تطورات المشهد السعودي 3 أبريل 2016
يتناول هذا التقرير تطورات المشهد السعودي، خلال الفترة من 25 إلى 31 مارس 2016م، من خلال ما نشرته وسائل الإعلام السعودية، حول الأوضاع الداخلية والخارجية في المملكة، والقضايا المصرية السعودية.
أولاً: حدث الأسبوع:
استحوذ الملف اليمني على اهتمام الإعلام السعودي، على المستوى الموضوعي والإحصائي، مرد ذلك، هو اقتراب موعد الوقف المنتظر لإطلاق النار، الذي “وعد” به المبعوث الدولي للأمم المتحدة في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في العاشر من أبريل 2016، ثم بدء محادثات سلام “نهائية” في الكويت، في 26 أبريل.
الأمر الذي اهتم به الإعلام السعودي على مستوى الحدث الميداني، وحاول صبغ صفة سياسية عليه، كان “نجاح” عملية تبادل للأسرى تمت بين القوات السعودية، والحوثيين، في منطقة حدودية من جنوب المملكة، تم بموجبها استبدال تسعة جنود سعوديين، مع 109 من العناصر الحوثية.
الإعلام السعودي صوَّر الموقف على أنه “نجاح” عسكري وسياسي، بالرغم من أنه كان في إطار ضيق ومحدود، ولا يتعلق بالعمليات على الأرض،
كما أن الإعلام السعودي حاول تصويره في إطار أنه “بادرة خير” أو “بادرة أمل”، لما هو مُنْتَظر من وقف إطلاق النار.
وفي 24 مارس أوردت وسائل الإعلام السعودية، تصريحات العميد ركن أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي، لقناة “سكاي نيوز” عربية، قال فيها، إن “هناك قناعة لدى قيادة التحالف العربي أن الحل في اليمن سيكون سياسيًّا، عبر اتفاق وطني خالص بين السلطات الشرعية ومكونات المجتمع السياسي، بما في ذلك الحوثيين”، مضيفًا أن عمليات “التحالف العربي” في اليمن “ستنتهي بطلب من الحكومة اليمنية”، وأن “هناك وساطات قبلية نرحب بها، للتهدئة لاستعادة عدد من المناطق اليمنية وضعها الطبيعي”.
وهي من التصريحات النادرة لمسؤولين عسكريين أو سياسيين سعوديين، حول الموقف من الحوثيين في أية عملية سياسية مقبلة في اليمن. وارتبطت هذه التطورات السياسية والميدانية، بعدد من الأمور المتعلقة بالأوضاع الأمنية في الداخل اليمني، ولاسيما المناطق التي “حررتها” قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ولاسيما في عدن.
فاهتم الإعلام السعودي بالتفجيرات التي شهدتها عدن خلال الأسبوع الماضي، كما اهتم كذلك بالعمليات السعودية والعربية، وكذلك الضربات الأمريكية بطائرات من دون طيار، ضد معاقل تنظيم القاعدة في مناطق الساحل والداخل اليمني، ولاسيما في الجنوب. حيث صور الإعلام السعودي الأمر على “نجاح ميداني” مهم، واستخدم مصطلحات مثل “تحرير مناطق” من قبضة تنظيم القاعدة.
في الموضوع اليمني كذلك، اهتم الإعلام السعودي بالرد على الاتهامات الموجهة لقوات التحالف الذي تقوده الرياض، باستهداف أهداف مدنية في اليمن، وخصوصًا في الإعلام البريطاني والغربي بشكل عام؛ حيث تنامت مجددًا، مطالب داخل بريطانيا على وجه الخصوص، بوقف تصدير السلاح إلى السعودية.
ثانياً: تطورات السياسة الداخلية:
أعلنت وزارة الداخلية السعودية، عن تجميد أصول أربعة أفراد وكيانَيْن، بتهمة جمع الأموال لمنظمة “لشكر طيبة” الباكستانية، وهي مصنفة إرهابية في المملكة. وشمل التصنيف جمعية الرحمة الخيرية، وجمعية المدرسة العصرية، وكلاًّ من جيمس ماكلينتوك، وعبد العزيز نورستاني، ونافييد قمر، ومحمد إعجاز سفاريش.
ولكن ثمَّة أمر لافت في إعلان وزارة الداخلية السعودية؛ حيث جاء في بيان الوزارة، أن الأمر يتعلق بطلب أمريكي كما يمكن الخلوص من البيان؛ حيث قال: “المملكة والولايات المتحدة الأمريكية تصنفان شبكات جمع أموال لغرض دعم أنشطة إرهابية، وتتخذان إجراء مشترك لتعطيلها”.
وأكدت الوزارة أنه “تم التصنيف الامريكي وفقًا للأمر الرئاسي التنفيذي رقم 13224 والذي يستهدف الإرهابيين والذين يقدمون الدعم للإرهابيين أو الأعمال الإرهابية، فيما تم التصنيف في المملكة لهؤلاء الأفراد والكيانات وفقاً لنظام جرائم الإرهاب وتمويله وبموجب المرسوم الملكي أ/ 44”.
ولكن من دون أية تفاصيل حول سبب الربط بين القرار السعودي وبين القرارات الأمريكية في هذا الشأن، وإن استشفت مصادر أخرى أن الأمر يتعلق بالتنسيق المتواصل بين الطرفين في مجال مكافحة الإرهاب.
ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:
1- الملف العراقي:
يبدو من تناول الإعلام السعودي لموضوع الحكومة العراقية، هو أن هناك بعض التأييد لإجراءات رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، باعتبار أن إلغاء نظام المحاصصة الطائفية في الحكومة سيمس قدرة حلفاء إيران على السيطرة على القرار السياسي في العراق.
وأشارت بعض الأقلام السعودية في هذا الصدد، إلى معارضة كتلة “دولة القانون” التي تدعمها إيران، ويتزعمها نوري المالكي، إلى إجراءات العبادي “الإصلاحية”.
أزمة حصار الفلوجة، وأوضاعها الإنسانية، كانت حاضرة في الإعلام السعودي، ولاسيما الصحوي منه؛ حيث تتعرض المدينة ذات الغالبية السُّنِّية لحصار خانق، ضمن المعركة ضد “داعش”، ودعمت وسائل إعلام سعودية لهاشتاج أو وسم: “#الفلوجة_تموت_جوعا”، الذي أطلقه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
2- الملف التركي:
في الموضوع التركي كان الغالب هو تغطية الأحداث الأمنية في جنوب شرق تركيا، وآخرها تفجير حافلة للأمن التركي في ديار بكر، ونتج عنها مقتل سبعة من عناصر الشرطة التركية، خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى الولايات المتحدة، وعشية زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء، أحمد داوود أوغلو، إلى ديار بكر نفسها.
الملف الحقوقي، وقضية الأكراد، كانت متنوعة في اتجاهات تناول الإعلام السعودي لها، ولكن سيطر التناول السلبي على تغطية وسائل الإعلام اللندنية، وخصوصًا “الحياة” و”الشرق الأوسط”، وموقع “إيلاف”؛ حيث كانت هناك انتقادات عدة، بدت “ممنهجة” تجاه السياسة التركية في المنطقة، حيث ركزت على محاكمة الصحفيين في تركيا، و”الانتهاكات” في ملف حقوق الإنسان (الرابط)، في البلاد، وكذلك عمليات التوقيف التي تتم في تركيا في حق عناصر من “داعش”، ثم من جبهة “النصرة” كذلك، خلال الأسبوع المنصرم (الرابط).
موقع “إيلاف” كان شديد الهجوم على إجراءات الحكومة التركية في كلا الاتجاهَيْن السابقَيْن، وشكك في الرواية التركية في صدد طبيعة وهوية المعتقلين، ووصفهم بأنهم “إرهابيون مفترضون”، وليس كما تقول عنهم الحكومة التركية.
رابعاً: القضايا المصرية:
1- ظل حدث زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، المرتقبة إلى مصر، ضمن أهم اهتمامات الإعلام السعودي فيما يتعلق بالعلاقات المصرية السعودية؛ حيث كانت هناك تأكيدات عدة على “متانة” العلاقات المصرية السعودي. وفي ذلك يقول يوسف القبلان، في مقال له بعنوان “السعودية ومصر والعلاقات الراسخة”، نشرته “الرياض”، الخميس، 31 مارس، إن العلاقات السعودية المصرية “تتسم بالمسؤولية والتمسك بالمبادئ التي تحافظ على مصالح الأمتين العربية والإسلامية، وتعزز العمل من أجل المصالح المشتركة” (الرابط).
وأكد على عدد من الأمور التي دأبت بعض الأقلام السعودية على تناولها خلال الفترة الماضية، والمتعلقة بأدوار تلعبها “بعض الأطراف”، لإفساد هذه العلاقات.
وبينما تحدث القبلان من دون الإشارة إلى هوية هذه الأطراف، فإن مقالات أخرى أشارت إليها صراحة، بالإخوان المسلمين؛ حيث تزايد الهجوم على الإخوان في الفترة الأخيرة، تبعًا للصعود الحاصل في مؤشرات العلاقات المصرية السعودية.
2- حدث الطائرة المصرية “المخطوفة” من مطار برج العرب، والتي ذهب بها خاطفها إلى قبرص. بعض المدونين والنشطاء السعوديين، شاركوا نظراءهم المصريين السخرية من الحدث، وفق ما ظهر منه من أمور لا معقولة، تشكك في الحادثة من الأصل، ومن بين ذلك تصوير الخاطف مع بعض الركاب والمضيفة الجوية المصرية، قبل استسلامه، أي خلال عملية الخطف. وشككوا في أن الحادث من تدبير السلطات المصرية، لأجل التغطية على بعض الأمور الداخلية، وكذلك لإظهار واجهة إيجابية لتعامل الدولة مع الأزمات.
3- حدث إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، وتحويله للمحاكمة، بتهمة الإضرار بالأمن القومي، وسوء استغلاله لوظيفته: بينما اقتصر تناول الإعلام الفضائي والمقروء السعودي على الجانب الإخباري للحدث؛ شهدت تغريدات المدونين السعوديين والمواقع الصحوية، بعض التجاذب بشأن حقيقة الموقف، وحول جنينة ذاته؛ حيث انتقدته بعض الرموز المنتمية للتيار الصحوي، باعتبار أنه أحد أهم مؤيدي انقلاب يونيو/ يوليو 2013م، في مصر، وأن ما يجري، إنما هو تصفية حسابات ما بين النظام وبعض داعميه السابقين.
4- سيناء: اهتمت مواقع صحوية، مثل “الإسلام اليوم”، بحملة تصاعدت على مواقع التواصل الاجتماعي، حول ما قالوا إنه جريمة مقتل جنين داخل رحم سيدة حامل أصابها رصاص قوات الأمن المصرية في سيناء، تبعًا لما قاله المرصد السيناوي لحقوق الإنسان؛ حيث كشف عن قيام الأمن المصري، بإطلاق رصاصتين على سيدة “حامل في الشهر السابع”، مما أدى لإصابتها في قدمها وبطنها، وقتل جنينها. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورة الجنين، بعد استخراجه من بطن والدته متوفيًا، الأمر الذي أثار غضب النشطاء (الرابط).
5- المحاكمات: ظهر هذا الأسبوع اهتمام من جانب المصادر إلإعلامية في داخل المملكة، بملف محاكمات قادة الإخوان في مصر، بينما اهتمت المصادر الصحوية بملف المعتقلين وانتهاكات حقوق الإنسان في السجون المصرية بشكل عام، ومن بين الأخبار اللافتة في هذا واهتمت بها هذه المصادر، رفض محكمة جنايات القاهرة تظلمًا من الأستاذ محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، على حبسه احتياطيًّا لمدة عامَيْن على ذمة القضية المعروفة إعلاميًّا بـ”أحداث مكتب الإرشاد”.
يرتبط بذلك كذلك، اهتمام ظاهر بالأحكام الصادرة بحق معارضي حكم العسكر، والتي كان آخرها في المدى الزمني للتقرير، ما قضت به محكمة مصرية، مساء الخميس، 31 مارس، بمعاقبة 96 معارضًا، بالسجن لمدة 3 سنوات، على خلفية 3 قضايا، تتضمن القيام بـ “أعمال عنف والتظاهر بمحافظة الشرقية”.
الجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه القضايا في الإعلام السعودي:
الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي
الشكل رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي
الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي
الشكل رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي
الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي
الشكل رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي
خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:
1. تركيا: خطاب سلبي متصاعد، وخصوصًا في الملف الحقوقي، باستثناء المواقع الصحوية.
2. إيران وحلفاؤها في المنطقة: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي.
3. الولايات المتحدة: استمرار في التصعيد في الخطاب السلبي.
4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: استمرار في التصعيد السلبي.
5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: تصعيد في المواقف السلبية، باستثناء المواقع الصحوية.
6. مصر: محايد أو إيجابي بحسب المصدر، باستثناء المواقع الصحوية.
سادساً: الاستنتاجات والتوصيات:
– الاستنتاجات:
1. أثبتت الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة فيما يخص العلاقات المصرية السعودية، صحة تقديرات سابقة بشأن ارتباط الموقف من الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، بالعلاقات المصرية السعودية، إيجابًا وسلبًا؛ حيث إن التحسن الكبير الحاصل في علاقات البلدين، أدى إلى حملة غير مسبوقة على الإخوان المسلمين والعمل الخيري في المملكة، وهو ما بدا في القرارات الأخيرة بحق الجمعيات المتهمة بدعم “لشكر طيبة” الباكستانية.
2. هناك أزمة حقيقية في تحالفات الرياض في المنطقة، وخسرت الرياض في الفترة الأخيرة بالفعل، كلاًّ من باكستان وتركيا، في ظل تباين المصالح، وصعوبة تحقيق مطالب الرياض التي تدفع المنطقة إلى مواجهة أسوأ بكثير من الفوضى الراهنة، والتي تظل إلى الآن مضبطة بقيود القوى الدولية الكبرى، فيما لو توسع الصراع في المنطقة لكي يشمل دول التحالف العربي والإسلامي الذي تسعى إليه الرياض، ضد إيران؛ فسوف تكون حربًا وفوضى مدمرة.
– التوصيات:
1. هناك أهمية لوضع خطط عمل جديدة للمرحلة القادمة، لأنصار الشرعية في الداخل والخارج، تعتمد على وضع أدوات جديدة، وتضع في الاعتبار كذلك إمكانية فقدان الحليف التركي.
2. تطوير آليات عمل إعلامية مباشرة للتواصل مع الرأي العام السعودي بشكل مباشر.
3. يوصى بالمزيد من الدراسات عن:
– إعادة رسم خرائط القوة الجيوسياسية في المنطقة العربية بعد التطورات الأخيرة في سوريا وليبيا وأثرها على المشروع الإسلامي السياسي الصحوي، والجهادي.