حزب الله اللبناني: مستقبل الدور
في ظل سعي بعض جماعات المقاومة نحو تحقيق أهداف أخرى متجاوزة دورها الأول، بات سلاحها وأجندتها محل إشكال للأطراف الإقليمية والمحلية. وكأنها لم تتخذ من هذه القضية سوى جسر عبور لما هو أولى بالنسبة لها. فلا تتردد في خوض المعارك والحروب مع أبناء وطنها الواحد، او الجوار، كما هو حال المقاومة الإسلامية في لبنان أو “حزب الله”. فما هي مبررات ذلك؟ وما الأدوار الوظيفية التي يقوم بها الحزب حتى يشترك في هذه المعارك؟في إطار المهام التي يقوم بها حزب الله اللبناني، يواجه تحديات لا يمكن وصفها بالبسيطة أبدا، فحزب الله منذ تأسيسه وهو يخوض معارك في الداخل والخارج إلى أن وصل به الحال عقب ثورات الربيع العربي إلى دخوله عسكريا في ساحات متعددة من سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق، مقاتلا أو مدربا، مما عقد الأمور تجاهه أكثر.
فما هي مخاوف هذه الدول والشعوب منه اليوم؟ فضلا عن صراعه مع دولة الاحتلال الصهيوني، التي فتحت عليه معارك درع الشمال مؤخرا. هل وجدت إسرائيل من جراء ذلك التوقيت المناسب للقضاء على حزب الله؟ أم أنها المناورات والتهديدات الكلامية والإعلامية المعتادة؟
يهدد حزب الله اللبناني من خلال أمينه العام ونائبه بأن إسرائيل ستواجه مصيرا لن تتوقعه، وأنه لا توجد نقطة في الكيان الصهيوني إلا وهي معرضة لصواريخ حزبه، كما يتوعد بإدخال الآلاف من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني أو الحشد الشعبي عند احتدام المعارك مع إسرائيل من باب الدفاع عن النفس[1].
من الجهة الأخرى، لا تقل تهديدات الكيان الصهيوني عن ذلك المستوى، مؤكدين أن حربهم لا تستهدف حزب الله فقط بل الدولة والمجتمع اللبناني، حيث هدد الكيان الصهيوني لبنان مرارا، بحرب مدمرة تعيده للعصر الحجري[2].
وما بين هذه التهديدات والتحديات يُطرح التساؤل عن مستقبل حزب الله؟
لا يمكن التنبؤ بمصير أو مستقبل حزب الله دون دراية بقدراته كما هو الحال عند رصد تحدياته، وإن كانت التحديات قابلة للرصد إلى حد ما، وتحديد الجهات التي تقف خلفها، إلا أن قدرات حزب الله لا يمكن الكشف عنها بشكل مفصل أو مؤكد لسرية نشاطه وعناصر المفاجأة المتعددة لديه. وهو ما يؤكدون عليه دوما، مرددين ما مفاده “تخطئون بتقدير ردودنا، وحجمها”، -وهذا- وإن كان لا ينفك جزءا من استراتيجيات حزب الله في حربه النفسية أو الإعلامية[3]، إلا أنه يجعل الصورة ضبابية أمام تحديد قدراته بشكل مفصل.
أولا: الدور الوظيفي لحزب الله
وفق نظريّة الدور يُعَدّ مفهوم الدور من المفاهيم المركزيّة التي وظّفتها أدبيّات السياسة التي تنطلق من افتراض أنّ لكل وحدة دوليّة دورًا أو مجموعة من الأدوار التي تضطلع بها في النظامَين الإقليميّ والدوليّ، بدافع إما أيديولوجي وإما براجماتي، وأنّ هذه الأدوار تحدّدها الوحدة الدوليّة بناءً على فهم صانعي السياسة الخارجيّة لمقدّرات دولهم، ولشكل النظامَين الإقليميّ والعالميّ، والفرص المتاحة فيهما، وهل يسمحان بهذا الدور سلبياً كان أم إيجابياً. أم أن هناك حسابات واعتبارات سياسيّة لدى صنّاع القرار في هذين النظامَين الإقليميّ والدوليّ، أو طبيعة النسق العقيديّ للقائد السياسيّ، تحول دون ذلك؟ كذلك تفترض تلك الأدبيّات أنّ سلوك الوحدات الدوليّة في النظامين إنما هو ترجمة لتلك الأدوار[4].
في المقابل، فإن القاعدة العامة لتشكيل الأحزاب تكمن بأنها جماعة منظمة تسعى للوصول إلى السلطة. لكننا مع حزب الله نجد أن الهدف أكبر من مجرد الوصول إلى سلطة محليا، ويقوم بدور الأداة لوحدة دولية أخرى هي “إيران”. حيث تقوم المقاومة الإسلامية في لبنان أو “حزب الله” كما يطلق عليها بمهام متعددة، وعلى جبهات كثيرة. منذ بدايتها كشريك على جبهة المقاومة اللبنانية للاحتلال الصهيوني، ثم كممثل سياسي لشريح واسعة من اللبنانيين عقب دخولها البرلمان. إلى دوره السلبي كأداة سياسية وعسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما يراه كثير من اللبنانيين[5] والعرب.
1- مقاومة العدو الصهيوني
منذ تأسيسه أوائل الثمانينات، قدم حزب الله نفسه على أنه حركة جهادية، تتمثل وظيفتها العليا في تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني (1982) بالمقاومة المسلحة، ليرث بذلك المقاومة القومية واليسارية التي طبعت ما عرف بالحركة الوطنية وتشكلت بغالبيتها من المسلمين اللبنانيين. وبناءً عليه وضع الحزب أولوياته الرئيسية.
كما يتأكد ذلك من مسائل متعددة: أعماله، خطاباته وسياساته حيث كان تركيزه الأهم في الحكومات اللبنانية المتعاقبة، “حماية ظهر المقاومة” والتأكيد على كون سلاحه لا ينفك جزءا من “الاستراتيجية الدفاعية للبنان”، حتى ما بعد التحرير سنة 2000. وفي هذا الإطار يأتي الانسجام التام ما بين نشاطه السياسي أو المسلح.
أما منطلقات هذه المقاومة للمحتل الصهيوني، تكمن في الحق بدحر الاحتلال، فضلا عن ثوابية العمل على اعتباره: “جهاد مقدس”. تتواتر الآيات والفضائل عنه. بحيث بدا أن حزب الله قد أدخل وبمهارة فائقة كل التاريخ العربي والإسلامي في المعركة مع إسرائيل، ووظفهما خير توظيف[6].
وفي كلا الجانبين، يفترض أن يؤدي هذا الدور إلى دعم إسلامي وتحرري من شعوب العالم أو التيارات المناصرة لمبدأ التحرير أو الجهاد. كذلك يعتبر الحزب حربه من الكيان الصهيوني حرب وجود لا حدود، لذا معركته معها مستمرة حتى بعد انسحابه من لبنان، خاصة وأنه يعتبرها كيان عدوان. وعليه فإنها قضية ثمينة ورابحة عند الشعوب العربية والإسلامية، ومفتوحة ما دامت إسرائيل موجودة.
لكن سلاح المقاومة هذا أصبح محل إشكال كبير لبنانيا منذ خروج الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، كذلك عقب حرب تموز 2006، وانتشار قوات الـــ UNIFIL على الشريط الحدودي. ولم تكن المخاوف من استخدامه داخليا تكهنات بل حقيقة، وذلك بهدف فرض الوصاية الإيرانية وبدرجة أقل الوصاية السورية على لبنان.
من جهة أخرى، دفع هذا الدور- أي “كمقاومة” – حزب الله للقيام بأعمال مناقضة لروح التحرر وردع العدوان والظلم التي هي مضمون المقاومة أو دفع الصائل، وذلك تحديدا عند دخوله سوريا مقاتلا إلى جانب نظام الأسد تحت ذريعة أن الأخير يحمي ظهر المقاومة واستهداف سوريا هو استهداف للمقاومة، أن طريق القدس تمر بسوريا.
كذلك يفترض أن يتوافق مبدأ ومفهوم المقاومة مع حق تقرير المصير، وهو ما لا يمكن لحزب الله والدولة التي تمده -إيران- القبول به في مناطق أخرى. ففي إيران مثلا، تمنع شرائح عرقية من حقها في حكم ذاتي، كسكان الأهواز بل يعاملوا معاملة سيئة، في حين تدعم إيران جماعات أخرى تنفذ المشاريع نفسها في دول أخرى، كــ جماعة التمرد الحوثية في اليمن، أو التسبب بأزمات داخلية كما هو الحال في البحرين، وبالتالي تناقض مبدأ التحرر أو الحرية.
2- كــ ممثل سياسي لشريحة من اللبنانيين
أدّت سياسات ومشاريع حزب الله المحلية (تربوية، إنمائية، صحية، خدماتية) بدعم وتمويل إيراني كبير إلى إيجاد مراكز سلطة رديفة، فقام بما يتوجب على الدولة القيام به وذلك تجاه ما يمكننا تسميته “مجتمع المقاومة”. ثم دخل “حزب الله” الحياة النيابية اللبنانية عام 1992 بعد إجازة وموافقة الخامنئي، إلى أن وصل الحزب إلى أعلى نسبة يحظى بها وحلفاؤه تحت قبة البرلمان وذلك في انتخابات 2018، وقد عزز له ذلك قانون الانتخابات الجديد الذي عمل وحلفاؤه على اقراره[7]. حيث فازوا بأكثر من 70 مقعدا من أصل 128[8].
وتفسيراً لذلك، تقول أطراف مؤيدة للحزب، أنه لا ينبغي اعتبار اعتناق الحزب للديموقراطية انقلاباً مفاجئاً، بل هو تطور طبيعي خلال عقد من وجوده. حيث تحول من مجموعة مقاومة صغيرة إلى حركة اجتماعية واسعة ثم حزب سياسي فضلاً عن كونه حزب مقاومة. ولهذا السبب يمكن القول إن حزب الله يستخدم الديموقراطية لحفظ وضعه السياسي فقط، وهو ليس ملزماً بها التزاماً حقيقياً كمبدأ إيديولوجي. ولا يترتب على هذا القول إنه لا يؤيد الديموقراطية بصفتها حق تأييد كنظام حكم، إلا أنه يدعو إلى استخدامها كمجرد إجراء من اجراءات الانتقال إلى السلطة[9].
ولكن في فيديو شهير لــــ حسن نصر الله وهو شاب يقول، بوضوح موقف أي عنصر في حزب الله: “نحن ليس لنا مشروع إسلامي في لبنان اليوم، مشروعنا هو إزاحة المحتل، بعدها كمؤمنين وعقائديين مشروعنا هو مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام، الذي ليس لنا غيره، وهو ألا يكون لبنان جمهورية إسلامية بل جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه الولي الفقيه”[10].
وتحدث نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، عن مشروعه الاسلامي في برنامج “إسلاميون وبعد” على قناة الميادين، أكد فيه: أنه كإسلامي لا يمكنه أن يرى غير المشروع الإسلامي حلا لمشكلة الانسان في كل زمان ومكان. وهو ما يؤمن به على مستوى العقيدة والثقافة وعليه أن يعمل على إقامته. لكنه إسلاميا لا يفرض دولته على غير المسلمين، معللا ذلك، بأنهم أهل كتاب ليس لهم مشروع سياسي، وهم كــ دين غير متصديين للحياة السياسية والإسلام يحفظ لهم دينهم. مضيفا، هذا مشروعي ولي حق أن افكر، لماذا على الاخر أن يمنعني من التفكير[11].
وفي هذا يبدو أن حزب الله يعمل تحت بند القاعدة الفقهية التي تقول: ما لا يدرك جله لا يترك جله، حتى وصل اليوم إلى سيطرة شبه كاملة على الدولة والمؤسسات اللبنانية، فضلا عن أن حزب الله يلعب دورا رديفا لمؤسسات الدولة في مناطقه[12]، وسلاحه يشكل سلاحا رديفا لسلاح الجيش اللبناني في لبنان وذلك على مدار 30 سنة. “تمتعت خلالها القوات المسلحة اللبنانية وحزب الله بقدرٍ من الشرعية، وتعايشا على الرغم من التباين في علّة وجودهما ومسارهما. لكن هذه الثنائية باتت هشّة باطّراد مع تطوّرهما واتّساع الدور الأمني الوطني الذي يلعبانه والصلاحيات التي يتمتعان بها في لبنان بعد الانسحاب السوري، وتحوّلت خطوط الصدع الجديدة بين القوات المسلحة اللبنانية وحزب الله إلى سمات راسخة في المشهد الأمني الوطني في لبنان”[13].
وهذا ما يدفع الكثير من التيارات والأحزاب المسيحية تحديدا إلى المطالبة بنزع سلاح حزب الله[14] منذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وبشكل أوسع عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، اذ يروون فيه تهديدا مباشرا عليهم وعلى الدولة اللبنانية، ويدعون لجعله تحت مظلة القوى الأمنية اللبنانية، وهو مطلب من المحال أن يقبل حزب الله به.
ومن جهة أخرى، “تعد القوات المسلحة اللبنانية (LAF) من أكبر دول العالم استقبالاً للتمويل العسكري الأمريكي. حيث قدمت الولايات المتحدة أكثر من 1.4 مليار دولار لها منذ عام 2005. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة زودت القوات المسلحة اللبنانية في أغسطس 2017 بمساعدات إلا أنها تتخوف من أن تكون هذه المساعدات بخطر. لذا تقترح وزارة الخارجية تخفيضات جذرية على لبنان في ميزانية المساعدات الخارجية لعام 2018”[15].
وبالتالي أسفرت هذه المفارقة، ومعها القوى الجيوسياسية التي رسمت معالم النظام السياسي اللبناني في مرحلة ما بعد الحرب، عن تهجين الحوكمة الأمنية، حيث حافظت الجهات العسكرية غير الحكومية على استقلاليتها التنفيذية وشرعيتها على مستوى الأمن الوطني[16] وتتجلّى هذه الظاهرة بأوضح صورها في قدرات حزب الله العسكرية المتفاوتة.
وفي اطار هذه السيطرة للحزب على لبنان، لا تفرق إسرائيل ما بين حزب الله والدولة اللبنانية في تصريحاتها وحربها[17]. وذلك لتغلغل حزب الله في الدولة رسميا، ولدفاع أطياف لبنانية رسمية عنه، على رأسهم التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية اللبنانية الحالي الجنرال ميشيل عون.
لذا يمكن التأكيد على تمكن حزب الله من السيطرة على مفاصل مؤسسات الدولة اللبنانية، بل وسلطاتها السياسية[18]، ففي السلطة التشريعية، يحظى الحزب بأكبر تحالف تحت قبة البرلمان الذي يترأسه نبيه بري المتوافق مع حزب الله بشكل شبه كلي. وفي السلطة التنفيذية، فإن رئيس الجمهورية هو الحليف المسيحي الأقوى لحزب الله، ولأجل تأكيد تنصيبه رئيسا بقي لبنان سنتين ونصف تحت فراغ رئاسي. أم الرأس الثاني للسلطة التنفيذية رئيس الحكومة السُني فهو مكبل بشكل كبير خاصة مع مهارة حزب الله في صناعة الأزمات له، كعدم قدرته على تشكيل الحكومة، وأزمة الثلث المعطل[19] داخل الحكومة.
في ظل هيمنة وتمترس حزب الله بمؤسسات الدولة اللبنانية، كما ذكرنا يصبح لبنان وكيانه السياسي كله مهددا، وقد جاءت عدة تصاريح وتقارير دولية رسمية في هذا الإطار[20] ومنها التهديد الصهيوني للبنان دولة ومقاومة، وكلك الاتهامات للسلطات الدبلوماسية اللبنانية التي ترفض تسليم متورطين بجرائم دولية كالاتجار بالمخدرات وتزوير الأموال والوثائق الرسمية[21].
كذلك تعتبر إسرائيل أن لها الحق في استهداف لبنان الرسمي لاحتوائه حزب الله، وقد شبه أحد الحقوقيين الإسرائيليين ذلك بما قامت به الولايات المتحدة الامريكية في أفغانستان ضد حكومة طالبان التي حوت تنظيم القاعدة[22].
3- كــ امتداد للثورة الإيرانية والولي الفقيه
انطلاقا مما يرد على ألسنة قيادات حزب الله اللبناني، وكما هو معلن من تصريحات أو سياسات الحزب لا يخفى على أحد الدور الذي يقوم به حزب الله لصالح إيران، فهو أحد أهم أذرع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العالم العربي. ويكفي في هذا النظر في تأسيس الحزب منذ بدايته، أو مرجعيته، وأدبياته.
لقد حظي حزب الله بدعم الولي الفقيه لوجستيا وعسكريا منذ تأسيسه، وقد وصلت قواته عقب الاجتياح الإسرائيلي في 1982 لمساندة قوات المقاومة، وفي الحديث عن العلاقة بطهران فضلاً عن الدعم العسكري والتنسيق لا نغفل ذكر مسألة التمويل، حيث أن مصادر تمويل حزب الله للقيام بالخدمات المتنوعة تأتي أغلبها من طهران أو الأنشطة التي تقوم بها شبكاته في دول الانتشار اللبناني. أما ما يأتي من طهران، فأولاً: تكون مساعدات مالية تقدمها المؤسسات التي يشرف عليها آية الله علي خامنئي، ولها ميزانية مستقلة عن الحكومة الايرانية. وثانياً: مساعدات تقدمها الحكومة الايرانية والمؤسسات الرسمية. هذه المساعدات الايرانية تضاءلت ميزانيتها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة، من بينها الاكتفاء الذاتي النسبي لحزب الله[23].
ثانيا: مستقبل حزب الله في ضوء قدراته والتحديات
في سياق استشراف مستقبل حزب الله لا بد من الوقوف على حجم قدراته المتنوعة حاليا أو في المدى المنظور، آخذين بعين الاعتبار التحديات التي تواجه على جميع الأصعدة.
1- قدرات حزب الله
خلال ما يزيد عن عقد من الزمن كانت قدرات حزب الله تتفاوت، خاصة في ظل التحديات الداخلية أو الإقليمية، ومع دخوله الحرب في سوريا، رصدت جهات كثيرة حالة الحزب خاصة العسكرية، المالية والشعبية.
أ- عسكريا، يبدو أن حزب الله اليوم أشد خبرة وأكثر تسليحا، وما ينفك الاعلام الصهيوني والغربي من التركيز عليه من خلال تصريحات لجنرالات عسكريين وغيره تحذر من التأثير العسكري المتزايد لإيران في المنطقة بالقول إن “الحرس الثوري، الذي بات يمتلك سيطرة مزايدة على صنع القرار السياسي في البلاد، ومعه تابعه الإرهابي، حزب الله، حولا نفسيهما إلى قوات قتالية طليعية محترفة ويمكن لإيران الآن التدخل بشكل حاسم لتغيير مسار الأحداث والصراعات في الشرق الأوسط وتأسيس معاقل جديدة لها لتهديد حلفاء أمريكا”.[24]
لقد غيرت الحرب في سوريا من حزب الله وجعلته الأقوى في لبنان والمنطقة، هو ما تحدثت عنه مجلة The Nation [25] فبمرور الوقت، أعطى تحالف حزب الله مع إيران وسوريا تدفقًا ثابتًا للأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة. على الأرجح، لا توجد أي جهة غير الدول قادرة حاليًا على مضاهاة حزب الله في هذا الصدد. ويبدو أنه الرابح الأكبر من تلك الحرب[26].
طوال الحرب الأهلية السورية، زاد حزب الله من قدراته على الرغم من الضربات المتكررة لإسرائيل على سلسلة الإمداد الخاصة به. وعلى رأس مئات الآلاف من الصواريخ التي يمتلكها حزب الله، تم الاستيلاء على صواريخ Yakhont المضادة للسفن والنظام الروسي المضاد للطائرات SA-17. كما إن القدرة على التنافس مع إسرائيل في هذه المجالات تمثل تحولا في ميزان القوى مع تل أبيب. حيث قام حزب الله بتجربة التكتيكات الجديدة في سوريا، مثل ضربات الطائرات بدون طيار. وتمثل الطائرات بدون طيار قفزة تكنولوجية أخرى لحزب الله ، الذي كان استخدام الطائرات بدون طيار في الماضي محصوراً في الاستطلاع[27].
يشكل حزب الله اليوم أكثر خطورة على دولة الاحتلال الصهيوني، لا من حيث ما يمد به من عتاد عسكري إيراني، أو لإعادة تأمينه شريان حياته البري عبر سوريا، بل لتلك الخبرات العسكرية التي اكتسبها في قمعه للثورة السورية. حيث خاض الحزب معارك شرسة وعلى جبهات متعددة منفردة أو إلى جانب جيوش نظامية وهذه كانت المرة الأولى التي يخوض فيها حزب الله مثل هذه المعارك. حتى بات هو من يعمل على تدريب مليشيات إيران في اليمن والعراق وحيث طلب تلبية للولي الفقيه فضلا عن الصواريخ التي يمكنها أن تطال أي مدينة في الأراضي المحتلة، وفي هذا الاطار تخشى إسرائيل ردا كارثيا [28].
نضيف نقطة مهمة أخرى، وهي أن حزب الله أمن طريق دعمه البري بشكل كبير (طهران – دمشق – بيروت)، خاصة عقب سيطرته على مناطق غرب سوريا المحايدة للبنان، ومن هذا كانت عبارة طريق القدس تمر بالزبداني والقلمون.
ب- إعلاميا، يُحسن حزب الله على خلاف كثير من جماعات الإسلام السياسي بالدعاية لنفسه ولنهجه، خاصة وأن مظلته القدس، حتى تجد في صفه من ليس منه. فيدعم ويروج له كالعديد من الفنانين والاعلامين المشهورين لبنانيا وعربيا، مسلمين وغير مسلمين[29]، على عكس الجماعات الإسلامية الأخرى والتي وإن كانت ترفع راية المقاومة مثل حزب الله، إلا أنها لم تحظ بما حظيت به المقاومة الإسلامية في لبنان من مناصرة اعلامية.
كذلك، نرى أن خط حزب الله في نشر عملياته أو مواده الإعلامية مركزة ومبرمجة بشكل واضح وموحد تجاه العدو الصهيوني بداية، أو ضد الجماعات التي وصفها بالــ “إرهابية” تهدد لبنان من سوريا التي دخلتها قواته لدعم نظام بشار الأسد. لا بل إن حزب الله يروج لنفسه اجتماعيا مما يستدعي انتباه الاعلام الغربي وآخره ما تعرضت لهThe New York Times،[30] عند تسليطها الضوء على اندماج حاضنة حزب الله باحتفالات عيد الميلاد الأخير[31]. لكن دعايته الأخيرة لم تفلح عند كل اللبنانيين أو العرب، إذ تقابل هذه الدعاية بمشاهد دموية ورفض من الأطراف المناوئة التي أكدت على قتل حزب الله مدنيين، في معاركه المباشرة أو حصار[32] وتدمير[33] وتهجير[34] أو مساس بالمقدسات.
لقد كان دخول حزب الله إلى سوريا قاسما لشعبيته بشكل كبير، فهو شريك وحامي بشار الأسد، الرجل الذي قتل مئات آلاف السوريين وشرد الملايين بعد أن دمر حواضرهم بالبراميل المتفجرة وصنوف الأسلحة المحرمة دوليا. لا بل لم تكتف القوات والميليشيات المناصرة للأسد وحلفائه بحصار المدن السورية، مما أدى إلى وفاة المدنيين كما ذكرت العديد من المنظمات الدولية والاغاثية[35]، لكن حزب الله رفض هذه الاتهامات وبرر الحصار، معتبرا أنها “حملة ممنهجة” للنيل من سمعة “المقاومة”، في حين قام أنصاره بشن حملة واسعة النطاق، شمتوا فيها وسخروا من ضحايا الحصار الخانق على مضايا السورية[36].
وعلقت صحيفة “Independent” البريطانية على تغريدات وصور نشرها أنصار الرئيس السوري بشار الأسد و”حزب الله” على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يسخرون فيها من الحصار المفروض على بلدة «مضايا» السورية بالقول، إنه انحطاط جديد للإنسانية[37].
مع الإشارة إلى أن هذه الحاضنة نفسها كانت قد تذمرت من الأوضاع خاصة مع الخسائر[38] الكبيرة للحزب في الأراضي السورية. وذلك بسابقة لم تشهدها حاضنة الحزب نفسه. فعلى الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة، تم الإبلاغ عن مقتل المئات من مقاتلي الحزب في سوريا، حيث تقام جنازات للمقاتلين الذين لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة في منطقة وادي البقاع شمال شرق لبنان[39]. كذلك وصل التذمر إلى الشارع الإيراني عندم خرجت مظاهرات في قُم تهتف ضد حزب الله اللبناني[40].
ما قبل الثورة السورية ليس كما بعده، لكن القوة الناعمة (وكالة التنمية الاميركية، ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية، ويمثّلها في المنطقة مكتبان إقليميان الاول في أبي ظبي، الثاني في تونس)[41].حزب الله يبرر لنفسه ان ثمة أيدي تتآمر على سمعته، وحملات من قبل الشيطان الأكبر لتشويهه من خلال
ماليا، ترزح إيران من جديد تحت العقوبات الأمريكية، وفي هذا يقول الخبراء الصهاينة أن الحزب يعاني من أزمة مالية، “وهناك أمور لا يتحدثون عنها داخل حزب الله على سبيل المثال عمق الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الحزب. و يبدو أنه بات يدرك بشكل حاسم بأن المعركة الكبرى ضده ستتركز في المرحلة المقبلة على النواحي المالية والإعلامية وهذا ما قاله أمينه العام السيد حسن نصرالله بشكل صريح خلال خطابه(في أغسطس 2018)[42].
وفي سياق متصل بالشأن المالي، نشير إلى أن الحزب أبدع في الاستفادة من كل بقاع الانتشار اللبناني، حيث يشكل لبنانيو الخارج ومن هم من أصول لبنانية ضعف عدد سكان لبنان الحاليين. فينشط حزب الله ليس فقط في لبنان والشرق الأوسط، بل في جميع أنحاء العالم حيث يوجد الشتات اللبناني خاصة في أمريكا اللاتينية وغرب أفريقيا[43].
وقد اعتمد حزب الله اللبنانية على المجتمعات المحلية المغتربة لإقامة شبكات واسعة في جميع أنحاء المنطقة. وبمرور الوقت، اشترت هذه الشبكات نفوذاً سياسياً بين النخب المحلية، وأقامت تحالفات مع شبكات الجريمة المنظمة، وقدمت خدمات مالية إلى كليهما. ونتيجة لذلك، تعد أمريكا اللاتينية اليوم مركزًا رئيسيًا لشبكة حزب الله المالية العالمية المتطورة بشكل متزايد. فضلا عن ذلك يستفيد حزب الله ويجمع حوله القوى المناهضة لما يطلق عليه الامبريالية، أو المعادية للغرب وللرأسمالية وقد رأينا ذلك مؤتمر تضامن والمنتدى الدولي للمقاومة الذي جرى في بيروت[44].
2- التحديات التي تواجه حزب الله داخليا وخارجيا
في بيئة مخالفة له سياسيا ومغايرة عقائديا، وفي دولة هي مجال حيوي للعديد من القوى الإقليمية والدولية يأتي وجود حزب الله محفوفا بالتحديات التي قد تنبئ بمستقبل دوره، وهذه التحديات داخلية وخارجية.
داخليا، ومع تضاعف حجم قبضة حزب الله مفاصل الدولة يزداد مقت وغضب الأطياف الحزبية والطائفية الأخرى خاصة خصومه من تيار المستقبل او القوات اللبنانية والكتائب، فضلا عن تيارات المجتمع المدني. وهي لا تنفك من خلال شبكاتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية تسعى في سبيل كسر هذه الهيمنة. ومن هذا يأتي الدعم السعودي لا للمستقبل فقط (السُنة) بل للقوات اللبنانية (المسيحيين)، تحت بند المحافظة على هوية لبنان ودعم استقراره.
كما تظهر قوة حزب الله المتتالية تجاه خصومه داخل السلطات الثلاث المقسمة طائفيا ومذهبيا، فبات معرقلا لأدائها ومصادرا لحقوق تلك الطوائف فيها، مما استدعي نقمتهم عليها بشكل أكبر، فضلا عن سياسة القمع الممنهجة ضد معارضيه من خلال ضغطه على السلطات، كملفات النشطاء والإسلاميين والمناصرين للثورة السورية أمام القضاء اللبناني.
هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، فمنذ تحرير جنوب لبنان وانتشار قوات حفظ السلام المؤقتة “UNIFIL”، حيث دار التساؤل في الداخل اللبناني عن سلاح حزب الله وثارت المخاوف من استخدامه في الداخل اللبناني خاصة وقد باتت الأجندة الإيرانية وسياستها الخارجية مؤثرة جدا في الداخل اللبناني. وعقب اغتيال رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان باتت الوصاية الإيرانية على لبنان متجلية بصورة كبيرة، ويتجلى تأثير حزب الله عند كل استحقاق دستوري. من الفراغ في سدة الرئاسة فتنصيب الجنرال ميشيل عون حليف الحزب رئيسا للبلاد، إلى إقرار القانون الانتخابي النسبي الذي أراده الحزب لتحقيق مكاسب كبيرة من خلال حلفائه، الذين نالوا تمثيلا سياسيا في كافة المناطق ايضا وبالتالي حقق أكثرية برلمانية بصفه[45].
ولا ننسى أن ملف اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري سنة 2005، واتهام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عناصر من حزب الله باغتياله، منهم مصطفى بدر الدين القائد العسكري لحزب الله والذي قتل في سوريا[46]. وبالتالي ثقل الاحكام التي ستصدرها المحكمة الدولية الخاصة[47] بلبنان على حزب الله كبيرة. حيث شارفت المحكمة على الدخول في مرحلتها الأخيرة بعد 14 عاما من الاغتيال. وقد نشرت المحكمة في نشرتها الأخيرة تفاصيل وبيانات عن خلية حزب الله وشبكات الاتصال التي استخدموها في عملية الاغتيال[48].
على الصعيد الدولي: في مايو / أيار 2013، اعترف حزب الله بدخوله الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد، معللا ذلك بضرورة الدفاع عن مرقد السيدة زينب في دمشق. وحماية السكان الشيعة من “التكفيرية[49]. وهذا تلقائيا أسقط من شعبيته بشكل كبير في العالم العربي، خاصة وأن نظام الأسد لم يترك وسيلة من الاجرام الا وطبقها على شعبه.
كذلك فإن الصراع السعودي الإيراني في المنطقة ليس بخافٍ على أحد من جملتها الحرب على جماعة الحوثي وحزب الله، وقد اتخذت ضد الأخير خطوات متعددة أدناها كان طرد العاملين اللبنانيين المرتبطين به من السعودية وأعلاها تصنيفه إرهابيا[50] والضغط على رئيس حكومة لبنان الحالي سعد الحريري لتقديم استقالته من الرياض والقاء خطاب الاستقالة الشهير، والذي أكد فيه على أن أس البلاء والشر في المنطقة ولبنان هي إيران وحزبها. ومن هذا الباب يضيق على لبنان أيضا، ومنعت المساعدات السعودية المخصصة للقوى الأمنية اللبنانية[51].
من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومع وصول ترامب للبيت الأبيض ومن ثم انسحابه من الاتفاق النووي مع طهران، يتأزم وضع حزب الله أكثر، فبداية يصنف الحزب كمنظمة جريمة دولية، وذلك لا لتقديمه الدعم لميليشيات دولية او انتهاكاته لحقوق الانسان إلى جانب الأنظمة السياسية القمعية، كما هو الحال في سوريا والعراق، بل لما يقوم به من عمليات غسيل أموال، من الاتجار بالمخدرات إلى تزوير العملات.
لقد استفاد حزب الله من الفرص العابرة للحدود لحركة الأسلحة والنقود والمخدرات. ففي عام 2009، أشار الأدميرال جيمس ستا فريديس، قائد القيادة الجنوبية الأمريكية في ذلك الحين، إلى وجود منفذ لمهربي المخدرات الإرهابيين في غرب أفريقيا، والذي أصبح “نقطة انطلاقهم إلى أوروبا”. وفي أواخر شباط / فبراير 2012، أبلغ يوري فيدو توف، رئيس مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن “طريق عبور غرب أفريقيا يغذي سوق الكوكايين الأوروبي الذي نما في السنوات الأخيرة أربعة أضعاف. كما كشفت التحقيقات الأمريكية أن حزب الله لاعب رئيسي في عبور المخدرات والأموال من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا والشرق الأوسط عبر غرب إفريقيا[52].
كما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن خطط واسعة النطاق من حزب الله، ليس لبيع العملات المزيفة والمسروقة فحسب، بل وأيضاً لشراء قائمة طويلة من الأسلحة المتطورة. وهي هذا الإطار أيضا توجه الولايات المتحدة الامريكية التهمة للدولة اللبنانية بأنها تغطي عمليات الاتجار بالمخدرات[53].
وفي سياق متصل، جاء في تقرير نشره موقع Global Risk Insights، تحذيرا من تمدد وقوة علاقات إيران وحزب الله في دول أمريكا اللاتينية، لا سيما تلك المناوئة لسياسات الولايات المتحدة الامريكية، يقول التقرير: في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، تتعاون المجموعات الإرهابية من الشرق الأوسط بشكل متزايد مع العناصر الإجرامية المحلية وعصابات المخدرات… وقد نشط كلاهما منذ ثمانينيات القرن العشرين، مستغلين الحكومات الفاسدة، والحدود التي يسهل اختراقها. ثم يؤكد التقرير على نقطة وهي الأخطر والأهم تتمثل: بتوريط حزب الله للدولة اللبنانية وكيانها الدبلوماسي[54]. وفي الباراجواي، حيث تحاول السفارة اللبنانية منع تسليم الممول المزعوم لحزب الله نادر محمد فرحات[55]. وهذا الحال هذا يتكرر في عدد من دول أمريكا اللاتينية، مثل: فنزويلا، والبيرو[56]. كما ترصد مراكز الدراسات الأجنبية فصولا عن نشاط حزب الله في أفريقيا، وبهذا الصدد ذكر المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية نشاط الإسلامي الراديكالي ومنه حزب الله في جمهورية الكونغو الديمقراطية[57].
من جهة أخرى، فإن الضغوط الامريكية على حزب الله ليست جديدة، ففي هذا الإطار كانت ثمة حرب ناعمة. كما يصفها اعلام الحزب بل صدر فيها كتابا بعنوان “الحرب الامريكية الناعمة على حزب الله” وفي هذا الكتاب يسلط الضوء على نشاط وحراك من اسماهم حسن نصر الله “شيعة السفارة”[58]. حيث تبذل السفارة الأمريكية في بيروت جهودا لاستقطاب وتمويل نخب سياسية وإعلامية واجتماعية شيعية، بغية استعمالها في هجمات ناعمة ضد حزب الله ومجتمع المقاومة. وأن بوادر هذه الجهود بدأت تظهر من خلال شخصيات شيعية تقوم بالدعاية الصفراء وتثبيط العزائم والدفاع عن الأفكار الأمريكية وبث الإشاعات حول حزب الله، عن طريق نشر المقالات وإبداء الآراء التحريضية على مواقع الإنترنت، ومن على بعض المنابر الثقافية والبرامج[59]. ومنها سعي السفارة الامريكية في بيروت لدعم وخلق مشروع شيعي بديل، منه “اللقاء العلمائي المستقل” في أغسطس/آب 2009 في الجمعية الإسلامية للتخصص والتوجيه العلمي[60].
أما العقوبات الأمريكية على حزب الله، فلا تنفك عن العقوبات الأمريكية على ايران، وتبعاتها ستمس الحزب بشكل مباشر، أما العقوبات الامريكية المالية على حزب الله، فقد وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانون العقوبات المعدل والجديد على حزب الله في الذكرى السنوية لانفجار مقر المارينز في بيروت، وقد “جاء في البيان: “وقع الرئيس دونالد ترامب على قانون تعديل منع التمويل الدولي لحزب الله للعام 2018 الذي يفرض عقوبات إضافية قاسية على حزب الله، وهو منظمة إرهابية إسلامية متطرفة وشريك وثيق للنظام الإيراني إذ تعمل لصالحه بالوكالة. وقام حزب الله بخطف وتعذيب وقتل مواطنين أمريكيينن، وتشمل عملياته الهجوم الوحشي في العام 1983 ضد ثكنات المارينز في بيروت – لبنان، والذي تسبب بمقتل 241 من قوات المارينز والبحارة والجنود الأمريكيين وجرح 128 آخرين من أفراد الخدمة الأمريكيين ومقتل مواطن لبناني. وأن حزب الله مسؤول أيضا عن تفجير آخر لثكنات فرنسية تسبب بمقتل 28 من جنود حفظ السلام الفرنسيين وخمسة مواطنين لبنانيين”[61].
وبالتالي، فهذا القانون الذي أُقرَّ بعد سلسلة قرارات وقوانين صدرت خلال السنة الحالية والسنوات الماضية ضد حزب الله يضعه في مصاف المنظمات الإرهابية، ويجرم من يتعامل معه على صعيد الأفراد أو المؤسسات الخاصة على اختلافها. كما يتيح للرئيس الأميركي تنفيذ عقوبات على مؤسسات رسمية وحكومات ودول تتعامل مع الحزب. وهو ما يضع لبنان كدولة في موقف حرج دوليا. ويدفع حزب الله لتحصين نفسه في مؤسسات الدولة[62].
وفي سياق آخر، لا تتوانى الخارجية الأمريكية عن الاعراب عن قلقها بشأن النفوذ السياسي المتصاعد لحزب الله في لبنان. ففي اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي في الرابع من أيلول 2018، توقف المجتمعون أمام التطورات ملفات المنطقة، والملف ان كان حاضرا على طاولة اللجنة الاميركية، وذلك من زوايا متعدّدة، أهمّها الدعم الذي تقدّمه واشنطن للجيش اللبناني.
ففي وقت لم تتعرّض هذه المساعدات لأي تخفيضات من قِبل إدارة ترامب، خلافًا لموازنات مخصصة لدول أخرى، وذلك بفضل أداء الجيش وإنجازاته الواضحة في مكافحة الارهاب وضبط الأمن في لبنان، وأن التعويل الاميركي كبير على دور المؤسسة العسكرية اللبنانية، التي تتطلّع واشنطن إلى أن تصبح الجهة الوحيدة الممسكة بالسلاح في الداخل، وهي تعتبر أن الاستثمار فيها ضروري لتعزيز قدراتها وسحب الذرائع من أمام من يعتبرون أنها لا تستطيع الدفاع وحيدة عن لبنان، وأن إبقاءهم على سلاحهم بالتالي ضروري[63].
وهذا شيء ملفت ومركب للموقف لأمريكي، ونحوه جاء في الــ Foreign Policy: أنه بعد أيام من انسحاب إدارة ترامب من الصفقة النووية الإيرانية، رفعت واشنطن العقوبات ضد حزب الله كجزء من هجومها ضد طهران ووكلائها. مع ذلك، لا تزال سياسة الولايات المتحدة تجاه الجماعة اللبنانية المتشددة (أي الحزب) غير متماسكة، فهو اذ يستعرض عضلاته ضد حزب الله، يدعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي يتغلغل فيها الحزب[64]. وتأتي الدعوات لمحاسبة حزب الله فعليا[65].
أما الاتحاد الأوروبي، وان كان تصعيده أقل ضد إيران وذو موقف متفاوت تجاه الانسحاب من الاتفاق النووي الا أننا نراه يصعد باللهجة مؤخرا وينساق خلف واشنطن، ففي 8 يناير/كانون الثاني الجاري، وافق الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على جهاز الاستخبارات الإيراني بسبب مخططات لاغتيال معارضين إيرانيين[66].
كما كانت حكومات الاتحاد الأوروبي قد وافقت في يوليو/تموز 2013، على إدراج الجناح العسكري لحزب الله اللبناني على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية. مستشهدة بدليل على أنه وراء تفجير حافلة في بلغاريا الذي أسفر عن مقتل 5 إسرائيليين وسائقهم. كما جاء هذا التمييز بين الجناح السياسي والجناح العسكري لحزب الله بمبادرة من مفوضة الشؤون السياسية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في مسعى منها لعدم التأثير سلبا على الوضع الداخلي اللبناني[67]. وهو ما يفسر أيضا عدم رغبة دول الاتحاد الأوروبي على رأسهم فرنسا بزعزعة استقرار لبنان.
لكن تعود وتكشف التحقيقات الأمريكية عن وجود شبكة إجرامية عالمية لها وجود كبير في أوروبا، وذلك بالتفاصيل أوردها معهد واشنطن للدراسات[68]، مما يجيش أوروبا في هذا الاتجاه.
لا نغفل في ظل حديثنا عن حزب الله، النظر في الساحة السورية ومآلات العلاقات الإيرانية الروسية والمتغيرات المتسارعة هناك. فعقب انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011، تطورت العلاقات الروسية الإيرانية بعد أن شهدت حالة من التراجع والفتور، لاسيما بعد رفض روسيا تسليم إيران صفقة الأسلحة المضادة للطائرات S300، التزاما بالعقوبات الدولية التي فرضها مجلس الامن على إيران في 2010…. وأكد الطرفان (بعد لقاء صالحي-لافروف في 2011) على أن الاحداث في سوريا تعد من صميم الشؤون الداخلية، وأن تغيير النظام لابد أن يتم بإرادة سورية وليست خارجية كما توافقوا على دعم بشار الأسد[69].
وفي هذا الإطار جاء التنسيق الكبير ما بين الروس والإيرانيين في الميادين العسكرية لكن اليوم، مع إعادة تأهيل نظام بشار الأسد وبداية تثبيته دوليا وعربيا من قبل بعض الدول العربية، ومع الحديث عن انسحاب أمريكي من سوريا، يثار التساؤل عن شكل ونمط العلاقة ما بين طهران وموسكو على الأرض، وبالتالي واقع حزب الله في سوريا كجزء من القوات العاملة تحت أوامر الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر.
اذ تكمن مخاوف إيران من روسيا في أن وجهة مصالح الأخيرة ستكون بالنهاية نحو الغرب لا إيران، وهو ما يفسر علاقة بوتين – ترامب، وموضوع الانسحاب مقابل ضمانة روسية باستبعاد الطرف الإيراني من المنطقة، وكذلك إرضاء إسرائيل، كما حصل باستبعاد القوات الإيرانية من منطقة الجنوب. ومن هذا الباب أيضا تُرصد زيارات نتنياهو لروسيا، التي تهدف إلى تحجيم الدور الإيراني والتنسيق مع الروسي لما تقوم به تل ابيب من استهداف لمقار واسلحة تابعة لحزب الله في سوريا[70].
إسرائيليا يكمن التهديد أو التحدي الأكبر لحزب الله، فتسعى تل ابيب إلى تجييش دولي ضد حزب الله بشكل مستمر. وفي كلمة ألقاها نتنياهو أمام الأمم المتحدة في السابع من أيلول (سبتمبر)2018، حدد مواقع لثلاثة مصانع للصواريخ حول مطار بيروت، في حين كذبت الخارجية اللبنانية هذه الادعاءات. كما تحدث نتنياهو قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة حزب الله، وقد كان يهدف إلى التأثير على القوى العالمية للأمر بتدخل أقوى من قبل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة[71] في جنوب لبنان. موجها اللوم إلى قوات اليونيفيل لتقصيرها وعدم التحرك، قائلا إن ترسانة حزب الله الصاروخية تضاعفت عشر مرات منذ عام 2006 وأن كل ثلاثة منازل في جنوب لبنان تستخدم من قبل “رجال حرب العصابات”، وأنه على مجلس الامن ضمان “عدم تقييد اليونيفيل من قبل حزب الله أو الجيش اللبناني بأي شكل من الأشكال، والإبلاغ عن أي عوائق.
وبغض النظر عن أسباب هذا التصعيد – الذي تتواتر حوله الاخبار -، أكانت تغطية لأزمات داخلية تعيشها دولة الاحتلال الصهيوني، ومن أبرزها: محاولة نتنياهو اشغال الراي العام عن قضية الفساد التي تلاحقه منذ مدة، والفشل العسكري الأخير في غزة، وخوض إسرائيل للحروب عامل يعزز من روابط المجتمع الإسرائيلي المفكك داخليا، وصورة الجيش الإسرائيلي في عيون وأذهان الشباب الإسرائيلي، فضلا عن المجتمع الإسرائيلي لم يعد راغبا في منح امتيازات للجيش.
كما أن هذه الحملة تأتي في إطار الاستفادة من الأوضاع الإقليمية والأجواء المشحونة ضد إيران وحزب الله عالميا وايرانيا، اذ لا يمكن حصر التصعيد في خطاب الإسرائيلي لأسباب داخلية فقط بمعزل عن الجانب الأمني والتوتر الإقليمي مما يرفع احتمالات المواجهة العسكرية بين “حزب الله” وإسرائيل.
والسؤال لماذا لم تقدم إسرائيل على حرب حزب الله في ظل انشغاله بالأزمة السورية إلى جانب النظام وتشتت قواته على أكثر جبهة، ففي ندوة نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، صرح قائد المنطقة الشمالية في الجيش، الجنرال يوئال ستريك: “هدفنا الاستعداد للحرب، سوف نقوم بتفعيل قدراتنا بكامل قوتها لتقليص الأضرار، ستتعرض الجبهة الداخلية لهجمات ولكنها ستبقى صامدة. سنقابل كل صاروخ يطلق من لبنان بأطنان من المتفجرات على مواقع حزب الله[72]. وذلك من باب حربهم الإعلامية ورفع المعنويات.
لكن رسميا جاءت سيناريوهات الجيش الإسرائيلي[73] ضد حزب الله بتفاصيلها، لجهة تقدير النتائج والخسائر المتوقعة من حربهم على الجبهة الشمالية، حيث عرض ضباط في الجيش تقديراتهم للأضرار المحتملة، في حال اندلاع معركة قصيرة (10 أيام) مع جماعة “حزب الله” في لبنان، ومعركة متوسطة (3 أسابيع)، ومعركة طويلة تدوم أكثر من شهر.
أما استراتيجية إسرائيل للقضاء على حزب الله وفقا لدراسة يسرائيلي عوفر[74] في مجلة يسرائيل ديفينس للعلوم العسكرية مفادها: أن “الاستراتيجية الإسرائيلية ضد حزب الله تشمل المراحل التالية:
المرحلة الأولى: تصعيد الاغتيالات ضد قادة الحزب العسكريين والسياسيين في الحكومة اللبنانية.
المرحلة الثانية: حربا ضد دولة لبنان من خلال القيام بحملة إعلامية تعزز فكرة عقيدة الضاحية، والخراب الذي سيشمل لبنان بأي معركة عسكرية مستقبلية، ما سيعمل على زعزعة الشرعية التي يتمتع بها الحزب حاليا في أوساط المدنيين اللبنانيين”.
المرحلة الثالثة: استهداف إيران، من خلال التسبب بخسائر مالية فادحة لإيران، وتوسيع رقعة دعمها لمعارضي النظام الإيراني، على غرار ما حصل في الثورة الخضراء 2009، ودعم الأقليات المعارضة بالداخل الإيراني[75].
كما تعتبر إسرائيل موقعَ حزب الله السياسي القوي في لبنان عنصراً ضدها، فنظراً إلى نفوذ حزب الله السياسي الأكبر بعد الانتخابات في العام 2018 وإلى دوره في الحكومة اللبنانية، تستطيع إسرائيل أن تحمّل الحكومة بأكملها مسؤولية أيّ تحرّك يصدر من لبنان، ولها أن تهدّد بانتقام واسع على الأراضي اللبنانية. فبإمكان إسرائيل أن تطيح بالبنية التحتية اللبنانية حتّى من دون القصف الهائل الذي تميّزت به الحرب في العام 2006، فيكفي القيام بغارات صغيرة وغيرها من أشكال الضغط العسكري المنخفض المستوى لتخيف المستثمرين والسواح مثلا[76]، واضافة ازماته الاقتصادية، وفق لما جاء به مركز Brookings.
وهذا ما أكده الطرف الإسرائيلي في كلام للسفير الإسرائيلي في واشنطن في ديسمبر 2018 وان لإسرائيل استخدام القوة الكاملة ضد لبنان[77]. كما فعلت أمريكا مع حكومة طالبان التي أوت تنظيم القاعدة، وفي حين أن رد حزب الله واستراتيجيته الحالية داخليا، تكمن في تحيد الخصوم، في كل من سوريا ولبنان، حيث تلعب إيران وحزب الله اللعبة البراغماتية على المدى الطويل. في سوريا، يتكيفون مع المطالب الروسية ويظهرون وجهًا توفيقيًا لأنهم يعرفون أن التوافق مع موسكو هو في صالحهم على المدى المتوسط. في لبنان، يحصدون ثمار سياسة تمتد إلى عقد من الزمان تسمح لهم بتحييد خصومهم السياسيين والتحايل ببطء على الدستور اللبناني[78].
وخارجيا، يتبع حزب الله أيضا، استراتيجية الردع والتوازن فيضبط ردوده مشيرا اليها فقط بالعبارة الشهيرة “الاحتفاظ بحق الرد”، وذلك انسجاما مع القواعد التي ارساها في الجنوب منذ 2006، لذا نرى ونسمع استفزازا كبيرا من قبل إسرائيل لحزب الله بل واستهدافه عسكريا في سوريا دون رد منه، مكتفيا باستعراض قوته والرد اعلاميا[79].
أخيرا، وفي مظلة جامعة لهذه التحديات، تشكل أزمة إيران مع أمريكا وإسرائيل وانعكاساتها على حزب الله أساس المشكلة، فمن أهم مظاهر التناوش الإسرائيلي الإيراني اليوم استهداف حزب الله، خاصة في سوريا، ومع الهدوء النسبي على جبهة غزة، تبقى الجبهة الأكثر خطرا وإلحاحا، حسب تقرير الاعلام العبري هي لبنان. خاصة أن المحيط الخليجي المعادي لسياسات إيران في الدول العربية يدفع باتجاه هذا الاستهداف. كأن تبدأ المعارك اقتصادية ثم تطور إلى حملات عسكرية ووفقا لتقرير على موقع Zero Hedge [80].
خاتمة
يرى المتابعون للشأن اللبناني أن مناقشة مصير حزب الله وسلاحه ليست بالمسألة الحادثة، بل نوقشت عقب متغيرات دولية وإقليمية متعددة. فقد كانت في عهد الرئيس بيل كلينتون الذي حاول استثمار علاقاته بدمشق واحتمالات التسوية السلمية على المسار السوري الصهيوني. ثم قبيل إعلان دولة الاحتلال عن عزمها الانسحاب من جنوب لبنان؛ فعرضت تل أبيب شروطاً تتعلق بتسوية أوضاع الحزب، لكن القضية لم تحسم نتيجة لانسحاب العدو دون الدخول بأي اتفاق مع الدولة اللبنانية. أما الثالثة فكانت مع توتر العلاقات السورية الإيرانية في منتصف التسعينيات. حيث كانت علاقة دمشق بواشنطن قوية، فطلبت الولايات المتحدة من الأسد إيقاف دعم حزب الله.
أما الرابعة، فكانت عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وقيام ثورة الأرز. وبرغم الضغوط المحلية والدولية على الحزب في تلك الفترة – من جهة اتهامه والنظام السوري باغتيال الحريري، ومن جهة أخرى انسحاب الجيش السوري من لبنان بقرار دولي- لم تمضِ دورتين انتخابيتين حتى عاد نفوذ الحزب أقوى سياسيا وعسكريا كما ذكرنا سابقا.
من جهة أخرى، إن تحديد مصير أو مستقبل حزب الله انطلاقا من الأدوار التي يقوم بها مرتبط بعوامل ومتغيرات متعددة، داخليا، إقليميا، ودوليا. وبلا شك أن خصوم الحزب سعوا بشكل جدي أو لا، لتطويقه، لكنهم حتى الآن لم ينجحوا بتحقيق مرادهم من جهة لضعف الأدوات التي يراهنون عليها سواء جهات أو جماعات محلية، ومن جهة أخرى لتشتتهم وعدم وفائهم لحلفائهم على عكس حال إيران مع حلفائها.
يقول روبرت فيسك: “ربما كان الوزير الأيرلندي – فرانك أيكن، المخضرم في حرب الاستقلال الأيرلندية والحرب الأهلية الأيرلندية – على حق في عام 1940، عندما قال الحياد هو شكل من أشكال الحرب المحدودة [81]. لكن يتعذر على لبنان المحافظة على أي نوع من الحياد وهو ساحة تتصارع فيها القوى الإقليمية منذ تأسيسه. وصندوق بريد تتراشق فيه تلك القوى رسائلها العنيفة.
عسكريا وعلى أرض الواقع، نرجح أن استراتيجية تل ابيب المعتمدة غالبا، هي “جز العشب” وتهدف إلى الحد من إمكانات الطرف المقاوم لها دون القضاء عليه، خاصة وأن إسرائيل لا تدخل في حروب طويلة الأمد، لكن هل ستنجح هذه المرة، خاصة وأن المجتمع الإسرائيلي بفئات متعددة أصبح يرى عدم فاعلية هذه الاستراتيجية لأنها تعود عليهم بمقاومة اشد كما حصل عقب الانتفاضة الثانية!
كذلك قواعد الاشتباك التي أرساها حزب الله في جبهة لبنان قائمة على الردع والتوازن، مما سيدفع إسرائيل للتفكير مليا قبل ابتدائها حربا معه، بغض النظر عن الظروف الإقليمية والدولية التي أوردناها سابقا. وفضلا عن التوعد بإدخال الآلاف من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني أو الحشد الشعبي عند احتدام المعارك قادمين من سوريا والعراق التي حارب فيها الحزب لحماية ضهر وتحسبا لهذا اليوم.
السيناريوهات المتوقعة:
أما السناريوهات المتوقعة للتعامل مع حزب الله في المرحلة المقبلة، وذلك تقديرا للمعطيات والمتغيرات، التي رصدت فهي على النحو التالي:
السيناريو الأول:
استهداف حزب الله بحملة عسكرية موسعة، من قبل إسرائيل بدعم دولي واقليمي (الامارات والسعودية)، وهو سيناريو ممكن لكنه سيكون مكلفا جدا لدولة الاحتلال وللبنان، رغم الاحتياطات التي تقول تل أبيب أنها أخذت بها. وما سيدفعها لذلك وبشكل أكبر الدعم الإقليمي والدولي، آخر فصوله قرارات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومغامرات ترامب – بن سلمان.
السيناريو الثاني:
الاستمرار بالتضييق على حزب الله، ومن قبله إيران، من خلال العقوبات الاقتصادية والمالية من جهة، واستهداف شخصياته وترسانته بعمليات محدودة ومتكررة ساحتها سوريا، وهو السيناريو المرجح على المدى المنظور.
إن حزب الله اليوم في أقوى عهوده، ويسعى لاستعادة الوصاية السورية على لبنان بشخص بشار الأسد دون مراعاة لكل ما مر به لبنان، في حين يُنتظر ما يمكن أن ينجم عن المحكمة الدولية الخاصة[82].
[1] وكالات تنقل وعلى فترات متعددة جملة من تهديدات حزب الله اللبناني لــ “إسرائيل” : الجزيرة، Sputnik، العربية.
[2] وكالات: الشرق الأوسط، Lebanon Debate، عكاظ.
[3] انظر: يوسف نصر الله، الحرب النفسية، قراءات في استراتيجيات حزب الله، دار الفارابي، بيروت، 2012، ص 218.
[4] Bruce Biddle, Edwin Thomas, Role theory: concepts and research (New York -London, Sydney: willy and soons, 1966), P:7.
[5] موقع القوات اللبنانية، حزب الله.. ميليشيا إيرانية تحتل لبنان وتغزو سوريا (الحلقة 2).
[6] يوسف نصر الله، الحرب النفسية، قراءات في استراتيجيات حزب الله، دار الفارابي، بيروت، 2012، ص، 417.
[7] Badria Rawi, Reading into the Lebanese Parliamentary Elections (2018), ORSAM.
[8] DW، الحريري يخسر ثلث نوابه وحزب الله يتحدث عن “انتصار”.
[9] انظر: أمل الغريب، حزب الله: الدين والسياسية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، 2014. (بتصرف).
[10] فيديو، لــ حسن نصر الله يتحدث فيه عن دولته الإسلامية وان لبنان سيكون جزءا منها.
[11] جنوبية، نعيم قاسم: لا زال مشروع الدولة الإسلامية قائما.
[12] لكن بشكل اقل حاليا للازمة المالية التي يعانيها الحزب وإيران.
[13] Italian Institute for International Political Studies, The Lebanese Armed Forces and Hezbollah: Military Dualism in Post-War Lebanon.
[14] Foreign Affairs, Disarming Hezbollah.
[15] The Global Risk Insights, Special Report: How Iran is exporting the Hezbollah model to dominate the Middle East.
[16] للاطّلاع على تعريف الحوكمة الأمنية الهجينة، انظر:
Niagale Bagayoko et al, “Hybrid security governance in Africa: rethinking the foundations of security, justice and legitimate public authority,” Conflict Security & Development, Volume 16, Issue 1, 2016.
[17] Lebanon Debate، اسرائيل تهدد بحرب جديدة… لا تفرقة بين حزب الله والدولة اللبنانية.
[18] بدرية الراوي، أزمة تشكيل الحكومة في لبنان، مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام).
[19] شرح الثلث المعطل:
[20] The Foundation for Defense of Democracies (FDD), Distinction between Hezbollah and the “Lebanese State” now Meaningless.
[21] The Global Risk Insights, Under the Radar: Hezbollah and Iran find new strength in Latin America.
[22] The Jerusalem Post, WILL ISRAEL MAKE LEBANON PAY FOR HOSTING HEZBOLLAH IN A FUTURE WAR? 25 December 2018.
[23] جريدة السفير.قاسم قصير، حزب الله من 1982 إلى 2011: هذه هي هيكليته ومؤسساته ومصادر تمويله 2،
[24] CNN Arabia، جنرال أمريكي: الحرس الثوري وحزب الله بات بمقدورهما تغيير مسار صراعات المنطقة.
[25] Jesse Rosenfeld, The Nation, How the Syrian Civil War Has Transformed Hezbollah.
[26] Middle East Eye, Hezbollah: The real winner of the Syrian war?
[27] The Global Risk Insights, Is an Israel-Hezbollah war inevitable?
[28] The Atlantic, Why Israel Fears Iran’s Presence in Syria.
[29] Monitor Mideast: Christian Singer Honors Hezbollah in Stunning 2013 Concert Performance.
[30] NewYorkTimes, Christmas in Lebanon: Jesus Isn’t Only for the Christians.
[31] FOXNEWS, New York Times slammed for ‘trumpeting Hezbollah propaganda’ with Christmas story about terror group.
[32] حصار حزب الله لمدينة مضايا: اورينت نت: بالفيديو.. لحظة استهداف ميليشيا حزب الله لمدرسة في بلدة بقين، قناصات وقذائف حزب الله تمنع توزيع المساعدات الأممية في مضايا،
[33] الدرر الشامية، الدمار يلحق مسجد “خالد بن الوليد” التاريخي بحمص.
[34] بلدي، جهاد البناء الإيرانية تباشر عمليات الاستيلاء على المنازل في البوكمال. اورينت نت: التواجد الشيعي في دمشق ومحاولات تغيير ديموغرافيتها!
[35] INDEPENDENT, War in Syria: Up to 40,000 civilians are starving in besieged Madaya, say campaigners.
Up to 40,000 civilians are slowly starving to death in the Syrian town of Madaya, activists have warned, after six months under a punishing siege.
Encircled by land mines and forces from the Lebanese militia Hezbollah, hundreds are suffering from malnutrition. With severe shortages of basic foodstuffs, many have resorted to eating wild plants, insects and even cats.
[36] الخليج أون لاين، أنصار حزب الله يسخرون من حصار مضايا ويشمتون بأهلها.
[37] جريدة المستقبل، من بيروت إلى مضايا.. هذه «أدبيات» «حزب الله، «اندبندنت»: انحطاط جديد للإنسانية.
[38] Orient، مظاهرات شيعية في بيروت ضد مشاركة “حزب الله” في سوريا.
[39] Washington Post, Lebanon’s once-mighty Hezbollah is facing Syria and also at home.
[40] جنوبية، الإيرانيون يهتفون: «الموت لـ حزب الله»!
[41] قناة العالم، حقائق وفصول الحرب الاميركية الناعمة على حزب الله في لبنان.
[42] SkyNews، جنرال إسرائيلي كبير يرسم ملامح الحرب المقبلة مع حزب الله. Lebanon24، أزمة “حزب الله” المالية.. جديّة.
[43] Jean-Luc Marret, Global Hezbollah (un exemple de mobilisation diasporique), La Fondation pour la Recherche Stratégique (FRS), 2017, P5.
[44] Op. P33.
[45] Badria Rawi, ORSAM, , Reading into the Lebanese Parliamentary Elections (2018).
[46] الذين قتل باستهداف مقره من قبل جماعات المعارضة بدمشق كما أعلن الحزب في 2017، في حين نفت تلك الجماعات علاقتها بالتفجير، لتفاصيل سير عملية الاغتيال وعلاقة خلية حزب الله بها وفقا لما أعلنته المحكمة الدولية انظر:
The Hezbollah Connection, The NewYorkTimes Magazine.
[47] موقع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
[48] TSL, Le bulletin du TSL, Nov. 2018.
[49] The National Interest, The Muslim World Is Turning on Hezbollah.
[50] الجزيرة، قرار تصنيف دول الخليج حزب الله منظمة إرهابية.
[51] REUTERS، السعودية توقف مساعدات بثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني.
[52] The Washington Institute, Hezbollah as a Criminal Organisation.
[53] Foreignpolicy, Lebanon Is Protecting Hezbollah’s Cocaine Trade in Latin America.
[54] The Global Risk Insights, Under the Radar: Hezbollah and Iran find new strength in Latin America.
[55] Foreign Policy, Lebanon Is Protecting Hezbollah’s Cocaine Trade in Latin America.
[56] Foreign Affairs, Peril in Peru, Islamic Terror Shifts South.
[57] Jean Battory et Thierry Vircoulon, L’Islam radical en République Démocratique du Congo. Entre mythe et manipulation, Institut Français des relations internationals (IFRI), Fevrier 2017, P19/20.
[58] شيعة السفارة: مصطلح أطلقه للمرة الأولى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في أيار 2015، ضد أبناء طائفته من المعارضين وكل شيعي عُرف بمواقفه المناهضة لسياسة الحزب، وساهمت بنشره وسائل إعلام محسوبة على محور المقاومة. على غرار ما يطلق على أذربيجان شيعة الناتو.
[59] الموقع الرسمي للمقاومة الإسلامية في لبنان، الحرب الامريكية الناعمة على حزب الله.
[60] السفير، اللقاء العلمائي المستقل.
[61] CNN، ترامب يوقع قانون “سيعزل” حزب الله عن النظام المالي العالمي أكثر من أي وقت مضى.
[62] Ruptly, USA: Trump imposes new sanctions on Hezbollah (25 OCTOBER 2018).
[63] موقع القوات اللبنانية، لبنان على طاولة الكونغرس من باب دعم الجيش وتطويق “حزب الله”.
[64] Foreign Policy, Lebanon Is Protecting Hezbollah’s Cocaine Trade in Latin America.
[65] ForeignPolicy, It’s Time for the Justice Department to Hold Hezbollah Accountable.
[66] ايران اينترنشينال، رد فعل إيران على عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد وزارة الاستخبارات.
[67] BBC، الاتحاد الأوروبي يدرج جناح حزب الله العسكري على لائحة الإرهاب.
[68] The Washington Institute, Hezbollah as a Criminal Organisation.
[69]سليم قاطع علي، العلاقات الروسية الإيرانية: الواقع والمستقبل، مجلة اتجاهات سياسية، المركز الديمقراطي العربي، برلين، ع: 2، ص: 108/109.
[70] محمد سعيد ادريس، تحالف الضرورة بين إيران وروسيا، جدل التفاعل بين الفرص والتحديات، مجلة الدراسات الإيرانية، مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، يونيو 2017، ع 3، ص (65-66-67-68)، بتصرف.
[72] SkyNews، جنرال إسرائيلي كبير يرسم ملامح الحرب المقبلة مع حزب الله.
[73] الرأي اليوم: هآرتس: الجيش الإسرائيلي يعرض على “الكابينيت”، 3 سيناريوهات لحرب محتملة مع “حزب الله”.
[74] عوفر يسرائيلي: باحث بمعهد السياسات والاستراتيجية بمدرسة لاودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجية بالمركز متعدد المجالات في هرتسيليا.
[75] عربي 21، استراتيجية إسرائيل للقضاء على حزب الله: المراحل والأدوات.
[76] Brookings, Another war in Lebanon, (7 September 2018).
[77] Unews Press Agency, Israeli Ambassador: Israel Would Respond to Any Attack by Hezbollah with Full Force
[78] Atlantic council, Hezbollah’s Evolving Role in Syria and Lebanon.
[79] Sputnik، بالفيديو…”حزب الله” يهدد إسرائيل بلغتها وينشر “بنك أهدافه.
[80] EuroNews ، ما هي قدرات حزب الله العسكرية؟
[81] Robert Fisk, Lebanon is on a tightrope, balancing Saudi, Iranian and Western interests – its position is precarious, INDEPENDENT.
[82] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات