المعهد المصري للدراسات

تركيا: جدل القوة الصلبة والناعمة ـ الأبعاد والتحديات

ملخص

تحلل الورقة كيفية تحويل تركيا قوتها الصلبة، المتمثلة في القوة العسكرية، إلى قوة ناعمة، عبر استخدامها بطرق ذكية في الصراعات الإقليمية، مثل الأزمة الخليجية وسوريا وليبيا وأذربيجان. كما تحلل كيفية استخدام تركيا للقوة العسكرية ودرجة اختلاف هذا الاستخدام عن القوة الصلبة للدول الأخرى في نفس الصراعات، وانعكاسات ذلك الاستخدام على نتائج تلك الصراعات وكذلك والتفاعل معها.

تتناول الورقة كذلك أشكال التدخلات العسكرية التركية، وكيف أن استخدام القوة الصلبة أدى إلى صعود القوة الناعمة لتركيا أكثر من أي وقت مضى، عكس ما هو معتاد عند استخدام دول أخرى لقوتها الصلبة.

Abstract

This paper analyzes how Turkey has transformed its hard power into a soft power, by using it in smart ways in many regional conflicts, such as the Gulf crisis, Syria, Libya, and Azerbaijan. It also monitors and analyzes how Turkey uses military force and how it differs from the use of other armies in the same conflicts, and the implications of that use on the results of those conflicts, and the interaction with that use.

The paper also analyzes the different forms of Turkish military interventions in several regions, and how that use of hard power led to a rise in Turkey’s soft power more than ever before, contrary to what is usual when any other country uses its hard power.

Keywords: Turkey, Hard Power, Soft Power, Smart Power, Military force, Syria, Libya, Qatar, Azerbaijan, Drones, Mental image, Turkish Model, Turkish Experience, Turkish Military Industries

مقدمة

قررت تركيا منذ منتصف العقد الماضي التركيز على قوتها الصلبة، بعد سنوات من الاعتماد على القوة الناعمة. ومنذ ذلك الوقت، شاركت في عدة صراعات ونفذت عمليات عسكرية، في سوريا وليبيا وأذربيجان والخليج، فضلا عن تعزيز وجودها العسكري في دول كانت موجودة فيها مسبقا، مثل الصومال وشمال قبرص، لكن وبدلا من أن يؤدي استخدام القوة الصلبة إلى زيادة حالة العداء معها، مثلما هو الحال مع دول أخرى، فإن هذه الورقة تفترض أن استخدام تركيا لقوتها الصلبة أدى إلى زيادة قوتها الناعمة في تلك المناطق.

لقد ركزت معظم التحليلات على الأبعاد السياسية والإستراتيجية للتدخلات العسكرية التركية، لكن لم تكن هناك إسهامات تحلل أثر تلك التدخلات على صورة تركيا، وتحديدا كيفية تحول تلك التدخلات إلى مصدر للقوة الناعمة، رغم أن التدخل العسكري يعتبر تقليديا المصدر الرئيسي للقوة الصلبة أو الخشنة.

المبحث الأول: مدخل نظري لاستخدام القوة في السياسة الخارجية

منذ أن وجد الإنسان على ظهر البسيطة وهو يستخدم القوة لمحاولة تحقيق ما يريد. وتعد “القوة الصلبة” أو “القوة الخشنة” الشكل التقليدي للقوة، سواء استخدمت من قبل الأفراد أو الجماعات أو الدول.

ويعد مفهوم القوة أساسيا في العلاقات الدولية، كما يعد مفسرا أساسيا لفهم التفاعلات الدولية. وقد تطور مفهوم القوة وتعددت اتجاهاته تاريخيا، ما بين القوة العسكرية والاقتصادية، أو القدرة على الإقناع والتأثير والإجبار، وكان لبزوغ التكنولوجيا الحديثة تأثير كبير على المفاهيم المرتبطة بالقوة. ففي الماضي كان المفهوم التقليدي للقوة هو القوة الصلبة، بما تشتمل عليه من القوة العسكرية والقوة الاقتصادية بالأساس، وهو ما تبنته المدرسة الواقعية، وعلى صعيد آخر، ظهر في العقود الأخيرة مصطلح “القوة الناعمة”([1].

أولا: القوة الناعمة

دشّن جوزيف ناي مصطلح “القوة الناعمة” في كتابه الشهير “القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية”، إذ عرّفها على أنها “القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلا من الإرغام أو دفع الأموال”. وهي تنشأ من ثقافة بلد ما وسياساته؛ أي حين تبدو سياسات بلد ما مشروعة في عيون الآخرين، تتسع القوة الناعمة لهذا البلد. ويتابع ناي قائلا “عندما تتمكن من جعل الآخرين يعجبون بمُثُلِك ويريدون ما تريد؛ فإنك لن تضطر إلى الإنفاق كثيرا على العِصِيّ والجزرات (أي عوامل الإرغام والإغراء) لتحريكهم في اتجاهك، فالإغراء أكثر فاعلية من الإرغام على الدوام”([2].

ويمكن القول إن القوة الناعمة تتلخص في القدرة على الاحتواء الخفي، بحيث يرغب الآخرون في فعل ما تريده القوة المهيمنة دون الحاجة إلى استخدام القوة الصلبة التي وإن كانت تنبع بالأساس من القدرات العسكرية والاقتصادية، فإن القوة الناعمة تتأتى من جاذبية النموذج، ومدى ما يمتلكه من قدرة التأثير والإغراء للنخب والجمهور على السواء([3].

الباحث الألماني جون جانتونج له رؤية مشابهة لمفهوم ناي، إذ يرى أن السيطرة الدولية لا تنفصل عن آليات الترويض الثقافي والسياسي التي تستخدمها القوى الكبرى ضد الأضعف منها على الصعيدين العسكري والاقتصادي. ولذلك يقول جانتونج إن وجود نخب سياسية وثقافية في الدول التابعة تكون ذات تناغم مع مصالح وأولويات المراكز الدولية صار يُغني في كثير من الأحيان عن الحضور العسكري المباشر([4].

ثانيا: أنماط استخدام القوة في السياسة الخارجية

بعد استعراض النوعين الرئيسيين من القوة (الناعمة والصلبة)، يمكن القول إن الدول في الوقت الحالي تسعى إلى استخدام مزيج بين هذين القوتين، فيما يطلق عليه “القوة الذكية”، ويمكن تعريفها على أنها القوة التي تربط بين القوتين الناعمة والصلبة، وتجمع بين الجاذبية والشدة، الإرغام والإغراء. إذ يمكن للدول تحقيق أهدافها باستخدام القوة الناعمة، بجانب ذلك فإنها تركز أيضا على تعظيم قوتها الصلبة وتنمية قدراتها العسكرية والاقتصادية، ويمكنها التلويح باستخدامها في أي وقت([5]. لكن القوة الذكية هي محاولة خلق نوع جديد من التوافق بين هاتين القوتين؛ لكي تكون لهما القدرة على مواجهة التحديات، للوصول إلى إعادة اكتساب الحلفاء([6].

على صعيد التحولات في استخدام القوة عالميا؛ تشير دراسات إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ركزت على استخدام القوة الصلبة، خاصة في عهدي الرئيسين بوش الأب والابن، من خلال شن الحروب على الأنظمة التي رفضت الخضوع للإرادة الأمريكية. أما في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما فقد سعت الولايات المتحدة إلى توظيف القوة الناعمة والابتعاد عن منطق القوة العسكرية، حيث أكد أوباما خلال خطاب تنصيبه رئيسا على ذلك، بالإضافة إلى عمله على تشجيع التبادل العلمي والتعاون في مجال الأبحاث وتحقيق الأمن الغذائي وأمن الطاقة والمساعدات الإنسانية، وكذا اتخاذ خيار الحوار مع النظام الإيراني([7]. وبالطبع يمكن ملاحظة حدوث تراجع في تلك السياسة بعد وصول دونالد ترامب لمنصب الرئاسة، عبر اللجوء إلى تطبيق سياسة عقوبات اقتصادية قاسية على النظام الإيراني، وخوض حرب تجارية مع الصين، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق العسكري رغم عدم خوض حروب جديدة، والانسحاب من معاهدات ومؤسسات عالمية، مثل اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو، وتهديد حلفاء بسحب الدعم عنهم أو الانسحاب من المعاهدات معهم، مثل التهديد بالانسحاب من حلف الناتو إذا لم تلتزم الدول الأعضاء بزيادة حصتها من الإنفاق الدفاعي ليبلغ 2% من إجمالي الناتج المحلي لها.

تزامن وصول ترامب لمنصب الرئاسة مع تنامي استخدام القوة الصلبة في أماكن متفرقة من العالم، وكان من أبرز تجليات ذلك زيادة النفقات العسكرية في العالم عام 2019 بنسبة 4% عن 2018، وهي أعلى زيادة سنوية خلال عقد كامل([8]. وأشار تقرير لمكتب (أي أتش أس ماركت) للمعلومات، إلى أن ميزانيات الدفاع عالميا شهدت خلال 2018 أكبر زيادة لها منذ 10 سنوات، بسبب ارتفاع نفقات دول حلف شمال الأطلسي. واحتلت السعودية المرتبة الخامسة عالميا بنفقات تبلغ 56 مليار دولار([9]. كما رصد معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، بلوغ مستوى الإنفاق العسكري وميزانيات التسليح والدفاع حول العالم خلال 2019، أعلى مستوى خلال 30 عاما، وتحديدا منذ نهاية الحرب الباردة، وبنسبة هي الأعلى منذ 2010. ويعود ذلك إلى زيادة في إنفاق الدول الكبرى، مثل أمريكا وروسيا والصين([10]. فقد نفذت أمريكا برامج جديدة لشراء الأسلحة في ظلّ إدارة ترامب التي أقرت أكبر ميزانية عسكرية في التاريخ الأمريكي لعام 2020 بقيمة 738 مليار دولار وتضمنت إنشاء قوات فضائية([11]، بالإضافة إلى نمو حركة بيع الأسلحة الأمريكية للشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية. كما زادت الصين من إنفاقها العسكري بشكل كبير، تزامنا مع ازدهار اقتصادها وخلافاتها مع جيرانها، وخاصة قضية تايوان، بالإضافة إلى رغبتها في منافسة الولايات المتحدة. وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سباق تسلح عالمي بدأته الولايات المتحدة، عندما نشرت نظام دفاع صاروخي عالمي، ورفضت تمديد اتفاقية “نيو ستارت” للحد من التسلح لمدة عام، وهي آخر اتفاقية باقية تحفظ التوازن النووي بين البلدين، لكن الرئيس الجديد جو بايدن تدخل ومدد المعاهدة لمدة 5 سنوات. وزعم بوتين أن رفض أمريكا تمديد المعاهدة في السابق أدى إلى قيام بلاده بتطوير “أسلحة خارقة للصوت” وإنتاج صاروخ باليستي عابر للقارات، ردا على التصرفات الأمريكية([12].

وفي الشرق الأوسط جاءت السعودية في المرتبة الخامسة عالميا من حيث الإنفاق العسكري، متقدمة على فرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا، بعدما زادت شراء الأسلحة بنسبة 130 في المئة عام 2019([13]. وتصدرت قائمة الدول التي تستورد الأسلحة على مستوى العالم ما بين 2016 و2020([14]. ونمت واردات الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 25%، خلال تلك السنوات مقارنة مع الفترة من 2011 حتى 2015، وزادت واردات مصر من الأسلحة بنسبة 136%. وأرجع معهد ستوكهولم تلك الزيادة إلى تنامي الصراعات في منطقة الخليج([15].

ثالثا: تركيا بين القوة الناعمة والقوة الصلبة

تُعد تركيا من أبرز النماذج على التحول ما بين استخدام القوتين الناعمة والصلبة، وكذا الجمع بينهما؛ فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم عام 2002، ركّزت تركيا على أدوات القوة الناعمة، مثل تحقيق تجربة تقدم اقتصادي لافتة، وتطوير نظامها الديمقراطي، وتقديم نموذج للتعايش بين الإسلام والديمقراطية في بلد علماني، بالإضافة إلى انتشار الدراما التركية وعوامل أخرى تتعلق بالتاريخ المشترك مع الدول العربية والإسلامية، وكذلك تقديم المساعدات الإنسانية واستخدام الدبلوماسية العامة والوساطات بين الأطراف المتصارعة([16]. وفي السياق ذاته اعتبرت بعض الدراسات أن تركيا نجحت في أن تسوق نفسها كنموذج لدول المنطقة. لكن لأسباب عديدة، انتقلت تركيا من الاعتماد على القوة الناعمة إلى القوة الصلبة، بعدما اتضح عدم كفاية الأولى في تحقيق تطلعاتها الإقليمية([17]، وظهر ذلك من خلال عمليات عسكرية نفذتها في سوريا، وتدشين قواعد عسكرية في العراق والصومال وقطر، وتوقيعها لاتفاق دفاعي مع حكومة الوفاق الليبية عام 2019([18]، ومساندتها لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا.

ويعد الردع الاستراتيجي التركي جزءا من الاستراتيجية التي شرحها أحمد داود أوغلو وزير الخارجية ورئيس الوزراء التركي السابق، وتقوم بالأساس على فكرة أن المكانة المؤثرة التّي ينبغي أن تضطلع بها تركيا على الساحة الإقليمية والدولية تتطلب من المجتمع التركي والدولة إعادة تفسير التاريخ والجغرافيا وفق وعي ذاتي بالوجود، يُدرك نفسيا تميّز العنصر التركي وكذا الأهمية التّي منحها له التاريخ والجغرافيا؛ ولذا لا تتوقف الاستراتيجية عن البحث فقط عن السبل المُثلى لتأمين الأمن القومي التركي، وإنّما أيضا عن كيفية توظيف تركيا لموروثها التاريخي والجغرافي في سياستها الخارجية لبلوغ المكانة الإقليمية والدولية اللائقة بها.

وهناك أسباب محلية وإقليمية ودولية أدت إلى تحول تركيا من القوة الناعمة إلى القوة الصلبة، كما أن ملامح المشهد الإقليمي والدولي الحالي شجّعها على ذلك، ويمكن الحديث عن أبرز تلك العوامل فيما يلي: 

1: تنامي التهديدات الداخلية والخارجية

تسببت الأحداث المتلاحقة خلال العقد الماضي في زيادة التهديدات التي تواجهها تركيا داخليا وخارجيا. فداخليا، عانت تركيا من عمليات إرهابية نفذتها جماعات مسلحة، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني، وقد وصل عدد تلك العمليات خلال 7 سنوات فقط إلى 87 عملية راح ضحيتها 956 وجرح أكثر من 4 آلاف. كما شهدت البلاد محاولة انقلاب راح ضحيتها 249 وإصابة أكثر من 2000 ([19]. أما خارجيا، فقد أدى انفجار الأوضاع في سوريا إلى موجات نزوح لملايين السوريين إلى الأراضي التركية، فضلا عن إنشاء قواعد عسكرية على حدود تركيا من جانب قوى أجنبية، مثل الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك تواجد لميليشيات إيرانية تسيطر على عدد من مناطق النظام، وقوات كردية تسيطر على ما يقرب من ثلث مساحة سوريا ومنها المناطق الغنية بالنفط، وتحاول إقامة وطن قومي للأكراد على حدود تركيا، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للأمن القومي التركي.

ليس هذا فحسب، بل وجدت أنقرة أطماعا من أرمينيا في مناطقها الشرقية، عندما تحدث رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن معاهدة سيفر التي كانت ستعطي شرق تركيا لبلاده، وهو ما أزعج القيادة التركية. كما هاجمت قوات أرمينية المنطقة التي توجد فيها خطوط أنابيب نفط وسكك حديدية مهمة للتجارة بين تركيا وأذربيجان([20]، ووجدت تركيا نفسها وحيدة بدون دعم من حلفائها الغربيين في مواجهة روسيا إبان أزمة إسقاط طائرة روسية فوق الأجواء التركية عام 2015، وسط رفض أمريكي وغربي لإمداد تركيا بمنظومات للدفاع الجوي والتقنيات العسكرية المتقدمة والطائرات المسيرة. لتقرر تركيا التوجه نحو تطوير صناعاتها العسكرية.

2: تطور قطاع الصناعات العسكرية التركية

سلّطت العديد من الأبحاث والدراسات والتصريحات الضوء على تطور الصناعات العسكرية التركية، وكيف انتقلت من الاعتماد على الخارج في شراء الأسلحة، إلى صناعة أسلحتها بإمكانيات محلية الصنع، وهو ما أعطاها هامشا كبيرا للمناورة والاعتماد على الذات وعدم انتظار موافقة دول أخرى على استخدام تلك الأسلحة في ميادين المعارك، وكذلك قدرتها على إمداد حلفائها بها.

أصبحت تركيا إحدى 10 دول تصمم وتصنع سفنها الحربية، كما بلغت صادرات تركيا من السفن 130 قطعة بحرية إلى 9 دول. وشهدت السنوات الخمس الماضية إطلاق 350 مشروعا جديدا في الصناعات الدفاعية، ليصل إجمالي تلك المشروعات إلى 700، مقابل 62 فقط عام 2002. وزادت ميزانية الصناعات الدفاعية 11 ضعفا، من 5.5 مليارات دولار إلى 60 مليارا، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 75 مليار دولار مع تنفيذ مشروعات مستقبلية قيد التخطيط. كما ارتفع عدد شركات الصناعات العسكرية من 56 إلى أكثر من 1500، وزادت صادرات أنقرة في هذا القطاع من 248 مليون دولار إلى أكثر من 3 مليارات دولار. وارتفع كذلك عدد الشركات الدفاعية التركية في قائمة أكبر 100 شركة بالعالم إلى 7 شركات. كما تحتل تركيا مركزا متقدما عالميا في إنتاج الطائرات المسيرة([21]. وأكد وزير الدفاع التركي أن بلاده نجحت في زيادة نسبة إنتاجها المحلي من الأسلحة إلى 70% من احتياجاتها([22].

3: الظروف الدولية

سمحت بعض الظروف الدولية لتركيا بالدخول في صراعات إقليمية، منها وصول ترامب للرئاسة، والذي رفع شعار (أمريكا أولا) وركّزت سياسته على البقاء خارج دائرة الصراعات، وأرسى مبدأ عدم التدخل والانكفاء على الداخل. كما أعرب ترامب أكثر من مرة عن إعجابه بالرئيس أردوغان، لدرجة تجاوزه مؤسسات أمريكية كانت ترى ضرورة اتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد الحكومة التركية([23]. وهو ما أدى إلى نشوء علاقة متميزة بين الرئيسين، استغلتها تركيا لتحقيق بعض أهدافها، مثل تنفيذ عملية نبع السلام شمالي سوريا، والدخول إلى الساحة الليبية لمساندة حكومة الوفاق، كما فرض ترامب عقوبات تعتبر مخففة على تركيا بسبب شرائها منظومة صواريخ إس 400 الروسية، ورفع سريعا عقوبات كان فرضها على تركيا بسبب عملية نبع السلام، بل ووجه لها الشكر على تعاونها الأمني والاستخباراتي واللوجستي بعد عملية قتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة([24]. واستغلت تركيا الخلافات بين أمريكا وروسيا في عدة مناطق للتمدد ومواجهة النفوذ الروسي وسط عدم ممانعة أمريكية، إذ يقول السفير الأمريكي السابق في أنقرة جيمس جيفري إن “التوسع في السياسة الخارجية التركية أعاق الطموحات الروسية في مناطق مثل سوريا وليبيا وهذا أمر ليس سيئا”([25].

4: البيئة الإقليمية المتقلبة

كانت تركيا إحدى أكثر الدول تأييدا للربيع العربي، ودعمت دول الثورات سياسيا واقتصاديا وإعلاميا، وهو ما أثار العديد من الأنظمة العربية التي عارضت الثورات، وتعرضت تركيا لضغوط من جيرانها نتيجة ذلك الدعم. ومع مرور السنوات، أجهضت معظم الثورات العربية باستخدام القوة الصلبة، إما من قبل إيران وأذرعها في سوريا واليمن، أو عبر السعودية والإمارات في مصر، أو بانقلاب عسكري في السودان، أو بانقلاب دستوري باستخدام الجيش والشرطة في تونس، كما تعرضت تركيا نفسها إلى التهديد عبر محاولة الانقلاب الفاشلة. ليجد المحور الثالث، المتمثل في قطر وتركيا وحكومات ما بعد الربيع العربي نفسه يواجه حربا تستهدف وجوده، خاصة أن الدول المناهضة للثورات العربية تتّحد مع بعضها وتتّخذ سياسات متطابقة وتقدم المساعدات المتبادلة بين بعضها، فقد قدمت السعودية والإمارات عشرات المليارات للنظام المصري بعد الانقلاب حتى يتمكن من الاستمرار، ودعمت البلدان الثلاثة حفتر في محاولته السيطرة على طرابلس عبر تقديم الأسلحة والذخائر والدعم العسكري والاستخباراتي وتوفير المرتزقة الروس والتشاديين، بل والاتفاق مع قيادات عسكرية سودانية على إرسال قوات وأسلحة لدعم حفتر([26]. وأرسل بشار الأسد مرتزقة سوريين لمساندة قوات حفتر عبر عشرات الرحلات الجوية([27]. كما حاولت الإمارات إغراء الأسد بالهجوم على محافظة إدلب لصناعة موجة نزوح جديدة تجاه الحدود مع تركيا لتهديد أمنها القومي وإلهائها عن معركة طرابلس مقابل 3 مليارات دولار([28]. ونجحت إيران في صناعة أذرع عسكرية لها في عدة دول عربية، وتستخدمها لخدمة مصالحها في العراق ولبنان واليمن بصورة لا تخفيها بل وتتفاخر بها أحيانا.

أيضا واجهت تركيا تقلبات عدة من قوى إقليمية كبرى حاولت أن تنسج معها علاقات استراتيجية مثل السعودية. فبعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم أوائل 2015، بدت هناك إمكانية لعقد تحالف استراتيجي بين البلدين، وأيدت تركيا عملية عاصفة الحزم السعودية في اليمن، وتحدثت تقارير عن احتمال وجود تعاون سعودي تركي لشن عمليات عسكرية في سوريا([29]، وساندت أنقرة الرياض في قضية قانون جاستا الذي يطالب الأخيرة بدفع تعويضات لضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001، لكن تغيير تراتبية الحكم في السعودية وصعود ولي العهد محمد بن سلمان قضى على ذلك التقارب وتحول إلى صراع في عدة ملفات، خاصة بعد عام 2018 عندما قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. كما وجدت تركيا قوى إقليمية تتدخل في عدة مناطق دون أن يتمكن المجتمع الدولي من محاسبتها، مثل السعودية في اليمن، وإيران في سوريا واليمن والعراق ولبنان، وروسيا وأمريكا في سوريا، وهو ما شجعها على القيام بالمثل.

5: صعود القوة الصلبة في المنطقة والعالم

أثبت استخدام القوة الصلبة في المنطقة فاعليته بالنسبة لمناهضي الربيع العربي، بينما اقتصرت القوى المؤيدة للثورات على استخدام الحجة والمنطق والاستناد إلى القانون ومحاولة كسب التعاطف العالمي عبر استخدام القوة الناعمة، وهو ما أثبت عدم نجاحه، بينما ظهرت نماذج أخرى ناجحة لإنقاذ ما تبقى من الربيع العربي باستخدام القوة الصلبة، فالحملة على طرابلس لم تكن لتفشل لولا التدخل العسكري التركي الداعم لحكومة الوفاق، وحملة قوات النظام للسيطرة على إدلب لم تكن لتتوقف لولا الضربات العسكرية التركية المكثفة التي أجبرت جيش النظام على العودة إلى الهدنة مرة أخرى. هذه الصراعات نبهت دول الإقليم إلى نجاح الرهان على القوة الصلبة. كما أن هذه المعارك شهدت قيام عدة دول باستخدام ما يسمى “حروب الوكالة” لحسم الصراعات في المنطقة، عبر تجنيد ميليشيات محلية موالية لها بدلا من الانخراط المباشر في الصراع، مثل تسليح وتدريب الإمارات لميليشيات في اليمن وليبيا. كما شهدت تلك الصراعات أيضا توظيف “المرتزقة” عبر شركات أمنية غير رسمية، وأبرزها شركة “فاغنر” الروسية التي تشترك في المعارك في سوريا وليبيا والسودان وفنزويلا وأفريقيا الوسطى، وهو ما فاقم التوترات السياسية والأمنية والعسكرية في بلدان الشرق الأوسط.

ولم يختلف المشهد كثيرا على المستوى الدولي، فقد استخدمت دول كبرى قوتها الصلبة في عدة صراعات، وأبرزها روسيا، التي تدخلت عسكريا ضد جورجيا عام 2008، وذد أوكرانيا عام 2014 لضم شبه جزيرة القرم، كما ترسل مرتزقتها إلى العديد من الدول، ونجحت في إقامة قواعد عسكرية في سوريا، كما اتفقت مع السودان على إقامة قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، وتخطط لإقامة قواعد عسكرية في 6 دول أفريقية. كما عقدت اتفاقيات تعاون عسكري مع 21 دولة أفريقية منذ 2015([30]. وعلى الرغم من سياسة ترامب الانعزالية إلى حد كبير، إلا أن عهده شهد استخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري مرتين، وضد مرتزقة شركة فاغنر في سوريا عندما حاولوا الاستيلاء على حقول النفط في شمالي البلاد.

وقد تزايدت خلال السنوات الماضية ظاهرة استخدام القوة العسكرية لحل عدة صراعات بعد سنوات طويلة من استخدام التفاوض والآليات السياسية في محاولة لحل تلك الصراعات. وأبرز مثال على ذلك نجاح أذربيجان في تحرير معظم الأراضي التي كانت تحتلها أرمينيا منذ تسعينيات القرن العشرين. وقد أكد الرئيس الأذري، إلهام علييف، ذلك المعنى، عندما هاجم مجموعة مينسك التي كانت تتولى ملف إقليم ناغورني كاراباخ والأراضي الأذرية الأخرى المحتلة، وكرر أكثر من مرة أن المسار السياسي لم يحقق شيئا لبلاده طوال 28 عاما، وأن بلاده لم تكن لتنتظر 30 عاما أخرى في ظل هذا الوضع، ولذلك قرر حسم الصراع عسكريا، وهو الصراع الذي أنتج مكاسب عديدة لكل من تركيا وروسيا، بسبب انخراطهما فيه، بينما لم تحقق الدول الغربية في مجموعة مينسك، خاصة فرنسا وأمريكا، أي مكاسب، وخرجت خالية الوفاض([31].

6: سباق التسلح في المنطقة والعالم

ساهمت سياسات بعض دول المنطقة في زيادة التوتر الأمني بالمنطقة، وهو ما أدى إلى زيادة الاتجاه نحو التسلح وتوقيع اتفاقيات لتأمين حضور عسكري إقليمي ودولي إضافي في الشرق الأوسط، إما لتأمين الملاحة([32]، أو حماية الأجواء من التهديدات. كما ارتبط إعلان عدة دول عربية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقيات سلام معها، بالإعلان عن صفقات سلاح ضخمة مع واشنطن وتل أبيب. فالإمارات تمكنت من الحصول على موافقة الإدارة الأمريكية على صفقة كبيرة لشراء طائرات إف 35 وطائرات بدون طيار بقيمة 23 مليار دولار، بعدما أبدت إسرائيل موافقتها على الصفقة. وفي حالة إتمام هذه الصفقة، ستعد ثاني أكبر عملية بيع طائرات مسيرة لدولة واحدة، كما ستصبح الإمارات أول دولة عربية تحصل على طائرات إف 35.

والجدير بالذكر أنه من المستبعد أن تستخدم الإمارات هذه الطائرات المتقدمة ضد إسرائيل، نظرا لتحالفها الاستراتيجي معها، وكذلك من المستبعد أن تستخدمها لاسترجاع جزرها المحتلة من إيران، لأنها لا تستطيع مواجهة الانتقام الإيراني، ليبقى الاحتمال الأخير أن تستخدمها ضد دول أخرى مناهضة لها، وتعتبر تركيا وقطر هما الدولتان الأكثر مناهضة للسياسات الإماراتية، كما أن تركيا أُخرجت من برنامج تصنيع تلك الطائرات، ولذلك يمكن القول إن تلك الصفقة تمثل تحديا كبيرا أمام تركيا.

كما تحدثت تقارير أخرى عن سعي دول خليجية، منها الإمارات لاقتناء منظومة “القبة الحديدية” الإسرائيلية المضادة للصواريخ والطائرات المسيّرة لمواجهة إيران وتركيا، لدرجة أن البعض قدّر أن الحصول على الأسلحة الإسرائيلية والطائرات المسيّرة منها هو أساس اتفاقيات التطبيع، تخوفا من الدور الإيراني والتركي في المنطقة([33]. وأعلنت شركة إسرائيلية تعاونها مع شركة إيدج الإماراتية للصناعات العسكرية لتطوير نظام دفاعي متقدم مضاد للطائرات المسيرة([34]). وقال خبراء لوكالة رويترز إن “تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات قد يمهد الطريق أمام حصول الأخيرة على المزيد من السلاح الأمريكي، ومن ذلك أسلحة نوعية أفضل من تلك التي تصدرها واشنطن لدول لم تدخل في سلام مع إسرائيل”([35].

المبحث الثاني: أشكال واتجاهات تدخل القوة الصلبة التركية

أدى استخدام القوة العسكرية التركية في عدة مناطق إلى نتائج مختلفة يمكن تصنيفها وفقا لمآلاتها، وهي:

أولا: منع غزو قطر 2017

حالت وجود قاعدة عسكرية تركية في قطر دون غزو قطر بعد اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017، وهو غزو له شواهد كثيرة تدل على وجود نية لتنفيذه. ويمكن القول إن هذا كان أهم عامل على الإطلاق فيما يتعلق بتحول السياسات القطرية للتركيز على القوة الصلبة. والأكثر من ذلك، أن خطة الغزو وُضعت رغم وجود القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر، اعتمادا من دول الحصار على تأييد الرئيس ترامب في البداية لها، وترديده اتهامات دول الحصار ضد قطر. ولولا ممانعة مؤسسات أمريكية أخرى، مثل وزارة الدفاع ووزارة الخارجية، والإعلان عن إرسال قوات تركية إلى الدوحة، لربما كان الغزو قد حدث فعلا. ولذلك تيقنت القيادة القطرية من ضرورة عدم الاطمئنان إلى وجود القاعدة الأمريكية لردع جيرانها عن الاعتداء عليها([36]، وضرورة امتلاك مفاتيح القوة الذاتية والاعتماد على النفس.

وأدى التدخل التركي إلى تقوية العلاقات بين الدوحة وأنقرة أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد الإعلان عن مصالحة خليجية في قمة العلا بالمملكة العربية السعودية في 5 يناير 2021، دون أن تضطر قطر إلى تقديم أي تنازلات في سياساتها([37]، وهو ما يعتبر انتصارا لقطر وتركيا، ولذلك يمكن القول إن التدخل التركي، وإن اتخذ الشكل العسكري الخشن، إلا أنه أدى إلى إحلال السلام في الخليج.

ثانيا: وقف الحملة العسكرية ضد المدنيين في سوريا

استطاعت قوات النظام السوري بدعم روسي وإيراني استعادة مناطق كثيرة كانت خسرتها عقب اندلاع الثورة السورية، ولم يتبق لفصائل المعارضة سوى بعض المناطق المتفرقة، خاصة في محافظة إدلب شمالي البلاد. وعلى الرغم من جهود تركيا للحد من هجمات النظام السوري على المدنيين عبر توقيع اتفاقيات لخفض التصعيد في أستانا عام 2017، وفي سوتشي عام 2018، إلا أن قوات النظام شنت عدة هجمات، تمكنت خلالها من قضم المناطق الخاضعة لخفض التصعيد تدريجيا، واتضح أن النظام، ومن ورائه روسيا وإيران، تجاوزوا تلك الاتفاقيات، وأنهم استغلوها للتحضير لعمليات عسكرية جديدة لتصفية ما تبقى من الثورة السورية([38].

وبالفعل، خسرت المعارضة مناطق مثل الغوطة الشرقية في دمشق، ودرعا في الجنوب، وريف حمص الشمالي، واعتمد النظام السوري على استراتيجية الأرض المحروقة، عبر شن غارات جوية واستهداف المستشفيات ومحطات الكهرباء لإجبار مسلحي المعارضة على الانسحاب، نظرا لعدم امتلاكها لطائرات أو أنظمة دفاع جوي. وأسفرت تلك الهجمات عن نزوح مئات الآلاف الذين فضلوا النزوح على البقاء تحت سيطرة النظام، نظرا لأن الأخير يقوم عادة بشن حملات انتقامية واسعة من السكان، ويجبر الشباب في تلك المناطق على التجنيد في صفوفه، ولذلك تكدس المهجّرون فيما تبقى من محافظة إدلب. لكن قوات النظام شنت بعد ذلك هجمات لاستعادة السيطرة على كامل المحافظة، وبالفعل دخلت مدينة سراقب ومعرة النعمان ومناطق واسعة أخرى أوائل عام 2020، وهو ما كان سيعني كارثة إنسانية كبرى، إذ كان سيعني نزوح الملايين إلى الحدود التركية، فضلا عن سقوط آلاف الضحايا.

لهذه الأسباب اكتسب التدخل التركي في فبراير/ شباط 2020 أهمية كبرى في إحباط تلك الخطة، وقد أعطى هجوم قوات النظام الذي أسفر عن مقتل 36 جنديا تركيا دفعة قوية لإعلان أنقرة التدخل العسكري، عبر شن حملة قصف مركزة استهدفت قوات النظام والميليشيات الداعمة لها. وأسفرت تلك الهجمات التي قدرت بالمئات عن خسائر واسعة في صفوف قوات النظام، باعتراف الرئيس الروسي نفسه([39]. كما أجبرت النظام على وقف حملته العسكرية والتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020، بالإضافة إلى النص على حماية المدنيين وإنهاء معاناتهم وإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين. وعادت أعداد من النازحين إلى بيوتهم. وقد حذرت تركيا النظام السوري من مغبة خرق تلك الهدنة، وهددت بالتدخل أكثر من مرة إذا حدث ذلك([40].

كما أدى التدخل التركي إلى صناعة صورة عن تركيا باعتبارها حامية للمدنيين، بينما لم يتورع فيه النظام عن قتل مواطنيه وتشريدهم. وقد عبّر سوريون عن فرحتهم بمشاهد قصف الطائرات التركية المسيّرة لقوات النظام، فقد كانت تلك المشاهد غير مألوفة بالنسبة لقوات النظام، التي كانت تمارس ذلك الفعل ضد المدنيين عبر قصفهم بالبراميل المتفجرة طوال سنوات، في ظل عدم قدرة المدنيين على الرد. وقد أعرب سوريون عن إحساسهم بوجود نوع من أنواع تحقيق القصاص والعدالة ولو لبعض الوقت، جراء ما تعرضت له قوات النظام والميليشيات الداعمة لها، خاصة مع تأكيد الرئيس التركي أن “الطائرات التي تقصف المدنيين في إدلب لن تستطيع التحرك بحرية كما كان في السابق”([41].

ثالثا: إيقاف الحرب الأهلية في ليبيا

شنت ميليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر هجوما واسعا على العاصمة طرابلس، في أبريل/ نيسان 2019، بهدف السيطرة على كامل البلاد. وقد جاء هجوم حفتر قبل أيام قليلة من انعقاد الملتقى الوطني الجامع برعاية الأمم المتحدة، والذي كان من المفترض أن يتوصل إلى حلول للخلافات بين الفرقاء الليبيين، ما أدى إلى اندلاع معارك تضرر منها عشرات الآلاف من المدنيين. وقد كانت قوات حفتر على بعد كيلومترات قليلة من مركز العاصمة، لدرجة أن مصادر استخباراتية تحدثت عن خطة لإجلاء أعضاء حكومة الوفاق الوطني من طرابلس([42]، بعد تفوق ميليشيات حفتر، المدعومة من مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، بالإضافة إلى الدعم الذي تتلقاه من مصر والإمارات وفرنسا وروسيا. كما رفض حفتر عدة مطالبات بالتوقف عن محاولات غزو طرابلس، وأجهض عدة مسارات لوقف لإطلاق النار، مثل محادثات موسكو، ومؤتمر برلين بداية عام 2020، كما رفض تبني مجلس الأمن وقفا لإطلاق النار في فبراير/ شباط 2020، ضمن إطار مخرجات مؤتمر برلين.

وقالت ميليشيات حفتر نهاية عام 2019، إنها بدأت “المعركة الحاسمة” وإن “وقت المحادثات الدبلوماسية انتهى وحان وقت البندقية”([43]. كما أعلن حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات عام 2015، والذي نتج عنه تشكيل مؤسسات الحكم الحالية في طرابلس، وأعلن تفويض نفسه لحكم ليبيا. لكن مجريات المعارك تغيرت بعد تدخل الطائرات المسيّرة التركية، وفقا للاتفاق العسكري بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، والحكومة التركية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، وهي اتفاقية طالما سعت تركيا لها منذ ما قبل اندلاع الثورة الليبية([44].

دمرت المسيّرات التركية مجموعة واسعة من المواقع والتحصينات والأسلحة والأنظمة التابعة لميليشيات حفتر، ما أجبرها على الانسحاب نهائيا من مواقعها جنوبي طرابلس، بالإضافة إلى قاعدة الوطية ومدينتي ترهونة وبني وليد، ما أجبر حفتر وداعميه على إقرار هدنة دائمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كما انخرط الفرقاء الليبيون في مفاوضات سياسية، حققت تقدما كبيرا خلال الأشهر الماضية، تمثل في تحديد مواعيد الانتخابات وإقرار الدستور، وانتخاب سلطة تنفيذية جديدة.

وقد حاولت ميليشيات حفتر خلال تلك الأشهر، إجهاض أي تقدم سياسي، والتلويح باستمرار المعارك. وهدد حفتر باستهداف القوات التركية العاملة في ليبيا، إلا أن تركيا أطلقت تحذيرات أدت إلى تراجع حفتر عن خططه، فقد هدد وزير الدفاع التركي باستهداف حفتر شخصيا، إذا حاول المساس بالقوات التركية في ليبيا، وقال بوضوح إن حفتر “لن يجد مكانا يهرب إليه” إذا فعلها([45]. وهي تصريحات ساهمت في إظهار الحزم التركي في الدفاع عن جنودها وعن حلفائها. كما أدى إلى نشوب خلافات بين معسكر داعمي حفتر. فقد أرسلت مصر وفدا دبلوماسيا إلى طرابلس، للمرة الأولى منذ 6 سنوات، للتفاهم مع حكومة الوفاق حول القضايا الخلافية، في تراجع عن سياستها الداعمة لحفتر. وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية لموقع مدى مصر، أن تلك الزيارة جاءت بهدف “وقف التحريض الإماراتي لحفتر على استكمال الحرب”، نظرا لتخوف مصر من زيادة تواجد القوات التركية في ليبيا([46].

رابعا: استعادة أراض محتلة وتقليل الخسائر البشرية في أذربيجان

تمكنت أذربيجان بفضل الدعم التركي الكبير من استعادة السيطرة على معظم أراضيها التي كانت تحتلها أرمينيا منذ 1992. وتجلى الدور التركي في إمداد أذربيجان بأسلحة ومعدات عسكرية، وتنفيذ 10 مناورات عسكرية مشتركة خلال 2019 فقط([47]، وهو ما يدل على تخطيط مشترك بين البلدين منذ مدة طويلة لتلك المعركة.

أما الجانب الأبرز لما قدمته تركيا، فظهر في الطائرات المسيّرة، التي لعبت دورا كبيرا في تدمير الخنادق والرادارات، واختراق التحصينات وخطوط الدفاع الأرمينية على طول الجبهة، وكذلك تدمير أنظمة الدفاع الجوي والأنظمة الإليكترونية الروسية لدى القوات الأرمينية([48]، وتدمير أسلحتها ومعداتها وذخائرها، وانتشرت فيديوهات تصور تدمير الطائرات المسيرة للدبابات والمدرعات الأرمينية على طول الجبهة، وهو ما أجبر القوات الأرمينية على الانسحاب تدريجيا حتى تكلل الانتصار بتوقيع اتفاق ينص على استعادة أذربيجان السيطرة على جميع أقاليمها السبعة التي كانت تحتلها أرمينيا، فضلا عن تحرير أكثر من نصف إقليم ناغورني كاراباخ الانفصالي. كما أدت الطائرات المسيّرة التركية دورا آخر وهو تقليل الخسائر في صفوف الجيش الأذري إلى حد كبير، وفقا لما أكده الرئيس الأذري([49]، الذي لفت إلى أنه بفضل تلك الطائرات، تمكن جيش بلاده من تدمير معدات عسكرية أرمينية تفوق قيمتها مليار دولار([50]. بما يماثل خمس الخسائر الإجمالية التي تكبدتها أرمينيا خلال الحرب الأخيرة، وهو ما يضاعف من الخسارة السياسية والعسكرية([51]. وكان حضور أردوغان لاحتفال النصر في العاصمة باكو مظهرا إضافيا لمظاهر الدعم التركي ودور أنقرة في هذا النصر. كما قلد الرئيس الأذري المهندس سلجوق بيرقدار، المدير التقني لشركة “بايكار” التركية التي تنتج طائرات بيرقدار، وسام “كاراباخ” الذي طرح مؤخراً لتكريم من ساهموا في تحرير الإقليم، تقديرا لدور المسيرات التركية في الانتصار على أرمينيا.

خامسا: استغلال تطور الصناعات الدفاعية

نشطت تركيا في تقديم أنواع من الدعم العسكري للدول الحليفة، مثل بيع أسلحتها المصنعة محليا، خاصة الطائرات المسيرة، إلى دول عديدة، وكذلك تقديم دعم عسكري إما بدون مقابل أو بمقابل بسيط. على سبيل المثال، قدمت تركيا أجهزة ليزرية ومعدات تقنية وهندسية للجيش الجورجي([52]، بالإضافة إلى 35 حافلة و12 آلة مصفحة ومعدات أخرى لوزارة الدفاع الجورجية([53]. كما قدمت ملابس عسكرية وبنادق مشاة تركية الصنع للجيش الألباني([54]. واستغلت تركيا الأزمة الاقتصادية في لبنان، وتأثر الجيش اللبناني بها، لتقديم مساعدات غذائية هدية إلى الجيش اللبناني وعائلات جنوده، بناء على طلب لبناني، كما قدمت قبل ذلك ذخائر وقطع غيار للدبابات ولناقلات الجنود المدرعة، تصل قيمتها إلى مليون دولار. وتعهدت بتوسيع مساعداتها العسكرية للمؤسسات الأمنية اللبنانية([55].

وقد بدا واضحا اهتمام تركيا بهذا الجانب من جوانب سياستها الدفاعية، ورغبتها في استغلاله لتعزيز علاقتها مع حلفائها واكتساب حلفاء جدد، إذ أنفقت وزارة الدفاع التركية 3 أضعاف الميزانية المخصصة لبرامج تقديم الدعم العسكري للدول الحليفة، خلال أول 6 أشهر فقط من 2020([56]، وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن بلاده في وضع يمكنها من تلبية احتياجاتها الدفاعية، وكذلك تلبية طلبات الدول الصديقة والحليفة([57]. كما صرح رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، قائلا إن بلاده وصلت إلى مرحلة متقدمة من الصناعات الدفاعية، يمكنها فيها دعم أصدقائها([58].

وتجلى ذلك التعاون العسكري في صور أخرى، مثل إجراء مناورات عسكرية مشتركة، والدخول في شراكات لإنتاج أسلحة مع قطر وباكستان، وكذلك أوكرانيا التي أشركتها تركيا في إنتاج طائراتها المسيرة وفي مشروعات لصناعة محركات الصواريخ وأنظمة التوجيه، وتقنيات الفضاء والأقمار الصناعية، والصواريخ المضادة للسفن وأنظمة حماية الدروع([59]. وتعتبر تلك الدول أن تلك المشروعات المشتركة تتويجا للعلاقات المميزة مع تركيا، مثل تصريح وزيرة الدفاع الباكستانية، زبيدة جلال خان، الذي اعتبرت فيه أن طراد “ميلغم”، الذي تصنعه تركيا لمصلحة القوات البحرية الباكستانية، يمثل رمز الصداقة الباكستانية التركية([60]، وهو طراد ضمن مشروع تركي لصناعة عدة سفن حربية لمصلحة باكستان.

وثمة جانب آخر مهم في تلك السياسة، ألا وهي عدم ممانعة تركيا في مشاركة خبراتها وتقنياتها العسكرية مع الدول الصديقة، عكس دول أخرى تصنع السلاح لكنها ترفض نقل تقنياته إلى الدول التي تبيع لها تلك الأسلحة. على سبيل المثال، اتفقت تركيا مع باكستان على صناعة 4 طرادات من طراز “ميلغم” للقوات البحرية الباكستانية، 2 منها في تركيا، و2 في باكستان، وهو ما يتيح نقل الخبرات والتقنيات وتوظيف وتدريب الفنيين الباكستانيين. وتقدم أنقرة أيضا خدمات التدريب لعدد من الجيوش في المناطق المضطربة، مثل تدريب قوات الجيش الصومالي منذ ما يقرب من 10 سنوات، ومؤخرا تدريب قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، واستقدام مئات الضباط من هذين البلدين للدراسة وتلقي العلوم العسكرية في الكليات التركية، وكذلك تدريب قوات الجيش الأذري.

المبحث الثالث: أبعاد تحول القوة الصلبة التركية لقوة ناعمة

أولا: مفهوم “التجربة التركية”

ارتكزت الصورة الذهنية عن تركيا منذ 2002 على جوانب اعتمدت أساسا على القوة الناعمة، وعبرت عنها مصطلحات مثل “التجربة التركية” و”النموذج التركي” الذي كان يعتمد على تعميق الديمقراطية والتخلص من الوصاية العسكرية، وتحقيق نجاحات اقتصادية، والترويج لتركيا باعتبارها مكانا جاذبا للسياحة والإقامة، والدراما التركية التي انتشرت وشاهدها مئات الملايين في الوطن العربي والعالم.

وبعد تحول التركيز التركي إلى أدوات القوة الصلبة، انضمت عناصر إضافية إلى الصورة الذهنية عن تركيا، باعتبارها قوة مكتفية ذاتيا إلى حد كبير في إنتاج السلاح وبالتالي أصبحت مستقلة في قرارها، وهو ما تفتقده معظم الدول العربية والإسلامية التي تشتري أسلحتها من الخارج، وهو ما يجعلها مقيدة في استخدامها، ولذلك اكتسبت تجربة التصنيع العسكري التركي شعبية كبيرة بعدما وجدت الشعوب أمامها تجربة استطاعت خلالها دولة مسلمة أن تغير واقعها السيء وتصبح رقما صعبا في معادلات القوة على الساحة العالمية. وخلقت تجربة تركيا تفاعلا كبيرا مع الأخبار التي تتحدث عن الأسلحة التركية الجديدة المتوقع أن تدخل الخدمة في الجيش التركي، وهو تفاعل يمكن رصده عبر قياس حجم المشاهدات والتفاعل مع تلك التقارير على أشهر المواقع الإخبارية والمنصات الإليكترونية العربية. كما انتشرت مقاطع الفيديو التي تصور عمليات الطائرات المسيرة التركية في سوريا وليبيا وأذربيجان بصورة كبيرة وتداولها جمهور الإنترنت على نطاق واسع([61].

وقد ألهمت تجربة تركيا في التصنيع العسكري دولا مثل أوكرانيا التي قال نائب رئيس وزرائها أوليغ أوروسكي إن هناك الكثير لتتعلمه بلاده من تجربة تركيا التصنيع العسكري([62]. وفي إندونيسيا، أكد رئيس أركان الجيش هادي تجاهجانتو على ضرورة تطوير الطائرات بدون طيار بسبب تكلفتها المنخفضة وسهولة استخدامها ولدورها الكبير في الحروب المعاصرة، ضاربا المثل بما فعلته المسيرات التركية لصالح أذربيجان([63].

ورأت تحليلات لعسكريين أمريكيين أن استخدام الطائرات المسيرة في الحرب بين أذربيجان وأرمينيا دفع الجيش الأمريكي إلى البحث عن مناهج جديدة للاستثمار في هذا المجال، عبر تطوير الأبحاث والتقنيات ذات الصلة([64]. وأواخر العام الماضي، قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن المملكة المتحدة تتجه إلى شراء المسيرات، بعد دراستها لدور الطائرات المسيرة في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، وإنه من المتوقع أن يشرع الجيش البريطاني في برنامج جديد للطائرات بدون طيار تأثرا باستخدام أذربيجان للتكنولوجيا في انتصارها على أرمينيا، بالإضافة إلى رخص سعرها مقارنة بالطائرات المسيرة التي بحوزة الجيش البريطاني([65]. كما تهتم ألبانيا كذلك باستلهام التجربة التركية، بعدما زار رئيس وزرائها إيدي راما مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، وكذلك شركة “أسيلسان” التركية للصناعات الدفاعية، مبديا رغبته في استخدام التكنولوجيا التركية في بلاده. وصرح الرئيس الأذري بأن بلاده تخطط لتكوين “جيش مصغر من الجيش التركي” يعتمد على التكنولوجيا العسكرية التركية بشكل واسع، مؤكدا أن “الجيش التركي هو أكثر نموذج مرغوب فيه بالنسبة لنا”([66].

ثانيا: سمعة عالمية

اكتسبت تركيا سمعة عالمية في مجال الصناعات العسكرية، وخاصة الطائرات المسيرة، وتناولت مراكز الأبحاث والصحف العالمية تلك الظاهرة، كما أن تزويد الطائرات المسيرة بكاميرات تصوير، أدى إلى أن يشاهد العالم قدرة تلك الطائرات على إصابة أهدافها بدقة([67]، وتدمير المدرعات والأسلحة، دون الإضرار بالأماكن أو الأشخاص حول تلك الأهداف، ووفرت تلك الفيديوهات التي نشرتها وزارة الدفاع التركية ووزارة الدفاع الأذرية مادة مصورة لوسائل الإعلام، لإنتاج أخبار وتقارير اعتمادا على تلك المواد، وهو ما وفر انتشارا إعلاميا إضافيا.

وقد حصلت تركيا على إقرار عالمي بجودة طائراتها المسيرة، مثل تصريح وزير الدفاع البريطاني، الذي أبدى إعجابه بتلك الطائرات وقدرتها على تحويل مجرى الصراعات العسكرية، وكذلك إعجابه بقدرة تركيا على تصنيعها رغم منعها من الوصول إلى التكنولوجيا الأجنبية. كما أدى هذا الإقرار إلى رغبة عدد من الدول في اقتناء الطائرات المسيرة التركية، حتى لو كانت علاقتها بتركيا ليست جيدة بما يكفي، مثل صربيا التي قال رئيسها ألكسندر فوتشيتش إن بلاده سترى ما يمكن عمله للاتفاق مع الجانب التركي لاقتناء تلك الطائرات “مهما حصل” معتبرا أن شرائها “استثمار ذكي للغاية”([68].

كما أعلنت شركة “إنترا” السعودية للصناعات العسكرية عن تعاقدها مع شركة فيستل التركية لإنتاج 40 طائرة مسيرة خلال 5 سنوات([69]، رغم أن العلاقات بين السعودية وتركيا ليست جيدة منذ سنوات، وتعترضها عقبات وقضايا محل خلاف، لكن بدأ مؤخرا الحديث عن وجود مؤشرات لتحسن العلاقات. وقد كشف الرئيس أردوغان عن تلقي تركيا طلبا سعوديا لشراء طائراتها المسيرة، دون أن تنفي الرياض ذلك، رغم وجود حملة سعودية مدعومة رسميا تدعو لمقاطعة البضائع التركية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تحول في مواقف الدول اعتمادا على رغبتها في الاستفادة من تجربة تركيا في التصنيع العسكري، وكذلك من وقوف الأخيرة بجانب حلفائها بدون شروط([70].

وجاء الطلب السعودي تزامنا مع أنباء وشائعات غير صحيحة عن استعانة الرياض بالفعل بعدد من تلك الطائرات في اليمن لمواجهة الحوثيين، وعلى الرغم من استبعاد حدوث ذلك في الوقت الراهن، فإن تلك الأنباء تشير إلى الصورة الذهنية التي تكونت عن تركيا باعتبارها المنقذ لحلفائها المتورطين في معارك لا يستطيعون الفوز بها. كما تلقت تركيا طلبات من دول حليفة لشراء طائراتها المسيرة، مثل باكستان وكازاخستان وتونس ونيجيريا، وحتى بعض الدول الأوروبية([71]، وبالفعل كانت بولندا أول دولة أوروبية تشتري المسيرات التركية، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق تركيا لمكاسب اقتصادية ويمكن أن تصبح مبيعات الأسلحة إحدى أهم مصادر الدخل لها.

ثالثا: امتنان شعبي ورسمي

 رفع المواطنون الأذريون الأعلام التركية بجوار أعلام بلادهم أثناء احتفالاتهم بتحرير أراضيهم المحتلة، بالإضافة إلى الامتنان الرسمي، الذي تمثل في عدة تصريحات لمسؤولين أذريين أعربوا فيها عن تقديرهم للدعم التركي، مثل وزير التعليم الأذري، أمين أمر الله ييف الذي قال إن بلاده تمكنت من تحرير أراضيها “بفضل المسيرات التركية محلية الصنع”([72]. وبعد الإعلان عن رفع الحصار عن قطر في قمة العلا الخليجية، عبّر مواطنون قطريون على مواقع التواصل، عن امتنانهم لمساندة تركيا لبلادهم في بداية الحصار([73]. وهو امتنان كان موجودا طوال سنوات الحصار، وظهر في تصريحات رسمية وردود فعل شعبية، بداية من أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني([74]، مرورا برجال الأعمال القطريين([75]، وحتى المواطنين والمقيمين في قطر([76]. وهو ما تكرر أيضا في سوريا وليبيا.

وقد ترجم هذا الامتنان عند تعرض تركيا إلى صعوبات اقتصادية خلال الأعوام الماضية، وخاصة أزمة العملة التي واجهتها عام 2018 بعد تدهور علاقتها مع الولايات المتحدة وفرض الأخيرة عقوبات عليها، وكذلك بعد دعوات لمقاطعة المنتجات التركية في الخليج. فقد انطلقت دعوات شعبية في عدة بلدان لدعم الاقتصاد التركي في مواجهة الجهات التي تخطط للإضرار به([77]، عبر شراء المنتجات التركية والليرة التركية والاستثمار في تركيا([78]. كما ترجمت هذه الحملة كذلك في مقالات ووسوم على مواقع التواصل في دول عربية([79]. ورحب مغردون قطريون بإعلان دولة قطر استثمار 15 مليار دولار في تركيا عام 2018، وأكدوا أن الوقوف بجانب تركيا واجب بعد موقف أنقرة تجاه الدوحة أثناء أزمة الحصار([80]. وكذلك وجدت تركيا في قطر حليفا ومؤيدا في الكثير من سياساتها، وهو ما يعبر عن قوة التحالف بين البلدين. وكانت قطر والصومال، العضوين الوحيدين في جامعة الدول العربية اللذين أعربا عن تحفظاتهما من قرار الجامعة الذي يدين عملية “نبع السلام” التركية شمالي سوريا، وهما بلدان يستضيفان وجودا عسكريا تركيا. كما بدأت تتشكل ملامح محور جديد تقوده تركيا ويضم الدول التي تدخلت فيها أنقرة لتغيير المشهد السياسي والعسكري، مثل تهنئة المجلس الأعلى للدولة السابق في ليبيا لأذربيجان على تمكنها من تحرير أراضيها من الاحتلال الأرميني([81].

رابعا: الحليف القوي

ترسخت صورة تركيا باعتبارها الحليف القوي الذي يقف بجانب حلفائه ويتدخل لنجدتهم ولا يتردد في استخدام كافة الأدوات من أجل الانتصار لهم. وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عدة منشورات وتغريدات تتحدث عن هذا الأمر([82]، مثل القول “كل من وقفت معه تركيا ربح” ووصف تركيا بـ”الحليف الأمين”([83]، أو تلخيص نجاحات عدة دول في صراعاتها، والربط بين تلك النجاحات والتدخل التركي([84].

كما ظهرت تركيا بمظهر الحليف الموثوق مقابل دول أخرى ظهر أنها تتخلى عن حلفائها دون أن تقدم لهم شيئا، وأبرز مثال لذلك اعتبار الجماعات الكردية المسلحة في سوريا أن سماح إدارة ترامب لتركيا بتنفيذ عملية نبع السلام شمالي سوريا هو “خيانة لأكراد سوريا” رغم ما بذلوه من جهود في محاربة تنظيم الدولة، كما تراجع ترامب عن توجيه ضربة لإيران بعد اتهامها بالمسؤولية عن الهجوم الذي شنه الحوثيون على المنشآت النفطية السعودية في سبتمبر/ أيلول 2019([85]، بالإضافة إلى الشكوك حول جدوى القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر في ظل وجود خطة لغزو قطر بعد اندلاع الأزمة الخليجية كما أوضحنا سابقا.

وتعدى الاحتفاء بتركيا في بعض الأحيان إلى بروز ظاهرة “الاستقواء” بها على لسان مسؤولين رسميين. فقد تفاخر الرئيس الأذري بامتلاك بلاده للمسيرات التركية، مؤكدا أن تركيا مستعدة لدعم بلاده إذا تعرضت لهجوم أرميني، قائلا “المقاتلات التركية ستظهر نفسها في حال تعرضنا لعدوان خارجي”([86]. كما طالب معارضون أذريون الرئيس أردوغان بنشر قوات تركية دائمة في مدينة شوشة بإقليم كاراباخ لحمايتها من أي تهديد روسي محتمل([87].

خامسا: إحلال السلام وحماية المدنيين

تكونت صورة ذهنية عن تركيا باعتبارها قوة عسكرية تتدخل لصالح المدنيين. فقد تحول الوجود العسكري التركي في شمالي سوريا إلى أحد عوامل القوة الناعمة، إذ لم يتخذ شكل الانتشار العسكري التقليدي، بل ساهم في إقرار السلام، عبر إصلاح الجيش التركي للبنية التحتية وتطويرها، وزراعة الأشجار، وتجهيز المدارس، وافتتاح مستشفيات جديدة، وحل مشكلة الكهرباء وخطوط الهاتف، ونقل التلاميذ إلى مدارسهم عبر تحويل المدرعات إلى وسائل لنقل الطلاب([88]، وكذلك نقل المرضى إلى المستشفيات لتلقي العلاج([89]، وتوزيع المساعدات على المحتاجين في عدة مناسبات، فضلا عن إدماج المؤسسات المدنية بالمؤسسات المماثلة في تركيا، مثل المدارس والجامعات، ودور تحفيظ القرآن، واللافت أن معظم تلك المشروعات تعلن عنها وزارة الدفاع التركية.

وقد نظم سوريون مظاهرات وأطلقوا دعوات في مناطق أخرى، للمطالبة بتدخل الجيش التركي وتولي زمام الأمور فيها لتحقيق الأمن وتطوير الخدمات في مناطقهم. وتخرج مظاهرات دورية في بعض المناطق السورية دعما لتركيا وعملياتها العسكرية في الشمال السوري([90]، كما تخرج مظاهرات يناشد فيها سوريون الجيش التركي باستمرار تدخله في سوريا، إما لتخليصهم من سيطرة قوات النظام([91]، أو التنظيمات الكردية المسلحة([92]، أو حمايتهم من هجماتهم، أو حتى القيام بضبط الأمور ووضع حد للفلتان الأمني في مناطق الشمال السوري المحررة. ويرفع المتظاهرون في تلك الفعاليات أعلام الثورة السورية، بالإضافة إلى الأعلام التركية. كما توثق شهادات سكان في شمالي سوريا رغبتهم في بقاء القوات التركية، لأنها السبب الوحيد الذي يحول بينهم وبين قتلهم على يد قوات النظام أو القوات الروسية([93]. وتظهر أسماء العمليات العسكرية التركية في سوريا إدراكا لدى القيادة السياسية والعسكرية التركية لدورها، فقد اختارت أسماء مثل (نبع السلام) و(غصن الزيتون) وهي أسماء تشير إلى استهداف تحقيق السلام والأمن([94].

سادسا: استلهام النموذج لتكراره

انطلقت دعوات وتطلعات لدى شعوب أخرى تأمل في تدخل تركيا لصالحها. على سبيل المثال، رصد الباحث حملة قادها يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتصار قوات حكومة الوفاق ضد قوات حفتر، تحت عدة وسوم، مثل (اليمن تناشد بتدخل تركيا)([95] و(الوطية تتحرر) و(الوطية تحت الشرعية). ودعت تلك الحملة القيادة اليمنية إلى الاستعانة بتركيا ضد الحوثيين، نظرا لعدم قدرة التحالف على حسم المعركة طوال 7 سنوات. وعدّد هؤلاء أسباب دعوتهم لتدخل تركيا، منها قدرتها على حسم الأمور في ليبيا وأذربيجان خلال فترة قليلة، ووجود روابط الدين والهوية والتاريخ، ووقوف تركيا القوي بجوار حلفائها وعدم طمعها في ثرواتهم، وأخيرا تشابه القيم التي يقوم عليها النظام السياسي التركي (دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتداول السلطة) مع المبادئ التي دعا لها الشباب اليمني عندما ثار على نظام صالح([96]. وذلك مقابل ما اعتبروه “غدر” الإمارات وميليشياتها ضد الجيش اليمني، وقصف قواته وقتل المئات من جنوده، فضلا عن دعم أبو ظبي لتقسيم اليمن عبر تمويل ميليشيات محلية تدعو لانفصال الجنوب، وسيطرة قواتها على عدة مناطق وإقامة قواعد عسكرية فيها وتخطيطها لإلحاقها بالإمارات مثل أرخبيل سقطرى، وكذلك الأحوال السيئة التي أصبح عليها اليمن من فوضى ومجاعات وأمراض([97].

وبعد اندلاع التوتر والحشد العسكري المتبادل بين روسيا وأوكرانيا، ظهرت دعوات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الأوكرانية، لاستخدام الطائرات المسيرة التركية التي اشترتها في وقت سابق، ضد المسلحين الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة دونباس([98]، وهو ما دفع روسيا إلى توجيه تحذير مبطن إلى تركيا من التدخل في الصراع أو بيع مسيرات لأوكرانيا.([99] وبالفعل لوّحت أوكرانيا باستخدامها للطائرات المسيرة التركية، عندما صرح نائب رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات الأوكرانية أن بلاده استخدمت طائرات بيرقدار للقيام بمهام استطلاعية فوق منطقة النزاع في دونباس وتحديد مواقع أنظمة دفاع جوي روسية. كما توقع محللون أن تخطط أوكرانيا لتطبيق سيناريو مماثل لمعارك تحرير إقليم كاراباخ الأذري عبر استخدام المسيرات التركية لتحرير أراضيها التي يستولي عليها الانفصاليون([100].

المبحث الرابع: أسباب تحول القوة الصلبة لقوة ناعمة

تعددت الأسباب التي دفعت النظام التركي لتحويل سياساته بين القوة الصلبة والقوة الناعمة، ومن ذلك:

1- نموذج الاكتفاء الذاتي

تعتبر تجارب التصنيع العسكري من الأحلام التي داعبت خيال الشعوب العربية والإسلامية طوال العقود السابقة، بسبب ارتباطها باستقلال القرار الوطني والقدرة الذاتية على تغيير الواقع السيء الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي، من احتلال فلسطين واضطهاد المسلمين في عدة مناطق حول العالم، وبالتالي ساهمت تجربة التصنيع العسكري التركية في رفع معنويات نسبة من الجماهير العربية والإسلامية وشعورها بالقدرة على الفعل. وعلى الرغم من وجود تجارب أخرى واعدة للتصنيع العسكري في المنطقة العربية، خاصة لدى الإمارات والسعودية، إلا أنها لم تحقق الشعبية التي حققتها التجربة التركية، نظرا لارتباطها بالتدخل ضد مصالح الشعوب العربية، أما النظرة الشعبية للسياسات التركية فهي مختلفة، ويغلب عليها الطابع الإيجابي، وفقا لاستطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إذ حلت السياسة الخارجية التركية في المرتبة الأولى ضمن السياسات الخارجية للدول الإقليمية نحو بلدانهم([101].

2- الجهة التي تتدخل لصالحها تركيا

يحرص التدخل العسكري التركي على اختيار الجهة التي ينحاز إليها، وهي جهات تشترك في عدة صفات، أبرزها أنها حاصلة على اعتراف دولي بأحقيتها في الصراع، مثل حكومة الوفاق الليبية السابقة، وكذلك أذربيجان التي تتمتع باعتراف العالم بأحقيتها في إقليم كاراباخ والمحافظات المحيطة به، وكذلك دولة قطر هي حكومة شرعية معترف بها من العالم أجمع وكانت مهددة بعملية غزو غير قانونية، أما في سوريا فإن التدخل لصالح المدنيين كان ضد نظام فاقد للشرعية ومطرود من أغلب المنظمات الإقليمية والدولية.

3- الجهة التي تتدخل تركيا ضدها

وهو عنصر يمثل معادلا موضوعيا للسبب للعامل السابق، إذ تشترك تلك الجهات، ليس فقط في أنها منزوعة الشرعية (ميليشيات حفتر، والانفصاليون الأرمن، والنظام السوري، ودول الحصار التي انتهكت القانون الدولي) بل في أنها مكروهة شعبيا في الدول العربية والإسلامية. ففي سوريا، انتشرت الآثار المدمرة للتدخل الروسي والنظام السوري والميليشيات الإيرانية، من قتل وتهجير وتدمير المنازل وحرق المزارع، واستعمال الأسلحة الكيماوية، وانتهاج إستراتيجية “الأرض المحروقة” التي ظهرت نتائجها في حلب والغوطة وغيرهما. وفي ليبيا، تدعم ميليشيات حفتر، بالإضافة إلى روسيا، كل من مصر، التي يعاني نظامها من أزمة شرعية منذ انقلابه العسكري عام 2013، والإمارات، التي دعمت الانقلاب في مصر وتركيا وقررت الدخول في تحالف إستراتيجي مع إسرائيل، لدرجة أنه بمجرد الحديث عن محاولة انقلابية في الأردن، اتجهت أصابع الاتهام مباشرة إليها باعتبارها المسؤولة عن ترتيب تلك المحاولة، وفقا لتغريدات العديد من النشطاء([102]، وهو ما يوضح أبعاد الصورة الذهنية التي تكونت عن أبو ظبي بسبب سياساتها. وأخيرا فرنسا، التي لا تزال تضيق على المسلمين فيها عبر طرح قانون “الحفاظ على قيم الجمهورية”، فضلا عن دعم رئيسها للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد، الأمر الذي أدى إلى موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

ويمكن القول إن تدمير السلاح الروسي في عدد من ميادين القتال يعتبر أحد أسباب الاحتفاء الشعبي في بعض البلدان بالتدخل التركي، خاصة في سوريا وأذربيجان وليبيا، نظرا لدعم روسيا للجهات المضادة. فقد دمرت الطائرات المسيرة التركية العشرات من نظام الدفاع الجوي الروسي من طراز بانتسير في ليبيا وأذربيجان، وكذلك دمرت أذربيجان نظام إس 300 الروسي للدفاع الجوي لدى أرمينيا([103]، وأثار ذلك غضبا من روسيا في أرمينيا بعد الخسائر الفادحة التي منيت بها. وظهر ذلك في انتقادات للسلاح الروسي وعدم فاعليته([104]، من جانب مسؤولين أرمينيين سياسيين وعسكريين([105]، وحتى رئيس الوزراء الأرميني نفسه، الذي انتقد صواريخ إسكندر الروسية مؤكدا أنها كانت عديمة الفائدة([106]، كما أكد أن الأنظمة الإليكترونية روسية الصنع لم تعمل ولم تؤمّن أجواء أرمينيا، وأن أنظمة “ريبيلنت” الروسية المضادة للطائرات المسيرة دمّرت([107]، وهو ما أدى إلى أزمة سياسية في أرمينيا بين الحكومة والجيش وكذلك أزمة بين الحكومة الأرمينية ونظيرتها الروسية من ناحية أخرى([108]، وخلق تساؤلات من جانب محللين ومراكز أبحاث عن تأثر مبيعات الأسلحة الروسية بعد هذا الأداء المخيب([109]، وأدى إلى قلق وغضب لدى القيادة الروسية من إحباط تركيا لخططها في أكثر من بلد([110].

تقف تركيا أيضا ضد الاتحاد الأوربي في شرق المتوسط، وتصمم على القيام بأعمال تنقيب في مناطق متنازع عليها مع قبرص واليونان، وتتصدى لسفن فرنسية ويونانية في البحر المتوسط، في ظل تقارير غربية تؤكد عدم قدرة الاتحاد على إيقاف أنقرة عن مخططاتها([111]، وعدم قدرة العقوبات على تحقيق تأثير سلبي ضد أنقرة([112]، أما في ليبيا، فرغم معارضة الاتحاد الأوربي للاتفاقيات الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق، خاصة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، إلا أنه لا يملك قدرة على التأثير، بل إن فرنسا على سبيل المثال خسرت رهانها على حفتر، بالإضافة إلى وجود تنافس بين باريس وروما في هذا الملف، وهو ما جعل الاتحاد الأوربي لا يستطيع فرض رؤية موحدة ومؤثرة على المشهد([113]، كما يكسب تركيا سمعة الدولة القوية التي تستطيع الوقوف في وجه كيانات كبرى.

4- المقارنات مع التجارب الأخرى

انتشرت المقارنات بين نتائج التدخل العسكري التركي الذي يحافظ على المدن ويقلل الخسائر إلى أقصى حد ممكن، والتدخلات العسكرية الأخرى التي تبيد المدن وتوقع آلاف الضحايا المدنيين وتقترن بالخراب والدمار. فقد قارن سوريون بين التدخل التركي في عمليات: درع الفرات- غصن الزيتون- نبع السلام- درع الربيع، وبين التدخل العسكري الروسي والأمريكي. كما انتشرت مؤخرا مقارنات بين حالة المدن التي ينتشر فيها الجيش التركي، والمدن التي يسيطر عليها النظام أو كانت تسيطر عليها الوحدات الكردية([114]. مثال لذلك صورة نشرها ناشطون لأربع مدارس في مدينة طرطوس الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وكذلك في مدن إدلب وأعزاز وعفرين، وهي مناطق خاضعة لسيطرة تركيا. وتبدو في تلك الصور أن المدرسة في طرطوس حالتها أسوأ بكثير من المدارس الثلاث الأخرى([115]، رغم أن المحافظة لم تخرج من سيطرة النظام مطلقا منذ اندلاع الثورة السورية، ويتمتع النظام فيها بتأييد شعبي بسبب انتماء أغلب سكانها للطائفة العلوية. هذه المقارنات تؤدي جميعها إلى التسليم بأفضلية التدخل التركي عما سواه.

5- تحويل التدخل العسكري لإنجازات اقتصادية

أدى التدخل التركي في ليبيا إلى استئناف إنتاج النفط وتصديره بعدما حالت قوات حفتر طوال أشهر دون ذلك، وهو ما ساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لليبيين، كما استطاعت الشركات التركية أن تحصل على عقود لتنفيذ مشروعات عديدة، وتعهدت حكومة الوفاق السابقة بتعويض الشركات التركية عن خسائرها بسبب مشروعات كانت تنفذها في عهد القذافي. أما في أذربيجان، فقد سمح انتصارها العسكري بإعادة اتصالها البري بجمهورية ناخيتشيفان ذاتية الحكم التابعة لها، عبر ممر سمح بإنشائه وفق اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما سيكون له نتائج اقتصادية هامة على صعيد التجارة ونقل البضائع والتنمية الداخلية وكذلك التجارة الخارجية بين أذربيجان وتركيا. ومن المتوقع إنشاء سكك حديدية تجارية تصل تركيا بأذربيجان عبر أرمينيا. كما أدى هذا الانتصار إلى تمكين تركيا من الاتصال بريا بدول آسيا الوسطى عبر أذربيجان، وستتطور حركة التجارة دون الحاجة للاعتماد على الأراضي الإيرانية([116]، وهو ما يمكن أن يساهم في تنمية عدة مناطق وتوفير فرص عمل.

المبحث الخامس: تحديات القوة الصلبة التركية

رغم تحقيق القوة الصلبة التركية نجاحات، إلا أنها تواجه تحديات، أبرزها القدرة على تثبيت النجاحات والبناء عليها لتحقيق مكاسب سياسية وإستراتيجية، في ضوء تحرك الجهات المناوئة لمحاولة إجهاض تلك المكاسب، خاصة من روسيا التي تضررت من تدخل تركيا وتلطخت سمعة بعض أسلحتها. وهو ما يمكن أن يؤدي مع الوقت إلى تطوير تكتيكات جديدة لمواجهة الطائرات المسيرة التركية وتقليل خسائرها وتحييد تأثيرها. كما تتعرض تركيا أيضا إلى خطر التجسس على أسرار صناعاتها العسكرية ومحاولات سرقتها، إذ أعلنت أنقرة عن ضبط 6 أشخاص بتهمة تسريب معلومات عن مشاريع الصناعات الدفاعية لشركات أجنبية. وذكرت مصادر للجزيرة أن تلك ليست المحاولة الأولى([117].

كذلك تواجه تركيا حلفا إقليميا في منطقة شرق المتوسط، يضم فرنسا واليونان وقبرص ومصر والإمارات، كما أنشئ “منتدى غاز شرق المتوسط” واستبعدت منه تركيا رغم أنها تمتلك مياها إقليمية في نفس المنطقة، وهو ما يؤكد أن المنتدى موجه ضد أنقرة([118]. وقد نفذت السعودية والإمارات مناورات مشتركة مع اليونان، واستعانت الرياض بأثينا للحصول على منظومات للدفاع الجوي من طراز باتريوت، ووقّعت اليونان وإسرائيل أكبر صفقة عسكرية بينهما تتعلق بتحديث القوات الجوية اليونانية، كما وقعت اليونان اتفاقيات تعاون عسكري مع فرنسا، وبالطبع فإن هذه التحركات موجهة بالأساس ضد تركيا.

وتواجه الصناعات العسكرية التركية تحديات تتمثل في حرمانها من بعض التقنيات الغربية، فقد قررت كندا منع تصدير معدات تكنولوجية خاصة بالتقاط الصور في الطائرات المسيرة، وتوقفت ألمانيا عن إمداد تركيا بمحرك للدبابة ألتاي تركية الصنع. كما يمكن أن تتأثر تلك الصناعات بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، مثل تعثر صفقة بيع مروحيات تركية لباكستان بقيمة 1.5 مليار دولار، لأن محركات المروحية كانت نتاج مشروع أمريكي بريطاني مشترك، ولذلك تحتاج تركيا إلى استصدار ترخيص بتصديرها إلى أي جهات أخرى([119].

 كما أن بعض التدخلات التركية أثارت سخطا رسميا، خاصة في العراق، بعد اتهامات رسمية لأنقرة بانتهاك السيادة العراقية وقتل ضباط عراقيين جراء غارة جوية، وإقامة قاعدة عسكرية تركية قرب الموصل بدون التنسيق مع السلطات العراقية، وسط تهديدات من ميليشيات عراقية موالية لإيران باستهداف القوات التركية إذا نفذت تلك القوات عملية عسكرية في سنجار([120]، وتواجه تركيا كذلك تحديات تتعلق بفرض الأمن في الشمال السوري وإلزام فصائل المعارضة المتحالفة معها بالانضباط، بسبب تكرار حدوث اشتباكات مسلحة بين تلك الفصائل، فضلا عن الاصطدام بمعارضة روسية لإعادة مدن إدلب التي سيطر عليها النظام بالمخالفة لاتفاق خفض التصعيد، الأمر الذي أدى إلى تفكيك الجيش التركي لعدة نقاط مراقبة رغم تمسكه سابقا بها وتأكيده عدم نيته الانسحاب منها، وهو مؤشر على إقرار تركي بعدم إمكانية استعادة تلك المناطق. ومن غير المتوقع أيضا أن تتمكن تركيا من السيطرة على مناطق جديدة خاضعة للأكراد في سوريا نظرا لمعارضة إدارة بايدن لذلك، وقد بدأت تركيا بالفعل في تهدئة بعض الملفات المتوترة واعتماد مقاربات سياسية ودبلوماسية بدلا من التلويح باستخدام القوة، مثل إطلاق تصريحات تدعو للحوار مع مصر، واستضافة محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، والانخراط في مفاوضات مع اليونان حول المشاكل الخاصة بمنطقة شرق المتوسط، إذ أدى تمسك تركيا بتنفيذ عمليات تنقيب عن الغاز في تلك المنطقة إلى إثارة غضب دول أوروبية وغربية وساهم في إعطاء الفرصة لشن حملات ضد تركيا وفرض عقوبات أوروبية عليها، واتهامها بعدم احترام القانون الدولي والتسبب في مشكلات سياسية وعسكرية قد تؤدي إلى اندلاع الحرب، خاصة مع تمسك تركيا بإقامة دولتين في قبرص، وهو ما يتعارض مع الرغبة الدولية في توحيد شطري الجزيرة.

وتواجه الحكومة التركية انتقادات في الداخل من أحزاب المعارضة التي تقول إن سياسات الرئيس التركي الخارجية تسببت في “عزلة إقليمية” لتركيا، بعد توتر العلاقات مع الدول العربية الرئيسية مثل السعودية ومصر، وتبني أنظمة عربية لحملات تدعو إلى مقاطعة تركيا سياسيا واقتصاديا. وتحدث داود أوغلو عن تحول تركيا من محاولة تصفير المشاكل إلى مواجهة صراعات متزايدة مع دول المنطقة، وعن التأثير الاقتصادي لتلك الصراعات على مستوى معيشة المواطن التركي([121]. وقد يؤدي التوسع في التدخلات الخارجية والإسراع في مشروعات التصنيع العسكري إلى إجهاد الميزانية التركية بما يؤثر على الرخاء الاقتصادي. كما أن دعوات بعض اليمنيين للتدخل التركي هي دعوات غير واقعية وتستند إلى العاطفة أكثر منها إلى المعطيات المنطقية، وقد تؤدي إلى نتائج عسكرية وتوترا في العلاقات بين تركيا من جهة، والسعودية وإيران من جهة أخرى. كل تلك التحديات تؤشر إلى وجود حدود لاستخدام القوة الصلبة بالشكل الذي يؤدي إلى ترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن الدولة وإلى ضرورة الحذر في توسيع نطاق استخدامها.


الهامش

[1] يمني سليمان، “القوة الذكية – المفهوم والأبعاد: دراسة تأصيلية”، المعهد المصري للدراسات، (2016)، https://bit.ly/3q5ehvg

[2] Joseph S. Nye Jr., Soft Power: The Means to Success in World Politics, (New York, Public Affairs, 2005), p. 5

[3] رفيق عبد السلام، الولايات المتحدة الأمريكية بين القوة الصلبة والقوة الناعمة، أوراق الجزيرة 9، ط 1، (قطر، مركز الجزيرة للدراسات، 2008) ص 9.

[4] المرجع السابق، ص 12.

[5] رشا العشري، “القوة الذكية” الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.. هل تغيرت من أوباما إلى ترامب؟”، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، (2020)، https://bit.ly/3b1dDLb

[6] حمزة السلامات، “مصطلح “القوة الذكية” نهج جديد في السياسة الخارجية الأمريكية خلال رئاسة أوباما”، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021)، https://bit.ly/3smLDXI  

[7] عادل علي سليمان موسى العقيبي، مفهوم القوة في العلاقات الدولية 1991-2017 المنظور الأمريكي: دراسة حالة، (دراسة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، 2018)، ص 117 و118.

[8]  جوناثان ماركوس، “زيادة الإنفاق الدفاعي العالمي في عالم غير مستقر”، بي بي سي عربي، 16 فبراير/شباط 2020 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bbc.in/3d8l0Bj

[9] “ميزانيات الدفاع في العالم تشهد أكبر زيادة منذ عشر سنوات”، الجزيرة مباشر، 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 (تاريخ الدخول: 11 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3mK3pTI

[10] Rıfat Öncel، “خمسة أسئلة: اتجاهات الإنفاق العسكري العالمي لعام 2019″، SETA، 10 أغسطس/آب 2020 (تاريخ الدخول: 3 مايو/أيار 2021) https://bit.ly/2RoQP0E  

[11]  ترامب يقر الميزانية الدفاعية بقيمة 738 مليار دولار هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، الأناضول، 21 ديسمبر/كانون الأول 2019 (تاريخ الدخول: 2 مايو/أيار 2021) https://bit.ly/3udDaIg

[12] “بوتين: طورنا أسلحة خارقة للصوت ردا على تصرفات أمريكا”، عربي 21، 18 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 27 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3e8Jp9w

[13] “تعرف إلى الدول الـ 5 الأولى من حيث الإنفاق العسكري في 2019″، يورونيوز، 27 أبريل/نيسان 2020 (تاريخ الدخول: 27 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/32fHtWY

[14] أيمن الأمين، “السعودية الأولى عالمياً.. لماذا يتهافت العرب على شراء السلاح؟”، مصر العربية، 16 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 3 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2RBlKqw

[15] “التوتر في الشرق الأوسط يفتح فصلا جديدا في سباق التسلح”، العرب، 16 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3ab67wo

[16] أحمد حسين وآخرون، القوة الناعمة في المنطقة العربية (السعودية- تركيا- إيران)، (مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 2018)، ص 149 : 183.

[17] علي حسين باكير، “تركيا في ظل التحولات الجيوبوليتيكية في الشرق الأوسط.. أفول القوة الناعمة وصعود القوة الصلبة”، مجلة لباب، (مركز الجزيرة للدراسات، قطر، العدد 0، 2018)، ص 152.

[18] محمود الرنتيسي، “السياسة التركية تجاه أزمة قطر وجيرانها: جمع القوة المتوسطة بين أدوات القوة الصلبة والناعمة”، Ortadoğu Etütleri، (Ortadoğu Araştırmaları Merkezi، تركيا، العدد 12، 2020)، ص 277.

[19] باكير، تركيا في ظل التحولات الجيوبوليتيكية في الشرق الأوسط، ص 155.

[20] Ragip Soylu, “Why Turkey returned to the Caucasus after a hundred years”, Middle East Eye, December 11, 2020, “accessed April 22, 2021”. https://bit.ly/330UZyh 

[21] بيبرس جان، “أردوغان: تركيا في صدارة الدول المصنعة للمسيرات والسفن الحربية”، الأناضول، 23 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 28 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/32jOAOp

[22] “وزير الدفاع التركي: الإنتاج المحلي بالصناعات الدفاعية تجاوز 70 بالمئة”، الراية، 25 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/32ce4Nh

[23] “تحالف واشنطن وأنقرة: إما أزمة متجددة أو شراكة مستديمة”، مركز الجزيرة للدراسات، (قطر، 2021) https://bit.ly/2RkDxlA

[24]أحمد علي أوغلو، “العملية التركية في سوريا: لعبة شطرنج يصاحبها تحول في ميزان القوة”، مركز الجزيرة للدراسات، (قطر، 2019) https://bit.ly/2RfP0D0

[25] Kareem Fahim, “Turkey’s military campaign beyond its borders is powered by homemade armed drones”, The Washington Post, November 30, 2020, “accessed May 3, 2021”. https://wapo.st/3eI16wA

[26] “ليبيا أوبزرفر: البرهان وحميدتي يتنافسان على أموال حفتر الإماراتية”، الخليج الجديد، 6 يوليو/تموز 2020 (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3uTRdSX

[27] محمود رفيدة، “تجمعهما أجندة واحدة.. لهذه الأسباب دشن الأسد جسرا جويا لدعم حفتر”، الجزيرة نت، 2 يوليو/تموز 2020 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2QhJNdv

[28] David Hearst, “EXCLUSIVE: Mohammed bin Zayed pushed Assad to break Idlib ceasefire,” Middle East Eye, April 8, 2020, “accessed March 3, 2021”. https://bit.ly/3wY28NA.

[29] سعيد الحاج، “خيارات تركيا أمام عاصفة حزم محتملة في سوريا”، مركز الجزيرة للدراسات، (قطر، 2015) https://bit.ly/339L3T1

[30] Steve Balestrieri, “Putin is reportedly looking to expand Russia’s presence in Africa with new bases in 6 countries,” Business Insider, August 12, 2020, “accessed March 5, 2021”. https://bit.ly/32ivZ4U

[31] “أذربيجان تستعيد السيطرة على لاتشين ثالث إقليم سلّمته أرمينيا قرب قره باغ”، فرانس 24، 1 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 12 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3g5fxNM

[32] “ماذا يضيف الحضور التركي في قطر للتحشيد العسكري الغربي بالخليج؟”، الخليج أونلاين، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3abp8P4

[33] “المسيّرات والصواريخ والقبة الحديدية أساس التطبيع”، العرب، 17 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 11 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2QsvTFb

[34] منير البويطي، “إسرائيل إيروسبيس وإيدج الإماراتية تتعاونان في تكنولوجيا التصدي للطائرات المسيرة”، رويترز، 11 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 11 أبريل/نيسان 2021) https://reut.rs/2REWO1v

[35] أحمد صبحي، “خبراء: اتفاق الإمارات قد يفتح الطريق أمام مبيعات السلاح الأمريكية للدولة الخليجية”، رويترز، 15 أغسطس/آب 2020 (تاريخ الدخول: 12 أبريل/نيسان 2021) https://reut.rs/3aeRlVg

[36] محمود سمير الرنتيسي، “دلالات توسيع القاعدة العسكرية التركية في قطر”، نون بوست، 24 أغسطس/آب 2019 (تاريخ الدخول: 3 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3dVtScT

[37] سعيد الحاج، “تركيا والمصالحة الخليجية | الموقف والانعكاسات”، الجزيرة نت، 18 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 25 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3sexqfo

[38] “مناطق خفض التصعيد: إستراتيجية روسيا في حسم الصراع السوري عسكرياً”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، (2018)، https://bit.ly/3s5K00l

[39]  “بوتين يؤكد تعرض ميليشيات أسد لخسائر فادحة في إدلب”، أورينت، 5 مارس/ آذار 2020 (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/2Qsx6fH

[40]  “أوغلو: روسيا حذرت النظام بصرامة لانتهاكه هدنة إدلب”، زمان الوصل، 10 مارس/ آذار 2020 (تاريخ الدخول: 11 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/32gs9cE

[41] “سنضرب النظام السوري في أي مكان.. أردوغان يكشف عن إجراءات جديدة في إدلب”، الشرق القطرية، 12 فبراير/شباط 2020 (تاريخ الدخول: 11 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/3wW7gSh

[42]  “ليبيا: حلفاء حفتر يحرضونه على استكمال انقلابه”، العربي الجديد، 8 ديسمبر/كانون الأول 2019 (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/2Q2tS2R

[43]  محمود البدوي، “الجيش الليبي: وقت المحادثات الدبلوماسية انتهى.. وسنتصدى لأي عدوان تركي”، الوطن، 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3uJob8F

[44] محمود سمير الرنتيسي، “ليبيا في سياسة تركيا الخارجية حقائق جديدة في معادلات البر والبحر”، مركز الجزيرة للدراسات، (قطر، 2019) https://bit.ly/3xBLFyS

[45] “بعد تهديد حفتر بـ”الحرب” على القوات التركية في ليبيا.. أكار: إذا فعلها هذه المرة لن يجد مكانا يهرب إليه”، الجزيرة، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 16 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3ae4Nsz

[46] “ليبيا: وفد مصري في طرابلس لاستباق التحريض الإماراتي على الحرب”، مدى مصر، 28 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 17 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3smjgsC

[47]  “رئيس أذربيجان إلهام علييف لفرانس 24: الأرمن ينتهكون يوميا هدنة وقف إطلاق النار وهناك ضحايا مدنيون”، فرانس 24، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 17 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3sksnde

[48] “لوفيغارو: بهذه الوسائل تمكنت أذربيجان من اختراق دفاعات قره باغ”، الجزيرة نت، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 17 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/2Qrgc1i

[49] “رئيس أذربيجان يشيد بدور الطائرات المسيّرة التركية في المعارك مع أرمينيا”، الجزيرة مباشر، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 19 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3aewWzT

[50] “رئيس أذربيجان إلهام علييف لفرانس 24: الأرمن ينتهكون يوميا هدنة وقف إطلاق النار وهناك ضحايا مدنيون”، مرجع سبق ذكره.

[51]  سام أبو المجد، “أسلحة هشة وأجواء مفتوحة.. هل تعمدت روسيا إذلال أرمينيا في قره باغ؟”، صحيفة الاستقلال، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 28 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3u8Yqig

[52] “تركيا تقدم مساعدات عسكرية للجيش الجورجي”، يني شفق، 24 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 2 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3e4I7vT

[53] “وزارة الدفاع التركية تقدم لنظيرتها الجورجية 35 حافلة من طراز ”بي إم جي” بطول 8.5 متر، و12 آلة مصفحة ومعدات أخرى”، تي آر تي عربي، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 2 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3e1K9wU

[54] “أنقرة تدعم جيش ألبانيا ببنادق مشاة تركية الصنع”، ترك برس، 13 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 6 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3uQGoBo

[55]  وسيم سيف الدين، “تركيا تهدي الجيش اللبناني مئات الأطنان من المساعدات الغذائية”، الأناضول، 1 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 13 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3wUgnD1

[56] “الدفاع التركية أنفقت 3 أضعاف الميزانية المخصصة لدعم الحلفاء”، الخليج الجديد”، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 14 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3diLBvP

[57] “نائب أردوغان: قادرون على تلبية الاحتياجات الدفاعية للدول الصديقة”، يني شفق، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. (تاريخ الدخول: 20 فبراير/شباط 2021) https://bit.ly/3uNf4E3

[58] “شنطوب: تركيا في بقعة جغرافية صعبة يفرض عليها أن تكون قوية”، ترك برس، 23 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/3mPhbEk

[59] “يمكن أن تغير الموازين في البحر الأسود.. شراكة استراتيجية متنامية بين تركيا وأوكرانيا في الصناعات العسكرية والدفاعية”، تي أر تي عربي، 23 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/2QlcHJE

[60] “وزيرة باكستانية: طراد “ميلغم” التركي رمز الصداقة بين البلدين”، الأناضول، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/32jtmQk

[61]  بافيل أكسينوف، “أرمينيا وأذربيجان: كيف تغيّر طائرات درون وجه الحرب في ناغورنو كاراباخ؟”، بي بي سي عربي، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2021) https://bbc.in/3gVWkyi

[62]  “أوكرانيا: هناك الكثير لنتعلمه من صناعات تركيا المتطورة”، مجلة M5، 23 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3diZpGv

[63]  “إندونيسيا..رئيس الأركان يشيد بأداء المسيرات التركية”، مجلة M5، 16 فبراير/شباط 2021 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3diWRZd

[64] Jack Detsch, “The U.S. Army Goes to School on Nagorno-Karabakh Conflict,” Foreign Policy, March 30, 2021, “accessed April 3, 2021”.  https://bit.ly/3gc0ZvW

[65] Dan Sabbagh, “UK wants new drones in wake of Azerbaijan military success,” The Guardian, December 29, 2020, “accessed January 3, 2021”.  https://bit.ly/2RBiF9X

[66]  “رئيس أذربيجان: سننشئ جيشنا على النمط التركي.. وأنقرة ستمدنا بأحدث الأسلحة”، الخليج الجديد، 27 فبراير/ شباط 2021 (تاريخ الدخول: 12 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3mR5Hk2

[67] عامر عبد المنعم، “رسائل الانتصار الأذربيجاني والسلاح التركي المتفوق”، المعهد المصري للدراسات، (2020)، https://bit.ly/3togZyG

[68] أحمد زكريا، “صربيا تشيد بالطائرات المسيرة التركية وتبدي رغبتها بشرائها”، وكالة أنباء تركيا، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3aY7UFt

[69] “مع تحسن العلاقات.. السعودية تبدأ تصنيع طائرة مسيرة تركية محليا”، الخليج الجديد، 13 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 29 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/3aeRuIy

[70] عبد المنعم، مرجع سبق ذكره.

[71]  إسماعيل جمال، “نقاش عميق في أوروبا حول تفوق المسيرات التركية.. هل تشتريها دول في الاتحاد؟”، القدس العربي، 21 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول: 29 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/3to3sab

[72]  “إشادة بدورها في انتصار أذربيجان.. الطائرة المسيّرة بيرقدار تحقق رقماً قياسياً في تاريخ الطيران التركي (فيديو)”، الجزيرة مباشر، 22 فبراير/شباط 2021 (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2021) https://bit.ly/32grkRe

[73] مثال لتغريدة. https://bit.ly/3g9R4qD

[74]  “بالفيديو.. صاحب السمو: قطر لا تنسى وقوف الرئيس أردوغان وتركيا إلى جانبها خلال الحصار”، الشرق القطرية، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3wWVEOP

[75]  “رجل أعمال قطري: تركيا ساهمت كثيرا في تخفيف أعباء الحصار المفروض على قطر”، ترك برس، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3mOyGVl

[76] “قطريون يشكرون أردوغان بجدارية ضخمة”، يني شفق، 29 يوليو/تموز 2017 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3mVvQy8

[77] “حملة الـ10 ملايين مسلم لدعم اقتصاد تركيا”، الخليج الجديد، 22 سبتمبر/أيلول 2018 (تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3wYPY6Q

[78]  مثال لتغريدة. https://bit.ly/32fez9t

[79] “تفاعل واسع بتويتر مع “الحملة الشعبية لدعم تركيا”، عربي 21، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 2 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/3sj9xn8

[80] “مغردون عرب يشيدون بدعم قطر لتركيا”، الجزيرة نت، 15 أغسطس/آب 2018 (تاريخ الدخول: 2 يناير/كانون الثاني 2021) https://bit.ly/3e2pfO7

[81]  “رسالة رئيس المجلس لرئيس المجلس الوطني بجمهورية أذربيجان”، المجلس الأعلى للدولة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 20 ديسمبر/كانون الأول 2020) https://bit.ly/32d1s8V

[82]  مثال لتغريدة. https://bit.ly/3e7jb7d

[83]  مثال لتغريدة بعد إعلان انتصار أذربيجان على أرمينيا. https://bit.ly/32cXoFy

[84] مثال لتغريدة. https://bit.ly/3mPkDz1

[85] أحمد علي أوغلو، “العملية التركية في سوريا: لعبة شطرنج يصاحبها تحول في ميزان القوة”، مركز الجزيرة للدراسات، مرجع سبق ذكره.

[86]  أحمد زكريا، “علييف: المقاتلات التركية ستظهر نفسها في حال تعرضنا لعدوان خارجي”، وكالة أنباء تركيا، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 8 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3dhFYOd

[87] Ragip Soylu, “Why Turkey returned to the Caucasus after a hundred years”, Middle East Eye, op cit.

[88] “سوريا.. مدرعات الجيش التركي تنقل طلاب مدينة رأس العين إلى مدارسهم (فيديو)”، الجزيرة مباشر، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3tlkrKm

[89] “شاهد.. مدرعة الجيش التركي تُسعف مصاباً بالسرطان في رأس العين وتنقله إلى تركيا”، ترك برس، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2OOeYN0

[90]  “دعماً لـ”درع الربيع”.. مظاهرة في أعزاز السورية”، الأناضول، 1 مارس/آذار 2020 (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3tkQ9Y9

[91] “مظاهرات في ريفي إدلب وحلب تطالب بمحاكمة الأسد”، تلفزيون سوريا، 18 سبتمبر/ أيلول 2020 (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/32d10aJ

[92] معن الخضر، “بالمفاوضات أو بغيرها سنعود.. أهالي تل رفعت بحلب”، الجزيرة نت، 6 أبريل/نيسان 2018 (تاريخ الدخول: 20 ديسمبر/كانون الأول 2020) https://bit.ly/3acgDDo

[93] Carlotta Gall, “In Turkey’s Safe Zone in Syria, Security and Misery Go Hand in Hand,” New York Times, February 16, 2021, “accessed February 22, 2021”. https://nyti.ms/3wTUmnL

[94] “نبع السلام.. إعادة رسم لخرائط الصراع السورية بأياد تركية”، الجزيرة مباشر، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019 (تاريخ الدخول: 2 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/32hyLaE

[95] رابط وسم (اليمن تناشد بتدخل تركيا). https://bit.ly/3abVCZO 

[96]  عوض كشميم، “تركيا المرشح الوحيد لقلب المعادلة في اليمن!!”، صحيفة أخبار اليوم، 10 يونيو/حزيران 2020 (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2021) https://bit.ly/3eNE8o3

[97] جمانة حمدي، “ناشطون يقارنون بين تحالف السعودية باليمن وتركيا في ليبيا”، عربي 21، 20 مايو/أيار 2020 (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2Q7BFwd

[98] سامر إلياس، “شرق أوكرانيا… ساحة إضافية لتوتير العلاقات الروسية ــ التركية”، العربي الجديد، 13 مارس/آذار 2020 (تاريخ الدخول: 13 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2S6Sgkr

[99]  سعيد الحاج، “أزمة أوكرانيا تُوتر العلاقات بين تركيا وروسيا”، الجزيرة نت، 24 أبريل/نيسان 2021 (تاريخ الدخول: 30 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3gVNj8u

[100]  زاهر البيك، “مهمة التوازن الصعب في أزمة روسيا وأوكرانيا.. كيف توظف تركيا بيرقدار لصالحها؟”، الجزيرة نت، 14 أبريل/نيسان 2021 (تاريخ الدخول: 1 مايو/أيار 2021) https://bit.ly/3nA47TM

[101] “المؤشر العربي 2019/ 2020 في نقاط”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، (2020)، ص 49. https://bit.ly/3gcZzBc

[102] أمثلة لبعض التغريدات. https://bit.ly/3smoEMm، https://bit.ly/2RsCHmQ

[103] “لوفيغارو: بهذه الوسائل تمكنت أذربيجان من اختراق دفاعات قره باغ”، مرجع سبق ذكره.

[104] “أرمينيا تخرق الاتفاق وتحمّل روسيا مسؤولية فشلها في نزاع كاراباخ”، الجزيرة مباشر، 12 ديسمبر/كانون الأول 2020. (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3djWXzO

[105] “جنرال أرميني ينتقد روسيا ويكشف سبب عدم استخدام طائرات سوخوي ضد أذربيجان”، الجزيرة مباشر، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3mPrMiY

[106] رامي القليوبي، “كيف أشعلت صواريخ “إسكندر” الروسية أزمة سياسية في أرمينيا؟”، العربي الجديد، 26 فبراير/شباط 2021 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/32bWER8

[107] سام أبو المجد، “أسلحة هشة وأجواء مفتوحة.. هل تعمدت روسيا إذلال أرمينيا في قره باغ؟”، صحيفة الاستقلال، مرجع سبق ذكره.

[108]  محمود العدم، “القصة الكاملة لأزمة أرمينيا.. صواريخ إسكندر الروسية تفجر المعارضة في وجه باشينيان”، الجزيرة نت، 1 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 30 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3vxh8Au

[109]  “تبيعه لطرفي النزاع.. ما مصير الأسلحة الروسية بعد معارك قره باغ؟”، الحرة، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020 (تاريخ الدخول: 4 أبريل/نيسان 2021) https://arbne.ws/3djcakA

[110] Henry Meyer and others, “Can Erdogan Reconcile With the West? Putin’s Betting Against It,” December 12, 2020, “accessed April 4, 2021”. https://bloom.bg/32d09qf

[111] مارك ضو، “سوريا وليبيا والعراق.. تركيا وجيشها على جميع الجبهات”، فرانس 24، 19 يونيو/حزيران 2020 (تاريخ الدخول: 29 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2PHfMDY

[112] “تقرير: قادة أوربا عاجزون أمام أردوغان”، الجزيرة مباشر، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3xBPBzE

[113] وحدة الدراسات السياسية، “تصاعد الدور التركي في ليبيا: الأسباب والخلفيات وردات الفعل”، دراسات سياسية (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، 2020) https://bit.ly/3eIcE32

[114]  مثال لتغريدة تقارن بين الأوضاع في مدينة تل أبيض تحت السيطرة الكردية وبين وضعها بعد سيطرة تركيا عليها. https://bit.ly/3mKT3my

[115]  مثال لتغريدة نشرت تلك الصور. https://bit.ly/2OPOLOf

[116] “حرب ناغورنو قرة باغ: موازين قوى جديدة في جنوب القوقاز”، مركز الجزيرة للدراسات، (قطر، 2020)، https://bit.ly/3ga1zdk

[117]  زاهر البيك، “بعد اعتقال 6 جواسيس بينهم مدير مشروع.. شركات وأجهزة مخابرات تطارد الصناعات الدفاعية التركية”، الجزيرة نت، 14 يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ الدخول:40 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/2R9fiH0

[118] محمود سمير الرنتيسي “ليبيا في سياسة تركيا الخارجية حقائق جديدة في معادلات البر والبحر”، مركز الجزيرة للدراسات، مرجع سبق ذكره.

[119]  ضياء عودة، “بعد العقوبات الأميركية.. رصد للأضرار على الصناعة العسكرية التركية”، الحرة، 17 ديسمبر/كانون الأول 2020 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://arbne.ws/3gaJ4pp

[120]  شونم عبد الله خوشناو، “بعد العامري.. العصائب تحذر من “مغامرة تركية غير محسوبة” لمهاجمة سنجار وتؤكد استعدادها للرد”، رووداو، 14 فبراير/ شباط 2021 (تاريخ الدخول: 9 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3uRk9Lz

[121]  “داود أوغلو: تركيا باتت معزولة بسبب سياسات إردوغان الخارجية”، الشرق الأوسط، 9 مارس/آذار 2021 (تاريخ الدخول: 11 أبريل/نيسان 2021) https://bit.ly/3sdISYI

Exit mobile version