دراسات

جماعات الألتراس وإشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع الجزء الثالث

 

تنويه:

هذه الدراسة هي مشروع تخرج قدمه الطالب: إسلام أحمد الربيعي أحمد، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، بعنوان: إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع ـ دراسة حالة: جماعات الالتراس، تحت إشراف: د. نادية بدر الدين أبو غازي، 2014، وقد شارك به الباحث في مسابقة المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، محور مشروعات التخرج، ونقوم بنشره هنا على أجزاء أسبوعياً.

 

الفصل الثاني: إشكالية الالتراس والسلطة.

كما استعرضنا في الفصل الأول نشأة الالتراس في الواقع المصري لها خصوصية نتيجة للواقع السياسي والاجتماعي، وكنتيجة لعقلية الالتراس والتي لا تتسق مع النظام السلطوي القائم في مصر في فترة ما قبل الثورة على وجه التحديد كان لابد من حدوث صدام بينهما، صدام الحسابات النظرية تؤكد على انه لصالح السلطة التي تملك مصادر استخدام القوة، لكن الالتراس قدم نظرة جدية للعلاقة بين الدولة والمجتمع من خلال علاقته الصراعية ضد الأمن/ السلطة.

 

المبحث الأول: عقلية الالتراس تجاه الأمن

وفقاً لـ “آصف بيات” فإن اللاحركات اجتماعية “التصرفات أو الأفعال الجمعية لفاعلين غير جمعيين أو فاعلين عاديين أصبحوا قادرين على إيجاد مساحة مشتركة، من خلالها وجدوا ما يتشاركون فيه”(1) حتى وإن كانوا مختلفين من حيث الظروف الاجتماعية والطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها ولا يتحركون وفقاً لايدلوجية أو قيادة منظمة لهم أو مؤسسة ينتمون إليها، مما يجعل الشكل أو العمل اللذين يقومون به اقل تنظيماً ومؤسسية. أصبحت مساحة المدرجات داخل الإستاد والشارع من مساحات الالتراس التي يقوموا فيها بممارسة أنشطتهم.

إن الصدام المتكرر بين الالتراس والأمن ترجمة للتناقض الأصلي بين الطرفين، فقد سعي نظام مبارك للاستفادة بوجود الألتراس، في تحقيق أجندات تخصه، حيث استطاع، استخدام كرة القدم والمعارك المرتبطة بها، كتلك الخاصة باتحاد كرة القدم والفساد، وبالتنافس بين الفرق، وبالشغب في الملاعب، وغيرها من القضايا، لخلق أجندة إعلامية تصرف المواطنين، وتستهلك طاقاتهم خارج المجال السياسي، وإن بقيت في مجال الشأن العام”.

 

على سبيل المثال، أديرت مواجهات على صفحات الجرائد وشاشات القنوات الفضائية بين أندية مصرية، وأخرى بين المنتخب المصري ونظائره من الفرق العربية. كما استخدم ولاء أعضاء الألتراس لفرقهم في تصعيد الأزمات الثنائية بين الدول، وفي إدارة أزمة مثل أزمة مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم ٢٠٠٩ وفي الوقت نفسه، هاجمت العديد من وسائل الإعلام جماعات الألتراس، ووصفتها بالجماعات الداعمة للفوضى، والتي تخالف روح التشجيع الحقيقية في الملاعب (2).

 

ومع تصاعد هذه الحملة، معطوفة على تحرشات أجهزة الأمن بشباب الألتراس، والتي تمثلت في الإصرار على فرض السيطرة على هذه الجماعات، وعلى منع دخول عديد من الأدوات التي يستخدمها أفراد الألتراس في التشجيع، كالإعلام، والدفوف، والشماريخ، واللافتات. وترتب على هذه المواجهات القبض على عدد من شباب الألتراس، والدخول في جولة من المفاوضات والضغط بغرض الإفراج عنهم بحكم صغر سنهم، وقلة خبرتهم.

لأن قيادات الأمن لا تأمن فعل مثل هذا التجمع الكبير على الرغم من أن الجماعة تؤكد على أنها جماعة لا سياسية وتؤكد دائماً في بياناتها على أنها تسعي لمؤازرة فريقها وتشجيعه، لكن وفقاً لطبيعة الدولة في الفترة السابقة على الثورة تسعى لمصادرة المجال العام وتأميمه لصالحها حتى إن كان لا يوجد خطر من مثل هذه الجماعات لأن أهدافها لا سياسية كما تؤكد على ذلك دائماً.

 

لذلك يمكن القول ان سبب الاحتكاكات المستمرة ما بين مجموعات الالتراس والأمن والتي تحولت لعلاقة صراعية ان طبيعة الدولة في مصر في الفترة السابقة على الثورة كانت تحتم عليها ان تمد يدها لتكون حاضرة في كل الحيزات فكان من الطبيعي ان ان الجهاز الأمني يسعي دائماً لضبط الشارع وفقاً لايدلوجية الدولة في هذه الفترة والتي تعظم الجوانب الأمنية على اي جانب اخر، من ناحية اخري كان الالتراس وفقاً لعقليته والتي ترجمها في احد اغانيه (عقلية ثورة من قبل الميادين) كان يقدس حريته ويسعي للحفظ عليها متمثلة في الحفاظ على ادوات تشجيعه المختلفة والتي تعتبر لها خصوصية عالية لدي فرد الالتراس وعدم تكدير صفو مرحهم وفقاً لبيانتهم(3) وصادرة إعلامهم ودخلاتهم التي تكلفهم مجهود وشقاء وفي نفس الوقت هي لا تخالف القوانين أو تسبب في تكدير الصفو العام بل على العكس من ذلك انهم يروا انها تساعد في نشر البهجة والسعادة بين الناس.

 

لذلك ولطبيعة الأمن السابق ذكرها وطريقتهم في التعامل مع الجماعات التي تظهر في المجال العام حتي إن كانت هذه الجماعات تؤكد أنها جماعات لا سياسية ولا تسعي لتحقيق أجندة أو أهداف سياسية، حدث الصدام ما بين الالتراس والأمن كما يمكن أن نراها بوضوح في الجرافيتي والتي تترجم هذه العلاقة كما في الشكل رقم (7) وتوضح مدي حدة المواجهة بينهم، كذلك من ناحية أخرى لم تخلو هتافات الالتراس من هتافات معادية للداخلية وقياداتها خاصة الهتاف الشهير (كان دايماً فاشل في الثانوية) الذي كان لالتراس اهلاوي كذلك طورت مجموعة التراس وايت نايتس (أو الفرسان البيض) الهتاف الخاص بها لمناهضة الداخلية وهو ما يدل على وحدة القضية كذلك كل جماعات الالتراس المختلفة تتبني نفس الموقف من الأمن.

شكل رقم (7):

 

كذلك يكون مدي الاحتقان بين الأمن والالتراس ومدي كره الالتراس للأمن أنه دائماً ما كان يقوم باستدعاء قائدي المجموعات (الكابوهات) لتحذيرهم قبل المباريات المهمة، إنه لا بد الالتزام بعدم إثارة المشاكل واستخدام أدوات تشجيع غير متفق عليها أو إبراز لافتات سياسية أو مهاجمة قيادات معينة وتهديدات بالملاحقة إن لم يتم الالتفات لهذه التحذيرات مما أدي لحالة من الكراهية المستمرة لجهاز الأمن واعتباره أول من يكدر صفو فرحتهم وإبداعهم الخاص، والتي تعتبر من وجهة نظر أعضاء المجموعات وقائد كلاً منها تدخل في حيزهم الخاص.

ففي عام ٢٠٠٩، دخلت الملاحقات الأمنية لقيادات الألتراس مرحلة جديدة، فقبل “ديربي” الأهلي والزمالك شنت قوات الأمن حملة اعتقالات طالت العناصر الأساسية في المجموعتين، بهدف منعهم من حضور المباراة. وجاءت هذه الحملة، بعد أن علم الأمن بأن أفراد من الألتراس يحضٍرون لدخْلة مساندة لفلسطين في ذكري الانتفاضة، استكمالا لموقف أخذوه في مباراة الإسماعيلي السابقة، عندما هتفوا ضد إسرائيل(4).

 

ويمثل الالتراس هنا أحد استراتيجيات الاحتجاج الجماهيري أو “العمل المباشر” والانخراط السياسي وللعمل المباشر هنا ميزتين؛ أنه لم يتلوث بعمليات الحكم وجهاز الدولة ولذلك يمكن التعبير عن السخط السياسي والمعارضة بشكل فعال، فقوي المعارضة هنا لا تنحرف نحو الاتجاه الدستوري أو القانوني ولا تدار بواسطة الساسة المحترفون anti-political politics””، هذا العمل الذي يمكن تنظيمه على أساس من اللامركزية وصنع القرار التشاركي، أيضاً من ميزة هذه السياسة أنها تدير ظهرها إلى الأحزاب القائمة وجماعات المصالح وعمليات التمثيل وتتجه نحو شكل اكثر تجديداً لسياسة الاحتجاج.

 

إن استخدام العنف ضد الأمن/ الدولة من قبل مجموعات الالتراس كانت الخطوة الأولي لكسر النظرة التقليدية والمعطاة عن قدرة الدولة وحدها في تعبئة وسائل القهر واستخدامها، وفقاً لماكس فيبر إن الدولة هي التي تملك الشرعي لوسائل الهر والعنف، العنف ضد الأمن لم يكن المعتاد أو المألوف في مصر والصورة السائدة آنذاك عن القبضة الحديدة للأمن التي لا يمكن مقاومتها.

لذلك عندما اندلعت ثورة يناير اكتُشف أن الجماعة المنظمة الوحيدة في مصر التي تملك الخبرة القتالية في التعامل مع الأمن المركزي والتراث النضالي في التعاطي مع قوة وزارة الداخلية من مواقع عديدة تتراوح ما بين الدفاع والهجوم واستراتيجيات متباينة بين تقليل الخسائر والمقاومة النشطة والاشتباك كانوا أفراد الالتراس، لا تنبع أهمية هذه الحقيقة من كون الالتراس لعبوا بالفعل أدواراً بارزة في المعارك آنذاك في معارك كوبري قصر النيل وموقعة الجمل بل الأهمية الأكبر تنبع من مركزية النضال ضد الأمن متمثل في وزارة الداخلية كجهاز قامع للحريات وضابط للتناقضات الاجتماعية في المجتمع انذاك(5).

 

من ناحية أخرى لم يكن العف الوسيلة الوحيدة في العلاقة الصراعية ما بين الأمن والالتراس، شاع استخدام الأدوات الرمزية وبكثرة فمثلاً حينما تم إلقاء القبض علي أحد أعضاء الالتراس “وايت نايتس” (الفرسان البيض) وتم رفض اطلاق سراحه، وكرد فعل قام أعضاء المجموعة بحضور مباراة الزمالك والمصري في نوفمبر 2010 بالملابس السوداء لإظهار غضبهم واحتجاجهم(6)، وهي نفس الطريقة التي استخدمها التراس اهلاوي لتأبين زميلهم الذي استشهد أثناء اعتصام مجلس الوزراء في ديسمبر 2011 (7)، بالإضافة إلى هذا كانت المفاوضات ما بين قيادات المجموعات وقيادات الأمن حاضرة خاصة في المناسبات الخاصة كمباريات الأهلي والزمالك لضمان حدوث ما هو غير متوقع.

 

وفي أعقاب انهيار الداخلية بعد التنحي كان الألتراس، وهذا يبدو مفهوما، هم أقل الفئات استجابة للمطلب الإعلامي بفتح صفحة جديدة مع الداخلية، بل على النقيض قامت ألتراس أهلاوي وألتراس وايت نايتس بتأليف الأغاني والأهازيج التي تحمل سخرية واضحة من الداخلية وتركز على معنيين: هزيمة الألتراس للداخلية ميدانيا بشكل ساحق ومُذل، والسخرية من مؤسسة الداخلية نفسها عبر التشهير بمستويات الضباط التعليمية والعلمية الضحلة وفساد الإدارة داخل المؤسسة وضيق الأفق وانحطاط الفكر. والتركيز المتواصل على التغني المستمر بهذه الأغاني والهتافات في كل مباراة على مسمع ومرأى من قيادات الداخلية والأمن المركزي لهو أعلى درجات التحدي الساخر والإهانة الرمزية التي تلقتها الداخلية المصرية عبر تاريخ الجمهورية المصرية، كما في الشكل رقم (8).

 

وفي هذا السياق فإن انفجار الأمن المركزي في وجه ألتراس أهلاوي عقب مباراة الأهلي وكيما أسوان يبدو مفهوما تماما والمجال مرشح لمزيد من التصعيد على الجانبين. فالداخلية، وفي خضم أزمتها بعد ثورة يناير، لا تستطيع أن تتجنب النزعات الثأرية. أما الألتراس فلا بديل أمامهم إلا الاستمرار. فهي معركة وجودية وخصوصا في ظل عدم اكتراث إدارة النادي بهم وتحيز المنابر الإعلامية ضدهم. وسوف يزداد الوضع سخونة إذا ما صحت التسريبات عن نية الحكومة التحكم في عدد ونوعية جمهور مباريات الكرة القادمة، وهو ما يعني عمليا منع الألتراس من دخول الملاعب(8).

 

شعار A.C.A.B

الشعار هو اختصاراً لـall cops are bastards ” كل رجال الأمن أوغاد “، هو شعار عالمي، ويعتبر هذا الشعار هو ترجمة لعلاقة الالتراس مع الشرطة كأحد مثلث عداوات الالتراس متمثلة كما تحدثنا سابقاً عن الأمن كعنصر رئيسي ثم الإعلام فيقومون باحتجاج سلبي من خلاله قطع علاقات الاتصال معهم وأخيراً ضد الكرة الحديثة.

الشعار لم يكن من إبداع الالتراس المصري لكن بسبب ظروف العلاقة السائدة في أي مكان بين الالتراس والأمن خاصة في إيطاليا وأمريكا اللاتينية لاقي رواجاً عالمياً، من ناحية أخرى كان هذا الشعار اكثر اتساقاً مع الواقع المصري وتطويره أيضا فنجد تطور لهذا الشعار في مصر لهتاف (الداخلية بلطجية) فالأمن يحاول الوصول إلى الحالة الكلاسيكية من التشجيع رفضاً فكرة الحركة المنظمة من الالتراس واعتبارهم تنظيماً واحداً فيعاملونهم أفراداً، غير مسموح لهم باستحضار إبداعهم من الهتافات أو الدخلات التي يقومون بها فهذا من وجهة نظر الأمن خرق لمجال الدولة لان الالتراس غير خاضعة لرقابة الدولة بأي شكل إلا في بعض الحالات المعينة مثل استدعاء قيادات الالتراس للتأكيد عليهم في المباريات المهمة عدم الخروج عن المألوف، كل ذلك تعتبره مجموعات الالتراس تعدياً سافراً على حق المشجعين في الاستمتاع وتعدياً على الحرية بصفة عامة وغالباً ما تبدأ الاحتجاجات من هنا ومجموعة تصر على حقوقها داخل المدرجات وأمن لا يتعامل معها على أنها كتلة واحدة نافياً حقها في الاستمتاع والتنظيم (9).

 

لعل ذلك هو الخوف الأمني من التجمعات التي قد تشكل خطراً عليه من تنظيم وولاء لفكرة بعينها والإيمان بأهدافها والتي تظن أنه على حساب الولاء الأعلى للدولة، من هنا يمكن تخيل شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع، دولة لا تسمح بوجود أي تنظيم قوي على أرض الواقع غيرها، ومجتمع لا ينتمي للدولة بقدر ما ينتمي لولاءات تحتية مما يؤدي لتغيير قيمة المواطنة.

وبالرجوع لحالة الالتراس نري أن الالتراس كفكرة كانت نتيجة لحالة من الاغتراب، ثم نراها واضحة كفكرة الانتماء” للوطن النادي” والجرافيتي السابق الإشارة إليه (اهلاوي حاكم دولته) فكان من الطبيعي أن تتطور العلاقة بين الأمن والالتراس لعلاقة دفاع بين معتقداتهم وعقليتهم التي يؤمنون بها إيماناً تاماً وعلي استعداد لمواجهات دامية للدفاع عن فكرتهم، من ناحية أخرى قد يكون هذا الولاء قد ساعد الفرد العضو داخل الالتراس لتحقيق المواطنة الكاملة داخل الوطن الأكبر في ظل إحداث الثورة من خلال المشاركة فيها لوجود عدو من وجهة نظرهم في انتظارهم في الشوارع والميادين وهو الأمن وبعد كسرهم، من الممكن أن نرى لحظات من المواطنة الكاملة والشعور بثقتهم في وطنهم بعد ثورة من خلال البوم غنائي يغني للثورة أطلق الفكرة كلاً من التراس اهلاوي والتراس وايت نايتس منها مثلاً أغنية التراس اهلاوي (حرية) وأيضاً تعظيم قيمة الشهيد التي كان لها قيمة خاصة في ظل أحداث الثورة مثل أغنية التراس اهلاوي (أنا مكتوب على باب اوضتي شهيد).

 

بشكل آخر يمكن القول إنه بعد الثورة كانت هناك حالة من النشوة لدي كل أفراد المجتمع بما فيهم الالتراس الذين يعتبرون جزءاً من نسيج مجتمعي مصري له حالة خاصة، هذه الحالة بسبب القدرة على اكتشاف الشارع كرمز أعاد لهم الانتماء لوطنهم، وبعد الأحداث الأولى للثورة والتنحي زادت هذه الحالة وزادت الرغبة في البناء والانتماء ولكن في فترة معينة عاد الالتراس للتأكيد على الهدف الرياضي فقط وهو مؤازرة الفريق، ويمكن تأريخ بداية هذه الفترة بعد مذبحة بورسعيد والتي كان الأمن أيضاً العنصر الأساسي لحدوث مثل هذه المذبحة.

 

الألتراس والإعلام: Anti Media

علاقة الالتراس بالإعلام متوترة دائماً ويرسمها المزاج العام للالتراس ولعل محاولة الإعلام لعب دور الوصي على عقول الالتراس وإلقاء اللوم عليه، وتصويرهم وكأنهم الخارجون عن النظام هو ما يدفع إلى تلك الحالة من الجمود. من ناحية أخرى فإن من أسباب تجاهل الإعلام عقلية الالتراس التي تؤكد دائماً على إنكار الذات وتجنب الشهرة، ويمكن أن نرى ذلك في شعار التراس وايت نايتس (حارب من أجل الكيان).

وكان الظهور الإعلامي نادراً جداً والسبب في ذلك أن نظرة الإعلام هنا متسقة مع نظر السلطة تجاه هذه الجماعات بأنها جماعات فوضوية خارجة عن النظام فلن تكون هناك مساحة لهم متاحة لإبراز عقليتهم(10).

وكان الظهور التلفزيوني على التحديد يتكرر على فترات لتحقيق أهداف لحظية وإثبات فكرتهم فالتراس “يلو دراجونز” (التراس إسماعيلي) استخدم الظهور الإعلامي للدفاع عن الكثير من أعضائهم المقبوض عليهم، كذلك لتحقيق هدف معين مثل لقاء مدحت شلبي مع “يلو دراجونز” وإشعال (شمروخ) على الهواء مباشرة من قبل أعضاء “اليلو دراجونز” للتدليل على انعدام أي خطر، أيضاً لقاء محمد جمال بشير المعروف باسم “جيمي هود” مع أحمد شوبير ووصفه بالعمالة والخيانة ثم ترك البرنامج(11).

 

من ناحية أخرى في ظل ما يسمي الواقع الافتراضي والتطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن استطاعت الالتراس تطوير آليات جديدة للتواصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في ظل الأعمار العمرية الصغيرة والتي تكون أكثر قدرة على التعامل مع التكنولوجيا، وأصبح الواقع الافتراضي في هذه الفترة أداة أساسية في مواجهة الوسائل التقليدية في ظل الخط العام التي تسير عليه الدولة، ومؤسساتها سواء التنفيذية أو الإعلامية، والتي لن تسمح لمثل هذه الجماعات في الظهور التي تعتمد على سياسات الشوارع في تحركها وحيز المجال العام والمنافسة عليه والصراع بينها وبين الدولة، في حين اعتماد الدولة على وسائل تقليدية وعدم القدرة على مجاراة مثل هذه الجماعات وملاحقتها، من ناحية لأن هذه الجماعات لا تعرف التنظيم الهيراركي، فإذا سقط رأس التنظيم سقط التنظيم كله، فكل فرد داخل الجماعة قادر على أداء وظيفة القائد مما يصعب الأمر على القيادات الأمنية على التعامل معهم، ومن ناحية أخرى توجيه الإعلام لحملات ضد أشخاص بعينها، أيضاً شعور مثل هذه الجماعات على أنها صاحبة حق في قضية يعطيها القوة في مواقفها التي تتبناها والقدرة على المقاومة والاستمرار لفترات طويلة.

 

ضد الكرة الجديدة Against Modern Football (شكل رقم 9)

هذا هو العنصر الثالث الحاكم لعلاقة الالتراس تجاه الدولة ممثلة هنا في اتحاد الكرة ومجالس إدارات الأندية التي تراها تتواطأ ضد مصلحة النادي وقام الالتراس صراحة بمعادة مجالس الإدارات الأندية واحياناً تنظيم وقفات احتجاجية ضد هذه المجالس وتأليف الهتافات والأغاني ضدهم مثل أغنية (يا تيشيرت العمر يا أبيض) التي كانت ضد ممدوح عباس رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك (12)، هذا الشعار الذي رفعته معظم جماعات الالتراس حول العالم، وكانت بداية هذا الشعار عندما اصدر الاتحاد الأوربي قراراً بمنع الوقوف أثناء المباريات وهو ما يرفضه الالتراس تمامً فجزء أساسي من عقليتهم هي الوقوف التسعين دقيقة كاملة لمؤازرة الفريق والهتاف سواء كانوا فائزين أو مهزومين.

 

أما الواقع المصري فتم استخدام الشعار في مواجهة إشكالية اختصت بها مصر عن غيرها، وهو صعود فرق الشركات والمؤسسات، فمن وجهة نظر جماعات الالتراس أن هذه الفرق غير جماهيرية تؤثر على مستوي المنافسة، وأن تواجه فرقة جماهيرية بجمهورها فرقة أخرى من الشركات أو المؤسسات ليس لها جمهور ومدرجاتها هاوية مما يؤدي إلى فقدان الشعور بالمنافسة والإحباط، ففي مصر أصبحت الأندية الجماهيرية تعاني من فقر الموارد المادية، وحل محلها فرق مؤسسات فالدوري المصري به خمس فرق من مؤسسات أمنية (ثلاثة فرق تابعين لوزارة الدفاع والإنتاج الحربي وهي طلائع الجيش وحرس الحدود والإنتاج الحربي ولهم ميزانية تعتبر جزء من ميزانية الجيش، وفريقين تابعين لوزارة الداخلية هما اتحاد الشرطة والداخلية) بجانب فريقين تابعين لوزارة البترول هما انبي وبتروجيت(13)، ومثل هذه الفرق لا تُعامل معاملة باقي الفرق، فهذه الفرق الخاضعة لمؤسسات سيادية تعتبر مقر إقامتها ثكنة عسكرية تخضع للقانون العسكري أو أي حالات شغب صاحبها يتعرض للمحاكمة العسكرية (14).

 

إذن هذا المبدأ الذي تبنته جماعات الالتراس لوقوفها ضد استغلال كرة القدم التي أنشئت بالأساس لإمتاع الجماهير، ثم تحولت مع الوقت لتجارة، لكن كل مجموعة تبنت المبدأ والشعار لسبب فمثلاً “الجرين ماجيك” (التراس الاتحاد السكندري) والتراس اليلو دراجونز (التراس الإسماعيلي) وهما أندية شعبية تعاني من التجريف في الفترة على حساب أندية الشركات، تبنت هذا الشعار لما وجدوه من فساد وانعدام لعدالة من وجهة نظرهم ولتفريغ فرقهم بحجة الاحتراف، أما الوايت نايتس فيري أن كرة القدم أصبحت سبوبة، أما التراس أهلاوي فقد أكد على أنه لا كرة قدم حتي القصاص للشهداء ولكن النشاط تم معاودته مما جعلهم يتمسكون بهذا الشعار بشكل أكبر من أي فترة سابقة بسبب موقف إدارة النادي واتحاد الكرة(15).

 

المبحث الثاني: الالتراس والثورة

في يوم 22 يناير 2011 ظهر فيديو على موقع يوتيوب يطمئن العازمين على نزول يوم 25 أو المتخوفين من عنف الشرطة وقمعها، أن هناك فصيل مصري قادر على حمايتهم في الشارع مستعرضاً اشتباكات جماعات الالتراس مع الأمن، وقبل هذا اليوم توجت الأحداث بالاشتباكات بين جماهير الاتحاد والشرطة عقب مباراة لكرة السلة خلالها ارتفع صوت الجماهير بالهتاف (تونس.. تونس.. تونس) في إشارة إلى الثورة التونسية التي سبقت المصرية، وكوسيلة لتحذير الداخلية من أن مصيرها سيكون كذلك في ظل العنف التي تنتهجه ضد الجماعات والتنظيمات المختلفة (16).

وكان كلاً من التراس اهلاوي والتراس وايت نايتس قد أعلنا أنهما لن يشاركا في مظاهرات يوم 25 يناير، وأنهما جماعة رياضية وكل فرد داخل الجماعة حر في اختياره سواء بالمشاركة أو لا، لكنه يشارك كفرد عادي، وهناك من كان يؤكد أن كلاً من البيانيين ما هو إلا إشارة متفق عليها لتحرك جماعات سرية والنزول في هذا اليوم، لكن هذا الرأي بعيداً عن المنطقية لسببين:

 

السبب الأول: أن الالتراس هي أكثر الجماعات احتكاكاً بالداخلية واشتباكاً معها، واذا أرادت النزول من أول يوم لفعلت لكن جماعات الالتراس في تلك الوقت كانت تتعرض لمضايقات عالية من قبل الداخلية مثلها مثل أي تنظيم في هذا الوقت في ظل فترة سادت فيها التوترات وزاد فيها بطش القوة الأمنية بعد تزوير الانتخابات البرلمانية فكانت جماعات الالتراس لا تريد أن تعرض أفرادها لمثل هذه المخاطرة وزيادة المضايقات.

 

السبب الثاني: أن جماعة الالتراس هي جماعة لا سياسية تسعي دائماً لتشجيع فريقها وتؤكد دائماً على أنها جماعة رياضية لذلك لم تكن أي من القوى الداخلية أو الخارجية تسعي لاستقطابها لأنها لن تمثل فائدة لها ما دامت حريصة كل الحرص في البعد عن دائرة السياسة، وذلك يعني أن جماعات الالتراس هي جماعات تتمتع بدرجة عالية من الشفافية، ولا تمتلك مصادر تمويل إلا مصادر تمويلها الداخلية وكل حركتها مكشوفة، ولا تسعي لأي مناورة أو خداع، ولا تجد حرجاً في سب الداخلية علناً ووزيرها آنذاك حبيب العادلي.

 

أما من قرر أن ينزل ذلك اليوم من جماعة الالتراس يريد أن يكون وسط جماعته خوفاً من البطش الأمني المتزايد آنذاك، والخوف على المصلحة متبادل هنا، ولكنه متأكد أنه سيجد من يعرفه في الميدان. من ناحية أخرى مع اندلاع الاشتباكات بين المتظاهرين والداخلية وجدوا حقيقة مفادها أن الفصيل الوحيد القادر على مواجهة الأمن والاحتكاك معه نتيجة لخبرته السابقة هو الالتراس، غير ذلك من الجماعات والتنظيمات لم تكن لتعرف هذه الاستراتيجية فمن هذه الجماعات من كان يتجنب السلطة وتسلطها ويتملقها ومنها من عارضها ووقف ضدها ولكنه لم يستطع أن يقاومها مما جعله عرضة للتنكيل والاعتقال، ما عدا جماعات الالتراس تمتلك هذه القدرة وفي نفس الوقت جماعة لا سياسية.

في ظل أحداث الميدان كان الظرف اللحظي عامل مهم في تغيير الخريطة وتغيير التفاعلات وتغيير القناعات أيضا فمع سقوط الشهداء في 28 لم يكن هناك رجعة عن الاستمرار في الدفاع عن الميدان، الدفاع عن الحالة الفريدة التي وجدوها والشعور بحالة فريدة من الانتماء هي في الأصل كانت معضلة لهم وهي الاغتراب والاحتماء بالوطن النادي، ومع تصاعد وتيرة المظاهرات اعتبر أعضاء الالتراس أنفسهم جزءاً فاعلاً ضد أجهزة الأمن، فكان شباب الالتراس في الصفوف الأولي في جمعة الغضب نظراً لخبرتهم السابقة ومعرفتهم بتكتيكات وتحركات قوات الأمن وبشكل عام اتسم أداء الالتراس بالتنظيم والتناسق في روح وطنية تميز بها الميدان في هذه الفترة (17).

 

ومع نهاية الأحداث الأولي بتنحي مبارك كان ذلك إيذاناً بتطوير دور جديد في علاقة الالتراس مع الدولة ومتمثلة في الأمن نجد أن الالتراس كان حريصاً على عدم الوقوع في اشتباكات مع الداخلية بعد رجوعها للتأكيد على حسن نيتهم من ناحية، ومن ناحية أخرى لبناء الثقة في مؤسسة الداخلية، لكن مع الوقت رأي الالتراس أن معاملات الأمن ما زالت كما هي مهينة، ولا يتعاملون معهم على أنهم تنظيم ورغبة منهم في إذلالهم من خلال مصادرة وسائل التشجيع الخاصة بهم، مما أدي إلى تطوير شعارهم الأول من (الداخلية بلطجية) إلى (الداخلية زي ما هي بلطجية).

 

خلاصة

على مدار نشأة حركات الالتراس وطيلة تاريخها الذي يعتبر مازال في بدايته كانت تلعب دور حيوي في النظام السياسي والاجتماعي، وكان الالتراس نتيجة للتغيرات الاجتماعية والسياسية التي حدثت بمصر في العقد الأخير وكان رد فعل طبيعي على الوضع السياسي القائم والنظام السياسي المتبع آنذاك لم تكن لتطرح نفسها كبديل سياسي على الساحة ولم تسع إلى ذلك إطلاقاً.

 

لقد استطاع الشباب المكون لجماعات الالتراس أن يُكون عقليته وأفكاره بنفسه، حتي أن هناك جملة مشهورة في مجال الالتراس وهي (عقلية الالتراس)، هذه العقلية على حداثتها إلا أنها حددت لنفسها خريطة تهتدي بها، تتمحور حول حب النادي كعنصر شامل جامع، لكن هذه العقلية رتب عليها تغير كبير في تصرفات الالتراس في الفترة التالية على الثورة وأثناء الثورة تحديداً، استطاعوا من خلالها أن يحددوا موقف قوي للسلطة وتفكيكها بعقلانية سواء في فترات الاشتباك مع الأمن أو فترات الهدوء في العلاقة، هذه النظرة للسلطة تُمثل نظرة جديدة لما يُمكن أن نسميه “الطبقة المتوسطة الجديدة” التي تري المشهد الحال من منظور مختلف عن المنظور السائد سواء التابع لوجهة النظر الرسمية أو المنظور الشعبي السائد في تخيل العلاقة مع الدولة والسلطة، هذه الرؤية وجدت الدولة/ السلطة فاسدة، وأن هناك طبقة حاكمة غير مستعدة للتنازل عن السلطة، لذلك لم يكن لمثل هذه الجماعات أي أهداف سياسية، وخلقت لنفسها عالم موازي اغتربت من خلاله عن مجتمعها.

 

أما اللحظات الفريدة التي خرجت فيه من مجالها الخاص واحتكت هذه الجماعات بالمجال السياسي، فقد كانت لحظات جمعية أي تحقق حولها إجماع وطني حول الموقف أو للدفاع عن حقوقهم والتي تعتبر الحالة الثانية لدخول المجال السياسي فهم غير مستعدين في أي حال من الأحوال للتنازل عن حقوقهم أو كما يقولون (حقوق إخوتنا وأصحابنا).

 

أما النظرة المختلفة لهذه الطبقة الجديدة هي أنها قادرة على مواجهة الدولة التي تحتكر مصادر القوة، ويمكن أن نقول هنا أنها أعطت شكل جديد وفريد للعلاقة بين الدولة والمجتمع، فهي سحبت منها الاستخدام الشرعي لهذه القوة وأصبح مشكوكاً في شرعية هذه القوة، نتيجة للممارسات العنيفة التي كانت يمارسها الأمن في هذه الفترة، ولكنها أكدت على هذا من ناحية، ومن ناحية أخري أثبتت القدرة على مواجهة السلطة فهي أول من ابتكرت مفهوم مواجهة الأمن في الشوارع، ومن خلال هذه الخبرة استفادت منه فصائل أخري سياسية بحتة داخل المجال السياسي، وبقوة مثل حركة 6 أبريل وحركة كفاية، من خلالها تم تطوير مفهوم سياسات الشوارع الذي يعتبر له الدور الأكبر في إزاحة نظام أو على الأقل رأس النظام ظل محتكر الحياة السياسية قرابة الثلاثون عاماً.

هذه الطبقة الجديدة، على اعتبار أن الالتراس تنظيم شبابي متوسط الأعمار لا يزيد عن 25 عاماً- حصلت على قدر أكبر من التعليم وحتي إن اعتبره البعض تعليماً سيئاً، ولكن هؤلاء منهم من قدر الفكرة واستوعب أن الدولة هنا لا تملك شيئاً، ولا تملك ميزة نسبية ضد الجمع، فقرروا ألا يدخلوا الجهاز البيروقراطي للدولة أو لم يجدوا فرصة لدخوله، فقرروا تحقيق مصلحتهم التي في الغالب تراها الدولة ضد مصلحتها أو وجهة النظر الرسمية التي تراها ضد المصلحة العليا فكانت الاتهامات لمثل هذه الجماعات مثل إشاعة الفوضى، وأنهم جماعات فوضوية تخريبية، فلم تكن فكرتهم صراحة ضد السلطة، فمهما كان تخيل هذه الجماعات لهشاشة التنظيم الدولاتي وقدرتهم على اختراقها لم تكن على قائمة أولوياتهم مواجهة السلطة/ الأمن فهي ليست جماعات عنيفة بالأساس والمواجهة تكون بالأساس لرد العدوان عليها.

أما الفكرة فكانت هي (احتقار السلطة) فمن البداية لم تكن الدولة صالحة للفوز بالجمع، فإذا كانت الدولة للجماهير لاحتموا بها واعتصموا بدلاً من أن يحتموا منها ولكن الفكر الإصلاحي غير قابل للنظر هنا لان هذه الجماعات تعلم أن قنوات الاتصال والتواصل السياسي مسدودة، لذلك لم يكن لها أي أجندة سياسية من الأساس لذلك فإصلاح الدولة هنا غير قابل للنظر لان الفرد أناني، ويُفضل مصلحته الشخصية ومن يصل للسلطة هو فرد، أما جماعات الالتراس فكانت فكرتها الأساسية في العمل هي العمل الجماعي كما نراه في شعارتهم مثل الجرافيتي السابق (الجماهير سر الكيان) وشعار التراس اهلاوي (معاً للابد together forever)، فكان احتقار السلطة هنا يكفي أن نراه في مواجهة الأمن وهزيمتهم في كل مرة تتجد فيها الاشتباكات.

لكن من نظرة أخرى يمكن أن نراهم في أعمال الجرافيتي متمثل في الشعار الشهير A.C.AB أو نظيره الآخر الداخلية بلطجية وغيره ثم الهتافات والأغاني مثل (كان فاشل في الثانوية) والتي تعتبر أهمها وتعبر عن نظرة مهمة جداً في العلاقة وتحليل طبقي عميق في مدي فساد جهاز الدولة بالإضافة إلى هتافات أخرى مثل (مش ناسيين التحرير) وأيضا (يا حكومة بكرة تعرفي بايدين الشعب هتنضفي)، وأيضا منها (يا نظام غبي افهم مطلبي… حرية).

إن هذه الجماعات قد حققت الإضافة المثلي لمفهوم اصف بيات عن اللاحركات الاجتماعية فهو يري أن الأفراد العاديون كانت تصرفاتهم مشتركة، دون معرفة ذلك أو ملاحظته فوجدوا هذا الحيز لخدمة ظرفهم اللحظي، مثل الباعة الجائلين حينما يقوموا بإعطاء بعضهم إشارات لتنبيه بعضهم، إذا كان هناك خطر قادم، ولكن هذه العلاقة بينهم تنتهي بانتهاء الموقف، أما الالتراس فقد طوَّر هذا المفهوم تطويراً كبيراً فقد استطاعوا أن يخلقوا تنظيماً كبيراً نسبياً وكلاً له دور داخله، هذا التنظيم استطاع أن يجعلوه مستمر ليس لظرف معين بنهاية تشجيعهم لفريقهم بنهاية المباراة أو بنهاية اشتباكاتهم مع الأمن، فبسبب صغر سنهم وقدرتهم أكثر من أي فئة أخرى على استخدام التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي طوروا وسائل الاتصال فاصبح الاتصال بينهم أكثر سهولة (18).

———————————-

الهامش

(1) Asef Bayat, Life as politics: How ordinary people change the middle east, Amsterdam University press.p:15

(2) أمل حمادة، مرجع سابق

(3) راجع البيان الصادر بتاريخ 30 سبتمبر 2010 التراس وايت نايتس، إعلامهم عقيم

(4) أكرم خميس، مرجع سابق، ص 65

(5) أشرف الشريف، مرجع سابق

(6) Mohamed Elgohari، The ultras political role and the state in Egypt،Jeff Goodwin، The Wilf Family department of politics New York University، New York City، USA، May 2013, pp:31:32

(7)جوزية يطرد فضل ويكرم شهيد الالتراس، المصري اليوم، 25 ديسمبر 2011

(8) اشرف الشريف، مرجع سابق

(9) محمد جمال بشير، الالتراس عندما تتعدي الجماهير الطبيعة، دار دون، الطبعة السادسة،2012 ،ص 96

(10) من خلال الزيارة الميدانية للباحث يوم 1مارس 2014: في محاولة دخول التراس وايت نايتس لاستاد القاهرة لتشجيع فريقهم في مباراة بدوري أبطال أفريقيا: لاحظ أن العناوين التالية لهذا اليوم لم تذكر الواقعة علي التفصيل وتفريق الجماهير بالقنابل المسيلة للدموع من ناحية، ومن ناحية أخرى ادعاءات علي التراس وايت نايتس بتعطيل طريق النصر فعلي الرغم من ضخامة العدد المتوجه لحضور هذه المباراة وسد الطريق لداخل الإستاد في فترة المفاوضات بين الالتراس وقيادات الأمن، وحرص الأفراد علي عدم تعطيل المرور وتسهيل الحركة، لكن الأهم هو مدي توافق الإعلام مع السلطة في نشر جزء محدد من الواقعة وعدم الالتفات لها كاملة مما يجعل الحقيقة مجتزئة أمام المتلقي مما يؤدي إلي إحكام مغلوطة، وجدير بالذكر أن حصيلة هذا اليوم كانت شلل نصفي لاحد مشجعي الزمالك إثر رصاصة استقرت بالمخ.

(11) عبد الله محمد خليفة، الاسم التراس حين يصبح التشجيع فكراً وأسلوب حياة، دار المصري للنشر والتوزيع، الطبعة الأولي، 2013، ص 78:80

(12) كانت هذه الأغنية بعد الوقفة الاحتجاجية أمام نادي الزمالك التي تطالب برحيل ممدوح عباس ومجلسه وعلى إثرها مات أحد مشجعي الزمالك إثر طلق ناري بالمخ من داخل النادي وهو عضو بالتراس وايت نايتس “عمرو حسين” وكانت هذه الأغنية تخليداً للواقعة.

(13) يذكر انه قبل الثورة كانت الفرق التابعة لمؤسسات سيادية مثل حرس الحدود في المباريات الهامة مثل السوبر المصري مع الاهلي في 2010 يحضر هذه المباريات افراد من قوات الجيش وكانت في هذا اليوم من قوات حرس الحدود للمدرج لتشجيع حرس الحدود وكان الفرق واضح في التشجيع ان جماهير الاهلي تلتزم بمابدئهم في حين ان جماهير الفرق الاخري التابعة للمؤسسات هي تنفذ امر لا تتحرك من مقعدها ولا تفكر في التشجيع، وهو ما يعتبره الالتراس اهدار للمال العام.

(14) محمد جمال بشير، مرجع سابق ص 173:175

(15) عبد الله محمد محمد محمود خليفة، مرجع سابق ص 87:88

(16) محمد جمال بشير، مرجع سابق، ص 70

(17) د. ياسر ثابت، دولة الالتراس أسفار الثورة والمذبحة، دار اكتب للنشر والتوزيع، الطبعة الأولي، 2013.

(18) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

إسلام أحمد الربيعي

باحث سياسي مصري، بكالوريوس العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى