دراسات

المسئولية الدولية الماهية ـ الآثار ـ النظريات

بعد أن استقر الفقه والقضاء الدوليان على مسئولية الدولة مدنياً بدأ الاتجاه يتزايد نحو وجوب مسئولية الدولة مسئولية جنائية عن أفعال الضارة وذلك منذ انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية باستكهولم في الفترة من 5 إلى 16 يونيو 1972، وقد نادى الفقه الدولي الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بضرورة توقيع العقوبات الدولية على الدولة التي ترتكب المخالفات الدولية مثل الحروب الميدانية وانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية([1])، كما أن لائحتي محكمتي نورمبرج وطوكيو قد أقرتا المسئولية الدولية بالنسبة لأشخاص القانون الدولي دون تفرقة بين الدولة والشخص، كذلك الأخذ في الاعتبار القرارات التي أصدرها مؤتمر بروكسل للجمعية الدولية للقانون الجنائي في يوليو 1926 الخاصة بمشروع إنشاء محكمة جنائية دولية إذا تضمنت الأخذ بفكرة أن الدولة هي المجرمة، حيث ورد بها تعترف المحكمة بأن جميع المسئولية الجنائية تقع على عاتق الدولة، فواضعو هذه القرارات تكلموا في البداية عن مسئولية الدولة([2]).

وعن لائحتي محكمتي نور مبرج وطوكيو، فقد أقرت المسئولية الدولية بالنسبة لأشخاص القانون الدولي دون تفرقه بين الدولة والشخص الطبيعي وذلك في مادتها الثامنة حيث قررت في هذه المادة أن أوامر الحكومة أو الرئيس في حالة تعارضها مع أحكام أو قواعد القانون الدولي العام فإنها لا تعفى منفذها من المسئولية.

يضاف إلى ذلك أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 14 فبراير 2002، قد أوضح النظام الثاني للحصانات الشخصية لوزراء الشئون الخارجية، وذلك على الرغم من أن المحكمة قد أغلقت البت بشان الاختصاص الجنائي العالمي للقضاء الوطني، ولم تقم تمييزاً بين ما يطلق عليه الحصانات الوظيفية التي يستفيد منها وزراء الشئون الخارجية، أو بصفة عامة كافة أشخاص الدولة عن الأعمال التي تقع منهم أثناء ممارسة وظائفهم، والحصانات الشخصية بعبارة أخرى لقد طرح هذا الحكم على بساط المناقشة مسألة مدى إمكانية ملاحقة كبار الدولة عن الجرائم الدولية.

ويرتب النظام القانوني الدولي لأشخاصه حقوقاً، كما يفرض عليهم التزامات وهذه الالتزامات واجبة التنفيذ سواء أكان مصدرها اتفاقياً أم عرفياً أم حكماً قررته المبادئ العامة للقانون في النظم القانونية المختلفة، فإذا تخلف أحد أشخاص القانون الدولي عن القيام بالتزام دولي ما، ترتب على تخلفه هذا تحمله للمسؤولية الدولية.‏

ويمكن تناول ماهية المسئولية الدولية، وطبيعتها، وأساسها، وأركانها، وآثارها، من خلال المحاور التالية:

ماهية المسؤولية الدولية وطبيعتها

تثير “المسؤولية الدولية” مسائل عديدة وجدلية، ويمكن رد ذلك إلى عدة اعتبارات، منها: إن الالتزامات الدولية المترتبة على الدولة غير محددة بدقة سواء في العرف الدولي أو بالاستناد إلى المبادئ العامة للقانون. يضاف إلى ذلك أن مركز الأجانب ما زال موضع خلاف الكثير من فقهاء القانون.

وكذلك حصول كثير من الدول الآسيوية والأفريقية، ومن ضمنها الدول العربية، على استقلالها حديثاً ودخولها في المجتمع الدولي كدول مستقلة ذات سيادة، ولقد قامت هذه الدول بالعديد من التدابير الكفيلة بتحريرها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مما حدا بالدول الأجنبية التي تأثرت مصالح مواطنيها بتلك التدابير إلى الادعاء بترتب “المسؤولية الدولية” على عاتق الدولة التي قامت بها، متجاهلة بأن القانون الدولي لا يمكن أن يقف بحال من الأحوال حجر عثرة في طريق التحرر الاقتصادي والاجتماعي للدول التي حققت تحررها السياسي حديثاً. وإذا كان القانون الدولي العام التقليدي، الذي لم تشارك الدول حديثة الاستقلال في وضع قواعده. قد عجز عن فهم هذه الحقيقة، فإنه لا بد من تطوير القانون الدولي العام بحيث يتضمن القواعد القانونية التي تتلاءم مع حاجات العلاقات الدولية المتطورة

كما أن المجتمع الدولي شهد تعدداً في الأنظمة القانونية التي تختلف فيما بينها، وهذه الاختلافات تركت أثرها على موقف تلك الأنظمة من “المسؤولية الدولية” ففي الوقت الذي تشكل فيه حماية الملكية الفردية حجر الزاوية في النظام الرأسمالي، نجد أن النظام الشيوعي يقف موقفاً متطرفاً من الملكية الفردية بما في ذلك ملكية الأجانب، ونتيجة لذلك، لا بد من أن ينعكس هذا الخلاف في وجهات النظر على قواعد “المسؤولية الدولية” المترتبة على لحوق الأضرار بالأجانب.‏

ماهية المسئولية الدولية

استقر الفقه الدولي على أنه حال الإخلال بالتزام دولي، تقوم برابطة قانونية جديدة بين شخصين من أشخاص القانون الدولي هما الشخص المخل بالالتزام الدولي والشخص المضرور من هذا الإخلال ويكون لهذا الأخير الحق في المطالبة بالتعويض من الأول، تلك هي المسئولية الدولية ([3]). والقواعد القانونية التي تنظم المسئولية هي قواعد عرفية. فقد بدأت محاولات تقنينها في مؤتمر لاهاي عام 1930. ولم تصل إلى نتيجة مجمع عليها من جانب الدول ([4]). كما أن الفقه الدولي يولى اهتماماً واسعاً لهذا النظام، كما أن لجنة القانون الدولي تقوم بدارسة هذا الموضوع منذ عام 1963، ووصلت فيه إلى نتائج هامة تدل على التطور الملحوظ في هذا النظام والقواعد التي تحكمه نتيجة للتطورات الهائلة التي حدثت في العلاقات الدولية ومازال الموضوع قيد البحث في لجنة القانون الدولي ([5]).

وقد قامت المسئولية بدور هام في تطوير القواعد القانونية في فروع القانون الداخلية منها القانون المدني، ولعل هذا الدور يبدو ظاهراً أكثر في القانون الإداري، أما في القانون الدولي فمتمثل دراسة المسئولية أهمية خاصة، فهي من الأبواب التي تسهم في تطويره بما تقرره من ضمانات لإساءة استعمال الحقوق التي يقررها القانون الدولي فهي تضع الضوابط لهذه الحقوق. ونحن إذا كنا نستعمل ذات المصطلح المستعمل في القانون الداخلي “المسئولية” إلا أن ذلك لا يعنى أن التماثل بينهما متوافر، فالمسئولية في القانون الدولي تختلف عنها في فروع القانون الداخلية، ذلك أن القانون الدولي، لم يبلغ بعد مرحلة التطور الذي بلغها القانون الداخلي، فهو لا يعرف الجزاء ضد الفعل إنما الجزاء ضد أشخاص القانون الدولي أنفسهم فحسب، فالأمر في القانون الدولي مرجعة تحديد الشخص المسئول وليس كما هو في القانون الداخلي، تقرير المشروعية أو البطلان. ومن ثم فإن تعويض المتضرر عما ناله بمقابل نقدي هو الجزاء الطبيعي في القانون الدولي ([6]).

ففي البداية تولت المعاهدات مهمة تحديد الواجهات والمسئوليات والإجراءات الواجب إتباعها في حالة المخالفة، ولكن التطورات الدولية المتلاحقة أظهرت عدم جدوى ذلك، وقد ساهم القضاء الدولي في بناء تنظيم قانون واضح لقواعد المسئولية الدولة، يختلف عن البناء القانوني للمسئولية في القانون الداخلي، لأنه لا يقوم على الخطأ، إنما يرتبط بالتصرفات التي تنتهك التزاماً قانونياً سواء نجم ذلك الالتزام عن معاهدة أو غير ذلك من مصادر القانون الدولي ومن ثم فإن المسئولية الدولية في معناها الفني الدقيق لا تنقسم كما هو الحال في القانون الداخلي، إلى تعاقدية وتقصيريه. وإن كان بعض الفقه قال بذلك.

والنظام القانوني الدولي مثل غيره من الأنظمة القانونية الأخرى، يفرض التزامات قانونية على أشخاصه، وهذه الالتزامات القانونية واجبة التنفيذ أياً كان مصدرها طالماً أن هذا معترف به في القانون الدولي، أي سواء كان مصدر الالتزام معاهدة دولية أو قاعدة عرفية أو مبدأ من المبادئ العامة للقانون في النظم القانونية المختلفة، فإذا أخل الشخص الدولي عن الوفاء بالتزامه ترتب على هذا الإخلال توافر المسئولية الدولية في حقه، لامتناعه عن القيام بما يفرضه عليه القانون الدولي من التزامات ([7]).

وارتباط الالتزام الدولي بحكم الضرورة بالمسئولية الدولية أمر مسلم به، ومجمع عليه، مما جعله قواعد عرفية مستقرة بين الدول، قد نص عليه صراحة في بعض المعاهدات الدولية، كنص المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي الرابعة المنعقدة سنة 1907م، بشأن تنظيم قواعد الحرب البرية، وكما قررته المحكمة الدائمة للعدل الدولي في أحد أحكامها، إذ قررت أن من مبادئي القانون الدولي، بل من الأحكام القانونية العامة، فإنه يترتب على إخلال الدولة بتعهداتها التزامها بالتعويض عنه على نحو كاف، ولو لم ينص على ذلك في الاتفاقية التي حصل الإخلال بأحكامها([8]).

فى عام 1928م قضت المحكمة الدائمة للعدل الدولي أن المسئولية الدولية مبدأ من مبادئ القانون الدولي، بل إنها المفهوم العام للقانون، وتكمن في أن أية مخالفة في الارتباط أو التعاقد يترتب عليها الالتزام بالتعويض، وأضافت أن نفس المبدأ ينطبق على قضايا التحكيم بقصد إعادة الشيء إلى أصله، ومبلغ التعويض يجب أن يتناسب مع ما ترتب عن مخالفة القانون الدولي ([9]).

والعرف الدولي هو الذي يقوم بتنظيم المسئولية الدولية، ونجد عناصر هذا التنظيم في كثر من أحكام القضاء الدولي وقد سبق ذكر بعضها، وتقوم لجنة القانون الدولي في الوقت الحالي بتدوين قواعد القانون الدولي المتعلقة بالمسئولية الدولية. وفى المقابل، ذهب عدد قليل من الفقهاء إلى أنه لا يمكن القول بالمسئولية الدولية، لأنها تتعارض مع فكرة السيادة وهذا الرأي مرود عليه: لأن نظرية السيادة المطلقة نظرية خاطئة، كما أن هذه النظرية لا تتنافى مع المسئولية الدولية ويكون أساس المسئولية هو نفس أساس الالتزام بقواعد القانون الدولي العام ([10]).

وسعياً نحو ترسيخ المسئولية الدولية للأشخاص الدوليين في القانون الدولي العام، لم تكتف لجنة القانون الدولي بمسئولية الشخص الدولي بل زادت في ذلك بتوافر المسئولية الدولية في حق الشخص الدولي الذي قام بمساعدة الشخص المعتدى الذي ارتكب الفعل الضار المخالف لالتزام دولي على شرطين هما: الأول: أن يقوم الشخص الدولي معونة أو مساعدة للشخص المعتدى، وتثبيت المسئولية حتى لو كانت هذه المعونة أو المساعدة بمفردها لا تشكل خرقاً لالتزام دولي. والثاني: إذا ثبت أن الشخص الدولي قدم ارتكاب فعل غير مشروع دولياً قام به الشخص الدولي الأخر ([11]).

وفى هذا الإطار تعددت زوايا النظر إلى المسئولية الدولية، ومن ذلك:

1ـ أن المسئولية، بالمعنى العام، هي التزام شخص من الأشخاص باحترام المصلحة المشروعة لشخص أخر من أشخاص القانون، وأن يتحمل أعباء انتهاك هذه المصلحة وتحمل آثاره مع إصلاح ما ينجم عنه للغير أما المسئولية في القانون الدولي، فهي الالتزام الذى يفرضه القانون الدولي على شخص القانون الذى ينسب إليه تصرف أو امتناع يخالف التزاماته الدولية، بأن يقدم للشخص الذى كان ضحية هذا التصرف أو الامتناع ما جيب من إصلاح، ومن ثم فإن القانون الدولي يقر للمنظمات الدولية وللأفراد بالتداعي وتحمل المسئولية بيد أن مسئولية الدولة هي التي تشغل الحيز الأكبر في دراسة المسئولية بحسب أن الدولة هي الشخص النموذجي للقانون الدولي، فإذا نظرناً إلى المسئولية الدولية من هذه الزاوية يمكن أن نقول بإيجاز أن المسئولية الدولية هي نظام قانونى يكون بمقتضاه على الدولة – التي تنهك مصلحة مشروعة طبقاً للقانون الدولي – التزام بإصلاح ما ترتب على ذلك الفعل خيال الدولة التي ارتكبت هذا الفعل ضدها أو ضد رعاياها([12]). وهناك من عرف المسئولية الدولية بأنها (الالتزام الذي يفرضه القانون الدولي على الشخص الدولي بإصلاح الضرر الذي لحق بشخص دولي أخر) ([13]).

2ـ عرفها البعض بأنها (الجزاء الذي يترتب على مخالفة شخص من أشخاص القانون الدولي لالتزاماته المقررة أو المفروضة طبقاً لقواعد القانون الدولي المعترف بها، وقواعد القانون الدولي المعترف بها توجد في المعاهدات الدولية والعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون ([14]). والالتزام بالإرادة المنفردة وقرارات المنظمات الدولية) ([15]).

3ـ المسئولية الدولية هي (الجزاء الذي يترتب على الجزاء – ولكنه متواضع – بالنسبة للجزاء في القانون الداخلي، وهذا الجزاء يتمثل في دفع قيمة تعويض لإصلاح الأضرار المادية التي تصيب الضحايا أو يتمثل في اعتذار رسمي يصدر من الشخص المخل بالتزامه عندما تكون هناك أضراراً معنوية تمس أو تجرح شعور عضو أو أكثر من أعضاء الجماعة الدولية وهو ما يتمثل في الترضية. أما مصادر الالتزام في القانون الدولي فهي تتمثل أساساً في المعاهدات الدولية كما قد يكون مصدر الالتزام قاعدة عرفية استقرت في الجماعة الدولية أو في مبدأ من المبادئ القانونية العامة. وقد يكون الالتزام مصدره الإرادة المنفردة لشخص القانون الدولي أو في قرار صادر عن منظمة دولية.

4ـ المسئولية الدولية هي، القواعد التي تحكم موضوع العلاقة بين من أخل من أشخاص القانون الدولي بأداء التزامه وبين من تضرر نتيجة ذلك ([16]). أما عن قواعد هذه المسؤولية، فهي في تطور مستمر، بحيث أصبحت، مثل قواعد أية مسؤولية، تحتل الجزء الأهم من النظام القانوني الذي يحتويها، بل تعكس درجة تطور ذلك النظام. وبسبب هذه الأهمية كانت لجنة القانون الدولي قد اختارت “مسؤولية الدول”، موضوعاً للتدوين منذ دورتها الأولي (1949) ([17]). وتناولت فيه شروط “أركان” قيام المسؤولية (المطلب الأول) وتحديد الآثار الناجمة عن تحقق تلك الشروط (المطلب الثاني). ([18]).

وفى إطار هذه الاعتبارات يمكن القول أن المسئولية الدولية تترتب على عاتق الشخص الدولي الذى يأتى سلوكاً مخالفاً لما تقضى به القاعدة القانونية الدولية أى يخل بالتزامه فالمسئولية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بفكرة الالتزام، لأنها لا توجد ولا تقام قانوناً إلا عندما يخل شخص من أشخاص القانون الدولي بالتزامه تجاه الآخرين، الأمر الذى يوجب إصلاح الضرر الذى لحق هؤلاء سواء في أموالهم أو في أنفسهم أو أموال أو أرواح رعاياهم من المواطنين أو من الموظفين التابعين لمنظمة دولية الذى يكون فيه الضحية منظمة دولية.

الطبيعة القانونية للمسئولية الدولية

المسئولية الدولية علاقة قانونية دولية وأطراف هذه العلاقة هم أشخاص القانون الدولي (الدول والمنظمات الدولية)، والمقصود بالدولة هنا هي الدولة كاملة السيادة، أما الدول ناقصة السيادة كالدولة الخاضعة لنظام الحماية أو الوصاية فإن الذي يتحمل المسئولية عن تصرفاتها المخالفة للقانون الدولي هي الدولة التي تباشر الحماية أو الوصايا عليها، أما بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحادات الدولية فإن موقفها يتحدد من المسئولية الدولية حسب الطبيعة القانونية للاتحاد التي هي عضو فيه.

وتترتب المسؤولية الدولية عند ارتكاب شخص من أشخاص القانون الدولي عملاً غير مشروع طبقاً لأحكام القانون الدولي نجم عنه لحوق ضرر بأفراد أو أموال شخص من أشخاص القانون الدولي، مما يوجب أداء التعويض للمضرور”، ويتبين من هذا التعريف أنه لا بد لترتيب “المسؤولية الدولية” على شخص من أشخاص القانون الدولي من توافر الشروط الموضوعية اللازمة لنشوء “المسؤولية الدولية”، حيث ترتبط فكرة المسؤولية الدولية بفكرة الشخصية الدولية، ذلك أن قيام الشخص الدولي بإنشاء علاقات دولية، هو الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية الدولية، وبما أن أشخاص القانون الدولي هم الدول والمنظمات الدولية، فإن المسؤولية الدولية لا تنشأ إلا نتيجة لقيام علاقات دولية فيما بين الدول من جهة، أو فيما بين الدول وبين المنظمات الدولية من جهة ثانية، أو فيما بين المنظمات الدولية بعضها بعضاً.

وهكذا فإن القواعد الناظمة للمسؤولية الدولية لا تنطبق على علاقات الدولة بالأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، سواء أكانوا مواطنين أم أجانب، وإنما يخضع هؤلاء في علاقاتهم بالدولة إلى قواعد القانون الداخلي، ويتعين عليهم بالتالي اللجوء إلى طرق المراجعة الداخلية، كالقضاء الوطني أو التحكيم التجاري الوطني أو الدولي، لتسوية منازعاتهم معها، والحصول على حقوقهم منها، ولكن ماذا سيكون عليه الوضع فيما لو فشل الشخص الأجنبي في الحصول على حقوقه قِبَلَ الدولة المضيفة والتي هي الخصم والحكم في آن معاً؟‏. والجواب على ذلك هو أن من حق دولته التدخل لحمايته بالطرق الدبلوماسية، بعد تبني مطالباته، وبذلك تتحول المنازعة بين الشخص الأجنبي والدولة المضيفة إلى منازعة دولية بين دولتين ([19]).

وتختلف المسؤولية الدولية للدولة بخصوص علاقاتها الدولية مع الدول الأخرى باختلاف أشكالها ذلك أن الدول تأخذ أشكالاً مختلفة، كما هو معروف، سواء من حيث وضعها الدولي أو من حيث تكوينها الدستوري. فالدول من حيث وضعها الدولي إما أن تكون ذات سيادة كاملة أو ذات سيادة ناقصة أو ذات سيادة مقيدة ([20]).

والقاعدة العامة هي “أن الدول كاملة السيادة تُسأل مسؤولية دولية كاملة، أما الدول ناقصة السيادة كالدول الموضوعة تحت الحماية أو تحت الوصاية فلا تمكن مساءلتها، وذلك لأن الدول الحامية أو التي تمارس الوصاية هي التي تدير العلاقات الدولية للإقليم، ومن ثم تنصرف المسؤولية الدولية إلى الدول الحامية أو صاحبة الوصاية، وإذا كانت الدول ناقصة السيادة تملك ممارسة بعض أنواع العلاقات الدولية، فإنه تمكن مساءلتها في حدود المسائل التي تملك حرية التصرف بشأنها ([21]).

والدول من حيث تكوينها الدستوري إما أن تكون بسيطة، أو مركبة، ولا تثير الدولة البسيطة أية مشكلة، فهي تتحمل المسؤولية الدولية كاملة طالما كانت كاملة السيادة، أما بالنسبة للدول المركبة فالوضع مختلف، فالدول الأعضاء في الاتحاد الشخصي، والدول الأعضاء في الاجتماع الدولي أو الدولة الكونفدرالية، تحتفظ بسيادتها كاملة، وبالتالي تتحمل المسؤولية الدولية كاملة، أما الدولة الاتحادية، فإنها تعتبر دولة واحدة، لأن الدول الأعضاء فيها الولايات، تذوب شخصيتها الدولية في شخصية الاتحاد، وبما أن الدولة الاتحادية تتمتع بالسيادة الكاملة، فإنها تتحمل المسؤولية الدولية عن الأفعال التي تصدر عنها وعن الولايات المكونة للاتحاد.

