مجتمع

المجتمع المصري 2017 أزمة الدواء

تمهيد

في المؤتمر الصحفي بقصر الإليزيه في باريس يوم 24 اكتوبر 2017 أعلن عبدالفتاح السيسي أن حقوق الانسان ليست في الجانب السياسي فقط ولكنها تشمل عدة جوانب اخرى، ثم أقر أن التعليم منهار والصحة منهارة والتوظيف منهار وكذلك الاسكان، وحيث أن المنظومة الصحية تشمل ثلاثية الطبيب والمريض والدواء؛ والتي تتفاعل سويا في إطار بيئة مشتركة من المنشآت والتجهيزات واللوائح والقوانين والهياكل الادارية والتنظيمية والقانونية والمالية، لذا فإن تصريحات السيسي تعنى الاقرار بوجود خلل جسيم في هذه المكونات، والذى يعتبر الدواء من أكثرها مساسا بالمواطن المصري.

وتشمل ازمة الدواء عدة محاور تتداخل سويا في مصفوفة متشابكة، ومن أهمها مشكلة الزيادات المتتالية في الاسعار واختفاء أصناف حيوية من الادوية، ومشكلات الصناعات الدوائية في مصر، ومشكلة الادوية منتهية الصلاحية بالأسواق المصرية، وظهر هذا واضحا على مدار شهور عام 2017، على النحو التالي:

أولا: مشكلة الزيادات المتتالية في أسعار الادوية:

مصر بها 14 ألف صنف دواء مسجل، منها 11 ألف لها «أكواد» في شركات التوزيع، في حين تتداول الصيدليات نحو 7 آلاف صنف فقط، وهو ما يعني أن نصف عدد الأصناف غير متوفر وأن 3 ألف صنف لم تنتج من الأصل برغم تسجيلها، ومن المفروض أن تسعير الدواء في مصر يتم حسب قرار وزير الصحة والسكان، رقم 499 لسنة 2012، والذي يقضى بتحرير سعر الأدوية المرخصة حديثا وفقا للأسعار العالمية، بحيث يباع الدواء في مصر وفقا لأقل سعر يباع به في الدول التي يتداول بها نفس المستحضر.

كما ينص القرار على أنه في حالة تداول المستحضر في أقل من 5 دول، يتم المقارنة بين أسعار البدائل والمستحضر الأصلي، مع إقرار أقل سعر بيع للمستحضر في تلك الدول والتي تم تحديدها بصفتها ” الدول المرجعية”، ومن جانبه أعرب المركز المصري للحق في الدواء عن “صدمته الشديدة” لصدور مثل هذا القرار، لافتا إلى أن هذا القرار سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الدواء، بما سيكون له أثر بالغ على قدرة المواطنين في الحصول عليه. (اليوم السابع ).

لكن الأمر ازداد سوءًا بقرار الحكومة رفع أسعار الدواء في شهر مايو 2016، حيث قرر مجلس الوزراء رفع أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهاً بنسبة 20%، وقد تزايدت الشكاوى وقتها حيث فوجئ مواطنون بزيادة في أسعار أدوية يتجاوز سعرها 30 جنيهاً بالرغم من أن قرار الحكومة، الصادر نص على زيادة فقط بنسبة 20 في المئة في أسعار الأدوية التي لا يتجاوز سعرها هذا السقف . وتبين بعدها إن هذا الأمر سببه اختلاف وحدات تسعير الأدوية المسجلة بوزارة الصحة، حيث يسعر بعضها بالعلبة وبعضها بالشريط والبعض الآخر بالقرص، وكان هذا دليلا على وجود عشوائية في القرار، ولكن شكاوى المواطنين والصيادلة تضاعفت مع بداية عام 2017 حيث أعلن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أن وزارة الصحة اتفقت مع شركات الأدوية على زيادة أسعار 15% من الأصناف المنتجة محليا، و20% من الأدوية المستوردة، مشيرًا إلى تشكيل لجنة لإعداد قائمة الأدوية التي يحتاجها المرضى.

في حين أكد الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، على أنه تم تسليم إخطارات التسعيرة الجديدة لـ 2600 صنف دواء، من إجمالي 3010 أصناف زادت أسعارها بنسبة 15% من الأدوية المحلية و20 % من المستورد. وأضاف عماد الدين، أنه تم إنهاء عمل لجنة التسعيرة فيما يخص زيادة أسعار الـ3010 أصناف، مشيرًا إلى أنه تم الرد على استفسارات جميع الشركات، موضحًا أن الاسعار الجديدة ستطبق على المستحضرات التي ستنتجها الشركات حديثا (اليوم السابع).

وقرار وزير الصحة يعنى بيع الصنف الواحد من الدواء بسعرين مختلفين بحسب تاريخ الانتاج، وهذه المشكلة أوضحها نقيب الصيادلة (اليوم السابع) بأن نقص الأدوية يرجع إلى أن الشركات قامت بطمس الأسعار القديمة من على كميات كبيرة منها، بالإضافة إلى تراجع الوزارة عن القرار تسبب في رفض شركات التوزيع استلام الأصناف المطموسة، وبالتالي مازالت مخزنة بالشركات ولم يتم بيعها لأنه مخالف.

وتحت عنوان ” الصيادلة يعتصمون اعتراضًا على بيع الدواء بسعرين.. و«الداخلية» ترفض التأمين” بتاريخ 3/8/2017 نشرت صحيفة (البديل) التفاصيل حيث تنظم نقابة الصيادلة اعتصامًا رمزيًّا داخل مبنى النقابة العامة، يضم أعضاء المجلس ومجالس النقابات الفرعية؛ اعتراضًا على استمرار القرار الوزاري رقم 23 لسنة 2017 والمتضمن بيع الأدوية بسعرين، إضافة إلى المطالبة بإلغاء قرار فتح معهد فني للصناعات الدوائية وآخر للتغذية العلاجية، والعودة للقرار رقم 200 لسنة 2001 والخاص بتنظيم فتح الصيدليات، فضلًا عن المطالبة بتطبيق القرار الوزاري رقم 115 لسنة 2017 الخاص بسحب الأدوية منتهية الصلاحية، التي تضرب الشركات به عرض الحائط، حيث أرسلت النقابة عدة خطابات إلى وزارة الصحة لتنفيذ تلك المطالب لكن دون جدوى.

وكانت نقابة الصيادلة أرسلت خطابًا إلى وزارة الداخلية لتأمين مسيرة حتى مكتب الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، لكن وزارة الداخلية أرسلت خطابًا إلى النقابة ترفض فيه تأمين المسيرة التي ينتوي الصيادلة تنظيمها اليوم الخميس، إلَّا أن نقابة الصيادلة لم تلغ تلك المسيرة ولم تتنازل عن الاعتصام لإبداء مطالبها. وعلق الدكتور محمد سعودي، وكيل نقابة الصيادلة الأسبق، قائلًا: للأسف قرارات وزارة الصحة ليست في صالح الصيادلة والمرضى مطلقًا، مضيفًا أن بيع الأدوية بسعرين أحدث بلبلة في سوق الدواء، مما يضع الصيادلة في أزمات أمام المرضى، ويعرضهم لكثير من المواقف والحوادث؛ أبرزها التعدي على صيدلي من قِبَل قوات الأمن بسبب بلاغ من أحد المرضى بأن الصيدلي يرفع أسعار الأدوية؛ لأن المريض وجد العقار ذاته بسعر أقل لدى صيدلية أخرى، في حين يرى الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن مطالب الصيادلة مشروعة، وأنها ستساعد على ضبط سوق الدواء بصورة كبيرة، خاصة بعد مخالفة شركات الأدوية قرارات وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن اعتصام الصيادلة بنقابتهم حق مشروع يكفله القانون.

