fbpx
دراساتمجتمع

العشوائيات بين البقاء والمقاومة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

ترتبط المساحات التي نتحرك فيها بالمساحات الأكبر والأوسع وصولا للفضاء الخارجي كما ترى الفيزياء، وارتباطا بالمساحات الاجتماعية التي نتشاركها كل يوم. وتتمايز الأخيرة إلى مساحات عامة وأخرى خاصة، وتتحدد اللغة التي نستخدمها وكذلك التعبيرات الجسدية والصوتية على حسب حياتنا اليومية وأنماطها المختلفة، كما تتحدد علاقة أجساد السكان لمساحة ما لها سمت معين، بحدود المكان الذي يتحركون فيه ويمارسون فيه حياتهم طبيعيا، فتختلف مثلًا المساحات الحضرية بوضعها الحداثي المكاني المضطرب عن المساحات الريفية الهادئة والمألوفة. وبما أن المجتمع ما هو إلا فضاء للصراع والمنافسة والهيمنة بمختلف الطبقات الاجتماعية حسب بورديو، فتتباين الأدوار التي تقوم بها الممارسات الثقافية داخل الصراع الذي يحدث بين هذه الطبقات الاجتماعية بشكل واع أو غير واع، بما يسمح للطبقات الاجتماعية بإعادة إنتاج نفسها.

في المدن الفقيرة متسارعة النمو تكون احتمالية نشوء مساحات غير رسمية، والمعروفة بالعشوائيات، على الأطراف أعلى منها في المدن الأكثر استقرارًا من الناحية الاقتصادية. في القاهرة مثلًا، تزداد أعداد العشوائيات كمساحات للسكن غير مشمولة بخدمات مقدمة من قبل الدولة، بمؤشر سريع جدًا يصعب على الهيئات والجمعيات غير الحكومية التعامل معه والسيطرة عليه، ومحاولة سد فجوات الخدمات الضرورية التي تنقصها، لتتضاعف بمقدار 18 مرة عمّا كانت عليه عام 1950، حيث وصلت مساحة العشوائيات من 6.6 كم2 إلى 119.5 كم2، ويقطنها حتى الآن 16 مليون مواطن، ممثلين بأكملهم 24% من إجمالي سكان الجمهورية.

تعرف العشوائيات على أنها كل ما تم إنشاؤه بالجهود الذاتية، المباني منها وحتى العشش أو مساكن الصفيح، ويكون إنشاؤها قد تم في غيبة من الدولة والقانون وغير تابع للتخطيط العمراني للمدينة. تنمو العشوائيات بمعزل عن عين الدولة ومن ثم كل الخدمات المنوط بالأخيرة تقديمها للمواطنين. فلا خدمات أساسية كالكهرباء والماء والصرف الصحي، ولا المرافق الأساسية كالمدارس والمستشفيات وأقسام البوليس. ووفق التصورات الكلاسيكية، فإن العشوائيات هي الأماكن المنحصرة الضيقة ذات الطابع المحلي. وللوهلة الأولى كان ينظر للحي العشوائي على أنه “فضلة” اجتماعية فاسدة وهمجية، تتعفن وتصبح في فضاء عنيف ولا أخلاقي[1].

رغم أن الزيادة السكانية تعد من الأسباب الرئيسية في ظهور العشوائيات، إلا أنها وحدها بدون مشكلات اقتصادية لا تعني ظهور التجمعات البشرية خارج إطار العمران المحدد المخطط. ففي المجتمع المصري كثير التعداد، تتضافر الهجرة غير المنظمة من الريف للمدينة بحثًا عن لقمة العيش، مع عدم قدرة الدولة على توفير فرص استثمارات مناسبة أو فرص عمل ولا تخطيط مدن سكنية تناسب الشرائح الأكثر فقرًا، للجوء الأفراد لابتكار حيل تمكنهم من البقاء. تظهر العشوائيات عندما تنسحب الدولة، وتسيطر الخصخصة والقروض المكبلة من صندوق النقد الدولي كما هي الحالة المصرية الآن بعدما وافق صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016، على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي. وفي نفس الشهر قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنية ليفقد في ليلة واحدة أكثر من 60% من قيمته قافزًا من قيمة لا تتجاوز التسعة جنيهات بالبنوك إلى ما يقارب الثمانية عشرة جنيهًا. كان هذا القرار من ضمن الحزم التي قررها صندوق النقد الدولي كحزم إصلاحية في صف الاقتصاد المصري ولكنها لم تكن أبدًا في صف رجل الشارع وخاصة الفقير، في دولة تتجاوز نسبة الفقر فيها 30% من متوسط السكان حسب إحصائيات 2005. يرى مايك ديفيز[2]   أن سياسات مثل تخفيض قيمة العملة وتقليص معدل إنفاق الدولة، كما هو الحال في مصر، هو وصفة حتمية لإنتاج العشوائيات والأحياء الفقيرة. تبعًا لتقرير التحدي الذي تطرحه العشوائيات[3] فإن الحي العشوائي يتميز بالتكدس والسكن الفقير وعدم إمكانية الوصول بطرق ملائمة للمياه الآمنة والصرف الصحي، فضلًا عن أي ضمان للحيازة. ويبقى هذا التعريف مساويًا للتهميش الاقتصادي والاجتماعي في أغلب الظروف.

إنتاج الفقر:

أصل المشكلة أن الفقر يزداد في المدن عامة، حيث الفقراء يتراوحون ما بين العيش في ظروف غير آدمية تمامًا أو يعيشون بلا مأوى. من 60 مليون في العام 1996 إلى مليار فقير في 2006، أي 20% من نسبة السكان في عشرين عاما فقط، تزداد فيها الثروات بشكل رهيب وكذلك المنظمات المدنية العالمية وتأثيرها وبرامجها الموجهة نحو الفقراء والمهمشين. من أين يأتي هذا التناقض إذًا؟ ما يحصل أنه وبالرغم من هذا الاستنفار فإن الدول النامية تتخلى عن دعم السلع الأساسية بالتدريج خضوعًا لشروط الدول المانحة من أجل إعادة هيكلة الديون والاقتصاد تبعًا لسيطرة نظام رأس المال في السوق العالم الجديد وتظهر أزمة السكن كوجه للأزمة العميقة في شكل تجمعات فقيرة ومساكن صفيح وأناس تحتل الفضاءات العامة في المدن الكبرى[4].

الحال أسوأ بالطبع في المدن النامية، يذهب الدكتور ميلاد حنا لوصف مشكلة السكن في مصر في كتابه “الإسكان والمصيدة” بكونها “سكان بلا مساكن، ومساكن بلا سكان” حيث وصل عدد المنشآت الخالية في حضر المحافظات إلى مليون وحدة سكنية ومثلها في الريف في العام 1986، وصل عددها إلى ثلاث ملايين وحدة حسب تعداد العام 1996، أي حوالي 20% من المخزون الإسكاني في مصر، النسبة التي تصل لأعلى تجلياتها في الدول الأخرى إلى 7%، وعندها يتحرك من ليس له سكن باتجاه المنازل الخالية ليقطنها بشكل جماعي حتى يتم حل الأزمة. لنا أن نتصور كم بلغت النسبة بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على الإحصاء السابق. في دول مثل مصر، الأزمة ليست آنية تستدعي حلًا استثنائيًا، وجود الفقراء شيء أساسي لم يعد يسترعي اهتمام الدولة. لم يتغير وضع المساكن الخالية كثيرًا خلال العقود التالية، فبتحليل نتائج سياسة إنشاءات التجمعات العمرانية في الصحراء وبعد مرور ما يقرب من 30 عامًا على إطلاق سياسات المدن الجديدة مثل مدينتي والجيزة الجديدة، والعاشر من رمضان والعبور على مسافات متباينة حول القاهرة بهدف تقليل الكثافات وتطبيق آليات تقسيم الأراضي وتسويقها بالأساس لخدمة محدودي الدخل، نجد أنها لم تجذب السكان المستهدفين. من ضمن 16 مدينة وتجمع تم تخطيط 9 منهم للطبقات الراقية التي استطاعت دفع المبالغ الطائلة كمقدم لتلك الوحدات التي تستخدم ربما لشهر أو شهرين خلال العام الواحد بدافع حب الاقتناء.  وكأن ملحمة التعمير المصرية التي أعلنها النظام في منتصف الثمانينيات قد تحولت لخدمة الأثرياء وإهدار موارد المصريين في غير تنمية حقيقية[5].

عشوائية الدولة:

المفترض أن تكون الدولة هي المسؤولة عن التخطيط العمراني وهي التي تقرر التشريعات بما يتواءم مع التطور الثقافي والوعي السياسي، وعندما كان الالتزام بالقانون في كل ما يخص التخطيط المكاني عملية معقدة ومتتابعة من شراء الأرض وتسجيلها وتقسيمها وبيعها والبناء عليها وتسويق المباني والصيانة الدورية لهذه المباني بما يتوافق مع قانون التخطيط العمراني المصري لسنة 1981 لكل عملية من تلك على حدة بما يجعل الالتزام بالقوانين تصور نظري والابتعاد عنها هو القاعدة. مثلا، عندما تمنع القوانين المنظمة البناء على الأراضي الزراعية إلا في حدود معينة وتكون الدولة نفسها هي من يتعدى اعتداءات صارخة على الأراضي الزراعية وكذلك القطاع الخاص الذي لا يتورع في خرق أي قانون حتى فيما يتعلق بالاستيلاء على حق الدولة في ضريبة التسجيل والضريبة العقارية، وأخرهم قطاع إنتاج الأراضي غير الشرعي وخطيئته الأكبر وهي الجور على الأراضي الزراعية التي لا تمثل سوى 4% من مساحة مصر. بالاستمرار على هذا النهج تتوسع المدن ولكن بشكل عفوي تماما فيما يعرف بالتجمعات متدينة المواصفات التي تلبي احتياجات الطبقات محدودة الدخل، ربما يبرر هذا سكوت الدولة على اغتصاب شرعيتها، أن غض الطرف عن هذه التجاوزات يوفر أحياءً ومجمعات ومدن كاملة دون المستوى مبررة ضمنيًا بالظروف الاقتصادية بدون أي دعم من الدولة نفسها[6].

يصف عصام صفي المعماري المصري هذه التخطيط العشوائي بـ “إنها أماكن جيدة وخربة في آن واحد، جيدة كمبان وخربة كطريقة إنشاء في أغلب الأحيان”. يفصل هذا الوصف بأن المباني جيدة لكنها خربة كتصميم معماري وحياتي وكخدمات مرافق وسيئة في وسائل التهوية الطبيعية والعزل الحراري والصوتي وسيئة في الإضاءة الطبيعية، والتوازن بين ما هو مكشوف وما هو غير مكشوف ولا مكان لحديقة ولا مساحة خضراء ولا حيز ترفيهي[7].

على سطح الأرض وتحديدًا على أطراف المدن الحضرية يوجد حوالي 200 ألف حي عشوائي يسكنه ما بين عدة مئات إلى الملايين من النسمات. في بعض المدن تندمج الأحياء الفقيرة وأحياء الصفيح معًا مكونة الأحزمة العشوائية المتواصلة في التمدد والغارقة أكثر وأكثر في الفقر. ورغم تفاوت النسب بين أعداد السكان وأعداد قاطني العشوائيات من دولة لأخرى، إلا أن المعاناة المجتمعية واحدة من حيث تدهور القيم والتقاليد وانعدام الخصوصية وانتشار السرقة والبلطجة والعنف المتبادل وزيادة معدلات الجريمة بشكل عام، والاتجار في المخدرات، وعمالة الأطفال وتدني مستوى الوعي الثقافي والتعليمي.  ورغم هذا تظل العشوائية وسيلة للبقاء أو كرد فعل للبقاء في مواجهة الإقصاء والخُلع من مدينة الرخاء والوفرة من أساسيات الحياة[8].

كيف ينجو الفقير في القاهرة؟

في دول العالم الثالث يتحتم على الفقير أن يقوم بتفكيك المعادلة ليضمن الوصول لأفضل مستوى في السكن والمأوى وسهولة التنقل للعمل والأمان الشخصي رغم الوضع المتدني بالفعل بمستوى المعيشة في التجمعات العشوائية. يسوق “أحمد سليمان” 4 شروحات لاستراتيجيات الفقراء في إيجاد المأوى في القاهرة مثالًا، يرتبها تنازليًا حسب القدرة الاقتصادية المتاحة لتأمين الحيازة. أولًا: في حالة وجود عمل فإن الوصول إليه يمثل الأهمية القصوى، وتحتل مراعاة سهولة الوصول أولوية أولى عند اختيار مكان السكن. يعني هذا أن الخيار يروح لاتجاه تأجير شقة مناسبة مركزية، وهذا يعني تكاليف باهظة بلا تطلع لملكية دائمة. ثانيًا: المأوى غير الرسمي ذو الموقع المركزي والتكلفة المنخفضة؛ هنا تسقط رفاهية أن يكون السكن على شكل “شقة” كما في الخيار الأول، وينحدر لغرفة واحدة أو سقف في بيئة سيئة جدًا، وفي الأغلب يضطر قاطنو ذاك المكان في النهاية للانتقال للاستراتيجي. الثالثة: وضع اليد على أراض ذات ملكية عامة، في ضواحي الظهير الصحراوي للقاهرة، والتي تقع دائمًا في مساقط التلوث وانعدام البنية التحتية الأساسية في ظل غياب تام ودائم للدولة. الحل الرابع: يكون شراء قطعة أرض في منطقة شبه مطورة لا رسمية، التي تشترى غالبًا من البدو أو من الفلاحين بحيازة قانونية لكن بدون ترخيص قانوني للبناء. تظل مشكلة هذه الأماكن أنها بعيدة عن أغلب مناطق سوق العمل ولكنها على الأقل آمنة ويمكن للضغط المجتمعي التفاوض والوصول لاتفاق من شأنه إلزام البلدية بمد الخدمات الأساسية لها. يكون سليمان بحصره لتلك الاستراتيجيات قد قدم ثنائيات لفهم خيارات المواطنين النازحين لعشوائيات الحضر من حيث اختيار السكن (رسمي مقابل غير رسمي) وموقع بالنسبة لسوق العمل (مركزي مقابل طرفي). يذهب علماء الاجتماع إلى القول بأن تلك التجمعات الطرفية حول المدن صارت من الضخامة للحد الذي يدفعنا لإعادة النظر في مفهوم الطرفية. لو كانت “الأطراف” ستتمدد لتأوي أكثر من ثلث سكان المدينة وتنشأ بسرعة وذات عضوية محددة، وقادرة على استيعاب عقدة جديدة في هذا التسلسل على الشبكة الطرفية فهي حتمية بالنسبة للمدينة وقد تصبح غدًا جزءًا من مركز المدينة المكتظ[9].

تتكون العشوائيات في بعض الحالات كمنتج تقدمه الدولة أو أحد أطرافها بما لا يمر بعيدًا عن علمها أيضًا عن طريق خطط التنمية الطرفية؛ إما عن طريق وضع اليد وهو حيازة الأرض الطرفية منعدمة التكلفة تقريبًا وتقديم دعم غير مخطط لأفقر الفقراء من قبل أسواق خفية للعقارات ومقاولات العمران الحضري السحري، ووضع اليد هذا يمر بتكلفة تفتضيها الأعراف بدفع الرشاوى للساسة أو الشرطة أو البلطجية أو كلهم معًا بنسب متفاوتة بهدف السيطرة على الموقع ثم البدء في تحصيل هذه التكلفة إما على هيئة إيجارات من الساكنين أو خدمات وظيفية كأصواتهم في الانتخابات على مدى سنين. السياسة الأخرى هي عمران القرصنة حيث الأسر ذات الدخل المنخفض وما بين المنخفض والمتوسط تخضع لسيطرة سوق السكن الرسمي، حيث يمتلك المقاولون قطع أراضي غير مخططة ويقسمونها بدون الانصياع للوائح التقسيم ويطرحونها للبيع، وبعد إتمام بيع القطع كاملة، تبدأ البنية التحتية الأساسية في التطور في عملية يسميها مايك ديفيز بخصخصة أراضي وضع اليد[10].

لم تظهر العشوائيات فجأة في مصر ولم تتمدد في لمح البصر. المشكلة قديمة جدًا. عندما ذكر الرئيس المخلوع مبارك مشكلة العشوائيات لأول مرة في خطاب عيد العمال في العام 1993، كان يتكلم عن مشكلة “باتت” تهدد الأمن القومي للدولة، ولكن بعد أن تم تجاهلها حوالي ثلاثين عامًا رغم ما توفره من مساكن لكل الشرائح المستبعدة من سوق إنتاج السكن الرسمي بمصر ثم وصفها فجأة بأنها أماكن ضد السلام الاجتماعي. هذا السلام الاجتماعي الذي نشأ جراء عمليات لفظ المهمشين والفقراء الممثلين لشرائح اجتماعية واسعة من الأحياء المخططة والمركزية لأماكن بالكاد تحوي أسقفا وعدا ذلك تفتقر لكل مقومات الحياة، وفي ظل غياب تام لأجهزة السلطة و المنظمات الأهلية، أدى هذا إلى تفاقم التطرف الفكري مثالًا، وإلى حادث اغتيال المفكر الدكتور فرج فودة ثم أحداث إمبابة الشهيرة ثم العمليات الإرهابية ضد السياح الأجانب في 1992 مما أدى إلى زيادة القمع من السلطات ضد التيارات السلفية التي كانت أيدولوجيتها مسيطرة على أغلب تلك الأحياء آنذاك، وإصدار أحكام بالإعدام ضد بعض القيادات، الأمر الذي أدى إلى مصادمات جديدة وهكذا[11] وأحداث أخري كثيرة ليس هنا المجال لذكرها تفصيلًا، ولكن المهم أن التطور طويل المدى الذي أدى لخلق تلك البؤر المهمشة الملفوظة لم يصبح على “رأس أولويات الدولة” كما قال مبارك في 1993 إلا بعد أن تفاقمت آثارها بهذا الشكل. حتى بعد أن وضعت الدولة أزمة العشوائيات أولوية، فإن الوضع بعد حوالي عشرين عامًا -حين تضخم عدد سكان القاهرة من أربعة ملايين إلى عشرين مليون نسمة-لم يتغير أيضًا. في العام 2016 أطلق السيسي خطة للقضاء على العشوائيات بشكل نهائي في مصر، أي القضاء على أحياء تضم ما يقرب 14 مليون نسمة (حوالي ثلثي سكان القاهرة الكبرى) للوصول للقاهرة بدون مساكن غير آمنة في 2018.

فكيف ينجو الفقير أصلًا؟

لا تمثل العشوائيات مجرد منازل تأوي أصحابها، بل هي مؤسسات دعم اجتماعية فاعلة جدًا في أغلب الأحيان. العلاقات الاجتماعية القوية بين أغلب السكان والحفاظ على تقاليد المكان التي تتراوح بين التدهور الشديد في منظومة القيم أحيانًا والتكافل الاجتماعي فيما بين السكان وبعضهم في أحايين أخرى.

تتدهور ظروف الفقراء الاجتماعية والاقتصادية فيما تتوسع المدن ويتمدد النظام العام، ومع كل لحظة تواكب الجماهير الفقيرة هذه التغيرات ووقعها على عالمها ومطالبها المتغيرة. في الثمانينيات اندلعت الانتفاضات الحضرية تعبيرا عن عدم الرضا عن بعض جوانب السياسات الليبرالية الجديدة في الشرق الأوسط، مثلما حاول عمال كفر الدوار في مصر أن يحققوا جزءا من مطالبهم، حين حاولت بعض الدول سد العجز عن طريق تطبيق سياسات التقشف مثل تقليل الدعم للسلع الاستهلاكية، الممارسات التي ساهمت في فك عرى العقد الاجتماعي بين الدول والجماهير وغضب الطبقات الوسطى والدنيا وعد رضاهم بوصفهم أهم الفاعلين في الاحتجاجات[12]. جاءت تلك الاحتجاجات كنتيجة حتمية لغياب أيه آليات لحل الصراع الدائر بين الفقراء والدولة.

العشوائيات كأماكن تم إنشاؤها بجهود ذاتية مكونة نظام اجتماعي يعتمد على الجيرة، يمكن اعتبارها نظامًا محليًا لجماهير الحضر الفقيرة وتواجدهم بهذا الشكل يمنح الشعور بالهوية المشتركة وأرضية العمل الجمعي بديلًا عن مكان العمل وظهور صور من الاستهلاك الجمعي عبر قنوات نظامية. يشارك الأعضاء في مساعدة بعضهم البعض ويتزاورون ويتحاورون ويتشاركون في الأفراح والأتراح. يعتمد الأفراد على نظام الإقراض غير الرسمي كشكل من أشكال التشبيك المجتمعي الذي يمتد خارج نطاق القرابة، المعتمد على النظام الأبوي. يعتمد الناس على القادة المحليين ككبار السن والشيوخ وأئمة المساجد، وحتى على البلطجية في بعض الأحيان في حل المشكلات مثلًا. يؤدي هذا إلى خضوع المؤسسات المدنية مثل فروع الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني وصولًا لأقسام الشرطة ذاتها للعلاقات الزبائنية استلزامية[13].

يرى آصف بيات أنه لا وجود للنشاط السياسي في التجمعات المحلية في الشرق الأوسط، وأن من أهم الأسباب هنا هي النزعة الشعبوية التي أثرت على السلوك السياسي للناس العاديين في المنطقة بالعمل على إقامة عقد اجتماعي بين الطبقات الوسطى والدنيا من جهة وبين الدولة من جهة أخرى، توافق من خلاله الدولة على الوفاء بالحاجات الضرورية جدًا مقابل عدم الحراك، أو وجود حراك منضبط على أقصى تقدير. هذا الاتفاق بين الجماهير والدولة هو اتفاق ضمني بلا هوية، تجمعات من الأفراد والمؤسسات الاندماجية التي تختفي فيها الهوية الجمعية والفعل الجمعي ويدفع بالناس العاديين أن يبحثوا عن حلول فردية لمشكلاتهم. تمنع بعض الدول التظاهرات العامة والتجمعات وتعتبرها غير قانونية، ولكنها في المقابل من الممكن أن تسمح بمبادرة شعبية يكون لها القدرة على ضبطها والتحكم بها مما يجعل الناس تفقد الاهتمام بها في وقت قصير، فتفقد نشاطاتها السياسية وقدرتها على الاستمرار، ومع الوقت تتحول النظم الشعبية لامتدادات للدولة.

تختلف الأحياء العشوائية غير المتجانسة عن الأحياء القديمة في المدينة التي امتزجت فيها الشرائح بعد مدة طويلة من العيش المشترك المؤدي لخلق هوية مكانية متجانسة، فيم تكون العشوائيات تجمع من السكان القدامى والوافدين الجدد وأسر متنافسة على موارد محدودة. يؤدي وجود التنافسية إلى نشوء الصراعات، ويضعف التضامن بين الأفراد، مما يجعل اتجاه الناس نحو الدولة دومًا بوصفها صاحبة القوة العظمى/ المالكة والمانعة والوصول إليها أحد الأساليب التي يحقق بها الناس أهدافهم لرسوخ القرار في أنفسهم أن البيروقراطية غير قادرة أو غير راغبة في الاستجابة لمطالب الفقراء، فيتحتم عليهم اللجوء لطرق فردية غير رسمية وحتى انتهازية، لتقوية الصلات بموظفي الحكومة فاتحًا الباب للواسطة والرشاوى لتحقيق المطالب[14] في صورة للنجاة الفردي.

في منشية ناصر -والتي نشأت في أعقاب نكسة 1967 ونزوح المواطنين من مدن القناة للقاهرة، التي تعد الآن من أكبر الأحياء العشوائية في مصر-، أنشأ السكان جمعية أهلية بهدف البحث في قضايا سكان الحي الحيوية وأسموها “رابطة العدالة الاجتماعية”.  وقال المتحدث باسم الرابطة في 2018 أن البلدية قامت بتحسينات في الحي كشق الطرق وتوفير المياه والكهرباء مما يحول المنطقة لمنطقة آمنة لا يمكن للدولة أن تقرر في يوم ما إزالتها بدعوى أنها منازل خطرة كما حدث مع سكان منطقة تل العقارب بالسيدة زينب عندما أعلنت الحكومة بضعة منازل في المنطقة غير آمنة ويحب إخلائها، بعد اتفاق تم بين المسئولين والسكان استمر لعدة أشهر، وأسفر عن تعويضات مادية للمتضررين تقدم من قبل الحكومة أو منحهم سكنا بديلا عند تنفيذ أمر الإخلاء.

السياسة التي تتبعها الحكومة في مثل هذه الحالات تكون عن طريق إنشاء مجمعات سكنية في منطقة غالبًا ما تقع على أطراف المدينة. في حالة تل العقارب، قد تم تخصيص وحدات سكنية لهم في مساكن الأسر الأولى بالرعاية في مجمع سكني كبير تابع لمنطقة 6 أكتوبر، على بعد 20 كيلو متر غرب القاهرة، وتم بناؤه في العام 2005. ناهيك أن المساحات بين البنايات ذات الطوابق الستة قد تحولت من ملاعب آمنة للأطفال، أو أماكن للقاء السكان، إلى ممرات غارقة في مياه الصرف والنفايات وتجوبها كلاب الشوارع الضالة، كما استغل بعض السكان أجزاء من المساحات الواسعة في الحي كحظائر لتربية الدواجن. يفتقر المجمع للخدمات الأساسية وطبعًا فرص العمل، مما يضعنا أمام الأزمة الأكبر، كيف يتكسب السكان رزق يومهم؟ يضطر السكان العودة لعملهم بجانب أحيائهم القديمة. مثلا؛ يقول جمعة[15] أنه قد عاد لعمله السابق في المسلخ القريب من حي السيدة في رحلة تستغرق منه أربع ساعات يوميًا للذهاب والإياب، وبتكلفة للمواصلات قدرها أكثر من نصف أجره اليومي، مما يؤثر على دخل أسرته المتدني بالفعل، غير أن التغيير في البينة الاجتماعية من حي شعبي يحيط فيه الجيران والأصدقاء بعضهم بعضًا، ويتشاركون أدق التفاصيل اليومية في بيوت شبه مفتوحة طوال الوقت، إلى شقق في عمارات سكنية مغلقة، دفع زوجة جمعة للعودة لحيها القديم عبر تدابير لغرفة صغيرة من قبل أقربائها. تمتد الأسر في التوسع في الأحياء العشوائية مما يدفع الجميع لزيادة التوسع في البناء للتمكن من ضم الأفراد الجديدة في العائلة، وبالطبع يتم هذا البناء كسابقه، دون الالتزام بضابط التخطيط أو معايير ارتفاع البنايات المسموح بها، ومن ثم الضغط على البنية الأساسية والمرافق الأساسية إن وجدت.

عندما نسمع عن خطط الدولة لنقل الناس من المناطق غير الآمنة للوهلة الأولى، يبدو أن هذه خطوة منطقية تأخرت كثيرًا ، فعدد سكان العشوائيات في مصر يبلغ 45 مليونا تتنوع بين كونها “مناطق غير آمنة، ومناطق غير مخططة، ومناطق مهددة للصحة”، إلا أن التساؤل يظل ملحًا، ماذا عن رأي سكان هذه المناطق؟ جمعة وزوجته ليسا المتضررين الوحيدين من قرار النقل القسري بدون خطة متكاملة توفر على الأقل فرص عمل للسكان المنقولين.

كيف تفكر مصر حيال أزمة العشوائيات؟

في 2008 قرّرت الحكومة إنشاء هيئة لمواجهة أزمة العشوائيات في مصر وكل ما يتعلّق بها، ممثّلةً في “صندوق تطوير المناطق العشوائية” على خلفية انهيار  كتلة صخرية ضخمة مِن أعلى جبل المقطم على منطقة الدويقة في القاهرة، مما أسفر عن موت أكثر من 130 شخصًا تحت الأنقاض، لدرجة لم تتمكّن معها الحكومة من انتشال جميع الجثث لدفنها في سبتمبر ذات العام. في عام 2016، أطلق عبد الفتاح السيسي خطّةً للقضاء على العشوائيّات بشكلٍ نهائيّ في مصر.

” أعلن خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، قرب الانتهاء من المشروعات السكنية (5 مشروعات)، لنقل سكان المناطق العشوائية الخطرة من الدرجتين الأولى والثانية، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بالانتهاء من نقل سكان المناطق العشوائية الخطرة خلال عام 2018.” الأهرام 27 أكتوبر 2018

تضم هذه المشروعات 14152 وحدة سكنية منها المرحلة الثالثة من الأسمرات وهو المشروع الذي تنفذه محافظة القاهرة مع صندوق تحيا مصر والهيئة الهندسية بحي المقطم لنقل سكان المناطق العشوائية الخطرة، بالإضافة إلى مشروع “أهالينا” بمدينة السلام أيضًا، ويضم 1180 وحدة سكنية، مع 816 وحدة سكنية بروضة السيدة زينب. كانت المناطق العشوائية في القاهرة قد تم تقسيمها إلى 4 درجات حسب درجة الخطورة بداية بالمناطق المهددة للحياة، ثم السكن غير الملائم، ثم المهددة للصحة، فالحيازة غير القانونية، وقد تم التفاوض مع سكان المرحلة الأولى والثانية بهدف نقلهم إلى أماكن أخرى كحي الأسمرات مثالا، وتحدي نوع المهدد الصحي للحالة الثالثة، ثم تقنين الوضع القانوني لأصحاب المنازل في الحالة الرابعة.

تظل أزمة التأقلم حية حاضرة؛ ماذا سيفعل السكان بعد إخلائهم بالقوة في أغلب الأحيان؟ وكيف سيطورون استراتيجيات جديدة لكسب الرزق بعيدا عن أماكنهم التي اعتادوها؟ وكيف سيتدبرون ثمن إيجارات وفواتير الخدمات المقدمة مثل الماء والكهرباء والوحدات الجديدة؟ قبل 2016 كان عمرو البالغ من العمر 71 عاما يعيش في منشية ناصر، ويتكسب رزقه من محل صغير لبيع الملابس في نفس المنطقة، بجانب معاشه البالغ 310 جنيهات مصرية. بعد هدم منزله لدخوله حزام المناطق غير الآمنة في 2015، انتقل إلى حي الأسمرات في 2016 بعد عام قضاه في استضافة أحد جيرانه في المنشية. على عمرو الآن أن يذهب كل يوم مسافة 20 كيلو مترا ذهابًا وإيابًا بتكلفة 20 جنيهًا ليصل لمكان عمله معتمدًا على عكازين للسير يحملان جسده العجوز. لا يستطيع عمرو سداد الفواتير والإيجار في موعدها والتي تكلفه 300 جنيه هي كل معاشه شهريًا، ولم تفلح جهوده للحصول على قرض صغير لسداد تلك المبالغ رغم رؤيته أنه أكثر من يستحق العون متسائلًا “إذا كانوا يرفضون طلباتي للحصول على قرض، فمن الذي يقبلونه إذن؟”[16]

لستين عامًا كانت زينب البالغة الآن 72 سنة تدفع إيجارًا شهريًا قيمته عشرة جنيهات مصرية بدل إيجار شقة، تقيم فيها مع أسرتها المكونة حاليًا من ولدين وحفيدين في مثلث ماسبيرو، وعملها الرئيسي هو بيع الزلابية لسكان الحي كل يوم بدءًا من الرابعة صباحًا[17]. بعد عشر سنوات مِن “كارثة الدويقة”، أصبحت منطقة “مثلث ماسبيرو” مثالا للتوتر بين الحكومة والمواطنين بعدما تم حصرها في الفئة الرابعة من المناطق العشوائية، وهي المناطق بدون حيازة، رغم ما أثبته السكان من ملكيات خاصة للأراضي. فالأولى من جهة تدفع في ناحية وجوب إخلاء الحي للعمل على تطويره، ويتخلون في نفس الوقت عن وعودهم بمشاركة المجتمع المحلي في خطط التطوير. ورغم ادعاءات الحكومة غير ذلك فإن المقابلات مع السكان وممثلي المجتمع المحلي تكشف حقيقة الأمر وتوضحه كإخلاء قسري بهدف تطوير وتجديد المنطقة. لتطوير منطقة “مثلث ماسبيرو” تاريخ طويل ومعقد. يعود تاريخ بعض المناطق بها إلى القرن الخامس عشر في عهد المماليك، وبنيت بقية المناطق في القرن التاسع عشر، وقد تضررت أغلبية هذه المنازل مع الزلزال الذي ضرب مصر في العام 1992، وساء الأمر حين رفضت الحكومة إعطاء تراخيص صيانة وترميم للسكن للمالكين والمستأجرين، حتى بدأت محافظة القاهرة وشركة ماسبيرو للتنمية العمرانية في شراء بعض المنازل في المنطقة بداية من العام 1997. عندما أعلنت الحكومة في 2008 قرار تهجير الأسر بهدف تطوير المنطقة، وبالفعل تم نقل السكان إلى مشاريع سكنية في النهضة والسلام شمال شرق القاهرة، أسس شباب المنطقة “رابطة شباب ماسبيرو” لحشد السكان ضد عملية التهجير، ولكن ما حدث خلال العشر سنوات الأخيرة لم يفض لأية حلول تأخذ المجتمع المحلي بعين الاعتبار. بعد مفاوضات كثيرة ووعود بإعادة تسكين المواطنين في الحي بعد إعادة ترميمه وسحبها مرات وانعدام ثقة الأهالي في الحكومة، بدأ نقل الأهالي في العام 2017 إلى حي الأسمرات، وأعطت اللجنة الهندسية لهدم المنازل مهلة أسبوع للأهالي الذين رفضوا المغادرة وبدأوا في هدم المنازل بعدها.

“نفّذت الحكومة مشروع الأسمرات لنقل سكان العشوائيات في القاهرة إلى مكان واحد. توضّح هذه التطورات أن خُطة «مثلث ماسبيرو» كانت مجرد مشروع آخر يهدف إلى تجديد الحي القديم وتطويره. فبدلًا مِن استخدام البلدوزر في هدم المنازل والأسر بداخلها، كما حدث في جزيرة الوراق وأدى إلى العنف، لعبت الحكومة لعبة جديدة، بالترويج للمشروع على أساس المشاركة، ثم غيّرت الشروط لإجبار الأسر على اختيار المغادرة.” أمنية خليل، 2018[18]

القضاء على “سكان” العشوائيات

قال خالد صديق، مدير صندوق تطوير العشوائيات في شهر ديسمبر2018،  إنَّ مصر سوف تكون خالية من العشوائيات بنهاية عام 2019. ثم في مقابلة له مع جريدة  Al-Ahram Weekly، في أوائل فبراير 2019، قال إنَّ مصر سوف تكون خالية من العشوائيات بحلول عام 2030، ولم يُعرف سبب التفاوت بين التاريخين[19].

تتحرك مصر حيال أزمة العشوائيات ببطء شديد، وعندما تتحرك يكون لمصلحة الدولة واستثماراتها لا لمصلحة الفقير أو المتضرر عمومًا. فإما تهجير بدون توفير فرص عمل مناسبة يسهل الوصول لها، مع مراعاة الاعمال اليومية لساكني تلك المناطق وأجورهم المنخفضة، أو وعود كاذبة تدفعهم دفعًا للمغادرة مثلما حصل في منطقة مثلث ماسبيرو، بعدما تم تفريغ أي مضمون للعمل الذي أنتجته مبادرة شباب ماسبيرو، مما يفقد الناس أولا الثقة في الحكومة، وثانيا الثقة في قدرتهم أنفسهم على التغيير حتى في أبسط الحقوق الإنسانية وهو حق السكن الملائم. لا تتورع الدولة في استخدام العنف لو لزم الأمر مثلما حدث في منطقة الوراق، أو في أن تطرد السكان من الوحدات نفسها التي تم نقلهم إليها إذا ما عجزوا عن دفع المبالغ المستحقة، حيث تلزم الدولة دفع مبلغ 4000 جنيه قبل استلام الوحدة و300 جنيه إيجارا شهريا مع عدم السماح للسكان بإقامة أسواق تجارية داخل المجمعات، وعدم توفير فرص عمل مناسبة أو قريبة لأماكن سكنهم الجديد.

تغيب الخطة حتى مع السكان الذين اختاروا التعويضات المادية والتي سوف يتم استثمارها على الأغلب في مناطق تحضر عشوائية على أطراف القاهرة مرة أخرى، ربما في أماكن مصنفة تحت البند الأول في الخطورة، بعدما انتقلوا من منطقة كـ ماسبيرو كانت مصنفة تحت البند الثاني. غياب الرؤية والإحصائيات الدقيقة يبرهن على تحول دور صندوق تنمية المناطق العشوائية من تطوير المناطق لإخلائها لصالح خطط استثمارية مستقبلية، بينما يتم التعامل مع السكان أنهم مشكلة يجب التخلص منها وتفريغها، بدلًا من إشراكهم في الحلول المستقبلية الفعالة لتطوير مناطق قد سكنوا بها لعشرات السنين بالفعل.

الداخلية بلطجية

كشف تقرير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية للعام 2015 عن وجود أكثر من 500 ألف بلطجي ومسجل خطر في مختلف المحافظات المصرية، وأفاد أن البلطجة في مصر تحولت لمهنة ولها مكاتب موجودة في عدد من المحافظات تحت مسمى “شركات استيراد وتصدير”، والتي تؤجر البلطجي الواحد مقابل 500 جنيهًا مصريًا في الساعة الواحدة. أضاف التقرير أن وجود البلطجية لم يعد مقصورًا على الأحياء الفقيرة والشعبية فقط، وإنما صار من سمت سكان الأحياء الراقية كالدقي والمهندسين أيضًا الاستعانة بالبلطجية لحمايتهم من السرقة والتعديات.

“هناك تنظيم في مصر من 300 ألف بلطجي، لقد سمعت هذا من الرئيس شخصيًا في آخر لقاء جمعنا، هناك تنظيم صنعته المخابرات العامة، من بينهم 80 ألفا في القاهرة فقط، وقد سلمته المخابرات للمباحث الجنائية، التي بدورها قامت بتسليمه لجهاز أمن الدولة، كان هذا التنظيم يتبع في آخر سبع سنوات قبل الثورة أمن الدولة، أنا أنقل أرقام عن رئيس الجمهورية. هؤلاء هم الخطر الحقيقي” (أبو العلا ماضي السياسي المصري -رئيس حزب الوسط في صالون الوسط الشهري 24 مارس/أذار 2013)

يبدو كلام ماضي منطقيًا لو حاولنا أن نفهم المشاهد التي لطالما ظهر فيها أفراد الداخلية محاطون بأفراد يرتدون زيًا مدنيًا في أي مكان يتضمن فعلًا احتجاجيًا في ذروة سيطرة الحزب الوطني على مقاليد حكم الدولة المصرية في مطلع الألفيات. استخدمت الكثير من المنظمات الحقوقية مصطلح دولة الرعب للإشارة للفظة البلطجية في مصر. في العام 2005 كان الظهور الأول والأبرز للبلطجية خلال الانتخابات الرئيسية التي جرت في مصر للمرة الأولى، جنبًا إلى جنب مع الداخلية في تأمين الانتخابات، ثم على سلالم نقابة الصحفيين في الأربعاء الأسود[20] ممارسين دورهم في ترهيب المتظاهرين المطالبين بالديموقراطية. تجلت العلاقات والمصالح بين الداخلية وشبكة البلطجية عندما تم الزج بهم في مقدمة الصفوف لفض المظاهرات في يناير 2011 وخاصة في “موقعة الجمل” والتي اُتهم فيها أعضاء من برلمان مجلس الشعب والأمين العام السابق للحزب الوطني صفوت الشريف، والعديد من رموز النظام السابق من وزراء وغيرهم، والذين تمت تبرئتهم جميعا في النهاية في العام 2012. جدير بالذكر أن أهالي نزلة السمان قد تبرأوا من تبينهم النية للهجوم على متظاهري التحرير، وأنه قد تم الإيقاع بهم من قبل العضو البرلماني عبد الناصري الجابري، عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني، الذي أخبرهم بضرورة الخروج في مظاهرات لدعم الرئيس مبارك حتى لا تتضرر السياحة ومن ثم أعمالهم المرتبطة بها، ثم تخلى عنهم بمجرد الوصول للميدان حيث تفاجأوا بالطوب ينهال عليهم من الميدان فاضطروا للدفاع عن أنفسهم ووقعت المعركة.

يدفعنا التضارب في قصص المواطنين من الجهتين هنا – الثوار وأهالي نزلة السمان-للتساؤل عن مدى صدق ما تقرره الدولة، وعن كيف تدير شبكة مصالحها باستخدام الأطراف المناسبة لكل دور، بغض النظر عن الصالح العام للمواطن. لم تنشا العشوائيات في مصر بين ليلة وضحاها، ولكن لم تبذل أبدًا الجهود اللازمة للقضاء عليها رغم الحصول على القروض والمنح الممنوحة خصيصًا للعمل على ملف العشوائيات، لا كما توعد المخلوع مبارك في العام 1993، ولا يتوقع أي أحد أن يتم القضاء عليها في عامين كما أعلن عبدالفتاح السيسي أن مصر ستكون بلا عشوائيات في العام 2020، فتبعًا لإحصائيات رسمية، يبلغ عدد المناطق العشوائية في مصر أكثر من 3600 تحتاج إلى نحو 250 مليار جنيه (28 مليار دولار)، فيم صرح السيسي بأن وزارة الإسكان والقوات المسلحة مسؤولتان عن إنهاء ظاهرة العشوائيات، والقضاء على المناطق غير الآمنة، وتحويلها إلى مساكن تليق بالمصريين، بتكلفة 14 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) مقسمة على عامين”.

يؤكد الخبير البرلماني الدكتور جمال زهران، رئيس كتلة النواب المستقلين بمجلس الشعب، وجود 1000 منطقة عشوائية على مستوى جمهورية مصر العربية، موزّعة على المناطق المختلفة، منها 85 منطقة عشوائية تمثل حِـزامًا ناسفًا ملفوفًا حول القاهرة، إضافة إلى 67 منطقة عشوائية في محافظة القليوبية المجاورة للعاصمة، وتبعًا للتقارير الرسمية، فلم يتم تهذيب سوى 5% فقط من هذه النسبة.

تنشا العشوائيات كنتيجة حتمية لغياب القانون، أو لغض الدولة الطرف عن القوانين المنظمة كما أوضحت الورقة في البداية، ويكون الدافع الرئيسي للسكان للاستقرار في هذه المناطق هو ضعف الوضع الاقتصادي الذي يؤهلهم لأوضاع أفضل، ومع طول المدة الزمنية يصبح النسيج الاجتماعي معقدا ومتراكبا كما يقول الخبير الاجتماعي الدكتور محمد سمير عبد الفتاح، أستاذ علم النفس وعميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان

“إنهم يمثلون خلايا نائمة تُـريد أن تهدم النظام، لكونها فئات قابلة للقيام بالجرائم، كما أنها مناطق موبوءة وبؤر إجرامية ومرتَـع خصْـب للإدمان وتجارة وتهريب السلاح وتجارة المخدرات وعمالة الأطفال، فضلا عن تفشّـي الدّعارة، وزنا المحارم … إلخ، إضافة إلى أنها مناطق غير منتجة، وتمثل حرجًا شديدًا لمصر أمام الرأي العام العالمي”

فشلت الدولة على مدار عقود متتالية في توفير الحاجات الأساسية لنسبة كبيرة من مواطنيها، وفي دولة ليست فقط فقيرة، لكن يغشاها الفساد من كل مدخل وتتراجع فيها هيبة القانون، تضطر الفئات المهمشة لخلق سبل للبقاء حتى وإن كانت سبلًا منحرفة وخطيرة. تنشأ البلطجة كطريقة لحفظ الحقوق أو اغتصابها لو لزم الأمر، ويميل أصحاب النفوذ لأفراد يسيرون لهم مصالحهم بعيدًا عن مظلة القانون، في ظل مناخ تسيطر عليه الواسطة والرشاوي. وفي مقابل الحفاظ على تلك المصالح يقوم ذوو النفوذ بحماية الأفراد الخارجين عن القانون، فتتطور البلطجة من مجرد أفراد أشقياء إلى موردين بلطجية بالآلاف كما في حالة المصري صبري نخنوخ الشهير بقرابته من علاء وجمال مبارك نجلي الرئيس المخلوع الذي تم القبض عليه في العام 2012، ثم الافراج عنه بعفو رئاسي بعدها بخمس سنوات في عام 2017، وسط تساؤلات عن كيف يرى النظام الحالي البلطجية!

يعود مصطلح “الأشقياء” لسعيد عز الدين، المؤرخ الشاب بجامعة نيويورك، وهو مفهوم ظهر مع الاستعمار وارتبط بالمناطق العشوائية آنذاك، كما يعرف المشرع المصري معتادي الإجرام بالأشقياء، حيث “قانون الأشقياء والمسجلين خطر” المصري الذي مر بمراحل تطور كثيرة. وعلى المستوى الاجتماعي يقصد باللفظ من يود من الشباب الالتحاق بعالم البلطجة والتحول من مجرد شقي صغير يشترك في بعض الأعمال الإجرامية مقابل أموال قليلة، أو توزيع بعض المخدرات، للأعمال الكبيرة التي تكسبه صيتُا في المنطقة واحترامًا من قبل أهلها. تكون المشكلة هنا أن الداخلية تسمح بالتفاوض مع “الأشقياء” وإيكال بعض المهام لهم، وإشراكهم في بعض الأعمال، في مقابل التغاضي عن جرائمهم. يقوم قسم البوليس في المدن الكبيرة بتسجيل كل الشباب من المناطق العشوائية كمسجلين خطر  -وأحيانًا بدون سعي الشباب لهذه العلاقة-، حيث مجرد وجودهم في نطاق تأثير القسم الفلاني كفيلة بأن يخضعه ضابط القسم لتلك الدائرة من المسجلين العاملين لحسابه، مثل قمع التظاهرات، أو استخدام العنف لغرض سياسي مثل الانتخابات، أو لغرض شخصي لضابط القسم أو أحد معارفه. باختصار يمكن أن نقول إن الداخلية تجيش الجيش الخاص بها لتسخيره متى شاءت ولأي غرض تشاء، باستخدام السلطة إما كمكسب يسعى الشقي لكسبه أو كأداة ترهيب وبلطجة من الدولة نفسها.

منذ التسعينيات والدولة في صراع دائم مع “الإرهاب” ومحاولة السيطرة عليه، وتوجه الداخلية للطرق غير المؤسسية لتحقيق ذاك الهدف، مما نتج عنه تمدد سطوة أمين الشرطة وشبكات المخبرين في القطر كاملًا، صعيده وعاصمته. كان اقتحام الأمن لإمبابة بمثابة الحدث المؤثر والممثل لاحتدام الصراع بين الجماعات الإسلامية والدولة في العام 1992. وتعد إمبابة من أقدم المناطق الشعبية في مصر، وقد صارت عشوائية بطبيعة الحال مع مرور الوقت وإهمال الدولة معًا، وتحولها من مكان كان مقسما إلى أحواض زراعية إلى أراض للبناء دون تخطيط، أو طابع معماري، لدرجة وجود شوارع بها لا يزيد عرضها على مترين حسب كلام الدكتور عباس زهران، الأستاذ المساعد فى كلية التخطيط العمراني- جامعة القاهرة. يقول جابر ريان أن الغالبية العظمى من أهل إمبابة هم امتداد لعائلات عريقة بالصعيد، تعرف الأصول، واحترام المجالس العرفية، مما سهل تقبل المنطقة للجماعة في التسعينيات حين اهتمت بالأعمال الاجتماعية والمجالس العرفية وتقديم المساعدات خاصة بعد زلزال 1992 للمتضررين.

لم يسهل وجود عائلات متداخلة وصعيدية الأصل في المنطقة فقط من عمل الجماعة الإسلامية وإكسابها مصداقية، بل سهل من مهمة الداخلية في إقامة شبكات من الأفراد تقوم بالسيطرة على المناطق والعائلات بهدف تقييد سيطرة المد الإسلامي على المنطقة، موازاة لما كان يتم في الصعيد بنفس الطريقة عن طريق “الروابط” التي تولت مسئولية دحر مد الجماعات الإسلامية مقابل التسهيلات الاقتصادية في تجارة المخدرات والسلاح تحديدًا. كانت مصر تأخذ خطوات جادة في المشروع النيوليبرالي وفي الخصخصة في التسعينيات، مما نتج عنه تهميش قطاعات واسعة من الشباب الذين ساءت أحوالهم الاقتصادية أمام توسع المصالح الاقتصادية للدولة، وتوفر عدد كبير من الشباب العاطلين كممثلين لقوة بشرية احتاجها رجال الأعمال والتجار وأصحاب الطبقة الوسطى لتنفيذ “المهام القذرة”، مما ساهم في تقوية هذه التشكيلات التي أصبحت جزءاً مكملاً لحيز العدالة والإجراءات الجنائية، وأحد أذرع الدولة اللامؤسسية التي تحميها، وفي المقابل وتعفيها من المسؤولية الجنائية والفضيحة السياسية، مثلما حدث في انتخابات 2015 أو في نفس العام من اتحاد للأمن المركزي والبلطجية في فض المظاهرات في مشهد لا يختلف كثيرًا عن مشاهد وجود “المواطنين الشرفاء” في أحداث يناير 2011 وما بعدها.

الدولة تحارب الإرهاب، والعشوائيات متفشية، ولا تستطيع الشرطة تغطية كل أرجاء المدينة الكبيرة؛ هكذا رأى نظام مبارك كيف يستفيد من سكان العشوائيات وكيف لازالت الدولة والداخلية للآن معتمدة على المرشدين بشكل كبير فيما يخص المعلومات عن المجرمين والعصابات ووصولًا للمغضوب عليهم من النظام. كان الخيار بين أن توظف الداخلية مرشدين، وبين أن تختار لها أعين من المجرمين والبلطجية على أن يكون راتبهم هو جزء من أثمان عمليات المخدرات والسلاح التي تتم بمعرفة الضباط في القسم التابع له، واختارت الدولة الخيار الثاني بالطبع.

الحرب “غير المنتهية” على الإرهاب

في حين أن المرشد الجنائي المجند من قبل ضابط المباحث هو المسؤول عن الإرشاد عن عمليات المخدرات والسلاح والمجرمين التي ترغب الدولة في الوصول إليهم؛ كان نوع آخر من المرشدين موجودا دائمًا في الصورة المرشد السياسي الذي كان يعتمد عليه جهاز أمن الدولة قبل قيام ثورة يناير 2011 ، والذي اختفى مع ما ألم بالشرطة من أزمة بعد انسحابهم من الشوارع بأمر من حبيب العادلي، ومن ثم عودتهم للمشهد مرة أخرى عندما تم استبدال جهاز أمن الدولة بالأمن الوطني، واحتاجت الدولة لعيون لها تخترق مظاهرات الإخوان أو داعمي شرعية الرئيس الراحل محمد مرسي، أو أي تجمعات تناقش ما لا يسير على هوى النظام. لا يمثل إرهاب الداخلية لصغار المجرمين الطريق الوحيد للحصول على ولائهم وتجنيدهم كمرشدين، كثيرًا ما يكون “الواجب الوطني” هو الدافع لتجنيد العاملين بالكافيتريات وأصحاب المقاهي وحراس العقارات بالمباحث من أجل المعلومات وأوصاف الأشخاص ومعرفة “كانوا بيتكلموا في إيه”[21]. في بعض المناطق يتولى حارس العقارالبواب مسؤولية تحديث القسم ببيانات السكان والمترددين عليهم، الأمر الذي قد يصل أحيانًا لتصوير بطاقاتهم الشخصية وإرسالها للمباحث للكشف عنها في حالة لو كان أحدهم هارب من جريمة ما.

خاتمة

لا يثبت العالم على نمط ولا شكل واحد أبدًا. تتغير التراكيب المجتمعية دومًا بتغير السياسات والإصلاحات الاقتصادية والأنماط المختلفة من الحقوق الاجتماعية والقضائية، وتتغير تبعًا لتحكم المال السياسي ومصالح الرأسماليين، ليبقى المواطن ذو الدخل المحدود في آخر قائمة الأولويات. تختلف درجة الفقر من دولة لأخرى بالطبع ولكن تظل الإحصائيات تخبرنا أن أكثر من مليار شخص يقطنون المدن الصفيح في العالم، بما يترتب على هذا الرقم من الحرمان من الحقوق الأساسية كالسكن الآمن والحق في التعليم وتسهيل ارتفاع معدلات الجرائم والسلوكيات المنحرفة.

ساهم فساد الحزب الوطني في مصر وتمسكه بالحكم منفردًا لثلاثين عامًا من تفاقم أزمة السكن التي ساهمت، مع تدني مستوى الأفراد المادي، في تعزيز الهجرات من الريف للمدن بحثًا عن فرص عمل أفضل مع الإبقاء على خيار العيش على الأطراف غير المخططة المحرومة من الخدمات أو التي بالكاد تحصل على أقل مستوى مطلوب منها.

ساهمت مثل تلك الأنماط الحياتية في انتشار سلوك البلطجة ومن ثم تكوين الشبكات والعصابات التي تسير أعمال البلطجية حتى صارت جزءًا رئيسيًا في اللحمة المجتمعية لتلك المناطق، وكان ذلك واضحًا أيام ثورة يناير الأولى كلحظة انفلات مدوية للدولة من قبضة النظام، وانقسم البلطجية إلى مدافعين عنه، ومنهم ولد لقب “المواطنين الشرفاء”، وقسم آخر كانت الداخلية تضغط عليه وترهبه للعمل في دور المرشد استغلالا لسوابقه وجرائمه السابقة، وهؤلاء من تم استخدامهم من قبل الجميع مقابل مبالغ مادية زهيدة جدًا أو حتى وجبة طعام.

لو كان الحل يكمن في إعادة توزيع العشوائيات بعدالة مما يتناسب وحالة السكان ومراعاة أماكن عملهم وموارد رزقهم، وهذا ما لم تفعله مصر قبلًا في كل تجارب نقل العشوائيات لأحياء أكثر صلاحية كبعض النماذج التي استعرضتها الورقة، وبفرض أن مصر قادرة على الالتزام بكل تلك المعايير، فلن تنتهي التجربة أبدًا في عامين كما قال السيسي مؤخرًا، خاصة في ظل الحالة المتدهورة للاقتصاد المصري، ولكون الظاهرة مزمنة ومعقدة. كما أنه وحسب تصريح حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير تطوير العشوائيات فإن مصر لا تمتلك رؤية محددة للقضاء على المناطق الخطرة تحديداً والتي تحتاج على الأقل من 5 إلى 6 سنوات وللعشوائيات بالكامل تحتاج مصر لأربعين عامًا. وفي النهاية فإن الوضع قائم ولا يوجد تصور حكومي لحل الأزمة مما يجعل الأمر دومًا في يد المواطن وهو من يقرر كيف يمكنه البقاء.


الهامش

[1]– مايك ديفيز، كوكب العشوائيات (المركز القومي للترجمة) ،2013، 70

[2] ديفيز، كوكب العشوائيات، 70

[3] تقرير نشره “برنامج الموئل البشري للأمم المتحدة” أكتوبر 20013

[4] جليلة القاضي، التحضر العشوائي (المركز القومي للترجمة، 2009)، 19

[5] القاضي، التحضر العشوائي، 20، 61-63

[6] القاضي، التحضر العشوائي، 23-24

[7] القاضي، التحضر العشوائي، 25

[8] القاضي، التحضر العشوائي، 26

[9] ديفيز، كوكب العشوائيات، 82-83

[10] ديفيز، كوكب العشوائيات، 96-102

[11] القاضي، التحضر العشوائي، 50

[12] أصف بيات، كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط، (المركز القومي للترجمة)، 2014، 146

[13] بيات، كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط، 160

[14] بيات، كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط، 162-163

[15] القاهرة: الخروج من العشوائيات

[16] الإزالة بأي ثمن: رغبة مصر في تهجير السكان دون المبالاة بمصيرهم بعد ذلك

[17] القاهرة: الحياة داخل العشوائيات

[18] مثلث ماسبيرو من المشاركة الاجتماعية إلى الإخلاء القسري

[19] الإزالة بأي ثمن: رغبة مصر في تهجير السكان دون المبالاة بمصيرهم بعد ذلك

[20] حادثة الأربعاء الأسود هي حادثة جرت في مصر يوم 25 مايو 2005 أمام نقابة الصحفيين حيث اعتدى بعض مؤيدي رئيس الجمهورية، في حينها، حسني مبارك، بحضور رجال الأمن، جنسيًا جسديًا على الصحفيات المتواجدات صدفة والمتظاهرات أمام نقابة الصحفيين اعتراضًا على التعديلات الدستورية التي أجراها الرئيس السابق في 2005، المعروفة “بمواد التوريث”.

[21] القهوجي والبواب وبتاع الكشك، عيون المباحث الساهرة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close