السياسات_السعودية_تجاه_الإخوان_في_عهد_الملك_سلمان
مدخل تأسيسي:
بدأت فترة حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، بدايةً وصفها الكثير من المراقبين، والأوساط داخل الحركة الإسلامية، على حد سواء، بالمتفائلة، عندما قام بأخذ سلسلة من القرارات التي قلَّصت من وجود مراكز القوى التي عينها الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وظل يرسِّخ فيها منذ توليه عرش المملكة، حتى أواخر أيامه، عندما قام يوم 8 ديسمبر 2014م، بعدد من التعديلات الوزارية، التي أثارت الكثير من الجدل في حينه، وكانت من أول قرارات الملك سلمان، عندما تولى الحكم في يناير 2015م، أن ارتكس عليها.
فكانت أبرز الوزارات التي شملتها آخر تغييرات الملك عبد الله، وزارة الشؤون الإسلامية؛ حيث خرجت لأول مرة منذ تأسيس المملكة، من عهدة آل الشيخ، من سلالة الإمام محمد بن عبد الوهاب، مؤسس المذهب الوهابي، المذهب الرسمي للدولة السعودية؛ عندما تم تعيين سليمان أبا الخيل وزيرًا للشؤون الإسلامية، بدلاً من الشيخ صالح آل الشيخ، وهو ما كان يعني خروج الذراع الديني – لو صحَّ التعبير – لثنائية الحكم في المملكة، ممثلةً في آل الشيخ، وآل سعود.
وكان من بين من تمت الإطاحة بهم، في إطار تكريس سلطة ما يُعْرَف بالجناح السديري في آل سعود، من كانوا من أهم حلقات الوصل بين النظام الانقلابي في مصر، وبين البلاط الملكي، مثل رئيس الديوان الأسبق، خالد التويجري، الذي كان من بين أهم عوامل الحرب على الإخوان المسلمين، داخليًّا وإقليميًّا، وذلك من ضمن مؤشرات انفتاحية عدة، في الداخل السعودي، وفي الخارج الإقليمي.
وشملت هذه المؤشرات عددًا من الأمور الداخلية والخارجية، بشكل تصورت معه دوائر عدة أن تحولات كبرى سوف تجري في المنطقة بأكملها بناء على متغيرات الحالة في الفترات الأولى من عهد الملك سلمان، عنه في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
وبشكل عام، فقد ارتبط السلوك السعودي من الإخوان المسلمين في المملكة، وفي مصر، على المستوى الإقليمي بشكل عام، بالتحولات القائمة في الإقليم منذ الربيع العربي؛ حيث مثل صعود نجم الإسلاميين، على اختلاف طبيعتهم ومنطلقاتهم – ووصول عدد من جماعات الإسلام السياسي إلى سدة الحكم بالفعل في عدد من الدول العربية، كما في مصر وتونس والمغرب – تحدٍّ كبير لأنظمة الحكم التقليدية الأخرى التي نجت من رياح الثورات الشعبية، وصل إلى مستوى تحدٍّ للبقاء.
ولذلك؛ فإن الرياض كانت جزءًا أصيلاً من حرب صريحة على الحكومات والأنظمة التي جاءت بها انتخابات شعبية نزيهة بعد هذه الثورات، استُعْمِلَ فيها مختلف أنواع الأسلحة، ووصلت إلى درجة استخدام القوة المسلحة من أجل الإطاحة ببعض هذه الحكومات، على النحو الذي يجري في مصر، منذ الثلاثين من يونيو 2013م.
ولقد كان لهذا الذي جرى في مصر – على وجه الخصوص – أصداء شديدة الأهمية في المملكة، في ظل عاملَيْن؛ الأول حجم مصر الإقليمي، وكذلك ارتباط الإخوان المسلمين، الذين كانوا في سدة الحكم في تلك المرحلة، بالمستوى الإقليمي والدولي، باعتبارهم أصحاب مشروع أممي له تواجده في عشرات البلدان، ومن بينها دول إقليمية ودولية لها وزنها.
أضف إلى ذلك، ارتباط مصالح الأمن القومي لنظام آل سعود الحاكم في المملكة، بالأوضاع في مصر وتطوراتها، سلبًا وإيجابًا، بعد الشراكة الاستراتيجية بين الجانبَيْن، والتي أسس لها الرئيس المخلوع في مصر، حسني مبارك، والعاهل الراحل، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، في نهاية الثمانينيات الماضية.
كانت هذه الشراكة ضمانة مهمة للغاية لبقاء نظام آل سعود، مع تصدي الإطار الإقليمي الذي أقامته مصر وضمنته أجهزتها السيادية والدبلوماسية، للكثير من الأخطار التي هددت الأمن القومي للنظام السعودي، وأنظمة الخليج العربي بشكل عام، كما في حال عراق صدام حسين، وإيران الثورة.
ولذلك قادت حكومة المملكة جهودًا عميقة من أجل استعادة الأوضاع في مصر لما قبل يناير/ فبراير 2011م، ودعم الأوضاع التي تلت عزل مرسي من جانب الجيش، وتثبيت أركان النظام الجديد القديم الذي عاد إلى حكم مصر.
وبلغت الإجراءات ذروتها عندما وضعت الرياض الإخوان المسلمين، ضمن قائمتها للتنظيمات الإرهابية، في نهايات العام 2013م، وبالتالي؛ فقد تم رسميًّا تجريم إية أنشطة ترتبط بالإخوان المسلمين في المملكة، وتتوالى تنفيذ بعض القرارات المتصلة بذلك، أخذت وجهتَيْن أساسيتَيْن، الأولى المنابر، والثانية قطاع التعليم الأساسي والتعليم العالي، بجانب مجالات أخرى، ولكن التركيز كان في هذَيْن الاتجاهين وفق العديد من رموز الإخوان المسلمين في المملكة.
ثم شهدت فترة الملك سلمان الأولى، الكثير من علامات التغيير(1)، ففي الأشهر القليلة التي تلت تولي الملك سلمان للحكم، بدا وكأن الحكم الجديد في الرياض، سوف يسعى إلى مصالحة بين الإخوان والنظام الانقلابي في مصر، وتصفية الأجواء ما بين مصر وكل من تركيا وقطر(2)، وتسوية المشكلات مع أطراف عدة في الإقليم تنتمي إلى الإخوان المسلمين، بما في ذلك حركة حماس.
ويذكر الجميع الجدل الذي رافق لقاء الملك سلمان مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، خلال أداء هذا الأخير للعمرة(3 )، ومن قبله زيارة راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية، شريك الائتلاف الحاكم في تونس(4 )، بشأن أن الملك سلمان يسعى إلى تصفية الأجواء الإقليمية، من أجل حشد تحالف واسع ضد إيران، والتي ساعدها اتفاقها النووي مع الغرب، على تحسين مركزها في الأزمات الحالية في الإقليم، وخصوصًا في سوريا واليمن.
كما كانت أزمة الحوثيين في اليمن، فرصة من أجل استعادة بعض الأرض؛ حيث سعت الرياض إلى الاستعانة بحزب التجمع اليمني للإصلاح إخوان اليمن، في مواجهة التحالف الذي نشأ بين الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، وعادت وجوه قيادات إخوان اليمن للتواجد مجددًا في المملكة، بعد فترة جفاء طالت لسنوات.
وظهرت تقارير أن مشعل قد تبنى في مرحلة ما من صيف العام 2015م، مهمة وساطة بين التجمع اليمني وبين الحكومة السعودية، في ظل حالة الانفتاح التي طبعت مواقف الملك سلمان نفسه، إزاء ملف الإخوان( 5).
رافق ذلك – في المقابل – الكثير من التقارير التي ذكرت وجود أزمة في العلاقات المصرية – السعودية، بسبب خلافات حول إدارة بعض الملفات الإقليمية المختلفة، وعلى رأسها الأزمة في سوريا، بعد تبني القاهرة لموقف لا يضع رحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط لحل الأزمة، بخلاف الرياض.
إلا أن الأسابيع الأخيرة من العام 2015م، شهدت الكثير من التحولات في السياسات السعودية في كلا الملفَّيْن، الإخوان والعلاقات مع النظام الانقلابي في مصر، ومن الملاحَظ في هذا الإطار، ارتباط السياسات السعودية – بشكل عام، والملك سلمان ليس بدعًا من هذه القاعدة – تجاه الإخوان بسياسات الرياض تجاه القاهرة، فكلما تحسنت الثانية؛ تراجعت الأولى، والعكس صحيح؛ فكلما تحسنت العلاقات بين الرياض والإخوان، بأية صورة، وفي أي مجال داخلي أو خارجي؛ كلما ساءت العلاقات بين الرياض والقاهرة.
فحدث أن تم عزل وزير التعليم السابق، الدكتور عزام الدخيل، بعد قراره بإعادة فتح فصول تحفيظ القرآن الكريم في المدارس العامة، في قرار لاقى استحسان الإخوان في المملكة وخارجها، خصوصًا بعد أن أعاد كتب الصحويين والإخوان إلى مكتبات المدارس الابتدائية السعودية( 6)، وتم إعادة إحياء قرار سابق للوزارة بسحب هذه الكتب واستبدالها، مع حملة ممنهجة شهدها الإعلام السعودي ضد الإخوان المسلمين، فكرًا ورموزًا( 7).
كما تم أخذ سلسلة من القرارات، تتعلق بتنحية الإخوان مجددًا عن منابر المساجد، وتقليص قدرتهم على العمل من خلال الجمعيات الأهلية، بعد عودة جزئية استغلت الانفتاح السابق، وذلك من خلال إقرار نظام الجمعيات الأهلية الجديد، بعد أكثر من ثماني سنوات من التأخير، استجابة لاعتبارات أمنية وسياسية عدة، داخلية وخارجية، كان من بينها – بحسب مصادر سعودية عدة، أحداث باريس في الثالث عشر من نوفمبر 2015م.
