fbpx
مختارات

تركيا تُجبْر على حرب القيامة

 

المصدر: إبراهيم قراغول، تركيا تجبر على حرب القيامة، منشورات صحيفة يني شفق التركية، 27 يوليو 2016(1):

لا شك أن عملية 15 يوليو ليست محصورة بكولن ورجاله “الارهابيين”. تم تفعيل الخلايا “الارهابية” لكولن التي تتغذى منذ سنين من الوحدات المدنية والعسكرية وذلك لتنفيذ مشروع العالم الدولي. فمديرو المشروع استهدفوا أردوغان لأنه يعتبر “مخرب المخططات” بالنسبة إليهم. لأنهم يعلمون بأن عدم وجود أردوغان يعني ضعف وحدة المجتمع التركي وسهولة تنفيذ العمليات ضدها. لذلك يطمحون أولاً بإنهائه وبعدها تصفية كادره وذلك لبداية تنفيذ عملية تجزئة تركيا.

إن كولن ورجاله “الارهابون” هم كتنظيم البي كا كا تماماً تم استعمالهم كأداة مدمرة ضد بلدنا وشعبنا، تسليم بدلنا إلى الفوضى غير المنتهية، لذلك منذ أول لحظة من المحاولة الانقلابية ننبه الجميع بأن العملية ليست عملة انقلابية فقط بل هي محاولة احتلالية داخلية وعلينا التحرك بحذر والتيقظ جيداً لإفشال مشروعهم ضد تركيا.

هذا المشروع هو “مشروع تحويل تركيا إلى سوريا”. مغذى المشروع هو سحب تركيا إلى الصراعات المذهبية وصراع الهوية. هذا هو مشروع تنفيذ خرائطهم المصممة. والداعم الأساسي لهذا المشروع الضخم هو احتلال العراق وتسليم سوريا للفوضى غير المنتهية وإيصال اليمن إلى مرحلة الانقسام ومحاولات توليد حرب بين السعودية وإيران.

لا يمكن للعراق أن تتجزأ دون تجزئة سوريا ولا يمكن تجزئة سوريا دون سحب تركيا إلى الفوضى وكذلك لا يمكن رسم تلك الخريطة وتقسيم هذه البلاد إلى ثلاثة أو أربعة أقسام وتأسيس دول ومدن جديدة دون تفعيل حرب إيران والسعودية.

جبهة تركيا وقيام الساعة

لا يمكن رمي هذه المناطق إلى جحيم المئة سنة دون توقيف تفعيل تركيا وتدميرها، لذلك فإن اعتداء 15 يوليو 2016، هو تاريخ بداية تفعيل جبهة تركيا ليستلموا المناطق كلها الممتدة من شمال أفريقيا إلى اليمن ومن القوقاز إلى الخليج العربي وتحويلها إلى “مناطق الفوضى”.

بيد أن تركيا تواجه هذا السيناريو اعتباراً من تاريخ 28 فبراير 2016، واعتباراً من ذلك اليوم فإن جميع الأزمات التي طرأت على بلدنا تهدف لتقريبنا إلى هدفهم النهائي لمخططهم. إذاً فإن جميع مشاريع وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي تهدف إلى تقريب هذه اللحظة وهي لحظة قيام الساعة.

يحاولون قطع عنقه

منذ سنين ونحن نكتب دائماً بأن “الخطر آت من حلفاء تركيا”. القراء الذين يقرؤون بتمعن سيشهدون بأنفسهم أن جميع التهديدات قصيرة وطويلة الأجل والموجهة إلى بلدنا مصدرها من حلفاء تركيا، إن جميع مخططات الاتحاد الأوربي منذ آخر 25 سنة تهدف بإلحاق الضرر على تركيا. وعلينا أيضاً التحقيق والمساءلة حول الازمة السورية التي نشك بأنها هادفة لإلحاق الضرر على تركيا.

يتم إنشاء جبهة على طول حدودنا الجنوبية كما هو في شمال العراق، ولكن للأسف يتم إنشاؤها على يد تركيا. وتهدف قناة شمال سوريا إلى حصر تركيا في الأناضول وهي منتج لحساباتهم العائدة للقرون الماضية. يخططون لقطع عنق تركيا التي حاولت رفع رأسها بعد قرن كامل لتلتفت إلى ما بعد الأناضول.

كما يوجد لهذا المخطط منفذون وداعمون ومسوقون وعناصر قتل من داخل تركيا. وهذه العناصر ليست محصورة بكولن ورجاله، فمثلاً أكبر داعم لتنظيم (بي كا كا) وتنظيم (بي وي دي) هو من داخل تركيا وهم من منفذي المشروع “الحصاري”.

لا أحد يحاول إعماء أعيننا:

لا أحد يروي لنا حكاية 15 يوليو على أنها صراع داخلي لاستلام السلطة وأنها محصورة بكولن ورجاله ولا أحد يحاول إقناعنا بذلك. ولا يحاول أحد أن يقنعنا بأن ما حدث هو نتيجة تراكم المشاكل داخل تركيا. ولا أحد يتجرأ على أن يُعمي أعيننا ويشتت انتباه شعبنا. لا أحد يُحاول تمويه المشاريع الكبيرة الهادفة لتدمير بلدنا وذلك بتوجيه انتباهنا للأهداف الضيقة كما فعلوا قبل ذلك بتوجيه انتباهنا لداعش من طرف وفتح المجال إلى البي يي دي من طرف آخر.

نحن قرأنا ورأينا أن أمريكا هي المسؤولة المباشرة عن هذا الاعتداء. وأنه أيضاً حلفاء تركيا التقليديون من داعمي هذه العملية. والحسابات المسلمة لكولن هي حسابات قائمة منذ الحرب العالمية الأولى.