‏أما فيما يتعلق بالمنظمة الدولية، فهي شخص من أشخاص القانون الدولي، وتتمتع، بهذا الوصف، بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها بأعباء وظائفها وتحقيق مقاصدها المادة 104 من ميثاق الأمم المتحدة) ومن ذلك أهليتها لأن تكون مدعية أو مدعى عليها بصدد علاقاتها مع الدول أو المنظمات الأخرى. والمستند الأهم هنا هو الرأي الاستشاري الصادر عن “محكمة العدل الدولية” بتاريخ 11 أبريل 1949″ حول التعويضات عن الأضرار التي يتم تحملها أثناء الخدمة في الأمم المتحدة”.

وقد جاء في هذا الرأي الاستشاري بأن “الأمم المتحدة”: “هي شخص من أشخاص القانون الدولي، يستطيع التمتع بحقوق وواجبات دولية، ويملك القدرة على المحافظة على حقوقه بإثارة مطالب دولية… ولقد أدى تطور الحياة الدولية والازدياد المطرد في الأنشطة الجماعية للدول، عبر تاريخها الطويل، إلى ازدياد أمثلة العمل على الصعيد الدولي من قبل كيانات معينة ليست دولاً.. وكانت لدى خمسين دولة، تمثل الأغلبية الساحقة لأعضاء الأسرة الدولية، السلطة، طبقاً لأحكام القانون الدولي، لإنشاء كيان يتمتع بالشخصية الدولية الموضوعية، وليس مجرد شخصية معترف بها من قبل هذه الدول وحدها، كما تتمتع بالقدرة على إثارة مطالب دولية”([22]).

وقد اعترف الفقه الدولي للمنظمات الدولية، بالشخصية القانونية، بعد الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية عام 1949م، في قضية تعويض الأضرار التي أصابت موظفي الأمم المتحدة في فلسطين. والذي قررت فيه المحكمة أن المنظمة الدولية شخص من أشخاص القانون الدولي له القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل التبعات. يترتب على ما سبق، أن المنظمة الدولية يمكن أن تثير المسئولية الدولية سواء كانت مدعية، أي عن أضرار أصابتها أو بعض موظفيها أو مدعى عليها في دعوى المسئولية الدولية. أي أن يرفع عليها دعوى المسئولية الدولية عن إخلالها بالتزام دولي كأن تخالف اتفاقية المقر، فالدول والمنظمات الدولية هما عل سبيل الحصر أطراف المسئولية الدولية وهذا هو المستقر عليه في العمل الدولي والفقه الدولي ([23]).

نظريات مسؤولية الدولية

وإذا كان هناك اتفاق حول طبيعة مسئولية الفرد المرتكب للجريمة، وأنها طبيعة جنائية، ومدنية. إلا أن المشكلة تثور بالنسبة للدول. وهل يرتب إخلال الدولة بالتزامها تجاه المجتمع الدولي في المجال الدولي الجنائي مسئوليتها “الجنائية” كالفرد أم لا؟ وللإجابة على هذا التساؤل تعددت النظريات، ومن أهم هذه النظريات:

النظرية الأولى: نفى مسئولية الدولة الجنائية:

لا ترتب هذه النظرية على الدولة ككيان اعتباري مسئولية جنائية عن إخلالها بالتزاماتها في المجال الدولي الجنائي، وقد استند أنصار هذه النظرية إلى الحجج الآتية:

1ـ إن الحقوق والواجبات الملقاة على الدولة، إنما هي في الواقع تقع على عاتق مواطنيها. فالدولة مهما كان الأمر كائن وهمى لا يمكن أن نحسه بصورة مادية.

2ـ إن القول بوجود مسئولية جنائية يستدعى القول بوجود جزاءات عقابية تحتوي على عنصري الزجر والردع تكون مصاحبة لتلك المسئولية، وهذه الجزاءات لا يتصور وجودها أو تطبيقها على الدولة كشخص معنوي ([24]). أما الاحتجاج بالاستعاضة عن ذلك بالتعويض النقدي، فإن التعويض النقدي جزاء مدني وليس جزاء جنائي، وإنما الجزاء الجنائي كما ورد في القوانين الجنائية الداخلي للدول لا يمكن تطبيقه على الدول.

3ـ أن القول بتطبيق جزاء الحرب على الدولة كجزاء جنائي يعنى أن يصبح القانون الدولي مصدر للحرب، في حين أن الحرب العدوانية أم غير مشروع في ذاته ([25]).

4ـ أن القول بتطبيق الجزاءات الاقتصادية يعن في نهاية الأمر أن من يتحمل هذه الجزاءات هم الأفراد الذين يعيشون داخل الدولة لتأثيرها على ظروفهم المعيشية. في حين أن المسئولين الحقيقيين عن الانتهاكات وهم في قمة جهاز الدولة غالباً لا يتأثرون اقتصادياً بمثل هذه الجزاءات.

5ـ إن الاستعاضة عن عقاب الأشخاص الطبيعيين المقترفين للانتهاكات بعقاب الدولة، يؤدى إلى إفلات هؤلاء الأشخاص من العقاب. وهذا ما وعاه الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية حيث قاموا بإسناد المسئولية للأفراد المجرمين الألمان رغم أن الدولة الألمانية ذاتها لم يكن لها في لحظة المحاكمات وجود حقيقي أو قانونى([26]).

