المشهد العسكريعسكري

المرصد العسكري أغسطس 2025

افتتاحية العدد

تقرير شهري يكتبه الباحث المتخصص في الدراسات العسكرية والأمنية محمود جمال.

شهد شهر أغسطس لعام 2025 عدداً من التفاعلات المهمة على المستويين المصري والإقليمي، على المستوى الداخلي المصري عقد السيسي ووزير الدفاع الفريق أول عبد المجيد صقر وقيادات الجيش لقاءات مكثفة بطلبة الكلية العسكرية وضباط الجيوش والمناطق العسكرية المختلفة، فيقف العدد على تلك اللقاءات وأسبابها.  ويقدم التقرير رؤية تحليلية لتدريبات النجم الساطع في نسختها عام 2025

على المستوى الإقليمي، فلا تزال هناك تداعيات محتملة على الاتجاه الاستراتيجي الشرقي لمصر في ظل استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي لعملياته العسكرية في قطاع غزة، بدعم أمريكي مباشر. كما برزت خلال الشهر تطورات ملحوظة على صعيد العلاقات الخارجية للمؤسسة العسكرية المصرية، وملف التسليح، والتدريبات المشتركة، وتصاعد مظاهر عسكرة الحياة المدنية.

يغطي هذا العدد الجديد من “المرصد العسكري” هذه الملفات وغيرها الكثير، من خلال قراءة وصفية وتحليلية دقيقة وشاملة لأبرز المستجدات العسكرية والأمنية في مصر والمنطقة، على النحو التالي:

أولاً: التفاعلات الداخلية للجيش المصري

1-تدريبات النجم الساطع 2025 وقراءة في الدلالات والتفسيرات:

أعلن الجيش الأمريكي، مشاركته في مناورات “النجم الساطع” 2025، مع الجيش المصري في قاعدة محمد نجيب العسكرية غربي مصر. وقالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، في تدوينة، عبر 

حسابها في منصة إكس: “ستشارك القوات العسكرية الأمريكية مع القوات المسلحة المصرية، إلى جانب دول أخرى مشاركة، في مناورات النجم الساطع 2025 في قاعدة محمد نجيب العسكرية في مصر، خلال الفترة من 28 أغسطس إلى 10 سبتمبر 2025″.

وأضافت “سنتكوم” في منشورها: “تمثل مناورات النجم الساطع 2025 امتداداً للعلاقة الأمنية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وهي شراكة تاريخية تلعب دوراً رائداً في مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن الإقليمي، والجهود الرامية إلى مواجهة انتشار التطرف العنيف”.

وجاء ذلك بعد إعلان الجيش المصري، عن انطلاق مناورات النجم الساطع، من أكبر التدريبات المشتركة في الشرق الأوسط، لعام 2025، في نسختها الـ19.

وقال بيان مصور نشره المتحدث العسكري باسم الجيش المصري العميد غريب عبد الحافظ، إن “التدريب المصري الأمريكي المشترك، في نسخته الـ19 سيتم على أرض مصر، من أكبر التدريبات العسكرية في الشرق الأوسط، وسينعقد خلال الفترة من 28 أغسطس وحتى 10 سبتمبر 2025”.

وأضاف بيان المتحدث العسكري على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة المصرية على منصة إكس: “يشارك في تدريب النجم الساطع، 43 دولة، منها 13 دولة بصفة مشارك بأكثر من 7900 مقاتل، و30 دولة بصفة مراقب”.

قراءة تحليلية لتدريبات النجم الساطع:

التدريب المصري – الأمريكي “النجم الساطع”، الذي عقدت فعالياته في مصر  في نسخته لعام 2025، يُعد من أقوى وأكبر المناورات المشتركة التي تنفذها القوات المسلحة المصرية. هذا التدريب باستمرار لا يقتصر على البُعد العسكري فحسب، بل يحمل أيضاً رسائل سياسية واضحة.

فعلى المستوى العملي، يعزز التدريب جاهزية القوات المصرية، ويرسخ تبادل الخبرات مع الجيش الأمريكي وعدد من الجيوش المشاركة، بما يعكس قدرة مصر على استضافة تدريبات واسعة النطاق. أما على المستوى السياسي، فإن استمرار انعقاد “النجم الساطع” بانتظام يعكس متانة العلاقة العسكرية بين القاهرة وواشنطن، خاصة وأن أي توتر سياسي بين الجانبين غالباً ما يؤدي إلى تأجيله أو تقليصه.

وعليه، فإن عقد النسخة الجديدة في موعدها يحمل رسالة واضحة: واشنطن ما زالت ترى في مصر شريكاً استراتيجياً، وأنها تدعم الإدارة المصرية، في وقت تتصاعد فيه التحديات الإقليمية والاضطرابات في المنطقة.

منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، أصبحت المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، إلى جانب التدريبات العسكرية المشتركة، وبالأخص تدريبات “النجم الساطع”، أحد أبرز مؤشرات عمق العلاقات بين القاهرة وواشنطن. فالمعونة لا تُعد مجرد دعم مالي أو عسكري، بل تُستخدم أيضاً كأداة دبلوماسية ذات انعكاسات استراتيجية، تعكس مدى تقارب أو توتر المصالح بين الطرفين.

في أوقات التوتر السياسي، تميل واشنطن إلى استخدام المعونة العسكرية كورقة ضغط، عبر تجميد جزء منها أو تأجيل التدريبات المشتركة، في محاولة للتأثير على السياسات المصرية أو فرض شروط معينة. وعلى النقيض، خلال فترات الانفراج والتحسن في العلاقات، تُستأنف التدريبات ويُرفع تجميد المعونة، لتستعيد العلاقات زخماً في مسارها الطبيعي.

يمكن القول إن العلاقة بين المعونة الأمريكية وتدريبات “النجم الساطع” هي أكثر من مجرد دعم عسكري تقليدي؛ فهي تمثل مؤشراً دقيقاً لقياس اتجاه العلاقات المصرية–الأمريكية، وتعكس التوازن بين الضغوط والتحفيز في إدارة هذه العلاقة الاستراتيجية.

في منطق العلاقات الدولية، لا يمكن التعامل مع المساعدات أو المعونات الخارجية بوصفها عملاً إنسانياً أو خيرياً مجرداً؛ فالدول المانحة لا تتحرك بدافع altruism، بل وفق حسابات دقيقة تستهدف تعظيم مصالحها الاستراتيجية وضمان نفوذها في مناطق التأثير. ومن ثمّ، تصبح المعونة أداة ضمن أدوات القوة الناعمة والخشنة في آن واحد، تُوظف لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وأمنية محددة.

إن الدولة التي تبالغ في الارتهان إلى هذه المعونات تجد نفسها أمام معادلة معقدة: فإما أن تسعى للحفاظ على استقلال قرارها الوطني عبر تقليص اعتمادها على الخارج وتنويع مصادر دعمها، أو أن تقبل ضمنياً بأن تتحول إلى ساحة نفوذ خاضعة لإملاءات المانحين. وفي الحالة الثانية، تتحول المعونة من وسيلة دعم إلى وسيلة ضغط، بل إلى أداة لإعادة تشكيل السياسات الوطنية بما يتناسب مع أولويات الأجندات الخارجية.

خطورة هذا المسار تكمن في أن الدولة المتلقية قد تفقد تدريجياً قدرتها على صياغة قرارها السيادي المستقل، لتتحول من فاعل مستقل إلى تابع يُحدد له دور وظيفي يخدم مصالح الآخرين أكثر مما يخدم مصالحه الوطنية. وهنا يتحقق ما يمكن وصفه بـ”فقدان التوازن الاستراتيجي”، حيث تُختزل سيادة الدولة في هامش ضيق تتحكم فيه اعتبارات المانح.

إن المعونة –بصرف النظر عن حجمها أو طبيعتها– تظل أداة سياسية بامتياز. ولذلك فإن الحكمة السياسية تكمن في قدرة الدولة على الموازنة بين الاستفادة من الدعم الخارجي وبين تجنّب الوقوع في فخ الارتهان، عبر تعزيز قدراتها الذاتية، وتنويع تحالفاتها، وبناء منظومة قرار وطني محصّن من الضغوط.

(للمزيد يمكن الرجوع إلى ورقة نشرت على موقع المعهد المصري منذ سنوات تتناول تدريبات النجم الساطع)

2-أسباب لقاءات القيادات المكثف بضباط والجنود والطلبة العسكريين:

خلال شهر سبتمبر 2025 عقد  كلاً من السيسي ووزير الدفاع الفريق أول عبد المجيد صقر ورئيس الأركان الفريق أحمد فتحي خليفة لقاءت مكثفة بطلبة الكلية العسكرية وضباط جنود الجيش المصري وجاءت تلك اللقاءات على النحو التالي:

1-دعا السيسي، يوم الأربعاء 07 اغسطس 2025، إلى “ضرورة تجاوز الخلافات من أجل وحدة الصف العربي”.

وأضاف خلال كلمة، أثناء زيارته لمقر الأكاديمية العسكرية المصرية ولقاءه بطلبة الكليات العسكرية، أن “هناك مخططا لزرع الخلاف بين الدول العربية والأمن العربي وحدة متكاملة يجب التمسك بها”.

وقال السيسي إن “المنطقة العربية تمر بظروف استثنائية منذ عام 2011، وليس فقط منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، مما يؤكد صحة السياسات المصرية المرتكزة على التوازن وعدم التدخل واحترام سيادة الدول”.

وحذر السيسي “من محاولات بث الفُرقة بين الشعوب العربية عبر وسائل الإعلام”، مؤكداً “قوة العلاقات المصرية مع الدول العربية ، وضرورة تجاوز الخلافات من أجل وحدة الصف العربي”.

وشدد السيسي على أن “الأمن العربي وحدة متكاملة ترتبط به مصر ارتباطاً وثيقاً”، و ”أن أي تدخل خارجي يهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربية”.

وفيما يخص الوضع في قطاع غزة، قال السيسي إن مصر بذلت جهوداً كبيرة منذ عام 2007 لتجنب التصعيد. وأوضح السيسي أن التدمير الحالي في غزة غير مسبوق، وأن مصر تواصل العمل من أجل وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، والتعاون لإطلاق سراح الأسرى، “رغم حملات التشويه والتضليل التي تستهدف دور مصر المحوري”.

وقال السيسي، إن حجم الكذب والافتراء والادعاء والتضليل والخداع استهدف تشويه الدور المصري، خلال الأسابيع القليلة الماضية.

واستطرد: «لكن احنا بفضل الله بنخاف منه هو بس، لإنه هو اللي شايفنا، وهو خبير وبصير وقادر، وبالتالي بنعمل له حساب كبير قوي، فإيدينا بفضل الله لا هي ملطخة بدماء أحد ولا بأموال أحد ولا بالتآمر على أحد، وهدفنا كله البناء والتعمير والتنمية والإصلاح»، واختتم: «كل التآمر والخداع لا نخاف منه ليس لأننا أقوياء فقط، لكن عشان عارفين إننا لنا سند كبير، السند الأكبر في الوجود كله، وكل ما هنخاف ونعمل له حساب كل ما ننجح ونكبر، ومحدش بفضل الله هيقدر يعمل أي حاجة.. بالله وبالله وبالله».

2-إلتقى الفريق أول عبد المجيد صقر  وزير الدفاع ، بعدد من مقاتلي الجيش الثاني الميداني وكلية الضباط الاحتياط ومعهد ضباط الصف المعلمين.

جاء ذلك اللقاء في إطار اللقاءات التي تقوم بها القيادة العامة للقوات المسلحة للتواصل مع ضباط وجنود القوات المسلحة وإطلاعهم على أحدث المستجدات لكافة القضايا والموضوعات المرتبطة بالأمن القومي المصري.

جاء ذلك بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة.

وطالب صقر المقاتلين أن يكونوا قدوة في الانضباط الذاتي والوصول إلى أعلى مستويات الجاهزية القتالية للحفاظ على أمن الوطن واستقراره مهما كلفهم ذلك من تضحيات.

3-التقى الفريق أول عبدالمجيد صقر  وزير الدفاع بعدد من مقاتلي المنطقة الجنوبية العسكرية، وذلك بحضور الفريق أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة، والذي جاء في إطار سلسلة اللقاءات التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة في شهر أغسطس 2025 للوقوف على الحالة المعنوية والكفاءة القتالية للمقاتلين وللتواصل مع ضباط وجنود القوات المسلحة وإطلاعهم على أحدث المستجدات لكافة القضايا والموضوعات المرتبطة بالأمن القومي المصري.

4-التقى الفريق أول عبد المجيد صقر  وزير الدفاع بعدد من مقاتلي القوات الخاصة من المظلات والصاعقة، وذلك بحضور الفريق  أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة، للوقوف على الحالة المعنوية والكفاءة القتالية للمقاتلين والاستعداد القتالي لرجال القوات المسلحة ودورها في حماية الأمن القومي المصري.

بدأ اللقاء بكلمة اللواء أركان حرب عبد القادر عمارة حبيب قائد قوات الصاعقة أكد خلالها أن ضباط الصاعقة جاهزين لحماية الأمن القومي المصري في أي وقت.

5-التقى الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع ، بعدد من مقاتلي المنطقة الشمالية العسكرية ، وذلك بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة، وذلك لتوحيد المفاهيم بين القيادة والضباط تجاه مختلف القضايا والموضوعات ذات الصلة بالأمن القومي المصري على كافة الأصعدة .

وأوصى القائد العام للقوات المسلحة المقاتلين بالحفاظ على الروح المعنوية العالية والتدريب الجاد والفهم الصحيح لمتطلبات المرحلة. 

6-التقى الفريق أول عبد المجيد صقر  وزير الدفاع بعدد من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية، وذلك بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة. وتم مناقشة الضباط والجنود خلال اللقاء تطورات الأوضاع على الساحة الداخلية والإقليمية والدولية. وألقى ل.أ.ح حاتم زهران قائد المنطقة الغربية العسكرية كلمة أثناء اللقاء أكد فيها أن ضباط المنطقة الغربية في جهوزية تامة للدفاع عن أمن مصر في كل وقت.

7-تفقد الفريق أول عبدالمجيد صقر  وزير الدفاع مراحل انتقاء الطلبة المتقدمين للقبول بالأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية، وذلك بمقر الأكاديمية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الفريق أشرف سالم زاهر مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدد من قادة القوات المسلحة، والذي يأتي في إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على متابعة إجراءات تنسيق القبول.

قراءة تحليلية:

اللقاءات الدورية التي تعقدها القوات المسلحة مع الضباط والجنود تعد أمراً اعتيادياً، لكنها تشهد تكثيفاً ملحوظاً في الأوقات التي تشهد فيها الساحة الداخلية أو الإقليمية، خاصة المرتبطة بمصر، تطورات قد تؤثر على الرأي العام المصري. وفي هذا السياق، جاءت أحداث غزة وما تشهده القنصليات المصرية من احتجاجات للمطالبة بفتح معبر رفح من الجانب المصري لإدخال المساعدات الإنسانية لأهل غزة، لتدفع القوات المسلحة إلى عقد لقاءات مكثفة مع الضباط والجنود، بهدف توضيح سياسة الدولة في التعامل مع الأزمة.

وبحسب مصادر، خُصصت في تلك اللقاءات مساحة واسعة للحديث عن حرب غزة، إلى جانب مناقشة الأوضاع الداخلية المصرية بما يشمل الملف الاقتصادي والأمني والسياسي. وبصورة عامة، جرى التأكيد خلال هذه اللقاءات على الدعم المطلق من القوات المسلحة للنظام الحالي بقيادة عبد الفتاح السيسي.

في سياق أخر: قراءة في خلفيات المتقدمين للكليات العسكرية في مصر

من خلال تتبع أنماط من ينضمون إلى الكليات العسكرية في مصر، يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، تعكس تنوع الدوافع واختلاف الخلفيات الاجتماعية:

1-أبناء الضباط: يمثلون النسبة الأكبر، إذ يُلاحظ في كل دفعة حضور لافت لأبناء من سبقوهم في الخدمة العسكرية – سواء من الآباء أو الأجداد. هذا الامتداد العائلي داخل المؤسسة العسكرية يُعد من أبرز مسارات إعادة إنتاج النخبة العسكرية، ويسهل عليهم اجتياز القبول بفضل التزكيات وسجل العائلة، لا سيما إن كانت التحريات عنهم إيجابية.

2-الباحثون عن النفوذ والاستقرار: القسم الثاني ينضم بدافع تحقيق ضمانات مهنية واجتماعية، غالباً برغبة من أولياء الأمور الذين يرون في المؤسسة العسكرية باباً للنفوذ والمكانة المضمونة، خاصة في ظل الانكماش الاقتصادي وغياب البدائل الآمنة في سوق العمل المدني.

3-الدافع الوطني الخالص: وقد يمثلون الشريحة الأقل نسبياً، وهم من ينضمون انطلاقاً من قناعة شخصية ورغبة صادقة في الدفاع عن الوطن، بعيداً عن حسابات الامتيازات أو الامتدادات العائلية.

إن إدراك هذا التنوع في الدوافع ضروري لفهم طبيعة البنية الداخلية للقوات المسلحة، وكيفية تشكّل نخبتها، والأثر المتوقع لهذه الخلفيات على سلوك الأفراد داخل المؤسسة مستقبلاً.

3-نحو مزيداً من عسكرة الدولة في مصر:

نظمت الكلية العسكرية التكنولوجية حفل تخرج الدورة الثانية للمرشحين للعمل بمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل وذلك بعد إتمام تأهيلهم داخل الكلية .

تعليق: 

إشراك الكلية العسكرية التكنولوجية في تأهيل كوادر للعمل بمصلحة الطب الشرعي –وهي مؤسسة مدنية قضائية– يكشف عن نزعة متزايدة نحو عسكرة مؤسسات الدولة. فبدلاً من أن يتم التدريب في معاهد متخصصة مرتبطة بالطب الشرعي أو الجامعات الطبية، يُحال التدريب إلى مؤسسة عسكرية.

2- أهداف خفية وراء هذه الخطوة

إحكام السيطرة: إدخال كوادر الطب الشرعي عبر قنوات عسكرية يضمن أن تبقى هذه المؤسسة الحساسة –التي قد تُستخدم تقاريرها في قضايا جنائية وسياسية– تحت عين المؤسسة العسكرية.

شرعنة الدور العسكري: الجيش يريد أن يظهر كصاحب خبرة شاملة ليس فقط في الدفاع، بل في التعليم، الصحة، الاقتصاد، والعدل أيضاً.

إضعاف الاستقلالية: الطب الشرعي يفترض أن يكون محايداً علمياً وقانونياً، لكن إخضاعه لمسار تدريبي عسكري يضعف استقلاليته أمام قضايا تمس النظام.

3- علاقة الأكاديمية العسكرية بالأمر

الكلية العسكرية التكنولوجية حديثة النشأة نسبياً، وجزء من دورها هو خلق “جسور” بين القوات المسلحة والقطاعات المدنية. إدخالها على خط تأهيل موظفين للطب الشرعي ليس مجرد قرار إداري، بل هو ترسيخ لدور الجيش كمركز تدريب للدولة كلها، بحيث تصبح الأكاديمية العسكرية بوابة إلزامية للترقي أو التعيين في بعض الوظائف المدنية.

4- البعد السياسي

هذا يعكس نزعة النظام إلى عسكرة الحياة العامة بالكامل:

التعليم (مدارس وجامعات عسكرية).

الاقتصاد (شركات ومصانع تابعة للجيش).

الإعلام (إدارة قنوات وصحف عبر كيانات أمنية).

القضاء والطب الشرعي (عبر التدريب العسكري).

الخلاصة:

هذا مؤشر إضافي على أن مصر تسير في مسار “عسكرة الدولة”، بحيث يصبح الجيش ليس فقط الحامي للحدود، بل المُهيمن على مؤسسات القضاء، الاقتصاد، التعليم، والإدارة. وهذه العسكرة تهدد حيادية المؤسسات المدنية وتكرّس مركزية الجيش في كل تفاصيل الحياة العامة.

ثانياً: قراءات عسكرية للحرب على غزة والإجراءات المصرية

شهد شهر أغسطس 2025 تصاعداً ملحوظاً في أحداث الحرب الدائرة في غزة، بالتوازي مع تحركات لافتة للجيش المصري في سيناء، في ظل تصريحات إسرائيلية خطيرة أعادت إلى الواجهة مشروع “إسرائيل الكبرى”. وقد جاءت أبرز التطورات على النحو التالي:

قرارات جيش الاحتلال الصهيوني

  •  أقر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر، (الكابينت)، الخطة التي اقترحها رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لفرض “سيطرة عسكرية كاملة” على قطاع غزة حسبما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت ومراسل موقع أكسيوس الأمريكي باراك رافيد.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت، إنه بعد أكثر من عشر ساعات من المشاورات المتواصلة، قرر مجلس الوزراء التصويت لصالح مقترح نتنياهو بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة، رغم تحذيرات رئيس أركان الجيش من هذه الخطوة.

وتمنح الخطة العسكرية التي تمت الموافقة عليها، القوات العسكرية الإسرائيلية الضوء الأخضر للسيطرة على كامل مساحة قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستسيطر على كامل قطاع غزة، لكنها لن تحتفظ بالقطاع طويلا ولن تحكمه. نتنياهو قال في جلسة الكابينت التي أقرت خطة احتلال تدريجي لما تبقى من قطاع غزة، إن هذه الخطة يمكن أن توقف في أي مرحلة لصالح اتفاق تبادل ووقف إطلاق نار. 

  •   أفاد مراسل لهيئة البث الإسرائيلية، بأن رئيس الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وافق على خطة عسكرية تهدف إلى احتلال قطاع غزة. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، تصريحات لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد فيها أنه يعتبر نفسه في “مهمة تاريخية وروحية”، مشدداً على تمسكه بما وصفه برؤية “إسرائيل الكبرى”، والتي لا تقتصر على الأراضي الفلسطينية فحسب. ولفتت الصحيفة إلى أن محاور قناة i24، شارون غال، وهو عضو يميني سابق في الكنيست، قدم لنتنياهو تميمة على شكل “خريطة الأرض الموعودة”. وبينت أنه عندما طرح على نتنياهو سؤال حول مدى ارتباطه بهذه الرؤية التوسعية، رد قائلاً: “بالتأكيد”، في إشارة إلى إيمانه العميق بالفكرة. (أدانت الخارجية المصرية تلك التصريحات)
  •  قالت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي قرر تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي من الاحتياط. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الأركان صدقا على خطط احتلال مدينة غزة. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية قولها: “الجيش يبدأ اليوم استدعاء 60 ألف جندي من الاحتياط في إطار الاستعداد لاحتلال مدينة غزة” وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي ان وزير الدفاع صدق على خطة الهجوم على مدينة غزة وسيطلق عليها اسم عربات غدعون الثاني.
  •  قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: في تصريحات صحفية خلال شهر أغسطس 2025  ما يلي:

📌بدأنا المرحلة الثانية من عملية مركبات غدعون بتوجيه المستوى السياسي

📌بدأنا العمليات التمهيدية والمراحل الأولية من الهجوم على مدينة غزة

📌الفرقة 99 تعمل في حي الزيتون بمدينة غزة”.

  •   كشف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، عن فحوى ما دار خلال لقائه، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث حذر بشدة من المضي في خيار احتلال قطاع غزة، واعتبره “فكرة سيئة جدا” سياسيا وعسكريا وأخلاقيا، مقترحا بديلا يتمثل في تسليم إدارة القطاع إلى مصر، مع احتفاظ إسرائيل بحرية التحرك العسكري للقضاء على حركة (حماس).

وفي تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام إسرائيلية، قال لابيد “لست معتادا على نشر تفاصيل لقاءاتي مع رئيس الحكومة، لكنني شعرت بأن من واجبي هذه المرة أن أقول له بوضوح إن احتلال غزة فكرة سيئة جدا، وستكلف إسرائيل أثمانا باهظة من أرواح الجنود وأموال دافعي الضرائب”.

وشدد زعيم المعارضة على أن أي حرب تخوضها إسرائيل يجب أن تحظى بدعم شعبي واسع، مضيفا “لا يمكن في دولة ديمقراطية مثل إسرائيل شن حرب إذا لم تكن غالبية الشعب تقف خلفها. وشعب إسرائيل اليوم غير معني بهذه الحرب، ولا يريدها”.وأضاف “نحن ندفع ثمنا باهظا للغاية، سواء في الأرواح أو في المليارات التي تقتطع من جيوب المواطنين. احتلال غزة ليس خيارا عسكريا مجديا، ولا أخلاقيا، وليس ما يجب علينا فعله”.

وفي طرحه للحل البديل، أوضح لابيد “بدلا من احتلال القطاع بكل ما يحمله من تبعات، اقترحت على نتنياهو إدخال مصر لتتولى إدارة غزة، لتكون هناك سلطة أخرى بدلا من أن نستنزف نحن. وبعد ذلك، يمكننا التفرغ لمهمتنا الأساسية المتمثلة في القضاء على حماس، وهي مهمة ستتطلب وقتا وصبرا”. وقال مسؤولون إسرائيليون، مساء الاثنين، إن نتنياهو اتخذ قرارا بالاحتلال الكامل لقطاع غزة، وتوسيع العمل العسكري بضوء أخضر أمريكي لمناطق يُعتقد أن الأسرى محتجزون بها. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزراء تحدثوا مع نتنياهو قولهم إنه “قرر توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، رغم وجود خلافات مع المؤسسة الأمنية وقيادة الجيش الإسرائيلي”.

  • ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية أن “مصر تعتبر خصما حقيقيا في المستقبل رغم وجود معاهدة السلام، موضحة أن صفقة الغاز ستجعل مصر معتمدة على الاحتلال حتى عام 2040 ويمكن استخدام هذا السلاح للضغط عليها.

وأضافت الصحيفة في تقرير، أن “الإسرائيليين يسألون مصر: لماذا لديكم هذا العدد الهائل من الجيش؟ لماذا تُشكل إسرائيل التهديد الرئيسي لها؟ لماذا تُبنى الأنفاق وتُوسّع مدارج الطائرات في سيناء؟ ما مبرر إرسال قوات إلى شبه الجزيرة دون موافقة إسرائيل، وفي انتهاك لمعاهدة السلام؟، ولا توجد إجابات شافية على هذه الأسئلة”.

وأوضحت أن على “إسرائيل خاصة بعد مجزرة 7 أكتوبر، أن تتذكر كلمات رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي حول مصر”.

وتابعت، أن مصر لا تريد أن يُحرض سكانها معها، ولكن من الملائم لها أيضاً أن تحاربنا، أما بالنسبة للسيسي، فهما عصفوران بحجر واحد.

يُضاف إلى ذلك كراهية إسرائيل لدى النخب المصرية والشرائح الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المصري، بالإضافة إلى الألغام التي تزرعها ضدها في المؤسسات الدولية.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إنه “حان الوقت لنوضح للمصريين أننا لم نعد نلعب دور المغفلين ومن أهم احتياجات إسرائيل المُلحة فتح خط لسكان غزة، فقد حان الوقت لإسرائيل أن تتصرف كدولة ناضجة، وأن تستخدم مواردها الاقتصادية والطاقة المتاحة لها لخدمة هذه المصلحة الوطنية”.

على جانب العمليات العسكرية في قطاع غزة

  •  على الجانب العسكري داخل قطاع غزة يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بعمليات مكثفة في مدينة غزة ويقوم بهدم ما تبقى من منازل في تلك المناطق ويقوم بقصف جوي مستمر لكافة المناطق في قطاع غزة دون توقف تنفيذاً لمجريات خطط عربات جدعون2 التي تهدف إلى احتلال مدينة غزة ونة ثم احتلال قطاع غزة بالكامل. 

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني قوله بأن احتلال مدينة غزة سيبدأ بعد الانتهاء من تطويقها الذي سيستمر نحو شهرين ، ونقلت هيئة البث عن المصدر الأمني بأن رئيس الأركان الإسرائيلي يريد أن يكون احتلال غزة بطيئا حفاظا على حياة الجنود ولتجنب المس بالرهائن. ونقلت هيئة البث عن المصدر الأمني بأن الجيش الإسرائيلي سيبدأ في الأيام المقبلة العمل على إجلاء الفلسطينيين من غزة.

كما أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم الجمعة 29 أغسطس 2025، أنه اعتباراً من الساعة العاشرة صباحاً من يوم الجمعة الموافق 29 أغسطس 2025 لن يسري وقف إطلاق النار المؤقت في منطقة مدينة غزة.

وبحسب بيان الجيش، “وفقا لتقييم الوضع وتعليمات المستوى السياسي، اعتباراً من الساعة العاشرة صباح اليوم، لن ينطبق وقف إطلاق النار التكتيكي المحلي على منطقة مدينة غزة، والتي تُعد منطقة قتال خطيرة“، بحسب وكالة معا الفلسطينية.

وفي نفس الوقت، ما زالت المقاومة تنفذ عملياتها وكماتنها دون توقف في نقاط عديدة داخل القطاع، وعلى سبيل المثال بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء الثلاثاء 26 اغسطس 2025، مقطعا مصورا لكمين قالت إنه يوثق استهدافها لقوة إسرائيلية بعبوتين ما أوقع 5 جنود قتلى ونحو 20 مصابا. وعبر حسابها على منصة “تلغرام”، بثت القسام مقطع الفيديو مصحوبا بعنوان “جانب من الكمين المركب الذي استهدف جنود العدو في منطقة الزراعة ببيت حانون بالقرب من معبر إيرز شمال قطاع غزة بتاريخ 7 يوليو 2025 عند الساعة 21:30 بالتوقيت المحلي”، وذلك ضمن سلسلة عمليات “حجارة داوود”.

وأظهرت المشاهد أن الكمين الذي نفذه مقاتلو القسام كان على مرحلتين ضد قوة إسرائيلية متعددة التشكيل في منطقة بيت حانون، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من الجنود الإسرائيليين.

كما نفذت كتائب القسام عدة كمائن ليلية في حي الزيتون أسفر عن وقوع قتلى ومصابين في صفوف جيش الاحتلال يوم السبت 29 أغسطس 2025، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل عدد من الجنود وإصابة 11 بجروح خطيرة، مع فقدان أثر 4 جنود يخشى الجيش الإسرائيلي وقوعهم أسرى في يد المقاومة (تم العثور على المجندين لاحقاً ولم يقعوا في الأسر)، في حين وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأكبر حدث منذ طوفان الأقصى.

التحركات المصرية في سيناء وردود  الأفعال المصرية:

  • قال موقع ميدل إيست آي البريطاني نقلاً عن مسؤول عسكري مصري إن الجيش المصري في “أعلى حالة تأهب شهدناها منذ سنوات” في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لاحتلال غزة. وقال الموقع البريطاني إن مصر نشرت قوات إضافية على طول الحدود مع غزة وسط مخاوف متزايدة من أن الاحتلال الإسرائيلي المخطط للقطاع قد يدفع الفلسطينيين إلى شمال سيناء، وذلك وفقاً لما ذكره مصدر عسكري كبير.

وقال المسؤول العسكري المصري إنه تم نشر حوالي 40 ألف جندي الآن في شمال سيناء، وهو ما يقرب من ضعف العدد المسموح به بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. وقال المصدر: “الجيش المصري في أعلى حالة تأهب شهدناها منذ سنوات”.

وأضاف أن هذا جاء بعد “أوامر مباشرة من السيسي بصفته القائد الأعلى، عقب اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الأمن القومي”. وقال إن إسرائيل تريد تفكيك حماس في غزة وإجبار أعداد كبيرة من الفلسطينيين على الخروج، وهو موقف ترفضه مصر.

وفي سياق متصل، عزز الجيش المصري حضوره على الحدود الشرقية خشية من التداعيات الإنسانية والعسكرية لأي اجتياح مماثل، إذ تتوقع الأجهزة السيادية المصرية أن تؤدي العمليات الحربية إلى دفع نحو مليون مواطن غزي إلى النزوح من مدينة غزة نحو جنوب القطاع، ما يفتح الباب أمام محاولات إسرائيلية متعمدة لدفع هؤلاء المدنيين إلى الحدود المصرية.

وكشف مصدر مصري مطلع، لـموقع “العربي الجديد”، أن هذا السيناريو يُنظر إليه في مصر باعتباره تهديداً مباشراً للأمن القومي، إذ يعني نقل عبء إنساني وأمني ضخم إلى سيناء، وتحويل الأزمة إلى داخل الأراضي المصرية. وتخشى القاهرة من أن تستغل إسرائيل حالة الفوضى الناجمة عن الحرب لترسيخ سياسة “الترانسفير” (التهجير القسري)، بحيث يتحول جنوب غزة إلى محطة مؤقتة قبل محاولة دفع المدنيين باتجاه معبر رفح. وهذا ما دفع الجيش المصري إلى تعزيز وجوده على الحدود بشكل لافت خلال الأيام الماضية، في رسالة مزدوجة: أولاً منع أي اختراق أمني أو عبور جماعي، وثانياً توجيه رسالة سياسية بأن مصر ترفض بشكل قاطع أي حلول على حساب أراضيها أو سيادتها.

وفي سياق متصل أكدت هيئة البث الإسرائيلية، نقلا عن متحدث باسم الجيش، أن إدخال أي قوات أو قدرات عسكرية مصرية إلى سيناء يتم بالتنسيق الكامل مع الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية، وذلك وفقا لما نص عليه الملحق العسكري في اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.

ويأتي هذا التأكيد عقب تقارير متواترة عن نشر مصر تعزيزات عسكرية ضخمة في شمال سيناء، حيث أشارت مصادر إعلامية إلى أن القاهرة دفعت بما يقارب 88 كتيبة عسكرية تضم نحو 42 ألف جندي، إلى جانب أكثر من 1500 دبابة وآلية مدرعة، فضلا عن تطوير قواعد عسكرية ومدارج طائرات وأنظمة دفاع جوي في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.

وفي السياق ذاته حذرت القاهرة من تبعات أي هجوم واسع على غزة، مشابه لما جرى في مدينة خان يونس جنوبي القطاع في وقت سابق بحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية.

وذكر مسؤولون مصريون مشاركون في “اللجنة الثلاثية» المصرية – الأمريكية – الإسرائيلية المعنية بمتابعة اتفاقية “كامب ديفيد”، فإن الجيش المصري أبلغ الجانبين الإسرائيلي والأمريكي بنيّته تعزيز وجوده العسكري في المنطقة “ج” من الأراضي المصرية المحاذية لغزة.

ونقلت الصحيفة اللبنانية عن المصادر المصرية قولها، إن “القوات المصرية ستدخل بأسلحتها الكاملة، وسيكون انتشارها على طول الشريط الحدودي بهدف تأمينه ومنع أي محاولات اختراق، وذلك في ضوء توقّعات مصرية بوجود تهديدات حقيقية على الحدود في حال اقتحام مدينة غزة، وتهجير سكانها في اتجاه جنوب القطاع الذي يعاني أصلا من اكتظاظ كبير بالنازحين، ما قد يهدّد باقتحام موجات بشرية للحدود مع مصر.

وأشارت المصادر المصرية إلى أن “الاستعدادات اللوجستية والإدارية جارية لاستقبال وحدات عسكرية جديدة في المنطقة الحدودية”، علماً أن هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لمصر أن عزّزت وجودها في المنطقة أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، ليتضاعف عديد القوات المصرية أربع مرات على الأقل منذ عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023.

  •  أفادت تقارير إعلامية أن الجيش المصري وجّه تحذيراً لإسرائيل من التدخل في شؤون “الأمن القومي” المصري، وفق ما كشفه مسؤول عسكري رفيع لموقع “روسيا اليوم”. وقال اللواء أسامة كبير، مستشار كلية القادة والأركان، إن الجيش المصري حرص على إيصال “رسالة قوية وواضحة” للجميع، وعلى رأسهم إسرائيل، وذلك خلال تنفيذ المرحلة الرئيسية من تمرين مراكز القيادة الاستراتيجي التخصصي الذي تشرف عليه هيئة الاستخبارات العسكرية.

وأوضح المسؤول العسكري أن الرسالة التي أراد الجيش المصري إيصالها تؤكد أن الاستخبارات العسكرية، باعتبارها أحد الأعمدة الرئيسية للقوات المسلحة، تتابع عن كثب كل المخططات التي تستهدف البلاد وتضع الخطط اللازمة للتعامل معها فور ظهورها.

وأضاف كبير في حديثه لـ ”روسيا اليوم” أن هذا النوع من المشاريع يُنفّذ عادة بمشاركة جميع أجهزة وفروع القوات المسلحة، لكن هذه المرة الأولى التي يُعلَن فيها أن جهاز الاستخبارات العسكرية هو الجهة الرئيسية المنفذة، معتبراً ذلك رسالة في حد ذاته إلى الجانب الإسرائيلي، خاصة في ظل التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأكد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية المصري التزام القيادة العامة للقوات المسلحة بدعم الجهاز بجميع القدرات التكنولوجية والموارد المطلوبة، بما يضمن استمرار عمليات الرصد وتحقيق الجاهزية الكاملة “للرد الفوري على أي اعتداء”، فضلاً عن قدرة القوات المسلحة المصرية على “التصدي بكفاءة عالية لأي تهديد يمس الأمن القومي المصري”.

  • بدأت مصر بتدريب مئات من أبناء غزة في أكاديميات عسكرية على أراضيها، ضمن إنشاء قوة أمنية من المتوقع أن يصل عددها إلى نحو 10 آلاف مقاتل، وفق ما قالت مصادر مطلعة لصحيفة وول ستريت جورنال. وبحسب التقرير، وافق محمود الهباش، كبير مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على هذه الخطوة، مشيراً إلى أن تمويل تدريب القوة سيأتي من المجتمع الدولي. وأضاف الهباش أنه من المتوقع إرسال قوة أولية قوامها حوالي 5,000 عنصر أمن من غزة إلى مصر في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، لتدريب مدته ستة أشهر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخطة قد تواجه معارضة من إسرائيل، التي أوضحت رفضها لحكم السلطة الفلسطينية في غزة. وهذا يضع إسرائيل في صراع مع الدول العربية المُصرّة على التدخل في إدارة القطاع بعد الحرب.

وفي سياق متصل قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن مصر بدأت تدريب 5 آلاف شرطي فلسطيني بالتنسيق مع الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية لسد الفراغ الأمني في قطاع غزة حال وقف الحرب.

وأضاف الوزير في مقابلة مع قناة تلفزيونية مصرية، أن خطط سد الفراغ الأمني في القطاع تشمل أيضا نشر 5 آلاف آخرين من أفراد الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية.

وأضاف: «الرؤية واضحة تماما بشأن إدارة غزة بعد الحرب وسيتم مناقشتها في مؤتمر إعادة إعمار القطاع بعد الحرب».

وأوضح قائلاً إنه تم التفاهم مع «كل الأطراف المعنية» على 15 من الشخصيات التكنوقراط البارزة في غزة لإدارة القطاع لمدة 6 أشهر «ليكونوا نواة حقيقية لفرض الأمن والقانون في غزة”.

  • قال اللواء أ.ح  خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، والقائد السابق للجيش الثاني الميداني ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الأسبق في رده على سياق سؤال يشير إلى أي تعدي إسرائيلي على الأرضي المصرية  أن أي محاولة للمساس بالحدود المصرية، من أي جهة كانت وعلى أي مستوى، ستُقابل برد مصري حاسم ومفاجئ، تتجاوز تداعياته ما هو مُعلن إلى ما هو غير مُعلن أيضاً.  وقال “أن من تسوّل له نفسه الاقتراب، لن يلوم إلا نفسه.”

وأضاف بثقة: “أطمئن الجميع، لا أحد يجرؤ حتى على مجرد التفكير في ذلك.”

في لحظة تتعرض فيها غزة لمذبحة، يجب أن تكون كل مقدرات مصر أوراق ضغط لا أدوات دعم. الكيان الصهيوني لا يحتاج فقط إلى السلاح، بل إلى الشرعية، والمال، والطاقة — وكل هذا يوفره له نظام السيسي عبر مثل هذه الصفقات.

  • قال اللواء سمير فرج، في تصريحات صحفية إن ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ما يسمى بـ ”إسرائيل الكبرى” التي تضم غزة والأردن وسوريا والكويت وأجزاء من مصر والعراق والسعودية، ليس سوى أوهام وأكاذيب لا تستحق الرد أو الالتفات، مؤكداً أن مصر تمتلك جيشاً قوياً يحمي أمنها القومي، وشعباً واعياً بطبيعته ومدركاً تماماً لما يجري من أحداث.

وأوضح فرج أن هذه التصريحات ليست إلا محاولة مكشوفة من نتنياهو لاسترضاء الرأي العام الإسرائيلي مع اقتراب موعد الانتخابات، بعدما تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوياتها، مشيراً إلى أنه يسعى لتعويض فشله في تحقيق أي إنجاز يُذكر من خلال إطلاق وعود زائفة، على أمل استعادة بعض التأييد الداخلي، خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي الواسع ضده.

وأضاف أن الانتخابات الإسرائيلية المقررة نهاية العام تدفع نتنياهو إلى تصعيد خطاباته المضللة وطرق كل السبل لتحسين صورته أمام ناخبيه، بما في ذلك مهاجمة الجيش المصري والحديث عن تسليحه وتطوير قدراته، مؤكداً أن مصر بما تمتلكه من إمكانات رادعة لا تعير اهتماماً لمثل هذه الادعاءات أو لما يحاول ترويجه من شائعات.

قراءات تحليلية للأوضاع في غزة والسلوك المصري تجاه تلك التطورات الجارية:

1-الأوراق المصرية لإفشال مخططات التهجير

يمتلك نظام السيسي العديد من الاوراق للضغط على الكيان الصهيوني لكي يوقف حرب الإبادة في غزة ولإفشال مخطط التهجير الذي سيكون له تبعات خطرة على الامن القومي المصري، ومن تلك الاوراق ملف الغاز، العبور من قناة السويس، تعليق كامب ديفيد، الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل، وقف التبادل التجاري، ملف الأسمنت، طلب رقابة دولية على دخول الشاحنات، وقطع العلاقات الدبلوماسية. لكن نظام السيسي لم يستخدم أياً منها. وبدلاً من توظيف ورقة الغاز للضغط على العدو من أجل إدخال المساعدات إلى غزة، ووقف الحرب، وإفشال مخطط التهجير، أقدم نظام السيسي على إبرام صفقة تُعدّ الأكبر في تاريخ الكيان لتصدير الغاز، في مشهد يكشف حجم الانفصام بين أولويات النظام وواجباته القومية والإنسانية. ما يجري ليس مجرد خطأ في التقدير، بل هو مسار كامل يخاصم المنطق ويتنكر لأولويات الوطن.

2- حول تصريح بنيامين نتنياهو عن (إسرائيل الكبرى):

مثل هذا التصريح لا يمكن اعتباره مجرد رأي شخصي أو زلة لسان، بل هو إعلان سياسي صريح يصدر عن رأس السلطة التنفيذية في إسرائيل، ويعكس توجهاً أيديولوجياً توسعياً راسخاً في الفكر الصهيوني. وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها نتنياهو عن هذا الأمر، بل أثاره عدة مرات منذ توليه رئاسة الحكومة لأول مرة عام 1996، وذكره في مذكراته التي نشرها بعنوان “مكان تحت الشمس”، فضلاً عن حديثه المتكرر عن تغيير خريطة الشرق الأوسط..

رمزية موقع المتحدث

عندما يأتي الكلام على لسان رئيس الوزراء، فإنه يصدر من المسؤول السياسي الأول في الدولة، أي الشخص المخوّل باتخاذ القرارات الاستراتيجية وتمثيل الدولة أمام العالم. لذلك، فإن أي تصريح من هذا النوع يُعد موقفاً رسمياً، حتى لو حاولت الدبلوماسية الإسرائيلية لاحقاً التخفيف من حدته أو إنكاره.

مستوى الرد المطلوب

في مثل هذه المواقف، الرد الطبيعي والمستحق يجب أن يصدر من رئيس الدولة المصرية نفسه، بصفته القائد الأعلى للدولة والمسؤول الأول عن الدفاع عن سيادتها وحدودها، والمسئول المناظر لمن أصدر التصريح. فالرد على مستوى وزارة الخارجية، وبصيغة عامة لا تذكر حتى اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا يرقى إلى مستوى التحدي ولا يبعث برسالة ردع واضحة.

الأثر السياسي لضعف الرد

عندما يُترك الرد لمستويات أدنى من القيادة، فإن الرسالة التي تصل للطرف الآخر هي أن التصريحات، مهما كانت استفزازية، لا تستدعي تحركاً على أعلى مستوى. وهذا قد يشجّع على تكرار مثل هذه الخطابات، بل وربما الانتقال من التصريحات إلى خطوات عملية بالتنفيذ.

البعد الإقليمي

الأمر لا يخص مصر وحدها، بل يمس أيضاً الأردن التي شملتها تصريحات “إسرائيل الكبرى”. الرد القوي المنتظر من القاهرة وعمّان على أعلى مستوى كان يمكن أن يشكّل موقفاً موحداً يضع حداً لأي أوهام توسعية، ويؤكد أن المساس بالسيادة الوطنية هو خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه.

أخيراً:

في السياسة، كما في الحروب، مستوى الرد يوازي خطورة التهديد. وحين يكون التهديد صادراً عن أعلى سلطة سياسية في دولة معادية، فإن الصمت أو الاكتفاء برد بروتوكولي من وزارة الخارجية لا يكفي ويجرء الطرف الاخر على أخذ خطوات تصعيديه. السيادة لا تُحافَظ عليها بالشعارات، بل بمواقف حازمة وصريحة على لسان رأس الدولة نفسه، لتصل الرسالة واضحة: مصر لا تقبل المساس بأرضها أو التشكيك في حدودها تحت أي ظرف.

3-قراءة عسكرية لمجريات الحرب في غزة وتداعيتها على الأمن القومي المصري:

تقرير استراتيجي حول سير العمليات العسكرية في قطاع غزة

أولاً: المشهد الميداني

من خلال المتابعة الدقيقة لمسار العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، يتضح أنه يتبنى تكتيكات ميدانية مدروسة ومركبة تهدف في النهاية إلى تحقيق هدف استراتيجي أكبر يتمثل في السيطرة الكاملة على القطاع، وإنهاء وجود المقاومة المسلحة فيه كقوة منظمة.

تكتيكات الصهيوني تشمل:

الهجمات المتقطعة لقياس رد الفعل وقدرة المقاومة على الصمود في كل محور.

التقدم البطيء المدروس لتقليل الخسائر، مع السيطرة على مواقع استراتيجية ومفاتيح جغرافية.

عزل مناطق القتال عن بعضها البعض لحرمان المقاومة من القدرة على المناورة والإمداد.

في المقابل، تتبع المقاومة استراتيجية الاستنزاف التي تهدف إلى إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية في صفوف العدو بعمليات خلف خطوطه، واستنزاف موارده وإطالة أمد المعركة، وهو ما يُبقي حالة الاستنزاف السياسي والعسكري والاقتصادي للعدو في أعلى مستوياتها مع التمسك بورقة الأسرى للضغط على الجبهة الداخلية للعدو.

تُعدّ العمليات خلف خطوط العدو من أعقد وأخطر المهام التي تضطلع بها وحدات القوات الخاصة، لما تحمله من طابع المغامرة والمخاطرة العالية. هذه العمليات لا تعتمد على التفوق العددي أو الناري، بل على عنصر المفاجأة والدقة والقدرة على التسلل والانسحاب بأقل خسائر ممكنة.

إن أهمية هذه العمليات تنبع من أثرها المضاعف على العدو؛ فهي تضربه في عمقه حيث يظن أنه في مأمن، وتستهدف مراكزه القيادية واللوجستية، وتربك منظومته الدفاعية، وتفقده الإحساس بالسيطرة. ولذا فهي لا تُقاس بنتائجها الميدانية المباشرة فقط، بل بما تتركه من آثار نفسية ومعنوية تعمّق شعور العدو بالهشاشة وتزرع الشكوك داخل صفوفه.

تاريخ الحروب يثبت أن مثل هذه العمليات كانت دوماً نقطة تحول. ففي حرب أكتوبر 1973، لعبت وحدات الصاعقة المصرية دوراً بارزاً بعمليات جريئة خلف خطوط العدو أضعفت قدرته على المناورة والتمسك بمواقعه. وفي غزة اليوم، تبرهن المقاومة الفلسطينية عبر الكمائن المتقدمة وعمليات التسلل النوعية على أن الإرادة حين تقترن بالاحتراف قادرة على إيلام العدو رغم الفارق الهائل في العتاد.

خلاصة القول أن العمليات خلف خطوط العدو تظل أداة استراتيجية تضمن للقوات المحدودة العدد إيقاع خسائر مضاعفة بالخصم، وتعكس مبدأ أن الحرب ليست فقط معركة جيوش، بل معركة عقول وإرادات.

في حرب فيتنام (1955–1975)، قدّم مقاتلو “الفيتكونغ” والجيش الفيتنامي الشمالي نموذجاً متكاملاً لكيفية استخدام هذه العمليات في مواجهة قوة عظمى كأمريكا. فبدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة غير متكافئة، اعتمد الفيتناميون على حرب العصابات وعمليات التسلل العميق خلف خطوط القوات الأمريكية.

كانوا يستهدفون القواعد الجوية ومستودعات الإمداد ومعسكرات القيادة في العمق، مما أحدث شللاً في قدرة القوات الأمريكية على المناورة.

واحدة من أبرز الأمثلة هي هجوم تيت (1968) الذي نفذ خلال عيد رأس السنة الفيتنامية، حيث تسللت وحدات صغيرة خلف خطوط الأمريكيين ونفذت هجمات متزامنة على أكثر من 100 مدينة وبلدة، بما في ذلك السفارة الأمريكية في سايغون. ورغم الخسائر الضخمة للفيتناميين، إلا أن العملية شكّلت زلزالاً نفسياً داخل أمريكا وأضعفت ثقة الرأي العام الأمريكي بقدرة جيشه على تحقيق النصر.

الدرس الذي خلّفته فيتنام أن العمليات خلف خطوط العدو ليست مجرد معركة تكتيكية، بل حرب إرادات:

على المستوى العسكري، تكبّد العدو خسائر مباشرة في جنوده وإمداداته.

وعلى المستوى النفسي، تزرع عدم اليقين وتكسر صورة “الجيش الذي لا يُقهر”.

اليوم، ونحن نرصد تكتيكات المقاومة الفلسطينية في غزة، نجد أنها تسير على نهج مشابه: التسلل، الكمائن الليلية، وضرب النقاط الضعيفة في عمق العدو. وكما كان حال أمريكا في فيتنام، فإن الجيش الصهيوني يواجه بيئة عملياتية معقدة تُفقده ميزة التفوق الناري، وتضعه في مواجهة خصم يعتمد على مرونة عالية واستنزاف طويل المدى.

إن دراسة حرب فيتنام تبرهن أن النصر لا يُقاس بعدد الدبابات أو الطائرات، بل بقدرة المقاومة على الصمود وضرب العدو حيث لا يتوقع، وإبقاءه في حالة استنزاف دائم حتى ينهار سياسياً قبل أن يُهزم عسكرياً.

ثانياً: بيئة العمليات

تعمل المقاومة في بيئة عملياتية شديدة التعقيد:

حصار كامل منذ سنوات.

تدمير البنية التحتية بما فيها طرق الإمداد والاتصالات، مما يضغط على القيادة والسيطرة لمجموعات القتال.

 اعتماد المقاومة على الأنفاق والكمائن والضربات الخاطفة.

ثالثاً: الحرب على الجبهة الداخلية

إلى جانب العمليات العسكرية، يستخدم الصهيوني أداة الحرب النفسية والاقتصادية عبر ورقة المعونات الإنسانية، في محاولة لخلق فجوة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، ودفع السكان للضغط على الفصائل للقبول بتسويات أو التخلي عن السلاح إلى جانب القصف المستمر على مناطق الميادين وإيقاع شهداء في صفوف المدنيين بشكل مستمر  ويومي.

رابعاً: الموقف العربي والإقليمي

يشهد الموقف العربي حالة تخاذل غير مسبوقة، حيث تكتفي معظم الدول بمواقف دبلوماسية ضعيفة أو صامتة (تواطؤ)، ما يعكس غياباً عميقاً لفهم محددات الأمن القومي العربي، الذي يُفترض أن يشمل حماية فلسطين باعتبارها خط الدفاع الأول في مواجهة التمدد الصهيوني.

خامساً: المخاطر الاستراتيجية

نجاح الصهيوني في احتلال غزة بشكل كامل لن يكون نهاية المطاف، بل بداية مرحلة توسعية جديدة:

المرحلة التالية: تثبيت السيطرة على غزة، ثم تصعيد الجبهة مع سوريا.

المرحلة اللاحقة: الضغط على الأردن لتصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع التوطين.

المرحلة الأبعد: استهداف الأمن القومي المصري عبر سيناء والحدود الشرقية.

سادساً: التقدير الاستراتيجي

الإسرائيلي يدرك أن كلفة الحسم الميداني عالية، لكنه يسعى لتوظيف القوة العسكرية كأداة ضغط سياسي–نفسي لدفع المقاومة إلى القبول بتسويات مجحفة.

مراوغة نتنياهو في ملف الهدنة تستهدف كسب الوقت، واستنزاف البيئة الداخلية الفلسطينية، وتحميل الأطراف العربية مسؤولية الحلول “الانتقالية” مثل نشر قوات عربية أو مصرية.

الخطر الاستراتيجي يتمثل في أن تتحول غزة إلى ساحة “إدارة عربية–دولية” فيما يظل العدو المستفيد الأكبر، خارج إطار المسؤولية المباشرة كقوة احتلال.

السيناريوهات والاحتمالات

سيناريو الاستنزاف طويل الأمد (احتمال مرتفع):

استمرار العمليات دون حسم نهائي، مع جولات تصعيد متقطعة.

انعكاساته: إنهاك القطاع، إبقاء مصر تحت ضغط أمني–إنساني متواصل، وإبقاء زمام المبادرة بيد العدو، استنزاف العدو وزيادة خسائره بوقع عمليات المقاومة المدارة بأسلوب حرب العصابات.

سيناريو السيطرة الميدانية الكاملة (احتمال متوسط–مرتفع):

استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق اختراق واسع في غزة.

تكريس وجود عسكري صهيوني مباشر لفترة طويلة.

انعكاساته: استنزاف المقاومة، استنزاف مصر سياسياً وإنسانياً عبر ضغط المعابر واللاجئين.

سيناريو التهجير المنظم (احتمال متوسط):

بعد إنهاك القطاع، يبدأ الدفع التدريجي باتجاه تهجير السكان نحو سيناء أو الخارج عبر ضغوط معيشية وإنسانية.

انعكاساته: تهديد مباشر للأمن القومي المصري عبر محاولة فرض واقع ديمغرافي جديد.

سيناريو الهدنة المشروطة (احتمال متوسط–منخفض):

قبول هدنة بوساطة دولية لمدة محددة (60 يوما مثلا) ثم وجود قوات عربية/مصرية للضبط الأمني للقطاع مع إدارة مدنية خاضعة للسلطة الفلسطينية. وقد صدرت تصريحات رسمية بالفعل تبدي قبولاً بهذا الأمر. من وجهة نظر النظام المصري، هذا سيزيد الدعم السياسي والاقتصادي له، كما سيوفر فرصاً اقتصادية كبيرة بالمشاركة في عمليات إعادة الإعمار.

انعكاساته: مصر تُزَج في فخ استنزاف عسكري–اقتصادي–شعبي، بينما يخرج العدو من خانة “المحتل” إلى خانة “المراقب”.

التوصيات

ضرورة أن تكون لدى هيئة العمليات بقيادة اللواء أ.ح محمد ربيع سيناريوهات شاملة للتعامل مع كل احتمال، تشمل:

المسار العسكري: تعزيز الجاهزية لمواجهة أي محاولات تهجير إلى أو عبر سيناء.

المسار السياسي: رفض أي مخطط لإدخال قوات مصرية إلى غزة باعتباره فخاً استراتيجياً.

المسار الأمني–الإنساني: وضع خطط استباقية للتعامل والضغط لإدخال المساعدات لأهل غزة لتثبيتهم مع استخدام مصر لكافة أوراق الضغط لإدخال المساعدات (إذا كانت هناك إرادة سياسية).

المسار الإعلامي: فضح رواية العدو وتثبيت أن الاحتلال هو أصل الأزمة وليس الأطراف العربية.

 الخلاصة:

الجانب الإسرائيلي يعتمد خياراً عسكرياً واضحاً، يتكامل مع خطة تهجير سياسي–ديموغرافي. التحدي الاستراتيجي أمام مصر هو منع نقل عبء غزة إلى مصر عبر أي شكل من أشكال التهجير أو “الإدارة المشتركة”، مع الحفاظ على ثوابت الأمن القومي.

في سياق أخر : يعمل الجانب الإسرائيلي في هذه المرحلة على إعادة تشكيل طبيعة المواجهة، عبر نقلها من صراع عربي–صهيوني واضح المعالم إلى صراعات عربية–عربية وأهلية داخلية.  وما يجري اليوم في لبنان، وجزئيا في سوريا،  تمثل نماذج لهذا المسار.

الوضع في غزة وما بعد غزة

رغم أن مقترح الهدنة الذي وافقت عليه حركة حماس – بانتظار  رد نهائي من اسرائيل– يُسوَّق كفرصة لوقف الحرب مؤقتاً، إلا أن جوهر الخطة يتجه نحو تطويق المقاومة وتحويل غزة إلى ساحة نفوذ دولي/عربي مُدار. وفي هذا الإطار، تبرز أفكار حول إدخال قوات عربية – وربما مصرية – لتأمين القطاع أو ضبطه بعد وقف إطلاق النار.

لماذا يُعد هذا المقترح فخاً؟

تبييض صورة اسرائيل: أي وجود عسكري مصري في غزة سيحوّل الصهيوني من محتل مباشر إلى “طرف مراقب”، فيما يُحمَّل العرب – وتحديداً مصر – مسؤولية الأمن والخدمات.

استنزاف مصر: نشر قوات في بيئة عملياتية معقدة سيستنزف مصر عسكرياً واقتصادياً، ويُعرّضها لمخاطر الاستهداف سواء من المقاومة أو جماعات متشددة، بما يخدم الرواية الصهيونية.

تهديد محددات الأمن القومي المصري: غزة تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر، وتحميلها بالمسؤولية المباشرة عن أمن القطاع سيُقيد حرية الحركة المصرية سياسياً وعسكرياً أمام أي عدوان صهيوني لاحق. 

قد يؤدي هذا الأمر لاحقاً أيضاً إلى استغلال الكيان الصهيوني حالة الاضطراب بالتقدم نحو سيناء وإعادة احتلالها تحت ذريعة حماية أمنه القومي، وقد يصاحب هذا عملية تدمير واسعة لمقدرات الجيش المصري على غرار ما حدث في العام 1967.

المغزى الاستراتيجي

يعمل الصهيوني على إعادة صياغة سردية الصراع في المنطقة ليظهر بمظهر “غير المسؤول” عن الأزمات:

في لبنان: صراع طائفي.

في سوريا: مواجهات محلية وإثنية مع احتمالات تدخلات في لبنان.

في غزة: العرب – وعلى رأسهم مصر – قوة ضبط داخلي تشتبك مع المقاومة وتحاول تحييدها ونزع سلاحها.

الهدف النهائي هو تفريغ القضية المركزية (العدو الصهيوني) وإغراق المنطقة في حروبها الداخلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى السيطرة الصهيونية التامة على المنطقة.

الخلاصة

نشر قوات مصرية في غزة سيكون خطأ كارثياً وفخاً استراتيجياً مُعداً بعناية، يُخرج الصهيوني من خانة “المحتل” إلى “المراقب”، ويضع مصر في دائرة الاستنزاف السياسي والعسكري والشعبي، والتهديد الإستراتيجي للأمن القومي. إن الدور الأنسب لمصر في هذه المرحلة يتمثل في الدعم السياسي والإنساني، وتثبيت المقاومة ، لا التورط في معركة مرسومة هدفها تكريس الانقسام وتغيير مسار الصراع.

4-معادلة الردع: الحرب الإلكترونية والصواريخ والمسيرات

1. التفوق الجوي للصهيوني

أي مواجهة محتملة مع العدو الصهيوني تتطلب توجيهات عملياتية دقيقة تستند إلى فهم شامل لقدراته، خاصة تفوقه  في المجال الجوي. فالعدو الصهيوني يعتمد على مقاتلات متطورة قادرة على المناورة واختراق المنظومات الدفاعية، إضافة إلى أسطول من المسيّرات الحديثة التي تمنحه أفضلية  في الاستطلاع والهجوم. هذا التفوق الجوي يجعل من الضروري التفكير في وسائل ردع موازية لا تعتمد على الطيران التقليدي وحده.

2. الردع بالحرب الإلكترونية

العنصر الأول في معادلة الردع يتمثل في أنظمة الحرب الإلكترونية، مثل “كراسوخا نظام الحرب الروسي الإلكترونية المتطور الذي سلمنه روسيا لطهران مؤخراً” أو غيرها، التي بإمكانها إرباك رادارات العدو  الصهيوني وتعطيل أنظمة القيادة والسيطرة والتشويش على الاتصالات. هذه الأنظمة تشكل خط دفاع أول يمنح القوات المواجهة القدرة على تقليل فعالية التفوق الجوي للعدو.

3. الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمسيرات

العنصر الثاني يتمثل في الصواريخ الباليستية  متطورة المديات والصواريخ الفرط صوتية، القادرة على اختراق منظومات الدفاع الجوي للعدو وتوجيه ضربات دقيقة إلى مراكزه الحيوية ومراكز القيادة والسيطرة لديه. إلى جانب ذلك، تلعب المسيّرات الهجومية دوراً مكملاً، إذ يمكنها تنفيذ ضربات متكررة وبتكلفة منخفضة نسبياً، مما يرهق الدفاعات الجوية للعدو ويشكل ضغطاً مستمراً على قدراته.

4. استخدام المقاتلات الجوية بحذر

المقاتلات الجوية يجب أن تُستخدم بحذر، وبأقل قدر ممكن، حفاظاً على القدرات البشرية التي ستتعرض مباشرة لدفاعات العدو المتقدمة. بهذه الطريقة، تُحافظ القوات على عنصر مفاجأة ومرونة في العمليات، مع الاعتماد على الصواريخ والمسيرات وأنظمة الحرب الإلكترونية لتقليص الفجوة مع التفوق الجوي للعدو.

5. ضعف الأفرع البرية الأخرى للصهيوني

رغم ما يملكه الصهيوني من تفوق جوي، فإن بقية أفرعه القتالية، كالقوات البرية والمدفعية والمدرعات، تبقى محدودة القدرات نسبياً. هذه الأفرع لم تثبت كفاءة عالية في الحروب السابقة، بل تكبدت خسائر كبيرة أمام أساليب المقاومة والحروب غير المتكافئة. ومن ثم، فإن قوة الصهيوني الحقيقية تكمن في ذراعه الجوية، بينما تبقى بقية أفرعه في المستوى المتوسط والأقل من المتوسط في تقديري، وهو ما يمنح خصومه هامشاً واسعاً لمعادلة ميزان القوى عبر أدوات الردع الأخرى.

6-ضرب مكمن القوة:

تعبير “ضرب مكمن قوة العدو” يستخدم عادة في الأدبيات العسكرية بمعنى: استهداف العنصر الأشد تأثيراً لدى العدو، سواء كان سلاحاً نوعياً، أو منظومة تكنولوجية، أو خط إمداد رئيسي، أو حتى نقطة معنوية/نفسية يعتمد عليها. الفكرة ليست فقط مهاجمة العدو بشكل مباشر، بل إصابة قلب قوته بحيث يفقد توازنه وتنهار منظومته القتالية.

في العلوم العسكرية يُطلق على ذلك أحياناً “الضربة على مركز الثقل” (Center of Gravity) وهو المفهوم الذي تحدث عنه كارل فون كلاوزفيتز ( من المنظّرين في الفكر العسكري والاستراتيجي) ؛ أي العنصر الذي إن سقط أو تعطّل تتداعى باقي المنظومة.

يُعد استهداف الأهداف الحيوية، وفي مقدمتها المطارات والقواعد الجوية، من أولويات أي خطة عملياتية في مواجهة العدو الصهيوني، إذ يشكل هذا الإجراء عنصراً حاسماً في بنك الأهداف المعتمد عند اندلاع الحرب. فالسيطرة الجوية هي الذراع الأقوى للعدو، وإخراج القواعد التي تقلع منها الطائرات من الخدمة أو شل حركتها في الساعات الأولى للمعركة، يعني تقليص الفجوة في ميزان القوى بشكل كبير. وهنا يبرز الدور التكتيكي للصواريخ الباليستية والمسيّرات الهجومية، القادرة على تنفيذ ضربات دقيقة ومكثفة لتعطيل المدارج ومراكز القيادة والسيطرة الجوية. إن الجمع بين هذا النهج وبين قدرات الحرب الإلكترونية، التي تربك رادارات العدو وأنظمته الدفاعية، يشكل معادلة ردع متكاملة تضعف الذراع الجوية الصهيونية وتمنح خصومه قدرة على المبادرة والمناورة في بيئة العمليات.

5- وحدة الصف سبيل دحر الاحتلال

إن هذا العدو الصهيوني لم يأتِ إلى منطقتنا إلا محمّلاً بمخططاته التوسعية وأطماعه الاستعمارية، مستنداً إلى مشروع قائم على سلب الأرض وتشريد أهلها وإضعاف شعوبها. ومن يتأمل مساره يجد أنه لا يعرف إلا منطق القوة والهيمنة، ولا يحمل لشعوبنا سوى العداء والخصومة.

وأمام هذا الواقع، يصبح من الوهم الاعتقاد بأن الاحتلال يمكن أن يُهزم في ظل التشرذم والانقسام. فالتاريخ يعلمنا أن قوى الاستعمار لا تنكسر إلا حين تجتمع الشعوب على كلمة سواء، وتتوحد إرادتها في مواجهة الخطر المشترك. ومن يظن أن الفرقة قادرة على صناعة النصر، فقد خاب ظنه؛ إذ لا يُهزم الاحتلال إلا بوحدة الصف، ولا تتحقق الحرية إلا بتضحيات جماعية تُبذل في سبيل الأرض والكرامة.

إن قوتنا الحقيقية لا تكمن في عدد العتاد فحسب، بل في اجتماع الكلمة ورص الصفوف، وفي إدراك أن المعركة ليست معركة فصيل أو جماعة بعينها، بل معركة أمة بأكملها في مواجهة مشروع استعماري غاصب. وكلما ازداد تشرذمنا طال عمر الاحتلال، وكلما تعاظمت وحدتنا تسارع انكساره وزواله.

وعليه، فإن التحدي الأكبر أمام شعوبنا ليس فقط في صد عدوان العدو، بل في تجاوز خلافاتها الداخلية، وبناء مشروع وطني جامع يجعل من وحدة الكلمة سلاحاً، ومن التضحية المشتركة طريقاً نحو الحرية والنصر.

ثالثاً: العلاقات الخارجية للمؤسسة العسكرية:

1-أحمد فتحي خليفة يهنئ خالد خليفة حفتر بمناسبة توليه منصب رئيس الأركان العامة لما يسمى بالجيش الليبي :

بعث الفريق  أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة برقية تهنئة إلى الفريق أول ركن / خالد خليفة حفتر بمناسبة تعيينه رئيساً للأركان العامة للجيش الوطني الليبي.

وأكد الفريق  أحمد فتحي خليفة في برقيته على اعتزاز القوات المسلحة المصرية بالعلاقات التاريخية التي تجمعها مع القوات المسلحة الليبية، معرباً عن ثقته في أن تسهم هذه الخطوة في دعم الجهود الرامية إلى ترسيخ الأمن والاستقرار على الساحة الليبية.

كما أكد خليفة على تطلع القوات المسلحة المصرية إلى مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بما يعزز أمن واستقرار المنطقة.

تعليق:

أولاً: على مستوى الشرعية الدولية

الحكومة المعترف بها دولياً في ليبيا هي حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس (بقيادة عبد الحميد الدبيبة) والمؤسسات التابعة لها.

قوات حفتر، بما فيها ما يُسمى “الجيش الوطني الليبي”، لا تحظى باعتراف أممي رسمي، وتُعتبر في القانون الدولي تشكيلات موازية أو ميليشيا مسلحة.

ثانياً: على مستوى الموقف المصري

مصر منذ سنوات تتعامل مع حفتر كطرف رئيسي، لأنها ترى فيه ضمانة لأمنها القومي على حدودها الغربية، خاصة في مكافحة الإرهاب وملف الحدود وتقدم له كل أشكال الدعم.

التهنئة الرسمية من رئيس أركان الجيش المصري لنظيره التابع لحفتر، تعني أن القاهرة لا تتعامل معه كميليشيا، بل كـ”جيش نظامي”، وهو اعتراف عملي بسلطته العسكرية شرق ليبيا.

ثالثاً: الدلالات السياسية

ازدواجية التعامل: مصر تدرك أن حكومة طرابلس لها الاعتراف الدولي، لكنها في الممارسة العملية تتعامل مع حفتر لأنه يسيطر فعلياً على الشرق (منطقة الحدود معها).

رسالة سياسية: هذه التهنئة هي رسالة بأن القاهرة ما زالت تعتبر حفتر ومؤسساته حليفاً استراتيجياً.

إشكالية الشرعية: من الناحية القانونية، قد يُقرأ الموقف المصري على أنه دعم لكيان عسكري غير شرعي موازٍ لمؤسسات الدولة الليبية، وهو ما يفتح باب الانتقادات.

الاستنتاج:

هذا الخبر يؤكد أن النظام المصري –بغض النظر عن الشرعية الدولية– يتعامل مع حفتر ومؤسساته كـ”مؤسسة رسمية”، وهو ما يعكس أولويات النظام المصري على حساب الاعتبارات القانونية. وفي نفس الوقت أيضاً بذلك  يُظهر نفسه كطرف منحاز في الأزمة الليبية، لا كوسيط محايد.

2-قوات مصرية في الصومال:

وصل وفد عسكري مصري رفيع المستوى إلى مطار آدم عدي الدولي في مقديشو، يضم كبار الضباط ووحدات خاصة، وذلك في إطار التحضيرات لنشر قوات مصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال.

وأفادت مصادر عسكرية صومالية أن الوفد سيتولى وضع الأسس اللوجستية والتنسيق مع السلطات المحلية لتسهيل وصول 1091 جندياً مصرياً ضمن البعثة الأفريقية، إضافة إلى قوات أخرى ستنضم بموجب الاتفاقية الثنائية بين القاهرة ومقديشو.

وأكدت وزارة الدفاع الصومالية أن هذه الخطوة تعكس “التزام مصر بدعم أمن الصومال وبناء قدرات الجيش الوطني الصومالي”، مشيرة إلى أن الفريق المصري خضع لتدريبات مكثفة قبل وصوله، ما يعزز جاهزيته للعمل في بيئة أمنية معقدة.

ويأتي وصول الوفد بعد إرسال مصر ثلاث شحنات أسلحة إلى الصومال عام 2024، تضمنت مدفعية وصواريخ مضادة للدروع، وذلك في إطار اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود. وتأتي هذه الخطوة وسط توترات إقليمية بين مصر وإثيوبيا على خلفية سد النهضة، حيث عززت القاهرة تعاونها العسكري مع مقديشو عبر تدريب ثلاثة آلاف جندي من الجيش الصومالي وتزويده بمختلف المعدات العسكرية.

ومن المقرر أن تحل القوات الأفريقية الجديدة محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)، التي انتهى عملها في ديسمبر 2024، على أن يبلغ قوامها نحو 11,900 عنصر، في وقت أعربت فيه إثيوبيا عن قلقها من الوجود المصري في الصومال، خصوصاً بعد توقيع مذكرة تفاهم لاستئجار ساحل في إقليم أرض الصومال لإنشاء قاعدة بحرية.

فمع اقتراب موعد افتتاح سد النهضة، الذي تعتبره القاهرة اعتداءً على أمنها المائي، برزت أنباء عن نية الجيش المصري إرسال قوات إلى الصومال للتمركز قرب الحدود الإثيوبية، في رسالة واضحة بأن مصر قادرة على فتح جبهة ضغط ميدانية إذا لزم الأمر. هذه الخطوة تحمل دلالات استراتيجية، إذ تؤكد أن الجيش المصري يراقب بدقة التحركات الإثيوبية، ولن يسمح بفرض واقع يهدد مصالحه المائية والتاريخية في نهر النيل.

3-الدور الإماراتي في السيطرة على المثلث الحدودي:

  • الإمارات وحفتر  وراء سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودي في السودان: في يونيو الماضي، شهدت الحدود البرية الوعرة بين السودان وليبيا و مصر تحولاً استراتيجياً لافتاً. قوات «الدعم السريع» – وهي جماعة شبه عسكرية سودانية تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل 2023 – سيطرت على الجزء السوداني من «المثلث الحدودي بين لبيا ومصر والسودان» الحساس.

كشف تقرير  ل”ميدل إيست آي” – مدعوم بصور أقمار صناعية وبيانات رحلات وشهادات شهود عيان – أن العملية لم تكن لتتم دون دعم ميليشيات ليبية موالية لخليفة حفتر، ورعاية مباشرة من الإمارات، ودور لوجستي روسي.

هذا الحدث لم يغير موازين القوى على الأرض فحسب، بل فجّر أيضاً توترات إقليمية بين حلفاء الأمس، وعلى رأسهم الإمارات ومصر، وفتح الباب أمام سباق نفوذ إقليمي في بلد غني بالموارد وساحل استراتيجي طويل. (التقرير كامل على هذا الرابط).

تعليق:

المثلث الحدودي الذي أعلنت مليشيات الدعم السريع السيطرة عليه أمر شديد الخطورة على الأمن القومي المصري يقع المثلث شمال مدينة الفاشر وهو نقطة التقاء حدودية بين ثلاث دول: السودان، ليبيَا، ومصر استخدم تاريخياً لأغراض تهريب الأسلحة والمسلحين والهجرة غير الشرعية، سيطرة مليشيات الدعم السريع عليه تُضخم المخاطر الأمنية على مصر وخصوصاً في مِلَفّ تدفق المقاتلين والمهربين.

4- قائد القوات البحرية يلتقى رئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية:

التقى اللواء بحرى أح / محمود عادل فوزي، قائد القوات البحرية، بالفريق الركن بحرى / محمـد بن عبد الرحمن الغريبي، رئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية، والوفد المرافق له خلال زيارته الرسمية لقيادة القوات البحرية بالإسكندرية.

تناول اللقاء مناقشة أوجه تعزيز علاقات التعاون العسكري بين القوات البحرية المصرية والقوات البحرية الملكية السعودية، كما تم عقد جلسة مباحثات مشتركة لبحث سبل نقل وتبادل الخبرات بين الجانبين، وتوقيع بروتوكول تعاون لدعم جهود الأمن البحري.

وفي سياق متصل، قام قائد القوات البحرية ورئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية بزيارة إلى شركة ترسانة الإسكندرية، والمرور على عدد من الوحدات البحرية للتعرف على أحدث منظومات التسليح التي شهدتها القوات البحرية في الآونة الأخيرة ، كما تم زيارة الكلية البحرية لمتابعة كيفية الإعداد والـتأهيل للطلبة وفقاً لأحدث النظم التعليمية.

5-وزير الدفاع المصري يلتقي برئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني:

التقى الفريق أول عبد المجيد صقر – وزير الدفاع باللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة بالمملكة الأردنية الهاشمية.

تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة لكلا البلدين ، كذلك أحدث المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الظروف والتحديات الراهنة.

وفى سياق متصل التقى الفريق أحمد خليفة – رئيس أركان حرب القوات المسلحة برئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة بالمملكة الأردنية الهاشمية، حيث أجريت له مراسم استقبال رسمية بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع.

هذا وتناول اللقاء، مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء دعم العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة المصرية والأردنية.

وأكد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، على اعتزازه بالعلاقات الراسخة التي تربط القوات المسلحة المصرية والأردنية ، مشيراً إلى حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تعزيز أواصر التعاون في مختلف المجالات العسكرية بين كلا الجانبين.

من جانبه أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية إلى حرص بلاده على تعزيز أوجه علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين خلال المرحلة المقبلة ، مشيداً بالجهود التي تبذلها مصر لدعم ركائز الأمن والسلام بالمنطقة.. حضر اللقاء عدد من قادة القوات المسلحة المصرية والأردنية والملحق العسكري الأردني بالقاهرة.

6-وزير الدفاع يلتقي بوزيرة الدفاع التنزانية:

التقى الفريق أول عبدالمجيد صقر، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، السيدة ستيرجومينا لورانس تاكس، وزير الدفاع والخدمة الوطنية التنزانية والوفد المرافق لها، تناول اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز أوجه التعاون العسكري بين القوات المسلحة المصرية والتنزانية.

وأكد صقر  على عمق الروابط والعلاقات التاريخية بين البلدين، وحرص القيادة العامة للقوات المسلحة على زيادة أواصر التعاون في مختلف المجالات العسكرية.

من جانبها أعربت وزير الدفاع والخدمة الوطنية التنزانية عن تقديرها لدور مصر المحوري في دعم السلام والاستقرار بالقارة الإفريقية، متطلعةً بأن تشهد المرحلة القادمة مزيداً من التعاون المشترك بين البلدين.

أعقب اللقاء توقيع الجانبان اتفاقية تعاون بما يسهم في نقل وتبادل الخبرات في العديد من المجالات العسكرية.

7-وزير الدفاع يلتقي بوزير الدفاع لدولة فيتنام:

التقى الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع بالفريق أول فان فان جيانج وزير الدفاع لدولة فيتنام والوفد المرافق له الذى زار مصر ضمن وفد رئيس جمهورية فيتنام.

تناول اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز أوجه التعاون العسكري في العديد من المجالات.

وأكد صقر على اعتزازه بالعلاقات التي تربط القوات المسلحة المصرية والفيتنامية، مشيراً إلى أهمية تنسيق الجهود وزيادة آفاق التعاون العسكري مستقبلاً بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.

من جهته، أشار وزير الدفاع بدولة فيتنام، إلى حرص بلاده على دعم العلاقات العسكرية، وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين في مختلف المجالات العسكرية خلال المرحلة المقبلة.

وفى نهاية اللقاء وقع الجانبان، على خطاب نوايا لتعزيز التعاون الدفاعي بين مصر وفيتنام.

حضر اللقاء الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وعدد من قادة القوات المسلحة المصرية والفيتنامية

خامساً: التسليح:  

  • تناقلت وسائل إعلام صينية متخصصة تقريراً كشفت فيه عن تحوّل لافت في استراتيجية التسليح المصرية، تمثل في التراجع عن صفقة شراء مقاتلات صينية متطورة، مقابل التوجه نحو اقتناء طائرات مسيّرة بقيمة 400 مليون دولار، مع استعراض أبرز العوامل التي دفعت القاهرة إلى هذا القرار.

وبحسب هذه التقارير، كانت القوات الجوية المصرية تضع المقاتلة الصينية متعددة المهام J-10C على رأس أولوياتها، خاصة بعد الأداء المتميز الذي أظهرته في النزاع الهندي-الباكستاني، ما أثار إعجاب قادة الجيش المصري ودفع نحو مفاوضات متقدمة مع بكين لشراء عدد كبير منها. لكن، وفي اللحظات التي كان يُنتظر فيها الإعلان عن الاتفاق النهائي، تغيّر المسار بشكل مفاجئ، ليفاجئ القرار الأوساط العسكرية والمحللين.

ووفق ما نقلته المصادر الصينية، برزت القيود المالية كعامل رئيسي وراء هذا التحوّل، إذ لا تتجاوز ميزانية الدفاع المصرية 4.5 مليارات دولار سنوياً، وهو مبلغ يعد محدوداً مقارنةً بكلفة شراء 40 مقاتلة من طراز J-10C، التي تقترب من 8 مليارات دولار، دون احتساب مصاريف التسليح المرافق، وطائرات الإنذار المبكر، وأنظمة الدفاع الجوي، فضلاً عن أعباء التشغيل والصيانة على المدى الطويل.

وأضافت المصادر أن هناك تعقيدات لوجستية ناتجة عن تنوّع أسطول المقاتلات المصري، الذي يضم طائرات أمريكية من طراز F-16، وروسية ميغ-29، وفرنسية رافال، ولكل منها منظومة صيانة وإمداد خاصة. وكان إدخال طراز صيني جديد سيؤدي إلى زيادة تعقيد شبكة الإمداد، ويتطلب تدريب كوادر جديدة وتحديثات فنية مستمرة، مما يضاعف الضغط على منظومة الدعم الفني.

أما البعد السياسي، فكان حاضراً بقوة بحسب التقارير، إذ تعتمد القاهرة على الدعم الأمريكي في صيانة وتطوير أسطولها من F-16، وأي خطوة نحو شراء مقاتلات صينية قد تُفسَّر في واشنطن على أنها تقليص لنفوذها العسكري في مصر، إضافةً إلى المخاوف التقليدية المرتبطة بالتفوق الجوي الإسرائيلي. وتستحضر القاهرة في هذا الإطار تجربة صفقة سو-35 الروسية التي ألغيت عام 2020، وما ترتب عليها من خسائر مالية، ما جعلها أكثر حذراً في خياراتها المستقبلية.

استناداً إلى هذه المعطيات، اتجهت مصر – وفقاً للمصادر الصينية – إلى الاعتماد على الطائرات المسيّرة كخيار أقل تكلفة وأكثر مرونة من الناحية السياسية، فاختارت الطائرة الصينية WJ-700 “الصقر”، القادرة على التحليق حتى ارتفاع 18 ألف متر، وتفادي معظم أنظمة الدفاع الجوي، مع تنفيذ مهام استطلاع وضربات دقيقة ضد أهداف برية وبحرية. وتبلغ كلفة شراء 10 طائرات من هذا الطراز نحو 400 مليون دولار فقط، أي ما يعادل ثمن مقاتلة رافال واحدة تقريباً، مع انخفاض كبير في مصاريف التشغيل والصيانة، ودون التعقيدات السياسية التي ترافق صفقات المقاتلات المتقدمة.

ولتعزيز هذه الخطوة، أقدمت مصر – بحسب المصادر ذاتها – على شراء أنظمة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B لدمجها مع قدرات المسيّرات، بما يمنح الجيش مزيجاً متوازناً من الدفاع الجوي والقدرة الهجومية الدقيقة. ويجسد هذا التوجه استراتيجية تقوم على مبدأ “الكفاءة العالية مقابل الكلفة المنخفضة”، ما يتيح الحفاظ على القدرة الردعية دون استنزاف الموارد أو التورط في أزمات سياسية.

رصدت مصادر عسكرية مرة أخرى نشاطاً غير اعتيادي للقوات الجوية الصينية في البحر الأبيض المتوسط، حيث شوهدت طائرة التزويد بالوقود Xi’an YY-20 التابعة لسلاح الجو الشعبي الصيني (PLAAF) تحمل الرقم التسلسلي 20543 hex 7A444F، على الأرجح بعد إقلاعها من قاعدة غرب القاهرة الجوية في مصر.

وفي 28 يوليو، تم رصد نفس الطائرة الصينية تعمل قبالة الساحل المصري، وسط ظهور طائرة مقاتلة مصرية بالقرب منها من خلال إشارات تعريف على نظام SNIPE2، وهو نظام تتبع يُستخدم في تحليل التحركات الجوية. مع احتمال وجود المزيد من الطائرات غير المرصودة في الوقت نفسه.

يعكس هذا التواجد المتكرر للقوة الجوية الصينية في المنطقة استمرار اهتمام المسؤولين المصريين بالمعدات العسكرية الصينية بمختلف أنواعها، ويشير إلى تنسيق محتمل مع القوات الجوية المصرية، في سياق تعزيز التعاون العسكري أو متابعة أنشطة مراقبة استراتيجية في البحر المتوسط.

قراءة تحليلية:

تراجع مصر عن صفقة طائرات J-10C الصينية، وهو القرار الذي يشبه ما حدث سابقاً مع صفقة طائرات السوخوي الروسية، يشير  بشكل رئيسي إلى ضغوط سياسية خارجية، تحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تسعى إلى ضمان التفوق الجوي الدائم للعدو الصهيوني في المنطقة.

يشير هذا القرار إلى مدى تأثير المحيط الدولي على قرارات التسلح المصرية، ويبرز التحديات التي تواجهها مصر في محاولة تحقيق استقلالية القرار العسكري ضمن بيئة إقليمية ودولية حساسة. فبينما تسعى القاهرة إلى تحديث قدراتها الجوية وتوسيع أسطولها العسكري، تجد نفسها مضطرة للموازنة بين الخيارات العسكرية والاستجابة للضغوط الدبلوماسية والاقتصادية.

الأبعاد الاستراتيجية:

الأمن القومي: تراجع الصفقة يحد من خيارات مصر في تعزيز تفوقها الجوي، مما قد يؤثر على قدرتها على الردع في مواجهة التهديدات الإقليمية.

التوازن الإقليمي: يؤكد القرار استمرار التفوق العسكري الصهيوني المدعوم أمريكياً، ويعكس محدودية مساحة المناورة لمصر في تحديث قدراتها العسكرية بشكل مستقل.

الأبعاد السياسية:

القرار يسلط الضوء على الضغط الأمريكي المتواصل على القاهرة لتنسيق سياسات التسلح مع مصالح واشنطن وحلفائها.

يعكس المشهد توازن مصر بين الحفاظ على علاقاتها الدولية الاستراتيجية وبين الحاجة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية، إلا أنها تميل أحياناً إلى تقديم علاقاتها، خصوصاً مع الولايات المتحدة، على حساب تطوير قدراتها العسكرية.

الأبعاد الاقتصادية:

مثل هذه الصفقات العسكرية الكبيرة تتطلب استثمارات مالية ضخمة، وتراجع الصفقة يمكن أن يعكس أيضاً تقدير مصر للعبء المالي مقابل الفائدة الاستراتيجية.

يبرز دور التمويل الدولي وتأثيره على قرارات التسليح، خصوصاً عند الاعتماد على مصادر أسلحة متعددة الأطراف.

في المجمل، يعكس تراجع مصر عن صفقة J-10C تعقيدات الموازنة بين الأمن القومي، الضغوط الدولية، والاعتبارات الاقتصادية، ويؤكد أن قرارات التسلح في مصر لا تتخذ بمعزل عن البيئة الإقليمية والدولية المحيطة.

وأخيراً: في المجال العسكري تحديداً، يصبح استقلال القرار مسألة حياة أو موت للدولة. فعقيدة الجيش، وخطط التسليح، وعمليات الردع، كلها عناصر تتأثر مباشرة بمدى قدرة القيادة على اختيار ما يخدم مصالحها دون الخضوع لضغوط خارجية. الدولة التي تحدد منظومات تسليحها وفقاً لمصالحها الاستراتيجية فقط، تملك زمام المبادرة، أما التي تخضع في تسليحها لإملاءات قوى خارجية، فهي عملياً تمنح خصومها مفتاح تفوقها.

استقلال القرار الوطني ليس ترفاً سياسياً أو شعاراً عاطفياً، بل هو خط الدفاع الأول عن سيادة الدولة وأمنها القومي. ومن يفرّط فيه، طواعية أو تحت ضغط، يضع بلاده على طريق التبعية مهما امتلك من قوة ظاهرية. فالتاريخ يعلمنا أن من باع قراره باع سيادته، وأن من خضع للإملاءات فقد القدرة على حماية نفسه، ولو كان يملك ترسانة من السلاح.

في سياق أخر : بخصوص رصد مصادر عسكرية لنشاطاً غير اعتيادي للقوات الجوية الصينية في البحر الأبيض المتوسط، حيث شوهدت طائرة التزويد بالوقود Xi’an YY-20 التابعة لسلاح الجو الشعبي الصيني (PLAAF) تحمل الرقم التسلسلي 20543 hex 7A444F، على الأرجح بعد إقلاعها من قاعدة غرب القاهرة الجوية في مصر.  الطائرة Xi’an YY-20 هي أحدث طائرات التزويد بالوقود الصينية، وهي ما يعادل KC-46 الأمريكية تقريباً. وجودها في المتوسط يشير إلى أن الصين تقوم بعمليات تدريب وتمرين على الإمداد بالوقود جواً لمسافات بعيدة. إذا انطلقت من قاعدة مصرية، فهذا يعكس أن الصين تختبر قدرة قواتها الجوية على العمل بعيداً عن مسارح عملياتها التقليدية (المحيط الهادئ – بحر الصين الجنوبي). اختيار مصر بالتحديد (قاعدة غرب القاهرة) ليس صدفة، فهي موقع استراتيجي بين إفريقيا – الشرق الأوسط – المتوسط، ما يجعلها نقطة ارتكاز مثالية لأي قوة عظمى تبحث عن النفوذ.

  • تجري أكبر شركة فضاء ودفاع خاصة في كوريا الجنوبية، “هانوا إيروسبيس”، محادثات مع الحكومة المصرية لتصدير نظام “تشونمو” (K239 Chunmoo)، في صفقة قد تمنح القاهرة قدرة أكبر على الصيانة والتطوير الذاتي خلال الأزمات. هذا التوجه يأتي بعد فترة طويلة اعتمدت خلالها مصر بشكل رئيسي على الأسلحة الروسية، إذ بدأت مؤخراً في تنويع مصادر تسليحها مدفوعة بعوامل التكلفة وسرعة التسليم. وتشير بيانات حديثة إلى أن روسيا وفرت نحو 41% من واردات مصر العسكرية بين 2017 و2021، فيما عززت القاهرة تعاملاتها مع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، مع فتح قنوات جديدة مع كوريا الجنوبية.

يتميز نظام “تشونمو” بتصميم معياري وهيكل مفتوح، ما يتيح دمجه مع ذخائر متنوعة، بما فيها المصنّعة محلياً في مصر، ويشمل صواريخ متعددة العيارات من 130 ملم حتى 600 ملم، بمدى يتراوح بين 36 و290 كيلومتراً. وليس هذا التعاون الأول بين مصر وكوريا الجنوبية، إذ وقعت القاهرة وسيول عام 2022 عقداً بقيمة 1.7 مليار دولار لتزويد مصر بمدافع “كي-9” ومركبات إعادة التزويد “كي-10، كما أُجريت اختبارات مكثفة للمدافع في مصر عبر محركات محلية، قطعت خلالها أكثر من 10 آلاف كيلومتر عبر تضاريس متنوعة بنجاح كامل.

وقد بلغت قيمة هذه الصفقة نحو 2 تريليون وون كوري (ما يعادل 1.7 مليار دولار)، وكانت الأكبر في تاريخ صادرات مدافع “كي-9، كما مثّلت أول عملية تصدير للمدفعية الذاتية الكورية إلى دولة إفريقية.

ويتوقع محللون أن تتسارع المفاوضات قبل معرض “إيديكس” الدولي للدفاع في ديسمبر المقبل، حيث من المتوقع أن تشارك “هانوا إيروسبيس” في ظل اهتمام واسع في الأوساط الدفاعية بهذه الصفقة.

  • تُجسد المقاتلة الشبحية التركية “كآن أو قآن ” (TF-X)، من الجيل الخامس، خطوة مفصلية في مسار التقارب المتسارع بين أنقرة والقاهرة، في وقت تثير فيه هذه الطائرة المتقدمة قلقاً متصاعداً لدى عدد من القوى الإقليمية، نظراً لما تحمله من دلالات استراتيجية واحتمالات إعادة تشكيل ميزان القوى الجوية في الشرق الأوسط.

المقاتلة التي تطورها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية “توساش/تاي”، تُعد محاولة تركية جريئة للانضمام إلى نادي النخبة من الدول المنتجة لطائرات الجيل الخامس، الذي يضم حالياً مقاتلات إف-22 وإف-35 الأميركيتين، وJ-20 الصينية، وسو-57 الروسية. منذ دخول الإف-22 الخدمة في 2005، أصبحت هذه الفئة من الطائرات بمثابة “سيدة السماء” بلا منازع، لما تتمتع به من قدرات استثنائية تشمل المناورة العالية، والإلكترونيات المتطورة، والسرعة الفائقة، والأهم: خاصية التخفي عن الرادار.

وفي تطور لافت، كشفت وسائل إعلام تركية مؤخراً أن أنقرة وافقت من حيث المبدأ على انضمام مصر كشريك في مشروع إنتاج المقاتلة، كمطور ومصنع إلى جانب تركيا، وذلك في أعقاب زيارة ميدانية أجراها وفد من خبراء القوات الجوية المصرية للاطلاع على النموذج الأولي للطائرة وخطوط الإنتاج. ومن المتوقع توقيع مذكرة تفاهم رسمية بين البلدين بحلول نهاية عام 2025، تمهيداً لشراكة تقنية عميقة في مجال تصنيع الطائرات المتقدمة.

  •  تقدّمت القاهرة بطلب رسمي لشراء منظومة الدفاع الجوي المتقدمة “ناسامز” (NASAMS) من الولايات المتحدة، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 4.67 مليار دولار. وقد وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على الطلب، وأحالته إلى الكونغرس في 24 يوليو، ما يعكس سعي مصر لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي في ظل التحديات الإقليمية المتغيّرة. ولا تقتصر الصفقة على الحصول على منظومة صواريخ حديثة، بل تشمل أيضاً صواريخ AIM-120 جو-جو المتوسطة المدى (AMRAAM)، وهو سلاح سعت مصر منذ سنوات طويلة لاقتنائه دون أن تنجح، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية استخدامه ليس فقط ضمن منظومة “ناسامز”، بل أيضاً على متن أسطول مقاتلات “إف-16” المصرية.

تُعد ناسامز منظومة دفاع جوي متعددة الاستخدامات أثبتت فعاليتها، وهي نتاج شراكة بين شركة “كونغسبيرغ” النرويجية و ”رايثيون” الأمريكية، وتخدم حالياً في أكثر من 12 دولة، منها الولايات المتحدة (لحماية العاصمة واشنطن)، والنرويج، وفنلندا، وإسبانيا، وهولندا، وعُمان، وليتوانيا، وإندونيسيا، وأستراليا، وقطر، والمجر، وأوكرانيا، إضافة إلى دولة لم يُكشف عنها. وقد تأكدت فعاليتها الميدانية بوضوح في أوكرانيا، حيث لعبت دوراً محورياً في التصدي للهجمات الجوية الروسية.

سادساً: التدريبات العسكرية:

  • شهد الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع الاستراتيجي التعبوي التخصصي لهيئة الاستخبارات العسكرية، وذلك في إطار خطة التدريب القتالي لتشكيلات وهيئات القوات المسلحة ومراجعة الخطط على ضوء التحديات القائمة والمستجدات.

وأكد اللواء أركان حرب شريف فكرى رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، خلال كلمته، حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على دعم الهيئة بكافة الإمكانيات والقدرات التكنولوجية التي تمكنها من مواصلة أعمال الرصد لتحقيق الجاهزية التامة للرد الفوري على أي اعتداء ومجابهة التهديدات المحيطة بالأمن القومي المصري بكفاءة عالية.

وناقش القائد العام للقوات المسلحة عدداً من القادة المشاركين بالمشروع، معرباً عن تقديره للأداء المتميز الذى قدمته العناصر المشاركة، مؤكداً على أن المقاتل المصري أثبت ما بين الماضي والحاضر قدرته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده.

كان الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، قد شهد إحدى مراحل المشروع، وناقش عدداً من القادة والضباط في أسلوب تنفيذ مهامهم المختلفة.

يأتي تنفيذ هذا المشروع في إطار حرص القوات المسلحة على تطوير قدراتها ورفع كفاءة عناصرها في مختلف التخصصات بما يواكب تطورات ومتطلبات الأمن القومي المصري.

  • شهد الفريق أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الخامس للاتصالات ( ITC-EGYPT 2025 ) والذى نظمته القوات المسلحة على مدار عدة أيام بالأكاديمية العسكرية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة وذلك بحضور عدد من الوزراء والمحافظين وعدد من قادة القوات المسلحة والملحقين العسكريين للدول المختلفة وعدد من رؤساء الجامعات والشخصيات العامة.

سابعاً: اقتصاد المؤسسة العسكرية :

  • استحوذ جهاز مستقبل مصر  (التابع للقوات الجوية المصرية) على حصة تقترب من 89.66% من رأسمال شركة العربية لاستصلاح الأراضي، في صفقة تم تنفيذها اليوم بالبورصة المصرية، نتج عنها تخارج الشركة القابضة لاستصلاح الأراضي.

وأعلنت البورصة إنه بتاريخ 18 أغسطس 2025 تم تنفيذ صفقات من خلال آلية الصفقات ذات الحجم الكبير (BLOCK TRADING) على أسهم شركة العربية لاستصلاح الأراضي لعدد 4.662 مليون سهم بقيمة 23.311 مليون جنيه.

وقالت منه الله محمد خالد المحلل المالي بشركة مصر إكستريور المالية، إن جهاز مستقبل مصر يقود نقلة نوعية في قطاع الزراعة عبر الاستحواذ على “العربية للاستصلاح، ومن المخطط إجراء عملية إعادة هيكلة شاملة لرفع كفاءة الشركة العربية وتحويلها لذراع تنموي استراتيجي.

وأوضحت أن الميكنة الزراعية تأتى في صدارة خطة التطوير لتعزيز الإنتاجية وتقليل تكلفة الفدان، وهى الاستراتيجية التي يركز عليها جهاز مستقبل مصر ويعمل على نقلها لعديد من الشركات الأخرى.

وأشارت إلى وجود خطة من الجهاز لضخ استثمارات ضخمة لزيادة الرقعة المزروعة وتحقيق الأمن الغذائي المستدام، بجانب العمل على إبرام شراكات مع كبرى شركات التكنولوجيا الزراعية لتطبيق الزراعة الذكية.

ولفتت إلى أن العربية للاستصلاح تعتزم التحول إلى مركز إقليمي لخبرات استصلاح الأراضي، بعد تنفيذ صفقة جهاز مستقبل مصر، والتي تم أجرائها في البورصة المصرية بالقيمة الأسمية للسهم.

ثامناً: التصريحات والبيانات

  • قالت تقارير إعلامية نقلاً عن صحف محلية إن مجنداً بالقوات المسلحة قُتل وأصيب آخر في اشتباكات وقعت مع مسلحين جنوب الشيخ زويد في شمال سيناء. حيث كتبت الشبكة الإخبارية: “مقتل مجند بالقوات المسلحة وإصابة آخر في اشتباكات مع مسلحين جنوب الشيخ زويد في شمال سيناء وفقا لما أوردته صحف محلية.”
  •  واصلت قوات حرس الحدود جهودها المكثفة في التصدي لمحاولات التهريب والتسلل وإحباط العديد من المخططات الإجرامية التي تستهدف النيل من الأمن القومي المصري، وأسفرت الجهود الأخيرة للقوات المسلحة، وبناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة والأسلحة والذخائر.

وقد نجحت عناصر حرس الحدود في ضبط مئتين وأربعة عشر كيلوجراماً من المواد المخدرة داخل المسطح المائي للبحر الأبيض المتوسط، كما تم إحباط محاولة تهريب باستخدام “فلوكة”، حيث تم العثور على أربعة وثلاثين كيلوجراماً من نبات الهيدرو المخدر وعدد من جراكن البنزين.

كما تم ضبط ستمائة وثمانٍ وعشرين بندقية مختلفة الأنواع، إلى جانب كمية من الذخائر والأسلحة المتنوعة.

وأكدت القوات المسلحة من خلال تلك العمليات النوعية قدرتها العالية على تأمين حدود الدولة ومواجهة كافة التحديات، في ظل يقظة عناصرها الذين يسهرون على حماية الوطن.

تاسعاً: القرارات العسكرية

  • أعرب اللواء أ.ح مهندس مختار عبداللطيف رئيس الهيئة العربية للتصنيع، عن اعتزازه الشديد وتقديره البالغ لثقة القيادة السياسية ممثلة في السيسي، والتجديد له للقيام بمهام منصبه لفترة جديدة.
  • قامت القوات المسلحة تنفيذاً لقرار وزير الدفاع من خلال إدارة التجنيد والتعبئة بدفع عدد من اللجان الطبية التجنيدية إلى محافظات المنوفية والشرقية والغربية وذلك بالتنسيق مع الجامعات والمدارس الفكرية الواقعة في نطاقهم  للتيسير على ذوى الهمم وكبار السن وعدم انتقالهم إلى مناطق التجنيد والتعبئة التابعين لها ، حيث تم تجهيز أماكن أقرب ما يكون لمحل إقامتهم ودفع لجان طبية وتجنيدية للكشف عليهم وإنهاء مواقفهم التجنيدية دون أي مشقة وبالمجان .
  •  أعلنت الكلية الفنية العسكرية عن فتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا بالفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2025/2026 لخريجي الجامعات المصرية أو الجامعات الأجنبية المُعادلة من المجلس الأعلى للجامعات لنيل الشهادات والدرجات التالية بنظام الساعات المعتمدة والدراسة المسائية وهى:

1- دبلوم الدراسات العليا وتكون مدة الدراسة به سنة دراسية.

2- درجة الماجستير وتكون مدة الدراسة بها (2-3) سنة دراسية.

3- درجة الدكتوراه وتكون مدة الدراسة بها (3-5) سنة دراسية.

وجميعها معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات.

عاشراً: اللقاءات والزيارات:

  • نظمت القوات المسلحة زيارة لوفد من الإعلاميين وطلبة الأكاديمية العسكرية المصرية وطلبة الجامعات المصرية للشركة العربية العالمية للبصريات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية لعرض ما تنتجه الشركة على الزائرين. 

حادي عشر: الفاعليات العسكرية:

  • نظمت القوات المسلحة من خلال جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية التابع لهيئة الاستخبارات العسكرية وبالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة IOM فعاليات الدورة الدولية في حماية المدنيين أثناء عمليات حفظ السلام والقانون الدولي للهجرة بحضور عدد من ضباط القوات المسلحة المؤهلين للمشاركة في المهام الأممية المختلفة وعدد من ضباط الدول المختلفة.

أعلنت الأكاديمية الطبية العسكرية عن عقدها لعدة دورات تدريبية قصيرة في مجال الرعاية الصحية لجميع خريجي كليات القطاع الطبي من العسكريين والمدنيين.

محمود جمال

باحث متخصص في العلاقات المدنية العسكرية والدراسات الاستراتيجية والأمنية ومدير وحدة الرصد والتوثيق بالمعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى