fbpx
المشهد السيناوي

المشهد السيناوي ديسمبر 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

شهد شهر ديسمبر 2016، استمرار قوات الجيش المصري في محاولة السيطرة على مناطق نفوذ المسلحين، ولقد أدى هذا إلى ارتفاع الخسائر عند الطرفين من حيث الدرجة العسكرية أو التنظيمية للقتلي من كلا الطرفين، أيضاً منع المسلحين أصحاب الأنفاق على الشريط الحدودي من إرسال أي مواد عبر الأنفاق لحركة حماس، ونتناول في هذا تقرير هذا الشهر تطورات المشهد السيناوي.

 

أولاً: التطورات الحقوقية:

شهد شهر ديسمبر ارتفاعاً كبيراً في عدد القتلى من الأطفال في محافظة شمال سيناء بسبب القصف الجوي والمدفعي لقوات الجيش المصري، وقد رصدت وحدتي الرصد الميداني والإعلامي بـ مركز الندوة للحقوق والحريات إنتهاكات قوات الجيش والشرطة المصرية من جهة والمسلحين من جهو أخرى، بحق السكان المدنيين بسيناء خلال شهر ديسمبر، على الوجه التالي:

 

أ : محاكمات غير عادلة:

قامت نيابة أمن الدولة العليا بتسليم المدعى العام العسكرى ملف قضية رقم ٥٠٢ لسنة ٢٠١٥ حصر أمن دولة عليا، والمعروفة إعلامياً بقضية “ولاية سيناء”، والمتهم بها ٢٩٢ شخصاً، بدعوى تكوينهم ٢٢ خلية مسلحة والتخطيط لاغتيال السيسي فى مصر والسعودية، وبهذا التحويل سيتم محاكمة كل المتهمين أمام القضاء العسكري، وتعرض الكثير من المتهمين لفترات طويلة من الإختفاء القسري، كما تم في شهر ديسمبر الحاق مجموعة جديدة من المختفين قسرياً حديثاً لنفس القضية بعد اظهارهم أمام نيابة أمن الدولة.

 

ب : الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي

تم رصد عدد ١٤ حالة (حد أدنى) احتجاز تعسفي واختفاء قسري، ورصد اختطاف واختفاء اثنين أشقاء (عطا الله، وسعيد محمد سليم سليمان) من منطقة الجفجافة بوسط سيناء على يد مسلحين مجهولين، وفي المقابل إطلاق سراح اثنين من المختفين قسرياً على يد قوات الأمن المصرية وهم (المواطن/ رائد سعيد – من مدينة العريش حيث عاد لمنزله بتاريخ ٥ ديسمبر، المواطن/ سيد أبو سليم – من مدينة الشيخ زويد حيث عاد لمنزله ١٨ ديسمبر)، وكنا قد رصدنا اختفائهم في حينها.

وبتاريخ ٢٣ ديسمبر نشرت جريدة (الوطن) عن قيام القوات الأمنية، بالإفراج عن مجموعة من الموقوفين والمحتجزين دون اتهامات من أبناء سيناء بسجني العزولي والجلاء العسكري بمحافظة الإسماعيلية، وقد بلغ عدد المفرج عنهم ٥٥ معتقلاً، جميعهم من أبناء محافظة شمال سيناء من مناطق (بئر العبد، الشيخ زويد، رفح)، من بينهم: إسلام سليمان محمد،محمد شاكر عودة،أحمد محمد رشاد رشوان، عواد سلامه سالم عيد،أحمد سليمان حسن مضغان،سليمان حسين مضغان حسين، نور حسن حمدان حميد، سليمان علي سليمان محمد،عبدالحميد علي صبيح، عمر حسين محمد سويلم،يسري شاكر عبده عيد،أحمد شحاته عبدالحميد،سامي أحمد زايد سليمان،شعبان محمد حمدان سلامه، إبراهيم مسلم رشيد، عيد سلامه عيد سليمان، نصار صالح سلام عودة، عمر سليمان محمد شديد، عبد الحميد حسن مسلم سلمي “معتقل منذ عامين”، إبراهيم أحمد حمد، عمر أحمد حماد المنيعي.

 

ج: القتل خارج إطار القانون

تم رصد ٤٤ حالة قتل وتصفية جسدية (حد أدنى)، وإصابة ١٠ مواطنين وفق المصادر الاعلامية الرسمية والخاصة المقربة من الحكومة المصرية (الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري، والصحف المصرية الرسمية والخاصة)، ورصد ٣ حالات اغتيال لمواطنين على يد المسلحين على خلفيات الإتهام بالتعاون مع قوات الأمن، وإصابة سيدة، ورصد ميداني وإعلامي لـ ٢٠ حالة قتل (حد أدنى)، بينهم ١٣ طفلاً وسيدة واحدة على يد قوات الجيش المصري.

وكذلك إصابة ٢٣ مواطناً بينهم ٦ أطفال وسيدتين جراء إطلاق النار وقصف عشوائي لقوات الأمن المصرية، ومقتل شاب وإصابة ٤ أطفال نتيجة انفجار عبوة ناسفة بسيارتهم المدنية.

 

د: الانتهاكات الاقتصادية والاجتماعية

1ـ تدمير (٢٤) منزلاً وتضرر صيدلية، بسبب القصف المدفعي وإطلاق الرصاص العشوائي من قبل قوات الجيش المصري، وحرق عدد غير معلوم من عشش ايواء النازحين بمنطقي حي السمران بمدينة العريش، وحرق عدد (١٥) دراجة بخارية وسيارة واحدة، ومصادرة ثلاثة شاحنات.

2ـ رصد (٢٣) حالة قصف منها تسعة حالات قصف جوي لأحياء ومناطق سكنية، نفذتها قوات الجيش المصري، وكان أكثر الأكمنة العسكرية الذي يعتمد سياسة القصف المدفعي العشوائي، كمين البوابة غرب منطقة الشيخ زويد.

3ـ استمرار قوات الجيش المصري بتجريف الأراضي الزراعية الخاصة بالمواطنين جنوب مدينة العريش، واستمرار معاناة سكان مناطق الجورة والظهير وسيبانة وأبوالعراج، نتيجة إغلاق قوات الجيش الطريق المؤدي إلى وسط مدينة الشيخ زويد منذ شهر مما أثر على قدرتهم الخاصة بشراء مستلزماتهم اليومية، مع استمرار عدم صرف التعويضات الخاصة بأهالي حي الترابين بمنطقة الشيخ زويد، نتيجة تدمير قوات الجيش لمنازلهم، وتعنت ومنع قوات الجيش لمرور الأغذية والأدوية والمستلزمات الأساسية لأهالي رفح والشيخ زويد، من خلال كمين الريسة.

4ـ رصد واقعة فساد خاصة بأحد ضباط الجيش المصري، حيث يقوم أحد الضباط بالكمين العسكري المقام بمنطقة أم شيحان التابعه لمركز الحسنة في وسط سيناء، بتحصيل مبلغ (٢٠٠٠ جنيه) مقابل أن يسمح للشاحنات التجارية الذاهية لرفح ان تمر من جميع الكمائن دون مضايقات.

5ـ تحول ظاهرة انقطاع الكهرباء والمياه من مشكلة متكررة في بعض المناطق بشمال سيناء، إلى مشكلة دائمة لم تعد قاصرة على مناطق رفح والشيخ زويد، بل امتدت لتشمل بعض المناطق بمدينة العريش وبئر العبد، وهذا نتيجة تهالك شبكة الكهرباء من أسلاك ومحولات، وتاثرها بالأمطار والرياح، مما جعل انقطاع الكهرباء مشكلة دائمة، بالإضافة إلى تسبب هذا في انقطاع المياه أيضاً، هذا بجانب تعمد قوات الجيش لقصف خط الجهد العالي ٦٦ كهرباء المغذي لمدينتي رفح والشيخ زويد، بغرض إخراجه عن الخدمة بعدما يتم اصلاحه في كل مره.

 

ثانياً: التطورات العسكرية والأمنية:

1ـ العمليات العسكرية:

(أ) رغم أن شهر ديسمبر يعتبر هادئاً نسبياً من حيث عدد الهجمات والحملات العسكرية، إلا أنه شهد ارتفاعاً في الخسائر البشرية بين طرفي الصراع في شمال سيناء، وشهدت تلك الفترة زخماً متنوعاً، حيث مازالت قوات الجيش المصري تحاول بسط سيطرتها الأمنية على مناطق المقاطعة، الخرافين، الظهير، الجورة، المهديه، وشيبانة بجنوب رفح والشيخ زويد، بالإضافة إلى تجريف مزارع المواطنين جنوب العريش، ووفق ما أعلن بشكل رسمي عبر المتحدث العسكري للجيش المصري عبر ثلاثة بيانات (1) (2) (3)، فقد اسفرت العمليات العسكرية عن (اكتشاف وتدمير عدد 19 فتحة نفق جديدة على الشريط الحدودى بشمال سيناء، وتصفية 8 أشخاص، واعتقال عدد 4 مشتبهاً بهم، وتوقيف والتحقيق مع عدد 88 مشتبهاً بهم، وتدمير مخزن للعبوات الناسفة، وتدمير عدد من البنايات).

(ب) ذكرت جريدة (اخبار اليوم) الرسمية أنه قد تم العثور على مخزن أسلحة بالقرب من مدينة بئر العبد، مدفون تحت الرمال الصحراوية في تجاه طريق الحمة المؤدي إلى وسط سيناء، أيضاً قامت القوات الأمنية بعمل تمشيط على طريق “السدرة – الجورة” جنوب الشيخ زويد، وشن حملة مداهمات على مناطق السكاسكة والوادي الأخضر وجرادة شرق مدينة العريش، وقرى شيبانة والوفاق جنوب مدينة رفح، وبعض المناطق بكرم القواديس، مع تشديد الحصار على منطقة المزارع جنوب مدينة العريش، قيام سيارات الكشف عن الألغام وخبراء المفرقعات بتمشيط موسع لجانبى الطريق الدائرى المطل على تلك المزارع، للبحث عن أى عبوات ناسفة، فضلاً عن تمشيط الطريق الدولى “العريش-القنطرة شرق”، وبالترافق مع هذا قام سلاح الطيران  بتنفيذ عمليات استطلاعية بمناطق قرية المهدية جنوب مدينة رفح، بخلاف القصف المدفعي والجوي المستمر لمناطق عدة.

(ج) أعلن المسلحون بولاية سيناء أنهم قاموا بقصف معبر العوجة الحدودي مع الاراضي المحتلة الفلسطينية بصاروخين نوع (جراد)، بعد غياب لمدة ليست بقصيرة لاستخدام هذا النوع من الصواريخ في مثل تلك عمليات، وحاول المسلحون تنفيذ عدة هجمات متفرقة في تلك الفترة، منها هجمات على كمين أبو طويلة جنوب مدينة الشيخ زويد (أخبار اليوم)، وهجوم على كمين المطافئ بالعريش، ولكن برصد الهجمتين يظهر فشلهما، إلا إذا كان المستهدف منهما هو الاستنزاف والإشغال فقط، هذا في ظل سياسة اعتمدها المسلحون قائمة على الاعتماد بالأساس على العبوات الناسفة ثم الكمائن السريعة والخاطفة، خصوصاً بعد زيادة انتشار القوات العسكرية وتوغلها في مناطق نفوذهم.

ولفهم خريطة النفوذ يرجي الرجوع للمناطق التي ركزت عليها قوات الجيش المتقدمة، ثم ربط هذا بتعرض تلك القوات للمواجهات أثناء تقدمها في منطقة الظهير جنوب شرق الشيخ زويد وغرب رفح، كما حدث اشتباك مع الحملة العسكرية المتمركزة بجوار كمين المهدية، أيضاً تم استهداف سيارة “هامر” كانت تشن حملة مداهمات مع قوة أمنية بقرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد، ولوحظ أن معظم الاشتباكات تتم عن طريق تفجير عبوة أو عبوات ناسفة يتبعها هجوم بعدد قليل من المسلحين ثم الانسحاب سريعاً.

وكانت مجمل خسائر الجيش المصري، وفق ما رصدته تقارير المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية خلال ديسمبر 2016: مقتل 26 فرداً عسكرياً منهم 4 ضباط، وإصابة 54 فرداً عسكرياً من قوات الجيش والشرطة بينهم عدد 10 ضباط واثنين أمناء شرطة، واغتيال ثلاثة أشخاص بدعوى التعاون مع قوات الجيش والشرطة. وجاءت هذه الخسائر نتيجة عدد 14 مرة استهداف واشتباك مع القوات المهاجمة، وعدد 2 عبوة تم تفجيرها في دوريات راجلة، وواحد عملية قنص ضد أحد كمائن الجيش، هذا بالإضافة إلى العبوات الناسفة التي أدت إلى تدمير واعطاب عدد 12 مدرعة، وسيارة نقل عسكرية.

 

2ـ التعاون العسكري المصري مع الكيان الصهيوني:

بدأ ضباط من جهاز الموساد الصهيوني معاودة الاتصال من جديد بسكان المنطقة الحدوديه بشرق سيناء (سيناء24)، في إطار محاولة تجنيدهم كمصادر معلومات، ورغم أن هذه ليست المرة الأولى ورغم أن الأهالي قاموا بإبلاغ الأجهزة الأمنية المصرية المختصة إلا أن بلاغاتهم قوبلت بعدم اهتمام، يأتى هذا في ظل قيام طائرات بدون طيار صهيونية بتنفيذ عمليات قصف داخل الأراضي المصرية بمنطقة سيناء في إطار استهداف قادة “تنظيم ولاية سيناء”، ولكن أحد تلك الغارات  بمنطقة وادي لصان القريب من الحدود المصريه مع الأراضي المحتلة، أدت إلى مقتل فتى قاصر (إبراهيم محمد سالم الغيوث 18عاماً) من قبيلة التياها (سيناء24).

 

3ـ الصرع بين حركة حماس الفلسطينية وتنظيم ولاية سيناء:

في شهر نوفمبر 2016 نقلت وسائل إعلام متعددة، قيام مسلحين من تنظيم ولاية سيناء بإبلاغ أصحاب الأنفاق في مدينة رفح بغلقها على الفور وتحذيرهم من نقل أي بضائع تجاه قطاع غزة (سيناء24)، وبتتبع الأمر تم رصد قيام أعضاء تنظيم ولاية سيناء بمنع حركة عبور البضائع تجاه قطاع غزة، رداً على ما أسموه اعتقال وتوقيف حركة حماس لبعض أبناء القطاع من المتعاطفين أو المؤيدين للتنظيم، بل لقد عقدت جريدة النبأ التابعة لتظيم الدولة لقاء صحفي مع أبو هاجر الهاشمي والي سيناء الجديد، وتم سؤاله عن حركة حماس فتعمد وصفها بالمرتدة ثم قام بتبيان ذلك موجهة رسالته بشكل خاص لأعضاء كتائب عز الدين القسام بطرح مجموعة من الأسئلة تاركاً لهم الإجابة عنها.

من المعلوم أن هناك أزمة قديمة بين حركة حماس والسلفية الجهادية بعد سيطرة الحركة على القطاع ووضع قيود على حركات السلفية الجهادية، وكان ذروة هذا التوتر سابقاً قبل الثورة، فيما يعرف بحادثة مسجد ابن تيمية بمنطقة رفح الفلسطينية، ليعود الصراع الآن للتصاعد بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة، ليشترط تنظيم ولاية سيناء الإفراج عن جميع من تم توقيفهم واعتقالهم في قطاع غزة مقابل السماح بعودة حركة الأنفاق إلى طبيعتها.

 

ثالثاً: التطورات الاقتصادية والتنموية:

1ـ انتهي شهر نوفمبر 2016 بخبر عن مصدر بهيئة الثروة المعدنية أنه سيتم طرح مزايدة للذهب عالمية فى شهر ديسمبر المقبل، وستتضمن منطقة فى جنوب سيناء وفق مصادر مسئولة بقطاع البترول والثروة المعدنية (اليوم السابع)، ولكن وبمتابعة ما نشر بشهر ديسمبر لم نرصد أى أخبار حول تلك المناقصة.

2ـ على صعيد السياحة، فما زالت السياحة الروسية متوقفة حتى الآن رغم التصريحات الإعلامية للمسئولين المصريين عن عودتها قبل نهاية عام 2016، يأتى هذا في ظل إصدار وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً لرعاياها من السفر إلى مصر أيضاً نظراً لوجود ما وصفته بتهديدات من الجماعات الإرهابية.

حيث ذكرت أنه يمكن أن تحدث هجمات إرهابية في أي مكان في البلاد رغم ما تتخذه السلطات المصرية من تعزيزات أمنية، وأضافت الوزارة في بيانها أنه على الرعايا الأميركيين تجنب السفر إلى الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء خارج منتجع شرم الشيخ (الجزيرة)، ولكن ورغم هذا شهد مطار شرم الشيخ الدولي استقبال أول رحلة طيران منتظمة قادمة من ألمانيا على إحدى خطوط الطيران المصري وعلى متنها 185 سائحاً ألمانياً، ومن المتوقع أن يكون مجموع الطائرات القادمة من ألمانيا خمس طائرات أسبوعيا (الوطن).

3ـ على صعيد التنمية والحد من الكوارث: طلب اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، من المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، استكمال منظومة حماية جنوب سيناء من أخطار السيول والتي وافق عليها عبد الفتاح السيسي العام الماضي، حيث تم الإنتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى لحمايتها من السيل منذ عام، بتكلفة 350 مليون جنيه، من أصل 600 مليون جنيه إجمالي تكلفة المرحلتين.

يُذكر أن المشروع يتكون من أربعة سدود عملاقة ونحو 6 بحيرات صناعية لتخزين ما يقرب من 15 مليون متر مكعب من المياه ويتم تخزينها ليستطيع أهل المنطقة الاستفادة منها في الأغراض الزراعية، ونجحت المرحلة الأولى حتى الآن من حماية منطقة طابا ووادي وتير بالسيول، بينما تهدف المرحلة الثانية لحماية مدن “دهب، أبوزنيمة، رأس سدر” (الوطن).

 

رابعاً: دلالات التطور:

1ـ يحاول تنظيم ولاية سيناء حالياً استيعاب الهجمة العسكرية عليه في ظل خسائر عالية في طبيعة الأفراد، وهو ما يدل على نجاح الأجهزة الأمنية في إحداث اختراق فعال داخل بنيان التنظيم أو في مناطق نفوذهم، حيث ارتفعت وتيرة الاستهدافات الجوية والتي يُعد من أبرز نتائجها مقتل (طارق خليل محمود بدوان) وهو قيادي سابق في كتائب عز الدين القسام قبل أن يتركها، وطارق بدوان ليس القيادي الأول في التنظيم الذي يتم اغتياله عبر قصف جوي خلال عام 2016، حيث قتل قبله عدة قيادات كان أبرزهم “أبى دعاء الأنصاري” أمير التنظيم السابق.

2ـ محاولة التنظيم جعل مناطق نفوذهم في سيناء قاعدة تدريب وانطلاق للمقاتلين إلى داخل عمق النظام المصري، ولعل عملية تفجير الكنيسة البطرسية بمنطقة العباسية بمحافظة القاهرة، تُوضح ذلك. ويبدو أن التنظيم، وفي ظل قيادته الجديدة، سيوسع من دائرة عملياته واستهدافاته وبشكل معلن، ولعل هذا ظهر في عمليتي قتل اثنين من كبار شيوخ الصوفية من الطريقة الجريرية القريبة من النظام المصري، وحادثة تفجير الكنيسة البطرسية، بل وقد تشمل أعضاء برلمانيين وأعضاء لحزب النور وغيرهم.

3ـ التنظيم يعترف بحجم الحملة العسكرية عليه ويحاول مواجهتها بالحفاظ على عناصره والاعتماد على عمليات زرع العبوات الناسفة بشكل أكبر، واقتناص أي فرصة للإغارة السريعة على الإرتكازات والكمائن العسكرية لتعويض خسائره من السلاح والذخيرة. ويحاول الجيش المصري تثبيت قواته والسيطرة، بينما يحاول التنظيم البقاء بفاعلية وجعل المعركة معركة استنزاف طويلة الأمد.

4ـ باستقراء الصراع الدائر بين حركة حماس وعناصر تنظيم ولاية سيناء، يتضح أنه لايصب إلا في صالح النظامين المصري والإسرائيلي، حيث أن غياب الاستقرار السياسي في قطاع غزة يضعف من سلطة حركة حماس وشعبيتها، وأزمة الأنفاق تساهم في زيادة الأزمة الإقتصادية وأيضاً تحد من القدرة العسكرية لكتائب القسام.

5ـ يتضح من المقابلة التي أجراها “سايفر بريف” مع “ديفيد شينكر” مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “وهو من المعاهد الداعمة للنظام الإسرائيلي” تحت عنوان “الحفاظ على العلاقات خلف الأبواب الموصدة“، حجم التطور في العلاقات في عهد عبد الفتاح السيسي حتى وصلت إلى التواصل مرة واحدة على الأقل أسبوعياً بين نتنياهو وعبد الفتاح السيسي.، أيضاً أن المصالح المشتركة بين النظامين لاتقتصر على سيناء وفقط، بل تمتد لتشمل حركة “حماس” كمصدر تهديد، اظهرت المقابلة ان التطلعات الإقتصادية الإسرائيلية في مصر تدور حالياً حول مسألة المياه واستغلال البنية التحتية لمنشآت الغاز الطبيعي المصرية لتصدير الغاز عبر الأراضي المصرية (1).

—————————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
Close
زر الذهاب إلى الأعلى
Close