القوة الحادة كيف تمارس الدول السلطوية التأثير؟
بقلم: كريستوفر والكر، جيسيكا لودفيج، عنوان المقال الأصلي:
Christopher Walker, Jessica Ludwig, « The Meaning of Sharp Power How Authoritarian States Project Influence », Foreign Affairs, November 16, 2017.
ترجمة: د. سمر سحقي / د. صادق حجال
أﺻﺑﺢ ﻣﺻطﻟﺢ “اﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻋﻣﺔ” ﻣﺻطﻟﺣﺎً في العلوم السياسية يرصد كل أﺷﮐﺎل اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗﻲ تقع خارج نطاق “القوة” بمعنى اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﮐرﯾﺔ. ووفقاً لتعريف جوزيف ناي الأصلي، فإن القوة الصلبة للدولة تقوم على الإكراه، الذي يعبر بشكل كبير عن وظيفة القوة العسكرية أو الاقتصادية للدولة. وعلى النقيض من ذلك، تستند القوة الناعمة إلى عوامل الجذب التي تنشأ عن المظهر الإيجابي لثقافة البلد ومثله السياسية وسياساته- وكذلك من المجتمع المدني المستقل والفعال.
ومع تلاشي فترة الحرب الباردة، لاحظ المحللون والصحفيون وصانعو السياسات في الدول الديمقراطية التأثير المتزايد للدول الاستبدادية، مثل الصين وروسيا، من خلال العدسة المألوفة للقوة الناعمة. لكن بعض التقنيات المستخدمة من طرف هذه الدول، على الرغم من أنها ليست صلبة بالمعنى القهري، إلا أنها ليست لينة.
على النقيض من بعض التحليلات السائدة، فإن التأثير الذي تمارسه بكين وموسكو من خلال مبادرات في مجالات الإعلام والثقافة ومراكز الفكر والمجال الأكاديمي ليس “سحرا هجوميا”، كما وصفه المؤلف جوشوا كورلانتسك Joshua Kurlantzick في كتابه “سحر هجومي”: كيف تحول القوة الناعمة في الصين العالم. كما أنه ليس محاولة “لتبادل الأفكار البديلة” أو “توسيع نطاق النقاش”، كما تقترحه القيادة في منافذ المعلومات الحكومية الروسية والصينية. فالأمر لا يتعلق بشكل أساسي بالجذب أو حتى الإقناع. بدلا من ذلك، فإنه يركز على الإلهاء والتلاعب. هذه الأنظمة الاستبدادية القوية والطموحة، التي تقمع بشكل منهجي التعددية السياسية وحرية التعبير للحفاظ على السلطة في الداخل، تطبق على نحو متزايد نفس المبادئ على المستوى الدولي.
لقد حظرت روسيا والصين التأثير السياسي والثقافي الخارجي في الداخل في الوقت الذي نادتا فيه بضرورة انفتاح الأنظمة الديمقراطية في الخارج.
على مدى العقد الماضي، أنفقت الصين عشرات المليارات من الدولارات لتشكيل الرأي العام والتصورات المختلفة حول العالم، باستخدام مجموعة أدوات متنوعة تضم الآلاف من المبادلات الشخصية للأفراد، والأنشطة الثقافية واسعة النطاق، وتطوير المؤسسات الإعلامية ذات الصيت العالمي والبرامج التعليمية. وأبرز هذه الشبكات هي شبكة معاهد كونفوشيوس الآخذة في التوسع باستمرار، والتي تعد مثيرة للجدل بسبب التعتيم الذي تعمل به في حرم الجامعات الغربية؛ “إنهم يعملون كذراع للدولة الصينية ويُسمح لهم بتجاهل الحرية الأكاديمية”، حسبما جاء في بيان صدر عام 2014 من الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات.
خلال الفترة نفسها تقريبًا، عجّلت الحكومة الروسية من جهودها الخاصة في هذا المجال. في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، أطلق الكرملين شبكة التلفزيون العالمية “روسيا اليوم” (منذ إعادة تسميتها المتواضعة ب RT ) ، حيث بنى الكرملين قدرته على التلاعب بالمحتوى عبر الإنترنت، وزاد من دعمه لمعاهد السياسة التابعة للدولة، وزرع شبكة الإنترنت بشكل عام من أجل أنشطة التأثير – سواء في وضع التشغيل أو بلا اتصال – والمصممة لتغيير وجهات النظر الدولية لصالح روسيا.
على الرغم من أن روسيا والصين تتعهدان ببعض الأنشطة التي يمكن أن تقع ضمن فئة الدبلوماسية العامة العادية – مثل الموسيقى التقليدية أو عروض الرقص – إلا أن طبيعة الأنظمة السياسية لهذه الدول تطبع جهودها بشكل أساسي. في حالة الصين، على سبيل المثال، تتزامن المبادرات التعليمية والثقافية مع عزم استبدادي على احتكار الأفكار وقمع الأطروحات البديلة واستغلال المؤسسات الشريكة. على سبيل المثال، تدّعي معاهد كونفوشيوس أنها شبيهة بمعاهد غوتيه، والرابطات الثقافية الألمانية، و”التحالف الفرنسي”، الذي يمثل النسخة الفرنسية، لكن في المقابل معاهد كونفوشيوس تنسق عن كثب مع “هان بان” أي مقر معهد كونفوشيوس التابع للحكومة الصينية.
بحيث تعتبر هذه المعاهد أن اندماجهم في الجامعات في جميع أنحاء العالم – بما في ذلك في العديد من الديمقراطيات – يعرض الحرية الأكاديمية لهذه المؤسسات للخطر من خلال التشابك المالي والضغط على الرقابة الذاتية، والتجنب المتعمد أو التأطير من جانب واحد للموضوعات الحساسة للسلطات الصينية، مثل مسألة التبت والتايوان وشينجيانغ. ومثل هذا الضغط يمكن أن يتزايد. وعليه فإن تبني “فكرة شي جينبينغ”، أي نظرة الرئيس الصيني شي جينبينغ العالمية في دستور البلاد، لا يترك مجالاً للشك حول مدى رغبة النظام الصيني في تشديد قبضته على المجال العام.
يبدو أن حكام روسيا، وهي دولة أقل ثراء وقوة، راغبين في نشر فكرة أن نظامهم الكليبتوقراطي –الذي يقترب قائدهم لفترة عقدين من الزمن في السلطة– يعتبرون روسيا عضوا عاديا في المجتمع الدولي وأن تصرفاتها وتصريحاتها لا تقل صحة عن باقي الديمقراطيات. وكما لاحظت باحثة الكرملين ليليا شيفتسوفا في مقال نشر في مجلة الديمقراطية، “بالنسبة للكرملين، فإن الأفكار مهمة فإذا اعتبر إجراء ما ضروريًا، فسيتم العثور على أفكار لتبريره. ويتم تشتيت الأفراد لإعطاء الانطباع بأن كل شيء مائع ومترابط. وبالتالي تروج دعاية النظام بالقول بأن القيم الروسية لا تختلف بشكل كبير عن القيم الأوروبية فنحن ننتمي إلى الحضارة نفسها، لتعلن لاحقا أن الغرب هو العدو الرئيسي لروسيا”.
في البداية، رفض العديد من المراقبين جهود الحكومة الروسية والصينية لبناء وتطوير أدوات أكثر حداثة وتطوراً من أجل التأثير دوليا. ففي عام 2010، لاحظ أحد المحللين في مجلة كولومبيا للصحافة بأن طموحات روسيا في ذلك الوقت غير مقبولة ” فلا داعي أن تكون هناك حاجة إلى هذا النوع من الدعاية الصاخبة التي كانت تعمل بها قنوات RT “، خاصة بالنظر إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لم تكن هناك ايديولوجية محددة للنشر والترويج”. وفي مقال آخر نشر في الواشنطن بوست في نفس العام أشار إلى أن هناك عثرات في ” آلات الدعاية ” الخاصة بجهود الصين.
وبالفعل، فالمبادرات الاستبدادية سواء الخاصة بالتلفزيون أو الإنترنيت كانت خطوط برمجتها وإعدادها في البداية مبطنة ومفككة، كمشاريع استبدادية أو غير جديرة بدراسة جدية. لكن واقع اليوم مختلف وتحتاج ديمقراطيات العالم إلى الاعتراف بهذه الحقيقة.
استعراض الاستبداد
أدى استبعاد المشككين لأنشطة التأثير الاستبدادي إلى شعورهم بعدم الثقة، مما سمح للمستبدين، من خلال التجربة والخطأ، بتحسين جهودهم الحالية وتطوير مجموعة أقوى من تقنيات النفوذ والتأثير. ومن الأمور الحاسمة لنجاحهم استغلالهم لعدم التجانس الصارخ: في عصر العولمة المفرطة، حيث أقامت الأنظمة في روسيا والصين عوائق أمام التأثير السياسي والثقافي الخارجي في الداخل وفي نفس الوقت اتجهت إلى الدعوة إلى ضرورة انفتاح الأنظمة الديمقراطية الأخرى في الخارج.
لقد كانت تعديلات موسكو وبكين تدريجية ولكن منهجية. من جانبهم، قرر المسؤولون الروس أنهم لم يحتاجوا إلى إقناع العالم بأن نظامهم الأوتوقراطي كان مثيرا للاهتمام في حد ذاته. وبدلاً من ذلك، أدركوا أنهم يستطيعون تحقيق أهدافهم عن طريق جعل الديمقراطية تبدو أقل جاذبية نسبيًا. وكما قال المقدم السابق لـقناةRT ليز وال، الذي غادر المحطة احتجاجًا على تغطيتها الضاغطة، “بعد أن تعمل في RT تتعلم الطريقة المثلى لإدارة الأخبار وكيف تعالج هذه الأخبار بطريقة يجدها أرباب العمل مواتية”. ويجب أن تعلم أن هذه الأخبار والأحداث يجب أن تتوافق مع مبدأ أساسي: جعل الولايات المتحدة والغرب سيئين من خلال القيام بذلك، تجعل روسيا تبدو أفضل من خلال المقارنة”. وهكذا شكلت جهود التلاعب في المعلومات الروسية هجمة متعددة الأبعاد على هيبة الديمقراطيات – الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص – وعلى الأفكار التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية.
في الوقت نفسه، وبينما وسعت الصين بشكل كبير مصالحها الاقتصادية وبصمتها التجارية في جميع أنحاء العالم، ركزت حكومتها مبادرات تأثيرها على إخفاء سياساتها وقمع أي أصوات خارج حدود الصين يمكن أن تنتقد الحزب الشيوعي الصيني (CCP ). ووفقًا لتحليل من جانب مؤسستنا وشركائنا من الخبراء الفنيين فإن تقنيات بكين تشمل كلا من الاستدلال والتلاعب، وتستهدف وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية ومجتمع السياسات. وتسعى الصين إلى تخطي المؤسسات في الدول الديمقراطية التي قد تلفت الانتباه أو ترفع العقبات أمام مصالح الحزب الشيوعي الصيني، مما يخلق عقبات لأي مقاومة من هذا القبيل.
على الرغم من وجود اختلافات في شكل ونهج المناهج الصينية والروسية، فإن كلاهما ينبع من نموذج أيديولوجي يمتاز بسلطة الدولة على حساب الحرية الفردية، وهو معاد أساسًا لحرية التعبير، والنقاش المفتوح، والتفكير المستقل.
وعليه يجب ألا يفهم المراقبون جهود موسكو وبكين بـ “القوة الناعمة”. إنها أكثر ملاءمة مع مفهوم “القوة الحادة”.
إن جهود التأثير الاستبدادي “حادة” بمعنى أنها تخترق أو تجتاح أو تنخر البيئات السياسية والإعلامية في البلدان المستهدفة. في إطار المنافسة الجديدة القاسية بين الدول الاستبدادية والديمقراطية، ينبغي النظر إلى تقنيات القوة الحادة التي تتبعها الأنظمة القمعية على أنها طرف من خنجر. لا تسعى هذه الأنظمة بالضرورة إلى “كسب القلوب والعقول”، التي تعتبر الإطار المرجعي الموحد لجهود القوة الناعمة، لكنها تسعى بالتأكيد للتلاعب في جماهيرها المستهدفة عن طريق تشويه المعلومات التي تصل إليها.
وبالمثل، فإن القوة الحادة تمكِّن المستبدين من اقتحام نسيج المجتمع، وإشعال وتضخيم الانقسامات القائمة. لقد كانت روسيا بارعة بشكل خاص في استغلال الخلافات داخل الديمقراطيات، على سبيل المثال الترويج للروايات في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية التي تهدف إلى تقويض الدعم المقدم إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وعلى عكس التأثير الحاد للقوة الصلبة، تستلزم القوة الحادة بدرجة من التسلل والاختراق. من خلال الاستفادة من البيئة السياسية والإعلامية المفتوحة للديمقراطيات، ويصعب عادة الكشف عن الجهود الحثيثة للسلطة الاستبدادية، مما يعني أنها تستفيد من عامل الوقت بحيث أن الديمقراطيات المستهدفة تستغرق وقتا طويلا قبل أن تدرك أن هناك مشكلة.
وفوق كل ذلك، يجسد مصطلح “القوة الحادة” الطبيعة الخبيثة والعدوانية للمشروعات السلطوية، التي لا تشبه إلى حد كبير جاذبية القوة الناعمة الحميدة. من خلال القوة الحادة، فإن القيم غير الجذابة عمومًا للأنظمة الاستبدادية – التي تشجع على احتكار السلطة، والتحكم من أعلى إلى أسفل والرقابة والولاء بالإكراه – يتم استعراضها خارجا، والأشخاص المتضررين ليسوا جمهورًا بقدر كونهم ضحايا.
هل يوجد تنافس؟
يتمتع صانعوا القرار في كل من بكين وموسكو بالإرادة السياسية لتعزيز وتنفيذ جهود نفوذهما؛ فعلى سبيل المقارنة يبدوا أن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الديمقراطيات الأخرى قد انسحبت من المنافسة في مجال الأفكار. لقد كانت الدول الديمقراطية بطيئة في التخلص من المسلمة القائمة منذ مدة طويلة- كانت في رواج من الحرب الباردة حتى منتصف العقد الأول من القرن العشرين- وهي أن الاندماج غير المقيد مع أنظمة الحكم القمعية سيؤدي حتماً إلى تغييرها إلى الأفضل، بدون أن يترتب على ذلك أي آثار ضارة على الدول الديمقراطية نفسها. لكن مع تسارع العولمة وتعمّق التكامل خلال العقد المنصرم، نجت الأنظمة المستبدة، وأصبحت قدرتها على اختراق الفضاء السياسي والإعلامي للدول الديمقراطية أقوى تدريجياً؛ فالمبادرات الاستبدادية بحد ذاتها عالمية من حيث نطاقها، وهي تتحول إلى بلدان ديمقراطية في كل القارات.
لقد تبلور الشعور بالثقة الزائدة لدى الدول الديمقراطية مما جعلها لا تبذل جهداً إضافياً فيما يتعلق بالقوة الخبيثة الحادة، وذلك بسبب اعتمادها على نموذج القوة الناعمة؛ فالمفردات المفاهيمية التي استخدمت منذ نهاية الحرب الباردة لم تعد تبدوا ملائمة للوضع الحالي. وما لم تتقبل وتعترف الدول الديمقراطية بالطبيعة الضمنية لنفوذ الأنظمة التسلطية، فإنهم سوف تشل قدرتها على حشد الاستجابات الفعالة لهذا التهديد.
يمكن اكتشاف الصورة الأوضح لنوايا هذه الأنظمة من خلال مشهدها السياسي والإعلامي؛ حيث عملت كل من الصين وموسكو بشكل منهجيا على قمع المعارضة الفعلية، إسكات أو تشويه سمعة المعارضين السياسيين، إحاطة مواطنيها بمحتوى دعائي، واختيار أصوات ومؤسسات مستقلة بشكل ماهر- بينما كانوا كلهم يسعون للحفاظ على مظهر خادع للتعددية، الانفتاح، والحداثة. وبالفعل، يساعد التنوع المبهر للمحتوى المتاح للمستهلكين على إخفاء حقيقة أن السلطات العليا في هذين البلدين لا تسمح بأي معارضة؛ ففي حالة الصين، تم تصميم نظام متطور للتلاعب عبر شبكة الانترنت- يشمل نظام رقابة واسع متعدد الطبقات و”مراقب محتوى الانترنت” على مستوى الأقسام الحكومية والشركات الخاصة التي تعد بالملايين- بغية قمع وتحييد الخطاب السياسي والعمل الجماعي، وذلك حتى عند تشجيع العديد من الناس العاديين على الشعور كما يعتقدون بأنهم يمكنهم التعبير عن أنفسهم حول مجموعة من القضايا التي يهتمون بها.
اقتحمت النزعات الاستبدادية المجتمعات المفتوحة للعالم الديمقراطي بمقاربة مماثلة، على سبيل المثال، كما أجبرت بكين شركات الانترنت المحلية ووكالات الأنباء على مراقبة محتوياتها الخاصة، تحاول ترويض محاوريها الدوليين على حدود التعبير المسموح به.
إن هؤلاء الذين يفسرون هذه الجهود كوسيلة لموسكو وبكين تستخدماها لتعزيز قوتهما الناعمة في بلدانهم، يهملون أهم ملاحظة ويخاطرون بإدامة الشعور الزائف بالأمن. في النهاية، إذا كان هدف جهود المستبدين هو تحسين صورتهم الدولية، فإنه من المنطقي أن تكون مبادراتهم المتقنة دون جدوى؛ لأن روسيا والصين لا تمتعا في الواقع بصورة جيدة داخل الدول الديمقراطية، وحتى لو كان الأمر كذلك، فإنه لن يكون هناك أي ضرر واضح أو مباشر للدول الديمقراطية.
لسوء الحظ، ترى أنظمة الحكم الاستبدادية استخدام هذا النوع من القوة بطريقة مختلفة تماماً، لا يمكن عزلها عن القيم السياسية التي تستند إليها في حكمها داخلياً. وكما تشير المقالات الواردة في التقرير الصادر عن الصندوق الوطني للديمقراطية التابع للمنتدى الدولي للدراسات الديمقراطية، بأن الديكتاتوريين لا ينخرطون في الدبلوماسية العامة كما تفهمها الدول الديمقراطية، حيث بدلاً من ذلك يبدوا أنهم يسعون إلى تحقيق المزيد من الأهداف الخبيثة، المرتبطة غالباً بأشكال جديدة من الرقابة الموجهة خارجياً والتلاعب بالمعلومات.
يتطلب التحدي الخطير الذي تطرحه القوة الحادة الاستبدادية استجابة متعددة الأبعاد تتضمن الكشف عن جهود النفوذ الصينية والروسية التي تعتمد إلى حد كبير على التمويه- تمويه المشاريع الموجهة من قبل الدولة على أنها عمل وسائل الإعلام التجارية أو الجمعيات الشعبية، على سبيل المثال، أو استعمال فواعل محلية كقنوات للدعاية الأجنبية ووسائل للتلاعب الأجنبي. وسوف يتطلب ذلك أيضا أن تحصن الدول الديمقراطية نفسها ضد النفوذ الاستبدادي الخبيث المدمر للمؤسسات والمعايير الديمقراطية من جهة، وأن تتخذ موقفا أكثر حزما في سبيل مبادئهم الخاصة ( *).
* الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات