fbpx
دراسات

المصادر القانونية لنظم تسليم المجرمين

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

يقصد بمصادر التسليم بصفة عامة الاسباب المنشئة لهذا الالتزام والتي تجعله موضع التنفيذ ومنتج لأثارة، من خلال الاحكام التشريعية والتعاهدات التي تلبي بها الدول حاجاتها للتسليم، فهي كذلك المبررات التي تجعل دولة ما تطالب بتسليم شخص مقيم علي إقليم دولة أخرى وفقا لهذه المصادر التي تربط الدول الاطراف في علاقات التسليم.

ولعل أهم ما يلاحظ بشأن مصادر النظام القانوني لتسليم المجرمين أنه يتسم بالتعدد والتنوع من ناحية، كما يتسم بتصور قيام التنازع فيما بين هذه المصادر من ناحية أخرى.

وتستخلص سمة التعدد أو التنوع من وجود أكثر من مصدر لإجراء التسليم، بحيث تتنوع وتتعدد المرتبة القانونية لتلك المصادر حيث قسم اغلب الفقه الي تقسيمين رئيسيين هما المصادر الاصلية والمصادر التكميلية، الا ان هذا التقسيم لا يعني القيمة القانونية بين كل الدول بل هي بل تختلف بحسب النظام الذي تتخذه هذه الدول وترتب اولوياته، وهو ما سنتطرق اليه عند الحديث عن تنازع مصادر التسليم.

ولا تقتصر هذه المصادر علي العلاقات الدولية بل تتأثر بالنظام القانوني الداخلي للدول وذلك من اجل خدمة الاهداف الداخلية بالإضافة الي مساعيها الخارجية الرامية الي التعاون الدولي للحد من انتشار الجريمة، كما ان تلك المصادر تتأثر نسبيا بالعلاقات السياسية بين الدول ومناخ البيئة الاجرامية داخلها، بالإضافة الي تطور العلاقات الدولية مما يدى الي الاخذ بشرط المعالة بالمثل كأساس للتسليم عن باقي المصادر في حال نشأت علاقات سياسية جدية مع الدول التي تتعامل معها.

وتبرز أهمية التعريف علي مصادر التسليم ودراسة أحكامها كونها تحدد نطاق التزام الدول أثناء ممارستها لعمليات التسليم وتوضح موقع كل دولة للأخذ بهذا النظام.

المبحث الأول: المصادر الاصلية لتسليم المجرمين

يقصد بالمصادر الأصلية لتسليم المجرمين القنوات الشرعية المباشرة التي تلجأ اليها الدول الاطراف في اتمام اجراءات التسليم، لهذا فان المصادر الاحتياطية ومن التسمية تشير الي انها تلعب دور ثانوي وذلك بعد المصادر الاصلية، فلا يمكن اللجوء اليها كبديل الا عند الحاجة وخاصة عند اللجوء الي شرط المعاملة بالمثل ‘ فقد يجد التسليم مصدرة بصفة أساسية في الاتفاقيات الدولية أو التشريعات الوطنية المكملة لهذه الاتفاقيات أو بالأحكام الصادرة من جهة قضائية دولية، حيث ينظر الي تلك المصادر باعتبارها ذات صفة قاعدية.

المطلب الأول: المعاهدات الدولية

تعريف المعاهدات:

تعد المعاهدات الدولية في الواقع أهم مصادر التسليم وأكثرها ذيوعا سواء كانت اتفاقيات ثنائية أو إقليمية أو عالمية وقد تنامت أهمية هذه الاتفاقيات مؤخرا من حيث الكم كما تطورت نوعيا من حيث ما تضمنته من أحكام[1]

وقد عرفة المعاهدة بالمادة “2” من مشروع لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بأنها ” الاتفاق الدولي بغض النظر عن شلكه أو تسميته، الذي يأخذ شكلا كتابيا، ويكون محكوم بقواعد القانون الدولي، ومبرما بين دولتين أو أكثر، أو بين أشخاص القانون الدولي من غير دول الذين تكون لهم أهلية إبرام المعاهدات، ويكون هذا الاتفاق مثبتا في وثيقة واحدة أو في أكثر من وثيقة يرتبط بعضها بالبعض الاخر بحث تكون وحدة واحدة[2]” ؛ ويتسع هذا التعريف ليشمل جميع صور وأشكال المعاهدات ولا يقترب الا بالفحوى العام والاطار الشكلي لمعاهدات تسليم المجرمين كونه ينشأ بين الدول كأحد أشخاص القانون الدولي[3].

وعرف اتفاق فينا عام 1969م المعاهدات بانها اتفاق دولي بين دولتين أو اكثر يتم كتابتها وتخضع لأحكام القانون الدولي وذلك سواء تم هذا الاتفاق في وثيقة واحدة أو في أكثر، وأي كانت التسمية التي تطلق عليها[4]” ويعتبر هذا التعريف أقرب ما يكون لواقع نظام تسليم المجرمين.

وقد عرفها الفقه المعاهدة بانها كل اتفاق دولي مكتوب، يتم ابرامه وفقا للإجراءات الشكلية التي رسمتها قواعد القانون الدولي المنظمة للمعاهدات بحيث لا يكتسب وصف الالزام إلا بتدخل السلطة التي يعطيها النظام الدستوري لكل من الدول الاطراف سلطة عمل المعاهدات، للتعبير عن ارتضائها الالتزام بالاتفاق[5]

وبناء علي ما تقدم يمكن أن نعرف المعاهدات الخاصة بتسليم المجرمين بأنها وثيقة مكتوبة بين دولتين أو اكثر وفقا لقواعد القانون الدولي العام، تلتزم بمقتضاها الدول المتعاقدة بأحكام وقواعد التسليم طبقا لما هو وارد في بنود هذه المعاهدات، ولا تمتد أحكامها والتزاماتها خارج هذه الدول[6].

ومن خلال هذا التعريف تبرز لنا العناصر التالية:-

  • لا بد من أن تكون معاهدات التسليم مكتوبة بوثيقة، وتخضع لصياغتها وشكلها للقواعد العامة المتعارف عليها في القانون الدولي العام.
  • أن التسليم يكون بين دولتين أو أكثر.
  • معاهدات التسليم هي ملزمة لأطرافها فقط كونها من الاعتبارات المتخذة من الصفة التقاعدية للمعاهدات.
  • الالتزام بين الدول الاطراف لا يكون الا بما ورد بها من نصوص دون غيرها من نصوص المعاهدات الاخرى مالم تنص المعاهدات ضمن بنودها علي غير ذلك.

أنواع معاهدات التسليم.

تتعدد المذاهب الفقهية في تصنيف المعاهدات بحث يمكن تقسيمها الي معاهدات بسيطة وأخرى مركبة وذلك من خلال من يملك سلطة ابرامها، كما ان هنالك المعاهدات العقدية والشارحة بحسب طبيعتها، وفي تقسيم اخر يعتمد علي عدد الاطراف تنقسم الي معاهدات متعددة الاطراف ومعاهدات ثنائية، وهذه المعاهدات هو مناط الاخذ بها في مجال التسليم بصفة أساسية.

حيث تعتبر المعاهدات الثنائية الاكثر شيوعا في مجال التسليم وذلك من اجل المصالح المشتركة بين هذه الدول لمكافحة الجريمة فهي تضيق وتتسع من دولة لأخرى، وما يبرر انتشار هذه المعاهدات كذلك سهولة التفاوض بين اعضائها عما لو تعدد الأعضاء، مما قد يؤدي الي فقدها فاعليتها عند قيام أحد الدول بالتحفظ علي أحد بنودها كونه لا يلائم ما هو سائد لديهم سواء علي المستوى السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي بل والقضائي.

وتتفاوت هذه المعاهدات في مضمونها فمنها اتفاقيات تقتصر علي تنظيم تسليم المجرمين دون سواه من الموضوع ومنها اتفاقيات أكثر شمولية تنظم مختلف جوانب التعاون القضائي بما فيها تسليم المجرمين.

أهمية المعاهدات:

تعتبر المعاهدات المصدر الاساسي لأنشاء القواعد القانونية الدولية كونها التشريع الاول في مجال العلاقات الدولية[7]، وتمثل المعاهدات أبرز أدوات التعاون الدولي في كافة مجالات التعاون كونها تعبر عن نية أطرافها لتحقيق هذا الاطار المتعاون فيما يتضمنه موضوع المعاهدة، وهي بذلك جزء من القانون الدولي وتعد مصدرا أساسيا للقانون، كما انها الوسيلة الأمثل لتنظيم العلاقات الدولية، وتحديد حقوق وواجبات الدول تجاه بعضها البعض[8].

اما فيما يتعلق بتسليم المجرمين فتتجلي اهمية المعاهدات علي النحو التالي:-

  • فتعد تلك المعاهدات هي المصدر الاول وربما الاصيل للتسليم كونها تعبيرا صريحا عن ارادة الدولة في الالتزام بما تتضمنه الاتفاقيات من أحكام لا سيما وأن التسليم هو اجراء تعاون قضائي دولي بين دولتين أو بين دولة وجهة قضائية دولية، وليس أدل علي القيمة القانونية لمعاهدة التسليم من أن معظم هذه المعاهدات تنص علي إلزام الدولة الطرف في حالة عدم قبولها التسليم بتسبيب قرارها الرافض[9].
  • كما تتجلي أهمية المعاهدات في مجال تسليم المجرمين لكونها تعبر عن التزام الدولة بما ورد بها من نصوص، مما تتيح الفرصة للدولة الطالبة بإيجاد سند شرعي يمكن الاستناد علية بتلك المطالبة ؛ ذلك كونها الاساس الاول التي تستند علية كل من الدولة الطالبة والمطالبة بالتسليم، فالأصل بان التسليم لا يكون الا بناء علي معاهدة بين لطرفين وفي حالة عدم وجودها فان الدولة تلجأ الي المصادر الاخرى باعتبارها وسيلة أخرى.
  • أن اعلان الرغبة في ابرام معاهدات التسليم هو الذي يكسبها هذه الاهمية لما يرتبه ذلك الاعلان من أثار ملزمة للدولة بحيث اذا ما خالفت تعهداتها فإنها بذلك تفقد مصداقيتها بين الدول بل وتتعرض للاستهجان الدولي[10].

وعلي الرغم من أهمية معاهدات التسليم واعتبارها دون منازع المصدر الاصيل لتسليم المجرمين إلا انها لم تصل بعد في واقع الامر إلي بلورة نظام قانوني موحد ومتجانس للتسليم ويرجع ذلك الي سببين، الاول أن دول العالم ليست جميعا علي نفس الدرجة من الاهتمام في اتفاقيات دولية لتنظيم تسليم المجرمين، وربما ان لاعتبارات الاقتصادية التي تجعل بعض الدول مهتمة بأمر التسليم أكثر من غيرها، فالولايات المتحدة علي سبيل المثال ترتبط بنحو 140 اتفاقية لتسليم المجرمين مع غيرها من الدول، بينما تكاد تكون محدودة جدا ببعض الدول الاخرى ؛ أما السبب الثاني فهو أن الكثير من الدول قد لا تتردد في التوقيع علي اتفاقيات التسليم ثم تتقاعس الي حد بعيد في اتخاذ الاجراءات الازمة للتصديق عليها[11]

الصعوبات التي تواجه الدول في إبرام معاهدات التسليم:

بالرغم مما سقناه سابقا حول أهمية المعاهدات في نظام تسليم المجرمين الا ان هنالك العديد من الصعوبات التي تقف حائلا بين فاعليتها والتي تتمثل فيما يلي [12]:-

  • يعتبر التحفظ علي المعاهدات من أهم ما يفقد المعاهدة جزأ من فاعليتها، إذ أنها تعتبر عن نية الدولة الصريحة في عدم قبولها لنص معين.
  • عدم رغبة بعض الاعضاء في الدخول في اتفاقيات إلزامية مع الدول العظمي أو ذات السيطرة السياسية في المجتمع الدولي وذلك خشية تعرضها للضغوط السياسية والدولية عند بحث موضوع التسليم.
  • لا تتوفر في بعض الدول وخصوصا النامية منها الموارد المدربة القادرة علي صياغة المعاهدات بأسلوب محكم مما يؤدى الي صعوبة ضبط مفاهيم التسليم باطار مصلحة الدولة.
  • التعقيدات الرسمية لأبرام مثل تلك المعاهدات مما تجعل بعض الدول بالأحجام عن الدخول في مفاوضات تمهيدية وإجراءات داخلية لإنفاذ تلك المعاهدة[13].
  • تتضمن المعاهدات متعددة الاطراف بعض النصوص التي لا تتوافق ورغبة بعض الاعضاء الاخرين مما يترتب علية احجام بعض الدول للانضمام اليها.
  • التعارض بين معاهدات ثنائية وأخرى متعددة الاطراف في مجال تسليم المجرمين[14].
  • التعارض بين المعاهدات السابقة والتشريع الاحق عليها فإن كان هذا التعارض ظاهريا فقط فيمكن التوفيق بينهما من خلال قاعدة “الاحق ينسخ السابق” ويعد استثناء منه، فتتميز المعاهدات الدولية الخاصة السابقة في السريان استثناء من نطاق تطبيق التشريع العام الاحق في نطاقه استثناء من نطاق المعاهدات العامة السابقة[15].
  • ترجيع الاعتبارات السياسية علي الجوانب القانونية بقيها الموضوعي والاجرائي لمعاهدات تسليم المجرمين إذا ما تعلق الامر بمصلحة الدولة العليا وهذا ما يكده الواقع العلمي في قضايا التسليم المعاصرة[16].

من أجل تلك الاسباب نرى ان بعض الدول تلجأ الي الطرق الاخرى لإقرار نظام تسليم المجرمين وذلك كاشتراط المعاملة بالمثل أو من خلال سن تشريعات داخلية، دون المرور بتلك الاجراءات الادارية الشكلية والموضوعية التي يلزم توافرها لأبرام المعاهدة.

سلطة توقيع المعاهدات ونفاذها:-

تختلف سلطة توقيع المعاهدات من دولي لأخرى، ففي جمهورية مصر يتولى وزير العدل في جمهورية مصر سلطة توقيع اتفاقيات التسليم والتعاون القضائي في كافة صورة وفقا لمقتضيات صالح التعاون مع الدول الاخرى التي تدخل معها جمهورية مصر باتفاقيات تسليم المجرين، حيث تحدد الالتزامات والحقوق وأحكام التسليم في ضوء الحاجة اليها، اما سلطة إبرام المعاهدات فيختص بها رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة (151)[17] فقرة أولي من الدستور المصري الصادر سنة 1971.(( راجع الهامش مرجع 2 ص115 ))مهم

ولا يختلف الوضع كثيرا بدولة الامارات فقد نص دستور الدولة في الفصل الاول بالمادة “47” بان يتولى المجلس الأعلى للاتحاد التصديق علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية بمرسوم، حيث تصبح معاهدات تسليم المجرمين نفذه ومنتجة لأثارها – شأن اي معاهدة أخرى- إلا بالتصديق عليها وفقا للأوضاع الدستورية المقررة.

بالتالي فانه في النظام القانوني المصري والاماراتي تكون للمعاهدات الدولية قوة القانون بد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة[18]، وقد اطردت أحكام المحاكم المصرية المختلفة بجميع أنواعها علي الاعتراف بالقيمة القانونية للمعاهدات الدولية باعتبارها بمثابة قانون، حيث ذكرت المحكمة الدستورية العليا بجمهورية مصر في حكمها الصادر في الأول من مارس سنة 1975م أنه “بالنسبة للمعاهدات الدولية فإن صدور قانون داخلي بأحكام تغايرها لا ينال من دستوريتها، ذلك لأن المعاهدات ليست لها قيمة الدساتير ولا تجاوز مرتبتها مرتبة القانون ذاته”[19].

كما قررت محكمة النقض المصرية “أن المحكمة عندما تطبق معاهدة ما، فإنها تطبقها باعتبارها تشريعا داخليا، وأن قضاءها مستقر علي ضرورة اندماج الاتفاقيات الدوية في القانون الداخلي لكى تطبقها المحاكم المصرية”[20]

قواعد سريان المعاهدات والالتزام بها مرجع 2 ص117

تنص أغلب المعاهدات في بنودها علي نص صريح وواضح يحدد موعد سريانها وانقضائها، حتي تلتزم الدول الاطراف بهذه المواعيد، وبما ان المعاهدات الدولية تمر بالعديد من الاجراءات الشكلية الازمة لإتمامها بدايتا من التفاوض وتنتهي بالتصديق عليها من قبل السلطات المختصة بذلك، فهي لا تعتبر نافذة ولا يتم العمل بها ولو تم توقيعها الا بعد أن يتم التصديق عليها، وقد تنتهي هذه المعاهدة باي وقت من خلال اخطار الدولة الاخرى كتابة بالطرق الدبلوماسية ويسرى هذا الانتهاء بانقضاء مدة محددة من تاريخ الاخطار طبقا لما ورد بنص المعاهدة[21]، وبالتالي فانه لا يمكن أعمال مبدأ الاتفاقيات حتي ولو كانت أصلح للدولة أو للمتهم المطلوب تسليمة حيث لا يعترف القانون الدولي العام بقاعدة الرجعية لأن أحكامه موجهة للواقع الدولي القائم ومستقبل النظم الدولية لا إلي ماضيها[22].

الا ان هنالك اتجاه أخر من الفقه يرى بانه ليس ثمة أي مبدأ قانوني يحول دون سريان أحكام قوانين التسليم أو المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية المعقودة بهذا الصدد علي الجرائم الواقعة قبل نفاذها، واضفاء المفعول الرجعى علي نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية الخاصة بالتسليم تنسحب آثارها علي الجرائم المقترفة قبل صدورها ووضعها موضع التطبيق، فهو مبدا مقرر في الفقهيين الجزائي والدولي، وقد أوصى معهد القانون الدولي بضرورة الأخذ بهذا المبدأ وأشار بوضوح غلي أن قوانين ومعاهدات التسليم يجوز تطبيق أحكامها علي ما يقع قبل نفاذها من أفعال ووقائع، وقد نصت علي ذلك صراحة بعض المعاهدات وقوانين التسليم، وعدم وجود مثل هذا النص في صلب المعاهدة أو القانون الداخلي لا يحول دون تطبيق القاعدة [23].

وتقف حدود الالتزام بتلك المعاهدات علي الدول الاطراف بها دون غيرهم وذلك استنادا الي الطبيعة التعاقدية والرضائية بين أطرافها حيث يمثل ذلك الالزام القاعدة الجوهرية وهي” العقد شريعة المتعاقدين”؛ بالتالي فهي ملزمة لاطرافها دون غيرهم بما جاء في نصوصها

ولا شك أنه في ظل عدم وجود معاهدات للتسليم بين دولتين فإن لا يهمها أن تمتنع عن التسليم في حالة مطالبة الدول الاخرى به فالسوابق الدولية تقطع بهذا[24]. ومن بين هذه الدول لا تجيز التسليم الا بناء علي معاهدات دولية لكن عدم وجود معاهدات للتسليم لا يحول دون إمكانية حصوله استنادا لمصدر أخر كمبدأ المعاملة بالمثل، وفي كافة الاحوال فقد أكد مجلس الدولة المصري في فتواه رقم 290 لسنة 1949 بأنه يمكن إتمام إجراءات التسليم حتي في حالة غياب ترتيبات تعاهديه ولذلك متي توافرت الشروط المطلوبة للتسليم[25]

موقف الاتجاهات الدولية المعاصرة من معاهدات تسليم المجرمين:

نلاحظ تسارع المجتمع الدولي في الاهتمام في مجال التعاون الدولي لمكافحة الجريمة وتسليم المجرمين من خلال الدخول في العديد من المعاهدات الدولية في مجال التعاون القضائي بصفة عامة، وفي مجال تسليم المجرمين بصفة خاصة.

وكان للجهود المتواترة من جانب الامم المتحدة دورا بارز في صياغة الاتفاقيات النموذجية للتسليم، وسعيها لإبراز أهمية الاعتماد علي المعاهدات الدولية في خدمة أعضاء المجتمع الدولي نحو مزيد من التعاون للقضاء علي الجريمة بمختلف صورها.

كما ان الاتجاه الدولي اضحى في تزايد مستمر لأبرام مثل تلك المعاهدات وذلك لأثارها الايجابية الداعمة لمسائل التعاون الدولي في مكافحة شتي صور الاجرام، كما اعتمد الاتحاد الاوروبي كذلك علي معاهدات مشتركة بين أعضائه لتسليم المجرمين والمبرمة ففي عام 1957 واضيف اليها بروتوكول ملحق بالعام 1975م[26].

وتعتبر اتفاقية تسليم المجرمين التي ابرمت بين الدول العربية في عام 1952م أول اتفاقية إقليمية تسعى لتعيين القواعد الخاصة بتسلم المجرمين مسايرة ومتفقة مع أحدث ما تضمنته الفقه الجنائي الدولي بهذا الصدد من قواعد وشروط شكلية وموضوعية وقانونية، فقد اصبحت تلك المعاهدة بعد التصديق عليها من قبل العديد من الدول العربية مرجعا لمعظم قضايا استرداد وتسليم المجرمين[27]

المطلب الثاني العرف الدولي

ينتج عن تصرفات وسلوك الافراد السائد قاعدة عرفية قد تكون ملزمة قانونيا، فتوجب المسئولية عن مخالفتها سواء بالقيام بعمل او من خلال الامتناع عن تأدية ذلك العمل المطلوب، وقد ساد العرف كمصدر لتنظيم العلاقات الدولية، فكانت أغلب القواعد التي تحكم تلك العلاقات هي القواعد العرفية[28] ؛

يعبر العرف الدولي عن أحكام قانونية عامة غير مدونة دل عليها تواتر الاستعمال من قبل المجتمع الدولي وثبوت الاعتقاد لدى غالبية الدول أو أشخاص القانون الدولي بالقوة القانونية لها[29]. ويكفي ان تكون القاعدة القانونية العرفية مستقرة بين الغالبية العظمي للدول لكى تكون ملزمة لكافة الدول[30].

وباعتبار العرف مصدر من مصادر القانون الدولي تلجأ إلية الدول في حالة عدم وجود معاهدة التسليم أو قانون داخلي ينظم أحكام التسليم لتستقي منه الدول القواعد والاحكام التي استقر العمل علي اتباعها في معالجة قضايا التسليم

تعريف العرف الدولي:

يقصد بالعرف الدولي مجموعة القواعد القانونية التي نشأت في المجتمع الدولي بسبب تكرار اتباع الدول لها حتي استقرت واعتقدت الدول أن هذه القواعد ملزمة أي واجبة الاتباع[31]،

وفي تعريف اخر يعتبر بانه سلوك دولي يتمثل في اعتياد أو تكرار التصرف علي نهج معين في صورة عمل أو امتناع عن عمل والشعور بالزامية هذا التصرف، وبانه يمثل حقا أو واجبا يكفلة القانون ويحميه، ويتحمل من يخرج عليه المسؤولية القانونية[32]

والعرف الدولي من خلال التعرفين السابقين يعبر عن أحكام قانونية عامة غير مدونة دل عليها تواتر الاستعمال من قبل المجتمع الدولي، وقد ثبت الاعتقاد لدى غالبية الدول وأشخاص القانون الدولي بالقوة القانونية لها، اذ يكفي ان تصبح القاعدة العرفية مستقرة بين الغالبية العظمي للدول لكي تكون ملزمة لكافة الدول[33]

ومن خلال التعريف يتضح لنا بان العرف الدولي ينشأ اذا ما توافرت شروط معينة تجعل منه قانونا عرفيا، ويتم ذلك من خلال تحقق الركن المادى والمعنوي:

ويعتبر الركن المادي بانه اطراد العمل بالحكم خلال فترة من الزمن مع تحقق وصف القدم والعموم، وهذا يعني بان القاعدة العرفية الدولية تنشأ عن اعتياد تصرف معين من جانب الوحدات الدولية العاملة بالمجتمع الدولي[34]، والتي يمكن اثباتها من خلال السلوك والتصرف العملي والسوابق القضائية لتلك الدول.

اما الركن المعنوي فهو اعتقاد الدول بان السلوك المتبع أصبح قاعدة قانونية ملزمة واجبة الاتباع، وأنه في حال مخالفتها فإنها تتعرض للجزاء، وهو ما يميز العرف عن العادة والتي ليست الا طريقة للتصرف كونها لا تضمن اي اعتقاد بالزاميتها القانونية الدولية[35]. لذا فجدير بالذكر بان العنصر المعنوي هو حجر الزاوية في تحديد القاعدة العرفية الدولية كونه يحدد القواعد القانونية الملزمة وغير الملزمة كقواعد المجاملات الدولية[36].

اهمية العرف الدولي:

تبر اهمية العرف الدولي بانه معبر عن متطلبات المجتمع الدولي وخصوصا فيما يتعلق بتسليم المجرمين فيرى اغلب الفقه بانه يجب ان يتم تطبيق تلك القاعدة الدولية العرفية كأمر مسلم به في حال عدم وجود عدم وجود شرط صريح بالاتفاقيات المبرمة بين الدول الطالبة والمطالب منها التسليم، كون تطور القاعدة القانونية المتعلقة بتسليم المجرمين يتواكب مع تطور القاعدة العرفية الدولية مثل قاعدة ازدواج التجريم [37].

بينما يرى اتجاه اخر الي ان قواعد المجاملة الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل سوف يودى الي ارساء قواعد عرفية تقوم علي اساس التعاون الدولي، ولا يحول دون ذلك انشاء قواعد عرفية تتضمنها المعاهدات الدولية، وبعد أن تستقر بالتعامل بين الدول تدرج في نصوص القانون الوطني وتظل قائمة في كليهما، الامر الذي ينعكس بدورة علي إجراء تسليم المجرمين[38].

وتبدو أهمية العرف الدولي في كونة إحدى القواعد الحاكمة لمصادر تسليم المجرمين وذلك لانه معبرا عن متطلبات المجتمع الدولي بوجه عام، وبما يتعلق بتسليم المجرمين بشكل خاص، حيث يجب تطبيق القاعدة لدولية العرفية كأمر مسلم به في حال عدم وجود اتفاقية بهذا الخصوص، كون تطور القاعدة القانونية في مجال تسليم المجرمين مرتبط بتطور القاعدة الدولية العرفية[39].

الاساس الالزامي للقاعدة العرفية:

كما هو معروف فان الاساس الالزامي لتطبيق المعاهدات هو الرضا الصريح، الا ان الاساس القانوني للقاعدة العرفية يتمثل في الرضى الضمنى، وذلك من خلال اقدام الدول علي التصرف وفقا للقاعدة العرفية ومبادرة الدول الي صدر التصرف في مواجهتها الي قبولة من غير أي احتجاج عليه أو تصرف خلافة [40]، أذ انه بدون الاعتقاد النفسي المقترن بتواتر العرف تسقط صفة الالزامية للعرف الدولي[41].

ولم نلحظ معاهدة أو قانون وضع العرف الدولي ضمن مصادرة الاصلية أو التكميلية في مجال تسليم المجرمين إذ تكتفي الانظمة الدولية بما استقر عليه العمل من الاعتماد علي العرف الدولي كمصدر للمعاهدات والقانون الداخلي في مجال التسليم فلا نجد تأثير مباشر للعرف الدولي في مجال التسليم الا في حالات محدودة.

الا ان المطلع علي القواعد العرفية المعنية بتسليم المجرمين يجد بانه لا توجد تأثير مباشر لتلك القواعد الا في حالات محدودة ؛ ومن ذلك ما جرى علي العرف الدولي بعدم جواز تسليم رؤساء الدول لعدم خضوعهم لنطاق إقليمية القاعدة الجنائية، بالإضافة الي عدم جواز تسليم بعض الفئات لحصانتهم القضائية والدبلوماسية.

وهنالك ايضا العديد من القواعد الدولية العرفية التي تواتر اعتراف الدول بها عند صياغتهم للاتفاقيات والمعاهدات، ومن ذلك استثناء تسليم الرعايا وعدم جواز التسليم في الجرائم السياسية، وحضر تسليم اللاجئ، وشرط التجريم المزدوج فكلها قواعد بالأساس كانت عرفية وتتعلق بمجال تسليم المجرمين[42].

ومن بين السمات التي تتميز بها القواعد العرفية بان صفتها الالزامية أكثر اتساعا من الصفة الالزامية للمعاهدات والقانون الوطني إذ أن العرف الدولي يلزم جميع أفراد العائلة الدولية، في حين المعاهدات ان المعاهدات لا تلزم الا اطرافها فقط، والتي بالعادة عبارة عن دولتين في أغلب معاهدات التسليم[43].

مشكلة الاعتماد علي العرف بصفة مباشرة في اجراءات التسليم[44]

من الثابت بان المنظمات الدولية هي المنوط بها في المرحلة المعاصرة صياغة العرف الدولي، الا ان المشكلة الرئيسية تبرز في عدم إمكانية إخضاع الدول للالتزام بما يصدر عن المنظمات الدولية من قرارات، حيث يواجه المجتمع الدولي هذه الحالة عند أصدار مجلس الامن بعض القرارات حيث تذعن بعض الدول دون الاخرى وخصوصا فيما يتعلق بقرارات تسليم بعض المطلوبين بقضايا مختلفة، وعلي الرغم مما تضمنه بعضها من عقوبات أقتصادية وتدابير أمنية مرهقة.

كما ان الجمعية العامة للامم المتحدة قد اصدرت قرارها رقم 45/116 لتعديل صياغة المعاهدة النموذجية لتسليم المجرمين، حيث ان القرارات بمثابة عرف دولي مكتوب يحث الدول الاعضاء فيها للاقتداء بقواعدها عند صياغة الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف، الا انها تبقي مبادئ توجيهية لا تحمل قوة تنفيذية ذات صفة الزامية للدول الاعضاء.

لذا فان المجتمع الدولي بحاجة الي قناعة دولية قبل الاعراف الدولية لتولد الالتزام بالتواتر علي السلوك الدولي وخلق التزام يقيني لدى افراد المجتمع الدولي كونها تستهدف مصلحة المجتمع الدولي بأسرة دون تمييز.

المطلب الثالث القانون الداخلي

تعريف القانون الداخلي:

يقصد بالقانون الداخلي ” مجموعة القواعد والاحكام القانونية التي تضعها السلطة التشريعية داخل الدولة، وتنظم العلاقات بين الافراد في دولة معينة وكذلك بين الافراد وحكوماتهم”[45]، ويمر التشريع الداخلي كمبدأ بمراحل متتالية تبدأ بالاقتراح بمشروع القانون وتقديمة الي السلطة الشعبية المختصة وذلك حسب طبيعة كل دولة من أجل اقراره والموافقة علية او عدم الموافقة علية وطلب تعديلة.

وتشترط بعض الدول نسبة معينة من الاعضاء الممثلين للشعب من اجل الموافقة علي القانون وتمريرة الي ان يصل الي رئيس الجمهورية أو رئيس الدولة من للتصديق علية ونشرة بالجريدة الرسمية حيث يصبح تاريخ النشر هو تاريخ السريان بالغالب.

وتبرز اهمية القانون الداخلي باعتبارة مصدر إضافيا للتسليم إلي جوار المعاهدات الدولية، وتتحدد مرتبة تطبيق كل منهما بحسب النظام الذى تتبعة الدولة، وتكمن أهمية التشريعات الوطنية في لجوء الدول اليها لتنظيم كافة مسائل تسليم المجرمين في حال عدم وجود اتفاقية دولية تنظم ذلك أو لغياب التشريعية التي تعالج بعض إجراءات التسليم.

وتجدر الاشارة الي ان التشريع الداخلي يعتبر مكمل للمعاهدات في مجال التسليم في المسائل القانونية التي لم تنظم بواسطة المعاهدات، فهو لم يوضع لقصد الاستغناء عن المعاهدات ولكن وضع لارشاد المشرع في حال غياب بعض من تفاصيل اجلراءات التسليم عن تلك المعاهدات، وبالتالي يتم الرجوع الية في لحل المسائل التي اغفلت المعاهدات النص عليها[46].

بالإضافة الي الدور الذي يلعبة التشريع الوطني علي النحو السابق ذكره، فإن الدستور الوطني قد يكون مصدرا قانونيا للتسليم إلي جانب التشريع الوطني، وذلك علي أعتبار أن نصوصه التي تضع الإطار العام للنظام السياسي والقانوني والقضائي للدولة والتي غالبا ما تتضمن أحكاما مباشرة أو غير مباشرة تحدد بعض قواعد التسليم[47]؛ فالدستور والقانون هما تعبير صريح عن إرادة الامة يجب أن تحترم.

موضوع التسليم في التشريع الوطني:

أسهمت التشريعات الوطنية في مجال التسليم بشكل أو بأخر في ارساء وتطوير النظام القانوني لتسليم المجرمين، ورغم أهمية هذا الدور في اثراء وتطوير تلك الاحكام الا أن هنالك تباين واضح بين هذه التشريعات يؤثر أحيانا علي وحدة وانسجام النظام القانوني للتسليم حيث إن هنالك تشريعات قد قطعت شوطا كبيرا في تنظيم أحكام التسليم وعلي الجانب الاخر فهنالك تشريعات أخرى لم تصل الي هذه المرحلة[48]، ولعل هذا التباين الذي تتسم به التشريعات الوطنية أحيانا هو ما يعطى للاتفاقيات الدولية أهمية خاصة بوصفها المصدر الكفيل بتحقيق وحدة وانسجام النظام القانوني للتسليم.

ولما كان التشريع يصدر من السلطة الوطنية التي خولها الدستور إصدار هذا القانون فإن نطاق الالتزام بأحكامه لا يخرج عن حدود الاقليمية التي صدر بداخلها، فمن المؤكد بان التشريعات الوطنية في مجال التسليم قد أسهمت علي تنويعها في إرساء وتطوير النظام القانوني للتسليم بصفة عامة[49]

وتعول العديد من لدول علي التشريع الداخلي كمصدر اصلي لاجراء التسليم وذلك من خلال تنظيم كافة المسائل المتعلقة باجراءات وشروط تسليم المجرمين، لتلجأ الية في حال عدم توفر اتفاقية دولية تنظم تلك المسائل.

ويمثل التشريع الوطني مصدر مباشر للتسليم اذا ما احتوى علي الاحكام الموضوعية والاجرائية تنظم كافة مسائل وعمليات التسليم، وقد اثرت العديد من الدول سن قوانين وطنية خاصة بتسليم المجرمين دون الاكتفاء به من اتفاقيات دولية في هذا الخصوص

ومن تلك التشريعات فقد صدر التشريع الفرنسي في مارس عام 1927م لبين علي انه في حال غياب التعهدات الدولية فان شروط واحكام التسليم تتم وفقا لاحكام هذا القانون ؛ وكذلك هو الحال بالقانون الانجليزي الصادر في سبتمبر من العام 1989م متضمنا الشروط الموضوعية والقواعد الاجرائية لعمليات التسليم ؛ ولم تتاخر الدول العربية عن اصدار تشريعات وطنية لتنظيم أحكام تسليم المجرمين شأنها شأن الدول الاخرى[50].

الا التشريع الداخلي قد يمثل مصدر غير مباشر في حال تضمن بعض الاحكام التي يلتجأ إليها لتنظيم مسألة من مسائل التسليم، فقد يخذ بالاعتبار لإجراء أو عدم إجراء التسليم كقانون العقوبات الوطني الذي ينص علي عقوبة الاعدام لجريمة معينة، أو يضع تعريفا للجريمة السياسية، فيمتنع التسليم بالتالي وفقا لما تقرره معظم الاتفاقيات الدولية إن لم يكن سائرها ؛ ويعتبر قانون الاجراءات الجنائية أيضا مصدرا غير مباشر بما يشملة من نصوص عديدة مؤثرة في نطاق التسليم لاسيما إجراءات الاستلال والتحقيق والمحاكمة واجبة الاتباع، وذكذلك القانون الاداري بالنسبة لكيفية الطعن في قرار التسليم حال اعتباره قرارا اداريا[51].

((الوضع في مصر )) وفي دولة الامارات صدر القانون رقم + اسم القانون))

(( في النظام القانوني المصرى فإن أحكام تسليم المجرمين تخضع لضوابط دستورية[52]، ولقانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية وللمعاهدات الثنائية والمتعددة الاطراف في مجال التسليم ولنظام التسليم علي أساس المعاملة بالمثل[53]،، كما قد استحدث المشرع المصري الكتاب الخامس في مشروع قانون الاجراءات الجنائية الجديد ليتضمن أحكام التعاون القضائي الدولي، وتم تقسيم هذا الكتاب الي ثلاث ابواب رئيسية، خصص الباب الاول منها لبيان الاحكام العامة، ثم تناول الباب الثاني أحكام تسليم المجرمين وأفرد الباب الثالث لاستعراض أحكام التسيم المراقب[54]

الا ان القانون الوطني قد يكون عقبة لاجراء التسليم لاسباب متعددة منها علي سبيل المثال شرط التجريم المزدوج الذي ينص بأن يكون الفعل المطلوب التسليم من أجلة مجرم ومعاقب علية وفق قوانين الدولتين الطالبة والمطالبة، ولا تتوقف العقبات التشريعية علي القوانين الوطنية الخاصة بالتسليم في حد ذاتها بل تتضمن الي جوارها التشريعات الوطنية الاصلية التي تعالج موضوعات القانون العام والخاص علي حد السواء، فالتشريع الجنائي الذي يحظر عقوبة الاعدام ينسحب الي إجراء التسليم فيجعل التسليم غير جائز متي كانت العقوبة المقررة للجريمة محل التسليم هي الاعدام حيث استثنت بعض القوانين الداخلية التسليم في حال كانت العقوبة هي اعدام المتهم، ففي مثل هذه الحالة يقف التشريع الوطنى حائلا أمام إجراء التسليم، وبالطبع فان لم يكن هذا الحضر وارد في معاهدة التسليم فمن الممكن التغاضي عنه لان العبرة في التسليم بصفة أساسية بالمعاهدات[55].

كل هذه الاشتراطات التي تدرج في القانون الاخلي والتي تكون حائلا لاجراء التسليم بين الدول ستكون محور اهتمامنا والتي سنتناولها بشي من التفصيل عند الحديث عن شروط التسليم فيما بعد.

وفي النهاية لابد ان نشير الي انه عندما وضعت الدول التشريعات الداخلية المتعلقة بتسليم المجرمين لم تضعها بقصد الاستغناء عن المعاهدات ولكن لصياغة ما يطلق عليه القانون العام لتسليم المجرمين بقصد ارشاد الدولة فيما تعقده من معاهدات لتسليم المجرمين[56]، وتكملة بعض المسائل القانونية التي لم تنظم بواسطة المعاهدات كما اشرنا الي ذلك من قبل، ولقد سارت الاتجاهات الدولية المعاصرة نحو ادراج فكرة اقليمية القانون الجنائي الدولي وذلك بغرض ترسيخ قواعد ومبادئ القانون الجنائي وكفالة الالتزام بها عن طريق ادراجها بالنظم الداخلية للتشريعات الجنائية لمختلف الدول[57].

المطلب الرابع: المبادئ القانونية العامة[58].

ترجع نشأة القانون الطبيعي إلي فلاسفة اليونان إذا ظهرت فكرة وجود قانون أعلي يسيطر علي نظام الكون وتستوحي قواعد القانون الوضعية مادتها منه تأثر الرومان بالفلسفة اليونانية واخذوا عنها فكرة القانون الطبيعي واعتبروا القانون المثالي ويتكون من مجموعة قواعد أبدية موجودة في الطبيعة يدركها الإنسان بالعقل فطبقت علي الأجانب باعتبارها قواعد عامة أبدية مشتركة بين الشعوب إنما تستقر في ذهن وضمير الجماعة، تمليها العدالة المثلي وهي تستند الي المنطق والعقل والحدس وطبيعة الأشياء وقواعد العدالة والأخلاق ولا تحتاج الي نص يقررها ويمكن ان تستمد منها قواعد قانونية ملزمة يتعين الخضوع لها، يعمل القاضي علي الكشف عنها وتقريرها مستلهماَ اياها من روح التشريع، فيعلنها من خلال احكامه معطياً إياها القوة الإلزامية. ومن ثم يتعين علي الجميع احترامها والالتزام بها، ويعد كل تصرف مخالف لها معيباً بعيب مخالفة القانون.

ومن هذا المنطلق فقد تناولت المادة (38) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية أن من بين المصادر الاصلية للقانون الدولي العام”المبادئ العامة للقانون التي اقرتها الامم المتمدنة” وقد كثرت الخلافات الفقهية حول قيمة هذا المصدر من مصادر القانون الدولي وحول الطبيعتة القانونية له[59]

ماهية المبادئ القانونية العامة:

المبدأ في اللغة: من بَدَأَ يَبْدَأُ بَدْءَاً، وَمَبْدَءاً؛ ومبدأُ الشيءِ: هو الذي منه يتركَّبُ أو منه يكون أما المبادئ العامة للقانون هي الأفكار التي تصدر عن الفكرة العامة و التي تؤدي الي استنباط مجموعة القواعد القانونية الوضعية التي تنظم سلوك الأشخاص في هذا المجتمع. بذل الفقهاء محاولات عديدة لتحديد المقصود بالمبادئ العامة للقانون فقد لا يراد بها القواعد العامة للقانون والمقصود بها أي العمومية ليست القابلية انطباق القاعدة القانونية مع حالات غير منتهية وغير محددة من الوقائع انما المقصود بها هنا قابليتها للانطباق علي قواعد قانونية أخرى بحيث تعتبر القواعد المذكورة تطبيقا للمبدأ العام ويعتبر المبدأ هو القادة النسبية لهذه القواعد فهو قاعدة القواعد أن جاز التعبير [60].

وقد اختلف الفقه في تحديد مضمون المبادئ العامة للقانون بحيث يذهب فريق من الفقه بان المقصود منها “المبادئ التي يتم استخلاصها من الممارسة الدولية بوصفها كثيرا ما ترد بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم وذلك لتعدد القواعد التي يستند عليها المحكمون كونها تجسد سلوك الدول بتعبيرها عن ارادتها في علاقاتها الخاصة”[61]؛ ولا يمكن القبول بهذا الراي كونه يعتبر المبادئ العامة للقانون الدولي جزءا من العرف الدولي، فهو يخلط بين تلك المبادي والعرف.

فيما يذهب راي اخر وهو الغالب باعتبار أن المبادئ العامة للقانون تعني المبادئ القانونية المشتركة المستمدة من الأنظمة القانونية الداخلية والتي يمكن تطبيقها في العلاقات الدولية، فهي تستمد من القوانين الداخلية وتعتبر بنفس الوقت مبادئ مشتركة بين تلك الانظمة ويمكن تطبيقها في مجال العلاقات الدولية، كما انها معترف بها من قبل كافة الانظمة القانونية الرئيسية بالعالم وذلك بأشارة الي الامم المتمدنة[62] ؛ وقد جرت هيئات التحكيم الدولية علي تطبيق تلك المبادئ باعتبارها مصدر من مصادر القانون وذلك من خلال الرجود لبعض من تلك المبادئ السائدة بالقوانين الداخلية وتطبيقها علي المنازعات الدولية التي تطرح أمامها[63]، كما أن الراي الغالب من الفقه بنظر إلي المبادئ العامة للقانون باعتبارها المبادئ المشتركة في الانظمة القانونية للدول التي يراد تطبيق القاعدة في مواجهتها، فإن من المتفق عليه وجوب أن يكون المبدأ معترفا به من الدول المختلفة في مجموعها[64]

لذلك فهي عبارة عن مجموعة المبادئ التي تأخذ بها كافة الانظمة القانونية في العالم وتكون قابلة للتطبيق علي العلاقات الدولية، كما تعتبر هذه المبادى من الوسائل التي يطبقها القضاء باشرة، باعتبارها مصدرا من مصادر القانون الدولي بحث تلجأ اليها محكمة العدل الدولية حال النزاع عند انعدام النص التعهدي أو العرفي، ومبادؤ القانون العامة التي أوردتها الفقرة (ج) من المادة (38) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولي هي:”المبادئ القانونية العامة التي تقرها الأمم المتمدنة”[65]؛

الطبيعة القانونية للمبادئ العامة للقانون:

اختلف الفقه الدولي حول الطبيعة القانونية للمبادئ العامة للقانون، فقد أثار النص الوارد بالمادة (38) سابق الذكر، والذي يشير الي المبادى العامة كمصدر من مصادر القانون الدولي الكثير من الجدل بين الفقه.

فذهب الراي الاول الي اعتبار المبادى العامة للقانون مصدرا احتياطيا أو مساعدا للقانون الدولي، حيث ان انصار ذلك الاتجاه لا يعترف إلا بمصدرين رئيسين هما: المعاهدات والعرف، ويرفض الاقرار بالمبادى العامة كمصدر رئيسي،ويستند الي ان تعداد المبادئ العامة للقانون بين المصادر لم يكن يعني أكثر من أن القاضي الدولي لا يلجأ الي هذه المبادئ إلا حينما لا يوجد اتفاق أو عرف أو حينما تكون القواعد المستمدة من أحد هذين المصدرين غير كافية لحسم النزاع[66]، فلا يتم الرجوع لها إلا في حال غياب القواعد الاخرى، أو في حالة النقص والقصور في معالجة القضية المطروحة.

الا ان ما ذهب الية أنصار القانون الطبيعي من وجود قواعد خالدة ثابتة لا تتغير عبر الزمن أمر غير صحيح ذلك لان القواعد القانونية متغيرة عبر الزمن والمكان وهذا هو رأي المدرسة التاريخية التي ترى أن القانون وليد البيئة الاجتماعية وأنه يتغير بتغير الزمان والمكان.

فيما يذهب الراي الثاني علي اعتبار ان المبادئ العامة للقانون ما هي الا وسيلة من وسائل تفسير القانون، والقواعد المستمدة من المعاهدات والعرف، فالمصادر تنحصر في لمعاهدات والعرف، الا ان هذا الراي منتقد وذلك استنادا لوجود نص صريح – المادة “38” سابق الاشارة اليها – فالمشرع منزه من اللغو او ادراج نصوص بلا دلاله.

ويذهب الرائ الاخير وهو الغالب الي اعتبار المبادئ العامة للقانون مصدرا رئيسيا أو أصليا من مصادر القانون الدولي، لارتباطة بمبادى الاخلاق والعدل والمساواة بين الامم، كما ان اغلب المعاهدات واتفاقيات التحكيم قد اقرت بهذه المبادئ كمصدر للأحكام، حيث ماقامت به محكمة العدل ما هو الا اقرار حالة سابقة[67]؛ نظيف علي ذلك فان حصر تلك المصادر في مصدريين فقط يؤدى لحدوث الكثير من المشاكل، ويجعل العديد من القضايا والخلافات الناتجة عن التشابك الدولي غير قابلة للحل، ويخضع الامر للقوة بدلا من خضوعة للقانون بعيدا عن مبادئ العدالة[68].

أهميتها:

أدى تطور المجتمع الدولي علي المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واستقلال العديد من دول العالم، وظهور العديد من المنظمات الدولية التي لعبت دوراً مهماً علي المستوي الدولي إلي تشعب العلاقات الدولية وتطورها، الأمر الذي كشف بوضوح عن قصور قواعد القانون الدولي وعدم مقدرتها علي مواكبة هذا التطور، فلم تعد المصادر التقليدية للقانون الدولي والمتمثلة بالمعاهدات الدولية والعرف الدولي تكفي وحدها لسد هذا القصور، وبالتالي لتسوية المنازعات الدولية التي طرأت علي الساحة الدولية، فكان لابد من اللجوء إلي مصدر أخر يساعد علي سد النقص والقصور الذي يعاني منه القانون الدولي، وهذا المصدر هو مبادئ القانون العامة.

ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كتعبير عن المبادئ العامة للقانون لاحتوائه علي الأفكار الأساسية التي استوحاها واضعوها لإعلان وهي وحدة الأسرة الإنسانية القانونية التي لا تقبل التنازل عنها

لذا فمبادئ القانون العامة تعتبر المصدر الاصيل من مصادر القانون الدولي التي نصت عليها المادة ( 38 ) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وهي تقدم معيناً لا ينضب من القواعد القانونية التي تساهم بشكل كبير في تسوية المنازعات الدولية، وذلك في حالة عدم وجود القاعدة القانونية في المعاهدات الدولية والعرف الدولي.

ومن هنا جاءت أهمية مبادئ القانون العامة في نطاق العلاقات الدولية، فهي من جهة تقوم بسد النقص المستجد في قواعد القانون الدولي، ومن جهة أخرى تساعد علي تطوير قواعد القانون الدولي، فهذه المبادئ تتميز بأنها تتمتع بطابع العمومية كونها مستمدة من النظم القانونية الرئيسية في العالم، كما تتميز بأنها أساسية تهيمن علي مجموعة من القواعد التفصيلية المتفرعة عنها.

كما تعتبر المبادئ العامة للقانون سندأ هاما لمحكمة العدل الدولية في التفسير، وفي إيجاد حلول للمسائل التي لا تخضع لمعاهدة أو عرف، فعند عدم وجود معاهدات لتسليم المجرمين بين الدول الطالبة والمطلوب منها التسليم، وعدم وجود قاعدة عرفية بهذا الشأن فعلي محكمة العدل الدولية اللجوء إلي المبادئ العامة للقانون الدولي لحسم مثل هذه المسائل، إلا أن الواقع العلمي وفي ضل الاتجاهات المعاصرة يوضح لنا بجلاء عجز محكمة العدل الدولية عن وضع الحلول والمعالجات المناسبة فيما يتعلق بقضايا التسليم[69]،أو

المبحث الثاني المصادر التكميلية لتسليم المجرمين

تعتبر المصادر التكميلية مجموعة الوسائل العملية التي تلجأ اليها الدول لإيجاد الحلول المناسبة فيما يتعلق بتسليم المجرمين عند الحاجة اليها كبديل عن المصادر الاصلية في حال عدم وجود أو قصور أو لصعوبة الاعتماد علي تلك المصادر الاصلية، وتتمثل هذا المصادر في مبدأ المعاملة بالمثل وأحكام المحاكم والاجتهادات الفقهية بالإضافة الي قواعد الاخلاق والمجاملات الدولية [70]، ونشير لتلك المصادر وفقا للتالي:

المطلب الاول: مبدأ المعاملة بالمثل

المطلب الثاني: المجاملات الدولية وقواعد الاخلاق

المطلب الثالث: احكام المحاكم والاجتهادات الفقهية

المطلب الرابع: القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية

المطلب الاول: مبدأ المعاملة بالمثل

تعريف المبدأ ( بحث بالنت+ من الطبيعة بالمفهوم)

يعرف مبدأ المعاملة بالمثل في مجال تسليم المجرمين والعلاقات الدولية بأنها “تطابق الحقوق والالتزامات أو علي الأقل تكافؤها”[71]؛ ولا يعتبر هذا المبدأ من المصادر الحديثة في التسليم حيث كانت تلجأ اليه كثير من الدول في الماضي؛ وقد يمثل شرط المعاملة بالمثل مصدرا عاما أو خاصا في مجال التسليم فيعد مصدر عام إذا كان التسليم بين دولتين يتم استنادا له دون وجود معاهدة تسليم ترتبط بينهما، وقد يكون مصدرا خاصا إذا انصب علي حكم ما من أحكام التسليم المنصوص عليها في اتفاقية بين دولتين[72].

ولا يشترط ان ينص علية كتابتا في معاهدة أو تشريع وطني فهو يمثل مجرد سلوك تأخذ به الدولة في مجال التسليم تأسيسا علي اعتبارات السيادة التي تتمتع بها التي تقوم بممارسة المبدأ في المجال الدولي في ظل الاعتبارات السياسية ومصالحها العليا[73].

ويتضح من التعريف بأن مبدأ المعاملة بالمثل يعتبر مصدر تكميلي إزاء تبسيط الإجراءات في مجال التسليم، وإيجاد الحلول الملائمة فيما يتعلق بمسائل التسليم المطروحة علي المستوى الدولي في حالة عدم إمكانية تطبيق المعاهدة[74].

أهمية المبدأ[75]:

يتضح من خلال الطرح السابق بان المبدأ يحتوي علي العديد من المزايا والتي تتمثل في الاتي[76]:-

  • يعتبر من الأدوات الهامة والمعاصرة في مجال تسليم المجرمين وذلك لما يفرضة من التزامات بين الدول.
  • يعتبر من المصادر الفعالة في مجال التسليم، عند عدم وجود معاهدة، وبذلك يكون المبدأ مصدرا كافيا في حد ذاتة لإجراء التسليم، في حالة عدم وجود معاهدة[77]، وهذه هي السمة التي تضفي عليه الصفة التكميلية من مصادر التسليم، وهو ما يجعلة يكتسب أهمية أخرى بإلزام الدولة باحترام تعهداتها في مواجهة الدول التي بادرت بمعاملتها بالمثل وتقديم المساعدة.
  • يتسم هذا المبدأ بالمرونة وعدم التعقيد في الاجراءات بين الدول، وهو ما يجعل الاعتماد علية من جانب الدول أمرا مرغوب فيه، خاصة في ظل تطور الجريمة وانتشارها[78]، كما قد تواجه الدول العديد من العراقيل اثناء تطبيقها للمعاهدات المقرة بينهم والتشريعات الوطنية بشأن أجراءات وشروط التسليم، الا ان مبدأ المعاملة بالمثل كأساس للتسليم يتميز بانه لا يقيد من سلطة الدولة التي تأخذ به في تعديل القانون الخاص بها في اي لحظة، بل يشترط ان تكون شروط التعديل في الاطار المعقول والمعتدل، والامر علي خلاف ذلك بالنسبة للمعاهدات حيث لا يسمع غالبا بالتعديل من جانب طرف واحد، كما أن تلك المعاهدات من الصعوبة تطبيقها أثناء الحرب.
  • لا يحتاج هذا المبدأ إلي تدوين أو النص عليه في صلب المعاهدات أو القوانين الوطنية وإنما يكتفي أن يأتي من خلال سلوك متبادل بين الدول في علاقتها أثناء أجراء التسليم.
  • النظام القانوني في ضلة يخلو من الغموض والالتباس، وذلك كون يحكمة قانون موحد متضمن لشروط ثابتة، مما يؤدي الي الحيلولة دون التعارض الذي قد ينشأ من بين قواعد تسليم المجرمين الداخلية والمعاهدات ذات الصلة مما يدى إلي نتائج غير مرضية[79].
  • يضمن معاملة الدول الاجنبية علي قدم المساواة فالدول التي تأخذ بهذا النظام كأساس بديل لتسليم المجرمين، تتحاشي أي تمييز ضد الدول الاجنبية التي لم تبرم معها معاهدات تسليم[80].

الطبيعة القانونية لشرط المعاملة بالمثل[81]:

رأينا فيما سبق أن الالتزام بشرط المعاملة بالمثل قد يكون مستند الي معاهدة ببعض الاحوال، وقد لا يكون كذلك؛ وفي هذه الحالة الاخير يثور التساؤل عن ماهية الطبيعة القانونية لالتزام الدول بهذا الشرط؟

حيث يعتبر مبدأ المعاملة بالمثل مبدأ ادبيا بحتا كونة يفرض التزامات دولية علي كل الاطراف التي تأخذ به، وتخضع اللجوء اليه والاعتماد علية الي طبيعة العلاقات بين الدول وتواتر العمل بالسلوك المماثل، من ثم فان الاخفاق في تنفيذ هذا العمل واحترامه يعد انتهاكا واضحا لقواعد السلوك الدولية، فاذا رفضت اي من الدولتين اجراءات التسليم أو الاسترداد طبقا لهذا المبدأ فأن الطرف الاخر يخل بالتعهد بتطبيق المعاملة بالمثل.

تعتمد العديد من الدول علي هذا المبدأ في مجال تسليم المجرمين بصرف النظر عن ارتباطها بمعاهدات تسليم مع الدول الاخرى من عدمه، فهو ساري لدى العديد من الدول[82]. كما ان بعض المعاهدات والتشريعات الداخلية قد تنص بصريح النص علي تطبيق هذا المبدأ، وذلك لما يمتاز من مرونة في التعامل بين الدول، كما ان له دور واضح في تحسين العلاقات مما يدفع الي المزيد من اليات التعاون الدولي ويرتب التزامات قانونية حيال عدم الاخذ به.

ويتصف بالسلوك الايجابي من خلال السلوك المتبادل فيما يتعلق بتسليم المجرمين، كما يتسم بالسلوك السلبي في حالة الامتناع عن تطبيقة والتي تنعكس علي تواتر العلاقات، وتعطيل العمل بالاتفاقيات الدولية والثنائية من خلال عدم القبض علي المطلوبين وتسليمهم لسلطات الدول الطالبة طبقا لتصرف مماثل سابق[83]، من ابرز الامثلة لشرط المعاملة بالمثل هو نص المادة (2/7) من الاتفاقية الاوربية للتسليم الذي يقضي بانه “كل طرف يستطيع تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل فيما بالجرائم التي تستبعد من مجال تطبيق هذا الاتفاق”[84].

ولا يشترط التساوي في عدد مرات ممارسة الدول لهذا النظام طالما أن إحداهم لم ترفض طلب الدولة الاخرى، وإلا اعتبر ذلك أخلالا بالركن الاساسي في هذا الاسلوب[85]، كما لا يشترط ان يتم النص كتابة في معاهدة دولية أو تشريع وطني علي تطبيق هذا الشرط، بل يمثل مجرد سلوك تأخذ به الدولتين في مجال التسليم، وفي حالة الاشارة الية فيكتفي بالاشارة الية بصفة عامة باعتبارة سلوك متبادل له صفة التلقائية بين الدولتين، كما انه قد يكون بشكل اتفاق لاحقمن خلال المخاطبات بين الدولتين وذلك بعد تطبيق المعاهدة [86].

ويؤكد بعض الفقه بان هذا المبدأ يقوم تأسيسا علي اعتبارات السيادة التي تتمتع بها الدول التي تقوم بممارسة المبدأ في المجال الدولي في ظل الاعتبارات السياسية ومصالحها العليا[87].

وخلاصة القول بان هنالك العديد من الدول تعتمد علي هذا المبدأ في مجال تسليم المجرمين وذلك بصرف النضر عن ارتباطها بمعاهدات مع الدول الأخرى من عدمة؛ ولا شك أن تطور العلاقات الدولية في عالمنا المعاصر سينعكس بإيجابية علي رغبة الدول بإقرار مبدأ المعاملة بالمثل وتطبيقة في ممارستها العملية.

الوضع في جمهورية مصر ودولة الامارات.

يجري العمل بجمهورية مصر في حال عدم وجود معاهده مع الدولة الطالبة ؛ فقد أكد مجلس الدولة المصري ذلك حينما قرر أنه في حالة عدم وجود معاهدة بين لتبادل تسليم المجرمين بين مصر وبعض الدول فإن ذلك لا يمنعها من إجراء تسليم المتهمين الي الدول المطالبة وفقا للقواعد العامة في هذا الشأن وعلي أساس المعاملة بالمثل[88].

وكذلك المادة (39) من الاتفاقية المصرية الاردنية ( البحث بالاتفاقية الاماراتية)( مشار اليها بمرجع 10 سابق ص94 بحث) والتي تنص علي أنه ” إذا كانت الجريمة المعنية معاقبا عليها بالاعدام، يجوز تقرير التسليم وفقا للشروط المقررة في هذه الاتفاقية إذا تقرر ذلك بناء علي خطابات متبادلة بين الحكومتين بالنسبة لكل حالةعلي حدة” في اشارة هنا الي تطبيق هذا الشرط.

(( كما قد ورد شرط المعاملة بالمثل في صدر الكتاب الخامس المخصص للتعاون القضائي الدولي في مشروع قانون الاجراءات الجنائية المصرى اذ تنص المادة “522” من هذا المشروع علي انه “مع عدم الاخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية وبشرط المعاملة بالمثل تتبادل الجهات القضائية المصرية مع الجهات القضائية الاجنبية والدولية التعاون القضائي في المجال الجنائي طبقا لاحكام هذا القانون”.

المطلب الثاني: المجاملات الدولية وقواعد الاخلاق

تعتبر قواعد الاخلاق والمجاملات الدولية من المصادر التكميلية في مجال تسليم المجرمين، وتعمل الدول بموجبها من دون وجود أي مصدر إلزام لها، غير الالتزام الادبي والاخلاقي وذلك من أجل توطيد العلاقات وتقوية الصلات بين مختلف الدول.

اولا المجاملات الدولية:

يقصد بقواعد المجاملات الدولية قيام دولة بعمل غير ملزم به قانونيا أو أخلاقا، أو امتناعها عن ذلك بهدف توطيد علاقتها بدولة معنية أو خلق عادة تفيدها عمليا[89]

ويعتبر تسليم المجرمين للدولة الطالبة احدى صور المجاملات الدولية، كون الدول المطلوب منها التسليم تقوم باجراءات غير ملزمة قانونيا وقد لا تستند الي مسوغ قانوني أو تعاهدي ولك لتوطيد العلاقات السياسية مع الدولة الطالبة لتحقيق مصالح اخرى[90].

وتتمثل عناصر قواعد المجاملات الدولية في ان اساس نشأتها وهو المبادرة التطوعية من احدى الدول في مواجهة الأخرى دون سند قانوني أو تعاهدي أو حتي أخلاقى يستند إلي الضمير العالمي؛ كما انه ليس لتلك المبادرة صفة إلزامية، وتكون في صورة عمل أو امتناع عن عمل بغرض توطيد العلاقات مع الدول الاخرى[91].

وتبرز أهمية قواعد المجاملات الدولية في مجال التسليم بأن تمتنع الدولة المطلوب منها عن القيام باجراء معين لتجنب التوتر بالعلاقات السياسية ويتمثل ذلك بان تقوم الدولة بذلك لتجنب توتر العلاقات السياسية مع الدولة الطالبة، وذلك من قبيل المجاملات الدولية ودعم للعلاقات السياسية والمصالح المشتركة مع الدول الطالبة وفيما بينهما[92]، فالعديد من الدول تقوم بهذا الاجراء ومن دون ان تربطها مع الدولة الاخرى معاهدات.

ويتم التسليم وفقا لتلك المجاملات بصوره الايجابية من خلال قيام الدول المطلوب منها التسليم بالتخلي عن الشخص المطلوب وتسليمة إلي الدولة الطالبة، اما الصورة السلبية فتكون من خلال قيام الدولة المطلوب منها التسليم بالامتناع عن اتخاذ إجراء معين، تجنبا لتوتر العلاقات السياسية مع الدولة الطالبة، وتتمثل هذه الحالة في رفض الدولة المطلوب منها منح الشخص المطلوب حق اللجوء السياسي[93]

كما ترتبط المجاملات الدولية ارتباط لصيق بالاعتبارات السياسية فيشبه البعض علاقتهم بالعلاقة الطردية أي انه اذا كانت العلاقات السياسية بين الدولتين الطالبة والمطلوبة منها جيدة ومستقرة في المجال الدولي، ادى ذلك إلي تنفيذ قواعد المجاملات الدولية في الممارسات العملية للتسليم وان لم يكن الأمر كذلك فلا يتصور اعمال تلك القاعدة[94].

ثانيا: قواعد الاخلاق:

لقواعد الاخلاق مدلولا في التعاليم التي تتبلور بضمير الجماعة في زمن معين عن الفضيلة والخير والشر بحيث تفرض علي الأفراد أن يتبعوها وإلا تعرضوا لازدراء المجتمع وسخطه[95].

وقد أعطا الفقه الدولي قواعد الأخلاق مدلولا متشابها، فهي مجموعة من المبادئ السامية التي تحمل الآداب العامة الدول علي مراعاتها فيما بينها، وفي تعريف أخر هي مجموعة من القواعد المنظمة لتصرف الدول وليس لها جزاء قانوني ؛ كما عرفها البعض الأخر بانها المبادئ التي يمليها الضمير العالمي ويقيد بها تصرفات الدول ولكن ليس لها إلزام قانوني[96].

ونستخلص من التعاريف السابقة بأن قواعد الاخلاق في النطاق الدولي تمتاز بعدة عناصر من أهما ما يلي[97]:-

  • تشارك القانون الدولي في تنظيم السلوك الدولي
  • كما انها مبادى وليست نصوص واردة في معاهدات أو قوانين وطنية بالتالي فهي ليست نصوصا قانونية واردة في معاهدة أو قوانين
  • ان ما يمليها هو الضمير العالمي ومصدر الالتزام بها أدبيا ومعنويا.
  • غير ملزمة للدول ولا يترتب علي مخالفتها تحمل المسؤولية الدولية
  • اعتبارات الآداب العامة هي التي توصى باتباعها لذلك فعلي الدول عند القيام بأي تصرفا وممارسات دولية التقيد بهذه المبادئ وعدم الخورج عنها.

ويمثل تسليم المجرمين أحد النماذج في العلاقات الدولية، لذا فلاشك ان هنالك العديد من القواعد المرتبطة بمبادئ الاخلاق الدولية ولها صلة وثيقة بالتسليم، كما أن لتطور قواعد الاخلاق الدولية لا يد أن يقابله تطور آخر في مفاهيم العلاقات الدولية، ويكمن هذا التطوير في أساس وصلة العلاقات التي يتم من أجلها التسليم من أجل تحقيق التعاون والتكاتف الدولي لمكافحة الجريمة وتعقب مرتكبيها[98]

ومن مظاهر هذا التعاون والتكاتف بين الدول عقد العديد من الندوات والمؤتمرات والاتفاقيات بين الدول لتحقيق هذه الأهداف المستقرة في المير العالمي، ولا يمكن لاي دولة أن تعلن نقيض هذه المبادئ إلا قوبلت بازدراء واستهجان دولي، حيث يعد عدم الرد علي طلب التسليم في الايجاب او السلب انتهاك صريح لتلك القواعد[99].

ونخلص بالنهاية بان العلاقة بكل من قواعد المجاملات الدولية والاخلاق وثيقة، فقد تحول تلك القواعد إلي قواعد دولية بالمعنى الصحيح وذلك إذا ما اكتسبت وصف الإلزام القانوني، ومثال ذلك قواعد معاملة أسرى الحرب فقد كانت قواعد الاخلاق تنضمها قبل ان تتحول الي عرف ومن ثم الي معاهدات وقوانين داخلية[100].

وقد يلحق بقواعد الاخلاق والمجاملات الدولية مراحل متطورة تجعل منها قاعدة عرفية مستقرة في ضمير الجماعة، ويأتي ذلك إذا ما توافرت لها صفة القاعدة العرفية من تواتر السلوك ورسوخة في ضمير أعضاء الجماعة الدولية؛ كما قد تتطور هذه القواعد لتكون ضمن بنود المعاهدات الدولية في نصوصها متي اتفقت الدول علي ذلك.

ويعتبر مبدأ المعاملة بالمثل والذي سبق ان اشرنا له، حلقة الوصل بين قانون العلاقات الدولية الذي ينبع من أحكام وقواعد القانون الدولي العام، ومبادئ الاخلاق الدولية التي يترتب علي مخالفتها تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وهو ما يرتب وجود صفة إلزامية تبعية عند الإخلال بقواعد المجاملات الدولية والاخلاق[101].

المطلب الثالث: احكام المحاكم والاجتهادات الفقهية

اولا: أحكام المحاكم

لا تعتبر احكام المحاكم مصدرا مباشرا أو اصليا في مجال التسليم بل هي مصدر احتياطي أو تكميلي يمكن الاسترشاد بها في مجال العلاقات الدولية، وتكمن أهميتها بانه يمكن من خلالها الاستدلال علي وجود قاعدة قانونية أو علي تفسيرها[102]؛ ويكون مصدر تلك الاحكام محاكم التحكيم أو المحاكم الدولية كمحكمة العدل الدولية القائمة حاليا في ظل الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، كما يصدق علي ذلك أحكام المحاكم الوطنية وأن كانت أحكامها لا تلزم دولها في العلاقات الدولية الا أنها تساعد علي اكتشاف قاعدة دولية أو تفسير لتلك القاعدة[103]، بالإضافة الي ان تلك الاحكام تتصف بالثبات والقاعدية أي أنها تخلق القواعد القانونية الراسخة للمحكمة في التطبيق، حيث ستمثل فيما بعد سوابق قضائية يمكن الاسترشاد بها في مجالات التطبيق العلمي[104]

كما ان أحكام المحاكم الوطنية والدولية علي السواء[105] تؤثر بفاعلية في مجال تسليم المجرمين حال صدورها بحجية الأمر المقضي به ولا تلزم سوى أطراف النزاع وذلك، أي ان الحكم البات والصادر من المحاكم الوطنية برفض تسليم الشخص المطلوب يلزم السلطة السياسية بتنفيذه، ويتمتع بحجية الامر المقضي به لاطرافة [106]، ويترتب علية رفض طلب التسليم المقدم من الدولة الطالبة، كذلك الحال عند صدور الحكم من المحاكم الدولية بتسليم الشخص المطلوب لارتكابة جرائم جسيمة تهدد السلم والامن الدوليين، وجب تسليمهم للمحكمة لمحاكمتهم عما اقترفوه من جرائم في حال عدم التمكن من محاكمتهم امام القضاء الوطني التابع لدولتهم، أو لعدم اتباع إجراءات منصفة عند محاكمتهم[107].

وقد أكدت الممارسات العملية في مجال التسليم لذلك الاتجاه[108]، كما أن النظام الانجلو سكسوني يعتمد علي السوابق القضائية بالحالات المماثلة بالحالة المعروضة امامة، بالإضافة الي أن المحاكم الجنائية الدولية كذلك تعول علي تلك السوابق، وخير مثال لذلك هو محاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية ( محاكمات نورمبرج) حيث طبقة المحكمة الجنائية الدولية تلك المبادئ فيما يتعلق بمسئولة الفرد جنائيا علي الصعيد الدولي ومبدأ مسئولية رئيس الدولة وكبار موظفي الحكومة عن الجرائم الدولية أثناء نظرها للدعاوي الجنائية لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة ورواندا[109].

كما ان الضمانات الاجرائية للشخص المطلوب تسليمة تبقى مكفولة أمام المحكمة حيث يمكنه أبداء حق الدفاع عن نفسة والطعن في الحكم تأسيسا علي بطلان إحدى الشروط الموضوعية أو الاجرائية لنظام التسليم[110]؛ حيث يعبر الطعن بالاحكام القضائية تأكيد لاحترام حقوق الإنسان وكفالة حرياته الاساسية لذلك فهي مهمة للشخص المطلوب تسليمة[111].

وتكمن الصعوبة في إضفاء أي صبغة إلزامية علي أحكام المحاكم الوطنية لكونها تصدر لصالح الدولة التي يمثلها قضائها وفقا للمصدر التشريعي الذي يستقى منه قضائها أحكامه؛ فاختلاف التشريعات الوطنية وعدم توحيدها بؤدى بالتبعية إلي اختلاف الأحكام القضائية المؤسسة عليها وعدم إمكانية وضع سوابق ثابتة ذات صفة دولية عامة[112].

اجتهادات الفقه الجنائي:

يقصد بالاجتهادات الفقهية تلك الجهود الفقهية التي يعبر عنها خبراء القانون في أبحاثهم ومؤلفاتهم التي تتناول الشروط الموضوعية والقواعد الاجرائية، وذلك من خلال أبحاثهم ومؤلفاتهم عن آرائهم واتجاهاتهم تحليلاً لموضوعات قانونية بهدف تطوير قواعد القانون الدولي بشكل عام ونظام التسليم علي وجه الخصوص [113]

تتركز أهمية الفقه الجنائي والفقه الدولي لمساهماته الفعالة والكبيرة في اثراء وتطوير وتفسير قواعد القانون الجنائي الدولي وذلك من أجل إيجاد الحلول الملائمة في المسائل الشائكة لموضوعات التسليم، ويتمثل ذلك كما عرضنا من خلال التعريف بالابحاث والمؤلفات القانونية التي تتناول الشروط الموضوعية والقواعد الاجرائية لنظام التسليم من خلال التعبير عن آرائهم بالندوات والمؤتمرات الوطنية أو الدولية، الامر الذي يعكس بدورة لتطوير التشريعات الجنائية الداخلية لتواكب التشريعات الدولية المعاصرة في ظل أقليمية القانون الجنائي الدولي[114]، لذلك فان كتابات فقهاء القانون الدولي لا تعبر عن وجود قاعدة من قواعد القانون الدولي أو تفسير لتلك القاعدة، فالقفة الدولي لا ينشي قاعدة قانونية، وإنما يكشف عن وجود تلك القاعدة، وتقتصر أهمية كتابات الفقهاء الآن في إبداء الرأي حول مستقبل القانون الدولي لقضايا معينة أو في تبني دولة لبعض آرائهم في المعاهدات[115]، إلا انه من الصعوبة أن نجد أي صفة الزامية لهذه الاجتهادات الفقهية، ذلك لانها لا تعدو إلا أن تكون مجرد مبادئ توجيهيه يسترشد بها المشرع أو القاضي فيما يعرض عليه من أمور ومسائل قانونية[116]

و يؤثر هذا الدور علي تطوير معاهدات تسليم المجرمين من خلال تعديل بنودها وشروطها، بالإضافة الي ان التشريع الداخلي هو مرشد لما يتضمنه من مبادئ توجيهية في مجال التسليم[117]، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة من خلال الأبحاث والمؤلفات القانونية التي تصدر من خلالهم وتتناول بين صفحاتها الشروط الموضوعية والقواعد الاجرائية لنظام التسليم.[118]

ومن أبرز الاجتهادات الفقهية التي يمكن التعويل عليها في مجال التسليم مبدأ “إما التسليم أو العقاب” لذي نادى به “جرتيوس” سنة 1625، وساهم في تطويرة الأستاذ/ محمود شريف بسيوني ليصبح المبدأ “التسليم أو المحاكمة”[119]، حيث يعتبر هذا المبدأ مستقر دوليا وتعمل به الدول سواء ورد نصها في المعاهدة أم لم يرد.

المبحث الرابع: القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية

لقد وصلنا الي حقيقة سابقة بان التعاون والتنسيق هما الدعامتان الأساسيتان للوقاية من خطر الجريمة، حيث أن الدول التي تربط بينها مصالح وأهداف مشتركة تحتاج دائما الي كيانات قوية تجمعها في نظام واحد ليحدد اليات الوصول الي تلك الاهداف بما يحقق مصالح شعوبها[120]، ومن هذا المنطلق تنشأ المنظمات الدولية[121].

وتؤدى المنظمات الدولية دور هام في هذا المجال من خلال قنواتها المتعددة، كونها تمثل بعض النماذج الآلية العالمية للتعاون الدولي في مكافحة الجرائم وتسليم مرتكبيها، وتأتي من أهم هذه المنظمات في هذا الاتجاه كل من الامم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية؛

فقد فرضت المتغيرات الدولية علي نظام التسليم مصدرا جديد من مصادرة من خلال اعادة فكرة السيادة الدولية الي الاذهان، حيث بات مجلس الامن والتنظيمات الدولية تتدخل بقراراتها المتلاحقة المقرونة بالجزاءات الدولية لاجبار بعض الدول علي تسليم المطلوبين لديها حتي وان كانوا من رعايا تلك الدولة.

وقد افردنا هذا المبحث المستقل لاهمية الموضوع وحداثته علي الساحة الدولية، كما اعتبرناه من المصادر التكميلية كون الدول لا تلجأ له الا في حالات استثنائية بل وفي اضيق الحدود كونه خروج عن الأسلوب التقليدي في مجال التسليم المبنى علي المعاهدات وشرط المعاملة بالمثل والقوانين الداخلية.

وسوف نقسم هذا المبحث الي:

المطل الاول: جهود الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين

المطلب الثاني: التعاون الدولي في ظل المحكمة الجنائية الدولية.

المطلب الاول: جهود الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين

أسهمت الأمم المتحدة بدور حيوي وفعال في مكافحة الأعمال الأجرامية وتسليم مرتكبيها، وقد ساهم هذا الدور باثر مباشر في تحسين آليات التعاون الدولي بمختلف مظاهرة من خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي أولت تعاون الدول فيما بينها أهمية كبيرة من أو عن طريق أجهزت الأمم المتحدة المختلفة، التي تعمل علي تحقيق السلام والأمن للبشرية[122]،فتساهم منظمة الأمم المتحدة في من خلال تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الأعمال الاجرامية بكافة صورها وأشكالها من خلال القرارات المتعددة التي تصدرها الجمعية العمومية[123]، وتتضمن هذه القرارات عدد من المبادئ المبلورة لمفهوم التعاون المتبادل كجمع المعلومات والادلة التي تساهم في تعقب واعتقال وتسليم ومحاكمة المشتبة بهم في ارتكاب تلك الجرائم ومعاقبتهم[124].

ويعد مجلس الأمن أكثر أجهزة الأمم المتحدة خطورة وفاعلية لتأثيره علي العديد من المشكلات الدولية، وذلك لان قراراته تحمل الصيغة التشريعية والتنفيذية ؛ ويعرف القرار الدولي الصادر عنه بانه ” كل تعبير من جانب المنظمة يتم علي النحو الذي حدده دستورها، ومن خلال الاجراءات التي رسمها عن إتجاه الإرادة الذاتية لها الي ترتيب أثار قانونية معينة ومحددة، سواء علي سبيل الإلتزام أو التوصية”[125]، تستمد من دستورها ومن الغرض الذي انشأت المنظمة من أجلة والي الاهداف التي تسعى لتحقيقها؛ وعلي ذلك فان اي خروج عن تلك الاهداف المحددة بدستور المنظمة يعد ذلك القرار باطل، كما يمكن لأي منظمة إلزام دولة غير طرف فيها بأي قرار مالم ينص الميثاق المنشئ لها علي ذلك.

علاقة الأمم المتحدة بتسليم المجرمين:

في الفترة الاخيرة بدأت تشيع قرارات المنظمات الدولية كأساس قانوني تلزم الدول من خلالة لتسليم المجرمين، وكون مجلس الامن بوصفة أهم الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة يمتلك الادوات والسلطات بمقتضى نصوص ميثاق الأمم المتحدة ليكفل تحقيق الاهداف التي انشأ من أجلها وذلك بموجب نص المادة(25) من لميثاق والتي تلزم الدول الاعضاء بقراراته،اذ انه يتصور أن يقرر مجلس الامن مطالبة أحدى الدول بتسليم مطلوبين لدولة ما أو جهة قضائية دولية، وبالتالي يصب علي الدول المعنية الانصياع لتلك القرارات[126]. وعلي الرغم من عدم وجود اي اساس قانوني يربط بين الدولتين بتسليم المجرمين، غير ان ذلك يعتبر من المصادر الاخرى التي يتم تطبيقها في مجال تسليم المجرمين؛ ففي حالة عدم التطبيق تتعرض تلك الدول لعقوبات وجزاءات توقع من خلال مجلس الامن ازاء عدم التزامها بقراراته.

تمثل تلك القرارات مصدرا لآحكام القانون الدولي بصفة عامة[127]، أما في مجال التسليم فأن التساؤل يثار حول مدى اعتبار مثل هذه القرارات مصدرا لمطالبة دولة بتسليم شخص يتواجد في إقليمها لمحاكمته أو تنفيذ حكم به بدولة أخرى، فعضوية الدول في الامم المتحدة يفترض به أن تكون علي قدم المساوه [128].

وكما أشرنا سابقا فان المنظمات لا تتدخل للمساس بسيادة الدول تأسيسا علي حق المساواة في السيادة بين جميع الدول، غير ان ذلك المبدأ نسبي، فيجوز التدخل استثنائا في حال ما اذا كان ذلك التدخل مبنى علي سبب مشروع مثل اتفاقية بين دولتين أو أكثر أو اذا اجازة القانون الدولي العام بصرف النظر عما إذا كان مستندا إلي مبدأ مشروع من عدمة[129]

وهنالك العديد من القرارات التي اتخذها مجلس الامن بشأن مكافحة الجريمة وتسليم مرتكبيها، ومن صور تلك القرارات هو تدخل مجلس الامن في الازمة الليبية الغربية وذلك في حادثة طائرة الركاب المدنية والمشهوربة “بحادث لوكربي” والتي تعتبر أكثر القضايا جدلا[130]، حيث قامت الدول الاطراف بعرض مبرراتها لتسليم احد المواطنين الليبيين وقامت ليبيا برفض التسليم، فصدر قرار مجلس الامن رقم 731 لسنة1992 في الجلسة رقم 3033 المعقود في 31 يناير 1992، فقد طالب القرار ليبيا بتنفيذ طلبات الدول الغربية علي اعتبار أن هذه الحاثة نموذج للإرهاب ضد الطائرات المدنية ستهدد السلم والامن الدوليين، الا ان السلطات الليبية رفضة التسليم استناد الي القانون الداخلي الذي يمنع تسليم رعايا الدولة للخارج، وبادرة بالعديد من المقترحات لحل الازمة رفضة جميهعا؛ وبتاريخ 30 مارس 1992 أعدت الدول الغربية الاطراف مشروع قرار بفرض مجموعه من العقوبات علي ليبيا كرد فعل دولي لعدم امتثالها لقرار مجلس الامن رقم 731.[131]

كما قرر كذلك بتسليم مطلوبين من دولة السودان وذلك في اعقاب محاولة اعتقال الرئيس المصري السابق – محمد حسني مبارك- أثناء مشاركته في مؤتمر القمة الأفريقية المنعقد في أديس أبابا باثيوبيا عام 1996م، حيث تبين من بعد التحقيقات بتورط بعض المتهمين وهروبهم الي السودان الذي رفض تسليمهم، وبعد رفع الموضوع لمجلس الامن قام الاخير بإصدار قرار رقم (1045) لسنة 1996م بمطالبة السودان الالتزام بتسليم المطلوبين لاثيوبيا أو لمصر لاستكمال التحقيقات معهم[132].

وبهذا العرض الموجز لتلك القضايا هدفنا لتوضيح الرؤية والجوانب القانونية لهذه الازمة وما تتمتع به القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية من صفة إلزامية ضمن مصادر التسليم.

وقد قضت المادة (34) من الميثاق بأنه يجوز لمجلس الأمن أن يشكل لجانا للتحقيق في أي شكوى تتقدم بها الدول إلي المجلس، وذلك للفصل فيما إذا كانت هذه الشكوى بمثابة نزاع من عدمة، حيث لا يمكن الأعتداء برأي دولة طرفاً في النزاع[133]، كما تخول أي دولة ليست عضواً ذات الحق شريطة أن تقبل مقدما الالتزامات بالحل السلمي الوارد النص علية بالميثاق.

لذا فيتبين بان مجلس الامن قد يتدخل في حل الأزمة لعدة اعتبارات منها أن هذه الواقعة تمثل حادثة ارهابية من شأن استمرارها تهديد السلم والامن الدوليين، أو عمل من أعمال العدوان، فيقرر ما يجب اتخاذه من تدابير طبقا لاحكام المادتين “41” و”42″ لحفظ السلم والامن الدولي.

وقد اعتبر البعض هذا المنهج تدخل سافر في الشرعية الداخلية للدول الاعضاء وهو مخالف كذلك للمادة “2/7” من نفس الميثاق والتي تقضي بعدم جواز التدخل بالشئون الداخلية للدول[134]، بالإضافة الي أن قرارات مجلس الامن هي قرارات كاشفة وليست منشأة لحق[135].

كما يرى أنصار هذا الاتجاه بان قرارات مجلس الامن تعتبر بالفعل سند لتسليم المجرمين وذلك بحسب ما جاء بالميثاق، الا ان ذلك الاساس يعتبر سياسيا أكثر من كونه قانونيا، فمجلس الامن هو جهاز سياسي بالمقام الاول قبل أن يكون جهاز قانوني أو قضائي لذا فقراراته سياسية،تبتغي العدالية الدولية ولا تحرص علي الشرعية الدولية، كما أن مصالح الدول الكبرى ورغباتها هي التي تتحكم في صدور تلك القرارات [136].

فيما ذهب راي أخر الي مجلس الامن مسئول بصفة مباشرة ومطلقة عن حفظ السلم والامن الدوليين، وأن قرارات مجلس الامن تتمتع بأولوية علي أية حقوق بمقتضى الاتفاقيات الدولية، وهو ما يعنى صراحة أن قرارات مجلس الامن تسمو علي اية أحكام قد تصدرها المحكمة؛ وبناء علي ذلك تصبح قرارات مجلس الامن معبرة عن الشرعية الدولة وتلتزم الدول بتنفيذها[137].

الا اننا وكما نرى بان الراي الاخير لم يجانبة الصواب وذلك لعدم خضوع القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن لأي رقابة فيه كثير من المغالطات القانونية، ذلك لان المادة 24/2 من الميثاق تقضى بأن يعمل مجلس الأمن في أداء واجبة وفقا لمقاصد ومبادئ الامم المتمدنة، بالإضافة الي مبدأ عدم جواز التدخل بالشؤون الداخلية للدول والذي سبق الاشارة به؛ فلا يجوز اجبار اي دولي علي تسليم الأشخاص المقيمين علي ارضها خاصة وأن كان من رعاياها ان كانت قوانينها الداخلية لا تسمح بذلك، ولا يقلل من ذلك كون عدد قليل من الدول يجيز تسليم رعاياه.

بالإضافة الي ان في ذلك مخالفة لقاعدة إبراء الدولة من مسؤوليتها بتطبيقها قاعدة إما التسليم أو المحاكمة ؛ فالالتزام الناشي عن أحكام الميثاق هو ألتزام ذو طبيعة عامة بحفظ الامن والسلم الدوليين، فيما أن الالتزام الناشي عن اتفاقية مونتريال؟؟ هو التزام ذو طبيعة خاصة ومحددة أما بتسليم المتهمين أو محاكمتهم[138]، لذا فيجب ان يتم وضع ضوابط مقبولة لمثل تلك القرارات لتكون ذات صفة الزامية ترتضيها الاطراف المعنية وتستقى أسسها من المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية في مجال التسليم[139].

ومن خلال ما ذكر يتبين لنا أن الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن تعد أحد الأليات الفاعلة والمصادر التكميلية لتدعيم مبدأ التعاون الدولي وتحقيقة في مجال تسليم المجرمين.

المطلب الثاني: التعاون الدولي في ظل المحكمة الجنائية الدولية

تقوم المحكمة الجنائية الدولية بدور هام في تحقيق العدالة الجنائية من خلال ملاحقة مرتكبي الأعمال الإجرامية والتي تخالف مبادئ القانون الدولي، وإنزال العقاب الازم بحقهم، وهي بذلك تحقق فكرة التعاون الدولي علي أرض الواقع[140]، فبسبب تفاوت الأنظمة العقابية من دولي لاخرى، تعاظم الاتجاه الدولي للمناداة بتوحيد العقوبات الدولية،والسعي إلي صياغة قواعد العدالة الجنائية الدولية من أجل مكافحة مختلف أنواع الجرائم خاصة الدولية منها، والتي تتطلب مواجهتها تعاونا دوليا لتعددها وتزايدها بشكل مستمر[141]، لذا ظهر الاتجاه الحديث لاعداد مشروع محكمة جنائية دولية تساهم الي حد كبير في ازالة الحواجز القضائية والاقليمية بين الدول، وتسعى بصلاحياتها إلي التغلب علي مشكلات التعاون الدولي بصفة عامة وفي مجال تسليم المجرمين بصفة خاصة[142].

وقد تم إقرار النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمؤتمر روما في العام 1998، ودخل حيز التنفيذ في العام 2002م، حيث تعتبر هذه المحكمة سلطة قضائية دولية مكملة للولايات القضائية الوطنية وهو ما أكدتة المادة الأولي من النظام الأساسي للمحكمة[143].

ولكى تقوم المحكمة بدورها المطلوب لا بد من أن يكون هنالك حلقات تواصل وتعاون مع السلطات الوطنية للدول للحصول علي الادلة وتلسيم المتهمين[144]، لذا فالعلاقة بين المحكمة والدول تخرج عن العلاقة التقليدية لإجراءات التسليم بين الدول والتي تتيح للدول المطلوب منها التسليم الحق في البت في طلب التسليم، حيث أن هذه السلطة ستقضي تماما أمام سلطات المحكمة[145].

وتعتبر أوامر القبض الصادرة من المحكمة الجنائية الدولة بحق شخص ما ارتكب احدى الجرائم الداخلية والتي تقع من اختصاص المحكمة يعتبر أساسا مستحدثا في مجال تسليم المجرمين، كونه يسرى في مجال التعاون والتضامن الدولي لمكافحة الجرائم والحد منها لخطورت تلك الجرائم علي المجتمع الدولي، حيث صار من الممكن في ظل هذا الاجراء بان يتم التسليم لمصلحة جهة قضائية بعد ان كان يجري لحساب دولة أخرى ذات سيادة وذلك للقبض عليه بغرض المثول أمامها[146].

تصدر الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية أوامر القبض علي المتهمين بناء علي المعلومات المقدمة لديها( موضوع سيف القذافي) من مكتب المدعي العام وذلك عند توفر أسباب معقولة بعد التحقيق بان المتهم قد ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الاساسي[147]،وذلك من أجل ضمان مثولة أمام المحكمة.

وتلتزم بتلك الاوامر بحسب الاصل الدول الموقعة علي نظامها – الدول الاطراف – وتتم محاسبتهم اذا لم يتعاونوا معها وقفا للمادة (86) من نظام روما الاساسي[148].

كما يمكن الدول غير الاعضاء في المحكمة علي مثل تلك القرارات في حال رغبتها دون جبر باختيار التعاون مع المحكمة، كما حصل لدولة السودان والتي هي غير عضو بالنظام الاساسي للمحكمة عند موافقتها علي الالتزام بالتعاون مع المحكمة فيما يخص الملف الاوغندى[149]، ويتم التعاون كذلك عندما يتم احالة الملف من مجلس الامن الي المحكمة كما حدث بملف دارفور [150] فتجبر الدول الاطراف علي التعاون كونها عضو بالامم المتحدة عملا باحكام ميثاقها[151].

ويجب التنوية الي ان اختصاص المحكمة الجنائية اختصاصا تكميليا، حيث يبقى الاختصاص الاصيل للقضاء الوطني، وعندما لا تكون السلطات الوطنية قادرة علي القيام بهذا الدور او غير راغبة او قيامها بالمحاكمة بشكل صوري، ينعقد بالتالي أختصاص المحكمة الجنائية الدولية[152].

المحاكم الجنائية الدولية المختلطة والمحكمة الجنائية الدولية

تتشكل المحاكم الجنائية المختلطة من قضاه دوليين وقضاء وطنيين تنشأ بقرار من مجلس الامن أو اتفاق بين الامم المتحدة والدولة المعنية، فيقوم مجلس الامن بأنشاء محاكم جنائية خاصة أو مؤقته للنظر في تلك القضايا المطروحة أمامة، وذلك علي غرار المحكمة الخاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية في يوغسلافيا بمقتضى القرار رقم (827) الصادر في 25 مايو 1993م [153]،وكذلك المحكمة الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني سابقا رفيق الحريري[154]؛ حيث قام مجس الامن باصدار القرار رقم(1595) في 7 ابريل 2005م معتبرا هذه الجريمة ارهابية وتهدد السلم والامن الدوليين ليشكل بعدها لجنة لتقصى الحقائق بالقرار رقم (1757) الصادر في 30 مايو 2007م [155].

حيث تقوم تلك المحكمة باصدار أمر أعتقال ضد أحد المتهمين بعد صدور لائحة الاتهام من المدعي العام للمحكمة عن طريق قاض من قضاة المحكمة، ويصدر بناء علي ذلك أوامر المحكمة من اعتقال واحتجاز وطلبات تسليم ونقل لهذا المتهم المطلوب[156]؛ حيث تتمتع القرارات الصادرة من تلك المحكمة بقوة الزامية وقيمة قانونية نظرا لكونها أجهزة قضائية قانونية تعمل في أطار الأمم المتحدة[157]، بحيث يجب علي الدول الاعضاء من الالتزام بقراراتها، كما يملك مجلس الامن سلطة توقيع العقاب علي الدول التي لا تلتزم بتلك القرارات من خلال فرض العقوبات الاقتصادية والعسكرية وغيرها[158].

ولا بد من التفرقة هنا بين أوامر القبض الصادرة عن المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والمشكلة بقرار من مجلس الامن والمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، ففي الحالة الاولة يتطلب من جميع الدول الاعضاء بالأمم المتحدة الالتزام بقرارات مجلس الامن والمحكمة الصادرة عنه بموجب احكام ميثاق الامم المتحدة، نظرا لانشائها بقرار من مجلس الامن.

اما فيما يتعلق بقرارات القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية فالالتزام بتلك القرارات بقع علي الدول الاطراف بالنظام الاساسي فحسب، ويمكن للدول غير الاعضاء الالتزام بتلك القرارات طواعية وذلك في عدم أحالتة من مجلس الامن[159].

تتم اجراءات تسليم المجرمين الي سلطات المحكمة الجنائية الدولية بناء نص المادة (158/1) القاضي بالقبض واحضار المتهمين لها، وذلك من خلال ابلاغ سلطات الدولة التي يتواجد الشخص المطلوب علي أرضها، حيث تتولي السلطات الداخلية لتلك الدولة بالقيام بعملية التنفيذ وذلك لعدم توفر جهاز تنفيذي للمحكمة، ويمكنها الاستعانه بمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) للقيام بذلك؛ ويتضمن طلب المدعى العام والذي يقدم بالطرق الدبلوماسية، اسم الشخص والمعلومات المفيدة للتوصل اليه، وإشارة الي الجريمة المتهم بها والتي تدخل ضمن أختصاصها مع بيان موجز بالوقائع والادلة والمعلومات التي تشير علي اتهام ذلك الشخص[160]، وذلك استنادا الي الباب التاسع من النظام الأساسي للمحكمة وطبقا للمادة (58/5) من نظام روما الاساسي.

وازاء ذلك يجب علي الدول الاطراف القيام بالتعاون التام مع المحكمة من خلال القيام باتخاذ الاجراءات الازمة للقبض علي الشخص المطلوب وفقا لما تنص علية قوانينها الداخلية، أما الدول غير الاطراف فيجوز للمحكمة دعوتهم إلي تقديم المساعدة من خلال ترتيب مسبق أو اتفاق مع تلك الدولة كونها غير ملزمة بتلك الطلبات؛ كما نظيف بان حظر تسليم الرعايا والحصانات الدبلوماسية غير قائم في الجرائم الدولية الواردة في نظام روما الأساسي[161].

وهكذا يتبين لنا أن المحكمة الجنائية الدولية آلية قضائية وجنائية تعتبر احدى المصادر التكميلية في مجال تسليم المجرمين، حيث يمكن اللجوء إلها وفقا لاحكام نظامها الاساسي لتدعيم التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة وتسليم مرتكبيها.

قواعد القانون الجنائي الدولي

تعتبر قواعد القانون الجنائي الدولي من المصادر التكميلية للتسليم دون اعتباره من المصادر الاصلية رغم أهميته، ويرجع ذلك لكونه لم يحظ بعد بالتدوين الرسمي، الامر الذي يجعلة مصدرا معترفا به لدى الدول ؛ حيث يرى البعض بان فالقانون لا يكتسب الصفة الملزمة ولا يصلح للتطبيق إلا بعد ان تتكفل به الوسائل الرسمية والفنية التي تتولي صياغة قواعدة وأحكامة وتحدد الجهة المناط بها تنفيذه[162]؛ خاصة في ظل ظهور العديد من الممارسات التي تندرج تحت طائفة جرائم القانون الجنائي الدولي، وتطور مظاهر الحماية الدولية بالتوسع في نطاق هذه الجرائم.؛ كما ان التدوين وان لم يكن هو السبب الجوهرى علي اعتبار ان العرف وقواعد المعاملة بالمثل هي الاخرى غير مدونة، فإن أعضاء المجتمع الدولي لم تستقر بعد علي ماهية أحكام القانون الجنائي الدولي التي تلتزم بها كمصدر للتجريم.، فلابد من استقرار العرف والمعاملة بالمثل للتعامل بهما بين الدول، أما مازال القانون الجنائي الدولي غير مستقر القواعد فمن الصعب وضعه في مصادر التسليم الأصلية[163]

يضاف علي ذلك بان اعمال مبدأ الشرعية إقليميا ودوليا يأبى الارتكان إلي القانون الجنائي الدولي كمصدر أصلي للتسليم كون ذلك لا يكفل احترام حقوق الانسان وحرياته الاسايسة، ورغم الجهود الحثيثة من الفقه لتدوين القانون الجنائي الدولي وتصنيف جرائمة، الا ان تلك الجهود انصبت في أشكال الجرائم وصورها فقط من دون وضع مفصل لاركان كل جريمة ؛. بالإضافة الي تشعب وتباين المصادر الاساسية التي يستمد منها القانون الجنائي الدولي كالمعاهدات والاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية كونها تفقد التجانس الذي يتطلب لبناء القانون[164].؛ لهذا نجد ان القانون الجنائي الدولي مصدرا تكميليا هاما من مصادر التسليم.[165].


الهامش

[1] مرجع 10 ص 74

[2] مشار اليها فى كتاب رقم 2 ص 108.

[3] للمزيد راجع د. محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولى العام” مرجع سابق، فقرة 273، ص644.

[4] نص المادة بالانجليزي مرجع 2 ص 108.

[5] د محمد سامي عبدالحميد، أصول القانون الدولى العام، منشأت المعارف، ج2، القاعدة الدولية، فقرة 33

[6] مرجع 2 ص 109

[7] د. محمد حافظ غانم ” المعاهدات، دراسة لاحكام القانون الدولى وتطبيقاتها” مرجع سابق، ص8.

[8] فقد أوضحت المادة (38/1) من نظام محكمة العدل الدولية على أنه ” تطبق المحكمة عند عرض النزاع عليها الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التى تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازهة”.

[9] مرجع 10 ص75

[10] مرجع 2 ص112.

[11] مرجع 10 ص 77.

[12] مرجع 2 ص 113 + مرجع 12 ص66 وما بعدها.

[13] من أجل ذلك يتم اعداد الاتفاقيات النموذجية للتسليم لتكون بمثابة دليل توجيهي تعتمد علية الدول عند صياغة المعاهدات

[14] وضعت الاتفاقية العربية لتسليم المجرمين حلا توافقيا لمثل تلك المشكلة وذلك من خلال نص المادة (18) على انه ” عند تعارض أحكام هذه الاتفاقية مع أحكام إحدى الاتفاقيات الثنائية التى ترتبط بها دولتان من الدول الاطراف فى المعاهدة فان هاتين الدولتين لهما الحق فى تطبيق الاحكام الاكثر تيسيرا لتسليم المجرمين”.

[15] د. على عبدالقادر القهوجى، المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي، مجلة الحقوق للبحوث القانونية الاقتصادية، كلية الحقوق جامعة أسكندرية، العدد الرابع، 1991م، ص966.

-مرجع 11، ص 82.

[16] مرجع 3 ص233. + مرجع اجنبي نفس الصفحة.

[17] والتى تنص على ” رئيس الجمهورية يبرم اللمعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة”.

[18] راجع نص المادة 151 والمادة 188 من الدستور الدائم المصري.

[19] راجع مجموعة أحكام وقرارات المحكمة الدستورية العليا، الجزء الأول، رقم 7 لسنة 2 قضائية، الأول من مارس سنة 1975م، ص228 وما بعدها.

[20] راجع فى ذلك الطعون أرقام 137 لسنة 22ق،138 لسنة 22ق، فى جلسة 8 مارس سنة 1956م، المجموعة س27، ص274،و231 لسنة 35 قضائية فى جلسة 6 مايو سنة 1969م، والمجموعة س20، ص235.

– مشار الية لدي مرجع 11، ص80.

[21] مرجع 12 ص66.

[22] د. على ابراهيم ” الوسيط فى المعاهدات الدولية، مرجع سابق ((ذكر بمرجع 11 ص86)) ص943.

[23] مرجع 1 ص 40

[24] من ذلك ما حدث من قبل أحد الدول الافريقية لطلب مصر بتسليم أحد المتهمين في قضية توظيف أموال بارتكاب جرائم نصب، ورغم تكرار الطلب فقد لاذت الدولة المعنية التى كان يقيم فيها هذا المتهم بالصمت دون أن ترد بالايجاب أو السلب ( راجع د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص117).

[25] د. عبالعزيز سرحان، مبادى القانون الدولى العام، دار النهضة العربية، 1980، ص1071

  • مرجع 10 ص 75وما بعدها.

[26] د. عبالفتاح سراج، مرجع سابق، ص123.

[27] مرجع 12 ص 68.

[28] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق ( مشار الية بمرجع 12 ص70) ص49.

[29] مرجع 3 ص240.

[30] أشارت محكمة العدل الدولية إلى العرف الاقليمي فى حكمها الصادر فى 20 نوفمبر 1950 وهي بصدد تقرير ما إذا كان اللجوء السياسي الذي منحته سفارة كولومبيا فى بيرو لآحد رعايا هذه الدولة يعتبر صحيحا أم باطلأ، وعلى الرغم من أن المحكمة قد رفضت الاعتراف بوجود قاعدة عرفية اقليمية فى الموضوع محل النزاع، الا انها أقرت مبدأ قيام القواعد العرفية الاقليمية إلى جانب القواعد العرفية العالمية اذا توافر لها ركنا العرف وهما الركن المادى والمعنوي، للمزيد انظر : د. عبدالغني محمود، دور العرف فى انشاء قواعد القانون الدولى العام، مجلة الشريعة والقانون، العدد 11،1995م، جامعة الازهر، القاهرة، تصدر عن كلية الشريعة والقانون، ص111.

[31] د. مصطفى سلامة حسين ” مصادر القانون الدولى العام”، منشأة المعارف، الاسكندرية، بدون سنة نشر، ص117 ومابعدها.

[32] د. ابراهير العناني، القانون الدولى، مرجع سابق، ص23.

[33] يرى بعض الفقة بانه عند تدخل المنظم بما يصدرة من قرارات فأنة يسهم فى تكوين هذه القاعدة العرفية الدولية، وفى هذه الحالة يطلق علية “العرف الموجه”. لمزيد من التفاصيل راجع : الد. سعيد الدقاق “النظرية العامة لقرارات المنظمات الدولية ودورها فى إرساء قواعد القانون الدولى” منشأت المعارف، الاسكندرية، بدون سنة نشر، ص318.

[34] جدير بالذكر بان بعض الفقة لا يشترط التكرار لتكوين القاعدة العرفية، بل أنهم يعتبرون ممارسة واحدة يمكن أن تكون قاعدة عرفية مادامت لم تعترض عليها الدول الاخرى، وهذا يعني بان عدد الدول المشاركة بالممارسة التى تنشئ القاعدة العرفية أهم من عدد مرات التكرار، ويطلق الفقة على تلك الحالة بالعرف الفورى كونه تصرف فجائي تمارسه مجموعة كبيرة من الدول خلال فترة زمنية قصيرة جدا، للمزيد انظر : د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص51 ((مشار الية بمرجع 12 ص71)).

[35] د. ابراهيم العناني، القانون الدولى، مرجع سابق، ص25.

[36] مرجع 12 ص71 وما بعدها.

[37] مرجع اجنبي مشار الية بالمرجع 3ص241

[38] مرجع 3 ص241.

[39] د. هشام عبدالعزيز، مرجع سابق، ص240 وما بعدها.

[40] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص52.

[41] مرجع 11 ص 87.

[42] د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص140.

[43] د. حامد سلطان واخرون ” القانون الدولى العام، مرجع سابق، ص47 + مرجع 11 ص89.

[44] مرجع 2 ص142-143

[45] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص77.

[46] مرجع 12 ص74-75.

[47] مرجع 2 ص131.

[48] مرجع 12 ص76

[49] مرجع 11 ص95.

[50] من الدول التى اصدرة قوانين مختصة بتنظيم اجراءات تسليم المجرمين ما يلي (( الامارات، الاردن، السودان، المغرب، عمان))

ومن الدول التى اوردت نصوص متعلقة باجراءات التسليم ضمن قانون الاجراءات الجنائية ما يلي (( جمهورية مصر، والجزائر، وتونس))

[51] مرجع 2 ص 85

[52] حيث يتضمن الدستور مبدأ عدم تسليم الرعايا بالمادة “51” وكذلك مبدأ عدم تسليم المجرمين فى الجرائم السياسية بالمادة “53”.

[53] د. اسكندر غطاس، تسليم المجرمين فى القانون المصري، مرجع سابق، ص155

مرجع 11 ص 97

[54] د. عبدالفتاح سراج مرجع سابق 84-85

مرجع 11 ص98

[55] مرجع 2 ص135

[56] د. عبدالغني محمود، تسليم المجرمين على أساس المعاملة بالمثل، مرجع سابق، ص5.

[57] Schutte ‘JJE’ , the regionalization of international criminal law, R.I.D.P, Vol.65, Ibid, P.31 et seq.

مشار الية بمرجع 3 ص251.

[58] (( مراجع اجنبية فى مرجع 3 ص 242 وما بعدها))

[59] مرجع 11 ص89.

[60] دكتورة فريدة محمدى ” مدخل للعلوم القانونية نظرية القانون،الجزائر، 1998م، ص97.

[61] د. صلاح الدين عامر ” مقدمة لدراسة القانون الدولى العام”، مرجع سابق (فى 11ص90) ص459 وما بعدها.

[62] د. سعيد الدقاق ” الاقنون الدولى العام” مرجع سابق، ص318. (في 11ص91)

[63] مرجع 11 ص91

[64] د. صلاح الدين عامر ” مقدمة لدراسة القانون الدولى العام”، مرجع سابق، ص466.

[65] هشام عبدالعزيز، مرجع سابق، ص250.

[66] د. أبو الخير أحمد عطية ” القانون الدولى العام” دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 1997م، 599.

[67] مرجع 11 ص94.

[68] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص57.

[69] مرجع 12، ص77.

[70] جدير بالذكر بان المادة(38/د) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الودلية نصت على مصدرين احتياطيين لقواعد القانون الدولى هما، أحكام المحكمة الدولية، أراء الفقهاء في القانون العام في مختلف الأمم.

[71] د. عبدالغني محمود، مرجع سابق، ص3. + د. محمد بهاء الدين باشات ” المعاملة بالمثل فى القانون الدولى الجنائي” الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة، بدون سنة نشر، ص23 وما بعدها.

[72] مرجع 11 ص 100.

[73] د. سليمان عبدالمنعم “الجوانب الاشكالية فى النظام القانوني لتسليم المجرمين”، مرجع سابق، ص94.

[74] جدير بالذكر بان الاتفاقية الاوربية لتسليم المجرمين الصادرة عام 1957م نصت فى المادة الثانية (الفقرة السابعة) على أن ” يمكن لكل طرف أن يطبق مبدأ المعاملة بالمثل فيما يتعلق بأى جرائم تستبعد من تطبيق هذه الاتفاقية فى ظل هذه المادة”.

[75] مرجع 12 ص80-81.

[76] مرجع 12 ص81 – 82

[77] د. محمد الفاضل، مرجع سابق، ص82.

[78] د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص156.

[79] د. عبدالغني، مرجع سابق، ص82-83.

[80] د. عبدالغني، مرجع سابق، ص84.

[81] د. عبدالغني محمود سراج، مرجع سابق، ص84

[82] Ossman. G The Doc trine of Abuse of process of The court: its impact on The principles of Extradition without a conventional obligation and of specialty , The Liverpool ow review vol. xvi (1), 1994, p.77.

[83] مرجع 12 ص 82-83

[84] مشار الية فى مرجع 2 ص 161 هامش بالانجليزي.

[85]

مرجع 2 ص 159.

[86] مرجع 10 ص95.

[87] مرجع 3 ص253.

[88] فتوى مجلس الدولة المصرية رقم 290 لسنة 1949 مشار الية لدى : د. عبدالعزيز سرحان ” مبادئ القانون الدولى العام”، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980، ص1071.+ مرجع 3 ص256.

[89] د. محمد حافظ غانم ” مبادئ القانون الدولى العام دراسة لضوابط الأصولية ولأحكامه”، دار النهضة العربية،، 1960م، ص13.+ مرجع12 ص90.

[90] د. محمد حافظ غانم، “مبادئ القانون الدولى العام، مرجع سابق، ص29.

[91] د. عبدالفتاح محمد سراج ” النظرية العامة لتسليم المجرمين” مرجع سابق، ص166.

[92] Susan L.Kemp “Refugee law as a source in extradition Cases “ Crim. L.R. , 1998, London, Sweet & Maxwell limited and contributors, p.774 et seq.

[93] ومن الصور السلبية لنظام التسليم هو امتناع أكثر من دولة مثل سوريا وروسيا وايطاليا منح زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلوا حق اللجوء السياسي حفاظا على العلاقات السياسية والمصالح المشتركة مع تركيا وفى ظل المجاملات الدولية.

[94] مرجع 3 ص258-259.

[95] د. جعفر عبدالسلام ” مبادى القانون الدولى العام”، مرجع سابق، ص38. + مرجع 11ص107.

[96] د. محمد حافظ غانم “مبادئ القانون الدولى العام”، مرجع سابق، ص42. + د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص163.

مرجع 11 ص107-108

[97] مرجع 11، ص108 + مرجع 12 ص 88.

[98] د. على صادق أبوهيف، مرجع سابق، ص241.(بمرجع 12)

[99] مرجع 12 ص 89.

[100] د. محمد سامى عبدالحميد “أصول القانون الدولى العام” طبعة 1972، ص117.

[101] مرجع 2 ص 164.

[102] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص58 ( مشار الية بمرجع12)

[103] مرجع 12 ص84.

[104] مرجع 2 ص 169.

[105] ورد ذكر أحكام المحاكم بصفة مطلقة فى نص المادة “38” من لائحة النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، إلا أن المادة “59” من النظام الأساسى للمحكمة أشار إلى إمكانية اللجوء إلى أحكام المحاكم الوطنية والدولية على حد سواء.

[106] د. حسين حنفى إبراهيم عمر ” الحكم القضائي الدولى حجيته وضمانات تنفيذه” رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1997م، ص167 وما بعدها.

[107] Rebecca M.M and others “International law” fourth edition, London. Sweet&Maxwell 2002, pp 120-121.

[108] حيث قامت الولايات المتحدة الامريكية بتسليم مجرمي الحرب الهاربين والمتهمين بارتكاب جرائم دولية “جرائم أبادة الجنس،جرائم ضد الانسانية” فى يوغسلافيا السابقة ورواندا إلى المحاكم الدولية لمحاكمتهم عن تلك الجرائم، وكانت وسيلة الولايات المتحدة الامريكية فى ذلك اتفاقيات تسليم المجرمين المبرمة مع الدول، والتشريعات الجنائية في مجال التسليم.

د. هشام عبدالعزيز، مرجع سابق، ص259.

[109] Bassiouni “M.C.” introduction to international criminal law” 2003, Ibid, p. 66 et seq.

[110] Nicholls “C.”, Q.C. and others “appeals to the house of lords” the law of Extradition and Mutual Assistance, 2002, Ibid, p.226 et seq.

[111] مرجع 3 ص 261.

[112] مرجع 11 ص110.

[113] مرجع 11 ص111. + مرجع 12 ص86.

[114] الد. ماجد ابراهيم على ” الاتجاهات الدولية المعاصرة نحو إعمال مبدأ اقليمية القانون الجنائي الدولى فى اطار التعاون الدولى فى اطار التعاون الدولى الامنى”، مجلة مركز بحوث الشرطة، العدد12، يوليو1997م، تصدر عن مركز بحوث الشرطة، ص70.

[115] د. عبدالواحد الزنداني، مرجع سابق، ص59.

[116] مرجع 2 ص 172.

[117] مرجع3 ص261.

[118] مرجع 12 ص86.

[119] د. محمود شريف بسيوني ” المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي “، مذكرات باللغة الانجليزية قدمت إلى المعهد الدولى للعلوم الجنائية، سيراكوزا، ايطاليا، غير منشور، 1990م، ص139.

[120] د. صلاح الدين عامر، مرجع سابق، ص318. (بمرجع2ص179).

[121] تعرف المنظمة الدولية بأنها “خيئة تتفق مجموعة من الدول على أنشائها لكيان مستقل، للعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف، وتمنحها من أجل ذلك بعض السلطات والاختصاصات التى يتكفل الميثاق المنشئ للمنظمة ببيانها وتحديدها.

  • للمزيد راجع : مرجع2 ص179.هداف

[122] د. إيهاب محمد يوسف ” اتفاقيات تسليم المجرمين”، مرجع سابق، ص400-401.

[123] مرجع12 ص435

[124] د. ابراهيم العناني ” النظام الدولى الامني”، مرجع سابق، ص30.

[125] يجب الاشاره هنا الى ان القرارات الدولية لها قوة الزامية تفوق التوصيات التى لا تحمل إلا مبادئ توجيهية غير ملزمة.. للمزيد راجع الد. محمد عبدالعزيز أبو سخيلة ” المسئولية الدولية عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة” رسالة دكتوراة، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1978م، ص425.

[126] د. أشرف عرفان،”ادماج قرارات مجلس الأمن الصادرة طبقا للفصل السابع من الميثاق وتنفيذها في النظم القانونية الداخلية للدول الأعضاء”، بحث منشور بالمجلة المصرية للقانون الدولى، إصدار الجمعية المصرية للقانون الدولى، المجلد61، 2005م، ص344.

[127] د. محمد سامي عبدالحميد”أصول القانون الدولى العام”، ج2، القاعدة الدولية، دار المطبوعات الجديدة، 1995م، ص128.

[128] مرجع10ص98.

[129] د. نشأت عثمان الهلالي، “الامن الجماعي الدولى” رسالة دكتوراة، كلية الحقوق جامعة عين شمس، القاهرة، 1985،ص110.

[130] مرجع 10 ص99.

[131] للمزيد راجع : مرجع 2 ص184.

[132] للمزيد حول القضية راجع كل من :-

د. أحمد فتحي سرور، المواجهة الاقانونية للارهاب، مرجع سابق، ص40

مرجع5 ص141

[133] تنص المادة”34″ من الميثاق على أنه ” لمجلس الأمن أن يفحص أى نزاع أو اى موقف قد يؤدى إلى احتكاك دولى، وقد يثير نواعا لكي يقرر ما إذا كان إستمرار هذا النوع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والامن الدولى” كما تنص المادة “35” من الميثاق على أنه “لكل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينبة مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أى نزاع أو موقف من النوع المشار إليه فى المادة34”.

[134] د. على ابراهيم ” قانون المنظمات الدولية” دار النهضة العربية، القاهرة، 1995، ص46.

[135] د. نشأت عثمان الهلالي ” الأمن الجماعي الدولي”، رسالة دكتوراة، كلية الحقوق بجامعة عين شمس، 1985م، ص450.

[136] د. حازم عتلم، “نظم الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية ” بحث منشور بمجلة العلوم القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق جامعة عين شمس، يناير 2003م، العدد الأول، السنة الخامسة والأربعون، ص117 وما بعدها.

[137] كرجع 2 ص 195.

[138] مرجع10 ص102-103

[139] مقال للد. مصطفى سلامة حسن بعنوان ” منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب الباردة : أعمال ندوة الامم المتحدة فى ظل التحولات الراهنة،

[140] د. إيهاب محمد يوسف ” اتفاقيات تسليم المجرمين”، مرجع سابق، ص417.

[141] د. محمد نيازي حتاتة، مرجع سابق، ص189. (مرجع12ص443)

[142] د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص484.

[143] مرجع 12 ص444.

[144] تنص المادة (86) من النظام الأساسي للمحكمة على أنه ” تتعاون الدول الأطراف وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي، تعاونا تاما مع المحكمة فيما تجرية في أطار اختصاص المحكمة، من تحقيقات فى هذه الجرائم والمقاضاة عليها.

[145] د. عبدالفتاح سراج، مرجع سابق، ص489.

[146] د. سليمان عبدالمنعم، مرجع سابق، ص88(مشار الية فى مرجع5ص125.)

[147] وهي جرائم الحرب والابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم العدوان.

[148] تنص المادة “86” من نظام روما الاساسى على أن ” تتعاون الدول الاطراف وفقا لأحكام هذا النظام الاساسي، تعاونا تاما مع المحكمة فيما تجرية فى إطار اختصاص المحكمة من تحقيقات فى الجرائم والمقاضاة عليها”.

[149] مرجع 5 ص132.

[150] تم احالة قضية دارفور من قبل مجلس الامن الى المحكمة الجنائية الدولية بوجب قرار رقم (1593) لسنة 2005م.

[151] للمزيد راجع د. أيمن عبدالعزيز سلامة ” قضية دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية” تقرير، التقرير الاستراتيجي الافريقي، 2007م/2008م، إصدار مركز البحوث الأفريقية لمعهد البحوث والدراست الافريقية، جامعة القاهرة، الاصدار الخامس، أكتوبر2008م، ص190-191.

[152] مرجع المحكمة الجنائية الدولية.

[153] مستشار ايمن راشد، مرجع سابق،ص79. مشار الي بمرجع5 ص127.

[154] د. محمد على مخادمة ” المحاكم الجنائية المختلطة” بحث منشور بمجلة الحقوق، مجلس النشر العلمى، جامعة الكويت، العدد الثالث، السنة الثانية والثلاثون، سبتمبر2008م، ص283.

[155] د. أحمد فتحى سرور، المواجهة القانونية للارهاب، مرجع سابق، ص397-398. ( فى مرجع 5ص137)

[156] مرجع 5 ص129.

[157] Amr, M., “The Role of the International Court of justice as the principal Judicial Organ of the United Nations”, KLI, 2003, pp.42-43.

[158] د. ايمن عبدالعزيز سلامة ” المسؤولية الدولية عن ارتكاب جريمة الابادة الجماعية، مرجع سابق، ص167-168.(فى مرجع5ص131)

[159] د. محمد سامح عمرو، “علاقات مجلس الامن بالمحكمة الجنائية الدولية ” دراسة وتأصيلية وتحليلية للممارسات العملية، مرجع سابق، ص207 وما بعدها.(مرجع5ص150)

[160] مرجع 5ص385

[161] د. محمود شريف بسيوني، ” المحكمة الجنائية الدولية مدخل لدراسة أحكام وآليات الإنفاذ الوطني للنظام الأساسي، مرجع سابق، ص265 وما بعدها. (بمرجع5)

[162] د. عارف القاضى ” تفسير قرارات المنظمات الدولية” رسالة دكتوراة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1971م، ص71.

[163] مرجع 2 ص 174.

[164] د. محمود شريف بسيوني ” اعتبارات السياسة الجنائية فى التعاون الدولى، أعمال الندوة العربية للتعاون القضائي الدولى فى المجال الجنائي فى العالم العربي”، الطبعة الاولى، دار العلم للملايين، أكتوبر، 1995، ص203.

[165] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close