fbpx
أسيا وافريقياالمشهد التركي

تطورات المشهد التركي 2 يناير 2017

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

يتناول هذا التقرير تطورات المشهد التركي في النصف الثاني من شهر ديسمبر 2016، والتي جاءت أهم أحداثه كالتالي:

أولاً: تطورات المشهد الخارجي:

1ـ الساحة السورية:

جاءت الجهود التركية لفرض وقف لإطلاق النار في سوريا على رأس أولويات أنقرة في المشهد الخارجي في الفترة الماضية؛ حيث عملت مع روسيا وإيران عبر ما عرف باسم “إعلان موسكو” على محاولة وضع نهاية للأحداث الدموية التي شهدتها الثورة السورية منذ اندلاعها، ومن ثم فتح الطريق أمام الحل السياسي في الوقت الذي تستمر فيه الجهود من أجل مكافحة التنظيمات المسلحة التي تصنفها الدول الثلاثة كإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الدولة والفصائل الأخرى، بعد سنوات من التخبط واللجوء إلى الأمم المتحدة برعاية أمريكية بالأساس، فيما بدا أن تلك الأطراف الثلاثة تستطيع مجتمعة أن تجد حلا بعيدًا عن النوايا الأمريكية، التي تتشكك فيها الدول الثلاثة، والتي ظلت تدور حول إطالة أمد الأزمة بدون خروج منتصر منها، ولذلك لم يتم دعوة الولايات المتحدة ولا الأمم المتحدة، بالرغم من إبلاغ وزير الخارجية الأمريكي بنتائج اللقاء بعد انتهائه (نيويورك تايمز).

ويبدو أن الأستانة عاصمة كازاخستان سوف تستبدل جينيف في استضافة الحوارات (ديلي صباح)، بعد أن أثبتت محادثات جينيف أنها غير فاعلة، بالرغم من أن “إعلان موسكو” لم يرق للمعارضة السورية التي رأت أن أطرافًا أخرى باتت هي التي تحدد مصير الثورة السورية بدون  حتى أن تُدعى لتلك المحادثات، مع الوضع في الاعتبار أن اثنين من الأطراف الثلاثة غارقون في الدم السوري (الجزيرة).

وتحاول تركيا مع روسيا أن تشرك أطرافًا أكبر في ذلك الإعلان مثل دعوة الرياض إلى الانضمام إلى تلك الجهود (الجزيرة)، والموافقة على مخرجات إعلان موسكو، والتي تتلخص في “احترام الدول الثلاثة لسيادة واستقلال سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، بلا نظر إلى الانتماءات العرقية والدينية والمذهبية، وكذلك عدم إمكان حل المشكلة السورية بالطرق العسكرية”، وهو ما سيمثل اعترافًا بالأمر الواقع من جانب الدول التي ترفض استمرار بشار الأسد في الحكم، وباعتباره نهاية للثورة الثورية على غير رغبة المعارضة التي ظلت تراهن على استسلام قوات الأسد.

في حين عارضت طهران دعوة الرياض إلى تلك المحادثات حيث صرح وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان أنه يجب عدم السماح بمشاركة السعودية في عملية السلام السورية. ونقل عن دهقان قوله إنه يعتقد أن إصرار السعودية على تنحي بشار الأسد يعني أنه يجب ألا تشارك الرياض في محادثات السلام السورية المستقبلية (ديلي صباح).

وقد ردت الولايات المتحدة على ذلك الإعلان بخطوة مفاجئة وهي تخفيف القيود على تسليح المعارضة بما يفتح الباب أمام تسليمهم لصواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف، وذلك عبر مشروع قانون أمريكي جديد للإنفاق الدفاعي (هافبوست). وصدق أوباما، السبت الماضي، على ميزانية وزارة الدفاع “البنتاغون” لعام 2017، والتي بلغت 619 مليار دولار أمريكي، جاء في قانونها تزويد المعارضة السورية بمضادات للطيران، ضمن شروط معينة تحدد لاحقًا (ديلي صباح)

