fbpx
أسيا وافريقياالمشهد التركي

تطورات المشهد التركي 22 نوفمبر 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

يتناول هذا التقرير تطورات المشهد التركي في النصف الأول من شهر نوفمبر 2016، والتي جاءت على النحو التالي (1):

أولاً: تطورات المشهد الخارجي:

1ـ معارك الموصل وتل عفر:

لا تزال أجواء العمليات العسكرية الجارية في الجنوب التركي تتربع على قائمة اهتمامات الدولة التركية، لاسيما دخول القوات الشيعية المعروفة باسم “الحشد الشعبي” إلى مدينة تل عفر، ذات الأهمية الاستراتيجية بوقوعها على الطريق الواصل ما بين الموصل في العراق وما بين الحدود السورية، حيث تبعد 60 كم فقط عن حدود سوريا، و38 كم فقط عن حدود تركيا، وكذلك تحتوي على غالبية تركمانية، وكانت جزءًا في السابق من ولاية الموصل والتي كانت ولاية عثمانية، وقبل أن تضمها الخلافة العثمانية كانت جزءًا كذلك من الدولة الصفوية عام 1508م (العربي الجديد).

لذلك تنبع أهميتها الاستراتيجية من كونها في منطقة نزاع بين الإمبراطوريات القديمة، ومن هنا نستطيع فهم تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما تحدث لأول مرة عما أسماه بـ “التوسع الفارسي في العراق (الجزيرة)، وهو تصريح يشير إلى أعمق من مجرد صراع طائفي مذهبي أو المنافسة على من يمتلك الأرض، ولكنه يشير بوضوح إلى المطامع الفارسية في العراق في إطار إحياء إيران للإمبراطورية الفارسية وليس فقط بكونها دولة جارة تدعم بعض الفصائل، وذلك بالنظر إلى الدعم العسكري والمالي والمعنوي الذي تقدمه إيران إلى قوات الحشد الشعبي.

وقد عززت تركيا قواتها في ولاية شرناق جنوب شرق البلاد على حدودها مع العراق، حيث ذكرت وكالة (الأناضول) إن دبابات ومدرعات وجنود مشاة وصلوا للثكنات العسكرية القريبة من الحدود، فيما وصل رئيس أركان الجيش “خلوصي أكار” للمنطقة لتفقد سير عمليات مكافحة الإرهاب والحفاظ على الحدود، حسب وصف بيان صادر عن رئاسة الأركان . وأوضح البيان أن “أكار” تفقد الأسلحة التي تمت مصادرتها خلال عمليات الجيش جنوب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني، فيما  حذر الرئيس التركي من تحول مدينة سنجار شمال العراق إلى قنديل ثانية، مهدداً بالتدخل العسكري ، فيما شدد وزير الدفاع “فكري إيشيق” على رفض أنقرة انتشار العمال الكردستاني في قضاء سنجار، وجاءت تصريحات إيشيق خلال استقباله السفير العراقي هشام علي أكبر العلاوي في أنقرة (عربي21).

لذلك فإن تصريحات أردوغان المتعلقة بـ “التوسع الفارسي في العراق” تعيد إلى الأذهان حقبة الحروب العثمانية الصفوية من جديد، والتي كانت تدور رحاها في تلك المنطقة التي يعاد تشكيلها اليوم على يد ميليشيات وحروب بالوكالة، وبالنظر إلى تحركات الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانية سنجد أنها تضع معركة تل عفر على رأس أولوياتها، وسيطرت في الأيام الأخيرة على مطار المدينة، من أجل السيطرة على الطريق الواصل إلى العمق السوري، وكذلك قطع الإمدادات عن تنظيم الدولة، حيث صرح المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي أحمد الأسدي أن قواته ستؤمن الحدود العراقية السورية بغطاء جوي بعد استعادة المطار وإعادة تأهيله (الحرة)، بما يفتح الباب أمام القوات المدعومة إيرانيًا من استكمال توغلها داخل الأراضي السورية بحجة طرد تنظيم داعش، إلا أن الهدف الأسمى فيما يبدو هو فتح الطريق الإيراني حتى سواحل المتوسط وتطبيق الهلال الشيعي، وذلك بالتواصل مع المليشيات الشيعية العاملة في كل من سوريا ولبنان.

وقد صرح جواد الطليباوي المتحدث باسم ميليشيا “عصائب أهل الحق” أن قوات الحشد الشعبي كلفت باستعادة السيطرة على بلدة تلعفر، ومنع عناصر تنظيم داعش من الفرار من الموصل غربا باتجاه سوريا . كما أكّدت مصادر عراقية أنّ مجموعات من كتائب حزب الله العراق وعصائب أهل الحق وسرايا عاشوراء تستعد للتوجه نحو قضاء تلعفر، ومن المتوقّع أن تبدأ هذه المجاميع انتشارها في المحور الشمالي الغربي في غضون أيام، بعد أن تستكمل تحرّكها من مواقعها في شمال محافظة صلاح الدين نحو تلعفر مرورا بأطراف البعاج، وأن البعض من فصائل الحشد ستتمركز في منطقة لا تبعد سوى كيلومترات قليلة، عن موقع القوات التركية في بعشيقة شمال الموصل، ضمن نطاق المدفعية التركية، بما يرفع احتمالات المواجهة بين الطرفين، في ظل وجود معلومات تشير إلى تنسيق بين قيادة الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني الذي يتمركز مقاتلوه في أطراف سنجار الشرقية، والذي تصنّفه تركيا إرهابيا وتتوعّد بمطاردته داخل أراضي دول الجوار(العرب).

لذلك فإن إيران تحت غطاء الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية تقوم بعمليات تطهير عرقي واسعة وتغيير ديموغرافي لمدن الإقليم وتتعاون كذلك مع المليشيات الشيعية في سوريا من أجل الهدف ذاته، وتستغل تنظيم داعش والحشد الدولي ضده في تنفيذ أهدافها بينما تظل الخيارات التركية محدودة في ظل سيطرة إيران على كل من الحكومتين العراقية والسورية والدخول الروسي في الصراع، ومن ثم فإن تركيا إذا استخدمت قواتها المتمركزة في جنوب البلاد من أجل الالتحام مع المليشيات الشيعية فإن ذلك ربما يكون الحل الوحيد من أجل إيقاف الأطماع الفارسية بتعبير أردوغان في المنطقة.

ولكن يظل السؤال هو مدى قدرة تركيا على التوغل في الأراضي العراقية ووقف التوسع الإيراني في المدن السنية والتركمانية؟ فبالرغم من توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية 17 مرة من أجل مطاردة حزب العمال الكردستاني في السابق، إلا أن دخول إيران في المعادلة كتهديد للمصالح التركية من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، وربما الطريق الوحيد أمام تركيا هو تسليح ميليشيات عراقية وتركمانية موالية لها على غرار الجيش السوري الحر، وذلك بالنظر إلى الأعداد المتزايدة من النازحين العراقيين إلى تركيا في ظل عمليات التطهير العرقي التي تشهدها البلاد، والذين يصل أعدادهم إلى نصف مليون فقط من معارك الموصل وما حولها، حسب تقديرات طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي الأسبق (ترك برس).

كما أن التعاون التركي مع قوات الحشد الوطني العراقية التابعة لمحافظ نينوى السابق “أثيل النجيفي”، والتي غيرت اسمها مؤخرًا إلى “حرس نينوى” (السومرية) يمكن أن تُساهم كذلك بالتعاون مع البيشمركة الكردية العراقية من أجل صد التدخل الإيراني في شمال وغرب العراق، وملء الفراغ الذي سينشأ عن التخلص من داعش في إطار معركة تحرير الموصل التي تخطط لها القوات العراقية مدعومة بقوات الحشد الشعبي، حيث يقول النجيفي، إن “الخلاف بين بغداد وأربيل هو حول الوضع السياسي للموصل بعد التحرير وكيفية إدارة هذه المنطقة ومستقبلها”؛ حيث لم تتفق الحكومة العراقية وحكومة إقليم الشمال، حتى الآن، على صيغة معينة من أجل آلية خوض معركة الموصل ومشاركة قوات البيشمركة في المعركة وإدارة المناطق المحررة ما بعد القضاء على “داعش”، رغم وساطة التحالف الدولي للحرب ضد داعش” بين الطرفين (الأناضول). وكانت محكمة عراقية قد أصدرت مذكرة توقيف بحق أثيل النجيفي بتهمة “التخابر مع دولة أجنبية” وتسهيل دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية (روسيا اليوم).

