، وهي:

  • المصريون القدماء وبسبب نشأتهم على ضفاف النيل كانوا يميلون نحو الهدوء والاستقرار، ولذا فهم لم يتجهوا نحو الحروب حباً فيها، وإنما أُجبروا عليها مكرهين بسبب الغزاة والمحتلين، وبالرغم من ذلك؛ فقد أثبتوا في معظم الحروب التي خاضوها شجاعة لا تُضاهى.
  • عرف المصريون القدماء الجيش النظامي مبكراً، ووضعوا له إدارة واضحة المعالم، حيث كان الملك هو القائد العام، في حين كان هناك مسؤول مباشر عن الجيش برتبة وزير.
  • كانت هناك إدارة للقوات العسكرية، تسمى “بيت السلاح” تتولى بأعضائها إدارة جميع شؤون العسكريين، في السلم والحرب، أثناء التدريبات وخلال المعارك. كما كان من أدوارها العمل على تسليح الجيش وإقامة المنشآت العسكرية.
  • تشكّل الجيش المصري خلال عصر الأسرات من سلاحين أساسيين؛ هما، السلاح البري متمثلا في الجنود المشاة وراكبي العربات، والسلاح البحري المتمثل في الأسطول وإن كان قد ظهر متأخرا.
  • كان التجنيد في مصر القديمة إجباريا، ولم يُستثنَ منه أحد؛ حتى رجال الدين بالمعابد تم تجنيدهم، بل إن أبناء الملوك أيضا طُبق عليهم نظام التجنيد.
  • تخلق الجيش في مصر القديمة، بالأخلاق المتحضرة، فكان تعامله وهو منتصر تعاملاً راقياً، وخاصة عند تعامله مع الأسرى من الأعداء، والأشخاص المدنيين العزل من السلاح.
  • كما أنه وطبقاً لما وصلنا عن دور الجيش في مصر القديمة، يدل على أنه وبلا شك؛ كان يؤدي دوراً مزدوجاً، ففضلا عن دوره الرئيس المتمثل في الدفاع عن حدود الوطن ضد الغزاة، فقد كان يؤدي دوراً آخر داخل حدود الوطن وخاصة في فترات السلم، كمساعدته للشرطة في تأمين منشآت الدولة، والعمل على تأمين حملات التعدين والبعثات التجارية.
  • بالرغم من أن الجيش في مصر القديمة؛ اعتمد على الجنود المصريين، إلا أن هناك فترات اعتمد فيها بعض الحكام على جنود مرتزقة، وفي بعض الأوقات تمكّن هؤلاء المرتزقة من التحكم في قيادة الجيش مما كان له تأثير سلبي على الدولة بأكملها.
  • وكما كان في مصر القديمة حروب ومعارك، فقد كانت هناك معاهدات سلام واتفاقات بين مصر وجيرانها، بل ومنها معاهدات لا تزال مرجعا حتى الآن، وهي معاهدة قادش والتي لا تزال الأمم المتحدة تحتفظ بنسخة منها على اعتبار أنها أقدم معاهدة في التاريخ.   
  • وأخير؛ نستطيع أن نقول؛ إن بعض القادة العسكريين استطاعوا الوصول إلى حكم البلاد؛ سواء كان ذلك بطريقة طبيعية، أو من خلال استغلال سلطتهم العسكرية في الانقلاب على الملك، وكثيرا ما نجحت محاولاتهم تلك بسبب اعتمادهم على قوة الجيش الذي كان يتبعهم.

الهامش

[1] – سليم حسن، موسوعة مصر القديمة، ج2، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2012، ص ص 347-380

[2] – عبد الحليم نور الدين، السلم والحرب في مصر القديمة، الموسم الثقافي الأثري الثاني بمكتبة الإسكندرية، الإسكندرية 2008

[3] – محمد إسماعيل إبراهيم أبو العطا، الأسلحة في عصر الدولة الحديثة، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، 2000

[4] – عبد الحليم نور الدين، مرجع سابق.

[5] – عبد الرحمن زكي، الجيش في مصر القديمة، القاهرة 1968

[6] – وسنوهي شخصية حقيقية، فهو أحد رجال القصر؛ وعاش في عهد الملكين أمنمحات الأول وسنوسرت الأول خلال الأسرة الثانية عشر، وقصته هذه محفوظة في برديتين بمتحف برلين بألمانيا.

[7] – وقمور؛ اسم للبحيرات التي عند برزخ السويس.

[8] – على حدود مصر، على الفرع البلوزي للنيل، ومنها كانت الجيوش المصرية تتحرك للغزو.

[9] – عبد الحليم نور الدين، مرجع سابق.

[10] –  ترجع مقابر بني حسن إلى عصر الدولة الوسطي (الأسرتين الحادية عشر والثانية عشر) وتوجد بالمنطقة مقبرتان ترجعان إلى عصر الدولة القديمة وقد كانت بني حسن مدافن لأمراء وحكام مقاطعة الوعل وهي المقاطعة رقم 16 من مقاطعات مصر العليا وتقع عاصمتها في زاوية الأموات وكانت تسمى (حبنو)، أما الاسم العربي (بني حسن) قد أطلق على المنطقة بسبب أقامه قبيلة عربية تسمى نفسها قبيلة أولاد حسن.

[11] – محمد إسماعيل إبراهيم أبو العطا، مرجع سابق.

[12] – حجر باليرمو هو الجزء الأكبر من سبعة أجزاء متبقية من لوحة تذكارية كبيرة تعرف باسم “الحوليات الملكية للدولة القديمة”، والتي تحتوي على قائمة ملوك مصر من عصر الأسرة الأولى إلى بداية عصر الأسرة الخامسة، وتسجل أحداثًا هامة في كل سنة من سنين حكمهم. يعتقد أن اللوحة نحتت خلال عصر الأسرة الخامسة (حوالي 2392-2283 ق.م)، والحجر محفوظ في المتحف الأثري الإقليمي في باليرمو، وبقية اللوحة موجودة في متاحف القاهرة ولندن. نحتت اللوحة على لوحة حجر من البازلت الأسود.

[13] – عبد الحليم نور الدين، مرجع سابق.

[14] – سليم حسن، مرجع سابق

[15] – محمد إسماعيل إبراهيم أبو العطا، مرجع سابق.

[16] – محمد رأفت عباس، الجيش في مصر القديمة -عصر الدولة الحديثة 1550 – 1069 ق.م، الطبعة الأولى، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة 2016

[17] – عبد الرحمن زكي، مرجع سابق.

[18] – سليم حسن، مرجع سابق.

[19] – عبد الحليم نور الدين، مرجع سابق.

[20] – ظهرت أسرة قوية في منطقة أهناسيا عند مدخل منخفض الفيوم في محافظة بني سويف استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا. غير ان ” أسرة أهناسيا ” لم تنجح في اعادة الوحدة إلى البلاد، وإذ نافستهم أسرة قوية ظهرت في طيبه (الأقصر حاليا) واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة في أهناسيا، وإقامة أسرة جديدة هي الأسرة الحادية عشرة، التي بها يبدأ عصر الدولة الوسطى.

[21] – كان وادي الطميلات المدخل الطبيعي لمصر، وبوابتها الشرقية التي شهدت دخول الهكسوس والفرس، وهو الوادي الزراعي الممتد من شرق الزقازيق إلى غرب سيناء

[22] – وسمنة؛ منطقة تقع جنوب الشلال الثاني، وقد أقيم بها قلعتان هما القلعة الكبيرة بسمنة غرب وهي تقع على جرف صخري يطل على النيل، أما قلعة سمنة شرق فهي تقع على الضفة المقابلة على النيل، وقد أقام كل تحتمس الثالث وحتشبسوت معبد بسمنة وكرساه للمعبود لخنوم

[23] – محمد رأفت عباس، مرجع سابق.

[24] – والهكسوس؛ شعوب بدوية من أصول عمورية دخلت مصر من سيناء في فترة ضعف خلال نهاية حكم الدولة الوسطى تقريبا في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر. لم يتفق خبراء التاريخ على أصلهم. ولكن الراجح أنهم أصحاب أصول آسيوية متعددة. استمر احتلال الهكسوس لمصر حوالي مائة عام، ولم تكن إقامتهم فيها هادئة؛ بل قوبلت بكثير من الثورات والمقاومة من الشعب المصري. طُرد الهكسوس بدأ بحرب شرسة شنها عليهم المصريون وانتهت بطردهم نهائياً على يد الملك أحمس الأول في عصر الأسرة الحديثة، ولم تقم لهم في تاريخ البشرية قائمة بعد ذلك.

[25] – محمد إسماعيل إبراهيم أبو العطا، مرجع سابق.

[26] – تشكل قلعة “ثارو” أكبر منظومة دفاعية مركزية في مصر القديمة، وهي تقع في منطقة آثار “حبوه” شرق قناة السويس.

[27] – كنعان هي منطقة تاريخية سامية اللغة في الشرق الأدنى القديم تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسورية.

[28] – محمد رأفت عباس، مرجع سابق.

[29] – سليم حسن، مرجع سابق.

[30] – شيشنق الأول؛ هو ملك مصري من أصول ليبية. يرجع نسبه إلى قبائل المشواش الليبية، مؤسس الأسرة الثانية والعشرين وهو ابن نمروت. استطاع أن يتولى الحكم في بعض مناطق مصر حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية وهكذا وبسهولة تامة استطاع شيشنق أن يستولى على الحكم في مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأســرة الواحدة والعشرين وبالتالي أسس الأسرة مصرية الثانية والعشرين ـ الليبيةـ في عام 950 ق.م. وحكمت مصر قرابة قرنين من الزمان.

[31] – علاء الدين عبد المحسن شاهين، رؤية مصر لجيرانها في الشرق الأدنى القديم من واقع النصوص المصرية القديمة، مجلة المؤرخ العربي، العدد الثامن، المجلد الأول، مارس 2000 ـ ص 15-39  

[32] – محمد رأفت عباس، مرجع سابق.

[33] – سليم حسن، مرجع سابق.

[34] – “ميتاني”؛ هي مملكة صغيرة ظهرت واندثرت بسرعة ودامت على أكثر تقدير لمدة 200 عام فقط حيث ظهرت مملكة ميتاني في منطقة الأناضول (تركيا حالياً) في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وبقيت مُنحصرة بين الآشوريين والحيثيين. وكان لميتاني علاقات طيّبة مع الإمبراطورية المصرية.

[35] – علاء الدين عبد المحسن شاهين، مرجع سابق.

[36] – سليم حسن، مرجع سابق.

[37] – مدينة تاريخيّة عريقة تعود إلى حضارة ما بين النهرين، وهي عاصمة الإمبراطورية البابلية، حيث توجد آثارها في دولة العراق الحديثة بين نهرَي دجلة والفرات، وتقع بابل على بُعد 94 كم إلى الجنوب الغربيّ من مدينة بغداد

[38] – عبد الرحمن زكي، مرجع سابق.

[39] – وقادش أو “تل النبي مندو” هي مدينة أثرية سورية قديمة، تقع على نهر العاصي إلى الجنوب الغربي من حمص بحوالي 24 كيلو مترا، وهي عاصمة مملكة “كنزا”. وتقع المدينة أيضا على بعد خمسة كيلو مترات إلى الغرب من مدينة القصير، وجرت فيها معركة قادش الثانية بين الفراعنة والحيثيين.

[40] – والحيثيون هم شعب هندوأوروبي سكن في آسيا الصغرى وشمال بلاد الشام منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وشملت مملكتهم الأناضول وجزءا كبيرا من شمال غرب الهلال الخصيب.

[41] – محمد رأفت عباس، مرجع سابق.

[42] – علاء الدين عبد المحسن شاهين، مرجع سابق.

[43] – مجلس العشرة؛ هو مجلس يختاره الملك ويرأسه الوزير ويتكون من كبار موظفي الدولة.

[44] – سليم حسن، مرجع سابق.

[45] – عبد الحليم نور الدين، مرجع سابق.

[46] – محمد رأفت عباس، مرجع سابق.

[47] – وادي الحمامات؛ عبارة عن قاع نهر جاف في الصحراء الشرقية لمصر، في منتصف الطريق بين القصير وقنا تقريبًا. لقد كانت منطقة تعدين رئيسية وطريقًا تجاريًا شرقًا من وادي النيل في العصور القديمة.

[48] – سليم حسن، مرجع سابق.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close