وتلك الخطوة بالرغم من أنها مهمة للمعارضة السورية وتمثل نقلة نوعية لها، إلا أن ذلك لا يأتي في إطار دعم الثورة السورية من واشنطن بقدر ما يهدف إلى استنزاف للقدرات الروسية في سوريا، وهو ما يعد استكمالاً للاستراتيجية الأمريكية في ذلك الصراع الذي استغلته واشنطن ليكون بمثابة محرقة لكل أعدائها، فيما تحولت الأهداف التركية في سوريا باتجاه الحل السياسي والواقعية في التعامل مع الصراع بعد دخول القوات الروسية إلى سوريا وتحول الثورة إلى حرب إقليمية بالوكالة، واستحالة أن تدخل تركيا في حرب مع كل من روسيا وإيران، اللتين تربطهما بأنقرة مصالح ممتدة في مجالي النفط والغاز، وكذلك بالنظر إلى الصراعات التاريخية معهما.

فوقف إطلاق النار والدخول في الحلول السياسية هو البيئة المثالية لأنقرة للتحرك ومن ثم استخدام أدواتها للضغط على نظام الأسد في ظل الإنهاك الاقتصادي له ولحلفائه، ومحاولة المشاركة في رسم مستقبل سوريا مع عودة النازحين الذين تستضيف تركيا الجانب الأكبر منهم، واعتبار أن أنقرة باتت شريكًا أساسيًا على طاولة أي حل سياسي داخل سوريا، والمصالح المتبادلة التي تم بنائها على مدار سنوات بين أطراف الثورة السورية والنظام في تركيا، والتي استطاعت كذلك أن توقف الأطماع الكردية من استكمال الشريط الحدودي الجنوبي حتى منطقة عفرين وصولاً إلى ساحل المتوسط. كما تعمل أنقرة كذلك على استضافة محادثات بين ممثلين لفصائل الثورة السورية وبين الجانب الروسي، تمهيدًا لمزيد من الاجتماعات في الأستانة عاصمة كزاخستان في الأيام القادمة (ترك برس).

وبالرغم من أن تركيا أصبحت تراهن على الحل السياسي في سوريا، وذلك بعدما رأته من تشرذم المعارضة السورية، ومن أجل أن تنقذ نفسها والثورة السورية بحسب مقربين من دوائر صنع القرار التركي (ترك برس) إلا أن انهيار المفاوضات في ظل موافقة أمريكا على تسليح المعارضة السورية بأسلحة مضادة للطائرات محمولة على الكتف، وفي ظل الإنهاك الروسي والإيراني، فإن ذلك يمكن أن يعكس اتجاه الحل في سوريا، ويضع المعارضة في وضع أفضل على طاولة المفاوضات مع داعمي نظام الأسد، إلا أن الحل السياسي سيظل هو الخيار الأكثر احتمالاً مع عدم قدرة الفصائل على الحسم العسكري بالإطاحة بنظام الأسد على غرار الثورة الليبية.

وتلك فيما يبدو هي الركيزة الأساسية التي تتمحور حولها الاستراتيجية التركية في سوريا، بتغليب فرضية عدم القدرة على الحسم العسكري، ومن ثم فإن الحل السياسي أصبح هو الرهان التركي الأساسي، مع تطور قناعة تركيا ومعظم داعمي الثورة السورية أن الولايات المتحدة غير جادة في التوصل إلى حل، وأن هدفها النهائي هو استمرار سوريا في أن تصبح محرقة لكل أعداء واشنطن، ويمكن لأسباب عديدة أن تعتبر تركيا أنها من ضمن هؤلاء الأعداء، لاسيما في ظل محاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو الماضي.

وبالرغم من التأكيد المستمر من جانب أنقرة على أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، إلا أن الأحداث على الأرض تشير إلى أن تلك التصريحات ربما تبدو لتهدئة المعارضة السورية، وأنه حال دوران عجلة المفاوضات في الأستانة واتفاق المعارضة مع أطراف إعلان موسكو على استثناء الجماعات التي تصفها تلك الأطراف بأنها إرهابية، فإن طاولة المفاوضات بعد ذلك ستتسع لكل الخيارات، وستعتمد على النجاحات التي يمكن أن تتحقق على الأرض من طرف المعارضة والتي خرجت من المدن الكبرى، وفي حال تسليح واشنطن لها بأسلحة مضادة للطائرات فإن حروب الريف ربما تستمر من أجل حصد مكاسب على طاولة المفاوضات ويتوقف ذلك على مدى قدرة المعارضة على إنهاك القوات الداعمة للأسد، ومن هنا يمكن أن يتأرجح مصير الأسد على طاولة المفاوضات بالإطاحة به إذا ما كان الثمن فادحًا على الدب الروسي بمرور الوقت.

كما أن لتركيا شكوكًا قوية حول تمويل أمريكا لبعض الجماعات التي تصفها هي بأنها إرهابية بالسلاح، ومن بين ذلك تنظيم الدولة الإسلامية نفسه؛ حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لديه أدلة بأن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قد ساعدت في دعم الإرهابيين في سوريا بما في ذلك داعش، بالإضافة إلى التنظيمات الكردية الأخرى، قائلاً: “لدينا أدلة بصور ومقاطع فيديو” (إندبندنت)، كما وافق مسئول روسي على كلام أردوغان؛ حيث صرح رئيس لجنة سياسات الإعلام في مجلس الفدرالية الجناح الأعلى للبرلمان الروسي ألكسي بوشكوف، إنه يجِد أردوغان مُحقاً في تصريحاته حول دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لتنظيم داعش الإرهابي، حيث أدلى بوشكوف ببيان عبر حسابه على تويتر حيث قال: “أردوغان لديه الحق، فهناك الكثير من الأمور التي تثبت دعم الولايات المتحدة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية. كما أن محاولة وزارة الخارجية الأمريكية ادعاء عكس هذا الوضع الجليّ تماماً مجرد هراء” (تي آر تي).

وهذا يعطي بعدًا آخر لتفسير انتقال تركيا إلى المربع الروسي من أجل الحل في سوريا؛ حيث إن كلا الطرفين ـ تركيا وروسيا ـ باتا مقتنعين أن الولايات المتحدة لا تعمل سوى على إطالة أمد الحرب وتوسيع نطاق المستنقع السوري وإعطاء السلاح لمختلف الأطراف من أجل استمرار القتال وإحراق مختلف الأطراف الإقليمية والدولية في ذلك الصراع. في حين أكدت دراسة إسرائيلية صادرة عن مركز بيجين سادات أن تدمير داعش ليس في صالح الغرب، ولكن يجب استثماره كأصل من أجل تدمير أعداء إسرائيل في المنطقة وعلى رأسهم إيران وحزب الله، في حين خلصت الورقة إلى أن تدمير داعش سيكون “خطأ استراتيجيًا” (مركز بيجين سادات).

لذلك فإن استراتيجية تركيا بعد دخول روسيا في الصراع بصفة عامة، وبعد سقوط حلب بصفة خاصة، تتجه إلى التحكم في المتغيرات الكثيرة على الأرض بالرهان الأساسي على الحل السياسي، وباستخدام ورقة المعارضة السورية المقربة منها، وكذلك باستخدام أوراقها العسكرية على الأرض في إطار عملية درع الفرات وتوغلها حتى مدينة الباب، وسيطرتها على جيب واسع من الأرض تمهد لتحويله إلى منطقة آمنة لللاجئين من ناحية، وعازلة بين جيبي الشريط الكردي من ناحية أخرى، والرهان على علاقات اقتصادية أفضل مع كل من روسيا وإيران فيما يتعلق بمشروعات الغاز الإقليمية، بالرغم من استمرارها في منافستهم على الأرض في الصراع السوري مع التبدل السريع لأوراق اللعب في أيدي مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين.

 

2ـ التعاون الإقليمي:

تستمر تركيا في سياستها المنفتحة على دول الخليج لاسيما السعودية وقطر؛ حيث وقعت شركة دفاعية تركية اتفاقًا مع شركة سعودية من أجل تأسيس شركة للصناعات الدفاعية الإليكترونية؛ حيث أسّست شركة “أسيلسان” التركية للصناعات العسكرية والإلكترونية، مع شركة “تقنية” السّعودية للتنمية والاستثمار التقني الحكومية، وشركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة بالمملكة العربية السعودية، برأسمال يبلغ 6 ملايين دولار، وتهدف الشركة الجديدة إلى صناعة وتصميم وتطوير الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، والرؤية البصرية، وسد احتياجات المملكة والمنطقة من هذه المعدات (ديلي صباح).

كما وقعت تركيا مذكرة تفاهم مع هيئة الطيران المدني القطرية للتعاون في مجال السلامة الجوية، وتهدف المذكرة إلى “تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمهارات والتدريب في مجال السلامة الجوية بين البلدين، وذلك بعد جولة من المباحثات الثنائية”، وقالت الهيئة في بيان لها أن الطرفين “سيعملان بشكل وثيق وفق ما تنص عليه بنود هذه المذكرة للتوصل إلى فهم مشترك للقوانين والأنظمة والمعايير والشروط (بمجال السلامة الجوية) في كل من البلدين” (وكالة الأنباء القطرية).

وكانت كل من تركيا وقطر قد وقعت 13 اتفاقية بين زعيمي الدولتين في الاجتماع الاستراتيجي الثاني الذي عقد في تركيا في 18 ديسمبر الماضي، وذلك في عدة مجالات صناعية وتجارية وتعليمية وثقافية وعلمية (الشرق).

 

3ـ العمليات العسكرية:

في إطار عمليات الجيش التركي في مدينة الباب السورية، وبعد مصرع عدد من الجنود الأتراك وحرق داعش لجنديين تركيين، أعلن الجيش التركي عن مقتل 44 من التنظيم في الباب السورية، بالإضافة إلى إصابة 117 آخرين، كما تم قصف 154 هدفًا وتدمير عربات مفخخة للتنظيم، في حين أصيب 7 من المعارضة السورية المشاركين في العمليات، (تركيا بوست)، في حين تواصل تركيا تعزيز قواتها العسكرية من مدافع ودبابات على حدودها مع سوريا من أجل سير العمليات؛ حيث أرسل الجيش التركي عربات نقل عسكرية و10 قطع مدفعية على الأقل في منطقتي أوغوزلي وكركميش، جنوب شرقي البلاد على الحدود السورية من أجل دعم المعارضة السورية في معاركها للسيطرة على مدينة “الباب” (سكاي نيوز).

في حين أنه ووفقا للأركان العامة التركية فقد فقدت القوات المسلحة التركية 16 جنديا وأصيب أكثر من 30 آخرين بجروح في محيط مدينة الباب السورية، إلا أن البرلمان التركي، وبرغم الخسائر البشرية، قدم تقريرا يبيّن التقدم الذي أحرزته القوات العسكرية التركية الذي مكنّها من تطهير مساحات هامة وتدمير الآلاف من الجماعات المسلحة الإرهابية (ترك برس)، وقد أشارت مصادر حقوقية إلى أن القوات التركية في إطار عملية درع الفرات أوقعت عددًا من القتلى المدنيين بطريق الخطأ عن طريق قصف بعض المواقع في مدينة الباب (يورونيوز) وشدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، على عدم وجود أي مطامع لبلاده في أراضي أي من دول الجوار، مؤكدًا أن عمليات بلاده العسكرية شمالي سوريا جاءت للحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين الأتراك، وأنه لا توجد أي أطماع في أراضي دول الجوار، مضيفًا: أراضينا تكفينا وتزيد” (ديلي صباح).

