fbpx
أسيا وافريقياالمشهد التركي

تطورات المشهد التركي 2 مايو 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

(1) يستعرض هذا التقرير تطورات المشهد التركي في الفترة من 25 أبريل وحتى الأول من مايو 2016، والتي جاءت أحداثها كالتالي:

أولاً: حدث الأسبوع: تركيا والإمارات:

تستحق أن تكون زيارة وزير الخارجية التركي إلى الإمارات (ترك برس) هي حدث الأسبوع، وذلك لهذا التحول في العلاقات ما بين البلدين بعد سنوات من الجفاء، وتحديدًا بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013 في مصر، وتباين رؤى الدولتين فيما يتعلق بما حدث في القاهرة في ذلك التاريخ وما تلاه من أحداث، حتى جاءت زيارة وزير الخارجية التركي إلى الإمارات، لتبدأ حقبة جديدة بين البلدين.

ويشير السياق العام للزيارة أن هناك تسلسلاً من الأحداث في تلك العلاقة بدأت بزيارة وزير الدفاع السعودي وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات، بصحبة وزير الداخلية وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وذلك قبيل انعقاد قمة التعاون الإسلامي في إسطنبول؛ والتي يبدو أنها جاءت للتمهيد لزيارة وفد إماراتي رفيع المستوى إلى القمة، بدلا من التمثيل في حده الأدنى، والتي مثل الإمارات فيها حاكم أم قوين ووزير الخارجية وعدد من كبار المسئولين (الرؤية).

ويأتي ذلك تماشيًا أيضًا مع تصريحات وزير الخارجية القطري الأسبق محمد بن جاسم للفايننشال تايمز، والتي صرح فيها أن السعودية لم ترد القيادة في الحروب الخارجية في الربيع العربي وأخذت قطر الضوء الأخضر بالقيادة (فايننشال تايمز).

وهو ما يبدو أن السعودية استعادته الآن في حقبة الملك سلمان وأخذت زمام المبادرة، ومن ثم بدأت تشكل منظومة الأمن الخليجية والتي بدأت تتبعها كل دول مجلس التعاون الخليجي، سواء فيما يتعلق بحرب اليمن أو الجبهة الشمالية في العراق وسوريا ورعد الشمال، وكذلك إعادة ضبط منظومة الأمن الخليجي لإدماج تركيا فيها لتصبح ركنًا ركينًا لمواجهة إيران، وتصاعدت معدلات التعاون بين السعودية وتركيا منذ ذلك الحين بمعدل متسارع (الأناضول).

ويأتي ذلك تزامنًا أيضًا مع زيارة الملك سلمان لمصر قبيل القمة، وهو ما يبدو أنها لم تسفر في إقناع النظام المصري بتمثيل أقوى في القمة واستعادة العلاقات مع تركيا، لتحقيق رؤية السعودية في تحقيق أمن الإقليم، فلم تسفر الزيارة سوى عن مساعدات سعودية وأخرى إماراتية وودائع لدعم الاقتصاد المصري، فيما رسخ الرؤية العامة أن مصر أصبحت عبئًا اقتصاديًا وتراجع نفعها كقوة عسكرية إقليمية، وذلك للتباين أيضًا في التوجهات والرؤى لعلاج مشكلات الإقليم وعلى رأسها تنحي بشار الأسد، وهو ما يعني مزيدًا من العزلة للنظام المصري، وهو ما أكدته تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مستهل زيارته للإمارات تحديدًا (سكاي نيوز).

والتي قال فيها أن “مصر اليوم ليست قوية وليست مفيدة لأحد، فهي هشة جدا ومن الممكن أن تنهار في غياب الدعم الإقليمي لها من دول أخرى” (أصوات مصرية)، ومن الناحية الدبلوماسية، لم يكن لوزير الخارجية التركي أن يطلق تصريحًا مثل ذلك على هامش زيارته للإمارات إلا لو كان السياق العام يحتمل هذه التصريحات، لذا طرح البعض احتمالية أيضًا أنه كان هناك اتفاقًا ثلاثيًا بين كل من السعودية والإمارات وتركيا على هذا الكلام، والذي أضاف عليه قوله أنه “يوجد اعتقاد خاطئ بأن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يدعم جماعة الإخوان المسلمين لاشتراكهما في “نفس القيم الأيديولوجية” (أصوات مصرية).