6ـ إن الأعمال التحضيرية لاتفاقية مكافحة جريمة الإبادة الجماعية جسدت الخلاف في الرأي حول الأخذ بالمسئولية العقابية عن هذه الجريمة وهل توقع العقوبة على الأشخاص الاعتبارية “الدولة والحكومة”، أم توقع على الأشخاص الطبيعيين، وانتهت إلى إقرار المادة الرابعة من الاتفاقية التي تدل على تبنى الأخيرة لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية. أي للأشخاص الطبيعيين “سواء أكانوا من الحكام أم من الموظفين أم من آحاد الناس”، وليس للدولة كشخص معنوي، وإنما تسأل الأخيرة سياسياً وليس جنائيا إذا ما ارتكبت هذه الجرائم تحت ستار سيادتها ([27]).

7ـ إن محاولة تطبيق مفاهيم القانون الداخلي على القانون الدولي تثير صعوبات معترف بها، فالدولة ككيان اعتباري، لا تتصرف إلا من خلال أفراد، ولكن إسناد مضاعف للمسئولية. فإذا ارتكب موظف حكومي جريمة في ممارسته لوظائفه، تعين أن يكون مسئولاً بصفة شخصية عن هذه الجريمة. مسئولية جنائية، ولكن حيث إن هذه الجريمة قد ارتكبها الموظف بمناسبة وظيفته الرسمية التي يقوم بها باسم الدولة أو لحسابها فتكون الدولة مسئولة أيضاً عن هذه الجريمة، ولكن مسئولية مدنية. لأنها لم ترتكب الجريمة من الناحية المادية بل إن الجريمة نسبت إليها فقط من الناحية القانونية ([28]). كما نص تصريح لندن في 8 أغسطس عام 1945، والمتعلق بلائحة المحكمة العسكرية الدولية، في مادته السادسة، على أن مسئولية المجرمين الأساسيين في جرائم الحرب مسئولية مبنية على صفتهم الشخصية أو صفتهم الوظيفية، وأنهم كانوا في هذا يعملون لحساب دول المحور (ألمانيا وحفاؤها).

2ـ إن أحد فصول حكم محكمة “نور مبرج” كان عنوانه “المسئوليات الفردية”، بالإضافة إلى الفصل الخاص بالمنظمات المتهمة بجرائم الحرب آنذاك، وقد حوكم أفراد هذه المنظمات بصفة شخصية لممارستهم الأعمال الإجرامية، بالإضافة إلى صفتهم كأعضاء في هذه المنظمات.

النظرية الثانية: الاعتراف بالمسئولية الجنائية للدولة:

يرى أنصار هذه النظرية وجوب إثارة مسئولية الدولة جنائياً مثلها في ذلك مثل الأفراد. ويستندون إلى الحجج الآتية:

1ـ يجب إقرار المسئولية الجنائية للدولة ككيان اعتباري، فالمسئولية المترتبة على ارتكاب أفعال منصوص عليها في نصوص جزائية لا يمكن أن توصف إلا بأنها مسئولية جنائية.

2ـ أدى التوسع في مفهوم مسئولية الدولة عن جرائمها عبر تاريخ المحاكمات عن الجرائم الدولية إلى نشوء المسئولية الجنائية للدولة ([29]).

3ـ أن المسئولية الجنائية للدولة قد وجدت فعلاً في القانون الدولي المعاصر، وأن الاعتراف الكامل بها سوف يكون له أبلغ الأثر في تحسين فاعلية وكفاءة القانون الدولي.

إلا أنه يستحيل من الناحية القانونية، والواقعية مساءلة الدولة جنائياً مسئولية مماثلة للمسئولية الجنائية للأفراد، حيث إن هذه المسئولية تقوم من الناحية القانونية، إلى جانب الركن المادي، على ركن معنوي يتمثل في إرادة الفعل والنتيجة. ومن حيث الواقع ليس للأشخاص الاعتبارية “كالدولة” مثل هذه الإرادة، وإنما إرادتهم هي محض افتراض، وتتمثل من حيث الواقع في إرادة الأشخاص الطبيعيين الممثلين للشخص الاعتباري وهم بالنسبة إلى الدولة يتمثلون في الحكام والسلطات المعبرة عن الشخصية القانونية للدولة، والذين يمثلون بدورهم عنصر السكان فيها.

ولا يمكن في بلاد الأنظمة الديكتاتورية أن يعبر الحكام عن إرادة الشعب كله، ولا حتى عن إرادة أغلبيته، وإنما يعبر في الواقع عن إرادته الخاصة. وفى بلاد الأنظمة الديمقراطية لا يعبر الحكام عن إرادة كل الشعب لاستحالة ذلك، وإنما فقط يعبر عن إرادة الأغلبية. ونظراً للطبيعة الشخصية للمسئولية الجنائية لا يصح ترتيب المسئولية الجنائية للدول كشخص معنوي استناداً إلى إرادة شخص طبيعي واحد أو مجموعة من الأشخاص دون اعتبار لإرادة الآخرين.

ولهذا فإنه فيما يتعلق بالمسئولية عن الممارسات التي تمثل انتهاكا جسيما لحق من حقوق الإنسان ويدخل هذا الفعل نطاق مفهوم الجريمة الدولية قصر المسئولية الجنائية عن ذلك على الأفراد الطبيعيين المقترفين أو المشاركين أو المساهمين أو الساكتين عن هذه الممارسات حيثما يكون من سلطتهم منعها، وتكون مسئولية جنائية مشددة، تستوجب توقيع أقصى الجزاءات الجنائية المدونة بالقوانين الجنائية الداخلية للدول.

أما فيما يتعلق بالدولة، تكون مسئوليتها عن ذلك مسئولية سياسية أمام مواطنيها، ومسئولية دولية أمام المجتمع الدولي تؤسس على المسئولية التقصيرية حيال الأخير. لمخالفتها لقواعد القانون الدولي العرفي التي تحظر انتهاكات حقوق الإنسان كما تؤسس على المسئولية التعاقدية المتوافرة في حق الدولة المنتهكة للاتفاقيات الدولية المعنية بتحريم انتهاكات حقوق الإنسان وذلك تجاه الدول الأخرى الأطراف في نفس الاتفاقيات.

ولا يعنى هذا أن المسئولية الدولية وفقاً لما ذكرنا تخلو من العقاب، بل يجب فرض جزاء على الدولة يتناسب مع مفهوم الجزاء في القانون الدولي، وطبيعة الدولة ككيان قانوني سياسي، وسوف يكون لهذا الجزاء أثره البالغ الذي لا يستهان به ([30]).

النظرية الثالثة: المسئولية بسبب المخاطر في نطاق القانون الدولي

تطرح جسامة الأضرار التي يمكن أن تحدثها بعض الأنشطة نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي، مسألة مكانة المسئولية عن المخاطر في نطاق القانون الدولي على غرار ما هو مقبول في نطاق القانون الداخلي، إلا أن هناك اختلاف بين القانون الداخلي والقانون الدولي. فهذا الأخير لا يؤسس المسئولية الدولية على أساس الخطأ باعتباره سوء القصد وإنما على أساس عدم المشروعية، على مخالفة التزام دولي، بمعني تصرف أو فعل موضوعي، ولم تتخذ لجنة القانون الدولي موقفاً حاسماً وواضحاً بشأن مسألة صور هذه المسئولية، وهل هي المخاطر أو مجرد الضرر الذي يتجاوز الإطار الداخلي للدولة حتى في غياب مخاطرة خاصة.

وقد كلفت لجنة القانون الدولي من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقنين قانون المسئولية العرضية للدولة، التي تقوم على الأضرار الناتجة عن بعض الأنشطة “غير محظورة من جانب القانون الدولي” بمعني المسئولية عن الأفعال المشروعة. وتستند هذه المهمة إلى العديد من الاعتبارات منها: أن لجنة القانون الدولي ذاتها قد شرعت منذ بداية أعمالها بشأن المسئولية الدولية، في التمييز بين الحالات التي يتسم فيها الالتزام بالتعويض بالطابع الثانوي باعتبار أن هذا الالتزام يرتبط بمخالفة سابقة لالتزام آخر، والحالات التي يكون فيها الالتزام بالتعويض، التزاماً أصلياً، من واقع عدم ارتباطه بتحقيق عدم مشروعية سابقة، وإنما قيامه أساساً على فكرة المخاطر الحالة.

والواقع أنه لا يوجد مبدأ عام للمسئولية الموضوعية في القانون الدولي العام وذلك بسبب أن مشروعية التصرف، إنما تعد فكرة متغيرة ترتبط بالأحوال والشروط التي يتم فيها تنفيذ النشاط، بعبارة أخري تكمن المشكلة الحقيقية لهذه المسئولية ليس في تقدير المشروعية وإنما بالأخرى في البحث عن تحسين نظام الإثبات الذي يقع على عاتق المجني عليه بغرض تيسير الحصول على تعويض.. لذا فإن مجالها الحقيقي إنما ينحصر في إطار الاتفاقيات الخاصة وليس على صعيد القانون الدولي العام. وهذا ما حدث بالفعل، انطلاقاً من الستينيات، حيث تعددت الاتفاقيات الدولية التي تقيم مسئولية موضوعية بالنسبة لعمليات الفضاء الكوني في حالة حدوث أضرار ([31]).

والواقع أنه لا يوجد مبدأ عام للمسئولية الموضوعية في القانون الدولي العام وذلك بسبب أن مشروعية التصرف، إنما تعد فكرة متغيرة ترتبط بالأحوال والشروط التي يتم فيها تنفيذ النشاط، بعبارة أخري تكمن المشكلة الحقيقية لهذه المسئولية ليس في تقدير المشروعية وإنما بالأخرى في البحث عن تحسين نظام الإثبات الذي يقع على عاتق المجني عليه بغرض تيسير الحصول على تعويض.. لذا فإن مجالها الحقيقي إنما ينحصر في إطار الاتفاقيات الخاصة وليس على صعيد القانون الدولي العام.

وهذا ما حدث بالفعل، انطلاقاً من الستينيات، حيث تعددت الاتفاقيات الدولية التي تقيم مسئولية موضوعية بالنسبة لعمليات الفضاء الكوني في حالة حدوث أضرار، فالاتفاقيات الخاصة ببعض الأنشطة هي التي تحدد الأنظمة الخاصة للمسئولية وذلك كما هو الحال بالنسبة للاتفاقيات التي تتعلق بالبيئة وأضرار التلوث بها ([32]).


الهامش

([1]) د. سمير محمد فاضل، تطور قواعد المسئولية الدولية لتتلاءم مع الطبيعة الخاصة للضرر النووي، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 36 لعام 1980، ص163.

([2]) د. عبد الحميد خميس، جرائم الحرب والعقاب عليها، رسالة دكتوراه فى القانون، (جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1955، ص229.

([3]) د. نبيل أحمد حلمى، محاضرات في المنظمات الدولية، مرجع سابق، ص268.

([4]) د. عبد العزيز سرحان، المبادئ العامة للقانون الدولي العام، مرجع سابق، ص414.

([5]) راجع: د. الشافعي محمد بشير، القانون الدولي العام في السلم والحرب، مكتبة الجلاء بالمنصورة، الطبعة الثالثة، 1976، ص ص 130-150. ود. عبد العزيز سرحان، دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات الدولية وإرساء مبادئ القانون الدولي العام مع التطبيق على مشكلة الشرق الأوسط، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1986م، ص ص72-77. ود. إبراهيم محمد العنانى، المنظمات الدولية، القاهرة، المطبعة التجارية الحديثة، طبعة 1995م، ص111-121. ود. عصام زناتى، مفهوم الضرر في دعوى المسئولية الدولية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1995م.

([6]) د. محمد طلعت الغنيمي، الغنيمي في قانون السلام، مرجع سابق، ص658.

([7]) أنظر: د. على إبراهيم على، المنظمات الدولية، النظرية العامة، الأمم المتحدة، القاهرة، دار النهضة العربية، 2001م، ص599. ود. رجب عبد المنعم متولي، مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، في ضوء القانون الدولي المعاصر مع دراسة تطبيقية للعدوان العراقي ضد الكويت، رسالة دكتوراه، القاهرة، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1999م، ص351 ـ 352.

([8]) د. حامد سلطان، ود. عائشة راتب، د. صلاح الدين عامر، القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص 299-300.

([9]) د. محمد مصطفى يونس، القانون الدولي العام، الجزء الأول، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 2000م، ص299-3000.

([10]) د. محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص702-703.

([11]) د. جعفر عبد السلام على، القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص252.

([12]) د. الغنيمي، في قانون السلام، مرجع سابق، ص660.

([13]) د. محمد مصطفى يونس، القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص358.

([14]) د. على إبراهيم، المنظمات الدولية، مرجع سابق، ص600.

([15]) د. على إبراهيم، مصادر القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص302.

([16]) د. صلاح هاشم، المسؤولية الدولية عن المساس بسلامة البيئة البحرية، رسالة دكتوراه في القانون، القاهرة، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1991. ص 66 – 67.

([17]) قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 799/ه – 8/1953) أن تبدأ اللجنة، عندما تري ذلك مناسباً، بتدوين المبادئ التي تحكم هذا الموضوع. واعتباراً من الدورة السابعة (1955) بدأت اللجنة عملها، وحتى الدورة الثامنة والأربعين (1996) واعتمدت اللجنة بصفة مؤقتة مشاريع مواد معاهدة (مسؤولية الدول). وبعد نظر الجمعية العامة في مشروع المواد، اتخذت؛ في دورتها (59) القرار (35/59/A/RES) بتاريخ (1/12/2004) الذي قررت فيه أن يقوم الأمين العام “بدعوة الحكومات إلى تقديم تعليقاتهم خطية عليه”. وأن يدرج البند “مسؤولية الدول..” في جدول أعمالها المؤقت للدورة (62) لعام (2007). وفي الدورة (62) اتخذت الجمعية العامة القرار (61/62/A/RES) بتاريخ (6/12/2007) الذي قررت فيه الطلب إلي الأمين العام – مرة أخرى – دعوة الحكومات لتقديم تعليقاتهم عن أي عمل مستقبلي وممارساتها بهذا الشأن، وكذلك الطلب منه تحديث مجموعة القرارات التي أصدرتها المحاكم الدولية وغيرها من الهيئات لهذا الخصوص.

([18]) د. عادل أحمد الطائي، القانون الدولي العام، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2009، ص 279.

([19]) د. محمد حافظ غانم، المسؤولية الدولية، القاهرة، مطبعة نهضة مصر، 1962، ص20.‏

([20]) د. محمد عزيز شكري، المدخل إلى القانون الدولي العام وقت السلم، دمشق، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1973، ص 79.

([21]) محمد حافظ غانم، المسؤولية الدولية، القاهرة، مطبعة نهضة مصر، 1962 ص22.‏

([22]) Von Clahn, law Among Nations, (London: the Macmillan Company, 1970). p.135.

([23]) د. السيد مصطفى أحمد أبو الخير، المبادئ العامة في القانون الدولي المعاصر، القاهرة، ايتراك للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى،2006، ص.ص 91 ـ 97.

([24]) د. بن عامر تونسي، أساس مسئولية الدولة أثناء السلم في ضوء القانون الدولي المعاصر، رسالة دكتوراه في القانون، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، عام 1989، ص282.

([25]) د. بن عامر تونسي، ص248-285، مرجع سابق الإشارة إليه مباشرة.

([26]) المرجع السابق مباشرة، ص285.

([27]) حولية لجنة القانون الدولى، 1983، المجلد الأول المحاضر الموجودة لجلسات الدورة الخامسة والثلاثين 3 مايو – 22 يوليه 1983، الأمم المتحدة، نيويورك، 1983، ص35.

([28]) حولية لجنة القانون الدولى، 1983، المجلد الأول المحاضر الموجودة لجلسات الدورة الخامسة والثلاثين 3 مايو – 22 يوليه 1983، الأمم المتحدة، نيويورك، 1983، ص41.

([29]) د. محمود شريف بسيوني، المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي، مرجع سابق، ص24، وما بعدها.

([30]) Tran Van Minh., “Political and Juridical Sanctions against Violations of Human Rights”, Violations of Human Rights: Possible Rights of Recourse and forms of resistance, UNESCO, 1984, PP.144-188.

([31]) د. مصطفي أحمد فؤاد، المدخل للقانون الدولي العام: القاعدة الدولية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1991 ص 337.

([32]) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى