النيل وسد النهضة رحلة عبر التاريخ والجغرافيا الجزء الثالث
مصر هي الدولة الأكبر سكاناً والأكثر اعتماداً على مياه النيل، والأمطار بها شبهمعدومة، والمياه الجوفية غير متجددة، وأنها تعاني من نقص في المياه ومن هنا فإن مياه النيل تمثل حوالي 97% منموارد مصر المائية، وتبلغ حصة مصر 5، 55 مليار م3، والأرض المزروعة 3. 6 مليون فدان، وهذا القدر من المياه لايكفي لاحتياجات السكان، ولكي تحافظ مصر على نصيب الفرد من المياه فإنها بحاجة إلى نحو 77 مليار م3، وهو ما يعني وجود عجز 22 مليار م3.
حوض النيل:
تبلغ مساحة حوض النيل 2. 9 مليون ك م2 أي 10% من مساحة إفريقيا، ويعتبر نهر النيل أطول أنهار العالم إذ يبلغ طوله نحو 6670 كم، ذلك إذا بدأنا من منابع نهر كاجيرا. وتشمل دول حوض النيل، تلك الدول التي يخترقها النهر وتقع في حوضه ولها مصلحة في مياهه وتستفيد منها بأي صورة من الصور وهي مصر والسودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندي وبوروندي بالإضافة إلى الكنغو الديمقراطية.
ويبلغ الحجم المتوسط السنوي للأمطار على حوض النيل حوالي 900 مليار م3 سنوياً يمثل السريان السطحي منه 137 مليار م3، بينما إيراد النيل لا يتجاوز 84 مليار م3، يأتي 72 مليار م3، أي 87% من مياه النيل من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة (تانا) في أثيوبيا، بينما يأتي 13% من منطقة البحيرات العظمى أي حوالي 12 مليارم3.
دول حوض النيل:
هو مسمي يطلق على 10 دول إفريقية يمر فيها نهر النيل؛ سواء تلك التي يجري مساره مخترقا أراضيها، أو تلك التي يوجد على أراضيها منابع نهر النيل، أو تلك التي يجري عبر أراضيها الأنهار المغذية لنهر النيل. ويغطي حوض النيل مساحة 3. 4 مليون كم² من المنبع في بحيرة فكتوريا وحتى المصب في البحر المتوسط.
وتضم: قائمة دول حوض النيل مرتبة ترتيبا أبجديا عربيا: أوغندا وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان، والسودان والكونغو الديمقراطية وبوروندي وتنزانيا ورواندا وكينيا ومصر.
تسلسل أحداث أزمة سد النهضة 2010 -2013
1 مايو 2010
أثيوبيا تعلن عن اعتزامها بناء سد يقلل من حصة مصر والسودان من مياة النيل
4 مايو 2010
مبارك يجري مباحثات مع رئيس إرتيريا في شرم الشيخ اتفقا فيه على رفض مبادرة أثيوبيا
14 مايو 2010
أثيوبيا وأربع دول أفريقية يوقعون الإتفاقية الجديدة دون حضور مصر والسودان
19 مايو 2010
رئيس وزراء أثيوبيا على قناة الجزيرة: “مصر تسيطر عليها أفكار بالية وهي أنها تمتلك النيل وهي من تحدد الحصص بين دول حوض النيل، مصر ليس من حقها منع إثيوبيا من إقامة سدود على نهر النيل، ومصر تحاول جر السودان لمصلحتها فقط، السودانيون متفهمون، لكن مصر هي المشكلة”
21 مايو 2010
وزير الموارد المائية والري المصري: محمد نصر الدين علام من السودان “جئنا هنا لوضع مبادرة للتعاون بين البلدين لصيانة حقوقنا التاريخية في النيل، وقد أنجزناها”
23 مايو 2010
مبارك يدعو رئيس الكونغو جوزيف كابيلا ورئيس كينيا أودينغا للحضور لمصر لإقناعهم بمبادرة مصر والسودان حول ملف حوض النيل
29 مايو 2010
مبارك يستقبل رئيس الكونغو ويعلن رئيس الكونغو موافقته على مبادرة مصر والسودان
يونيو 2010
مصر والسودان يهددان أثيوبيا بعدم شراء الكهرباء الناتجة عن السد الأثيوبي وبعدم السماح لأي دولة من الاستفادة منها خاصة أن نقلها يستحيل أن يتم إلا عبر أراضي السودان ومصر
يونيو 2010
وزير خارجية مصر “أبو الغيط” يقدم شكوى رسمية مع السودان ضد أثيوبيا للجامعة العربية مطالباً دول الخليج والدول العربية بوقف استثماراتها ووقف تصدير منتجات مهمة لأثيوبيا، ودول الخليج تبدي موافقاتها إذا فشل الحوار
يونيو 2010
مصر تقدم شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي مطالبة بعدم تمويل السد الأثيوبي من البنك الدولي أو غيره، وتهدد أثيوبيا باللجوء للتحكيم الدولي
يونيو 2010
أثيوبيا تدعو مصر لبحث سبل التعاون بين البلدين في كافة المجالات، ومصر ترسل لها بوفدين أحدهما مع وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا والثاني مع وزير الخارجية أبو الغيط
26 يونيو 2010
المجلس الوزاري الدوري لدول حوض النيل برئاسة أثيوبيا يختار المصري “وائل خيري” نائب رئيس قطاع مياة النيل كمديراً تنفيذياً لسكرتارية مبادرة حوض النيل اعتباراً من ديسمبر 2010 ولمدة عامين
27 يونيو 2010
البيان الختامي لمجلس دول حوض النيل يبرهن سبب اختيار مصر أنه تقديرا لدور مصر الرائد في إفريقيا والمساهمة الفعالة بالخبرات الفنية والمادية في تنفيذ المشروعات المشتركة بدول حوض النيل في مجالات التنمية المختلفة وخاصة الاستغلال الأمثل لمياه النيل
يوليو 2010
رئيس الوزراء الأثيوبي مستمر في بناء السد
7 يوليو 2010
رئيس وزراء أثيوبيا يصرح: “العلاقات المصرية الأثيوبية قوية وصلبة ولا توجد أي إمكانية لوقوع قلاقل بين البلدين، علاقتنا مع مصر كعلاقة الزواج التي لا تقبل الطلاق أبدا، مصر تقوم بتصنيع العديد من المنتجات التي تحتاجها إثيوبيا مثل المنتجات الكيماوية والطبية والدوائية ومنتجات أخرى، ونحن بحاجة إلى استيراد المزيد من تلك المنتجات من مصر”
22 أغسطس2010
ثلاثة عشر هيئة تمويل دولية تخصص مبلغ 20 مليار دولار لمشاريع دول حوض النيل بشرط إتفاقهم، وهذه الجهات المانحة هي “الوكالة الكندية للتنمية الدولية، وكالة التنمية الألمانية، وزارة الخارجية الدنماركية، وزارة الخارجية الهولندية، هيئة التنمية الدولية السويسرية، البرنامج الألماني للأمم المتحدة، الإتحاد الأوروبي، الوكالة الفرنسية للتنمية، وزارة الخارجية الفنلندية، وزارة الخارجية النرويجية، المؤسسة الإنجليزية للتنمية الدولية، الولايات المتحدة الأمريكية، البنك الدولي”
9 نوفمبر 2010
هيئات التمويل الدولية والدول المانحة والبنك الدولي يجتمعون مع دول حوض النيل في أوغندا، ومصر تصر على موقفها بدعم أي مشروع تنموي بدول الحوض إلا مشروع السد الأثيوبي
10 نوفمبر 2010
البنك الدولي والجهات المانحة تعلن أنه لا منحة طالما دول الحوض لم تتوافق مع مصر وطالما مصر لم تتوافق معهم
11 نوفمبر 2010
وكالة رويترز والصحافة الإسرائيلية تنشر أخباراً عن قيام بعض فرق القوات المسلحة المصرية بتدريبات عسكرية موسعة في أراضي شبيهة بالأراضي الأفريقية في سرية تامة
24 نوفمبر 2010
رئيس وزراء أثيوبيا لإذاعة رويترز: “مصر تدعم جماعات متمردة في أثيوبيا لزعزعة استقرارنا، ونحن نعلم أنهم يجهزون لحرباً عسكرية معنا من أجل مياة النيل، لا أخشى غزوهم لنا فجأة، فلم يعش أحد ممن حاولوا ذلك قبلاً ليحكي نتيجة فعلته، ولا أعتقد أن المصريين سيختلفون عمن سبقهم، وأعتقد أنهم يعلمون ذلك”
ديسمبر 2010
أثيوبيا تهدد بالتعاون مع إسرائيل لبناء السد في حال إصرار مصر على تعنتها الذي سيتسبب في ضياع منحة ال 20 مليار دولار
22 ديسمبر 2010
خبير المياة والدراسات الاستراتيجية بأكاديمية الأمن السودانية “سيف الدين محمد” يصرح لصحيفة “الإنتباهة” السودانية أن نحو 400 خبير مياة إسرائيلي زاروا إثيوبيا فى الفترة القليلة الماضية
إبريل 2011
أثيوبيا تعلن عن أن السد سيتكلف 4. 8 مليار، ستوفر البنوك الصينية 1. 8 مليار، وستتحمل هي تكلفة الثلاثة المليار دولار المتبقية ذاتياً دون الإعلان عن الجهة الممولة
19 سبتمبر 2011
أثيوبيا تقترح على السودان “ملكية مشتركة للسد الجديد” مما يوفر لوزارة الكهرباء السودانية 240 مليون دولار، وبهذا تكون السودان قد استفادت من السد أكثر من أثيوبيا على حد وصف رئيس وزراء أثيوبيا،
يوليو 2011
انفصال جنوب السودان، واحتياج السودان لمصدر جديد للطاقة الكهربائية لا يعتمد على بترول الجنوب الذي فقدته وإعادة التفكير في الاستفادة من سد أثيوبيا الجديد، خاصة أن المسافة بينه وبين الخرطوم هي نفسها المسافة بينه وبين أديس أبابا (650 كيلو متر) فقط
مايو 2012
سفير أثيوبياً يهنئ المصريين بفوز مرسي متمنياً تجاوز الخطاب السياسي الذي كان ينتهجه النظام المصري السابق والذي “عكر” صفو العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا
14 يوليو 2012
رئيس مصر يزور أثيوبيا ويناقش مع رئيس وزرائها موضع مياة النيل،
6 إبريل 2013
زيارة مرسي للبشير مؤكدين من الخرطوم على التعاون مع دول حوض النيل
10 إبريل 2013
أحمد المفتي “مدير عام مركز الخرطوم لحقوق الإنسان” وهاني رسلان “الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية” يصرحان من “السوادن” و”مصر” أن موقف السودان المائي يرى مصلحته في التنسيق مع أثيوبيا على حساب مصر
1 مايو 2013
دراسة استخباراتية أعدها مركز الدراسات الأمنية البريطاني “ميدل ايست نيوز لاين”
ترجح أن مرسي سيوجه في لقائه المرتقب بالحكومة الأثيوبية تحذيراً شديد اللهجة مهدداً بضربة جوية للسد
24 مايو 2013
الرئاسة: هدف الزيارة مناقشة آخر تطورات اجتماعات اللجنة الثلاثية المشكلة بين مصر والسودان وإثيوبيا لتقييم آثار السد الإثيوبي على حصة كل من مصر والسودان من مياة النيل
27 مايو 2013
الحكومة الإثيوبية تعلن عن بدء العمل في بناء سد النهضة غداً
1يونيو2013
كشف النقاب عن أن الصين منذ 2011 وأعلنت عن تمويل سد سيخفض من كهرباء السد العالي 30% وسيغرق نص مليون فدان مصري من الأراضي القابلة للري والنادرة فى حوض النيل الأزرق سيغمر مناطق للتعدين وسيهجر ملايين المصريين.
التهاون المصري في التعامل مع الأزمة:
كانت مصر من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية بزعامة عبد الناصر وانكروما وهيلاسيلاسي، وكان نفوذ مصر قويا وفاعلا تقديرا لدورنا في مساعدة الدول الأفريقية في التخلص من الاستعمار، وكانت كلمة مصر حاكمة وفاعلة.
في عهد الفساد وقبل الثورة، في عهد مبارك وبموافقته وقيام وزير خارجيته خلال سنوات عشر فضاع نفوذنا وبعد أن انكشفت ظهورنا وتجرأت علينا دول صغيرة كانت تستعطفنا وتشيد بزعامتنا وجهدنا لصالح الوحدة الإفريقية.
وتم كل ذلك خضوعنا لضغوط أمريكية وتقبلنا تحركات إسرائيلية في دول المنبع دون مبالاة.
ولم تقتصر عدم المبالاة على دول المنبع، بل قصرنا في طرح قضيتنا على نطاق عالمي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ولم نتصل بدول مشاركة بشكل واضح كالصين وإيطاليا وغيرها. وتقاعسنا في التواصل مع بعض الدول العربية التي تمول مشروعات أثيوبيا بخطورة الاستثمار في أثيوبيا حيث وجه هذا الاستثمار لحرمان مصر من حصتها. وتناولنا بنوع من الرخاوة قضية مصير، قضية نكون أو لا نكون، ببيروقراطية عتيقة، وأوكلناها إلى من لم يفهم أو من لا يبالي أو اللي الطيبين السذج. وكان فريقنا التفاوضي مهلهلا تقوده دبلوماسية نمطية تقليدية بالية لا خبرة لها وتهاونت أجهزة الدولة وزارات الري والاقتصاد والمخابرات والدفاع بلا تنسيق
ولم يكن العبد الضعيف محدثكم وحده في هذا المجال بل تعلمته وعرفته من علماء وأساتذة وطنيين مما دعاني للمناداة في مرحلة المليونيات 2012 بتنظيم مليونيه النيل، حتى نساند موقف المفاوض المصري ولكننا انشغلنا بخلافاتنا الداخلية بينما تتعرض مصر للجوع والعطش والفناء تغمض عيوننا عما يمكن أن يؤدي إلى نوع من الانتحار القومي لأقدم حضارة في العالم.
وقد بحت أصوات خبرائنا في الجوانب الفنية والاقتصادية والقانونية تطرح حلولا وتنبه إلي أخطار جسيمة، وهنا بادرت– قبل الثورة وبعدها -بالتقدم لأعلي مستويات المسئولين والي النظام الحالي بعناصر خطة كاملة مقترحة للتعامل السياسي الدولي والأفريقي والاستراتيجي فاذا بنا نري تمييع القضية في حكومة الببلاوي التي أيد رئيسها في تصريحاته مشروع سد النهضة مخدوعا بوعد تزويدنا بالكهرباء بعد توقف توربينات السد العالي. وقتل المشروع بتشكيل لجان ومناقشته في مجلس الوزراء.
وشهدنا زيارات وزرائنا لأقل الدول اهتماما وقدرة على دعم حقوقنا ومحاولات التمويه على شعبنا بوهم مشروع مياه الكونجو وغيرها ولجأنا لاتصالات عقيمة تجري في وقت الضعف وأسلوب تقبل الضرر والأمر الواقع.
بل لجأنا بدلا من العمل الجاد إلى مزحة الدبلوماسية الشعبية وعادت وفودها تبشر بكل سذاجة بنجاحها وانتهاء الأزمة
وباسترجاع مأساة الأعوام العشرة السابقة كنت قد طالبت علي الهواء بالفضائيات والمقالات بمساءلة كل من شارك في ملف الاتصالات والمفاوضات فيها، فلا يخفي علينا جميعا وللأسف الشديد أن الإدارة المصرية لقضية مياه النيل، وتحديداً فى السنوات العشر الأخيرة، كانت تكريساً واضحاً لعدم المبالاة وقلة الخبرة وغياب الشعور بالأهمية الحيوية والنتائج الكارثية لمشروع سد النهضة واستئثار أثيوبيا دون وجه حق بمياه النيل الأزرق لمجرد انه ينبع من أمطارها بقصد حرماننا من استكمال حصتنا في مياه النيل وفقا للإتفاقيات الدولية والثنائية،
وكانت المحصلة الطبيعية لذلك، مزيد من التجاهل من دول المنبع، لمصر، وقيام هذه الدول باستدراجنا لتوقيع اتفاقية إطارية جديدة دون النظر للاعتراضات أو التحفظات المصرية، لتدخل السياسة الخارجية المصرية فى أزمة، كانت فى غني عنها، ومع ذلك فحقوق مصر القانونية في مياه النيل ثابتة.
نحن إذن أمام منعطف وطني خطير، ففضلا عن مشاكلنا وصراعاتنا الداخلية، نجد أن مصر مهددة من الشمال بمن يسلب غازها في المتوسط، وفي الجنوب تسرق مياهها وفي الشرق تزعزع إسرائيل امنها في سيناء وفي الغرب تخترق حدودها بالأسلحة والمهربات.