حرب روسيا وتركيا كانت على وشك البداية

لقد حاولوا أن ينظروا إلينا على أننا سوريا واستعملوا عدة عناصر من الداخل بهدف ذلك. وحاولوا توليد حرب بيننا وبين روسيا. ولذك قاموا بإسقاط الطائرة الروسية. والهدف هو إضعاف الدولتين روسيا وتركيا عن طريق أزمة إسقاط الطائرة وذلك لتجهيزها للعملية. وعن طريق الحرب كانوا سيحتلوا تركيا كما حصل في حرب القرم. ويمكن أن يكونوا قد خططوا لحرب تركيا وإيران معاً.

لقد حاولوا تشويه صورة تركيا على أنها تدعم داعش، ولكن الحقيقة أن أكبر داعمين لذلك التنظيم هم أنفسهم. وقصة شاحنات المخابرات التركية هي من إخراجهم وتم تنفيذها من قبل عناصرهم “الإرهابية”. لقد سرقوا جميع أسرار المخابرات واستعملوها ضد تركيا. لقد كشفوا جميع أسرارها دون اعتبار لمحرماتها. ولذلك يُعتبر كل من دعم هذه العمليات وكان له دور فيها عدو لتركيا وخائن لوطنه.

حالة انتباهية

تزداد شدة الحرب كلما قاومنا. وكلما تحديناهم وجهوا إلينا اعتداءات أقسى. يلزم علينا النظر إلى مابعد حدودنا لا إلى أمامنا فقط. ويلزم علينا النظر إلى السنوات المقبلة لا إلى اليوم وإلى الغد فقط. لن أرى أي تناقضات في كل المراحل التي تابعتها منذ عشرين عاماً إلى الآن. كل أزمة هي مكملة للأزمة التي سبقتها وجميع التطورات هي تجهيز لذلك اليوم الكبير أي ليوم حرب القيامة.

يجب تثبيت العلاقات مع الغرب ومع أمريكا على أسس رشيدة. ويجب إعادة النظر في أزمة سوريا ومراجعة العلاقات مع روسيا وإيران من بدايتها إلي نهايتها. كما يجب مراجعة جميع محاولات خلق والفوضى والانقسام والتنبه جيداً إلى موضع تركيا بين هذه السيناريوهات.

لقد تم التأكد من تورط الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوربية بالجرم المشهود لأن الإعلام الاوربي والأمريكي شنوا الحرب على الديمقراطية التركية واختبؤوا وراء الدبابات وحاولوا إعادة هيكلة تركيا عن طريق المجموعات الأرهابية.

الكتابات المخزية التي ألفوها أجبرتنا أن نُلقي بكل شيء حاولوا تسويقه تحت اسم “القيم الغربية” إلى القمامة، لقد ضربت أمريكا وأوربا “الديمقراطية التركية” التي ناضلت لأجل بقائها كل السنوات الماضية، ولكن جميعهم اختبأوا وراء التنظيمات الارهابية ودعموها وحاسبوا تركيا بالوسائل الارهابية.

أعظم مثل عن دعم الارهاب

إلى اليوم لم نجد أي مثال عن دعم الارهاب وتحطيم الديمقراطية بهذه المقاييس ولا مثال عن دعس المواطنين بالدبابات ضمن هذه المقاييس. ولا مثال أيضاً عن الاعتداء على مقدسات شعبنا وبرلمانه وتنفيذ المجازر بحقه بهذه المقاييس.

إن حلفاء تركيا هم الذين قاموا بذلك، فالادارة الامريكية التي تحمي ذلك القائد “الإرهابي” وعناصره بأعلى الضمانات هي التي أعلنت الحرب على تركيا وعلى الملايين من الشعب الذين نزلوا إلى الميادين.

وقريباً جداً سنكشف لكم هذه “السيناريوهات القذرة” مع جميع تفاصيلها وسننشرها لكم، ويجب على شعبنا إدراك ماهية الخطر الذي نواجهه والطرف الذي نحاربه. سيرى شعبنا فرداً فرداً كل من قاد العملية الانقلابية من قاعدة إنجرليك، وكل من أرسل العمليات من أفإانستان إلى تركيا، وكل من أظهر نفسه على أنه من حزب العدالة والتنمية ولكنه دعم الارهاب بشكل خفي وكل من استعمل كولن وعناصره كأداة استخباراتية، وكل من حاول اغتيال رئيس الجمهورية.

دفن الصليبيين في الأنضول

لا شك أن تاريخ 15 يوليو هو أول يوم لحرب التحرير الجديدة. لأننا تحت الهجوم ونقاوم عمليات تقسيم تركيا ومشاريع تشبيه تركيا بسوريا، ومحاولة دفع رياح الفوضى إلى بلدنا بكل وضوح. انتبهوا من الآن فصاعداً سيقومون بانتهاز كل شخص يحقد على تركيا وسيحولونه إلى أداة نارية تجاه تركيا.

إن يوم 15 يوليو 2016، هو تاريخ بداية الاعتداءات والمقاومة. واعتباراً من ذلك اليوم سنتعرض إلى اعتداءات مستمرة وعلينا أن نبقى متيقظين وعلى المقاومة أن تستمر. لكن عليهم أن يعلموا جيداً بأنهم إذا كانو يرون أنهم فتحوا علينا أبواب الجحيم، فنحن عندنا عادة سارية منذ ألف سنة وهي أن شعبنا سيعرف كيف يريهم الجحيم ذاته، فقد اعتدنا طوال تاريخنا أن ندفن الصليبيين في الأناضول.

———————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”، الكاتب رئيس تحرير صحيفة يني شفق (الصباح الجديد) التركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close