المحكمة الدستورية المصرية: نصف قرن من التحولات
تمهيد
خمسون عاماً مضت على نشأة المحكمة الدستورية العليا في مصر، المحكمة الأكثر جدلاً في المحيط القضائي والأكثر حضوراً في الأوساط السياسية، فقد نشأت في أجواء ملتهبة واستمرت في بيئة خادمة لسلطة الحكم أحياناً مهادنة أخرى، لها الكثير من المحطات المفصلية في عمر القضاء والسياسة، وتنقسم هذه الورقة لقسمين يتناول الأول نشأة وتطورات المحكمة الدستورية قبل الثورة، فيما يتناول القسم الثاني الدور السياسي للمحكمة عقب ثورة يناير.
القسم الأول: المحكمة الدستورية قبل ثورة يناير
في ظل أجواء الخصومة بينه وبين القضاء فيما عرف بمذبحة القضاة أنشأ عبد الناصر المحكمة العليا[1] في سلسلة من القرارات التشريعية التي أصدرها في ذات اليوم ونشرت في ذات عدد الجريدة الرسمية كحزمة واحدة، أبرزها إنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذي ألغى كافة مجالس الهيئات القضائية[2] يترأسه رئيس الجمهورية وينوب عنه وزير العدل يسحب كل اختصاصات تلك المجالس من إجراءات التعيين والترقية والنقل والندب، تبعه قانون بإعادة تشكيل الهيئات القضائية[3] الذي يعتبر كل من لم يشملهم قرارات إعادة التعيين محالين إلي المعاش! مع عدم تمكينهم من التظلم من القرار أو التقاضي بشأنه أمام محكمة النقض كما يقرر قانون السلطة القضائية، ثم صدور قرار بانفراد رئيس الجمهورية بإصدار كافة التعيينات القضائية[4] ثم قرار آخر بتعيين مجلس إدارة لنادي القضاة[5] أقال به مجلس إدارة النادي القائم الذي تم انتخابه من جموع القضاة قبلها بأشهر، ثم قرار أخر بتعديل قانون مجلس الدولة[6] الذي نال من استقلاله، لتكون بالفعل أكبر مذبحة عرفها التاريخ القضائي أطاحت بالنائب العام وكبار القضاة في حركة شملت مائة وسبعة وعشرون قاضياً وعضو نيابة عامة.
كانت أولى خطوات المذبحة إنشاء تلك المحكمة العليا التي صدر أول تشكيل لها بقرار منفرد لعبد الناصر أوردته المادة الثانية من القانون (يصدر أول تشكيل للمحكمة العليا بقرار من رئيس الجمهورية ويتضمن رئيس المحكمة ونوابه والمستشارين دون تقيد بإجراءات التعيين أو قواعد الأقدمية) وكانت اختصاصاتها بحسب النشأة استثنائية بامتياز وفيها تغول علي اختصاصات محكمة النقض كأعلى محكمة في البلاد، فالمحكمة العليا أصبحت بموجب قانون إنشائها المحكمة الأعلى في البلاد التي تفصل في دستورية القوانين وتفسر النصوص القانونية بناء على طلب وزير العدل وتفصل في التنازع.
تلك النشأة السياسية الاستثنائية للمحكمة العليا انتقلت بدورها للمحكمة الدستورية العليا التي أنشأها دستور 1971 لتحل محل المحكمة العليا في كافة اختصاصاتها، واستمرت في العمل وفق قانون المحكمة العليا حتي صدر قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979.
الدستورية محكمة استثنائية لا مبرر لوجودها
هكذا رأى القضاة في مؤتمر العدالة الأول الذي انعقد عام 1986 وحضره الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقد أورد في توصياته الخاصة بنظام القضاء التوصية التالية (إسناد الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح إلي إحدى هيئتي محكمة النقض وإعادة سائر اختصاصات المحكمة الدستورية العليا إلي القضاء وهو ما يستتبع إلغاء الفصل الخامس من الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 إذ لا مبرر لقيام هذه المحكمة في دولة موحدة)[7]
تؤكد هذه التوصية جملة من الأمور: أن ما تقوم به المحكمة الدستورية العليا من صميم اختصاص محكمة النقض وفي مكنتها القيام به منفردة دون الحاجة لمحكمة مستقلة، إضافة إلي اتفاق كلمة القضاة ووحدة رأيهم علي عدم الحاجة لتلك المحكمة والمطالبة بإلغائها دستوراً وقانوناً، كما اتفقوا علي غياب المبرر لقيامها حيث توجد دولة موحدة لها نظام قضائي موحد لا يستدعي جهة خارج نطاقه للفصل بين مفرداته.
المحكمة الدستورية أداة سياسية في يد الحاكم
شيوخ قضاة الاستقلال جميعا لم تختلف كلمتهم فيما يخص المحكمة الدستورية، فقد رأى المستشار أحمد مكي في مؤتمر الحوار الوطني الذي نظمته المؤسسة الثقافية المصرية الإيطالية في إبريل 2012[8] وجوب إلغاء المحكمة الدستورية العليا لأسباب تتصل بنشأتها عام 1968 في رحاب وزارة العدل بهدف تفتيت السلطة القضائية والسيطرة عليها.
الرأي ذاته قاله المستشار زكريا عبد العزيز في أحد تصريحاته التي قال فيها أن (الرئيس الأسبق عبد الناصر أنشأ الدستورية العليا عام 1969، لضرب القضاء، على خلفية سياسية، وبقي أمر رئيسها وأعضائها في يد رئيس الجمهورية)وهذا يؤكد فعلا أن أساسها سياسي) وأضاف (أن ظروف نشأة المحكمة الدستورية جعلها تحكم لمواءمات سياسية، تختلف من زمن إلى زمن، ومن هوى رئيس إلى آخر)[9]
وهذا ما عليه ثلة من شيوخ القضاة في مقدمتهم المستشار يحيي الرفاعي شيخ قضاة مصر رئيس محكمة النقض ومؤسس تيار استقلال القضاء.
بالرغم من حرص عبد الناصر على تأسيس محكمة عليا تكون تحت ولايته يناوش بها القضاة ومجامعهم إلا أنه لم يتمكن من تعيين قضاتها حتى وافاه الأجل، وأصدر السادات قراراً بتعيين أول رئيس ونواب ومستشارين للمحكمة في فبراير 1970[10] تلاه عدة قرارات خلال السنوات اللاحقة باستمرار ذات تشكيل المحكمة حتي يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا.
التطور التشريعي لنشأة المحكمة الدستورية العليا
دستور 1971 الذي أنشأ المحكمة الدستورية نص على كونها هيئة قضائية مستقلة بذاتها تتولي اختصاصات حصرية بالفصل والرقابة على دستورية القوانين وتفسير نصوصها، لكنه أوكَل بيان اختصاصاتها وطريقة ممارسة تلك الاختصاصات للقانون، وهو بذلك قانون مكمل للدستور واجب الإصدار إلا أنه رغم ذلك لم يصدر إلا عام 1978.
في اكتوبر 1979 أصدر السادات قراراً بتعيين التشكيل الأول للمحكمة الدستورية العليا برئاسة آخر رؤساء المحكمة العليا المستشار أحمد ممدوح عطية، كما صدر قرار بتعيين نواب الرئيس والمستشارين وأبرزهم المستشار فاروق سيف النصر الذي عين وزيرا للعدل فيما بعد[11] سبق ذلك صدور قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979[12] حيث أصدره السادات رغم موجة الاعتراضات التي صاحبت مناقشاته بمجلس الشعب من الجمعيات العمومية للقضاة ونادي القضاة ونادي قضاة مجلس الدولة ونقابة المحامين أيضاً.
اعتراضات على إنشاء المحكمة
لم تتوقف انتقادات قانون الدستورية عند اتهامات التسييس التي صاحبت نشأة المحكمة العليا وبالتبعية المحكمة الدستورية، بل يوجه المنتقدون من شيوخ القضاة والعاملين بالقانون بعض الانتقادات الموضوعية التي وردت بقانون المحكمة الدستورية.
أولا: اختصاص تفسير القوانين
أبرز هذه الانتقادات الموضوعية أن المحكمة أصبحت أداة تفسير خاصة بيد رئيس الجمهورية تنفرد بتفسير التشريعات وهي مهمة أصيلة للسلطة التشريعية مصدرة القانون ويصبح تفسيرها ملزماً لجميع المحاكم.
أبرز تلك التفسيرات
في بداية التسعينات عندما بالغ نظام مبارك في إحالة المدنيين للمحاكمة العسكرية، كانت محاكم القضاء الإداري ترى أن يد رئيس الجمهورية ليست مطلقة وقت إعلان الطوارئ في إحالة ما يراه من قضايا للمحاكم العسكرية بل مقيدة ومحدده تحديداً مجرداً بالجرائم التي نص القانون على إحالتها، بينما تتوجه المحاكم العسكرية إلي أن رئيس الجمهورية يحيل “أي جريمة” بمعنى أي فعل مؤثم ومعاقب عليه، وزير العدل قدم طلب تفسير للمحكمة الدستورية حول نطاق المادة 6 من القانون العسكري التي نصت علي (لرئيس الجمهورية متي أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلي القضاء العسكري أيا من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر)
فسرت المحكمة الدستورية المادة وفق رؤية المحكمة العسكرية في إطلاق يد رئيس الجمهورية في إحالة كافة الجرائم للمحاكم العسكرية رغم أن قانون الأحكام العسكرية وقانون الطوارئ ذاته قانوناً استثنائياً ينتهك الحقوق الشخصية اللصيقة التي قررها الدستور المخولة المحكمة بحمايته!
ثانيا: وقف تنفيذ الأحكام
قررت المادة 32 من قانون المحكمة اختصاص رئيس المحكمة الدستورية وفق سلطته المنفردة دون جلسة أو مرافعة أو حضور الأطراف (وقف تنفيذ أي حكم قضائي صدر في القضايا المنظورة بالدستورية حتي لو كانت أحكاماً نهائية أصدرتها محكمة النقض أو الإدارية العليا وهما أعلي درجات التقاضي في مصر).
وهو بالفعل الاختصاص الذي استخدمه المستشار عبد الوهاب عبد الرازق في وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ببطلان التوقيع علي اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية التي تم بمقتضاها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ما مكن النظام المصري من المضي قدماً في إجراءات تسليم الجزيرتين، تبع ذلك فيما بعد الحكم بعدم الاعتداد بحكم الادارية العليا المشار إليه.
أبرز أحكام المحكمة قبل ثورة يناير
رغم تاريخها الممتد منذ إنشائها، كانت أغلب أحكام المحكمة الدستورية نمطية عادية، ولم يكن لها أحكاماً موضوعية فارقة في الحياة السياسية العامة تدافع فيها عن الدستور باعتباره عقد اجتماعي يوفر غطاء عن الحريات العامة والحقوق الشخصية، بل علي العكس جاءت متأخرة عن المحاكم الأخرى وفي مقدمتها محاكم مجلس الدولة الذي مارس دوراً هاماً في كثير من قضايا الرأي العام، بل كانت الدستورية علي العكس كثيراً ما تتدخل لإنقاذ النظم الحاكمة من أحكام محاكم القضاء الإداري والإدارية العليا.
لكن هذا لا ينفي صدور أحكام هامة للمحكمة الدستورية قبل ثورة يناير نلقي الضوء علي أبرزها:
1ـ عدم دستورية حرمان معارضي اتفاقية السلام مع إسرائيل من العمل الحزبي
لما وقع السادات اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979 تم تعديل مجموعة من القوانين، كان من بينها القانون رقم 40 لسنة 1977[13] حيث عدلت الفقرة السابعة من المادة السابعة لتنص علي[14] (ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأي طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء بتاريخ 20 أبريل لسنة 1979)
في مايو 1988حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذه الفقرة في الدعوة التي رفعت أمامها بشأن تأسيس الحزب الناصري، حيث اعترضت لجنة شئون الأحزاب علي تأسيس الحزب مستندة علي مجموعة من الأسباب من بينها تلك المادة ما دعا (كمال أحمد) وكيل المؤسسين بالطعن بعدم دستورية هذه المادة فاستجابت المحكمة الدستورية للطعن وحكمت بعدم دستوريتها وهو أحد أحكامها الهامة رغم صدوره بعد ثلاث سنوات من ورود الطعن إليها[15].
2ـ عدم دستورية مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية
انتخابات مجلس الشعب التي أجريت في 1990 تمت وسط اتهامات كبيرة بالتزوير ورفعت بشأنها عدة قضايا بمجلس الدولة، في يناير 1991 أحيلت إحداها للدستورية حيث طالبت بعدم دستورية بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية، وحكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 24 من القانون 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فيما تضمنته من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية، ويعد هذا إلزاماً للدولة بوجوب الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات.
رغم صدر هذا الحكم الهام عقب عشر سنوات من رفع الدعوي في 8 يوليو 2000 إلا أنه يعد مرحلة فارقة في تاريخ الانتخابات المصرية ما مهد الطريق لإنتاج مجلسي 2000 و 2005.
3ـ عدم دستورية نص في قانون التظاهر
وردت للمحكمة الدستورية العديد من الطعون بعدم دستورية قانون التظاهر[16] إلا أن المحكمة رفضت الدعاوي جميعاً. لكنها حكمت في إحدى هذه القضايا بعدم دستورية المادة العاشرة التي تمنح وزير الداخلية أو مدير الأمن الحق في منع إقامة تظاهرة مخطر عنها ومرخص بإقامتها بعد استصدار ذلك الترخيص[17] وهو ما عده كثير من المراقبين ممارسة دور دستوري ضيق داخل أطار المتاح وليس المرجو من محكمة مخولة بحماية الدستور والحريات الممنوحة للمواطنين لا سيما وأن قانون التظاهر استثنائي بامتياز في مواده ونصوصه فضلاً عن صدوره من رئيس مؤقت استأثر بمهمة تشريعات الضرورة في غيبة مجلس للنواب فشرع قوانين معارضة للدستور وفي مقدمتها قانون التظاهر وبالرغم من ذلك امتنعت المحكمة عن الحكم بعدم دستوريته وأكدت هذا الرفض في عدة أحكام خلال أعوام 2016 وما بعدها.
القسم الثاني: الدور السياسي للمحكمة الدستورية العليا بعد 2011
في سبتمبر 2021، تحتفل المحكمة الدستورية العليا بعيدها الخمسين واليوبيل الذهبي لنشأتها، حيث أنشأها دستور 1971 خلفا للمحكمة العليا التي أنشأها عبد الناصر عام 1969[18] طوال تاريخها، كان للمحكمة الدستورية العليا دوراً سياسياً فارقاً في الحياة العامة، تعاظم هذا الدور خلال العشر سنوات الأخيرة التي تلت ثورة يناير، في هذه الفترة اتخذت المحكمة الدستورية مساراً مضاداً للثورة منحازاً لسلطة العسكر معيناً لها علي وأد التجربة الديمقراطية. نوجز في هذه الأسطر المشهد السياسي الذي كثفت فيه المحكمة من تواجدها، وبخاصة فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وكيف استخدمت سمعتها وتراكمها القضائي وخبرات أعضائها في أتون معركة سياسية بامتياز أخرجتها من حيادها القضائي المنتظر ونزاهتها المفترضة.
المشهد الأخير من عهد مبارك
أسدلت ثورة يناير الستار على آخر فصول حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجحت في إزاحته كرأس للنظام، وانتصرت مؤقتاً قبل أن يعاود الحكم العسكري استلاب السلطة والانقلاب علي أصوات الناس، أين كانت المحكمة الدستورية حينها، وكيف كانت علاقتها بالنظام؟
توترت العلاقة بين حسني مبارك وقضاة المحكمة الدستورية عقب تعيين المستشار فاروق سلطان رئيساً للمحكمة في يوليو 2009، حيث اعتبر القضاة هذا القرار عدواناً علي استقلال القضاء وتجاوزاً من رئيس الجمهورية في حقهم كون (سلطان) من خارج قضاة الدستورية[19]ما يمثل مخالفة لأعراف المحكمة التي كانت تعتمد حينها الأقدمية المطلقة في التعيين.
جاءت تصريحات المستشارة تهاني الجبالي عضو المحكمة معبرة إلي حد بعيد عن حالة الغضب حيث أشارت إلي (أن ما جرى في المحكمة الدستورية مؤخراً يدمي القلب ويعد تجاوزاً لكافة الأعراف والقوانين والتفافاً على الأسلوب المتبع داخل تلك المؤسسة الدستورية العريقة)[20]
قضاة الاستقلال كانوا في مقدمة المتضامنين مع مستشاري الدستورية في رفض تعيين المستشار فاروق سلطان [21]
تعززت حالة الاعتراض بإجراءات قضائية داعمة لموقف الدستورية، حيث قبلت محكمة القضاء الإداري دعوي قضائية تطعن في قرار تعيين المستشار سلطان رئيساً للمحكمة الدستورية حيث أحالت الدعوي للدستورية للفصل في دستورية المادة 5 من قانون المحكمة الدستورية العليا[22] إلا أنه تماشياً مع وضعية وطريقة التعيين التي استقرت عليها بعد الانقلاب حكمت الدستورية عام 2016 بعدم قبول الدعوي كون محكمة القضاء الإداري جهة قضائية لا ولاية لها في إقامة تلك الدعوي، صدر الحكم برئاسة المستشار عدلي منصور وعضوية المستشارين عبد الوهاب عبد الرازق وحنفي الجبالي.
وفي الأيام الأولي لثورة يناير، سادت كافة الأوساط الرسمية المصرية حالة من الترقب، صاحبت الحراك الشعبي المفاجئ والقرارات المرتبكة من الرئاسة والحكومة المصريتين لمحاصرته، ثم مهادنته، قبل أن يصدر قرار التنحي في فبراير 2011.
المحكمة الدستورية كغيرها من مؤسسات الدولة التقليدية، لم تفصح عن موقف مبكر من الثورة، بخلاف الظهور اللافت لمحاكم القضاء العادي التي تولت محاكمات رموز نظام مبارك، ومحاكم مجلس الدولة التي واكبت بأحكامها الحركة السياسية المتوهجة عقب الثورة، لم يكن للدستورية دور حقيقي إلا في مرحلة لاحقة بخصوص الاستحقاقات الانتخابية في الرئاسة والبرلمان.
تهاني الجبالي
لعبت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية دوراً محورياً وكانت بمثابة متحدث إعلامي للمحكمة، وعبرت بعشرات التصريحات التي أفصحت عن موقف قضاة المحكمة من العهد الجديد، في مواقف تتنافى مع دور القاضي والامتناع عن الإدلاء برأي فيما قد يعرض عليه من قضاء، فضلاً عن قضاة الدستورية كأعلى محكمة في البلاد قد تتصدي لمهمة الفصل بين السلطات.
في مؤتمر نظمه الحزب الناصري حول التعديلات الدستورية مارس 2011، عبرت الجبالي عن رأيها في ضرورة الإصلاح الدستوري أولاً، منتقدة نص المادة 189 من تلك التعديلات التي تنص علي اجتماع الاعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري خلال ستة أشهر من انتخابهم لينتخبوا جمعية تأسيسية تعمل علي وضع الدستور خلال ستة أشهر من انتخابها[23]، في موضع آخر حذرت من مشاركة أعضاء مجلس الشعب في اللجنة التأسيسية لوجود طعون أمام الدستورية بعدم دستورية بعض نصوص انتخابهم، وهو ما يمثل إشارة لتبييت نية حل مجلس الشعب فيما بعد[24].
لاحقاً، أدلت بتصريحها الشهير بأن الرئيس محمد مرسي فقد شرعيته كرئيس للجمهورية وأن المحكمة الدستورية لم تسع إلي صدام مع رئيس الجمهورية وإنما مرسي من سعي إلي ذلك[25]
لم تكن تلك التصريحات مجرد عمل إعلامي تفصح فيه الجبالي عن أفكار وآراء قضاة الدستورية وهمومهم، إنما كانت معبرة عن حركة دؤوبة لدعم المجلس العسكري في مواجهة قوي الثورة، ففي شهادة ديفيد باترك مدير مجلة نيويورك تايمز الأمريكية والصحفية مى الشيخ التي أدليا بها ضمن البلاغ الذي تقدم به النائب محمد العمدة للنائب العام ضد الجبالي[26]ما يمثل عملاً سياسياً بحتاَ يحمل جرائم قانونية تتنافي مع عمل القاضي، فقد أكد الشاهدان أن المستشارة تهاني قامت باستقبالهما في مكتبها الخاص بالمحكمة الدستورية العليا، وذكرت لهما أنها نصحت المجلس العسكري بعدم تسليم السلطة للمدنيين قبل كتابة الدستور الجديد للبلاد، وأنها تعمل مع المجلس بدأ من مايو 2011 وقد ساعدته في إنتاج وثيقة السلمي التي تمنح المجلس العسكري وضعاً استثنائياً يعطيه سلطة رادعة للتدخل في شئون السياسة
مجمل هذه التصريحات والمواقف ينم عن نية مبيتة للمحكمة الدستورية في وأد ثورة يناير ومعاونة المجلس العسكري في زعزعة المسار الديمقراطي الجديد ثم الانقلاب عليه فيما بعد.
وكانت الأحكام المتتالية التي أصدرتها المحكمة الدستورية بمثابة رصاصات قضائية أصابت المسار الديمقراطي في مقتل، وساعدت إلي حد بعيد في ترسيخ خطوات الانقلاب التي تُوِّجت ببيان الثالث من يوليو
قانون العزل وحل مجلس الشعب
في جلستها المنعقدة بتاريخ 14 يونيو 2012 أصدرت المحكمة الدستورية حكمين علي درجة كبيرة من الأهمية، الأول بعدم دستورية قانون العزل والثاني بحل مجلس الشعب، والحكمين سياسيين بامتياز ومتلازمين في التوقيت والهدف والسياق ويمثلان دليلاً واضحاً علي الشراكة بين المحكمة الدستورية والمجلس العسكري في تعطيل المسار الديمقراطي، فالمستشار فاروق سلطان رئيس لجنة الانتخابات التي أوقفت قانون العزل وأحالته للدستورية هو ذاته رئيس المحكمة الدستورية العليا! كما أنه هو نفسه الذي أصدر في ذات الجلسة حكماً بحل مجلس الشعب!
لم يتوقف عند هذه الشبهة الشكلية التي يسهل دحضها، فالحكمين بالإضافة لذلك متعارضين في النتيجة وفي السبب الرئيس الذي استند له كل منهما، فحكم بطلان قانون العزل قد استند بشكل أساسي علي قاعدة الفصل بين السلطات، وكيف أن البرلمان قد رتب عقوبة دون صدور حكم قضائي بالحرمان من مباشرة الحقوق السياسية، وهو ما يمثل تغولاً من السلطة التشريعية علي السلطة القضائية، في الوقت ذاته صدر حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب بالافتئات علي السلطة التنفيذية في اتخاذ قرار الحل وهو سلطة خالصة لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، حيث يتوقف دور المحكمة الدستورية عند الحكم بعدم دستورية النصوص القانونية تاركاً أمر تنفيذ الحكم لرئيس الجمهورية، وهو عين ما تم في سوابق حل مجلس الشعب التي قرر فيها حسني مبارك الاستفتاء علي حل البرلمان ومن ثم الدعوة لانتخابات جديدة.
وفي ظل مسار سياسي مرتبك، رغب المجلس العسكري في حل مجلس الشعب واسترداد السلطة التشريعية مرة أخري لحصار الرئيس الجديد ومشاركته السلطة وتضييق الخناق عليه قبل أن يتسلم مهامه، هذه الرغبة قابلتها عقبة قانونية تتمثل في عدم أحقية المجلس العسكري الذي يمثل سلطة الرئاسة في البلاد وقتها في إصدار قرار حل المجلس، حيث خلت الإعلانات الدستورية التي أصدرها من هذا الاختصاص، هنا تكفلت المحكمة الدستورية بإهداء المجلس العسكري هديتين ضمن حكمها بعدم دستورية قوانين انتخاب مجلس الشعب، تمثلت الاولي في النص علي كون المجلس منحلاً بقوة القانون لمعالجة خلو الإعلانات الدستورية من نصوص تتيح للمجلس العسكري إصدار قرار حل البرلمان، بينما الهدية الثانية تتمثل في قطع الطريق علي الرئيس الجديد في إمكانية الدعوة لاستفتاء شعبي علي حل البرلمان فنصت في حكمها علي (بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتباراً من يوم انتخابه دون حاجة إلي اتخاذ أي إجراء آخر)
لاحقاً، عندما أصدر الرئيس الراحل محمد مرسي قراراً بإعادة البرلمان للعمل، نهضت المحكمة الدستورية بذات الدور المساند للمجلس العسكري حيث أصدرت بياناً سياسياً هذه المرة قالت فيه (أحكام المحكمة وكافة قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن بحكم القانون، وإن هذه الأحكام في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لكل جهات الدولة) وأضاف البيان (إن المحكمة ستنظر في الطعون المقدمة لها بصفة مستعجلة وتطالب بوقف تنفيذ قرار الرئيس) تزامن ذلك مع انعقاد للمجلس العسكري (بغير دعوة من رئيس الجمهورية) دافع فيه عن قرار حل مجلس الشعب وكونه استجابة لحكم الدستورية وبرر صدور الإعلان الدستوري المكمل الذي سحب به مهمة التشريع لنفسه، بالضرورة والظروف السياسية والقانونية والدستورية التي كانت تمر بها البلاد.
هكذا كان التناغم حاضراً بين المحكمة والمجلس في تجاوب سريع لم تعهده المحكمة الدستورية في نظر الدعوي وإصدار الأحكام.
تلي ذلك صدور حكمها بوقف قرار رئيس الجمهورية بإعادة البرلمان وهي السابقة الأولي التي تقوم المحكمة بتتبع أحكامها ومتابعة تنفيذها بنفسها، وإلغاء قرارات رئاسة الجمهورية السيادية بغير طلب القضاء بالفصل فيها كقرار إداري وهو التصرف النقيض لما انتهجته المحكمة الدستورية عند التصدي لقضية جزيرتي تيران وصنافير التي سيأتي الحديث عنها لاحقاً.
الجمعية التأسيسية ولجنة الخمسين
قبل الانقلاب العسكري بأيام أصدرت المحكمة الدستورية حكما ببطلان قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع دستور2012، الحكم استند في عدم دستورية القانون لدستور 2012 ذاته وهو الدستور التي أتت به الجمعية التأسيسية المنتخبة وفق هذا القانون المطعون بعدم دستوريته!
وأساس الطعن بعدم الدستورية كان مشاركة أعضاء مجلسي الشعب والشوري في عضوية التأسيسية كون ذلك ليس حقاً من حقوقهم، وهو ذات ما أكدته المستشارة تهاني الجبالي في تصريحها الذي نوهنا عنه.
المستشار عدلي منصور عضو هيئة المحكمة الدستورية التي أصدرت حكم عدم دستورية قانون معايير الجمعية التأسيسية وهو ذاته الرئيس المؤقت الذي أصدر قراراً منفرداً بتشكيل لجنة الخمسين بالتعيين المباشر مستنداً لإعلان دستوري بعد انقلاب عسكري، ومن الملفت للنظر أن المستشارين محمد عبد العزيز الشناوي ومحمد خيري طه النجار عضوا الهيئة التي اصدرت حكم عدم الدستورية قد شاركا بعدها بأيام في عضوية لجنة العشرة التي شكلها عدلي منصور لكتابة مقترح تعديل دستور 2012 وهو ما يعتبر تناقضاً بين ما حكموا به علي منصة القضاء، وبين ما شاركوا في دعمه من خطوات انقلابية افتقدت للشرعية والمشروعية وخلت بحق من أي توافق سياسي وطني رأت المحكمة غيابه عندما قررت الانسحاب من الجمعية التأسيسية 2012 حيث أصدرت حينها بياناً سياسياً أعلنت فيه بالانسحاب من عضوية الجمعية نظراً (حسب نص البيان) لما طرأ من متغيرات علي التوافق الوطني حول معايير تأسيسها، وكان توقيت ذلك البيان قبل يومين فقط من إصدار حكمها بحل مجلس الشعب.
الدستورية وتحصين الانقلاب
الخدمة الأعظم التي قدمتها المحكمة للانقلاب تمثلت في قبول المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية الذي لم يمر علي استلامه منصبه أكثر من ثماني وأربعين ساعة[27] والذي كان قبوله يستوجب نقاشا مطولاً منه حول الإجراءات أو تردداً لضيق الوقت، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث واستجاب رئيس المحكمة لكافة خطوات خارطة الطريق التي قررها قائد الانقلاب بما يفصح عن ملامح شراكة واعدة باتت خطواتها تتضح شيئاً فشيئا.
تحصين انتخابات الرئاسة والبرلمان
علي عكس موقفها المتشدد من نتائج الاستحقاقات الانتخابية التي جرت عقب الثورة، ووقوفها في طريق الانتقال السلس لمؤسساتها المنتخبة، أبدت المحكمة الدستورية مرونة لا متناهية مع خارطة طريق الثالث من يوليو، حيث أصدر المستشار عدلي منصور قراراً بقانون[28]عدَّل فيه نظام المواعيد وإجراءات التقاضي وصدور الأحكام بالمحكمة الدستورية، عند نظر قانوني تنظيم الانتخابات الرئاسية أو النيابية، بتقصير مواعيد الإجراءات استثناءً علي الأوضاع الطبيعية لتصبح مدة كل مرحلة من مراحل الدعوة (فقط) ثلاثة أيام علي أن تصدر الأحكام (فقط) خلال خمسة أيام من تاريخ أول جلسة وهو ما قبلته المحكمة دون أدني اعتراض، وقد ألغاه السيسي بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في ظله[29] وهو ما يمثل اتفاقاً واضح المعالم لتحصين اجراءات السلطة الانقلابية تلك، سيما وقد ورد بديباجة التعديل والإلغاء ما يفيد أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة الدستورية.
في المقابل كان للمحكمة الدستورية وضعاً مثالياً في دستور 2014 فيما عدَّه المراقبون مكافأة لدورها في الانقلاب العسكري، حيث اعتمد آلية الأقدمية البحتة في اختيار رئيس ونواب وأعضاء المحكمة بحيث أصبحت الجمعية العامة للمحكمة هي المعنية باختيار تلك المناصب فيما يقتصر دور رئيس الجمهورية علي إصدار قرار التعيين، إلا أن ذلك قد تغير في تعديلات 2019 الدستورية[30]
كوادر دستورية وأحكام سياسية
لم تبخل المحكمة الدستورية في إمداد الانقلاب بالكوادر والمواقف، حيث لم يتوقف الأمر عند المستشار عدلي منصور، فالمستشار عبد الوهاب عبد الرازق[31] والمستشار حنفي الجبالي رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب الحاليين[32] هما آخر رئيسين للمحكمة الدستورية، في دلالة واضحة علي دوام الشراكة التي بدأها عدلي منصور.
كثير من المراقبين يرون في تلك الاختيارات مكافأة واضحة لما قدمه كل منهما في القضايا الفارقة التي مهدت للانقلاب، حيث ترأس المستشار عبد الرازق هيئة المحكمة التي حكمت بعدم دستورية مواد العزل السياسي والتي مكنت الفريق أحمد شفيق من العودة للسباق الرئاسي[33] وهو أيضاً عضو هيئة المحكمة التي حكمت بعدم دستورية الجمعية التأسيسية في حين شارك المستشار حنفي الجبالي في عضوية هيئة المحكمة التي حكمت بحل مجلس شعب في 2012
تيران وصنافير
عبد الوهاب والجبالي قدما المثال الأوضح للدلالة علي الشراكة بين المحكمة والسلطة الانقلابية، في أحكامهما الخاصة بقضية تيران وصنافير والتي أهدرت حكم بطلان الاتفاقية الصادر من محكمة القضاء الإداري المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا قمة هرم قضاء مجلس الدولة، ومن ثم سمحت بإتمام تنازل عبد الفتاح السيسي عن الجزيرتين للسعودية في مسلك ومسار ملتبس حتي اللحظة.
بادر رئيس المحكمة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بالخطوة الأولي حيث أصدر حكما وقتياً بوقف تنفيذ كافة أحكام القضاء الإداري والقضاء المستعجل الخاصة باتفاقية تيران وصنافير وهذا الإجراء(الوقتي) الصادر في 20 يونيو 2017 فتح الطريق لتنفيذ الاتفاقية بعد تعليق القضايا المنظورة بالدستورية وسمح بنشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية والبدء في إجراءات تسليمها.
والخطوة الثانية اتخذها المستشار حنفي الجبالي بإهدار أحكام القضاء الإداري التي حكمت ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، حيث أصدر في 3 مارس 2018 حكماً بعدم الاعتداد بأحكام محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا ومحكمة الأمور المستعجلة في دعوي تنازع الأحكام، وبذلك أسدل الستار علي بطلان الاتفاقية ومنح الخطوات التي اتخذها الانقلاب شرعية معيبة أدت لاقتطاع الجزيرتين من مصر وتسلينهما للسعودية في اتفاق مريب ليست إسرائيل بمعزل عنه[34]
تعديلات قانونية متتالية حسب الحاجة
لم تكن تعديلات قانون المحكمة الدستورية ذات بال طوال فترة حكم السادات ومبارك سوي ما ورد في تعديل وحيد خاص بعدم سريان الأثر الرجعي لعدم دستورية نص القانون علي الدعاوي الضريبية التي ينتج الحكم فيها بالبطلان أثراً فورياً[35]
علي العكس من ذلك في العشر سنوات الأخيرة عقب ثورة يناير2011 قد توالت عليها عدة تعديلات أخرجتها قصداً من رقاد طويل لتمارس دوراً سياسياً أوسع من دور المحكمة العليا هذه المرة، تشمل هذه التعديلات شقين أحدهما شكلي خاص بطريقة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة، وبعضها الآخر موضوعي.
المادة 5 كيفية التعيين
تقرر المادة 5 من قانون المحكمة طريقة تعيين رئيس ونواب المحكمة الدستورية، والتي كانت منذ نشأتها حتي ثورة يناير حقا مطلقاً لرئيس الجمهورية فهو الذي يعينهم دون معقب، في يونيو 2011 أصدر المجلس العسكري مرسوماً بقانون قيد فيه سلطة رئيس الجمهورية في التعيين لتكون من بين أقدم ثلاثة نواب معد موافقة الجمعية العامة[36] لم يغير دستور 2012 من طريقة التعيين تلك لكنه حدد عدد أعضاء المحكمة من رئيس وعشرة أعضاء.
تعديلات الدستور في 2014 اعتمدت طريقة مثالية مرضية إلي حد كبير لقضاة الدستورية، فجاءت تعيينات المحكمة بالأقدمية البحتة فالجمعية العامة للمحكمة هي المعنية باختيار الرئيس من بين أقدم ثلاثة نواب وكذا النواب وأعضاء هيئة المفوضين ويقتصر دور رئيس الجمهورية علي إصدار قرار التعيين.
تعديلات الدستور في 2019 أعادت الأمور لسابق عهدها قبل الثورة حيث ينفرد رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المحكمة من بين أقدم خمسة نواب ويختار النواب من بين اثنين يرشح أحدهما رئيس المحكمة والآخر ترشحه الجمعية العامة ليختار رئيس الجمهورية حسب الاتجاهات داخل المحكمة وتكوين التوازنات والمواءمات بشكل قانوني.
التعديلات الموضوعية
تمت عدة تعديلات موضوعية لاختصاصات المحكمة الدستورية في محاولة لتهذيب دورها السياسي تارة والإضافة إليه وتعزيزه تارة أخري.
الرقابة السابقة
دستور 2012 أضاف للمحكمة الدستورية اختصاصاً بالرقابة السابقة علي مشروعات قوانين مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية بأن تعرض علي الدستورية قبل إصدارها تبدي فيها رأيها بحيث لا تكون محلاً للطعن بعد صدورها لسابقة إبداء الرأي فيها، وكان هذا مخرجاً دستورياً لحالة السيولة التي أدت لحل مجلس الشعب وتعنت الدستورية علي نحو ما بينا في هذه الدراسة، وقد فصلت الدستورية بالفعل فيما أحاله لها مجلس الشوري بموجب هذه الرقابة السابقة بخصوص قوانين مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب[37]
ألغيت تلك الرقابة السابقة بموجب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور، ثم ألغيت تماماً في تعديلات الدستور في 2014 و 2019 ليحل محلها تعديلات بقانون المحكمة الدستورية توفر حصانة لانتخابات الرئاسة سرعان ما ألغيت وسحبت بعدها.
وفي أغسطس 2021 أقر مجلس النواب اختصاصاً جديداً للمحكمة الدستورية تتولي بموجبه الرقابة علي دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية وأحكام المحاكم الأجنبية المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة[38]
بموجب هذا التعديل تحكم الدستورية بعدم الاعتداد القرار أو الحكم الصادر من منظمة دولية تجاه مصر وعدم إلزام مصر بالالتزامات المترتبة عليه، وهو مسلك غريب علي القضاء الدستوري، ويقدم دليلاً واضحاً لرغبة وتوجه السلطة الحاكمة نحو تحصين منتسبيها من أحكام متوقعة عن جرائم ارتكبوها، أو قرارات بشأن ممارساتها، وهو مسلك قد يرتب علي مصر عقوبات دولية جراء عدم التزامها بمعاهدات دولية أو اتفاقات ملزمة.
الوجهة السياسية واضحة لهذا التعديل والتي جعلت الدستورية أداة تستخدمها الدولة للمماحكة والإفلات من التزامات ذات بعد دولي مثلما استخدمت المحكمة الأمور المستعجلة أو قاضي الأمور الوقتية في الشأن الداخلي لتعطيل أو الهروب من حكم نافذ في مواجهتها، وهي آليات إن استخدمتها الدولة قهراً في مواجهة مواطنيها فلن تستطيع استخدامها بذات القدر في الشأن الدولي، يضاف لذلك تخوفات استغلال التعديل لخدمة توجهات النظام المصري المعيبة في مستوي العلاقات الدولية فيما يخص قضية ريجيني أو المطالبات الدولية بخصوص قضايا الإعدام والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، أو دعم مسلك السلطة المصرية في إضعاف تنفيذ القانون الدولي على الساحة العالمية[39]
استحالة واقعية ومخالفات دستورية
1ـ تعتمد الدستورية طوال تاريخها فكرة تحصين أعمال السيادة من الرقابة القضائية حيث أهدرت بموجب تلك القاعدة العديد من أحكام القضاء الإداري التي حكمت بإلغاء بعض قرارت رئيس الجمهورية وبعض جهات الدولة، بمدعاة أن القضاء ليست له ولاية علي قرارات السيادة، وفي القلب من فكرة السيادة تأتي الأعمال التي تبرمها الدولة باعتبارها عضو في المجتمع الدولي كالاتفاقيات والعلاقات الخارجية، فكيف تغل الدستورية يد القضاء عن التصدي الداخلي في حدود الوطن لمثل هذه الأعمال في الوقت الذي تسمح لنفسها بالتصدي لذات الأعمال، بل إنها أخضعت لسلطتها بموجب هذا التعديل الأعمال السيادية لتلك المنظمات والمحاكم الدولية والدول الأخرى لسلطتها!
2ـ كما أضاف التعديل طريقاً غريباً للتقاضي أمامها، فالمحكمة الدستورية لا تتصدي للفصل في دستورية القوانين من تلقاء نفسها بل تبعاً لدعوي منظورة أمام القضاء طلب أحد أطرافها إحالتها للدستورية لبيان دستورية نص مؤثر في دعواه، أو أنها تفصل في تنازع جهتي قضاء بخصوص الولاية علي ذات القضية، أو تنظر حكمين متعارضين صدرا من جهتين في ذات القضية لتحدد أي الحكمين واجب النفاذ، فقد أضاف التعديل طريقاً غير قضائي للتداعي أمامها عن طريق طلب يقدمه رئيس الوزراء إليها يطلب فيه عدم الاعتداد بالحكم أو القرار، وهذا مسلك غريب يعطي رئيس الحكومة حق تقرير مصير الشعب بشكل انفرادي دون رقابة من مجلس النواب أو إجراء استفتاء شعبي، كما انه أطلق يد رئيس الوزراء في عرض ما يشاء والتغاضي عن ما يشاء دون وضع أي ضابط موضوعي يحدد نوعية القرارات والأحكام التي يجب عليه عرضها وتلك التي يحق له العدول عن عرضها علي المحكمة الدستورية، من زاوية أخري فقد أعطي التعديل هذا الاختصاص لرئيس الوزراء صاحب المنصب الحكومي، في الوقت الذي منعه عن النائب العام أو أي من المحاكم أو أصحاب الشأن من الشعب المصري وهو ما يجعل هذا التعديل غير دستوري حيث يقصر اللجوء للقضاء علي جهة دون غيرها وقد كفل الدستور حق التقاضي للكافة.
ختاماً:
كان دور المحكمة الدستورية بعد 2011 منحازاً بشكل كبير للسلطة العسكرية علي حساب الوطن والثورة والشعب، ولعب رجالها دوراً حاسماً في تخريب المسار الديمقراطي الذي انتجته الثورة في مقابل تحصين المسار الغير شرعي الذي أنتجه الانقلاب، ولعل جدول التواريخ المرفق يوضح مدي اجتهاد المحكمة في تتبع الخطوات السياسية المتخذة وهدمها واحدة بعد الأخرى في مسار متسارع لم تدخر الدستورية فيه جهداً بما يخالف طبيعة قضائها الذي يتسم بالبطء والتريث، يتناول الجدول الفترة الملتهبة التي تلت انتخاب مجلسي الشعب والشوري وصاحبت انتخابات الرئاسة وعمل الجمعية التأسيسية لإنتاج دستور 2012
التاريخ |
الإجراء |
البيان |
23 أبريل 2012 |
صدور قانون العزل السياسي رقم 17 لسنة 2012 |
يهدف القانون لحرمان فلول نظام مبارك من الترشح لانتخابات الرئاسة |
25 أبريل 2012 |
قبول لجنة الانتخابات تظلم الفريق شفيق من قانون العزل وإحالة التظلم للدستورية |
لجنة الانتخابات يرأسها المستشار فاروق سلطان وهو في ذات رئيس المحكمة الدستورية الوقت |
26 أبريل 2012 |
إعلان قائمة المرشحين النهائية |
عاد شفيق للانتخابات |
23 مايو2012 |
جولة الانتخابات الأولي |
أسفرت عن الإعادة بين مرسي وشفيق |
12 يونيو 2012 |
الجمعية العامة للدستورية تنسحب من الجمعية التأسيسية |
أعلنت ذلك في بيان سياسي عللت الانسحاب فيه بمتغيرات طرأت علي التوافق الوطني حول معايير التأسيسية |
14 يونيو 2012 |
حكم بعدم دستورية قانون العزل |
ما يمكن شفيق من خوض جولة الإعادة |
14 يونيو 2012 |
حكم الدستورية بحل مجلس الشعب لعدم دستورية القوانين التي تمت في ظلها انتخاباته |
حلت محل رئيس الجمهورية في حل المجلس وليس التوقف عند اصدار حكم عدم الدستورية كما فعلت في برلمان 1984 و 1987 و 1990 |
15 يونيو2012 |
المجلس العسكري يصدر قرار حل مجلس الشعب |
دون الدعوة لاستفتاء شعبي |
16 يونيو 2012 |
الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية |
|
17 يونيو 2012 |
اصدار المجلس العسكري الإعلان الدستوري المكمل |
يتضمن إلزام رئيس الجمهورية بقسم اليمين أمام المحكمة الدستورية |
24 يونيو2012 |
إعلان فوز الرئيس مرسي بانتخابات الرئاسة |
|
30 يونيو2012 |
الرئيس مرسي يقسم اليمين أمام الدستورية |
|
8 يوليو2012 |
قرار الرئيس مرسي بإعادة مجلس الشعب |
بسحب قرار المجلس العسكري الذي اعتبر المجلس منحلا بقوة القانون |
9 يوليو 2012 |
المحكمة الدستورية تصدر بياناً تعلن فيه انها ستنظر دعاوي منازعة التنفيذ طعنا في قرار عودة البرلمان |
تتبع لاحكامها ليس من دورها |
10 يوليو 2012 |
انعقاد أول جلسة لمجلس الشعب |
تقرر انعقادها في العاشرة صباحا بدلا من الثانية عشرة لمواكبة نظر الدستورية للطعون علي عودته |
10 يوليو 2012 |
الدستورية تقضي بعدم دستورية قرار الرئيس مرسي عودة مجلس الشعب |
|
21 نوفمبر 2012 |
صدور اعلان دستوري لتحصين مجلس الشوري والجمعية التأسيسية من الحل |
تضمن انشاء نيابة الثورة وإعادة المحاكمات |
2 ديسمبر 2012 |
المحكمة الدستورية تنظر دعويين حل مجلس الشوري والجمعية التأسيسية |
رغم صدور إعلان دستوري يمنع ذلك |
2 ديسمبر 2012 |
حصار الدستورية من أنصار الرئيس مرسي وتعليق الدستورية لأعمالها |
اصدرت بيان بذلك |
2 يونيو 2013 |
حكم بعدم دستورية قانون معايير تشكيل التأسيسية |
استنادا لدستور 2012 الذي اقرته ذات الجمعية وتم الاستفتاء عليه |
6 يونيو 2013 |
قرار مرسي تعيين عدلي منصور رئيسا للدستورية |
اعتبارا من 1 يوليو 2013 |
1 يوليو 2013 |
استلام عدلي منصور رئاسة المحكمة الدستورية |
|
3 يوليو2013 |
بيان الانقلاب العسكري |
قرر قيام رئيس المحكمة الدستورية بإدارة شئون البلاد لحين انتخاب رئيس جديد |
5 يوليو 2013 |
حل مجلس الشوري بإعلان دستوري صادر عن رئيس الجمهورية المؤقت |
|
21 يوليو2013 |
المحكمة الدستورية تشارك بعضوين في لجنة العشرة التي وضعت اقتراح لتعديل دستور 2012 |
|
الهامش
[1] نشأت بالقانون رقم 81 لسنة 1969 المنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم 35 مكرر في 31 أغسطس 1969
[2] قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية عدد الجريدة الرسمية بالمصدر السابق
[3] قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 83 لسنة 1969 بإعادة تشكيل للهيئات القضائية عدد الجريدة الرسمية بالمصدر السابق
[4] قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 85 لسنة 1969 بشأن تعيين وترقية أعضاء للهيئات القضائية عدد الجريدة الرسمية بالمصدر السابق
[5] قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 84 لسنة 1969 بشأن نادي القضاة عدد الجريدة الرسمية بالمصدر السابق
[6] قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 86 لسنة 1969 بشأن تنظيم مجلس الدولة عدد الجريدة الرسمية بالمصدر السابق
[7] كتاب استقلال القضاء في ومحنة الانتخابات للمستشار يحيي الرفاعي – المكتب المصري الحديث – الطبعة الأولي ص 272
[8] مكي : المحكمة الدستورية العليا أنشأت لتفتيت السلطة القضائية – المصري اليوم https://cutt.us/8eLOO
[9] زكريا عبد العزيز: حكم الدستورية (هوي شخصي) – الدستور https://cutt.us/cKcsE
[10] قرار رئيس الجمهورية رقم 222 لسنة 1970 بتعيين رئيس وأعضاء المحكمة العليا المنشور بالجريدة الرسمية العدد 7 في 12 فبراير 1970
[11] بالقرارين رقمي 420 و 421 لسنة 1979 المنشورين بالجريدة الرسمية العدد 42 في 18 اكتوبر 1979
[12] قانون 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا الجريدة الرسمية العدد 36 في 6 سبتمبر 1979
[13] قانون 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية الجريدة الرسمية العدد 27 في 7 يوليو 1977
[14] قانون 36 لسنة 1979 بتعديل قانون الاحزاب الجريدة الرسمية العدد 21 مكرر(أ) في 30 مايو 1979
[15] حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوي 44 لسنة 7 قضائية الجريدة الرسمية العدد 21 في 26 مايو 1988
[16] قانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات والمواكب والتظاهرات السلمية – الجريدة الرسمية العدد 47 في 24 نوفمبر 2013
[17] الدعوي رقم 160 لسنة 36 قضائية دستورية الجريدة الرسمية العدد 50 تابع في 15 ديسمبر 2016
[18] نشأت بالقانون 81 لسنة 1969 منشور بالجريدة الرسمية العدد 35 مكرر في 31 أغسطس 1969
[19] تولى المستشار فاروق سلطان رئاسة محكمة جنوب القاهرة عام ٢٠٠٦ ثم تم يعينه مساعداً أول للوزير للمحاكم المتخصصة قبل انتقاله إلى المحكمة الدستورية العليا
[20] فاروق سلطان القاضي الذي عينه مبارك رئيسا للدستورية فقاطعه مستشاروها- المصري اليوم- https://cutt.us/jLScb
[21] المصدر السابق
[22] تأجيل الطعن على تعيين “سلطان” رئيساً للدستورية العليا – اليوم السابع https://cutt.us/5b1O0
[23] تهاني الجبالي ¨لابد من إصلاح دستوري قبل الانتخابات الرئاسية – المصري اليوم https://cutt.us/cnfCY
[24] تهاني الجبالي: أحذر من خطورة مشاركة أعضاء مجلس الشعب في اللجنة التأسيسية- المصري اليوم- https://cutt.us/rDG2H
[25] تهاني الجبالي: مرسي فقد الشرعية كرئيس للجمهورية- بوابة الوطن https://cutt.us/9iB8I
[26] ننشر شهادة مدير نيويورك تايمز بالقاهرة ضد الجبالي – اليوم السابع https://cutt.us/LKcBt
[27] أصدر الرئيس محمد مرسي القرار رقم 346 لسنة 2013 بتعيين عدلي منصور رئيسا للدستورية اعتبارا من 1 يوليو 2013 منشور بالجريدة الرسمية العدد 23 تابع في 6 يونيو 2013
[28] بالإضافة لإلغاء الرقابة السابقة التي قررها دستور 2012 علي ذات القانونين، صدر القانون رقم 26 لسنة 2014 بتعديل بعض احكام قانون المحكمة الدستورية العليا الجريدة الرسمية بالعدد 13 مكرر(د) أول إبريل 2014
[29] قرار بالقانون 91 لسنة 2015 الجريدة الرسمية، العدد 30 تابع(أ) 25 يولية 2015
[30] تغير ذلك في دستور 2019 الذي عكس وضعية التعيين تماماً، حيث ينفرد رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المحكمة من بين أقدم خمسة نواب دون أي دور للجمعية العامة للمحكمة، كما يعين رئيس الجمهورية نواب رئيس المحكمة من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة ويرشح الآخر رئيس المحكمة، كما يعين رئيس هيئة المفوضين بقرار رئيس الجمهورية بناء علي ترشيح رئيس المحكمة بعد أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة
[31] عين نائباً لرئيس المحكمة الدستورية عام 2001 ثم رئيساً للمحكمة الدستورية في 2016 بالقرار رقم 252 لسنة 2016 منشور بالجريدة الرسمية العدد رقم 21 مكرر أ في 1 يونيو 2016
[32] عين نائباً لرئيس المحكمة الدستورية في 2001 ثم رئيساً للمحكمة الدستورية في 2018 بالقرار رقم 339 لسنة 2018 منشور بالجريدة الرسمية العدد رقم 29 مكرر ج في 21 يوليو 2018
[33] صدر الحكم بعدم دستورية المادة الأولي من الفانون 17 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام القانون 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية منشور في الجريدة الرسمية العدد 16 مكرر أ في 23 ابريل 2012
[34] حكم الدستورية منشور بالجريدة الرسمية العدد 9 مكرر ج في 7 مارس 2018
[35] القانون 168 لسنة 1998 بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا الجريدة الرسمية العدد 28 مكرر في 11 يوليه 1998
[36] مرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2011 بتعديل احكام قانون المحكمة الدستورية العليا الجريدة الرسمية العدد 24 مكرر في 19 يونيه 2011
[37] الحكمين في الطلبين رقمي 2 و 3 لسنة 35 قضائية الجريدة الرسمية العدد 21 مكرر(أ) في 26 مايو 2013
[38] قانون 137 لسنة 2021 تعديل احكام المحكمة الدستورية العليا الجريدة الرسمية العدد 32 مكرر(أ) في 15 أغسطس 2021
[39] تعديلات المحكمة الدستورية: مصر تسعى لفرض شروطها على المنظومة الدولية – كارنيجي – https://cutt.us/a0bOz