وكان شهر يوليو 2017 قد شهد حراكا من عدة جهات للحيلولة دون رفع اسعار الدواء مرة اخرى، حيث قال الدكتور محمد أشرف سكرتير عام شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن هناك زيادة في أسعار 15% من الأدوية بداية شهر أغسطس 2017 حسبما ينص الاتفاق الموقع مع وزارة الصحة يناير الماضى. وأضاف (مصر العربية)، أن زيادة الأسعار ستتراوح بين 30 و50 % كما حدث في زيادة شهر يناير، مشيرا إلى أن زيادة أسعار الادوية مطلوبة وملحة جدا لأصحاب المصانع بعد القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخراً.

وأوضح سكرتير عام شعبة الأدوية، أن أهم أسباب زيادة الأسعار في أغسطس هو عدم انخفاض سعر الدولار ووصوله إلى 18 جنيها، وزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بداية من يوليو، فضلا عن زيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه للمصانع. في حين أكد محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، وجود زيادة جديدة في أسعار الدواء، تشمل 6000 صنف دوائي، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تتكتم على زيادة اسعار الادوية لتزامنها مع ارتفاع أسعار عدد من الخدمات والسلع.

وأشار فؤاد إلى أن اتفاق يناير2017 كان على زيادة مبدئية لأسعار 3010 أصناف دوائية، على أن يتم النظر في زيادة أسعارها في أغسطس 2017 طبقا لأسعار الصرف، مؤكدًا أن الشركات بدأت في إرسال الترشيح للأصناف المرشح زيادتها لوزارة الصحة، حيث إن الشركات بدأت في كتابة الأصناف المقرر زيادتها حسب الاتفاق، وتطالب الشركات المصرية المحلية بزيادة 40% بينما تصر الشركات الأجنبية على ألا تقل الزيادة عن 60% حتى يتم حل المشكلة نهائيًا.

وحذر فؤاد من خطورة تحريك أسعار الادوية في ظل ظروف اقتصادية مربكة، لأنها ستؤثر على جمهور المرضي وتعصف بحقوقهم الكاملة، فالبند الخامس من مذكرة قدمت من وزارة الصحة لمجلس الوزراء، تقرر اتفاق الوزارة والشركات على البدء في إعادة تسعير عدد من الأدوية بدءًا من ١ أغسطس ٢٠١٧ على حسب أسعار صرف الدولار قبلها بثلاثة شهور أي مايو ويونيو ويوليو بحد أقصي ٢٠٪‏ من أدوية كل شركة أجنبية تصنيع محلي أو مستورد و١٥٪‏ من أدوية كل شركة مصرية و ٨ أصناف للمصانع الصغيرة. وجاء الرد من وزير الصحة بالنفي وأعلن عدم إقرار زيادة جديدة في أسعار الدواء.

ثانيا: مشكلة نقص الادوية واختفاء اصناف هامة:

تعد أزمة الأدوية الناقصة التحدي الأكبر أمام الشركات المنتجة خلال 2017، ورهنت الحكومة مؤخرا الموافقة على زيادة أسعار الأدوية مرتين سنوياً، بالتزام الشركات بتوفير كل الأدوية الناقصة خاصة التي لم تشملها الزيادة. وفيما تتهم نقابة الصيادلة شركات الأدوية بتعمد عدم إنتاج المستحضرات للضغط على الحكومة لتحريك الأسعار، تبرر الشركات تفاقم الأزمة إلى ارتفاع كل مدخلات الإنتاج وزيادة أسعار الدولار بنسب مرتفعة خلال الفترة التي أعقبت القرار .

وفى حين قدرت نقابة الصيادلة عدد الأدوية الناقصة بنحو 1688 مستحضرا في ديسمبر 2016، أظهرت النشرة الدورية لنواقص الأدوية الصادرة عن الإدارة المركزية لشؤن الصيدلة بوزارة الصحة الشهر نفسه عن وجود 40 دواء ناقصا فقط (ليس لها بدائل) و221 مستحضرا (لها بدائل متوفرة). (البورصة 4/1/2017 ). وعلى عكس المتوقع من حل مشكلة نقص الادوية بعد قرار زيادة اسعار الدواء ؛ فقد قال الدكتور محى عبيد نقيب الصيادلة بتاريخ 21فبراير 2017 (اليوم السابع ) إنه يوجد أكثر 1500 دواء ناقص بالأسواق، مشيرًا إلى أن أزمة النواقص مازالت مستمرة حتى الآن. وبعدها وبتاريخ 16 ابريل 2017 أعلن الدكتور علي عبد الله مدير مركز الدراسات الدوائية ومكافحة الإدمان، إنه على الرغم من حدوث انفراجة في نواقص الأدوية العادية، إلا أنه ما زالت هناك نواقص في الأدوية المهمة، والتي لا يوجد لها بدائل ولا يمكن الاستغناء عنها . (الوطن ).

وبتاريخ 26/9/2017 أعلن الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة، أن هناك رصدا فعليا للأدوية الناقصة تقوم به النقابة عن طريق مخاطبة جميع الجهات المعنية بنقص الأدوية، وقال: «سنقوم بإعداد قائمة وستصدر خلال 10 أيام، وبعدها سنقوم بإخطار وزارة الصحة، ومجلس النواب، ورئاسة الوزراء، ورئاسة الجمهورية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة». وأضاف عبيد (المصري اليوم): “نقابة الصيادلة هي المعنية بتوفير الأدوية للمواطنين، ونحن نسعى جاهدين إلى توفير تلك الأدوية، فالمشكلة أصبح مبالغا فيها فهناك عجز في الأدوية المستوردة، وكافة أنواع الأدوية المحلية».

ومن ناحية اخرى وبنفس التاريخ 26/9/2017 فقد نشرت صحيفة ( المصري اليوم ) تصريحات الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، إن هناك 15 مادة فعالة في الأدوية ناقصة في الأسواق، مؤكدًا أن هناك إدارة متخصصة تتابع وترصد جميع أنواع النواقص في مصر، وتُعد من أفضل الإدارات. وأضاف أن وزارة الصحة لا تُعد الأدوية والأصناف التي لها بدائل أو مماثل في الأسواق من النواقص، بينما البعض يقول بأن اختفاء صنف معين حتى ولو له أكثر من بديل في السوق يُعد من النواقص، وهذه الثقافة يجب تغييرها. وتابع: «عدم ثقافة الدواء البديل عند المريض هو من يصنع أزمة الأدوية».

وحيث ان المشكلة حقيقية والازمة خانقة فقد طالب سهل الدمراوى عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات بتشكيل لجنة لإدارة أزمة نقص الدواء على وجه السرعة، وأوضح الدمراوي، في بيان يوم الخميس 28 سبتمبر 2017، أن مهمة تلك اللجنة هي تحديد الأصناف الناقصة والمهمة وسرعة إعادة تسعيرها بشكل عادل طبقا لأسعار اليوم مع إضافة هامش ربح بسيط لشركات الدواء المنتجة.

ولفت إلى أنه تم زيادة سعر بعض أصناف الدواء مرتين خلال العام الماضي لبعض الأصناف المهمة، مشيرا إلى أن هذه خطوة إيجابية من وزارة الصحة. ونوه بأنه حدث خلط واضح حيث أن الأصناف المهمة التي تم زيادتها هي الأكثر مبيعات وليس الأصناف الناقصة حاليا وهذا الأمر المهم يلزم أخذه في الاعتبار (بوابة الاهرام).

وخلال شهر اكتوبر 2017 تفاقمت أزمة نقص الأدوية الحيوية والمحاليل الطبية في السوق المصري بصورة خانقة، ما أدى إلى توقف العمليات داخل عدد من المستشفيات العامة والخاصة، وتعطل أقسام الطوارئ الأمر الذي يهدد حياة ملايين المرضى . ومن بين الأدوية الحيوية التي اختفت تقريبا من الأسواق؛ حقن البنسلين طويلة المفعول، بالإضافة إلى أدوية الأورام وضغط الدم والكبد والتخدير الكلي والسكتة الدماغية ومضادات الفيروسات، وغيرها . وتسبب نقص الأدوية في انتعاش السوق السوداء، حيث ارتفعت أسعار بعض الأصناف إلى أكثر من 25 ضعف سعرها الأصلي.

وإزاء هذه الأزمة المتفاقمة، اكتفت وزارة الصحة بنفي وجود نقص في الأدوية أو المحاليل الطبية، وتحدثت عن وجود مخزونات تكفي احتياجات المواطنين، متهمة مواقع التواصل الاجتماعي بالوقوف وراء شائعات وجود نقص في الأدوية . وفي الأيام الأخيرة، ظهر تناقض كبير بين الأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة وتقارير نقابة الصيادلة التي أكدت وجود نقص في نحو 1500 صنف من الدواء، في حين تصر الوزارة على أن النقص يقتصر على 15 صنفا فقط . كما أعلن المركز المصري للحق في الدواء، في تقرير له قبل أسبوعين، أن ما يقرب من 1400 صنف من الأدوية والمستلزمات الطبية؛ غير متوفرة في الأسواق .

من جانبه، قال مساعد وزير الصحة السابق لشؤون الطب العلاجي، هشام شيحة، إن المخازن المملوكة لأصحاب الشركات، وبعضهم أعضاء بالغرفة التجارية ونقابة الصيادلة، تمتلئ بالأدوية، كما أن العديد من الصيدليات الخاصة تقوم بتخزين الأدوية الحيوية تحسبا لقرار رسمي بزيادة أسعارها خلال أيام، وأكد شيحة، أن أزمة نقص الأدوية ما زالت قائمة على الرغم من الزيادات الكبيرة في الأسعار لمرتين خلال العامين الأخيرين، والتي كان مبررها وقتئذ العمل على توفير الأدوية في الأسواق، وهو ما لم يحدث حتى الآن . وأوضح أن الأزمة الحالية هي أزمة مصطنعة من جانب أصحاب المصانع وشركات التوزيع حتى تجبر الحكومة على زيادة ثالثة في الأسعار، خاصة وأن كثيرا من الأصناف الناقصة لا يمكن الاستغناء عنها وليس لها بديل آخر . وتعليقا على هذه الأزمة، قال الناشط الحقوقي بمركز الحق في الصحة، على الغنام، إن نقص الأدوية هي أزمة مستمرة منذ ثلاث سنوات تقريبا، مشيرا إلى أن الأزمة مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية المتدهور والسياسات الفاشلة التي تطبقها الحكومة .

وأضاف الغنام (عربي21)، إن مصر تستورد كل احتياجاتها من الدواء تقريبا من الخارج، ومع ارتفاع سعر الدولار بعد تعويم الجنيه، أصبح هناك نقص شديد في أنواع كثيرة بسبب ارتفاع أسعارها . وأوضح أن السبب الرئيس في هذه الأزمة هو “لوبي تجارة الدواء الذي يتحكم فيه أعضاء بنقابة الصيادلة، والذين يسمحون لصيدليات وتجار معروفين باحتكار الدواء وتخزين أصناف حيوية في مخازنهم، ثم بيعها بأضعاف ثمنها “. وأوضح أن هناك أدوية كثيرة مكدسة داخل “مخازن كبار التجار الذين يتعاملون مع الدواء باعتباره سلعة وليس علاجا يمكن أن ينقذ مريض من الموت”، معتبرا أن “تجارة الدواء في مصر أصبحت أسوأ من تجارة المخدرات، ويشارك فيها مسؤولون في وزارة الصحة، ولذلك لا تستطيع الوزارة أن تراقبهم أو تتدخل لحل المشكلة” . وتابع: “السبب الثاني للأزمة هو انعدام الرقابة على بيع وتداول الدواء”، وقال إن “وزارة الصحة ليس لها أي دور حقيقي، وتكتفي فقط بنفي وجود أزمة من الأساس “.

ثالثا: مشكلات الصناعات الدوائية في مصر:

في سياق العشوائية في اتخاذ القرارات ظهر واضحا الاتجاه نحو خصخصة شركة النصر للكيماويات الدوائية حيث قال الدكتور أشرف الشرقاوي وزير قطاع الأعمال، إن الشركة القابضة للصناعات الدوائية تدرس حاليا عرضا من إحدى الشركات السعودية المتخصصة في صناعة وإنتاج الدواء، للدخول في شراكة مع “النصر” لإنشاء خطوط إنتاج جديدة خلال الفترة المقبلة.( الوطن 29/11/2017 ).

وشركة «النصر» للكيماويات الدوائية، إحدى شركات «القابضة» للأدوية، التابعة لقطاع الأعمال العام، هي شركة عريقة تم تأسيسها عام 1962، بتكنولوجيا روسية، بهدف أن تكون الشركة بيت الدواء وقلعة الصناعات الدوائية في الوطن العربي، وتم تجهيزها بأحدث الوسائل التكنولوجية الحديثة آنذاك، وقال محيى الدين حافظ، رئيس لجنة الصحة بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين: إن الشركة لا تزال تنقل خبراتها، جيلاً وراء جيل، حافظت خلالها تلك الأجيال على خطوط الإنتاج والمفاعلات الكيماوية، والشركة تضم بين أركانها حتى الآن أكفأ الصيادلة، والكيميائيين، والفنيين، ممن يتميزون بقدرة عالية على إجراء التجارب والتفاعلات الكيميائية المستخدمة في تصنيع الخامات الدوائية بالشرق الأوسط”.

وأضاف أن الشركة لا تزال تنتج أكثر من 26 خامة من الخامات الدوائية في السوق المصرية، ولا يزال أبناء الشركة يحافظون على كفاءة الآلات والمعدات والمفاعلات المستخدمة منذ عام 1962، ولكن تلك المعدات والمفاعلات لم تعد تواكب التكنولوجيا ووسائل التصنيع الجيد المطلوبة عالمياً، بل إن المباني والمنشآت هي الأخرى لم تعد تتواكب مع قواعد التصنيع. وقال إن الدولة لو أعادت الثقة للشركة عبر ضخ التمويل والاستثمار والتطوير، ولو من خلال الشراكة مع شركات صينية أو أوروبية، فإنها ستصبح أحد المشروعات القومية العملاقة (الوطن).

ومن ناحية أخرى، وفى أزمة جديدة بشأن المحاليل الطبية المتداولة بالسوق المصرية، وعلى غرار أزمة وفاة 8 أطفال بمحافظة بنى سويف في 2015 إثر معالجتهم بمحاليل طبية فاسدة من إنتاج مصنع «المتحدون»، كشفت مستندات عن تعرُّض 14 مريضاً بالفشل الكلوي بمستشفى الكهرباء بالقاهرة لتكسير في كرات الدم البيضاء بعد استخدام مستحضر المحلول الملحي ومحلول «رينجر» الوارد من شركة النصر للكيماويات الدوائية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة للأدوية، التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام. (الوطن)

رابعا: مشكلة الادوية منتهية الصلاحية:

في 10 يناير 2017؛ وخلال أزمة رفع سعر الدواء، قال رئيس اللجنة المركزية لإغلاق الصيدليات بنقابة الصيادلة الدكتور مصطفى الوكيل، إن الصيدليات تعيش أسوأ فترة في تاريخ عملها، مؤكدا قرار مجلس النقابة بالإضراب الكلى للصيدليات إذا لم تتحقق مطالبهم، المتمثلة برفع نسبة هامش الربح، وعدم تدوير الأدوية منتهية الصلاحية . وتابع الوكيل (الشروق)، إن الصيادلة تركوا فرصة منذ إعلان قرار الإضراب للمفاوضات ولكن لم ينجح ذلك، مضيفا: “نواجه الكثير من الضغوط بسبب استياء الناس، وحرصا على المرضى تركنا الصيدليات الحكومية تعمل بقوتها”. وحول طلب المفاوضات مع النقابة خلال الفترة الماضية، أشار إلى أن لجنة الصحة بمجلس النواب بذلت «مساعي حميدة» للخروج بحلول توافقية لتقريب وجهات النظر بين النقابة وشركات الأدوية ووزارة الصحة، وطرح زيادة الأسعار مؤقتا لحين صناعة دراسة أوضاع الأدوية، إلا أنه حتى الآن لم يخرج قرار يرضى الصيادلة، قائلا: «نحتاج إلى قرار يرضى أطراف عملية الدواء الأربعة في مصر، المصانع وشركات التوزيع والصيدليات والمرضى”.

وبتاريخ 27/4/2017، اجتمع الدكتور أنسي شافعي، النقيب الفرعي للصيادلة بالإسكندرية، بمديري شركات توزيع الأدوية الكبرى بالمدينة، حضر الاجتماع أعضاء مجلس النقابة العامة وأعضاء مجلس نقابة الإسكندرية . وتم الاتفاق على ان يبدأ تنفيذ القرار الوزاري على الأدوية المحلية منذ بداية شهر أبريل 2017 حتى آخر ديسمبر 2017، بنسبة 8% من المسحوبات وبنسبة مفتوحة بداية من يناير 2018 ولمدة ثلاثة أشهر، دون التقيد بالتاريخ أو الفاتورة ويقوم الصيدلي بختم العبوة بخاتم التوالف أو الاكسباير، موضحًا عليها اسم الصيدلية والعنوان (الوطن).

وفيما يخص العلب غير المكتملة تم اقتراح فكرة أن يتم تخصيم هذه الوحدات تحت بند الاكسباير المعدوم وتتحمله الشركة الموزعة، وقد وعدت الشركات بالنظر في التنفيذ . وتم التوصية بالتواصل بين الصيدليات الأهلية والتفتيش الصيدلي في حالة وجود أي مخالفات من شركات التوزيع أو الشركات المنتجة حتى يتسنى للتفتيش الصيدلي مراقبة تنفيذ القرار الوزاري على أكمل وجه، والاجتماع بشكل دوري.

وبتاريخ 10يوليو 2017 التقى الدكتور محيي عبيد نقيب الصيادلة والدكتور جورج عطا لله عضو مجلس نقابة الصيادلة، الاثنين 10 يوليو، باللواء طارق عبد الرحمن رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأدوية ورشدي الشرقاوي العضو المنتدب للشركة. وتم خلال اللقاء الاتفاق على تفعيل اتفاقية سحب الأدوية منتهية الصلاحية والبدء بسحب 16% من المسحوبات الشخصية بشكل شهري على أن يتم بدءًا من غدًا الثلاثاء طباعة الإعلان على فواتير الشركة (بوابة اخبار اليوم).

كما أعلن نقيب الصيادلة أن علاج فيروس «سي» بالتامين الصحي منتهى الصلاحية.. والوزارة تمارس التدليس، حيث اشتعلت أزمة أقراص مستحضر «كلاتازيف»، المستخدم في علاج مرضى فيروس «سى» بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة . أكدت وزارة الصحة، أن ما تم تداوله عن استخدام أدوية معالجة لمرضى فيروس «سى» منتهية الصلاحية عارٍ تماماً من الصحة، وذلك رداً على تصريحات الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة، عن عدم قانونية مد صلاحية العقار لمدة 6 أشهر، وخطورة ذلك على مرضى فيروس «سى»، واتهامه لوزارة الصحة بمحاولة التخلص من الكميات الموجودة في المخازن التي تقدر قيمتها بحوالي 60 مليون جنيه بالغش والتدليس، وتقدمه ببلاغ ضد وزارة الصحة بسبب الشطب على التاريخ القديم الموجود على العلب المصروفة لمرضى التأمين الصحي.

وكان الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة، قد اتهم وزارة الصحة بتوجيه قرابة 49 ألف علبة دواء من صنف «كلاتازيف» المعالج لفيروس سى، منتهية الصلاحية إلى التأمين الصحى لصرفها إلى المرضى . وأكد أن الشركة الأمريكية المنتجة للعقار لا علاقة لها بمد الصلاحية؛ لأنها باعت الكمية للشركة المصرية، وانتهت علاقتها بالموضوع، مشيراً إلى عدم قانونية مد الصلاحية وفقاً للقرار رقم 425 لسنة 2015 (الوفد).

وفى نفس السياق أصدرت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة منشورًا دوريا رقم 94 لسنة 2017، طالبت فيه بضبط وتحريز كل ما يوجد في السوق المحلية والوحدات الحكومية من جميع التشغيلات الخاصة بالمستحضر sofosbuvir -HR INC400 MG “أقراص”، الذى يستخدم لعلاج فيروس سى، حيث صدرت توصية من اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بحظر تداوله.(اليوم السابع)، فيما استنكر الصيدلي على عبد الله، مدير مركز الدراسات الدوائية أن تكون توصية اللجنة الفنية للرقابة على الأدوية في 15 يونيو الماضي ويصدر منشور سحبها في 12 نوفمبر، ما يؤكد حصول عدد من المرضى على تلك الأدوية.(بوابة فيتو)

خلاصة

تفاقمت أزمة اختفاء الكثير من الأدوية الحيوية في مصر، وسط اتهامات للنظام بالفشل في القيام بدوره في هذا المجال والتسبب في تهديد حياة آلاف المرضى . وشهدت المحافظات المختلفة نقصا حادا بالكثير من الأدوية مثل حقن البنسلين وأدوية السكري والشلل الرعاش منذ عدة أشهر، ولم يعد أمام المواطن سوى الحصول عليها من السوق السوداء التي ازدهرت مؤخرا حتى وصل سعر الأدوية فيها إلى عشرين ضعفا عن ثمنها الرسمي، في ظل غياب الرقابة الحكومية.

وعلى الرغم من استمرار أزمة نقص الأدوية منذ عدة أشهر، واصلت وزارة الصحة تصريحاتها المتكررة عن قرب انتهائها، فيما توقع كثيرون عدم وفائها بتعهداتها كما حدث كثيرا في المرات السابقة. ورغم هذه المعاناة التي يعانى منها المريض المصري بسبب نقص الأدوية، إلا أن وزير الصحة لا يزال يؤكد في تصريحاته أن إجمالي الأصناف التي تشهد نقصًا لا تتعدى 25 صنفًا، وأنه يتم إرسال قائمة بهذه العقاقير كل أسبوعين إلى رئاسة الجمهورية لمتابعة سوق الدواء في مصر، وهو ما يتناقض تماما مع إحصائيات نقابة الصيادلة التي تؤكد أن عدد نواقص الأدوية بلغ قرابة 1200 صنف، وأرسلت قائمة بهذه الأصناف إلى مجلس الوزراء للعمل على توفيرها.(الموجز)

وقد جاءت تصريحات الدكتور محيي عبيد، النقيب العام للصيادلة في مصر معبرة عن المشهد الدوائي المصري لعام 2017، وكاشفة لحجم وأبعاد الأزمة حيث قال: “إن الجهة الوحيدة التي رفضت زيادة أسعار الدواء هى نقابة الصيادلة، بالإضافة إلى ذلك قامت النقابة برفع قضية على وزارة الصحة لإلغاء زيادة أسعار الأدوية حفاظًا على المريض المصري، موضحًا أنه لابد من تفعيل آليات جديدة لمنظومة الدواء. وأضاف عبيد: “إن وزارة الصحة تدير الدواء بآليات فاشلة، وقامت بالتعدي على كل مريض مصري من خلال زيادة الأسعار بطريقة جنونية، مشيرًا إلى أن أي عضو من نقابة الصيادلة لم يحضر أي اجتماعات لتحريك سعر الصرف، وطالب بتوحيد أسعار الدواء وفقًا للتسعيرة الجبرية التي تقدمت بها الإدارة المركزية” (البديل).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى