السياسة الجزائرية المتوسطية: تركياً نموذجاً
السياسة الجزائرية المتوسطية: تركياً نموذجاً
مقدمة:
تبرز منطقة المتوسط كأحد الفضاءات الجيوسياسية الهامة، التي باتت تشهد حركة متنامية وجملة من التفاعلات نظراً لخصوصياتها المحلية وموقعها في مدار التنافس الدولي بين القوى العالمية، خاصة بعد التحولات التي عرفتها المنطقة مع نهاية الحرب الباردة على المستوى السياسي والاقتصادي الهيكلي، وما صاحبها من إرهاصات على بنية الدول الواقعة فيها، لتمتد تداعياتها عبر عقدين من الزمن.
خلال ما يقارب ثلاث عقود (1962 – 1989) ركزت الجزائر على الأطر الجيوسياسية العربية، المغاربية، الأفريقية، نظراً لوجود دوافع قومية، سياسية وأيديولوجية تؤكد ارتباط الجزائر بهده الفضاءات، مستبعدة الدائرة المتوسطية من حيز اهتماماتها، بسبب غياب رابط قومي إيديولوجي يوحد ضفتيه. لكن منذ التسعينات استوعبت الجزائر الأهمية الكبرى للدائرة المتوسطية كدائرة مستقلة بطبيعة مختلفة من التفاعلات والتهديدات، فأصبحت لهذه الدائرة مكانة مركزية في السياسة الجزائرية.
تعتبر الجزائر الدولة الوحيدة في الضفة الجنوبية التي تأخذ بالبعد المتوسطي لسياستها الخارجية في دستورها، ويمكن تفسير اهتمامها المتجدد بهذا المجال الذي يرجع لبداية التسعينات إلى موقعها الجيوسياسي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وباعتبارها تاريخياً دولة محورية في صنع الأحداث في المنطقة، جغرافياً ذات امتداد وتنوع طبيعي وبوابة لأفريقيا، أما اقتصاديا فهي تضم مقومات مادية وبشرية هائلة ذات امتدادات مستقبلية، واحتياطات لا يستهان بها، أما سياسياً فقد اكتسبت الجزائر منذ الثورة التحريرية مصداقية القرارات والسياسات الوطنية خاصة على المستوى الخارجي، مما مكنها من بناء مواقف على المستوى الدولي تميزت بالثبات والصلابة ما جعلها محط اهتمام دول العالم.
ولقد شهدت منطقة المتوسط تحولات عميقة وشاملة خاصة بعد الحراك العربي 2011، وما نتج عنه من انتكاسات وحروب وأزمات، وبروز دور مباشر لقوى إقليمية ودولية في تأجيج وتوظيف هذه الأزمات. أمام هذا الوضع باتت البيئة الأمنية الجديدة والمعقدة تطرح العديد من التحديات على بنية العديد من الدول من بينها الجزائر، وهذا نظراً لعمقها الاستراتيجي المتوسطي، حيث أثرت المتغيرات الراهنة في منطقة المتوسط على الأمن القومي الجزائري هذا ما دفع الجزائر لمراجعة سياستها في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وباعتبار العلاقات بين تركيا والجزائر كانت قائمة على التحالف والتعاون منذ العهد العثماني، يحاول البلدين استحضار المنطق الذي كان سائداً أيام الدولة العثمانية وفق مقتضيات تستجيب للعصر الحالي، فكلاهما بحاجة لتنامي هذه العلاقات، نظراً لمقتضيات التحولات الجيوستراتيجية العالمية الراهنة.
1-التحديد الجيوسياسي للمنطقة المتوسطية وموقع الجزائر منها:
اشتق اسم البحر الأبيض المتوسط من كلمتين لاتينيتين هما (Medius)أي المتوسط و(Terra) أي الأرض[1]، يعتبر أكبر بحر في العالم حيث تبلغ مساحته 2.5 مليون كيلو متر مربع؛ ينقسم إلى حوضين يتصلان ببعضهما عبر مضيق صقليا هما: الحوض الغربي (المتوسط الغربي) الممتد من جبل طارق إلى رأس بون (Cap Bon) بتونس المنسحب على أكثر من 1600 كم، والحوض الشرقي (المتوسط الشرقي) المنسحب على 2260 كم[2].
تتعاظم أهميته الجيوستراتيجية لاعتبارات عدة في مقدّمتها موقعه الذي يتوسط الأرض تقريباً؛ حيث يربط أقدم ثلاث قارات في العالم وأكبرها أيضاً (آسيا وأفريقيا وأوروبا)؛ كما يعتبر بمثابة الشريان الحيوي للتجارة العالمية، كونه معبراً أساسياً وهاماً للسفن التجارية نحو الأسواق العالمية. دون أن ننسى بأن البحر الأبيض المتوسط يعتبر مورد هام للثروات والطاقات الاقتصادية والإستراتيجية التي تحتويها المنطقة، وهو ما أعطى بعداً آخر للاهتمام بالمنطقة من حيث اعتبارها شريان اقتصادي للقوى الكبرى الإقليمية والدولية[3]. ويورد “فرنان بروديل، Fernand. Braudel[4] “في هذا الصدد أن: ” المتحكم في البحر دوماً هو المتحكم في الثورة“[5]. ويذكر بروديل أيضاً في كتابه البحر المتوسط والعالم المتوسطي: “…لعب الاقتصاد دوراً حاسماً في تاريخ البحر المتوسط في أغلب الأحيان وفي الثورات التي يأتي بها كمسطح للنقل، فسيد هذه الثورات من سيطر على البحر، فلم يكن هذا البحر بسعته يقبل بسيد واحد في آن واحد، وليس من الضروري أن يكون هذا السيد سياسياً كروما كما يظهر لنا للوهلة الأولى، وإنما السيد المبادلات، التفاوت، وفروق المستويات في الحياة التجارية“[6].
يحتل البحر الأبيض المتوسط مكانة متميزة في السياسة الدولية المعاصرة لأهميته الاستراتيجية والجيوستراتيجية منذ أقدم الحضارات الإنسانية وحتى الوقت الحاضر، وسيضل كذلك طالما أنه ينفرد بموقعه الجغرافي كونه يمثل منطقة الاتصال الرئيسية بين ثلاث قارات من العالم، كل واحدة لها أهميتها السياسية والاقتصادية، فهو لا يمثل الملتقى الجغرافي فحسب، بل الجيوسياسي والاقتصادي والعسكري والسياسي، وهو محور رئيسي من محاور الاستراتيجية العالمية المعاصرة. وللتأكيد على الأهمية الجيوبوليتيكية للبحر الأبيض المتوسط فقد ذهب العديد من الباحثين أمثال “مورتن كابلان، Mortan kaplan” إلى القول: “أن مستقبل السياسة العالمية سيعتمد على الأقل في العقد القادم، احتمالاً للجيل القادم أيضاً على تطور المنطقة المحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسط“[7]. كما كتب “ألفريد ماهان، Alfred Mahan” الخبير الأمريكي في الاستراتيجية البحرية في أواخر القرن التاسع عشر يقول:” جعلت الظروف البحر الأبيض المتوسط يلعب دوراً تجارياً وعسكرياً في تاريخ العالم أكبر مما لعبه أي مسطح مائي آخر يتمتع بالحجم ذاته، فقد سعت أمة بعد أمة للسيطرة عليه، ولا يزال الصراع مستمراً وهذا التقييم صعب تحديه“[8].
الملاحظ أن حوض البحر الأبيض المتوسط ليس كتلة مائية تفصل بين مساحات الأرض لكل من أوروبا، أفريقيا وآسيا فحسب، إنما هو بحر تحيطه دول متجاورة ذات هويات ومصالح مختلفة تماماً، ومنطقة لها وضع خاص كوحدة جغرافيا تربط الدول باهتمامات مشتركة لمشاكلها المحلية التي تزيد تعقيداً وتشابكاً واتساعاً، هو ما جعل البحر الأبيض المتوسط فضاء للصراع والتنافس على المصالح من جهة، والتعاون والشراكة من جهة أخرى.
تحتل الجزائر كفاعل دولي وضعاً محورياً وهاماً في منطقة المتوسط، يفسر موقعها الجغرافي جانباً أساسياً من هذه الأهمية، فهي نقطة التقاء أوروبا وأفريقيا والعالم العربي، تمتد جغرافياً من البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى عمق القارة الأفريقية جنوباً، وهو موقع استراتيجي، إذ يتوسط القارات الأربعة، أفريقيا، أوروبا، وآسيا وأمريكا، مشكلاً معبراً أساسياً بين القارة الأفريقية وأوروبا. تعتبر الجزائر بمساحتها التي تبلغ 2.4 مليون كم مربع، أكبر دولة في قارة أفريقيا بعد تقسيم السودان، كما تتوفر الجزائر على حدود برية واسعة ( أكثر من 7000 كم ) مع سبع دول مجاورة وحدود بحرية تبلغ 1200 كم[9].
تاريخ الجزائر كان عبارة عن سلسلة من الاحتلال والغزو الأجنبي الذي فرض في حقبة زمنية معينة المقاومة من أجل الاستقلال، وهي مرحلة الاستعمار الفرنسي، ولطالما شكلت جبهة “البحر الأبيض المتوسط”، جبهة انكشاف بالنسبة للجزائر، حيث أن كل الغزوات التي عرفتها جاءتها من ناحية المتوسط إبان فترة الحكم العثماني[10]، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على الأهمية الاستراتيجية للمتوسط بالنسبة للجزائر منذ مئات السنين إلى يومنا هذا. لهذا أصبحت مسألة تأمين المتوسط بالغة الأهمية بالنسبة للجزائر، هذا ليس فقط لأنه شكل على مر العصور جبهة انكشاف استراتيجية، ولكن أيضاً لأن الأمن الجزائري عموماً والاقتصادي خصوصاً مرهون باستقرار هذه المنطقة، ذلك لأن المتوسط يشكل الطريق الوحيد تقريباً الذي تتم عبره مبادلات الجزائر التجارية مع الخارج منذ الاستقلال[11].
على هذا الأساس تم إدراج البعد المتوسطي للجزائر في المصاف نفسه للدوائر الأخرى في دستور 1989، الذي أقر في ديباجته بأن: “الجزائر أرض الإسلام وجزء لا يتجزأ من المغرب العربي الكبير، وأرض عربية[12]، وبلاد متوسطية وأفريقية[13]“، نلاحظ بأن الاعتراف بالمتوسطية كدائرة مستقلة عن الدوائر الأخرى قد ورد ذكره قبل الدائرة الأفريقية، مما يعبر حياداً عن التراتبية المألوفة التي اعتاد الخطاب الرسمي الجزائري عليها في الماضي، والتي تأتي فيها الدائرة المتوسطية في المرتبة الأخيرة بعد كل من الدوائر العربية، المغاربية، والأفريقية[14].
2 -التغيرات الجيوسياسية وعوامل عدم الاستقرار في الحوض المتوسطي:
شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط الكثير من التحديات والتهديدات الأمنية، التي يصعب تجزئتها وفصلها عن بعضها البعض سواء من حيث طبيعة التهديدات الأمنية أو من حيث بعدها الجيوبوليتيكي.
2-1-زيادة الأزمات الداخلية في دول المتوسط:
تواصل دول البحر الأبيض المتوسط الانخراط في التوترات الحدودية القديمة، التي تهدد استقرار المنطقة، ومن أبرز هذه التوترات الصراع القديم بين إسرائيل وفلسطين، الخلاف بين تركيا واليونان على جزيرة قبرص وأجزاء من منطقة إيجه[15]. إضافة إلى الانقسامات الحادة بين الجزائر والمغرب التي أدت إلى غلق الحدود بين البلدين منذ سنة 1994، وذلك بسبب قضية الصحراء الغربية على وجه الخصوص، ظهرت أيضاً خلافات جديدة أدت إلى زيادة التوترات بين البلدين، بسبب ما وصفته الجزائر بالأفعال العدائية المتكررة من طرف الرباط ضدها، حيث أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في خطوة كانت منتظرة بالنسبة للعديد من المراقبين، جراء التصعيد المتواصل في الأزمة الدبلوماسية بين البلدين [16].
كما شهدت عدد من الدول العربية احتجاجات شعبية كبيرة في أواخر 2010 ومطلع عام2011، تعرف إعلامياً ” بثورات الربيع العربي”، التي تمت وفق مسار واحد بأوجه مختلفة، والتي أثرت سلباً على حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث واكب الموجة الأولى لتلك الظاهرة اندلاع الصراعات المسلحة في كل من سوريا وليبيا عام2011، مدعومة من أطراف دولية وجدت في هذه الاحتجاجات تهديداً حقيقياً لمصالحها ونفوذها، ورغبتها في استمرار تبعية دول المنطقة ونظمها وشعوبها ودورانها في فلكها.
تمثلت تداعيات ثورات الربيع العربي على منطقة المتوسط عموماً والجزائر خصوصاً، في تصاعد تهديد الجماعات الإرهابية العابرة للحدود التي استغلت حالة الفوضى الأمنية، بالأخص في المناطق التي شهدت تدخلات خارجية (العراق، سوريا، اليمن، ليبيا)، لتتمدد إلى المجالات الحيوية، سواء في المناطق البحرية أو المناطق الغنية بالثروات الطبيعية، لكي تبني قوتها من خلال المزيد من التعبئة والتوسع، وهذا ما شهده ليبيا على سبيل المثال، من خلال سيطرة الجماعات الإرهابية على المنفذ البحري لخليج سرت وصراعها على النفط الذي يشكل عصب الاقتصاد الليبي، حيث انتشر تنظيم لداعش على طول السواحل الليبية المطلة على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط. في الوقت نفسه تعزز الحرب الأهلية في سوريا، والفوضى في ليبيا عمليات التهريب الضخمة للمخدرات والأسلحة، إضافة إلى تنامي موجات المهاجرين غير النظاميين جراء الحروب والمواجهات العسكرية بين الأنظمة الاستبدادية ومطالب الشعب الديمقراطية[17].
2-2-زيادة مؤشر التنافس بسبب الثروات الطبيعية المكتشفة:
زاد اكتشاف المخزون الضخم من الغاز قبالة السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط من أهمية المنطقة الاستراتيجية والاقتصادية، ولكنه زاد في نفس الوقت من حدة الصراعات والخلافات والتوترات في المنطقة[18]، على ضوء الحقيقة التي تقول بأن الموارد الطبيعية تعد المحرك الأساسي للحروب والنزاعات في العالم.
قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في تقريرها الصادر عام 2010، إلى أن حوض الشام الذي يشمل كل من: سوريا ولبنان والكيان الإسرائيلي وغزة وقبرص، يحتوي على حوالي 1.7 مليار برميل من احتياطات النفط، وحوالي 3.45 تريليون متر مكعب من احتياطات الغاز الطبيعي القابل للاستخراج. بالرغم من أن هذه الأرقام تبقى في إطار التقديرات إلا أنها لم تأت من فراغ، فخلال السنوات الماضية اكتشفت العديد من حقول الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، وبدأت عمليات الاستكشاف بالازدياد بعد نجاح المجموعة التي تقودها شركة ( نوبل إنيرجي) الأمريكية في اكتشاف حقل تامار Tamar عام 2009، قبلة ساحل (الكيان الصهيوني)، مع توالي الاكتشافات أصبحت دول المنطقة أكثر اهتماماً بتكاليف الشركات الأجنبية بالقيام بأعمال الاستكشاف[19].
بعد ظهور هذه الثورة النفطية سارعت الدول المتوسط إلى ترسيم حدودها البحرية مع جيرانها رغبة في ترسيخ وضع جغرافي شرعي جديد يقلّل من حدة الصراع من ناحية، ويعطيها الشرعية الدولية في أخذ حقوقها من ثروة الغاز الطبيعي بالمتوسط من ناحية أخرى.
بحكم الموقع الجغرافي لم تكن الجزائر طرفاً مباشراً في المنافسة المتصاعدة في شرق المتوسط على تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة، والتي سرعان ما انتقلت من المجال الاقتصادي إلى المجالين السياسي والعسكري. لكن في المقابل كانت الجزائر من أوائل المبادرين بإثارة منافسة مشابهة في غرب المتوسط؛ ففي نيسان /أبريل 2018 وقّع الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة مرسوماً رئاسياً لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) للجزائر المتقاطعة مع المناطق الاقتصادية المعلنة من جانب كلٍّ من إيطاليا وإسبانيا والذي نص على أنه في حالة وجود أي مشكلة مع أي دولة، فإنه يتم اللجوء إلى المفاوضات[20].
ونظراً لحساسية القضية، فضلت إيطاليا تجنب إثارة أزمة سياسية مع الجزائر، تاركة إدارة الخلاف للقنوات السياسية المفتوحة بين البلدين وانتهجت إسبانيا ذات النهج الإيطالي. وقد اتفقت الجزائر مع إسبانيا في مارس 2020 على التفاوض الثنائي لحل أي إشكال محتمل يتعلق بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وأكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقدوم في مؤتمر صحفي مشترك بأن الجزائر دولة سلمية وليس لديها أية سياسة عدوانية ضد الدول، لاسيما دول الجوار، مؤكداً على مبدأ التفاوض لحل المشاكل المتعلقة بترسيم الحدود[21]. وفي السياق نفسه أعلنت الجزائر وإيطاليا سبتمبر /يوليو 2020، التنصيب الرسمي للجنة التقنية المكلفة بترسيم الحدود البحرية بين الجزائر وإيطاليا بمناسبة الزيارة التي قام بها كاتب الدولة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية مانليودي ستيفانو إلى الجزائر[22].
3-الثابت والمتغير في توجهات سياسة الجزائر الخارجية في ظل التغيرات الراهنة:
بدأت الاحتجاجات الشعبية التي أطلق عليها تسمية “الحراك الشعبي” في 22 فيفيري 2019، في شكل احتجاجات تميزت بالطابع السلمي بداية من أجل المطالبة بعدم ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، ووضع نظام جديد للحكم يستجيب للمعايير الديمقراطية، ليتطور المطلب لاحقاً إلى المطالبة بتغيير جذري للنظام. تَواصُل وجود الحراك بانتظام جعل منه ساحة لنقاش مدني بين المواطنين حول القضايا الداخلية والخارجية، رغم أن المطلب الرئيسي الخاص برحيل النظام كان المهيمن، غير أن المسيرات كانت مساحة للتعبير عن رفض قرارات وإعلانات أصدرتها الحكومة[23]، ناهيك أن الحراك لم يتطرق فقط إلى قضايا داخلية، إنما رفع سقف انتظاراته من دور الدولة على المستوى الإقليمي والدولي، حيث رفع الحراك لافتات وشعارات تريد القطع مع سياسية التبعية الخارجية والتحرر من الهيمنة الفرنسية، هوما يفسر رغبة وإرادة الشعب الجزائري في قلب موازين الصورة الخارجية للدولة الجزائرية من أجل لعب أدوار تليق بحجم دور الجزائر التاريخي وموقعها في المنطقة المغاربية، المتوسطية والأفريقية[24].
رد النظام على مطالب الحراك بانتهاج طريقة سماها بـ”الدستورية”، مرت عبر ثلاث محطات أساسية:) الانتخابات الرئاسية، الاستفتاء الدستوري، ثم الانتخابات التشريعية (، مع مواصلة السلطات وعدها بــ “جزائر جديدة”، تستعيد مكانتها على الساحة الدولية. أجرت الجزائر انتخابات رئاسية )تقريباً بعد سنة من الحراك الشعبي(، بدأ الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون (2019) فترة حكمه، في وضع سياسي، اجتماعي واقتصادي معقد؛ بعدما خلفت الأزمة السياسية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس السابق بوتفليقة شرخاً كبيراً في الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، وداخل الطبقة السياسية نفسها، وتعرضت الأحزاب السياسية والنقابات وباقي منظمات المجتمع المدني لضعف شديد، ولم تعد قادرة على تأطير المطالب الاجتماعية في إطار مؤسسي منظَّم، مع استمرار جزء كبير من الحراك في المطالبة بالتغيير الجذري للنظام[25].
زاد من حساسية الوضع الداخلي جوار إقليمي مضطرب، كان من أبرز ملامحه تعقد الأزمة الليبية، وعدم الاستقرار الأمني في منطقة الساحل، واستمرار الفتور في العلاقة بالمملكة المغربية، وتراجع الحضور الجزائري في مختلف القضايا والمحافل الدولية والإقليمية، بسبب غياب الدبلوماسية الجزائرية لأكثر من ربع قرن (عشرية الحرب على الإرهاب بسبب توقيف المسار الانتخابي، فوضى عشريتي الفساد خلال حكم الرئيس السابق بوتفليقة (جماعة بوتفليقة، التي رهنت مصير الدولة الجزائرية من أجل مصالها الشخصية)، وهو ما تسبب في فقدان الجزائر لمواقع وفضاءات عدّت دوماً بيئتها الطبيعية وفضاءها الحيوي أيضاً.
سجلت مواضيع السياسة الخارجية حضوراً لافتاً في خطاب الرئيس الجديد، من أجل استعادة الجزائر لدورها الدبلوماسي لاسيما في جوارها الإقليمي، على مستوى مبادئ وثوابت السياسية الخارجية، لم تعكس خطاباته تغيراً في عقيدة الجزائر التقليدية في الشؤون الخارجية، حيث أكد على أولوية مصلحة الجزائر، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، حق الشعوب في تقرير مصيرها، رفض استخدام القوة في حل الأزمات، والاحتكام إلى الحلول السلمية المبينة على الحوار والتشاور بين مختلف الأطراف[26].
لطالما تم الحديث عن السياسة الخارجية الجزائرية من منظور التجربة التاريخية للجزائر خصوصاً فترة الستينات والسبعينات حيث عرفت فيها الجزائر نشاطاً معتبراً على الساحة الدولية، وكان لها دور كبير في حل العديد من النزاعات الدولية) أزمات الرهائن الأمريكيين في إيران، الصراع الإيراني العراقي…إلخ(. ولازال هذا المنظور للسياسة الخارجية الجزائرية يحكم سلوكيتها الدولية، فدور الجزائر كوسيط استمر رغم التراجع في نشاط السياسة الخارجية في فترة التسعينات، لكن هذا الدور الإقليمي والدولي للسياسة الخارجية له مضامين براغماتية، من خلال الدور التاريخي الذي قامت به الجزائر على مستوى دول عدم الانحياز ودعوتها الى نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة، ودورها في مناصرة القضايا التحررية خصوصاً تركيزها على قضتي الصحراء الغربية والقضية الفلسطينية[27].
أما على مستوى متغيرات السياسة الخارجية، وفي ظل عصر العولمة وتسارع انتقال التأثيرات الحدودية، التي جعلت من المواقف الكلاسيكية تترتب عنها تحديات تعرض المكانة الإقليمية للجزائر للاهتزاز والتهديد المباشر، باعتبارها محاطة بسلسلة من التغيرات الجوارية والتحديات الحدودية غير التقليدية على حدودها مباشرة؛ هذا الوضع استوجب مراجعة بعض من القيم الدستورية، حيث تضمنت التعديلات الدستورية (2020) تغير على مستوى أدوات السياسة الخارجية الجزائرية، وذلك بالسماح لوحدات من الجيش المشاركة في مهمات حفظ السلام خارج الحدود وذلك للمساهمة في قوات حفظ سلام أممية، وتاريخياً سبقت وأن شاركت الجزائر في العديد من عمليات حفظ السلام في إطار الهيئة الأممية، وقبلها شاركت في لبنان وحربي 1967 و1973 ضد إسرائيل[28]. كما أدخلت الجزائر تعديلات في مقاربة عمل جهازها الدبلوماسي بهدف التأقلم مع المستجدات الدولية والإقليمية، وذلك باستحداث سبعة مناصب مبعوثين خاصين يشتغلون تحت سلطة وزير الخارجية رمطان لعمامرة، ينشطون ضمن سبعة محاور تشكل اهتمامات ومصالح الجزائر الحيوية وأولوياتها في الخارج[29].
أما على مستوى دوائر الاهتمام الخارجي الجزائري، فقد أصبحت الجزائر على وعي تام بضرورة استعادة الجزائر لدورها الدبلوماسي لاسيما في جوارها الإقليمي، بعدما شهدت الجزائر خلال العقود الثلاثة الأخيرة تراجعاً كبيراً في نفوذها في الكثير من المناطق التي كانت فيها فاعلاً مؤثراً، ومن ضمنها المنطقة المغاربية وأفريقيا.
4- التعاون الجزائري-التركي يفتح آفاق لتحالف استراتيجي في منطقة البحر الأبيض المتوسط :
يعيش عالم اليوم مجموعة من التحولات الجيوسياسية وتجدد العديد من التحالفات القديمة على غرار تحالف “أوكوس، AUKUS”، وهو الشراكة الأمنية الثلاثية بين الدول الأنجلوسكسونية: “بريطانيا، أستراليا، الولايات المتحدة الأمريكية”، بعد أزمة الغواصات[30]، رغم أن الدول الثلاثة منفصلة جغرافياً، إلا أنها تربطها علاقات تاريخية عميقة، إذ تعتبر بريطانيا وأستراليا أقدم حلفاء أمريكا[31]، هذا يعتبر أبرز دليل على التغيير المتسارع للتحالفات الإقليمية والدولية التي تلعب فيها المصالح دوراً جوهرياً. على نفس المنوال وبعدما ظلت الوجهة الغربية تحديداً الفرنسية تحكم ارتباطات الجزائر وتحالفاتها السياسية والاقتصادية، تحاول الجزائر في الوقت الحالي تحسين توظيف مقدراتها، وذلك بالتحول نحو الشرق لوجود بعض القوى الشرقية الصاعدة على غرار الصين، روسيا وتركيا، نظراً لإستراتيجيتهم المهمة في منطقة شمال أفريقيا التي تعتبر الجزائر بوابة لها، خصوصاً في ظل تراجع نفوذ اللوبيات السياسية والاقتصادية المنحازة إلى فرنسا في الجزائر والتي كانت تعمل على تعطيل أي مسعى لتطوير الجزائر لعلاقاتها مع شركاء تتقاسم معهم العمق الحضاري.
اعتمدت تركيا مقاربة جديدة في سياستها الخارجية، تمثلت في تحقيق تكامل بين عمقها التاريخي، والجغرافي، مع تخطيط استراتيجي موائم لموقعها الذي أتاح لها فرصة لتكون قوة ذات قدرة على تحقيق نقلة نوعية في دورها الإقليمي، حيث تصاعد التعاون والتنسيق بين تركيا والجزائر في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من أن هذا التعاون ليس جديداً، إلا أنه اكتسب زخماً وطابعاً أكثر صراحة وعلانية بعد الزيارات الرسمية رفيعة المستوى لمسؤولي البلدين التي ساهمت في رفع مستوى التعاون الثنائي للبحث في التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي هذا السياق تظهر قوة الوجود التركي في شمال أفريقيا من خلال اهتمامها بالجزائر بوصفها دولة محورية لهذه المنطقة.
حيث شهدت العلاقات الجزائرية التركية تطوراً بارزاً لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية الصداقة والتعاون سنة 2006، التي أرست أسس قوية للعلاقات الاقتصادية الثنائية، غير أن الاهتمام المتزايد بتطوير هذه العلاقات تسارع مؤخراً لظروف مرتبطة بالطرفين فضلاً عن مجموعة من التطورات الإقليمية والدولية ذات الصلة، يشجع هذا المسار وجود توافقات سياسية مشتركة بين الجزائر وأنقرة في عدد من القضايا والأزمات في المنطقة، بالتوازي مع تطوير العلاقات الثنائية لاسيما في الجانب الاقتصادي يسعي البلدين لفتح آفاق اقتصادية ثنائية وأخرى مشتركة في القارة الأفريقية، وهو ما يدفع إلى التوقع بإمكانية تطوير العلاقات نحو تعاون استراتيجي أوسع خلال الفترة المقبلة. هو ما أكدت عليه تصريحات السفيرة التركية بالجزائر “ماهينور أوزمير كوكطاش، Mahinur Özdemir Göktaş”،” بأن تركيا ترى في الجزائر حليف له تأثير كبير وهام في إرساء الاستقرار في المنطقة وفي حوض البحر الأبيض المتوسط”.
جاءت هذه التطورات الإيجابية في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية توتراً حاداً بسبب الماضي الاستعماري، ملف الذاكرة، تشديد شروط منح التأشيرة للجزائريين، بالإضافة إلى خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي شكك فيها بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي وهاجم فيها حقبة الخلافة العثمانية هناك، إذ عبر عن استغرابه من تركيز الجزائريين على الاستعمار الفرنسي وعدم ذكر الاحتلال العثماني “الوجود العثماني في الجزائر” معبراً أن تركيا قد نجحت في تضليل الشعوب وكتابة التاريخ بطريقتها[32]، وهي تصريحات فجرت أزمة سياسية غير مسبوقة بين البلدين وأثارت ردود فعل قوية رسمياً وشعبياً، وصلت إلى حد استدعاء الجزائر لسفيرها من باريس ومنع تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية في مجالها الجوي. هذه الأزمة ستعزز حتماً التحالف الجزائري التركي، وستفتح آفاق واسعة للعلاقات الجزائرية التركية على كافة المستويات.
في الجانب السياسي، تشترك الجزائر وتركيا وجهات نظر متقاربة في القضايا الإقليمية والدولية[33]، حيث يعتبر جدول الأعمال الرئيسي للتقارب الجزائري-التركي “الأزمة الليبية”، فرغبة دول شرق المتوسط نبذ تركيا واستبعادها من تلك المنطقة، انطبق على الجزائر في أزمة ليبيا. وبناء عليه قامت تركيا بحماية حكومة الوفاق الوطني سابقاً، وتواصل دعمها لحكومة الوحدة الوطنية والمرحلة السياسية الحالية للحفاظ على المعاهدة التي أقامتها لحماية حقوقها في شرق المتوسط، يشار إلى أن تركيا أبرمت مع حكومة فائز السراج في كانون الأول/ ديسمبر 2019، اتفاقية تحديد مناطق الصلاحيات البحرية لحماية حقوقها في شرق المتوسط بما يتماشى مع عقيدة الوطن الأزرق، وعدداً آخر من الاتفاقيات الأمنية، وانخرطت في الأزمة الليبية انطلاقاً من هذه الاتفاقيات، حيث أعرب المسؤولون الأتراك خلال مؤتمر برلين الثاني الذي انعقد في 23 حزيران/ يونيو عن دعمهم لعملية المصالحة الوطنية وتوحيد مؤسسات الدولة في ليبيا، ويعتبر المسؤولون الأتراك أن مناخ السلام والاستقرار في ليبيا لصالحهم[34]. الموقف التركي يلتقي مع الرغبة الجزائرية في دعمها لحكومة الوفاق سابقاً، ورفض العمل العسكري الذي أطلقه الجيش الليبي بدعامة خليفة حفتر، تعتبر الجزائر أمن ليبيا جزء من أمن الجزائر، لأن حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني يشكل تهديداً للأمن القومي الجزائر، تواصل الجزائر بذل جهود دبلوماسية للتوصّل إلى تسوية سياسية للنزاع الليبي تجمع جميع الأطراف، وترى بأن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول يقتضي أن يكون حل الأزمة الليبية ليبياً، لأنه كلما تدخلت دول أجنبية بغرض تعزيز نفوذها عبر التحالف مع طرف ضد طرف آخر، كلما طال أمد اللااستقرار في ليبيا وجوارها الإقليمي. لتجتمع الدولتين على أرضية مشتركة من ناحية أمنية وهي ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية[35]، وفي هذا السياق فإن التقارب التركي الجزائري هو نتيجة لاحتياج تقتضيه المصالح المشتركة والروابط التاريخية.
زاد التنسيق الجزائري التركي بشكل لافت في الأزمة التونسية، وذلك على إثر التغيرات التي أحدثها الرئيس التونسي قيس سعيد، على رأسها تجميد عمل البرلمان وحل الحكومة، وهي قرارات أزاحت حركة النهضة الإسلامية من الواجهة ورأت تركيا سقوطاً لحليفها الرئيسي في تونس، فيما تعتبر الجزائر أن ما حدث في تونس يفتح الأبواب أمام تدخلات خارجية يمكن أن تهدد أمنها القومي، خاصة وأن تونس تعتبر المنفذ البري الآمن الوحيد الباقي للجزائر بعد إغلاق الحدود الجزائرية – المغربية، والمشكلات الأمنية على الحدود مع كل من ليبيا ومالي والنيجر. وإذا كانت الجزائر قد أكدت أن ما يحدث في تونس شأن داخلي، بيد أنها لم تقدم دعماً صريحاً للخطوات التي أقدم عليها الرئيس سعيد، وهو ما يفسره البعض بـ “الحياد الإيجابي” الذي يضمن لها لعب دور وسيط موثوق به من كافة الأطراف التونسية[36]. أكدت تركيا من جهتها على أهمية استمرارية عمل البرلمان التونسي للديمقراطية التونسية رغم كل الصعوبات، وأشار الرئيس أردوغان إلى أهمية الحفاظ على استقرار تونس وسلمها الداخلي المهم لاستقرار المنطقة ككل[37].
ولقد كانت الجزائر وتركيا أكثر الدول تحركاً بخصوص الملف التونسي، وتفيد العديد من المؤشرات إلى وجود تنسيق كبير بين البلدين، ذلك لأن كليهما يسعيان إلى عدم انزلاق الأوضاع هناك نحو الفوضى والعنف لما فيه من خطر على المنطقة ككل، حيث تركز السياسة التركية والجزائرية على قاعدة رفض كل الانقلابات بكافة أشكالها في أي مكان بالعالم وتحت أي ظروف.
التوافق في المواقف بين البلدين، ظهر أيضاً في قضية الصراع في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث فرضت الاعتبارات الجغرافية على البلدين تبني موقفين متطابقين من الناحية القانونية يقومان على عدم الاعتراف بمنطقة اقتصادية خالصة للجزر، وهو الأمر الذي يفيد المصلحة التركية في إلغاء أي منطقة اقتصادية لقبرص وجزيرة كريت اليونانية، ويخدم المصلحة الجزائرية في عدم الاعتداد بأي منطقة اقتصادية لجزيرة سردينيا الإيطالية، وجزر البليار الإسبانية (مايوركا، ومينوركا، وإبيزا، وفورمينتيرا)[38].
في ظل ما يحدث من صراعات في البحر الأبيض المتوسط، تسعى الجزائر للتحول تدريجياً إلى لاعب عسكري مهم في غرب المتوسط، وذلك بإعادة الاعتبار الى القوات البحرية في البحر الأبيض المتوسط، مثلما كانت عليه في الماضي، وهو ما صرح به قائد الأركان الجزائري على هامش مناورة بحرية لقذفات صواريخ بالواجهة البحرية غرب البلاد بعنوان “الدرع 2020″، ” بأن الجزائر تسعى إلى إعادة مجد بحريتها كقوة في البحر الأبيض المتوسط، “في إشارة إلى سيطرتها السابقة على الجهة الغربية منه خلال القرنين 17 و18 إبان الحقبة العثمانية[39]. فالجزائر ظلت إلى جانب الخلافة العثمانية ضد اعتداءات الأوروبيين عليها، وكان آخرها معركة نافارين عام 1827، وقد سيطرت البحرية الجزائرية في الحقبة العثمانية ( 1518-1830) على حوض المتوسط، وأحدثت تأثيراً بارزاً في ميزان القوى الدولي بالبحر الأبيض المتوسط.
حسب ما جاء في تقرير ستوكهوم الدولي لأبحاث السلام، في تقريره السنوي لعام 2019، فإن الجزائر تحتل المرتبة الأولى في أفريقيا في حجم التسليح. كما أضاف التقرير أن شمال أفريقيا قد شكلت 74% من واردات الأسلحة الأفريقية في فترة 2015- 2019، مشيراً إلى أن واردات الجزائر وحدها بلغت 79% في شمال أفريقيا، إذ أن وارداتها من الأسلحة ارتفعت بنسبة 71 %في فترة 2010-2014، ما جعلها سادس أكبر مستورد للأسلحة في العالم في فترة 2015-2019[40].
تستورد الجزائر ما يقارب 60% من أسلحتها من روسيا، وباعتبار تركيا قد حققت تقدماً كبيراً في المجال التكنولوجي في السنوات الأخيرة، يمكن أن تكون أحد الموردين المحتملين للجزائر. كما أن الجيش الجزائري يسعى إلى تطوير شراكاته وتنويعها والاستفادة من كل الخبرات والتكنوولوجيات العسكرية الناجحة، حيث يشرف على تنظيمات وتدريبات عسكرية في العديد من الدول في إطار اتفاقيات التعاون في مجال التدريب العسكري، وتبادل المعلومات الاستخبارية[41].
تعدى التنسيق السياسي بين البلدين إلى تطوير العلاقات الاقتصادية، ففي تقرير نشرته صحيفة لوبوان الفرنسية، أكد الرئيس الجزائري أن علاقة الجزائر بتركيا، علاقة ممتازة، مضيفاً إلى أنه بدون أي شروط سياسية استثمر الأتراك 05 مليارات دولار في الجزائر. وبذلك تعتبر الجزائر ثاني أكبر شريك لتركيا في أفريقيا[42].
بلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وتركيا سنة 2020 نحو 04 مليارات دولار، ضمن خطة تستهدف 10 مليارات دولار بحلول نهاية 2030، بما يمهد إلى شراكة استراتيجية تتوج بالتوقيع على اتفاقية منطقة تبادل حر، مما سمح لتركيا بأن تصبح خامس أكبر شريك تجاري للجزائر، وللجزائر ثاني أكبر شريك لتركيا في أفريقيا.
بلغت حجم الواردات الجزائرية من تركيا[43] 421.45 مليون دولار أمريكي سنة 2020، محتلة بذلك المرتبة السابعة بنسبة 04.62 % بعد كل من الصين، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية بنسب 16.99%، 10.44%، 8.13%، 6.25%،6.13%،5.35% على التوالي. في حين بلغت نسبة الصادرات الجزائرية لتركيا لسنة 2020، 705.03 مليون دولار، بحصة نسبتها 9.26% من مجموع الصادرات الجزائرية، محتلة المرتبة الثالثة بعد كل من إيطاليا وفرنسا، بنسب 15.44%، 13.20% على التوالي[44].
بالنسبة لمؤشر التوزيع الجغرافي[45] للتبادل التجاري، رغم أن الجزء الأكبر من المبادلات التجارية يتم استقطابه من طرف الشركاء التجاريين التقليديين للجزائر، حيث سجلت البلدان الأوروبية حصة نسبتها 51.85% من القيمة الإجمالية للتبادلات التجارية وذلك بسبب القرب الجغرافي، إلا أنه في السنوات الأخيرة تأتي دول آسيا وأوقيانوسيا في المرتبة الثانية من حيث التدفقات التجارية بنسبة 31.07 %، حيث حدثت زيادة في نسبة التجارة والاستثمارات البينية الجزائرية الصينية والتركية والهندية[46]، تبقى تركيا مرشحة لأن تكون الشريك التجاري الأول للجزائر، لاسيما بعد إعادة فتح الخط البحري لنقل السلع والبضائع بين الموانئ الجزائرية والتركية، بعد المصادقة اتفاقية الملاحة البحرية بين الطرفين بعد أن كانت مجمدة منذ سنة 1998، التي تنص على أن الطرفين يعملان على تشجيع مشاركة سفن الجزائر وتركيا في نقل الركاب والبضائع بين البلدين، وعدم عرقلة السفن الحاملة لراية الطرف المتعاقد الآخر من القيام بنقل البضائع بين بلدي الطرفين المتعاقدين وبين موانئ بلدان أخرى[47].
كما تتبع الاستثمارات التركية في الجزائر منحنى تصاعدياً، حيث نجحت تركيا في إزاحة فرنسا من رأس قائمة المستثمرين في الجزائر، محتلة المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر بما يعادل 3.5 مليار دولار، بمجموعة شركات بلغ عددها 800 شركة، تنشط ضمن قطاعات النسيج والبناء والصناعات الغذائية، وحتى الإليكترونية، كلها قطاعات معروفة بحاجتها إلى العمالة ما بين الفنية والمتخصصة، وهو ما تتوفر عليه السوق الجزائرية من ناحية الموارد البشرية، أهمها توسيالي للحديد والصلب بوهران غربي البلاد الذي يمثل قاطرة الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات، وشركة “تايال” بشراكة مع “تايبا” التركية للنسيج بولاية غليزان (غرب البلاد(.[48]
من الضروري أيضاً الإشارة إلى الدور المتزايد للطاقة في التعاون التجاري الجزائري التركي، بحيث تعتبر الجزائر رابع أكبر مورد للغاز لتركيا، وقامت شركة سونطراك الجزائرية ومؤسسة خطوط أنابيب النفط التركية بتمديد مدة عقد الغاز الطبيعي لغاية عام 2024، والذي تزود بموجبه الجزائر تركيا بحوالي 5.4 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً. كما وقعت المؤسسة الوطنية للمحروقات في الجزائر سوناطراك، مع شركة رونيسانس التركية، ثلاثة عقود لتطوير المشروع البتروكيمياوي، لإنتاج البوليبروبيلان بمدينة جيهان التركية بتكلفة قدرها 1.4 مليار دولار[49].
5- تحدّيات داخلية وتحولات إقليمية تستوجب التكيّف:
عودة الجزائر إلى نشاطها الدبلوماسي بعد غياب طويل، شكّل تحولاً إيجابياً على أكثر من صعيد، غير أن هناك قيود يفرضها وضعها الداخلي والخارجي تحد من طموحات الجزائر الإقليمية. باعتبار السياسة الخارجية في النهاية هي امتداد للسياسة الداخلية للدول، فإن تفعيل دور الجزائر كلاعب إقليمي رئيسي في المنطقة يحتاج إلى عملية تغيير داخلية تستجيب للمحيط الإقليمي الذي أصبح يفرض تحديات أمنية وسياسية، ويدفع الجزائر بناءاً على إمكانياتها لتترجمها لأن تلعب دور قوة إقليمية مفتاحية، لابد من مراعاتها من قبل الدول الكبرى قي سياستها الخارجية تجاه المنطقة.
التغيير الداخلي الذي حدث في الجزائر كاستجابة لمطالب الحراك لم يغير البنيات الأساسية للنظام السياسي، بل طال فقط بعض الأشخاص والمسؤولين[50]، حيث ترى السلطة بأن طبيعة الأزمة هي أزمة أشخاص “عصابة” استأثروا بالحكم ومكنوا لمنظومة الفساد لاستنزاف ثروات البلاد، في حين أن المعضلة تكمن في منظومة الحكم الفاسدة، المسيطرة على الوضع منذ الاستقلال، والتي كرست ممارسات سلطوية لا يمكن إصلاحها إلا برحيل المنظومة ذاتها. التغيير لم يولد حالة انتقال ديمقراطي بل خفف فقط من تسلطية النظام. فالتعديل الدستوري الأخير بالرغم من أهمية بعض محاوره، يبقى مثله مثل التعديلات الدستورية السابقة، لم يستجب للمعايير الدستورية الحديثة، لأن التغيرات التي حدثت شكلية، لم تمس جوهر النظام وشكله[51]، وذلك وفقاً لمنطق ” تغيير كل شيء حتى لا تغير شيء”[52]، وفي هذه الحالة ينبغي التفرقة بين ” تغيير النظام” الذي طالب به الحراك، وبين “التغيير داخل النظام القائم منذ 1692” الذي قامت به السلطات الجزائرية.
باعتبار السلطة التنفيذية لازالت المهيمنة على السلطة التشريعية فإن إخضاع مبدأ “مشاركة الجيش في مهمات حفظ السلام” للرقابة البرلمانية، يبقى شكليا له وجهة سياسية بحتة، غايتها تجنب السلطة التنفيذية الضغوط الخارجية لإرسال القوات في إطار عمليات حفظ السلام، ومنحها مبرراً ينطلق من التذرع باستقلالية البرلمان[53].
يبقى أمام الجزائر المزيد من التغيير التدرجي على المستوى الداخلي، من أجل وضع سياسة خارجية تتماشى مع قدرات الجزائر الكامنة، و ذلك بالتأسيس لمنظومة حكم جديدة قائمة على القيم الديمقراطية، الشفافية والنزاهة واحترام حقوق الإنسان، تكون نموذجا ناجحا يستدعي التقليد، قادر على استقطاب الآخرين وجذبهم، وهو ما يطلق عليه باسم القوة الناعمة التي تركز أساساً حسب جوزيف ناي على قدرة أمة معينة التأثير في الأمم الأخرى، بالاعتماد على الثقافة والقيم السياسية الجذابة[54].
الواقع الاقتصادي أيضاً له دور مركزي في اختيارات السياسة الخارجية بحكم الارتباط بين تنفيذ السياسات وتوفر الموارد الاقتصادية، ففي الوقت الذي أصبحت فيه قوة الدول تقاس بقوة اقتصادها، نجد أن الاقتصاد الجزائري لا يزال يهيمن عليه قطاع الهيدروكربونات، حيث تشكل صادرات النفط والغاز المصدر الرئيسي للدخل الوطني الجزائري بنسبة 92.52 % من القيمة الإجمالية للصادرات سنة 2020. في حين تبقى قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات هامشية لا تتعدى نسبة 09.48 % من القيمة الإجمالية للصادرات أي ما يعادل 2.26 مليار دولار أمريكي، ينتج عن هذه التبعية هيكل اقتصادي هش يتأثر بسهولة بتقلبات أسعار النفط[55]. باعتبار جاذبية النموذج الاقتصادي أو تحقيق نجاح اقتصادي لافت من أهم موارد القوة الناعمة، فإن افتقار الجزائر لهذه الأدوات بهدف توظيفها في محيطها الإقليمي يجعلها غير قادرة على فرض مقاربتها وتصوراتها لحل أزمات جوارها الجغرافي، هذا الوضع نتج عنه على سبيل المثال عدم ارتباط الوساطات الجزائرية بأدوار تنموية وإغاثية فاعلة في بؤر الصراع التي تحتاج إلى معالجات اقتصادية وتنموية، وهذا يشكل قيداً على حركة السياسة الخارجية الجزائرية.
على المستوى الإقليمي، تشكل الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار السياسي في المحيط الإقليمي للجزائر فرصةً لتستعيد الدبلوماسية حيويتها وتحدياً وفي آنٍ واحدٍ، فالاضطرابات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص حالياً، وإعادة توزيع الأدوار في إطار التكوين الجيوسياسي والجيوقتصادي الجديد للمنطقة تدفع الجزائر بالضرورة إلى إعادة التفكير في إستراتيجيتها لتحديد موقعها في المنطقة، من خلال تعزيز دورها الإقليمي باحتواء التوترات في دول الجوار والحيلولة دون انتقالها داخل الحدود الجزائرية، والحد من تنامي نفوذ القوى الكبرى في المنطقة، لإثبات نفسها كدولة محورية، قادرة على لعب دور إقليمي فاعل ومؤثر يتناسب مع مكانتها وإمكانياتها خصوصا في إدارة ملفات استقرار المنطقة.
الخاتمة:
تلعب المعطيات الجغرافيا للجزائر دوراً مهماً في تحديد توجهاتها السياسة، وباعتبارها بلداً مطلاً على البحر الأبيض المتوسط، وفي ظل ما شهدته المنطقة من تغيرات كثيرة، وفق وتائر متسارعة، لا سيما بعد أحداث الربيع العربي، والذي أدى إلى سلسلة من الأحداث المتداعية والمتسارعة على المنطقة عموماً والجزائر خصوصاً، هو ما استدعى مراجعة الجزائر لسياستها الخارجية، والانفتاح على شراكات إقليمية جديدة من أجل تفعيل دور ها كفاعل إقليمي فاعل ومؤثر في المنطقة.
من هذا المنطلق تسعى الجزائر وتركيا إلى اتخاذ خطوات حيال تشكيل تحالف قوي من خلال تنسيق أنشطة البلدين في البحر الأبيض المتوسط، والذي سيكون له انعكاسات على تشكيل المشهد الاستراتيجي الجديد في المتوسط، لأن مسألة العلاقات الجزائرية التركية حساسة جداً في الدوائر الغربية، فآخر مرة كان التحالف قائماً بينهما في عهد الدولة العثمانية أغلقوا البحر الأبيض المتوسط وكانوا سادته، وهزموا الكثير من الحملات الأوروبية، وبالتالي فإن توطيد العلاقات بين البلدين ليس بالأمر الجديد، ورغم الانقطاع الطويل للعلاقات بينهما، نظراً الى الأوضاع الاستثنائية لكلا البلدين، فإن عودة هذه العلاقات إلى طبيعتها الأولى كانت أقوى، لكنها في شكل جديد، بحسب المقتضيات التي تتطلبها العلاقات الدولية المعاصرة.
لكن رغم هذا المستوى المتطور للعلاقات بين الجزائر وتركيا الذي حقق قفزة نوعية، غير أنه يبقى غير كاف مقارنة بحجم وأهمية البلدين وتاريخهما المشترك، وتحقيق تحالف استراتيجي يتطلب مزيداً من ترجيح المصالح الاستراتيجية على حساب المصالح التجارية، التي مهما عظمت ستبقى لا تساوي شيئاً أمام مشروع العلاقة الاستراتيجية.
الهامش
[1] – Yves Lacoste, Géopolitique De La Méditerranée, Paris : Armand Colin, 2006, p17.
[2]– Jean-Claude Barreau , Guillaume Bigot, Toute La Géographie Du Monde, Paris, Fayard, 2007, p 99.
[3]– Hasret Çomak, Burak Şakir Şeker, Akdeniz Jeopolitiği, (Mediterranean Geopolitics), May 2019, s 09-10.
-[4] يعتبر فرنان بروديل (1902 – 1985) أحد كبار المؤرخين الفرنسيين والعالميين في القرن العشرين. اشتهر بمؤلفاته التي أصبحت مصادر لجميع الباحثين الأكاديميين في شتى أنحاء العالم، ركز في دراساته على ثلاث مشاريع رئيسية: البحر الأبيض المتوسط، الحضارة والرأسمالية، الهوية الفرنسية، تمثل كل منها عدة عقود من الدراسة المكثفة، ويعتقد الكثيرون أنه لا يمكن فهم الحضارة الغربية في العمق بدون الإطلاع على كتابات بروديل. كما لا يمكن فهم العالم المتوسطي بضفتيه الجنوبية والشمالية بدون الاطلاع على ما كتبه في الموضوع.
[5]– فرنان بروديل، البحر المتوسط المجال والتاريخ، ترجمة: عمر بن سالم، تونس: منشورات وزارة الثقافة، 1990، ص 125.
[6]– Fernand Braudel, La Méditerranée Et Le Monde Méditerranéen à L’époque De Philippe 02, ed5,V01,Colin, Paris,1966, p133.
-[7] منطقة البحر الأبيض المتوسط، الموسوعة السياسية، أنظر في الرابط: https://political-encyclopedia.org/dictionary
-[8] علي الحاج، “سياسات دول الإتحاد الأوروبي في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة”، سلسلة أطروحات الدكتوراه، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2005، ص 97.
[9]– Mahiou, Ahmed, “L’Algérie Et La Méditerranée”, The International Legal Order: Current Needs and Possible Responses, Brill Nijhoff, 2017, p 440,441.
[10]– Aomar Baghzouz, “Du Processus De Barcelone à L’Union Pour La Méditerranée: Une Vision d’Algérie”, Outre-Terre, N°03, 2009, p139.
[11]– Fatma Zohra Filali, ” L’Algérie: Quelles Sécurité Dans L’ensemble Méditerranéen? “, revue algérienne de communication, n°21, (editée par le département des sciences de l’information et de la communication, faculté des sciences politiques et de l’information, université d’Alger 3), 2011, p 41.
[12] – أضاف التعديل الدستوري لسنة 2020 في ديباجته مكون آخر من مكونات الهوية وهي “الأمازيغية”: “إن الجزائر أرض الإسلام، وجزء لا يتجزأ من المغرب العربي الكبير، وأرض عربية وأمازيغية، وبلاد متوسطية وإفريقية “، للمزيد أنظر في : الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مرسوم رئاسي رقم 20-442 مؤرخ في 15 جمادي الأولى عام 1442 المرافق لـ 30 ديسمبر سنة 2020، يتعلق بإصدار التعديل الدستوري، المصادق عله في استفتاء أول نوفمبر سنة 2020، الجريدة الرسمية، العدد 82، السنة 2020.
[13]– للمزيد أنظر في: الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مرسوم رئاسي رقم 89-18 مؤرخ في 22 رجب عام 1409 المرافق لـ 28 فبراير سنة 1989، يتعلق بنشر نص تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء 23 فبراير سنة 1989، الجريدة الرسمية، العدد 09، السنة1989.
[14]– عبد النور عبد عنتر، البعد المتوسطي للأمن الجزائري، أوروبا والحلف الأطلسي، الجزائر: المكتبة العصرية للطباعة والنشر والتوزيع، 2005، ص 52.
[15] – كلارا فانزالا،” الجغرافيا السياسية للبحر الأبيض المتوسط: بحر بين ثلاث قارات”، أنظر في الرابط: https://www.noonpost.com/content/37073
[16]– Karim Amrouche, “La Rupture Des Relations Diplomatiques Entre L’Algérie Et Le Maroc, Nouvelle Etape D’une Longue Escalade”, journal le monde Afrique, publié le 25 août 2021. https://www.lemonde.fr/
-[17] مصطفى صايج،” التحديات الأمنية والاستراتيجيات الجديدة في غرب المتوسط”، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية، العدد 02،2016، ص32.
[18]– Kedikli Umut, Önder Çalağan, ” Enerji Alanında Bir Rekabet Sahası Olarak Doğu Akdenizin’in Önemi,” sosyal bilimler metinleri, international congress of energy, economy and security kongresinde sunulan “Enerji Alanında Bir Rekabet Sahası Olarak Doğu Akdeniz’in Önemi”, 25-26 Mart 2017, s 07.
[19]– Levant Basin Province, Eastern Mediterranean, “Assessment Of Undiscovered Oil And Gas Resources Of The Levant Basin Province”, 2010.
[20]– وكالة الأنباء الجزائرية، “مرسوم رئاسي يؤسس لمنطقة اقتصادية خالصة عرض السواحل الجزائرية”، 1 أبريل 2018، أنظر في الرابط: http://www.aps.dz/ar/algerie
[21]– “الجزائر وإسبانيا على اتفاق تام حول حدودهما البحرية”، فرانس 24، 04/03/2020، أنظر في : https://www.france24.com
-[22] وكالة الأنباء الجزائرية، “الجزائر / إيطاليا : التنصيب الرسمي للجنة التقنية المكلفة بترسيم الحدود البحرية”، 23 سبتمبر 2020، أنظر في: https://www.aps.dz
-[23] على سبيل المثال، في شهر أكتوبر / تشرين الأول 2019، كثف الحراك الشعبي، عبر مسيراته، مطالبته بإلغاء “قانون المحروقات السائلة”، حيث رفع المحتجون شعارات تفيد بأن المشروع يعني «بيع الثروة الوطنية» إلى الشركات المتعددات الجنسيات. و في شهر يناير / كانون الثاني 2020، بعدما أعلن الرئيس الجزائري توجه الجزائر نحو استغلال الغاز الصخري في منطقة الجنوب، رفع الحراك لافتات عبرت عن رفض الشعب لهذا التوجه ” لا للغاز الصخري، لا لبيع الصحراء”. للمزيد أنظر في : مجلس النواب الجزائري يقرّ “قانون المحروقات” المثير للجدل، الشرق الأوسط، العدد 14962، 2019. فتيحة زماموش، “الغاز الصخري في الحراك الجزائري…توجهات بيئية طبقية عابرة للجغرافيا”، 2020، https://www.ultrasawt.com
[24]– للمزيد أنظر في: “الحراك الجزائري يطلق شعارات مناهضة لفرنسا ويدعو للوحدة”، الجزائر ميديا نيوز، أفريل 2021. https://www.mncdaily.com
[25]– عبد الله راقدي، “الجزائر ما بعد رئاسيات 2019..أي موارد لأي سياسة خارجية ؟”، أنظر في الرابط: https://www.almayadeen.net/articles
[26]– رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون، يوجه خطابا للأمة عقب تأديته لليمين الدستوري”، أنظر في الرابط: https://www.youtube.com/watch
[27]– عبد القادر عبد العالي، “السياسة الخارجية الجزائرية تجاه دول الجوار: بين مقتضيات الدور الإقليمي والتحديات الأمنية”، المجلة الجزائرية للأمن والتنمية، العدد 07، 2014، ص 15.
[28]– مشروع تعديل الدستور، “تعزيز العقيدة العسكرية لقواتنا المسلحة”، مجلة الجيش، العدد 683، جوان 2020، ص 34.
[29]– Yasmine Marouf Araibi, “Création De Poste D’envoyés Spéciaux Et Vaste Mouvement Dans Le Corps Diplomatique”, https://www.inter-lignes.com
[30]“-Huit Questions Pour Comprendre La Crise Des Sous-marins Entre La France, Les États-Unis Et l’Australie”, France İnter, publié le: 18 septembre 2021, https://www.franceinter.fr.
[31]– Tom Mctague,” America’s New Anti-China Alliance”, defense one,16 September 2021. https://www.defenseone.com/ideas
[32]– “Algérie: Le Président Tebboune Exige De La France Le « Respect Total De L’Etat Algérien » Après Les Propos D’Emmanuel Macron”, le journal le monde, publié le: 10 octobre 2021. https://www.lemonde.fr
-[33] صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال زيارته للجزائر، بأنه هناك تطابق الرؤى بين بلاده والجزائر، حول القضايا الإقليمية والدولية، مبرزاً أهمية الدور الذي تلعبه الجزائر من أجل مصالح المنطقة. للمزيد أنظر في :
Behlül Getinkaya, Gökhan Varan, Bakan Çavuşoğlu : Libya, Tunus ve Afrika Gibi Uluslararası Konularda Türkiye İle Cezayir’in Görüşleri Örtüşüyor,2021. https://www.aa.com.tr
-[34] إسماعيل نعمان ثلجي، “أجندة الانتخابات في ليبيا الباحثة عن الاستقرار”، مجلة شؤون الشرق الأوسط، المجلد 01، العدد 02، 2021، ص 11.
[35]– وكالة الأنباء الجزائرية،” مؤتمر دعم استقرار ليبيا: موقف الجزائر من الأزمة ” كان ولايزال واضحاً”، 21/10/2021. https://www.aps.dz/ar/algerie
[36]– Ryad Hammadi, “Crise Politique En Tunisie: L’Algérie Exprime Sa Position” , TSA, Publié le:1/082021. https://www.tsa-algerie.com
[37]– “Cumhurbaşkanı Erdoğan’dan Kritik Görüşmeler”, gündem haberleri, 02/08/2021. https://www.hurriyet.com.tr
[38] – مركز الإمارات للسياسات، “شبكة التفاعلات الخارجية للجزائر في محيطها الإقليمي”، أنظر في الرابط:
https://epc.ae/ar/topic/algerias-external-interaction-network-
[39] “الجزائر تقتحم صراع المتوسط معلنة جهوية قوتها البحرية”، أنظر في الرابط: https://www.independentarabia.com/node
[40]– Da Silva, Diego Lopes, Nan Tian, and Alexandra Marksteiner, Trends İn World Military Expenditure, 2020. SIPRI, 2021, p06.
[41]– Telci Ismail Numan, “A Vision For The Future Of Turkish-Algerian Relations: Convergence”, 2021. https://studies.aljazeera.net
[42]– “Algérie -Turquie, La Redoubtable Alliance”, le journal de l’Afrique, publié le: 04 juillet 2021. https://lejournaldelafrique.com
-[43] حسب معطيات البنك التجاري التركي الخاصة بالجزائر لسنة 2020، فإن أهم المنتجات التي تستوردها الجزائر من تركيا تتمثل في : مركبات النقل البري، قطع غيار السيارات، منتجات الحديد والصلب، المنسوجات، والمنتجات الغذائية، زيوت، معدات البناء، ملابس وأقمشة، أجهزة المطبخ المنزلية، أجهزة إنتاج الأغذية. في حين تستورد تركيا من الجزائر بشكل أساسي الموارد الهيدروكربونية مثل الغاز الطبيعي المسال، الذهب، الحديد، الكاكاو، الصوف، فواكه وثمار. للمزيد أنظر في :
TRADE MAP, Statistiques Du Commerce Pour Le Développement İnternational Des Entreprises.
[44]– République Algérienne Démocratique Et Populaire, Ministère Des Finances, Direction Générale Des Douanes, Rapport Sur :” Les Statistiques Du Commerce Extérieur De L’Algérie Pour L’Année 2020 “, p 40.
-[45] مؤشر التوزيع الجغرافي للتبادل التجاري يوضح مدى أهمية المناطق الجغرافية للدول المتعامل معها تجارياً، ومن ثم تحديد مدي تبعية أو استقلالية الدولة بالنسبة لمجموعات الدول المتعامل معها، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على القرار السياسي للدولة، كما يوضخ مدى تكامل وتبادل المنافع الاقتصادية بين الطرفين.
-[46] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وزارة المالية، المديرية العامة للجمارك، مديرية الدراسات والاستشراف، تقرير حول” إحصائيات التجارة الخارجية للجزائر سنة 2020″، ص 37.
[47]– الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مرسوم رئاسي رقم 21-187 مؤرخ في 23 رمضان عام 1442 الموافق لـ 05 ماي سنة 2021، يتضمن التصديق على الاتفاق حول النقل والملاحة البحرية بين حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة جمهورية تركيا، الموقع بالجزائر في 25 فبراير 1998، الجريدة الرسمية، العدد 38، 20 ماي 2021، ص 04.
[48]” -Zeghdar Appelle Depuis Istanbul Au Renforcement De La Coopération Economique Algéro-Turque”, Algérie presse service, Dimanche 31 Octobre 2021. https://www.aps.dz/economie
[49] -Hamdi Yıldız, Cezayir Milli Petrol Şirketi Sonatrach: Türkiye Ceyhan Petrokimya Projesi’ne Büyük Önem Veriyor,19/10/2021. https://www.haberler.com
[50]– حوالي ثلث من المعينين في الحكومة الجديدة تولوا من قبل مناصب في وضائف حكومية مختلفة في فترة حكم الرئيس السابق بوتفليقة. للمزيد أنظر في : مبروك ساحلي، “العزوف السياسي في الجزائر، دراسة تحليلية لأسباب العزوف السياسي في الاستفتاء على مشروع الدستور 2020″، تقدير موقف، مركز دراسات الشرق الأوسط، العدد 148، 2020.
[51] – Cherif Dris,” Algeria: Two Years after the Hirak, Deadlock?”, IEMed Mediterranean Yearbook 2021.
[52]– Chena Salim, “L’Algérie Dans Le «Printemps Arabe» Entre Espoirs, İnitiatives Et Blocages”, confluences Méditerranée, N02, 2011, p 160-107.
-[53] عبد النور بن عنتر، ” تحليل عقيدة الجزائر الأمنية في سياق إقليمي مضطرب”، سيمنار المركز العربي، تحول عقيدة الجزائر الأمنية في ظل التعديل الدستوري الجديد، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 16 /12/2020. https://youtu.be/yz2v6iOkkN4?t=2040
[54]– Nye Joseph, Soft power: The means to success in world politics, Public affairs, 2004.
-[55] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وزارة المالية، المديرية العامة للجمارك، تقرير إحصائيات التجارة الخارجية للجزائر سنة 2020، مرجع سبق ذكره، ص21.