fbpx
دراسات

المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

ملخص البحث

تتمثل مشكلة البحث في الإجابة عن تساؤلات تثار عند كثيرين عن توفر قواعد أسس في الفكر الإسلامي لإدارة الدولة، ومنها مشاركة الأمة للحاكم في القرارات المهمة والرقابة عليه، وهل يمتلك الفكر الإسلامي نظما تحقق هذا؟ وهل يوجد بالتاريخ الإسلامي تطبيق يعضد هذا؟ وهل ما يبنى على القواعد والمبادئ الإسلامية أنجع للأمم في تحقيق نهضتها وتقدمها مما تحققه النظم السياسية المعاصرة؟

ويهدف البحث إلى إبراز سبق الفكر والتطبيق الإسلامي في أمر مشاركة المجتمع للحكام في إدارة الدولة، وبيان أيهما أنجع لنهضة الأمم والشعوب هل ما يقوم على قواعد الشريعة الإسلامية أم ما يكون من اختراع البشر ولا يرتكن على أسس وقواعد ثابتة، وضرورة الإفادة من كل التجارب البشرية في موضوع مشاركة المجتمع للحكام في إدارة الدولة ما لم يتعارض مع قواعد وأسس الشريعة الإسلامية.

وقد خلص البحث إلى أن أمر الشورى من المبادئ الأساسية في الإدارة في الفكر الإسلامي، سبق بها النظم المعاصرة بقرون، ونمتلك في تراثنا الإسلامي في كل المجالات ما يمكننا من مجاراة التطورات المتسارعة في أمور الإدارة وغيرها، شرط أن ننفض عنها الغبار وأن نطبق مبادئها، ونطور أدواتها بما يتناسب مع ظروف العصر لكل بلد، وتظل طريقة تشكيل مجلس أهل الحل والعقد (مجلس الشورى) وعدد أعضائه وتخصصاتهم من أمور الدنيا التي تركت لأهل كل عصر ومصر لتحددها حسب ظروفها، وتمثل مجالس أهل الحل والعقد في الفكر والتاريخ الإسلامي المجالس النيابية حقيقة وواقعا منذ العصر النبوي، يتفوق الفكر الإسلامي في تحديد شروط العضوية رابطا إياها بالتخصص والكفاءة في أداء المهام والواجبات، لا ينبغي الربط بين ما قرره الفكر الإسلامي من مبادئ في موضوع الشورى ومهام أهل الحل والعقد وشروط عضويتها وبين التطبيق غير المكتمل أو المنحرف عن المبادئ الأساسية عبر التاريخ الإسلامي أو المعاصر منها، فالانحراف عن المبادئ لا يعيبها.

الكلمات المفتاحية: مجالس نيابية – أهل الحل والعقد – مهام وصلاحيات – شروط العضوية.

Abstract

This study aims to examine issues and answer the questions raised about the availability of fundamental rules in Islamic thought for the management of the state. These questions include: what is the nature of participation between the people and the presidents in important decisions? how do oversight the presidents? to what extent does Islamic thought possess systems and rules to achieve this? Is there an application in Islamic history that supports this? Is what is built on Islamic rules and principles more effective for nations to achieve their renaissance and progress than what is achieved by contemporary political systems? The study aims to highlight the precedent of Islamic thought and application in the issue of society’s participation with the president in managing the state, to indicate which is more effective for the renaissance of nations and peoples, and clarify that the issue of society’s participation with the president in managing the state does not contradict the rules and foundations of Islamic Sharia. The study concluded that the issue of shura is one of the basic principles of management in Islamic thought, which preceded contemporary political systems by centuries, and we possess our Islamic heritage in all fields that enable us to keep pace with the rapid developments in issues of management and others, provided that we dust it off and apply its principles, develop its tools in proportion to the circumstances of the age for each country, and the method of forming the Council of People of Solution and Contract (the Shura Council), the number of its members, and their specializations are among the worldly matters left to the people of each era to be determined according to their circumstances.

Keywords: Parliaments – Ahlu elhall wal Akd – tasks and powers – membership conditions.

مشكلة الدراسة

منذ انتهاء دولة الخلافة العثمانية وسيطرة الاستعمار على معظم دول العالم الإسلامي تعيش الأمة الاسلامية بحالة من التردي والتخبط في معظم مجالات الحياة، حتى أصبحت عالة على الدول والمجتمعات الاستعمارية، تنظر باستكانة إلى ما عندهم وتعتبره نبراسا يجب الاهتداء به، وأصبح يعتري من يقلدهم ويعمل عملهم ويتبع خطواتهم يعتريه شعورا بالنشوة والفخر المتوهم وكأنها حاز قوتهم وتقدمهم وتطورهم، علما بأن تاريخ أمتنا الإسلامية وامتلاكها الحضارة الإنسانية والتقدم العلمي هو من يجب أن يشعر صاحبه بالنشوة والفخر الحقيقيين لما قدمته الحضارة الإسلامية من نفع حقيقي للإنسانية وليس للأمة الإسلامية فحسب.

ويسير المسلمون الآن في ركاب الأمم  المتقدمة في معظم مجالات الحياة ومنها المجال السياسي، مقلدين قشورها متبعين أسماءها ومظهرها لا جوهرها، ولو أننا اتبعنا جوهرها لكنا في أوضاع مختلفة عما نحن فيه الآن، ومع ذلك فإن جعبتنا الحضارية الفكرية فيها منذ عشرات القرون ما يتقدم على ما عندهم من حيث الجودة والإتقان والمناسبة للمهمة وتحقيق الغايات، ومن هذا المجالس النيابية التي تقوم بدور العمود الفقري في السياسة في العصر الحديث، وتعتمد عليها الدول بمستوياتها المختلفة في قراراتها الخاصة بأمورها الداخلية أو بعلاقاتها مع الآخر سواء دول الجوار أو النظام العالمي بكافة منظماته ومكوناته.

وتتمثل مشكلة الدراسة في نظرة كثيرين من المسلمين إلى النظم المعاصرة السياسية والاقتصادية وغيرها على أنها إبداع ينبغي الاقتداء به، لأنه سبب تقدم الحياة في الدول المتقدمة، ولذا فتجيب الدراسة على الأسئلة التالية:

1 هل قدم الفكر السياسي الإسلامي قواعد وأسس لإنشاء هيئات تمثل أركانا للدولة في أي زمن؟

2 هل وجد في التاريخ الإسلامي نماذج تطبيقية في مجال تنظيم الدول خاصة السلطات التشريعية والرقابية؟

3 هل تعتبر الهيئات التشريعية والرقابية في النظم المعاصرة سبقا ليس له مثيل في التاريخ الإسلامي؟

4 هل يعتبر أهل الحل والعقد هم أهل الشورى، أو يمثلون المجالس النيابية للأمة؟

5 أي النظامين في المجالس النيابية في الفكر الإسلامي أو الفكر المعاصر أنجع في تحقيق أهداف الأمم والشعوب؟

 أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:

  • إبراز سبق الفكر الإسلامي في أمر المجالس النيابية وقيامها بدور مهم في ضبط كيان الدولة.
  • إبراز الفرق بين الشورى وآلياتها في الفكر الإسلامي والديموقراطيات الأخرى، وأيهما أنجع في المساهمة في نهضة الأمم.
  • بيان أهمية العودة للثروة الهائلة في الفكر الإسلامي الذي يعتمد على قواعد وأسس صالحة لأن تكون مصدرا وإلهاما لتطور النظم بل والحياة كلها.
  • إبراز إمكانية الاستفادة من التجارب المتنوعة من الغير سواء كانت التجارب سياسية أو غيرها في تطوير منظومة الحياة طالما لا تتعارض مع قواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية.

الدراسات السابقة

توجد ندرة في الدراسات السابقة في هذا الموضوع، وما اطلع عليه الباحث هو عدة دراسات قريبة الشبه من هذه الدراسة، وأهمها ما يلي:

إدارة المعلومات بمجلس الشورى: 2003، الشورى في الإسلام ( ممارسة نيابية ) تجربة المملكة العربية السعودية

 هي دراسة إحصائية قامت بها إدارة المعلومات بمجلس الشورى السعودي، وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن هناك فارق جوهري بين الشورى في الإسلام والديمقراطية، في المفهوم والتطبيق خاصة في مجال التشريع.

يقوم تكوين مجلس الشورى السعودي على التعيين مع مراعاة عدة أبعاد لازمة لتكوين المجلس في أداء مهامه.

يشترط عدة شروط لاختيار وتعيين عضو مجلس الشورى مرتبطة بالكفاءة والصلاح والجنسية.

لمجلس الشورى عدة اختصاصات تشريعية ورقابية ليس من بينها اختيار الملك وتوليته أو عزله، لكن عند الخلاف مع مجلس الوزراء حول تشريع يحسم الملك القرار. 

المختار الأحمر:2017:  أﻫﻞ اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ دراﺳﺔ المفهوم واﻟﻨﺸﺄة وإﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ في اﻟﻌصر اﻟﺤﺪﻳﺚ

خلصت هذه الدراسة إلى ﻧﺘﺎﺋﺞ يمكن أن ﺗﻔضي إلى رؤى وآﻓﺎق رﺣﺒﺔ لما يخص إﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮم جديد ﻷﻫﻞ اﻟﺤﻞ والعقد؛ ﻳﺠﻤﻊ بين اﺳﺘﻠﻬﺎم اﻟتراث اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﺎ أﻧﺘﺠﻪ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎني، وﻳﺴﻬﻢ في إﺻﻼح واﻗﻊ الدولة الحديثة ونظمها بالتحرر من قيود الشكل التي سيطرت على العقل الإسلامي فترة من الزمن دون الارتماء في أحضان النظم الحديثة والتكيف معها.

يمكن أن يصار إلى اﺳﺘﻠﻬﺎم قيم المفهوم وﻣﺒﺎدﺋﻪ اﻟﺘﻲ تأسس ﻋﻠﻴﻬﺎ، ثم توظيفها أو ﻧﻘﻠﻬﺎ إلى أنظمة وﻣﺆﺳﺴﺎت ﻋﻤﻞ حديثة بالطريقة التي تناسب كل مجتمع.

 تعدد ﻣﻔﻬﻮم أﻫﻞ اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ في اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ومداخله وتطبيقاته  في حين ظل منطقه وكنهه ومضمونه واحدا.

أن مفهوم أهل الحل والعقد لا يراد به إلغاء اﻷﻣﺔ مثلما ﺣﺼﻞ في بعض الحقب اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧﺤﺮاف اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺴﻴﺎسي ﻟﻠﺤﺎﻛﻤين، وﺧﺮوﺟﻬﻢ ﻋﻦ أﺳﺴﻪ المعهودة، واستخدم المفهوم صوريا وشكليا بعيدا ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ وأﺳﺴﻪ .

داود الباز: 1998 الشورى والديموقراطية النيابية – دراسة تحليلية وتأصيلية لجوهر النظام النيابي (البرلمان)

خلصت هذه الدراسة إلى:

الشورى نظام خاص تتميز به الدولة الإسلامية لا يطوع ليوافق المسميات والنظريات الحديثة، لأن ذلك لمن يزيده تشريفا فيكفيه أنه تشريع رب العزة، ولهذا فإن الدولة الإسلامية لها ذاتيتها الخاصة التي يذهب ريحها ويخف ميزانها وترد موارد الخسران والهلاك إن هي حادت عن هذه الذاتية فالشورى أساس الحكم ودعامته.

الشورى هي قمة الديموقراطية، إذ لا سلطة مطلقة للشعب وإنما يحكم الشرع في إطار من المرونة التي لا تسمح بالتخلي عن مصدر الإلزام الشرع وهو الله عز وجل.

 يترك لكل أهل عصر اختيار طريقة أهل الحل والعقد

ترتبط الشورى ارتباطا وثيقا بالعقيدة، وهي حق للأمة وواجب على الحاكم

اختصاص البرلمان  الوظيفة الرقابية والوظيفة التشريعية في حدود تقنين قواعد وأحكام الشريعة.

يمكن أن يكون النظام النيابي مناسبا لتطبيق الشورى الإسلامية وقد ورد له أدلة من تاريخ المسلمين بدءا من العصر النبوي.

إبراهيم الأمين أحمد: 2018 مقارنة بين الشورى والديمقراطية

خلصت الدراسة إلى: ثمة تباين بين الشورى والديمقراطية من حيث المعنى والمفهوم والمصدر والاختصاص والبنية العقدية والفكرية لكل منهما، وطبقت الشورى في العصور الاسلامية فكانت ثمارها حقيقية وأنها أمر رباني، وتختص الشورى فيما لا نص له، أما المنصوص عليها فهي ثوابت لا تقبل التغير، وثبت أن الديمقراطية هي حكم الأقلية للأكثرية وأنه لا يُعمل بها إلا في العلمانية لأنه تعطي الحرية المطلقة لنواب الشعب للتشريع.

لديمقراطية لها مفاسد ولا تتوافق مع العقيدة الإسلامية.

راشد العسيري: 2005 المجالس النيابية وعلاقتها بالشورى في الإسلام

خلصت الدراسة إلى ما يلي:

الشورى هي أهم الوسائل التي تساعد المسلمين على إقامة دولة قوية ينشدها المسلمون.

يجب أن يكون أهل الشورى من الذين تتوفر فيهم الشروط الشرعية الواجب توفرها.

لا يلزم اتباع أسلوب معين للشورى فطريقة الشورى لم تحدد بنص شرعي.

النظام الديموقراطي يختلف اختلافا كبيرا عن نظام الشورى الإسلامي.

لا يجوز تسمية النظام النيابي بالشورى الإسلامية.

يمكن أخذ الطرق التنظيمية من النظام النيابي وتكييفها حسب الظروف عند تنفيذ الشورى الإسلامية.

الانتخاب وسيلة مشروعة لاختيار الأنسب ممن تنطبق عليهم الشروط والضوابط الشرعية.

ما الفرق بين هذه الدراسة والدراسات السابقة؟

يظهر الفرق بين هذه الدراسة والدارسات السابقة في عدة أمور أهمها:

لم تشتمل أي دراسة منها على عرض شامل للمجالس النيابية في الفكر الإسلامي (أهل الحل والعقد) ومقارنتها بما ورد في التطبيق الإسلامي على مدار التاريخ.

لم تشتمل أي دراسة منها على عرض المجالس النيابية في النظم المعاصرة من حيث تاريخها أو مهامها وصلاحياتها أو طرق تكوينها أو شروط عضويتها.

تقدم هذه الدراسة المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي(أهل الحل والعقد) وفق معايير موضوعية.

تظهر هذه الدراسة سبق الفكر الإسلامي في الأخذ بحقيقة الشورى وفق ضوابط وشروط لأعضاء مجلس أهل الحل والعقد، الذي كان له أكبر الأثر في إدارة شئون الدولة خاصة في الظروف العصيبة مثل الحروب والأوبئة وغيرها.

منهجية الدراسة

ينتهج الباحث المنهجين الاستنباطي والاستقرائي المقارن من خلال تتبع موضوع الدراسة من المراجع المعتمدة في الفقه ولفكر الإسلامي والدراسات الخاصة والعامة، ومن خلال المصادر الخاصة بالموضوع متمثلة في المواقع الإلكترونية المعتمدة للمجالس النيابية في الدول المختلفة، ثم المقارنة واستنباط النتائج التي يمكن التوصل إليها نهاية البحث.

محتويات الدراسة

وتتمثل محتويات الدراسة فيما يلي:

  • أهل الحل والعقد (المجالس النيابية) في الفكر الإسلامي.
  • المجالس النيابية في النظم المعاصرة.
  • الدراسة المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة.
  • النتائج والتوصيات.
  • المراجع.

أولا: المجالس النيابية في الفكر الإسلامي (أهل الحل والعقد)

   بدأت فكرة الشورى منذ مطلع العصر النبوي في صورة تعليمات ربانية نزل بها الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ونفذها الرسول (ص) في الواقع خاصة في أمور الحرب والغزوات والسياسة العامة للدولة الوليدة، واستمر الخلفاء الراشدون يتبعون هدي النبي (ص) وينفذون أوامر الوحي في هذا الجانب، وتبعهم خلفاء الدول الإسلامية المتعاقبة حتى سادوا الدنيا من مشرقها لمغربها.

وتذكر كتب السيرة وكتب شروح الحديث وقائع للمجالس النيابية المصغرة ومنها على سبيل المثال ما حدث عند تولية الخليفة عثمان بن عفان، حيث ورد في فتح الباري”….. فلما اجتمعوا قال عبدالرحمن: اجعلوا أمركم في ثلاثة نفر منكم، فجعل الزبير أمره إلى علي وجعل طلحة أمره إلى عثمان وجعل سعد أمره إلى عبدالرحمن بن عوف فأتمر أولئك الثلاثة حين جعل الأمر إليهم، فقال عبدالرحمن: أيكم يبرأ من الأمر ويحمل الأمر إلي ولكم الله علي ألا آلوكم عن أفضلكم وخيركم للمسلمين فأسكت الشيخان علي وعثمان فقال عبدالرحمن تجعلانه إلي وأنا أخرج منها والله لا آلوكم عن أفضلكم وخيركم للمسلمين قالوا: نعم. فخلا بعلي فقال إن لك من القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والله عليك لئن استخلفت لتعدلن ولئن استخلف عثمان لتسمعن ولتطيعن، فقال: نعم. قال وخلا بعثمان فقال مثل ذلك، فقال عثمان: نعم. فقال ابسط يدك يا عثمان، فبسط يده فبايعه علي والناس.” (ابن رجب،1996 : 7 / 59)

 لكن كيف كانت المجالس النيابية؟ وما هي شروط أعضائها؟ وكيف يتم تكوينها؟ وما هي المهام التي تقوم بها؟ وما علاقتها بالحاكم؟ وما علاقتها بالأمة؟ هذا ما ستقدمه الدراسة في الصفحات التالية.

المجلس النيابي الإسلامي (أهل الحل والعقد)

   وجدت المجالس النيابية في الفكر والتاريخ الإسلامي وكان من يقوم بأغلب مهامها هم أهل الحل والعقد، وبالتالي ستكون الدراسة عن أهل الحل والعقد كما يلي:

أهل الحل والعقد في اللغة:

وفي الصحاح الحلّ هو فكّ عقدة الشيء بعد شدّها، والعقد خلافه، وهو القدرة والتمكن، وهو مأخوذ من حل الأمور وعقدها. ( الفارابي، 1987: 4 / 1672)

أهل الحَلّ والرَّبط/ أهل الحَلّ والعَقْد: الولاة وعِلْية القوم الذين بيدهم تصريف الأمور (www.almaany.com/ar/dict/ar-ar)

أهل الحل والعقد في الاصطلاح:

   ذكر المفكرون  والفقهاء عدة تعريفات لأهل الحل والعقد أبرزها:

تعريف الإمام النووي في كتابه منهاج الطالبين “هم العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم”. (النووي، 2005: 130 / 4)

وفي تفسير المنار يعرفهم الإمام محمد عبده بأنهم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة. (رشيد رضا، 1990 : 147 / 5)

ويعرفهم رشيد رضا في مجلة المنار بأنهم “سراة الأمة وزعماؤها ورؤساؤها، الذين تثق بهم في العلوم والأعمال والمصالح التي بها قيام حياتها، وتتبعهم فيما يقررونه بالشأن الديني والدنيوي منها، وهذا أمر من ضروريات الاجتماع في جميع شعوب البشر، تتوقف عليه الحياة الاجتماعية المنظمة”. (رشيد رضا، 24 / 33)

ويعرفهم الإمام محمود شلتوت في كتابه من توجيهات الإسلام بأنهم “أولو الأمر الذين يمثلون الأمة ويختارون باسمها الخليفة، وهم أهل العلم والرأي والخبرة في كل ناحية من نواحي النشاط الحيوي بالأمة”.(شلتوت، 2004: 583)

وورد في الموسوعة الفقهية أنهم “الذين بيدهم الحل والعقد والإِبرام والنقد في شئون الأمة وأمورها ويمكن الاعتماد عليهم في تدبير مصالحها العامة المتعلقة بمصيرها في شئون السياسة والاقتصاد والاجتماع والمال والحرب والسلم”.(الموسوعة الفقهية الكويتية، 1427 ه: 25/251)

 وتتفق التعاريف السابقة على أن مجلس أهل الحل والعقد يتكون من الوجهاء والعلماء والمتخصصين في مجالات الحياة المتنوعة من سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية وغيرها من مكونات الدولة والمجتمع، بحيث يكون هذا المجلس هو المرجع في حاجات ومصالح الأمة العامة ومنها اختيار الحاكم.

مرادفات لتسمية مجلس أهل الحل والعقد: ويطلق العلماء عليهم التسميات التالية: (الطريقي، 1419)

  • أولو الأمر: ويقصد بهم أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام،فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء، والأمراء، فإذا صلحوا صلح الناس، وإذا فسدوا فسد الناس.
  • أهل الاختيار: ويقصد بهم العلماء والخبراء الذين لهم حق الترجيح بين المرشحين للحكم واختيار الحاكم بما لهم من معرفة بشروطه ما يجب أن يتحلى به.
  • أهل الشورى: ويقصد بهم العلماء وأهل الخبرة فيما يستشارون فيه من الأمور.
  • أهل الاجتهاد: وهم العلماء الذين يحوزون القدرة على الاجتهاد في المسائل الشرعية.
  • أهل الشوكة: وهم أهل المنعة والقوة العددية أو المادية أو العسكرية التي تؤهل للقيام بالمهمة.
  • أهل الرأي والتدبير من يتسمون بالعقل الناضج والفكر المبدع مع القدرة على تصريف الأمور وتسييرها.

وأحيانا تتطابق التسمية مع كامل مجلس الحل والعقد، وأحيانا تنطبق التسمية على جزء من مجلس أهل الحل والعقد بحيث يكون من يمثل اللقب بعضا من المجلس وليس كله.

أهل الحل والعقد (مجالس الشورى) في التاريخ الإسلامي

بدأ تطبيق مبدأ الشورى في الفكر الإسلامي من عصر النبوة علي يدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث كانت له شورى في المواقف غير الوحيية، وكان صلى الله عليه وسلم ينزل على أمر الشورى في كل المواقف التي طلب فيها الشورى من أهلها.

لكن ما المقصود بالشورى؟ وفي أي شيئ تكون؟

الشورى تعني استخراج الرأي بمراجعة البعض الى البعض. (الأصفهاني، 2001)

وهي أيضا هو تمكين الأمة من أن تقرر ما تراه صالحاً لها في شؤونها العامة بطريق تمنع الاستبداد وتحول دون نشوء دكتاتورية لحاكم عبقري أو لزعيم فذ. (العوا، 1989)

ويقول محمد أسد “الشورى هي المادة الفعالة في التفكير الإسلامي بصدد مسألة إدارة الدولة وهي تشمل كل صغيرة وكبيرة من دقائق حياتنا السياسية وكل أمر من أمور ذات الطابع العام وهي جزء لا يتجزأ من أسلوب الحكم ” (أسد، 1975: 88-89)

بينما يرى الدكتور توفيق الشاوي في كتابة فقه الشورى والاستشارة أن الشورى “مبدأ قرآني وأصل عام شامل لجميع شئون المجتمع تتفرع عنه قواعد وضوابط وأحكام متنوعة، تقيم لنا نظما اجتماعية وسياسية واقتصادية متكاملة ترسم للمجتمع منهاج التضامن والتكافل والمشاركة في الفكر والرأي والعمل، إنها ليست مجرد مبدأ دستوري بل هي منهاج شامل وشريعة متكاملة” (الشاوي، 1992: 9)

مجالات الشورى في الفقه الإسلامي.  

  يقول الله عز وجل “وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر” فما هو هذا الأمر؟ هل هو جميع شؤون المسلمين؟ أم هو ما كان في تدبير الحروب؟ أم ما كان في النظام الإداري للدولة؟

في الأمر المقصود في الآية خلاف، والراجح فيه أن الشورى في كل أمور الأمة، وأمور الأمة هي بين  أمر فيه نص شرعي  وآخر لا نص فيه.

وتكون الشورى  فيما لا نصّ فيه (المصالح المرسلة): ويشمل جميع الأمور العامّة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتشريعية وغيرها.

وتكون أيضا فيما فيه نص ظنّي الدّلالة: ودور الشورى هنا ترجيح رأيّ على رأيّ أو فَهْم على فَهْم، بما يتفق والمصلحة العامّة، وبما لا يخرج عن الضوابط الأساسية، وبما يحتمله النّص.

وتكون أيضا فيما فيه نص قطعي الدّلالة: كوجوب العدل مثلا، ودور الشورى هنا اختيار الوسيلة المُثلى لتطبيق الحكم الشرعي.

ويثور هنا سؤال هل يعتبر أهل الحل والعقد هم أهل الشورى؟ تظهر الإجابة عن هذا السؤال من خلال عرض تطبيقات الشورى في التاريخ الإسلامي وكذا من خلال معرفة مكونات مجلس أهل الحل والعقد ومهامها.

تطبيقات مجالس الشورى في التاريخ الإسلامي

   لم ينشئ الرسول صلى الله عليه وسلم مجلسا محددا للشورى رغم إنفاذه لمبدأ الشورى في الأمور غير الوحيية، إلا إنه كا له مستشارون خاصون مثل أبو بكر وعمر ومستشارون مناسبون لكل أمر ولكل موضع مثل طلب المشورة من زعماء الأنصار قبيل غزوة بدر وقبلها في بيعة العقبة، وكان أبوبكر رضي الله عنه يستشير الناس فيما أشكل عليه من كل ما ليس فيه نص من كتاب أوسنة، وكان أكثر مشاورته مع عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، وكان عمر يستشير أهل المدينة من كبار الصحابة  والقراء وأهل العلم في أمور الدولة وشئون الحرب وتطوير جهاز الدولة الإداري والمالي وكان يستشير الشباب والمحدثين، وقد جاء في صحيح البخاري “وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولا أو شبانا”(البخاري، 1993: 6/2686)، وكان لعثمان رضي الله عنه مستشاروه القليلين من ذوي الاختصاص ومن أقربائه من بني أمية مثل معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وغيرهما، ووسع علي كرم الله وجهه أمر الشورى فأصبح يستشير عموم المسلمين في بعض الأمور.

وقد أنشأ عمر بن عبد العزيز مجلسا للشورى من عشرة من فقهاء وحكماء المسلمين، يروي ابن سعد في طبقاته فقال: “لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا عليها كتب حاجبه إلى الناس فدخلوا عليه وسلمّوا عليه، فلمّا صلّى الظهر دعا عشرة نفر من فقهاء البلد وأخبرهم بأنّه قد دعاهم لأمر يؤجرون عليه، ويكونون فيه أعوانا له على الحق وقال لهم: ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحدا يتعدّى، أو بلغكم عن عامل ظلامة فاحرج بالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني”.(ابن سعد،2001: 7/ 328)

وقد تضمن اتفاق عمر بن عبد العزيز ومجلس شوراه مهام هذا المجلس بوضوح متمثلة في المشاركة في القرار والرقابة، الأول منها هو الاجتهاد والمشاركة في الرأي واتخاذ القرار في قوله ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم، والثاني هو مراقبة المجتمع وما يقع فيه من ظلم واعتداء في قوله فإن رأيتم أحدا يتعدى، والثالثة مراقبة عمال  الدولة وموظفيها في قوله أو بلغكم عن عامل ظلامة.

ثم ضعف الاهتمام بأمر الشورى وبمجلس أهل الحل والعقد في التاريخ الإسلامي بعد حقبة الراشدين ومنهم عمر بن عبد العزيز، وأصبح وجود مجلس للشورى أو لأهل الحل والعقد يمثل الأمة أو بالمعايير الشرعية هو الاستثناء.

وكانت الشورى في الدولة الأموية قاصرة على الأمراء والوزراء وقادة الجيوش، أما في أمر الخلافة فكانت قاصرة على بني أمية، وكان للدولة الأموية في الأندلس مجلسا الشورى يرأسه الخليفة أو الأمير، ويضم كبار رجال الدولة وبعض أفراد البيت الأموي، كما أنشئت دار في قرطبة لشورى القضاء، وكان أعضاؤها نخبة من العلماء يرجع إليهم في تقرير الأحكام، وكذا كان الخليفة في الدولة العباسية يشاور الأمراء، والوزراء، وقوّاد الجيش، (البدوي، 1414ه  )

ثم كانت مرحلة توسع الدولة الإسلامية وتوسع المواجهات العسكرية بين دار الحرب ودار الإسلام مما برر جعل الأمر في يد القادة العسكريين وأصبح مر الشورى ندبا أو نصائحا يقدمها بعض الأفراد للحاكم أو الأمير.

وفي مطلع القرن الماضي ظهر مفكرون أفذاذ أمثال رشيد رضا والأفغاني والكواكبي وغيرهم الذين يرون أن أحد أسباب تخلف الأمة الإسلامية هو استبداد الحاكم وتفرده بالسلطة والقرار،  ويرون ضرورة عودة مجالس أهل الحل والعقد لتقوم بدورها في إحداث الضبط والتوازن بين قوى الأمة بحيث لا تطغى قوة على بقية المجتمع سواء قوة السلطة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها.

الشروط الواجب توافرها في عضو أهل الحل والعقد

   أوجب العلماء لمن يكون عضوا بمجلس أهل الحل والعقد شروطا تتمثل في:

  • العدالة الجامعة لشروطها الواجبة في الشهادات من الإسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال الأهلية.
  • المروءة: وتعني استواء أحوال المرء واعتدال أقواله وأفعاله، والعدالة هي التحلِّي بالفرائض والفضائل، والتخلِّي عن المعاصي والرذائل، وعمَّا يخِلُّ بالمروءة أيضاً.
  • العلم: “ويعني إدراك الشيء بحقيقته، والمقصود هو الفقه بالأحكام الشرعية، والعلم بالمبادئ الأساسية للسياسة” (عودة،1981: 210)، وأيضا بعد النظر في مصالح الأمة وإدراك حقيقة العلم أو المجال الذي سيقدم فيه رأيا أو يدعم فيه قرارا.
  • الرأي والحكمة: المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف (الماوردي،1431: 6) والمؤديان كذلك لدراسة الواقع بموضوعية وبعمق يسهم في تحقيق مصالح الأمة دونما تأثر بغير حقيقة العلم وظروف الواقع.
  • الشجاعة الأدبية: بحيث يمكنه أن يؤدي واجبه دون أن يمنعه منه هوى نفس أو توجيه سلطان أو بغض آخرين.
  • الشوكة: ويقصد بها الإمام الجويني في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم “تعني امتلاك القوة والبأس بمكوناتها المتنوعة، التي تؤهل للقيام بالمهمة بيسر”(الجويني، 1401ه: 70-71)، ويقول ابن خلدون عن ضرورة أن يمتلك الشوكة في صورة العصبية”… الشّورى والحلّ والعقد لا تكون إلّا لصاحب عصبيّة يقتدر بها على حلّ أو عقد أو فعل أو ترك، وأمّا من لا عصبيّة له ولا يملك من أمر نفسه شيئا ولا من حمايتها وإنّما هو عيال على غيره فأيّ مدخل له في الشّورى أو أيّ معنى يدعو إلى اعتباره فيها؟ اللَّهمّ إلّا شوراه فيما يعلمه من الأحكام الشّرعيّة فموجودة في الاستفتاء خاصّة، ‌وأمّا ‌شوراه ‌في ‌السّياسة فهو بعيد عنها لفقدانه العصبيّة والقيام على معرفة أحوالها وأحكامها.(ابن خلدون،1988: 1/ 279)
  • الإخلاص والنصيحة للمسلمين.
  • الاستقلال، بحيث يكون قادرين على اتخذا القرار دون تأثر أو تأثير من أحد، ذكر ذلك الإمام الجويني في صفات أهل الاختيار فقال” فأما الأفاضل المستقلون، الذين حنكتهم التجارب، وهذبتهم المذاهب، وعرفوا الصفات المرعية فيمن يناط به أمر الرعية، فهذا المبلغ كاف في بصائرهم”. الجويني (1401ه )

يقول العلامة وهبة الزحيلي في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته “وهذه الشروط يقرها المنطق وتمليها المصلحة، وتوجبها المدنية الحقة، ويفهم منها أن هذه الهيئة بمثابة مجلس الشيوخ في عرفنا الحاضر، على أن يكون أعضاؤه من ذوي الكفاءات العلمية، لا المالية المادية، أو الطبقية، أو كونهم من أهل المدينة لا الريف.”(الزحيلي، 2017: 8 / 6169)

تكوين مجلس أهل الحل والعقد وآلياته

   يقول د. عبد الكريم زيدان في كتابه أصول الدعوة “معرفة أهل العقد والحل في الوقت الحاضر: وإذا أخذنا في الوقت الحاضر بالانتخاب غير المباشر لرئيس الدولة وفقاً للأحكام الشرعية، فلا مناص من قيام الأمة بانتخاب من يمثلونها وينوبون عنها في مباشرة هذا الانتخاب، ومن تنتخبهم الأمة لهذه المهمة يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل العقد والحل، لمتابعة الأمة لهم ورضاها بنيابتهم، وعلى الدولة أن تضع النظام اللازم لإجراء هذا الانتخاب، وضمان سلامته من التزييف والتضليل، وأنْ تُعَيِّن في هذا النظام الشروط الواجب توافرها فيمن تنتخبهم الأمة لتكوين جماعة أهل العقد والحل، في ضوء ما ذكره الفقهاء من شروط فيهم، إنَّ مثل هذا الانتخاب على النحو الذي ذكرناه ضروري – على ما نرى- لإيجاد أو معرفة أهل العقد والحل، ولإثبات نيابتهم عن الأمة بالتوكيل الصريح، لأنَّ التوكيل الضمني يتعذَّر حصوله في الوقت الحاضر لكثرة أفراد الأمة، ولأن إجازة مثل هذا التوكيل الضمني يفتح باباً خطيراً على الأمَّة، ويؤذن بفوضى وشرِّ مستطير، إذ يستطيع كل عاطل عن شروط أهل الحل والعقد أن يدَّعي لنفسه هذه المنزلة، وينصب نفسه ممثِّلاً عن الأمة ونائباً عنها، بحجة أنها ترضى نيابته ضمناً”.(زيدان، 2001: 210)

و توجد عدة آليات لتكوين مجلس أهل الحل والعقد هي:

  • انتخابهم عن طريق الأمة بشرط توفر الشروط التي اشترطها الفقهاء في أهل الحل والعقد ليكونوا مرشحين لتمثيل الأمة، يقول في ذلك الشيخ محمد عبده في تفسيره للآية الكريمة “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” والمخاطب بهذا جماعة المؤمنين كافة، فهم المكلفون أن ينتخبوا منهم أمة تقوم بهذه الفريضة، فهم المكلفون أن ينتخبوا أمة تقوم بهذه الفريضة، وأن يكون لكل فرد منهم إرادة عمل في إيجادها ومراقبة سيرها بحسب الاستطاعة وإقامة هذه الأمة فرض عين يجب على كل مكلف أن يشترك فيه مع الآخرين، فإذا كان تكوين أهل الحل والعقد فرض عين على كل مكلف فإن هذا لا يتأتى القيام به إلا بوسيلة واحدة هي الانتخاب. رشيد رضا (1325 هـ)
  • اختيارهم بالتعيين من قبل الإمام، بناء على استفاضة الأخبار عن فضلهم. الطريقي (1419)، وهذا ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عين ستة من الصحابة ليكونوا أهل الحل والعقد في اختيار الخليفة التالي.
  • الجمع بين الانتخاب والتعيين بحيث يتم حصر الكفاءات من أهل الحل والعقد ثم يتم الانتخاب منهم بمعرفة الأمة.
  • يترك أمر اختيارهم لأهل كل عصر من العصور حسبما يرونه كفيلا بتحقيق الغاية الجليلة من وجودهم معتمدين على اجتهادهم ومستلهمين روح الإسلام وشريعته. (موسى،1988)

وهناك اتجاه آخر، (المهدي، 2006) يرى فيه أصحاب هذا الاتجاه أن طريقة اختيار أعضاء مجالس الشورى تتنوع بتنوع الوظائف التي يمارسها المجلس في الأنظمة البرلمانية الحديثة والتي يمكن حصرها في ثلاث وظائف:

  • الأولى وظيفة سياسية وتتمثل باختيار الحاكم ومنح الثقة للسلطة التنفيذية أو حجبها عنها مع ممارسة الرقابة عليها أثناء عملها.
  • الثانية وظيفة مالية وتتمثل بالموافقة على الموازنة السنوية للدولة.
  • الثالثة وظيفة تشريعية وتتمثل في سن القوانين.

فبالنظر إلى الوظيفتين الأولى والثانية السياسية والمالية فإن أصحاب هذا الرأي يرون أنه يتعين اختيار أعضاء المجلس بطريقة الانتخاب الشعبي، لأن الأمة هي صاحبة الحق في اختيار الحاكم ومراقبة أعماله فيكون لها الحق في اختيار من ينوب عنها في هذه المهمة، والانتخاب هو الأسلوب العلمي الأمثل لهذا الاختيار، وكذا لأن إقرار الشئون المالية للدولة يرتب التزامات مالية معينة على أفراد الأمة الذي مما يحق لها أو لممثليها أن تقرر فيما تتحمل تبعاته مستقبلا، و تعد الانتخابات في العصر الحديث أحد أصدق سبل التمثيل إذا أجريت بطريقة شفافة وتحققت لها الضمانات لاختيار الممثلين بوعي وعدل وشفافية.

 وبالنظر إلى الوظيفة الثالثة التشريعية فإن الانتخاب وتحصيل الأصوات لا يعد أسلوباً مناسباً لتأهيل الشخص المنتخب لممارسة الدور التشريعي بسن القوانين،  ذلك أن مهمة التشريع تحتاج إلى كفاءات علمية قد لا يتوصل إليها بالانتخاب بمعرفة عموم الناس، ويكون البديل إما بإعطاء الحاكم حق تعيين الكفاءات والتخصصات الذين يحتاج إليهم المجلس للقيام بالوظيفة التشريعية إذا أخطأهم الانتخاب الحر، وإما باشتراط شروط أوجبها الفقهاء في المرشحين يتم التحقق منها بحيث لا يصل إلى المجلس إلا كفوء قادر من أهل الاختصاص والبصر بشؤون الدين والدنيا توصلاً إلى تحقيق المصلحة العامة.

مهام أهل الحل والعقد

لمجلس أهل الحل والعقد مهام ذكرها الفقهاء مستنبطة من التطبيقات العملية عبر التاريخ الإسلامي متمثلة في: الموسوعة الفقهية الكويتية (1427)

  • اختيار وتولية الحاكم: وهذا إجماع لا خلاف فيه لأحد من فقهاء السنة.
  • تجديد البيعة لمن عهد إليه بالحكم عند وفاة الحاكم، إذا كان حين عهد إليه غير مستجمع لشروط انعقاد الإمامة، قال الماوردي: تعتبر شروط الإمامة في المولى من وقت العهد إليه، فإن كان صغيرا أو فاسقا وقت العهد، ثم أصبح بالغا عدلا عند موت المولي لم تصح خلافته، حتى يستأنف أهل الاختيار بيعته.
  • تعيين نائب للحاكم الذي وٌلي غائبا إلى أن يقدم، قال الماوردي “إذا عهد الإمام إلى غائب، ومات الإمام والمعهود إليه على غيبته، استقدمه أهل الاختيار، فإن بعدت غيبته واستضر المسلمون بتأخير النظر في أمورهم استناب أهل الاختيار نائبا عنه، يبايعونه بالنيابة دون الخلافة”. الماوردي (1431)
  • عزل الإمام عند وجود ما يقتضيه وينظر في إمامته.
  • الاجتهاد وتقنين الفقه (التشريع) حيث يرى بعض الفقهاء أن يكون تقنين الفقه والاجتهاد من مهمة أهل الحل والعقد أو على الأقل اختيار من يقومون بذلك معتمدين في ذلك على الرأي القائل بأن نيابة الخليفة أو الحاكم نيابة عامة شاملة عن الأمة في جميع شئونها وبالتالي ينبغي أن تكون نيابة من يختارونه (أهل الحل والعقد) أيضا شاملة، وعند قيامهم بمهمة التشريع واستنباط الأحكام فيما لا نص فيه، فينبغي الوصول للأحكام المحققة للمصلحة المعتبرة شرعاً معتمدين في ذلك على الأدلة التي أرشدهم وأحالهم إليها الشارع الحكيم في كتابه وسنة نبيه وغيرهما من مصادر التشريع.

بينما يرى الدكتور توفيق الشاوي في كتابه فقه الشورى والاستشارة الشاوي(1992) أن مهمة أهل الحل والعقد مهمة سياسية بحتة يجب ألا تخلط بمهمة تشريعية، أما مهمة التشريع فيتم وضع نظام لاختيار المجتهدين (الهيئة التشريعية) بمعرفة هيئة تنتخبها الأمة، ويجب أن يكون أعضاؤها من العلماء ولا يكفي أن يكونوا من أهل الحل والعقد، وهو الحل الذي يضمن ألا تتدخل السياسة في اختيار المجتهدين، وبهذا يكون الفقه والتقنين مستقلا تماما عن جميع الأجهزة السياسية.

ويفضل دكتور الشاوي أن يكون هناك مجلسان مجلس يختص بكافة الأمور غير الاجتهاد والتقنين، وفق ما قرره الفقهاء لأهل الحل والعقد، ومجلس علمي يختص بالاجتهاد والتقنين، ويشترك المجلسان في اختيار المذهب الفقهي الذي تقلده الأمة ويقضي به القضاء أحكامه، ويحسن ألا تفوض الأمة أحد هذين المجلسين لتستقل بأمر التشريع بل لابد من وجود قيود وحدود على كل من الجهتين.

علاقة أهل الحل والعقد بالحاكم وبالأمة

   أما علاقة أهل العقد والحل بالأمَّة: فهي علاقة النائب والوكيل، فهم يباشرون انتخاب رئيس الدولة نيابةً عن الأمة ومن ثَمَّ يعتبر انتخابهم ملزماً للأمة، وكذا ينوبون عن الأمة في الأمور العامة التي تتطلب رأيا أو قرارا يصلح بها أمرها، يقول الإمام محمد عبده “فأهل الحل والعقد من المؤمنين إذا أجمعوا على أمر من مصالح الأمة ليس فيه نص عن الشارع، مختارين في ذلك غير مكرهين عليه بقوة أحد ولا نفوذه، فطاعتهم واجبة، ويصح أن يقال: هم معصومون في هذا الإجماع، ولذلك أطلق الأمر بطاعتهم بلا شرط مع اعتبار الوصف والاتباع المفهوم من الآية، وذلك كالديوان الذي أنشأه عمر باستشارة أهل الرأي من الصحابة رضي الله عنهم، وغيره من المصالح التي أخذ بها برأي أولي الأمر من الصحابة ولم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعترض أحد من علمائهم على ذلك، فأمر الله في كتابه وسنة رسوله الثابتة القطعية التي جرى عليها العمل هما الأصل الذي لا يرد، وما لا يوجد فيه نص عنهما ينظر فيه أولو الأمر إذا كان من المصالح، لأنهم هم الذين يثق بهم الناس فيها ويتبعونهم، فيجب أن يتشاوروا في تقرير ما ينبغي العمل به، فإذا اتفقوا وأجمعوا وجب العمل بما أجمعوا عليه”. رشيد رضا (مجلة المنار: 5 / 147)

أما عن علاقة أهل الحل والعقد بالحاكم فتتمثل في اختيار وتوليته، وكذا اختيار وتولية نائبه أو من عهد إليه الولاية، وأيضا عزل الحاكم عندما يتوجب ذلك.

وفي إلزامية قرار شورى أهل الحل والعقد للحاكم فيما لا نص فيه خلاف والراجح فيها أن على الحاكم أن ينفذ ما قررته شورى أهل الحل والعقد، وفي ذلك يقول العلامة سعيد حوى في كتابه تفسير الأساس “…والذي أراه في هذه القضية أن الشورى إذا أعطيت لأهلها، فإن رأي أكثريتهم في هذه الحالة ملزم، ويشهد لهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد لأبي بكر وعمر «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما»، وما رواه ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم فقال: «مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم» ولم يعرف قط أن خليفة راشدا طرح مسألة على الشورى ثم ترك رأي الأكثرية إلا في قضية اتضح له فيها نص.” (حوى،1424ه : 2 / 920)

ثانيا: المجالس النيابية في النظم المعاصرة

   سيتم عرض نماذج متنوعة من المجالس النيابية المعاصرة تتمثل في مجالس نيابية خاصة بدول متقدمة غربية مثل الكونجرس الأمريكي والبرلمان البريطاني، ودول شرقية مثل البرلمان الروسي، ودول نامية مثل البرلمان المصري، والبرلمان السعودي والبرلمان الإيراني.

 البرلمان المصري

ماهية وتاريخ البرلمان المصري (http://www.parliament.gov.eg/History.aspx)

مر البرلمان المصري في العصر الحديث بعدة مراحل حتى وصل إلى حالته الراهنة كما يلي:

  • المجلس العالي، بدأ تأسيس أول برلمان مصري باسم المجلس العالي عام 1824 وقد كانت البداية الحقيقية لمجلس تمثيلي تم انتخاب أعضائه جزئياً ومثلوا جميع فئات الشعب. في البداية كانت تتألف من 24 عضواً ثم 48 عضواً بعد إضافة 24 شيخاً من الأزهر وتم اختيار اثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة واثنين من المحاسبين واثنين من الشخصيات البارزة من كل محافظة تم انتخابهم من أهالي المحافظة، وقد صدرت لائحته عام 1825 التي حددت اختصاصاته فيما يراه محمد علي من السياسة الداخلية للدولة.
  • مجلس المشورة، تم إنشاء مجلس المشورة عام 1829 نتيجة نجاح المجلس الأعلى في أداء مهامه وتكون من كبار موظفي الحكومة والعلماء والشخصيات البارزة برئاسة إبراهيم باشا نجل محمد علي. ويبلغ عدد أعضائه 156 عضواً، منهم 33 من كبار الموظفين بالدولة والعلماء و 24 عضوا من مأموري الأقاليم و 99 عضوا من كبار الشخصيات المصرية الذين ينتخبهم الشعب وانتهى هذا المجلس عام 1837 وحل محله مجلسا أحدهما المجلس العمومي والآخر الجلس الخصوصي.
  • مجلس شورى النواب، تأسس عام 1866 وتكون من 75 عضوا منتخبين من قبل الأعيان في المحافظات إضافة إلى رئيس المجلس الذي يعينه الخديوي، وتتمثل سلطات هذا المجلس في التداول في الشئون الداخلية للبلاد.
  • مجلس النواب المصري، تم تأسيس مجلس النواب المصري بإجراء الانتخابات عام 1881 وفقاً للائحة عام 1866وقد صدر القانون الأساسي للدولة الذي جعل الوزارة مسئولة أمام مجلس النواب وله أيضا سلطة التشريع وكذا مساءلة الوزراء واستجوابهم، وانتهى المجلس بالاحتلال البريطاني لمصر وإلغاء القانون الأساسي.
  • مجلس شورى القوانين، يتألف المجلس الاستشاري للقوانين من مجلسين هما المجلس الاستشاري للقوانين والجمعية العامة وقد أنشئ عام 1883، ويبلغ عدد أعضائه 30 عضواً منهم 14 عضواً معيناً، بمن فيهم رئيس مجلس النواب وواحد من نائبيه، و 16 عضواً منتخباً، بمن فيهم نائب رئيس مجلس النواب الآخر، أما كانت الجمعية العامة فتتكون من 83 عضواً، منهم 46 عضواً منتخباً، والباقي أعضاء بحكم مناصبهم وهم أعضاء مجلس شورى القوانين، وسبعة وزرا يرأس الجمعية رئيس مجلس شورى القوانين، واستمر هذا المجلس حتى عام 1913.
  • الجمعية التشريعية، أنشئت عام 1913 حيث تم حل كل من المجلس الاستشاري للقوانين والجمعية العامة، وتتكون من 83 عضوا منهم 66 عضوا منتخبا و 17 عضوا معينا ومدتها 6 سنوات.
  • دستور 1923، وفقاً لدستور 1923 كان البرلمان المصري يتكون من مجلسين، مجلس الشيوخ ومجلس النواب ومنح الدستور المجلسين الصلاحيات بالتساوي مع بعض الاستثناءات، وبدأ البرلمان بعدد أعضاء 214 عضوا وتزايد حتى وصل إلى 319 عضو استمر ذلك حتى ثورة 1952، ويتم انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب، وانتخاب 60% من أعضاء مجلس الشيوخ وتعيين 40% منهم ومدة البرلمان 5 سنوات.
  • بعد ثورة 1952، تم تشكيل مجلس الأمة من 350 عضوا منتخبا عام 1957 ثم صدر قانون بأن يكون أعضاء مجلس الأمة الـ 350 نصفهم على الأقل يمثلون العمال والفلاحين، واستمرت هذه الحالة حتى صدر دستور 1971، الذي قرر أن يتكون البرلمان المصري من مجلسين، مجلس الشعب ومجلس الشورى، بعضوية 454 عضواً، بما في ذلك عشرة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية.
  • مجلس الشعب، هو مجلس النواب الذي تم تشكيله في عام 1971 يبلغ عدد أعضائه 454 نائبا، يتم انتخاب 444 عضوا منهم  بمعرفة الشعب مباشرة بينما يتم تعيين العشرة الباقين من قبل رئيس الجمهورية، مع الاحتفاظ بنسبة 50 % على الأقل من الأعضاء يمثلون العمال والفلاحين، ومدة دورة المجلس خمس سنوات.
  • مجلس الشورى، هو الغرفة الثانية للبرلمان ويبلغ عدد أعضاء المجلس من 264 عضواً، منهم 174 عضواً يتم انتخابهم بشكل مباشر من الشعب ويعين 88 رئيساً من قبل رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات. مع تجديد نصفي كل ثلاث سنوات بسلطات تشريعية محدودة حيث احتفظ مجلس الشعب بالسلطة العليا حال وجود خلاف بين المجلسين.
  • بعد عام 2011، تم حل البرلمان اكثر من مرة أعقاب الإطاحة بمبارك، من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في عام 2011 ثم استعادتها بأمر من الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2012 ثم تم حله مرة أخرى بأمر من الرئيس المؤقت عدلي منصور عام 2013.

مجلس النواب المصري الحالي

يمثل مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور، ووفقا للمادة 102 من الدستور المعدل عام 2019  يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوا، يُنتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، على أن يُخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد، ويجوز لرئيس الجمهورية  تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لا يزيد على 5% ويحدد القانون كيفية ترشيحهم.

مهام مجلس النواب: تتمثل مهام مجلس النواب فيما يلي:

  • التشريع وإصدار القوانين – إقرار المعاهدات والاتفاقات
  • إقرار الخطة والموازنة – الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية
  • مناقشة بيان رئيس الجمهورية – تعديل الدستور
  • إقرار إعلان حالتي الحرب والطوارئ.

شروط العضوية: يشترط لعضوية مجلس النواب المصري ما يلي:

  • أن يكون مصرياً.
  • متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.
  • حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل.
  • ألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية.
  • مدة عضوية مجلس النواب خمس سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له.

لجان المجلس:

شكل المجلس عددا من اللجان يبلغ 25 لجنة بمثابة  مراکز أبحاث  تقوم بدراسة مشروعات القوانین أو الاقتراحات بقوانین والقرارات بقوانین بحيث لا تطرح على الجلسة العامة للمجلس للمناقشة والتصویت قبل أن تصوت عليه اللجنة النوعیة، ويتعدى دور اللجان النوعیة إقرار التشریعات إلى تقصى آثار تطبیق القوانین التى تمس مصالح المواطنین الأساسیة و الأثر التشريعي لهذه القوانین.

مجلس الشيوخ المصري الحالي

   تمت تعديلات دستورية عام 2019 أنشأت مجلسا باسم مجلس الشيوخ بمثابة الغرفة الثانية للبرلمان، ورد ذلك في المادة (248) “يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمة العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته.”

وورد بالمادة (250) تشكيل مجلس الشيوخ “يُشكل مجلس الشيوخ من عدد من الأعضاء يُحدده القانون على ألا يقل عن (180) عضواً، وتكون مدة عضوية مجلس الشيوخ خمس سنوات، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويجرى انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته، وينتخب ثلثا أعضائه بالاقتراع العام السرى المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، ويجرى انتخاب وتعيين أعضاء مجلس الشيوخ على النحو الذى ينظمه القانون.

شروط الترشح لمجلس الشيوخ

   ورد بالمادة (251) ” يشترط فيمن يترشح لعضوية مجلس الشيوخ أو من يعين فيه أن يكون مصرياً، متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على مؤهل جامعي أو ما يعادله على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وثلاثين سنة ميلادية.”

اختصاصات المجلس:

أقر مجلس النواب اختصاصات مجلس الشيوخ، وجاءت كما يلي :

  • مناقشة اقتراحات تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.
  • مناقشة مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
  • إقرار معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة.
  • مناقشة مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.
  • مناقشة ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية.

مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية (www.shura.gov.sa)

مرت الشورى في المملكة العربية السعودية بمجالسها وممارساتها بالعديد من المراحل والتطورات حيث ظهر أول مجلس نيابي  بالتزامن مع إعلان الملك عبد العزيز آل سعود عن تأسيس المملكة في عام 1924م تحت اسم “المجلس الأهلي” من (12) عضواً ثم تلاه تأسيس المجلس الأهلي الشوري، الذي جمع في تشكيله بين طريقتي الانتخاب والتعيين، حيث يتم انتخاب الأعضاء المنتخبين بواسطة علماء مكة وأعيانها وتجارها، على أن يكون من بينهم اثنان من العلماء، وواحد من التجار. أ/ا المعينين ف يكونوا من الأعيان يقوم الملك بتعيينهم. وقد تنوعت اختصاصات المجلس متمثلة في: تنظيم أمور القضاء، والأمور البلدية، والأوقاف، والتعليم، والأمن، والتجارة.

وتلاه مجلس الشورى عام 1926 ثم مجلس عام 1928، إلا أن مجلس الشورى فقد كثيرا من صلاحياته بعد إنشاء مجلس الوزراء في عام 1953م لصالح مجلس الوزراء والأجهزة الحكومية الجديدة، حتى صدور نظام المجلس الجديد لمجلس الشورى في عام 1412ه/1992م .

ثم زاد عدد أعضائه في عهد الملك فهد إلى رئيس وستين عضواً، ثم رئيس وتسعين عضواً، ثم من رئيس ومائة وعشرين عضواً ثم من رئيس ومائة وخمسين عضواً، من أهل العلم والخبرة والاختصاص في مجالات متنوعة.

مجلس الشورى الحالي

نصت المادة الثامنة والستون من نظام الحكم في المملكة على :” ينشأ مجلس للشورى ويبين نظامه طريقة تكوينه وكيفية ممارسته لاختصاصاته واختيار أعضائه …. ” .

يتكون مجلس الشورى من رئيس ومائة وخمسين عضواً، يختارهم الملك من أهل العلم والخبرة والاختصاص، على ألّا يقل تمثيل المرأة فيه عن (20 بالمائة) من عدد الأعضاء، ويرتكز اختيار أسلوب التعيين لأعضاء مجلس الشورى على أسس عدة، منها:( إدارة المعلومات بمجلس الشورى: 2003)

  • الاطلاع على التجارب النيابية الأخرى .
  • النظر الفاحص لخلفيتهم العلمية، والعملية، والاجتماعية
  • التنوع الوظيفي، والتخصص العلمي – البعد العلمي الثقافي
  • البعد الاجتماعي – البعد المهني – البعد الجغرافي

شروط عضوية مجلس الشورى: يشترط لعضوية مجلس الشورى

  • أن يكون سعودي الجنسية بالأصل والمنشأ.
  • أن يكون من المشهود لهم بالصلاح والكفاية.
  • ألا يقل عمره عن ثلاثين عاماً.

وبعد حصول أن يصبح عضوا بمجلس الشورى لا يجوز أن يجمع بين عضويته في المجلس وأي وظيفة حكومية، أو إدارة أي شركة، إلا إذا رأى الملك أن هناك حاجة إلى ذلك.

يكوِّن مجلس الشورى من بين أعضائه اللجان المتخصصة اللازمة لممارسته اختصاصاته. وله أن يؤلف لجاناً خاصة من أعضائه لبحث أي مسألة مدرجة بجدول أعماله

مدة مجلس الشورى

   تكون مدة دورة المجلس أربع سنوات هجرية تبدأ من التاريخ المحدد في الأمر الملكي الصادر بتكوينه، ويتم تكوين المجلس الجديد قبل انتهاء مدة سلفه بشهرين على الأقل، وفي حالة انتهاء المدة قبل تكوين المجلس الجديد يستمر المجلس السابق في أداء عمله حتى يتم تكوين المجلس الجديد.

اختصاصات مجلس الشورى

أما بالنسبة لاختصاصات المجلس فإنه على الرغم من التعديلات المتعاقبة التي أدخلت على نظام المجلس؛ حيث تنحصر مهام المجلس وفق المادة (15) من نظام المجلس فيما يلي:

  • إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء.

وللمجلس -على وجه الخصوص-:

  • مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبداء الرأي فيها، و
  • دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات واقتراح ما يراه مناسباً بشأنها،
  • تفسير الأنظمة.
  • مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى واقتراح ما يراه بشأنها
  • اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك.

ويصدر المجلس قراراته بموافقة أغلبية جميع أعضائه، وإلا رفع الموضوع إلى الملك مرفقاً به ما تم بشأنه من دراسة ومبيناً فيه نتيجة التصويت عليه.

وترفع قرارات مجلس الشورى إلى الملك، ويقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء، فإذا اتفقت وجهات نظر مجلسي الوزراء والشورى تصدر القرارات بعد موافقة الملك عليها،  وإذا تباينت وجهات نظر المجلسين يعاد الموضوع إلى مجلس الشورى ليبدي ما يراه بشأنه ويرفعه إلى الملك لاتخاذ ما يراه.

العلاقة بين مجلس الشورى والملك

   يلقي الملك أو من ينيبه، في مجلس الشورى، كل سنة خطاباً ملكياً، يتضمن سياسة الدولة الداخلية والخارجية، وتبدو العلاقة بين مجلس الشورى والملك فيما يلي:

– الملك هو من يعين أعضاء مجلس الشورى، وهو من يحدد واجباتهم وحقوقهم.

– الملك هو من يعين رئيس المجلس ومساعديه وأمينه وهو أيضا من يقيلهم، وهو من يحدد واجباتهم وحقوقهم.

– يؤدي رئيس مجلس الشورى، وأعضاء المجلس، والأمين العام، قبل أن يباشروا أعمالهم في المجلس، أمام الملك، القسم التالي: (أقسم بالله العظيم، أن أكون مخلصاً لديني، ثم لمليكي وبلادي، وألا أبوح بسر من أسرار الدولة، وأن أحافظ على مصالحها وأنظمتها، وأن أؤدي أعمالي بالصدق والأمانة والإخلاص والعدل .

– الملك هو من يصدق على ويعتمد قرارات مجلس الشورى أو يرفضها.

– عند عدم حصول قرار معين في مجلس الشورى على موافقة الأغلبية يرفع الموضوع للملك لاتخاذ ما يراه.

– عند تباين وجهات نظر مجلس الشورى ومجلس الوزراء حول قرار معين يتخذ الملك ما يراه.

الملك هو من يعتمد موازنة مجلس الشورى.

العلاقة بين مجلس الشورى والحكومة:

تبدو العلاقة بين مجلس الشورى والحكومة فيما يلي:

  • للمجلس حق طلب حضور أي مسئول حكومي لجلساته، وذلك إذا كان المجلس يناقش أموراً تتعلق باختصاصاته، ويكون لهذا المسئول الاشتراك في المناقشات دون أن يكون له حق التصويت.
  • يحق لمجلس الشورى طلب تزويده بما لدى الأجهزة الحكومية من وثائق وبيانات، والتي يرى المجلس أنها ضرورية لتسهيل سير أعماله.
  • تعرض بعض الموضوعات مما يقرره مجلس الشورى التي يرى الملك عرضها على مجلس الوزراء فإن اتفقت وجهات النظر فيها صدرت بأمر ملكي وإلا أعيدت لمجلس الشورى مرة أخرى ليبدي ما يراه، ثم ترفع للملك لاتخاذ ما يراه.

الكونجرس الأمريكي Congress

ماهية وتاريخ الكونجرس الأمريكي(www.congress.gov)

 يعتبر الكونجرس القاري الأول الذي أنشئ عام 1774م  الهيئة التشريعية الوطنية الأولى، ثم تلاه الكونجرس القاري الثاني عام 1776م، الذي اعتبر بمثابة الحكومة الوطنية حتى 1781م، ثم تأسس كونجرس الكونفيدرالية حتى عام 1789 الذي فيه تأسس الكونجرس بموجب الدستور ليقوم بالمهمة التشريعية خلفاً لكونجرس الكونفدرالية، يتألف الكونجرس من غرفتين: مجلس الشيوخ ومجلس النواب بإجمالي عدد أعضاء  535 عضو يملكون حق التصويت منهم  435 نائب بمجلس النواب و100 سناتور بمجلس الشيوخ.

يمثل أعضاء مجلس النواب مواطني ولاياتهم لمدة سنتين عن دائرة انتخابية واحدة، وتتكون  دوائر الكونجرس حسب الولايات ويمثل كل ولاية عدد من النواب حسب  عدد السكان، ويمثلها أيضا عدد  2 سيناتور بالتساوي بين جميع الولايات بغض النظر عن حجم الولاية وعدد السكان حيث يوزع ال 100 سناتور على  الولايات الخمسين، وتكون مدة عضوية السناتور ستة سنوات، مع تجديد ثلثي للمجلس كل عامين،  بحيث يتم تشكيل مجلس جديد للكونجرس كل سنتين إثر انتخابات تجري في شهر نوفمبر من السنوات زوجية الأرقام، وبهذا يصبح الكونجرس هيئة تتسم بالاستمرارية، لأنه لن يكون جديداً بكامله بهذه الفلسفة.

شروط عضوية الكونجرس: يشترط لترشح وانتخاب العضو بالكونجرس ثلاثة شروط:

  • يجب ألا يقل عمر المرشح لمجلس النواب عن 25 سنة و المرشح لمجلس الشيوخ عن 30 سنة
  • أن يكون المرشح لمجلس النواب مواطناً أمريكياً منذ سبع سنوات على الأقل والمرشح لمجلس الشيوخ منذ عشرة سنوات.
  • أن يكون المرشح للمجلسين مقيماً في الولاية التي يمثلها.

دورية انعقاد الكونجرس

يعقد الكونجرس جلسة دورية واحدة في السنة تبدأ الجلسة في  يناير ما لم يحدد الكونجرس تاريخاً مختلفاً، و يكون الكونجرس  بعدها في عطلة بغرض تواصل الأعضاء بمواطني ولاياتهم.

اللجان المتخصصة بالكونجرس

   تتكون لجان الكونجرس الرئيسية الدائمة من 17 لجنة في مجلس الشيوخ، و 19 لجنة بمجلس النواب حيث لها دور مهم في تنظيم المجلس ويختار حزب الأغلبية  رئيس كل لجنة، وغالبا ما يحتفظ بأغلبية المقاعد في معظم اللجان، ويستطيع كل عضو أن يتخصص في موضوعات محددة بعناية، حيث لا يمكن لأي عضو أن يكون خبيراً في جميع الموضوعات المطروحة أمام الكونجرس.

وتقوم اللجان بإعداد مشروعات القوانين لمعظم المجالات الأساسية للتصويت عليها، وقد تقوم اللجان بتقديم مشروعات لقوانين لكي يتم تمريرها من مجلس النواب أو مجلس الشيوخ بدون إدخال أي تعديلات عليها حال تصويت أعضاء اللجنة بالأغلبية لصالح المشروع المقدم بإحالته إلى المجلس بكامل عضويته مع التوصية بإجازته.

وتقوم اللجان بمهام تشريعية، إشرافية، وإدارية وتساعدها لجان فرعية فيصل إجمالي عدد اللجان إلى ما يقارب مائتي لجنة تقوم بجمع المعلومات وتحديد المشكلات و تقييم البدائل واقتراح الحلول للعرض على جميع أعضاء المجلس.( Congressional Research Service، 2003)

وكذا تقوم اللجان بالتحقيق في موضوعات متخصصة وتقديم المشورة للكونجرس بأكمله حول الخيارات المتاحة في الموضوع.

سلطات الكونجرس الأمريكي

   يضع دستور الولايات المتحدة سلطات الكونجرس في المواد من المادة 1 إلى المادة 8، حيث تحدد سلطات كل مجلس  وتحدد المادة التاسعة قائمة للسلطات التي لا يتمتع بها الكونجرس، ويمتلك الكونجرس أيضا سلطات مستمدة من بند الضروري والملائم في الدستور

ويتمتع الكونجرس بسلطة إعلان الحرب، ورفع قدرات والحفاظ على القوات المسلحة، وصنع القوانين للجيش.(Zernike , 2010)

ويتمتع الكونجرس بصنع جميع القوانين وحمل السلطات على تنفذيها (Broder , 2007)،كما يمتلك الكونجرس سلطة الإقالة الحصرية، والتي تسمح بسحب الثقة من الرئيس، القضاة الفدراليين، والموظفين الفدراليين الآخرين وإقالتهم(Campbell&, Elsasser 1991)

علاقة الكونجرس بالرئاسة والقضاء

يحدد الدستور الأمريكي الضوابط اللازمة لتوازن العلاقات  بين فروع بالحكومة الفدرالية متمثلة في الكونجرس، الرئيس، والمحكمة العليا؛ وتفاوتت سلطة  الكونجرس على الرئاسة من فترة لأخرى وفقا لعدة عوامل مثل قيادة الكونجرس، النفوذ السياسي الرئاسي، الظروف التاريخية مثل الحروب، والمبادرات الفردية من قبل أعضاء الكونجرس (Sachs , 1999)، وفي السنوات الأخيرة، قيد الكونجرس السلطات الرئاسية بقوانين مثل قانون الكونجرس لمراقبة الميزانية وسحب الثقة وقرار صلاحيات الحرب.

ويتمتع الكونجرس بموجب الدستور بسلطات الإقالة بتمكين وإلزام مجلس النواب بسحب الثقة من موظفي السلطة التنفيذية  والقضاء في حال الخيانة وغيرها.

يلعب الكونجرس دوراً هاما في الانتخابات الرئاسية، يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة  في يناير أعقاب انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية لفرز الأصوات.

وتتمتع المحكمة العليا بسلطة إلغاء أحد قوانين الكونجرس، ويمثل ذلك سلطة كبيرة على السلطة التشريعية  ويحد من سلطة الكونجرس، في ذات الوقت قد توسع المحكمة الدستورية سلطة الكونجرس عبر تفسيراتها الدستورية.(Supreme Court ,2101)

البرلمان البريطاني Parliament of the United Kingdom

نشأة وتاريخ البرلمان البريطاني (www-parliament.uk)

   أنشئ البرلمان البريطاني واجتمع لأول مرة عام 1236 م لوصف الاجتماع الاستشاري للملك.

ويعتبر المجلس العام في عهد الملك إدوارد الأول هو البرلمان البريطاني لكن دون أن يكون له صورة مؤسسية، غير أنه تحول إلى مؤسسة قائمة بذاتها في عهده، ويتكون البرلمان البريطاني من غرفتين مجلس العموم ومجلس اللوردات.

مجلس العموم House of Commons  (Raphael, D. D., Donald Limon, and W. R. McKay,2004))

 يتكون من 650 عضوا يُنتخَبون بشكل مباشر من الشعب البريطاني كل خمس سنوات، و يتقدم معظم المرشحين للانتخابات على قوائم حزبية  والبعض يفضل الترشح مستقلا.

وتتمثل مهام النواب بمجلس العموم في تمثيل جميع الناخبين وليس فئة أو منطقة جغرافية، المساعدة على إصدار قوانين جديدة، التدقيق ومراجعة ما تقوم به الحكومة، ومناقشة القضايا الوطنية الهامة، ويتم طرح الأسئلة على الحكومة حول القضايا الراهنة سواء في المجلس أو داخل اللجان.

ويتمتع مجلس العموم بسلطة منفردة حول اتخاذ القرارات بشأن مشاريع القوانين المالية، مثل الضرائب وغيرها، ويمكن لمجلس اللوردات النظر في مشاريع القوانين المالية دون سلطة منعها أو تعديلها.

شروط الترشح لعضوية مجلس العموم

ليست هناك شروط خاصة للترشح والانتخاب لعضوية مجلس العموم البريطاني غير:

  • أن يكون المرشح بريطانيا .
  • أن يتجاوز عمر المرشح 18 سنة.

مجلس اللوردات (الديلمي، 2001) 

هو الغرفة الثانية للبرلمان المكمل لعمل مجلس العموم المنتخب، ويشاطره مهمة صياغة القوانين والتدقيق ومراجعة عمل الحكومة وقراراتها.، يبلغ عدد أعضائه 760 عضوا لا يختارون بطريق الانتخاب بل بالتعيين، حيث تقوم الملكة بتعيينهم مشاركة مع ورئيس الوزراء وبعض الهيئات المستقلة، بعضهم من النبلاء بالوراثة، وبعضهم من رجال الدين كالأساقفة ومسؤولي الأديرة، والبعض الآخر من ذوي الخبرات المتخصصة الذين لديهم خبرة عميقة في اختصاصاتهم ليُستفاد منها في مسائل المصلحة العامة للمملكة المتحدة.

وحتى عام 1958 كان منصب اللوردات محصورا بالوراثة من الجد للأب ومن الأب للابن، أو لكبار القضاة، أو أساقفة الكنيسة، لكن أصبح من سلطة رئيس الوزراء ترشيح من يراه من الخبرات للحصول على لقب اللورد

وتتمثل المهام الرئيسية لمجلس اللوردات في الإسهام في إصدار القوانين، ودراسة السياسات العامة للمملكة، ومساءلة الحكومة ومراجعة أعمالها وقراراتها.

مهام البرلمان البريطاني:

  • إصدار القوانين والتشريعات.
  • دراسة السياسات العامة للمملكة.
  • مراقبة عمل الحكومة ومساءلتها وتدقيق أعمالها وقراراتها.
  • مناقشة القضايا المعاصرة باختلاف جوانبها التي تؤثر في حياة الناس كالصحة والبيئة والنقل وفرص العمل والمدارس والجريمة وغيرها.
  • النظر في كيفية إنفاق الضرائب.

علاقة لبرلمان بالعرش الملكي البريطاني

   من سلطات الملكة افتتاح البرلمان و وكذا لها حق حله، وأيضا تقوم بإقرار مشروعات القوانين التي يعدها البرلمان قبل إصدارها، وتقدم الملكة للبرلمان عددا من الأفكار والخطط والتشريعات في خاطبها في مجلس اللوردات.

 البرلمان الروسي (الجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية)

  تعتبر الجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية الهيئة التشريعية والنيابية العليا في روسيا الاتحادية، وتتكون من مجلسين هما مجلس الدوما (نواب الشعب) ومجلس الاتحاد(ممثلو الكيانات الفيدرالية) .

مجلس الاتحاد

مجلس الاتحاد هو الغرفة الأولى والأعلى في البرلمان الروسي، يتكون مجلس الاتحاد من 166 عضوا ويتشكل من مندوبيْن اثنين من كل كيان فيدرالي التي يبلغ عددها 83 كيانا فيدراليا، أحد المندوبين عن كل كيات فيدرالي من الهيئة التشريعية للكيان الفيدرالي والثاني من السلطة التنفيذية فيه، ولا يجوز أن يجمع شخص واحد بين عضوية مجلس الاتحاد وعضوية مجلس الدوما في آن واحد.

صلاحيات مجلس الاتحاد:

  • لمجلس الاتحاد صلاحيات وفق المادة 102 من الدستور صلاحيات مجلس الاتحاد وبينها:
  • اعتماد القوانين التي أصدرها مجلس الدوما.
  • حق المبادرة القانونية.
  • التصديق على مرسوم إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد الصادر عن رئيس روسيا الاتحادية.
  • تعيين موعد انتخابات رئيس روسيا الاتحادية.
  • تنحية رئيس روسيا الاتحادية من منصبه بعد توجيه اتهامات مجلس الدوما إليه.
  • تعيين قضاة المحكمة الدستورية والمحكمة العليا والمحكمة الاقتصادية العليا وذلك بترشيح من رئيس روسيا الاتحادية.
  • تعيين المدعي العام وتنحيته من منصبه بترشيح من رئيس روسيا الاتحادية.
  • تعيين رئيس ديوان الرقابة المالية ونصف أعضائه وتنحيتهم من مناصبهم.
  • طرح تعديلات في دستور روسيا الاتحادية.

مجلس الدوما لروسيا الاتحادية  (George,1973)

 تأسَّس مجلس الدوما(مجلس نواب الشعب) عام 1905 ويعتبر أول برلمانٍ منتخبٍ في روسيا وهو أحد المجلسيْن في الجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية، ويتألف مجلس الدوما من 450 نائبا، مدة عضوية المجلس 5 سنوات.

شروط الترشح والعضوية لمجلس الدوما: يشترط للترشح والحصول على عضوية مجلس الدوما الشروط التالية:

  • أن يكون المرشح مواطنا روسيا بروسيا الاتحادية.
  • أن يبلغ عمر المرشح 21 سنة.
  • أن يحظى بحق المشاركة في الانتخابات.

لا يجوز لنائب مجلس الدوما شغل مناصب في أي هيئة تمثيلية أخرى لسلطة الدولة أو هيئات الحكم الذاتي المحلي ولا يجوز تعيين النواب في المجلس في الخدمة المدنية أو الانخراط في أيّ أنشطة مقابل أجر بخلاف التدريس أو البحث أو الأنشطة الإبداعية الأخرى.

 صلاحيات مجلس الدوما (G. Belonuchkin, 1995)

  منح الدستور الروسي مجلس الدوما عددا من الصلاحيات متمثلة فيما يلي:

ثالثا: الدراسة المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم العاصرة

  ستتم المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة في الجوانب المختلفة، لكن بعد بيان المقارنة بين المجالس النيابية المعاصرة في البلدان المختلفة كما يلي:

  • المقارنة بين المجالس النيابية في النظم المعاصرة في البلدان المختلفة.
  • المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة.

المقارنة بين المجالس النيابية المعاصرة في البلدان المختلفة

تتشابه وتختلف المجالس النيابية في البلدان المختلفة سواء المتقدمة أو النامية فيما يلي:

  • من حيث شروط العضوية: يشترط في كل المجالس النيابية في البلدان المختلفة أن يكون العضو من جنسية الدولة، ولم تختلف فيه سوى أمريكا التي اشترطت أن يكون المرشح لمجلس النواب أمريكياً منذ سبع سنوات على الأقل والمرشح لمجلس الشيوخ منذ عشرة سنوات.
  • من حيث العمر: تراوح شرط العمر في المجالس المختلفة بين 18 عام في بريطانيا و35 عام في مجلس الشيوخ المصري.
  • من حيث طريقة التكوين: تتشابه مجالس النواب في البلدان المختلفة في كونها يتم تشكيلها بانتخاب أعضائها كنواب ممثلين عن الولايات المكونة للدولة بحصة يحددها القانون، أما مجالس الشيوخ أو اللوردات فيتم تعيينها من قبل الملك أو الرئيس، بينما يمثل مجلس الاتحاد الروسي من مندوبين من كل كيان فيدرالي أحدهما تختاره السلطة التشريعية للكيان ذاته والآخر ممثلا عن السلطة التنفيذية للكيان، بينما مجلس صيانة الدستور الإيراني يشكل من مجموعتين مجموعة يتم انتخابها بمعرفة مجلس الشورى الإسلامي وهم الحقوقيون، ومجموعة يتم تعيينها من قبل مرشد الجمهورية وهي الفقهاء.
  • من حيث المهام والصلاحيات: تتشابه إلى حد كبير مهام وصلاحيات المجالس النيابية المتنوعة في البلدان المختلفة، لكنها تتسع وتضيق حسب درجة الديموقراطية أو الشورية في الدولة، وتتنوع بين إصدار التشريعات والنظم والقوانين، أو إقرارها، أو اقتراحها والتوصية بها ثم يصدرها الحاكم، ومهمة الرقابة على نشاط السلطات التنفيذية، عدا مجلس الشورى السعودي فليس من صلاحياته الرقابة على أنشطة الحكومة، وبين مهمة إقرارا المعاهدات والاتفاقات الدولية، وبين الموافقة على قرار الحاكم بإصدار الحكام العرفية في البلاد للظروف الطارئة أو الكوارث أو الحروب.
  • من حيث العلاقة بالحاكم
  • وتظل إشكالية صورية وحقيقية المجالس من حيث التكوين والمهام والصلاحيات ومن حيث علاقتها بالحاكم والحكومة بها تباين كبير جدا بين الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وبين البلاد النامية كمصر والسعودية، تقدمت فيها الدول المتقدمة حتى وصلت لذروة الممارسة الحقيقية لدور المحلس ومهامه وصلاحياته وقبلها حرية تكوينه، بينما لا زال البون شاسع جدا بين الحقيقة و الصورية في البلدان الأخرى.
  • من حيث العلاقة بالأمة: تمثل المجالس المنتخبة في كل النظم المعاصرة نوابا عن الأمة جميعها وليس عن الولاية التي ينتمي إليها، وبالتالي على النائب أن يراعي متطلبات ناخبيه، كما أن على الأمة أن تقبل ما تتفق عليه المجالس المنتخبة ولا تعارضه، ويبدو حقيقيا وواقعيا في البلاد المتقدمة، وصوريا في البلاد النامية حيث يمثل النواب طبقة عليا وصفوة من المجتمع قد لا يستطيع الوصول إليها كثير من ناخبيهم..

2- المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة

  تتم المقارنة في الجوانب المختلفة كما يلي:

جوانب المقارنة

في الفكر الإسلامي

النظم العاصرة

شروط العضوية

العدالة الجامعة لشروطها الواجبة في الشهادات من الإسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال الأهلية.

المروءة: وتعني استواء أحوال المرء واعتدال أقواله وأفعاله.

العلم: ويعني إدراك الشيء بحقيقته، والمقصود هو الفقه بالأحكام الشرعية، والعلم بالمبادئ الأساسية للسياسة، وإدراك حقيقة العلم أو المجال الذي سيقدم فيه رأيا أو يدعم فيه قرارا.

الرأي والحكمة: المؤدية لدراسة الواقع بموضوعية وبعمق يسهم في تحقيق مصالح الأمة دونما تأثر بغير حقيقة العلم وظروف الواقع.

الشوكة: وتعني امتلاك القوة والبأس بمكوناتها المتنوعة، التي تؤهل للقيام بالمهمة بيسر.

الاستقلال: بحيث يكون قادرا على اتخاذا القرار دون تأثر أو تأثير من أحد.

الإخلاص والنصيحة للمسلمين.

 

أن يكون المرشح للعضوية من جنسية الدولة سواء جنسية أصيلة أو مكتسبة قبل سبع سنوات أو عشر سنوات كما في الكونجرس الأمريكي.

أن يبلغ  المرشح  للعضوية من العمر بين 18 عام كما في بريطانيا و35 عام كما في مصر وما بينهما21 عام و 25 عام و30 عام.

أن يكون حاصل على مؤهل جامعي كما في مصر.

أن يكون من المشهود لهم بالصلاح والكفاية كما في المملكة العربية السعودية.

ألا يكون ممنوعا من ممارسة حقوقه السياسية كما في مصر.

أن يكون من الخبراء أو النبلاء كما في البرلمان البريطاني.

طريقة التكوين

الانتخاب من الأمة.

التعيين من الحاكم بعد التحقق من الشروط الواجب توفرها.

مجلس بالانتخاب (أهل الحل والعقد) للأمور العامة من سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو العلاقات مع الغير، ومجلس آخر بالتعيين من الحاكم أو من هيئة أخرى (مجلس الاجتهاد والتقنين) بشرط استيفاء شروط الاجتهاد في الأعضاء قبل التعيين.

معظم النظم المعاصرة يتم تكوين مجالسها بالانتخاب التمثيلي وتكون حصص الولايات حسب عدد سكانها، وقليل من المجالس يتم تعيينها مثل مجلس اللوردات البريطاني.

المهام والصلاحيات

اختيار وتولية الحاكم، وتجديد البيعة لمن عهد إليه بالحكم عند وفاة الحاكم.

عزل الإمام عند وجود ما يقتضيه وينظر في إمامته.

الاجتهاد وتقنين الفقه (التشريع)، ويرى بعض العلماء أن يكون هناك مجلسان مجلس يختص بالأمور السياسية وفق ما قرره الفقهاء لأهل الحل والعقد، ومجلس علمي يختص بالاجتهاد والتقنين.

التشريع وإصدار القوانين.

إقرار المعاهدات والاتفاقات.

إقرار الخطة والموازنة.

الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

مناقشة بيان الرئيس.

تعديل الدستور.

إقرار إعلان حالتي الحرب والطوارئ.

مراقبة عمل الحكومة ومساءلتها وتدقيق أعمالها وقراراتها.

تنحية رئيس روسيا الاتحادية من منصبه بعد توجيه اتهامات مجلس الدوما إليه.

سحب الثقة من الرئيس الأمريكي وفق إجراءات طويلة ومعقدة.

 

العلاقة بالحاكم

اختيار الحاكم وتوليته، وكذا اختيار وتولية نائبه أو من عهد إليه الولاية.

عزل الحاكم عندما يتوجب ذلك.

إلزامية قرار شورى أهل الحل والعقد للحاكم فيما لا نص فيه خلاف والراجح فيها أن على الحاكم أن ينفذ ما قررته شورى أهل الحل والعقد.

الملك أو الرئيس يعين جزء من أعضاء المجلس مثل مجلس الشيوخ  بمصر أو كل أعضاء المجلس مثل اللوردات ببريطانيا ومجلس الشورى السعودي.

لا يستطيع الرئيس الأمريكي ولا الروسي ولا الملكة البريطانية حل البرلمان، بينما يستطيع الرئيس المصري والملك السعودي ذلك.

الملك السعودي هو من يعتمد ويقر قرارات مجلس الشورى، ويمكن له أن يتخذ ما يراه مناسبا حيالها.

 

العلاقة بالحكومة

الحكومة تابعة للحاكم ومسئول عنها

الرقابة على أنشطة وأعمال الحكومة

سحب الثقة من الحكومة متى وجد سبب لذلك.

العلاقة بالأمة

هي علاقة النائب والوكيل، فهم يباشرون انتخاب رئيس الدولة نيابةً عن الأمة ومن ثَمَّ يعتبر انتخابهم ملزماً للأمة، وكذا ينوبون عن الأمة في الأمور العامة التي تتطلب رأيا أو قرارا يصلح بها أمرها.

تمثيل الأمة والنيابة عنها في كل أمورها التي حددتها مهام وصلاحيات المجالس النيابية.

تعليق على المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة.

يظهر من المقارنة بين المجالس النيابية في الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة وفق العناصر المكونة لكل منها وعلاقتها بجودة أداء المهام واستخدام السلطات والصلاحيات ما يلي:

  • من حيث شروط العضوية تفوق الفكر الإسلامي فوضع معايير الاختيار مرتبطة بمقومات تمثل متطلبات ضرورية للقيام بالمهام وأداء الواجبات مثل العلم والعدل والمروة والحكمة والاستقلالية، بينما اشترطت النظم المعاصرة شروطا مرتبطة بالجغرافيا والقومية والعمر دون مراعاة الكفاءة المناسبة للمهمة.
  • من حيث المهام والصلاحيات، اتفقت النظم المعاصرة مع الفكر الإسلامي في موضوع اختيار الحاكم وتوليته وعزله، واتفقا أيضا في موضوع التشريع وسن القوانين على رأي في الفكر الإسلامي بشرط أن يكون القائمين على أمر التشريع وتقنين الفقه هم العلماء المختصين وليس عموم أهل الحل والعقد، بينما ترك الفكر الإسلامي أمر الرقابة على منظومة الحكم وعلى عموم الأمة لأكثر من جهة وأكثر من طريقة، برز منها ديوان الحسبة وديوان المظالم، إضافة إلى شحن النفس بالطاقة الروحية لتعمل الرقابة الذاتية وتحقق كثيرا من مستهدفات الرقابة الخارجية، بينما كان من أهم مهام وسلطات وصلاحيات المجالس النيابية في النظم المعاصرة هو أمر الرقابة على منظومة الحكم، ويمكننا القول إن في هذا سعة بحيث يمكن أن تكون من ضمن مهام المجالس النيابية في الفكر الإسلامي الرقابة والتي تعتبر من شئون الدنيا التي ترك الإسلام أمرها للناس ينظمونها بما يناسب ظروف عصرهم.
  • من حيث العلاقة بالحاكم، اتفق كل من الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة على أن المجالس النيابية هي من تقوم باختيار الحاكم أو تشارك فيه بصورة أصيلة، وكذا تقوم بعزله عندما يتوجب ذلك، وتفوق الفكر الإسلامي في إلزام الحاكم بقرار الشورى الصادر من أهل الحل والعقد في الأمور التي ليس فيها نص شرعي قطعي الدلالة والثبوت، بينما لا تستطيع المجالس النيابية في كثير من النظم المعاصرة عزل الحاكم ولا إلزامه بقرارها، بل العكس أحيانا كما في معظم الدول يستطيع الملك أو الملكة أو الرئيس حل البرلمان في أي وقت أو ظرف يراه.
  • من حيث العلاقة بالحكومة، في الفكر الإسلامي الحكومة (وزارة التنفيذ) تابعة للحاكم ورقابتها عليه أو على ديوان الحسبة وديوان المظالم، بينما في كل النظم المعاصرة تقوم المجالس النيابية بالرقابة على الحكومات.
  • من حيث العلاقة بالأمة، اتفق كل من الفكر الإسلامي والنظم المعاصرة على أن المجالس النيابية تمثل الأمة وتنوب عنها والأمة هي من تختارها إلا في بعض المجالس المختصة بالتشريع في الفكر الإسلامي فيمكن أن يتم التعيين وفق شروط الكفاءة العلمية، وكذا في مجلس اللوردات البريطاني ومجلس صيانة الدستور الإيراني فيتم تعيين حصة منها بمعايير معينة.

النتائج والتوصيات

أولا: النتائج:

توصل الباحث في هذه الدراسة إلى عدد من النتائج نوجزها فيما يلي:

  • يعتبر أمر الشورى من المبادئ الأساسية في الإدارة في الفكر الإسلامي، سبق بها النظم المعاصرة بقرون، وبدأ التطبيق منذ العصر النبوي وعلى يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وتبعه الخلفاء الراشدون من بعده، وسار على نهجهم الخلفاء في الدول الإسلامية المتعاقبة، لكنه كان يتسع ويضيق حسب الطبيعة الشخصية لحاكم كل دولة، وحسب ظروف الدولة العسكرية والسياسية وغيرها.
  • نمتلك في تراثنا الإسلامي في كل المجالات ما يمكننا من مجاراة التطورات المتسارعة في أمور الإدارة و غيرها، شرط أن ننفض عنها الغبار وأن نطبق مبادئها، ونطور أدواتها بما يتناسب مع ظروف العصر لكل بلد.
  • تظل طريقة تشكيل مجلس أهل الحل والعقد (مجلس الشورى) وعدد أعضائه وتخصصاتهم من أمور الدنيا التي تركت لأهل كل عصر ومصر لتحددها حسب ظروفها (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، وقد كانت التطبيقات العملية عبر التاريخ الإسلامي حتى المعاصر منها ينتهج هذا النهج.
  • يفضل علماء معاصرون معتبرون أن يكون للدولة المسلمة مجلسان، أحدهما لتقنين الفقه (التشريع) وآخر لبقية المهام الشورية والرقابية وغيرها، بشرط أن يتم التشكيل وفق الشروط المعتمدة فقها لكل من المجلسين.
  • تمثل مجالس أهل الحل والعقد في الفكر والتاريخ الإسلامي المجالس النيابية حقيقة وواقعا منذ العصر النبوي، ويعتبر أول ظهور واضح لأهل الحل والعقد في الإسلام، في انتخاب أهل العقبة الثانية نقباءهم الاثني عشر، لكن لم تظهر تنظيميا وبالاسم إلا مع الدولة العباسية.
  • يتفوق الفكر الإسلامي في تحديد شروط العضوية رابطا إياها بالتخصص والكفاءة في أداء المهام والواجبات، بينما تنتهج النظم المعاصر في معظمها النهج التمثيلي الجغرافي أو القبلي في تشكيل المجالس.
  • يوجد خلاف في مدى إلزامية الشورى ( قرار أهل الحل والعقد) للحاكم، لكن كثيرون من العلماء القدامى والمعاصرين يرجحون إلزامية قرار أهل الحل والعقد للحاكم، ويمكن لكل دولة أن تأخذ بما تراه، وعند الاتفاق على رأي يجب الالتزام به من قبل الحاكم والمحكومين.
  • قرارات أهل الحل والعقد ملزمة لمن اختارهم من الأمة حال اختيارهم من قبل عموم الناس (بالانتخاب).
  • لا ينبغي الربط بين ما قرره الفكر الإسلامي من مبادئ في موضوع الشورى ومهام أهل الحل والعقد وشروط عضويتها وبين التطبيق غير المكتمل أو المنحرف عن المبادئ الأساسية عبر التاريخ الإسلامي أو المعاصر منها، فالانحراف عن المبادئ لا يعيبها.

ثانيا: التوصيات

يوصي الباحث بما يلي:

  • ضرورة استخدام مبادئ الشورى وتطوير أدواتها بما يناسب الظروف، مع التطبيق الحقيقي لها وليس الصوري ففيه كل الخير للأمة جميعها.
  • ضرورة مزيد من الدراسة لنماذج الشورى ومجالس أهل الحل والعقد عبر التاريخ الإسلامي وأثر التطبيق الحقيقي والصوري على نمو وازدهار كل دولة، لمعرفة أسباب التطبيق الصحيح وأسباب الانحراف عنه للاستفادة به في حياة الناس.
  • ضرورة الاهتمام المبكر بالناشئة النابغة الذين يمثلون مستقبل أهل الحل والعقد في الدولة، وتوجيههم دراسيا وعلميا للمجالات المناسبة لقدراتهم، وتأهيلهم للقيام بمهام المستقبل ساعة أن توكل لهم المهمة.

________________

مراجع الدراسة:

المراجع العربية

  1. ابن تيمية، أحمد (1418ه). الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الرياض: وزارة الأوقاف بالسعودية.
  2. ابن خلدون، عبد الرحمن (1988م). تاريخ ابن خلدون. بيروت: دار الفكر.
  3. ابن سعد، أبو عبد الله محمد (2001م). الطبقات الكبير. القاهرة: مكتبة الخانجي.
  4. أحمد، إبراهيم الأمين(2018م) “مقارنة بين الشورى والديمقراطية، مجلة العلوم الإسلامية”  المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث، غزة – فلسطين: المركز القومي للبحوث:2: 65 – 79.
  5. الأحمر، المختار (2017م) ” أﻫﻞ اﻟﺤﻞ واﻟﻌﻘﺪ دراﺳﺔ المفهوم واﻟﻨﺸﺄة وإﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻌصر اﻟﺤﺪﻳﺚ”، الفكر الإسلامي المعاصر، هورندون، أمريكا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 88: 41-78
  6. إدارة المعلومات مجلس الشورى السعودي(2003م). الشورى في الإسلام ( ممارسة نيابية ) تجربة المملكة العربية السعودية. الرياض: مجلس الشورى السعودي.
  7. أسد، محمد (1975م).منهاج الإسلام في الحكم. بيروت: دار العلم للملايين.
  8. الأصفهاني، الحسين بن محمد (2001م) المفردات في غريب القرآن . بيروت: دار المعرفة.
  9. الباز، داوود (1998م). الشورى والديموقراطية النيابية – دراسة تحليلية وتأصيلية لجوهر النظام النيابي (البرلمان). القاهرة: دار النهضة العربية.
  10. البخاري، محمد بن إسماعيل (1993م) صحيح البخاري. دمشق. دار ابن كثير، دار اليمامة
  11. البدوي، إسماعيل(1994). مبدأ الشورى في الشريعة الإسلامية. القاهرة: دار النهضة العربية.
  12. الجوهري، أبو نصر(1987م). الصحاح. بيروت: دار العلم للملايين.
  13. الحنبلي، ابن رجب (1996م). فتح الباري شرح صحيح البخاري. المدينة المنورة: مكتبة الغرباء الأثرية.
  14. حوى، سعيد (1424ه). الأساس في التفسير. حلب: دار السلام.
  15. الديليمي، حماد (2001م). النظم السياسية فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. عمان: دار وائل.
  16. الديليمي، حماد (2001م). النظم السياسية فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. عمان: دار وائل.
  17. رضا، محمد رشيد (1990م). تفسير المنار. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  18. رضا، محمد رشيد (1998م). مجلة المنار. القاهرة: مطبعة المتار.
  19. الريسوني، أحمد (2007). الشورى في معركة البناء. هورندون، أمريكا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
  20. الزحيلي، وهبة (2017م). الفقه الإسلامي وأدلته. دمشق: دار الفكر.
  21. زيدان، عبد الكريم (2001م). أصول الدعوة. بيروت: مؤسسة الرسالة.
  22. الشاوي، توفيق (1992م). فقه الشورى والاستشارة. المنصورة: دار الوفاء.
  23. شلتوت، محمود (2004م). من توجيهات الإسلام. القاهرة: دار الشروق.
  24. الطريقي، عبد الله (1419ه). أهل الحل والعقد وصفاتهم. مكة المكرمة: رابطة العلم الإسلامي.
  25. عبد الملك بن عبد الله، الجويني (1401ه). غياث الأمم في التياث الظلم. القاهرة: دار الدعوة للطبع والنشر.
  26. العسيري، راشد (2005م). المجالس النيابية وعلاقتها بالشورى في .بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية.
  27. عمارة، محمد (1989). الإسلام وفلسفة الحكم. القاهرة: دار الشروق.
  28. العوا، محمد سليم (1989م). النظام السياسي للدولة الإسلامية. القاهرة: طبعة دار الشرق.
  29. عودة، عبد القادر (1981م). الإسلام وأوضاعنا السياسية. بيروت: مؤسسة الرسالة.
  30. الماوردي، أبو الحسن (1431ه). الأحكام السلطانية. القاهرة: دار الحديث.
  31. المهدي، القاضي حسين بن محمد (2006م). الشورى في الشريعة الإسلامية. صنعاء: وزارة الثقافة اليمنية.
  32. موسى/ محمد يوسف (1988م). نظام الحكم في الإسلام. بيروت: العصر الحديث للنشر.
  33. النووي، يحي بن شرف (2005م). منهاج الطالبين. دمشق: دار الفكر.
  34. وزارة الأوقاف الكويتية (1427ه). الموسوعة الفقهية. الكويت: أوقاف الكويت.

Foreign references

Congressional Research Service (2003) Committee Types and Roles.

David S. Broder (March 18, 2007). “Congress’s Oversight Offensive”. The Washington Post,, from https://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2007/03/16/AR2007031601989.html

Epps, Garrett (2013). American Epic: Reading the U.S. Constitution. New York: Oxford.

Belonuchkin (2004) “State Duma. Powers and Procedures”

Kate Zernike (September 28, 2006). “Senate Passes Detainee Bill Sought by Bush”. The New York Times,, from ttps://www.nytimes.com/2006/09/28/washington/29detaincnd.html

Linda P. Campbell & Glen Elsasser (October 20, 1991). “Supreme Court Slugfests A Tradition”. Chicago Tribune, https://www.chicagotribune.com/ct-xpm-1991-10-20-9104040635-story.html.

Parliament of the United Kingdom. (June 19, 2017),”How MPs are elected”. How Parliament works, from https://www.parliament.uk/about/mps-and-lords/members/electing-mps/

Raphael, D. D., Donald Limon, and W. R. McKay. (2004).  Parliamentary Practice,. London: Butterworths Tolley.

Shubhashree (5 Dec. 2014), “Powers and Functions of State Duma (Lower House of Russian Federal Assembly)”. Your Article Library. 5 Dec 2014., , from  https://www.yourarticlelibrary.com/countries/russia/powers-and-functions-of-state-duma-lower-house-of-russian-federal-assembly/44250.

Susan Sachs (January 7, 1999). “Impeachment: The Past; Johnson’s Trial: 2 Bitter Months for a Still-Torn Nation”. The New York Times, , from https://www.nytimes.com/1999/01/07/us/impeachment-the-past-johnson-s-trial-2-bitter-months-for-a-still-torn-nation.html

the Supreme Court (September 11, 2010) “Decision of the Supreme Court in the Dred Scott Case”. The New York Times, , from https://www.nytimes.com/1857/03/09/archives/the-dred-scott-case-decision-of-the-supreme-court-in-the-dred-scott.html.

Vernadsky, George (1973). A History of Russia. . New Haven: Yale University Press.

Websites

www-parliament.uk

http://www.parliament.gov.eg/History.aspx

shura.gov.sa

https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/

congress.gov

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close