وحول مستقبل محافظة نينوى ما بعد تحريرها من داعش، كشف النجيفي أنهم يعملون على مشروع سيتم بموجبه تقسيم “نينوى” من 6 إلى 8 محافظات، وأشار إلى أن “تحديد ذلك يعود لأهالي مناطق نينوى، مثلاً سهل نينوى سيكوّن محافظة واحدة أو محافظتين، لأنه يوجد فيها 5 مكونات، (العرب -المسيحيين -الشبك -الإيزيديين -الأكراد) فهل سيكونون ضمن محافظة واحدة أم محافظتين، أيضاً تلعفر يوجد فيها العرب والتركمان فهل سيُشكلون محافظتين أم سيندمجون في محافظة واحدة .”  وأضاف النجيفي أن “الأمر متروك لأهالي المحافظة أنفسهم فهم يجب أن يقرروا هذا الموضوع فلا نريد أن نفرض شيء عليهم”، مشدداً “ما بعد داعش لا نستطيع أن نفرض إرادتنا على الناس”، من دون توضيح ما إذا كان ذلك سيتم عبر استفتاء أم بأي طريقة (الأناضول).

وبالنظر إلى المعلن من التصريحات التركية وإدانتها لاتفاقية لوزان، وكذلك لترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى، والخلاف مع البريطانيين حول الموصل وكركوك وما حولها، وبالنظر إلى الصراع السني الشيعي المتزايد في الإقليم، ومن خلفه تقع كل من إيران من جهة، والدول السنية بقيادة تركيا من جهة أخرى، فلا يُستبعد أنه في مرحلة ما من الصراع أن يتم عقد تصويت على مستقبل المدن الحدودية لتقرير مصيرها إما بالبقاء ضمن الدولة العراقية أو بالانفصال والانضمام إلى تركيا، بالنظر إلى التاريخ والجغرافيا والصراع الممتد ما بين الجانبين.

 

2ـ تطورات عملية درع الفرات:

على الساحة السورية تقترب قوات الجيش السوري الحر، المدعومة من الجيش التركي، من دخول مركز مدينة الباب الاستراتيجية التي يسيطر عليها تنظيم داعش شمالي سوريا مع حصار المدينة وقطع الطريق على مقاتلي “ب ي د” الذين يحاولون الوصول إلى المدينة لاحتلالها، حيث كثف الجيش الحر هجومه على المدينة بغطاء جوي وبري من الجيش التركي وتمكن من السيطرة على العديد من القرى في الطريق المؤدية إلى الباب وتطهيرها من مسلحي داعش الذين يحاولون الدفاع عن المدينة باستخدام الألغام وتلغيم المنازل والسيارات . كما أكدت مصادر تركية وسورية أن الجيش الحر أتم حصار المدينة ويقترب من دخولها خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن تمكن الجيش الحر من قطع الطريق على مسلحي تنظيم “ب ي د” والذراع السوري لتنظيم (بي كا كا) الذي تُصنفه تركيا كتنظيم إرهابي، الذي يسعى لاحتلال المدينة ووصل مناطق سيطرته في شرق وغرب نهر الفرات . وأوضحت وسائل إعلام تركية، أن الجيش الحر سيطر بشكل تام على قريتي “الكفير” و”قباسين” الواقعتين على بعد كيلومتر واحد فقط من مدينة “الباب”، وهي المنطقة التي كان يخطط تنظيم “ب ي د” للدخول منها، ما يعني فعلياً قطع الطريق على التنظيم بشكل نهائي، بالإضافة إلى تدمير فكرة وصل مناطق سيطرة التنظيم في “منبج” بمدينة “عفرين” التي يسيطر عليها غرب نهر الفرات (ديلي صباح).

 

3ـ العلاقات التركية الأمريكية:

يبدو أن أنقرة يبدو ستراهن على مزيد من التعاون مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حيث تُشير الكثير من الشواهد إلى أن ترامب يريد الانسحاب من فوضى الشرق الأوسط ولكن بالاعتماد على حلفاء الولايات المتحدة في الإقليم وعلى رأسهم تركيا، كما أن تصريحاته بشأن إيران ربما ستمثل انعطافة عن السياسة الأمريكية السابقة بقيادة إدارة أوباما، بما يجعل الكفة ربما تميل في صالح تركيا والمزيد من تحجيم إيران، كما أن التصريحات الإيجابية لترامب عن الرئيس أردوغان يبدو أنها ستصب في صالح تركيا، بعد المكالمة الهاتفية بين الاثنين في 10 نوفمبر 2016، حيث أبدى ترامب إعجابه بأردوغان للخدمات التي قدمها لبلاده.

وحسب مصادر في جريدة (يني عقد) التركية كانت المكالمة الهاتفية حميمية للغاية تطرق فيها أردوغان إلى قضايا عدة من بينها “إعادة غولن، وحزب الاتحاد الديمقراطي والموصل”، وردّا على ذلك شدد ترامب على ضرورة التعاون المشترك بين البلدين لإيجاد الحلول المناسبة، قائلا: “أتفهم موقفكم، علينا إيجاد الحلول المناسبة، وعلينا التعاون المشترك في هذا الصدد” (ترك برس). كما استبقت تركيا هي الأخرى بمحاولة كسب ود المقربين من ترامب والمرشحين لتولي حقائب في إدارته من أجل الضغط على تسليم فتح الله جولن (نيوزويك) الذي تتهمه تركيا بالإرهاب وبالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو الماضي.

 

4ـ العلاقات التركية الأوروبية:

على صعيد العلاقات التركية الأوروبية ألمحت تركيا عن نيتها إلى إجراء استفتاء شعبي على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقطع المفاوضات معه بعد تقرير أوروبي وصفه الناطق باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش بأنه “منحاز”، وأوضح أردوغان أن تركيا لا يمكنها الانتظار “بلا نهاية”، مشيرا إلى أن بلاده ستنتظر حتى نهاية العام، وإلا فستجري استفتاءً شعبياً للتصويت على مواصلة أو مقاطعة محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي، مضيفا “سنفعل ما يقوله الشعب” (الجزيرة)، كما وجه أردوغان انتقاداً حاداً لرئيس البرلمان الأوروبي “مارتن شولتز”، قائلا: “انظر إليّ أيها الوقح! من أنت؟ أنت لا شيء سوى رئيس برلمان هناك. من أنت؟ منذ متى كانت لديك السلطة لتقرر باسم تركيا؟”. وتابع قوله: “هذا الشعب يتخذ قراراته بنفسه ويقطع حبله السري بنفسه” (عربي21).

 

ثانيًا: تطورات المشهد الداخلي:

1ـ تعديل الدستور والنظام الرئاسي:

يخيم على المشهد السياسي الداخلي لتركيا قضية أساسية وهي التعديلات الدستورية المرتقبة والتحضير للتحول إلى النظام الرئاسي، والذي دار حوله الكثير من المناقشات في الفترة الماضية، كان أبرزها تصريحات أحد أبرز كوادر حزب العدالة والتنمية ووزير الغابات وشئون المياه “ويسل أرأوغلو”: “إن النظام الجديد سوف لن يتضمن منصب رئيس وزراء، وسيكون رئيس الجمهورية، ومن المحتمل أن يكون إلى جانبه نائب للرئيس كما في النظام الرئاسي الأمريكي، وربما سيكون في نظامنا أكثر من نائب للرئيس، وأن الوزراء سيتم اختيارهم من خارج البرلمان، وسيقوم النواب في البرلمان بإعداد القوانين، وستكون السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية منفصلتين، وأن رئيس الوزراء “بن علي يلدريم” قدَّم مشروع التعديل الدستوري، إلى زعيم حزب الحركة القومية التركية المعارض “دولت باهجه لي”، خلال اللقاء الأخير بينهما، ومن ثم سيُقدم المشروع إلى البرلمان للمصادقة عليه، عقب إجراء حزب الحركة القومية دراسة عليه” (الأناضول).

فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى أن قطع صلة رئيس الجمهورية عن الحزب السياسي الذي ينتمي إليه يؤدي إلى ضعف النشاط السياسي والهيكل الفعّال في البلاد، وأكّد أن العمل المشترك بين رئيس الجمهورية وحزبه السياسي يساعد على اتخاذ خطوات قوية وسط إصرار وتضامن أكبر (ترك برس).

ومن ناحيته صرح “دولت باهجه لي” بعد لقائه يلدريم في مقر رئاسة الوزراء: “أرى أن ما تحدث به رئيس الوزراء معنا بخصوص التعديلات الدستورية إيجابي ومعقول، وأعتقد أن لقاءنا المثمر هذا ستنجم عنه تطورات تحمل الخير للدولة وللشعب “. وأضاف “باهجه لي” أنه على الرغم من عدم توصل حزبه وحزب العدالة والتنمية إلى اتفاق نهائي بعد، فإنه يعتقد أن المرحلة المقبلة سيتم خلالها تقنين نطاق عمل رئيس الجمهورية وصلاحياته، بعد أن أصبح يُنتخب من قبل الشعب مباشرة عوضاً عن البرلمان، كما أعرب “باهجه لي” في تصريحات سابقة، عن تأييد حزبه للتوجه إلى استفتاء شعبي حول الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي (هافبوست).

 

2ـ الوضع الاقتصادي:

اتخذت الحكومة التركية عدة إجراءات من أجل تنشيط الاقتصاد في ظل تراجع العملة التركية أمام الدولار بصورة غير مسبوقة، وأعلن وزير المالية التركي “ناجي أغبال”، إن الحكومة قد تلجأ إلى المزيد من التخفيضات الضريبية المؤقتة، لتعزيز النمو الاقتصادي، وذلك بعد تراجع مخيّب للآمال لمعدل النمو في الربع الثالث من العام الجاري. وتراجع معدل النمو الاقتصادي في تركيا خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 3.1%، في مقابل 4.7% في الربع الأول، فيما بلغ 3.9% خلال النصف الأول من العام . وتضرر اقتصاد تركيا جراء الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو، وحالة الضبابية حول قانون الطوارئ الذي فُرض في أعقاب ذلك الانقلاب، وتمديده الذي دفع المستثمرين والمستهلكين إلى تخفيض إنفاقهم. كما زادت المخاوف بفعل انخراط أنقرة بقوة في الصراعات في الجارتين العراق وسوريا . وانكمش الإنتاج الصناعي لتركيا 3.1% على أساس سنوي في سبتمبر 2016، مما دفع الاقتصاديين إلى تخفيض توقعاتهم للنمو ليبدو معدل النمو المستهدف البالغ 3.2% في 2016 أمراً بالغ الصعوبة (تركيا بوست).

وعقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لقاءات مؤخرا مع رؤساء أكبر البنوك في البلاد لحثّهم على خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض والاستثمار . وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في سبعة من اجتماعاته الثمانية الأخيرة، على الرغم من ضعف الليرة، التي سجلت سلسلة من المستويات القياسية المتدنية في الأسابيع الأخيرة . وتستهدف الحكومة التركية نمواً بواقع 4.4% العام المقبل، لكن ذلك يبدو أيضا هدفا متفائلا، حسبما يقول محللون، وعلى وجه الخصوص إذا أجرت تركيا استفتاء على تغيير الدستور لزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية في الربيع المقبل كما هو متوقع (الشرق الأوسط).

ومن ناحية أخرى أفادت الأرقام بتزايد عدد الشركات التي أنشأها السوريون منذ اندلاع الثورة السورية، حيث ارتفع عدد الشركات السورية في تركيا إلى 4963 شركة برأسمال تجاوز 350 مليون دولار، وصرح تشاجري بولوت الأستاذ المساعد في جامعة ياشار بولاية إزمير التركية أن معظم الشركات السورية أسست في الولايات الصناعية والتجارية مثل إسطنبول وغازي عنتاب، ومرسين، وهطاي، وبورصة (يني شفق).

 

3ـ الوضع الأمني:

على الصعيد الأمني بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو الماضي، وفي إطار محاولة الدولة التركية لإعادة هيكلة مؤسساتها الأمنية، فقد قدم المواطنون الأتراك 285 ألف طلب للانضمام إلى كوادر “القوات الخاصة” التابع للقوات الأمنية بالرغم من أنّ العدد المطلوب هو 10 آلاف فقط، وذلك لاستبدال العديد من الأفراد الذين تم فصلهم من الخدمة بتهمة الانتماء إلى جماعة فتح الله جولن التي تصنفها الحكومة التركية كجماعة إرهابية، وتتهمها بعلاقاتها بتنظيم وتنفيذ الانقلاب الفاشل (يني شفق).

كما تستمر الحكومة التركية بتوقيف الموظفين المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم جولن أو بالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني، وأوقفت منتصف نوفمبر الجاري “بكير قايا” رئيس بلدية “وان” وأربعة مسئولين آخرين جنوب شرق البلاد في إطار التحقيقات حول الإرهاب، وأفادت مصادر أمنية أن النيابة العامة في “وان” أصدرت مذكرة بتوقيف “قايا”، وتفتيش منزله ومقر عمله، وقد شاركت في العملية قوات التدخل السريع وفرق مكافحة الإرهاب، حيث قاموا بعمليات مداهمة لضبط “قايا” والمتهمين الأربعة الآخرين، وتم إرسالهم إلى مديرية الأمن لبدء التحقيق معهم (ديلي صباح).

 

4ـ الوضع العسكري:

أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، إن تركيا تتوقع استلام أول طائرتين ضمن مجموعة مكونة من 24 طائرة “إف-35” من شركة لوكهيد مارتن في عام 2018 . وأوضح الوزير أن تركيا ستشتري في المجمل 24 طائرة على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وأنها طلبت بالفعل حتى الآن ست طائرات من بينها الطائرتان اللتان ستسلمان في 2018 . وتنتج لوكهيد ثلاث نسخ من طائرات إف-35 للجيش الأميركي وعشر دول تعتزم شراء هذا الطراز، هي بريطانيا وأستراليا والنرويج والدنمارك وهولندا وإيطاليا وتركيا وإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية (سكاي نيوز).

كما تُجري حاليا في تركيا العديد من مشاريع التطوير في مجال التصنيع الحربي، ومن أهم هذه المشاريع تطوير الطائرات الحربية TF-X التي أعلن أنها ستحل محل الطائرات الأمريكية F-16 ، حيث تعد طائرات TF-X الجيل الخامس للمقاتلات الحربية التركية، التي يتم تطويرها من قبل معهد الصناعات الفضائية التركي بمساعدة تقنية من أنظمة (BAE) البريطانية. كما سيتم عرض هذا النوع من الطائرات على القوات الأجنبية أيضا . وقد قررت الهيئة التنفيذية للتصنيع الدفاعي في 15 ديسمبر 2015، البدء في مشروع تصميم وتطوير وتصنيع جيل جديد من الطائرات المقاتلة لتحل محل طائرات F-16 وتعمل بالتزامن مع طائرات F-35 حيث اعتمدت الهيئة مبلغ 20 مليون دولار كميزانية لمرحلة التصميمات الأولية خلال سنتين، والتي سيتولاها معهد الصناعات الفضائية التركي (تركيا بوست).

 

ثالثًا: تطورات العلاقات التركية المصرية:

أكد المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش مجددًا موقف بلاده من الانقلاب العسكري في مصر، وصرح قائلاً: “نحن نقول منذ أول يوم من الانقلاب (في إشارة إلى الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر عام 2013)، بأنه لا توجد أية مشكلة بين تركيا ومصر”. وأضاف: “نحن لم نقف إلى جانب حزب ما في مصر وإنما وقفنا إلى جانب الديمقراطية”. وتابع: “نحن كأبناء شعب شهد منذ أن تحول النظام السياسي إلى التعددية الحزبية قبل 66 عاما، 5 انقلابات و6-7 محاولات انقلاب، وأخيرا محاولة انقلاب 15 يوليو، قلنا إن الانقلاب سيأخذ من الشعب المصري 50 عاما على الأقل وهذا ما قلناه للنظام الانقلابي بمصر وكذلك بعض الدول الداعمة له”.

وتساءل قائلا: “ما الذي كان سيحدث، ألا يستحق الشعب المصري، الديمقراطية؟ لقد انتخب رئيسا له، وبعد عدة أعوام كان سيختار رئيسا آخر، لكن للأسف فإن العالم لم يصغِ ولم يسمع”. وأكد قورتولموش ضرورة أن يظهر عبد الفتاح السيسي، بوادر حول إمكانية رجوعه إلى النظام الديمقراطي من جديد، وطالب بإطلاق سراح المحكومين السياسيين في مصر، وعلى رأسهم الرئيس، محمد مرسي”. وقال في هذا الخصوص: “هناك العديد من قرارات الإعدام التي نكاد لا نذكر عددها، والتي صدرت بحق السياسيين عقب الانقلاب، على نظام السيسي أولا أن يقوم ببعض الأعمال التي تظهر تخليه عن الممارسات غير الديمقراطية هذه”. واستطرد قائلا: “مثلا هناك في السجن، رئيس مُنتخب من قبل الشعب، ويجب أن تطلق مصر سراحه فورا، محمد مرسي هو الرئيس الشرعي للشعب المصري، ويجب إلغاء قرارات الإعدام السياسية” (الأناضول).

في حين شدَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على متانة العلاقات الشعبية بين مصر وتركيا وقال في لقاء أجرته معه قناة “الجزيرة” ضمن برنامج “المقابلة”: “نحن نفرِّق بين الشعب المصري والإدارة المصرية، الشعب المصري هو كل شيء بالنسبة لنا. نحب الشعب المصري وكأنَّه شعبنا؛ لأنَّ الروابط التي تربطنا قوية جدا؛ لذلك قدمنا دائمًا كل أنواع الدعم لمصر، أما عبد الفتاح السيسي فقد كان وزير دفاع في فريق محمد مرسي، ولكم أن تتخيلوا أنَّ وزيرًا في فريق يستغل سلاح الجيش وقوته للانقلاب على رئيس دولته. لا يمكن القبول بهذا الأمر، نحن إلى جانب كل الحريات وحمايتها، نحن حراس الديمقراطية، والشعب المصري سيجدنا دائما بجانبه في صراعه من أجل الديمقراطية”. (الجزيرة مباشر).

ومن ناحيتها أدان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية التصريحات التي وصفها بأنها “غير المسئولة” التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوار مع قناة الجزيرة القطرية، و”تجاوزه في حق الرئيس المصري، واعتبرها استمرارا لمنهج التخبط وازدواجية المعايير الذي تتسم بها السياسية التركية خلال السنوات الأخيرة”، وأعرب المتحدث باسم الخارجية عن “صدمته لتنصيب الرئيس التركي نفسه حارسا للديمقراطية وحاميا للحريات”. (البوابة).

هذا التلاسن بين الجانبين يُعبر عن استمرار العلاقة المتوترة بينهما، في الوقت الذي لا يرغب فيه كل طرف أن ينفذ شروط الآخر من أجل تقريب وجهات النظر، في حين أن الأوضاع تستمر في التصعيد مع إصرار السياسيين الأتراك على الالتزام بموقفهم الأخلاقي من انقلاب الثالث من يوليو في مصر، بينما تصر القاهرة على عدم التراجع عن موقفها حتى في ظل احتمالية التقارب الاقتصادي بين الجانبين، مع ظهور اكتشافات الغاز قبالة السواحل المصرية، ونوايا تركيا بأن تصبح معبرًا للغاز إلى أوروبا، فيما أكد السيسي على ضرورة جعل مصر مركزًا إقليميًا لتجارة وتداول البترول والغاز، وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنمية اكتشافات الغاز بشرق المتوسط (اليوم السابع).

——————————————

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close