في هذا الإطار، تسعى هذه الورقة إلى تناول الممارسات السعودية تجاه جماعة الإخوان المسلمون، منذ تولي الملك سلمان الحكم في يناير 2015م، وحتى الآن، لبيان حجم الثبات والتغير في هذه السياسات، وتأثير ذلك على السياسة السعودية من النظام الحاكم في مصر، وذلك من خلال المنهجية التالية:
المبحث الأول: الممارسات السياسية والاقتصادية داخل المملكة
المبحث الثاني: الممارسات الفكرية والاجتماعية داخل المملكة
المبحث الثالث: الممارسات الإقليمية والدولية للمملكة تجاه الإخوان
المبحث الأول
الممارسات السياسية والاقتصادية داخل المملكة
هناك أكثر من مجال يمكن فيه رصد منظومة التحولات التي رافقت سياسات الملك سلمان، أو الحكومة والأجهزة السعودية في عهده، تجاه الإخوان المسلمين، وأثرها وارتباطاتها على النظام الحاكم في مصر، سياسيًّا واقتصاديًّا وفكريًّا، وغير ذلك.
على المستوى السياسي، كانت البداية في تصريحات عدد من الساسة السعوديين، ومن بينهم أحمد التويجري، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، الذي أجرى بعض ما يمكن وصفه بالمراجعات الإعلامية للقرار الذي تم اتخاذه في ديسمبر من العام 2013م، بشأن اعتبار الإخوان المسلمين، وتنظيمات أخرى، جماعات إرهابية.
في حينه قال التويجري إنه من غير المعقول الإشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وقال لقناة روتانا خليجية، حيث أشار إلى أن القول بأن جماعة الإخوان المسلمين هي منظمة إرهابية هو كلام لا عقل فيه( 8).
وقال بأن جماعة الإخوان تنضوي تحتها أمم، وهي حليف طبيعي للمملكة العربية السعودية، ونفى أن تكون وزارة الداخلية قد صنفت جميع الإخوان كإرهابيين، وأوضح أن سياق هذا التصنيف ينضوي تحته فقط من انتهج العنف من هذه المنظمة.
وبرر التويجري إسقاط القرار على الإخوان كجماعة، بأن هناك شيء يسمى السياق في اللغة، المملكة لم تقل في بيان واحد أن جماعة الإخوان المسلمين هم جماعة إرهابية، هي جاءت بموضوع الجماعات الإرهابية وأضافت هذا الاسم الإخوان المسلمين إلى هذه القائمة، فسياق الكلام يبين أن الجامع المشترك بين هؤلاء الذين تم وصفهم كإرهابيين هم من انتهجوا العنف ومن اعتمدوا الإرهاب ومن اعتمدوا الخروج الباطل على السلطان، هؤلاء الذين انطبقت عليهم هذه الشروط سواء أكانوا من الإخوان أم من غير الإخوان، ينطبق عليهم وصف الجماعات الإرهابية.
وأضاف: إن نقل هذا المفهوم وتعميمه على هذه المنظومة الضخمة التي تمتد من إندونيسيا إلى المغرب، ليقال إن هذه كلها منظمة إرهابية، هذا كلام لا يقوله شخص عاقل.
ووقتما صدر هذا التصريح، قالت مصادر مقربة من البلاط الملكي السعودي، إن أحمد التويجري على صلة وثيقة بالملك سلمان، ويعمل على تقديم النصح والمشورة له بشكل غير رسمي، وأن توجهاته قد تغيّر وجهات نظر العائلة الحاكمة السعودية في كثير من الأمور، ومن بينها ملف الإخوان المسلمين(9 ).
وأشار التويجري في تلك المقابلة إلى احتمالية تغيير المملكة لمواقفها تجاه الإخوان في ظل حكم الملك سلمان، واستشهد بتصريح سابق على تصريحه ببضعة أيام لوزير الخارجية السعودي في حينه، الأمير سعود الفيصل، الذي خرج في التعديل الوزاري التالي من منصبه، قبل وفاته، وقال فيه: ليس لنا أي مشكلة مع الإخوان المسلمين، مشكلتنا فقط مع فئة قليلة تنتمي لهذه الجماعة، هذه الفئة هم من في رقبتهم بيعة للمرشد( 10).
وفي حينه، لفتت الكاتبة نورة مشعل(11 )، إلى زاوية مهمة في حديث التويجري، وهي أن الإخوان بحاجة إلى استغلال التراث التاريخي الذي يجمعهم بنظام آل سعود، منذ أن استقر جزء من إخوان مصر في المملكة، في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز، فرارًا من جرائم نظام عبد الناصر في مصر ضدهم.
وكان حاضرًا في الأذهان في ذلك الوقت تصريح سابق للملك سلمان، عندما كان وليًّا للعهد، قبل الانقلاب في مصر، عندما وضح مستوى المعاندة الخليجية له، وصناعة الأزمات أمامه في الداخل، قال فيه، إن الرئيس محمد مرسي يجب أن يحظى بفرصته للرئاسة كاملة.
و كذلك حاول بعض الصحفيين والعلماء المحسوبين على التيار الإسلامي السياسي والصحوي في المملكة وخارجها، توجيه رسائل للنظام الجديد، حتى وإن أخذت صورة مقالات، بل إن بعضهم وجه رسائل صريحة إلى العاهل السعودي الجديد، مثل علي القرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يحاولون فيه تنويره بحقيقة الموقف في مصر والإقليم، وضرورة تغيير المملكة لسياساتها.
ومن بين ذلك، مقال للكاتب والباحث أسامة أبو أرشيد، حمل عنوان هل تسعى السعوديّة إلى ضبط البوصلة العربيّة؟، نُشر بتاريخ 30 يناير 2015م( 12)، وقال فيه إن الملك عبد الله بن عبد العزيز، توفي ومجمل المنطقة العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية نفسها؛ تعيش مخاطر وأزمات وجودية حقيقية.
وأضاف إنه الآن، ومع تولي الملك سلمان بن عبد العزيز لقيادة الدفة السعودية، وفي ظلِّ تصاعد المخاطر البنيوية التي أصبحت تهدد الفضاء العربي، يغدو من المشروع التساؤل حول ما إذا كانت المملكة، بقيادتها الجديدة، في وارد إعادة النظر في مجمل سياساتها العامة؟. وأشار إلى أن الأوضاع في مصر واليمن وسوريا، جاءت بما يخالف التطلعات السعودية، وهو ما قد يدعو الرياض إلى تغيير مواقفها.
ويقول إن الفوضى التي ضربت أطنابها في المنطقة، جراء الحسابات والسياسات الخاطئة للمحور الذي تتزعمه المملكة، أوجد فراغًا في دول كثيرة، لم يملأه الخصوم والأعداء فحسب، بل إنه فتح الباب مشرعًا أمام تيارات إسلامية فوضوية لملئه، وفق تعبيره، في إشارة منه إلى تنظيم الدولة داعش، وحزب الله اللبناني، بعد بزوغ دور كليهما في سوريا.
ولكن النظرة في حينه لم تكن ثابتة عند الجميع؛ حيث تباينت تقديرات المتابعين لتأثيرات هذه التغييرات على السياسات الداخلية والخارجية للمملكة، ما بين من كانوا يرون أن هناك تغييرًا حتميًّا قادمًا، بما في ذلك سياسات المملكة إزاء ملف ثورات الربيع العربي، وبين من يرون أن الثوابت حاكمة، وأن ما جرى في المملكة في الأسابيع الأخيرة؛ إنما يتعلق بترتيب البيت الداخلي فحسب، وأمر يخص حتى ليس السياسة الداخلية للبلاد، ولكنه أمر داخلي خاص بآل سعود فحسب.
واستند ذلك الرأي إلى أمرَيْن أساسيَّيْن:
– الأمر الأول، هو المخاطر التي تحيق بالمملكة جراء سياساتها الداعمة للثورات المضادة في دول الربيع العربي، والتكلفة المرتفعة لدعم الانقلاب في مصر، وخصوصًا مع تراجع أسعار النفط.
– الأمر الثاني، يتعلق بخلافات سابقة ما بين القيادة الجديدة للمملكة، وقيادات الانقلاب في مصر، وكذلك الحكومة الإماراتية.
ومن بين هؤلاء، عبد الرحمن الراشد، الذي كتب في مقال له، في صحيفة الشرق الأوسط، يوم 28 يناير 2015م، بعنوان هل من سياسة خارجية سعودية جديدة؟، إلى أن الإخوان المسلمين، هم المهدد الأكبر لبقاء نظام آل سعود، وبالتالي فلا يمكن تصور حصول تراجعات عن قرارات الدولة في العامَيْن الأخيرَيْن.
ولعل أبرز مؤشر على ذلك، عدم إلغاء القرارات المتعلقة باعتبار الإخوان المسلمين جماعةً إرهابية، ولم يتحدث أحد عن الرجوع عنها، وهنا نشير إلى أن قرار وزارة الداخلية وبيان الديوان الملكي، الصادر في مارس 2014م، في هذا الشأن، اعتبر جماعة الإخوان المسلمون ضمن الجماعات الإرهابية، وليس كما حاول التويجري القول؛ أن الأمر يتعلق بأفراد معينين داخل الجماعة، ممن يلجأون إلى العنف(13 ).
وفي حقيقة الأمر؛ فقد بدا أمرًا دقيقاً أن يتم التعويل على تغيير جذري يتبع قرارات الملك سلمان وتغير الخطاب تجاه الإخوان في الداخل السعودي، في ظل طبيعة التغييرات التي أجراها على دولاب الحكم؛ حيث لم تكن تراجعًا عن سياسات الملك عبد الله العامة، وإنما كانت في طريق ترتيب دولاب الحكم الداخلي، ومنها ما وافق فقط قضية الموقف من الإخوان.
وهو أمر واضح جدًّا في تعيين عادل الطريفي وزيرا للإعلام والثقافة، وتركي الدخيل رئيسًا لقناة العربية، وكلاهما من أشد صناع الكراهية ضد الربيع العربي والإخوان والإسلاميين، مع الإبقاء على سعود الفيصل وزيرًا للخارجية في حينه. أما محمد بن نايف وزير الداخلية الذي صار وليًّا لولي العهد، فهو من قصم ظهر الإخوان والجهاديين في السعودية، هو ووالده الراحل، خلال سنوات سابقة على اندلاع الربيع العربي(14).
ولكن، وفي حينه، ربما كانت بعض هذه الإشارات، مثل تصريحات التويجري والفيصل، توضح وجود تغييرات من نوع ما في المواقف داخل المملكة في الأشهر الأولى لتولي الملك سلمان للحكم، من الإخوان المسلمين.
فقد رافق ذلك بعض التراخي من جانب السلطات السعودية، تجاه عودة نشاط الإخوان المسلمين إلى مجال العمل الخيري، وكان الأساس هو النشاط الذي يتم خارج المملكة، من خلال الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والتي تُعتبر من أهم الأذرع الخيرية للإخوان المسلمين في المملكة(15 )، بالرغم من أن المنظمة مصنَّفة دولية مقرها المملكة العربية السعودية، بحسب ميثاقها التأسيسي(16 ).
في هذا الإطار، نشرت صحيفة الرأي اليوم، يوم 14 مارس 2015م، تقريرًا يؤكد ذلك، وكان عنوانه: السعودية: تجميد سري لبرنامج يطارد الاخوان المسلمين ماليًّا وأمنيًّا وتقرير استراتيجي يؤكد انحياز الملك سلمان للبقاء متقاربًا مع المحور القطري التركي( 17).
توقعت الوثيقة، والتي بحسب الصحيفة، صدرت بناءً على تقييم قام به فريق من الخبراء، لم تذكرهم، ولكنها أشارت إلى أنهم على صلة بمجلس الأمن الوطني السعودي، أن المجلس قد قرر بالفعل في وقت سابق على نشر هذا التقرير تجميد برنامج مراقبة ومصادرة أية أموال منقولة لها علاقة بأفراد ضمن جماعة الإخوان المسلمين.
وذكرت الوثيقة أن إيقاف هذا البرنامج تم تحديدًا في قنوات المؤسسات الأمنية السعودية، ولكن ببطء ودون ضجيج، مع توقف التحريض ضد الإخوان المسلمين في المؤسسات الإعلامية السعودية، وكذلك العربية والدولية الممولة سعوديًّا. ولكن ذلك الوضع لم يكن من المتوقع استمراره بفعل العديد من العوامل الداخلية والخارجية.
فيقول الصحفي البريطاني روري دوناجاي( 18)، إن هذه المؤشرات أثارت في حينه الكثير من التكهنات حول إمكانية استمرارها، خصوصًا في ظل عدد من العوامل ذات الطابع الإقليمي والدولي، ومن بينها التحفظ الأمريكي على هكذا تقارب، وأن هذا التقارب سوف يضرب في الصميم العلاقات السعودية مع كل من مصر والإمارات.
ولذلك لم يتوقع الخبراء والمراقبون في حينه أن تستمر هذه الحالة، وأن ما حدث إنما كان عبارة عن تقييم مواقفها تجاه سياسات معينة، بحسب أندرو هاموند، الزميل السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية(19 ).
ويفسر هاموند جانبًا من هذه المؤشرات، فيقول إنه كان من الواضح أن رد الفعل المملكة تحت حكم الملك عبد الله تجاه جماعة الإخوان كان مبالغًا به؛ حيث جاء في سياقات الربيع العربي، ويصف حالة الرياض بأنها قد أصابها الهلع نتيجة للمكاسب التي حققتها الحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة.
كما ربط بين المواقف الإيجابية للملك سلمان من الإخوان، والتي غالبًا ما أخذت مظاهر إقليمية، وليست داخلية، كما سوف يتضح، وبين الأزمة السورية، باعتبار أن الإخوان من الممكن أن يلعبوا دورًا مهمًّا في تحقيق الاستقرار في سوريا، في مرحلة ما بعد بشار الأسد.
ولكن هاموند أشار إلى أن الانفتاح السعودي سوف يبقى محدودًا، لأن الإخوان يرغبون في تأسيس نظام ديمقراطي ذو مرجعية إسلامية، وهو ما تراه الرياض تهديدًا لها، ولكن الرياض في المقابل ترى أن الابتعاد عن جماعة الإخوان المسلمين داخل المملكة، قد يقود لعواقب وخيمة، مثل ألا تكون قادرة على رؤية ما يقوم به الإخوان، وهو ما يفرض عدم قطع كل الأحبال. ولكن قيودًا عدة ظهرت، ومن بينها احتياجات الأمن القومي التي تربط السعودية بمصر، بينما القاهرة ترى في أي تقارب سعودي – إخواني، حتى لو بعيدًا عن إخوان مصر؛ مهددًا لها.
وقد بدأت هذه الأمور تأتي أُكُلها بدءًا من أواخر أكتوبر ومطلع نوفمبر 2015م. فقد تم إغلاق جميع المعارض التابعة للندوة العالمية للشباب الإسلامي، والخاصة بتلقي التبرعات في منطقة الرياض، بعد تشكيل لجنة حكومية من جهات مختصة لتطبيق ومتابعة إتفاقية المقر الموقعة بين الحكومة السعودية والندوة العالمية للشباب الإسلامي، باعتبارها منظمة دولية، كما تقدم( 20).
وفي 26 نوفمبر 2015، أصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانًا أدرجت فيه بعض قيادات حزب الله اللبناني، على قوائمها للإرهاب، وكانت القائمة تحتوي على جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، وتنظيمات أخرى. وشمل البيان الذي صدر عن الوزارة، 11 محذورًا أمنيًّا على المقيمين والمواطنين على حد سواء، كان من بينها البند الثاني، كل من يخلع البيعة التي في عنقه لولاة الأمر، أو يبايع أي حزب، أو تنظيم، أو تيار، أو جماعة، أو فرد في الداخل أو الخارج، والبند الثالث: المشاركة أو الدعوة أو التحريض على القتال في أماكن الصراعات بالدول الأخرى، أو الإفتاء بذلك.
وفي البند الرابع كل من يقوم بتأييد التنظيمات أو الجماعات أو التيارات أو التجمعات أو الأحزاب أو إظهار الانتماء لها أو التعاطف معها، أو الترويج لها أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، سواء داخل المملكة أو خارجها، ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها أو التعاطف معها.
وكلها، حتى ولو لم يُنص على ذلك، تشمل أمورًا وأنشطةً تخص جماعة الإخوان المسلمين، في المملكة، وخارجها؛ حيث يتصل الأمر بدعوات بعض الرموز الصحوية في المملكة، ومن بينهم الدكتور محمد العريفي، الشباب السعودي إلى الجهاد في سوريا، وكانت هذه الدعوات واردة كذلك في قرار إدراج الإخوان المسلمين على قوائم التنظيمات الإرهابية في المملكة، في مارس 2014م.
كما تبنت الحكومة السعودية، سواء من خلال مجلس الوزراء، أو من خلال بعض الوزارات، سلسلة من القرارات في حق العمل الخيري والمنابر والمكتبات المدرسية، أعادت إلى أذهان الكثيرين ما أخذته الحكومة السعودية من قرارات خلال مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، في حق التعليم الديني ومؤسسات العمل الخيري، ضمن إجراءات ما يُطلق عليه مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع الفكر المتطرف، مما سوف يتم رصده في المبحث التالي، الخاص بالسياسات السعودية تجاه الإخوان في الداخل في عهد الملك سلمان، على المستوى الفكري والثقافي.
ومن هنا لا يمكن القول أن الأصل في مواقف الملك سلمان من الإخوان، أنها سلبية، فهناك من المؤشرات، ما يقول إنه كان بالفعل يسعي في مسألة المصالحة مع الإخوان المسلمين. ولكن محاولاته اصطدمت بالعديد من العوائق الداخلية والإقليمية؛ مثل الحرس القديم الذي يعادي الإخوان، ويعتبرهم أكبر خطر على نظام الحكم السعودي، على المستوى الداخلي، والتصعيد الحاصل في ملف مكافحة الإرهاب، ويتصدر صورته، تنظيم داعش، على المستوى الإقليمي، أهم العقبات التي حالت دون استمرار هذه الحالة.
وكان للموقف الإماراتي الرافض للمصالحة مع الإخوان، دور كبير في ذلك، وزاد من الضغوط على الرياض في هذا الجانب، الدور المهم للإمارات في التحالف العربي الذي يحارب في اليمن(21 )، وتغير المعادلة السياسية والعسكرية في الأزمة السورية، بفعل التدخل الروسي.
فكان أن استبدلت الرياض تحالفاتها التي كانت تسعى إلى أن يكون الإخوان المسلمون، بتنظيماتهم القُطْرية، وتركيا وقطر، جزءًا أصيلاً لبناء تحالف سُنِّي واسع يواجه إيران، بالعودة إلى الحكومات؛ فكانت القرارات الأخيرة التي أعاد فيها الملك سلمان تخطيط علاقات بلاده الإقليمية، بالمزيد من التمترس خلف الحكومات التي تمثل حليفًا تقليديًّا للرياض، على حساب النظرة الأولى التي تبناها للمعادلة الإقليمية، والتي كان الإخوان مكوِّنًا أصيلاً فيها. فكان أن أكد الملك سلمان على تحالفه مع النظام المصري، من خلال ضخ مليارات جديدة في الاقتصاد المصري، وضمان احتياجات مصر النفطية لمدة خمس سنوات(22 )، في مقابل المزيد من التضييق على الإخوان داخل المملكة، وتخلي الرياض كليةً عن فكرة أن يكون الإخوان جزءًا من تحالف إقليمي تقوده المملكة.
المبحث الثاني
الممارسات الفكرية والاجتماعية ضد الإخوان داخل المملكة
لا يمكن فصل المستوى الخاص بالممارسات الفكرية والاجتماعية تجاه الإخوان المسلمين داخل المملكة، في عهد الملك سلمان، عن المستوى السياسي؛ حيث إن أي إجراء (انفتاح/ تضييق) في أي مستوى، له بالأساس بواعث ونتائج سياسية. ولفهم الممارسات الرسمية السعودية تجاه الإخوان المسلمين على المستويَيْن الفكري والاجتماعي في عهد الملك سلمان؛ فإنه يلزم أن نفهم نظرة النظام السعودي لفكر الإخوان المسلمين، ولـالأخ المسلم، بمعنى الانتماء للإخوان المسلمين.
ولعل الرؤية لفكر الإخوان المسلمين، وطبيعتهم كتيار إسلام سياسي حركي، له جذور أو امتدادات اجتماعية، هي من الأمور النادرة التي تتفق فيها التيارات الليبرالية والسلفية التقليدية والسلفية الجهادية، في المملكة؛ حيث تتبنى هذه الأطراف رؤية ذات طابع سلبي، على اختلاف طبيعة الفكر الإخواني، والمشروع الإخواني، عما تدعو وتتبناه هذه الأطياف من أفكار، حتى رافعي شعار الإصلاح فيها.
فالتيار الليبرالي يطرح قضايا الإصلاح السياسي والمجتمعي والثقافي في المملكة، ولكن بمحتوىً مختلف تمامًا عن المحتوى الذي يطرحه الإخوان، بينما السلفية التقليدية رافضة للتغيير، فيما تدعو السلفية الجهادية إلى تغيير لكن بأساليب لا يقرها الإخوان.
وهنا تجدر الإشارة إلى مقال للكاتب السعودي سلمان الأنصاري، بعنوان السعودية لن تتسامح مع تيار الإخوان السعودي أبدا!، نشره على موقع سي. إن. إن عربية، وحاز انتشارًا واسعًا في حينه، النشر كان في أغسطس 2015م(23 )؛ في وقت توقع البعض أن الأمور تسير بشكل أفضل في العلاقات بين الإخوان ونظام آل سعود.
يقول الأنصاري في مقاله إن تيار الإخوان الفكري في السعودية يُعتبر حالة مستعصية وكيان متشرنق وغير سوي. ويشرح أسباب ذلك الحكم الذي أصدره على هذا النحو، فيقول إن أمتزاج الفكر السلفي مع فكر الإخوان المسلمين لدى الشخص الواحد سبب نوع من الانفصام الأيديولوجي ويتحول الخطاب الدعوي بدوره إلى خطاب متوزع الأدوار على حسب متطلبات المرحلة وقوة السائد. ويرى أن التيار الإخواني في السعودية أشد خطرًا من غيره، وذلك بسبب ما وصفه بـحال الانفصام الإخواسلفي.
ويلخص مخاطر الفكر الإخواني من وجهة نظره بأنه من المعروف أن تنظيم الإخوان لديه مرونة فقهية تتشكل بحسب متطلبات المرحلة، وهي مرونة أكبر نسبيا مما لدى السلفية التقليدية، وبالإضافة فإن لدى هذا التيار الإخواني رؤية سياسية وحركية وأطماع سلطوية لا يحيد عنها بعكس التيار السلفي المعتدل الذي يرفض التدخل في شؤون الحكم، ولا يتسامح – لا من قريب ولا من بعيد – مع الأفكار الخوارجية الداعية لشق يد الطاعة عن ولاة الأمر.
وبعد صدور قرارات سحب الكتب التي تحتوي على مناهج وفكر الإخوان من المدارس والجامعات السعودية، في ديسمبر الماضي، نُشرت العديد من الآراء المماثلة التي تتفق مع ما طرحه سلمان الأنصاري.
ومن بين الكتب التي تم البدء في سحبها، كتاب الله في العقيدة الإسلامية، والوصايا العشر للإمام حسن البنا، وكتاب الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوي، وكتب شبهات حول الإسلام، وفي ظلال القرآن، وخصائص التصور الإسلامي، والتصوير الفني في القرآن، للشهيد سيد قطب.
وضمت القائمة – كذلك – كتبًا ثقافية لثلاثة مؤلفين من تيار الإخوان المسلمين، وهي: كتاب الرفيق الخائن للمفكر عبد الكريم الجهيمان، وكتاب ذو القرنين، وهو مجموعة قصص لللكاتب محمد أحمد براق، وكتاب قصة الملك ميداس، للاديب الإسلامي المصري، كامل كيلاني.
تزامنت هذه الإجراءات، مع دعوات دعوات عدة لمنع كوادر الإخوان المسلمين من التدريس في الجامعات السعودية(24 ).
في أعقاب هذا القرار، صدر تصريح للكاتب الصحفي السعودي، علي الرباعي( )، نحا ذات النحو السابق؛ حيث اعتبر أن الباعث الرئيسي وراء هذا القرار، هو أن الإخوان يمثلون تهديدًا للثوابت السعودية، وقال إن الرياض لا تتخذ مواقف حادة من حزب أو جماعة إلا إذا وقع منها ما يمس الثوابت أو ينال من الوطن.
الرباعي أشار إلى الكتب المسحوبة تخرج عن نطاق الهدف المفترض منها، في صدد تشخيص أسباب العنف والتطرف، وتحولت على أيدي بعض الحزبيين، في إشارة إلى الإخوان إلى عدو للحياة والأحياء، وذلك من خلال تغذية يقوم عليها الشارح والداعية والواعظ والمعلم.
ورأى نجيب غلاب، رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أن محاصرة الفكر الإخواني تأتي ردًّا على تطرف وشمولية هذا الفكر ورفضه للآخر( 26).
مراقبون أشاروا إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق الموقف الرافض لانتشار الفكر الإخواني، وأن المملكة ما زالت تعتبر الإخوان أحد أبرز الأخطار الاستراتيجية التي تهدد أمنها الداخلي وأمن المنطقة ككل.
وتنسجم مواقف المؤسسة الدينية مع الموقف الرسمي السعودي تجاه هذا الأمر، حيث يذهب العديد من مشايخ الدين في المملكة إلى أنّ الإخوان هم المسؤول الأول عن انحراف العديد من الجماعات الإسلامية واتجاهها لاستخدام العنف وإغراق مجتمعاتها في الصراعات الدموية.
ويتهم سعوديون كذلك الإخوان، بتوظيف ما يصفونه بـسيطرتهم على التعليم والإعلام لجذب الشباب إلى التشدد، والدفع بهم إلى ساحات الحرب في سوريا والعراق، فضلاً عن اتخاذ هذه السيطرة مجالاً لإرباك علاقة المملكة بدول عربية أخرى، مثلما جرى مع مصر بعد 30 يونيو 2013م(27 ).
تلك الرؤية، تُعتبر حاكمة في الأوساط الأكثر سيطرة على الرأي العام داخل المملكة، ولكن ما يعنينا من هذه الرؤية هي كيف أنها تعبر عن بواعث عدة وراء سلسلة القرارات التي تتبناها الحكومة السعودية من آن لآخر، من الإخوان المسلمين، وكذلك توقيت إعادة التضييق على كتب وأفكار الإخوان المسلمين، في المؤسسات التعليمية السعودية. هنا نشير إلى بعض الأمور التي وقعت خلال فترة إدارة عزام الدخيل لوزارة التعليم السعودية، وكانت من بين المؤشرات التي تقول بإيجابية تعاطي إدارة الملك سلمان مع الإخوان المسلمين.
كان تعيين الدخيل وزيرًا للتعليم (ضمن تغييرات 30 يناير 2015)، خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لأنه محسوب على التيار الإصلاحي التنويري داخل الوزارة، وسبق له أن أخذ مجموعة من القرارات الإصلاحية الطابع مثل إلغاء نظام التجاوز في جميع المواد، واشتراط نجاح الطالب في جميع المواد لكي ينتقل إلى المرحلة التالية، وايقاف الموافقة على برامج الدبلومات ما بعد البكالوريوس في الفترة المسائية، وإلغاء ترقية البعثة من بوابة الطلبة المبتعثين وفق النظام المعروف باسم نظام سفير.
هذه القرارات، أدخلته في الكثير من المناكفات بسبب ارتباط هذه القرارات بمصالح أطراف عدة نافذة داخل المملكة، مثل الليبراليين وبعض الأمراء، فيما يخص قضية الابتعاث بالذات(28 ).
في 27 يوليو 2015م، أصدر الدخيل، تعميمًا يقضي بتفويض مديري التعليم بالمناطق والمحافظات بصلاحيات فتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم في مدارس التعليم العام ويلحق به الراغبون من الطلاب وفق ضوابط أهمها أن يكون الاعتماد من خلال لجنة برئاسة مدير التعليم والمساعدين للشؤون التعليمية والمساعد للشؤون المدرسية ومدير التوعية الإسلامية ومديري الإشراف التربوي.
تحول قرار وزير التعليم السعودي عزام الدخيل، إلى مجال للمساجلات ما بين تيارَيْن أساسيَّيْن يمثلان الساحة الفكرية والاجتماعية في المملكة، وهما التيار الإسلامي والليبراليين.
كان موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، هو المجال الأبرز لهذا الجدل، في ظل إحجام وسائل الإعلام السعودية العادية، وخصوصًا الصحف الورقية، عن نشر تقارير أو مقالات رأي حول الموضوع، لحساسيته.
ولكن موقف البعض من التيار الليبرالي، كانوا أكثر صراحة في إبداء مواقفهم، وبدت البغضاء من أفواههم، فيما يخص موقفهم المبدئي المناهض لتيارات الإسلام السياسي واتهموا الدخيل صراحةً بأنه يسعى، أو أنه على الأقل القرار سوف يؤدي إلى، إعادة تيارات إسلامية تحاربها الدولة، مثل الإخوان المسلمين، إلى الواجهة، وتغليب الدين على العلم، ونشر الفكر الداعشي الإرهابي، ومن بين هؤلاء الكاتب والمحامي عبد الرحمن اللاحم.
البعض وصل به الشطط إلى درجة أنه طالب بمراجعة أمنية لهذه الفصول وللكتب التي يتم تدريسها فيها، مثل الكاتب فهد الدغيثر وعبد الرحمن اللاحم وعبد العزيز الخميس، تخوفًا منهم من انتشار الأفكار الإرهابية، والتي من بينها كتب سيد قطب وحسن البنا(29 ).
تزامن قرار إقالة الدخيل وسحب كتب الإخوان، مع سلسلة من القرارات الأخرى بشأن ما وصفته الحكومة السعودية بـضبط المنابر والعمل الخيري في الخارج، وهذه القرارات بدورها، كان من المفترض أن تصدر منذ سنوات، ولكنها تأخرت وصدرت هذه الآونة أيضًا، مما أثار الكثير من التساؤلات حول السياق والأسباب التي صدرت في إطارها تلك القرارات، والتي تزامنت مع بعضها البعض، ومع قرارات أخرى مماثلة بدأت السلطات السعودية في تبنيها منذ نهاية أكتوبر الماضي، وإن كان من المؤكد أن لها صلة بملف أوضاع الإخوان المسلمين في المملكة.
فموافقة مجلس الوزراء السعودي على نظام الجمعيات والمؤسسات الخيرية الجديد، هي خطوة تتم مناقشتها منذ العام 2006م، وطرحت الحكومة السعودية مبررًا لا يحمل أية دلالة في صدد توقيت أخذ هذه الخطوة الآن، فقالت إن إقرار القانون يهدف إلى تنظيم العمل الأهلي الخيري في السعودية وتطويره وحمايته، في إشارة إلى موضوع محاصرة تمويل الأنشطة والتنظيمات المصنَّفة إرهابية أو متطرفة، والإخوان لم يزالون على القائمة الرسمية في هذا الصدد.
تزامن ذلك أيضًا مع توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، أكثر من 15 ألف نسخة من موسوعة خطب جمعة تحتوي على 77 خطبة تهدف إلى ترشيد مليونين وأربعمائة ألف خطبة جمعة سنوية تلقى في أكثر من 50 ألف جامع في المملكة بحسب الوزارة التي اختارت عددًا من خطب المسجد الحرام والمسجد النبوي، وخطب مفتي عام المملكة القائمة على الاختصار والبُعد عن تسييس المنبر والثرثرة المفضية إلى إقحام منبر الجمعة في آراء شخصية وتعبيرات ذاتية يترتب عليها شحن المصلين بالطاقات السلبية وتوتيرهم بالطرح العاطفي المتشنج، وقالت إن الهدف من ذلك منع فتنة القول التي يترتب عليها فتن الفعل وتفعيل دور الخطيب في تحقيق الأمن الفكري لوطنه وتعزيز الوسطية والاعتدال، بحسب تعميم الوزارة.
حمل قرار الوزارة كذلك عبارات لافتة مثل أن الخطباء يتحملون مسؤولية الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في اختصار الخطبة والبعد عن الثرثرة والتسييس لمنبر الجمعة الذي اختاره الله ليكون منبر هداية وإرشاد وتأليف قلوب وجمع كلمة وتوحيد صف وانتماء للوطن وولاء لمن ولاه الله أمرنا في هذه البلاد المباركة من خلال منهج السمع والطاعة.
ومنذ فترة تتفاعل قرارات مماثلة تشير إلى أن السلطات السعودية تنفذ خطة مرحلية في مجال ضبط الأنشطة الدعوية والخيرية، وأنشطة المنابر، وكل ما يتعلق بالمحتوى الديني، سواء على مستوى المضمون المقدَّم أو المؤسسات العاملة، بشكل حوى الكثير من التأكيدات على أن الأمر مرتبط – جزئيًّا على الأقل – بقضية محاصرة أفكار الإخوان المسلمين وأنشطتهم المجتمعية.
فمنذ أسابيع قليلة، نشرت الحياة اللندنية(30 )، توصيات قالت إنها حكومية، ولكنها لم تحدد بالضبط جهة الإصدار، تتعلق بمراجعة أوضاع المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات، المنتشرة في كل مناطق ومحافظات المملكة.
التوصيات تضمنت قيام وزارة الشؤون الإسلامية، بالتنسيق مع إمارات المناطق، بمراجعة مواقع وأعداد مكاتب الدعوة بحسب حاجة كل منطقة، والقيام إما بدمج أو إغلاق المكاتب أو الفروع الزائدة على الحاجة، وتكثيف الرقابة عليها من النواحي المالية والإدارية والتنظيمية، من خلال مؤسسة النقد العربي السعودي ساما، ومكتب محاسبي متخصص.
ونصت التوصيات على أن يتم التنسيق بين وزارتَيْ الداخلية والشؤون الإسلامية لإقامة دورات تدريبية للقائمين على المكاتب الدعوية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتكثيف الرقابة على الاستثمارات التي تقوم بها تلك المكاتب.
كانت هذه بعض ملامح من منظومة قرارات خصت أو مسَّت بشكل أو بآخر، الإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية، خلال العام الأول من حكم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في المجالات السياسية والاقتصادية، وكذلك الاجتماعية والفكرية، ولئن بقيت ملاحظة؛ فهي تتعلق بموقف التيار نفسه، سواء الإخوان السعوديين، أو الإخوان المصريين المقيمين في المملكة، منذ مرحلة ما قبل أو بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013م في مصر؛ حيث لم تبرز حركة ممانعة كبيرة لمواجهة هذه القرارات، وإعادة الصلات القوية التي كانت تجمع ما بين الإخوان والنظام الملكي السعودي، في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، أو تنوير الرأي العام السعودي بهذا الذي يجري وحقيقة هذه الاتهامات.
فلم يتم رصد جهد فعال على المستوى الإعلامي والمجتمعي، يواجه هذه الظواهر كافة، ويعمل على تصويب المفاهيم، إلا من خلال بعض الرموز المجتمعيين المحسوبين على الإخوان، وحاولوا في الأشهر الماضية استغلال مساحة الانفتاح النسبي مثل الشيخ علي بن عمر بادحدح، أو الدكتور إبراهيم الدويش، ولكنها أولاً لم ترقَ لمستوى الفاعلية المطلوبة، ولم تندمج معًا أو مع جهود أخرى في إطار مؤسسي منتظم يعمل على مواجهة هذه التحولات، ومن قبلها، استغلال حالة الانفتاح النسبي!
المبحث الثالث
الممارسات الإقليمية والدولية للمملكة تجاه الإخوان
يُعتبر الجانب الأكثر تعقيدًا في سياسات وعلاقات الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وحكومته، مع الإخوان المسلمين، هو الجانب الأكثر تنوعًا وتعقيدًا، وكذلك الأكثر ارتباطًا بالتطورات الإقليمية المتعلقة بالربيع العربي، ومن بين ذلك الأوضاع في دول الأزمات من اليمن وسوريا وحتى ليبيا وتونس، وبطبيعة الحال مصر.
فقد بدأ الملك سلمان في الالتفات إلى سياسات المملكة الخارجية، وفحص محتوى القضايا المرتبطة فيها، بالأمن القومي للنظام والدولة، والمصالح الحيوية لكلا الطرفَيْن، بعد أن عمد إلى ترتيب أوراق السياسة والحكم على المستوى الداخلي، بسلسلة التغييرات والقرارات التي فكك بها ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح دولة سلفه الراحل الملك عبد الله، وتعزيز وجود أجنحة معينة في الأسرة المالكة، السديريين أساسًا، وتحييد أخرى، مثل آل الفيصل.
أولاً: السعودية والإخوان في اليمن:
كانت البداية من عاصفة الحزم في اليمن في مارس من العام 2015م، وتبعًا لأهمية الملف بالنسبة للأمن القومي السعودي لارتباطه بأمن الحدود الجنوبية، والمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة، مع اجتياح الحوثيين المدعومين من إيران، لليمن، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء ومعسكرات وقواعد الجيش اليمني، في صيف العام 2014م؛ بدأت الرياض في إعادة النظر في خريطة تحالفاتها، بحيث أضحى الإخوان المسلمون في اليمن، جزءًا منها.
أيد التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن)، عاصفة الحزم، في الثالث من أبريل 2015، بعد بدء العمليات بحوالي أسبوعين، وهو ما كان محط تساؤلات حول أسباب تأخر إخوان اليمن في إعلان موقفهم، وانتقادات – كذلك – لهذا السبب(31 ).
قبل ذلك كان أول احتكاك مباشر بين الملك سلمان، وبين استحقاقات ملف الإخوان المسلمين، في الخارج، على المستوى الإقليمي، وتبعات سياسات سلفه الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، مع الزيارات المتواترة التي قامت بها شخصيات إقليمية ذات تأثير، وذات ثقل دولي، ومحسوبة على الإخوان المسلمين، أو داعمة لهم، وللربيع العربي خلال فترة العزاء في الملك عبد الله.
وكان أهم هؤلاء، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس، راشد الغنوشي، والذي تكررت زياراته بعد ذلك إلى المملكة، مما تم تفسيره بأنه يلعب دور وساطة بين الملك سلمان، وبين الإخوان، وأن ذلك يتضمن مصالحة في مصر بين النظام وبين الإخوان المسلمين(32 ).
وفي 25 أغسطس 2015، نشرت صحيفة اللوموند الفرنسية تقريرًا مهمًّا بعنوان: الرياض تتقارب مع الإخوان المسلمين، قالت فيه إنه منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى السلطة، ظهرت ملامح التقارب بين المملكة العربية السعودية وجماعة الإخوان المسلمين؛ حيث تسعى السعودية إلى تشكيل أوسع جبهة سُنِّيَّة ممكنة ضد إيران وبهدف إنشاء طوق محكم جدا لمواجهة تنظيم داعش الذي يشكل هوسًا آخر. واعتبرت الصحيفة أن الملك سلمان ليست لديه تلك الحساسية القوية من الإخوان المسلمين بقدر ما كانت موجودة عند سلفه الملك عبد الله بن عبد العزيز( ).
الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، قال في ذلك الحين، وهو ما اهتمت به اللوموند، إن الإخوان يتمتعون بنفوذ قوي في كل من اليمن وسوريا وفلسطين، لذلك كان لا بد من التقارب معهم من جديد بعد تلك القطيعة التي حدثت بعد عام 2011م، وفي هذا الإطار تم استقبال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الرياض من قبل الملك سلمان، وهي زيارة لم تمر مرور الكرام، كما قال خاشقجي. وقال أيضًا إن الإخوان المسلمين في اليمن لديهم نفوذ قوي، وقال إن اليمن سوف تشكل اختبارًا للشراكة بين الطرفَيْن.
وفسَّر مراقبون تصريحات وزير الخارجية السعودي الراحل، سعود الفيصل، بشأن أنه لا مشكلة بين المملكة والإخوان، وأن المشكلة فقط مع مبايعي المرشد العام؛ على أنه تمييز من جانب السلطات السعودية بين الإخوان في مصر، وبين فروع الإخوان الأخرى.
في تلك الفترة، كانت زيارة خالد مشعل إلى المملكة، والتي كانت قد ظهرت قبلها تقارير أشارت إلى أنه تم بحث مسألة انضمام حماس إلى التحالف العربي الذي يقاتل في اليمن، والقيام بدور الوسيط بين الرياض، وبين إخوان اليمن.
وبالرغم من أن حماس نفت ذلك في فترات متفاوتة من العام 2015م(34 )؛ إلا أنه لا يمكن بحال القول إنه لم تُجْرَ أية اتصالات بين الرياض وبين كلا الطرفَيْن؛ حيث إن لقاءات مشعل مع الملك سلمان والمسؤولين السعوديين، تمت، واعترف بها الجانبان، كما أن هناك الكثير من التقارير التي تؤكد أن عددًا من قيادات الإصلاح اليمني في المملكة، قد استقروا في السعودية، بعد اندلاع عاصفة الحزم، وأن الرياض قامت بعقد مصالحة بينهم وبين الرئيس اليمني علي منصور هادي، خلال فترة وجود الأخير في السعودية(35 ).
ومما يشير إلى جدية نوايا الملك سلمان في هذا الإطار، هو تعيين نايف البكري، القيادي السابق في حزب الإصلاح، محافظًا لعدن بعد استعادتها من الحوثيين، في صيف 2015، مع كونه شخصية تخظى بالقبول من جانب أبناء المدينة والمجموعات المسلحة المنضوية أسفل ما أُطلق عليه اسم المقاومة الشعبية بعد بدء عاصفة الحزم.
هذه الوتيرة من الصيرورات لم تستمر، ولا يمكن بحال القول إن الملك سلمان كان يدير لعبة لمصلحة النظام المصري أو الحكومة الإماراتية لهدف ما؛ حيث إن هناك بالفعل إجراءات تنفيذية تعبر عن تغييرات، تم أخذها بالفعل، وكانت اليمن أهم الساحات التي أخذت فيها المواقف السعودية تغييرات جذرية من الإخوان المسلمين، في عهد الملك سلمان(36 ).
ثانياً: التقارب السعودي القطري التركي:
لا تخص تغييرات الملك سلمان التي وقعت على المستوى الإقليمي والدولي، فيما يتعلق بملف الإخوان المسلمين، موقف الرياض الملكية وليس الرياض الحرس القديم، الأفرع الإخوانية في المنطقة والعالم؛ حيث أخذت اتجاهًا آخر، وهو ذلك المتعلق بعلاقات الرياض مع الدول التي تدعم الإخوان المسلمين، وعلى رأسها قطر وتركيا.
في هذا الإطار، هناك خلفية مهمة وجب ذكرها، في عهد الملك عبد الله، حيث تم التوصل إلى اتفاق عرف بـاتفاق الرياض، وجب على قطر بموجبه الالتزام بالسياسة الخليجية الموحدة أو شبه الموحدة في التعامل مع الربيع العربي والإخوان المسلمين، وكانت سياسات هجومية في الغالب، وكان ذلك شرطًا لإعادة سفراء الرياض وأبوظبي والمنامة إلى الدوحة، وكانت البلدان الثلاثة قد سحبتهم في ظل أزمة مستحكمة بينها وبين الدوحة حول الانقلاب في مصر، والأوضاع في ليبيا. ولكن الملك سلمان مال إلى التهدئة مع قطر وإعادة تطبيع العلاقات معها، بالرغم من عدم التزامها باتفاق الرياض، واستمرارها في استضافة بعض الإخوان المسلمين المصريين. وكان ذلك هو ذات الموقف مع تركيا، في إطار رغبة الرياض في تنفيذ سياساتها في كل من اليمن وسوريا، بشكل أكثر فاعلية.
ومن بين مؤشرات هذا التقارب، كما تقدم، هو تغاضي الرياض عن تنفيذ الدوحة لاتفاق الرياض، مع تبادل البلدَيْن لزيارات مهمة على مستوى القمة، خصوصًا من جانب قطر؛ حيث زار أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، السعودية، ثلاث مرات في أول ستة أشهر من تولي الملك سلمان للحكم.
وفي حدث مهم في هذا السياق، كان من اللافت أن أصدر مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولأول مرة، انتقادات لمصر على خلفية اتهامها لقطر بأنها دولة داعمة للإرهاب، قبل أن يتم حذف البيان بعد ذلك تحت ما بدا أنه ضغط إماراتي كبير على المجلس، وهو ما لم يكن ليتم لولا تأييد أو على الأقل حياد سعودي( 37).
وذات المنطق ساد العلاقات السعودية – التركية؛ حيث تم تبادل الزيارات بين البلدين، وهو ما شمل مسؤولين عسكريين، من بينهم رئيس الأركان السعودي، اللواء عبد الرحمن بن صالح البنيان إلى تركيا( 38)، في أكتوبر الماضي.
وكان لتلك الزيارة على وجه الخصوص، صدىً مهمًّا، باعتبار أنها جاءت بعد تصريحات لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بشأن خيار عسكري في سوريا؛ حيث رأت أوساطًا أن هذه الزيارة تزيد من حجم التعاون العسكري بين الرياض وأنقرة، ومدى إمكانية التدخل العسكري في سوريا، بعد التدخل الروسي العسكري المباشر هناك، في ظل سلبية أمريكية واضحة.
وبالعودة إلى وثيقة مجلس الأمن الوطني السعودي( 39)، فإن الخبراء الذين أعدوها، قد بدأوا في وقت مبكر من ولاية الملك سلمان في التوصية بأنه يجب أن تحرص المملكة في المدى القريب على الاقتراب أكثر من الخط التركي القطري في إطار وسياق التحفُّظ على الخطر الايراني والتمدد الداعشي المحتمل.
وبحسب الوثيقة، فإن البقاء بالقرب من دوائر التاثير التركية والقطرية خطوة ضرورية للحفاظ على الهواجس السعودية المعتادة في مسالة الملف الإيراني، خصوصًا وأن الرياض تترقب تحديد اسراتيجيتها في ظل ملامح الاتفاق النووي الوشيك (في ذلك الحين) بين إيران والادارة الامريكية.
ونصحت الوثيقة كذلك، بالأخذ بما دار في حلقة نقاشية مغلقة تمت في وقت سابق من العام 2015م، بين دبلوماسيين غربيين وأردنيين، أشارت إلى أن سياسة السعودية تبدو أقل تشددًا من الاخوان المسلمين، ومن حركة حماس، ولكن من دون الانتقال إلى مستوى تغيير الإطار القانوني الذي يصنف الإخوان المسلمين ضمن المنظمات الإرهابية في المملكة.
ثالثاً: العلاقات السعودية المصرية:
على الإثر تواترت تقارير عن تدهور في العلاقات المصرية – السعودية، لهذا السبب؛ حيث بدأت القاهرة في التغريد بعيدًا عن رغبات الحليف السعودي في الملف السوري، وبدأت في الحديث عن ضرورة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد. ويرى مراقبون أنه بالرغم من أن مواقف الإمارات ومصالحها قد تكون قريبة من السعودية؛ إلا أن الواقع في الحالة المصرية ليس كذلك؛ حيث إن المواقف والمصالح المصرية متعارضة، ومتناقضة مع السياسة السعودية( 40).
فالقاهرة أعادت فتح سفارتها في دمشق، كما أعلنت القاهرة صراحةً رغبتها في البقاء على نظام الأسد، لعدد من الأسباب، ومن بينها عدم إيجاد موطئ قدم للإخوان في سوريا، فيما لو سقط الأسد. وشهدت تلك الفترة تلاسنات بين الإعلام المصري والسعودي، مع تقليص الرياض لمستوى دعمها للنظام المصري، ومن ثَمَّ؛ تم تفسير ذلك بأنه أحد صور تحولات مواقف الرياض لصالح الإخوان.
هناك تداخل كبير هنا بين موضوع الورقة، وبين العلاقات السعودية المصرية؛ حيث إن هذه العلاقات هي المعادل العكسي لعلاقات الرياض مع الإخوان بأطيافهم التنظيمية المختلفة لو صح التعبير؛ فلو تحسنت العلاقات بين الرياض والإخوان؛ نجد أنها تسوء مع القاهرة، والعكس، وهو ما أثبتته الحوادث التي وقعت في السنوات الثلاث إلا بضعة أشهر التي تلت الانقلاب.
في خضم هذه التطورات، ظهرت بعض الأمور التي تشير إلى أن سياسات الملك سلمان، لا تحظى بقبول كامل من الحرس القديم في النظام السعودي، في ظل الصورة الذهنية المترسخة هناك في شأن الإخوان المسلمين، كجماعة إصلاحية داعية للتغيير، كما تقدم في المدخل. ولذلك نجد أن النصف الثاني من العام 2015، حفل بالكثير من التقارب مع القاهرة، وتباعد بنفس الدرجة مع الإخوان المسلمين، حتى في اليمن، وكان للإمارات دور كبير في هذا الإطار.
فمع زيارة ولي ولي العهد وزير السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لمصر في يوليو وأكتوبر 2015، بناءً على دعوة مصرية، ذهبت العديد من التحليلات إلى القول بأن الزيارات وإعلان القاهرة الصادر عنها هما تأكيد على أن العلاقات بين البلدين جيدة، وأن الزيارات والإعلان جاء ليخرسا الألسنة والأقلام الإخوانية التي تتحدث عن فتور في العلاقات(41 ).
وفي نفس الفترة تقريبًا، بنهاية صيف 2015م، وبداية الخريف، شهدت السياسة السعودية تجاه الإخوان المسلمين، بعض التحولات الأخرى التي أدت إليها ضعوط من جانب القاهرة وأبوظبي، وكان من بين مؤشراتها الأهم، عزل نايف البكري من منصبه كمحافظ لعدن(42 ).
ثم اختُتم العام الأول لحكم الملك سلمان، بسلسلة من الارتكاسات على ما بدأ به إزاء ملفات الربيع العربي والإخوان المسلمين، وكذلك العلاقات مع النظام الانقلابي في مصر. ولعل أهم هذه الارتكاسات، هي تلك المتعلقة بقرارات الدعم الاقتصادي لمصر التي أطلقها الملك سلمان خلال القمة العربية – اللاتينية الرابعة، في الرياض في نوفمبر 2015، ومن بينها ضخ مليارات جديدة كاسثتمارات في الاقتصاد المصري، ودعم البرنامج المصري لتوفير الوقود، لمدة خمس سنوات.
كما أنه ثمَّة موقف غير واضح في التناولات التي تحدثت عن موقف الملك سلمان وتطوره من الإخوان المسلمين، وتتعلق بالموقف السعودي من التقرير البريطاني المتعلق بالإخوان المسلمين، والذي قاد السفير البريطاني السابق لدى الرياض، السير جون جينكينز، فريق العمل الذي أعده.
ففي بداية العام، تواترت تقارير بأن الموقف السعودي المستَجَد من الإخوان المسلمين، كان وراء حجب التقرير لبضعة أشهر(43 )، حتى تم الإفراج عنه في نوفمبر 2015، فيما فُسِّر في حينه بأن عقبة الرياض قد زالت، باعتبار أن التقرير بالرغم من أنه يشير إلى ارتباط بعض أجنحة الإخوان بتنظيمات تتبنى فكر العنف؛ إلا أنه برأ الجماعة من تهمة الإرهاب، وهو ما كانت كل من الرياض والقاهرة وأبوظبي، في البداية، تريد من التقرير إقراره.
وفي الأخير؛ فإننا أمام حالة من التردد – لا يعني التذبذب بقدر ما يعني التواتر والارتكاس – في إدارة السياسة الخارجية لواحدة من أكبر الدول العربية والإسلامية، ومن أكثرها تأثيرًا، تجاه ملف يُعتبر بدوره من أهم الملفات، في ظل حجم الدور الذي يلعبه الإخوان المسلمون في الدول التي يتواجدون فيها، وكذلك على مستوى السياسات الإقليمية.
في المقابل كانت جماعة الإخوان، سواء في المملكة، أو أفرعها في الدول المعنية بالعلاقات مع السعودية، أو بشكل عام؛ في صفة المفعول به، فلم تأخذ مبادرات لتعظيم المكاسب في البداية، وترسيخ أقدامها، من خلال ربط نفسها بمصالح مرعية معتبرة، أو تدفع باتجاه مصارحة في مرحلة الارتكاس التي تلت صيف العام 2015م.
خاتمة: خلاصات ونتائج
أول ما يمكن استنباطه من نتائج، من التفاصيل التي أحاطت بالتطورات التي شهدتها سياسات الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تجاه الإخوان المسلمين على مختلف المستويات الداخلية والخارجية بتقاطعاتها النوعية، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هو أن المصالح كانت هي كلمة السر في توجيه هذه السياسات.
فكانت مصالح الرياض هي التي حركت الملك سلمان أولاً في محاولة لدمج الإخوان المسلمين في معادلة صراعات وأزمات المنطقة، كعامل إسناد، وكانت هي كذلك التي دفعت إلى الابتعاد الذي قد يراه البعض مفاجئًا، ولكنه كان متوقعًا، في فترة ما بعد صيف دافئ في العلاقات السعودية – الإخوانية؛ حيث رأت الرياض أن تحالفاتها مع الحكومات والأنظمة القائمة في المنطقة أفضل، في ظل طبيعة الصراع مع إيران، والذي يتطلب دولاً لمحاصرة مشروعها الإقليمي، بينما لا تصلح الجماعات والتنظيمات على غرار الإخوان المسلمين، وأذرعها القُطْرية، مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، إلى مثل هكذا مهام، إلا في مهام محددة، كأن تلعب أدوارًا كميليشيا مسلحة.
وهو ما رفضته حماس، ولا يمكن لإخوان مصر القيام به بأية حال، سواء على المستوى المبدئي، أو على مستوى الظروف والممكنات المتاحة، فيما لم يستطع إخوان اليمن التحول بالكامل إلى العمل المسلح، لظروف تتعلق بكونهم في الأساس قوة سياسية واجتماعية، وخوضها غمار معركة الرياض في اليمن؛ سيعني – في ظل تطورات الحرب، وارتفاع ثمنها الإنساني – فقدان التجمع اليمني للإصلاح أكثر من مجرد تعاطف الجماهير معه.
الملمح الثاني، هو حاكمية ملف إيران في توجيه السياسة السعودية؛ حيث المواجهة حاليًا وصلت إلى مستوىً مكشوف غير مسبوق، وبالحديد والنار على جبهات اليمن وسوريا والبحرين، وغيرها، ومن خلال العديد من المؤشرات؛ فإن الاوضاع مرشحة للتصاعد خلال فترة سنوات قادمة بين الرياض وطهران، وفي ظل حساسية الموقف وأولوية الملف بالنسبة للرياض؛ فإن التحالفات والخصومات الراهنة بالنسبة للرياض، سوف تكون بدورها مرشحة للاستمرار خلال الفترة المقبلة، مع توقعات باستقرار خريطة التحالفات والخصومات هذه، خلال الفترة القادمة، بخلاف العام الأول لحكم سلمان؛ حيث ترسخت سلطة الحرس القديم في بلاط آل سعود، وهو تيار يناصب الإخوان المسلمين العداء، ويعتبرهم ناكري جميل بحسب تعبير الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، وزير الداخلية السابق، وأحد أهم من رسموا سياسات المملكة تجاه الإسلام السياسي(44 ).
والجناح المهيمن حاليًا على السياسة السعودية، هو ذلك الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان، وهو – بحسب العديد من التقارير الغربية، لم يزل شابًّا طموحًا، طامعًا في المزيد من السلطة، وبالتالي، ولئن كان هناك موقف سلبي للنظام السعودي من الإخوان باعتبار أنهم يطرحون خطاب التغيير والإصلاح؛ فإنه، وفي ظل تطورات ما بعد الربيع العربي، وطموحات الأمير سلمان؛ سوف يكون العداء والانفصال هو الاحتمال الأكيد في العلاقة بين الرياض وبين الإخوان(45 ).
الملمح الثالث والأهم، هو أن الإخوان المسلمين – على الجانب الآخر – لم يستطيعوا تقديم ما يثير اهتمام صُنَّاع القرار في المملكة، وفي دول الإقليم بشكل عام، واستسلموا لسياسة رد الفعل، مما جعلهم عرضةً للمزيد من الهجمات لإسقاط حتى ما استطاعوا الحفاظ عليه من مكتسبات، كما يحدث في تونس؛ حيث تذهب بعض التقديرات، إلى أن ما يجري في تونس من اضطرابات في الوقت الراهن، مرتب من جانب قوى إقليمية، مثل الإمارات، من أجل إسقاط آخر بقايا ثورة الياسمين، ممثلة في وجود حركة النهضة الإسلامية، في الحكومة الحالية في تونس( 46).
ويرتبط ذلك بأمر شديد الأهمية قاد إلى التحولات التي طرأت على سياسات النظام السعودي من الإخوان المسلمين، هو اتساع نطاق أزمة الإرهاب، أو بمعنىً أقرب، اتساع نطاق تهديد السلفية الجهادية في الشرق الأوسط، وفي أوروبا وآسيا، وهو ما أنشأ هاجسًا قويًّا من التعامل مع أية قوة من قوى الإسلام السياسي، وبطبيعة الحال؛ فالإخوان المسلمين على رأس القائمة.
فالحرب العالمية الراهنة على ما يُسمَّى بالإرهاب، وهدفها الأساسي تنظيم داعش الغامض بالفعل، قاد إلى المزيد من الحذر، حتى في الغرب، من التعامل مع قوى مرتبطة بمصطلح الإسلام السياسي.
عودة الرياض إلى موقفها السلبي من الإخوان مجددًا، كما ظهر في سلسلة القرارات المتبناة على المستوى الداخلي، في أكتوبر ونوفمبر 2015م، سيؤدي إلى العديد من الأضرار على المدى الطويل؛ حيث إن هذه الإجراءات قادت إلى المساس بروافد أساسية كانت الأهم بالنسبة للإخوان المسلمين في السعودية، مثل العمل الخيري والمنابر المسجدية والتعليمية.
كذلك لا يمكن تجاهل أن هذه الإجراءات سوف يكون لها انعكاسات على مشروع التغيير في مصر، فالموقف السعودي إزاء الإخوان، لا يقتصر في تأثيره على الإخوان في جوانبها المباشِرة؛ حيث إن السياسة السعودية تجاه الإخوان ترتبط بمنظومة متكاملة من السياسات تشكل استراتيجية الرياض العامة في المنطقة. ومن بين أركان هذه الاستراتيجية السعي إلى مصالحة داخلية في مصر، من أجل تحسين قدرة مصر على التصدي للتهديدات الإقليمية الأخرى التي تهم الرياض، وهي تحديدًا: إيران وداعش، وهو ما ينتقص – مباشرةً، وبشكل تلقائي – من كفة الإخوان المسلمين.
ويزداد التأثير في هذا الاتجاه، أن الرياض تمارس ضغوطًا على الحكومات التي تدعم الإخوان المسلمين في المنطقة، وعلى رأسها تركيا، التي ترفض – في المقابل – هذه الضغوط السعودية، وهو ما يشكل عائقًا أمام قيام تحالف سليم البنيان بين الرياض وأنقرة، في الأزمة السورية والملفات الإقليمية بشكل عام.
——————————————
هوامش
(1) قام المعهد المصري للدراسات بإعداد 3 تقديرات موقف حول التحولات الداخلية في المملكة وتداعياتها على الإخوان المسلمين، وتم الاعتماد عليها في تطوير هذه الورقة الشاملة
(2) حديث عن مصالحة بين مصر وقطر وتركيا برعاية سعودية، عربي21، 27 فبراير 2015م، للمزيد طالع الرابط
(3) خالد مشعل يزور السعودية لأول مرة منذ سنوات ويلتقي الملك سلمان، سي. إن. إن عربية، 18 يوليو 2015م، للمزيد طالع الرابط
(4) الغنوشي في السعودية معتمراً ومبادراً لمصالحة مصرية، العربي الجديد، 11 يونيو 2015م، للمزيد طالع الرابط
(5) مشعل وسيطا بين السعودية وحزب التجمع اليمني للإصلاح، وكالة معا، 16 يوليو 2015م، للمزيد طالع الرابط
(6) للمزيد من التفاصيل:
– القاسم، عبد العزيز: بل هدى ونور يا عزام الدخيل، الوطن السعودية، 3 أغسطس 2015م، للمزيد طالع الرابط
– هاشتاق الهجوم على «فصول التحفيظ» يتحوّل إلى عاصفة لتأييد «الدخيّل»، تواصل، 30 يوليو 2015م، للمزيد طالع الرابط
– كتاب ليبراليون يهاجمهون وزير التربية بسبب قرار فتح فصول لتحفيظ القرآن، المرصد، 30 يوليو 2015م، للمزيد طالع الرابط
(7) من خلال مسح قام به الباحث لمصادر إعلامية سعودية، خلال شهر ديسمبر، فقد نشرت صحف الحياة وعكاظ والرياض، ومصادر إعلامية سعودية أخرى، مجموعة من المواد التي تتعرض بالنقد الشديد لأفكار سيد قطب وحسن البنا، وهاجمت رموز إخوانية سعودية، من بينها الدكتور محمد العريفي، بسبب انتمائه الإخواني.
(8) لمشاهدة المقابلة، الرابط
(9) سيدي الجاش، عنفار: السعودية تتقرب من الإخوان.. فهل تخسر الإمارات؟، الحرة.نت، 26 أغسطس 2015م، للمزيد طالع الرابط
(10) المصدر السابق.
(11) هل يمكن للإخوان المسلمين الوثوق بالسعودية مع سلمان؟، نون بوست، للمزيد طالع الرابط
(12) للمزيد طالع الرابط
(13) السعودية: حزب الله والإخوان وداعش جماعات إرهابية، العربية.نت، 7 مارس 2014م، للمزيد طالع الرابط
(14) أحمد التلاوي، تغييرات الملك سلمان وتداعياتها الداخلية والخارجية، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، تم إعداده في فبراير 2015، ومنشور على الموقع الالكتروني للمعهد المصري بتاريخ 8 يناير 2016م، للمزيد طالع الرابط
(15) من يقف وراء الحملة على كتب الإخوان والمنظمات الخيرية في السعودية؟، كلمتي، 14 ديسمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(16) الموقع الرسمي للندوة، الهوية والتأسيس، للمزيد طالع الرابط
(17) للمزيد طالع الرابط
(18) روري دوناجاي، السعودية تقترب من تغيير سياستها تجاه الإخوان المسلمين، نون بوست، نقلاً عن الـميدل إيست آي، 14 فبراير 2015م، للمزيد طالع الرابط
(19) المصدر السابق.
(20) إغلاق معارض “الندوة العالمية للشباب الإسلامي” حتى إشعار آخر، المسار، 6 نوفمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(21) مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا والإخوان و«السيسي» يتبنى دورا انتقاليا لـالأسد، الخليج أونلاين، 19 يوليو 2015م، للمزيد طالع الرابط
(22) في المقابل يري البعض أن هذه المساعدات مشروطة، ومقيدة بالتزامات محددة، وليس كما كان هو الوضع في ظل فترة تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأن هناك بالفعل تغير في حجم وحدود الدعم السعودي، وأن هذا الدعم ما زال مستمراً في جانب منه لاعتبارات إقليمية ودولية، وليس بالدرجة الأولي دعما للسيسي ونظامه، ولكن للحفاظ على تحالفات المملكة الإقليمية في مواجهة صراعها المفتوح مع إيران.
ويدلل البعض على ذلك بالزيارات المستمرة للفريق سامي عنان، رئيس الأركان المصري السابق، إلى المملكة العربية السعودية، وظهور تقارير تتحدث عن طرحه كبديل لتسوية سياسية داخلية في مصر، في ظل الأزمات والإخفاقات التي يعاني منها نظام السيسي.
(23) 19 أغسطس 2015م، للمزيد طالع الرابط
(24) العرب اللندنية، 4 ديسمبر 2015م.
(25) المصدر السابق.
(26) المصدر السابق.
(27) السعودية.. خطوات أولى نحو إصلاح التعليم، صحيفة الاتجاه الديمقراطي، 19 ديسمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(28) شهادات حصل عليها الباحث من بعض الإخوان المصريين المقيمين في المملكة، وعلى صلة بقطاع التعليم العالي.
(29) هاشتاج ظهر في حينه على تويتر بعنوان: #عزام_يتخبط
(30) 8 نوفمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(31) التجمع اليمني للإصلاح يعلن تأييده عاصفة الحزم، الجزيرة.نت، 3 ابريل 2015م، للمزيد طالع الرابط
(32) الغنوشي في السعودية معتمراً ومبادراً لمصالحة مصرية، العربي الجديد، مصدر سابق.
(33) الرياض تتقرب من الإخوان المسلمين وأنصار القذافي يعودون إلى ليبيا، موقع إذاعة مونت كارلو الدولية، 25 أغسطس 2015م، للمزيد طالع الرابط
(34) حماس تنفي توسط مشعل بين السعودية وإخوان اليمن، الجزيرة.نت، 16 مارس 2015م، للمزيد طالع، الرابط
وطالع كذلك: صحيفة مقربة من #إيران تتهم #حماس بتدريب المقاومة في #اليمن، الإسلام اليوم، 3 نوفمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(35) أوردت وكالات ومصادر إخبارية يمنية مقربة من الرياض ومن الحوثيين، هذا الخبر، ومن بينها وكالة اليمن الآن، للمزيد طالع الرابط
(36) مثال ذلك، التعاون الوثيق الذي تم بين الجانبَيْن، وتكلل بتعيين البكري في هذا المنصب المهم، وبين موقف الملك عبد الله من إخوان اليمن، في العام 2014م، قبل وبعد اجتياح الحوثيين لصنعاء، وبدء تصفية حساباتهم مع الإخوان اليمنيين، وهو ما شمل اغتيالات وأعمال خطف وقصف شمل حتى الجامعات والمؤسسات الدينية. ففي فبراير 2014م، ذكرت صحيفة العرب اللندنية، نقلاً عن مصادر يمنية وصفتها في حينه بالمطلعة، أن الرياض رفضت التدخل لوقف هجوم الحوثيين لاعتبارها أن حميد الأحمر رَهَنَ مصير اليمن من خلال علاقته بقطر والإخوان. الصحيفة المقربة من الحكومتَيْن السعودية والإماراتية، قالت إن القيادة السعودية في ذلك الوقت، رفضت طلبًا من آل الأحمر لدعمهم والتدخل لوقف هجوم الحوثيين على مناطق نفوذهم القبلية، في مطلع العام 2014م، وهو الهجوم الذي أدى إلى استيلاء الحوثيين على المقر التاريخي لزعيم قبائل حاشد الراحل، الشيخ عبدالله الأحمر في منطقة عمران شمال اليمن. تلك المصادر قالت إن الرياض طلبت من آل الأحمر أن يحاربوا الإخوان قبل أن ينتظروا أية مساعدة من السعودية. أنظر: مصادر سعودية: الرياض ترفض دعم آل الأحمر ضد الحوثيين، صحيفة الجمهور نقلاً عن العرب اللندنية، 23 فبراير 2014م، للمزيد طالع الرابط
(37) صلاح عبد اللطيف، العلاقات المصرية السعودية: هل تغير شيء بعد تولي سلمان؟، مصر العربية، 8 أغسطس 2015م، للمزيد طالع الرابط
(38) رئيس الأركان السعودي في تركيا.. هل بدأ التنسيق العسكري؟، عربي21، 23 أكتوبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(39) السعودية: تجميد سري لبرنامج يطارد الاخوان المسلمين ماليًّا وأمنيًّا وتقرير استراتيجي يؤكد انحياز الملك سلمان للبقاء متقاربًا مع المحور القطري التركي، الرأي اليوم، 14 مارس 2015م، مصدر سابق.
(40) عبد اللطيف، صلاح: العلاقات المصرية السعودية: هل تغير شيء بعد تولي سلمان؟، مصدر سابق.
(41) المصدر السابق.
(42) تهديد إماراتي وراء إقالة محافظ عدن الإصلاحي نائف البكري، وكالة العهد اليمنية، 15 سبتمبر 2015م، للمزيد طالع الرابط
(43) تقرير بريطانيا عن الاخوان.. بين رضا سلمان وغضب أل نهيان، موقع الأمة، 14 مارس 2015م، للمزيد طالع الرابط
(44) موقف المملكة من الجماعة الإرهابية يعود إلى عقود عدة.. الأمير نايف قبل 13 عامًا لـالسياسة: كل مشكلاتنا جاءت من “الإخوان المسلمين، السياسة الكويتية، 9 مارس 2013م، للمزيد طالع: الرابط
(45) وزير الدفاع السعودي: الأمير الشاب الذي يقلق العالم، بي. بي. سي، 16 ديسمبر 2015م، للمزيد طالع: الرابط
وطالع أيضًا: الإندبندنت: الأمير السعودي الذي يلعب بالنار، بي. بي. سي، 10 يناير 2016م، للمزيد طالع: الرابط
(46) موقع تونسي: الإمارات أوفدت دحلان إلى تونس لإشاعة الفوضى، عربي21، 22 يناير 2016م، للمزيد طالع: الرابط