fbpx
تقديراتعسكري

تصفية قيادات الجيش: الخلفيات والدوافع

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

مقدمة:

وقف الشيخ “الحبيب بن علي الجفري” أمام السيسي وقيادات القوات المسلحة المصرية وقال “عقيدة الجيش المصري هي الولاء، فأنتم في مصر قد لا تدركون قيمة أن تعيشوا في كنف دولة قائمة وجيش ولائه واحد، أخوكم من بلاد لم تعد فيها دولة، حيث أعيش في دولة دمرت بمشاركة من جيشها الذي انقسم على نفسه”. وهنا جاء رد السيسي تعقيبا على كلام “الجفري” بقوله “داخل الجيش لا يمكن أن نسمح أن يبقى في حد له توجه، واللي هيبان عليه توجه هنمشية”. ظهر هذا المشهد في 09 فبراير 2017، أثناء حضور السيسي للندوة التثقفية الرابعة والعشرين.

بعد مصرع اللواء أركان حرب محمد لطفي يوسف قائد المنطقة الشمالية في 28 يونيو 2017م، أثر حادث انقلاب سيارته بالكيلو 135 اتجاه الإسكندرية بالطريق الصحراوى، وتعيين اللواء أركان حرب علي عادل عشماوي بدلا منه، والذي كان يشغل منصب رئيس أركان المنطقة الشمالية، قام السيسي ورافقه كلا من وزير الدفاع صدقي صبحي ورئيس الأركان محمود حجازي وقادة الأفرع الرئيسية وقيادات المناطق والجيوش ورؤساء الهئيئات العسكرية بتقدم الجنازة العسكرية التى أقيمت للواء “يوسف”.

تولي اللواء أركان حرب محمد لطفي يوسف، قيادة المنطقة الشمالية العسكرية في ديسمبر 2016م، بعد الإطاحة باللواء محمد سليمان الزملوط، في نفس توقيت الإطاحات التي قام بها السيسي في تلك الفترة ب 10 قيادات من داخل المجلس العسكري.

ولم تكن حادثة مصرع اللواء محمد لطفي يوسف هي الحادثة الأولي من نوعها بل هي رابع حادثة من نفس النوع منذ انقلاب السيسي في 03 يوليو 2013م، وجاءت الحوادث علي النحو التالي:

1- رئيس أركان قوات الدفاع الجوي الأسبق اللوء أبو المجد هارون:

في 31 يوليو 2015 أصيب رئيس أركان قوات الدفاع الجوي بالقوات المسلحة، اللواء أبو المجد هارون، في حادث سير على طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي. وقالت مصادر أمنية وقتها إن الحادث وقع مساء إثر انفجار إطار السيارة، ولم يتمكن السائق من التحكم في عجلة القيادة، مشيرا إلى نقله إلى المركز الطبي العالمي اليوم الجمعة لاستكمال العلاج. وخرج اللواء هارون من الخدمة العسكرية علي أثر تلك الإصابة، وعُين بدلاً منه اللواء علي فهمي الذي أصبح قائداً لقوات الدفاع الجوي بعدما أطاح السيسي بالفريق التراس من قيادة قوات الدفاع الجوي.1

2-العميد أركان حرب عاصم صبري:

2015 لقي العميد أركان حرب عاصم صبري محمد عبد اللطيف أحد أبرز قيادات المنطقة العسكرية الجنوبية بأسيوط، مصرعه، في حادث مروري بمركز البلينا بمحافظة سوهاج، وهو في طريقه للعودة إلى منزله بقرية أصفون المطاعنة بإسنا جنوب الأقصر.

وكان “حرب عاصم” في طريقه إلى قريته من أجل تهنئة ابن عمه المرشح البرلماني “وائل زكريا الأمير” الذي أظهرت المؤشرات الأولية في تلك الفترة خوضه جولة الإعادة في الانتخابات البرلمانية بدائرة إسنا. وكان شقيقه الدكتور إبراهيم صبري يخوض الانتخابات البرلمانية السابقة ولكن لم ينجح في الانتخابات2.

3- مصرع عائلة قائد المنطقة الشمالية السابق:

في 15 فبراير 2016 انقلبت سيارة قائد المنطقة الشمالية الأسبق محمد سليمان الزملوط علي طريق مصر الإسماعلية الصحراوي ولم يكن اللواء الزملوط فى السيارة عند وقوع الحادث بل كانت زوجته وابنته وأحفادة، ونتج عن هذا الحادث مقتل زوجة اللواء “الزملوط” وأصيبت ابنته وأحفاده بأصابات خطيرة3.

 

التفسيرات والاحتمالات:

التفسير الأول: ويقوم على أن السيسي عمل منذ انقلابه العسكري في 3 يوليو 2013م، على الإطاحة بكل من يشك في ولائه داخل المؤسسة العسكرية كنوع من فرض وحكم سيطرته على المؤسسة العسكرية، فيما وصف البعض الآخر المشهد داخل المجلس العسكري المصري بأنه “منقسم” الي وجهتين نظر، ومما يؤكد ذلك المعني كلام السيسي في الندوة التثقفية الرابعة والعشرون والتي أقيمت يوم الخميس الموافق 09 فبراير 2017م، والذي قاله فيها: “اللي داخل الجيش والشرطة إما يكون مع بلده بس إما بلاش. وداخل الجيش لا يمكن أن نسمح أن يبقى في حد له توجه، واللي هيبان عليه توجه هنمشيه”4.

وقبل إقالة السيسي لكل من الفريق عبدالمنعم التراس والفريق أسامة منير ربيع في منتصف ديسمبر 2016م، تلك الفترة التي أقاّل فيها السيسي أكثر من 10 شخصيات من داخل المجلس العسكري، انتشرت تقارير تشير إلى وجود صراعات داخل المجلس العسكري بسبب سياسة السيسي في حكم مصر، وأشارت إلي وجود وجهتين نظر داخل المؤسسة العسكرية، الأولى: ترى أن ما يفعله السيسي سيعود بالخطر علي الجيش ككل وتحاول أن تقنع السيسي بأنه لا يترشح لفترة ثانية للحكم، والثانية ترى أن نظام السيسي يعاني من انقسام داخلي، وأن فعالية الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة لمنع المتظاهرين من النزول إلى الشوارع في 11 نوفمبر 2016م، لا تلغي حقيقة أن الخوف على النظام لا يأتي من المتظاهرين، ولكن الخوف نابع من النظام ذاته بمعني استغلال أي تظاهرات تحدث في الميادين المصرية من قبل مجموعة من داخل الجيش المصري5.

من هنا يعمل السيسي علي كبح جماح تلك المجموعة التي ربما لقيت آذاناً تسمع لها داخل الجيش المصري، ومحاولة إبعادها والإطاحة بها وهو ربما ما قام به بالفعل، وأيضا يعمل علي تخويف وترهيب الآخرين الذين يفكرون بنفس تفكير المطاح بهم، مما يشير إلى أن هناك قيادات أخري داخل المؤسسة سيتم الإطاحة بهم وربما نري ذلك في الأيام المقبلة بأي طريقة كانت.

التفسير الثاني: ويقوم على أن السيسي يعمل على تصعيد الشخصيات الضعيفة داخل المؤسسة العسكرية نوعا ما كي يستطيع التحكم فيها وإخضاعها وكي لا تكون عندها تطلعات سياسية، وذلك تماشيا مع مصالح السيسي الشخصية ورغبته في إحكام هيمنته على المؤسسة العسكرية.

التفسير الثالث: يقوم على أن التغيرات في المجلس العسكري نتيجة لضغوط و طلبات دولية وإقليمية وازنة في الشأن المصري كالولايات المتحدة والإمارات.

التفسير رابع: ويقوم على أن ما يجرى داخل المجلس العسكري هو أمر روتيني لا أكثر، في إطار رفع كفاءة القوات والقيادات، وضخ دماء جديدة في المؤسسة.

التفسير الخامس: أن التهديدات التى تمس الأمن القومي المصري في قضايا مهمه كأحداث سيناء وتفجيرات الكنائيس قد تكون هي الدافع للتغيرات المتسارعة في المجلس العسكري وفقا لتقييمات متبعة داخل المجلس.

خاتمة:

مع تعدد التفسيرات يبقى التفسيران الأول والثاني هما الأكثر ترجيحاً، يرتبط ذلك بالأوزان النسبية للشخصيات التي تم التخلص منها، من ناحية، ودلالات التوقيت من ناحية ثانية، والتطلعات الشخصية للسيسي من ناحية ثالثة (6).

———————————-

الهامش

(1) إصابة رئيس أركان قوات الدفاع الجوي على طريق الإسماعيلية/ دوت مصر 31 يوليو 2015، تاريخ الدخول 13 يوليو 2017، الرابط

(2) مصرع قائد المنطقة الجنوبية العسكرية في حادث مروري بسوهاج/ مصر العربية 21 أكتوبر 2015، تاريخ الدخول 04 يوليو 2017، الرابط

(3) مصرع زوجة قائد المنطقة الشمالية العسكرية وإصابة ابنته وأحفاده/ الوفد 15 فبراير 2016، تاريخ الدخول 04 يوليو 2017، الرابط

(4) ندوات العسكر: رسائل السيسي للجيش والشعب/ المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية تقدير استراتيجي للباحث محمود جمال،تاريخ النشر 23 فبراير 2017، تاريخ الدخول 19 يوليو 2017، الرابط

(5) فورين بوليسي: الخطر الأكبر على السيسي من الدولة العميقة، عربي21، تاريخ النشر 27 يناير 2016، تاريخ الدخول 19 يوليو 2017، الرابط

(6) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close