 

4ـ التمثيل الدبلوماسي:

أعلنت تركيا أنها احتلت المرتبة السادسة عالميًا فيما يتعلق بعدد الممثليات حول العالم، حيث بلغ عدد البعثات الدبلوماسية التركية 235، وبحسب البيان الذي أعلنته وزارة الخارجية، فإن عدد الممثليات الدبلوماسية كان 163 ممثلية في 2002، في حين ارتفع خلال 2016 إلى 235، بينها 135 سفارة، و13 ممثلية دائمة، و85 قنصلية، ومكتبين. وأشارت المعلومات إلى الانتهاء من الإجراءات القانونية لفتح 20 ممثلية إضافية، فيما تستمر الإجراءات القانونية لفتح 3 سفارات وقنصلية جدد، ليرتفع عدد البعثات الدبلوماسية التركية عند الانتهاء من فتحها إلى 259 ممثلية. وبحسب مؤشر الدبلوماسية العالمية لمعهد “لوي” للسياسة الدولية – مقره سيدني الأسترالية – فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد بعثاتها الأجنبية والتي يبلغ عددها 276 ممثلية، تليها فرنسا بـ270، ثم الصين بـ258، فيما تحتل روسيا المرتبة الرابعة بـ 243 ممثلية، وتأتي انكلترا في الخامسة بـ 236 بعثة (الأناضول).

 

ثانيًا: تطورات المشهد الداخلي

1ـ الأوضاع الأمنية:

أعلنت تركيا أنها قامت بحبس 1313 شخصًا في إطار عمليات مكافحة تنظيم “داعش” داخل الدولة التركية في عام 2016 وحده، وذلك من ضمن 3359 شخصًا تم توقيفهم على مدار العام، في حين حظرت السلطات التركية دخول 52 ألفًا و75 شخصًا من 145 بلدًا إلى تركيا في إطار مكافحة “داعش”، إلى جانب ترحيل 4 آلاف و19 شخصًا.

وأوضح بيان لوزارة الداخلية التركية أن قوات الأمن أوقفت 3 آلاف و359 شخصًا بينهم ألف و485 أجنبيا، وحبست منهم في إطار التحقيقات ألفًا و313 شخصًا بينهم 679 أجنبيا، لارتباطهم بالتنظيم الإرهابي. وأشار إلى أن 7 آلاف و15 شخصًا تم توقيفهم في تركيا ما بين 2011 و2016، بينهم ألفان و712 أجنبي، للاشتباه بانتمائهم لـ “داعش”، وحبست السلطات منهم ألفين و304 شخصًا بينهم 932 أجنبيا خلال الفترة المذكورة. ولفت البيان إلى أن السلطات التركية أوقفت ألفين و189 أجنبيًا يحملون جنسيات عشرة بلدان هي سوريا، وروسيا، والعراق، والصين، وطاجيكستان، وأذربيجان، والمغرب، ومصر، وأوزبكستان، وتونس، وحبست 771 شخصًا منهم (يني شفق).

 

2ـ تفاعل الأحزاب مع تعديل الدستور:

تشهد تركيا مناقشات محمومة من أجل حسم الجدل الدائر حول تعديل الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي في تركيا؛ فبعد جولات مكوكية من الحوار بين صناع القرار في البلاد، أكد بن علي يلدرم، رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء التركي، أن حزبه سيقدم مشروعه للدستور الجديد إلى البرلمان التركي خلال الأشهر القادمة، تمهيداً للمصادقة عليه، وهو ما يشير بشكل أو بآخر لضمان قادة الحزب حصول مشروعهم على الأصوات المطلوبة لتمريره داخل البرلمان. وبينما يعارض حزب الشعب الجمهوري المعارض وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد إقرار الدستور الجديد والتحول للنظام الرئاسي، يحاول حزب الحركة القومية ترك الأبواب مفتوحة أمام الحوار مع الحكومة التركية، أملاً في التوصل لاتفاق يرضي الطرفين.

وتشير تقارير إلى أن حزب الحركة القومية اليميني الذي دخل البرلمان بـ40 عضواً، ومن خلال زعيمه السياسي المخضرم دولت بهشلي هو الأقرب لتمكين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تحقيق رغبته في تغيير الدستور، حيث تشير التقارير التي سلطت الضوء على لقاءات بهشلي المتكررة مؤخراً مع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إلى منحة الموافقة المبدئية للتصويت لصالح تمرير المشروع، ومن ثم طرحه للاستفتاء الشعبي، الذي يحتاج وفقاً للقانون التركي إلى تأييد 330 صوتاً من أصل 550 صوتاً في البرلمان (هافبوست).

 

ثالثًا: تطورات العلاقات المصرية التركية

استمرت التصريحات التركية في الفترة الماضية على نفس منوالها السابق فيما يتعلق بالمصالحة مع مصر والتأكيد على الشروط ذاتها بإطلاق سراح المعتقلين بعد 3 يوليو وإعادة الديموقراطية في البلاد وكذلك إلغاء أحكام الإعدام التي تراها تركيا مسيسة، وذلك على لسان الناطق باسم مجلس الوزراء نعمان قورتلموش (فيتو)، والذي اعترف كذلك بأن شروط تركيا للمصالحة مع مصر “صعبة للغاية (مصر العربية)، فيما أكد ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي دعم حزبه لأي مصالحة شاملة مع مصر بالشروط ذاتها، حيث قال أن “تركيا ستدعم أي مجتمع يتصالح مع نفسه، بل وستسهل هذا الأمر ولا تصعبه”، ومضى قائلاً إن “هذا التصالح يجب أن يكون بين جميع مكونات الشعب.. تركيا تقدم نصائح ولا تتدخل.. أنقرة دائماً تقدم نصائح لمصر بالاعتدال، وتنصح كل الدول بأن تكون عادلة تجاه شعوبها بدون ظلم” (هافبوست).

في الوقت الذي صرح فيه وزير التجارة والصناعة المصري، طارق قابيل، بأن صادرات مصر إلى تركيا قفزت في الأشهر التسعة الأولى من العام 2016 بنسبة 13.2%، في حين قلت الواردات المصرية من تركيا جراء إجراءات التقشف التي أجرتها الحكومة فيما يتعلق باستيراد بعض السلع بصفة عامة، وليس ذلك إجراءً خاصًا بتركيا؛ حيث تراجعت الواردات المصرية من تركيا بنسبة 9.8%، خلال الفترة ذاتها، لتبلغ 2.01 مليار دولار، مقابل 2.2 مليار دولار سجلتها خلال الفترة نفسها من العام 2015 (روسيا توداي)، فيما فسر مذيع مصري محسوب على نظام الثالث من يوليو تلك التصريحات التركية بشأن المصالحة مع مصر بالرغم من تلك الشروط القاسية بأن ذلك يأتي بضغط من الإخوان الذين يريدون المصالحة، باعتبار أنهم “في مأزق” على حد تعبيره، ولذلك يدفعون تركيا إلى إطلاق تلك التصريحات، باعتبار أن تركيا “هي الملاذ الأخير للإخوان” (البوابة).

وقد صرح الصحفي الكويتي ورئيس تحرير صحيفة “السياسة” أحمد الجار الله على موقع تويتر قائلاً: “أن تركيا بدأت تنفيذ إعادة نظرها بعلاقاتها مع الاخوان المسلمين وقريباً ستكون لها علاقة مختلفة مع مصر”، كما أكد أن العلاقة بين الإخوان المسلمين وبين تركيا تمر الآن بمتغيرات كبيرة” مضيفًا أنه “فيه فضائيات إخوانية سيتم إقفالها” (تويتر) على حد تعبيره.

كما عبرت الخارجية التركية عن تعازيها في ضحايا عدد من العمليات، كان آخرها تفجير الكنيسة البطرسية المصرية، فإن الخارجية المصرية بدورها أصدرت بيانًا أدانت فيه التفجير الذي استهدف حافلة تقل جنودا في مدينة قيصري وسط تركيا، وذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد، الذي أضاف أن الموقف المصري الثابت في مواجهة ظاهرة الإرهاب، وضرورة تكاتف دول العالم لوقف تنامي التنظيمات المسلحة التي باتت تمثل تهديدا كبيرا للسلم والأمن. كما تقدم المتحدث باسم الخارجية في بيان صحفي، بالتعازي لأسر الضحايا متمنيا الشفاء العاجل للمصابين (روسيا توداي).

 

تركيا وإثيوبيا:

من ناحية أخرى زار وفد اقتصادي تركي إثيوبيا، تكون الوفد من مائة رجل أعمال في صحبة وزير الاقتصاد، وجاءت تلك الزيارة بعد زيارتين لكل من مسئولين سعوديين وقطريين إلى إثيوبيا، في ظل توتر العلاقات مع مصر حول سد النهضة الإثيوبي، وقد أشار وزير الاقتصاد التركي في تصريحاته إلى أن بلاده تعمل للاستثمار في البنية التحتية بإثيوبيا.

فيما صرح سفير إثيوبيا لدى تركيا، أن الاستثمارات التركية تركزت خلال الأعوام الماضية حول الغزل والنسيج؛ والكابلات الكهربائية؛ والاتصالات؛ والصناعات الكيمائية؛ والجلود؛ والبناء، والسكك الحديدية، والطرق، في حين أشار إلى أن الاستثمارات التركية بإثيوبيا ستركز في الوقت الراهن في التصنيع الزراعي من خلال الاستفادة من المناطق الصناعية التي أقامتها الحكومة في عدد من الأقاليم الإثيوبية. ووقعت تركيا وإثيوبيا، خمس اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتبلغ قيمة الاستثمارات التركية في المدن الإثيوبية نحو 2.5 مليار دولار (الأناضول).

وكان مصدر إثيوبي أعلن عن زيارة وزير الخارجية القطري في 19 ديسمبر 2016 لمناقشة التعاون بين البلدين ومناقشة تطورات الأحداث في اليمن والصومال والسودان وجنوب السودان، إضافة إلى العلاقات الثنائية المتطورة بين البلدين، وفق المصدر ذاته. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، زار إثيوبيا كل من وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، ومستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، في زيارتين منفصلتين بحثتا تعزيز أوجه التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والطرق والكهرباء والزراعة والسياحة.

ولاقت الزيارتان انتقادات حادة في وسائل الإعلام المصري، وخاصة أنها تضمنت زيارة أجراها الفضلي إلى سد النهضة؛ حيث اعتبرت بعض الصحف أنهما تأتيان في إطار “المكايدة السياسية”؛ رداً على الموقف المصري من الملف السوري، الذي يتعارض مع الموقف السعودي. وتتخوف القاهرة من تأثير سد النهضة على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن السد سيمثل نفعاً له خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضرراً على السودان ومصر (هافبوست).

وعلى الجانب الآخر وقعت مصر 3 اتفاقات للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط باستثمارات 220 مليون دولار مع شركات “أيوك” الإيطالية و”بي.بي” البريطانية و”توتال” الفرنسية، مع منح توقيع قدرها تسعة ملايين دولار وحفر ست آبار جديدة. وانتهى قطاع البترول بذلك من توقيع 73 اتفاقية للبحث عن البترول والغاز مع الشركات العالمية خلال السنوات الثلاث الماضية باستثمارات تزيد على 15 مليار دولار ومنح توقيع تتجاوز المليار دولار لحفر 306 آبار (سي إن بي سي عربية).

وكانت تركيا قد أثارت قضية المصالحة مع مصر إثر التحولات في سياساتها الخارجية بعد تولي بن علي يلدرم رئاسة الوزراء ونيته إصلاح علاقات تركيا مع دول البحرين الأسود والأبيض، بما في ذلك مصر، وذلك بعد تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني، وذلك استشرافًا لتعاون في مجال تصدير الغاز من شرق المتوسط لدول أوروبا، فيما يظل التنافس الإقليمي بين الدولتين جاريًا حول قضايا الإسلام السياسي والربيع العربي والديموقراطية وخاصة الموقف في سوريا، وهو ما أدى إلى تداعيات على العلاقات المصرية الخليجية أسفرت عن تحول في التحالفات الإقليمية وتقاربًا خليجيًا تركيًا على حساب الدور الإقليمي المصري.(1).

———————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close