
هذا تقرير نشره موقع “بلجاريان ميليتري” العسكري البلغاري في 24 يونيو 2025 بعنوان: “تحرك مصر المحتمل للحصول على الطائرة الصينية J-35 قد يُغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط، ويُثير قلق الولايات المتحدة” لـ “بويكو نيكولوف”، وهو صحفي مختص بتحليل المعدات العسكرية، وتشريح أدائها، وكذلك تحليل شؤون الدفاع وتقديم رؤى جديدة في عالم الجغرافيا السياسية العسكرية والصراعات العالمية سريع الحركة، حيث استشهدت برؤاه مؤسسات كبيرة مثل وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية، والمصلحة الوطنية، وإم إس إن، ومجلس الأعمال الأمريكي الآسيوي، وغيرها.
يقول التقرير إن مصر تتطلع إلى شراء المقاتلة الشبحية الصينية J-35، الأمر الذي يُثير قلق الولايات المتحدة وإسرائيل والذي قد يُحدث تحولاً في ميزان القوة في منطقة الشرق الأوسط ، حيث تُشكّل اتفاقية الدفاع الصينية مع مصر تحدياً لديناميكيات القوة في الشرق الأوسط، وأن هذه الصفقة قد تُعزز دور مصر كقوة إقليمية رائدة.
فهل يمكن أن تتخذ القاهرة من خلال هذا التحرك المحتمل خطوة جريئة نحو الاستقلال العسكري، خاصة أن التوجه نحو تنويع الأسلحة بمقدوره أن يُقلل من اعتماد مصر على المساعدات الأمريكية؟
وقد جاء التقرير على النحو التالي:
أثار حصول مصر المحتمل على مقاتلة الشبح الصينية J-35 قلقاً في إسرائيل والولايات المتحدة. حيث يُعزز موقع القاهرة الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط أهمية قراراتها العسكرية. فعلى مدى عقود، اعتمدت مصر بشكل كبير على المساعدات والمعدات العسكرية الأمريكية. أما الآن، فيبدو أن القاهرة تسعى بنشاط إلى تنويع محفظة الأسلحة، متوجهةً نحو الصين وغيرها.
ويُسبب هذا التحول توتراً في العلاقات مع واشنطن، المتوترة أصلاً بسبب اختلاف الأولويات الإقليمية. حيث يمكن لطائرة الشبح الصينية المتطورة J-35 أن تُعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط المضطرب. فلماذا تُقلق هذه الصفقة إسرائيل والولايات المتحدة؟ وكيف تعكس السياسة الخارجية المصرية المتطورة؟ هذه الأسئلة تُحرك النقاش حول هذه المسألة الهامة.
في الحقيقة، يُشير هذا التحرك المحتمل من جانب مصر إلى خطوة جريئة يمكن أن تتخذها القاهرة نحو الاستقلال، مُتحديةً تحالفات راسخة (مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة). ويتطلب فهم هذه الصفقة دراسة دوافع القاهرة، وقدرات الطائرة الصينية، والآثار الجيوسياسية الأوسع نطاقاً لهذه الخطوة. والآن، دعونا نتعمق أكثر في أهمية هذا التطور.
تحالف استراتيجي جديد
لقد عززت مصر والصين علاقاتهما العسكرية، وتُوّج ذلك بالتوقيع على اتفاقية دفاعية بين البلدين عام 2024. وتُمهد هذه الاتفاقية، التي وُقّعت في بكين، الطريق لتعزيز التعاون في مجالي الأمن والتكنولوجيا. وتاريخياً، حدّت الضغوط الأمريكية في ظل الأنظمة المصرية السابقة من تفاعل القاهرة مع بكين. ومع ذلك، شكّلت زيارة الجنرال عبد الفتاح السيسي للصين عام 2014 نقطة تحول في هذا الخصوص.
ومنذ ذلك الحين، تعززت العلاقات بين مصر والصين بشكل مطرد. وتلعب مصر حالياً دوراً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، مما يعزز التآزر الاقتصادي والعسكري بين البلدين. وتتوافق صفقة الطائرة الصينية J-35 المحتملة مع هذه الاستراتيجية الأوسع. حيث تهدف القاهرة إلى توطين تقنيات الدفاع المتقدمة، مما يقلل الاعتماد على الموردين الغربيين. ويتماشى استعداد الصين لتبادل الخبرات، بما في ذلك في مجال الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، مع أهداف مصر.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن بكين تنظر إلى مصر كبوابة مستقرة لها إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتمنح هذه الشراكة القاهرة نفوذاً لتأكيد ريادتها الإقليمية. فبالنسبة لمصر، تُمثّل الصفقة أكثر من مجرد طائرة مقاتلة، إنها بمثابة إعلان عن الاستقلال الاستراتيجي. وتُعزز اتفاقية عام 2024 بين البلدين هذا التحالف، مما يمهد الطريق لمزيد من التعاون بينهما. إلا أن هذه الخطوة تُثير تساؤلات حول قدرة مصر على تحقيق التوازن بين القوى العالمية.
تهديد للتوازن الإقليمي
ويُثير احتمال حصول مصر على طائرة J-35 قلق واشنطن وتل أبيب. وتُبرز التقارير الأمريكية مخاوف من أن تُؤثر تكنولوجيا التخفي الصينية على التوازن العسكري في الشرق الأوسط. حيث تعتمد إسرائيل، التي لطالما هيمنت على القوة الجوية الإقليمية، على طائرات أمريكية متطورة مثل F-35.
قد تُشكّل قدرات التخفي التي تتمتع بها طائرة J-35 تحدياً لهذه الميزة، خاصةً إذا نشرتها مصر بفعالية. كما تخشى واشنطن من فقدان نفوذها على القاهرة، حليفها الرئيسي الذي يتلقى 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية أمريكية سنوية. وقد ازدادت التوترات مع إدراك مصر أن السياسة الأمريكية تُفضّل إسرائيل على شركائها العرب. ويُشير موقع الدفاع العربي إلى مخاوف الولايات المتحدة من توجه القاهرة نحو الصين.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن هذا القلق تكتيكي. فقد يُعقّد سلاح الجو المصري الذي يمكن أن يصبح أقوى حساباتها الاستراتيجية، حتى مع احتفاظ الدولتين بمعاهدة سلام بينهما. كما أن قدرة الطائرة الصينية المتطورة J-35 على التهرب من الرادار ومدى القتال الذي تتميز به قد يُفاقم هذه المخاوف. وبالإضافة إلى ذلك، ترى واشنطن أن النفوذ الإقليمي المتنامي للصين يُمثّل تحدياً استراتيجياً لها. وتُبرز الصفقة المُحتملة مع مصر تحوّلاً أوسع نطاقاً، مما يُجبر الولايات المتحدة على إعادة تقييم نهجها تجاه تحالفاتها في الشرق الأوسط.
استراتيجية مصر نحو الاستقلال
تقوم مصر بتنويع مصادر أسلحتها بنشاط لتعزيز استقلاليتها العسكرية. فحصلت القاهرة على طائرات رافال Rafale الفرنسية، وطائرات Su-35 الروسية، وتتطلع الآن إلى طائرة J-35 الصينية. وتُقلّل هذه الاستراتيجية من الاعتماد على الأسلحة الأمريكية، التي غالباً ما تكون مصحوبة بشروط سياسية. ويُشيد الخبير العسكري المصري، العميد محيي الدين، بأداء طائرة رافال الفرنسية، مُشيراً إلى دورها في تعزيز القدرات القتالية.
ويُرجع محيي الدين الخلافات الهندية الباكستانية حول فعالية الطائرة Rafale إلى ضعف تدريب الطيارين (الهنود)، وليس إلى عيوب في التصميم. حيث يقول إن أسطول طائرات رافال المصري، المُطوّر بتقنية فرنسية، يُؤدي أداءً موثوقاً به في المهام. وستُضيف طائرة J-35 الصينية، في حال حصولها عليها، قدرات التخفي، مُكمّلةً هذه الأصول. ويعكس سعي القاهرة نحو تنويع مصادر أسلحتها إحباطها من تردد الولايات المتحدة في دعم الشركاء العرب على قدم المساواة مع إسرائيل.
يُذكر أن الصين تُقدّم قيوداً أقل وتدعم هدف مصر في توطين الصناعات الدفاعية. ويؤكد محيي الدين أن هذا النهج يُعزز موقع مصر الاستراتيجي. فمن خلال دمج الأنظمة الغربية والشرقية، تبني القاهرة قوةً متعددة الاستخدامات. ومن شأن صفقة طائرة J-35 الصينية أن تُعزز هذه الرؤية، مُشيرةً إلى نية مصر رسم مسارها الخاص في مجال الأمن الإقليمي. وتُشكّل هذه الخطوة تحدياً للوضع الراهن، وتُعيد تشكيل الهوية العسكرية للقاهرة.
دور مصر المُتغيّر في الشرق الأوسط
قد يُعيد حصول مصر المُحتمل على J-35 تعريف نفوذها الإقليمي. وتتمتع القاهرة بعلاقات طويلة الأمد ومتوازنة مع الولايات المتحدة وروسيا، والآن الصين. وتُسلّط هذه الصفقة الضوء على الحضور المُتنامي للصين في منطقة الشرق الأوسط، حيث تستثمر بكثافة في البنية التحتية والتجارة. وتستفيد مصر، التي تُعدّ ركيزةً أساسيةً في الاستقرار الإقليمي، من الدعم الاقتصادي من بكين.
وتُعزز اتفاقية الدفاع لعام 2024 هذه الرابطة، مُرسّخةً مكانة القاهرة كشريك رئيسي للصين. وفي غضون ذلك، يتضاءل نفوذ الولايات المتحدة مع إدراك القاهرة أن أولويات واشنطن تميل نحو إسرائيل. ويشير محيي الدين إلى أن مصر تسعى إلى شراكات متوازنة دون دفع ثمن سياسي باهظ. وقد ترفع صفقة الطائرة الصينية J-35 من مكانة مصر العسكرية، مما يعزز نفوذها في النزاعات الإقليمية. ومع ذلك، تتوخى القاهرة الحذر لتجنب تنفير حلفائها الغربيين.
وتتوافق استثمارات الصين، بما في ذلك في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، مع سعي مصر نحو الاعتماد على الذات. ويتحدى هذا التحول ديناميكيات القوة التقليدية، مع بروز القاهرة كلاعب محوري. وتؤكد الصفقة طموح مصر في القيادة، لا التبعية، في شؤون الشرق الأوسط. ومع تنامي دور الصين، تستعد المنطقة لواقع جيوسياسي جديد.
المزايا التكنولوجية والعسكرية للطائرة J-35 لمصر
تُقدم طائرة J-35، المقاتلة الشبحية الصينية من الجيل التالي، لمصر مزايا كبيرة. فهي مصممة لضَعف القدرة على رصدها من الرادار، وتتفوق في التهرب من الدفاعات الجوية المتقدمة. ويوفر محركاها المزدوجان مدى قتالياً يتجاوز 1200 ميل، وهو مثالي لحدود مصر الشاسعة. وبالمقارنة مع طائرة رافال الفرنسية، وهي طائرة من الجيل الرابع والنصف، فإن قدرة التخفي واندماج أجهزة الاستشعار في طائرة J-35 تمنحها أفضلية في المجال الجوي المتنازع عليه.
وستكتسب القوات الجوية المصرية، التي تشغّل بالفعل منصات متنوعة، تنوعاً في الاستخدامات مع هذه الطائرة. كما أن استعداد الصين لنقل التكنولوجيا، بما في ذلك أنظمة الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار، يعزز جاذبية الصفقة. وتهدف مصر إلى توطين الإنتاج، مما يعزز صناعتها الدفاعية. وتُحسّن إلكترونيات الطيران المتقدمة في طائرة J-35 الوعي الظرفي، وهو أمر بالغ الأهمية للحرب الحديثة. وفي الصراعات الإقليمية، يمكن لقدرات التخفي ردع الخصوم، مما يعزز موقف الردع المصري.
ويُسلّط محيي الدين الضوء على موثوقية الصين كشريك، مُشيراً إلى القيود الأمريكية السابقة على تبادل التكنولوجيا. ومن خلال دمج الطائرة J-35 الصينية، ستُحدّث مصر سلاحها الجوي مع تقليل اعتمادها على الأنظمة الغربية. وتُمكّن هذه الخطوة القاهرة من مواجهة التهديدات الناشئة بشكل مستقل، وإعادة تشكيل استراتيجيتها العسكرية.
مستقبل السياسة الخارجية المصرية
يُمثّل امتلاك مصر المُحتمل لطائرات J-35 الصينية لحظةً محورية. وتُؤكّد هذه الصفقة سعي القاهرة نحو الاستقلال العسكري والمرونة الاستراتيجية. كما أنها تُشكّل تحدياً للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط، مُثيرةً تساؤلاتٍ حول الاستقرار الإقليمي. ويُتيح دور الصين المُتنامي كشريك لمصر فرصاً جديدة، من التكنولوجيا المُتقدّمة إلى الاستثمار الاقتصادي.
ومع ذلك، يتعين على القاهرة التعامل مع التوترات الناتجة عن ذلك مع واشنطن، حليفها القديم. تشير اتفاقية الدفاع لعام 2024 التي وقعتها القاهرة مع بكين إلى تحول دائم، مع بروز مصر كقوة إقليمية مؤثرة. وتكشف رؤى محيي الدين عن إحباط القاهرة من السياسة الأمريكية، مما يدفعها نحو شراكات متنوعة.
وستقوم الطائرة J-35 الصينية، في حال حصول القاهرة عليها، بتعزيز سلاح الجو المصري وكذلك نفوذها الجيوسياسي. وبالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن توازن مصر بين علاقاتها الشرقية والغربية، مع إعطاء الأولوية للاستقرار والاستقلالية.
وتُبرز هذه الصفقة الحاجة إلى شراكات موثوقة في ظل نظام عالمي متغير. وبينما ترسم القاهرة مسارها، يراقب الشرق الأوسط عن كثب، مُستعداً لعصر جديد من النفوذ والقوة.