fbpx
ترجمات

تقرير أمريكي: اللوبي الإماراتي وتشكيل سياسة أمريكا الخارجية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

أصدر “مركز السياسة الدولية“، وهو مركز أبحاث أمريكي مستقل غير هادف للربح تأسس عام 1975، عبر “مبادرة شفافية التأثير الأجنبي”، التي يرأسها بن فريمان، الثلاثاء 15 أكتوبر تقريراً بعنوان: “اللوبي الإماراتي: كيف تفوز الإمارات في واشنطن”. يسلط التقرير الضوء على نشاط دولة الإمارات العربية المتحدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية والمؤسسات الأمريكية التي تسوّق لرؤيتها السياسية وتدافع عن مواقفها. ويكشف التقرير أيضاً جزءاً من محاولات تأثير أبو ظبي على السياسة الخارجية التي تنتهجها واشنطن عبر مجموعات ضغط تحرص على تمويلها ودعمها.

وقد رصد التقرير عشرين شركة عملت كوكلاء أجانب لعملاء في الإمارات العربية المتحدة وتلقت أكثر من عشرين مليون دولار من حكومة أبو ظبي. وسجل التقرير نحو 3,168 نشاطاً سياسياً معلناً عنه تم تنظيمه عن طريق هذه الشركات نيابة عن الإمارات، حيث اتصلت هذه الشركات نيابة عن الإمارات بأكثر من 200 مكتب للكونجرس، وكذلك 18 مركزاً بحثياً ومعظم وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية، بالإضافة إلى التفاعل الضخم بين هذه الشركات ومراكز الدراسات الممولة من الإمارات. وخلص التقرير إلى أن هذه الأنشطة ساهمت إلى حد كبير في نجاح اللوبي الإماراتي في تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة؛ وذلك عبر أعضاء الكونجرس الذين ظلوا يحاربون من أجل استمرار الدعم العسكري الأميركي للإمارات، وكذلك من خلال خبراء في مجال الشرق الأوسط يعمل بعضهم في مؤسسات تتلقى تمويلاً من الإمارات بملايين الدولارات والعمل بشكل وثيق مع الصحفيين والمراسلين في كل وسائل الإعلام الرئيسية تقريباً، حسبما ذكر التقرير.

وقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة التقرير، وذلك على النحو التالي:

الملخص التنفيذي

في شهر أكتوبر من عام 2018، وبعد القتل الوحشي للصحفي السعودي المعارض وكاتب العمود المشارك في الواشنطن بوست الأمريكية، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بتركيا – الجريمة التي خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أنها تمت بتكليف من ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان – أصبحت حكومة السعودية منبوذة في واشنطن العاصمة؛ فألغت العديد من شركات الضغط والعلاقات العامة تعاملاتها مع السعوديين، ورفضت بعض مراكز الأبحاث تلقي أموال سعودية، وأعادت العديد من الجامعات الأمريكية تقييم الدعم المالي السعودي المقدم لها. وفي الجانب الآخر، ظلت الإمارات العربية المتحدة، حليف المملكة العربية السعودية، يُنظر إليها في معظم دوائر العاصمة واشنطن على أنها الحليف القوي للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه لم يكن للإماراتيين علاقة بقتل خاشقجي، إلا أنهم كانوا يعملون جنباً إلى جنب مع السعوديين في الحرب المدمرة الدائرة في اليمن. وساهم تورط الإماراتيين في اليمن – بما في ذلك تمويل برنامج للاغتيالات المستهدفة هناك – في جعل الحرب هناك أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ولدى الإمارات العربية المتحدة، مثلها في ذلك مثل المملكة العربية السعودية، سجل بغيض في مجال حقوق الإنسان، حيث تحتجز وتخفي مواطنيها قسرياً بصورة تعسفية، كما تسجن الأكاديميين الغربيين بصورة غير قانونية.

فكيف إذن حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على وضعها المتميز في واشنطن؟ وباختصار، فإن الإمارات العربية المتحدة تقوم بحملات واسعة النطاق لها تأثير كبير على وضعها في الولايات المتحدة من خلال جماعات الضغط والعلاقات العامة الأمريكية التي اتاحت لأبو ظبي التأثير بشكل كبير على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، بينما أخفت الحماقات التي ترتكبها الإمارات العربية المتحدة عن الأنظار إلى حد كبير. وفي هذا التقرير، نحاول سرد قصة هذا التأثير الذي تمارسه أبو ظبي في واشنطن.

وقد قامت مبادرة شفافية التأثير الأجنبي، وهي برنامج تابع لمركز السياسة الدولية، بتحليل كل بيان إضافي تم تقديمه في عام 2018 لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب من قبل منظمات تعمل نيابة عن العملاء في الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال هذا التحليل وجدنا الآتي:

– عملت 20 شركة مختلفة كوكلاء أجانب مسجلين في الولايات المتحدة لصالح العملاء في الإمارات العربية المتحدة؛

– تم دفع أكثر من 20 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه الشركات؛

– تم تنفيذ 3,168 نشاطاً سياسياً معلناً عنه عن طريق هذه الشركات نيابة عن الإمارات؛

– قامت هذه الشركات بالتواصل مع أكثر من 200 مكتب للكونجرس، و18 مركزاً بحثياً، ومعظم وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية نيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة؛

– كانت هناك تفاعلات كبيرة بين هذه الشركات التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة ومراكز الأبحاث الممولة من الإمارات في واشنطن؛

– تم إنفاق ما يقرب من 600,000 دولار على الحملات التي قامت هذه الشركات ووكلاؤها الأجانب؛

وقد ساهم كل هذا في نجاح اللوبي الإماراتي في تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة. حيث يواصل أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين يعملون مع الإماراتيين جهودهم الحثيثة من أجل ضمان استمرار الدعم العسكري الأمريكي للإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى الجهود التي يقوم بها خبراء في شؤون الشرق الأوسط – بعضهم في المراكز البحثية التي تدفع لها الإمارات ملايين الدولارات – والذين دأبوا على ترديد ما يمليه عليهم اللوبي الإماراتي. كما نجحت شركات الضغط والعلاقات العامة التي تعمل لصالح الإمارات بتشكيل اتجاهات وسائل الإعلام الأمريكية بشكل فعال من خلال العمل بشكل وثيق مع الصحفيين والمراسلين في جميع وسائل الإعلام الرئيسية تقريباً.

المقدمة

تتألف الإمارات العربية المتحدة من مجموعة من الإمارات (بحجم المدن) ويبلغ عدد سكانها الأصليين أكثر من مليون نسمة. ومع ذلك، فعلى الرغم من صغر حجمها، تتمتع دولة الإمارات بنفوذ كبير في أمريكا منذ عقود. وتمثل الإمارات كذلك قيمة إستراتيجية هائلة للولايات المتحدة لعدة أسباب، ليس أقلها أنها تمتلك سابع أكبر احتياطيات النفط في العالم. وبالإضافة إلى كون النفط يربط البلدين معاً، فإن هناك علاقات عسكرية قوية بينهما، بما في ذلك أن الجناح الجوي الاستكشافي الأمريكي رقم 380 – الذي كان له دور فعال في المعارك ضد داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط – يقع في الإمارات، وقامت أبو ظبي بشراء ما يقارب 27 مليار دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية في العشر سنوات الماضية.

وفي الآونة الأخيرة، دعم الجيش الأمريكي الإمارات العربية المتحدة والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في حرب اليمن من خلال توفير الأسلحة والتزود بالوقود من خلال الجو، ضمن جهود أخرى. كان هذا الدعم مستمراً لسنوات، ونادراً ما تمت مراجعته والحديث عنه حتى أكتوبر 2018، عندما تم اغتيال الصحفي السعودي المعارض والكاتب في الواشنطن بوست، جمال خاشقجي، بوحشية في القنصلية السعودية بتركيا – وهو إجراء خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أنه تم بتكليف من قبل ولي عهد المملكة العربية السعودية. كشف اغتيال خاشقجي الغطاء مرة أخرى عن السعودية وأدى إلى غضب واسع النطاق من سجل المملكة الوحشي لحقوق الإنسان في الداخل وفي اليمن. وكان التحالف الذي تقوده السعودية متورطاً في مقتل عدد لا يحصى من المدنيين – بما في ذلك تفجيرات الأعراس والحافلات المدرسية – مستخدمين في ذلك القنابل الأمريكية في كثير من الأحيان.

وبعد مقتل خاشقجي، أنهت العديد من جماعات الضغط، وشركات العلاقات العامة، والمراكز البحثية علاقتها مع السعوديين. وأصدر الكونجرس الأمريكي قرارات متعددة لمعاقبة السعوديين. وبشكل عام، أصبح يُنظر إلى السعوديين على أنهم منبوذون في العاصمة واشنطون.

ومع ذلك، فلا يزال يُنظر إلى الإمارات، حليفة السعودية، على أنها حليف قوي للولايات المتحدة من قبل معظم الدوائر في عاصمة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه لم يكن للإماراتيين علاقة بمقتل خاشقجي، إلا أنهم تعاونوا جنباً إلى جنب مع السعوديين في حربهم المدمرة في اليمن – بما في ذلك تمويل برنامج اغتيال مستهدف (للمعارضين اليمنين) هناك – مما جعل أزمة اليمن تُصبح أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وللإمارات، كما للسعودية كذلك، سجل بغيض في مجال حقوق الإنسان، حيث تقوم باحتجاز مواطنيها واخفائهم قسرياً بصورة تعسفية، وتقوم كذلك بسجن الأكاديميين الغربيين بصورة غير قانونية. وفي الآونة الأخيرة، شنت الإمارات حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي لإسكات المعارضين ومعاقبتهم.

كيف إذن حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على وضعها المتميز في واشنطون؟ يمكننا القول باختصار، أن الإمارات قامت بحملة واسعة النطاق ومؤثرة بشكل كبير في مجال جماعات الضغط والعلاقات العامة في أمريكا، والتي سمحت لأبو ظبي بأن تمارس نفوذاً كبيراً على سياسة الولايات المتحدة مع إبقاء الحماقات التي ارتكبتها الإمارات مخفية إلى حد كبير. وفي حين أن كل من سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، وولي عهد إمارة أبو ظبي، محمد بن زايد معروفان جيداً بالنفوذ الهائل الذي يسيطران به على صانعي السياسة الأميركيين، إلا أنه من غير المفهوم كيف يؤثر النفوذ الذي تمارسه شركات الضغط والعلاقات العامة الممولة من الإمارات في تمهيد الطريق لسماسرة السلطة هؤلاء.

نحاول في هذا التقرير أن نعرض قصة التأثير هذه؛ ومن أجل القيام بذلك، قامت “مبادرة شفافية التأثير الأجنبي”، وهي برنامج تابع لمركز السياسة الدولية، بتحليل كل بيان تكميلي لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب قامت بتقديمه المنظمات التي تعمل نيابة عن العملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018.

قمنا بفهرسة كل “نشاط سياسي” ومساهمات الحملة المذكورة في تلك الوثائق. ومن هذا التحليل، قمنا بتوثيق نهج متعدد الجوانب في تصوير عمل الوكلاء الأجانب التابعين للإمارات في الولايات المتحدة. حيث يشمل عمل هؤلاء العملاء الأجانب الاتصال بأعضاء الكونجرس من أجل الحفاظ على الدعم العسكري الأمريكي للإمارات، والعمل جنباً إلى جنب مع خبراء الشرق الأوسط في المراكز البحثية التي تمولها دولة الإمارات بالملايين، ومحاولة تشكيل الخطاب الإعلامي في الولايات المتحدة بما يتماشى مع توجهات الإمارات وذلك من خلال الاتصال بجميع وسائل الإعلام الرئيسية تقريباً.

الأنشطة السياسية

يتطلب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب من الشركات الإبلاغ عن جميع الأنشطة السياسية التي تتم نيابة عن مشغليها الأجانب. يحتوي النظام الأساسي على تعريف موسع إلى حد ما لـ “الأنشطة السياسية” ، والذي يتضمن أي شيء من شأنه “التأثير على أي وكالة أو مسؤول في حكومة الولايات المتحدة أو أي قسم من الجمهور داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بـ … السياسات الداخلية أو الخارجية من الولايات المتحدة أو بالإشارة إلى المصالح أو السياسات أو العلاقات السياسية أو العامة لحكومة دولة أجنبية أو حزب سياسي أجنبي. “هذا التعريف يغطّي مجموعة واسعة من الأنشطة التي تقوم بها الشركات التي تعمل طبق قانون تسجيل الوكلاء الأجانب نيابة عن عملائها الأجانب، بما في ذلك جماعات الضغط والعلاقات العامة والتواصل مع وسائل الإعلام ومشاركة القطاع العام. ويشمل أيضاً أنواعاً متعددة من التفاعلات، بما في ذلك الاجتماعات الشخصية والمكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني. وبالتالي، تقدم تقارير هذه الأنشطة صورة شاملة إلى حد ما لما يقوم به وكلاء الأجانب الذين يعملون لصالح دولة ما داخل الولايات المتحدة.

تتطلب لوائح قانون تسجيل الوكلاء الأجانب أن يتم الإبلاغ عن هذه المعلومات ضمن “درجة من الخصوصية اللازمة للسماح بإجراء تقييم عام ذي معنى لكل خطوة من الخطوات الهامة التي اتخذها المسجل لتحقيق أغراض علاقة الوكالة نيابة عن الدولة الأجنبية”.  وكما سنناقش بالتفصيل أدناه، يكشف تحليلنا أن العديد من هذه الشركات فشلت في تحقيق هذا الحد من الشفافية، مما أضعف بشكل كبير قدرتنا على تقييم العمل الذي قاموا به نيابة عن عملائهم في الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، فمن بين الشركات التي أبلغت عن أنشطتها، قمنا بفهرسة وتحليل 3,168 نشاطاً سياسياً مختلفاً قدمتها في عام 2018 وتم الإبلاغ عنها ضمن متطلبات القانون المنظم لذلك.

الشركات

تم تسجيل 20 شركة مختلفة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب للعمل لدى العملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في وقت ما من عام 2018. ونورد في الجدول 1 الشركات الأربع التي ذكرت في قوائم تسجيل وكلاء الأجانب لعام 2018 الأنشطة السياسية التي قامت بها نيابة عن دولة الإمارات.

الجدول 1: الإبلاغ عن الأنشطة السياسية للشركات عن عملاء الإمارات في عام 2018

الأنشطة السياسية التي تم رصدها الشركات
2680 هاجر العواد وشركاه
441 مجموعة هاربور
44 أكين و جامب
3 دلا بيبر

 بينما ذكرت شركة هاجر العواد وشركاه أن معظم الأنشطة السياسية التي تم إجراؤها نيابة عن الإمارات العربية المتحدة شملت إلى حد بعيد عدداً كبيراً من الاتصالات الجماعية عبر البريد الإلكتروني، تم إدراج هذه الأنشطة السياسية في إطار ملفات المجموعة الخاصة بتسجيل وكلاء أجانب بمسمى “توزيع واسع النطاق”، حيث اتصلت هاجر العواد بنحو 1967 شخصاً من مختلف أعضاء مكاتب ولجان الكونجرس. وغالباً ما كانت رسائل البريد الإلكتروني هذه هي مشاركة مقالات افتتاحية أو مقالات حول القضايا والتطورات المتعلقة بالإمارات العربية المتحدة. لقد كانوا داعمين للإمارات العربية المتحدة في ذلك بلا خجل، حيث زودوا أعضاء لجان الكونجرس برؤى أحادية الجانب حول القضايا ذات الأهمية للإماراتيين، لا سيما حول تورطهم في حرب اليمن. فعلى سبيل المثال، في 15 يونيو 2018، وزعت شركة هاجر العواد وشركاه مقالًا لمايكل نايتس وهو زميل أول في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي طالب فيه بشدة بدعم الجهود الإماراتية لتحرير مدينة وميناء الحديدة في اليمن من أجل زيادة المساعدات الإنسانية إلى البلاد، في الوقت الذي يتجاهل فيه حقيقة أن تدفقات المساعدات قد توقفت بالفعل لأن التحالف السعودي الإماراتي “اختار أن يفصل ميناء الحديدة عن الخدمة”، كما سيتم مناقشته بمزيد من التفصيل في هذا التقرير، إن معظم “المواد الإعلامية” (التي كانت تسمى سابقاً “دعاية”) التي وزعها وكلاء أجانب عن الإمارات العربية المتحدة، قدمت للكونجرس بدرجة عالية من الوضوح عرضاً من جانب واحد للقضايا المتعلقة بالإمارات العربية المتحدة.

وإجمالاً، تواصلت شركة هاجر العواد وشركاه بـ 98 مكتب في مجلس الشيوخ و132 من أعضاء مجلس النواب. وفي حين أن معظم هذه الاتصالات كانت عبر رسائل بريد إلكتروني جماعية، إلا أنه في أكثر من مائتي مرة تحدث عملاء شركة هاجر العواد مباشرة مع أعضاء الكونجرس عبر الهاتف أو شخصياً نيابة عن الإمارات.

وتأتي مجموعة هاربور بعد شركة هاجر العواد، في عدد الأنشطة السياسية التي سجلتها بالنيابة عن دولة الإمارات في عام 2018. وقد تمت كل هذه الأنشطة نيابة عن عميلين في دولة الإمارات العربية المتحدة – سفارة الإمارات، وهيئة الشؤون التنفيذية في أبو ظبي. وتُعتبر هذه الأخيرة وكالة حكومية مهمتها الوحيدة تقديم المشورة السياسية الإستراتيجية إلى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.

وعلى عكس شركة هاجر العواد، لم تركز مجموعة هاربور على الكونجرس، حيث اتصلوا به أربع مرات فقط. وبدلاً من ذلك، ركزت الشركة بشدة على التأثير على مراكز الأبحاث والهيئات غير الربحية الأخرى (248 جهة اتصال) وعلى الإعلام (120 جهة اتصال).

وبمراجعة قائمة النشاطات السياسية التي تقوم بها شركات الضغط التي تعمل لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018، وجد أن من بينها شركتي أكين وجامب، ودالا بيبر، وهي من أكبر شركات الضغط نفوذاً في أمريكا – في الواقع تُعتبر شركة أكين وجامب أكبر شركة ضغط في العاصمة واشنطن على مدار العشرين عاماً الماضية، حيث بلغ إجمالي إيرادات الشركة 632 مليون دولار، وفقاً لمركز الاستجابة السياسية – إلا أن عملهم للإماراتيين كان محدوداً إلى حد ما. في تسجيلاتها لعام 2018 في وكلاء الأجانب، أبلغت أكين وجامب عن 44 نشاطاً سياسياً تم القيام بها نيابة عن سفارة دولة الإمارات على الرغم من أن الإماراتيين دفعوا لها أكثر من 6 ملايين دولار. وأبلغت شركة دالا بيبر عن إرسال رسالتين فقط عبر البريد الإلكتروني وإجراء مكالمة هاتفية واحدة نيابة عن الإمارات قبل إنهاء علاقتهم مع السفارة الإماراتية في مارس 2018، ولكن بعد تلقي 105,000 دولار على سبيل التعويض.

والجدير بالذكر أن مجموعة هاربور وشركة أكين وجامب تم تسجيلهما لتمثيل العملاء في كل من الإمارات العربية المتحدة وحليفتها المقربة، المملكة العربية السعودية، في عام 2018. وبعد فترة وجيزة من القتل الوحشي للصحفي السعودي كاتب الواشنطن بوست، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في تركيا في أكتوبر 2018 – والتي خلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن ولي العهد السعودي كان من أعطى الأوامر لتنفيذ الجريمة – ألغت مجموعة هاربور تعاقدها مع السعودية كعميل، لكن شركة أكين وجامب لم تفعل ذلك.

وفي حين أن هناك العديد من الاختلافات بين عمليات النفوذ السعودي والإماراتي في الولايات المتحدة بشكل عام، كان هناك خيط واحد يعرفه الجميع يربط بينهما – وهو اليمن. وكما تم التوثيق في تقاريرنا السابقة حول اللوبي السعودي، فقد ركزت شركات الضغط العاملة لصالح المملكة العربية السعودية تركيزاً كبيراً على إعاقة التشريعات التي تقلل أو تنهي الدعم الأمريكي للحرب التي يشنها التحالف السعودي والإماراتي على اليمن، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 17,000 من المدنيين وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقاً للأمم المتحدة. حتى أعلنت دولة الإمارات هذا الصيف أنها قررت نقل قوات لها من اليمن، والتي كانت مشاركة في القتال داخل هذا الصراع لسنوات، لذلك ليس من المستغرب أن نلاحظ أن العديد من الأنشطة التي أبلغت هذه الشركات أنها قامت بها نيابة عن الإمارات في عام 2018 كانت مرتبطة أيضاً بهذا النزاع المدمر. وفي الواقع، فإن أكثر من نصف الأنشطة السياسية المُبلغ عنها والتي قامت بها شركات العلاقات العامة حسب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، فإن نشاط الوكلاء الأجانب المسجلين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018 كان مرتبطاً بشكل واضح بالحرب في اليمن.

المنظمات التي تم الاتصال بها

وكما يوضح الجدول 2، نظراً لرسائل البريد الإلكتروني الجماعية التي أرسلها هاجر العواد، كان الكونجرس الأمريكي، إلى حد بعيد، هو الوجهة الأكثر شيوعاً للأنشطة السياسية لوكلاء الإمارات العربية المتحدة. لكن حتى مع استبعاد هذه الرسائل الإلكترونية، فقد اتصل العملاء الأجانب الذين يعملون لصالح الإمارات بالكونجرس لأكثر من 200 مرة وكان لديهم نفس النهج في النشر. واتصلوا بأكثر من 50 مكتباً فردياً للكونجرس. ومع ذلك، فبخلاف رئيس مجلس النواب السابق، بول ريان، الذين اتصلوا به 13 مرة، لم يتم الاتصال بأي عضو في الكونجرس أكثر من أربع مرات. وركز العملاء الأجانب لدولة الإمارات جهودهم بدلاً من ذلك على لجان الكونجرس، وبالتحديد الاتصال بالعاملين في لجان العلاقات الخارجية والمخابرات والقضاء في مجلس الشيوخ أكثر من عشرين مرة.

الجدول 2: أهم خمسة أنواع من المنظمات التي اتصل بها وكلاء الإمارات العربية المتحدة

عدد مرات الاتصال نوع المنظمة
2609 الكونجرس
164 منظمات غير هادفة للربح
131 وسائل الإعلام
88 فروع تنفيذية
85 مراكز بحثية

 وتأتي المنظمات غير الربحية بعد الكونجرس من حيث أكثر الأهداف استهدافاً للوكلاء الأجانب الذين يعملون لصالح دولة الإمارات. في حين أن تواصل الوكلاء الأجانب بمؤسسات غير ربحية أمر شائع، إلا أن شركات االعلاقات العامة التي تعمل لصالح الإمارات حريصة بشكل غير عادي بهذا الشكل الخفي من النفوذ. فبالنسبة لدولة الإمارات، تساعد التفاعلات مع المنظمات غير الربحية على تعزيز صورة الدولة في الولايات المتحدة، وزيادة التعاون في مجال البحوث والأعمال، وتوفير وسيلة من أجل منح التبرعات من الإماراتيين.

وكما هو مبين في الجدول 3، كان أكبر عدد من الاتصالات التي قامت بها شركات الضغط العاملة لصالح الإمارات من نصيب مؤسسة سميثسونيان، التي تملك عدة متاحف ومراكز تعليمية وبحثية، وفي مقدمتها متحف التاريخ الطبيعي الذي يعد من أكبر المتاحف في العالم. وفي أواخر عام 2017، وقعت دولة الإمارات مذكرة تفاهم مع المتحف الموجود في العاصمة من أجل “تعزيز التبادلات الثقافية وخلق فرصاً جديدة للتعاون بين مؤسسة سميثسونيان والمنظمات الثقافية والبحثية في الإمارات “. ومن بين القضايا الأخرى، التقى وكلاء الإمارات مع إدارة شركة سميثسونيان من أجل المشاركة في “مهرجان الحياة الشعبية” لمؤسسة سميثسونيان. ويبدو أن جهودهم تكللت بالنجاح حيث أعلنت مؤسسة سميثسونيان مؤخراً أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون واحدة من الدول المميزة في مهرجان العاصمة هذا في 2020.

وجاءت اللجنة اليهودية الأمريكية ويونايتد واي أوف كوليير كاونتي في المرتبة الثانية من بين المؤسسات غير الربحية بعد مؤسسة سميثسونيان من حيث عدد الاتصالات التي قامت بها شركات الضغط العاملة لصالح الإمارات. وقد تم الاتصال باللجنة اليهودية الأمريكية بشكل أساسي فيما يتعلق بتنسيق رحلة لممثلي المنظمة لزيارة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك منظمة يهودية أخرى، هي مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى. ويتزامن هذا مع العلاقات الوثيقة المتصاعدة بين الإمارات وإسرائيل حول قضايا الأمن الإقليمي، وعلى الأخص معارضتهما المشتركة لإيران.

تم الاتصال بمؤسسة يونايتد واي أوف كوليير كاونتي بشأن منحة بقيمة 2.7 مليون دولار قدمها الإماراتيون إلى المؤسسة لتوفير الإغاثة لمنطقة نابولي في فلوريدا في أعقاب إعصار إيرما. وكانت المنحة لمنطقة نابولي جزءاً من منحة أكبر بقيمة 10 ملايين دولار من دولة الإمارات في جميع أنحاء ولاية فلوريدا، وفي مدينة واحدة على الأقل – جاكسونفيل – ناقش مجلس المدينة رفض الهدية، حيث وصفها بعض الناشطين المحليين بأنها “أموال ملطخة بالدم”.

الجدول 3: أفضل عشرة منظمات غير ربحية تم التواصل معها بواسطة الوكلاء الإماراتيين

عدد مرات التواصل المنظمات غير الربحية
27 سميثسونيان
17 اللجنة اليهودية الأمريكية
17 يونايتد واي أوف كولير كاونتي
16 رابطة مكافحة التشهير
8 مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الرئيسية
6 ميريديان الدولية
7 رجال الأعمال التنفيذيين للأمن القومي
7 مجلس الأعمال الأمريكي الإماراتي
6 المركز الطبي الوطني للأطفال
6 كليفلاند كلينك

وبالإضافة إلى المنظمات غير الهادفة للربح والكونجرس، أولي الوكلاء الإماراتيون اهتماماً كبيراً بتشكيل الخطاب الإعلامي المتعلق بالإمارات في الولايات المتحدة. وسيتم عرض المؤسسات الإعلامية العشرة الأولى التي اتصلت بها شركات الضغط العاملة لصالح الإمارات في الجدول 4. وكانت واشنطن بوست هي أكثر وسائل الإعلام التي تم الاتصال بها من قبل العملاء الأجانب للإمارات. وتم الاتصال بستة مراسلين من خلال البريد من قبل عملاء أجانب تابعين للإمارات حول عدد من القضايا، بما في ذلك اليمن، النزاع بين دول الخليج ، وإيران. وتم إجراء جميع هذه الاتصالات باستثناء واحد من جانب ريتشارد مينتز من مجموعة هاربور، الذي يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم العلاقات العامة لدى سفير الإمارات العربية المتحدة، العتيبة.

وفي حين أن صحيفة واشنطن بوست هي أكثر وسائل الإعلام التي تم الاتصال بها ربما لا يكون هذا مفاجأة لقوة أجنبية تسعى للتأثير على سياسة واشنطن في السياسة الخارجية، فإن المنفذ الإعلامي الثاني في القائمة كان أقل شهرة. ولكن مجموعة هاربور أقامت علاقة ودودة إلى حد ما مع مؤسسة أوزي، وهي وسيلة إعلامية جديدة احتفت بها كثيراً مجموعة هاربور من خلال نشر الأخبار عنها وترتيب المقابلات مع صحفييها، ونتج عن ذلك مقالات كُتبت لإرضاء الإماراتيين والثناء عليهم بشكل كبير، بما في مقال عن “متحف المستقبل في دبي”، ومقال آخر بعنوان “دبي، إحدى عواصم الموضة الجديدة في العالم”؛ بينما لا تذكر شيئاً عن قانون الزي الصارم في دبي والذي تصل عقوبة مخالفته إلى ثلاث سنوات في السجن.

يتكون الجزء المتبقي من القائمة في الجدول 4 إلى حد كبير من وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة، مع استثناء واحد بارز، وهو “ذا ناشونال”، وهي في الواقع مؤسسة إخبارية مقرها الإمارات العربية المتحدة تدعي أنها “خدمة الأخبار باللغة الإنجليزية الرائدة في الشرق الأوسط”. كل الاتصالات التي أجرتها مجموعة هاربور مع ذا ناشونال من خلال جويس كريم، بما في ذلك لقاء بين وكيل أعمال هاربور جروب سيث هورويتز وكريم في 6 مارس 2018 لمناقشة رحلة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هيوستن. ربما ليس مصادفة أنه بعد يومين من ذلك، نشر كريم مقالاً يسلط الضوء على رحلة السفير الإماراتي لافتتاح قنصلية جديدة في هيوستن، بينما كان يروج في ثناياه للجهود الخيرية للإمارات العربية المتحدة.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الوكلاء الأجانب المسجلين الذين ينشرون تقارير صحفية نيابة عن قوة أجنبية ملزمون بموجب القانون بتضمين “بيان واضح” يوضح من الذي يعملون من أجله، إلا أنه لا يوجد أي شرط يلزم وسائل الإعلام للكشف عن شيئ من ذلك عندما يعملون عن كثب مع وكيل أجنبي لإنتاج تقرير صحفي.

الجدول 4: أهم عشر مؤسسات إعلامية اتصل بها الوكلاء السعوديون

عدد مرات التواصل المؤسسة الإعلامية
16 واشنطن بوست
12 أوزي
11 وول ستريت جورنال
10 بلومبرج نيوز
10 فوكس نيوز
8 بوليتيكو
8 ذا ناشيونال
7 أسوشيتد برس
7 نيويورك تايمز
5 مجلة فورين أفيرز

وبالإضافة إلى الكونجرس، والمؤسسات غير الربحية، ووسائل الإعلام، كانت مراكز الفكر والرأي محوراً رئيسياً للأنشطة السياسية لوكلاء الإمارات في الولايات المتحدة. وفيما يلي أكثر مراكز البحوث التي تم الاتصال بها من خلال الجدول 5.

الجدول 5: أهم خمس مراكز أبحاث تم الاتصال بها من قبل شركات الضغط العاملة لصالح الإمارات

عدد مرات التواصل المركز البحثي
18 معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
14 معهد الشرق الأوسط
11 مركز التقدم الأمريكي
10 المعهد الأمريكي للمشاريع
5 مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

وجه الوكلاء الأجانب لدولة الإمارات العربية المتحدة جهودهم نحو بعض من أبرز مراكز البحوث المؤثرة والأكثر نفوذاً في العاصمة وتجاه الخبراء في مراكز الفكر التي تمولها الإمارات بشكل مباشر أو غير المباشر. وبالتالي يقوم وكلاء الإمارات بنشر الأعمال التي ينتجها هؤلاء الخبراء الذين يعملون في المراكز البحثية التي تمولها الإمارات. وهذا يخلق علاقة تكافلية بين مراكز الأبحاث الممولة من الإمارات والوكلاء الأجانب لأبو ظبي.

على سبيل المثال، سجلت مؤسسة الاتصالات الاستراتيجية للتأثير على السياسات في تمثيلها لدولة الإمارات العربية المتحدة أنها حصلت على 225000 دولار لإنشاء سلسلة من الأفلام الوثائقية التي تهاجم قطر والعلاقة الأمريكية القطرية، بعنوان “التحالف الخطير”. وبينما مشاهدو الفيلم الوثائقي يمكنهم رؤية ملحوظة إخلاء مسئولية عن أن إنشاء مقاطع الفيديو تمت نيابة عن لابيس الشرق الأوسط وإفريقيا، لم يتم إبلاغهم أبداً بأنها لابيس شركة اتصالات مقرها الإمارات العربية المتحدة، أو أن جميع خبراء الفكر تقريباً الذين ظهروا في مقاطع الفيديو تسيئ إلى قطر يعملون في مراكز أبحاث تلقت الملايين من الدولارات بشكل مباشر أو غير مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى سبيل المثال، تلقت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ومعهد هدسون، اللذان ظهر خبراؤهما في الفيديو، جزءاً من حزمة دعم بقيمة 2.7 مليون دولار لاستضافة مؤتمرات مناهضة للقطريين، من خلال مخطط أعده جورج نادر، الذي يعمل مستشاراً للحكومة الإماراتية. وفي الوقت نفسه، تلقى معهد الشرق الأوسط، الذي يُستشهد بخبيره أيضاً في مقاطع الفيديو، تمويلاً مباشراً وكبيراً من الإمارات العربية المتحدة في شكل تبرع “سري” بقيمة 20 مليون دولار قام برعايته سفير الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطون، والذي تم تسريب تفاصيله فيما بعد إلى “الإنترسيبت”. أظهر التحليل أن معهد الشرق الأوسط كان ثاني أكبر مركز أبحاث تم الاتصال به من قبل وكلاء الإمارات، وقام مركز الأبحاث هذا باستضافة حدث مع سفير الإمارات العربية المتحدة في عام 2018.

ووجد مركز التقدم الأمريكي أيضاً نفسه في هذه السلسلة من النفوذ الإماراتي في عام 2018. فوفقاً للسجلات، تلقى مركز الأبحاث ما بين 1.5 إلى 3 ملايين دولار من الإمارات العربية المتحدة منذ 2014 بالإضافة إلى ذلك، اتصل وكلاء بكاتيوليس براين، الخبير في شئون الشرق الأوسط في مركز التقدم الأمريكي، 11 مرة على الأقل وفقاً لتسجيلاتهم الخاصة بقانون تسجيل وكلاء الأجانب لعام 2018، خاصة فيما يتعلق بـ “رحلة مجموعة مركز التقدم الأمريكي إلى الإمارات العربية المتحدة / المملكة العربية السعودية” في أواخر أبريل وأوائل مايو 2018. وكانت جهة الاتصال الرئيسية مع كاتيوليس هو ريتشارد مينتس من هاربور جروب.

هذه العلاقات الإماراتية أصبحت موضع تساؤل بعد القتل الوحشي لجمال خاشقجي. ففي أعقاب عملية القتل هذه، أصدر مركز التقدم الأمريكي رداً يدين فيه السعوديين لتورطهم في مقتل خاشقجي، ولكن لا يدعو إلى عواقب محددة لمعاقبة المملكة. ووفقاً لتقرير ريان جريم في “الإنترسيبت”، أنه تم حذف تلك العواقب من البيان الصادر عن برايان كاتيوليس في مركز للتقدم الأمريكي. وبعد ذلك، في ديسمبر، تم تهميش حضور مركز التقدم الأمريكي إلى حد كبير خلال مناقشات مجلس الشيوخ الأمريكي حيث أصدر المجلس حينها قراراً تاريخياً لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب السعودية الإماراتية المدمرة في اليمن.

بعد التقرير الذي نشرته “الإنترسيبت” في يناير 2019، (عن النفوذ الذي تمارسه أبوظبي في واشنطن وعلاقة ذلك بمركز التقدم الأمريكي) أعلن مركز التقدم الأمريكي أنه لن يقبل أموالاً من الإمارات العربية المتحدة. وقام مركز التقدم الأمريكي بطرد اثنين من الموظفين نتيجة للتقرير (اتهمهما بتسريب بريد الكتروني داخلي للإنترسيبت يكشف علاقة المركز بالإمارات)، ولكن ليس بريان كاتيوليس بالتأكيد. في الواقع، بعد شهر واحد فقط تحدث كاتيوليس في مناسبة نُظمت في مبنى ساعد تبرع الـ 20 ملين دولار من الإمارات العربية المتحدة على دفع ثمنه، وكانت مشاركته بعنوان: “دور مراكز الأبحاث في تشكيل سياسة الشرق الأوسط”. وفي تعليقاته أثناء الحديث، قال كاتيوليس: “لم أكن مضطراً أبداً للقلق خلال سنوات عملي في مركز التقدم الأمريكي ولا أي محلل آخر عمل معنا بشأن الحصول على مصدر تمويل للدراسات التي نتحدث بها. لم أفكر فى هذا الامر أبداً.” كما أنه عبر عن رفضه لأولئك الذين يتحمسون ويؤججون الجدل حول الحرب في اليمن لتجاهلهم”التعقيد الكامل للتحديات” في هذا الشأن. ولم يذكر كاتيوليس حتى اسم جمال خاشقجي أثناء المناقشة ولو مرة واحدة.

لكن عملاء الإمارات لا يقومون فقط بالاتصال بالخبراء في مراكز البحوث التي تمولها الدولة. فمن الجدير بالذكر أن أكثر الخبراء الذين اتصلت بهم وكلاء الإمارات كان مايكل نايتس الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي ينص صراحة على أنه لا يقبل أي تمويل أجنبي. ومع ذلك، فإنه يبدو أن نايتس لديه علاقة وثيقة للغاية مع ريتشارد مينتز، المدير الإداري لمجموعة هاربور. ووفقاً لملفات تسجيل هاربر جروب لعام 2018، تحدث الاثنان مباشرة أو عبر البريد الإلكتروني عن الإمارات العربية المتحدة 18 مرة على الأقل. وكان من بين الموضوعات الرئيسية لهذه المحادثات أربع رحلات منفصلة قام بها نايتس إلى اليمن عام 2018 لمصاحبة قوات الإمارات هناك. وكتب نايتس سلسلة من المقالات في عام 2018 وأواخر عام 2017 حول هذه الرحلات، ولخص تجربته بعد إعلان الإمارات في يوليو عن سحب قواتها من اليمن.

وبينما توفر خبرات نايتس نظرة استثنائية على عمليات الإمارات في اليمن، فإنه يقدم باستمرار وجهة نظر أحادية الجانب لدور الإمارات هناك ويتجاهل تماماً التجاوزات الخطيرة التي ارتكبتها الإمارات في اليمن. وعلى الرغم من أن “الناس لا يتذكرون سوى الأشياء السيئة” عن الإمارات في اليمن، إلا أن نايتس لم يذكر مطلقاً أياً من هذه الأشياء السيئة. فعلى سبيل المثال، لا يعترف نايتس ولو مرة واحدة في أي من مقالاته بأن الإمارات قد مولت برنامج اغتيال مستهدف (للمعارضين) في اليمن، وأنها كانت تدير شبكة من السجون السرية حيث تُعرض السجناء فيها للتعذيب، أو أن قوات الإمارات أعطت أسلحة أمريكية لمقاتلي القاعدة في اليمن.

وعلاوة على ذلك، فقد تم توزيع تعليقات نايتس على أنها “مواد إعلامية” (التي كانت تسمى سابقًا “دعاية”) من قِبل جماعات الضغط التي تعمل لصالح الإمارات العربية المتحدة في واشنطن – وتحديداً، نالت مقالات نايتس اهتمام شركة هاجر العواد فاستخدمتها من خلال رسائل البريد الإلكتروني التي كانت ترسلها إلى أعضاء الكونجرس – وكانت تعكس أحياناً الخطاب الإعلامي الذي تتبناه وسائل الدعاية الإماراتية الأخرى. وفي أحد المرات، عكس تعليق الخبير الخطا الإعلامي للإمارات وهو ما تم نشرهاوتوزيعه من قبل عملاء الإمارات العربية المتحدة؛ وفي نفس اليوم بال في 14 يونيو 2018، نشر نايتس مقالاً يدعم معركة الإمارات لتحرير ميناء الحديدة اليمني الرئيسي من الحوثيين. وعكست العديد من الحجج التي ذكرها نايتس نقاط الحديث الذي ركز عليه وزير دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الخارجية والتي نشرها ووزعها وكلاء الإمارات في نفس اليوم الذي كتب ونشر فيه نايتس رأيه. وعلى سبيل المثال، كلاهما كان يشجب تدفق “الأسلحة الإيرانية” عبر الميناء ويؤكدان الحاجة إلى تحرير الميناء لتوفير الإغاثة الإنسانية لليمن، بينما لم يذكر أي منهما ما توصلت إليهالأمم المتحدة وغيرها من أن الحصار السعودي الإماراتي لليمن، بما في ذلك ميناء الحديدة، وعملياتهم العسكرية في البلاد كانت السبب الرئيسي للحاجة إلى المساعدات الإنسانية في المقام الأول.

وفي حين أنه من الجدير بالثناء أن يذكر نايتس في تغريدة له على تويتر أنه “ليس مراقباً غير متحيز” بسبب تجاربه مع القوات المسلحة الإماراتية، فإن القارئ العادي لأعماله ليس لديه سوى فرص ضئيلة لمعرفة ارتباطاته بجماعات الضغط الإماراتية أو حقيقة أنه يردد الدعاية التي يوزعها وكلاء دولة الإمارات في واشنطون.

ويشير هذا إلى وجود فروق كبيرة في مستوى الشفافية بين مراكز الأبحاث وشركات الضغط عندما يتعلق الأمر بعلاقاتها مع الحكومات الأجنبية.

فعلى وجه التحديد، يتعين على وكلاء الدول الأجنبية التسجيل بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب والإبلاغ عن العمل الذي يقومون به نيابة عن تلك الدولة، في حين أن مراكز الأبحاث الممولة من حكومات أجنبية لا يتعين عليه الكشف عن أي من الأعمال التي يقومون بها نيابة عن هذه الدول. وفي الواقع، فإنه ليس من الضروري بالنسبة لمراكز الأبحاث الإفصاح عن أنهم تلقوا أي أموال من حكومات أجنبية يعملون في الحقيقة لصالحها. وليس من المفترض أيضاً أن يتحتم على المراكز البحثية تسجيل أنشطتها بموجب قانون تسجيل وكلاء الأجانب بسبب الإعفاء لدواعي “… دراسية، أو أكاديمية، أو علمية، … وذلك في إطار حسن النية”، وحتى عندما يبدو أن العمل الذي يقوم به خبراء مراكز الأبحاث هو نفس العمل الذي تقوم به منظمات الضغط التي تعمل لصالح الدول الأجنبية، وحتى عندما يتعاون الاثنان بشكل مباشر في هذه الأعمال.

الافتقار للشفافية في ملفات تسجيل وكلاء دولة الإمارات

من المهم أن نلاحظ أن كل شيء تمت مناقشته هنا يعتمد على تحليل الحد الأدنى من النشاط السياسي الذي تم القيام به نيابة عن الوكلاء الأجانب المسجلين لتمثيل مصالح دولة الإمارات وليس الحد الأقصى لها. أحد الأسباب الرئيسية لذلك وهو مستويات الشفافية المتباينة كثيراً بين مسجّلين الوكلاء الأجانب الذين يعملون لصالح الإمارات والذين كشف عنهم تحليلنا. فعلى سبيل المثال، تذكر مجموعة هاربور كل نشاط سياسي يقوم به وكلاؤها الذين يعملون نيابة عن الإمارات، بما في ذلك التفاصيل مثل التاريخ والأشخاص المعنيين ووصف للقضايا التي تتعلق بالاتصال. حيث يتوافق هذا المستوى من التفاصيل مع متطلبات قانون تسجيل وكلاء الأجانب، وتحديداً القسم “5.210”. من ناحية أخرى، لا تقوم العديد من الشركات بالإبلاغ الكامل عن تفاصيل الأنشطة السياسية التي تقوم بها نيابة عن عملائها في الإمارات العربية المتحدة.

على سبيل المثال، فإن تسجيلات شركة ديفاينرز التي تم تكليفها من قبل شركة أكين وجامب للمساعدة في العمل نيابة عن سفارة دولة الإمارات بالولايات المتحدة، تشير إلى أن عمل الشركة تضمن “مقابلات ثنائية مباشرة مع أفراد يعملون في وسائل إعلامية أمريكية لدعم وتعزيز المصالح المذكورة أعلاه للسفارة”.  ومع ذلك، لا تقدم الشركة أي تفاصيل إضافية حول هذه الأنشطة السياسية، كما تفعل أكين وجامب في ملفاتها. أما في تسجيل وكلاء الأجانب في ملف تقرير شركة “جرينتش لإستراتيجيات الإعلام”، فقد ذكرت أيضاً “دعم جهود التواصل الإعلامي والعلاقات الإعلامية، والتواصل مع الخبراء ومسؤولي الأمم المتحدة والولايات المتحدة” وذلك في عملها لمساعدة مجموعة هاربور في تمثيل سفارة الإمارات بواشنطون. وعلى عكس مجموعة هاربور، فإن الشركة لا تقدم تفاصيل عن أي نشاط سياسي.

وبالمثل، فإن مجموعة كامستول، في عملها لصالح شركة “أوت لوك لاستثمارات الطاقة” (المملوكة بالكامل لإمارة أبوظبي)، تشير إلى أنها “أجرت اتصالات مع مراكز بحثية ورجال أعمال ومسؤولين حكوميين وقيادات إعلامية وقيادات أخرى في الولايات المتحدة بخصوص قضايا متعلقة بالنشاط المالي غير المشروع ، “ولكنها مع ذلك لا تقدم أي تفاصيل حول هذه الأنشطة في تسجيل الوكلاء الأجانب للشركة. كانت مجموعة كامستول – التي وقعت في غضون عشرة أيام من تأسيسها في أواخر عام 2012، عقداً مع شركة” أوت لوك لاستثمارات الطاقة” الإماراتية من شأنه أن يُكسب الشركة مبالغ شهرية هائلة تبلغ 400 ألف دولار نظير تقديم استشارات – تسجل جميع تفاصيل اتصالاتها السياسية نيابة عن شركة “أوت لوك لاستثمارات الطاقة” الإماراتية قبل عام 2018، لكنها لم تبلغ عن أي نشاط سياسي واحد منذ ذلك الحين، على الرغم من تلقي ما يقرب من 14 مليون دولار من عملائها في أبو ظبي في العامين الماضيين. هذا النقص في الإفصاح والشفافية أمر مقلق كثيراً بالنظر إلى أن تقارير التحقيقات السابقة، بالاعتماد على إفصاحات وكيل تسجيل وكلاء الأجانب، تمكنت من إظهار روابط مباشرة بين عمل الشركة والتقارير الإعلامية المتعددة التي تنتقد “النشاط المالي غير المشروع في قطر”.

ويبدو أن هذا النقص الكبير في الشفافية بين مسجلي “سجلات وكلاء الأجانب” العاملين لصالح الإمارات يتعارض مع متطلبات “قانون تسجيل وكلاء الأجانب” التي توفر الشركات بموجبها مستوى من “الخصوصية اللازمة للسماح بإجراء تقييم عام هادف لكل خطوة من الخطوات المهمة التي يتخذها المسجل لتحقيق أغراض علاقة الوكالة” نيابة عن الدولة الأجنبية. ونظراً لأنه لم يتم إدراج أي من الخطوات المهمة”، ناهيك عن “كل خطوة”، في العديد من ملفات تسجيل” وكلاء تسجيل الأجانب” لهذه الشركات، فمن الصعب القول إن هذا الشرط قد تم تحقيقه.

هذا النقص في الإفصاح يضع قيوداً كبيرة على مستوى التحليل في هذا التقرير وأي تحليل آخر عن مدى التأثير والنفوذ الإماراتي في الولايات المتحدة. ويحول دون إطلاع الجمهور على المدى الكامل للعمل الذي قامت به هذه الشركات نيابة عن الإمارات ويعيق الجهود المبذولة لتتبع نتائج هذا العمل، مثل معرفة ما إذا كانت وسائل الإعلام التي اتصل بها وكلاء دولة الإمارات تنتج تقارير إخبارية لصالح دولة الإمارات. كما أنه يعاقب بشكل غير مبرر الشركات التي تتبع بشكل صحيح متطلبات الإبلاغ طبق قانون تسجيل وكلاء الأجانب وتدفعهم إلى الاتجاه إلى الكشف عن معلومات أقل في المستقبل، مما قد يؤدي في النهاية إلى دوامة من الهبوط المستمر في مستوى الشفافية من شأنها أن تترك للجمهور القليل من المعرفة عما تفعله القوى الأجنبية لممارسة النفوذ في أمريكا.

المساهمات السياسية (التمويل ذو الطابع السياسي)

في عام 2018، سجلت شركات العلاقات العامة المسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب لتمثيل العملاء في دولة الإمارات تقديم تبرعات بمبلغ 599،095 دولار. جاءت كل هذه المساهمات من أربع شركات فقط هي: أكين وجامب، و دلا بيبر، و مجموعة جلوفر بارك، و مجموعة هاربور – حيث قامت شركة أكين وجامب بالتبرع بما يقرب من نصف جميع مساهمات الحملة التي تم الإبلاغ عنها في سجلات وكلاء الأجانب لعام 2018 بواسطة الشركات التي تمثل مصالح الإمارات.

الجدول 6: أهم عشرة مستفيدين من مساهمات حملة شركات الضغط التي تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018

مبلغ التمويل الجهة المتلقية
16,200 دولار شيلدون وايتهاوس
11,500 دولار بول ريان
10,250 دولار هيدي هيتكامب
9,700 دولار ديان فينشتاين
9,100 دولار روبرت مينينديز
9,050 دولار جون تستر
8,236 دولار دوج جونز
8,000 دولار كريس ميرفي
8,000 دولار جوش جوتهايمر
7,750 دولار إد ماركي

يُلاحظ أن هناك تشابه واضح بين جميع كبار المستفيدين من مساهمات الشركات التي تمثل عملاء دولة الإمارات، كما هو موضح في الجدول 6 – وهو أنهم ديمقراطيون. في الواقع، من بين أكبر عشرة مستفيدين من مساهمات الشركات التي تمثل مصالح الإمارات في عام 2018، بول ريان فقط ينتمي للحزب الجمهوري. وعلى الرغم من المبالغ الكبيرة من الأموال التي تدفقت إلى خزائن الحملة من الوكلاء الأجانب لدولة الإمارات العربية المتحدة، لا توجد صلة تذكر بين هذه المساهمات والنشاط السياسي الذي أبلغ عنه أعضاء جماعات الضغط في الإمارات. وفي الواقع، تلقت واحدة فقط من السياسيين، كيرستن جيلبراند مساهمة من شركة (أكين وجامب) ممثلة لدولة الإمارات العربية المتحدة وتم الاتصال بمكتبها من قبل نفس الشركة بالنيابة عن الإمارات. وحتى في هذا المثال الوحيد، تم فصل الاتصال عن المساهمات بعدة شهور، حتى يبدو وكأنه لا صلة لهذا بذاك. وهذا على العكس تماماً من اللوبي السعودي الذي، كما تم توثيقه من قبل مركز السياسة الدولية، يقدم سنوياً مئات الآلاف من المساهمات لنفس أعضاء الكونجرس الذين يتصل بهم أعضاء جماعات الضغط نيابة عن المملكة، وفي بعض الحالات يتم إرسال المساهمات المالية في نفس يوم إجراء الاتصال تماماً.

أما المستفيدون الآخرون الكبار من مساهمات الشركات الممثلة لدولة الإمارات فكانوا جمعية الولاة الديمقراطيين ورام إيمانويل، عمدة شيكاغو السابق، حيث تلقى كل منهما ما مجموعه 15,000 دولار من مساهمات شركات الضغط العاملة لصالح الإمارات.

خاتمة: نفوذ الإمارات في أمريكا اليوم

من المؤكد أن هذا التقرير يوثق فقط قمة جبل الجليد في نفوذ الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة الأمريكية. هذا التقرير لا يتناول بالتحليل المصالح النفطية والتجارية بين الإمارات والولايات المتحدة. لقد ناقش أيضاً بشكل سريع المبالغ الكبيرة من الأموال التي ينفقها الإماراتيون على أنشطة النفوذ الأخرى، بما في ذلك الملايين التي ينفقونها على المراكز البحثية، ومئات الملايين من الدولارات التي أنفقوها على الجامعات الأمريكية، على سبيل المثال. كما أنه يمر مرور الكرام على النفوذ الكبير الذي يبدو أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يحظى به داخل إدارة ترامب والسيطرة التي يتمتع بها سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، الذي يُطلق عليه “سفير واشنطن الأقوى”، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى حفلاته الفخمة الشهيرة.

لا يناقش هذا التقرير أيضاً عمليات تقديم معلومات خاطئة قام بها الإماراتيون، بما في ذلك، على سبيل المثال، البرنامج الضخم لـ “السلوك المنسق الزائف” “الذي كانت تمارسه الإمارات والذي تم إيقافه على فيسبوك وإنستجرام هذا الصيف.

ومع تنحية كل هذه النواقص جانباً، فقد كشف هذا التحليل بشكل كبير الغطاء عن عملية التأثير الذي تمارسه دولة الإمارات في واشنطون. فمنذ عام 2018 فقط، ووفقاً لسجل الشركات التي تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة، وجدنا أنه:

– عملت 20 شركة مختلفة كوكلاء أجانب مسجلين في الولايات المتحدة لصالح العملاء في الإمارات العربية المتحدة؛

– تم دفع أكثر من 20 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه الشركات؛

– تم تنفيذ 3,168 نشاطاً سياسياً معلناً عنه عن طريق هذه الشركات نيابة عن الإمارات؛

– قامت هذه الشركات بالتواصل مع أكثر من 200 مكتب للكونجرس، و18 مركزاً بحثياً، ومعظم وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية نيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة؛

– كانت هناك تفاعلات كبيرة بين هذه الشركات التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة ومراكز الأبحاث الممولة من الإمارات في واشنطن؛

– تم إنفاق ما يقرب من 600,000 دولار على الحملات التي قامت بها هذه الشركات ووكلاؤها الأجانب.

على الرغم من أن إعلان الإمارات في وقت سابق من هذا الصيف تقليل وجودها العسكري في اليمن كان خبراً ساراً لقي ترحيب الجميع، فإن الإمارات، كحلفائها في المملكة العربية السعودية، أبدت سلوكاً مقلقاً يجب أن يستوقف أي شخص في الولايات المتحدة له اهتمام بحقوق الإنسان والديمقراطية أو الاستقرار في الشرق الأوسط. وعلى الرغم أيضاً من أن عملية التأثير الإماراتي تختلف بشكل ملحوظ عن العملية السعودية من نواح كثيرة، فإن كليهما يعتمد بشدة على شركات الضغط والعلاقات العامة المسجلة بموجب قانون وكلاء الأجانب من أجل تحسين صورتها في الولايات المتحدة، وإبعاد تجاوزاتها عن الوعي العام للأمريكيين بقدر الإمكان. وبينما فشلت عملية النفوذ السعودي في القيام بذلك بشكل كبير بعد مقتل جمال خاشقجي، إلا أن عملية النفوذ الإماراتية ظلت لا تزال فعالة بشكل لا يُصدق. وحتى سبتمبر 2019، فإنه لا يزال لدى الإمارات 19 شركة ضغط أمريكية تتلقي منها رواتب موظفيها، وتعمل جميعها الآن لبناء نفوذ كبير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة لصالح هذا الدويلة الصغيرة.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close