وما صاحبه من تصريحات الدكتور عمر الفاروق قرقماز مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن هناك بعض الأطراف الصغيرة من المتواجدين فى تركيا يطلقون شعارات أكبر من تركيا، وأن “هذا المشروع الذى نادت به هذه المجموعة فشل وأفشل المشروع الديمقراطي فى بلدهم، ولا أريدهم أن يفشلوا المشروع الديمقراطي فى تركيا” وهي رسالة أراد أن يوصلها عبر قناة “الحوار” (الشروق)؛ وهو ما يبدو أنه يعكس تلك التوليفة التي سمحت باستعادة العلاقات التركية الخليجية: أمن  تركيا من أمن الخليج، وأن النظام التركي لا يدعم الإخوان المسلمين فقط ولكن أي نظام منتخب، انطلاقًا من رفض تركيا للانقلابات العسكرية كمبدأ أخلاقي وسياسي.

ومنطقة الخليج تحديدًا تمر بتحول تاريخي يتعلق بنضوب النفط، وكلا من الإمارات والسعودية أطلقتا برنامجا للاستعداد لما بعد حقبة النفط؛ فالإمارات أطلقت مشروعها الاستراتيجي للاعتماد على العلم والشراكات الدولية بميزانية تبلغ 300 مليار درهم (الحياة)، والسعودية استعدت كذلك بمشروع 2030 الذي أعلنه الأمير محمد بن سلمان (أرابيان بيزنس).

وما يستدعيه بالضرورة من انحسار الاهتمام الغربي بالمنطقة وأمنها وخاصة من الولايات المتحدة، لذلك فإن تركيا تبدو أنها حليفًا موثوقًا لأنها دولة إسلامية سنية صاعدة اقتصاديًا – والأهم – عسكريًا؛ حيث أعلن أردوغان أن تركيا تستورد 40% فقط من معداتها العسكرية، وباتت تقلص اعتمادها على الخارج فيما يتعلق بالصناعات الدفاعية، وتخطط أنقرة لتصنيع بارجة حربية خلال 4 سنوات (الأناضول)، وتصنيع المروحية بلاك هوك محليًا (يني شفق).

وهو ما دفع دول الخليج على قبول أول قاعدة عسكرية تركية في قطر افتتحها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وخاطب قواته قائلاً: “استطيع أن أقول لكم الآن إن أمن واستقرار قطر مثل أمن واستقرار تركيا، نريد منطقة خليج مستقرة وآمنة، تركيا وقطر مصير واحد… وتواجهان نفس التهديدات” (رويترز)، كما صرح في الزيارة ذاتها لفضائية الجزيرة أن بلاده قد تضطر للتدخل عسكريًا في سوريا (الجزيرة.نت)، وهو ما يتماشى مع توجهات السعودية الجديدة (المبادِرة) فيما بات يسمى بـ “مبدأ سلمان” (الحياة).

وقد بات من الواضح أن الخليج الآن بات يذعن للرؤية السعودية التي أصبحت تقود الآن بعدما تسلمت زمام المبادرة من كل من قطر والإمارات بعد تدخلهما غير المنسق في مناطق النزاعات في الربيع العربي، والذي أحدث تضاربًا كما صرح حمد بن جاسم (فايننشال)، بالرغم من أن الرؤية الإماراتية ترفض توجه الإسلام السياسي باعتباره تهديدًا وجوديًا على نظام الحكم في الإمارات، وهو ما دعاها إلى التدخل في عدة مناطق من الربيع العربي بل وسحبت سفيرها من تركيا تضامنًا مع نظام ما بعد الثالث من يوليو في مصر، ولكن الإمارات لا يمكن أن تتحمل خلافًا مع السعودية، لذلك فإن كلمة السر في مختلف التحالفات الإقليمية التي في طور التشكل الآن هي “محمد بن سلمان”.

ثانياً: تطورات السياسة الخارجية التركية:

  1. أوغلو: أنقرة قد تضطر إلى دخول سوريا (الجزيرة.نت).
  2. وزير الخارجية يعتبر زيارته إلى أبو ظبي “نقطة تحول” للعلاقات بين تركيا والإمارات (ترك برس).
  3. تركيا. منافس صاعد في سوق الطائرات من دون طيار (القبس).
  4. داود أوغلو: ليعلم من أمطروا حلب بالقنابل أنها ستتحرر (تي آر تي).
  5. أردوغان ينتقد واشنطن لازدواجية معاييرها بخصوص الإرهاب (الأناضول).
  6. بايدن يبحث مع بارزاني الحرب ضد “داعش” (الأناضول).
  7. أنقرة تعلن نشر جنود في قاعدتها العسكرية بقطر (سكاي نيوز).
  8. خطة تركية لدعم المعارضة السورية من الخلف والجو لدحر «داعش» (القبس).
  9. روسيا تحظر مجلس تتار القرم والاتحاد الأوروبي يعتبره “اعتداءً خطيراً” (الأناضول).

تدخل تركيا في مراحل أكثر تقدمًا من استخدام قوتها الصلبة في الصراعات وذلك تزامنًا مع تصاعد التهديدات في المناطق المجاورة لها، وفي هذا السياق صرح رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أنه “إذا تطلب الأمن التركي منفذا فبالطبع سنتخذ كل الإجراءات داخل تركيا أو داخل سوريا”، موضحا “سنتخذ كل الإجراءات لرد هجمات المجموعات الإرهابية التي تستهدفنا في تركيا أو داخل سوريا” (الجزيرة.نت)، وذلك تزامنًا مع القصف السوري بمعاونة الطيران الروسي على حلب في شمال سوريا ليصرح أوغلو مجددًا: “ليعلم من أمطروا حلب بالقنابل أنها ستتحرر” (تي آر تي)، فيما صرحت مصادر عسكرية تركيّة إنّ القوات المسلّحة المتمركزة في مدينة كيليس المحاذية للحدود السورية على أهبة الاستعداد للقيام بعملية عسكرية خارج الحدود التركية اذا صدرت لها التعليمات المتعلقة بهذا الأمر (القبس).

وكان وزير الخارجية التركيّة قد كشف مؤخراً عن التوصّل إلى اتفاق مع الجانب الأميركي حول خطّة عسكرية مشتركة تتضمن نشر بطاريات صواريخ على طول الشريط الحدودي، وفي المناطق الساخنة مع الجبهة السورية، وتكثيف الحملات الجويّة واستقدام المزيد من الدعم لفصائل المعارضة المسلّحة، كما طالب الجانب التركي في إطار هذه الخطة باستقدام طائرات أميركية مقاتلة من دون طيار مزودة بصواريخ «هيل فاير» للتمركز في قاعدة أنجرليك الجويّة، على أن يتم البدء في تنفيذ هذه الخطوات مع بداية الشهر القادم، حيث سيتم نشر نظام الصواريخ المتنقل «هاي مارس» بمدى 90 كلم والمزيد من الدعم للمعارضة السورية أرضاً وجوّاً.

ثالثاً: تطورات السياسة الداخلية التركية:

  1. رئيس البرلمان التركي: ينبغي اعتماد دستور إسلامي (بي بي سي).
  2. أردوغان: أرفض العقلية التي ترى أن التاريخ التركي يبدأ من 1919 (تي آر تي).
  3. أردوغان ينتقد تشرذم الأمة ويدعو إلى إنشاء إنشاء جامعة الدول الإسلامية (مدونة أردوغان).
  4. داوود أوغلو: الدستور الجديد يحافظ على مبادئ العلمانية (بي بي سي).

أحدثت تصريحات رئيس البرلمان التركي بشأن العلمانية في الدستور التركي جدلاً واسعًا في البلاد يتعلق بهوية الدولة، وهي القضية المحورية غير المحسومة في تركيا منذ إسقاط الخلافة العثمانية، وفرض أتاتورك العلمانية على المجتمع التركي وصعود التيار القومي الذي سعى إلى تتريك كل شيء في البلاد وعلو القومية التركية على غيرها من القوميات داخل الدولة التركية، بما في ذلك العرب والأكراد وغيرهم ممن قبل العيش داخل الدولة الوطنية التركية الحديثة.

فقد صرح رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان “إنه ينبغي لتركيا ان تعتمد دستورا إسلاميا” وذلك في مؤتمر عقد في إسطنبول، مضيفًا: “كبلد إسلامي، لماذا نقبل بوضع نتراجع فيه عن الدين؟ نحن بلد مسلم ولذا ينبغي ان يكون لدينا دستور ديني”، وأضاف: “لا مكان للعلمانية في هذا الدستور”، وهو ما حدا بكل من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بالرد عليه بأن الدستور الجديد سيحافظ على مبادئ العلمانية، ورد الرئيس التركي كذلك بقوله إن “العلمانية أن تكون الدولة على مسافة متساوية من كافة الطوائف الدينية بشأن ممارسة شعائرها” (ديلي صباح).

وهو ما يبدو كان يهدف إلى تخفيف لهجة رئيس البرلمان، والذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، والذي لا يستبعد معه أيضًا أن تكون تلك التصريحات لفتح الباب أمام مزيد من الانتقال إلى العلمانية غير المعادية للدين في المجتمع التركي، وهو التحول الذي أنجزه حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 2002، بتخفيف القيود على الحجاب في المؤسسات الحكومية وعلى المدارس الدينية وفي إعادة قبول الدين مرة ثانية كأحد أهم مكونات المجال العام في تركيا.

ويؤكد الرئيس التركي في معظم خطاباته على الهوية الإسلامية للشعب التركي، وكان آخرها مطالبته بإنشاء جامعة إسلامية بدلاً من الجامعة العربية، منتقدًا تشرذم الأمة الإسلامية، حيث قال: “دائما نتحدث كأتراك وعرب، أنا أشعر بالحزن الشديد لذلك، هناك الجامعة العربية. هل ننشئ بدورنا الجامعة التركية؟!! فهناك منظمة التعاون الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى الجامعة العربية” وتساءل أردوغان مستنكراً: “لماذا نقول الجامعة العربية ولا نقول الجامعة الإسلامية؟!”، مشدداً بالقول “لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، إلا بالتقوى”، وانتقد الرئيس أردوغان، حالة التشرذم والنزعات المذهبية والعنصرية التي يشهدها العالم الإسلامي، داعياً إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات، وقال أن “المعيار والمقياس هو التقوى، للأسف فقدنا هذه المعايير، ونواجه اليوم مشكلة كبيرة، يجب أن نرسخ هذه المعايير من جديد، لنرجع للأصل، وإن لم نفعل ذلك فإننا سنظل نهدر الوقت فحسب”.

رابعاً: العلاقات التركية المصرية

كانت زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى دولة الإمارات وانتقاده لمصر في مستهل زيارته إليها نقطة فاصلة جديدة في تراجع النفوذ الإقليمي المصري نتيجة أزمته الاقتصادية التي جعلته عبئًا على دول الجوار وليس دولة قوية تفرض كلمتها انطلاقًا من ثقلها الديموجرافي والعسكري وموقعها الاستراتيجي. فتصريحات وزير الخارجية التركي تفيد بوجود حوارات ثلاثية بين تركيا والسعودية والإمارات بشأن الوضع المصري وتفاهمات بشأن التعامل معه، وهو ما يفيد بحالة توافق جديدة تركية خليجية لا تصب بالضرورة في صالح النظام المصري الحالي الذي يتعرض لأكبر عزلة له منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، وتهميش وجوده في منظمة التعاون الإسلامي إلى نطاق إلقاء بيان النظام المصري ثم مغادرة وزير الخارجية لفاعليات المؤتمر، والذي كان بدوره حاسمًا في بلورة رؤية جديدة للعالم الإسلامي لاحتواء إيران وعزلتها نتيجة تحركاتها في المنطقة العربية، وهو ما عكس أيضًا النفوذ السعودي والتوافق في الرؤى مع الدولة التركية، فيما تبدو الدولة المصرية في ظل النظام الحالي كعبء متزايد يسحب الأموال الخليجية التي أصبحت مهددة بالنضوب مع النفط فيما لا يظهر أي تحسن على حالة النظام المصري الذي ينتقل من سيء إلى أسوأ.

كما أن تصريحات أحمد شفيق عن جزيرتي تيران وصنافير يبدو أنها استشعرت هذا التململ الإماراتي من النظام المصري الحالي، فلا يمكن لشفيق أن يصدر تصريحاته وتساؤلاته للنظام المصري إلا إذا كان قد استشعر تحولاً في الرؤية الإماراتية للنظام الحالي وتصاعد الانتقادات الداخلية من الأسرة الحاكمة هناك لطريقة إدارة البلاد، بالرغم من تراجع شفيق عن هذه التصريحات بعد ذلك فيما يبدو أنه غضب سعودي استجاب له الجميع.

فما يبدو على مدار الأشهر القليلة الماضية أن النفوذ التركي يتزايد ويعضد علاقاته مع دول الخليج، وباتت هناك دائرة جديدة تتشكل في العلاقات الإقليمية تبدأ من الخليج وتنتهي في تركيا تحاول أن تضغط بين طياتها الأزمات في العراق وسوريا لمقاومة النفوذ الإيراني والدور الروسي، كفكي كماشة يضغطان من الشمال والجنوب على ذلك الجيب الإيراني المتزايد في المشرق العربي.

فيما تنكفئ مصر على ذاتها خارج إطار اللعبة وعلى هامش الأحداث فيما ينحدر النظام المصري إلى مزيد من الأزمات مع انهيار العملة المصرية واقتراب سداد مصر لاستحقاقات دولارية لنادي باريس وللوديعة القطرية مع استمرار التزاماتها المحلية الاستيرادية لتوفير السلع التموينية الأساسية التي تستوردها مصر بصورة دورية في ظل أزمة خانقة للدولار الذي أصبح غير متواجدًا في السوق المصري بالرغم من حملات النظام على مكاتب الصرافة، حيث إن الأزمة تتعلق بثلاثية السياحة والقناة وتحويلات المصريين بالخارج، الذين باتوا غير مطمأنين للنظام المصرفي المصري وأمن ودائعهم الدولارية في ظل تهديدات أبواق النظام (الجزيرة.نت) – الذين يتحدثون نيابة عن الدولة – بالاستيلاء على ودائعهم.

وفيما يتعلق بالعلاقات التركية المصرية صرح جاويش أوغلو قبيل زيارته للإمارات عن إمكانية تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، قال “العلاقات بين البلدين لن تستمر على هذا المنوال إلى الأبد ولا ينبغي لها ذلك”، مشددا على أن تركيا “لن تتراجع عن موقفها وتتخلى عن مبادئها لاستعادة العلاقات. في الواقع لقد عبرنا عن أفكارنا للتوصل لحل. ولم نغلق الباب”. وأضاف أنه يتعين على مصر اتخاذ خطوات بعينها، “وهذا ليس تدخلا في الشؤون الداخلية (المصرية). توجد مشكلة ونحن نتبادل الآراء للتغلب عليها باعتبار أن المصريين أخوة لنا”. (أصوات مصرية).

فيما رد الجانب المصري على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، على التصريحات بأن “مصر أصبحت عبئًا وأنها هشة وليست مفيدة لأي طرف”، قائلاً أن تلك التصريحات “ما هي إلا تجسيدا للحالة النفسية، التي يعاني منها المسئولون الأتراك منذ ثورة 30 يونيو، وأن مثل هذا التقييم المغرض ما هو إلا ضرب من الخيال لا يمت للواقع بصلة” (سكاي نيوز)، واصفًا تركيا أنها تعاني حالة نفسية، بدون أن يفند تلك الاتهامات بطريقة منطقية أو حتى دبلوماسية، ولكنه في المقابل هاجم تركيا قائلاً: “الأجدى أن يهتم المسئولون الأتراك بالأوضاع السياسية في بلادهم وعلاقات تركيا مع جيرانها ودول العالم وحالة العزلة التي تعاني منها تركيا نتيجة المتاجرة بشعارات جوفاء لا تعكسها الممارسة الفعلية”، وهو ما يعكس حالة الإنكار التي تمر بها الدولة المصرية التي تعاني على كافة المستويات، بدون أن تستطيع إيجاد حل لمشكلاتها سوى التفكير في بيع الأرض أو حتى بيع النفس كما نوه عن ذلك السيسي في إحدى خطاباته.

لذا من الواضح أن العلاقات المصرية التركية تسير إلى مزيد من الشقاق، ولم تنجح الوساطات الإقليمية في عكس ذلك الاتجاه، فيما يبدو كذلك أن بالتوازي هناك مزيدا من التقارب التركي الخليجي، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من العزلة للدولة المصرية.

——————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close